حقائق الاصول الجزء ١

حقائق الاصول10%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 571

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 211999 / تحميل: 5769
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

باب فضل السخاء والجود

١٧٠٧ - قال الصادق عليه السلام: " خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الايمان البر بالاخوان، والسعي في حوائجهم، وإن البار بالاخوان ليحبه الرحمن، وفي ذلك مرغمة الشيطان، وتزحزح عن النيران(١) ، ودخول الجنان، ثم قال لجميل: يا جميل أخبر بهذا غرر أصحابك(٢) ، قلت: جعلت فداك من غرر أصحابي؟ قال: هم البارون بالاخوان في العسر واليسر، ثم قال: يا جميل أما إن صاحب الكثير يهون عليه ذلك، وقد مدح الله عزوجل في ذلك صاحب القليل، فقال في كتابه " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ".

١٧٠٨ - وقال عليه السلام: " شاب سخي مرهق في الذنوب(٣) أحب إلى الله عزو جل من شيخ عابد بخيل ".

١٧٠٩ - وروي " أن الله عزوجل أوحى إلى موسى أن لا تقتل السامري فإنه سخي ".(٤)

___________________________________

(١) " مرغمة " بفتح الميم مصدر، وبكسرها اسم آلة من الرغام بفتح الراء بمعنى التراب.

والتزحزح: التباعد (الوافى) والخبر رواه الكلينى باسناده عن سهل بن زياد عمن حدثه عن جميل بن دراج قال: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول الخبر ".

(٢) " غرر " بالغين المعجمة والمهملتين النجباء جمع الاغر.

وفى بعض النسخ هنا وما يأتى بالعين المهملة والزاء‌ين المعجمتين جمع العزيز.

(٣) المرهق: المفرط في الشر ومرتكب المحارم.

وفى القاموس الرهق محركة: السفه وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم.

(٤) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤١ عن على بن ابراهيم رفعه قال: " أوحى الله عزوجل إلى موسى عليه السلام الخ ".

٦١

١٧١٠ - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " من أدى ما افترض الله عليه فهو أسخى الناس ".(١)

١٧١١ - وقال الصادق عليه السلام: " من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنة؟ أنفق ولا تخف فقرأ، وأنصف الناس من نفسك(٢) ، وافش السلام في العالم(٣) واترك المراء وإن كنت محقا "(٤) .

١٧١٢ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة ".

 (٥) وقال الله عزوجل: " وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين "(٦) .

١٧١٣ - وقال الصادق عليه السلام: " في قول الله عزوجل: " كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم "(٧) قال: هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة الله عزوجل بخلا ثم يموت فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة الله عزوجل أو بمعصية الله، فإن عمل فيه بطاعة الله(٨) رآه في ميزان غيره فرآه حسرة وقد كان المال له، وإن كان عمل فيه بمعصية الله عزوجل(٩) قواه بذلك المال حتى عمل به في معصية الله عزوجل ".

١٧١٤ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ليس البخيل من أدى الزكاة المفروضة من

___________________________________

(١) أى بالنسبة إلى من لم يؤد وان أعطى المال الكثير في غير موقعه لما مر وسيجئ.

(٢) أى كن حكما على نفسك فيما كان بينك وبين الناس وارض لهم ما ترضى لنفسك، واكره لهم ما تكره لها.

(٣) أى سلم على من لقيت من اخوانك جهارا.

(٤) المراء: الجدال، أى اترك الجدال في الكلام وان كان الحق لك.

والخبر مروى في الكافى بسند فيه ضعف ج ٤ ص ٤٤ عن معاوية بن وهب عن الصادق عليه السلام.

(٥) الخلف بفتح المعجمة واللام: العوض.

وقوله " سخت " أى جادت وفى بعض نسخ الكافى " سمحت ".

(٦) من كلام المؤلف رحمه الله كما يظهر من الكافى.

(٧) الحسرات جمع الحسرة وهى أشد الندامة.

(٨) في الكافى " أو في معصية الله فان عمل به في طاعة الله الخ ".

(٩) في بعض النسخ والكافى " وان كان عمل به في معصية الله ".

٦٢

ماله وأعطى البائنة في قومه(١) إنما البخيل حق البخيل من لم يؤد الزكاة المفروضة من ماله ولم يعط البائنة في قومه، وهو يبذر فيما سوى ذلك ".

١٧١٥ - وروي عن الفضل بن أبي قرة السمندي أنه قال: " قال لي أبو عبدالله عليه السلام: أتدري من الشحيح؟ قلت: هو البخيل، فقال: الشح أشد من البخل إن البخيل يبخل بما في يده، والشحيح يشح بما في أيدي الناس وعلى ما في يده حتى لا يرى في أيدي الناس شيئا إلا تمنى أن يكون له بالحل والحرام، ولا يقنع بما رزقه الله عزوجل ".

١٧١٦ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ما محق الاسلام محق الشح شئ، ثم قال: إن لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل، وشعبا كشعب الشرك ".(٢)

١٧١٧ - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " إذا لم يكن لله عزوجل في العبد حاجة ابتلاه بالبخل ".(٣)

١٧١٨ - " وسمع أمير المؤمنين عليه السلام رجلا يقول: الشحيح أعذر من الظالم(٤) فقال له: كذبت إن الظالم قد يتوب ويستغفر ويرد الضلامة على أهلها، والشحيح إذا شح منع الزكاة، والصدقة، وصلة الرحم، وإقراء الضيف(٥) والنفقة في سبيل الله

___________________________________

(١) البائنة العطية، سميت بها لانها ابينت من المال (الوافى) وفى القاموس البائنة فاعلة من البين بمعنى البينونة جعلت اسما للعطية لانها ابينت من المال.

(٢) الدبيب: المشى اللين أى حركة خفيفة لا تحس، والشرك محركة: حبائل الصيد.

