بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٠

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة3%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 79816 / تحميل: 3781
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

أهل الشام أصحابه إلى حكم القرآن ، ففي ( صفين نصر ) ١ : لما رفع أهل الشام المصاحف يدعون إلى حكم القرآن ، قال عليّ عليه السّلام عباد اللّه أنا أحقّ من أجاب إلى كتاب اللّه ، و لكنّ معاوية و عمرو بن العاص و ابن أبي معيط و حبيب بن مسلمة و ابن أبي سرح ليسوا بأصحاب دين و لا قرآن ، إنّي أعرف بهم منكم ،

صحبتهم أطفالا و صحبتهم رجالا ، فكانوا شرّ أطفال و شرّ رجال ، إنّها كلمة حق يراد بها باطل ، إنّهم و اللّه ما رفعوها لكم إلاّ خديعة و مكيدة ، أعيروني سواعدكم و جماجمكم ساعة واحدة ف ، قد بلغ الحق مقطعه و لم يبق إلاّ أن يقطع دابر الذين ظلموا . فجاءته زهاء عشرين ألفا مقنعين في الحديد ، شاكي السلاح ، سيوفهم على عواتقهم ، و قد أسودت وجوههم من السجود ، فنادوه باسمه : أجب القوم إلى كتاب اللّه إذا دعيت إليه ، و إلاّ قتلناك كما قتلنا ابن عفان .

هذا ، و في ( كامل المبرد ) ٢ : خطب الحجاج ، فلمّا توسّط كلامه سمع تكبيرا عاليا من ناحية السوق ، فقطع خطبته ثمّ قال : يا أهل العراق ، يا أهل الشقاق ، يا بني اللكيعة، و عبيد العصا ، و بني الإماء ، إنّي لأسمع تكبيرا ما يراد به اللّه ، و إنّما يراد به الشيطان.

هذا ، و قالوا : إنّ علي بن هارون المنجم كانت له جارية صفراء و كان معجبا بها ، فصار مريضا فراجع الطبيب ، فقال له : غلبك الصّفراء . فقال :

جسّ الطبيب يدي و قال مخبّرا :

هذا الفتى أودت به الصفراء

فعجبت منه اذ أصاب و ما درى قولا و ظاهر ما أراد خطاء و قريب منه قول الوزير المهلبي :

و قالوا للطبيب : أشر فإنّا

نعدّك للعظيم من الامور

ــــــــــــ

( ١ ) صفين لنصر بن مزاحم : ٤٨٩ .

( ٢ ) الكامل للمبرد ١ : ٢٢٢ .

٤٠١

فقال : شفاؤه الرمّان مما

تضمّنه حشاه من السعير

فقلت لهم : أصاب بغير قصد

و لكن ذاك رمان الصدور

« نعم إنّه لا حكم إلاّ للّه » فهو كلمة حق ، و كلام صدق .

« و لكن هؤلاء يقولون : لا إمرة إلاّ للّه » لم أقف على من روى أنّه عليه السّلام قال: إنّ الخوارج أرادوا بقولهم : « لا حكم إلاّ للّه » : « لا إمرة إلاّ للّه » سوى المبرّد في ( كامله ) ١ مرفوعا ، و تبعه ابن عبد ربه في ( عقده ) ، فقال الأوّل : لما سمع عليّ عليه السّلام نداءهم : لا حكم إلاّ للّه . قال : كلمة عادلة يراد بها جور ، إنّما يقولون : لا إمارة ، و لا بدّ من إمارة برّة أو فاجرة .

و قال الثاني : لمّا سمع عليّ عليه السّلام نداءهم قال : كلمة حق يراد بها باطل ،

و إنّما مذهبهم ألاّ يكون أمير ، و لا بدّ من أمير ، برّا كان أو فاجرا .

و مرّ أيضا عن البلاذري .

و الذي رواه غيرهم و معلوم بالدراية أنّهم أرادوا بقولهم : « لا حكم إلاّ للّه » عدم صحّة حكمية أبي موسى و عمرو بن العاص ، لا عدم إمارة أمير ، ففي ( المروج ) ٢ قال يحيى بن معين : حدّثنا وهب بن جابر ، عن الصلت بن بهرام قال : لما قدم عليّ عليه السّلام الكوفة جعلت الحرورية تناديه و هو على المنبر : جزعت من البلية ، و رضيت بالقضية ، و قبلت الدنية ، لا حكم إلاّ للّه . فيقول عليه السّلام : « حكم اللّه أنتظر فيكم » . فيقولون : و لقد اوحي إليك و إلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين ٣ .

و في ( صفين نصر ) ٤ عن شقيق بن سلمة : أنّ الأشعث خرج في الناس

ــــــــــــ

( ١ ) الكامل للمبرد ٢ : ١٧٢ .

( ٢ ) مروج الذهب ٢ : ٤٠٦ .

( ٣ ) الزمر : ٦٥ .

( ٤ ) صفين لنصر بن مزاحم : ٥١٢ .

٤٠٢

بكتاب الصلح يعرضه على الناس ، و يمرّ به على صفوف أهل الشام فرضوا به ، ثم مرّ به على صفوف أهل العراق و راياتهم ، حتى مرّ برايات عنزة و كان معه عليه السّلام منهم بصفّين أربعة آلاف مجفف فلمّا مرّ بهم الأشعث فقرأه عليهم ،

قال فتيان منهم : لا حكم إلاّ للّه . ثم حملا على أهل الشام بسيوفهما حتى قتلا على باب رواق معاوية ، و هما أوّل من حكم ، و كانا أخوين ، ثم مرّ الأشعث بالصحيفة على مراد ، فقال صالح بن شقيق و كان من رؤسائهم :

