الخصال

الخصال0%

الخصال مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 653

الخصال

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (الشيخ الصدوق)
تصنيف: الصفحات: 653
المشاهدات: 669498
تحميل: 6374


توضيحات:

الخصال المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 669498 / تحميل: 6374
الحجم الحجم الحجم
الخصال

الخصال

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

قتلك، فقلت له: يا عمرو إنك قد عاهدت الله ألا يخيرك أحد ثلاث خصال إلا اخترت إحديهن فقال: اعرض علي، قلت: تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، و تقر بما جاء من عند الله، قال: هات غير هذه، قلت: ترجع من حيث جئت، قال: والله لا تحدث نساء قريش بهذا أني رجعت عنك، فقلت: فأنزل فاقاتلك قال: أما هذه فنعم، فنزل فاختلفت أنا وهو ضربتين فأصاب الحجفة وأصاب السيف رأسي وضربته ضربة فانكشف رجليه فقتله الله على يدي، ففيكم أحد فعل هذا [ غيري ]؟ قالوا: اللهم لا، قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد حين جاء مرحب وهو يقول:

أنا الذي سمتني امي مرحب

شاك السلاح بطل مجرب

أطعن أحيانا وحينا أضرب

فخرجت إليه فضربني وضربته وعلى رأسه نقير من جبل لم تكن تصلح على رأسه بيضة من عظم رأسه، فقلبت النقير(١) ووصل السيف إلى رأسه فقتلته ففيكم أحد فعل هذا؟ قالوا: اللهم لا، قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير على رسوله صلّى الله عليه وآله( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله كساء خيبريا فضمني فيه وفاطمة عليها السلام والحسن والحسين ثم قال: « يا رب هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا »؟ قالوا: اللهم لا، قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله: « أنا سيد ولد آدم وأنت يا علي سيد العرب »؟ قالوا: اللهم لا، قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله في المسجد إذ نظر إلى شئ ينزل من السماء(٢) فبادره ولحقه أصحابه فانتهى إلى سودان أربعة يحملون سريرا، فقال لهم: ضعوا فوضعوا فقال: اكشفوا عنه فكشفوا فإذا أسود مطوق بالحديد فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من هذا؟ قالوا: غلام للرياحيين(٣) كان قد أبق عنهم خبثا وفسقا فأمرونا أن ندفنه في حديده كما هو فنظرت إليه، فقلت: يا رسول الله

______________

(١) في بعض النسخ « فقلقت ». والنقير: ما نقر من الحجر والخشب ونحوه.

(٢) أي انه صلّى الله عليه وآله نظر إلى الملائكة ينزلون قام ومشى نحوهم لينظر لاى شئ والى أي شئ ينزلون فمشى حتى انتهى إلى تلك الجنازة وعلم أن نزولهم لذلك (البحار)

(٣) كانه نسبة إلى رياح بطن من تميم.

٥٦١

ما رآني قط إلا قال: « أنا والله احبك والله ما أحبك إلا مؤمن ولا أبغضك إلا كافر » فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا علي لقد أثابه الله بذا، هذا سبعون قبيلا من الملائكة كل قبيل على ألف قبيل قد نزلوا يصلون عليه، ففك رسول الله صلّى الله عليه وآله حديدته وصلى عليه ودفنه؟ قالوا: اللهم لا، قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله مثل ما قال لي: « اذن لي البارحة في الدعاء فما سألت ربي شيئا إلا أعطانيه، وما سألت لنفسي شيئا إلا سألت لك مثله وأعطانيه » فقلت: الحمد لله؟ قالوا: اللهم لا، قال: نشدتكم بالله هل علمتم أن رسول الله صلّى الله عليه وآله بعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة ففعل ما فعل فصعد رسول الله صلّى الله عليه وآله المنبر فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن - الوليد - ثلاث مرات - ثم قال: اذهب يا علي فذهبت فوديتهم ثم ناشدتهم بالله هل بقي شئ؟ فقالوا: إذ نشدتنا بالله فميلغة كلابنا وعقال بعيرنا فأعطيتهم لهما(١) وبقي معي ذهب كثير فأعطيتهم إياه وقلت: هذا لذمة رسول الله صلّى الله عليه وآله ولما تعلمون ولما لا تعلمون و لروعات النساء والصبيان، ثم جئت إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فأخبرته فقال: والله ما يسرني يا علي أن لي بما صنعت حمر النعم(٢) ؟ قالوا: اللهم نعم، قال: نشدتكم بالله هل سمعتم

______________

(١) الميلغة والميلغ: الاناء من خشب يجعل ليلغ فيه الكلب، يكون عند أصحاب الغنم، يعنى أعطاهم قيمة كل مال ذهب لهم حتى قيمة الميلغة والعقال.

(٢) قال ابن اسحاق على ما في السيرة ج ٤ ص ٧٠: قد بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله فيما حول مكة السرايا تدعو إلى الله عزّوجلّ ولم يأمرهم بقتال، وكان ممن بعث خالد بن الوليد وأمره أن يسير باسفل تهامة داعيا ولم يبعثه مقاتلا، فوطئ خالد بني جذيمة فاصاب منهم. ونقل باسناده عن الباقر عليه السلام أنه قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله خالد بن الوليد حين افتتح مكة داعيا ولم يبعثه مقاتلا، ومعه قبائل من العرب: سليم بن منصور، ومدلج بن مرة فوطئوا بنى جذيمة ابن عامر بن عبد مناة بن كنانة، فلما رآه القوم أخذوا السلاح، فقال خالد: ضعوا السلاح فان الناس قد أسلموا. فلما وضعوا السلاح أمر بهم خالد عند ذلك، فكتفوا، ثم عرضهم على السيف، فقتل من قتل منهم، فلما انتهى الخبر إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله رفع يده إلى السماء، ثم قال: « اللهم انى أبرأ اليك مما صنع خالد بن الوليد ». ثم دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله عليا =

