حقائق الاصول الجزء ١

حقائق الاصول13%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 571

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 211929 / تحميل: 5761
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء ١

مؤلف:
العربية

حقائق الاصول

وهى

تعليقة على (كفاية) الاستاذ الاعظم المحقق الخراساني قدس سره

تأليف

المحقق الاوحدي علم الشريعة ومرجع الشيعة

السيد محسن الطباطبائى الحكيم

قدس سره

الجزء الاول

من منشورات مكتبة بصيرتي

قم - ارم

١

٢

تقديم

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه صحف لم يقدر لها أن تنشر قبل اليوم (والامور مرهونة باوقاتها) أملاها سيدى الوالد - مد ظله العالي - منذ عهد بعيد لا يقل عن ستة وعشرين عاما يوم كان يدرس طلابه كتاب أستاذه الاعظم (كفاية الاصول) ذلك الكتاب الذى توفق كل التوفيق والذى عكف عليه طلاب أصول الفقه قراءة وتفهما، وكل ماكان يريده - مد ظله - يومئذ أن يشرح كلمات استاذه، ويكشف القناع عن معمياتها، ولم يشأ أن يعرض لآراء أساتذته الآخرين وغيرهم ومناقشتها الحساب على أنه - مد ظله - لم يظن على قرائه من إبداء ملاحظاته ومآخذه على الكتاب المذكور وتحقيق ما يراه حقا لا محيد عنه.

أما اليوم وقد آن لهذه الصحف أن تنشر، فلم يكن في مقدور سيدنا أن ينظر فيها مجددا، نظرا للظروف والملابسات التى تحيط به من كل جانب وفى كل وقت، ولم يكن منه تجاهها سوى الاذن في نشرها، تقريبا لها من الانتفاع، وتبعيدا لها من الضياع. على انها - مع اختصارها - والاختصار عادة لسيدي - مد ظله العالي - في جميع مؤلفاته - حاوية لحقائق الاصول، خالية من كل فضول، والله سبحانه ولى العصمة والسداد وهو حسبنا ونعم الوكيل.

١٧ محرم الحرام ١٣٧٢ ه‍ يوسف الطباطبائى الحكيم

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمدك اللهم يامن اضاء على مطالع العقول والالباب وانار عليها بسواطع السنة والكتاب فاحكم الفروع باصولها في كل باب ونصلي على افضل من أوتي الحكمة وفصل الخطاب وعلى آله الطاهرين الاطياب لا سيما المخصوص بالاخوة سيد اولى الالباب ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول وآل الرسول فاغفر لنا ذنوبنا وقنا سوء الحساب واللعنة على اعدائهم من اليوم إلى يوم الحساب (وبعد) فالعلم على تشعب شؤنه وتفنن غصونه مفتقر إلى علم الاصول افتقار الرعية إلى السلطان ونافذ حكمه عليها بالوجدان ولا سيما العلوم الدينية وخصوصا الاحكام الشرعية فلولا الاصول لم تقع في علم الفقه على محصول فبه استقرت قواعد الدين وبه صار الفقه كشجرة طيبة تؤتي اكلها كل حين فلذا بادر علماء الامصار وفضلاء الاعصار في كل دور من الادوار إلى تمهيد قواعده وتقييد شوارده وتبيين ضوابطه وتوضيح روابطه وتهذيب اصوله واحكام قوانينه وترتيب فصوله لكنه لما فيه من محاسن النكت والفقر ولطائف معان تدق دونها الفكر جل عن ان يكون شرعة لكل وارد أو ان يطلع على حقايقه إلا واحد بعد واحد فنهض بها من اولى البصائر كابر بعد كابر فلله درهم من عصاتة تلقوا

______________________________

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

٤

واذعنوا وبرعوا فاتقنوا وأجادوا فجادوا وصنفوا وأفادوا اثابهم الله برضوانه وبوأهم بحبوحات جنانه حتى انتهى الامر إلى اوحد علماء العصر قطب فلك الفقاهة والاجتهاد ومركز دائرة البحث والانتقاد الطود الشامخ والعلم الراسخ محي الشريعة وحامى الشيعة النحرير الاواه والمجاهد في سبيل الله خاتم الفقهاء والمجتهدين وحجة الاسلام والمسلمين الوفي الصفى مولانا الاخوند ملا محمد كاظم الهروي الطوسي النجفي مد الله اطناب ظلاله على رؤس الانام وعمر بوجوده دوارس شرع الاسلام فقد فاز دام ظله منه بالقدح المعلى وجل عن قول اين وانى وجرى بفكر صائب تقف دونه الافكار ونظر ثاقب يكاد سنا برقه يذهب بالابصار فلذا اذعن بفضله الفحول وتلقوه بانعم القبول واظهر صحفا هي المنتهى في التبيان ذوات نكت لم يطمثهن قبله انس ولا جان ويغنيك العيان عن البيان والوجدان عن البرهان فما قدمته لك احدى مقالاته الشافية ورسائله الكافية فقد اخذت بجزئيها على شطري الاصول الاصلية من مباحث الالفاظ والادلة العقلية واغنت بالاشارة عن المطولات فهي النهاية والمحصول فحري بان يسمى بكفاية الاصول فاين من يعرف قدرها ولا يرخص مهرها وعلى الله قصد السبيل وهو حسبي ونعم الوكيل قال - ادام الله ظله - بعد التسمية والتحميد والتصلية: وبعد فقد رتبته على مقدمة ومقاصد وخاتمة اما المقدمة ففي بيان أمور (الاول) ان موضوع كل علم

______________________________

(قوله قدس سره: الاول أن موضوع كل علم) جرت عادة المصنفين على ذكر أمور تسمى بالمبادئ، وهي القول الشارح لموضوع العلم، وأجزائه وجزئياته، وأعراضها التي هي موضوعات مسائله، والمقدمات التي تبتني عليها قياسات العلم، وأدلته، وتسمى الاول بالمبادئ التصورية، والثانية بالمبادئ التصديقية فجرى المصنف (ره) على ذلك أيضا، فساق الامر الاول لبيان موضوع علم الاصول، ولما كان نوعا من مطلق الموضوع ناسب تعرضه لبيان

٥

وهو الذى يبحث فيه عن عوارضه الذاتية أي بلا واسطة في العروض

______________________________

*

مطلق موضوع العلم فقال: إن موضوع... الخ (قوله: وهو الذي يبحث) هذا تعريف المشهور لموضوع العلم (قوله: عن عوارضه الذاتية) العوارض جمع العارض وهو - كما ذكر بعض المحققين - مطلق الخارج عن الشئ المحمول عليه، فيشمل العرض المعبر عنه في لسان أهل المعقول بالعرضي المقابل في باب الكليات بالذاتي، المنقسم إلى الخاصة والعرض العام، ويشمل غيره مثل كل من الجنس والفصل بالاضافة إلى الآخر والنوع بالاضافة اليهما، وقيل: العرض المبحوث عنه في الفنون هو الاول بشرط كونه ذاتيا بالمعنى الآتي بيانه (قوله: بلا واسطة في العروض) أشار بهذا إلى انقسام الواسطة إلى اقسامها الثلاثة أعني (الواسطة في العروض) وهي التي يقوم بها العرض حقيقة، وينسب إلى ذيها عناية ومسامحة من قبيل وصف الشئ بحال متعلقه، وهي قد تكون جلية على نحو تكون نسبة العرض إلى ذيها مجازا عرفا مثل الحركة والبياض الواسطتين في نسبة السرعة والشدة إلى الجسم، وقد تكون خفية بحيث لا يخرج التوصيف عن كونه حقيقة في نظر العرف وان كان مجازا بتعمل من العقل مثل السطح الذي هو واسطة في نسبة البياض إلى الجسم، فان البياض إنما يقوم حقيقة بالسطح لا بالجسم لكنه ينسب إلى الجسم حقيقة بنظر العرف وان كان مجازا بالنظر الدقيق (والواسطة في الثبوت) وهي علة ثبوت العرض حقيقة لمعروضه سواء أكان العرض قائما بها أيضا كالنار والشمس العلتين لثبوت الحرارة للماء أم لا كالحركة التي هي علة لعروض الحرارة على الجسم (والواسطة في الاثبات) وهي التي يكون العلم بها علة للعلم بالثبوت كالوسط في القياس، والاولتان بالنسبة إلى عرض واحد متباينتان لاعتبار القيام حقيقة في الثانية وعدمه في الاولى، ويتصادقان بالنسبة إلى عرضين، إذ لا مانع من ان تكون الواسطة في العروض علة لثبوت عرض آخر لمعروض آخر غير ذيها، واما الثالثة فتتحد مع كل واحدة منهما بالاضافة إلى خصوص ذلك العرض بعينه، وتفترق عن الاخرى، إذ قد يكون الوسط في القياس علة لثبوت الاكبر

٦

للاصغر، وقد يكون واسطة في عروضه له، وقد تفترق عنهما معا، كما إذا كان الوسط لازما لثبوت الاكبر للاصغر أو ملازما له. ثم إن العرض قسمان ذاتي وغريب، لانه إما ان يلحق الشئ لذاته. أو لجزئه المساوي، أو للخارج المساوي، أو لجزئه الاعم، أو للخارج الاعم، أو للخارج الاخص، والثلاثة الاول أعراض ذاتية على المشهور، بل أدعي عليه الاتفاق، ولذا اشتهر تعريف العرض الذاتي بأنه ما يلحق الشئ لذاته أو لما يساويه، والاخيران عرضان غريبان بالاتفاق أيضا، وأما الرابع فالمنسوب إلى مشهور المتأخرين أنه من الاعراض الذاتية، وهو ظاهر الشمسية وصريح شرحيها للرازي والتفتازاني، وعن جماعة من المتأخرين - تبعا للقدماء - أنه من الاعراض الغريبة، بل نسبه في الفصول إلى المشهور، وظاهر المصنف (ره) حيث عدل عن تعريف المشهور المتقدم للعرض الذاتي فعرفه - تبعا للفصول - بما يلحق الشئ بلا واسطة في العروض خلاف ذلك، إذ عليه يكون القسم الثالث من الاعراض الغريبة كالاخيرين لكون الاقسام الثلاثة عندهم كلها مما يكون بواسطة في العروض، كما صرح به بعض الاجلة، ويظهر من كلماتهم وأمثلتهم، وكأن الوجه فيه ما أشار إليه في الفصول وغيره من أن ما يلحق الشئ بواسطة الخارج المساوي ينبغي أن يبحث عنه في فن يكون موضوعه تلك الواسطة ولا ينبغي ان يبحث عنه في فن يكون موضوعه غيرها، وفيه - مع انه قد لا تكون لتلك الاعراض أهمية صالحة لتدوينها في فن مستقل - وانه ينافي ما ذكره من كون الجامع بين شتات المسائل اشتراكها في الغرض، إذ قد يكون البحث عن العارض بواسطة المساوي دخيلا في الغرض المقصود من العلم - أنه إنما يتم لو فرض انحصار العرض المبحوث عنه في الفنون بما ذكر، إلا أن دعوى الانحصار لا بينة ولا عليها بينة، بل ظاهر كلام غير واحد المفروغية عن أنه قد يكون موضوع بعض مسائل الفنون عوارض نفس الموضوع فيكون محمولها من قبيل عرض الموضوع بواسطة في العروض، فلاحظ كلماتهم في تعريف موضوع العلم وفى الخاتمة، والالتزام بالاستطراد في البحث

