بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٠

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة12%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 82135 / تحميل: 3975
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

قوله عليه السّلام في الثاني : « و طائفة منهم » هكذا في ( المصرية ) ١ ، و كلمة ( منهم ) زائدة لعدم وجودها في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة ) ٢ .

« عضوا على أسيافهم فضاربوا بها حتّى لقوا اللّه صادقين » المراد بهم من قتل يوم الجمل الأصغر ، خروج حكيم بن جبلة مع ثلاثة إخوة له و ثلاثمائة أكثرهم من عشيرته عبد القيس و جهادهم معهم حتّى قتلوا عن آخرهم .

قوله عليه السّلام في الأوّل : « فو اللّه لو لم يصيبوا من المسلمين إلاّ رجلا واحدا معتمّدين » أي : قاصدين لقتله .

« بلا جرم جرّه لحل لي قتل ذلك الجيش كله » فإنّ جميع النّاس لو اشتركوا في قتل واحد جاز قتل الجميع ، و الجيش و إن لم يشترك جميعهم في قتل من قتل ، بل ابن الزبير و عدّة أو هو وحده ، إلاّ انّه لمّا كان ذلك بقوّة باقي الجيش مع عدم إنكارهم و دفاعهم كما قال عليه السّلام :

« إذ حضروه فلم ينكروه و لم يدفعوا عنه بلسان و لا بيد » هكذا في ( المصرية ) ٣ ، و الصواب : « و لا يد » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة ) ٤ كان كاشتراكهم .

« دع ما انهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدّة التي دخلوا بها عليهم » يعني إذا كان قتل جميع الجيش حلالا لقتل واحد عمدا ، كيف لا يحل قتلهم لمثل تلك العدّة التي قتلوها، خزّان بيت المال كانوا أربعمائة على رواية أبي مخنف عن الصقعب ، و أصحاب حكيم بن جبلة كانوا ثلاثمائة .

و في رواية ( رسائل الكليني ) : فدعوا النّاس إلى معصيتي و نقض بيعتي ،

ــــــــــــ

 ( ١ ) نهج البلاغة ٢ : ٢٢٨ .

 ( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١١ : ١٢١ ، و لكن في شرح ابن ميثم ٤ : ٥٠ : طائفة منهم أيضا .

 ( ٣ ) نهج البلاغة ٢ : ١٠٤ .

 ( ٤ ) في شرح ابن أبي الحديد ٩ : ٣٠٩ و شرح ابن ميثم ٣ : ٣٣١ : و لا بيد أيضا .

٦١

فمن أطاعهم أكفروه و من عصاهم قتلوه ، فناجزهم حكيم بن جبلة فقتلوه في سبعين رجلا من عبّاد أهل البصرة و مخبتيهم يسمّون المثفنين ، كأنّ راح أكفّهم ثفنات الإبل . و أبى أن يبايعهم يزيد بن حارث اليشكري فقال : اتقيا اللّه ،

إن أوّلكم قادنا إلى الجنّة ، فلا يقودنا آخركم إلى النار ، فلا تكلفونا أن نصدق المدعي و نقضي على الغائب . أما يميني فشغلها عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ، و هذه شمالي فارغة فخذاها إن شئتما . فخنق حتّى مات .

و قام عبد اللّه بن حكيم التميمي فقال : يا طلحة هل تعرف هذا الكتاب ،

ألك ؟ قال : نعم فإذا فيه عيب عثمان و الدعاء إلى قتله فسيّره من البصرة ،

و أخذوا عاملي عثمان بن حنيف الأنصاري غدرا فمثلوا به كل مثلة و نتفوا كلّ شعرة في رأسه و وجه . . . ١ .

و أمّا عدّة طلحة و الزبير و عايشة التي دخلوا بها البصرة ، ففي ( الطبري ) : في اسناد عن الزهري أنّهم خرجوا من مكّة في سبعمائة رجل من أهل المدينة و مكة ، ثمّ لحقهم النّاس حتّى كانوا ثلاثة آلاف ٢ .

هذا و في ( صفين نصر ) : أنّه عليه السّلام لمّا ورد الكوفة بعد فتح البصرة قام إليه أبو بردة بن عوف الأزدي و كان ممّن تخلّف عنه عليه السّلام فقال : أرأيت القتلى حول عايشة و طلحة و الزبير بم قتلوا ؟ فقال عليه السّلام : قتلوا شيعتي و عمّالي ،

و قتلوا أخا ربيعة العبدي رحمة اللّه عليه في عصابة من المسلمين ، قالوا لهم لا ننكث كما نكثتم و لا نغدر كما غدرتم ، فوثبوا عليهم فقتلوهم ، فسألتهم أن يدفعوا إليّ قتلة إخواني أقتلهم بهم ، ثم كتاب اللّه حكم بيني و بينهم ، فأبوا عليّ فقاتلوني و في أعناقهم بيعتي ، و دماء قريب من ألف رجل من شيعتي فقتلتهم

ــــــــــــ

 ( ١ ) رسائل الكليني .

 ( ٢ ) تاريخ الطبري ٤ : ٤٥٢ ، سنة ٣٦ .

٦٢

بهم . أفي شكّ أنت من ذلك ؟ فقال : قد كنت في شك ، فأمّا الآن فقد استبان لي خطؤهم ، و إنّك أنت المهدي المصيب ١ .

٧

الكتاب ( ٥٧ ) و من كتاب له عليه السّلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة :

أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي خَرَجْتُ مِنْ حَيِّي هَذَا إِمَّا ظَالِماً وَ إِمَّا مَظْلُوماً وَ إِمَّا بَاغِياً وَ إِمَّا مَبْغِيّاً عَلَيْهِ وَ إِنِّي أُذَكِّرُ اَللَّهَ مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي هَذَا لَمَّا نَفَرَ إِلَيَّ فَإِنْ كُنْتُ مُحْسِناً أَعَانَنِي وَ إِنْ كُنْتُ مُسِيئاً اِسْتَعْتَبَنِي أقول : روى هذا الكتاب أبو مخنف في ( جمله ) ، و قد نقله ( ابن أبي الحديد ) في شرح كتابه الأوّل ، روى : أنّه عليه السّلام لمّا نزل الربذة بعث هاشم بن عتبة إلى أبي موسى ، فتوعده أبو موسى ، فكتب هاشم إليه عليه السّلام بذلك ، فبعث عليه السّلام ابن عبّاس و محمّد بن أبي بكر إلى أبي موسى فأبطآ عنه عليه السّلام ، فرحل عن الربذة إلى ذي قار و بعث منها الحسن عليه السّلام و عمّارا و زيد بن صوحان و قيس بن سعد بن عبادة ، و كتب معهم هذا الكتاب . و لقد حكى مضمونه الحسن عليه السّلام و عمّار لأهل الكوفة ٢ .

ففي ( الطبري ) : أنّه عليه السّلام كتب مع الحسن و عمّار إلى أبي موسى باعتزاله ، و ولاية قرظة بن كعب مكانه ، و لمّا دخل الحسن عليه السّلام و عمّار مسجد الكوفة قالا: أيّها النّاس إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام يقول : إنّي خرجت مخرجي هذا ظالما أو مظلوما، و إنّي اذكّر اللّه رجلا دعي للّه حقا إلاّ نفر ، فإن كنت مظلوما

ــــــــــــ

 ( ١ ) وقعة صفّين : ٤ ٥ .

 ( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٤ : ٩ ١١ .

٦٣

أعانني ، و إن كنت ظالما أخذ منّي . و اللّه إن طلحة و الزبير لأول من بايعني و أوّل من غدر ، فهل استأثرت بمال أو بدلت حكما ؟ فانفروا ، فمروا بمعروف ، و انهوا عن منكر ١ .

و إنّما كتب عليه السّلام إلى أهل الكوفة هذا الكتاب لأن أبا موسى كان يأمرهم بالتقاعد ، و يقول لهم : « هذه فتنة صماء ، النائم فيها خير من اليقظان ، و اليقظان خير من القاعد ، و القاعد خير من القائم ، و القائم خير من الراكب . اغمدوا سيوفكم و انصلوا أسنّتكم ، و اقطعوا أوتار قسيّكم حتّى يلتئم هذا الأمر ،

و تنجلي هذه الفتنة . و إنّي سمعت ذلك من النّبيّ » ٢ .

قول المصنّف : « و من كتاب له عليه السّلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة » قد عرفت من خبر أبي مخنف أنّه كان من ذي قار .

قوله : « أمّا بعد فإنّي خرجت من حيي هذا » هكذا في ( المصرية ) ٣ و في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) ٤ : « عن حيي هذا » . ثم « حيي » في كل النسخ ، قال ابن أبي الحديد : معناه منزلي ٥ . و قال ابن ميثم : قبيلتي ٦ .

و أقول : « من حيي » أو « عن حيي » تصحيف من الرضي رضي اللّه عنه ، و الأصل ( مخرجي ) . فمستنده ، و هو كتاب أبي مخنف « فاني خرجت مخرجي هذا » ٧ .

و مرّ أيضا : نقل الحسن عليه السّلام و عمّار رضى اللّه عنه كلامه عليه السّلام لأهل الكوفة بلفظ

ــــــــــــ

 ( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٥٠٠ ، سنة ٣٦ .

 ( ٢ ) المصدر نفسه ٤ : ٤٨٦ ٤٨٧ ، سنة ٣٦ .

 ( ٣ ) نهج البلاغة ٣ : ١٢٥ .

 ( ٤ ) هكذا في شرح ابن أبي الحديد ١٧ : ١٤٠ ، و لكن في شرح ابن ميثم ٥ : ١٩٣ : من حيّي أيضا.

 ( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ١٧ : ١٤٠ .

 ( ٦ ) شرح ابن ميثم ٥ : ١٩٣ .

 ( ٧ ) شرح ابن أبي الحديد ١٤ : ١١ .

٦٤

( مخرجي ) و لا يخفى قربهما خطأ فاشتبه عليه .

« امّا ظالما و امّا مظلوما ، و امّا باغيا و امّا مبغيا عليه » فإن من خرج لقتال لا بد أن يكون من أحدهما .

« و إنّي » هكذا في ( المصرية ) ١ ، و الصواب : ( و انا ) ، كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ٢ و الخطية ) .

« اذكّر اللّه » اللّه مفعول ثان قدّم للأهميّة .

« من » مفعول أوّل .

« بلغه كتابي هذا لما » قال ابن أبي الحديد : « لمّا » بمعنى إلاّ كقوله تعالى :

إن كل نفس لمّا عليها حافظ ٣ ، و قال ٤ ابن ميثم : لمّا مشددة بمعنى إلاّ و مخففة ، و ( ما ) زائدة دخل عليها لام التأكيد أي : لينفرن إليّ ٥ .

قلت : كون لمّا بمعنى إلاّ إن ثبت ، شرطه تقدّم ( ان ) نفي و ليس في كلامه عليه السّلام فتعيّن الثاني .