٥٦٢

رسول الله صلّى الله عليه واله يقول: « يا علي لقد عرضت علي امتي البارحة فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لك ولشيعتك »؟ فقالوا: اللهم نعم، قال: نشدتكم بالله هل سمعتم رسول الله صلّى الله عليه واله قال: يا أبا بكر إذهب فاضرب عنق ذلك الرجل الذي تجده في موضع كذا وكذا فرجع، فقال: قتلته؟ قال: لا، وجدته يصلي، قال: يا عمر اذهب فاقتله فرجع، فقال: قتلته قال: لا، وجدته يصلي فقال: آمركما بقتله فتقولان: وجدناه يصلي؟! قال: يا علي اذهب فاقتله فلما مضيت قال: إن أدركه قتله. فرجعت فقلت: يا رسول الله لم أجد أحدا فقال: صدقت أما إنك لو وجدته لقتلته؟(١) قالوا: اللهم نعم، قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلّى الله عليه واله كما قال لي: « إن وليك في الجنة وعدوك في النار »؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتكم بالله هل علمتم أن عائشة قالت: لرسول الله صلّى الله عليه واله: إن إبراهيم ليس منك وإنه ابن فلان القبطي، قال: يا علي اذهب فاقتله، فقلت: يا رسول الله إذا بعثتني أكون كالمسمار المحمى في الوبر أو أتثبت؟ قال: لا بل تثبت، فذهبت فلما نظر إلي استند إلى حائط فطرح نفسه فيه فطرحت نفسي على أثره فصعد على نخل وصعدت خلفه فلما رآني قد صعدت رمى بإزاره، فإذا ليس له شئ مما يكون للرجال فجئت فأخبرت رسول الله صلّى الله عليه واله فقال: الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت(٢) ؟ فقالوا: اللهم لا، فقال: اللهم اشهد.

_______________

= عليه السلام فقال: يا على اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم واجعل امر الجاهلية تحت قدميك. فخرج علي عليه السلام حتى جاءهم ومعه مال قد بعث به رسول الله صلّى الله عليه وآله فودى لهم الدماء وما اصيب لهم من الاموال حتى انه ليدى ميلغة الكلب حتى إذا لم يبق شئ من دم ولا مال الاوداه بقيت معه بقية من المال فقال لهم على عليه السلام حين فرغ منهم: هل بقى لكم بقية من دم أو مال لم يود لكم؟ قالوا: لا، قال: فانى اعطيكم هذه البقية من هذا المال احتياطا لرسول الله صلّى الله عليه وآله ففعل ثم رجع - الخ (وفى الكامل) فرجع فأخبر رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال: أصبت وأحسنت.

(١) المراد به ذوالثدية وقصته مشهورة.

(٢) فيه نكارة شديدة إذ النبي صلّى الله عليه وآله كيف أمر بقتل من لم يثبت جرمه، وكيف لم يقم حد القذف على عائشة؟! وهذا مما يضعف الخبر، والعلم عند الله.

٥٦٣

أبواب الخمسين

وما فوقه

الحقوق الخمسون التى كتب بها على بن الحسين سيد العابدين

عليهما السلام إلى بعض اصحابه

١ - حدثنا علي بن أحمد بن موسى رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي(١) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري قال: حدثنا خيران بن داهر قال: حدثني أحمد بن علي بن سليمان الجبلي عن أبيه، عن محمد بن علي، عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة الثمالي قال: هذه رسالة علي بن الحسين عليهما السلام إلى بعض أصحابه

______________

(١) الظاهر هو محمد بن جعفر بن محمد بن عون الاسدي الكوفى الثقة كما في منهج المقال يروى عن جعفر بن محمد بن مالك وهو كما في الخلاصة ضعيف في الحديث. ونقل - رحمه الله - عن ابن الغضائري (ره) أنه كان يضع الحديث وضعا ويروى عن المجاهيل وسمعنا من قال كان أيضا فاسد المذهب والرواية، ثم قال قال الشيخ الطوسى (ره): أن جعفر ابن محمد بن مالك كوفى ثقة ويضعفه قوم - الخ. وأما خيران - بالمعجمة - فان كان هو خيران الخادم القراطيسى الذى عده الشيخ من أصحاب الهادى عليه السلام فهو ثقة ذو مرتبة عظيمة عنده عليه السلام كما يظهر من بعض الاخبار، وإن كان غيره فهو مهمل. وأما أحمد بن على بن سليمان الجبلى وأبيه فلم أجد من ذكرهما. وأما محمد بن على فهو أبوسمينة الصيرفى ظاهرا بقرينة روايته عن محمد بن فضيل. وقال النجاشي: ضعيف جدا فاسد الاعتقاد لا يعتمد على شئ.

ثم اعلم أن الاعتبار في أمثال هذه الاحاديث بالمتن لا بالسند، وقد روى المصنف - رحمه الله - قسما كبيرا من هذا الحديث الشريف في الفقيه بسند آخر عن أبى حمزة و اعتمد عليه جملة من المشايخ العظام لقرائن كانت عندهم على صحة صدوره، ورواه ابن شعبة الحرانى في تحف العقول بنحو أبسط.

٥٦٤

اعلم أن لله عزّوجلّ عليك حقوقا محيطة بك في كل حركة تحركتها أو سكنة سكنتها، أو حال حلتها، أو منزلة نزلتها، أو جارحة قلبتها، أو آلة تصرفت فيها، فأكبر حقوق الله تبارك وتعالى عليك ما أوجب عليك لنفسه من حقه الذي هو أصل الحقوق، ثم ما أوجب الله عزّوجلّ عليك لنفسك من قرنك إلى قدمك على اختلاف جوارحك، فجعل عزّوجلّ للسانك عليك حقا، ولسمعك عليك حقا، ولبصرك عليك حقا، وليدك عليك حقا، ولرجلك عليك حقا، ولبطنك عليك حقا، ولفرجك عليك حقا فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الافعال، ثم جعل عزّوجلّ لافعالك عليك حقوقا فجعل لصلاتك عليك حقا، ولصومك عليك حقا، ولصدقتك عليك حقا، ولهديك عليك حقا، ولافعالك عليك حقوقا.