٧

هو نفس موضوعات مسائله عينا وما يتحد معها خارجا وان كان يغايرها مفهوما تغاير الكلي ومصاديقه والطبيعي وافراده والمسائل عبارة عن جملة من قضايا متشتة جمعها اشتراكها في الدخل في الغرض الذى لاجله دون هذا العلم

______________________________

عن تلك المسائل لا ملزم به (قوله: هو نفس) هذا خبر (إن) يعني أن موضوع العلم هو الجامع بين موضوعات... الخ وهذا راجع إلى تعريف المشهور، والعدول إليه بقصد الايضاح. هذا ولا يخفى ان مقتضى ما صرحوا به من ان موضوع المسألة إما نفس موضوع العلم أو جزؤه أو جزئيه أو عرضه الذاتي عدم تمامية التعريفين كليهما إذ ليس هناك امر واحد يبحث عن عوارضه، ولا جامع مطرد بين موضوعات تلك المسائل إلا بنحو من الاعتبار مثل: أحد الموضوعات، ونحوه، ولذا التجأ المحقق الدواني - على ما حكي عنه - إلى دعوى طي في العبارة، وأن المراد ما يبحث في العلم عن عوارضه، أو عوارض أجزائه أو عوارض جزئياته أو عوارض أعراضه، وما حكي عن الشيخ الرئيس من ارجاعها إلى كل واحد موقوف على فرض الجامع بين تلك الموضوعات المختلفة ولا سيما في خصوص بعض الفنون كفن الفقه الذي يكون موضوع مسائله أحد النقيضين من الفعل والترك على أنه لا يرتفع به التنافي بين تعريف الموضوع وما ذكروه هناك كما هو ظاهر بملاحظة الضمائر المجرورة في قولهم: أو جزئه أو جزئيه أو عرضه، إذ لا يعقل ان يكون الشئ جامعا بين نفسه وغيره هذا - مضافا إلى أن عوارض جزئيات الموضوع أعراض غريبة بالاتفاق فكيف تصح دعوى كون الموضوع هو الجامع بين الموضوعات وأنه يبحث في العلم عن عوارضه الذاتية، وارجاع عوارض الجزئيات إلى عوارض الكلي بعيد جدا إذ البحث في تلك المسائل كان عن نفس الجزئيات بخصوصيتها لا بما هي كلي والامر سهل في أمثال المقام (قوله: وما يتحد) عطف تفسير (قوله: والطبيعي) عطف تفسير أيضا (قوله: في الدخل في الغرض) ليس المراد من الدخل دخل العلية إذ ليس نفس المسائل مما له مقدمية لحصول الغرض وانما العلم بها له دخل في حصول العلم بحصول الغرض، بل الدخيل

٨

فلذا قد يتداخل بعض العلوم في بعض المسائل مما كان له دخل في مهمين لاجل كل منهما دون علم على حدة فيصير من مسائل العلمين (لا يقال): على هذا يمكن تداخل علمين في تمام مسائلهما فيما كلا هناك مهمان متلازمان في الترتب على جملة من القضايا لا يكاد يمكن انفكاكهما (فانه يقال): مضافا إلى بعد ذلك بل امتناعه عادة لا يكاد يصح لذلك تدوين علمين وتسميتهما باسمين بل تدوين علم واحد يبحث فيه تارة لكلا المهمين وأخرى لاحدهما وهذا بخلاف التداخل في بعض المسائل فان حسن تدوين علمين كانا مشتركين في مسألة أو أزيد في جملة مسائلهما المختلفة لاجل مهمين مما لا يخفى، وقد انقدح

______________________________

في حصول الغرض إرادة تطبيق العمل على المسائل المعلومة. مثلا علمنا بأن الفاعل مرفوع له نحو دخل في علمنا بمطابقة كلامنا لكلام العرب أما نفس المطابقة فانما تكون ناشئة عن ارادة المتكلم لها. فاثبات الدخل لها بهذا الاعتبار فتأمل (قوله: فلذا قد يتداخل) هذا تفريع على قوله: جمعها اشتراكها... الخ لكنه انما يتفرع عليه بخصوصه لو لم يكن جامع آخر بين المسائل غير وحدة الغرض أما لو كان جامع آخر إما لكونه جامعا بين موضوعاتها - كما فرضه - أو بين محمولاتها بنحو الجامع بين الموضوعات فيمكن التداخل ايضا، وليس الجامع الغرضي بأولى من غيره في ترتب التداخل عليه إذ من المعلوم ان كل واحدة من المسائل انما يترتب عليها شخص خاص من الغرض لا يترتب على غيرها فاعتبار جامع بين تلك الاغراض كما يكون جامعا لشتات المسائل ويترتب عليه التداخل في العلوم يصح مثله في الموضوعات والمحمولات، ويكون كذلك في كونه جامعا لشتات المسائل وترتب التداخل (قوله: مما كان) بيان لبعض المسائل يعني: إذا كان بعض المسائل يترتب عليه غرضان لعلمين يدخل ذلك البعض في كل من العلمين فيشترك العلمان فيه (قوله: وهذا بخلاف) إذ ليس المدعى ان تعدد العلوم بتعدد الاغراض حتى يلزم كون المسائل التي يترتب عليها غرضان متلازمان علمين: بل المدعى ان

٩

بما ذكرنا أن تمايز العلوم انما هو باختلاف الاغراض الداعية إلى التدوين لا الموضوعات ولا المحمولات وإلا كان كل باب بل كل مسألة من كل علم علما على حدة كما هو واضح لمن كان له أدنى تأمل فلا يكون الاختلاف بحسب الموضوع أو المحمول موجبا للتعدد كما لا يكون وحدتهما سببا لان يكون من الواحد (ثم) انه ربما لا يكون لموضوع العلم وهو الكلي المتحد مع موضوعات المسائل عنوان خاص واسم مخصوص فيصح أن يعبر عنه بكل ما دل عليه بداهة عدم دخل ذلك في موضوعيته أصلا. وقد انقدح بذلك أن موضوع علم الاصول هو الكلي المنطبق على موضوعات مسائله المتشتة

______________________________

*

المميز للعلوم بعضها عن بعض هو الاغراض وفى الفرض لا اثنينية حتى يرجع إلى المميز بل أمر واحد يترتب عليه غرضان طوليان أو عرضيان بخلاف ما إذا اشتركت ببعض المسائل فانه يكفي في الاثنينية الاختلاف في بعض المسائل الاخر (قوله: بما ذكرنا) يعني في تعريف المسائل من أن الجامع بينها اشتراكها في الدخل في الغرض (قوله: باختلاف الاغراض) قد أشرنا إلى انه يمكن التمييز بالموضوعات بالمعنى المتقدم في كلام الدواني، أو بالمعنى المتقدم في كلام المشهور، والمصنف. نعم قد يشكل حيث لا يكون الجامع له مفهوم محصل واضح بعد امكان فرضه فيكون التمييز حينئذ بالمحمولات أو بالاغراض، وقد يكون الامر بالعكس، وقد يكون التمييز عن طائفة من العلوم بالموضوع وعن طائفة أخرى بالمحمول كما في العلوم العربية فان امتياز بعضها عن بعض بالمحمولات وامتيازها أجمع بالموضوعات أمر ممكن (قوله: لا الموضوعات) قد اشتهر أن تمايز العلوم بتمايز الموضوعات فاشكل بأنه قد يكون الامر الواحد موضوعا لعلوم متعددة مثل العلوم العربية لكنهم دفعوا هذا الاشكال بقولهم: ان تمايز الموضوعات بتمايز الحيثيات، يعنون بها الاضافات إلى محمولاتها مثل كون الكلمة من حيث الاعراب والبناء موضوعا لعلم النحو وهي من حيث المعنى موضوع لعلم اللغة، وهكذا لكنه راجع إلى التمييز بالمحمولات كما عرفت (قوله: والا كان كل باب... الخ)

١٠

هذا انما يترتب لو قيل بالتمييز بالموضوعات أو المحمولات بعناوينها الخاصة في المسائل فان موضوع مسائل باب الفاعل غير موضوع مسائل باب المفعول كما ان محمول مسائل باب المرفوعات غير محمول مسائل باب المنصوبات مثلا، أما لو أريد الجامع بين موضوعات المسائل فلا يرد عليه ذلك، وإنما يرد عليه ما عرفت مما تنبهوا له وأجابوا عنه. ثم ان ترتب هذا اللازم على ما ذكر ليس على الاطلاق بل يختلف باختلاف كيفية التبويب فان كان من قبيل (باب الفاعل) (باب المفعول) مما تشترك فيه المسائل موضوعا وتختلف محمولا لزم أن يكون كل باب علما لو كان التمييز بالموضوعات اما لو كان بالمحمولات لزم أن يكون كل مسألة من باب مع ما يتحد معها محمولا من مسائل الابواب الاخر علما، وان كان التبويب من قبيل (باب المرفوع) (باب المنصوب) ترتب على القولين ما ذكر على العكس، ومنه يظهر أن ترتب ان يكون كل مسألة علما على كل من القولين لا يكون إلا مع اختلاف جميع المسائل في الموضوع والمحمول معا بحيث تكون كل مسألة بابا مستقلا فلاحظ. ثم انك قد عرفت الاشارة إلى أن كل مسألة يترتب عليها غرض خاص لا تشاركها فيه أختها من المسائل وإنما الاشتراك بملاحظة جامع بين الاغراض وهذا الجامع يختلف سعة وضيقا باختلاف المناسبات التي يلحظها واضعوا الفن فقد يلحظ الواضع جامعا واسع الدائرة فتكثر مسائل الفن المسمى باسم كذا وقد يلحظه ضيق الدائرة فتقل مسائله، مثلا قد يلحظ الجامع بين الاغراض المترتبة على مسائل باب الفاعل فقط فيسمي مسائل باب الفاعل فنا كذائيا في قبال مسائل باب المفعول، وهكذا، وقد يكون أوسع كالغرض المترتب على مسائل باب المرفوعات أو مسائل النحو أو مع الصرف أو هما مع سائر مسائل العلوم العربية فيسميه الفن العربي وتكون مسائل النحو كباب من أبوابه أو فصل من فصوله فالتحديد بالغرض انما هو يتبع اعتباره ضيقا أو واسعا حسب الاعتبارات والجهات المقتضية لذلك في نظر مدوني الفنون.

