حقائق الاصول الجزء ١

حقائق الاصول0%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 571

حقائق الاصول

مؤلف: السيد محسن الطباطبائى الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 571
المشاهدات: 201832
تحميل: 4735


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 201832 / تحميل: 4735
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء 1

مؤلف:
العربية

الاشكال بأن كون الناطق - مثلا - فصلا مبنى على عرف المنطقيين حيث اعتبروه مجردا عن مفهوم الذات وذلك لا يوجب وضعه لغة كذلك (وفيه) أنه من المقطوع أن مثل الناطق قد اعتبر فصلا بلا تصرف في معناه اصلا بل بما له من المعنى كما لا يخفى " والتحقيق " أن يقال: إن مثل الناطق ليس بفصل حقيقي بل لازم ما هو الفصل واظهر خواصه وانما يكون فصلا مشهورا منطقيا يوضع مكانه إذا لم يعلم نفسه بل لا يكاد يعلم كما حقق في محله ولذا ربما يجعل لا زمان مكانه إذا كانا متساوييى النسبة إليه كالحساس والمتحرك بالارادة في الحيوان، وعليه فلا بأس بأخذ مفهوم الشئ في مثل الناطق فانه وان كان عرضا عاما لا فصلا مقوما للانسان الا انه بعد تقييده بالنطق واتصافه به كان من اظهر خواصه " وبالجملة ": لا يلزم من أخذ مفهوم الشئ في معنى المشتق إلا دخول العرض في الخاصة التي هي من العرضي لا في الفصل الحقيقي الذي هو من الذاتي فتدبرا جيدا

______________________________

الممكنة الخاصة وهو باطل بالضرورة (قوله: مبني على عرف) يعني أن مفهوم الناطق عند المنطقيين غير مفهومه عند اللغويين فعند الاولين تدخل فيه الذات وعند الآخرين تخرج عنه، لكن هذا لا يدفع الاشكال عن شارح المطالع لان كلامه كان في الفصل المنطقي الذي يكون معرفا، فافهم (قوله: قد اعتبر فصلا بلا) هذا غير ظاهر بل الظاهر منهم كون الفصل هو النطق وكون العرض العام والخاص هو المشي والضحك، والتعبير عنها بالمشتقات لتصحيح الحمل في التعريف حدا أو رسما مع الاشارة بها إلى مباديها التي هي اجزاء الماهية أو اعراضها في الحقيقة (قوله: كما حقق في محله) فقد ذكر الشريف نفسه في بعض حواشيه على شرح الشمسية: ان الحقائق الموجودة يتعسر الاطلاع على ذاتياتها والتمييز بينها وبين عرضياتها تعسرا تاما واصلا إلى حد التعذر (قوله: ولذا ربما يجعل) يعني مع بنائهم على امتناع فصلين لنوع واحد في عرض واحد (قوله: في مثل الناطق) الاشكال لا يختص بالناطق بل هو جار في جميع المشتقات التي لا يتميز

١٢١

ثم قال: إنه يمكن ان يختار الوجه الثاني أيضا ويجاب بأن المحمول ليس مصداق الشئ والذات مطلقا بل مقيدا بالوصف وليس ثبوته للموضوع حينئذ بالضرورة لجواز أن لا يكون ثبوت القيد ضروريا. انتهى، ويمكن أن يقال: إن عدم كون ثبوت القيد ضروريا لا يضر بدعوى الانقلاب فان المحمول إن كان ذات المقيد وكان القيد خارجا وان كان التقييد داخلا بما هو معنى حرفي، فالقضية لا محالة تكون ضرورية ضرورة ضرورية ثبوت الانسان الذى يكون مقيدا بالنطق للانسان، وان كان المقيد بما هو مقيد على ان يكون القيد داخلا فقضية: الانسان ناطق، تنحل في الحقيقة إلى قضيتين إحداهما قضية: الانسان انسان، وهي ضرورية والاخرى قضية: الانسان له النطق، وهى ممكنة وذلك لان الاوصاف قبل العلم

______________________________

الفصل منها عن الخاصة ولا الجنس عن العرض العام فيرجع الاشكال لا على التفصيل بل على الاجمال فتأمل (قوله: ثم قال) يعني في الفصول (قوله: وليس ثبوته للموضوع) سيأتي بيانه في الايراد عليه (قوله: داخلا بما هو معنى حرفي) حمل المقيد يتصور على وجوه (احدها) ان يكون ملحوظا عبرة إلى نفس الذات فالنسبة الحملية قائمة بنفس الذات لا غير (ثانيها) أن يكون ملحوظا بما هو مضاف إلى القيد فالمحمول يكون هو الذات المضافة إلى القيد مع خروج القيد ودخول التقيد (ثالثها) ان يكون المقيد ملحوظا بنحو يكون القيد داخلا في المحمول وتتقوم به النسبة الحملية فقوله: بما هو معنى، ان كان اشارة إلى الاول فما ذكره من ان لازمه انقلاب القضية الممكنة إلى الضرورية واضح لما عرفت من أن المحمول نفس ذات الموضوع وحمل الشئ على نفسه ضروري وان كان اشارة إلى الثاني فلا يتم كما سيأتي (قوله: على أن يكون القيد داخلا) ظاهره ارادة الصورة الثالثة، وعليه تكون القضيتان المنحلة اليهما القضية الممكنة قضيتين عرضيتين موضوعهما واحد ومحمولهما متعدد، وهما المصداق المأخوذ في المشتق ونفس الوصف نظير قولنا زيد شاعر كاتب وبكر عالم عادل، لكن ظاهر قوله: لان الاوصاف... الخ

١٢٢

بها اخبار كما ان الاخبار بعد العلم بها تكون أوصافا، فعقد الحمل ينحل إلى القضية كما أن عقد الوضع ينحل إلى قضية مطلقة عامة عند الشيخ وقضية ممكنة عند الفارابى " فتأمل " لكنه قدس سره تنظر فيما افاده بقوله: وفيه نظر