وقرأه الفاضل التفرشى بكسر الشين المعجمة وكسر الراء وتكلف في توجيهه بما لا يحتاج اليه.

(٣) أى إذا كان غير منظور اليه ولم يكن أهلا للهدايات والتوفيقات منع عنه اللطف فاستولى عليه الشيطان وزين له البخل.

(٤) أى عذره أشد وأكثر من عذر الظالم.

(٥) اقراء الضيف: ضيافته وخدمته والاحسان اليه.

هذه الاخبار كلها مروية في الكافي مسندة ج ٤ ص ٤٤ و ٤٥.

٦٣

عزوجل وأبواب البر، وحرام على الجنة أن يدخلها شحيح ".

١٧١٩ - وقال الصادق عليه السلام: " المنجيات إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام ".

 [فضل القصد]

١٧٢٠ - وقال أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " ما عال امرء في اقتصاد "(١)

١٧٢١ - وقال الصادق عليه السلام: " ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر ".(٢)

وقال الله عزوجل: " يسألونك ماذا ينفقون قل العفو " والعفو الوسط(٣) .

وقال الله عزوجل: " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما " والقوام الوسط.

باب فضل سقى الماء

١٧٢٢ - قال أمير المؤمنين عليه السلام: " أول ما يبدأ به في الآخرة صدقة الماء يعني في الاجر ".

١٧٢٣ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " إن الله تبارك وتعالى يحب إبراد الكبد الحرى(٤) ، ومن سقى كبدا حرى من بهيمة أو غيرها أظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ".

١٧٢٤ - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من سقى الماء في موضع يوجد فيه الماء كان كمن أعتق رقبة، ومن سقى الماء في موضع لا يوجد فيه الماء كان

___________________________________

(١) العيلة والعالة: الفاقة، أى ما افتقر أحد إذا اقتصد في أمر معاشه.

والخبر رواه الكلينى ج ٤ ص ٥٣ مسندا وكذا الذى قبله.

(٢) مروى في الكافى مسندا عن مدرك بن أبى الهزهاز عنه (ع).

(٣) كما في مرسلة ابن أبى عمير عن أبى عبدالله عليه السلام " في قول الله تعالى " و يسئلونك ماذا ينفقون قل العفو " قال: العفو الوسط " (الكافى ج ٤ ص ٥٢)

(٤) في القاموس: الحران العطشان، والانثى حرى مثل عطشى.

٦٤

كمن أحيا نفسا، ومن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا ".(١)

باب ثواب اصطناع المعروف إلى العلوية

١٧٢٥ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من صنع إلى أحد من أهل بيتي يدا كافيته يوم القيامة".

١٧٢٦ - وقال عليه السلام: " إني شافع يوم القيامة لاربعة أصناف ولو جاؤوا بذنوب أهل الدنيا: رجل نصر ذريتي، ورجل بذل ماله لذريتي عند الضيق ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب، ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا أو شردوا ".(٢)

١٧٢٧ - وقال الصادق عليه السلام: " إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أيها الخلائق أنصتوا فإن محمدا يكلمكم فتنصت الخلائق فيقوم النبي صلى الله عليه وآله فيقول: يا معشر الخلائق من كانت له عندي يد أو منة أو معروف فليقم حتى أكافيه، فيقولون: بابائنا وأمهاتنا وأي يد وأي منة وأي معروف لنا، بل اليد والمنة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخلائق، فيقول لهم: بلى من آوى أحدا من أهل بيتي أو برهم أو كساهم من عرى أو أشبع جائعهم فليقم حتى أكافيه، فيقوم أناس قد فعلوا ذلك، فيأتي النداء من عند الله عزوجل: يا محمد يا حبيبي قد جعلت مكافأتهم إليك فأسكنهم من الجنة حيث شئت، قال: فيسكنهم في الوسيلة(٣) حيث لا يحجبون عن محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين ".

___________________________________

(١) هذه الاخبار الثلاثة في الباب مروية في الكافى ج ٣ ص ٥٧ مسندة.

(٢) التشريد: الطرد والتفريق، والخبر مروى في الكافى وفيه " ورجل يسعى في حوائج ذريتى الخ ".

(٣) الوسيلة والواسلة: المنزلة عند الملك والدرجة والقربة (القاموس) وفى معانى الاخبار ص ١١٦ في حديث طويل عن النبى صلى الله عليه وآله قال: " الوسيلة هى درجتى في الجنة وهى ألف مرقاة الخ "

٦٥

باب فضل الصدقة

١٧٢٨ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله".

١٧٢٩ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " البر والصدقة ينفيان الفقر، ويزيدان في العمر ويدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة سوء ".

١٧٣٠ - وقال الصادق عليه السلام: " داووا مرضاكم بالصدقة، وادفعوا البلاء بالدعاء واستنزلوا الرزق بالصدقة، فإنها تفك من بين لحيي سبعمائة شيطان(١) .

وليس شئ أثقل على الشيطان من الصدقة على المؤمن، وهي تقع في يد الرب تبارك وتعالى قبل أن تقع في يد العبد"(٢) .

١٧٣١ - وقال عليه السلام: " الصدقة باليد تقي ميتة السوء وتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء وتفك عن لحيي سبعين شيطانا كلهم يأمره أن لا يفعل ".

١٧٣٢ - وقال عليه السلام: " يستحب للمريض أن يعطي السائل بيده، ويأمر السائل أن يدعو له ".

___________________________________

(١) قال بعض الشراح: كأن الصدقة دخلت في أفواهم باعتبار منعهم عنها بالوجوه الباطلة فبعضهم يقول لا تتصدق فانك تصير فقيرا، وبعضهم يقول: لا تتصدق فانك أحوج منه، أو أن السائل غير مستحق، أو تصدق على آخر أحوج منه انتهى.