١١

لا خصوص الادلة الاربعة بما هي أدلة بل ولا بما هي هي ضرورة أن البحث في غير واحد من مسائله المهمة ليس من عوارضها وهو واضح لو كان المراد بالسنة منها هو نفس قول المعصوم أو فعله أو تقريره كما هو المصطلح فيها لوضوح عدم البحث في كثير من مباحثها المهمة

______________________________

موضوع علم الاصول

(قوله: لا خصوص الادلة) يعني كما هو المشهور يعنون بها الكتاب والسنة والاجماع والعقل (قوله: ولا بما هي هي) كما ذكر في الفصول فرارا عما قيل على ما هو ظاهر المشهور: من أن البحث في كثير من مسائل الاصول عن كون الشئ دليلا مثل مسألة حجية الخبر وظاهر الكتاب ونحوهما ليس هو بحثا عن عارض الادلة بل بحث عن نفس دليليتها فلا يكون من مسائل الفن بل من مباديه التصديقية فتأمل، وطريق فرار الفصول ان الموضوع المبحوث عن احواله في علم الاصول ذوات الادلة أعني نفس الكتاب واخوته معراة عن صفة الدليلية وتكون هي حينئذ من العوارض المبحوث عنها فيه كغيرها من العوارض (قوله: ضرورة ان البحث في غير) هذا شروع في بيان بطلان ما هو المشهور وما هو صريح الفصول وحاصله أن السنة التي هي أحد الادلة إما أن يراد منها ما هو المصطلح فيها أعني نفس قول المعصوم وفعله وتقريره أو ما هو أعم منها ومن الطريق الحاكي عنها كالخبر وغيره من الطرق، فان كان المراد منها الاول توجه الاشكال بأن مسألة حجية الخبر ونحوها وجملة من مسائل مبحث باب التعارض لا يبحث فيها عن عوارض الادلة لا بما هي ادلة ولا بما هي هي بل انما يبحث فيها عن عوارض الخبر الحاكي عنها وليس هو أحد الادلة الاربعة - كما هو ظاهر - لا بما هي أدلة ولا

١٢

كعمدة مباحث التعادل والتراجيح بل ومسألة حجية خبر الواحد لا عنها ولا عن سائر الادلة (ورجوع) البحث فيهما في الحقيقة إلى البحث عن ثبوت السنة بخبر الواحد في مسألة حجية الخبر كما افيد وبأي الخبرين في باب التعارض فانه ايضا بحث في الحقيقة عن حجية الخبر في هذا الحال (غير مفيد) فان البحث عن ثبوت الموضوع وما هو مفاد كان التامة ليس بحثا عن عوارضه فانها مفاد

______________________________

بما هي هي ومثله البحث عن حجية الشهرة ومطلق الظن، وكأن الاقتصار في كلام المصنف على هاتين المسألتين لمزيد الاهتمام بهما، وان كان المراد منها الثاني فسيأتي ما فيه (قوله: كعمدة مباحث... الخ) مثل البحث عن حجية أحدهما وعدمها وانها على التخيير أو الترجيح والبحث عن المرجحات. نعم في مسائلها ما كان بحثا عن حال الدليل مثل البحث عن تعيين الظاهر والاظهر ونحوه. (قوله: ورجوع البحث فيهما... الخ) اشارة إلى ما أجاب به شيخنا الاعظم " قده " عن هذا الاشكال وحاصله انه يمكن ارجاع البحث في هاتين المسألتين وما يشبههما إلى البحث عن أحوال السنة بالمعنى المتقدم لان مرجع البحث عن الحجية إلى البحث عن ثبوت قول المعصوم عليه السلام أو فعله أو تقريره بالخبر في مسألة حجية الخبر، أو بأحد الخبرين في باب التعارض وعدمه فيكون الموضوع حينئذ نفس السنة وجعل (ره) ذلك مغنيا عن تجشم الفصول في دفع الاشكال (قوله: مفاد كان التامة... الخ) يراد به معنى: كان زيد، أي وجد، وهو نسبة الوجود إلى الماهية ومفاد: كان الناقصة، يراد به نسبة بقية العوارض الزائدة على الوجود إلى الماهية مثل: كان زيد قائما، وكذا ما يقال: مفاد ليس التامة، وليس الناقصة، يعنون بهما نفي الوجود ونفي ما عداه من العوارض وإن كانت ليس لا تستعمل في لغة العرب إلا ناقصة وتوضيح الاشكال على شيخنا الاعظم (ره) أن المراد من الثبوت الذي هو مرجع البحث في مسألة حجية الخبر ونحوها إن كان هو الثبوت الحقيقي فهو - مع انه ليس محلا للنزاع ضرورة - أنه ليس

١٣

كان الناقصة (لا يقال): هذا في الثبوت الواقعي (وأما) الثبوت التعبدى كما هو المهم في هذه المباحث فهو في الحقيقة يكون مفاد كان الناقصة (فانه يقال): نعم لكنه مما لا يعرض السنة بل الخبر الحاكي لها فان الثبوت التعبدي يرجع إلى وجوب العمل على طبق الخبر كالسنة المحكية به وهذا من عوارضه لا عوارضها كما لا يخفى (وبالجملة) الثبوت الواقعي ليس من العوارض والتعبدي وان كان منها إلا انه ليس للسنة بل للخبر فتأمل جيدا، واما إذا كان المراد من السنة ما يعم حكايتها فلان البحث في تلك المباحث وان كان عن أحوال السنة بهذا المعنى الا ان البحث في غير واحد

______________________________

من العوارض التي يبحث عنها في العلوم، وان كان هو الثبوت التعبدى الظاهري فهو راجع في الحقيقة إلى جعل أحكام ثبوت السنة الحقيقي لما هو مشكوك الثبوت ومن المعلوم ان هذا ليس من عوارض السنة بل من عوارض الخبر الحاكي عنها فيرجع الاشكال بحاله. هذا ويمكن الخدش فيه أولا من جهة حصر العوارض بغير الوجود وهو لا يساعده التعريف المتقدم للعارض، ولا ما صرح به بعض المحققين من علماء المعقول من عموم العوارض المبحوث عنها له، وثانيا من جهة ارجاع البحث إلى البحث عن عوارض الخبر الحاكي فانه غير ظاهر بل هي حينئذ من عوارض مؤداه إلا أن يكون الخبر ملحوظا طريقا إليه. ثم ان بعض الاعيان من مشايخنا المعاصرين دفع الاشكال من أصله بأن مرجع النزاع في الحجية إلى النزاع في أن السنة هل تعلم بالخبر أولا ؟ لان مرجع حجية شئ بعنوان الطريقية إلى انه علم بالمؤدى تنزيلا - كما سيأتي في محله انشاء الله - ولكن لا يخفى انه لا يدفع الاشكال في كلام المصنف (ره) إذ يقال حينئذ: ليس النزاع في انها تعلم حقيقة بالخبر قطعا بل النزاع في أنها تعلم تعبدا أولا، وهو راجع إلى جعل احكام العلم بالسنة للخبر الحاكي عنها، فهو أولى بالاشكال من جواب شيخنا الاعظم (ره) (قوله: كان الناقصة) لان الثبوت التعبدي زائد على ثبوت السنة الحقيقي فيكون من عوارضها (قوله: بل الخبر) قد عرفت انه لمؤداه (قوله: واما إذا كان المراد.. الخ) هذا هو مراد الفصول (قوله: الا ان البحث في غير)

١٤

من مسائلها كمباحث الالفاظ وجملة من غيرها لا يخص الادلة بل يعم غيرها وان كان المهم معرفة احوال خصوصها كما لا يخفى ويؤيد ذلك تعريف الاصول بانه العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الاحكام الشرعية وان كان الاولى تعريفه بأنه صناعة يعرف بها القواعد التي يمكن ان تقع في طريق استنباط الاحكام

______________________________

يعني فيكون البحث عن العارض بواسطة الخارج الاعم لكنه تنبه لذلك في الفصول وأجاب عنه بأن البحث عنها باعتبار وقوعها في الكتاب والسنة ولا يقدح في ذلك بيانهم لوضعه اللغوي أو العرفي، إذ المقصود بيان مداليل تلك الالفاظ بأي وجه كان.. الخ كما أشار إليه المصنف (ره) بقوله: وان كان المهم.. الخ إذ من المعلوم أن عموم النزاع وخصوصه تابع لعموم الغرض وخصوصه (قوله: وجملة من مباحث) أي من غير مباحث الالفاظ كما يذكر في المباحث العقلية من حسن العقاب وقبحه فانه لا يخص الادلة بل يعم المباحث الكلامية (قوله: ويؤيد ذلك) أي كون البحث في الاصول ليس عن خصوص الادلة ووجه التأييد عدم تقييد القواعد بأن موضوعها الادلة.

تعريف الاصول

(قوله: تعريفه بأنه صناعة.. الخ) هذا التعريف يخالف التعريف المشهور من وجوه (الاول) خلوه من ذكر العلم وهو في محله لما عرفت من ان الفن نفس المسائل التي تكون موضوعا للعلم تارة وللجهل أخرى، وقد صرح بما ذكرنا جماعة منهم التفتازاني في بعض كلماته، ولعل الباعث على ذكره في التعريف كونه منشأ الاثر في الفنون دون نفس المعلوم، والمصحح لهذا الاستعمال وحدة العلم والمعلوم حقيقة وان اختلفا اعتبارا (الثاني) جعله نفس الصناعة التي يعرف بها القواعد، وهذا شئ تفرد به المصنف (ره) فيما أعلم ولازمه كون

