الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٥

الميزان في تفسير القرآن8%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 453

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 453 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 124167 / تحميل: 6114
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ماذا سميتموه ؟ فقلنا : سمّيناه حرباً ، فقال : لا ولكن اسمه محسن ، ثم قال : إنّي سميتهم ببني هارون : شبّر ، وشبيراً ، يقول : حسن وحسين.

الثاني من المصادر هو مسند أبي داود الطيالسي(1) ( ت 204 ه‍ ) ، فقد ورد فيه الحديث مرّة واحدة كما يلي :

حدّثنا أبو داود قال : حدّثنا قيس عن أبي إسحاق قال : سمعت هانئ بن هانئ يحدّث عن عليّ قال : لما ولد الحسن بن عليّ قلت : سمّوه حرباً ـ وقد كنت أحب أن أكتني بأبي حرب ـ فأتى رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فدعا به ، قلنا : سمّيناه حرباً ، قال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : بل هو الحسن ، فلمّا ولد الحسين سمّيناه حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : هو حسين.

وراجع منحة المعبود في ترتيب مسند أبي داود للساعاتي(2) تجد الحديث أيضاً.

الثالث من المصادر : الطبقات الكبرى لابن سعد(3) ( ت 231 ه‍ ) الطبقة الخامسة ، جاء فيه الحديث بصورتين :

1 ـ قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لمّا ولد الحسن سمّيته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ، ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ، ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو محسّن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّرا.

__________________

(1) مسند أبي داود الطيالسي 1 : 19 ، ح 129.

(2) منحة المعبود في ترتيب مسند أبي داود للساعاتي 2 : 129 ـ 130.

(3) الطبقات الكبرى لابن سعد 1 : 240.

٢١

2 ـ قال : أخبرنا الحسن بن موسى ، قال : حدّثنا زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق قال : لما ولد الحسن سمّاه عليّ حرباً ، قال : وكان يُعجبه أن يكنّى أبا حرب ، فقال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : وما سميتم ابني ؟ قالوا : حرباً ، قال : ما شأن حرب وهو حسن.

فلمّا ولد حسين سماه عليّ حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميتم ابني ؟ قالوا : حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما شأن حرب ؟ بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سمّاه حرباً ، فقال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميتم ابني ؟ قالوا : حرباً ، فقال : ما شأن حرب هو محسِن أو محسّن.

الرابع من المصادر هو مسند أحمد بن حنبل(1) ( ت241 ه‍ ) ، فقد ورد فيه الحديث كما يلي :

حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، حدّثنا يحيى بن آدم ، حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميته ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميته ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميته ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر.

وأورده مرّة ثانية وثالثة(2) بسند آخر ، وتفاوت في اللفظ وإليك نصّه :

حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، حدّثنا حجاج ، حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين قال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد

__________________

(1) مسند أحمد بن حنبل 1 : 98.

(2) المصدر نفسه 1 : 118.

٢٢

الثالث جاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر.

وأخرجه عن أحمد الديار بكري في تاريخ الخميس ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب(1) ، وأخرجه أحمد أيضاً في كتاب الفضائل كما في ( الحسين والسنة )(2) .

والغريب أنّ من الشيعة من أخرج ذلك دون التنبيه إلى ما فيه من خفايا البلايا ، كما مرّ في ذكر المصادر الشيعية التي تسرّب إليها الحديث.

الخامس من المصادر هو الأدب المفرد للبخاري(3) ( ت 256 ه‍ ) ، جاء فيه الحديث بصورة واحدة :

حدّثنا أبو نعيم ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسنرضي‌الله‌عنه سميته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسن.

فلما ولد الحسينرضي‌الله‌عنه سميته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث سميته حرباًَ ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : إنّي سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر.

وعقّب المحقق على ذلك فقال : ليس في شيء من الكتب الستة ، وجاء في كتاب فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد(4) ، تأليف فضل الله الجيلاني استاذ في الجامعة العثمانية ما يلي : أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب من طريقين

__________________

(1) تاريخ الخميس 1 : 418 , كفايه الطالب : 352.

(2) الحسين والسنة : 15.

(3) الأدب المفرد للبخاري : 213.

(4) فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد تأليف فضل الله الجيلاني 2 : 288.

٢٣

كلاهما عن إسرائيل إلى آخره ، والحاكم وقال : صحيح الاسناد ، وأحمد ، وقال الحافظ في الإصابة : إسناده صحيح.

السادس من المصادر هو أنساب الأشراف للبلاذري(1) ( ت 279 ه‍ ) ، فقد جاء فيه :

حدّثني أبو عمرو الزيادي ، حدّثنا عبد الله بن رجاء ، حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق أنّ علياً قال : لمّا ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، فقال : هو الحسن ، فلمّا ولد الحسين سميناه حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، فقال : هو الحسين ، فلما ولد الثالث جاء فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً قال : هو محسن ، إنّما سميتهم بأسماء ولد هارون شبر شبير ومشبر.

حدّثنا عبد الله بن صالح ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق بنحوه ، ورواه أيضاً بسندٍ آخر عن ابن سعد ، ذكره في ترجمة الحسينعليه‌السلام (2) .

السابع من المصادر هو المعجم الكبير للطبراني(3) ( ت 360 ه‍ ) ، جاء فيه الحديث بخمسة أسانيد :

1 ـ حدّثنا عثمان بن عمر الضبّي ، حدّثنا عبد الله بن رجاء ، أخبرنا إسرائيل ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين سميناه حرباً ، فأتى رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : ائتوني بابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بولد هارون شبر وشبير ومشبّر.

__________________

(1) أنساب الأشراف للبلاذري 1 : 404.

(2) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام 3 : 144.

(3) المعجم الكبير للطبراني 3 : 100 ـ 101.

٢٤

2 ـ حدّثنا محمّد بن يحيى بن سهل بن محمّد العسكري ، ثنا سهل بن عثمان ، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن ابن عليّرضي‌الله‌عنه جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سمّيتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين بن عليّرضي‌الله‌عنه جاء فقال مثل قوله ، فقلت : سميته حرباً ، فقال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث جاء فقال مثل قوله ، فقلت : سميته حرباً ، فقال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بولد هارون شبر وشبير ومشبر.

3 ـ حدّثنا محمّد بن أبان الأصبهاني ، حدّثنا إسماعيل بن عمرو البجلي ، ثنا قيس بن الربيع ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : كنت أحبّ أن أكتني بأبي حرب ، فلمّا ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : ما سميتم ؟ فقلت : سميته حرباً ، فقال : هو الحسن.