______________________________

وقوله: فعقد الحمل... الخ ارادة التصوير الثاني فتكون القضية الاولى قائمة بين الذات والوصف والاخرى قائمة بين الذات الموصوفة وذات الموضوع نظير قولنا: زيد قائم الاب، ثم انه لم يتضح إشكال المصنف (ره) على الفصول على كل من التقديرين إذ مرجع الاشكال ان كان إلى ان الانحلال لا يقول به في الفصول فهو غير ظاهر وان كان إلى انه لا يقول به احد لان الانحلال عندهم في عقد الوضع لا عقد الحمل، ففيه ان بناءهم على عدمه كان من جهة بنائهم على كون المحمول في جميع القضايا هو المفهوم لا المصداق، والكلام هنا مع الشريف بعد فرض كون المحمول هو المصداق. وكيف كان فالظاهر أن مراد الفصول هو التصوير الثاني وان الانحلال يكون إلى قضيتين إحداهما ينحل إليها نفس مفهوم المشتق نظير انحلال عقد الوضع إلى الفعلية أو الممكنة، وثانيتهما تتقوم بالنسبة التامة القائمة بين الموضوع وذات المحمول المضافة إلى الوصف بقيد كونها كذلك، وجهة القضية الثانية هي جهة فعلية القيد لذات المقيد فان كانت فعلية القيد للذات بالامكان ففعلية المقيد للذات كذلك ولا يلزم انقلاب الممكنة إلى الضرورية لان ذات زيد المقيدة بفعلية العدالة ليست عين زيد، كما أن الكلي المقيد بقيد ليس عين ذلك الكلي فالانسان المقيد بالضحك ثبوته للانسان بالامكان كثبوت نفس الضحك للانسان، وزيد المقيد بالعدالة ثبوته لزيد بالامكان كما أن ثبوت نفس العدالة له كذلك، والوجه في ذلك: ان الذات المقيدة بقيد حاكية عن فعلية المبدأ لها فإذا كانت فعلية المبدأ للذات بالامكان امتنع ثبوت الذات المقيدة بالضرورة لان ثبوتها كذلك عين فعلية المبدأ للذات بالضرورة، وهو خلف (قوله: بها أخبار) يعني تفيد فائدة الخبر (قوله: تكون اوصافا) يعني تفيد فائدة التوصيف لان

١٢٣

لان الذات المأخوذة مقيدة بالوصف قوة أو فعلا ان كانت مقيدة به واقعا صدق الايجاب بالضرورة، وإلا صدق السلب بالضرورة مثلا لا يصدق: زيد كاتب

______________________________

المحمول يصح به الاشارة إلى الموضوع كالوصف (قوله: لان الذات المأخوذة مقيدة) من المعلوم اختلاف مادة القضية واقعا باختلاف كون الوصف ملحوظا فعليا أو ملكة فيصدق قولنا: زيد كاتب بالضرورة بمعنى ان له ملكة الكتابة ولا يصدق زيد كاتب بالضرورة بمعنى ان له فعلية الكتابة، كما اشار إليه المصنف (ره) سابقا، ولاجل ذلك يصدق زيد كاتب بالامكان بالضرورة، بمعنى ان الكتابة بالامكان ضرورية الثبوت لزيد، ولا يصدق زيد كاتب بالضرورة، بمعنى ان فعلية الكتابة ضرورية لزيد فمراد الفصول، الرد على قوله سابقا: وليس ثبوته للموضوع حينئذ بالضرورة، بأنه لا يتم لو اخذ الوصف مقيدا بمادة نسبته الواقعية قيدا للذات، فان ذات الموضوع ان كانت واجدة للوصف المذكور صدق الايجاب بالضرورة والا صدق السلب بالضرورة فيلزم الانقلاب الذي ذكره الشريف مثلا ذات زيد إذا كانت كاتبة بالامكان صدق زيد كاتب بالامكان ولازمه صدق قولنا: زيد الكاتب بالامكان بالضرورة، وإذا لم تكن كاتبة بالامكان لم يصدق انه كاتب بالامكان فيصدق زيد ليس بكاتب بالامكان بالضرورة وهذا معنى قوله: ان كانت مقيدة به واقعا... الخ يعني إن كانت الذات واجدة للوصف المقيد بمادته الواقعية من القوة أو الفعل صدق ايجاب الذات المقيدة بذلك الوصف بالضرورة وان كانت فاقدة له واقعا صدق السلب بالضرورة وهذا الكلام متين جدا إلا انه لا دخل له باخذ الذات في مفهوم المشتق إذ ليس انقلاب الممكنة إلى الضرورية جاء من قبل اخذ الذات في مفهوم المشتق وانما جاء من قبل تقييد الوصف بمادة نسبته واقعا، ولذا لو فرض اخلاء القضية من لفظ المشتق كان اللازم ذلك إذ كلما صدق زيد له الكتابة بالامكان يصدق زيد له الكتابة الممكنة بالضرورة واين هذا مما نحن فيه (قوله: قوة أو فعلا) قيد للوصف (قوله: لا يصدق زيد)

١٢٤

بالضرورة، لكن يصدق زيد الكاتب بالقوة أو بالفعل بالضرورة. انتهى، - ولا يذهب عليك أن صدق الايجاب بالضرورة بشرط كونه مقيدا به واقعا لا يصحح دعوى الانقلاب إلى الضرورية ضرورة صدق الايجاب بالضرورة بشرط المحمول في كل قضية ولو كانت ممكنة كما لا يكاد يضربها صدق السلب كذلك بشرط عدم كونه مقيدا به واقعا لضرورة السلب بهذا الشرط، وذلك لوضوح أن المناط في الجهات

______________________________

لعدم كون فعلية الكتابة ضرورية (قوله: لكن يصدق) لكون الكتابة بالقوة أو بالفعل ضرورية لزيد (قوله: ولا يذهب عليك) قد عرفت مراد الفصول، لكن حمله المصنف (ره) على إرادة الضرورية بشرط المحمول فاورد عليه بأنه خارج عن محل البحث في المقام إذ البحث في أن اخذ الذات في مفهوم المشتق يوجب انقلاب القضية الممكنة ضرورية، والانقلاب إلى الضرورية فيما ذكره ليس من جهة أخذ الذات في مفهوم المشتق بل من جهة اخذ المحمول شرطا في الموضوع إذ لا ريب في انه يوجب انقلاب القضية ولو كانت ممكنة إلى الضرورية ولو لم يؤخذ الذات في مفهوم المشتق لان الشئ بشرط ثبوته ضروري الثبوت، كما ان أخذ عدم المحمول شرطا يوجب انقلاب كل قضية إلى السالبة الضرورية لان الشئ في ظرف عدمه ممتنع الثبوت، وكأن الباعث للمصنف (ره) على هذا الحمل قوله: إن كانت مقيدة به، إذ لو كان مراده ما ذكرنا كان المناسب أن يقول: إن كانت واجدة له... الخ، لكن قوله: (واقعا) آب عن ذلك إذ لو اراد القضية بشرط المحمول كان اللازم أن يقول ان كانت مقيدة به في القضية وكذا قوله (ره): وإلا صدق... الخ كان اللازم أن يقول بدله: وان كانت مقيدة بعدمه... الخ، وبالجملة: ظاهر اكثر فقرات العبارة - ولا سيما التمثيل ولا سيما تقييد الوصف المذكور في صدر العبارة بقوله: قوة أو فعلا - إرادة ما ذكرنا وان توجه عليه الاشكال ايضا (قوله: وذلك لوضوح) تعليل