١٥

أو التي ينتهى إليها في مقام العمل

______________________________

المتون المشتملة على نفس القواعد ليست من الاصول مع ان الاقيسة ليست من الفن بل من مباديه التصديقية (الثالث) خلوه عن اعتبار التمهيد للاستنباط، ولازمه دخول اكثر مسائل الفنون التي يتوقف عليها الاستنباط كالعلوم العربية في علم الاصول. وهو كما ترى، إلا ان يراد من طريق الاستنباط خصوص القياس المنتج للوظيفة العملية لكنه يلزم منه خروج جملة من مسائل الاصول أيضا، إذ ليست هي في رتبة واحدة وكيف كان فيعم الممهدة وغيرها، أما تعريف المشهور فابعد عن الاشكال المتقدم لان مسائل تلك الفنون لم تمهد للاستنباط وانما مهدت لغايات أخر فيختص الاصول بالمسائل التي لم تمهد لغاية اخرى بحيث يلزم الاصولي تمهيدها للاستنباط. هذا ولكنه لا ينطبق على ما لم يمهد أصلا إلا ان يراد من الممهدة الاعم من الشأنية والفعلية لكن عليه يرجع الاشكال الاول، إلا ان يراد شأنية نفس التمهيد لا شأنية كونه للاستنباط، وكيف كان فذكر الممهدة اولى فتأمل جيدا (الرابع) خلوه عن تقييد الاحكام بقيد الشرعية كما في تعريف المشهور ولابد منه. ولعله اكتفى بتعريفها بلام العهد (الخامس) اضافة قوله: أو التي ينتهى.. الخ وقد اشار إلى وجهه، وتوضيحه انهم اختلفوا في تقرير مقدمات الانسداد من حيث أن مقتضاها الكشف أو الحكومة على قولين (أحدهما) الكشف بمعنى ان مقدمات الانسداد تكشف عن حكم الشارع الاقدس بحجية الظن فيكون كسائر الحجج الشرعية غاية الامر انه يفارقها في طريق اثبات الحجيته فان طريق ثبوت حجيته هو المقدمات المذكورة وطريق حجيتها هو غيرها من الكتاب والسنة وغيرهما (ثانيهما) الحكومة بمعنى انها تكون منشأ لحكم العقل بوجوب العمل على طبق الظن ويكون حال الظن حال العلم في كون حجيته عقلية، ويترتب على الاول ان مؤداه حكما شرعيا ظاهريا كسائر الحجج الشرعية وليس كذلك على الثاني وحينئذ فمسألة حجية الظن لا تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي على الحكومة فتخرج عن الاصول بمقتضى

١٦

بناء على أن مسألة حجية الظن على الحكومة ومسائل الاصول العملية في الشبهات الحكمية من الاصول - كما هو كذلك - ضرورة أنه لا وجه لالتزام الاستطراد في مثل هذه المهمات (الامر الثاني) الوضع

______________________________

*

تعريف المشهور، وكذا الحال في مسائل الاصول العملية العقلية كالبراءة والاشتغال والتخيير في الشبهات الحكمية فانه لا يتوصل بها إلى حكم شرعي، بل وبعض الاصول الشرعية كحديث الرفع بناء على اقتضائه مجرد نفي الالزام بلا جعل للاباحة فان نفي الالزام وان كان شرعيا الا انه ليس حكما شرعيا وإلا كانت الاحكام عشرة لا خمسة إلا ان يراد من الحكم هنا ما يعمه، وهذه كلها تدخل في علم الاصول على تعريف المصنف (ره) لانها ينتهي إليها المكلف في مقام العمل (قوله: بناء) متعلق بقوله: أو التي ينتهى... الخ (قوله: على الحكومة) قيد للحجية (قوله: مسائل الاصول) معطوف على مسألة حجية الظن اما الاصول الشرعية مثل كل شئ لك حلال... الخ ونحوه فتقع في طريق استنباط الاحكام الشرعية (قوله: في الشبهات الحكمية) وهي الشبهات في الحكم الكلي أما الجارية في الشبهات الموضوعية كالشك في ان المايع خمر أو خل فليست من الاصول لانها لا يستفاد منها حكم كلي بل جزئي، ولذا لا يختص اجراؤها بالمجتهد (قوله: من الاصول) خبر (إن) في قوله: على أن (قول: الوضع) الاضافة على نحوين منها ما يكون فيها للمتضايفين هيئة خاصة كالفوقية والتحتية ونحوهما فان لزيد مع السقف الذي يكون فوقه هيئة خاصة مباينة لهيئته مع الارض التي تكون تحته ومنها مالا يكون كذلك كالملكية والزوجية ونحوهما فان الهيئة الحاصلة لزيد مع فرسه قبل ان تكون ملكا له هي هيئته معها بعد ما صارت ملكا له، وفى كون النحو الاول مما له حظ من الخارج بحيث لا يتوقف على وجود لاحظ أولا ؟ خلاف كما قيل، أما الثاني فلا اشكال في انه لاحظ له من الخارج بل يكون بمحض الاعتبار، وانما يكون الخارج

١٧

ظرفا لمنشأ اعتباره ونسبته إلى منشأ اعتباره ليست نسبة المتأثر إلى المأثر.

*

هذا ولا ريب في أن الوضع من النحو الثاني إذ ليس للفظ مع معناه هيئة خاصة بل هو معه بعده كحاله معه قبله، كما لا ريب في انه ليس من الاضافات الناشئة عن خصوصية في المتضايفين كاضافة التلازم بين المتلازمين بل له منشأ آخر وانما الاشكال في انه مجعول قصدا بحيث يعتبر من مجرد جعله أو منتزع من ارادة ذكر اللفظ عند ارادة تفهيم المعنى، وهذا الخلاف فيه ربما يأتي في مثله من الاحكام الوضعية (المختار) لبعض الاكابر هو الثاني وقد يستدل له (تارة) بالوجدان، فان الانسان لا يجد من نفسه عند إرادة تسمية ولده أو كتابه إلا ارادة ذكر الاسم عند إرادة تفهيم المعنى (وأخرى) بان تفهيم المعنى باللفظ انما يكون بتوسط الملازمة الذهنية بينهما وحيث أنه لا ملازمة ذاتية ذهنية كما هو المفروض، ولا يمكن جعلها أيضا لانها خارجة عن الاختيار فلم يبق إلا تحقيق ما يؤدي إليها من الملازمة بين ذكر اللفظ وإرادة المعنى، فإذا تحققت هذه الملازمة بارادة ذكر اللفظ عند ارادة تفهيم المعنى حصلت الملازمة الذهنية بتوسط العلم بالارادة، وإلا فلا طريق إلى حصولها أصلا، وهذه الارادة هي منشأ اعتبار الوضع (واورد) عليه بعض الاعيان بما توضيحه أن الارادة المتعلقة باللفظ ارداة غيرية ناشئة عن إرادة تفهيم المعنى، والارادة الغيرية تابعة للمقدمية، إذ لو لم يكن الشئ مقدمة لم يكن مرادا بارادة غيرية فلا بد من ثبوت المقدمية للفظ في رتبة سابقة على الارادة وهذه المقدمية يمتنع نشؤها من هذه الارادة للزوم الدور، ولا من غيرها لانه خلاف الوجدان (أولا) وللزوم اجتماع المثلين في محل واحد وهو ممتنع (ثانيا) فان قلت: لا مانع من اجتماعهما على أن تكون إحداهما مؤكدة للاخرى (قلت): يمتنع التأكد في المقام لاختلاف الرتبة إذ الوجود المتأكد في رتبة واحدة، ولانه يقال في الارادة الاخرى التي تنشأ عنها المقدمية هي إما نفسية، - وهو خلاف الوجدان - وإما غيرية فلابد من ثبوت مقدميتها في رتبة سابقة عليها فيجري فيها ذلك أيضا وهكذا فتأمل، فيتعين الالتزام بأن المقدمية مجعولة

١٨

هو نحو اختصاص اللفظ بالمعنى وارتباط خاص بينهما ناشئ من تخصيصه به (تارة) ومن كثرة استعماله فيه (أخرى) وبهذا المعنى صح تقسيمه إلى التعييني والتعيني كمالا يخفى. ثم

______________________________

مع قطع النظر عن الارادة وذلك بجعل اللفظ للمعنى (ودعوى) امتناع ذلك لان ما ليس بينهما العلاقة يمتنع جعل العلاقة بينهما (مدفوعة) بأن ذلك يتم في الامور الحقيقة لا الاعتبارية التي منها ما نحن فيه وهي وان لم توجب اللزوم بين اللفظ والمعنى ذهنا مستقلة إلا أنها بضميمة الاعلام بها توجب ذلك والمفروض انه لابد منه على كل من القولين. هذا ويمكن ان يقال: مقدمية ذكر اللفظ لتفهيم المعنى ذاتية لان المقدمية كما سيأتي منتزعة من صدق قولنا: لولا كذا لم يكن كذا، ويصدق في المقام: لولا اللفظ لم يفهم المعنى، غاية الامر ليس هو تمام المقدمة بل يتوقف على مقدمة اخرى مثل العلم بالارادة فلا مجال للاشكالات المذكورة نعم المانع عن كونه نفس الارادة كونه خلاف المرتكزه ؟ من معناه فيقال: أردت أن أضع لفظ كذا، كما يقال: أردت أن افعل كذا، وذلك مما يابى عن كونه نفس الارادة (فالتحقيق) انه منتزع من الالتزام النفسي بذكر اللفظ عند ارادة التفهيم، وهذا الالتزام فعل اختياري للنفس كغيره من أفعالها، فان تحقق صح اعتبار الاضافة المذكورة عند العقلاء، وإن لم يجعل شئ أصلا، وان لم يتحقق امتنع اعتبارها عندهم وإن جعل اللفظ للمعنى. وهذا الدوران شاهد ما ذكرنا. هذا كله في الوضع التعييني وسيأتي انشاء الله في الاحكام الوضعية ما له نفع تام في المقام والله سبحانه أعلم (قوله: هو نحو اختصاص) الانسب تعريفه بتخصيص اللفظ بالمعنى لانه من مقولة الفعل والاختصاص من مقولة الانفعال، والباعث له على ذلك تقسيمه إلى التعييني والتعيني كما سيأتي (قوله: من تخصيصه به) سواء أكان بالقول كسميت ولدي عليا، أم بالفعل باستعماله فيه بقصد جعله له، إذ الانشاء يكون بالفعل كالقول عند المشهور على تأمل ذكرناه في محله (قوله: وبهذا المعنى صح)

١٩

إن الملحوظ حال الوضع إما يكون معنى عاما فيوضع اللفظ له تارة ولافراده ومصاديقه اخرى، وإما يكون معنى خاصا لا يكاد يصح إلا وضع اللفظ له دون العام فتكون الاقسام ثلاثة، وذلك لان العام يصلح لان يكون آلة للحاظ أفراده ومصاديقه بما هو كذلك، فانه من وجوهها ومعرفة وجه الشئ معرفته بوجه، بخلاف الخاص فانه - بما هو خاص - لا يكون وجها للعام ولا لسائر الافراد فلا يكون معرفته وتصوره