ما لعليّ في الدماء قد حكم

لو قاتل الأحزاب يوما ما ظلم

لا حكم إلاّ للّه و لو كره المشركون . ثم مرّ على رايات بني راسب فقرأها عليهم ، فقالوا : لا حكم إلاّ للّه ، لا نرضى و لا نحكّم الرجال في دين اللّه . ثم مرّ على رايات بني تميم فقرأها عليهم ، فقال رجل منهم : لا حكم إلاّ للّه ، تقضي بالحق و أنت خير الفاصلين . و خرج عروة بن أديه أخو مرداس ، فقال : أتحكّمون الرجال في أمر اللّه ، لا حكم إلاّ للّه ، فأين قتلانا يا أشعث ؟ ثم شدّ بسيفه ليضرب به الأشعث فأخطأه ، فانطلق إلى عليّ عليه السّلام فقال له : قد عرضت الحكومة عليهم فقالوا جميعا : قد رضينا ، حتى مررت برايات بني راسب ، و نبذ سواهم ، قالوا :

لا نرضى إلاّ حكم اللّه . قال : دعهم . فما راعه إلاّ نداء الناس من كلّ جهة : لا حكم إلاّ للّه لا لك يا عليّ ، لا نرضى بأن يحكم الرجال في دين اللّه ، إنّ اللّه قد أمضى حكمه في معاوية و أصحابه : أن يقتلوا أو يدخلوا في حكمنا عليهم ، و قد كانت زلّة منّا حين رضينا بالحكمين ، فرجعنا و تبنا ، فارجع أنت كما رجعنا ، و إلاّ برئنا منك . فقال عليه السّلام : و يحكم أبعد الرضا و العهد نرجع ؟ أو ليس اللّه تعالى قال : أوفوا بالعقود ١ ، و قال : و أوفوا بعهد اللّه إذا عاهدتم و لا تنقضوا

ــــــــــــ

( ١ ) المائدة : ١ .

٤٠٣

الايمان بعد توكيدها و قد جعلتم اللّه عليكم كفيلا إنّ اللّه يعلم ما تفعلون ١ .

فأبى عليّ عليه السّلام أن يرجع ، و أبت الخوارج إلاّ تضليل التحكيم .

مع أنّ نصب الناس أميرا لهم أمر فطري للبشر لا ينكره أحد : مبتدع و غيره ، و كيف ، و الخوارج أنفسهم من أوّلهم إلى آخرهم كانوا يجعلون امراء لأنفسهم حتى يجمع كلمتهم ؟

ففي ( الطبري ) ٢ : أنّ عليّا لما بعث أبا موسى لإنفاذ الحكومة ، لقيت الخوارج بعضها بعضا ، فقال عبد اللّه بن وهب الراسبي : اخرجوا بنا من هذه القرية الظالم أهلها ٣ . فقال حمزة بن سنان الأسدي : الرأي ما رأيتم ، فولوا أمركم رجلا منكم ، فإنّه لا بدّ لكم من عماد و سناد و راية تحفون بها ، فبايعوا عبد اللّه بن وهب و سار إلى النهروان ، فقالوا : إن هلك ولّينا الأمر زيد بن حصين أو حرقوص بن زهير . و أمّا خوارج البصرة فاجتمعوا في خمسمائة رجل ، و جعلوا عليهم مسعر بن فدكي التميمي ، و أقبل يعترض الناس و على مقدمته الأشرس بن عوف الشيباني حتى لحق عبد اللّه بالنهر .

« و إنّه لا بد للناس من أمير برّ أو فاجر ، يعمل في إمرته المؤمن و يستمتع فيها الكافر و يبلغ اللّه فيها الأجل و يجمع به الفي‏ء و يقاتل به العدو و تأمن به السبيل و يؤخذ به للضعيف من القوي » هذا كلام في نفسه صحيح ، و كيف لا ، و به قوام الدنيا و نظام العالم و مقتضى الحكمة ؟ فلعلّه عليه السّلام كان هذا الكلام منه عليه السّلام ، مع كلامه في الخوارج مذكورين في كتاب متواليين ، فحصل الخلط بينهما ،

و الأصل في الخلط المتقدم ، و تبعه من تأخّر ، و يستأنس لكونهما غير

ــــــــــــ

( ١ ) النحل : ٩١ .

( ٢ ) تاريخ الطبري ٥ : ٧٤ .

( ٣ ) النساء : ٧٥ .

٤٠٤

مربوطين قوله في الرواية الثانية : « إنّه عليه السّلام لما سمع تحكيمهم قال : حكم اللّه أنتظر فيكم . و قال : إمّا الإمرة البرّة فيعمل فيها التقي . . . » .

و كيف كان ، ففي ( صفين نصر ) ١ قال عليّ عليه السّلام لنرسا الذي أسند أهل السواد أمرهم إليه : أخبرني عن ملوك فارس ، كم كانوا ؟ قال : كانت ملوكهم في هذه المملكة الأخيرة اثنين و ثلاثين ملكا . قال : فكيف كانت سيرتهم ؟ قال : ما زلت سيرتهم في عظم أمرهم واحدة حتى ملكنا كسرى بن هرمز ، فاستأثر بالمال و الأعمال ، و خالف أولينا ، و أخرب الذي للناس و عمر الذي له ، و استخفّ بالناس فأوغر نفوس فارس حتى ثاروا إليه فقتلوه . فقال عليه السّلام : يا نرسا إنّ اللّه تعالى خلق الخلق بالحق و لا يرضى من أحد إلاّ بالحق ، و في سلطان اللّه تذكرة مما خول اللّه ، و إنّها لا تقوم مملكة إلاّ بتدبير ، و لا بد من امارة . . . .

و عنه عليه السّلام : أسد خطوم خير من سلطان ظلوم ، و سلطان ظلوم خير من فتن تدوم .

و عن الصادق عليه السّلام في قصة إبراهيم عليه السّلام : لما خرج سائرا بجميع ما معه خرج الملك القبطي يمشي خلف إبراهيم عليه السّلام اعظاما له ، فأوحى اللّه تعالى:

ألاّ تمش قدام الجبار المتسلّط و امش خلفه ، و عظّمه و هيّبه ، و لا بد للناس من إمرة في الأرض ، برّة أو فاجرة .