أقول يمكن أن يقرأ " تفك " بصيغة المعلوم فالمعنى أن الصدقة تفك الرزق من بين لحيى سبعمائة شيطان كلهم يمنعون وصوله اليك، أو بصيغة المجهول أى الصدقة تخرج من بين لحيى سبعمائة شيطان فيكون كناية عن كونها شاقة على النفس وحينئذ يكون تعليلا للجملة السابقة.

وأصل الفك الفصل بين الشيئين وتخليص بعضهما من بعض كما في النهاية.

(٢) كناية عن قبوله تعالى، ولعله اشارة إلى قوله تعالى: " أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات ".

٦٦

١٧٣٣ - وقال عليه السلام: " باكروا بالصدقة(١) فإن البلايا لا تتخطاها(٢) ومن تصدق بصدقة أول النهار دفع الله عنه شر ما ينزل من السماء في ذلك اليوم، فإن تصدق أول الليل دفع الله عنه شر ما ينزل من السماء في تلك الليلة ".

١٧٣٤ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله لا إله إلا هو ليدفع بالصدقة الداء والدبيلة(٣) والحرق والغرق والهدم والجنون، وعد عليه السلام سبعين بابا من الشر "(٤) .

١٧٣٥ - وقال صلى الله عليه وأله: " صدقة السر تطفئ غضب الرب جل جلاله "(٥) .

١٧٣٦ - وروى عمار عن الصادق عليه السلام قال: " قال لي يا عمار الصدقة والله في السر أفضل من الصدقة في العلانية، وكذلك والله العبادة في السر أفضل من العبادة في العلانية ".(٦)

١٧٣٧ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا طرقكم سائل ذكر بليل فلا تردوه ".(٧)

١٧٣٨ - وقال صلى الله عليه وآله: " الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر(٨) وصلة الاخوان بعشرين وصلة الرحم بأربعة وعشرين ".

___________________________________

(١) أى ابتدؤوا النهار بالصدقة أو تصدقوا في أوله وفى الكافى " بكروا " بتشديد الكاف.

(٢) أى ان البلايا لا تتجاوز الصدقة بل هى تسدها وتمنعها وحالت بين صاحبها وبين البلايا.

(٣) الدبيلة كجهينة مصغرة: الطاعون والخراج ودمل يظهر في البطن فيقتل.

(٤) في الكافى ج ٤ ص ٥ " سبعين بابا من السوء " وهو أصوب.

(٥) غضبة تعالى كناية عن العذاب والا فهو سبحانه منزه عن أن يكون محلا للحوادث.

(٦) في المحكى عن دروس الشهيد رحمه الله الصدقة سرا أفضل الا أن يتهم بترك المواساة، أو يقصد اقتداء غيره به، اما الواجبة فاظهارها أفضل مطلقا.

(٧) " طرقكم " أى نزل عليكم، وطرق فلان طروقا إذا جاء بليل.

(٨) وجه تفضيل القرض هو أن الصدقة تقع أحيانا في يد غير المحتاج والقرض غالبا لا يقع الا في يد المحتاج.

وقيل: انما جعل الله جزاء الحسنة عشر أمثالها والقرض حسنة فاذا أخذ المقرض ما أعطاه قرضا فكأنه أخذ من العشر واحدة وبقيت له عند الله تسعة ووعد الله سبحانه أن يضاعفها له في قوله " فيضاعفه له " فتصير ثمانية عشر.

٦٧

١٧٣٩ - وسئل عليه السلام " أي الصدقة أفضل؟ قال: على ذي الرحم الكاشح "(١) .

١٧٤٠ - وقال عليه السلام: " لا صدقة وذو رحم محتاج "(٢) .

١٧٤١ - قال عليه السلام " ملعون ملعون من ألقى كله على الناس(٣) ملعون ملعون من ضيع من يعول "(٤) .

١٧٤٢ - وقال أبو الحسن الرضا عليه السلام: " ينبغي للرجل أن يوسع على عياله لئلا يتمنوا موته".(٥)

١٧٤٣ - وسئل الصادق عليه السلام " عن السائل يسأل ولا يدري ما هو؟ فقال: أعط من وقعت في قلبك الرحمة له، وقال: اعطه دون الدرهم، قلت: أكثر ما يعطى؟ قال أربعة دوانيق "(٦) .

١٧٤٤ - وروى الوصافي عن أبي جعفر عليه السلام قال: " كان فيما ناجى الله عزو جل به موسى عليه السلام أن قال: يا موسى أكرم السائل ببذل يسير، أو برد جميل إنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ملائكة من ملائكة الرحمن يبلونك فيما خولتك و يسألونك مما نولتك(٧) فانظر كيف أنت صانع يا ابن عمران ".

___________________________________

(١) في النهاية " الكاشح ": العدو الذى يضمر لك عداوته ويطوى عليها كشحه أى باطنه وذلك لان الاخلاص فيها أتم بخلاف ذى المحبة.

(٢) حمل على الصدقة الكاملة أى لا صدقة كاملة.

(٣) الكل بالفتح: الثقل والعيال والمراد قوته وقوت عياله.

(٤) أى تركهم مهملين بلا قوت ولا نفقة.

(٥) مروى في الكافى باسناده عن معمر بن خلاد عنه عليه السلام وفيه " كيلا يتمنوا موته وتلا هذه الاية " ويطعمون الطعام على حبه الآية " وقال: الاسير عيال الرجل ينبغى للرجل إذا زيد في النعمة أن يزيد اسراء‌ه في السعة عليهم ; ثم قال: ان فلانا أنعم الله عليه بنعمة فمنعها اسراء‌ه وجعلها عند فلان فذهب الله بها، وقال معمر: وكان فلان حاضرا".

(٦) الدوانيق جمع دانق كصاحب: سدس الدرهم.

