الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٥

الميزان في تفسير القرآن13%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 453

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 453 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 124171 / تحميل: 6115
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

بن يزيد، فيه(١) ، وفي التهذيب(٢) .

[١٥٣٧] عبدُ الله بن إبراهيم الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) .

[١٥٣٨] عبدُ الله بن أبي بكر بن (٤) محمّد:

ابن عَمْرو بن حَزْم الأَنْصَارِي، المـَدَنِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٣٩] عبدُ الله بن أَبي الحسين العَلَوي:

روى عن أبيه عن الرضاعليه‌السلام يروي عنه: الشيخ الجليل الصفْواني كما في من لم يرو عنهمعليهم‌السلام (٦) .

__________________

(١) لم نقف على روايته في الكافي بل في تهذيب الأحكام ٧: ١٥٨ / ٧٠٠ وفيه: (يعقوب بن يزيد عن الغفاري)

(٢) تهذيب الأحكام ١: ٤٦٩ / ١٥٣٨، وفيه: (يعقوب بن يزيد عن الغفاري) وانظر رواية التهذيب في الهامش السابق أيضاً.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٥١.

(٤) في الحجرية كلمة: (بن) لم ترد، ومثله في: مجمع الرجال ٣: ٢٥٧ ونقد الرجال: ١٩٣، والصحيح ما في الأصل ظاهراً، لأنه الموافق لما في: منهج المقال: ١٩٧، وجامع الرواة ١: ٤٦٦، ومنتهى المقال: ١٨٤، وتنقيح المقال ٢: ١٦٢، ومعجم رجال الحديث ١٠: ٨٦ والمصدر، وتهذيب الكمال ١٤: ٣٤٩ / ٣١٩٠، والجرح والتعديل للرازي ٥: ١٧ / ٧٧، وتهذيب التهذيب ٥: ١٤٥ / ٢٨١.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ٣٠، وذكره الشيخ أيضاً في أصحاب الإمام السجادعليه‌السلام : ٩٦ / ٩، قائلاً: (عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني توفي بالمدينة سنة عشرين ومائة كنيته اسمه)

(٦) رجال الشيخ: ٤٨٤ / ٤٨.

١٤١

[١٥٤٠] عبدُ الله بن أَبي خَلَف:

عنه: أحمد بن محمّد بن عيسى، في النجاشي، في ترجمة ابنه سعد(١) ، وفي التهذيب، في باب حكم المسافر والمريض في الصيام(٢) ، وفي الإستبصار، في باب المسافة التي يجب فيها التقصير(٣) .

[١٥٤١] عبدُ الله بن أَبي طَلْحَة:

من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٤) ، وهو الذي دعا له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم حملت به امّه، كذا في الخلاصة، في القسم الأول(٥) .

وقال القاضي نعمان المصري في شرح الأخبار في عداد من كان مع أمير المؤمنينعليه‌السلام بصفين: وعبد الله بن أبي طلحة، وهو الذي دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبيه في حمل امّه به، فقال: « اللهم بارك لهما في ليلتهما ».

والخبر في ذلك أن أبا طلحة هذا كان قد خلف على أُمّ أنس ابن مالك بعد أبيه مالك، وكانت أُمّ أنس من أَفضل نساء الأنصار، لمـّا قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة مهاجراً أَهدى إِليه المسلمون على مقاديرهم، فأتت إليه أُمّ أنس بأنس، فقالت: يا رسول الله أَهدى إليك الناس على مقاديرهم، ولم أجد ما أهدي إليك غير ابني هذا، فخذه إليك يخدمك بين يديك، فكان أَنس يخدم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

__________________

(١) رجال النجاشي: ١٧٧ / ٤٦٧.

(٢) تهذيب الأحكام ٤: ٢٢٤ / ٦٥٩.

(٣) الاستبصار ١: ٢٢٦ / ٨٠٣.

(٤) رجال الشيخ: ٥٠ / ٦٥.

(٥) رجال العلاّمة: ١٠٤ / ٦.

١٤٢

وكان [لأمّه(١) ] من أبي طلحة غلام قد ولدته منه، وكان أبو طلحة من خيار الأنصار، وكان يصوم النهار ويقوم الليل، ويعمل سائر نهاره في ضيعة له، فمرض الغلام، وكان أبو طلحة إذا جاء من الليل نظر إليه، وافتقده، فمات الغلام يوماً من ذلك، ولم يعلم أبو طلحة بموته، وعمدت امّه فسجّته في ناحية من البيت، وجاء أبو طلحة فذهب لينظر اليه، فقالت له امّه: دعه، فإنه قد هدأ واستراح، وكتمته أمره فسرّ أبو طلحة بذلك، وآوى إلى فراشه وآوت، وأصاب منها، فلما أصبح قالت: يا أبا طلحة أرأيت قوماً أعارهم بعض جيرانهم عارية فاستمتعوا بها مدّة ثم استرجع العارية أهلها فجعل الذين كانت عندهم يبكون عليها لاسترجاع أهلها إيّاها من عندهم ما حالهم؟ قال: مجانين، قالت: فلا نكون نحن من المجانين، إنَّ ابنك قد(٢) هلك، فتعزّ عنه بعزاء الله، وسلم إليه، وخذ في جهازه.

فأَتى أبو طلحة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأَخْبَره الخبر، فتعجب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أَمْرِها! ودعا لها، وقال: « اللهم بارك لهما في ليلتهما » فحملت تلك الليلة من أبي طلحة بعبد الله هذا، فلمّا وضعته لفّته في خرقة، وأرسلت به مع ابنها أَنس إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فحنّكه ودعا له، وكان من أفضل أبناء الأنصار(٣) .

[١٥٤٢] عبدُ الله بن أَبي محمّد البَصْرِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

__________________

(١) أثبتناه من المصدر، لأن السياق يقتضيه، والضمير يعود إلى أنس.

(٢) لم ترد (قد) في الحجرية.

(٣) شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار: ٢ / ٢٦ ٢٧.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٩ / ١٠٠.

١٤٣

[١٥٤٣] عبدُ الله بن أبي مَيْمُونَة البَصْرِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٤٤] عبدُ الله بن أَحمد بن عَامِر الطَّائِي:

الذي إليه ينتهي تمام طرق الصحيفة المباركة، المعروفة بصحيفة الرضاعليه‌السلام وقد مرّ كثير منها في الفائدة الثانية، ومرّ أَنّها من الأصول المعتبرة، التي أخرجت أخبارها شيوخ الطائفة في مجاميعهم، بطرقهم التي تنتهي إليه عن أبيه عن الرضاعليه‌السلام (٢) . ومنه يعلم أنه ثقة مسكون إليه.

[١٥٤٥] عبدُ الله [بن (٣) ] الأَزْهَر العَامِري:

مولى بني عقيل، كُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٤٦] عبدُ الله بن إِسْحَاق الجَعْفَرِيّ:

الهَاشِمِيّ، المـَدَنِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٤٧] عبدُ الله بن إِسْحَاق العَلَوِيّ:

يروي عنه ثقة الإسلام بتوسط شيخه الجليل علي بن محمّد كثيراً(٦) .

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٩.

(٢) مرَّ في خاتمة المستدرك في الفائدة الثانية ١: ٢١٧ (الطبعة المحققة)

(٣) كلمة (بن) لم ترد في الأصل والحجرية، والصحيح كما أثبتناه من المصدر لأنه الموافق لكتب الرجال: رجال الشيخ ومنهج المقال: ١٩٩، ومجمع الرجال ٣: ٢٦٥، ونقد الرجال: ١٩٤، وتنقيح المقال ٢: ١٦٨، ومعجم رجال الحديث ١٠: ١١٠.

وما في جامع الرواة ١: ٤٧١ موافق لما في الأصل والحجرية.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٦.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٢.

(٦) الكافي ٣: ٣٩٧ ٣٩٩ / ٢، ٣، ٥، ١١.

١٤٤

[١٥٤٨] عبدُ الله بن أَسَد(١) الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) عنه: زكريا المؤمن.

[١٥٤٩] عبدُ الله بن الأَسْوَد الثَّقَفِيّ:

مولى آل عمرو بن هِلال الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) .

[١٥٥٠] عبدُ الله بن أُسَيْد القُرَشِيُّ:

الأخْنَسِيَّ، الكُوفِي، أسْنَدَ عَنْهُ، مات سنة ثمان وثمانين ومائة، وهو ابن سبعين، أو إحدى وسبعين سنة، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٥١] عبدُ الله بن أعْيَن:

في الوجيزة(٥) ، والبلغة(٦) : ممدوح. وفي التهذيب: علي بن الحسين، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر، عن الحسين بن موسى، عن جعفر بن عيسى، قال: قَدِمَ أبو عبد اللهعليه‌السلام مكّة، فسألني عن عبد الله بن أَعْيَن؟ فقلت: مات. إلى أنْ قال: فرفععليه‌السلام يديه يدعو، واجتهد في الدعاء، وترحّم عليه(٧) . كذا في نسختي، وهي صحيحة جدّاً، وكذا في نسخ جماعة، إلاّ أَنّ بعضهم نقله عنه، وفيه بدل عبد الله: عبد الملك(٨) ، وعليه أخرجناه في ترجمته، ثم

__________________

(١) في حاشية الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: (راشد نسخة بدل)

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٨.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٥.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨٢.

(٥) الوجيزة: ٢٩.

(٦) بلغة المحدثين: ٣٧٥ / ١٦، وفيها: ثقة.

(٧) تهذيب الأحكام ٣: ٢٠٢ / ٤٧٢.