______________________________

*

أقول: يمكن تقسيمه إلى القسمين بناء على كونه التخصيص أيضا بأن يراد منه ما هو أعم مما كان عن قصد كما في التعييني أولا كما في التعيني (قوله: ان الملحوظ حال) الظاهر عدم الفرق في مجيئ الاقسام بين الوضع التعييني والوضع التعيني، غاية الامر لحاظ العام والخاص يكون في الثاني لاجل الاستعمال الذي هو المصحح لاعتبار الوضع. ثم إن لحاظ الموضوع له " تارة " يكون تفصيليا " وأخرى " يكون إجماليا ببعض وجوه الملحوظة والمراد بوجه الشئ ما يكون لحاظه مميزا للموجه عما عداه ويكون النظر إليه نظرا إليه في الجملة (قوله: فيوضع اللفظ) وحينئذ يكون الوضع عاما والموضوع له عاما (قوله: أخرى) فيكون الوضع عاما والموضوع له خاصا (قوله: إلا وضع) فيكون الوضع خاصا والموضوع له خاصا (قوله: وذلك لان) بيان لوجه انحصار الاقسام في الثلاثة (قوله: بما هو كذلك) أي بما هو عام (قوله: فانه من وجوهها) العام بما هو عام لا يكون وجها للخاص، وإنما يصلح لذلك بتوسط تحديده وتضييق دائرته، كما أن دلالته على الخاص إنما تكون بذلك أيضا، لان العام صالح لان يكون وجها لكل واحد من أفراده فكونه وجها لواحد منها بخصوصه إنما يكون بتقييده بنحو لا ينطبق إلا عليه، فالعام الحاكي عن تمام أفراده بخصوصيتها ليس عاما في الحقيقة بل يكون خاصا مرادفا لقولنا: تمام الافراد فتأمل (قوله: معرفته) أي معرفة الشئ ذي الوجه (قوله: فانه بما هو خاص) يعني أن الخاص بما أنه خاص يمتنع أن يكون حاكيا عن العام، لان العام صالح للانطباق علي

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

٥٧ ـ ثلاث فضائل للإمامعليه‌السلام لا تضاهى :

(المنتخب للطريحي ، ص ٢٥٨ ط ٢)

ذكر مسلم أن معاوية أمر سعدا بالسبّ فأبى. فقال : ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟. فقال : ثلاث قالهن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلن أسبّه ، ولئن تكن لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النّعم (أي الحمر الوحشية يضرب بها المثل لقيمتها وندرتها).(١) سمعته يقول لعليعليه‌السلام وقد خلّفه في بعض مغازيه ، فقال له عليعليه‌السلام :خلّفتني مع النساء والصبيان!. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي. (٢) وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ، ويحبّ الله ورسوله. قال : فتطاولنا إليها.فقال : ادعوا إليّ عليا ، فأتاه وبه رمد ، فبصق في عينيه ، ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه. (٣) ولما نزلت( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ ) [آل عمران : ٦١] دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة وعليا والحسن والحسينعليهم‌السلام ، فقال : الله م هؤلاء أهلي.

وقال عبد الله بن عمر : كان لعلي بن أبي طالب ثلاث ، لو كان لي واحدة منهن كانت أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس : تزويجه فاطمة ، وإعطاؤه الراية ، وآية النجوى (إذ لم يعمل بها أحد غيره).

٥٨ ـ أربع مناقب للإمام عليعليه‌السلام :

(النص والاجتهاد)

سئل الحسن البصري فيما يقوله عن فضل عليعليه‌السلام ؟

فقال : ما أقول فيمن جمع الخصال الأربع :

ـ ائتمانه على (براءة).

ـ وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له في غزوة تبوك وقد خلّفه على المدينة : يا علي ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي.

ـ وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الثقلان كتاب الله وعترتي.

ـ وأنه لم يؤمّر عليه أمير قط ، وقد أمّرت الأمراء على غيره.

٥٩ ـ محبة علي بن أبي طالبعليه‌السلام دليل الإيمان وطهارة المولد :

قال الفاضل الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٩٧ :

ونقل هذه الأحاديث سيد حكماء الإسلام المير داماد في كتابه (تصحيح الإيمان وتقويم الأديان) :

١٤١

في صحيح البخاري وأبي داود ومسند أحمد بن حنبل وفضائل السمعاني وحلية الحافظ أبي نعيم وغيرها من كتب العامة ، من طرائق مختلفات وطرق شتى ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعليعليه‌السلام : «لا يحبّك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لو لا أنت لم يعرف حزب الله».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من زعم أنه آمن بما جئت به وهو يبغض عليا ، فهو كاذب ليس بمؤمن».

وعن أبي سعيد الخدري قال : كنا نعرف المنافقين على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببغضهم عليا.

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بوروا

(أي اختبروا) أولادكم بحب علي بن أبي طالب ، فمن أحبه فاعلموا أنه لرشده ، ومن أبغضه فاعلموا أنه لغيّه».

وروى البيهقي أن الأنصار كانت تقول : إنا كنا لنعرف الرجل لغير أبيه ، لبغضه علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

جملة من فضائل فاطمة الزهراءعليها‌السلام

٦٠ ـ فضائل فاطمةعليها‌السلام الخاصة :

(مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول لابن طلحة الشافعي)

من حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال لفاطمةعليها‌السلام وهو في مرضه الأخير على مسمع من كل زوجاته : «يا فاطمة ، أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء المؤمنين ، أو سيدة نساء هذه الأمة؟!.».

(أورده البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي)

وقد ثبت بالأحاديث الصحيحة والأخبار الصريحة أن فاطمةعليها‌السلام كانت أحبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غيرها ، وأنها سيدة نساء أهل الجنّة.

٦١ ـ ابن الحنفية يعترف بفضل الحسينعليه‌السلام وفضل أمه الزهراءعليها‌السلام :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٤ ص ٦٦)

حدّث الصولي عن الإمام الصادقعليه‌السلام في خبر ، أنه جرى بين الحسينعليه‌السلام

١٤٢

وأخيه محمّد بن الحنفية كلام (أي خصومة). فكتب ابن الحنفية إلى الحسينعليه‌السلام : أما بعد يا أخي ، فإن أبي وأباك عليعليه‌السلام ، لا تفضلني فيه ولا أفضلك ، وأمك فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولو كان ملء الأرض ذهبا ملك أمّي ما وفّت بأمّك. فإذا قرأت كتابي هذا فصر إليّ حتّى تترضّاني ، فإنك أحقّ بالفضل مني ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. ففعل الحسينعليه‌السلام ذلك ، فلم يجر بعد ذلك بينهما شيء.

٦٢ ـ حبّ فاطمةعليها‌السلام وبغضها ـ ويل لمن يظلم ذريتها :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٦ ط ٢)

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال لسلمان : يا سلمان ، من أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنّة معي ، ومن أبغضها فهو في النار. يا سلمان حبّ فاطمة ينفع مائة موطن من المواطن ، أيسر تلك المواطن : الموت والقبر والميزان والمحشر والصراط والمحاسبة. فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه ، ومن رضيت عنه رضي الله عنه. ومن غضبت عليه غضبت عليه ، ومن غضبت عليه غضب الله عليه.

يا سلمان ويل لمن يظلمها ويظلم بعلها ، وويل لمن يظلم ذريتها.

فضائل الخمسة أصحاب الكساءعليهم‌السلام

٦٣ ـ ثواب محبة الخمسة أصحاب الكساءعليهم‌السلام :

أخرج الإمام أحمد والترمذي عن عليعليه‌السلام أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ بيد الحسن والحسينعليه‌السلام وقال : «من أحبني وأحبّ هذين وأباهما وأمهما ، كان معي في الجنّة».

٦٤ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعو لفاطمة وعليعليهما‌السلام بالبركة في نسلهما :

روى أبو حاتم عن أنس أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل على فاطمة وعليعليهما‌السلام بعد زواجهما ، فدعا بماء فتوضأ ، ثم أفرغه على علي وفاطمةعليهما‌السلام وقال : الله م بارك فيهما وبارك عليهما ، وبارك لهما في نسلهما. (وفي رواية) : وبارك لهما في شبليهما (الشبل : ولد الأسد). وهو من الإخبار بالمغيبات ، كما قال جلال الدين السيوطي في (ديوان الحيوان) لأن المراد بالشبلين الحسن والحسينعليهما‌السلام .

١٤٣

٦٥ ـ آدم يسأل الله بالخمسة أن يتوب عليه :

(المنتخب للطريحي ، ص ٧٧ ط ٢)

روى الفقيه المغازلي الشافعي ، بإسناده عن ابن عباس قال : سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الكلمات التي تلقّاها آدم من ربه فتاب عليه؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سأله بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام إلا تبت عليّ ، فتاب عليه.

٦٦ ـ فضيلة الخمسةعليهم‌السلام على هذه الأمة :

(المصدر السابق ص ١١٠)

روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : بي أنذرتم ، ثم بعلي بن أبي طالب اهتديتم ، وقرأ قوله تعالى :( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) [الرعد : ٧]. وبالحسن أعطيتم الإحسان ، وبالحسين تسعدون وبه تشقون. ألا وإنما الحسين باب من أبواب الجنّة ، من عانده حرّم الله عليه رائحة الجنّة.

٦٧ ـ اقتدوا بالشمس والقمر والزهرة والفرقدين :

(شجرة طوبى للمازندراني ، ج ٢ ص ٤٢٦)

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقتدوا بالشمس ، فإذا غابت الشمس فاقتدوا بالقمر ، فإذا غاب القمر فاقتدوا بالزّهرة ، فإذا غابت الزهرة فاقتدوا بالفرقدين ، فإذا افتقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزاهرة.

فقالوا : يا رسول الله فما الشمس وما القمر ، وما الزّهرة وما الفرقدان؟ ...فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا الشمس ، وعليّ القمر ، وفاطمة الزّهرة ، والفرقدان : الحسن والحسين ، وأما النجوم الزاهرة فالأئمة التسعة من صلب الحسين ، والتاسع مهديّهم.

يقول الشيخ محمّد مهدي الحائري المازندراني معقبا على هذا الحديث :

أما الشمس التي هي (النبوة) فغابت بقلب مكمد محزون ، مما قاسىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أمته. وأما الزّهرة التي هي (فاطمة الزهراء) فقد أخمدوا ضوءها وزهرتها باللطم والعصر بين الحائط والباب. وأما القمر وهو (فلك الإمامة) فقد خسفوه بسيف عبد الرحمن بن ملجم. وأما الفرقدان وهما (الحسن والحسين) فغاب أحدهما بقلب مسموم وقد تقيّأ كبده ، وغاب الآخر بعد الظهر من يوم عاشوراء ، وانكسفت الشمس ، وأمطرت السماء دما.

١٤٤

٦٨ ـ المكتوب على باب الجنّة :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٤ ط نجف)

عن ابن عباس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنّة مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمّد رسول الله ، علي حبيب الله ، الحسن والحسين صفوة الله ، فاطمة أمة الله ، على مبغضهم لعنة الله.