4 ـ حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا أبو كريب ، ثنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فقال لي : لا ولكن سمّه حسناً ، ثم ولد الحسين فسميته حرباً ، فقال لي رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميته ؟ فقلت : حرباً ، قال : بل سمّه حسيناً ، ثم ولد آخر فسميته حرباً ، فقال( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميته ؟ قلت : حرباً ، قال : سمّه محسناً.

5 ـ حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان ، ثنا يحيى بن عيسى الرملي التميمي ، ثنا الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد قال : قال عليّرضي‌الله‌عنه : كنت رجلاً أحب الحرب ، فلمّا ولد الحسن هممت أن أسميه حرباً ، فسمّاه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الحسن ، فلما ولد الحسين هممت أن أسميه حرباً فسمّاه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الحسين ، وقال( صلّى الله عليه وسلّم ) : إنّي سميت إبنيّ هذين باسم إبني هارون شبراً وشبيراً.

الثامن من المصادر هو المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري(1) ( ت 405 ه‍ ) ، جاء فيه بصورتين :

__________________

(1) المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري 3 : 165.

٢٥

1 ـ أخبرنا أبو العباس محمّد بن أحمد المحبوبي بمرو ، ثنا سعيد بن مسعود ، ثنا عبيد الله بن يونس ، أنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولدت فاطمة الحسن جاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسن.

فلمّا ولدت الحسين جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) قال : أروني ابني ما سمّيتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسين ، ثم ولدت الثالث جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) قال : أروني ابني ما سمّيتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : إنّما سميتهم باسم ولد هارون شبر وشبير ومشبر.

وعقّب الحاكم على الحديث بقوله : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ، وتبعه الذهبي في التلخيص ، فذكر الحديث مبتدءاً بالسند من هانئ بن هانئ ثم قال في آخره : صحيح ، رواه إسرائيل عن جدّه.

ثم إنّ الحاكم أخرج الحديث مرّة ثانية(1) كما يلي :

2 ـ حدّثنا أبو الحسن عليّ بن محمّد الشيباني بالكوفة ، حدّثنا إبراهيم بن إسحاق الزهري ، ثنا جعفر بن عون ، ثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لما أن ولد الحسن سميته حرباً ، فقال لي النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو الحسن ، فلمّا ولد الحسين سميته حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : هو الحسين ، فلما ولد محسن قال : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال هو محسن ، ثم قال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : إنّي سمّيت بَنيّ هؤلاء بتسمية هارون بنيه شبّراً وشبيراً ومشبّراً.

وعقّب الحاكم على الحديث بقوله : هذا الحديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ، وذكره الذهبي في التلخيص مختصراً وعقب بقوله : قلت مرّ من حديث إسرائيل.

__________________

(1) المصدر نفسه 3 : 168.

٢٦

التاسع من المصادر هو السنن الكبرى للبيهقي(1) ( ت 458 ه‍ ) ، جاء فيه :

أخبرنا أبو عليّ الروذباريّ ، أنبأ عبد الله بن عمر بن أحمد بن شوذب المقري بواسط ، أنبأ شعيب بن أيوب ، ثنا عبيد بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لمّا ولد الحسن سمّيته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسن.

ثم ولد الحسين فسميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ماسميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر.

ثم قال البيهقي : رواه يونس بن أبي إسحاق عن أبيه ، وقال في الحديث : إنّي سميت بَنيّ هؤلاء بتسمية هارون بنيه ، وروي في هذا المعنى أخبار كثيرة.

وجاء فيه أيضاً(2) : أخبرنا عليّ بن أحمد بن عبدان ، أنبأ أحمد بن عبيد ، ثنا عثمان بن عمر ، ثنا ابن رجا ، ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، ح ( حيلولة ) وحدّثنا أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو الحسن عليّ بن محمّد الشيباني بالكوفة ، ثم ساق الحديث سنداً ومتناً كما مرّ في الحديث الثاني عند الحاكم في المستدرك حرفاً بحرف ، ثم عقّب البيهقي بقوله : لفظ حديث يونس ، وفي رواية إسرائيل : أروني ابني ما سميتموه ؟ والباقي بمعناه.

العاشر من المصادر هوتاريخ دمشق لابن عساكر ( ت 571 ه‍ ) ، ( ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام بتحقيق المحمودي )(3) جاء الحديث فيه بثلاث صور :

__________________

(1) السنن الكبرى للبيهقي 6 : 163.

(2) المصدر نفسه 7 : 63.

(3) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام من تاريخ دمشق : 17 ـ 18.

٢٧

1 ـ أخبرنا أبو العز بن كادش ، أخبرنا أبو محمّد الجوهري ، أخبرنا عليّ بن محمّد بن أحمد ابن نصير ، أخبرنا جعفر بن محمّد بن عتيب ، أخبرنا محمّد بن خالد بن خداش ، أخبرنا سالم بن قتيبة ، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : هو الحسن.

فلما ولد الحسين سميته حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : هو الحسين ، فلما ولد محسن سميته حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : فهو محسن ، ثم قال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : إنّي سميت بَنيّ هؤلاء تسمية هارون بنيه شبراً وشبيراً ومشبراً.

2 ـ أخبرنا أبو غالب ابن البناء ، أخبرنا أبو الحسين ابن الآبنوس ، أخبرنا أبو الحسن الدارقطني ، أخبرنا محمّد بن القاسم بن زكريا ، أخبرنا أبو كريب ، أخبرنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، أنّه حدّثه عن عليّ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فقال لي رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميته ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : لا ولكن اسمه حسن ، ثم ولد لي الحسين سميته حرباً ، فقال لي رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميته ؟ قلت : سميته حرباً ، فقال : لا اسمه حسين ، ثم ولد لي فقال : ما سميته ؟ قلت : سميته حرباً ، فقال : لا اسمه محسن.

قال الدارقطني : تفرد به إبراهيم بن يوسف عن أبيه.

3 ـ أخبرنا أبو عليّ بن السبط ، أخبرنا أبو محمّد الجوهري ، وأخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أخبرنا أبو عليّ ابن المذهب ، قالا : أخبرنا أحمد بن جعفر ، أخبرنا عبد الله ، حدّثني أبي ، أخبرنا يحيى بن آدم ، أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسن.

٢٨

فلما ولد الحسين سمّاه حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سمّيته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر شبير مشبر.

الحادي عشر من المصادر هو أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير(1) ( ت 630 ه‍ ) ، جاء فيه في ترجمة الحسن :

قال عليّ بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه : لما ولد الحسن جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلما ولد الحسين سمّيناه حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث جاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر.