« نفر » أي : شخص .

« إليّ فإن كنت محسنا أعانني » و روى الطبري عن محمّد بن الحنفية قال :

أقبلنا من المدينة بسبعمائة رجل ، و خرج إلينا من الكوفة سبعة آلاف ، و انضمّ إلينا من حولنا ألفان ، أكثرهم بكر بن وائل و يقال ستة آلاف ٦ .

و عن أبي الطفيل قال عليّ عليه السّلام : يأتيكم من الكوفة اثنا عشر ألف رجل

ــــــــــــ

 ( ١ ) نهج البلاغة ٣ : ١٢٥ .

 ( ٢ ) هكذا في شرح ابن أبي الحديد ١٧ : ١٤٠ ، و لكن في شرح ابن ميثم ٥ : ١٩٣ : و إنّي أيضا .

 ( ٣ ) الطارق : ٤ .

 ( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٧ : ١٤٠ .

 ( ٥ ) شرح ابن ميثم ٥ : ١٩٣ .

 ( ٦ ) تاريخ الطبري ٤ : ٥٠٦ ، سنة ٣٦ .

٦٥

و رجل ، فقعدت على نجفة ذي قار ، فأحصيتهم فما زادوا رجلا و لا نقصوا رجلا١.

« و إن كنت مسيئا استعتبني » أي : طلب رجوعي .

في ( خلفاء ابن قتيبة ) : قال عمّار لأهل الكوفة : أيّها النّاس إنّ أبا موسى ينهاكم عن الشخوص إلى هاتين الجماعتين ، و ما صدق فيما قال و ما رضي اللّه عن عباده بما قال ، قال عزّ و جل : و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتّى تفي‏ء إلى أمر اللّه فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل و أقسطوا إنّ اللّه يحب المقسطين ٢ . و قال تعالى : و قاتلوهم حتّى لا تكون فتنة و يكون الدين كلّه للّه . . . ٣ ، فلم يرض من عباده بما ذكره أبو موسى ، من أن يجلسوا في بيوتهم و يخلّوا النّاس فيسفك بعضهم دماء بعض ، فسيروا معنا إلى هاتين الجماعتين و اسمعوا من حججهم و انظروا من أولى بالنصر فاتّبعوه ، فإن أصلح اللّه أمرهم رجعتم مأجورين ، و قد قضيتم حق اللّه ، و إن بغى بعضهم على بعض ،

نظرتم إلى الفئة الباغية فقاتلتموها حتّى تفي‏ء إلى أمر اللّه كما أمركم اللّه و افترض عليكم ٤ .

و روى ( جمل أبي مخنف ) : أنّ عمّارا قال لأبي موسى : أما إنّي أشهد أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر عليّا بقتال النّاس ، و سمّى له فيهم من سمّى ، و أمرهم بقتال القاسطين و إن شئت لأقيمن لك شهودا يشهدون أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّما نهاك

ــــــــــــ

 ( ١ ) المصدر نفسه ٤ : ٥٠٠ ، سنة ٣٦ .

 ( ٢ ) الحجرات : ٩ .

 ( ٣ ) الأنفال : ٣٩ .

 ( ٤ ) الإمامة و السياسة ١ : ٦٦ .

٦٦

وحدك و حذّرك من الدخول في الفتنة ١ .

قلت : و نهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي موسى وحده ، كما نقله عمّار من آيات نبوّته ، فأبو موسى صار منشأ لفتنتين ، الاولى فتنة تثبيطه النّاس عن أمير المؤمنين عليه السّلام ، فهو كان متفرّدا في ذلك ، فعبد اللّه بن عمر و سعد بن أبي وقاص و محمّد بن مسلمة و المغيرة بن شعبة اعتزلوه عليه السّلام و اعتزلوا غيره و لم يثبطوا النّاس مثل أبي موسى عنه عليه السّلام .

و قد أشار إلى ذلك زيد بن صوحان و كان من الجلال بمكان اعترفت به عايشة مع كونها مبغضة لشيعة أمير المؤمنين عليه السّلام مثله ٢ .

ففي ( الطبري ) : لمّا أمر أبو موسى النّاس بالتثبيط ، قام إليه زيد بن صوحان و شال يده المقطوعة و أومى إلى أبي موسى و تلا : ألم أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا و هم لا يفتنون و لقد فتنّا الذين من قبلهم فليعلمنّ اللّه الذين صدقوا و ليعلمنّ الكاذبين ٣ ثم نادى : سيروا إلى أمير المؤمنين صراط سيّد المرسلين ، و انفروا إليه أجمعين ٤ .

و الثانية : فتنة حكميته و خبطه في ذلك أيضا واضح لا يحتاج إلى بيان .

و قد رد على أبي موسى غير عمّار و زيد عبد خير الخيواني ، ففي ( الطبري ) : أنّه قال لأبي موسى : أخبرني عن هذين الرجلين ألم يبايعا عليّا عليه السّلام ؟ قال : بلى . قال : أفأحدث عليّ عليه السّلام حدثا يحل به نقض بيعته ؟ قال : لا أدري ، قال : لا دريت و لا أتيت ، إذا كنت لا تدري فنحن تاركوك حتّى تدري ،

أخبرني هل تعلم أحدا خارجا عن هذه الفرق الأربع عليّ بظهر الكوفة و طلحة

ــــــــــــ

 ( ١ ) نقله عنه ابن أبي الحديد في شرح النهج ١٤ : ١٥ .

 ( ٢ ) انظر الجمل للمفيد : ٥١ ، ٢٤٨ ، ٢٥١ ، ٤٣١ ، و أماليه : ٢١٧ ٢١٨ .

 ( ٣ ) العنكبوت : ١ ٣ .

 ( ٤ ) تاريخ الطبري ٤ : ٤٨٤ ، سنة ٣٦ .

٦٧

و الزبير . البصرة و معاوية بالشام و فرقة رابعة بالحجاز قعود لا يجبى بهم في‏ء و لا يقاتل بهم عدوّ ؟ قال أبو موسى : أولئك خير النّاس ، فقال له عبد خير :

اسكت يا أبا موسى فقد غلب عليك غشّك ١ .

٨

الكتاب ( ٦٣ ) و من كتاب له عليه السّلام إلى أبي موسى الأشعريّ و هو عامله على الكوفة و قد بلغه عنه تثبيطه الناس عن الخروج إليه لما ندبهم لحرب أصحاب الجمل :

مِنْ عَبْدِ اَللَّهِ ؟ عَلِيٍّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ ؟ إِلَى ؟ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ؟ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي عَنْكَ قَوْلٌ هُوَ لَكَ وَ عَلَيْكَ فَإِذَا قَدِمَ رَسُولِي عَلَيْكَ فَارْفَعْ ذَيْلَكَ وَ اُشْدُدْ مِئْزَرَكَ وَ اُخْرُجْ مِنْ جُحْرِكَ وَ اُنْدُبْ مَنْ مَعَكَ فَإِنْ تَحَقَّقْتَ فَانْفُذْ وَ إِنْ تَفَشَّلْتَ فَابْعُدْ وَ اَيْمُ اَللَّهِ لَتُؤْتَيَنَّ مِنْ حَيْثُ أَنْتَ وَ لاَ تُتْرَكُ حَتَّى يُخْلَطَ زُبْدُكَ بِخَاثِرِكَ وَ ذَائِبُكَ بِجَامِدِكَ وَ حَتَّى تُعْجَلُ عَنْ قِعْدَتِكَ وَ تَحْذَرَ مِنْ أَمَامِكَ كَحَذَرِكَ مِنْ خَلْفِكَ وَ مَا هِيَ بِالْهُوَيْنَى اَلَّتِي تَرْجُو وَ لَكِنَّهَا اَلدَّاهِيَةُ اَلْكُبْرَى يُرْكَبُ جَمَلُهَا وَ يُذَلُّ صَعْبُهَا وَ يُسَهَّلُ جَبَلُهَا فَاعْقِلْ عَقْلَكَ وَ اِمْلِكْ أَمْرَكَ وَ خُذْ نَصِيبَكَ وَ حَظَّكَ فَإِنْ كَرِهْتَ فَتَنَحَّ إِلَى غَيْرِ رَحْبٍ وَ لاَ فِي نَجَاةٍ فَبِالْحَرِيِّ لَتُكْفَيَنَّ وَ أَنْتَ نَائِمٌ حَتَّى لاَ يُقَالَ أَيْنَ فُلاَنٌ وَ اَللَّهِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مَعَ مُحِقٍّ وَ مَا أُبَالِي مَا صَنَعَ اَلْمُلْحِدُونَ وَ اَلسَّلاَمُ قول الصنّف « و من كتاب له عليه السّلام إلى أبي موسى الأشعري و هو عامله على الكوفة » في ( تاريخ اليعقوبي ) : عزل عليّ عليه السّلام عمّال عثمان عن البلدان خلا

ــــــــــــ

 ( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٤٨٦ ، سنة ٣٦ .

٦٨

أبي موسى و هو الأشعريّ كلّمه الأشتر ، فأقرّه ١ .

« و قد بلغه عنه تثبيطه » أي : توقيفه .

« النّاس عن » و في ( المصرية ) : ( على ) ٢ غلط .

« و الخروج إليه لمّا ندبهم لحرب الجمل » هكذا في ( المصرية و ابن أبي الحديد ) ٣ و لكن ليس في ( ابن ميثم ) : جملة ( لمّا ندبهم ) ٤ و لعلّه سقط من النسخة .

و كيف كان ففي ( المروج ) : لمّا كاتب عليّ عليه السّلام أبا موسى فثبّطهم و قال :

إنّما هي فتنة ، فنمى ذلك إليه عليه السّلام ولّى على الكوفة قرظة بن كعب الأنصاري و كتب إلى أبي موسى : « اعتزل عملنا يابن الحائك مذؤوما مدحورا ، فما هذا أوّل يومنا منك ، و إن لك فيها لهنات و هنيات » ٥ .

و عن محمّد بن إسحاق : قدم محمّد بن جعفر و محمّد بن أبي بكر الكوفة لاستنفار النّاس ، فدخل قوم منهم على أبي موسى ليلا فقالوا له : أشر علينا برأيك في الخروج مع هذين الرجلين إلى عليّ ، فقال لهم : أمّا سبيل الآخرة فالزموا بيوتكم ، و أمّا سبيل الدّنيا فاشخصوا معهما . فمنع بذلك أهل الكوفة من الخروج ، و بلغهما ذلك فأغلظا له ، فقال لهما : إنّ بيعة عثمان لفي عنق عليّ و عنقي و أعناقكما . . . ٦ .

ــــــــــــ

 ( ١ ) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٧٩ .

 ( ٢ ) نهج البلاغة ٣ : ١٣٣ .

 ( ٣ ) نهج البلاغة ٣ : ١٣٣ ، شرح ابن أبي الحديد ١٧ : ٢٤٦ .