ثم يخرج الحقوق منك إلى غيرك من ذوي الحقوق الواجبة عليك فأوجبها عليك حقوق أئمتك، ثم حقوق رعيتك، ثم حقوق رحمك، فهذه حقوق تتشعب منها حقوق فحقوق أئمتك ثلاثة أوجبها عليك حق سائسك بالسلطان، ثم حق سائسك بالعلم، ثم حق سائسك بالملك، وكل سائس إمام(١) . وحقوق رعيتك ثلاثة أوجبها عليك حق رعيتك بالسلطان، ثم حق رعيتك بالعلم فإن الجاهل رعية العالم، ثم حق رعيتك بالملك من الازواج وما ملكت الايمان، وحقوق رعيتك كثيرة متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة، وأوجبها عليك حق امك، ثم حق أبيك، ثم حق ولدك ثم حق أخيك، ثم الاقرب فالاقرب والاولى فالاولى، ثم حق مولاك المنعم عليك ثم حق مولاك الجارية نعمته عليك،(٢) ثم حق ذوي المعروف لديك، ثم حق مؤذنك لصلاتك، ثم حق إمامك في صلاتك، ثم حق جليسك، ثم حق جاريك، ثم حق صاحبك، ثم حق شريكك، ثم حق مالك، ثم حق غريمك الذي تطالبه، ثم حق غريمك الذي يطالبك، ثم حق خليطك، ثم حق خصمك المدعي عليك، ثم حق خصمك الذي تدعي عليه، ثم حق مستشيرك، ثم حق المشير عليك، ثم حق

______________

(١) السائس: القائم بامر والمدبر له.

(٢) كذا والظاهر تصحيفه، والصواب كما سيأتي في تفصيله عليه السلام هذه الحقوق « حق مولاك الجارية نعمتك عليه ».

٥٦٥

مستنصحك، ثم حق الناصح لك، ثم حق من هو أكبر منك، ثم حق من هو أصغر منك، ثم حق سائلك، ثم حق من سألته، ثم حق من جرى لك على يديه مساءة بقول أو فعل(١) عن تعمد منه أو غير تعمد، ثم حق أهل ملتك عليك، ثم حق أهل ذمتك، ثم الحقوق الجارية بقدر علل الاحوال وتصرف الاسباب.

فطوبى لمن أعانه الله على قضاء ما أوجب عليه من حقوقه ووفقه لذلك وسدده.

فأما حق الله(٢) الاكبر عليك فأن تعبده لا تشرك به شيئا، فإذا فعلت بالاخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة، وحق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عزّوجلّ، وحق اللسان إكرامه عن الخنى، وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة لها، والبر بالناس وحسن القول فيهم، وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة، وسماع مالا يحل سماعه، وحق البصر أن تغضه عما لا يحل لك وتعتبر بالنظر به، وحق يدك أن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك، وحق رجليك أن لا تمشي بهما إلى مالا يحل لك، فبهما تقف على الصراط فانظر أن لا تزل بك فتردى في النار، وحق بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام، ولا تزيد على الشبع، وحق فرجك أن تحصنه عن الزنا، وتحفظه من أن ينظر إليه، وحق الصلاة أن تعلم أنها وفادة إلى الله عزّوجلّ وأنت فيها قائما بين يدي الله عزّوجلّ، فإذا علمت ذلك قمت مقام العبد الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار، وتقبل عليها بقلبك، وتقيمها بحدودها وحقوقها، وحق الحج أن تعلم أنه وفادة إلى ربك وفرار إليه من ذنوبك، وبه قبول توبتك(٣) وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك، وحق الصوم أن تعلم أنه حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك ليسترك به من النار، فإن تركت الصوم خرقت ستر الله عليك، وحق الصدقة أن تعلم أنها ذخرك عند

______________

(١) زاد في التحف « أو مسرة بقول أو فعل » ولعله سقط من النساخ.

(٢) من هنا إلى آخر الحديث أورده المصنف في الفقيه بعد كتاب الحج.

(٣) في الفقيه « وفيه قبول توبتك ».

٥٦٦

ربك عزّوجلّ، ووديعتك التي لا تحتاج إلى الاشهاد عليها فإذا علمت ذلك كنت بما تستودعه سرا أوثق منك بما تستودعه علانية، وتعلم أنها تدفع البلايا والاسقام عنك في الدنيا، وتدفع عنك النار في الآخرة، وحق الهدى أن تريد به وجه الله عزّوجلّ، ولا تريد به خلقه، ولا تريد به إلا التعرض لرحمة الله ونجاة روحك يوم تلقاه، و حق السلطان أن تعلم أنك جعلت له فتنة وأنه مبتلى فيك بما جعله الله عزّوجلّ له عليك من السلطان، وأن عليك أن لا تتعرض لسخطه فتلقى بيدك إلى التهلكة، و تكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء، وحق سائسك بالعلم التعظيم له والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه والاقبال عليه، وأن لا ترفع عليه صوتك وأن لا تجيب أحدا يسأله عن شئ حتى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدت في مجلسه أحدا ولا تغتاب عنده أحدا، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه، ولا تجالس له عدوا ولا تعادي له وليا، فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنك قصدته وتعلمت علمه لله جل اسمه لا للناس، وأما حق سائسك بالملك فأن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله عزّوجلّ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأما حق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك، فيجب أن تعدل فيهم وتكون لهم كالوالد الرحيم، وتغفر لهم جهلهم، ولا تعاجلهم بالعقوبة، وتشكر الله عزّوجلّ على ما آتاك من القوة عليهم، وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله عزّوجلّ إنما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم وفتح لك من خزائنه فإن أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم(١) ولم تضجر عليهم زادك الله من فضله، وإن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقا على الله عزّوجلّ أن يسلبك العلم وبهاءه ويسقط من القلوب محلك، وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عزّوجلّ جعلها لك سكنا وانسا فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك، فتكرمها وترفق بها وإن كان حقك عليها أوجب فان لها عليك أن ترحمها لانها أسيرك وتطعمها وتكسوها فإذا جهلت عفوت عنها، وأما حق

______________

(١) الخرق - بالضم والتحريك -: ضد الرفق، وأن لا يحسن الرجل العمل

٥٦٧

مملوكك فأن تعلم أنه خلق ربك وابن أبيك وامك ولحمك ودمك لم تملكه لانك صنعته دون الله ولا خلقت شيئا من جوارحه ولا أخرجت له رزقا، ولكن الله عزّوجلّ كفاك ذلك، ثم سخره لك وائتمنك عليه واستودعك إياه ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه فأحسن إليه كما أحسن الله إليك وإن كرهته استبدلت به، ولم تعذب خلق الله عزّوجلّ، ولا قوة إلا بالله.