(٧) خوله الله عزوجل أى أعطاه متفضلا.

والنوال: العطاء، ونولته أى أعطيته نوالا.

٦٨

١٧٤٥ - وقال عليه السلام: " اعط السائل ولو على ظهر فرس "(١) .

١٧٤٦ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تقطعوا على السائل مسألته(٢) فلو لا أن المساكين يكذبون ما أفلح من [ي‍] ردهم ".

١٧٤٧ - وروي عن الوليد بن صبيح قال: " كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فجاء‌ه سائل فأعطاء، ثم جاء‌ه آخر فأعطاء، ثم جاء‌ه آخر فأعطاه، ثم جاء‌ه آخر فقال: وسع الله، عليك ثم قال: إن رجلا لو كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألف درهم ثم شاء أن لا يبقي منها شيئا إلا وضعه في حق لفعل فيبقى لا مال له، فيكون من الثلاثة الذين يرد دعاؤهم قال: قلت: من هم؟ قال: أحدهم رجل كان له مال فأنفقه في [غير](٣) وجهه، ثم قال: يا رب ارزقني، فيقول الرب عزوجل: ألم أرزقك؟ ورجل جلس في بيته ولا يسعى في طلب الرزق ويقول: يا رب ارزقني، فيقول الرب عزوجل ألم أجعل لك سبيلا إلى طلب الرزق، ورجل له أمرأة تؤذيه فيقول: يا رب خلصني منها فيقول الله عزوجل: ألم أجعل أمرها بيدك ".

١٧٤٨ - وقال الصادق عليه السلام في السؤال(٤) : " أطعموا ثلاثة وإن شئتم أن تزدادوا فازدادوا وإلا فقد أديتم حق يومكم ".

١٧٤٩ - وقال عليه السلام: " إذا اعطيتموهم فلقنوهم الدعاء فإنه يستجاب لهم فيكم ولا يستجاب لهم في أنفسهم ".

١٧٥٠ - وقال الصادق عليه السلام: " في الرجل يعطي غيره الدراهم يقسمها، قال: يجري له من الاجر مثل ما يجري للمعطي ولا ينقص من أجره شئ، ولو أن المعروف جرى على سبعين يدا لاوجروا كلهم من غير أن ينقص من أجر صاحبه شئ "(٥) .

___________________________________

(١) أى ولو كان السائل على ظهر فرس أى غنيا غير فقير، أو كنت على ظهر فرس غير متمكن حين السؤال من اعطاء شئ غير الفرس الذى أنت على ظهره. (م ح ق)

(٢) المراد بالقطع على السائل رده.

(٣) لفظة " غير " ليست في كثير من النسخ.

(٤) السؤال كتجار: جمع سائل وهو الفقير.

(٥) رواه الكلينى باختلاف في خبرين مسندين عن أبى نهشل وابن أبى عمير عن جميل.

٦٩

١٧٥١ - وسئل الصادق عليه السلام " أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل(١) أما سمعت قول الله عزوجل: " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " هل ترى ههنا فضلا "(٢) .

١٧٥٢ - وقال علي بن الحسين عليهما السلام: " ضمنت(٣) على ربي عزوجل أن لا يسأل أحد من غير حاجة إلا اضطرته المسألة يوما إلى أن يسأل من حاجة ".

١٧٥٣ - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " اتبعوا قول رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال: من فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر ".

١٧٥٤ - وقال الصادق عليه السلام: " ما من عبد يسأل من غير حاجة فيموت حتى يحوجه الله عزوجل إليها ويكتب له بها النار ".(٤)

١٧٥٥ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك وتعالى أحب شيئا لنفسه وأبغضه لخلقه، أبغض عزوجل لخلقه المسألة(٥) وأحب لنفسه أن يسأل، وليس شئ أحب إليه من أن يسأل، فلا يستحي أحدكم أن يسأل الله عزوجل من فضله ولو شسع نعل ".(٦)

١٧٥٦ - وقال الصادق عليه السلام: " إياكم وسؤال الناس فإنه ذل الدنيا وفقر تتعجلونه، وحساب طويل يوم القيامة ".

___________________________________

(١) في النهاية " أفضل الصدقة جهد المقل " أى قدر ما يحتمله حال قليل المال.

(٢) أى هل ترى في الاية تقييدا بالفضل عما يحتاجون اليه.

(٣) ذلك على سبيل التهكم وفيه مبالغة في أن السائل بلا حاجة يصير مآله إلى الفقر.

(٤) قوله " ما من عبد " النفى راجع إلى القيد الاخير وهو الموت، أى لا يموت عبد يسائل من غير حاجة حتى يحوجه الله تعالى (مراد) أقول: رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ١٩ وفيه " يثبت الله له بها النار ".

(٥) يعنى أبغض لهم أن يسألوا وذلك لان مسؤوليتهم تمنع مسؤوليته سبحانه، وهو أحب لنفسه فأبغضها لهم.(الوافى)

(٦) الشسع بكسر المعجمة وسكون المهملة وبكسرهما: قبال النعل وهو زمان بين الاصبع الوسطى والتى تليها.

٧٠

١٧٥٧ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا ولو يعلم المعطي ما في العطية ما رد أحد أحدا ".

١٧٥٨ - و " جاء‌ت فخذ من الانصار(١) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسلموا عليه فرد عليهم السلام فقالوا: يا رسول الله لنا إليك حاجة، قال: هاتوا حاجتكم، قالوا: إنها حاجة عظيمة قال: هاتوا ما هي؟ قالوا: تضمن لنا على ربك الجنة، فنكس صلى الله عليه وآله رأسه ونكت في الارض(٢) ثم رفع رأسه فقال: أفعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحدا شيئا قال: فكان الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه فيكره أن يقول لانسان ناولنيه فرارا من المسألة فينزل فيأخذه، ويكون على المائدة ويكون بعض الجلساء أقرب منه إلى الماء فلا يقول: ناولني حتى يقوم فيشرب ".