و عن ابن مقفع : السلطان و ما للناس من كثرة المنافع و كثرة المضار ،

كالشمس في النهار ، و فساد الرعية بلا سلطان ، كفاسد الجسم بلا روح .

و قال الافوه الأودي :

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم

و لا سراة إذا جهّالهم سادوا

تهد الامور بأهل الرأي ما صلحت

فان تولت فبالأشرار تنقاد

ــــــــــــ

( ١ ) صفين لنصر بن مزاحم : ١٤ .

٤٠٥

و البيت لا يبتني إلاّ له عمد

و لا عماد إذا لم ترش أوتاد

فإن تجمع أوتاد و أعمدة

فقد بلغوا الأمر الذي كادوا

هذا ، و في ( المروج ) ١ عن يحيى بن أكثم : دخل بعض الصوفية على المأمون فقال له : هذا المجلس الذي قد جلسته : أ باجتماع من المسلمين عليك ،

أم بالمغالبة لهم بسلطانك ؟ قال : لا بأحدهما ، و إنّما كان يتولى أمر المسلمين سلطان قبلي أحمده المسلمون ، إمّا على رضا و إمّا على كره ، فعقد لي و لآخر معي ولاية هذا الأمر بعده في أعناق من حضر ، فأعطوا ذلك إمّا طائعين أو كارهين ، فمضى الذي عقد له معي ، فلما صار إلي علمت أنّي أحتاج إلى اجتماع كلمة المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها على الرضا ، ثم نظرت فرأيت أنّي متى تخلّيت عن المسلمين ، اضطرب حبل الاسلام و انتقضت أطرافه ،

و غلب الهرج و الفتنة و وقع التنازع ، فتعطلت أحكام اللّه سبحانه ، و لم يحجّ أحد بيته و لم يجاهد في سبيله و لم يكن له سلطان يجمعهم و يسوسهم ، و انقطعت السبل و لم يؤخذ لمظلوم من ظالم ، فقمت بهذا الأمر حياطة للمسلمين و مجاهدا لعدوّهم ، و ضابطا لسبلهم ، و آخذا على أيديهم إلى أن يجتمع المسلمون على رجل ، تتفق كلمتهم عليه على الرضا به فاسلّم الأمر إليه و أكون كرجل من المسلمين ، و أنت أيها الرجل رسولي إلى جماعة المسلمين ،

فمتى اجتمعوا على رجل و رضوا به خرجت إليه من هذا الأمر . فقال ذاك الرجل : السلام عليكم . و قام فذهب ، فبعث المأمون في أثره فانتهى الرسول إلى مسجد فيه خمسة عشر رجلا مثله ، فقالوا له : لقيته ؟ قال : نعم ، ذكر أنّه ناظر في امور المسلمين إلى أن تأمن سبلهم و لا يعطل الأحكام ، فإذا رضي المسلمون برجل يسلم الأمر إليه . فقالوا : ما نرى بهذا بأسا . فقال المأمون :

كفينا مؤنتهم بأيسر الخطب .

ــــــــــــ

( ١ ) مروج الذهب ٤ : ١٩ ٢٠ .

٤٠٦

« حتى يستريح بر » عن المدائني : قدم قادم على معاوية فقال له : من مغربة خبر ؟ قال : نعم ، نزلت بماء من مياه الأعراب ، فبينا أنا عليه إذ أورد أعرابي إبله ، فلمّا شربت ضرب على جنوبها و قال : عليك زيادا . فقلت له : ما أردت بهذا ؟ قال : هي سدى ما قام لي بها راع مذ ولى زياد .

« و يستراح من فاجر » عن الشعبي ١ : قال الحجاج : دلّوني على رجل للشرط : دائم العبوس ، طويل الجلوس ، سمين الأمانة ، أعجف الخيانة ، لا يحنق في الحق على جره ، يهون عليه سبال الأشراف في الشفاعة . فقيل له : عليك بعبد الرحمن بن عبيد التميمي . فأرسل إليه فقال له : لست أقبلها إلاّ أن تكفيني ولدك و حاشيتك . قال : يا غلام ناد في الناس : من طلب إليه من لدي و حاشيتي حاجة فقد برئت منه الذمة . قال الشعبي : فو اللّه ما رأيت صاحب شرطة قطّ مثله ، كان لا يحبس إلاّ في دين ، و كان إذا اتى برجل قد نقب على قوم وضع منقبة في بطنه حتى يخرج من ظهره ، و إذا اتي بنبّاش حفر له قبرا فدفنه فيه ،

و إذا اتي برجل قاتل بحديدة أو شهر سلاحا قطع يده ، و إذا اتي برجل قد أحرق على قوم منزلهم أحرقه ، و إذا اتي برجل يشكّ فيه ضربه ثلاثمائة سوط . قال الشعبي : فكان ربما أقام اربعين ليلة لا يؤتى باحد ، فضمّ إليه الحجاج شرطة البصرة مع شرطة الكوفة .

قول المصنف : « و في رواية اخرى أنّه عليه السّلام لمّا سمع تحكيمهم قال : حكم اللّه انتظر فيكم » قد عرفت أنّ المسعودي ٢ رواه عن الصلت بن بهرام ، و رواه الطبري ٣ عن أبي كريب باسناده قال : جعل عليّ عليه السّلام يقلب بيديه يقول هكذا

ــــــــــــ

( ١ ) العقد الفريد ١ : ١٦ .

( ٢ ) المسعودي ٢ : ٣٩٥ .

( ٣ ) تاريخ الطبري ٥ : ٧٤ .

٤٠٧

و هو على المنبر ، فقال : حكم اللّه عزّ و جلّ ينتظر فيكم مرّتين ان لكم عندنا ثلاثا لا نمنعكم : صلاة في هذا المسجد . . .