(٨) منهم الأسترآبادي في منهجه: ٢١٥، والوحيد في تعليقته على المنهج: ٢١٥، والسيد التفريشي في نقد الرجال: ٢١١، وأبو علي الحائري في المنتهى: ١٨٥.

١٤٥

احْتمل الاشتباه، بل رام(١) إلى الحكم [بعدم(٢) ] وجود عبد الله! وهو ضعيف.

ففي الكافي، في باب ميراث أهل الملل، بإسناده: عن موسى بن بكر، عن عبد الله بن أَعْيَن، قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام (٣) . الخبر.

[١٥٥٢] عبدُ الله بن أُمَيَّة السَّكُونِيّ (٤) :

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٥٣] عبدُ الله بن أَيُّوب الأَسَدِي:

مولاهم، الكوفي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) .

[١٥٥٤] عبدُ الله بن بَحْر:

روى عن أبي بصير [والرجل(٧) ] ضعيف، مُرتفع القول، كذا في الخلاصة(٨) تبعاً للغضائري كما يظهر من النقد(٩) .

__________________

(١) فاعل احتمل بالبناء للمعلوم - (ورام) ضميره مستتر تقديره هو يعود إلى البعض المذكور قبله.

(٢) في الأصل والحجرية: (بعد)، وما بين العضادتين هو الصحيح لاشتباه البعض المذكور بعدم وجود عبد الله كما هو صريح كلامهم، فلاحظ.

(٣) الكافي ٧: ١٤٣ / ٤.

(٤) في المصدر بدل السكوني: (الكوفي)، ومثله في: حاشية الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: في (نسخة بدل)

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٣٥.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٥٢.

(٧) في الأصل والحجرية: (والرجال)، ومثلهما في: نقد الرجال: ١٩٤، ومجمع الرجال: ٣ / ٢٦٦ كلاهما عن الغضائري وجامع الرواة ١: ٤٧٢ عن رجال العلاّمة وابن داود وما بين المعقوفتين أثبتناه من: رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٤، وابن داود: ٢٥٣ / ٢٦٤، وهو الصحيح فلاحظ.

(٨) رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٤.

(٩) نقد الرجال: ١٩٤.

١٤٦

وفيه مضافاً إلى ضَعف تضعيفاته من وجوه: أنَّ رواية الأجلَّة عنه كثيراً تكشف عن استقامته ووثاقته، فروى عنه: الحسين بن سعيد في التهذيب، في باب حكم الجنابة(١) ، وفي باب حكم الحيض(٢) ، وفي باب صلاة العيدين، من أبواب الزيادات(٣) ، وفي الإستبصار، في باب تحريم السَّمك الطافي(٤) ، وفي الكافي، في باب ضمان ما يفسده البهائم(٥) والعباس بن معروف(٦) ، ومحمّد بن الحسين(٧) ، والحسن بن علي بن النعمان(٨) ، ومحمّد بن خالد(٩) .

[١٥٥٥] عبدُ الله بن بُدَيل بن وَرْقاء الخُزاعي:

رسول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أخويه عبد الرحمن ومحمّد إلى اليمن، وفي الكشي عدّه من التابعين، ورؤسائهم، وزهّادهم(١٠) ، وهو من شهداء صفين بعد ان أبلي بلاءً حسناً لم ير مثله.

وروى نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمر بن سعد، عن (عبد الله بن كعب)(١١) قال: لما قتل عبد الله بن بُدَيل(١٢) يوم صِفِّين، مرّ به

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١: ١٢٩ / ٣٥٥.

(٢) تهذيب الأحكام ١: ١٨١ / ٥١٨.

(٣) تهذيب الأحكام ٣: ١٣٢ / ٢٨٩.

(٤) الاستبصار ٤: ٦١ / ٤.

(٥) الكافي ٥: ٣٠٢ / ٣.

(٦) تهذيب الأحكام ٢: ١١٣ / ٤٢٣.

(٧) تهذيب الأحكام ٤: ١٥٨ / ٥٩٩.

(٨) الاستبصار ٤: ١٥٨ / ٥٩٩.

(٩) أُصول الكافي ١: ١٠٤ / ٤.

(١٠) رجال الكشي ١: ٢٨٦ / ١٢٤.

(١١) في المصدر: عبد الرحمن بن عبد الله، وفي هامشه عن شرح ابن أبي الحديد: عبد الرحمن بن كعب.

(١٢) في المصدر: (أن عبد الله بن كعب قتل يوم صفين)، وفي هامشه: (في ح [أي شرح ابن أبي الحديد]: عبد الله بن بديل)

١٤٧

الأسود بن طُهَمان الخُزاعي(١) وهو بآخر رمق فقال: رحمك الله يا عبد الله، إن كان جارك لنا من سوابقك، وإن كنت لمن الذاكرين الله كثيراً، أوصني رحمك الله قال: أُوصيك بتقوى الله، وأَن تناصح أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وتقاتل معه، حتّى يظهر الحق، أَو تلحق بالله، وأَبْلِغْ أمير المؤمنينعليه‌السلام مني السلام، وقال: قاتل على المعركة، حتّى تجعلها ظهرك، فإنه من أصبح والمعركة خلف ظهره كان الغالب، ثم لم يلبث أن مات، فأقبل الأسود إلى عليعليه‌السلام فأخبره، فقال:رحمه‌الله ، جاهد عدونا في الحياة، ونصح لنا في الوفاة(٢) .

وفي شرح الأخبار للقاضي نعمان المصري في ذكر من كان معهعليه‌السلام بصفين: وعبد الله(٣) بن بديل الخزاعي، الذي بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، قتل يوم صفين في ثلاث ألف رجل، انفردوا للموت، فقتلوا من أهل الشام نحواً من عشرين ألفاً، ولم يزالوا يقتل منهم الواحد بعد الواحد، حتّى قتلوا عن آخرهم، قال: وعبد الله بن بديل من الذين وصفهم الله تعالى بقوله:( وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ) (٤) (٥) الآية.

__________________

(١) في المصدر: (فمرّ به الأسود بن قيس)، وفي هامشه: (في ح: الأسود بن طهمان الخزاعي)

(٢) وقعة صفين: ٤٥٦، مع اختلاف يسير.

(٣) في المصدر: (عبد الرحمن)

(٤) التوبة: ٩ / ٩٢.

(٥) شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار: ٢ / ٣٢.

١٤٨

[١٥٥٦] عبدُ الله بن بَشِير الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٥٧] عبدُ الله بن بَكَّار الهَمْدَانِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٥٨] عبدُ الله بن بكر (٣) المـُرادِيّ:

الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٥٩] عبدُ الله بن بُكَيْر الهَجَرِيّ:

يروي عنه علي بن الحكم(٥) .

[١٥٦٠] عبدُ الله بن جعفر بن أبي طالب:

في الخلاصة: كان جليلاً، قليل الرواية(٦) ، وأُمّه أسماء بنت عُمَيْس، وزوجته زينب بنت عمة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وفضائله كثيرة، مشهورة، يروي عنه سُلَيم بن قَيْس(٧) .

وفي شرح الأخبار: عن محمّد بن سلام، بإسناده عن عون بن عبد الله، عن أبيه وكان كاتباً لعليعليه‌السلام أنّه سئل عن تسمية من شهد مع عليعليه‌السلام حروبه. إلى أن قال: قال: عبد الله بن جعفر الذي قال له

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ١٩.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٠.

(٣) في الحجرية وحاشية الأصل (بكير) ومثله في: مجمع الرجال: ٣ / ٢٧٠، ونقد الرجال: ١٩٥، وتنقيح المقال: ٢ / ١٧٢، وعن بعض النسخ في: منهج المقال، وجامع الرواة ورجال الشيخ.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٤١، وفيه: بكير وفي بعض نسخه: بكر.

(٥) أُصول الكافي ٢: ١٣٥ / ٢.

(٦) رجال العلاّمة: ١٠٣ / ٢.

(٧) أُصول الكافي ١: ٤٤٤ / ٤.

١٤٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إِنَّ أَباك أشبه خلقه خلقي، وقد أشبهت خلق أبيك(١) .

[١٥٦١] عبدُ الله بن جعفر الجَعْفريّ:

المـَدَنِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٦٢] عبدُ الله بن جَعْفر المـَخْزُومِي (٣) :

المـَدَنِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٦٣] عبدُ الله بن جَعْفر بن نَجِيح:

المـَدَنِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٦٤] عبدُ الله بن الحارث بن بَكْر بن وَائِل:

عدّه البرقي مع أخيه رَباح في رجاله من خواص أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام من ربيعة(٦) .

[١٥٦٥] عبدُ الله بن حَجَل.

كسابقه(٧) .

[١٥٦٦] عبدُ الله بن حَرْب الجَوْزِي:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٨) .

__________________

(١) شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار: ٢ / ١٧.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٤.

(٣) كذا في الحجرية وحاشية الأصل (في نسخة بدل)، وهو الموافق لما في مجمع الرجال: ٣ / ٢٧٤، وفي الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: (المخزومي) وأكثر كتب الرجال أشارت إلى الاسمين.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٦.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٦.

(٦) رجال البرقي: ٥.

(٧) رجال البرقي: ٥.

(٨) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨١.

١٥٠

[١٥٦٧] عبدُ الله بن حَسّان بن حُمَيْد(١) :

الكُوفِيّ، المـَدَنيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) عنه: خلف بن حماد(٣) .