وحق امك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا، و أعطتك من ثمرة قلبها مالا يعطي أحد أحدا، ووقتك بجميع جوارحها، ولم تبال أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك، وتضحى وتظلك، وتهجر النوم لاجلك، ووقتك الحر والبرد لتكون لها فانك لا تطيق شكرها إلا بعون الله تعالى وتوفيقه، وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك، وأنه لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك. ولا قوة إلا بالله، وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وأنك مسؤول عما وليته من حسن الادب والدلالة على ربه عزّوجلّ، والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الاحسان إليه، معاقب على الاساءة إليه، وأما حق أخيك فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك، فلا تتخذه سلاحا على معصية الله، ولا عدة للظلم لخلق الله، ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له، فان أطاع الله وإلا فليكن الله أكرم عليك منه، ولا قوة إلا بالله، وأما حق مولاك المنعم عليك فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله و أخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وانسها فأطلقك من أسر الملكة و فك عنك قيد العبودية وأخرجك من السجن، وملكك نفسك، وفرغك لعبادة ربك وتعلم أنه أولى الخلق بك في حياتك وموتك وأن نصرته عليك واجبة بنفسك وما احتاج إليه منك، ولا قوة إلا بالله، وأما حق مولاك الذي أنعمت عليه، فأن تعلم أن الله عزو جل جعل عتقك له وسيلة إليه، وحجابا لك من النار، وأن ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافأة بما أنفقت من مالك وفي الآجل الجنة، وأما حق ذي

٥٦٨

المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه وتكسبه المقالة الحسنة وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عزّوجلّ، فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا وعلانية، ثم إن قدرت على مكافأته يوما كافيته، وأما حق المؤذن أن تعلم أنه مذكر لك ربك عز و جل، وداع لك إلى حظك، وعونك على قضاء فرض الله عليك، فاشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك، وأما حق إمامك في صلاتك فأن تعلم أنه قد تقلد السفارة فيما بينك وبين ربك عزّوجلّ، وتكلم عنك ولم تتكلم عنه، ودعا لك ولم تدع له، وكفاك هول المقام بين يدي الله عزّوجلّ، فان كان به نقص كان به دونك، وإن كان تماما كنت شريكه، ولم يكن له عليك فضل فوقى نفسك بنفسه وصلاتك بصلاته، فتشكر له على قدر ذلك، وأما حق جليسك فأن تلين له جانبك وتنصفه في مجازاة اللفظ ولا تقوم من مجلسك إلا باذنه، ومن يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنك وتنسي زلاته وتحفظ خيراته، ولا تسمعه إلا خيرا، وأما حق جارك فحفظه غائبا، وإكرامه شاهدا ونصرته إذا كان مظلوما، ولا تتبع له عورة، فان علمت عليه سوءا سترته عليه، وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، ولا تسلمه عند شديدة، وتقيل عثرته، وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا قوة إلا بالله، وأما حق الصاحب فأن تصحبه بالتفضل والانصاف، وتكرمه كما يكرمك، وكن عليه رحمة، ولا تكن عليه عذابا، ولا قوة إلا بالله، وأما حق الشريك فان غاب كفيته وإن حضر رعيته، ولا تحكم دون حكمه، ولا تعمل رأيك دون مناظرته، وتحفظ عليه ماله، ولا تخونه فيما عز أو هان من أمره فإن يد الله تبارك وتعالى على الشريكين ما لم يتخاونا ولا قوة إلا بالله. وأما حق مالك فأن لا تأخذه إلا من حله، ولا تنفقه إلا في وجهه، ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك، فاعمل فيه بطاعة ربك، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع السعة، ولا قوة إلا بالله، وأما حق غريمك الذي يطالبك فإن كنت موسرا أعطيته، وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول ورددته عن نفسك ردا لطيفا(١) وحق الخليط أن لا تغره، ولا تغشه، ولا تخدعه، وتتقى الله تبارك وتعالى في أمره، وحق

______________

(١) ليس في النسخ ولا في التحف حق الغريم الذى تطالبه ولعله سقط.

٥٦٩

الخصم المدعي عليك فإن كان ما يدعي عليك حقا كنت شاهده على نفسك ولم تظلمه، وأوفيته حقه، وإن كان ما يدعي باطلا رفقت به، ولم تأت في أمره غير الرفق، ولم تسخط ربك في أمره، ولا قوة إلا بالله، وحق خصمك الذي تدعي عليه إن كنت محقا في دعوتك أجملت مقاولته، ولم تجحد حقه، وإن كنت مبطلا في دعوتك اتقيت الله عزّوجلّ وتبت إليه، وتركت الدعوى، وحق المستشير إن علمت أن له رأيا أشرت عليه، وإن لم تعلم أرشدته إلى من يعلم، وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه، فان وافقك حمدت الله عزّوجلّ، وحق المستنصح أن تودي إليه النصحية وليكن مذهبك الرحمة له والرفق به، وحق الناصح أن تلين له جناحك وتصغى إليه بسمعك، فان أتى الصواب حمدت الله عزّوجلّ وإن لم يوافق رحمته، ولم تتهمه وعلمت أنه أخطأ، ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة فلا تعبأ بشئ من أمره على حال، ولا قوة إلا بالله، وحق الكبير توقيره لسنه، وإجلاله لتقدمه في الاسلام قبلك وترك مقابلته عند الخصام، ولا تسبقه إلى طريق ولا تتقدمه، ولا تستجهله، وإن جهل عليك احتملته وأكرمته لحق الاسلام وحرمته، وحق الصغير رحمته في تعليمه والعفو عنه والستر عليه والرفق به والمعونة له، وحق السائل إعطاؤه على قدر حاجته، وحق المسؤول إن أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضله، وإن منع فاقبل عذره، وحق من سرك الله تعالى ذكره أن تحمد الله عزّوجلّ أولا، ثم تشكره، وحق من أساءك أن تعفو عنه، وإن علمت أن العفو عنه يضر انتصرت قال الله تبارك وتعالى:( وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ ) (١) وحق أهل ملتك اضمار السلامة والرحمة لهم، والرفق بمسيئهم، وتألفهم واستصلاحهم، وشكر محسنهم وكف الاذى عنهم وتحب لهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك، وأن تكون شيوخهم بمنزله أبيك، وشبانهم بمنزلة إخوتك، وعجائزهم بمنزلة امك، والصغار بمنزلة أولادك، وحق الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عزّوجلّ، ولا تظلمهم ما وفوا الله عزّوجلّ بعهده.

______________

(١) الشورى: ٤١.