 ( ٤ ) في شرح ابن ميثم ٥ : ٢٠٤ : لمّا ندبهم لحرب أصحاب الجمل أيضا .

 ( ٥ ) مروج الذهب ٢ : ٣٦٨ ٣٦٩ .

 ( ٦ ) شرح ابن أبي الحديد ١٤ : ٩ .

٦٩

و مثله ( خلفاء ابن قتيبة ) إلاّ أنّه قال : بعث عمّارا و محمّد بن أبي بكر ١ .

و عن أبي مخنف : أنّ عليّا عليه السّلام بعث من الربذة هاشم بن عتبة إلى أبي موسى ، و كتب إليه : أنّي قد بعثت إليك هاشما لتشخص إلى من قبلك من المسلمين ليتوجهوا إلى قوم نكثوا بيعتي و قتلوا شيعتي و أحدثوا في الإسلام هذا الحدث العظيم ، فاشخص بالناس إليّ معه حين يقدم إليك ، فاني لم أولك المصر الذي أنت فيه ، و لم اقرّك عليه إلاّ لتكون من أعواني على الحقّ ،

و أنصاري على هذا الأمر ٢ .

و رواه الطبريّ مع اختصار ٣ .

و عن أبي مخنف : فبعث هاشم بن عتبة من الكوفة المحل بن خليفة إلى عليّ عليه السّلام بالربذة ، و كتب معه إليه عليه السّلام : « إنّي قدمت بكتابك على امرى‏ء مشاق بعيد الود ، ظاهر الغل و الشنآن ، فتهددني بالسجن و خوفني بالقتل .

فبعث عليه السّلام ابن عبّاس و محمّد بن أبي بكر إليه و كتب معهما إليه : أما بعد يابن الحائك يا عاضّ اير أبيه ، فو اللّه إنّي كنت لأرى أنّ بعدك من هذا الأمر الذي لم يجعلك اللّه له أهلا ، و لا جعل لك فيه نصيبا ، سيمنعك من ردّ أمري و الابتزاز عليّ ، و قد بعثت إليك ابن عبّاس و ابن أبي بكر فخلّهما و المصر و أهله ، و اعتزل عملنا مذؤوما مدحورا ، فإن فعلت و إلاّ فإنّي قد أمرتهما على أن ينابذاك على سواء ، . . . إنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين ٤ ، فإذا ظهرا عليك قطعاك إربا إربا ،

و السلام على من شكر النعمة و وفى بالبيعة و عمل برجاء العاقبة ٥ .

ــــــــــــ

 ( ١ ) الإمامة و السياسة ١ : ٦٥ ٦٦ .

 ( ٢ ) نقله عنه المفيد في الجمل : ٢٤٢ و ابن أبي الحديد في شرح النهج ١٤ : ٩ .

 ( ٣ ) تاريخ الطبري ٤ : ٤٩٩ ، سنة ٣٦ .

 ( ٤ ) يوسف : ٥٢ .

 ( ٥ ) نقله عنه المفيد في الجمل : ٢٤٢ ٢٤٣ و ابن أبي الحديد في شرح النهج ١٤ : ٩ ١٠ .

٧٠

و رواه الطبري إلاّ أنّه قال : بعث الحسن عليه السّلام و عمّارا يستنفران النّاس ،

و بعث قرظة أميرا و كتب معه إلى أبي موسى : فقد كنت أرى أنّ عزوبك عن هذا الأمر الذي لم يجعل اللّه تعالى لك منه نصيبا ، سيمنعك من ردّ أمري ، و قد بعثت الحسن و عمّارا يستنفران النّاس ، و بعثت قرظة واليا على المصر ، فاعتزل عملنا مذؤوما مدحورا، فإن لم تفعل فإنّي قد أمرته أن ينابذك فإن نابذته فظفر بك ان يقطعك آرابا ١ .

قوله عليه السّلام « من عبد اللّه عليّ أمير المؤمنين » هكذا في ( المصرية و ابن أبي الحديد ) ٢ و لكن ليس في ( ابن ميثم ) : كلمة ( عليّ ) ٣ .

« إلى عبد اللّه بن قيس » و هو أبو موسى الأشعريّ .

« اما بعد فقد بلغني عنك قول هو لك و عليك » .

قال ابن أبي الحديد : أراد به أنّ أبا موسى كان يقول لأهل الكوفة : إنّ عليّا إمام هدى و بيعته صحيحة ، إلاّ أنّه لا يجوز القتال معه مع أهل القبلة ، و هذا القول بعضه حقّ و بعضه باطل ٤ .

قلت : كون المراد ما ذكر غير معلوم ، فلم يعلم أوّلا أنّ أبا موسى قال ما نسب إليه ، و إنّما روى المفيد في ( جمله ) : أنّ ابن عبّاس خدعه بأنّ أمير المؤمنين عليه السّلام يقرّه على حكومته ، فأخذ البيعة له من النّاس .

فروى أنّ ابن عبّاس قال له عليه السّلام : ابعث إلى الكوفة ابنك الحسن عليه السّلام و عمّارا و أنا أخرج معهما ، فلمّا وصلوا قال لهما : إنّ أبا موسى عاق ، فإذا رفقنا به أدركنا حاجتنا ، فقالا له : افعل ما شئت .

ــــــــــــ

 ( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٤٩٩ ٥٠٠ ، سنة ٣٦ .

 ( ٢ ) نهج البلاغة ٣ : ١٣٣ : شرح ابن أبي الحديد ١٧ : ٢٤٦ .

 ( ٣ ) في شرح ابن ميثم ٥ : ٢٠٤ : عليّ أمير المؤمنين أيضا .

 ( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٧ : ٢٤٦ .

٧١

فقال لأبي موسى : إنّ عليّا عليه السّلام أرسلنا إليك لما يظن من سرعتك إلى طاعة اللّه و رسوله ، و مصيرك إلى ما أحبنا أهل البيت ، و قد علمت فضله و سابقته في الإسلام و يقول لك : أن تبايع النّاس يقرّك على عملك و يرضى عنك . فانخدع و صعد المنبر فبايع له عليه السّلام ثم نزل ١ .

و ثانيا : إنّه لو ثبت ما نسب إليه ، لم يعلم صحّة التعبير عنه بأنه ( قول لك و عليك ) ، و لعل في الرواية تحريفا ، و أنّ الأصل : ( قول هو عليك لا لك ) .

فروى ابن قتيبة و أبو مخنف : إنّ أبا موسى قال لرسوليه عليه السّلام محمّد بن أبي بكر و عمّارا و محمّد بن جعفر : بأنّا لو أردنا قتالا ما كنّا نبدأ بأحد من قتلة عثمان ٢ .

و لازمه نصره له عليه السّلام في حربه مع طلحة و الزبير و عايشة لاعترافه بدخالتهم في قتل عثمان ، و اعتزاله عليه السّلام عنه فيكون قوله عليه لا له .

و يمكن أيضا بأن يقال : بأنّ قوله ذاك عليه لا له ، بأن قوله يستلزم حلية قتل عمّار ، مع ان من المتواتر قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله : « عمّار تقتله الفئة الباغية » ،

فضلا عن كونه مجمعا على جلاله .

و في ( خلفاء ابن قتيبة ) : انّ عمّارا قال : يا أهل الكوفة إن كان غابت عنكم امورنا فقد انتهت إليكم أنباؤنا ، إن قتلة عثمان لا يعتذرون من قتله إلى النّاس ، و لا ينكرون ذلك ، و قد جعلوا كتاب اللّه بينهم و بين محاجّيهم ،

فبه أحيى اللّه من أحيى و أمات من أمات ، و إنّ طلحة و الزبير كانا أوّل من طعن و آخر من أمر ، و كانا أوّل من بايع عليّا عليه السّلام ، فلمّا أخطأهما ما أمّلاه

ــــــــــــ

 ( ١ ) الجمل للمفيد : ٢٦١ .

 ( ٢ ) الإمامة و السياسة ١ : ٦٦ ، شرح ابن أبي الحديد ١٤ : ٩ .

٧٢

نكثا بيعتهما من غير حدث ١ .

و أي قول كان من أبي موسى له و قد بيّن عمّار كون قوله كلّه عليه .

ففي ( خلفاء ابن قتيبة ) : لمّا صعد أبو موسى المنبر و قال : أيّها النّاس إنّ أصحاب محمّد الذين صحبوه في المواطن أعلم باللّه و رسوله ممّن لم يصحبه ، و إنّ لكم حقّا عليّ أن اؤديه إليكم ، إنّ هذه الفتنة النائم فيها خير من اليقظان ، و القاعد خير من القائم ، و القائم فيها خير من الساعي ، و الساعي خير من الراكب ، فاغمدوا سيوفكم حتّى تنجلي هذه الفتنة ، قام عمّار و قال : أيّها النّاس إنّ أبا موسى ينهاكم عن الشخوص إلى هاتين الجماعتين و ما صدق فيما قال و لا رضي اللّه من عباده بما قال قال عزّ و جل : و ان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتّى تفي‏ء إلى أمر اللّه فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل و أقسطوا . . . ٢ و قال تعالى : و قاتلوهم حتّى لا تكون فتنة و يكون الدين كلّه للّه . . . ٣ ، فلم يرض من عباده بما ذكر أبو موسى من أن يجلسوا في بيوتهم و يخلوا النّاس فيسفك بعضهم دماء بعض فسيروا معنا إلى هاتين الجماعتين و اسمعوا من حججهم ، و انظروا من أولى بالنصرة فاتبعوه ، فإن أصلح اللّه أمرهم رجعتم مأجورين و قد قضيتم حق اللّه تعالى ، و إن بغى بعضهم على بعض نظرتم إلى الفئة الباغية ، فقاتلوهم حتّى تفي‏ء إلى أمر اللّه كما امرتم و افترض عليكم ٤ .

و كذلك ردّ على أبي موسى قوله كلّه عبد خير الخيواني كما مر في العنوان السابق .

ــــــــــــ

 ( ١ ) الإمامة و السياسة ١ : ٦٧ .

 ( ٢ ) الحجرات : ٩ .

 ( ٣ ) الأنفال : ٣٩ .

 ( ٤ ) الإمامة و السياسة ١ : ٦٦ .

٧٣

و لو صحّت رواية المصنّف : ( قول هو لك و عليك ) ، فمحمول على أنّ ما نقله أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال له : إنّ هذه الفتنة النائم فيها خير من اليقظان ، قاله له خاصة لعلمه صلّى اللّه عليه و آله بانحرافه عنه ، فقال صلّى اللّه عليه و آله له : من كان في فتنة الناكثين نائما كسعد و ابن عمرو لم يخذلا النّاس عنه عليه السّلام كما لم ينصراه ، خير من أبي موسى الذي كان قائما بخذل النّاس عنه عليه السّلام .