وجاء أيضاً ثانياً(2) ذكر الحديث الآنف الذكر في ترجمة الحسين مع ذكر اسناده المنتهي إلى أحمد بن حنبل ، وحيث تقدّم في المصدر الثالث فلا حاجة إلى إعادته.

وجاء فيه أيضاً(3) في ترجمة المحسن اعادة الحديث بنفس السند السابق.

الثاني عشر من المصادر هو ( مجمع الزوائد )(4) للهيثمي ( ت 807 ه‍ ) ، جاء فيه ذكر الحديث المروي عن هانئ بن هانئ ، ثم قال الهيثمي : رواه أحمد والبزار إلاّ أنّه قال : سميتهم بأسماء ولد هارون جبر وجبير ومجبّر. والطبراني ، ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح غير هانئ بن هانئ ، وهو ثقة.

__________________

(1) اُسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير 2 : 10 ـ 18.

(2) المصدر نفسه 2 : 18.

(3) المصدر نفسه 4 : 308.

(4) مجمع الزوائد للهيثمي 8 : 52.

٢٩

ثم ورد في المصدر المذكور الحديث الآخر : وعنه ـ عن عليّ ـ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، وكنت أحب أن أكتني بأبي حرب ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فحنكه ، فقال : ما سميتم ابني ؟ فقلنا : حرباً ، فقال : هو الحسن ، ثم ولد الحسين فسميته حرباً ، فأتى النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فحنكه فقال : ما سميتم ابني ؟ فقلنا : حرباً ، فقال : هو الحسين.

ثم قال الهيثمي : رواه البزار والطبراني بنحوه بأسانيد ، ورجال أحدهما رجال الصحيح.

الثالث عشر من المصادر هو عيون الأخبار وفنون الآثار(1) للداعي المطلق إدريس عماد الدين القرشي ( ت 872 ه‍ ) ، جاء فيه ما لفظه :

وروي عن أبي غسان بإسناده عن عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : لما ولد الحسن بن عليّ سمته أمّه حرباً ، فجاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : لا بل هو حسن.

فلما ولد الحسين سمته أمّه أيضاً حرباً ، فجاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : لا بل هو حسين ، فلمّا ولد محسن سمّته أمه حرباً ، فجاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : لا ، بل هو محسن ، ثم قال : إنّي سميتهم بأسماء أولاد هارون شبر وشبير ومشبر.

وعقّب المؤلف على ذلك بقوله : ومن هذه الرواية دليل على أنّ محسن ولد على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأشهر الذي عليه الإجماع أيضاً أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سمّاه وهو في بطن فاطمة ، وأنّها أسقطته حين راعها عمر بن الخطاب ودفع على بطنها الباب ، والله أعلم بالصواب.

تعقيب على صور الحديث :

هذه نماذج من صور الحديث في مختلف المصادر ، وهي من الأمهات التي يرجع إليها المتأخرون وعنها يأخذون ، وحسب القارئ هذه المصادر الإثنى عشر

__________________

(1) عيون الأخبار وفنون الآثار 4 : 6.

٣٠

فهي تُغني عن غيرها ، ولنعد الآن إلى صور الحديث فنُلقي عليها نظرة فاحصة ، لنعرف مدى التفاوت الذي حصل بين ما جاء في أقدم مصدر ، وبين ما جاء بعده ، مع العلم بأنّ الحديث واحد ، وراويه الأول واحد ، ثم الذي رواه عنه أيضاً هو واحد ، فلماذا نجدُ التفاوت ؟

ومهما كان ذلك لفظياً أو بسيطاً ، فهو بالتالي يكشف عن عدم الدقة في النقل ، ويورث ذلك عدم الثقة بالناقل ، وبالتالي إلى عدم اعتبار الحديث ، فخذ أمثلة على ذلك :

1 ـ جاء في ثاني المصادر وهو كتاب ( مسند الطيالسي ) فقد روى حديث أبي إسحاق بن يحيى ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ ، وقد ورد فيه أنّ علياً كان يحب أن يكتنى بأبي حرب فسمّى ولده حرباً ، فغيّره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسمّاه حسناً ، ثم ولد الحسين سماه عليّ حرباً وغيّره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسمّاه حسيناً.

وإلى هنا انتهى الحديث ولم يأت عن ولادة الثالث شيئاً ، ولا عن تسمية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لهما باسم ابني هارون ، بينما نجد نفس الحديث بنفس السند في المصادر التالية فيه نقص وفيه زيادة ، ففي بعضها ليس فيه ذكر لمحبة عليّ أن يكتني بأبي حرب ، بينما فيه زيادة ذكر ولادة المحسن وأنّ علياً سمّاه حرباً ، فغيّره النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) وسمّاه المحسن ، مضافاً إلى زيادة قوله( صلّى الله عليه وسلّم ) : سميتهم بأسماء ولد هارون الخ. فمن أين جاءت تلك الزيادة ؟ ولماذا طرأ ذلك النقصان ، فاختفت محبة عليّ أن يكتنى بأبي حرب !!

2 ـ وخذ مثالاً ثانياً ما جاء في الحديث الثاني الذي رواه ابن سعد في الطبقات ، وهو الثالث في سُلّم المصادر ، تجد الحديث يرويه أبو إسحاق مرسلاً ليس فيه ذكر عمّن أخذه ، وفيه تجد حبّ عليّ أن يكتني بأبي حرب ، وفيه زيادة أخرى هي قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كل ولادة : ( ما شأن حرب وهو حسن ) ( ما شأن حرب وهو حسين ) ( ما شأن حرب وهو محسن أو محسّن ) [ بالتشديد ] وهذه الزيادة

٣١

الأخيرة لم ترد إلاّ في حديث أبي إسحاق المرسل الذي أخرجه ابن سعد في الطبقات ، ولم ترد في بقية المصادر التي أوردت الحديث.

3 ـ وخذ مثالاً ثالثاً حديث هانئ بن هانئ عن عليّ ، وقارن بين ألفاظه في مختلف مصادره تقف على التفاوت فيها ، ولابدّ لنا من الإشارة إلى أنّ هانئ بن هانئ الذي حدّث عن عليّعليه‌السلام لم يروِ عنه غير أبي إسحاق ، كما سيأتي بيان ذلك.

فهذا التفاوت والاختلاف إما أن يكون منه أو من أبي إسحاق ، وفي كلتا الحالتين يتطرق الريب إلى صدقهما في النقل ، أما الحمل على رجال السند من بعد أبي إسحاق حتى أصحاب المصادر ربّما كان فيه تجنٍ عليهم ، لأنّهم رووا ما سمعوا ، وإن كانت المؤاخذة قد ترد عليهم حين رووا ذلك على ما فيه من تفاوتٍ وتهافت.