٥٧٠

خمسون خصلة من صفات المؤمن

٢ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، وأحمد بن إدريس جميعا قالا: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن الحسن بن علي، عن أبي سليمان الحلواني(١) أو عن رجل عنه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: صفة المؤمن قوة في دين، وحزم في لين، وإيمان في يقين، وحرص في فقه، ونشاط في هدى، وبر في استقامة، وإغماض عند شهوة، وعلم في حلم، وشكر في رفق، وسخاء في حق، وقصد في غنى، وتجمل في فاقة، وعفو في قدرة، وطاعة في نصيحة، وورع في رغبة، وحرص في جهاد، وصلاة في شغل، وصبر في شدة، وفي الهزاهز وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، لا يغتاب ولا يتكبر ولا يبغي، وإن بغي عليه صبر، ولا يقطع الرحم وليس بواهن ولا فظ ولا غليظ، ولا يسبقه بصره، ولا يفضحه بطنه، ولا يغلبه فرجه ولا يحسد الناس، ولا يفتر ولا يبذر ولا يسرف، بل يقتصد، ينصر المظلوم، ويرحم المساكين، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة، لا يرغب في عز الدنيا، ولا يجزع من ألمها، للناس هم قد أقبلوا عليه، وله هم قد شغله، لا يرى في حلمه نقص، ولا في رأيه وهن، ولا في دينه ضياع(٢) ، يرشد من استشاره، ويساعد من ساعده، ويكيع من الباطل والخنى والجهل(٣) فهذه صفة المؤمن.

ثواب من حج خمسين حجة

٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا محمد بن - الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن سيف، عن عبد المؤمن، عن هارون بن - خارجة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول: من حج خمسين حجة بنى الله له مدينة في جنة عدن فيها مائة ألف قصر في كل قصر حور من حور العين وألف زوجة، ويجعل من رفقاء محمد صلّى الله عليه وآله في الجنة.

______________

(١) لم أجده. ولعله ابراهيم بن مسلم الحلواني ولكن لم أعثر على عنوانه بهذه الكنية.

(٢) أي دينه متين لا يضيع بالشكوك والشبهات ولا بارتكاب المعاصي.

(٣) كاع عنه يكيع: جبن عنه وهابه. وفى بعض النسخ « يكتع » بالتاء المثناة الفوقية من كتع يكتع: هرب. والخنى: الفحش، والجهل مقابل العلم أو السفاهة.

٥٧١

أبواب السبعين

وما فوقه لأميرالمؤمنين عليه السلام سبعون منقبة

لم يشركه فيها أحد من الائمة

١ - حدثنا أحمد بن الحسن القطان، ومحمد بن أحمد السناني، وعلي بن - موسى الدقاق، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب(١) ، وعلي بن عبدالله الوراق رضي الله عنهم قالوا: حدثنا أبوالعباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول: قال: حدثنا سليمان بن حكيم، عن ثور بن يزيد، عن مكحول قال: قال أميرالمؤمنين علي بن - أبي طالب عليه السلام لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي محمد صلّى الله عليه وآله أنه ليس فيهم رجل له منقبة إلا وقد شركته فيها وفضلته ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم، قلت: يا أميرالمؤمنين فأخبرني بهن، فقال عليه السلام: إن أول منقبة لي أني لم اشرك بالله طرفة عين ولم أعبد اللات والعزى، والثانية أني لم أشرب الخمر قط، والثالثة أن رسول الله صلّى الله عليه وآله استوهبني عن أبي في صبائي وكنت أكيله وشريبه ومونسه و محدثه، والرابعة أني أول الناس إيمانا وإسلاما، والخامسة أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لي: « يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي »، و السادسة أني كنت آخر الناس عهدا برسول الله ودليته في حفرته، والسابعة أن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنامني على فراشه حيث ذهب إلى الغار وسجاني ببرده، فلما جاء المشركون ظنوني محمدا صلّى الله عليه وآله فأيقظوني وقالوا: ما فعل صاحبك؟ فقلت: ذهب في حاجته فقالوا: لو كان هرب لهرب هذا معه، وأما الثامنة فان رسول الله صلّى الله عليه وآله علمني ألف باب من العلم يفتح كل باب ألف باب ولم يعلم ذلك أحدا غيري، وأما التاسعة فان رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لي: « يا علي إذا حشر الله عزّوجلّ الاولين والآخرين نصب لي منبر فوق منابر النبيين، ونصب لك منبر فوق منابر الوصيين فترتقي عليه »، وأما

______________

(١) هو والحسين بن ابراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب واحد، وله ترجمة في لسان الميزان ج ٢ ص ٢٧١.

٥٧٢

العاشرة فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « يا علي لا أعطى في القيامة إلا سألت لك مثله » وأما الحادية عشرة فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « يا علي أنت أخي وأنا أخوك يدك في يدي حتى تدخل الجنة »، وأما الثانية عشرة فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: يا علي مثلك في أمتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، وأما الثالثة عشرة فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله عممني بعمامة نفسه بيده، ودعا لي بدعوات النصر على أعداء الله فهزمتهم بإذن الله عزّوجلّ، وأما الرابعة عشرة فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله أمرني أن أمسح يدي على ضرع شاة قد يبس ضرعها فقلت: يا رسول الله بل امسح أنت، فقال: « يا علي فعلك فعلي » فمسحت عليها يدي فدر علي من لبنها فسقيت رسول الله صلّى الله عليه وآله شربة، ثم أتت عجوزة فشكت الظمأ فسقيتها فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « إني سألت الله عزّوجلّ أن يبارك في يدك ففعل »، وأما الخامسة عشرة فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله أوصى إلي وقال: « يا علي لا يلي غسلي غيرك، ولا يواري عورتي غيرك، فانه إن رأى أحد عورتي غيرك تفقأت عيناه، فقلت له: كيف لي بتقليبك يا رسول الله؟ فقال: إنك ستعان » فوالله ما أردت أن اقلب عضوا من أعضائه إلا قلب لي، وأما السادسة عشرة فاني أردت ان أجرده فنوديت « يا وصي محمد لا تجرده فغسله والقميص عليه » فلا والله الذي أكرمه بالنبوة وخصه بالرسالة ما رأيت له عورة، خصني الله بذلك من بين أصحابه، وأما السابعة عشرة فان الله عزّوجلّ زوجني فاطمة، وقد كان خطبها أبوبكر وعمر فزوجني الله من فوق سبع سماواته، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: هنيئا لك يا علي فان الله عزّوجلّ زوجك فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وهي بضعة مني فقلت: يا رسول الله أو لست منك؟ فقال: « بلى يا علي أنت مني وأنا منك كيميني من شمالي، لا أستغني عنك في الدنيا والآخرة » وأما الثامنة عشرة فان رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « لي يا علي أنت صاحب لواء الحمد في الآخرة، وأنت يوم القيامة أقرب الخلائق مني مجلسا، يبسط لي ويبسط لك فأكون في زمرة النبيين وتكون في زمرة الوصيين، ويوضع على رأسك تاج النور وإكليل الكرامة، يحف بك سبعون ألف ملك حتى يفرغ الله عزّوجلّ من حساب الخلائق »، وأما التاسعة عشرة فان رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « ستقاتل الناكثين