و يشهد له رواية أبي مخنف : ( لمّا صعد أبو موسى المنبر و قال : كأني أسمع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالأمس يذكر الفتن فيقول : أنت فيها نائما خير منك قاعدا إلى أن قال قام عمّار و قال له : إن كنت صادقا فإنّما عناك بذلك وحدك و اتخذ عليك الحجّة ، فالزم بيتك و لا تدخلن في الفتنة ، أما إنّي أشهد أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر عليّا بقتال الناكثين و سمّى له فيهم من سمّى و أمره بقتال القاسطين ، و إن شئت لأقيمن لك شهودا أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّما نهاك وحدك و حذّرك من الدخول في الفتنة ثم قال له : اعطني يدك على ما سمعت فمد يده إليه فقال له عمّار :

غلب اللّه من غالبه و جاحده ثم جذبه فنزل ١ .

و رواه الطبريّ مختصرا ٢ .

« فاذا قدم رسولي » و لعل المراد به قرظة بن كعب الأنصاري كما مر عن ( المروج ) ٣ .

« عليك فارفع ذيلك » ( ارفع ذيلك ) كقولك شمّر ذيلك .

« و اشدد مئزرك » كقولك : ( اشدد حيازيمك ) .

« و اخرج من جحرك » قال ابن أبي الحديد : كناية غض عن أبي موسى

ــــــــــــ

 ( ١ ) نقله عنه المفيد في الجمل : ٢٥٢ .

 ( ٢ ) تاريخ الطبري ٤ : ٤٨٦ ٤٨٧ ، سنة ٣٦ .

 ( ٣ ) مروج الذهب ٢ : ٣٦٨ ٣٦٩ .

٧٤

جعله ثعلبا أو ضبا ١ .

قلت : فيه أوّلا : أنّ الجحر لم يأت للثعلب بل للضب و الحيّة ، و إنّما يأتي للثعلب كالأرنب المكو كما صرح به الثعالبي في ( فقه لغته ) ٢ .

و قال الشاعر :

و لا ترى الضب بها ينجحر

و في كلامه عليه السّلام : أو انجحر انجحار الضبة في جحرها ٣ و ثانيا : من أين أنّه كناية غض و ليس من قبيل قولهم : « دخلوا في مجاحرهم » أي : في مكامنهم ، و يشهد له كونه في سياق ( ارفع ذيلك و اشدد مئزرك ) ، فيكون الكل في معنى الأمر بالجد في الأمر و إنّ بعده .

« فاندب » أي : إلى حرب أهل البصرة .

« من معك » أي : من أهل الكوفة .

« فان تحققت » هكذا في ( المصرية ) ٤ ، و الصواب : ( فان حققت ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة ) ٥ .

« فانفذ » أي : إذا تبيّن لك ان حرب الناكثين حق فأجر الندب إليهم .

« و إن تفشلت » أي : خفت و جبنت من أن يكون حقّا .

« فابعد » من امرنا و عملنا .

« و ايم اللّه لتؤتين من حيث » هكذا في ( المصرية و ابن أبي الحديد ) ٦ ، و لكن

ــــــــــــ

 ( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٧ : ٢٤٧ .

 ( ٢ ) فقه اللغة للثعالبي : ٤٣٦ المكتبة التجارية ، مصر ، ١٩٣٨ م . و في نسخة ( كموء ) بدل ( مكو ) و هو قلب مكاني .

 ( ٣ ) نهج البلاغة ١ : ١١٣ ، الخطبة ٦٩ .

 ( ٤ ) في نهج البلاغة ٣ : ١٣٣ : فإن حقّقت .

 ( ٥ ) في شرح ابن أبي الحديد ١٧ : ٢٤٦ : فإن تحقّقت ، و في شرح ابن ميثم ٥ : ٢٠٤ : فان حقّقت.

 ( ٦ ) نهج البلاغة ٣ : ١٣٣ ، شرح ابن أبي الحديد ١٧ : ٢٤٦ .

٧٥

في ( ابن ميثم ) : ( حيث ) ١ .

« أنت و لا تترك حتّى يخلط زبدك » و الزبد : خلاصة اللبن التي تحصل مخضه .

« بخاثرك » و الخاثر : بقيّة اللبن الدون ، في ( الصحاح ) في المثل : « اخلط الخاثر بالزباد » و زباد اللبن بالضم و التشديد ما لا خير فيه ٢ .

و هو كما ترى فإنّ الظاهر أنّ الزباد بمعنى الزبد و أنّه أحسن اللبن ،

و الخاثر أدونه .

« و ذائبك بجامدك » في ( الصحاح ) : في المثل : « ما يدري أيخثر أم يذيب » ٣ .

« و حتّى تعجل عن » و في ( المصرية ) : ( في ) ٤ غلط .

« قعدتك » اي : لا تمهل حتّى تقعد ، فبعث عليه السّلام إليه الأشتر و كان على المنبر فلم يمهله يتم كلامه .

ففي الطبري : إنّ الأشتر استأذن عليا عليه السّلام في إتيان الكوفة بعد الحسن عليه السّلام و عمّار ، فأذن له فأقبل حتّى دخل الكوفة ، و قد اجتمع النّاس في المسجد الأعظم ، فجعل لا يمر بقبيلة يرى فيها جماعة في مجلس أو مسجد إلاّ دعاهم و يقول : اتبعوني إلى القصر ، فانتهى إلى القصر في جماعة من النّاس فاقتحم القصر و أبو موسى قائم في المسجد يخطب النّاس و يثبطهم إلى أن قال قال أبو مريم الثقفي : و اللّه إنّي لفي المسجد و عمّار يخاطب النّاس إذ خرج علينا غلمان أبي موسى يشتدون ينادون يا أبا موسى هذا الأشتر دخل القصر و ضربنا و أخرجنا فنزل أبو موسى فدخل القصر و صاح به الأشتر : اخرج

ــــــــــــ

 ( ١ ) في شرح ابن ميثم ٥ : ٢٠٤ : « من حيث » أيضا .

 ( ٢ ) الصحاح ٢ : ٤٨٠ ، مادة : ( زبد ) .

 ( ٣ ) الصحاح ١ : ١٢٩ ، مادة : ( ذوب ) .

 ( ٤ ) نهج البلاغة ٣ : ١٣٣ .

٧٦

من قصرنا ، أخرج اللّه نفسك ، فو اللّه إنّك لمن المنافقين قديما و دخل النّاس ينتهبون متاع أبي موسى ، فمنعهم الأشتر و قال : إنّي قد أخرجته فكفّ النّاس عنه ١ .

« و تحذّر من أمامك كحذرك من خلفك » و هو كناية عن كمال توجّه أسباب الخطر ، فإنّ الإنسان غالبا يحذر من خلفه الذي لا يراه ، لا من أمامه الذي نصب عينيه .

ثمّ الظاهر كونه إشارة إلى أنّه إن أدام برأيه في الخذلان عنه ، لم ينحصر خوفه بمن يأتيه من عنده ، بل يحصل له الخوف من بلد هو فيه ، فقد عرفت أنّه لمّا جاءه الأشتر و هدّده نهب النّاس متاعه .

« و ما هي » أي : خصلته التي تخلق بها من خذلان النّاس عنه عليه السّلام .

« بالهوينا » تصغير الهون ، و من الغريب عدم تعرّض كتب اللغة حتّى ( القاموس ) له.

« الّتي ترجو » رجا أبو موسى لما هوّن عمر أمره عليه السّلام بتفويض الأمر إلى بني اميّة بنصب عثمان أن يكون أمره عليه السّلام هيّنا حتّى يقدر هو على مخالفته عليه السّلام.

« و لكنّها الداهية الكبرى » أي : أمر عظيم و شدّة شديدة .

« يركب جملها » فيهزم الناكثين و أهل الجمل .

« و يذلّ صعبها و يسهل جبلها » في القاسطين ، فيقتل عليه السّلام منهم حتّى أرادوا الفرار .

هذا و قال ابن أبي الحديد : معنى قوله عليه السّلام : « و ايم اللّه لتؤتين من حيث أنت » إن أقمت على تثبيط أهل الكوفة ، ليأتينكم و أنتم في منازلكم أهل البصرة

ــــــــــــ

 ( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٤٨٦ ٤٨٧ ، سنة ٣٦ .

٧٧

مع طلحة ، و نأتينّكم نحن بأهل المدينة فيجتمع عليكم سيفان من أمامكم و خلفكم .

قال : و معنى قوله عليه السّلام : « و تحذّر من أمامك كحذرك من خلفك » إن أقمت على منع النّاس عن الحرب معنا و معهم ، يأتيك أهل البصرة و أهل المدينة فتكون كما قال تعالى : إذ جاؤكم من فوقكم و من أسفل منكم . . . ١ .

قال : و معنى قوله عليه السّلام : « يركب جملها و يذل صعبها و يسهل جبلها » لا تقل إنّ هذا أي قصد الجيوش من الجانبين الكوفة أمر صعب فإنّه إن دام الأمر على ما أشرت إلى أهل الكوفة من التخاذل ، ليرتكبن أهل المدينة و أهل البصرة هذا المستصعب فنطلب نحن و أهل البصرة ان نملك الكوفة فيجتمع عليها الفريقان ٢ .

قلت : و كلامه كما ترى بمراحل فأي وجه لأن يوعد عليه السّلام أهل الكوفة فلم يكونوا كأهل البصرة منابذين له عليه السّلام ؟ و إنّما كان أبو موسى شخصه منابذا له عليه السّلام ، و لم يكن سلطان الكوفة حتّى يحتاج إلى جمع جيشه عليه السّلام و جيش طلحة و الزبير عليه ، فقد عرفت أنّه عليه السّلام لمّا بعث الأشتر وحده إليه فر ، و إمارته إنّما كانت من قبله عليه السّلام بطلب الأشتر أوّلا ذلك منه ، و بعزله كان يصير نفرا من عرض النّاس ، و من ولاّه بدله كان يقدر على عقوبته كل العقوبة .

فمرّ رواية أبي مخنف في بعثه عليه السّلام ابن عبّاس و محمّد بن أبي بكر إليه و كتابه عليه السّلام إليه : فإذا ظهرا عليك قطعاك اربا ٣ .

و مرّ رواية الطبري في بعثه عليه السّلام قرظة إليه ، و كتابه إليه : فإذا نابذته

ــــــــــــ

 ( ١ ) الأحزاب : ١٠ .

 ( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٧ : ٢٤٧ ٢٤٨ .

 ( ٣ ) نقله ابن أبي الحديد في شرح النهج ١٤ : ٩ ١٠ .

٧٨

فظفر أمرته أن يقطّعك آرابا ١ .