[١٥٦٨] عبدُ الله بن الحَسَن بن جَعْفر:

ابن الحَسَن بن الحَسَن، الحَسَنيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٦٩] عبدُ الله بن الحسن بن الحسن:

ابن علي بن أبي طالب (عليهما السّلام)، أبو محمّد، هَاشِمي، مَدَني، تابعي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) هذا هو عبد الله والد محمّد الدّاعي المقتول، الملقب بالنفس الزَّكيّة، وقد ورد في عبد الله بعض الطعُون، إلاّ أنّ فيما كتبه أبو عبد اللهعليه‌السلام إليه حين حمل هو وأهل بيته يعزّيه عمّا صار إليه ما يدفعها، وأوّله:

بسم الله الرحمن الرحيم، إلى الخلف الصالح، والذريّة الطيبة من ولد أخيه وابن عمه. إلى آخر ما تقدم في باب استحباب الصبر على البلاء من كتاب الطهارة(٦) ، فلاحظ.

__________________

(١) في المصدر: (بن جميع)، وما في الأصل هو الصحيح لأنه الموافق لما في: منهج المقال: ٢٠٢، ومجمع الرجال: ٣ / ٢٧٧، ونقد الرجال: ١٩٧، وجامع الرواة: ١ / ٤٨١، وتنقيح المقال: ٢ / ١٧٩.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٩ / ١٠١.

(٣) تهذيب الأحكام ٦: ٣٤ / ٦٩.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٠.

(٥) رجال النجاشي: ٢٢٢ / ١، وذكره كذلك في أصحاب الإمام الباقرعليه‌السلام : ١٢٧ / ٣ قائلاً: شيخ الطالبين رضى الله عنه.

(٦) مستدرك الوسائل ٢: ٤١٦.

١٥١

[١٥٧٠] عبدُ الله بن الحسن الشَّيباني:

أخو محمّد بن الحسن الفقيه، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٧١] عبدُ الله بن الحَسَن الصَّيرَفيّ:

الكُوفيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٧٢] عبدُ الله بن الحسن العَلَوي:

المتكرر في الأسانيد، والذي ظهر لنا بعد التأمل هو: عبد الله بن الحسن بن علي بن الإمام جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) العُرَيْضي.

وهو من مشايخ الشيخ الجليل عبد الله بن جعفر الحميري، وعليه اعتمد في طريقه إلى كتاب علي بن جعفرعليه‌السلام ، قال في أوّل باب قُرب الاسناد إلى أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليهما السّلام): حدّثنا عبد الله بن الحسن العلوي، عن جدّه علي بن جعفر، قال: سألت أخي. إلى آخره(٣) ، وساق جميع ما في الكتاب مرتباً على الأبواب بهذا السند.

ويروي عنه ثقة الإسلام مكرراً(٤) بتوسط: محمّد بن الحسن الصفار(٥) على المشهور والمختار بن محمّد بن المختار(٦) ، وعنه: فضيل بن عثمان(٧) ، ويحيى بن عمران الحلبي(٨) ، ويحيى بن مهران(٩) ، ومحمّد بن أحمد

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٨.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٥.

(٣) قرب الاسناد: ١٧٦ / ٦٤٦.

(٤) في الحجرية: (متكررا)

(٥) الكافي ٥: ٤٦٤ / ٣، الكافي ٧: ٢٩٤ / ١٦.

(٦) أُصول الكافي ١: ١٠٧ / ٣.

(٧) تهذيب الأحكام ٣: ٢٦٣ / ٧٤٥.

(٨) الكافي ٣: ٣١ / ٢، وفيه: (عبيد الله بن الحسن)

(٩) تهذيب الأحكام ٦: ٣٦١ / ١٠٣٦.

١٥٢

العلوي(١)

[١٥٧٣] عبدُ الله [بن (٢) ] الحسن المـُؤدّب:

من مشايخ علي بن الحسين بن بابويه، وعليه اعتمد هو وولده في رواية كتب إبراهيم الثَّقفي كما مرّ في شرح المشيخة(٣) .

[١٥٧٤] عبدُ الله بن الحسين بن أبي يَزِيد:

الهَمْدَانِيّ، المـَشَاعِرِي، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٧٥] عبدُ الله بن حَمْدَوَيْه بَيْهَقِيّ:

ذكره الشيخ في أصحاب العسكريعليه‌السلام (٥) ، وفي الكشي في رجال الرضاعليه‌السلام ومن كتاب له إلى عبد الله بن حمدويه البيهقي: وبعد فقد رضيت لكم إبراهيم بن عبدة(٦) . إلى أن قال: ورحمهم وإيّاك معهم برحمتي لهم والله واسع كريم(٧) .

[١٥٧٦] عبدُ الله بن خَبّاب بن الأرَتّ:

من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٨) وكان عامله في النَّهروان، وقتله

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٨: ١٩ / ٦٠، وفيه: (عبد الله بن الحسن عن جده عن علي بن جعفر)، الظاهر (عن) الثانية زيادة، والصحيح: (عن جده علي بن جعفر) كما ورد في أسانيد قرب الاسناد السابقة الذكر، وأيضاً كما أشار إليه المصنفقدس‌سره في كلامه بعد التأمل، فلاحظ.

(٢) ما بين المعقوفين لم يرد في الأصل فقد أثبتناه من الحجرية ولأنه الموافق لكتب الرجال: منهج المقال: ٢٠٢، ومجمع الرجال: ٣ / ٣٧٨، ونقد الرجال: ١٩٧ وغيرها.

(٣) تقدم في الجزء الرابع صحيفة: ٢١، الطريق رقم: [١٠].

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧١.

(٥) رجال الشيخ: ٤٣٢ / ٥.

(٦) في الحجرية: (عبيدة)

(٧) رجال الكشي ٢: ٨٤٨ / ١٠٨٩.

(٨) رجال الشيخ: ٥٠ / ٦٢ مع زيادة (قتله الخوارج قبل وقعة النهروان)

١٥٣

الخوارج في أول خروجهم فوق خنزير ذبحوه، وقالوا: والله ما ذبحنا لك ولهذا الخنزير إلاّ واحداً، وبقروا(١) بطن زوجته وهي حامل وذبحوها، وذبحوا طفله الرضيع فوقه، ولمـّا التقى الجمعان، استنطقهم عليٌّعليه‌السلام بقتل عبد الله، فأقرّوا كلّهم كتبية بعد كتبية، فقالعليه‌السلام : لو أقرّ أهل الدنيا كلّهم بقتله هكذا وأنا اقدر على قتلهم به لقتلتهم(٢) .

[١٥٧٧] عبدُ الله بن خليفة:

يكنى أبا العَرِيف، الهَمْدَانِيّ، كذا في رجال الشيخ، في أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٣) .

وفي أمالي الشيخ المفيد: عن أبي الحسن علي بن محمّد الكاتب، عن الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعْفَرانِيّ، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقَفيّ، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن شمرَ قال: سمعت جابر بن يزيد يقول: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي (عليهما السّلام) يقول: حدثني أبي، عن جدّي، قال: لمـّا توجه أمير المؤمنينعليه‌السلام من المدينة إلى الناكثين بالبصرة، نزل الرَّبَذَة، فلمّا ارتحل منها، لقيه عبد الله بن خليفة الطائي، وقد نزل بمنزل يقال له: قائد(٤) ، فقرّبه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال له عبدُ الله: الحمد لله الَّذي ردّ الحقَّ إلى أهله، ووضعه في موضعه، كره

__________________

(١) بقرت الشيء بقراً: فتحته ووسعته، ومنه قولهم: أبقرها عن جنينها أي شُقّ بطنها عن ولدها، الصحاح: ٢ / ٥٩٤ بقر -.

(٢) راجع: الكامل للمبرّد ٣ / ١١٣٤ وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٢ / ٢٨١، وأُسد الغابة: ٣ / ١١٩.

(٣) رجال الشيخ: ٤٨ / ٢٥.

(٤) كذا في الأصل والحجرية. وقد يكون: قُدَيْد، اسم موضع قرب مكة، انظر معجم البلدان ٤: ٣١٣ قُديد -.

١٥٤

ذلك قوم أو سرّوا به، فقد والله كرهوا محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونابذوه، وقاتلوه، فردّ الله كيدهم في نحورهم، وجعل دائرة السَّوء عليهم، والله لنجاهدنَّ معك في كلِّ موطن حفظاً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرحَّب به أمير المؤمنينعليه‌السلام وأَجْلَسَه إلى جنبه وكان له حبيباً ووليّاً وأخذ يسأله عن الناس، الخبر(١) .

وفيه مواضع تدلّ على كثرة إخلاصه، وقوّة إيمانه، فَيُحْتمل كونه الهمداني المذكور في رجال الشيخ، أو غيره، والله العالم.

[١٥٧٨] عبدُ الله بن دُكَيْن الكُوفِيّ:

أبو عَمْرُو، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٧٩] عبدُ الله بن رَاشِد الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) عنه: جعفر بن بشير، في الكافي، في باب من يدخل القبر(٤) ، وأبان بن عثمان، فيه(٥) ، ويحيى بن عمر، فيه(٦) ، وفي التهذيب، في باب تلقين المحتضرين(٧) .

[١٥٨٠] عبدُ الله بن رجَاء المـَكّي:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٨) .

__________________

(١) أمالي المفيد: ٢٩٥.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٨٧.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٧.

(٤) الكافي ٣: ١٩٣ / ١.

(٥) الكافي ٣: ١٩٤ / ٧.

(٦) الكافي ٣: ١٩٤ / ٨.

(٧) تهذيب الأحكام ١: ٣٢٠ / ٩٣٠.

(٨) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٧.