فضائل الأئمة الاثني عشر

مدخل :

يقصد بأهل البيتعليهم‌السلام أينما ذكروا مقرونين بأنهم الأمان من الضلال ، وأنهم سفينة نوح ، وأنهم باب حطّة من دخله كان آمنا الخ ، يقصد بهم الأئمة الاثنا عشر حصرا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفاطمةعليها‌السلام ، أو ما نعبّر عنه

(بالمعصومين الأربعة عشر) ، لأنهم لولا العصمة لا تنطبق عليهم تلك الأوصاف وتلك المنزلة.

٦٩ ـ أهل البيتعليهم‌السلام أمان لأهل الأرض :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٣٠)

أخرج أبو عمرو الغفاري عن إياس بن سلمة عن أبيه ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأمتي».

وأخرج أحمد بن حنبل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إذا ذهب النجوم ذهب أهل السماء ، وإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض».

وفي رواية صحّحها الحاكم على شرط الشيخين ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض من الاختلاف».

وقد يشير إلى هذا المعنى قوله تعالى :( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) [الأنفال:٣٣] أقيم أهل بيته مقامه في الأمان ، لأنهم منه وهو منهم ، كما ورد في بعض الطرق.

٧٠ ـ أهل البيتعليهم‌السلام كسفينة نوح وباب حطّة :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٤٩)

أخرج الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدري ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

١٤٥

يقول : «إنما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلفّ عنها غرق. وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطةّ في بني إسرائيل ، من دخله غفر له».

٧١ ـ أئمة أهل البيتعليهم‌السلام هم رجال الأعراف :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٠٧ ط ٢)

عن الإمام محمّد الباقر قال : سأل ابن الكواء أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : ما معنى قوله تعالى :( وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ ) [الأعراف : ٤٦]؟.

فقالعليه‌السلام : نحن أصحاب الأعراف ، نعرف أصحابنا بسيماهم. نقف بين الجنّة والنار فلا يدخل الجنّة إلا من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه.

٧٢ ـ أئمة أهل البيتعليهم‌السلام يحفظون الشريعة :

وأخرج المللا في سيرته عن عمر بن الخطاب (كما في الصواعق المحرقة لابن حجر ، ص ٩٠) أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «في كل خلف من أمّتي عدول من أهل بيتي ، ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى اللهعزوجل ، فانظروا من توفدون». صدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٥ ـ محبة أهل البيتعليه‌السلام

٧٣ ـ محبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرض :

(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ١٥)

إن محبة النبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واجبة على كل مسلم ، مصداقا لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين».

(رواه البخاري عن أنس بن مالك).

وهذا الحديث من جوامع الكلم التي أوتيها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد جمع فيه كل أنواع المحبة ، وهي ثلاثة : محبة الإجلال والإعظام كمحبة الولد للوالد ، ومحبة الشفقة والرحمة كمحبة الوالد لولده ، ومحبة المشاكلة والاستحسان كمحبة سائر الناس.فجمعصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصناف المحبة في محبته.

وروى الديلمي والطبراني وأبو الشيخ ابن حبّان والبيهقي مرفوعا ، أن

١٤٦

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «لا يؤمن عبد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه ، وتكون عترتي أحبّ إليه من عترته ، وأهلي أحبّ إليه من أهله ، وذاتي أحبّ إليه من ذاته».

وروى ابن مسعود : «حب آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما ، خير من عبادة سنة ، ومن مات عليه دخل الجنّة».

٧٤ ـ أحبّوا أهل بيتي لحبّي :

(إحياء الميت للسيوطي ، ص ٢٤٢)

أخرج الترمذي وحسّنه ، والطبراني عن ابن عباس (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«أحبّوا الله لما يغذوكم به من نعمه ، وأحبّوني لحب الله ، وأحبّوا أهل بيتي لحبّي».

٧٥ ـ محبة أهل النبي جزء من محبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٩)

وكان الصحابة الكرام يتمنّون لأقرباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أكثر مما يتمنّونه لأقربائهم ، محبة منهم له وإيثارا له على أنفسهم.

منها قول أبي بكر حين أسلم والده أبو قحافة ، قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي بعثك بالحق ، لإسلام أبي طالب كان أقرّ لعيني من إسلام أبي قحافة ، وذلك أن إسلام أبي طالب كان أقرّ لعينك.

٧٦ ـ فضل محبة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(المصدر السابق)

ومن توقير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبرّه ، توقير آله وذريته وأمهات المؤمنين. وقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «معرفة آل محمّد براءة من النار ، وحب آل محمّد جواز على الصراط ، والولاية لآل محمّد أمان من العذاب».

قال بعضهم :

(معرفتهم) تعني معرفة منزلتهم منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيعرف وجوب إكرامهم وحرمتهم بسببهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال أبو بكر : راقبوا محمدا في آل بيته.

وأتى عبد الله بن حسن بن الحسينعليه‌السلام إلى عمر بن عبد العزيز في حاجة.فقال : يا أبا محمّد ، إذا كانت لك حاجة فأرسل إليّ أحضر إليك ، فإني أستحي من الله أن يراك على بابي.

١٤٧

ودخلت بنت أسامة بن زيد مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على عمر بن عبد العزيز ، فجعل يدها بين يديه ، ومشى بها حتّى أجلسها في مجلسه ، وجلس بين يديها ، وما ترك لها حاجة إلا قضاها.

يقول الشبراوي في (الإتحاف) ص ١٧ : هذا مع بنت مولاهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما بالك بابن بضعته وذريته والمنتمين إلى الزهراء ابنته؟!.

وهذا كله لما وجب لآل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الشرف والمجد لنسبتهم إليه ، وسريان لحمه ودمه الكريمين فيهم. فهم بعضه ، وبعضه في وجوب الإجلال والتعظيم كجميعه ، وحرمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ميتا كحرمته حيّا.

٧٧ ـ تفسير آية المودة :

(المصدر السابق ، ص ١٧)

قال تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣]. قال ابن عباس : المعنى لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودّوني في نفسي لقرابتي منكم ، لأنه لم يكن بطن من قريش إلا بينهم وبينهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرابة. لكن الأنسب ما قاله غيره في تفسير الآية ، أن المعنى : قل يا محمّد لأمتك ، لا أطلب منكم على ما جئتكم به من الهدى ، والنجاة من الردى ، عوضا ولا أجرة ولا جزاء ، إلا أن تودّوا قرابتي وعترتي وتحبوهم ، وتعاملوهم بالمعروف والاحسان ، ويكون بينكم وبينهم غاية الودّ والمحبة والصلة.

روايات أخرى :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٠٤)

قال الله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣]. قال في (المواهب) : إن المراد بالقربى من ينتسب إلى جده الأقرب عبد المطلب.

وقال في (الصواعق) : المراد بأهل البيت والآل وذوي القربىعليهم‌السلام في كل ما جاء في فضلهم ، مؤمنو بني هاشم والمطلب.

وينافي هذا ما روى الطبراني وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن ابن عباس ، أن هذه الآية لما نزلت ، قالوا : يا رسول الله ، من قرابتك الذين نزلت فيهم الآية؟.قال : علي وفاطمة وابناهماعليهم‌السلام .

١٤٨

٧٨ ـ محبة أهل البيتعليهم‌السلام هي أجر الرسالة المحمدية :

(الفصول المهمة في تأليف الأمة للسيد عبد الحسين شرف الدين ص ٤٠)

أخرج الحاكم (كما في تفسير آية المودة في القربى من مجمع البيان للطبرسي) بالإسناد إلى أبي ثمامة الباهلي ، (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتى ، وخلقت أنا وعليّ من شجرة واحدة. فأنا أصلها ، وعليّ فرعها ، وفاطمة لقاحها ، والحسن والحسين ثمارها ، وأشياعنا أوراقها. فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجا ، ومن زاغ عنها هوى. ولو أن عبدا عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام حتّى يصير كالشن (أي الجلد اليابس) البالي ، ثم لم يدرك محبتنا ، أكبّه الله على منخريه في النار ، ثم تلاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٢٣) [الشورى : ٢٣].

٧٩ ـ اقتراف الحسنة هو مودّة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٣٩)

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى( وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ) [الشورى : ٢٣] قال : المودة لآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٨٠ ـ أربع يسأل عنها المؤمن يوم القيامة :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٤٢ ط نجف)

أنبأني أبو المظفر عبد الملك بن علي الهمداني حدّثني أبو برزة الأسلمي ، (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحن جلوس ذات يوم : والذي نفسي بيده ،

لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتّى يسأله الله تعالى عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ، وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه ، وعن حبّنا أهل البيت.

فقال عمر : فما آية حبّكم من بعدكم؟. قال : فوضع يده على رأس عليعليه‌السلام وهو إلى جانبه ، وقال : إن آية حبّي من بعدي حبّ هذا.

ومثل ذلك ما أخرجه الطبراني عن ابن عباس.

١٤٩

٨١ ـ من أحبّ أهل البيتعليهم‌السلام فله الشفاعة :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٥٩)

أخرج الخطيب في تاريخه عن عليعليه‌السلام (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«شفاعتي لأمتي من أحب أهل بيتي».

٨٢ ـ من أحبّ أهل البيتعليهم‌السلام يثبّته الله على الصراط :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٦٣)

أخرج الديلمي عن عليعليه‌السلام ، (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أدّبوا أولادكم على ثلاث خصال : حبّ نبيّكم ، وحب أهل بيته ، وعلى قراءة القرآن ، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله ، مع أنبيائه وأصفيائه.

٨٣ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسألنا عن اثنين : القرآن والعترة :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٦١)

أخرج الطبراني عن المطلب بن عبد الله عن أبيه ، قال : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالجحفة [غدير خم] فقال : ألست أولى بكم من أنفسكم؟. قالوا : بلى يا رسول الله. قال : فإني سائلكم عن اثنين : عن القرآن وعترتي.

٨٤ ـ لا يدخل الجنة من لم يعرف حق أهل البيتعليهم‌السلام :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٤٥)

وأخرج الطبراني في الأوسط ، ونقله السيوطي في (إحياء الميت) والنبهاني في أربعينه وابن حجر في صواعقه ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «الزموا مودتنا أهل البيت ، فإنه من لقي الله وهو يودّنا ، دخل الجنة بشفاعتنا. والذي نفسي بيده لا ينفع عبدا عمل عمله إلا بمعرفة حقنا».

٨٥ ـ مودة أهل البيتعليهم‌السلام تطيل العمر :

(قادتنا كيف نعرفهم ، ج ٦)

وروي بإسناده عن عبد الله بن بدر ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من أحبّ أن يبارك في أجله ، وأن يمتّع بما خوّله الله تعالى ، فليخلفني في أهلي خلافة حسنة. ومن لم يخلفني فيهم بتّك عمره (أي قطع) ، وورد عليّ يوم القيامة مسودا وجهه».