مع أنّ أبا موسى انّما كان يثبّط النّاس عنه عليه السّلام ، لأنّه كان يعلم أنّه عليه السّلام لا يستعمل مثله منافقا ، و أما طلحة و الزبير فإن كانا غلبا لم يخش منهما عدم توليته لكونهم جميعا على رأي واحد ، و إنّما أمر أهل الكوفة بملازمة بيوتهم لأنّه لم يتوقع منهم مساعدة طلحة و الزبير ، فإنّ ميلهم كان معه عليه السّلام لا معهما ،

و كان يقول لأهل الكوفة كما روى أبو مخنف : أنّ عليّا إنّما يستنفركم لجهاد امّكم عايشة و طلحة و الزبير حواري النّبيّ . و كان يقول لأهل الكوفة كما روى الواقدي : إنّ عايشة كتبت إليّ أن اكفني من قبلك ، و هذا عليّ قادم إليكم يريد أن يسفك بكم دماء المسلمين ٢ . و بالجملة تفسيره في غاية السقوط .

« فاعقل عقلك » أي : احبس عقلك عن الخطأ .

« و املك أمرك » بأن لا تتبع هواك .

« و خذ نصيبك و حظّك » أي : من أمري .

« فإن كرهت » أمري .

« فتنحّ » أي : ابعد .

« إلى غير رحب » أي : سعة .

« و لا في نجاة » من بأس اللّه .

« فبالحري » أي : فبالجدير .

« لتكفين و أنت نائم حتّى لا يقال أين فلان » أي : يأخذ البيعة من أهل الكوفة رجال كثيرون ، و لا يحتاج ذلك إليك حتّى يسأل عنك و لا أثر لوجودك .

« و اللّه إنّه لحق مع محق » قال ابن أبي الحديد : إشارة إلى قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله

ــــــــــــ

 ( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٥٠٠ ، سنة ٣٦ .

 ( ٢ ) الجمل للمفيد : ٢٥٧ .

٧٩

فيه عليه السّلام اللهمّ أدر الحق معه حيثما دار ١ .

قلت : و روى أبو مخنف : إنّ رجلا قام إليه عليه السّلام فقال : أي : فتنة أعظم من هذه ؟ إنّ البدرية تمشي بعضها إلى بعض بالسيف فقال عليه السّلام : ويحك أتكون فتنة أنا أميرها و قائدها ، و الذي بعث محمّدا بالحق و كرّم وجهه ما كذبت و لا كذبت ، و لا ظللت و لا ضلّ بي ، و لا زللت و لا زلّ بي ، و إنّي لعلى بيّنة من ربي بيّنها اللّه لرسوله و بيّنها رسوله لي ٢ .

و روى ابن ديزيل عن يحيى بن سليمان ، عن يحيى بن عبد الملك ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن محمّد بن فضيل ، عن الأعمش عن أبي سعيد الخدري قال : كنّا مع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم فانقطع شسع نعله فألقاها إلى عليّ عليه السّلام يصلحها ثم قال : إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله . فقال أبو بكر :

أنا هو ؟ قال : لا فقال عمر : أنا هو ؟ قال : لا ، و لكنّه خاصف النعل و يد عليّ عليه السّلام على نعل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم يصلحها . قال أبو سعيد : فأتيت عليّا عليه السّلام فبشّرته بذلك ، فلم يحفل به كأنّه شي‏ء كان علمه من قبل ٣ .

و روى محمّد بن يعقوب عن حفص بن غياث عن جعفر بن محمّد عليه السّلام :

أنّ رجلا سأل أباه عن حروب جدّه عليّ عليه السّلام فقال له : بعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بخمسة أسياف ثلاثة منها شاهرة و سيف مكفوف إلى أن قال و أمّا السيف المكفوف فسيف على أهل البغي و التأويل ، قال تعالى : و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا إلى فقاتلوا التي تبغي حتّى تفي‏ء إلى أمر اللّه . . . ٤ . فلمّا نزلت هذه الآية قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله : إنّ منكم من يقاتل بعدي على التأويل ، كما

ــــــــــــ

 ( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٧ : ٢٤٩ .

 ( ٢ ) نقله عنه ابن أبي الحديد في شرح النهج ١ : ٢٦٥ .

 ( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٠٧ .

 ( ٤ ) الحجرات : ٩ .

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

اللفظ ـ بماله هو كونه قد وثق بموكّله ، وأنّه حدّد له الضابطة العامّة ، فهذا هو الذي خفّف من احتمال إضاعة المال بدل إنمائه ، وغلبت على الموكّل مصلحة الإنماء التي فيها احتمال العكس على مصلحة تجميد المال ، مع قطيعة الركود وعدم الإنماء.

ويمكن تطبيق هذا الأمر على مسألة المعصوم مع الفقيه ، بحذف بعض الألفاظ ، فإنّا نجد أنّ العملية تشبهها تماماً.

ونرجع إلى الكلام السابق وهو : إنّ الظلم الذي يوقعه الفقيه ـ على فرض وقوعه ـ أمّا شخصي وأمّا اجتماعي ـ ويتأكّد هذا عند من يؤمن بنظرية ولاية الفقيه ، والأوّل لا يخصّ ولي الفقيه ، بل يشمل كلّ فقيه ؛ لأنّ نظرية ولاية الفقيه لا تنفي الفقاهة عن غير الولي ، وإنّما تنيط بعض الوظائف بمن صار وليّاً ، وتقلّص من تصرّفات الفقيه غير الولي في بعض الموارد ، وخصوصاً المسائل الاجتماعيّة.

وعليه فهذا الإشكال يطرح على عامّة فقهاء الإسلام سنّة وشيعة ، فضلاً عن فقهاء الشيعة ، فضلاً عن ولي الفقيه ، لأنّ احتمال الظلم الشخصي في الجميع وارد.

ويدفع هذا الإشكال ، بالشرع نفسه الذي فرض أنّ إصابة الفقيه كخطئه ، كما في الحديث المعروف : «من اجتهد فأصاب فله أجران ، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر »(١) .

أو بالنظرية التي طرحها السيّد محمّد باقر الصدر في كتابه « الأُسس المنطقية للاستقراء » ، التي فرضت أنّ عموم المصلحة التي ولدت جواز تصدّي الفقيه للاستنباط تغلّبت على المفسدة الخاصّة في بعض الموارد باعتبار انسلاخ الفقيه عن العصمة ، وبالتالي يكون العقل مسانداً لها ، وحاكماً بصحّة إناطة هذه الوظيفة به.

__________________

١ ـ المفردات في غريب القرآن : ٢٨٨.

٣٨١

وأمّا على المستوى الاجتماعيّ ، فهنا بعد الجوابين السابقين والكلام المتقدّم حول شروط الفقيه ، وإن كان الدليل يقضي بذلك عند من يؤمن بولاية الفقيه ، إلاّ أنّ الواقع العمليّ والتطبيق ، والمتمثّل بما قام به السيّد الخميني ( قدس سره ) ، أضاف إليه قيداً يخفّف من وطأة الإشكال المتقدّم ، بفرض النظارة على الفقيه من قبل عدّة من الفقهاء ، يراقبون تصرّفاته وما يقوم به ، فالحلقة تكون هكذا :

الأُمّة التي سيادتها بيد الفقيه لا بصندوق الاقتراع ، وولي الفقيه الذي يحدّد مصلحتها ويقودها ، عليه نظارة من قبل عدّة من الفقهاء ، رعاية للمصالح العامّة التي يتصرّف فيها الفقيه ، ويحدّد فيها مصلحة الأُمّة.

وبالتالي تستطيع من خلال ذلك تجاوز الإشكالية السابقة ، أو الحلقة المفقودة في الفقيه ، وهي عدم العصمة ، أو احتمال الظلم الصادر من الفقيه ، وأمّا إشكالية التبليغ ، وأنّ دور الأئمّة هو التبليغ فهذا أوّلا : لا يجعل شقّاً لما سبقه ، لأنّ القضية ليست مانعة جمع ، فلإمام وظيفته حفظ الشريعة وتبليغها ، أي الهيمنة الكاملة على رسالة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بجميع أنحائها ، فهو يعلّم الجاهل ، ويراقب الفرد والمجتمع في التطبيق.

وثانياً : بعد ما عرضنا سابقاً صورة موجزة ـ إن صحّ التعبير ـ عن هيكلية الإمامة ودورها ، وسرّ غيبة الإمامعليه‌السلام ، فلا يبقى محلّ لهذا الكلام ، إذ كلّ إيراد يذكر ينبع من قضية فهم الإمامة.

فمن أدرك أمر الإمامة القرآنية وأدرك لبّها ، هانت عنده جميع الصعاب ، وتهشّمت كلّ الإيرادات.

وثالثاً : إشكالية الرواة لا تخصّ الشيعة فقط ، بل تعمّ جميع طوائف الأُمّة الإسلامية ، بل تشمل جميع الرسالات ، لأنّ جميع الرسالات قضية تبليغ الرسالة فيها يعتمد النقل لا غير ، فلا تتصوّر أنّ نوحعليه‌السلام ، أو موسى وعيسىعليهما‌السلام ، جاء إلى كلّ فرد من أُمّتهما ، وأخبروه بشرعهما ، فإنّ هذا مضحك للثكلى ، خصوصاً في ظلّ الأزمنة السالفة ، فتبليغ كلّ رسالة اعتمد على الرواة والنقل ،

٣٨٢

والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه اعتمد على الرواة والنقل ، فقد أرسل الرسل إلى المدن ، والدول المجاورة ، وبلّغ بواسطة الرواة في الأماكن النائية عن الجزيرة العربية.

وعليه ، فالبحث ينقلب حول موضوع حجّية الخبر ، ومدى صلاحيّته العقليّة أو الشرعية لأن يكون مصداقاً للتبليغ ، ومدى حجّيته في الأُصول ، أي العقائد أم أنّه يخصّ الأحكام ، وهل يفيد العلم كما يذهب السلفية ، أم أنّه لا يفيد العلم ، كما تذهب المعتزلة والأشاعرة والشيعة ، وإلى غير ذلك من التفاصيل التي لا ترتبط ببحثنا.

ورابعاً : كون الدين مأخوذ من الرواة غير صحيح ، لأنّ الراوي ينقل ما سمعه من الحجّة المعصوم ، وهو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أو الإمام ، فليس هو معصوم كي نأخذ بكلامه ، بل يؤخذ بكلامه لأنّه يخبر عن المعصوم ، وبالتالي الدين مبتني على الحجّة ، لا على الرواة عند السنّة والشيعة.

بل هذا الإشكال إذا أُريد طرحه فهو يطرح على السنّة ، لأنّهم يؤمنون بحجّية قول الصحابيّ ، والصحابيّ غير معصوم كما تعلم ، مع أنّهم يحتجّون به في العقيدة والفروع فهنا الإشكالية ، خلافاً للشيعة التي لا تحتجّ إلاّ بكلام المعصومعليه‌السلام .

وأمّا ميزة الشيعة عن السنّة ، فالظاهر اتضحت فيما سبق ، لأنّ السنّة اسقطوا المعصوم ـ وهو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن عصمته ـ وجعلوه في أسفل درك ـ والعياذ بالله ـ بينما الشيعة تؤمن بأنّه( دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) (١) .