١٧٥٩ - وقال عليه السلام: " استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك "(٣) .

١٧٦٠ - وقال الصادق عليه السلام: " المن يهدم الصنيعة ".

١٧٦١ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك وتعالى كره لي ست خصال و كرهتهن للاوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي العبث في الصلاة والرفث في الصوم، والمن بعد الصدقة، وإتيان المساجد جنبا، والتطلع في الدور، والضحك بين القبور ".

١٧٦٢ - وروي عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام " أن أميرالمؤمنين عليه السلام بعث إلى رجل بخمسة أوساق من تمر البغيبغة(٤) وكان الرجل

___________________________________

(١) رواه الكلينى باسناده عن هشام بن سالم عن أبى بصير ن الصادق عليه السلام (ج ٤ ص ٢١ والفخذ: القبيلة.

(٢) نكت في الارض بقضيبه أى ضرب بها فأثر فيها.

(٣) الشوص بالفتح ثم السكون: الغسل والتنظيف أى استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك إى بغسله وتنظيفه. ولا يقل أحد لاحد: اغسل سواكى أو نظفه.

(٤) البغيبغة بباء‌ين موحدتين وغينين معجمتين وفى الوسط ياء مثناة وفى الاخر هاء: ضيعة أو عين بالمدينة كثيرة النخل لال الرسول صلى الله عليه وآله، قال المسهودى في وفاء الوفاء: البغيبغة تصغير البغبغ وهى البئر القريبة الرشا، والبغبغات عيون عملها على بن أبى طالب عليه السلام بينبغ أول ما صارت اليه وتصدق بها وبلغ جذاذها في زمنه ألف وسق ومنها خيف الاراك وخيف ليلى وخيف الطاس.

٧١

ممن يرجو نوافله ويرضى نائله ورفده(١) وكان لا يسأل عليا عليه السلام ولا غيره شيئا، فقال رجل لامير المؤمنين عليه السلام: والله ما سألك فلان شيئا ولقد كان يجزيه من الخمسة الاوساق وسق واحد، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: لاكثر الله في المؤمنين ضربك، أعطي أنا وتبخل أنت به(٢) إذا أنا أعط الذي يرجوني إلا من بعد مسألتي ثم أعطيته بعد المسألة فلم أعطه إلا ثمن ما أخذت منه، وذلك لاني عرضته لان يبذل لي وجهه الذي يعفره في التراب لربي وربه عزوجل عند تعبده له وطلب حوائجه إليه، فمن فعل هذا بأخيه المسلم وقد عرف أنه موضع لصلته ومعروفه فلم يصدق الله عزوجل في دعائه له(٣) حيث يتمنى له الجنة بلسانه ويبخل عليه بالحطام من ماله وذلك أن العبد قد يقول في دعائه: " الله اغفر للمؤمنين والمؤمنات " فإذا دعا له بالمغفرة فقد طلب له الجنة، فما أنصف من فعل هذا بالقول ولم يحققه بالفعل "(٤) .

باب ثواب صلة الامام عليه السلام

١٧٦٣ - سئل الصادق عليه السلام " عن قول الله عزوجل: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا " قال: نزلت في صلة الامام عليه السلام "(٥) .

___________________________________

(١) النوافل: العطايا، والنائل: العطاء، والرفد بالكسر: الصلة والعطاء.

(٢) " ضربك " أى مثلك، وفى الكافى " أعطى أنا وتبخل أنت، لله أنت ".

(٣) " فلم يصدق الله " من الصدق المتعدى إلى مفعولين.

قال الله تعالى: " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق " أى أخبره بالحق. (سلطان)

(٤) أى لم يأت بالانصاف والعدل من قال بلسانه انى أطلب له الجنة واحب ذلك ولم يفعل باليد ما يدل على أن ما قال بلسانه كان موافقا لما في قلبه.(مراد)

(٥) رواه الكلينى ج ١ ص ٥٣٨ باسناد عن اسحاق بن عمار عن أبى ابراهيم عليه السلام.

٧٢

١٧٦٤ - وقال عليه السلام: " درهم يوصل به الامام أفضل من ألف ألف درهم ينفق في غيره في سبيل الله عزوجل".(١)

١٧٦٥ - وقال الصادق عليه السلام: " من لم يقدر على صلتنا فليصل صالحي شعيتنا(٢) يكتب له ثواب صلتنا، ومن لم يقدر على زيارتنا فليزر صالحي موالينا يكتب له ثواب زيارتنا ".

كتاب الصوم

باب علة فرض الصيام

٦ ١٧٦ سأل هشام بن الحكم أبا عبدالله عليه السلام " عن علة الصيام فقال: " إنما فرض الله عزوجل الصيام ليستوي به الغني والفقير، وذلك أن الغني لم يكن ليجد مس الجوع فيرحم الفقير لان الغني كلما أراد شيئا قدر عليه فأراد الله عزوجل أن يسوي بين خلقه وأن يذيق الغني مس الجوع والالم ليرق على الضعيف فيرحم الجائع ".

١٧٦٧ - وكتب أبوالحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله: " علة الصوم لعرفان مس الجوع والعطش ليكون ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا صابرا، ويكون ذلك دليلا له على شدائد الآخرة، مع ما فيه من الانكسار له عن الشهوات، واعظا له في العاجل، دليلا على الآجل ليعلم شدة مبلغ ذلك من أهل الفقر والمسكنة في الدنيا والآخرة ".