١٥٥

[١٥٨١] عبدُ الله بن رَزِين:

في الكافي، في مولد أبي جعفر الثانيعليه‌السلام : الحسين بن محمّد الأشعري قال: حدثني شيخ من أصحابنا يقال له: عبد الله بن رزين قال: كنت مجاوراً بالمدينة مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان أبو جعفرعليه‌السلام يجيء في كلّ يوم مع الزوال إلى المسجد، فينزل في الصحن، ويصير إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويسلّم عليه، ويرجع إلى بيت فاطمة (سلام الله عليها) فيخلع نعليه، ويقوم فيصلّي، فوسوس إليّ(١) الشيطان فقال: إذا نزل فاذهب حتّى تأخذ من التراب الذي يطأ عليه، فجلست في ذلك اليوم انتظره لأفعل هذا، فلمّا أن كان وقت الزوال أقبلعليه‌السلام على حمار له(٢) ، فلم ينزل في الموضع الذي كان ينزل فيه، وجاء حتّى نزل على الصخرة التي على باب المسجد، ثم دخل، الخبر(٣) .

وفيه معاجز كثيرة، ويدلّ على حسن عقيدته وخلوصه في إيمانه، مضافاً إلى قول الأشعري.

[١٥٨٢] عبدُ الله بن رواحة بن ثَعْلبة:

ابن امْرِئ القَيّس الخَزْرَجيّ، الشاعر، الشهيد بمؤتة، وكان ثالث الأُمراء الذي عينهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تلك الغزوة.

وفي تفسير الإمامعليه‌السلام في الخبر الذي تقدَّم في زيد بن حارثة انه قال: إِنَّه رأى في تلك الليلة ضوءً خارجاً من في عبد الله بن رواحة كشعاع القمر في الليلة المظلمة. إلى أن قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأمّا عبد الله

__________________

(١) في الحجرية: (إليه)

(٢) له) لم ترد في الحجرية.

(٣) أُصول الكافي ١: ٤١٢ / ٢.

١٥٦

ابن رواحة، فإنَّه كان برّاً بوالديه، فكثرت غنيمته في هذه الليلة، فلمّا كان من غد قال له أبوه: إِنّي وأُمّك لك محبّان، وإِنَّ امرأتك فلانة تؤذينا وتعنينا، وإنّا لا نأمن أن تصاب في بعض هذه المشاهد، ولسنا نأمن أَن تستشهد في بعضها، فتداخلنا هذه في أموالك، ويزداد علينا بغيها وعنتها، فقال عبد الله: ما كنت أعلم بغيها عليكم، وكراهتكما لها، ولو كنت علمت ذلك لأبَنْتها من نفسي، ولكنّي أَبنتها الآن، لتأمنا ما تحذران، فما كنت الذي أُحبّ مَنْ تكرهان، فلذلك أسلفه النور الذي رأيتم، الخبر(١) .

وفي دعائم الإسلام، بإسناده عن عليعليه‌السلام قال: أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقيل: يا رسول الله إِنّ عبد الله بن رواحة ثقيل لما به، فعادهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأصابه مغمى عليه، والنساء يتصارخن حوله، فدعاه ثلاثاً فلم يجبه فقال: اللهم هذا عبدك، إِنْ كان قد انقضى أجله ورزقه، فإلى جنتك ورحمتك، وإِنْ لم ينقض أجله ورزقه وأثره، فعجّل شفاه وعافيته، فقال بعض القوم: عجباً لعبد الله بن رواحة وتعرضّه في غير موطن للشهادة، فلم يرزقها حتّى يقبض على فراشه! فقال: ومَنْ الشهيد من أُمتي؟ فقالوا: أليس هو الذي يُقتل في سبيل الله مقبلاً غير مدبر، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ شهداء أُمتي إذاً لقليل!؟ الشهداء الذي ذكرتم، والطعين، والمبطون، وصاحب الهدم، والغرق(٢) ، والمرأة تموت جُمعاً، قالوا: وكيف تموت جُمْعاً؟ قال: يعترضُ ولدها في بطنها، ثم قامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوجد عبد الله خِفَّةً، فأخبرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا عبد الله حدّث بما رأيت فقد رأيت عجباً!

__________________

(١) تفسير الامام الحسن العسكريعليه‌السلام : ٦٤٠ ٦٤٢.

(٢) في المصدر: الغريق.

١٥٧

فقال: يا رسول الله [رأيت(١) ] ملكاً من الملائكة، في يده مِقْمَعة من حديد، تأجج ناراً كلّما صَرَخَتْ صارخةٌ يا جبلاه أهوى بها لهامّتي، وقال: أَنت جبلها، فأقول: لا، بل الله، فكيف بعد اهوائها، وإذا صَرَخَتْ صارخة يا عزّاه أهوى بها لهامّتي، وقال: أنت عزّها، فأقول: لا، بل الله، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صدق عبد الله فما بال موتاكم يبتلون بقول(٢) أحياكم(٣) . وفيه مدح عظيم.

والجواب عن إيهامه تعذيب الميت ببكاء الحيّ الذي أنكره أصحابنا مذكور في محلّه(٤) ، وفيما ورد في غزوة مؤتة ما يدلّ على جلالته، وعلوّ قدره، وثبات إيمانه، والعجب من أصحاب التراجم كيف غفلوا عن ذكره!؟

[١٥٨٣] عبدُ الله بن زياد الحَنَفِي:

مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٨٤] عبدُ الله بن زياد بن سَمْعان:

مولى أمّ سلمة، مكّي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) .

[١٥٨٥] عبدُ الله بن زياد النَّخَعِي:

الكُوفيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٧) .

__________________

(١) ما بين المعقوفتين زيادة أضفناها من المصدر.

(٢) في الحجرية: (بموت)

(٣) دعائم الإسلام ١: ٢٢٥.

(٤) راجع تذكرة الفقهاء ٢: ١١٩.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٣٨.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٤٥.

(٧) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ٢٢.

١٥٨

[١٥٨٦] عبدُ الله بن سابِري الوَاسِطِي:

الزَّيات، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٨٧] عبدُ الله بن سَالِم:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) وفي النقد عن الغضائري -: ضعيف، مرتفع القول، لا يعبأ به(٣) ، وتبعه [في(٤) ] الخلاصة(٥) .

وأنت خبير بأن تضعيف الغضائري في نفسه لا يقاوم توثيق الجماعة ما في أصحاب الصادقعليه‌السلام .

[١٥٨٨] عبدُ الله بن سَعِيد الوَابِشيّ:

أبو محمّد، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) . وفي التعليقة: يروى عنه الحسن بن محبوب(٧) .

[١٥٨٩] عبدُ الله بن سَلام:

عدّه في رجال الشيخ من أصحاب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٨) ، وأهمله المترجمون كافّة، وله مسائل معروفة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رواها المفيد في الاختصاص(٩) ، وغيره.

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨٤ وفيه بدل سابري: (سائر)، والصحيح ما في الأصل الموافق لما في نسخة اخرى من رجال الشيخ، ومنهج المقال: ٢٠٣، ومجمع الرجال ٤: ٢٨٤، ونقد الرجال: ١٩٩، وجامع الرواة ١: ٤٨٥، وغيرها.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٨٨.

(٣) نقد الرجال: ١٩٩.

(٤) ما بين المعقوفتين زيادة أضفناها لمقتضى السياق.

(٥) رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٣.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٦٨.

(٧) تعليقة الوحيد على منهج المقال: ٣٥٢.

(٨) رجال الشيخ: ٢٣ / ١٢.

(٩) الاختصاص: ٤٢.

١٥٩

وفي البحار: وجدت في بعض الكتب القديمة هذه الرواية فأوردتها بلفظها، ووجدتها أيضاً في كتاب ذكر الأقاليم والبلدان والجبال والأنهار والأشجار مع اختلاف يسير في المضمون، وساق الرواية، وهي طويلة، وقال في آخرها: إِنّما أوردت هذه الرواية لاشتهارها بين الخاصّة والعامّة، وذكر الصدوق وغيره من أصحابنا أكثر أجزائها بأسانيدهم في مواضع. إلى آخره.

وصدر الرواية مسائل عبد الله بن سلام وكان اسمه أسماويل، فسمّاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عبد الله. عن ابن عباس (رضى الله عنه) قال: لمـّا بعث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر عليّاًعليه‌السلام أن يكتب كتاباً إلى الكفّار، وإلى النصارى، وإلى اليهود، ثم ذكر كتابهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى يهود خيبر، وأنّهم أتوا إلى شيخهم ابن سلام وأخبروه، وانه استخرج من التوراة ألف مسألة وأربعمائة مسألة وأربع مسائل من غامض المسائل، وأنه أتى إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا بن سلام جئتني تسألني عن ألف مسألة وأربعمائة مسألة وأربع مسائل نسختها من التوراة، فنكس عبد الله بن سلام رأسه، وبكى، وقال: صدقت يا محمّد، ثم أخذ في السؤال.

وفي آخر الخبر، قال: امدد يدك الشريفة، أَنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنك لرسول الله، وإن الجنّة حقّ، والميزان حقّ، والحساب حقّ، والساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، فكبّرت الصحابة عند ذلك، وسمّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله بن سلام(١) .

__________________

(١) بحار الأنوار ٦٠: ٢٤١ ٢٦١.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

من سليمان ممّن كان يهديها إلى الدخول عليه على ما هو الدأب في وفود الملوك و العظماء على أمثالهم.

و قوله:( فلمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَ كَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها ) أي لما رأت الصرح ظنّت أنّه لجّة لما كان عليه الزجاج من الصفاء كالماء و كشفت عن ساقيها بجمع ثيابها لئلّا تبتلّ بالماء أذيالها.