٥٧٣

والقاسطين والمارقين، فمن قاتلك منهم فان لك بكل رجل منهم شفاعة في مائة ألف من شيعتك »، فقلت: يا رسول الله فمن الناكثون؟ قال: « طلحة والزبير سيبايعانك بالحجاز وينكثانك بالعراق، فإذا فعلا ذلك فحاربهما فان في قتالهما طهارة لاهل الارض » قلت: فمن القاسطون قال: « معاوية وأصحابه » قلت: فمن المارقون؟ قال: « أصحاب ذي الثدية وهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فاقتلهم فان في قتلهم فرجا لاهل الارض، وعذابا معجلا عليهم، وذخرا لك عند الله عزّوجلّ يوم القيامة » وأما العشرون فاني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول لي: مثلك في امتي مثل باب حطة في بني إسرائيل، فمن دخل في ولايتك فقد دخل الباب كما أمره الله عزّوجلّ، وأما الحادية والعشرون فاني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « أنا مدينة العلم وعلي بابها ولن تدخل المدينة إلا من بابها، ثم قال: يا علي إنك سترعى ذمتي وتقاتل على سنتي وتخالفك امتي » وأما الثانية والعشرون فاني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « إن الله تبارك وتعالى خلق ابني الحسن والحسين من نور ألقاه إليك و إلى فاطمة، وهما يهتزان كما يهتز القرطان إذا كانا في الاذنين، ونورهما متضاعف على نور الشهداء سبعين ألف ضعف، يا علي إن الله عزّوجلّ قد وعدني أن يكرمهما كرامة لا يكرم بها أحدا ما خلا النبيين والمرسلين »، وأما الثالثة والعشرون فان رسول الله صلّى الله عليه وآله أعطاني خاتمه في حياته ودرعه ومنطقته وقلدني سيفه وأصحابه كلهم حضور و عمي العباس حاضر، فخصني الله عزّوجلّ منه بذلك دونهم، وأما الرابعة والعشرون فان الله عزّوجلّ أنزل على رسوله( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ) فكان لي دينار فبعته عشرة دراهم فكنت إذا ناجيت رسول الله صلّى الله عليه وآله اصدق قبل ذلك بذرهم، ووالله ما فعل هذا أحد من أصحابه قبلي ولا بعدي، فأنزل الله عزّوجلّ:( أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّـهُ عَلَيْكُمْ - الآية) (١) فهل تكون التوبة إلا من ذنب كان، أما الخامسة والعشرون فاني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « الجنة محرمة على الانبياء حتى أدخلها أنا

______________

(١) المجادلة: ١٣ - ١٤.

٥٧٤

وهي محرمة على الاوصياء حتى تدخلها أنت يا علي إن الله تبارك وتعالى بشرني فيك ببشرى لم يبشر بها نبيا قبلي بشرني بأنك سيد الاوصياء وأن ابنيك الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة يوم القيامة »، وأما السادسة والعشرون فان جعفرا أخي الطيار في الجنة مع الملائكة، المزين بالجناحين من در وياقوت وزبرجد، و أما السابعة والعشرون فعمي حمزة سيد الشهداء في الجنة، وأما الثامنة والعشرون فان رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « إن الله تبارك وتعالى وعدني فيك وعدا لن يخلفه، جعلني نبيا وجعلك وصيا، وستلقى من امتي من بعدي ما لقى موسى من فرعون، فاصبر واحتسب حتى تلقاني فاوالي من والاك، واعادي من عاداك »، وأما التاسعة والعشرون فاني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « يا علي أنت صاحب الحوض لا يملكه غيرك، وسيأتيك قوم فيستسقونك فتقول: لا ولا مثل ذرة، فينصرفون مسودة وجوههم، و سترد عليك شيعتي وشيعتك فتقول: رووا رواء مرويين فيروون مبيضة وجوههم »، وأما الثلاثون فاني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: يحشر امتي يوم القيامة على خمس رايات، فأول راية ترد علي راية فرعون هذه الامة وهو معاوية، والثانية مع سامري هذه الامة وهو عمرو بن العاص، والثالثة مع جاثليق هذه الامة وهو أبوموسى الاشعري، والرابعة مع أبي الاعور السلمي، وأما الخامسة فمعك يا علي تحتها المؤمنون و أنت إمامهم، ثم يقول الله تبارك وتعالى للاربعة: ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وهم شيعتي ومن والاني وقاتل معي الفئة الباغية والناكبة عن الصراط، وباب الرحمة وهم شعيتي فينادي هؤلاء ألم أكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الاماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور. فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأويكم النار هي موليكم وبئس المصير، ثم ترد امتي وشيعتي فيروون من حوض محمد صلّى الله عليه وآله وبيدي عصا عوسج أطرد بها أعدائي طرد غريبة الابل، وأما الحادية والثلاثون فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « لولا أن يقول فيك الغالون من امتي ما قالت النصارى في عيسى ابن مريم لقلت فيك قولا لا تمر بملأ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك

٥٧٥

يستشفون به ». وأما الثانية والثلاثون فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « إن الله تبارك وتعالى نصرني بالرعب فسألته أن ينصرك بمثله فجعل لك من ذلك مثل الذي جعل لي ». وأما الثالثة والثلاثون فان رسول الله صلّى الله عليه وآله التقم اذني وعلمني ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، فساق الله عزّوجلّ ذلك إلي على لسان نبيه صلّى الله عليه وآله، وأما الرابعة والثلاثون فان النصارى ادعوا أمرا فأنزل الله عزّوجلّ فيه( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّـهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) ، فكان نفسي نفس رسول الله صلّى الله عليه وآله و النساء فاطمة عليها السلام والابناء الحسن والحسين، ثم ندم القوم فسألوا رسول الله صلّى الله عليه وآله الاعفاء فأعفاهم والذي أنزل التوراة على موسى والفرقان على محمد صلّى الله عليه وآله لو باهلونا لمسخوا قردة وخنازير. وأما الخامسة والثلاثون فان رسول الله صلّى الله عليه وآله وجهني يوم بدر فقال: ائتني بكف حصيات مجموعة في مكان واحد فأخذتها ثم شممتها فإذا هي طيبة تفوح منها رائحة المسك فأتيته بها فرمى بها وجوه المشركين وتلك الحصيات أربع منها كن من الفردوس، وحصاة من المشرق، وحصاة من المغرب، وحصاة من تحت العرش، مع كل حصاة مائة ألف ملك مددا لنا، لم يكرم الله عزّوجلّ بهذه الفضلة أحدا قبل ولا بعد، وأما السادسة والثلاثون فاني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: ويل لقاتلك إنه أشقى من ثمود ومن عاقر الناقة، وإن عرش الرحمن ليهتز لقتلك، فأبشر يا علي فانك في زمرة الصديقين والشهداء والصالحين، وأما السابعة والثلاثون فان الله تبارك وتعالى قد خصني من بين أصحاب محمد صلّى الله عليه وآله بعلم الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والخاص والعام، وذلك مما من الله به علي وعلى رسوله، وقال لي الرسول صلّى الله عليه وآله: « يا علي إن الله عزّوجلّ أمرني أن ادنيك ولا اقصيك، واعلمك ولا أجفوك، وحق علي أن اطيع ربي، وحق عليك أن تعي » وأما الثامنة والثلاثون فان رسول الله صلّى الله عليه وآله بعثني بعثا ودعا لي بدعوات واطلعني على ما يجري بعده، فحزن لذلك بعض أصحابه قال: لو قدر محمد أن يجعل ابن عمه نبيا لجعله فشرفني الله عزّوجلّ بالاطلاع على ذلك على لسان نبيه صلّى الله عليه وآله، وأما التاسعة والثلاثون فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله

٥٧٦

يقول: « كذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا، لا يجتمع حبي وحبه إلا في قلب مؤمن، إن الله عزّوجلّ جعل أهل حبي وحبك يا علي في أول زمرة السابقين إلى الجنة، وجعل أهل بغضي وبغضك في أول زمرة الضالين من امتي إلى النار »، وأما الاربعون فان رسول الله صلّى الله عليه وآله وجهني في بعض الغزوات إلى ركي فإذا ليس فيه ماء، فرجعت إليه فأخبرته، فقال: أفيه طين؟ قلت: نعم، فقال: ائتني منه، فأتيت منه بطين فتكلم فيه، ثم قال: ألقه في الركي فألقيته، فإذا الماء قد نبع حتى امتلا جوانب الركي، فجئت إليه فأخبرته، فقال لي: وفقت يا علي وببركتك نبع الماء. فهذه المنقبة خاصة بي من دون أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله. وأما الحادية والاربعون فاني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « أبشر يا علي فان جبرئيل أتاني فقال لي: يا محمد إن الله تبارك وتعالى نظر إلى أصحابك فوجد ابن عمك وختنك على ابنتك فاطمة خير أصحابك فجعله وصيك والمؤدي عنك »، وأما الثانية والاربعون فإني سمعت رسول الله يقول: « أبشر يا علي فإن منزلك في الجنة مواجه منزلي وأنت معي في الرفيق الاعلى في أعلى عليين »، قلت: يا رسول الله صلّى الله عليه وآله وما أعلى عليون؟ فقال: قبة من درة بيضاء لها سبعون ألف مصراع مسكن لي ولك يا علي، وأما الثالثة والاربعون فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: إن الله عزّوجلّ رسخ حبي في قلوب المؤمنين وكذلك رسخ حبك يا علي في قلوب المؤمنين، ورسخ بغضي وبغضك في قلوب المنافقين، فلا يحبك إلا مؤمن تقي، ولا يبغضك إلا منافق كافر، وأما الرابعة والاربعون فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « لن يبغضك من العرب إلا دعي، ولا من العجم إلا شقي، ولا من النساء إلا سلقلقية »(١) وأما الخامسة والاربعون فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله دعاني وأنا رمد العين فتفل في عيني وقال: « اللهم اجعل حرها في بردها وبردها في حرها »، فوالله ما اشتكت عيني إلى هذه الساعة(٢) وأما السادسة والاربعون فإن رسول الله

______________

(١) السلقلق التى تحيض في دبرها والسلقلقية: الصخابة. (القاموس).

(٢) راجع خصائص النسائي ص ٣٨ ومسند ابى داود الطيالسي ج ١ ص ١٢٢. ورياض النضرة ج ٢ ص ١٨٩.

٥٧٧

صلّى الله عليه وآله أمر أصحابه وعمومته بسد الابواب وفتح بأبي بأمر الله عزّوجلّ فليس لاحد منقبة مثل منقبتي، وأما السابعة والاربعون فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله أمرني في وصيته بقضاء ديونه وعداته، فقلت: يا رسول الله قد علمت أنه ليس عندي مال فقال: سيعينك الله، فما أردت أمرا من قضاء ديونه وعداته إلا يسره الله لي حتى قضيت ديونه وعداته، وأحصيت ذلك فبلغ ثمانين ألفا وبقي بقية اوصيت الحسن أن يقضيها، وأما الثامنة والاربعون فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله أتاني في منزلي، ولم يكن طعمنا منذ ثلاثة أيام فقال: يا علي هل عندك من شئ؟ فقلت: والذي أكرمك بالكرامة واصطفاك بالرسالة ما طعمت وزوجتي وابناي منذ ثلاثة أيام فقال النبي صلّى الله عليه وآله: يا فاطمة ادخلي البيت وانظري هل تجدين شيئا، فقالت: خرجت الساعة، فقلت: يا رسول الله أدخله أنا؟ فقال: ادخل باسم الله، فدخلت فإذا أنا بطبق موضوع عليه رطب من تمر وجفنة من ثريد فحملتها إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال: يا علي رأيت الرسول الذي حمل هذا الطعام؟ فقلت: نعم، فقال صفه لي، فقلت: من بين أحمر وأخضر وأصفر، فقال: تلك خطط جناح جبرئيل عليه السلام مكللة بالدر والياقوت، فأكلنا من الثريد حتى شبعنا فما رأى إلا خدش أيدينا وأصابعنا فخصني الله عزّوجلّ بذلك من بين أصحابه، وأما التاسعة والاربعون فإن الله تبارك وتعالى خص نبيه صلّى الله عليه وآله بالنبوة وخصني النبي صلّى الله عليه وآله بالوصية فمن أحبني فهو سعيد يحشر في زمرة الانبياء عليهم السلام، وأما الخمسون فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله بعث ببراءة مع أبي بكر فلما مضى أتى جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد لا يؤدى عنك إلا أنت أو رجل منك. فوجهني على ناقته العضباء فلحقته بذي الحليفة فأخذتها منه فخصني الله عزّوجلّ بذلك، وأما الحادية والخمسون فان رسول الله صلّى الله عليه وآله أقامني للناس كافة يوم غدير خم، فقال: « من كنت مولاه فعلي مولاه فبعدا وسحقا للقوم الظالمين » وأما الثانية والخمسون فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: يا علي ألا اعلمك كلمات علمنيهن جبرئيل عليه السلام؟ فقلت: بلى قال: قل: « يا رازق المقلين، ويا راحم المساكين، ويا أسمع السامعين، ويا أبصر الناظرين، ويا أرحم الراحمين ارحمني وارزقني »، وأما الثالثة والخمسون فإن الله تبارك وتعالى لن