١٢٥

ومواد القضايا انما هو بملاحظة ان نسبة هذا المحمول إلى ذلك الموضوع موجهة بأي جهة منها ومع أية منها في نفسها صادقة ؟ لا بملاحظة ثبوتها له واقعا أو عدم ثبوتها له كذلك والا كانت الجهة منحصرة بالضرورة ضرورة صيرورة الايجاب أو السلب بلحاظ الثبوت وعدمه واقعا ضروريا ويكون من باب الضرورة بشرط المحمول. (وبالجملة): الدعوى هو انقلاب مادة الامكان بالضرورة فيما ليست مادته واقعا في نفسه وبلا شرط غير الامكان وقد انقدح بذلك عدم نهوض ما أفاده (ره) بابطال الوجه الاول كما زعمه - قدس سره - فان لحوق مفهوم الشئ والذات لمصاديقهما انما يكون ضروريا مع اطلاقهما لا مطلقا ولا مع التقيد إلا بشرط تقيد المصاديق به ايضا وقد عرفت حال الشرط فافهم، ثم إنه

______________________________

لعدم صحة دعوى الانقلاب بمجرد أخذ المحمول شرطا في الموضوع، يعني: ان المراد من الممكنة وغيرها من القضايا المواجهة ما كانت نسبة المحمول إلى نفس الموضوع موجهة بجهتها المعينة من الامكان أو غيره من دون أخذ المحمول شرطا فيها، فأخذ المحمول شرطا يوجب خروجها عن كونها ممكنة (قوله: ومواد القضايا) المراد من مادة القضية كيفية النسبة الواقعية، ومن الجهة اللفظ الدال عليها كلفظ الضرورة والامكان وغيرهما (قوله: ثبوتها له) هذا التعبير جار على تعبير الفصول والا فالثبوت الواقعي وعدمه إنما يكونان معيارين للصدق والكذب لا لكون القضية ضرورية سلبية أو ايجابية بل المعيار في ذلك شرط الثبوت وشرط عدمه (قوله: وبلا شرط) يعني والانقلاب الذي ذكرناه انما هو بالشرط (قوله: عدم نهوض ما افاده) قال في الفصول بعد كلامه المتقدم -: ولا يذهب عليك انه يمكن التمسك بالبيان المذكور على ابطال الوجه الاول ايضا لان لحوق مفهوم الذات أو الشئ لمصاديقهما ايضا ضروري ولا وجه لتخصيصه بالوجه الثاني. انتهى، والمصنف (ره) لما حمل عبارته المتقدمة على ارادة شرط المحمول حمل هذه العبارة ايضا على ذلك فأورد عليها بما تقدم من أن

١٢٦

لو جعل التالى في الشرطية الثانية لزوم أخذ النوع في الفصل ضرورة أن مصداق الشئ الذي له النطق هو الانسان كان أليق بالشرطية الاولى بل كان الاولى لفساده

______________________________

الانقلاب إلى الضرورية بشرط المحمول وان كان صحيحا الا انه خارج عن محل الكلام، وحيث عرفت مراده مما سبق تعرف مراده هنا وان الانقلاب إلى الضرورية لا يختص باخذ المصداق بل يتم ولو اخذ مفهوم الشئ المقيد بالوصف المقيد بمادته الواقعية إذ يصدق الانسان شئ كاتب بالامكان بالضرورة لان الشئ الممكن له الكتابة ضروري الثبوت للانسان، لكنه سابقا ردد بين الايجاب الضروري والسلب الضروري لتردد الذات بين الواجدة للوصف الخاص والفاقدة له، وهنا عين الانقلاب إلى الايجاب الضروري لتعين كون الشئ واجدا للوصف المذكور، " وفيه " - مضافا إلى ما عرفت من خروجه عن محل الكلام - أن مفهوم الشئ مما لا يقبل الوصف المذكور فاللازم الانقلاب إلى الضرورية السالبة، اللهم إلا أن يقال: هذا الانقلاب مبني على صدق الممكنة مع أخذ الشئ في مفهوم المشتق المتوقف ذلك على البناء على اقتضاء مفهوم الشئ للكتابة بالامكان، ومنه يظهر أن أخذ مفهوم الشئ في المشتق يوجب بطلان جميع القضايا أو اكثرها إذ الاوصاف المحمولة فيها مما لا تثبت لمفهوم الشئ فتأمل جيدا (قوله: لو جعل التالي) أقول: يمكن جعل التالي في الشرطية الاولى قولنا: لزم عدم صحة التعبير عن مفهوم الناطق بموجود له النطق أو ذات لها النطق أو نحو ذلك، لمباينة هذه المفاهيم لمفهوم الشئ والتالي باطل، أو لزم دخول الامر الاعتباري في الفصل بناء على أن الشئ من المفاهيم الاعتبارية ودخول الاعتباري في الفصل أشكل من دخول العرضي فيه، أو قولنا: لكان اما داخلا في مفهوم المادة أو في مفهوم الهيئة أو في مفهوم المركب والتالي باطل باقسامه (أما الاول) فلان لازمه دخوله في مفهوم جميع المشتقات حتى الفعل والمصدر لوجود المادة فيها (وأما الثاني) فلان الهيئة موضوعة وضع الحروف للنسبة الخاصة (وأما الثالث) فلان لازمه خروجه عن كونه مشتقا بل يكون موضوعا وضع الجوامد بوضع واحد لمادته وهيئته (قوله: ضرورة أن مصداق)

١٢٧

مطلقا ولو لم يكن مثل الناطق بفصل حقيقي ضرورة بطلان أخذ الشئ في لازمه وخاصته فتأمل جيدا. ثم إنه يمكن أن يستدل على البساطة بضرورة عدم تكرار الموصوف في مثل: زيد كاتب، ولزومه من التركب وأخذ الشئ مصداقا أو مفهوما في مفهومه (إرشاد) لا يخفى أن معنى البساطة بحسب المفهوم وحدته إدراكا وتصورا بحيث لا يتصور عند تصوره إلا شئ واحد لا شيئان وان انحل بتعمل من العقل إلى شيئين كانحلال مفهوم الشجر أو الحجر إلى شئ له الحجرية أو الشجرية مع وضوح بساطة مفهومهما (وبالجملة): لا تنثلم بالانحلال إلى الاثنينية بالتعمل العقلي وحدة المعنى وبساطة المفهوم كما لا يخفى، والى ذلك يرجع الاجمال والتفصيل الفارقين بين المحدود والحد مع ما هما عليه من الاتحاد ذاتا فالعقل بالتعمل يحلل النوع ويفصله إلى جنس وفصل بعد ما كان أمرا واحدا ادراكا وشيئا فاردا تصورا فالتحليل يوجب فتق ما هو عليه من الجمع والرتق.