4 ـ وخذ مثالاً رابعاً ما جاء في المصدر الثاني عشر ، ففيه مضافاً إلى إرساله أنّ الذي سمّى الأبناء بحرب هي أمهم فاطمةعليها‌السلام ، وهذا بخلاف ما مرّ أنّ علياًعليه‌السلام هو الذي سمى أو أحبّ أن يسمّي ، فجميع هذه الملاحظات تسقط الحديث المذكور عن الاعتبار.

والآن لنقرأ شيئاً عن الرواة لنعرف وزنهم في ميزان الجرح والتعديل.

٣٢
٣٣

الفصل الثاني

البحث عن رجال الاسناد

ولنبدأ بهم حسب ذكرهم في المصادر ، فرجال الحديث فيالمصدر الأول ـ وهو سيرة ابن إسحاق ـ قال : أنا ( أخبرنا ) يونس ، عن يونس بن عمرو ، عن أبيه ، عن هانئ بن هانئ.

فيونس الأول هو : ابن بكير ، قال الآجري عن أبي داود : ليس هو عندي بحجة ، كان يأخذ ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث ، ومع ذلك قالوا عنه : كان صدوقاً إلاّ أنّه كان يتبع السلطان ، وكان مرجّئاً ، ومع ذلك روى له مسلم متابعة !!

ويونس الثاني هو : ابن عمرو ـ أبي إسحاق ـ السبيعي روى عن أبيه ، وقد أثنوا عليه في كتب الرجال ، ومن الثناء عليه : كان يقدم عثمان على عليّ ، ولعل ذلك هو سبب قول أبي حاتم : صدوق لا يحتج به ( خلاصة تهذيب الكمال ).

وفي المصدر الثاني : وهو ( مسند أبي داود الطيالسي ) : حدّثنا قيس ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّعليه‌السلام .

فأما قيس ـ شيخ أبي داود ـ فقد قال هو نفسه عنه : ما أخرجت له إلاّ ثلاثة أحاديث ، حدّث بأحاديث عن منصور هي عن عبيدة ، وأحاديث عن مغيرة هي

٣٤

عن فراس ، وقال أحمد : روى أحاديث منكرة ، وكان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن قيس ، وكان ابن معين يقول عنه : ليس بشيء ، وقال : ضعيف الحديث لا يساوي شيئاً(1) .

أما باقي رجال السند فستأتي حالهم عند ذكر المصادر التالية حسب تسلسلها.

وفي المصدر الثالث : وهو الطبقات الكبرى فقد روى ابن سعد عن عبيد الله بن موسى ، قالوا عنه : ثقة يتشيع ، عن إسرائيل بن يونس : ثقة تكلّم فيه بلا حجة ، عن أبي إسحاق السبيعي ثقة عابد اختلط بآخره ، عن هانئ بن هانئ الهمداني الكوفي ، قال ابن المديني : مجهول ، وقال الشافعي : لا يُعرف ، وأهل العلم لا ينسبون حديثه لجهالة حاله(2) .

وقال ابن سعد في الطبقات(3) : كان يتشيع وهو منكر الحديث.

وقال الذهبي(4) : ليس بالمعروف ، وقد ورد ذكره في كتب الرجال الشيعية ، ولم يذكر فيه مدح ، نعم روي أنّه كان من آخر رسل أهل الكوفة إلى الحسينعليه‌السلام ، هو وسعيد بن عبد الله الحنفي يطلبون منه القدوم عليهم ، وأنّهم ينتظرونه ولا رأي لهم في غيره ، فأجابهمعليه‌السلام وأرسل الجواب مع الرسولين المذكورين ، كما ذكر ذلك الشيخ المفيد في الإرشاد(5) ، والطبري(6) وغيره ذكروا مثل ذلك.

__________________

(1) تهذيب التهذيب 8 : 393.

(2) المصدر نفسه 11 : 12.

(3) طبقات ابن سعد 6 : 155.

(4) المغني في الضعفاء 2 : 707.

(5) الارشاد : 203.

(6) تاريخ الطبري 6 : 198.

٣٥

ولدى التحقيق في أسماء شهداء الطف لم أقف على ذكر لهانئ بن هانئ المذكور بينهم ، بينما ورد اسم سعيد بن عبد الله الحنفي في عداد الشهداء ، وكان من المفترض فيه أن يكون كزميله الحنفي ولم يذكر أنه كذلك ، ونكتفي بهذا عنه ، ويتضح أنّ الرجل مجهول الحال أو مجروح ، ومَن وثقه لا يقوم بحجة ترفع أقوال الجارحين من أئمة الفن.

وقد قال ابن عبد البر في الاستقصاء ( ترجمة رقم 2182 ) : كل مَن لم يرو عنه إلاّ رجل واحد لا يعرف إلاّ بذلك ، فهو مجهول عندهم لا تقوم به حجة.

فتبيّن أنّ الحديث بهذا السند الضعيف لا يصح أن يحتج به.

أما الحديث الثاني في الطبقات فهو عن الحسن بن موسى ، وهو الأشيب أبو عليّ البغدادي ثقة ، عن زهير بن معاوية أبو خيثمة ثقة ثبت وسماعه عن أبي إسحاق بآخرة ، وقد تقدم أن أبا إسحاق اختلط بآخرة فلاحظ ذلك ، فالحديث مضاف إلى إرساله إذ لم يدرك أبو إسحاق الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ليروي عنه ، فأبو إسحاق في هذا إما مرسِل أو مدلِّس ، لأنّه روى الحديث كما مرّ بالسند الأول عن هانئ بن هانئ وهو هنا لم يذكره.

أما أسانيد المصادر الباقية فحيث أنّها تنتهي إلى إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ ، وقد عرفنا حال هؤلاء ، فلا حاجة إلى بسط القول في الرجال الّذين رووا الحديث عن إسرائيل ، يبقى لنا و قفة عابرة مع أولئك الّذين اهتموا بتصحيح الاسناد كالبزار والحاكم والهيثمي وغيرهم ممّن سبقت الإشارة إلى أقوالهم ، فإنّ حجتهم ـ الواهية ـ أنّ رجال بعض أسانيده هم رجال الصحيح ، كما مرّ عن رجال أحمد والبزار وحكاه الهيثمي. وكأنّ الصحيح عندهم هو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

وأسفي على تلك الجهود المضاعة لإثبات أنّ صحيح البخاري هو أصح كتاب بعد كتاب الله ، مع كثرة ما فيه من هنات وهفوات ، وما أخذ عليه وفيه من مؤاخذات ، يعرفها أولئك المخرفون قبل غيرهم.