١٥٠

ـ وفي حديث مشابه : (المنتخب للطريحي ، ص ١٢ ط ٢)

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أحبّ أن ينسّأ في أجله (أي يطول عمره) ، وأن يمتّعه الله بما خوّله الله ، فليخلفني في أهلي خلافة حسنة. فمن لم يخلفني فيهم بتر الله عمره ، وورد عليّ يوم القيامة مسودّا وجهه».

ومضامين هذه الأحاديث الشريفة أن أهل البيتعليهم‌السلام

(الذين هم الأئمة الأطهار) هم حجج الله البالغة ، ومناهل شريعته السائغة ، والقائمون مقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بعده في أمره ونهيه ، والممثّلون له بأجلى مظاهر هديه. فالمحب لهم بسبب ذلك محبّ لله ولرسوله ، والمدافع عنهم كالمدافع عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والمبغض لهم مبغض لهما.

٨٦ ـ ماذا كان جواب الأمة على طلب نبيّهم :

لقد طلب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المسلمين أن يكون أجره على تبليغ الرسالة الإسلامية مودّة قرباه وذريته المختارة ، فماذا كان جوابهم على هذا الطلب ، وما ذا كان ردّهم على هذا الإحسان؟.

فمنذ أن أغمض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عينيه بعد جهاده الكبير ، قام الناس يجرّدون أهل البيتعليهم‌السلام من مكانتهم الرفيعة ومنزلتهم السامية ، ويحرمونهم حقوقهم الدينية والدنيوية ، حتّى بكت فاطمةعليها‌السلام حزنا على فراق أبيها ، وصبر عليعليه‌السلام على طول المدة وشدة المحنة.

ولقد كان في علم الله وعلم رسوله ما ستفعل الأمة بأهله وذريته ، فكان يؤكد الوصيّة بهم ، ولزوم التمسك بحبلهم ، وأنهم الأمان من الضلال ، والنجاة من الغرق وكأن هذه الوصية بهم كانت وصية عليهم. لأن المسلمين عملوا على نقيضها ، فكانت الحجة على الظالمين منهم حجة من أبلغ الحجج. ولا سيما ما فعلوه مع الإمام أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ورهطه في كربلاء يوم العاشر من المحرّم.

عقاب من يبغض أهل البيتعليهم‌السلام

٨٧ ـ مبغض أهل البيتعليهم‌السلام في النار :

(إحياء الميت ، ص ٢٤٢)

أخرج الطبراني والحاكم عن ابن عباس (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

١٥١

«يا بني عبد المطلب ، إني سألت الله لكم ثلاثا : أن يثّبت قلوبكم ، وأن يعلّم جاهلكم ، ويهدي ضالّكم ، وسألته أن يجعلكم جوداء ونجداء ورحماء. فلو أن رجلا صفن (أي صفّ قدميه) بين الركن والمقام ، فصلّى وصام ، ثم مات وهو مبغض لأهل بيت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، دخل النار».

٨٨ ـ مبغض أهل البيتعليهم‌السلام منافق :(إحياء الميت ، ص ٢٤٣)

أخرج ابن عدي في (الإكليل) عن أبي سعيد الخدري (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أبغضنا أهل البيت ، فهو منافق».

٨٩ ـ مبغض العترة أحد ثلاث :(إحياء الميت ، ص ٢٤٤)

أخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان ، عن عليعليه‌السلام (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من لم يعرف حقّ عترتي والأنصار ، فهو لإحدى ثلاث : إما منافق ، وإما لدينه ، وإما لغير طهور». يعني حملته أمه على غير طهر.

٩٠ ـ مبغض أهل البيتعليهم‌السلام يحشر يهوديا :(إحياء الميت ، ص ٢٤٥)

أخرج الطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله ، قال : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسمعته يقول : «أيها الناس ، من أبغضنا أهل البيت ، حشره الله تعالى يوم القيامة يهوديا».

٩١ ـ غضب الله شديد على من آذى العترة :(إحياء الميت ص ٢٦٥)

أخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اشتدّ غضب الله على من آذاني في عترتي».

٩٢ ـ عقوبة من يظلم أهل البيتعليهم‌السلام أو يسبّهم :

(عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق ، ج ٢ ص ٣٤ حديث ٦٥)

عن الإمام علي الرضاعليه‌السلام عن آبائه عن عليعليه‌السلام قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«حرّمت الجنة على من ظلم أهل بيتي ، وقاتلهم ، والمعين عليهم ، ومن سبّهم( لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) (٧٧) [آل عمران : ٧٧].

١٥٢

موالاة أهل البيتعليهم‌السلام

(حديث الثّقلين وحديث الغدير)

٩٣ ـ معنى الموالاة :

ليست الموالاة لأهل البيتعليهم‌السلام مجرد محبتهم والتعاطف معهم ، إنما تعني إضافة لذلك التقيد بأقوالهم والسير على منهاجهم. وهذه الموالاة واجبة على كل مسلم حسب منطوق حديث الثقلين ، الّذي ينص على أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ترك بعد وفاته للأمة شيئين مهمّين غاليين ، إن تمسكوا بهما نجوا ، وإن تركوهما ضلوّا وغووا ، هما القرآن (وهو كتاب الله الصامت) وأئمة أهل البيت (وهم كتاب الله الناطق).

وإذا كانت الموالاة لأهل البيتعليهم‌السلام تعني متابعتهم والتمسك بهم ، فيجب على كل مسلم أن يتعلم فقه الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام ويسير عليه ، حتّى يكون مواليا لأهل البيتعليهم‌السلام . أما محبة أهل البيتعليهم‌السلام باللسان بدون السير على نهجهم ، فهذه لا تنفع شيئا ، عدا عن أنها نفاق ظاهري. فأهل الكوفة كلهم كانت قلوبهم مع الحسينعليه‌السلام ، ولكن أسيافهم كانت عليه. فالمحكّ الحقيقي للولاية هو نصرة أهل البيتعليهم‌السلام بالقول والعمل ، والدفاع عنهم ، والبراءة من أعدائهم.

ومن العجب العجاب أن بعض المسلمين كانوا يدّعون محبة أهل البيتعليهم‌السلام ، ثم كانوا يسبّونهم على المنابر ، لا بل إنهم كانوا يرضون عن أعمال الذين حاربوا الإمام علياعليه‌السلام والإمام الحسنعليه‌السلام والإمام الحسينعليه‌السلام ، أمثال معاوية ويزيد وأعوانهم. فما هذا التناقض الغريب ، وكيف يقبله ذو منطق وعقيدة؟.

وإليك بعض الأحاديث الشريفة التي تؤكد على لزوم موالاة أهل البيتعليهم‌السلام والتمسك بهم ومتابعتهم والسير على مذهبهم دون سواهم.

٩٤ ـ ثواب نصرة أهل البيتعليهم‌السلام ، والذين تنالهم شفاعة جدهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٥)

روى الناصر للحق عن آبائه رضوان الله عليهم ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة ، ولو أتوا بذنوب أهل الأرض : الضارب بسيفه أمام ذريتي ، والقاضي لهم حوائجهم ، والساعي لهم في حوائجهم ، والمحبّ لهم بقلبه ولسانه».

١٥٣

جعلنا الله من محبيهم والموالين لهم ، ورزقنا شفاعة جدهم بمنّه وسعة رحمته.

٩٥ ـ ولاية عليعليه‌السلام نسوها :

(تاريخ الشيعة لمحمد حسين المظفر ، ص ٩)

قال أبو سعيد الخدري : أمر الناس بخمس ، فعملوا بأربع وتركوا واحدة. قيل له : وما الأربع؟. قال : الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج. قيل : فما الواحدة التي تركوها؟. قال : ولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام . قيل له : وإنها لمفروضة معهن؟. قال : نعم هي مفروضة معهن.

٩٦ ـ تمسّكوا بالأئمة من بعدي :

(المنتخب للطريحي ، ص ٢٤٤ ط ٢)

عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : خطب فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الجمعة خطبة بليغة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، إني راحل عن قريب ، ومنطلق للمغيب. وإني أوصيكم في عترتي خيرا ، فلا تخالفوهم ولا تخاصموهم ولا تنابذوهم. وإياكم والبدع ، فإن كل بدعة ضلالة ، والضلالة وأهلها بالنار.

معاشر الناس ، من افتقد منكم الشمس فليتمسّك بالقمر ، ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين ، وإن افتقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزاهرة (يقصد الأئمة الاثني عشر). أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، والحمد لله رب العالمين.

إلى أن قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنهم هم الأولياء والأوصياء والخلفاء من بعدي ، أئمة أبرار وأوصياء أطهار ، وهم بعدد أسباط يعقوبعليه‌السلام ، وعدد حواريي عيسىعليه‌السلام ، وعدد نقباء بني إسرائيل.

[وقد مرت رواية مشابهة ، في الفقرة رقم ٤٢ مروية عن سلمان أيضا فراجع]

٩٧ ـ منزلة أهل البيتعليهم‌السلام :

(إسعاف الراغبين لمحمد الصبان ص ١١١)

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «اجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد ، ومكان العينين من الرأس ، ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين».

١٥٤

٩٨ ـ موالاة العترة :

وأخرج الطبراني في الكبير ، والرافعي في مسنده ، بالإسناد إلى ابن عباس (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من سرّه أن يحيا حياتي ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال عليا من بعدي ، وليوال وليّه ، وليقتد بأهل بيتي من بعدي ؛ فإنهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهمي وعلمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي». وهذا الحديث بعين لفظه هو الحديث ٣٨١٩ من (كنز العمال) ج ٦ ص ٢١٧.

٩٩ ـ حديث الثقلين وحديث الغدير :

(المراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدين ، ص ٥١ ط ٥)

الصحاح الحاكمة بوجوب التمسك بالثّقلين (وهما القرآن وأهل البيت) متواترة ، وطرقها عن بضع وعشرين صحابيا متضافرة. وقد صدع بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مواقف له شتى ؛ مرة على منبره في المدينة ، وتارة بعد انصرافه من الطائف ، وتارة يوم عرفة في حجة الوداع ، وتارة يوم غدير خم وهو راجع من حجة الوداع ، وأخرى في حجرته المباركة وهو في مرضه الأخير ، إذ قال : «إني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثّقلين : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي. وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفونّي فيهما».

[أخرج هذا الحديث الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري من طريقين :أحدهما في آخر ص ١٧ ، والثاني في آخر ص ٢٦ من الجزء الثالث من مسنده.وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن سعد عن أبي سعيد ، وهو الحديث ٩٤٥ من أحاديث (كنز العمال) ج ١ ص ٤٧].