١٧٦٨ - وكتب حمزة بن محمد إلى أبي محمد عليه السلام " لم فرض الله الصوم؟ فورد في الجواب ليجد الغني مس الجوع فيمن على الفقير ".(٣)

١٧٦٩ - وروي عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام أنه قال: " جاء نفر من

___________________________________

(١) في الكافى ج ١ ص ٥٣٨ وفيه " أفضل من ألفى ألف درهم فيما سواه من وجوه البر ".

(٢) في بعض النسخ وثواب الاعمال ص ١٢٤ " صالحى موالينا ".

(٣) أى يعطى، من عليه أى أنعم واصطنع عنده صنيعة.

٧٣

اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله أنه قال له: " لاي شئ فرض الله عزوجل الصوم على امتك بالنهار ثلاثين يوما، وفرض الله على الامم أكثر من ذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض الله على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش، والذي يأكلونه بالليل تفضل من الله عزوجل عليهم وكذلك كان على آدم عليه السلام، ففرض الله ذلك على امتي، ثم تلا هذه الآية: " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات " قال اليهودي: صدقت يا محمد، فما جزاء من صامها؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله تبارك وتعالى له سبع خصال، أولها يذوب الحرام في جسده، والثانية يقرب من رحمة الله عزوجل والثالثة يكون قد كفر خطيئة آدم أبيه عليه السلام، والرابعة يهون الله عليه سكرات الموت، والخامسة أمان من الجوع والعطش يوم القيامة، والسادسة يعطيه الله براء‌ة من النار، والسابعة يطعمه الله عزوجل من طيبات الجنة، قال: صدقت يا محمد ".

باب فضل الصيام

١٧٧٠ - قال أبوجعفر عليه السلام: " بني الاسلام على خمسة أشياء: على الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والولاية"(١)

١٧٧١ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الصوم جنة من النار "(٢) .

١٧٧٢ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الصائم في عبادة وإن كان نائما على فراشه ما

___________________________________

(١) المراد بالولاية معرفة الامام الحق المنصوب من عند الله المنصوص عليه، والتصديق بكونه ولى أمر الامة، مفترض الطاعة كطاعة الرسول صلى الله عليه وآله.

والولاية بالكسر بمعنى تولى الامر ومالكية التصرف فيه.

(٢) رواه الكلينى عن على عن ابيه عن حماد عن حريز عن زرارة.

٧٤

لم يغتب مسلما ".(١)

١٧٧٣ - وقال صلى الله عليه وآله: " قال الله تبارك وتعالى: الصوم لي وأنا أجزي به(٢) ، وللصائم فرحتان حين يفطر وحين يلقى ربه عزوجل(٣) ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم(٤) عند الله أطيب من ريح المسك ".

١٧٧٤ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لاصحابه: " ألا اخبركم بشئ إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان عنكم كما تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا: بلي يا رسول الله، قال: الصوم يسود وجهه، والصدقة تكسر ظهره، والحب في الله عزوجل والمؤازرة على العمل الصالح يقطع دابره، والاستغفار يقطع وتينه(٥) ولكل شئ زكاة وزكاة الابدان الصيام".

١٧٧٥ - وقال الصادق عليه السلام لعلي بن عبدالعزيز: " ألا أخبرك بأصل الاسلام وفرعه وذروته وسنامه؟ قال: بلى، قال: أصله الصلاة، وفرعه الزكاة، وذروته وسنامه الجهاد في سبيل الله عزوجل، ألا أخبرك بابواب الخير؟ الصوم جنة من النار "(٦) .

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٤ ص ٦٤ باسناده عن عبدالله بن طلحة عن الصادق عليه السلام عن النبى صلى الله عليه وآله، ويدل على جواز النوم للصائم.

(٢) انما خص الصوم بالله من بين سائر العبادات وبأنه جازيه مع اشتراك الكل في ذلك لكونه خالصا له وجزاؤه من عنده خاصة من غير مشاركة أحد فيه لكونه مستورا عن أعين الناس مصونا عن ثنائهم عليه. (الوافى).

(٣) فرحه عند الافطار لاشعاره بان المولى وفقه لغلبة هواه ولعدم تزلزله في اتيان ما كلف به ومجيئه مظفرا من تلك الجهاد، وله فرح آخر وهو عند لقاء جزاء عمله بما فرض الله له.

(٤) الخلوف بضم الخاء المعجمة قبل اللام، والفاء بعد الواو: رائحة الفم، أو الرائحة الكريهة.

(٥) المؤازرة: المعاونة، وقطع الدابر كناية عن الاستيصال، والوتين: عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه. (الوافى)

(٦) أى وقاية وحسن من الوقوع في كل معصية توجب دخول النار. وقال في الوافى: لانه يدفع حر الشهوة والغضب اللتين بهما يصلى نار جهنم في باطن الانسان في الدنيا وتبرز له في الاخرة، كما أن الجنة تدفع عن صاحبها حر الحديد.

٧٥

١٧٧٦ - وقال عليه السلام " في قول الله عزوجل: " واستعينوا بالصبر والصلاة " قال: يعني بالصبر الصوم ".

١٧٧٧ - وقال عليه السلام: " إذا نزلت بالرجل النازلة أو الشدة(١) فليصم فإن الله عزوجل يقول: " واستعينوا بالصبر والصلاة "(٢) .

١٧٧٨ - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك وتعالى وكل ملائكة بالدعاء للصائمين وقال: أخبرني جبرئيل عليه السلام عن ربه تعالى ذكره أنه قال: ما أمرت ملائكتي بالدعاء لاحد من خلقي إلا استجبت لهم فيه ".

١٧٧٩ - وقال الصادق عليه السلام: " أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى عليه السلام ما يمنعك من مناجاتي؟ فقال: يا رب اجلك عن المناجاة لخلوف فم الصائم، فأوحى الله عزوجل إليه يا موسى لخلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك ".

١٧٨٠ - وقال الصادق عليه السلام: " للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه عزوجل ".