______________________________

*

مفهوم الشئ كمفهوم لفظ المفهوم حاك عن معنى يصدق على الكلي بعين صدقه على الجزئي ويحمل على كل منهما بالحمل الشائع فيقال: زيد شئ والانسان شئ والحيوان شئ... وهكذا، فجميع هذه الاشياء مصاديقه، فإذا جعل كناية عن المصداق فالمصداق المكنى به عنه، ان كان نفس الانسان في قولنا: الانسان ناطق، لزم دخول النوع في مفهوم الفصل، وان كان نفس الجنس لزم دخول الجنس في مفهوم الفصل، وان كان نفس الفرد الخارجي لزم دخوله في مفهوم الفصل... وهكذا، ومن هنا يظهر الاشكال في صحة الانقلاب إلى الضرورية لجواز أن يراد من المصداق غير ذات الموضوع بل مفهوم لا يأبى الاتحاد مع الذات. فتأمل جيدا (قوله: بضرورة عدم تكرار) هذه الضرورة غير ظاهرة بعد ما اشتهر وارتكز في الاذهان: أن معنى المشتق ذات لها المبدأ (قوله: البساطة بحسب المفهوم) يعني ان البساطة (تارة) تكون بحسب المفهوم فيراد بها كون حضور المفهوم حضورا لمعنى واحد في قبال المركب المفهوم

١٢٨

وهو الذي يكون حضوره حضورا للمتعدد (واخرى) تكون بحسب الحقيقة فيراد بها كون المفهوم الواحد بحيث لا ينحل إلى اثنين ولو بالتعمل العقلي ولو كانا جنسا وفصلا في قبال المركب بحسب الحقيقة وهو ما يمكن أن ينحل بنظر العقل وتعمله إلى اثنين، والبساطة بحسب الثاني أخص منها بحسب الاول فمفهوم الانسان بسيط بالمعنى الاول ومركب بالمعنى الثاني، كما أن مفهوم قولنا: حيوان ناطق، مركب بالمعنيين، ثم إن الظاهر من دليل الشريف كون مفهوم المشتق بسيطا بمعنى آخر وهو مجرد عدم دخول الذات فيه لا بالمعنى الاول والا فوضوح كونه كذلك يغني عن إقامة الدليل، وكذا ما ذكره المصنف (ره) في قوله: ويمكن ان يستدل.. الخ. فلاحظ " والذي " ينبغي ان يقال - جريا على المتفاهم عرفا من لفظ المشتق: انه مركب من مادة وهيئة فمادته المشتركة بين جميع المشتقات حاكية عن المعنى المشترك بينها المعبر عنه في لسان العرف بالعلم والضرب وغيرهما وان كان يأتي أنها ايضا مشتقات، الا أن الوجه في التعبير بها عنها كونها اقرب إلى اداء تلك المفاهيم المشتركة من عيرها من المشتقات (وهيئته) حاكية عن انتساب مادته إلى الموصوف وهذا الانتساب المحكي بالهيئة لما كان معنى حرفيا لا يتصور الا بتصور طرفيه كانت الهيئة حاكية عن الذات فالذات ليست داخلة في معنى المشتق وانما تفهم لتكون مقومة لمعناه الملحوظ تبعا لها ودلالته عليها اشبه بالدلالة الالتزامية وهذا هو المطابق للارتكاز العرفي، ومنه يظهر أن الفعل ايضا لا يخلو من الدلالة على الذات لعين الوجه المذكور وان اختلف مع المشتق في كيفية الدلالة من جهة أخرى يأتي الاشارة إليها في التنبيه الآتي انشاء الله، ثم لما كان الاحتياج إلى الذات في الدلالة من الجهة المذكورة وكان يكفي في تقوم النسبة كل أمر ولو كان مبهما لم يفهم من المشتق الا أمر مبهم فيصح ان يعبر عنه بذات لها الوصف وشئ له الوصف وغيرهما، كما اشرنا إلى ذلك سابقا والله سبحانه أعلم.

١٢٩

(الثاني)

الفرق بين المشتق ومبدئه

مفهوما أنه بمفهومه لا يأبى عن الحمل على ما تلبس بالمبدأ ولا يعصي عن الجري عليه لما هما عليه من نحو من الاتحاد بخلاف المبدأ فانه بمعناه يأبى عن ذلك بل إذا قيس ونسب إليه كان غيره لا هو هو، وملاك الحمل والجري انما هو نحو من الاتحاد والهوهوية، والى هذا يرجع ما ذكره أهل المعقول في الفرق بينهما من أن المشتق يكون لا بشرط والمبدأ يكون بشرط (لا) أي يكون مفهوم المشتق غير آب عن الحمل ومفهوم المبدأ يكون آبيا عنه: وصاحب الفصول (ره) حيث توهم ان مرادهم انما هو بيان التفرقة بهذين الاعتبارين