و قوله:( قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ ) القائل هو سليمان نبّهها أنّه ليس بلجّة بل صرح مملّس من زجاج فلمّا رأت ما رأت من عظمة ملك سليمان و قد كانت رأت سابقاً ما رأت من أمر الهدهد و ردّ الهديّة و الإتيان بعرشها لم تشكّ أنّ ذلك من آيات نبوّته من غير أن يؤتى بحزم أو تدبير و قالت عند ذلك:( ربِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ]‏ إلخ.

و قوله:( قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَ أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ ) استغاثت أوّلاً بربّها بالاعتراف بالظلم إذ لم تعبد الله من بدء أو من حين رأت هذه الآيات ثمّ شهدت بالإسلام لله مع سليمان.

و في قوله:( وأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ‏ ) التفات بالنسبة إليه تعالى من الخطاب إلى الغيبة و وجهه الانتقال من إجمال الإيمان بالله إذ قالت:( ربِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي‏ ) إلى التوحيد الصريح فإنّها تشهد أنّ إسلامها لله مع سليمان فهو على نهج إسلام سليمان و هو التوحيد ثمّ تؤكّد التصريح بتوصيفه تعالى بربّ العالمين فلا ربّ غيره تعالى لشي‏ء من العالمين و هو توحيد الربوبيّة المستلزم لتوحيد العبادة الّذي لا يقول به مشرك.

( كلام في قصّة سليمانعليه‌السلام )

١- ما ورد من قصصه في القرآن: لم يرد من قصصهعليه‌السلام في القرآن الكريم إلّا نبذة يسيرة غير أنّ التدبّر فيها يهدي إلى عامّة قصصه و مظاهر شخصيّته الشريفة.

منها: وراثته لأبيه داود قال تعالى:( وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ ) ص: ٣٠، و قال( وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ ) النمل: ١٦.

٤٠١

و منها: إيتاؤه الملك العظيم و تسخير الجنّ و الطير و الريح له و تعليمه منطق الطير و قد تكرّر ذكر هذه النعم في كلامه تعالى كما في سورة البقرة الآية ١٠٢ و الأنبياء الآية ٨١، و النمل الآية ١٦ - ١٨، و سبإ الآية ١٢ - ١٣ و ص الآية ٣٥ - ٣٩.

و منها: الإشارة إلى قصّة إلقاء جسد على كرسيّه كما في سورة ص الآية ٣٣.

و منها: الإشارة إلى عرض الصافنات الجياد عليه كما في سورة ص الآية ٣١ - ٣٣.

و منها: الإشارة إلى تفهيمه الحكم في الغنم الّتي نفشت في الحرث كما في سورة الأنبياء الآية ٧٨ - ٧٩.

و منها: الإشارة إلى حديث النملة كما في سورة النمل الآية ١٨ - ١٩.

و منها: قصّة الهدهد و ما يتبعها من قصّتهعليه‌السلام مع ملكة سبإ سورة النمل الآية ٢٠ - ٤٤.

و منها: الإشارة إلى كيفيّة موتهعليه‌السلام كما في سورة سبإ الآية ١٤.

و قد أوردنا ما يخصّ بكلّ من هذه القصص من الكلام في ذيل الآيات المشيرة إليها الموضوعة في هذا الكتاب.

٢- الثناء عليه في القرآن: ورد اسمهعليه‌السلام في بضعة عشر موضعاً من كلامه تعالى و قد أكثر الثناء عليه فسمّاه عبداً أوّاباً قال تعالى:( نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) ص: ٣٠، و وصفه بالعلم و الحكم قال تعالى:( فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَ كُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَ عِلْماً ) الأنبياء: ٧٩ و قال:( وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَ سُلَيْمانَ عِلْماً ) النمل: ١٥ و قال:( وَ قالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ) النمل: ١٦، و عدّه من النبيّين المهديّين قال تعالى:( وَ أَيُّوبَ وَ يُونُسَ وَ هارُونَ وَ سُلَيْمانَ ) النساء: ١٦٣، و قال:( وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ ) الأنعام: ٨٤.

٣- ذكره عليه‌السلام في العهد العتيق: وقعت قصّته في كتاب الملوك الأول و قد اُطيل فيه في حشمته و جلالة أمره و سعة ملكه و وفور ثروته و بلوغ حكمته غير أنّه لم يذكر فيه شي‏ء من قصصه المشار إليها في القرآن إلّا ما ذكر أنّ ملكة سبإ لما سمعت خبر سليمان و بناءه و بيت الربّ بأورشليم و ما اُوتيه من الحكمة أتت إليه

٤٠٢

و معها هدايا كثيرة فلاقته و سألته عن مسائل تمتحنه بها فأجاب عنها ثمّ رجعت(١) .

و قد أساء العهد العتيق القول فيهعليه‌السلام فذكر(٢) أنّهعليه‌السلام انحرف في آخر عمره عن عبادة الله إلى عبادة الأصنام فسجد لأوثان كانت تعبدها بعض أزواجه.

و ذكر أنّ والدته كانت زوج أوريّا الحتّيّ فعشقها داودعليه‌السلام ففجر بها فحبلت منه فاحتال في قتل زوجها أوريّا حتّى قتل في بعض الحروب فضمّها إلى أزواجه فحبلت منه ثانياً و ولدت له سليمان.

و القرآن الكريم ينزّه ساحتهعليه‌السلام عن أوّل الرميتين بما ينزّه به ساحة جميع الأنبياء بالنصّ على هدايتهم و عصمتهم و قال فيه خاصّة:( وَ ما كَفَرَ سُلَيْمانُ ) بقرة: ١٠٢.

و عن الثانية بما يحكيه من دعائهعليه‌السلام لما سمع قول النملة:( رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى‏ والِدَيَّ ) النمل: ١٩، فقد بيّنّا في تفسيره أنّ فيه دلالة على أنّ والدته كانت من أهل الصراط المستقيم الّذين أنعم الله عليهم من النبيّين و الصدّيقين و الشهداء و الصالحين.

٤- الروايات الواردة في قصصه عليه‌السلام : الأخبار المرويّة في قصصه و خاصّة في قصّة الهدهد و ما يتبعها من أخباره مع ملكة سبإ يتضمّن أكثرها اُموراً غريبة قلّما يوجد نظائرها في الأساطير الخرافيّة يأباها العقل السليم و يكذّبها التاريخ القطعيّ و أكثرها مبالغة ما روي عن أمثال كعب و وهب.

و قد بلغوا من المبالغة أن ما رووا أنّهعليه‌السلام ملك جميع الأرض، و كان ملكه سبعمائة سنة، و أنّ جميع الإنس و الجنّ و الوحش و الطير كانوا جنوده، و أنّه كان يوضع في مجلسه حول عرشه ستّمائة ألف كرسيّ يجلس عليها اُلوف من النبيّين و مئات الاُلوف من اُمراء الإنس و الجنّ.

____________________

(١) الإصحاح العاشر من الملوك الأوّل.

(٢) الإصحاح الحادي عشر و الثاني عشر من كتاب صموئيل الثاني.

٤٠٣

و أنّ ملكة سبإ كانت اُمّها من الجنّ، و كانت قدمها كحافر الحمارة و كانت تستر قدميها عن أعين النظّار حتّى كشفت عن ساقيها حينما أرادت دخول الصرح فبان أمرها، و قد بلغ من شوكتها أنّه كان تحت يدها أربعمائة ملك كلّ ملك على كورة تحت يد كلّ ملك أربعمائة ألف مقاتل و لها ثلاثمائة وزير يدبّرون ملكها و لها اثناً عشر ألف قائد تحت يد كلّ قائد اثناً عشر ألف مقاتل إلى غير ذلك من أعاجيب الأخبار الّتي لا يسعنا إلّا أن نعدّها من الإسرائيليّات و نصفح عنها(١) .

( بحث روائي)

في الاحتجاج، روى عبدالله بن الحسن بإسناده عن آبائهعليهم‌السلام : أنّه لما أجمع أبوبكر على منع فاطمةعليهما‌السلام فدك و بلغها ذلك جاءت إليه و قالت له: يا ابن أبي قحافة أ في كتاب الله أن ترث أباك و لا أرث أبي؟ لقد جئت شيئاً فريّا أ فعلى عمد تركتم كتاب الله و نبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول:( وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ ) . الحديث.

و في تفسير القمّيّ، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام : في قوله عزّوجلّ:( فَهُمْ يُوزَعُونَ ) قال: يحبس أوّلهم على آخرهم.

و في الاحتجاج، عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام في حديث قال: و الناظرة في بعض اللغة هي المنتظرة أ لم تسمع إلى قوله:( فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ )

و في البصائر، بإسناده عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ اسم الله الأعظم على ثلاث و سبعين حرفاً و إنّما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلّم به فخسف بالأرض ما بينه و بين سرير بلقيس ثمّ تناول السرير بيده ثمّ عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين، و عندنا نحن من الاسم اثنان و سبعون حرفاً، و حرف عندالله استأثر به في علم الغيب عنده و لا حول و لا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.

أقول: و روي هذا المعنى أيضاً عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، و رواه في الكافي، عن جابر

____________________

(١) و على من يريد الوقوف عليها أن يراجع جوامع الأخبار كالدرّ المنثور و العرائس و البحار و مطوّلات التفاسير.

٤٠٤

عن أبي جعفر و عن النوفليّ عن أبي الحسن صاحب العسكرعليهما‌السلام .