والشيعة تأخذ دينها من خطّ الرسول ، الذي رسمه من أوّل حياته إلى آخر عمره ، وهم يأخذون دينهم من خطّ غير الرسول كما تعلم ، فلذلك لا تجد توافقاً بين الشيعة والسنّة ، لا في الألوهية ، ولا النبوّة ، ولا الإمامة ، ولا فروع الشريعة.

__________________

١ ـ النجم : ٩ ـ ٨.

٣٨٣

( هاشم ـ الكويت ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة )

قول علي : دعوني والتمسوا غيري :

س : جاء في نهج البلاغة : « دعوني والتمسوا غيري ، فإنّا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان ، لا تقوم له القلوب ، ولا تثبت عليه العقول ، وإنّ الآفاق قد أغامت ، والمحجّة قد تنكّرت.

واعلموا إنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، ولم أصغ إلى قول القائل ، وعتب العاتب ، وإن تركتموني فأنا كأحدكم ، ولعلّي أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه أمركم ، وأنا لكم وزيراً ، خير لكم منّي أميراً »(١) .

ما مدى صحّة هذه الرواية؟ نرجو منكم شرح الرواية ، وفّقكم الله لكلّ خير.

ج : هذه الخطبة مع تفاوت يسير نقلها الطبري في تاريخه(٢) عن سيف ، وروايات سيف كلّها كذب وافتعال ، وخلاف أهل السير ، أمّا كلاً وإمّا جزءً.

وعليه قد تكون هذه الخطبة لا صحّة لها ، ولا واقع ؛ لضعف راويها سيف.

وعلى فرض صحّة هذه الخطبة نقول : كان غرض الطالبين لبيعتهعليه‌السلام أن يسيرعليه‌السلام فيهم مثل سيرة من سبق عليه ، وكانعليه‌السلام تفرّس ذلك منهم ، وعرفه من وجنات حالهم ؛ لذلك خاطبهم بقوله : «وإن الآفاق قد أغامت والمحجّة قد تنكّرت ».

فخاطبهم بهذا الكلام إتماماً للحجّة ، وإعلاماً لهم بأنّهعليه‌السلام إن قام فيهم بالأمر لا يجيبهم إلى ما طمعوا فيه من الترجيح والتفضيل ، أي تفضيل العربي على الأعجمي ، والموالي على العبيد ، والرؤساء على السفلة.

وأنّهعليه‌السلام مبدأه العدل بين الرعية ، والتسوية في القسمة ، وهذا ممّا لا تقوم له القلوب ـ أي لا تصبر عليه ـ ولا تثبت عليه العقول ، بل تنكره وترفضه.

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ٧ / ٣٣.

٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٥٦.

٣٨٤

«واعلموا إنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم » ، أي جعلتكم راكبين على محض الحقّ ، وأسير فيكم بسيرة رسول الله ‎صلى‌الله‌عليه‌وآله ، «ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب » ، أي لم يأخذني في الله لومة لائم «وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلّي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم » لعلهعليه‌السلام أراد أنّه إذا تولّى الغير أمر السلطة ، ولم تتوفّر الشرائط في خلافتهعليه‌السلام لم يكن ليعدل عن مقتضي التقية ، فيكون أكثر الناس إطاعة لوالي الأمر ، بخلاف سائر الناس ، فإنّه يجوز عليهم الخطأ.

وإنّما قالعليه‌السلام : « ولعلّي » لأنّه على تقدير أن يولّوا أحداً يخالف أمر الله فلا يكونعليه‌السلام أطوعهم له بل أعصاهم.

( الشيخ باسم الموصلي. العراق. طالب علم )

أدلّتها من كتب أهل السنّة :

س : ما هو الدليل على إمامة الأئمّة من ذرّية الحسين عليه‌السلام ؟ أرجو أن يكون الدليل من كتب إخواننا أهل السنّة ، ودمتم سالمين.

ج : إنّ الأدلّة على إمامة الأئمّة الاثني عشر كثيرة ، نقتصر على ذكر بعضها ، ومن مصادر أهل السنّة المعتبرة عندهم :

١ ـ حديث الثقلين ، ومؤداه التمسّك بالعترة وهم أهل البيت تمسّكاً مطلقاً.

٢ ـ حديث الغدير ، وهو ينصّ على وصيّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيتعيّن تشريع الوصاية.

٣ ـ حديث الأئمّة الاثني عشر ، وقد رواه البخاريّ ومسلم وغيرهم.

فرواية البخاريّ بعد الاختصار والاقتطاع : عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «يكون اثنا عشر أميراً » ، فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي : إنّه قال : «كلّهم من قريش »(١) .

__________________

١ ـ صحيح البخاريّ ٨ / ١٢٧.

٣٨٥

أمّا روايات مسلم ، فكلّها عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً » ، ثمّ تكلّم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بكلمة خفيت عليّ ، فسألت أبي : ماذا قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال : « كلّهم من قريش »(١) .

وفي رواية أُخرى لمسلم أيضاً : عن جابر قال : سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة » ، ثمّ قال كلمة(٢) .

وفي رواية له : « لا يزال هذا الأمر عزيزاً إلى اثني عشر خليفة »

وأيضاً : « لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة » ، فقال كلمة صمنيها الناس ، فقلت لأبي : ما قال؟ قال : « كلّهم من قريش ».

وفي رواية أخرى : « لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة ، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش »(٣) .

وفي رواية الطبراني : « اثنا عشر قيّماً من قريش لا يضرّهم عداوة من عاداهم »(٤) .

قال ابن حجر العسقلاني : « قال ابن بطال عن المهلّب : لم ألقَ أحداً يقطع في هذا الحديث ، يعني بشيء معيّن.

وقال أيضاً : وقد لخّص القاضي عياض ذلك ثمّ قال : إنّه ـ أي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لم يقل : لا يلي إلاّ اثنا عشر ، وإنّما قال : « يكون اثنا عشر » ، وقد ولي هذا العدد ، ولا يمنع ذلك الزيادة عليهم ، قال : وهذا إن جُعل اللفظ واقعاً على كلّ من ولي ، وإلاّ فيحتمل أن يكون المراد : من يستحقّ الخلافة من أئمّة العدل »(٥) .

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٦ / ٣.

٢ ـ المصدر السابق ٦ / ٣.

٣ ـ المصدر السابق ٦ / ٤.

٤ ـ المعجم الكبير ٢ / ٢٥٦.

٥ ـ فتح الباري ١٣ / ١٨٢.

٣٨٦

ثمّ قال ابن حجر ردّاً على من يفسّر الحديث : بأنّ الأئمّة الاثني عشر سيكونون في زمن واحد ، قال : ويؤيّد ما وقع عند أبي داود «كلّهم تجتمع عليه الأُمّة » ، ما أخرجه أحمد والبزار من حديث ابن مسعود بسند حسن ، أنّه سُئل كم يملك هذه الأُمّة من خليفة؟ فقال : سألنا عنها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «اثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل ».

وقال ابن الجوزيّ في كشف المشكل : قد أطلت البحث عن معنى هذا الحديث ، وتطلبتُ مظانَّه ، وسألتُ عنه فلم أقع على المقصود به ، وعن كعب الأحبار : يكون اثنا عشر مهديّاً ، ثمّ ينزل روح الله فيقتل الدجّال ، قال : والوجه الثالث أنّ المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدّة الإسلام إلى يوم القيامة يعملون بالحقّ ، وإن لم تتوالَ أيامهم

قال ابن حجر : انتهى كلام ابن الجوزيّ ملخّصاً »(١) .

وأقول : أُنظر يا أخي عظمة الإسلام وعظمة النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي بلّغ الرسالة ، وأدّى الأمانة على أتمّ وجه( فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ) ، وسدَّ كلّ الأبواب على المحرّفين والمبطلين ، والمنحرفين عن أهل البيتعليهم‌السلام ، وعن الدين الصحيح ، فأنظر كيف تخبّطوا وخلطوا ، وحرّفوا واختلفوا ، وعجزوا عن تفسير وفهم كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الواضح البليغ على الوجه الصحيح ، لأنّهم لم يجعلوا ما فهمه الشيعة رأياً من الآراء ، وتفسيراً من التفاسير للحديث الشريف ، فتاهوا واختلفوا ، ولم يصلوا إلى المراد بنصّهم أبداً.

فالحديث واضح وصريح بوجود خلافة لله وللرسول ، وهي خلافة محدّدة بعدد معيّن وصفات معيّنة ، وأنّهم هادون مهديّون ، كما وصفهم النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث الخلفاء الراشدين المهديّين ، وأمرنا باتباع سنّتهم ـ يعني تشريعهم ـ ، فكيف نؤمر بإتباعهم لولا الخلافة الإلهيّة ، والتسديد الربّاني لهم؟

__________________

١ ـ المصدر السابق ١٣ / ١٨٤.

٣٨٧

وعصمتهم التي نصّ عليها حديث الثقلين ، وجعلهم عدلاً للقرآن ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ووصفهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعدم الافتراق ، أي الملازمة والمصاحبة للقرآن.

وكما دلّ على العصمة آية التطهير ، وحصر إرادة الله بتطهير أهل البيت فقط دون غيرهم ، لعلمه بأهليتهم لذلك.

٤ ـ حديث الخلفاء الراشدين لا نراه ينطبق إلاّ على حديث الأئمّة الاثني عشر ، ويؤيّده ويفسّره.

ونصّ الحديث : عن العرباض بن سارية قال : وعظنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله موعظة ، ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، قلنا يا رسول الله : إنّ هذه لموعظة مودّع ، فماذا تعهد إلينا؟ قال : «قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلاّ هالك ، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بما عرفتم من سنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، وعليكم بالطاعة وإن عبداً حبشياً ، عضوّا عليها بالنواجذ ، فإنّما المؤمن كالجمل الأنف ، حيثما انقيد انقاد »(١) .

وقال الترمذيّ في سننه : « هذا حديث حسن صحيح »(٢) .

فهذا الحديث يدلّ على وجود خلفاء راشدين مهديين يجب التمسّك بهم وبطريقتهم وسنّتهم ـ أقوالهم وأفعالهم ـ وهذا الإطلاق في التمسّك مع هذه التسمية لهم لا تنطبق إلاّ على معصوم ، لا يجوز التمسّك برأي الخليفة المخالف للكتاب ، أو لسنّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالإجماع.

__________________

١ ـ مسند أحمد ٤ / ١٢٦ ، سنن الدارمي ١ / ٤٤ ، سنن ابن ماجة ١ / ١٦ سنن أبي داود ٢ / ٣٩٣ ، المستدرك ١ / ٩٦ ، كتاب السنّة : ١٩ ، و ٤٨٢ ، صحيح ابن حبّان ١ / ١٧٨ ، المعجم الكبير ١٨ / ٢٤٩ و ٢٥٧ ، مسند الشاميين ١ / ٤٠٢ و ٢ / ٢٩٨ ، العلل ١ / ٢١ ، الثقات ١ / ٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٠ / ١٧٨ ، أُسد الغابة ٣ / ٣٩٩ ، تهذيب الكمال ٥ / ٤٧٣ و ١٧ / ٣٠٦ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٢٠ و ١٧ / ٤٨٢.