٣٦

ومهما يكن حالهم فلسنا بصددهم ، وإنّما الذي يهمنا أن نقوله : إنّ جميع الأسانيد في الحديث في جميع المصادر تنتهي إلى أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ ، ومرّت بنا كلمة الشافعي وغيره ، فلا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يحتج بالحديث المذكور ، وكذلك بالنسبة إلى الحديث الثاني الذي رواه أبو إسحاق مرسلاً.

بقى هنا شيء يجب أن ننبه عليه ، هو ما جاء مرسلاً عن سالم بن أبي الجعد ، قال عليّ : كنت رجلاً أحبّ الحرب ، فلما ولد الحسن هممت أن أسميه حرباً ، فسمّاه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الحسن ، قال : فلما ولد الحسين فهممت أن أسميه حرباً لأنّي كنت أحبّ الحرب ، وسماه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الحسين ، وقال : إنّي سميت ابنيّ هذين باسمي ابني هارون شبراً وشبيراً.

وهذا الحديث أخرجه ابن سعد في الطبقات(1) ، والهيثمي في مجمع الزوائد(2) ، والطبراني في المعجم الكبير(3) ، ولمّا كان مرسلاً فلا حاجة إلى عطف النظر إلى رجال السند فيه.

كما لا حاجة إلى البحث عن أبي غسان الراوي للحديث مرسلاً عن عليّعليه‌السلام كما في المصدر الثاني عشر ، فلا تغني معرفة حاله ، مع جهالة الراوي عنهم من رجاله ، وهذا هو المصدر الوحيد الذي ذكرته وصاحبه من غير أهل السنة ، كما أنّه ليس من الشيعة الإمامية ، بل هو من الإسماعيلية ، وإنّما ذكرته للتنبيه على تسرّب حديث الاكتناء بأبي حرب في التراث الإسلامي ، دون الالتفات إلى ما فيه من هناة.

__________________

(1) طبقات ابن سعد : 239.

(2) مجمع الزوائد 8 : 52.

(3) المعجم الكبير 3 : 97.

٣٧

الفصل الثالث

البحث عن متن الحديث

والبحث في هذا المجال يكون من خلال ست نقاط على النحو التالي :

النقطة الأولى : وفيها تحقيق المراد من اسم حرب ، فهل هو اسم المعنى الوصفي ؟ أم اسم العلم الشخصي ؟ وما المراد منهما في الحديث.

النقطة الثانية : هل كان اسم حرب من الأسماء المبغوضة أم المحبوبة ؟

النقطة الثالثة : ماذا كان يعني إصرار الإمام ـ إن صدقت الأحلام ـ في تسمية أبنائه بحرب اسم المعنى الوصفي ، أم اسم العلم الشخصي ؟

النقطة الرابعة : ما هي الدوافع المغرية في شخصية حرب اسم العلم الشخصي ؟ بدءاً من آبائه ، ومروراً به ، وانتهاءاً بأبنائه ؟

النقطة الخامسة : في كنى الإمام وما هي أحبّ كناه إليه ؟

النقطة السادسة : وأخيراً ماذا وراء الأكمة من تعتيم وظلمة لتضليل الأمة ؟

٣٨
٣٩

النقطة الأولى

في تحقيق المراد من اسم حرب

النقطة الأولى : في تحقيق المراد من اسم حرب وهل هو اسم المعنى ؟ أم اسم العلم ؟ ومن المراد منهما في الحديث ؟

إذا رجعنا إلى المصدر الأول والحديث الثالث من المصدر الخامس ، وجدنا قول الإمام ـ فيما نسب إليه ـ : « وقد كنت أحبّ أن أكتني بأبي حرب » وفي مرسل أبي إسحاق كما في المصدر الثاني نقرأ قول أبي إسحاق : « وكان يعجبه أن يكنّى أبا حرب » ، أما في مرسل سالم بن أبي جعد نقرأ قول الإمام : « كنت رجلاً أحبّ الحرب ».

ومهما أغضينا النظر عن الاختلاف في معاني الكلمات الثلاث ، فإنّ هذا إن دل على شيء فيدلّ على أنّ المراد بحرب هو اسم المعنى الوصفي ، ولعله إستناداً إلى ذلك ذهب العقّاد ـ وربما غيره أيضاً ـ إلى أنّ المراد من حب الإمام أن يكتني بأبي حرب ؛ لأنّه رجل شجاع يحب الحرب ، فلنقرأ ما يقوله العقّاد ، وهو يتحدث عن سيرة الإمام مع بنيه ، بعد أن حكى قول الإمام في حق الوالد على الولد ، وحق الولد على الوالد وهو : ( أن يحسّن اسمه ، ويحسّن أدبه ، ويعلّمه القرآن ).

قال العقّاد : ومن إحسان التسمية أنّه همّ بتسمية ابنه حرباً ، لأنّه يرشحه للجهاد وهو أشرف صناعاته ، لولا أنّ رسول الله سمّاه الحسن وهو أحسن ، فجرى على

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

و ههنا وجه آخر مستفاد من الإمعان في سياق الآيات السابقة فإنّ الله سبحانه أمر فيها نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يتوكّل عليه و يرجع أمر المشركين و بني إسرائيل إليه فإنّه إنّما يستطيع هداية المؤمنين بآياته المستسلمين للحقّ و أمّا المشركون في جحودهم و بنو إسرائيل في اختلافهم فإنّهم موتى لا يسمعون و صمّ عمي لا يسمعون و لا يهتدون إلى الحقّ بالنظر في آيات السماء و الأرض و الاعتبار بها باختيار منهم.

ثمّ ذكر ما سيواجههم به - و حالهم هذه الحال لا يؤثّر فيهم الآيات - و أنّه سيخرج لهم دابّة من الأرض تكلّمهم و هي آية خارقة تضطرّهم إلى قبول الحقّ و أنّه يحشر من كلّ اُمّة فوجاً من المكذّبين فيتمّ عليهم الحجّة، و بالآخرة هو خبير بأفعالهم سيجزي من جاء بحسنة أو سيّئة بعمله يوم ينفخ في الصور ففزعوا و أتوه داخرين.

و بالتأمّل في هذا السياق يظهر أنّ الأنسب كون( يَوْمَ يُنْفَخُ ) ظرفاً لقوله:( إنّه خبير بما يفعلون) و قراءة( يفعلون) بياء الغيبة أرجح من القراءة المتداولة على الخطاب.