و قوله:( إنّ الاسم الأعظم كذا حرفاً و كان عند آصف حرف تكلّم به) لا ينافي ما قدّمنا أنّ هذا الاسم ليس من قبيل الألفاظ فإنّ نفس هذا السياق يدلّ على أنّ المراد بالحرف غير الحرف اللفظيّ و التعبير به من جهة أنّ المعهود عند الناس من الاسم الاسم اللفظيّ المؤلف من الحروف الملفوظة.

و في المجمع، في قوله تعالى:( قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) ذكر في ذلك وجوه - إلى أن قال - و الخامس أنّ الأرض طويت له: و هو المرويّ عن أبي عبداللهعليه‌السلام .

أقول: و ما رواه من الطيّ لا يغاير ما تقدّمت روايته من الخسف.

و الّذي نقله من الوجوه الاُخر خمسة أحدها: أنّ الملائكة حملته إليه. الثاني: أنّ الريح حملته. الثالث: أنّ الله خلق فيه حركات متوالية. الرابع: أنّه انخرق مكانه حيث هو هناك ثمّ نبع بين يدي سليمان. الخامس: أنّ الله أعدمه في موضعه و أعاده في مجلس سليمان.

و هناك وجه آخر ذكره بعضهم و هو أنّ الوجود بتجدّد الأمثال بإيجاده و قد أفاض الله الوجود لعرشها في سبإ ثمّ في الآن التالي عند سليمان. و هذه الوجوه بين ممتنع كالخامس و بين ما لا دليل عليه كالباقي.

و فيه، و روى العيّاشيّ في تفسيره، بالإسناد قال: التقى موسى بن محمّد بن عليّ بن موسى و يحيى بن أكثم فسأله. قال: فدخلت على أخي عليّ بن محمّدعليه‌السلام إذ دار بيني و بينه من المواعظ حتّى انتهيت إلى طاعته فقلت له: جعلت فداك إنّ ابن أكثم سألني عن مسائل اُفتيه فيها فضحك ثمّ قال: هل أفتيته فيها قلت: لا. قال: و لم؟ قلت: لم أعرفها قال: ما هي؟ قلت: قال: أخبرني عن سليمان أ كان محتاجاً إلى علم آصف بن برخيا؟ ثمّ ذكرت المسائل الاُخر:

قال: اكتب يا أخي بسم الله الرحمن الرحيم سألت عن قول الله تعالى في كتابه:

٤٠٥

( قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ ) فهو آصف بن برخيا و لم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف آصف لكنّه أحبّ أن تعرف اُمّته من الجنّ و الإنس أنّه الحجّة من بعده و ذلك من علم سليمان أودعه آصف بأمر الله ففهمه الله ذلك لئلّا يختلف في إمامته و دلالته كما فهّم سليمان في حياة داود ليعرّف إمامته و نبوّته من بعده لتأكيد الحجّة على الخلق.

أقول: و أورد الرواية في روح المعاني، عن المجمع‏ ثمّ قال: و هو كما ترى انتهى و لا ترى لاعتراضه هذا وجهاً غير أنّه رأى حديث الإمامة فيها فلم يعجبه.

و في نور الثقلين، عن الكافي عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام قال: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو - إلى أن قال - و خرجت ملكة سبإ فأسلمت مع سليمانعليه‌السلام .

٤٠٦

( سورة النمل الآيات ٤٥ - ٥٣)

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ( ٤٥ ) قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ  لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ( ٤٦ ) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ  قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللهِ  بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ( ٤٧ ) وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ( ٤٨ ) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ( ٤٩ ) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ( ٥٠ ) فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ( ٥١ ) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا  إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ( ٥٢ ) وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ( ٥٣ )

( بيان)

إجمال من قصّة صالح النبيّعليه‌السلام و قومه، و جانب الإنذار في الآيات يغلب على جانب التبشير كما تقدّمت الإشارة إليه.

قوله تعالى: ( وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى‏ ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً - إلى قوله -يَخْتَصِمُونَ ) الاختصام و التخاصم التنازع و توصيف التثنية بالجمع أعني قوله:( فَرِيقانِ ) بقوله:( يَخْتَصِمُونَ ) لكون المراد بالفريقين مجموع الاُمّة و( فَإِذا ) فجائيّة.

٤٠٧

و المعنى: و اُقسم لقد أرسلنا إلى قوم ثمود أخاهم و نسيبهم صالحاً و كان المرجوّ أن يجتمعوا على الإيمان لكن فاجأهم أن تفرّقوا فريقين مؤمن و كافر يختصمون و يتنازعون في الحقّ كلّ يقول: الحقّ معي، و لعلّ المراد باختصامهم ما حكاه الله عنهم في موضع آخر بقوله:( قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ ) الأعراف: ٧٦.

و من هنا يظهر أنّ أحد الفريقين جمع من المستضعفين آمنوا به و الآخر المستكبرون و باقي المستضعفين ممّن اتّبعوا كبارهم.

قوله تعالى: ( قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ) إلخ الاستعجال بالسيّئة قبل الحسنة المبادرة إلى سؤال العذاب قبل الرحمة الّتي سببها الإيمان و الاستغفار.

و به يظهر أنّ صالحاًعليه‌السلام إنّما وبّخهم بقوله هذا بعد ما عقروا الناقة و قالوا له:( يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) فيكون قوله:( لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) تحضيضاً إلى الإيمان و التوبة لعلّ الله يرحمهم فيرفع عنهم ما وعدهم من العذاب وعداً غير مكذوب.

قوله تعالى: ( قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ ) إلخ التطيّر هو التشؤم، و كانوا يتشأمون كثيراً بالطير و لذا سمّوا التشؤم تطيّراً و نصيب الإنسان من الشرّ طائراً كما قيل.

فقولهم خطاباً لصالح:( اطَّيَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ ) أي تشأمنا بك و بمن معك ممّن آمن بك و لزمك لما أنّ قيامك بالدعوة و إيمانهم بك قارن ما ابتلينا به من المحن و البلايا فلسنا نؤمن بك.

و قوله خطاباً للقوم:( طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ ) أي نصيبكم من الشرّ و هو الّذي تستوجبه أعمالكم من العذاب عند الله سبحانه.

و لذا أضرب عن قوله:( طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ ) بقوله:( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ) أي تختبرون بالخير و الشرّ ليمتاز مؤمنكم من كافركم و مطيعكم من عاصيكم.

٤٠٨

و معنى الآية: قال القوم: تطيّرنا بك يا صالح و بمن معك فلن نؤمن و لن نستغفر قال صالح: طائركم الّذي فيه نصيبكم من الشرّ عند الله و هو كتاب أعمالكم و لست أنا و من معي ذوي أثر فيكم حتّى نسوق إليكم هذه الابتلاءات بل أنتم قوم تختبرون و تمتحنون بهذه الاُمور ليمتاز مؤمنكم من كافركم و مطيعكم من عاصيكم.

و ربّما قيل: إنّ الطائر هو السبب الّذي منه يصيب الإنسان ما يصيبه من الخير و الشرّ، فإنّهم كما كانوا يتشأمون بالطير كانوا أيضاً يتيمّنون به و الطائر عندهم الأمر الّذي يستقبل الإنسان بالخير و الشرّ كما في قوله تعالى:( وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً ) إسراء: ١٣، و إذ كان ما يستقبل الإنسان من خير أو شرّ هو بقضاء من الله سبحانه مكتوب في كتاب فالطائر هو الكتاب المحفوظ فيه ما قدّر للإنسان.

و فيه أنّ ظاهر ذيل آية الإسراء أنّ المراد بالطائر هو كتاب الأعمال دون كتاب القضاء كما يدلّ عليه قوله:( اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى‏ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً ) .

و قيل: معنى( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ) أي تعذّبون، و ما ذكرناه أوّلاً أنسب.

قوله تعالى: ( وَ كانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ ) إلخ قال الراغب: الرهط العصابة دون العشرة و قيل إلى الأربعين انتهى، و قيل: الفرق بين الرهط و النفر أنّ الرهط من الثلاثة أو السبعة إلى العشرة و النفر من الثلاثة إلى التسعة انتهى.

قيل: المراد بالرهط الأشخاص و لذا وقع تمييزاً للتسعة لكونه في معنى الجمع فقد كان المتقاسمون تسعة رجال.

قوله تعالى: ( قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَ أَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَ إِنَّا لَصادِقُونَ ) التقاسم المشاركة في القسم، و التبييت القصد بالسوء ليلاً، و أهل الرجل من يجمعه و إيّاهم بيت أو نسب أو دين، و لعلّ المراد بأهله زوجه و ولده بقرينة قوله بعد:( ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا ) ، و قوله:( وَ إِنَّا لَصادِقُونَ ) معطوف على قوله:( ما شَهِدْنا ) فيكون من مقول القول.

و المعنى: قال الرهط المفسدون و قد تقاسموا بالله: لنقتلنّه و أهله بالليل ثمّ نقول

٤٠٩

لوليّه إذا عقّبنا و طلب الثأر: ما شهدنا هلاك أهله و إنّا لصادقون في هذا القول، و نفي مشاهدة مهلك أهله نفي لمشاهدة مهلك نفسه بالملازمة أو الأولويّة، على ما قيل.

و ربّما قيل: إنّ قوله:( وَ إِنَّا لَصادِقُونَ ) حال من فاعل نقول أي نقول لوليّه كذا و الحال أنّا صادقون في هذا القول لأنّا شهدنا مهلكه و أهله جميعاً لا مهلك أهله فقط.

و لا يخفى ما فيه من التكلّف و قد وجّه بوجوه اُخر أشدّ تكلّفاً منه و لا ملزم لأصل الحاليّة.