وأخرج جلال الدين السيوطي في (الدر المنثور) ج ٢ ص ٦٠ أحاديث عديدة ، منها ما خرّجه عن الطبراني عن زيد بن أرقم (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إني لكم فرط ، وإنكم واردون عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني في الثّقلين». قيل وما الثقلان يا رسول الله؟ قال :

«الأكبر كتاب اللهعزوجل ، سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم ، فتمسكوا به لن

١٥٥

تزلوّا ولا تضلوا. والأصغر عترتي ، وإنهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض ، وسألت لهما ذلك ربي. فلا تقدّموهما فتهلكوا ، ولا تعلّموهما فإنهما أعلم منكم».[وذكره في (التعقبات) ج ١ ص ١٨٣ من حديث الثقلين].

وذكر الموفق بن أحمد الحنفي الخوارزمي في (المناقب) حديث الغدير بسنده المتصل عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال : لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم ، أمر بدوحات فقمّمن (أي نظّف ما تحت الشجرات من القمامة). ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كأني قد دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثّقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفونّي فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض». ثم قال : «إن اللهعزوجل مولاي ، وأنا وليّ كل مؤمن ومؤمنة». ثم أخذ بيد عليعليه‌السلام فقال : «من كنت وليّه فهذا وليّه. الله م وال من والاه ، وعاد من عاداه».

تعليق : أحاديث الثقلين وحديث الغدير ، تقرّ بالإمامة لأمير المؤمنين علي ابن أبي طالبعليه‌السلام نصا لا لبس فيه ، حيث نقل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولايته العامة على المسلمين إلى الإمام عليعليه‌السلام حيث قال لهم وهم مجتمعون في غدير خم :«ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟». قالوا : بلى ، الله ورسوله أولى بالمؤمنين من أنفسهم. قال : «من كنت مولاه ، فهذا علي مولاه ..." إلى آخر الحديث.

هذا وإن في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث الثقلين عن القرآن والعترة : «وإنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض». حقيقتين هما :

الأولى : أن أهل البيتعليهم‌السلام والقرآن متلازمان ، فكما أن القرآن لا يأتيه الباطل ، فهم منزّهون من الباطل ، ومعصومون من الخطأ والدنس.

والثانية : أنهم مستمرون في ولايتهم إلى يوم القيامة ، وأنهم موجودون دائما ، إما بشكل إمام ظاهر كالإمام عليعليه‌السلام والأئمة من أولاده ، أو بشكل إمام مستتر كالإمام المهديعليه‌السلام ، وهو الإمام الثاني عشر ، الّذي ولد سنة ٢٥٥ ه‍ ، ثم تولى الإمامة سنة ٢٦٠ ه‍ حين توفي والدهعليه‌السلام وغاب الغيبة الصغرى. ثم غاب الغيبة الكبرى وعمره ٧٥ عاما. وهو الآن باعتقادنا حي يرزق ، غائب عن الأنظار ، يظهر في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطا وعدلا ، بعد ما ملئت ظلما وجورا. ومن مهماته أن يقيم دولة القرآن ، وأن يأخذ بثأر جده الحسينعليه‌السلام من أعدائه.

١٥٦

١٠٠ ـ روايات أخرى لحديث الثقلين :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمد الصبان ص ١١٠)

عن زيد بن أرقم (قال) قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «أيها الناس ، إنما أنا بشر مثلكم ، يوشك أن يأتيني رسول ربيعزوجل فأجيبه. وإني تارك فيكم ثقلين : كتاب الله فيه الهدى والنور ، فتمسّكوا بكتاب اللهعزوجل وخذوا به ؛ وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي «(أي أحذّركم الله في شأن أهل بيتي). ورواه مسلم.

وأخرج الترمذي وحسّنه ، والحاكم عن زيد بن أرقم (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«إني تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفونّي فيهما».

١٠١ ـ تواتر حديث الثقلين من طرق السنّة :

(إحياء الميت للسيوطي ، ص ٢٤٠)

وقد ورد حديث الثقلين بصيغة [كتاب الله وعترتي] أيضا فيما أخرجه عيد بن حميد في مسنده عن زيد بن ثابت ، وبصيغة [الثقلين : كتاب الله وعترتي] فيما أخرجه أحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد الخدري ، وبنفس الصيغة ما أخرجه الترمذي عن جابر. وبصيغة : [الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي] ، فيما أخرجه البزاز عن عليعليه‌السلام . وبصيغة [كتاب الله وعترتي أهل بيتي] ، وبصيغة [خليفتين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي] ما أخرجه أحمد والطبراني عن زيد بن ثابت ، وما أخرجه البارودي عن أبي سعيد الخدري.

١٠٢ ـ ما معنى الثّقلين؟ :

قال ابن حجر في (الصواعق) بعد ذكره لحديث الثقلين : سمّى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القرآن والعترة : ثقلين ، لأن الثّقل كل شيء نفيس خطير ، وهذان كذلك ، إذ كل واحد منهما معدن للعلوم الدينية والأسرار العقلية الشرعية ، ولهذا حثّ على الاقتداء والتمسك بهما. وقيل : سمّيا (ثقلين) لثقل وجوب رعاية حقوقهما.

١٠٣ ـ أحاديث في ولاية أهل البيتعليهم‌السلام :

جاء في (الصواعق المحرقة) لابن حجر في ولاية الإمام عليعليه‌السلام وأهل البيتعليهم‌السلام ووجوب الاقتداء بهم :

١٥٧

ـ في الصفحة ١٤ تفسير الآية :( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) (٨٢) [طه : ٨٢]. قال ثابت البناني :( ثُمَّ اهْتَدى ) [طه : ٨٢] يعني إلى ولاية أهل البيتعليهم‌السلام .

ـ وفي الصفحة ٩١ تفسير الآية :( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) (٢٤) [الصافات : ٢٤]. عن أبي سعيد الخدري أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) (٢٤) [الصافات : ٢٤] عن ولاية علي وأهل بيتهعليهم‌السلام .

ـ وفي الصفحة ٩٩ تفسير الآية :( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (٧) [البينة : ٧]. أخرج الحافظ جمال الدين الذرندي عن ابن عباس ، أن هذه الآية لما نزلت ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام : «هو أنت وشيعتك ، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين».

١٠٤ ـ تفسير سورة العصر :

(مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول للمجلسي ، ج ٣ ص ٢٥٥)

وفي عليعليه‌السلام نزلت سورة (العصر) وتفسيرها :( وَالْعَصْرِ ) (١) [العصر : ١] أي أقسم برب عصر القيامة( إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ) (٢) [العصر : ٢] يقصد أعداء آل محمّد( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ) [الشعراء : ٢٢٧] بولايتهم ،( وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) [الشعراء : ٢٢٧] بمواساة إخوانهم ،

( وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ ) [العصر : ٣] في فترة غيبة قائمهم (عج).

١٥٨

أشعار في موالاة أهل البيتعليهم‌السلام

(هامش الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٩)

١٠٥ ـ أشعار في الموالاة :

قال الإمام الشافعي :

قالوا : ترفّضت ، قلت : كلا

ما الرفض ديني ولا اعتقادي

لكن تولّيت غير شكّ

خير إمام وخير هاد

إن كان حبّ الوليّ رفضا

فإنني أرفض العباد

وقالرحمه‌الله :

يا راكبا قف بالمحصّب من منى

واهتف بساكن خيفها والناهض

سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى

فيضا كملتطم الفرات الفائض

إني أحبّ بني النبيّ المصطفى

وأعدّه من واجبات فرائضي

إن كان رفضا حبّ آل محمّد

فليشهد الثقلان أني رافضي

وقال عن محبة أهل البيتعليهم‌السلام والصلاة عليهم :

يا آل بيت رسول الله حبّكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم الفضل أنّكم

من لا يصلي عليكم لا صلاة له

ومما ينسب إلى الشافعي هذه الأبيات تعليقا على حديث النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «تفترق أمّتي ثلاثا وسبعين فرقة ، الناجية منها واحدة». قال :

ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم

مذاهبهم في أبحر الغيّ والجهل

ركبت على اسم الله في سفن النّجا

وهم آل بيت المصطفى خاتم الرّسل

إذا افترقت في الدين سبعون فرقة

ونيف كما قد جاء في محكم النقل

ولم يك ناج منهم غير فرقة

فقل لي بها يا ذا الرجاحة والعقل

أفي الفرق الهلّاك آل محمّد

أم الفرقة اللائي نجت منهم قل لي

فإن قلت في الناجين فالقول واحد

وإن قلت في الهلّاك حفت عن العدل

إذا كان مولى القوم منهم ، فإنني

رضيت بهم ، لا زال في ظلّهم ظلّي

فخلّ عليّا لي إماما ونسله

وأنت من الباقين في أوسع الحلّ

وله في الولاية مدائح كثيرة ، منها قوله :

١٥٩

إذا في مجلس ذكروا عليّا

وشبليه وفاطمة الزّكيّة

يقال تجاوزوا يا قوم هذا

فهذا من حديث الرافضيّه

هربت من المهيمن من أناس

يرون الرّفض حبّ الفاطميّه

على آل الرسول صلاة ربي

ولعنته لتلك الجاهليه

وقال يرثي الحسينعليه‌السلام من قصيدة :

تأوّب همّي والفؤاد كئيب

وأرّق نومي والرقاد غريب

ومما نفى همّي وشيّب لمّتي

تصاريف أيام ، لهنّ خطوب

فمن مبلغ عني الحسين رسالة

وإن كرهتها أنفس وقلوب

يصلىّ على المبعوث من آل هاشم

ويغزى بنوه ، إنّ ذا لعجيب

لئن كان ذنبي حبّ آل محمّد

فذلك ذنب لست عنه أتوب

هم شفعائي يوم حشري وموقفي

إذا ما بدت للناظرين خطوب

وقالرحمه‌الله :

لقد كتموا آثار آل محمّد

محبّيهم خوفا ، وأعداؤهم بغضا

فأبرز من بين الفريقين نبذة

بها ملأ الله السموات والأرضا

وقال الشيخ أبو بكر بن عربي :

رأيت ولائي آل طه فريضة

على رغم أهل البعد يورثني القربا

فما طلب المبعوث أجرا على الهدى

بتبليغه ، إلا المودة في القربى

وقال أحدهم في موالاة أهل البيتعليهم‌السلام ومعاداة أعدائهم :

يا بني الزهراء والنور الّذي

ظنّ موسى أنه نار قبس

لا أوالي الدهر من عاداكم

إنه آخر آي من (عبس)

يشير بذلك إلى قوله تعالى :( أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ) (٤٢) [عبس : ٤٢].

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571