و رواه ابن ديزيل في ( صفينه ) ، هكذا قال : لمّا رجع عليّ عليه السّلام من صفّين إلى الكوفة خرجوا إلى صحراء بالكوفة تسمى حروراء ، فنادوا : لا حكم إلاّ للّه و لو كره المشركون ، ألا إنّ عليا و معاوية اشركا في حكم اللّه . فأرسل عليّ عليه السّلام إليهم : ما هذا الذي احدثتم ، و ما تريدون ؟ قالوا : نريد أن نخرج نحن و انت و من كان منا بصفين ثلاث ليال ، و نتوب إلى اللّه من أمر الحكمين ، ثم نسير إلى معاوية فنقاتله حتى يحكم اللّه بيننا و بينه ، فقال عليّ عليه السّلام : هذا حيث بعثنا الحكمين و اخذنا منهم العهد و أعطيناهموه ، هلا قلتم هذا قبل ؟ قالوا : كنا قد طالت الحرب علينا و اشتد البأس و كثر الجراح و حلا الكراع و السلاح . فقال لهم : افحين اشتد البأس عليكم عاهدتم ، فلمّا وجدتم الحمام قلتم : ننقض العهد ،

ان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يفي للمشركين ، أفتأمرونني بنقضه ؟ فمكثوا مكانهم لا يزال الواحد منهم يرجع إلى عليّ عليه السّلام ، و لا يزال الآخر يخرج من عند عليّ عليه السّلام ،

فدخل واحد منهم عليه بالمسجد و الناس حوله فصاح : لا حكم إلاّ للّه و لو كره المشركون ، فتلفت الناس فنادى : لا حكم إلاّ للّه و لو كره المتلفتون . فرفع عليّ عليه السّلام رأسه إليه فقال : لا اله إلاّ اللّه و لو كره أبو حسن . فقال : ان أبا حسن لا يكره أن يكون الحكم إلاّ للّه . ثم قال : حكم اللّه أنتظر فيكم .

« و قال » هكذا في ( المصرية و ابن أبي الحديد ) ١ و لكن في ( ابن ميثم ) ٢ :

« ثم قال » .

« أمّا الامرة البرّة فيعمل فيها التّقي ، و أمّا الإمرة الفاجرة فيتمتع فيها الشّقي

ــــــــــــ

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١ : ٨٧ .

( ٢ ) شرح ابن ميثم ٢ : ١٠١ .

٤٠٨

إلى أن تنقطع مدته و تدركه منيته » قد عرفت خلو رواية المسعودي و الطبري و ابن ديزيل عن هذه الفقرات ، ثم ان كان لقوله : « و لكن هؤلاء يقولون : لا إمرة الا للّه . . . » في الرواية الاولى ربط لفظي بقوله : « كلمة حق يراد بها باطل » فهنا ليس للفقرات ربط لفظي أيضا بقوله : « حكم اللّه انتظر فيكم » كما لا يخفى . نعم هي في نفسها صحيحة كما عرفت .

و في ( صفين نصر ) ١ : لمّا أراد عمرو اللحوق بمعاوية قال لغلامه وردان : أرحل أحط يا وردان ؟ فقال له وردان : ان شئت انبأتك بما في نفسك :

اعتركت الدنيا و الآخرة على قلبك ، فقلت : عليّ معه الآخرة في غير دنيا ، و في الآخرة عوض الدنيا ، و معاوية معه الدنيا بغير آخرة ، و ليس في الدنيا عوض من الآخرة ، فأنت واقف بينهما . قال عمرو : ما أخطأت ، فما ترى ؟ قال : أرى أن تقيم في بيتك ، فإن ظهر أهل الدين عشت في عفو دينهم ، و إن ظهر أهل الدنيا لم يستغنوا عنك . فقال عمرو : الان و قد شهدت العرب مسيري إلى معاوية ؟

فارتحل .

ثم الغريب أنّ ابن أبي الحديد ٢ قال بعد ذكر : العنوان « هذا نصّ صريح منه عليه السّلام بان الإمامة واجبة . . . » فإنّه ليس فيه تلويح إلى ما قال ، فضلا عن تصريح ، فإنّ كلامه عليه السّلام في الإمارة الدنيوية ، سواء كان الناس أهل دين أو غير أهل دين .

قوله عليه السّلام في الثالث : « السلطان وزعة اللّه في أرضه » هو نظير قوله عليه السّلام :

« لا بد للناس من أمير » فقالوا : لا بد للناس من وزعة ، أي : من يكف أهل الفساد عنهم . و في ( الجمهرة ) : الوازع : الذي يتقدم الصف في الحرب فيصلحه ، و يرد

ــــــــــــ

( ١ ) صفين لنصر بن مزاحم : ٣٥ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٣٠٧ ٣٠٨ .

٤٠٩

المتقدم إلى مركزه . و يسمى الكلب وازعا لأنّه يكف الذئب عن الغنم .

و في ( النهاية ) : الوزعة : جمع الوازع .

و في ( عيون القتيبي ) ١ قال كسرى : لا ننزل ببلد ليس فيه خمسة أشياء :

سلطان قاهر ، و قاض عادل ، و سوق قائمة ، و طبيب عالم ، و نهر جار .

و مثل ٢ مضار السلطان في جنب منافعه ، مثل الغيث الذي هو سقيا اللّه و بركات السماء و حياة الأرض و من عليها ، و قد يتأذّى به السفر و يتداعى له البنيان .

هذا ، و كسر المغيرة أنف رجل أغلظ لأبي بكر و أدماه ، فقال عمر لأبي بكر كما في ( النهاية ) ٣ : اقص هذا من هذا بأنفه . فقال : أنا لا اقص من وزعة اللّه فأمسك .

قلت : هو نظير عمله مع خالد بن الوليد لمّا قتل مالك بن نويرة ظلما ، فقال له عمر : اقد من خالد . فقال : لا أغمد سيفا سلّه اللّه .