قوله تعالى: ( وَ مَكَرُوا مَكْراً وَ مَكَرْنا مَكْراً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ ) أمّا مكرهم فهو التواطئ على تبييته و أهله و التقاسم بشهادة السياق السابق و أمّا مكره تعالى فهو تقديره هلاكهم جميعاً بشهادة السياق اللاحق.

قوله تعالى: ( فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَ قَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ) التدمير الإهلاك، و ضمائر الجمع للرهط، و كون عاقبة مكرهم هو إهلاكهم و قومهم من جهة أنّ مكرهم استدعى المكر الإلهيّ على سبيل المجازاة، و استوجب ذلك إهلاكهم و قومهم.

قوله تعالى: ( فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا ) إلخ، الخاوية الخالية من الخواء بمعنى الخلاء، و الباقي ظاهر.

قوله تعالى: ( وَ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ ) فيه تبشير للمؤمنين بالإنجاء، و قد أردفه بقوله:( وَ كانُوا يَتَّقُونَ ) إذ التقوى كالمجنّ للإيمان و قد قال تعالى:( وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) الأعراف: ١٢٨، و قال:( وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) طه: ١٣٢.

٤١٠

( سورة النمل الآيات ٥٤ - ٥٨)

وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ( ٥٤ ) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ  بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ( ٥٥ ) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ  إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ( ٥٦ ) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ ( ٥٧ ) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا  فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ ( ٥٨ )

( بيان)

إجمال قصّة لوطعليه‌السلام و هي كسابقتها في غلبة جانب الإنذار على جانب التبشير.

قوله تعالى: ( وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ) معطوف على موضع( أَرْسَلْنا ) في القصّة السابقة بفعل مضمر و التقدير و لقد أرسلنا لوطاً. كذا قيل، و يمكن أن يكون معطوفاً على أصل القصّة بتقدير اذكر و الفاحشة هي الخصلة البالغة في الشناعة و المراد بها اللواط.

و قوله:( وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ) أي و أنتم في حال يرى بعضكم بعضاً و ينظر بعضكم إلى بعض حين الفحشاء فهو على حدّ قوله في موضع آخر:( وَ تَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ) العنكبوت: ٢٩، و قيل: المراد إبصار القلب و محصّله العلم بالشناعة و هو بعيد.

قوله تعالى: ( أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) الاستفهام للإنكار، و دخول أداتي التأكيد - إنّ و اللّام - على الجملة الاستفهاميّة للدلالة على أنّ مضمون الجملة من الاستبعاد بحيث لا يصدّقه أحد و الجملة على أيّ حال في محلّ التفسير للفحشاء.

٤١١

و قوله:( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) أي مستمرّون على الجهل لا فائدة في توبيخكم و الإنكار عليكم فلستم بمرتدعين، و وضع( تَجْهَلُونَ ) بصيغة الخطاب موضع( يجهلون) من وضع المسبّب موضع السبب كأنّه قيل:( بل أنتم قوم يجهلون فأنتم تجهلون) .

قوله تعالى: ( فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ ) أي يتنزّهون عن هذا العمل و هو وارد مورد الاستهزاء.

قوله تعالى: ( فَأَنْجَيْناهُ وَ أَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ ) المراد بأهله أهل بيته لقوله تعالى:( فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) الذاريات: ٣٦، و قوله:( قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ ) أي جعلناها من الباقين في العذاب.

قوله تعالى: ( وَ أَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ ) المراد بالمطر الحجارة من سجّيل لقوله تعالى:( وَ أَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ) الحجر: ٧٤، فقوله:( مَطَراً ) يدلّ بتنكيره على النوعيّة أي أنزلنا عليهم مطراً له نبأ عظيم.

٤١٢

( سورة النمل الآيات ٥٩ - ٨١)

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ  آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ( ٥٩ ) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا  أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ  بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ( ٦٠ ) أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا  أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ  بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ( ٦١ ) أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ  أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ  قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ( ٦٢ ) أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ  أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ  تَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ( ٦٣ ) أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ  أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ  قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ( ٦٤ ) قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ  وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ( ٦٥ ) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ  بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا  بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ ( ٦٦ ) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ ( ٦٧ ) لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ( ٦٨ ) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ( ٦٩ ) وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ

٤١٣

وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ( ٧٠ ) وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ( ٧١ ) قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ ( ٧٢ ) وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ( ٧٣ ) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ ( ٧٤ ) وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ( ٧٥ ) إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ( ٧٦ ) وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ( ٧٧ ) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ  وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ( ٧٨ ) فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ  إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ( ٧٩ ) إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ( ٨٠ ) وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ  إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ ( ٨١ )

( بيان)

انتقال من القصص الّتي قصّها سبحانه و هي نماذج من سنّته الجارية في النوع الإنسانيّ من حيث هدايته و إراءته لهم طريق سعادتهم في الحياة و إكرامه من اهتدى منهم إلى الصراط المستقيم بالاصطفاء و عظيم الآلاء و أخذه من أشرك به و أعرض عن ذكره و مكر به بعذاب الاستئصال و أليم النكال.

إلى حمده و السلام على عباده المصطفين و تقرير أنّه هو المستحقّ للعبوديّة دون غيره ممّا يشركون ثمّ سرد الحديث في التوحيد و إثبات المعاد و ما يناسب ذلك

٤١٤

من متفرّقات المعارف الحقّة فسياق آيات السورة شبيه بما في سورة مريم من السياق على ما مرّ.

قوله تعالى: ( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ سَلامٌ عَلى‏ عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى‏ آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ) لما قصّ من قصص الأنبياء و اُممهم ما قصّ و فيها بيان سنّته الجارية في الاُمم الماضين و ما فعل بالمؤمنين منهم من الاصطفاء و مزيد الإحسان كما في الأنبياء منهم و ما فعل بالكافرين من العذاب و التدمير - و لم يفعل إلّا الخير الجميل و لا جرت سنّته إلّا على الحكمة البالغة - انتقل منها إلى أمر نبيّه بأن يحمده و يثني عليه و أن يسلّم على المصطفين من عباده و قرّر أنّه تعالى هو المتعيّن للعبادة.

فهو انتقال من القصص إلى التحميد و التسليم و التوحيد و ليس باستنتاج و إن كان في حكمه و إلّا قيل: فقل الحمد لله إلخ أو فالله خير إلخ.

فقوله:( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ) أمر بتحميده و فيه إرجاع كلّ حمد إليه تعالى لما تقرّر بالآيات السابقة أنّ مرجع كلّ خلق و تدبير إليه و هو المفيض كلّ خير بحكمته و الفاعل لكلّ جميل بقدرته.

و قوله:( وَ سَلامٌ عَلى‏ عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) معطوف على ما قبله من مقول القول و في التسليم لاُولئك العباد المصطفين نفي كلّ ما في نفس المسلّم من جهات التمانع و التضادّ لما عندهم من الهداية الإلهيّة و آثارها الجميلة - على ما يقتضيه معنى السلام - ففي الأمر بالسلام أمر ضمنيّ بالتهيّؤ لقبول ما عندهم من الهدى و آثاره فهو بوجه في معنى قوله تعالى:( أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ) الأنعام: ٩٠، فافهمه.

و قوله:( آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ) من تمام الخطاب للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و الاستفهام للتقرير و محصّل المراد أنّه إذا كان الثناء كلّه لله و هو المصطفى لعباده المصطفين فهو خير من آلهتهم الّذين يعبدونهم و لا خلق و لا تدبير لهم يحمدون عليه و لا خير بأيديهم يفيضونه على عبّادهم.

قوله تعالى: ( أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً )

٤١٥

إلى آخر الآية، الحدائق جمع حديقة و هي البستان المحدود المحوّط بالحيطان و ذات بهجة صفة حدائق، قال في مجمع البيان: ذات بهجة أي ذات منظر حسن يبتهج به من رآه و لم يقل: ذوات بهجة لأنّه أراد تأنيث الجماعة و لو أراد تأنيث الأعيان لقال: ذوات. انتهى.

و( أم ) في الآية منقطعة تفيد معنى الإضراب، و( من ) مبتدأ خبره محذوف و كذا الشقّ الآخر من الترديد و الاستفهام للتقرير و حملهم على الإقرار بالحقّ و التقدير على ما يدلّ عليه السياق بل أمن خلق السماوات و الأرض إلخ خير أم ما يشركون. و الأمر على هذا القياس في الآيات الأربع التالية.

و معنى الآية: بل أمن خلق السماوات و الأرض و أنزل لكم أي لنفعكم من السماء و هي جهة العلو ماء و هو المطر فأنبتنا به أي بذلك الماء بساتين ذات بهجة و نضارة ما كان لكم أي لا تملكون و ليس في قدرتكم أن تنبتوا شجرها أ إله آخر مع الله سبحانه و هو إنكار و توبيخ.

و في الآية التفات من الغيبة إلى الخطاب بالنسبة إلى المشركين و النكتة فيه تشديد التوبيخ بتبديل الغيبة حضوراً فإنّ مقام الآيات السابقة على هذه الآية مقام التكلّم ممّن يخاطب أحد خواصّه بحضرة من عبيده المتمرّدين المعرضين عن عبوديّته يبث إليه الشكوى و هو يسمعهم حتّى إذا تمّت الحجّة و قامت البيّنة كما في قوله:( آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ) هاج به الوجد و الأسف فتوجّه إليهم بعد الإعراض فأخذ في حملهم على الإقرار بالحقّ بذكر آية بعد آية و إنكار شركهم و توبيخهم عليه بعدولهم عنه إلى غيره و عدم علم أكثرهم و قلّة تذكّرهم مع تعاليه عن شركهم و عدم برهان منهم على ما يدّعون.