و المعنى: و إنّه تعالى خبير بما يفعله أهل السماوات و الأرض يوم ينفخ في الصور و يأتونه داخرين يجزي من جاء بالحسنة بخير منها و من جاء بالسيّئة بكبّ وجوههم في النار كلّ مجزيّ بعمله، و على هذا تكون الآية في معنى قوله تعالى:( أَ فَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ وَ حُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ) العاديات: ١١، و قوله:( يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى‏ عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْ‏ءٌ ) المؤمن: ١٦، و يكون قوله:( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ ) إلخ، تفصيلاً لقوله:( إنّه خبير بما يفعلون) من حيث لازم الخبرة و هو الجزاء بما فعل و عمل كما أشار إليه ذيلاً بقوله:( هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) و الالتفات من الغيبة إلى الخطاب في قوله:( هَلْ تُجْزَوْنَ ) إلخ، لتشديد التقريع و التأنيب.

و في الآية أعني قوله:( وَ تَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ ) إلخ، قولان آخران:

٤٤١

أحدهما: حملها على الحركة الجوهريّة و أنّ الأشياء كالجبال تتحرّك بجوهرها إلى غاية وجودها و هي حشرها و رجوعها إلى الله سبحانه.

و هذا المعنى أنسب بالنظر إلى ما في قوله:( تَحْسَبُها جامِدَةً ) من التلويح إلى أنّها اليوم متحرّكة و لما تقم القيامة، و أمّا جعل يوم القيامة ظرفاً لحسبان الجمود و للمرور كالسحاب جميعاً فممّا لا يلتفت إليه.

و ثانيهما: حملها على حركة الأرض الانتقاليّة و هو بالنظر إلى الآية في نفسها معنى جيّد إلّا أنّه أوّلاً: يوجب انقطاع الآية عمّا قبلها و ما بعدها من آيات القيامة و ثانياً: ينقطع بذلك اتّصال قوله:( إنّه خبير بما يفعلون) بما قبله.

قوله تعالى: ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) هذه الآية و ما بعدها - كما تقدّمت الإشارة إليه - تفصيل لقوله:( إنّه خبير بما يفعلون) من حيث أثره الّذي هو الجزاء و المراد بقوله:( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ) أنّ له جزاء هو خير ممّا جاء به من الحسنة و ذلك لأنّ العمل أيّاً مّا كان مقدّمة للجزاء مقصود لأجله و الغرض و الغاية على أيّ حال أفضل من المقدّمة.

و قوله:( وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) ظاهر السياق أنّ هذا الفزع هو الفزع بعد نفخ الصور الثاني دون الأوّل فيكون في معنى قوله:( لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) الأنبياء: ١٠٣.

قوله تعالى: ( وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) يقال: كبّه على وجهه فانكبّ أي ألقاه على وجهه فوقع عليه فنسبة الكبّ إلى وجوههم من المجاز العقليّ و الأصل فكبّوا على وجوههم.

و قوله:( هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) الاستفهام للإنكار، و المعنى ليس جزاؤكم هذا إلّا نفس العمل الّذي عملتموه ظهر لكم فلزمكم فلا ظلم في الجزاء و لا جور في الحكم.

و الآيتان في مقام بيان ما في طبع الحسنة و السيّئة من الجزاء ففيهما حكم من جاء بالحسنة فقط و من أحاطت به الخطيئة و استغرقته السيّئة و أمّا من حمل حسنة

٤٤٢

و سيّئة فيعلم بذلك حكمه إجمالاً و أمّا التفصيل ففي غير هذا الموضع.

قوله تعالى: ( إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَ لَهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ ) الآيات الثلاث - من هنا إلى آخر السورة - ختام السورة يبيّن فيها أنّ هذه الدعوة الحقّة تبشير و إنذار فيه إتمام للحجّة من غير أن يرجع إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أمرهم شي‏ء و إنّما الأمر إلى الله و سيريهم آياته فيعرفونها ليس بغافل عن أعمالهم.

و في قوله:( إِنَّما أُمِرْتُ ) إلخ، تكلّم عن لسان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو في معنى: قل إنّما اُمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة، و المشار إليها بهذه الإشارة مكّة المشرّفة، و في الكلام تشريفها من وجهين: إضافة الربّ إليها، و توصيفها بالحرمة حيث قال: ربّ هذه البلدة الّذي حرّمها. و فيه تعريض لهم حيث كفروا بهذه النعمة نعمة حرمة بلدتهم و لم يشكروا الله بعبادته بل عدلوا إلى عبادة الأصنام.

و قوله:( وَ لَهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ ) إشارة إلى سعة ملكه تعالى دفعاً لما يمكن أن يتوهّم أنّه إنّما يملك مكّة الّتي هو ربّها فيكون حاله حال سائر الأصنام يملك الواحد منها على عقيدتهم جزءً من أجزاء العالم كالسماء و الأرض و بلدة كذا و قوم كذا و اُسرة كذا، فيكون تعالى معبوداً كأحد الآلهة واقعاً في صفّهم و في عرضهم.

و قوله:( وَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) أي من الّذين أسلموا له فيما أراد و لا يريد إلّا ما يهدي إليه الخلقة و يهتف به الفطرة و هو الدين الحنيف الفطريّ الّذي هو ملّة إبراهيم.

قوله تعالى: ( وَ أَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى‏ فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ ) معطوف على قوله:( أَنْ أَعْبُدَ ) أي اُمرت أن أقرأ القرآن و المراد تلاوته عليهم بدليل تفريع قوله:( فَمَنِ اهْتَدى‏ ) إلخ، عليه.

و قوله:( فَمَنِ اهْتَدى‏ فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ) أي فمن اهتدى بهذا القرآن

٤٤٣

فالّذي ينتفع به هو نفسه و لا يعود نفعه إليّ.

و قوله:( وَ مَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ ) أي و من لم يهتد به بالإعراض عن ذكر ربّه و هو الضلال فعليه ضلاله و وبال كفره لا عليّ لأنّي لست إلّا منذراً مأموراً بذلك و لست عليه وكيلاً و الله هو الوكيل عليه.

فالعدول عن مثل قولنا: و من ضلّ فإنّما أنا من المنذرين و هو الّذي كان يقتضيه الظاهر إلى قوله:( فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ ) لتذكيرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما تقدّم من العهد إليه أنّه ليس إلّا منذراً و ليس إليه من أمرهم شي‏ء فعليه أن يتوكّل على ربّه و يرجع أمرهم إليه كما قال:( فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) إلخ، فكأنّه قيل: و من ضلّ فقل له قد سمعت أنّ ربّي لم يجعل علي إلّا الإنذار فلست بمسؤل عن ضلال من ضلّ.

قوله تعالى: ( وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) معطوف على قوله:( فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ ) و فيه انعطاف إلى ما ذكره بعد أمر نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالتوكّل عليه في أمرهم من أنّه سيجعل للمشركين عاقبة سوء و يقضي بين بني إسرائيل فيما اختلفوا فيه و يريهم من آياته ما يضطرّون إلى تصديقه ثمّ يجزيهم بأعمالهم.