______________________________

التنبيه الثاني (الفرق بين المشتق ومبدئه) (قوله: الفرق بين المشتق ومبدئه) إعلم ان هنا اشكالا وهو أن المشتق إذا كان بمادته للمبدأ وبهيئته للنسبة كيف صح حمله على الذات مع انه لا يصح حمل المبدأ عليها إذ كما لا يصح حمل المبدأ عليها ينبغي أن لا يصح حمل المبدأ المنتسب، وقد دفع المصنف (ره) الاشكال بنحو لا يخلو عن اجمال واشكال فقال: الفرق بين المبدأ والمشتق ان المبدأ مفهومه لا يقبل الحمل على الذات بل يأبى الجري عليها وليس كذلك مفهوم المشتق فانه يقبل الحمل والجري ثم بين الوجه في الفرق المذكور وهو أن مفهوم المشتق متحد مع الذات في الوجود نحوا من الاتحاد ومفهوم المبدأ ليس كذلك، وحيث ان المعيار في صحة الحمل هو الاتحاد في الوجود أمكن حمل مفهوم المشتق على الذات ولم يمكن حمل مفهوم المبدأ عليها (قوله: وصاحب الفصول) قال فيه: زعم جماعة من أهل المعقول أن الفرق بين المشتق ومبدئه هو الفرق بين الشئ لا بشرط وبينه بشرط لا فحدث الضرب ان اعتبر بشرط لا كان مدلولا للفظ الضرب وامتنع حمله على الذات الموصوفة به وان اعتبر لا بشرط كان مدلولا للفظ الضارب وصح حمله عليها وعلى هذا القياس

١٣٠

بلحاظ الطوارئ والعوارض الخارجية مع حفظ مفهوم واحد أورد عليهم بعدم استقامة الفرق بذلك لاجل امتناع حمل العلم والحركة على الذات وإن اعتبرا لا بشرط وغفل عن ان المراد ما ذكرنا كما يظهر منهم

______________________________

فجعلوا الفرق بين العرض والعرضي كالفرق بين الهيولى والجنس وبين الصورة والفصل، وهذا عندي غير مستقيم... إلى أن قال: إذا تبين عندك هذا فنقول أخذ العرض لا بشرط لا يصحح حمله على موضوعه... إلى أن قال: فيمتنع حمل العلم والحركة عليه وان اعتبرا لا بشرط. انتهى (قوله: بلحاظ الطوارئ والعوارض) اعتبارات الماهية الثلاثة اعني لا بشرط وبشرط شئ وبشرط لا (تارة) تكون بلحاظ الخارج كما يقال: الماء لا بشرط أو بشرط البرودة أو بشرط عدم الحرارة رافع للعطش (وأخرى) تكون بلحاظ الاعتبار فيكون معنى بشرط شئ: الشئ الملحوظ معه شئ، ومعنى بشرط لا الشئ الملحوظ وحده، ومعنى لا بشرط: الشئ الملحوظ مع تجويز كونه وحده ولا وحده، قال الشيخ الرئيس: إن الماهية قد تؤخذ بشرط لا شئ بأن يتصور معناها بشرط أن يكون ذلك المعنى وحده بحيث يكون كل ما قارنه زائدا عليه فيكون جزءا لذلك المجموع مادة له متقدما عليه في الوجودين فيمتنع حمله على المجموع لانتقاء شرط الحمل وهو الاتحاد في الوجود، وقد تؤخذ لا بشرط بأن يتصور معناها مع تجويز كونه وحده وكونه لا وحده بأن يقترن مع شئ آخر فيحمل على المجموع وعلى نفسه وحده... الخ " وحاصل " اشكال المصنف (ره) على الفصول: ان المراد من لا بشرط وبشرط لا المذكورين في الفرق بين المشتق ومبدئه ليس معناهما الجاري على الاصطلاح الاول ولا الاصطلاح الثاني بل المراد منهما الاشارة إلى اختلاف نفس المفهومين بنحو يكون أحدهما متحدا مع الذات وصالحا للحمل عليها والآخر ليس كذلك (أقول): هذا خلاف ظاهر العبارة المحكية عنهم (قوله: مع حفظ مفهوم واحد) يعني مع كون مرادهم أن

١٣١

من بيان الفرق بين الجنس والفصل وبين المادة والصورة فراجع. (الثالث): ملاك الحمل كما أشرنا إليه

______________________________

المفهوم متعدد من غير جهة الاعتبارين (قوله: من بيان الفرق بين الجنس.. الخ) حيث فرقوا بين الجنس والمادة بأن الجنس كالحيوان مأخوذ لا بشرط فصح حمله، والمادة مأخوذة بشرط لا فلا يصح حملها، وكذا الفصل والصورة (اقول) الظاهر من من كلماتهم هو ما فهمه في الفصول قال المحقق السبزواري في شرح قوله:

جنس وفصل لا بشرط حملا

فمدة وصورة بشرط لا

: وفيه اشارة إلى أن كلا من هاتين مع كل من هذين متحد ذاتا مختلف اعتبارا، (وقال) القوشجي في كلام له في الفرق بين الاصطلاحين: ولذلك يقال: الجنس بشرط شئ هو عين النوع فالحيوان بشرط الناطق هو عين الانسان وبشرط الصاهل عين الفرس وهكذا وليس معنى اخذه هاهنا بشرط لا شئ أن يكون مجردا عن كل شئ على ما ذكر في الماهية المجردة بل معناه أن يؤخذ من حيث أنه قد انضم إليه شئ خارج عنه وقد حصل منهما أمر ثالث وبهذا الاعتبار يكون كل واحد منهما جزءا له وجزء الشئ من حيث هو جزء له لا يكون محمولا عليه مواطاة إذ لا يصح أن يقال: هذا الكل هو هذا الجزء فلذلك قيل: الحيوان بشرط لا شئ جزء ومادة لما تركب منه وغير محمول عليه... إلى أن قال: أما اخذ الحيوان لا بشرط شئ فهو أن يعتبر من حيث هو من غير أن يتعرض لشئ آخر أي لا يؤخذ معه شئ من حيث هو داخل فيه ولا من حيث انه خارج عنه ينضم إليه بل يؤخذ من حيث هو فيكون صالحا لكل واحد من الاعتبارين ويكون محمولا على الانواع المندرجة تحته، وقس على ذلك حال الناطق وكذا حال غيرهما من الاجزاء المحمولة على الماهيات. انتهى، فان ظاهر هذين الكلامين - مضافا إلى المحكي عن الشيخ سابقا - يعطى ما ذكره في الفصول لا غيره " وكيف كان " فالظاهر أن الفارق بين المشتق ومبدئه أن المبدأ حاك عن المعنى المنحاز عن الذات في مقام اللحاظ الذي لو نسب إلى الذات كانت نسبته إليها نسبة الصادر إلى المصدور عنه والمضاف

١٣٢

هو الهوهوية والاتحاد من وجه والمغايرة من وجه آخر كما يكون بين المشتقات والذوات ولا يعتبر معه ملاحظة التركيب بين المتغايرين واعتبار كون مجموعهما بما هو كذلك واحدا،