٧

الخطبة ( ١٨٢ ) و من كلام له عليه السّلام قاله للبرج بن مسهر الطائيّ و قد قال له بحيث يسمعه : لا حكم إلاّ اللّه و كان من الخوارج :

اُسْكُتْ قَبَحَكَ اَللَّهُ يَا أَثْرَمُ فَوَاللَّهِ لَقَدْ ظَهَرَ اَلْحَقُّ فَكُنْتَ فِيهِ ضَئِيلاً شَخْصُكَ خَفِيّاً صَوْتُكَ حَتَّى إِذَا نَعَرَ اَلْبَاطِلُ نَجَمْتَ نُجُومَ قَرْنِ اَلْمَاعِزِ قول المصنف : « و من كلام له عليه السّلام قاله للبرج بن مسهر الطائي » الذي

ــــــــــــ

( ١ ) العيون للقتيبي ١ : ٦ .

( ٢ ) العيون للقتيبي ١ : ٣ .

( ٣ ) النهاية ٥ : ١٨٠ .

٤١٠

وقفت عليه في الخوارج : زرعة بن برج الطائي ، ففي ( الطبري ) ١ عن عون بن أبي جحيفة : أنّ عليا لمّا أراد أن يبعث أبا موسى للحكومة أتاه رجلان من الخوارج : زرعة بن برج الطائي و حرقوص بن زهير السعدي ، فدخلا عليه فقالا له : « لا حكم إلاّ للّه » فقال عليّ عليه السّلام : « لا حكم إلاّ للّه » فقال حرقوص : تب من خطيئتك و ارجع عن قضيتك ، و أخرج بنا إلى عدونا نقاتلهم حتى نلقى ربنا .

فقال لهم عليّ عليه السّلام : قد أردتكم على ذلك فعصيتموني ، و قد كتبنا بيننا و بينهم كتابا و شرطنا شروطا و أعطينا عليها عهودنا و مواثيقنا ، و قد قال عزّ و جلّ :

و أوفوا بعهد اللّه إذا عاهدتم و لا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها و قد جعلتم اللّه عليكم كفيلا إنّ اللّه يعلم ما تفعلون ٢ . فقال له حرقوص ذلك ذنب ينبغي أن نتوب منه . فقال عليّ عليه السّلام : ما هو ذنب و لكنّه عجز من الرأي و ضعف من الفعل ،

و قد تقدّمت إليه منكم في ما كان منه و نهيتكم عنه . فقال له زرعة بن البرج : اما و اللّه يا علي ، لئن لم تدع تحكيم الرجال في كتاب اللّه عزّ و جلّ قاتلتك أطلب بذلك وجه اللّه و رضوانه . فقال له عليّ عليه السّلام : بؤسالك ما اشقاك كأنّي بك قتيلا تسفي عليك الريح . قال : وددت أن كان ذلك . فقال له عليّ عليه السّلام : لو كنت محقا كان في الموت على الحق تعزية عن الدنيا ، إنّ الشيطان قد استهواكم فاتقوا اللّه عزّ و جلّ ، إنّه لا خير لكم في دنيا تقاتلون عليها . فخرجا من عنده عليه السّلام يحكمان . . .

و لعلّ من ذكره المصنّف أبو من في خبر الطبري ، وقف عليه في خبر آخر ، و يؤيده اختلاف مكالمتهما .

ــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٥ : ٧٢ .

( ٢ ) النحل : ٩١ .

٤١١

و ذكر ( الأغاني ) ١ في الحصين بن حمام المري الذي كان قبيل الاسلام :

أنّ برج الجلاس الطائي كان نديما له ، فشرب البرج معه يوما فسكر ، فانصرف إلى اخته فافتضّها ، فلمّا أفاق قال لقومه : إن علم بذلك أحد ركبت رأسي فلا تروني أبدا . لكن أخبر الحصين بذلك أمة من طي ، فقال الحصين له :

لا تحسبن أخا العفاطة أنّني

رجل بخبرك لست كالعلاّم

فاستنزلوك و قد بللت نطاقها

من بيت امك و الذيول دوام

و العفاطة اسم اخته فقال لقومه : فضحتموني . فلحق ببلاد الروم فلم يعرف له خبر .

« و قد قال له » هكذا في طبعة ( المصرية ٢ و ابن أبي الحديد ) ٣ و ليس ( له ) في ( ابن ميثم ) ٤ ( و الخطية ) و قوله :

« بحيث يسمعه » ينفيه و في ( ابن ميثم ) ٥ : « يسمع » .

« لا حكم إلاّ للّه و كان من الخوارج » قوله : « و كان من الخوارج » بعد ذكر قوله : « لا حكم إلاّ للّه » واضح ، فذاك كان شعار الخوارج ، و لو كان ذكره بعد قوله : « للبرج بن مسهر الطائي » كان وجيها .

« اسكت قبحك اللّه » يجوز فيه التخفيف و التشديد ، أي : نحّاك اللّه عن الخير.

« يا أثرم » و الأثرم من سقطت ثنيته .

« فو اللّه لقد ظهر الحق » قبل وقوع الإختلاف و جدّ الناس في الجهاد .

« فكنت فيه » أي : في ظهور الحق .

« ضئيلا » أي : نحيفا .

ــــــــــــ

( ١ ) الأغاني ١٤ : ١٠ .

( ٢ ) الطبعة المصرية ٢ : ١٣٧ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٠ : ١٣٠ .

( ٤ ) شرح ابن ميثم ٣ : ٤٠٨ .

( ٥ ) شرح ابن ميثم ٣ : ٤٠٨ .

٤١٢

« شخصك » لم يظهر منك عمل .

« خفيا صوتك » لم يسمع منك كلام و قول ، كالغائبين و الأموات .

« حتى إذا نعر الباطل » شبّه عليه السّلام الباطل بدخول الشبهات و الفتن فيه بحمار دخل في أنفه نعرة ، قال الجوهري : النعرة كهمزة : ذباب ضخم أزرق العين أخضر ، له ابرة في طرف ذنبه يلسع بها ذوات الحوافر خاصة ، و ربما دخل في أنف الحمار ، فيركب في رأسه و لا يرده شي‏ء تقول : منه نعر الحمار .

