من ؟ قال : عليّ . فقال عمرو : و اللّه ما أنت و علي بعكمي بعير ، مالك هجرته و لا سابقته و لا صحبته و لا جهاده و لا فقهه و لا علمه ، فما تجعل لي إن شايعتك على حربه ، و أنت تعلم ما فيه من الغرر و الخطر ؟ قال حكمك : قال : مصر. قال :
إنّي أكره أن يتحدّث عنك العرب : أنّك انّما دخلت في هذا الأمر لغرض الدنيا.
قال : دعني عنك . قال معاوية : إنّي لو شئت أن أخدعك لفعلت . قال : مثلي يخدع؟
قال له : ادن مني اسارّك . فدنا منه ليسارّه ، فعض معاوية اذنه ، و قال : هذه خدعة ، هل ترى في بيتك أحدا غيري و غيرك ؟ فأنشأ عمرو يقول :
معاوي لا اعطيك ديني و لم أنل
بذلك دنيا فانظرن كيف تصنع
فإن تعطني مصرا فأربح بصفقة
أخذت بها شيخا يضرّ و ينفع
و ما الدين و الدنيا سواء فإنّني
لآخذ ما تعطي و رأسي مقنع
و لكنّني اغضي الجفون و إنّني
لأخدع نفسي و المخادع يخدع
و اعطيك أمرا فيه للملك قوّة
و إنّي به إن زلّت النعل اصرع
و تمنعني مصرا و لست نزعته
و إنّي بذا الممنوع قدما لمولع
قال له معاوية : أ لم تعلم أنّ مصر مثل العراق ؟ قال : بلى ، و لكنها إنّما تكون لي إذا كانت لك ، و إنّما تكون لك إذا غلبت عليّا على العراق . فدخل عتبة بن أبي سفيان فقال لمعاوية : أما ترضى أن تشتري عمرا بمصر ان صفت لك وليتك لا تغلب على الشام ؟ فأعطاه و كتب له كتابا ، و كتب معاوية : « على ان لا ينقض شرط طاعته » . فكتب عمرو : « و لا تنقض طاعته شرطا » . و كايد كلّ واحد منهما صاحبه ، فلمّا بلغ عليّا عليه السّلام ما صنعا ، قال :
يا عجبا لقد سمعت منكرا
كذبا على اللّه يشيب الشعرا
ما كان يرضى أحمد لو خبرا
أن يقرنوا وصيّه و الابترا
شاني الرسول و اللعين الأخزرا
كلاهما في جنده قد عسكرا