٥٧٨

يذهب بالدنيا حتى يقوم منا القائم، يقتل مبغضينا، ولا يقبل الجزية، ويكسر الصليب والاصنام، ويضع الحرب أوزارها، ويدعو إلى أخذ المال فيقسمه بالسوية، و يعدل في الرعية. وأما الرابعة والخمسون فاني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « يا علي سيلعنك بنو امية ويرد عليهم ملك بكل لعنة ألف لعنة، فإذا قام القائم لعنهم أربعين سنة، وأما الخامسة والخمسون فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لي: سيفتتن فيك طوائف من امتي فيقولون: إن رسول الله صلّى الله عليه وآله لم يخلف شيئا فبماذا أوصى عليا؟ أو ليس كتاب ربي أفضل الاشياء بعد الله عزّوجلّ والذي بعثني بالحق لئن لم تجمعه باتقان لم يجمع أبدا » فخصني الله عزّوجلّ بذلك من دون الصحابة، وأما السادسة والخمسون فان الله تبارك وتعالى خصني بما خص به أولياءه وأهل طاعته وجعلني وارث محمد صلّى الله عليه وآله فمن ساءه ساءه ومن سره سره وأومأ بيده نحو المدينة. وأما السابعة والخمسون فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله كان في بعض الغزوات ففقد الماء فقال لي: يا علي قم إلى هذه الصخرة وقل: أنا رسول رسول الله انفجري لي ماء، فوالله الذي أكرمه بالنبوة لقد أبلغتها الرسالة فاطلع منها مثل ثدي البقر، فسال من كل ثدي منها ماء، فلما رأيت ذلك أسرعت إلى النبي صلّى الله عليه وآله فأخبرته فقال: انطلق يا علي فخذ من الماء وجاء القوم حتى ملؤوا قربهم وأداواتهم وسقوا دوابهم وشربوا وتوضؤوا فخصني الله عزّوجلّ بذلك من دون الصحابة، وأما الثامنة والخمسون فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله أمرني في بعض غزواته وقد نفد الماء فقال: يا علي ائتني بتور فأتيته به فوضع يده اليمنى ويدي معها في التور، فقال: انبع فنبع الماء من بين أصابعنا، وأما التاسعة والخمسون فإن رسول الله وجهني إلى خيبر فلما أتيته وجدت الباب مغلقا فزعزعته شديدا فقلعته ورميت به أربعين خطوة، فدخلت فبرز إلي مرحب فحمل علي وحملت عليه وسقيت الارض من دمه، وقد كان وجه رجلين من أصحابه فرجعا منكسفين، وأما الستون فإني قتلت عمرو بن عبدود، وكان يعد ألف رجل(١) ، وأما الحادية والستون فاني

______________

(١) زاد في نسخة من المخطوطة « فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله في حقى: لضربة على يوم الخندق أفضل من أعمال الثقلين »: وقال عليه السلام « برز الاسلام كله إلى الكفر كله ».

٥٧٩

سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « يا علي مثلك في امتي مثل( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ) فمن أحبك بقلبه فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن أحبك بقلبه وأعانك بلسانه فكأنما قرأ ثلثي القرآن، ومن أحبك بقلبه وأعانك بلسانه ونصرك بيده فكأنما قرأ القرآن كله »، وأما الثانية والستون فإني كنت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله في جميع المواطن و الحروب وكانت رايته معي، وأما الثالثة والستون فإني لم أفر من الزحف قط، ولم يبارزني أحد إلا سقيت الارض من دمه، وأما الرابعة والستون فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله اتي بطير مشوي من الجنة فدعا الله عزّوجلّ أن يدخل عليه أحب خلقه إليه فوفقني الله للدخول عليه حتى أكلت معه من ذلك الطير. وأما الخامسة والستون فاني كنت اصلي في المسجد فجاء سائل فسأل وأنا راكع فناولته خاتمي من إصبعي فأنزل الله تبارك وتعالى في( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) ، وأما السادسة والستون فإن الله تبارك وتعالى رد علي الشمس مرتين ولم يردها على أحد من امة محمد صلّى الله عليه وآله غيري، وأما السابعة والستون فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله أمر أن ادعى بإمرة المؤمنين في حياته وبعد موته ولم يطلق ذلك لاحد غيري، وأما الثامنة والستون فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: يا علي إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: أين سيد الانبياء؟ فأقوم، ثم ينادي أين سيد الاوصياء؟ فتقوم ويأتيني رضوان بمفاتيح الجنة، ويأتيني مالك بمقاليد النار فيقولان: إن الله جل جلاله أمرنا أن ندفعها إليك ونأمرك أن تدفعها إلى علي بن - أبي طالب، فتكون يا علي قسيم الجنة والنار، وأما التاسعة والستون فاني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « لولاك ما عرف المنافقون من المؤمنين »، وأما السبعون فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله نام ونومني وزوجتي فاطمة وابني الحسن والحسين وألقى علينا عباءة قطوانية فأنزل الله تبارك وتعالى فينا( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) وقال جبرئيل عليه السلام: أنا منكم يا محمد، فكان سادسنا جبرئيل عليه السلام.

٢ - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا

٥٨٠