بالكسر .

« نجمت » أي : طلعت و ظهرت .

« نجوم » مصدر نجم .

« قرن الماعز » في ( بديع ابن المعتز ) عنه عليه السّلام لبعض الخوارج : « و اللّه ما عرفت حتى نعر الباطل ، فنجمت نجوم قرن الماعز » الماعز : واحد المعز مثل صاحب و صحب و الأشخاص اللئام ، كما وصف عليه السّلام هذا الرجل : في الحق ابترون و في الباطل ذوو قرن طويل .

قال الحطيئة في أبيه :

لنعم الشيخ أنت لدى المخازي

و بئس الشيخ أنت لدى المعالي

و قال الوزير المغربي :

إذا ما الامور اضطر بن اعتلى

سفيه يضام العلى باعتلائه

و سأل سليمان بن عبد الملك ابن الاهتم عمن يصلح لخراسان ، فكل من سمّاه ذكر سليمان له عيبا ، إلى أن ذكر وكيع بن أبي الأسود فقال له سليمان :

إنّ وكيعا لم يجتمع له مائة عنان قط إلاّ حدّث نفسه بغدرة ، هو خامل في الجماعة ، ثابت في الفتنة .

و في رسالة الجاحظ إلى الفتح بن خاقان في ذكر أصناف الناس : و من

٤١٣

صاحب للفتنة ، خامل في الجماعة ، رئيس في الفرقة ، نعّاق في الهرج .

و في ( معارف ابن قتيبة ) قال الحزين الدئلي في عمرو بن عمرو بن الزبير :

لو أنّ اللؤم مع الثريا

تناول رأسه عمرو بن عمرو

و في قصار الكتاب : و أتي عليه السّلام بجان و معه غوغاء : فقال عليه السّلام : لا مرحبا بوجوه لا ترى إلاّ عند كل سوأة .

هذا ، و قد عرفت من خبر الطبري أنّه كان من الخوارج غير الطائي حرقوص السعدي ، و منهم حكيم البكالي ، و في ( الطبري ) ١ : أنّه أتى إليه عليه السّلام و هو يخطب فقال و لقد أوحى إليك و إلى الذين من قبلك لئن اشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين ٢ . فقال عليّ عليه السّلام : فاصبر إنّ وعد اللّه حق و لا يستخفنك الذين لا يوقنون ٣ .

هذا و قال المسعودي في ( مروجه ) ٤ : ظهر من فعل صاحب الزنج تصديق ما رمي به من كونه على رأي الخوارج ، من قتله النساء و الأطفال و الشيخ الفاني ، و قال في خطبته : اللّه أكبر اللّه أكبر ، لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر ، لا حكم إلاّ اللّه .

٨

الحكمة ( ٩٧ ) و قد سمع رجلا من الحروريّة يتهجّد و يقرأ فقال :

نَوْمٌ عَلَى يَقِينٍ خَيْرٌ مِنْ صَلاَةٍ فِي شَكٍّ

ــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٥ : ٧٤ ٧٣ .

( ٢ ) الزمر : ٦٥ .

( ٣ ) الروم : ٦٠ .

( ٤ ) مروج الذهب للمسعودي ٤ : ١٩٤ .

٤١٤

أقول : رواه سبط ابن الجوزي في ( تذكرته ) عن ابن عباس عنه عليه السّلام .

قول المصنف : « و قد سمع » هكذا في ( المصرية ) ١ و لكن في ( ابن أبي الحديد ٢ و الخطية ) : « و سمع » و في نسخة ابن ميثم ٣ : « و قال عليه السّلام : و قد سمع » .

« رجلا من الحرورية » في ( كامل المبرد ) ٤ : ناظر عليّ عليه السّلام الخوارج فرجع معه منهم الفان من حروراء و كانوا تجمعوا بها فقال لهم : ما نسميكم ؟ ثم قال : أنتم الحرورية لاجتماعكم بحروراء .

و في ( الكشي ) عن المسيب بن نجبة : لمّا أتانا سلمان قادما تلقيناه إلى أن قال ثم سار حتى انتهى إلى حروراء ، فقال : ما تسمون هذه الأرض ؟ قالوا :

حروراء . فقال : خرج بحروراء شرّ الأولين ، و يخرج بها شرّ الآخرين .

« يتهجد » أي : يصلي صلاة الليل . و في ( الصحاح ) : هجد و تهجد ، أي : نام ليلا ، و هجد و تهجد ، أي : سهر ، و هو من الأضداد ، و منه قيل لصلاة الليل :

التهجد .

في ( كامل المبرد ) ٥ : لمّا صار ابن عباس إلى الخوارج رأى منهم جباها قرحة بطول السجود ، و أيديا كثفنات الإبل ، عليهم قمص مرحضة ، و هم مشمرون .

و في ( الطبري ) ٦ : أنّ القرّاء الذين أجبروا الأشتر على ترك القتال ثم صاروا خوارج ، قال الأشتر لهم لمّا رجع من الحرب : يا أصحاب الجباه

ــــــــــــ

( ١ ) الطبعة المصرية ٣ : ١٧٢ .

( ٢ ) ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٥٣ .

( ٣ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٢٨٩ .

( ٤ ) الكامل للمبرد ٢ : ١٥٥ .

( ٥ ) الكامل للمبرد ٢ : ١٧٥ .

( ٦ ) تاريخ الطبري ٥ : ٥٠ .

٤١٥

السود كنا نظن صلاتكم زهادة في الدنيا و شوقا إلى لقائه تعالى ، فلا أرى فراركم إلاّ إلى الدنيا من الموت ، يا اشباه النيب الجلاّلة ، قبحا لكم ما انتم برائين بعدها عزا ابدا ، فابعدوا كما بعد القوم الظالمون .