٢ ـ الجامع الكبير ٤ / ١٥٠.

٣٨٨

وكذلك إن وافق هذا الخليفة الكتاب أو السنّة النبوية فالاتباع سيكون للكتاب أو السنّة النبوية لا للخليفة ، وكذلك لو اختلف هؤلاء الخلفاء فيما بينهم ، فكيف يجوز التمسّك بسنّتهم جميعاً مع هذا الاختلاف؟ وهو حاصل على تفسير أهل السنّة لهذا الحديث.

فلم يبق إلاّ أنّ المراد بهذا الحديث هو ما فهمه الشيعة من وجود خلفاء منصوص عليهم ، لابدّ أن يكونوا معروفين مقبولين للأُمّة جمعاء ، وهم اثنا عشر إماماً ، ويكونون معصومين عن الخطأ ، وعن مخالفة الكتاب أو السنّة النبوية ، أو الاختلاف فيما بينهم.

ويمتدّ زمانهم من وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ويبدأ بعليعليه‌السلام ـ إلى الإمام المهديّعليه‌السلام ، كما نصّ النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله على ذلك ، فقال : «لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطوّله الله عزّ وجلّ حتّى يبعث فيه رجلاً منّي ـ وفي رواية من أهل بيتي ـيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً »(١) .

ومصداقاً لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان »(٢) .

وأمّا تحديد الأئمّة بأعيانهم عند أهل السنّة فلم يصحّ لديهم حديث ينصّ على الأسماء ، أو الانحصار في ذرّية الحسينعليه‌السلام بعد أصحاب الكساء ، ولكنّهم

__________________

١ ـ صحيح مسلم ١ / ٩٩ ، سنن ابن ماجة ٢ / ٩٢٩ ، سنن أبي داود ٢ / ٣٠٩ ، الجامع الكبير ٣ / ٣٤٣ ، صحيح ابن حبّان ١٣ / ٢٨٣ ، المعجم الأوسط ٢ / ٥٥ ، المعجم الكبير ١٠ / ١٣٣ و ١٣٥ ، موارد الظمآن : ٤٦٤ ، الجامع الصغير ٢ / ٤٣٨ ، كنز العمّال ١٤ / ٢٦٤ و ٢٦٩ ، فيض القدير ٥ / ٤٢٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٥٨ / ١٩٨ ، تاريخ ابن خلدون ١ / ٣١٢ ، سبل الهدى والرشاد ١٠ / ١٧٢ ، ينابيع المودّة ٢ / ٢١٠ و ٣١٨ و ٣ / ٢١٤ و ٢٤٥ و ٢٥٦ و ٢٩٨ و ٣٣٩ و ٣٨٤ و ٣٩٠.

٢ ـ المحّلى ١ / ٤٥ و ٩ / ٣٥٩ ، مسند أحمد ٢ / ٢٩ و ٩٣ ، صحيح مسلم ٦ / ٣ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٣ / ١٢١ و ٨ / ١٤١ ، شرح صحيح مسلم ١٢ / ٢٠٠ ، تحفة الأحوذيّ ٦ / ٤٠٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٥٤٦ ، كتاب السنّة : ٥١٨ ، الجامع الصغير ٢ / ٧٥٦.

٣٨٩

أثبتوا أنّ أبناء الحسين من أئمّتناعليهم‌السلام هم أفضل الهاشميّين ، وأفضل أهل زمانهم ، وكانوا أهلاً للإمامة ، وأليق وأحقّ بها من غيرهم ، وننقل هنا بعض النصوص على ذلك :

١ ـ قال المزّيّ في تهذيب الكمال : « وأمّا الزهريّ ، فحكي عنه أنّه قال : ما رأيت هاشميّاً أفضل منه ـ أي من علي بن الحسينعليهما‌السلام ـ ».

وفي رواية أُخرى عن الزهريّ قال : « كان علي بن الحسين من أفضل أهل بيته وأحسنهم طاعة ».

وفي رواية ثالثة عن الزهريّ قال : « لم أدرك من أهل البيت أفضل من علي بن الحسين ».

وعن مالك قال : « لم يكن في أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مثل علي بن الحسين ».

وقال عبد الرحمن بن أسلم عن أبيه : « ما رأيت فيهم مثل علي بن الحسين قط ».

وقال عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه : « ما رأيت هاشمياً أفضل من علي بن الحسين ».

وعن يحيى بن سعيد الأنصاري قال : « سمعت علي بن الحسين ، وكان أفضل هاشمي ».

وقال أبو بكر ابن البرقي : « ونسل الحسين بن علي كلّه من قبل علي الأصغر وأُمّه أُمّ ولد ، وكان أفضل أهل زمانه »(١) .

وروى المزّي حكاية الحجّ ، وتفضيل الناس لهعليه‌السلام على هشام ، أو الوليد بن عبد الملك الخليفة آنذاك ، وأبيات الفرزدق في مدحه ، وتنحّي الناس له حتّى يستلم الحجر هيبة له وإجلالاً ، ولم يفعلوا ذلك للخليفة(٢) .

__________________

١ ـ تهذيب الكمال ٢٠ / ٣٨٦.

٢ ـ المصدر السابق ٢٠ / ٤٠٠.

٣٩٠

٢ ـ الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام : قال الذهبيّ : « كان أحد من جمع بين العلم والعمل ، والسؤدد والشرف ، والثقة والرزانة ، وكان أهلاً للخلافة »(١) .

٣ ـ الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام : قال المزّيّ : « حدّثنا عمرو بن ثابت قال : رأيت جعفر بن محمّد واقفاً عند الجمرة العظمى ، وهو يقول : «سلوني ، سلوني ».

وقال أيضاً : عن صالح بن أبي الأسود قال : سمعت جعفر بن محمّد يقول : «سلوني قبل أن تفقدوني ، فإنّه لا يحدّثكم أحد بعدي بمثل حديثي ».

وعن أبي حنيفة ، وسُئل من أفقه ما رأيت؟ فقال : « ما رأيت أحداً أفقه من جعفر بن محمّد ، لمّا أقدمه المنصور الحيرة ، بعث إليَّ ، فقال : يا أبا حنيفة ، إنّ الناس قد فُتِنوا بجعفر بن محمّد ، فهيئ له من مسائلك الصعاب ، قال : فهيّأت له أربعين مسألة ، ثمّ بعث إليّ أبو جعفر فأتيته بالحيرة ، فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه ، فلمّا بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخلني لأبي جعفر وابتدأت أسأله ، وكان يقول في المسألة : «أنتم تقولون فيها كذا وكذا ، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا ، ونحن نقول كذا وكذا » ، فربما تابعنا ، وربما تابع أهل المدينة ، وربما خالفنا جميعاً »(٢) .

فأقول : هذه الرواية تثبت أنّ لأهل البيت مذهباً خاصّاً ومستقلاً عن باقي المذاهب ، لأنّ الإمام وهو من أهل المدينة قال : «وأهل المدينة يقولون كذا وكذا ، ونحن نقول كذا وكذا » ، فيجعل أهل البيتعليهم‌السلام في عرض أهل المدينة.

قال الذهبيّ : « الإمام الصادق شيخ بني هاشم »(٣) ، إلى أن ذكر أولادهعليه‌السلام فقال : « فأجلّهم وأشرفهم ابنه موسى الكاظم وهو إمام من أئمّة المسلمين »(٤) ، له مشهد عظيم مشهور ببغداد ، دفن معه فيه حفيده الجواد ،

__________________

١ ـ سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٠٤.

٢ ـ تهذيب الكمال ٥ / ٧٩.

٣ ـ سير أعلام النبلاء ٦ / ٢٥٥.

٤ ـ المصدر السابق ٦ / ٢٧٠.

٣٩١

ولولده علي بن موسى مشهد عظيم بطوس(١) .

فهؤلاء بعض أئمّتنا ، وهم أبناء الحسينعليه‌السلام ، وهم أفضل بني هاشم باعترافهم.

__________________

١ ـ المصدر السابق ٦ / ٢٧٤.

٣٩٢

أُمّهات المؤمنين :

( البحرين ـ ـ )

باعتبار المحرمية وعدم جواز الزواج بهن :

س : أخبر القرآن الكريم أنّ زوجات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أُمّهات للمؤمنين.

ما معنى إخبار القرآن ، ووصف زوجات النبيّ بأُمّهات المؤمنين ، وهن لم يعطين المؤمنين ما تعطي الأُمّ لولدها ، ولم يأخذن من المؤمنين ما تأخذ الأُمّ من ولدها؟

ج : المراد من الأُمّهات هو المحرمية ، وعدم جواز الزواج بهن بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّهن بحكم الأُمّ للفرد.

وفي نعتهن بالأُمّ إشارة إرشادية لهن ، بحيث يتخلّقن بأخلاق الأُمّ ، لتكون معاملتهن مع الناس كمعاملة الأُمّ مع أولادها. ولكن هل حدث هذا بالفعل من كلّ نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ أو أنّ بعض نسائه خالفن الأوامر الإلهيّة ، من المكث في بيوتهن ، وخروجهن ، وصرن سبباً لهلاك الكثير من أُمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يلتزمن بالإرشادات القرآنية والنبوية ، ولم يبق لهن من حقيقة الأُمّ للناس إلاّ في كون حكمهن حكم الأُمّ في عدم جواز الزواج بهن.

( مصطفى البحراني ـ عمان ـ ٢٥ سنة ـ طالب ثانوية )

حول بنات خديجة وعمرها عند زواجها :

س : كم كان عمر السيّدة خديجة عليها‌السلام عندما تزوّجها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ وهل تزوّجت قبل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ وما أسم بناتها غير الزهراء عليها‌السلام ؟ وهل كن بنات النبيّ

٣٩٣

أم ربيباته؟ ومن تزوّجهن؟ وهل طلقن ممّن تزوجنه؟

السلام على الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها.

ج : بالنسبة إلى عمر السيّدة خديجةعليها‌السلام حين اقترانها بالرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ففيه أقوال :

١ ـ ٢٥ سنة(١)

٢ ـ ٢٨ سنة(٢) .

٣ ـ ٣٠ سنة(٣) .

٤ ـ ٣٥ سنة(٤) .

٥ ـ ٤٠ سنة(٥) .

٦ ـ ٤٤ سنة(٦) .

٧ ـ ٤٥ سنة.

٨ ـ ٤٦ سنة.

وأمّا بالنسبة إلى زواجها قبل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فهناك قولان : أصحّهما أنّها لم تتزوّج أحداً قبل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل تزوّجها وهي عذراء.

قال ابن شهر آشوب : « وروى أحمد البلاذري ، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما ، والمرتضى في الشافي ، وأبو جعفر ـ أي الشيخ الطوسيّ ـ في التلخيص : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تزوّج بها وكانت عذراء »(٧) .