و محصّل المعنى: و قل الثناء الجميل لله تعالى فيما يجريه في ملكه حيث دعي الناس إلى ما فيه خيرهم و سعادتهم و هدى الّذين آمنوا بآياته و أسلموا له و أمّا المكذّبون فأمات قلوبهم و أصمّ آذانهم و أعمى أبصارهم فضلّوا و كذّبوا بآياته.

و قوله:( سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها ) إشارة إلى ما تقدّم من قوله:( وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ ) و ما بعده، و ظهور قوله:( آياتِهِ ) في العموم دليل على شموله لجميع الآيات الّتي تضطرّهم إلى قبول الحقّ ممّا يظهر لهم قبل قيام الساعة و بعده.

و قوله:( وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) الخطاب للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و هو بمنزلة

٤٤٤

التعليل لما تقدّمه أي إنّ أعمالكم معاشر العباد بعين ربّك فلا يفوته شي‏ء ممّا تقتضيه الحكمة قبال أعمالكم من الدعوة و الهداية و الإضلال و إراءة الآيات ثمّ جزاء المحسنين منكم و المسيئين يوم القيامة.

و قرئ( عمّا يعملون) بياء الغيبة و لعلّها أرجح و مفادها تهديد المكذّبين و في قوله:( رَبُّكَ ) بإضافة الربّ إلى الكاف تطييب لنفس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و تقوية لجانبه.

( بحث روائي)

في تفسير القمّيّ في قوله تعالى:( وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) الآية: حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: انتهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أميرالمؤمنينعليه‌السلام و هو نائم في المسجد قد جمع رملاً و وضع رأسه عليه فحرّكه برجله ثمّ قال: قم يا دابّة الأرض فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله أ يسمّي بعضنا بعضاً بهذا الاسم؟ فقال: لا و الله ما هو إلّا له خاصّة و هو الدابّة الّذي ذكره الله في كتابه فقال:( وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ ) .

ثمّ قال: يا عليّ إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة و معك ميسم تسم به أعداءك.

فقال رجل لأبي عبداللهعليه‌السلام : إنّ العامّة يقولون: إنّ هذه الآية إنّما( تَكلِمهُم ) فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : كلمهم الله في نار جهنّم إنّما هو تكلّمهم من الكلام.

أقول: و الروايات في هذا المعنى كثيرة من طرق الشيعة.

و في المجمع، و روى محمّد بن كعب القرظيّ قال: سئل عليّ عن الدابّة فقال:

٤٤٥

أما و الله ما لها ذنب و إنّ لها للحية.

أقول: و هناك روايات كثيرة تصف خلقتها تتضمّن عجائب و هي مع ذلك متعارضة من أرادها فليراجع جوامع الحديث كالدرّ المنثور أو مطوّلات التفاسير كروح المعاني.

و في تفسير القمّيّ، حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن حمّاد عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ما يقول الناس في هذه الآية( يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ) ؟ قلت: يقولون إنّه في القيامة. قال: ليس كما يقولون إنّها في الرجعة أ يحشر الله في القيامة من كلّ اُمّة فوجاً و يدع الباقين؟ إنّما آية القيامة( وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) .

أقول: و أخبار الرجعة من طرق الشيعة كثيرة جدّاً.

و في المجمع في قوله تعالى:( وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ ) : و اختلف في معنى الصور - إلى أن قال - و قيل: هو قرن ينفخ فيه شبه البوق و قد ورد ذلك في الحديث.

و فيه في قوله تعالى:( إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ) قيل: يعني الشهداء فإنّهم لا يفزعون في ذلك اليوم و روي ذلك في خبر مرفوع.

و في تفسير القمّيّ: في قوله تعالى:( صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ ) قال: فعل الله الّذي أحكم كلّ شي‏ء.

و فيه في قوله تعالى:( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ) قال: الحسنة و الله ولاية أميرالمؤمنينعليه‌السلام و السيّئة و الله عداوته.

أقول: و هو من الجري و ليس بتفسير و هناك روايات كثيرة في هذا المضمون ربّما أمكن حملها على ما سيأتي.

و في الخصال، عن يونس بن ظبيان قال: قال الصادق جعفر بن محمّدعليه‌السلام : إنّ الناس يعبدون الله على ثلاثة أوجه: فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه فتلك عبادة

٤٤٦

الحرصاء و هو الطمع، و آخرون يعبدونه فرقاً من النار فتلك عبادة العبيد و هي الرهبة، و لكنّي أعبده حبّاً له فتلك عبادة الكرام و هو الأمن لقوله تعالى:( وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) ، و لقوله:( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) فمن أحبّ الله أحبّه الله و من أحبّه الله كان من الآمنين.

أقول: لازم ما فيه من الاستدلال تفسير الحسنة في الآية بالولاية الّتي هي عبادته تعالى من طريق المحبّة الموجبة لفناء إرادة العبد في إرادته و تولّيه تعالى بنفسه أمر عبده و تصرّفه فيه و هذا أحد معنيي ولاية عليّعليه‌السلام فهوعليه‌السلام صاحب الولاية و أوّل فاتح لهذا الباب من الاُمّة و به يمكن أن يفسّر أكثر الروايات الواردة في أنّ المراد بالحسنة في الآية ولاية عليّعليه‌السلام .

و في الدرّ المنثور، أخرج أبوالشيخ و ابن مردويه و الديلميّ عن كعب بن عجرة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : في قول الله:( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ) يعني بها شهادة أن لا إله إلّا الله، و من جاء بالسيّئة يعني بها الشرك يقال: هذه تنجي و هذه تردي.

أقول: و هذا المعنى مرويّ عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بألفاظ مختلفة من طرق شتّى و ينبغي تقييد تفسير الحسنة بلا إله إلّا الله بسائر الأحكام الشرعيّة الّتي هي من لوازم التوحيد و إلّا لغي تشريعها و هو ظاهر.

و في تفسير القمّيّ: في قوله تعالى:( إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها ) قال: مكّة.

و فيه، عن أبيه عن حمّاد بن عيسى عن حريز عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لما قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكّة يوم افتتحها فتح باب الكعبة فأمر بصور في الكعبة فطمست فأخذ بعضادتي الباب فقال: ألا إنّ الله قد حرّم مكّة يوم خلق السماوات و الأرض فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة لا ينفر صيدها و لا يعضد شجرها و لا يختلى خلالها و لا تحلّ لقطتها إلّا لمنشد.

فقال العبّاس: يا رسول الله إلّا الأذخر فإنّه للقبر و البيوت فقال رسول الله

٤٤٧

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إلّا الأذخر.