« و يقرأ » أي : القرآن ، و في ( ذيل الطبري ) ١ عن أبي ذر قال : قال النبي :

سيكون من امّتي قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حلوقهم ، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ثم لا يعودون ، فيه شرار الخلق و الخليقة . . . .

« فقال : نوم على يقين خير من صلاة في شك » هو نظير قوله عليه السّلام المذكور في الحكمة ( ١٤٥ ) : « كم من صائم ليس له من صيامه إلاّ الظمأ ، و كم قائم ليس له من قيامه إلاّ السهر ، حبّذا نوم الأكياس و إفطارهم » .

و مرّ في سابقه قوله عليه السّلام لزرعة بن برج الطائي : « لو كنت محقا كان في الموت على الحق تعزية عن الدنيا » .

و في ( المروج ) ٢ ضرب أبو أيوب عبد اللّه بن وهب الراسبي يوم النهر على كتفه فأبان يده ، و ضربه صعصعة ضربة أبان بها رجله ، و أدركه باخرى في بطنه ، ثم احتز رأسه و اتيابه عليا عليه السّلام و قالا : هذا رأس الفاسق المارق عبد اللّه بن وهب . فنظر عليه السّلام إليه و قال : شاه هذا الوجه حتى خيّل إلينا أنّه يبكي ثم قال : قد كان أخو راسب حافظا لكتاب اللّه ، تاركا لحدود اللّه .

و في ( كامل المبرد ) ٣ : حمل رجل من الخوارج على صف عليّ عليه السّلام و كان عليه السّلام قال : لا ابتدائهم فقتل من أصحابه ثلاثة و هو يقول :

أقتلهم و لا أرى عليا

و لو بدا أو جرته الخطيا

ــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ١١ : ٥٦٧ .

( ٢ ) المروج الذهب ٣ : ٥٦ .

( ٣ ) الكامل للمبرد ٢ : ١٥٩ .

٤١٦

فخرج إليه عليّ عليه السّلام فقتله ، فلمّا خالطه السيف قال : حبّذا الروحة إلى الجنة . فقال عبد اللّه بن وهب : ما ادري أ إلى الجنة أم إلى النار ؟ فقال رجل من سعد : إنّما حضرت اغترارا بهذا و أراه قد شكّ . فانخزل بجماعة من أصحابه .

و في ( ادباء الحموي ) في ترجمته عليه السّلام : و كان الخوارج أربعة آلاف عليهم عبد اللّه بن وهب الراسبي من الازد ، و ليس براسب بن جرم بن ريان و ليس في العرب غيرهما ، فلمّا نزل عليّ عليه السّلام بنهروان تفرقوا فبقي منهم ألف و ثمانمائة ، و قتل ألف و خمسمائة ، و كان سبب تفرّقهم أنّهم عند الإحاطة بهم قالوا : أسرعوا الرواح إلى الجنة. فقال عبد اللّه بن وهب : و لعلها إلى النار . فقال من فارقه : نرانا نقاتل مع رجل شاكّ.

و في ( الطبري ) ١ : لمّا خرج عليّ عليه السّلام إلى النهروان رفع رايات أمان مع أبي أيوب فنادى أبو أيوب الخوارج : من جاء منكم ممّن لم يقتل و لم يستعرض فهو آمن ، و من انصرف منكم إلى الكوفة أو المدائن ، و خرج من هذه الجماعة فهو آمن . فقال فروة بن نوفل الأشجعي : و اللّه ما أدري على أي شي‏ء نقاتل عليّا ؟ إلاّ أن انصرف حتى تنفذ بصيرتي في قتاله أو أتباعه . فانصرف في خمسمائة فارس حتى نزل البندنيجين و الدسكره ، و خرجت طائفة اخرى متفرقين فنزلت الكوفة ، و خرج إلى عليّ عليه السّلام منهم نحو من مائة ، و كانوا أربعة آلاف ، فكان الذين بقوا مع عبد اللّه بن وهب منهم ألفين و ثمانمائة ، زحفوا إلى عليّ عليه السّلام . . .

و روى ( التهذيب ) ٢ في باب قتال أهل البغي ، عن جميل بن دراج ، قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام : الخوارج شكاك ؟ فقال : نعم . فقال له بعض أصحابه : كيف

ــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٥ : ٨٦ .

( ٢ ) التهذيب ٦ : ١٤٥ ح ٢٥١ .

٤١٧

و هم يدعون إلى البراز ؟ قال : ذلك ممّا يجدون في أنفسهم .

هذا ، و في ( بيان الجاحظ ) : كان مرّة الهمداني يقول : لمّا قتل عثمان حمدت اللّه ألاّ أكون دخلت في شي‏ء من قتله فصليت مائة ركعة ، فلمّا وقع الجمل و صفين حمدت إلاّ اكون دخلت في شي‏ء وزدت مائتي ركعة ، فلمّا كانت وقعة النهروان حمدت اللّه إذ لم أشهدها و زدت مائة ركعة ، فلمّا كانت فتنة ابن الزبير حمدت اللّه إذ لم أشهدها و زدت مائة ركعة . قال الجاحظ : لا نعرف فقيها من أهل الجماعة لا يستحل قتال الخوارج ، كما لا نعرف أحدا منهم لا يستحل قتال اللصوص .

و في ( تذكرة سبط ابن الجوزي ) : لمّا قتل عمّار عطش قاتله ، قال ابن سعد : فاتي بقدح من زجاج و قال غيره من فضّة فأبى الشرب فيه ، فقال بعضهم : انظروا إلى هذا الأحمق ، يمتنع من الشرب في هذا الإناء و ينسى أنّه قتل عمّارا ، و قد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله له : تقتلك الفئة الباغية ( و فيه ) : لمّا لام ابن الزبير يوم الجمل أباه في تركه قتال عليّ عليه السّلام ، و قال له : لقد فضحتنا فضيحة لا نغسل منها رؤوسنا أبدا . قال له : حلفت ألاّ اقاتله .