______________________________

إلى المضاف إليه والمشتق بهيئته يحكي عن مبدأ منتسب إلى الذات نسبة العنوان إلى المعنون بحيث يكون للذات نحو جلوة في مقام اللحاظ يرى بها المبدأ طورا من اطوارها فيكون مؤدى المشتق ذاتا لها القيام لا قيام صادر عن الذات فيرجع حمل المشتق على الذات إلى حمل الذات على الذات لا حمل العرض على معروضه هذا هو المطابق للمرتكزات العرفية والله سبحانه أعلم التنبيه

الثالث

(قوله: هو الهوهوية والاتحاد) إذ مع الاتحاد من جميع الجهات لا اثنينية ليصح الحمل الذي هو نسبة بين شيئين كما انه مع المغايرة من جميع الجهات يكون الحمل بينهما حكما بوحدة الاثنين ومنه يظهر ان هذا مختص بالحمل الايجابي أما السلبي فلا مانع من مغايرة طرفيه من جميع الجهات (قوله: كما يكون بين المشتقات) قد عرفت المصحح لحمل المشتقات على الذوات الموجب لاتحاد مؤدياتها مع الموضوعات في ظرف الحمل واوضح منه حمل النوع على افراده كحمل الانسان على زيد وحمل كل من الجنس والفصل على النوع وان كان منشأ اعتبار احدهما غير منشأ اعتبار الآخر واقعا كما ان منشأ اعتبار تحصص الحصص الافرادية غير منشأ اعتبار الكلي إلا انه لما لم يمنع ذلك من كون المحمول فيها عنوانا للموضوع صح الحمل (قوله: ولا يعتبر معه ملاحظة) قال في الفصول بعد تحقيق ما يعتبر في صحة حمل المتغايرات: فقد تحقق مما قررنا ان حمل احد المتغايرين بالوجود على الآخر بالقياس إلى ظرف التغاير لا يصح الا بشروط ثلاثة، أخذ المجموع من حيث المجموع واخذ الاجزاء لا بشرط، واعتبار الحمل بالنسبة إلى المجموع من حيث المجموع، إذا تبين عندك هذا فنقول: اخذ العرض لا بشرط لا يصحح حمله على موضوعه ما لم يعتبر المجموع المركب منهما شيئا واحدا ويعتبر الحمل بالقياس إليه،

١٣٣

ولا خفاء في أنا إذا قلنا: زيد عالم أو متحرك لم نرد بزيد المركب من الذات وصفة العلم أو الحركة وانما نريد به الذات وحدها فيمتنع حمل العلم والحركة عليه وان اعتبر لا بشرط بل التحقيق ان مفاد الهيئة مفاد (ذو) ولا فرق بين قولنا: ذو بياض وقولنا: ذو مال، فكما ان المال إن اعتبر لا بشرط لا يصح حمله على صاحبه كذلك البياض... الخ وقد اورد المصنف (ره) عليه بانه مع تحقق الاتحاد من وجه لا يعتبر في صحة الحمل ملاحظة المجموع امرا واحدا مع ان ذلك يوجب المغايرة بين الموضوع والمحمول بالكلية والجزئية لان الكلية قائمة بالمجموع فيكون الحمل حملا للجزء على الكل مضافا إلى صحة الحمل في القضايا الحملية مع عدم ملاحظة المجموع فيها امرا واحدا فان الموضوع في قولنا: زيد قائم، نفس زيد بلا ملاحظة المجموع منه ومن القيام (اقول): ظاهر كلام المصنف (ره) لا يخلو من اشكال من جهة ان ما ذكره في الفصول من التحقيق إنما كان في تحقيق الاتحاد المعتبر في صحة حمل المتغايرات وجودا بعضها على بعض لا في مطلق الحمل زائدا على اعتبار الاتحاد ومنه يظهر انه لا مجال للاشكال عليه بعدم ملاحظة التركيب في التحديدات وسائر القضايا العرفية فان الحمل فيها ليس من حمل احد المتغايرين على الاخر، واما لزوم المغايرة بالكلية والجزئية فهو غير ظاهر أيضا إذ هو انما يتم لو اخذ الجزء بشرط لا لا ما لو اخذ لا بشرط فان الجزء لا بشرط عين الكل وقد صرح في الفصول أيضا باعتبار لا بشرط في الجزء المحمول. نعم يمكن الاشكال عليه بأنه يكفي في صحة الحمل بين المتغايرين ملاحظة كل منهما لا بشرط ولا يحتاج إلى ملاحظة التركيب في الموضوع الراجع إلى ملاحظته بشرط الآخر مثلا كل من زيد وعمرو إذا كان بشرط لا الاعتباري امتنع حمله على الآخر لمباينته له خارجا وإذا لوحظ كل منهما مع الآخر صح الحمل بينهما لتحقق الاتحاد إذ زيد وعمرو عمرو وزيد بالضرورة فإذا لوحظ احدهما لا بشرط صح حمله على الآخر بشرط كما ذكره في الفصول وتقدم في كلام الشيخ الرئيس لان بشرط شئ اخص من لا بشرط وصحة حمل الاخص تستدعي صحة حمل الاعم في الجملة ولازم دلك جواز حمل كل منهما على الآخر أيضا لو اخذا

١٣٤

بل يكون لحاظ ذلك مخلا لاستلزامه المغايرة بالجزئية والكلية، ومن الواضح أن ملاك الحمل لحاظ بنحو الاتحاد بين الموضوع والمحمول مع وضوح عدم لحاظ ذلك في التحديدات وسائر القضايا في طرف الموضوعات بل لا يلحظ في طرفها الا نفس معانيها كما هو الحال في طرف المحمولات ولا يكون حملها عليها إلا بملاحظة ما هما عليه من نحو من الاتحاد مع ما هما عليه من المغايرة ولو بنحو من الاعتبار، فانقدح بذلك فساد ما جعله في الفصول تحقيقا للمقام، وفى كلامه موارد للنظر تظهر بالتأمل وإمعان النظر