أقول: و هو مرويّ من طرق أهل السنّة أيضاً.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ما كان في القرآن( وَ مَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) بالتاء، و ما كان( و ما ربّك بغافل عمّا يعملون) بالياء.

تم و الحمد لله

٤٤٨

الفهرس

( سورة المؤمنون مكّيّة و هي مائة و ثماني عشرة آية )   ٢

( سورة المؤمنون الآيات ١ - ١١ ). ٢

( بيان‏ ). ٢

( كلام في معنى تأثير الإيمان‏ ). ٤

( بحث روائي ). ٩

( بحث حقوقي اجتماعي ). ١٤

( سورة المؤمنون الآيات ١٢ - ٢٢ ). ١٧

( بيان ). ١٧

( بحث روائي ). ٢٢

( سورة المؤمنون الآيات ٢٣ - ٥٤ ). ٢٤

( بيان‏ ). ٢٦

( بحث روائي ). ٣٦

( سورة المؤمنون الآيات ٥٥ - ٧٧ ). ٣٨

( بيان‏ ). ٣٩

( بحث روائي ). ٥٣

( سورة المؤمنون الآيات ٧٨ - ٩٨ ). ٥٥

( بيان )‏. ٥٦

( سورة المؤمنون الآيات ٩٩ - ١١٨ ). ٧٠

( بيان‏ ). ٧١

( بحث روائي ). ٧٩

( سورة النور مدنيّة و هي أربع و ستّون آية )   ٨٣

( سورة النور الآيات ١ - ١٠ ). ٨٣

( بيان‏ ). ٨٤

( بحث روائي ). ٨٩

٤٤٩

( سورة النور الآيات ١١ - ٢٦ ). ٩٥

( بيان )‏. ٩٦

( بحث روائي ). ١٠٤

( سورة النور الآيات ٢٧ - ٣٤ ). ١١٧

( بيان ). ١١٨

( بحث روائي ). ١٢٣

( سورة النور الآيات ٣٥ - ٤٦ ). ١٢٩

( بيان ). ١٣٠

( بحث فلسفي ). ١٤٩

( في معنى علّيّته تعالى للأشياء ). ١٤٩

( بحث روائي ). ١٥١

( سورة النور الآيات ٤٧ - ٥٧ ). ١٥٦

( بيان ). ١٥٧

( بحث روائي ). ١٧١

( سورة النور الآيات ٥٨ - ٦٤ ). ١٧٥

( بيان ). ١٧٦

( بحث روائي ). ١٨٢

( سورة الفرقان مكّيّة و هي سبع و سبعون آية )   ١٨٦

( سورة الفرقان الآيات ١ - ٣ ). ١٨٦

( بيان ). ١٨٦

( بحث روائي ). ١٩٢

( سورة الفرقان الآيات ٤ - ٢٠ ). ١٩٤

( بيان ). ١٩٥

( بحث روائي ). ٢١١

٤٥٠

( سورة الفرقان الآيات ٢١ - ٣١ ). ٢١٣

( بيان ). ٢١٣

( بحث روائي ). ٢٢٣

( سورة الفرقان الآيات ٣٢ - ٤٠ ). ٢٢٦

( بيان ). ٢٢٦

( بحث روائي ). ٢٣٧

( سورة الفرقان الآيات ٤١ - ٦٢ ). ٢٤٠

( بيان ). ٢٤١

( بحث روائي ). ٢٥٧

( سورة الفرقان الآيات ٦٣ - ٧٧ ). ٢٥٩

( بيان ). ٢٦٠

( بحث روائي ). ٢٦٨

( سورة الشعراء مكّيّة و هي مائتان و سبع و عشرون آية )   ٢٧١

( سورة الشعراء الآيات ١ - ٩ ). ٢٧١

( بيان ). ٢٧١

( بحث عقليّ متعلّق بالعلم ). ٢٧٥

( في ارتباط الأشياء بعلمه تعالى ‏). ٢٧٥

( بحث روائي ). ٢٧٧

( سورة الشعراء الآيات ١٠ - ٦٨ ). ٢٧٨

( بيان ). ٢٨٠

( سورة الشعراء الآيات ٦٩ - ١٠٤ ). ٣٠٣

( بيان ). ٣٠٤

( بحث روائي ). ٣١٧

( سورة الشعراء الآيات ١٠٥ - ١٢٢ ). ٣٢٠

( بيان ). ٣٢٠

( بحث روائي ). ٣٢٤

٤٥١

( سورة الشعراء الآيات ١٢٣ - ١٤٠ ). ٣٢٥

( بيان ). ٣٢٥

( بحث روائي ). ٣٢٩

( سورة الشعراء الآيات ١٤١ - ١٥٩ ). ٣٣١

( بيان ). ٣٣١

( سورة الشعراء الآيات ١٦٠ - ١٧٥ ). ٣٣٦

( بيان ). ٣٣٦

( سورة الشعراء الآيات ١٧٦ - ١٩١ ). ٣٤٠

( بيان ). ٣٤٠

( بحث روائي ). ٣٤٢

( سورة الشعراء الآيات ١٩٢ - ٢٢٧ ). ٣٤٣

( بيان ). ٣٤٤

( كلام في معنى نفي الظلم عنه تعالى‏ ). ٣٥٤

( بحث روائي ). ٣٦٣

( سورة النمل مكّيّة و هي ثلاث و تسعون آية )   ٣٧٠

( سورة النمل الآيات ١ - ٦ ). ٣٧٠

( بيان ). ٣٧٠

( سورة النمل الآيات ٧ - ١٤ ). ٣٧٣

( بيان ). ٣٧٣

( سورة النمل الآيات ١٥ - ٤٤ ). ٣٧٩

( بيان ). ٣٨١

( كلام في قصّة سليمان عليه‌السلام ). ٤٠١

١- ما ورد من قصصه في القرآن: ٤٠١

٢- الثناء عليه في القرآن: ٤٠٢

٣- ذكره ٤٠٢

٤- الروايات الواردة في قصصه ٤٠٣

( بحث روائي ). ٤٠٤

٤٥٢

( سورة النمل الآيات ٤٥ - ٥٣ ). ٤٠٧

( بيان ). ٤٠٧

( سورة النمل الآيات ٥٤ - ٥٨ ). ٤١١

( بيان ). ٤١١

( سورة النمل الآيات ٥٩ - ٨١ ). ٤١٣

( بيان ). ٤١٤

( بحث روائي ). ٤٢٨

( سورة النمل الآيات ٨٢ - ٩٣ ). ٤٣٢

( بيان ). ٤٣٣

( بحث روائي ). ٤٤٥

٤٥٣