و أمّا كونها أخيرها فغير معلوم .
« الاّ إنّه قد أدبر من الدنيا » بغلبة أهل الجور .
« ما كان مقبلا » بكون الأمر في يدي أهل الحق ، زمن النبي صلّى اللّه عليه و آله .
« و أقبل منها ما كان مدبرا » بتصدي أهل الباطل للأمر بعد النبي صلّى اللّه عليه و آله لا سيما في زمن عثمان ، لخلوص الأمر لبني اميّة ، كما صرّح به أبو سفيان .
« و أزمع » أي : عزم . و الأصح قول الكسائي من عدم تعديه بعلى ، دون قول الفراء بجوازه ، فلم نقف إلاّ على تعديته بنفسه ، ككلامه عليه السّلام هنا ، و قول عنترة:
إن كنت أزمعت الفراق فإنّما
و قول الأعشى :
أزمعت من آل ليلى ابتكارا
و من الغريب أنّ ابن دريد أتى بالتناقض هنا ، فقال أولا : أزمع فلان كذا و كذا : إذا عزم عليه ، و لا يكادون يقولون : أزمع على كذا و كذا . و قال ثانيا : و لا تكاد العرب تقول : الا أزمعت على ذلك .
« الترحال » أي : الارتحال .
« عباد اللّه الأخيار ، و باعوا قليلا من الدنيا » فكل شريف أو وضيع لا يمتّع من الدنيا إلاّ قليلا .
« لا يبقى ، بكثير من الآخرة » فمن كان أدنى أهل الآخرة ثوابا ، كان له من النعمة سبعين ضعفا من نعيم الدنيا ، من أوّلها إلى آخرها .
« لا يفنى » أخذ كلامه عليه السّلام من أوّله إلى هنا سليمان بن صرد الخزاعي ،
لما أراد الطلب بدم الحسين عليه السّلام ، فكتب إلى سعد بن حذيفة اليماني بالمدائن :
إنّ الدنيا دار قد أدبر منها ما كان معروفا ، و أقبل منها ما كان منكرا ، و أصبحت