______________________________

معا لا بشرط والمتحصل من ذلك ان صحة حمل احد المتغايرين على الآخر تتوقف على عدم اعتبار احدهما بشرط لا لا غير، ثم انه ينبغي ان يراد من المتغايرين في الخارج ما يعم مثل زيد وعمرو ومثل نقطتين من خط واحد فانه لا يجوز حمل احداهما على الاخرى الا مع عدم ملاحظتهما بشرط لا والله سبحانه اعلم (قوله: لاستلزامه المغايرة) يعنى والمغايرة كذلك مانعة من صحة الحمل (قوله: بنحو الاتحاد) يعني في الظرف الذي يكون الحمل بالقياس إليه من ذهن أو خارج كما في الفصول (قوله: لحاظ ذلك) يعني ملاحظة المجموع امرا واحدا (قوله: في التحديدات) يعني التعريفات مثل الانسان حيوان ناطق (قوله: في طرف) متعلق بلحاظ (قوله: المحمولات) يعني مع اعتراف الفصول بعدم ملاحظة التركيب فيها (قوله: موارد للنظر) لعل (أحدها) جعله الناطق والحساس من قبيل المتغايرين اعتبارا المتحدين حقيقة مع ان التغاير بينهما بحسب المفهوم فتأمل (وثانيها) جعله حمل كل واحد من الاجراء على الكل من الحمل بين المتغايرين حقيقة المتحدين اعتبارا مع أنهما من المتحدين حقيقة ايضا بالتقريب الذي ذكره (وثالثها) دعواه كون الانسان مركبا من البدن والنفس وقد قيل انه لم يتوهمه احد فتأمل (ورابعها) ما يظهر من كلامه من عدم الفرق بين الجسم والبدن، وبين النفس والناطق، الا باعتبار لا بشرط، وبشرط لا مع أن الاوليين اعم من الاخرين مفهوما فتأمل

١٣٥

(الرابع)

لا ريب في كفاية مغايرة المبدأ مع ما يجرى المشتق عليه مفهوما وان اتحدا عينا وخارجا فصدق الصفات مثل العالم والقادر والرحيم والكريم... إلى غير ذلك من صفات الكمال والجلال عليه تعالى على ما ذهب إليه أهل الحق من عينية صفاته يكون على الحقيقة فان المبدأ فيها وان كان عين ذاته تعالى خارجا الا انه غير ذاته تعالى مفهوما (ومنه) قد انقدح ما في الفصول من الالتزام بالنقل أو التجوز في الفاظ الصفات الجارية عليه تعالى - بناء على الحق من العينية - لعدم المغايرة المعتبرة بالاتفاق، وذلك لما عرفت من كفاية المغايرة مفهوما ولا اتفاق على اعتبار غيرها ان لم نقل بحصول الاتفاق على عدم اعتباره كما لا يخفى وقد عرفت ثبوت المغايرة كذلك بين الذات ومبادئ الصفات

______________________________

*

التنبيه الرابع (قوله: في كفاية مغايرة) يعني في صحة الجري. ثم الظاهر من كلمات الاشاعرة ابتناء اعتبار المغايرة خارجا بين المبدأ والذات على اعتبار قيام المبدأ في صدق المشتق فانهم استنتجوا امورا منها زيادة الصفات على الذات فكان الانسب جعل هذا التنبيه من متعلقات التنبيه الآتي ومما ذكرنا يظهر عدم تأتي دعوى الاتفاق على عدم اعتبار المغايرة عينا كما قد يشعر به قوله: ان لم نقل بحصول الاتفاق... الخ (قوله: من عينية صفاته) بحيث تكون ذاته المقدسة بما هي مصداق لكل واحدة من الصفات بلا تعدد ولو بالحيثية (قوله: المعتبرة بالاتفاق) قال في الفصول: إذ الظاهر اطباق الفريقين على ان المبدأ لابد ان يكون مغايرا لذي المبدأ وانما اختلفوا في وجوب قيامه به وعدمه، فالوجه التزام وقوع النقل في تلك الالفاظ بالنسبة إليه تعالى.

١٣٦

(الخامس)

انه وقع الخلاف - وبعد الاتفاق على اعتبار المغايرة كما عرفت بين المبدأ وما يجرى عليه المشتق - في اعتبار قيام المبدأ به في صدقه على نحو الحقيقة وقد استدل من قال بعدم الاعتبار بصدق الضارب والمؤلم مع قيام الضرب والالم بالمضروب والمؤلم - بالفتح - والتحقيق أنه لا ينبغى أن يرتاب من كان من أولي الالباب في أنه يعتبر في صدق المشتق على الذات وجريه عليها من التلبس بالمبدأ بنحو خاص على اختلاف انحائه الناشئة من اختلاف المواد تارة واختلاف الهيئات أخرى من القيام صدورا أو حلولا أو وقوعا عليه أو فيه أو انتزاعه عنه مفهوما مع اتحاده معه خارجا كما في صفاته تعالى - على ما أشرنا إليه آنفا - أو مع عدم تحقق الا للمنتزع عنه كما في الاضافات والاعتبارات التى لا تحقق لها ولا يكون بحذائها في الخارج شئ وتكون من الخارج المحمول لا المحمول بالضميمة، ففى صفاته الجارية عليه تعالى يكون المبدأ مغايرا له تعالى مفهوما وقائما به عينا لكنه بنحو من القيام لا بأن يكون هناك اثنينية وكان ما بحذائه غير الذات بل بنحو الاتحاد والعينية وكان ما بحذائه عين الذات (وعدم) اطلاع العرف على مثل هذا التلبس من الامور الخفية (لا يضر) بصدقها عليه تعالى على نحو الحقيقة إذا كان لها مفهوم صادق عليه تعالى حقيقة ولو بتأمل وتعمل من العقل (والعرف) إنما يكون مرجعا في تعيين المفاهيم لا في تطبيقها على مصاديقها و (بالجملة) يكون مثل العالم والعادل وغيرهما من الصفات الجارية عليه تعالى وعلى غيره جارية عليهما بمفهوم واحد ومعنى فارد وان اختلفا فيما

______________________________

التنبيه الخامس (قوله: اختلاف المواد) كضارب وجائع (قوله: واختلاف الهيئات) مثل ذاهب ومذهب وضارب ومضروب (قوله: في الاضافات والاعتبارات) كالزوجية والملكية (قوله: مثل هذا التلبس) يعني الذي هو بنحو العينية