فقال له : كفّر عن يمينك . فاعتق غلامه مكحولا ، فقال بعضهم :

يعتق مكحولا لصون دينه

كفارة للّه عن يمينه

و النكث قد لاح على جبينه

٩

الكتاب ( ٧٧ ) و من وصيّة له عليه السّلام لعبد اللّه بن العباس لمّا بعثه للاحتجاج إلى الخوارج :

لاَ تُخَاصِمْهُمْ ؟ بِالْقُرْآنِ ؟ فَإِنَّ ؟ اَلْقُرْآنَ ؟ حَمَّالٌ ذُو وُجُوهٍ تَقُولُ وَ يَقُولُونَ

٤١٨

وَ لَكِنْ حَاجِجْهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَجِدُوا عَنْهَا مَحِيصاً قول المصنف : « و من وصيّته له عليه السّلام لعبد اللّه بن العباس لمّا بعثه للاحتجاج » الروايات في بعثه عليه السّلام لابن عباس إلى الخوارج مختلفة ، فروى الطبري ١ عن أبي رزين : أنّ عليّا عليه السّلام لمّا رجع من صفّين و دخل الكوفة و نزلت الخوارج بحروراء بعث إليهم ابن عباس ، فرجع و لم يصنع شيئا . . . .

و عن ٢ عمارة بن ربيعة : بعث عليّ عليه السّلام ابن عباس إليهم ، و قال : لا تعجل إلى جوابهم و خصومتهم حتى آتيك . فخرج إليهم حتى أتاهم فأقبلوا يكلّمونه فلم يصبر حتى راجعهم ، فقال : ما نقمتم من الحكمين و قد قال تعالى : إن يريدا إصلاحا يوفق اللّه بينهما ٣ فكيف بامّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله ؟ فقالت الخوارج :

قلنا : أمّا ما جعل حكمه إلى الناس و أمر بالنظر فيه و الإصلاح له ، فهو إليهم كما أمر به ، و ما حكم فامضاه فليس للعباد أن ينظروا فيه ، حكم في الزاني مائة جلدة و في السارق بقطع يده ، فليس للعباد أن ينظروا فيه . قال : فإنّه تعالى يقول : . . . يحكم به ذوا عدل منكم . . . ٤ . فقالوا : أو تجعل الحكم في الصيد ،

و الحدث يكون بين المرأة و زوجها كالحكم في دماء المسلمين ؟ فهذه الآية بيننا و بينك ، أعدل عندك ابن العاص و هو بالامس يقاتلنا و يسفك دماءنا ؟ فان كان عدلا فلسنا بعدول و نحن أهل حربه ، و قد حكّمتم في أمر اللّه الرجال ، و قد أمضى اللّه عزّ و جلّ حكمه في معاوية و حزبه أن يقتلوا أو يرجعوا ، و قبل ذلك دعوناهم إلى كتاب اللّه فأبوه ، ثم كتبتم بينكم و بينه كتابا و جعلتم بينكم و بينه الموادعة ، و لا موادعة بين المسلمين و أهل الحرب منذ نزلت ( براءة ) إلاّ من أقرّ

ــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٥ : ٧٣ .

( ٢ ) تاريخ الطبري ٥ : ٦٤ .

( ٣ ) النساء : ٣٥ .

( ٤ ) المائدة : ٩٥ .

٤١٩

بالجزية إلى أن قال ثم خرج عليّ عليه السّلام حتى انتهى إليهم و هم يخاصمون ابن عباس ، فقال : انته عن كلامهم ، ألم أنهك رحمك اللّه ؟ ثم قال : قال لهم : من زعيمكم ؟ قالوا : ابن الكواء . فقال عليه السّلام : فما أخرجكم علينا ؟ قالوا : حكومتكم يوم صفين . قال : أنشدكم باللّه أتعلمون حيث رفعوا المصاحف فقلتم : نجيبهم إلى كتاب اللّه . قلت لكم : إنّي أعلم بالقوم منكم ، إنّهم ليسوا بأصحاب دين و لا قرآن ، إنّي صحبتهم و عرفتهم أطفالا و رجالا ، فكانوا شرّ أطفال و شرّ رجال ،

امضوا على حقكم و صدقكم ، فإنّما رفع القوم هذه المصاحف خديعة و دهنا و مكيدة . فرددتم على رأيي و قلتم : لا بل نقبل منهم . فقلت لكم : إذكروا قولي لكم و معصيتكم إياي . فلمّا أبيتم إلاّ الكتاب اشترطت على الحكمين : أن يحييا ما أحيا القرآن و أن يميتا ما أمات القرآن ، فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف حكما يحكم بما في القرآن ، و إن أبيا فنحن من حكمهما برآء قالوا له :

أترى عدلا تحكيم الرجال في الدماء ؟ فقال : انا لسنا حكّمنا الرجال إنّما حكمنا القرآن ، و هذا القرآن فإنّما هو خط مسطور بين الدفتين لا ينطق ، إنّما يتكلّم به الرجال . قالوا : فخبّرنا عن الأجل : لم جعلته في ما بينك و بينهم ؟ قال : ليعلم الجاهل و يتثبّت العالم ، و لعل اللّه عزّ و جلّ يصلح في هذه الهدنة هذه الامّة . . . .

و في ( كامل المبرد ) ١ : ذكر أهل العلم من غير وجه : أنّ عليا لمّا وجّه إليهم ابن عباس ليناظرهم قال لهم : ما الذي نقمتم على أمير المؤمنين عليه السّلام ؟

قالوا : قد كان للمؤمنين أميرا فلمّا حكم في دين اللّه خرج من الإيمان ، فليتب بعد إقراره بالكفر نعد له . فقال ابن عباس : لا ينبغي لمؤمن لم يشب إيمانه شك بأن يقر على نفسه بالكفر . قالوا : إنّه قد حكم . قال : إنّ اللّه عزّ و جلّ قد أمرنا بالتحكيم

ــــــــــــ

( ١ ) الكامل للمبرد ٢ : ١٤٢ .

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617