و قوله:( بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ) أي عن الحقّ إلى الباطل و عن الله سبحانه إلى غيره و قيل: أي يعدلون بالله غيره و يساوون بينهما.

و في الجملة التفات من الخطاب إلى الغيبة بالنسبة إلى المشركين و رجوع إلى خطاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و الإضراب فيه لبيان أن لا جدوى للسير في حملهم على الحقّ

٤١٦

فإنّهم عادلون عنه.

قوله تعالى: ( أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً ) إلى آخر الآية، القرار مصدر بمعنى اسم الفاعل أي القارّ المستقرّ، و الخلال جمع خلل بفتحتين و هو الفرجة بين الشيئين، و الرواسي جمع راسية و هي الثابتة و المراد بها الجبال الثابتات، و الحاجز هو المانع المتخلّل بين الشيئين.

و المعنى: بل أمن جعل الأرض مستقرّة لا تميد بكم، و جعل في فرجها الّتي في جوفها أنهاراً و جعل لها جبالاً ثابتة و جعل بين البحرين مانعاً من اختلاطهما و امتزاجهما هو خير أم ما يشركون؟ و الكلام في قوله:( أَ إِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) كالكلام في نظيره من الآية السابقة.

قوله تعالى: ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ ) المراد بإجابة المضطرّ إذا دعاه استجابة دعاء الداعين و قضاء حوائجهم و إنّما اُخذ وصف الاضطرار ليتحقّق بذلك من الداعي حقيقة الدعاء و المسألة إذ ما لم يقع الإنسان في مضيقة الاضطرار و كان في مندوحة من المطلوب لم يتمحّض منه الطلب و هو ظاهر.

ثمّ قيّده بقوله:( إِذا دَعاهُ ) للدلالة على أنّ المدعوّ يجب أن يكون هو الله سبحانه و إنّما يكون ذلك عند ما ينقطع الداعي عن عامّة الأسباب الظاهريّة و يتعلّق قلبه بربّه وحده و أمّا من تعلّق قلبه بالأسباب الظاهريّة فقط أو بالمجموع من ربّه و منها فليس يدعو ربّه و إنّما يدعو غيره.

فإذا صدق في الدعاء و كان مدعوّه ربّه وحده فإنّه تعالى يجيبه و يكشف السوء الّذي اضطرّه إلى المسألة كما قال تعالى:( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) المؤمن: ٦٠، فلم يشترط للاستجابة إلّا أن يكون هناك دعاء حقيقة و أن يكون ذلك الدعاء متعلّقاً به وحده، و قال أيضاً:( وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ ) البقرة: ١٨٦، و قد فصّلنا القول في معنى الدعاء في الجزء الثاني من الكتاب في ذيل الآية.

٤١٧

و بما مرّ من البيان يظهر فساد قول بعضهم: إنّ اللّام في( الْمُضْطَرَّ ) للجنس دون الاستغراق فكم من مضطرّ يدعو فلا يجاب فالمراد إجابة دعاء المضطرّ في الجملة لا بالجملة.

وجه الفساد أنّ مثل قوله:( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) و قوله:( فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ ) يأبى تخلّف الدعاء عن الاستجابة، و قوله: كم من مضطرّ يدعو فلا يجاب، غير مسلّم إذا كان دعاء حقيقة لله سبحانه وحده كما تقدّم بيانه.

على أنّ هناك آيات كثيرة تدلّ على أنّ الإنسان يتوجّه عند الاضطرار كركوب السفينة نحو ربّه فيدعوه بالإخلاص فيستجاب له كقوله تعالى:( وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً ) الآية يونس: ١٢، و قوله:( حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ - إلى قوله -وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) يونس: ٢٢، و كيف يتصوّر تعلّق النفس بتوجّهها الغريزي الفطريّ بأمر لا اطمئنان لها به فما قضاء الفطرة في ذلك إلّا كقضائها عند إدراك حاجتها الوجوديّة إلى من يوجدها و يدبّر أمرها أنّ هناك أمراً يرفع حاجتها و هو الله سبحانه.

فإن قلت: نحن كثيراً ما نتوسّل في حوائجنا من الأسباب الظاهريّة بما لا نقطع بفعليّة تأثيره في رفع حاجتنا و إنّما نتعلّق به رجاء أن ينفعنا إن نفع.

قلت: هذا توسّل فكريّ مبدؤه الطمع و الرجاء و هو غير التوسّل الغريزيّ الفطريّ نعم في ضمنه نوع من التوجّه الغريزيّ الفطريّ و هو التسبّب بمطلق السبب و مطلق السبب لا يتخلّف، فافهم.

و ظهر أيضاً فساد قول من قال: المراد بالمضطرّ إذا دعاه المذنب إذا استغفره فإنّ الله يغفر له و هو إجابته.

و فيه أنّ إشكال الاستغراق بحاله فما كلّ استغفار يستتبع المغفرة و لا كلّ مستغفر يغفر له. على أنّه لا دليل على تقييد إطلاق المضطرّ بالمذنب العاصي.

٤١٨

و ذكر بعضهم: أنّ الاستغراق بحاله لكن ينبغي تقييد الإجابة بالمشيّة كما وقع ذلك في قوله تعالى:( فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ ) الأنعام: ٤١.

و فيه أنّ الآية واقعة في سياق لا تصلح معه لتقييد الإجابة في آية المضطرّ و هو قوله تعالى:( قُلْ أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَ غَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ ) فالساعة من القضاء المحتوم لا يتعلّق بكشفها طلب حقيقيّ، و أمّا العذاب الإلهيّ فإن طلب كشفه بتوبة و إيمان حقيقيّ فإنّ الله يكشفه كما كشف عن قوم يونس و إن لم يكن كذلك بل احتيالاً للنجاة منه فلا لعدم كونه طلباً حقيقيّاً بل مكراً في صورة الطلب كما حكاه الله عن فرعون لما أدركه الغرق( قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) يونس: ٩١، و حكى عن أقوام آخرين أخذهم بالعذاب:( قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ ) الأنبياء: ١٥.

و بالجملة فمورد قوله:( فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ ) لما كان ممّا يمكن أن يكون الطلب فيه حقيقيّاً أو غير حقيقيّ كان من اللّازم تقييد الكشف و الإجابة فيه بالمشيّة فيكشف الله عنهم إن شاء و ذلك في مورد حقيقة الطلب و الإيمان و لا يكشف إن لم يشأ و هذا غير مورد آية المضطرّ و سائر آيات إجابة الدعوة الّذي يتضمّن حقيقة الدعاء من الله سبحانه وحده.

و قوله:( وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ ) الّذي يعطيه السياق أن يكون المراد بالخلافة الخلافة الأرضيّة الّتي جعلها الله للإنسان يتصرّف بها في الأرض و ما فيها من الخليقة كيف يشاء كما قال تعالى:( وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) البقرة: ٣٠.

و ذلك أنّ تصرّفاته الّتي يتصرّف بها في الأرض و ما فيها بخلافته اُمور مرتبطة بحياته متعلّقة بمعاشه فالسوء الّذي يوقعه موقع الاضطرار و يسأل الله كشفه لا محالة شي‏ء من الأشياء الّتي تمنعه التصرّف أو بعض التصرّف فيها و تغلق عليه باب الحياة

٤١٩

و البقاء و ما يتعلّق بذلك أو بعض أبوابها ففي كشف السوء عنه تتميم لخلافته.

و يتّضح هذا المعنى مزيد اتّضاح لو حمل الدعاء و المسألة في قوله:( إِذا دَعاهُ ) على الأعمّ من الدعاء اللسانيّ كما هو الظاهر من قوله تعالى:( وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها ) إبراهيم: ٣٤، و قوله:( يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ) الرحمن: ٢٩، إذ يكون على هذا جميع ما اُوتي الإنسان و رزقه من التصرّفات من مصاديق كشف السوء عن المضطرّ المحتاج إثر دعائه فجعله خليفة يتبع إجابة دعائه و كشف السوء الّذي اضطرّه عنه.

و قيل: المعنى و يجعلكم خلفاء من قبلكم من الاُمم في الأرض تسكنون مساكنهم و تتصرّفون فيها بعدهم هذا. و ما قدّمناه من المعنى أنسب منه للسياق.

و قيل: المعنى: و يجعلكم خلفاء من الكفّار بنزول بلادهم و طاعة الله تعالى بعد شركهم و عنادهم. و فيه أنّ الخطاب في الآية كسائر الآيات الخمس الّتي قبلها للكفّار لا للمؤمنين كما عليه بناء الوجه.

و قوله:( قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ ) خطاب توبيخيّ للكفّار و قرئ( يذكرون) بالياء للغيبة و هو أرجح لموافقته ما في ذيل سائر الآيات الخمس كقوله:( بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ) ( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) و غيرهما، فإنّ الخطاب فيها جميعاً للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطريق الالتفات كما مرّ بيانه.

قوله تعالى: ( أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ) إلخ، و المراد بظلمات البرّ و البحر ظلمات الليالي في البرّ و البحر ففيه مجاز عقليّ، و المراد بإرسال الرياح بشراً إرسالها مبشّرات بالمطر قبيل نزوله و الرحمة المطر، و الباقي ظاهر.

قوله تعالى: ( أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ ) إلخ، بدء الخلق إيجاده ابتداء لأوّل مرّة و إعادته إرجاعه إليه بالبعث و تبكيت المشركين بالبدء و الإعادة مع إنكارهم البعث كما سيذكره بقوله:( وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) إلخ، بناء على ثبوت المعاد بالأدلّة القاطعة في كلامه فاُخذ كالمسلّم ثمّ استدرك

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453