١٣٧

يعتبر في الجري من الاتحاد وكيفية التلبس بالمبدأ حيث انه بنحو العينية فيه تعالى وبنحو الحلول أو الصدور في غيره (فلا وجه) لما التزم به في الفصول من نقل الصفات الجارية عليه تعالى عما هي عليها من المعنى كما لا يخفى كيف ولو كانت بغير معانيها العامة جارية عليه تعالى كانت صرف لقلقة لسان والفاظ بلا معنى، فان غير تلك المفاهيم العامة الجارية على غيره تعالى غير مفهوم ولا معلوم إلا بما يقابلها ففى مثل مااذا قلنا: انه تعالى عالم، إما أن يعني أنه من ينكشف لديه الشئ فهو ذاك المعنى العام، أو أنه مصداق لما يقابل ذاك المعنى فتعالى عن ذلك علوا كبيرا، وإما أن لا يعني شيئا فتكون كما قلناه من كونها صرف اللقلقة وكونها بلا معنى كما لا يخفى (والعجب) أنه جعل ذلك علة لعدم صدقها في حق غيره وهو كما ترى وبالتأمل فيما ذكرنا ظهر الخلل فيما استدل من الجانبين

______________________________

*

فان عدم احاطة العرف به الموجب لعدم تطبيق المشتق بلحاظ لا يقدح في كون التطبيق بلحاظه حقيقيا واقعا لان المعيار في الحقيقة كون الصدق ولو عقليا بلحاظ مفهوم اللفظ عرفا فالعرف مرجع في تحديد المفهوم لا في تحديد المصداق (قوله: صرف لقلقة) هذا انما يلزم لو كان مراد الفصول التصرف في المادة بالنقل أو التجوز أما لو كان بالهيئة لا غير فلا يلزم ذلك ولا يظن من الفصول احتمال التصرف في المادة فضلا عن دعواه فلتلحظ عبارته السابقة (قوله: فهو ذلك المعنى العام) يعني فيكون حقيقة بلا نقل ولا تجوز لكن عرفت ان المراد من العالم مثلا من ينكشف لديه الشئ انكشافا بعين ذاته لا بغيره كما هو المفهوم عرفا فلا يكون حقيقة (قوله: انه جعل) حيث قال بعد كلامه المتقدم: ولهذا لا تصدق في حق غيره، لكن مراده انها لا تصدق في حق غيره بالنحو الذي تصدق به في حقه سبحانه (قوله: كما ترى) يعني لوضوح انها تصدق في حق غيره أيضا

١٣٨

والمحاكمة بين الطرفين فتأمل

(السادس)

الظاهر أنه لا يعتبر في صدق المشتق وجريه على الذات حقيقة التلبس بالمبدأ حقيقة وبلا واسطة في العروض كما في الماء الجارى، بل يكفى التلبس به ولو مجازا ومع هذه الواسطة كما في الميزاب الجارى فاسناد الجريان إلى الميزاب وان كان إسنادا إلى غير ما هو له وبالمجاز إلا أنه في الاسناد لا في الكلمة، فالمشتق في مثل المثال بما هو مشتق قد استعمل في معناه الحقيقي وان كان مبدؤه مسندا إلى الميزاب بالاسناد المجازى ولا منافاة بينهما اصلا كما لا يخفى، ولكن ظاهر الفصول بل صريحه اعتبار الاسناد الحقيقي في صدق المشتق حقيقة

______________________________

التنبيه السادس (قوله: والمحاكمة بين) يعني إن اراد من يدعي اعتبار قيام المبدأ بالذات ما يعم القيام بنحو العينية فهو في محله وإن اراد ما لا يعمه ففيه المنع (قوله: لا يعتبر في صدق المشتق) لفظ المشتق تارة يستعمل في المفهوم واخرى في المصداق كقولك جاءني عالم تريد زيدا (والاول) تارة يكون موضوعا كقولنا العالم من تلبس بالعلم واخرى محمولا كما يقال زيد عالم ثم إن الذات المجرى عليها المشتق في الاول والمحمول عليها في الثاني ان كانت متلبسة بالمبدأ حقيقة فلا اشكال في كون استعمال المشتق حقيقة وان لم تكن متلبسة به حقيقة فاجراء المشتق أو حمله عليها بما له من المعنى الحقيقي لا يمكن ان يكون حقيقة بل لا بد من التصرف في لفظه بأن يراد منه معنى مجازي أو في اسناده بادعاء كون الذات مصداقا لمفهومه كما يراه السكاكي في باب الاستعارة وحينئذ فيصح أن يقال لا يعتبر في استعمال لفظ المشتق حقيقة تلبس الذات بالمبدأ حقيقة لامكان استعماله حقيقة مع التصرف في جريه وحمله وهذا ظاهر جدا (قوله: في الميزاب الجاري) إذ الجريان ليس قائما بالميزاب بل بالماء لكن في كون الماء من الواسطة في العروض تأملا عرفته سابقا (قوله: ولا منافاة)

١٣٩

وكأنه من باب الخلط بين المجاز في الاسناد والمجاز في الكلمة. قد انتهى هاهنا محل الكلام بين الاعلام والحمد لله وهو خير ختام المقصد الاول في الاوامر وفيه فصول (الاول) فيما يتعلق بمادة الامر من الجهات وهي عديدة (الاولى) أنه قد ذكر للفظ الامر معاني متعددة، منها (الطلب) كما يقال: أمره بكذا، ومنها " الشأن " كما يقال: شغله أمر كذا، ومنها " الفعل " كما في قوله تعال: (وما أمر فرعون برشيد) ومنها " الفعل العجيب " كما في قوله تعالى: " فلما جاء أمرنا " ومنها " الشئ " كما تقول: رأيت اليوم أمرا عجيبا، ومنها " الحادثة " ومنها " الغرض " كما تقول: جاء زيد لامر كذا، ولا يخفى أن عد بعضها من معانيه من اشتباه المصداق بالمفهوم

______________________________

إذ قد عرفت ان الاستعارة عند السكاكي من هذا القبيل (قوله: وكأنه من باب الخلط) هذا يتم لو اراد الفصول من صدق المشتق استعمال لفظه اما لو اراد حمله وجريه كما هو الظاهر منه فلا اشكال عليه ولا خلط منه بل ينبغى توجه الاشكال على المصنف (ره) حيث صدر العنوان بقوله: لا يعتبر في صدق المشتق وجريه على الذات... الخ فان التزامه (ره) بكون التجوز في الاسناد في المثال المذكور لا في الكلمة التزام منه باعتبار التلبس حقيقة في كون الجري حقيقة فلاحظ والحمد لله رب العالمين كما هو اهله

المقصد الاول في الاوامر

(قوله: منها الطلب) الطلب عرفا هو السعي نحو الشئ كما يظهر من ملاحظة موارد استعماله مثل طلب الماء والغريم والضالة، وقوله عليه السلام اطلبوا العلم ولو بالصين، ونحوها قول الشريف الرضي (ره):

١٤٠