١٧٨١ - وقال عليه السلام: " من صام لله عزوجل يوما في شدة الحر فأصابه ظمأ وكل الله به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشرونه حتى إذا أفطر، قال الله عزوجل: ما أطيب ريحك وروحك يا ملائكتي اشهدوا أني قد غفرت له ".

١٧٨٢ - وقال أبوالحسن الاول عليه السلام: " قيلوا(٣) فإن الله عزوجل يطعم الصائم ويسقيه في منامه ".

١٧٨٣ - وقال الصادق عليه السلام: " نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، وعمله متقبل ودعاؤه مستجاب ".

___________________________________

(١) في الكافى ج ٤ ص ٦٤ " بالرجل النازلة والشديدة الخ ".

(٢) في الكافى " يقول " استعينوا بالصبر " يعنى الصيام ".

(٣) من القيلولة وهى نوم الضحى، أمر من قال يقيل قيلولة بمعنى النوم قبل الظهر.

٧٦

باب وجوه الصوم

١٧٨٤ - روي عن الزهري أنه قال: قال لي علي بن الحسين عليهما السلام يوما: " يا زهري من أين جئت؟ فقلت: من المسجد، قال: ففيم كنتم؟ قلت: تذاكرنا أمر الصوم فأجمع رأيي ورأي أصحابي على أنه ليس من الصوم شئ واجب إلا صوم شهر رمضان، فقال: يا زهري ليس كما قلتم، الصوم على أربعين وجها، فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان، وعشرة أوجه منها صيامهن حرام، وأربعة عشر وجها منها صاحبها فيها بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر، وصوم الاذن على ثلاثة أوجه، وصوم التأديب، وصوم الاباحة، وصوم السفر والمرض، قلت: جعلت فداك فسرهن لي.

قال: فأما الواجب فصيام شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين لمن أفطر يوما من شهر رمضان عمدا متعمدا، وصيام شهرين متتابعين في كفارة الظهار قال الله عزوجل: " والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا(١) ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير * فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا "، وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق واجب لقول الله عزوجل: " ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله(٢) إلى قوله تعالى فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين "، وصيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب لمن لم يجد الاطعام(٣) قال الله عزوجل: " فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم " فكل ذلك متتابع وليس بمتفرق، وصيام أذى حلق

___________________________________

(١) " ثم يعودون " أى يريدون الوطى ونقض قولهم، فعليهم الكفارة " من قبل أن يتماسا " أى يجامعا.

(٢) أى مدفوعة إلى أهل القتيل.

(٣) أى لم يجده مع اختيه من العتق والكسوة، وترك للظهور. (م ت)

٧٧

الرأس واجب قال عزوجل: " فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك "(١) فصاحبها فيها بالخيار فإن صام صام ثلاثا، وصوم دم المتعة(٢) واجب لمن لم يجد الهدي قال الله تعالى: " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة، وصوم جزاء الصيد واجب قال الله عزوجل: " ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما " ثم قال: أو تدرى كيف يكون عدل ذلك صياما يا زهري؟ قال: قلت: لا أدرى قال: يقوم الصيد قيمة ثم تفض تلك القيمة على البر ثم يكال ذلك البر أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما، وصوم النذر واجب(٣) ، وصوم الاعتكاف واجب(٤) .

وأما الصوم الحرام: فصوم يوم الفطر، ويوم الاضحى، وثلاثة أيام التشريق(٥) ، وصوم يوم الشك امرنا به ونهينا عنه، امرنا أن نصومه مع شعبان ونهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس(٦) ، فقلت له جعلت فداك فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع؟ قال: ينوي ليلة الشك أنه صائم من

___________________________________

(١) جمع نسيكة وهى الذبيحة.

(٢) أى الهدى الواجب في حج التمتع بعد العجز عنه.

(٣) الظاهر أن المراد أعم منه ومن العهد واليمين وسيجئ اطلاقه في الاخبار عليهما ولو تجوزا. (م ت)

(٤) المراد به الوجوب الشرطى بمعنى عدم تحقق الاعتكاف بدون الصوم ولا يجب أن يكون الصوم للاعتكاف فلو كان عليه قضاء رمضان وصامه في اعتكافه صح والمراد وجوب اليوم الثالث والسادس والتاسع وهكذا كل ثالث بعد اعتكافه يومين. (م ت)

(٥) أى لمن كان بمنى، ولا خلاف في حرمة صوم أيام التشريق لمن كان بمنى ناسكا والمشهور التحريم لمن كان فيها وان لم يكن ناسكا.

(٦) الظاهر أن المراد بصيامه أن ينويه من رمضان من بين سائر الناس من غير أن يصح عند الناس أنه منه. (المرآة)

٧٨

شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه، وإن كان من شعبان لم يضره، فقلت له: وكيف يجزي صوم تطوع عن صوم فريضة؟ فقال: لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لا يدري ولا يعلم أنه من شهر رمضان ثم علم بعد ذلك أجزأ عنه، لان الفرض إنما وقع على اليوم بعينه(١) ، وصوم الوصال حرام، وصوم الصمت حرام(٢) ، وصوم نذر المعصية حرام(٣) ، وصوم الدهر حرام(٤) .

