و من العجب أنّ الناس لم يريدوا أمير المؤمنين الذي كان نفس النبي صلّى اللّه عليه و آله علما و عملا ، و أرادوا عمر الذي منع النبي صلّى اللّه عليه و آله من الوصية قائلا :
إنّه يهجر . و صار سببا لحصول هذه الفرق الباطلة ، مع أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال :
« أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي » .
فلما خطبهم قيس بن سعد بن عبادة بعد غدر الحكمين ، و قال لهم :
عودوا بنا إلى قتال عدوّنا و عدوّكم . قال عبد اللّه بن شجرة السلمي له : إنّ الحقّ قد أضاء لنا ، فلسنا نتابعكم أو تأتونا بمثل عمر .
قاتلهم اللّه ، يكفّرون أمير المؤمنين عليه السّلام بحكمية القرآن ، و لا يكفّرون عمر بحكمية عبد الرحمن بن عوف ، حتى يختار لإمامتهم رئيس بني امية ،
حتى يتخذوا دين اللّه دغلا و عباده خولا .
و يقول أبو سفيان يوم بويع عثمان بتدبير عمر : تداولوا الخلافة بينكم تداول الكرة فلا جنّة و لا نار . و يصلّى الوليد بن عقبة أخا عثمان لامّه أيام ولايته على الكوفة من قبله بالناس سكران ، و يصلّي الصبح بهم أربعا ،
و يقول : لو شئتم أزيدكم على الأربع .
و إذا اسس الأمر على ولاية صدّيقهم و فاروقهم يصير المرجع هكذا .
و من العجب أنّهم كانوا يرجّحون سنّتهما على سنّة النبي صلّى اللّه عليه و آله ، فلمّا خرجت الخوارج من الكوفة أتاه عليه السّلام أصحابه و قالوا له : نحن أولياء من و اليت ، و أعداء من عاديت . فشرط لهم سنّة النبي صلّى اللّه عليه و آله ، فجاءه ربيعة بن شداد الخثعمي و كان شهد معه الجمل و صفّين ، و معه راية خثعم فقال عليه السّلام له :
بايع على كتاب اللّه و سنّة رسوله . فقال له ربيعة : على سنّة أبي بكر و عمر .
فقال عليه السّلام له : ويلك لو أنّ أبا بكر و عمر عملا بغير كتاب اللّه و سنّة رسوله لم يكونا على شيء من الحق ، أما و اللّه لكأنّي بك و قد نفرت مع هذه الخوارج