وأمّا بالنسبة إلى بناتهاعليها‌السلام ففيه أقوال : أصحّها أنّها لم تلد للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من

__________________

١ ـ السيرة الحلبية ١ / ٢٠٤.

٢ ـ المستدرك ٣ / ١٨٢.

٣ ـ تاريخ مدينة دمشق ٣ / ١٩١.

٤ ـ السيرة الحلبية ١ / ٢٠٤.

٥ ـ المواهب اللدنية ( مع شرح الزرقاني ) ١ / ٣٧٤.

٦ ـ تاريخ مدينة دمشق ٣ / ١٩٠.

٧ ـ مناقب آل أبي طالب ١ / ١٣٨.

٣٩٤

البنات إلاّ فاطمةعليها‌السلام ، وأمّا رقية وزينب وأُمّ كلثوم فهنّ على قول بناتها من زوجها الأوّل قبل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لكن الصحيح أنّهن بنات هالة أُخت خديجة ، تكفّلهن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد وفاة هالة ، وهنّ أطفال.

فرقية تزوّجها عتبة بن أبي لهب ، فلمّا انزل الله( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) (٨) سأل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عتبة طلاق رقية ، وسألته طلاقها ، فطلّقها ، وتزوّجها بعده عثمان بن عفّان(٩) .

وزينب تزوّجها أبو العاص ابن الربيع في الجاهلية ، فولدت له أُمامه ، تزوّجها الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وماتت زينب بالمدينة لسبع سنين من الهجرة.

وأُمّ كلثوم تزوّجها عثمان بعد أختها رقية ، وتوفّيت عنده.

( علوي ـ ـ )

عائشة متّهمة بالإفك :

س : ما قصّة الإفك الواردة في القرآن؟

ج : قد أشارت الآيات ١١ ـ ٢٦ من سورة النور إلى حديث الإفك.

وخلاصتها : إنّ مجموعة من الصحابة رموا بعض نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالفحشاء ، فشاع الحديث بين الناس يتلقّاه هذا من ذاك ، وكان بعض المنافقين ، أو الذين في قلوبهم مرض ، يساعدون على إذاعة الحديث حبّاً منهم أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، فأنزل الله الآيات ، ودافع عن نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقد روى أهل السنّة : أنّ المقذوفة هي عائشة ، والذين جاءوا بالإفك هم : عبد الله بن أبي سلول ، ومسطح بن أثاثه ، وحسّان بن ثابت ، وحمنة ابنة جحش ، أُخت زينب زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

١ ـ المسد : ١.

٢ ـ الذرّية الطاهرة النبوية : ٥٢.

٣٩٥

بينما روت الشيعة : أنّ المقذوفة هي مارية القبطية أُمّ إبراهيم ، التي أهداها مقوقس ملك مصر إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والقاذف هو : عائشة بنت أبي بكر ـ وهناك روايات تدلّ على مشاركة غيرها معها في هذا الرمي ـ حيث ادّعت : إنّ إبراهيم ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما هو إلاّ ابن جريح ـ وجريح هذا كان خادماً خصيّاً لمارية ، أهداه معها مقوقس عظيم مصر لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأرسله معها ليخدمها ـ فأنزل الله تعالى هذه الآيات لبيان نزاهة بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الفحشاء.

وللمزيد من التفصيل راجع تفسير الميزان للعلاّمة الطباطبائي ( قدس سره )(١) .

( عبد الكريم الصعيديّ ـ اليمن ـ )

ما معنى الأُمومة للمؤمنين :

س : ما معنى الأُمومة للمؤمنين لزوجات الرسول؟ وهل معنى الأُمومة لعائشة أنّ على الإمام علي طاعتها؟ وهل الرسول وكّل الإمام علي في طلاق زوجاته؟

وما يجدي توكيله حيث أنّ زوجات النبيّ محرّمات على أحد بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ أفيدونا أثابكم الله تعالى.

ج : المقصود من الأُمومة هو حرمة النكاح ، كما يتّضح ذلك بعد التأمّل في سبب نزول الآية الكريمة :( وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) (٢) ، حيث قال البعض : إذا مات محمّد سوف ننكح أزواجه!! فلذا نزل قوله تعالى بتحريم النكاح ، ولا دلالة فيها على التعظيم من قريب أو بعيد ، بدليل قوله تعالى :( لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ) (٣) ، فقيّد الأمر بالتقوى ، فتكون هي المحور في عظمة الشخصية ، كقوله تعالى :( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) (٤) .

__________________

١ ـ الميزان في تفسير القرآن ١٥ / ٨٧.

٢ ـ الأحزاب : ٦.

٣ ـ الأحزاب : ٣٢.

٤ ـ الحجرات : ١٣.

٣٩٦

ولا يوجد دليل عقليّ ولا نقليّ على وجوب طاعة خليفة رسول الله لزوجة النبيّ ، بل الثابت عقلاً ونقلاً وإجماعاً على أنّ طاعة خليفة رسول الله واجبة على جميع المسلمين ، بلا فرق بين أُمّهات المؤمنين أو غيرهن.

كما روي ما ذكرتَه من توكيل أمير المؤمنينعليه‌السلام في طلاق زوجات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفائدة ذلك غير منحصرة في إمكانية التزويج بها ، بل يكفي مجرد سلب هذا العنوان عنها ، مضافاً إلى ما فيه من دلالة على منصب الإمامة ، ومقام أمير المؤمنين كمقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع الأُمور حتّى في طلاق نسائه.

( إبراهيم محمّد. قطر )

هل نساء النبيّ من أهل البيت :

س : شكراً لكم على هذه الصفحة الرائعة ، ولدي سؤال : من هم أهل البيت؟ وهل نساء النبيّ من أهل البيت؟ جزاكم الله خيراً.

ج : روى الحاكم في المستدرك عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن أبيه قال : « لما نظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الرحمة هابطة قال : « ادعوا لي ادعوا لي » ، فقالت صفية : مَن يا رسول الله؟

قال : «أهل بيتي : علياً وفاطمة والحسن والحسين » ، فجيء بهم ، فألقى عليهم النبيّ كساءه ، ثمّ رفع يديه ، ثمّ قال : «اللّهم هؤلاء آلي ، فصلّ على محمّد وآل محمّد » ، وأنزل الله تعالى :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (١) ، ثمّ قال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه »(٢) .

هذا الحديث وما ورد بمعناه صريح في اختصاص أهل بيت النبيّ بعلي وفاطمة

__________________

١ ـ الأحزاب : ٣٣.

٢ ـ المستدرك ٣ / ١٤٧.

٣٩٧

والحسن والحسينعليهم‌السلام (١) .

وهل نساء النبيّ من أهل البيت؟

قالت أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة : فذهبت لأدخل رأسي فدفعني ، فقلت : يا رسول الله أولست من أهلك؟ قال : «إنّك إلى خير ، إنّك إلى خير »(٢) .

وفي رواية أُخرى : قالت أُمّ سلمة : يا رسول الله ما أنا من أهل البيت؟ قال : « إنّك إلى خير ، وهؤلاء أهل بيتي ، اللهمّ أهل بيتي أحقّ »(٣) .

وفي رواية ثالثة : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبه من يدي وقال : « إنّك على خير »(٤) .

سئل الصحابيّ زيد بن أرقم : « مَن هم أهل بيته؟ نساؤه؟ قال : لا وأيم الله ، إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ، ثمّ يطلّقها ، فترجع إلى أبيها وقومها ، أهل بيته : أصله وعصبته ، الذين حرموا الصدقة بعده »(٥) .

وعن أبي سعيد الخدريّ : « أهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس ، وطهّرهم تطهيراً ، فعدّهم في يده ، فقال : خمسة : رسول الله ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين »(٦) .

وعن أنس بن مالك : أنّ رسول الله كان يمرّ بباب فاطمة ستة أشهر ، كلّما خرج إلى صلاة الفجر يقول : الصلاة يا أهل البيت( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ

__________________

١ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٥٥ ينابيع المودّة ٢ / ٤١ ، صحيح مسلم ٧ / ١٣٠ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٢ / ١٤٩ و ١٥٢ ، جامع البيان ٢٢ / ٩ ، تفسير القرآن العظيم ٣ / ٤٩٢ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٩٨ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٢٨ ، المستدرك ٢ / ٤١٦ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٦٧ ، مسند أحمد ٦ / ٢٩٢ ، تاريخ بغداد ٩ / ١٢٨.

٢ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٦٣ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٢.

٣ ـ المستدرك ٢ / ٤١٦.

٤ ـ مسند أبي يعلى ١٢ / ٤٥٦ ، المعجم الكبير ٣ / ٥٣ ، شواهد التنزيل ٢ / ١١٥ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٣.

٥ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٣ ، ينابيع المودّة ١ / ٩٧ ، فيض القدير ٢ / ٢٢٠.

٦ ـ المعجم الأوسط ٢ / ٢٢٩ ، شواهد التنزيل ٢ / ٤٠.

٣٩٨

عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (١) .

وقال الحاكم في مستدركه : « هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه »(٢) .

وعن أبي سعيد الخدريّ : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جاء إلى باب علي أربعين صباحاً بعدما دخل على فاطمة ، فقال : « السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، الصلاة رحمكم الله( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) أنا حرب لمن حاربتم ، أنا سلم لمن سالمتم »(٣) .

( أبو عبد الله ـ هولندا ـ سنّي ـ ٢٤ سنة. طالب )

إيمان خديجة :

س : هل كانت أُمّ المؤمنين خديجة قبل زواجها بالرسول الكريم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله من الموحّدين؟ أرجو الإجابة ، ودمتم سالمين.

ج : لقد كانت خديجةعليها‌السلام من خيرة نساء قريش شرفاً ، وكانت تدعى في الجاهلية بالطاهرة ، ويقال لها : سيّدة قريش.

ويحتمل أنّهاعليها‌السلام كانت من الموحّدات لأنّ مكّة كانت محلّ لشريعة إبراهيمعليه‌السلام ، ومن بعده ولده إسماعيلعليه‌السلام ، وكان لإسماعيل أوصياء إلى زمن بعثة النبيّ ‎ ‎صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعليه يوجد في مكّة أُناس موحّدون ، وليس من البعيد أن تكون خديجةعليها‌السلام من أُولئك ، والله أعلم.

__________________

١ ـ الجامع الكبير ٥ / ٣١ ، المستدرك ٣ / ١٥٨ ، مسند أبي يعلى ٧ / ٥٩ ، شواهد التنزيل ٢ / ١٨ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٩٩ ، فتح القدير ٤ / ٢٨٠ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٤ ، ينابيع المودّة ١ / ٣٢٢ و ٢ / ١١٩.

٢ ـ المستدرك ٣ / ١٥٨

٣ ـ المعجم الأوسط ٨ / ١١٢ ، شواهد التنزيل ٢ / ٤٤ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٩٩ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٣.

٣٩٩
٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617