___________________________________

(١) أى أن الفرض أنما وقع على اليوم بعينه سواء نواه بقصد الواجب أو المندوب أو لم يقصدهما كما أنه لو صام يوما من شهر رمضان ندبا لاجزأ عنه إذا كان جاهلا ولو كان نية التعيين شرطا لما أجزأ عنه، أو لان الفرض على اليوم بعينه ونية التعيين واجب مع العلم واما مع الجهل فلا لانه لا ريب أنه لو غفل عن نية التعيين في يوم بعينه ونواه ندبا أجزأ عن رمضان فكذا يوم الشك لانه لا يعلم أنه من رمضان فاذا نواه من شعبان فانكشف أنه كان من رمضان أجزأ عنه والمعتمد قوله عليه السلام لا استدلاله وهذه الاستدلالات كانت لاشكالات العامة. (م ت)

(٢) ذهب الشيخ رحمه الله في النهاية وأكثر الاصحاب إلى أن صوم الوصال هو أن ينوى صوم يوم وليلة إلى السحر، وذهب هو في الاقتصاد وابن ادريس إلى أن معناه أن يصوم يومين مع ليلة بينهما، وانما يحرم تأخير العشاء إلى السحر إذا نوى كونه جزء‌ا من الصوم أما لو أخره الصائم بغير نية فانه لا يحرم فيها، قطع به الاصحاب والاحتياط يقتضى اجتناب ذلك، واما صوم الصمت فهو أن ينوى الصوم ساكتا وقد أجمع الاصحاب على تحريمه. (المرآة)

(٣) هو أن يصوم بنذره على ترك الطاعة أو فعل المعصية شكرا أو عكسهما جزاء. (م ت)

(٤) حرمة صوم الدهر اما لاشتماله على الايام المحرمة ان كان المراد كل السنة، وان كان المراد ما سوى الايام المحرمة فلعله انما يحرم إذا صام على الاعتقاد أنه سنة مؤكدة فانه يقتضى الافتراء على الله تعالى: ويمكن حمله على الكراهة أو التقية لاشتهار الخبر بهذا المضنون بين العامة قال المطرزى في المغرب: وفى الحديث انه عليه السلام " سئل عن صوم الدهر فقال: لا صام ولا أفطر " قيل انما دعا عليه لئلا يعتقد فريضته ولئلا يعجز فيترك الاخلاص أو لئلا يرد صيام السنة كلها فلا يفطر في الايام المنهى عنها انتهى، وقال الجزرى في النهاية في الحديث انه " سئل عمن يصوم الدهر فقال لا صام ولا أفطر " أى لم يصم ولم يفطر كقوله تعالى: " فلا صدق ولا صلى " وهو احباط لاجره على صومه حيث خالف السنة، وقيل: دعاء عليه كراهة لصنيعه. (المرآة)

٧٩

وأما الصوم الذي يكون صاحبه فيه بالخيار(١) فصوم يوم الجمعة، والخميس، والاثنين وصوم البيض(٢) ، وصوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان(٣) ، وصوم يوم عرفة، ويوم عاشورا كل ذلك صاحبه فيه بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر.

وأما صوم الاذن فإن المرأة لا تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها(٤) ، والعبد لا يصوم تطوعا إلا بإذن سيده، والضيف لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من نزل على قوم فلا يصومن تطوعا إلا باذنهم ".

وأما صوم التأديب فإنه يؤمر الصبي إذا راهق(٥) بالصوم تأديبا وليس بفرض، وكذلك من أفطر لعلة من أول النهار ثم قوي بعد ذلك امر بالامساك بقية يومه تأديبا وليس بفرض، وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار ثم قدم أهله

___________________________________

(١) معنى كون صاحب الصوم بالخيار أن ليس شئ من الصوم تركه ممنوعا لكنه لابد من كون الفعل راجحا على الترك (مراد) وقال المولى المجلسى رحمه الله: أى يجوز له الافطار بعد الشروع فيه أو لا يجب صومه.

(٢) هو اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر لبياض الليالى فيها مع الايام، أو لابيضاض جسد آدم عليه السلام لصيامها.(م ت)

(٣) استحباب صيامها مشهور بين العامة وروى من طرقهم أن من صامها بعد شهر رمضان فكانما صام الدهر لقوله تعالى " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " ولو صامها بعد يومين أو ثلاثة بعد العيد فهو أفضل لما سيجئ.(م ت)

(٤) المشهور بين الاصحاب بل المتفق عليه بينهم أنه لا يجوز صوم المرأة ندبا مع نهى زوجها عنه والمشهور أيضا عدم الجواز مع عدم الاذن.(المرآة)

(٥) راهق الغلام مراهقة: قارب الاحتلام ولم يحتلم بعد (المصباح المنير) وفى المحكى عن الفاضل الاسترابادى أنه قال: اشتهر بين المتأخرين خلاف من غير فيصل وهو أن عبادات الصبى المميز تمرينية يعنى صورتها صورة الصلاة والصوم مثلا وليست بعبادة، أو عبادة فلو نوى النيابة عن الميت لبرئت ذمة الميت، وجعله عليه السلام صوم الصبى قسيما للصوم الذى صاحبه بالخيار فيه صريح في أن صوم الصبى ليس بعبادة ويؤيد ذلك أن نظائره مطلوبة وليست بصوم بل صورتها صورة الصوم.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

الاشكال بأن كون الناطق - مثلا - فصلا مبنى على عرف المنطقيين حيث اعتبروه مجردا عن مفهوم الذات وذلك لا يوجب وضعه لغة كذلك (وفيه) أنه من المقطوع أن مثل الناطق قد اعتبر فصلا بلا تصرف في معناه اصلا بل بما له من المعنى كما لا يخفى " والتحقيق " أن يقال: إن مثل الناطق ليس بفصل حقيقي بل لازم ما هو الفصل واظهر خواصه وانما يكون فصلا مشهورا منطقيا يوضع مكانه إذا لم يعلم نفسه بل لا يكاد يعلم كما حقق في محله ولذا ربما يجعل لا زمان مكانه إذا كانا متساوييى النسبة إليه كالحساس والمتحرك بالارادة في الحيوان، وعليه فلا بأس بأخذ مفهوم الشئ في مثل الناطق فانه وان كان عرضا عاما لا فصلا مقوما للانسان الا انه بعد تقييده بالنطق واتصافه به كان من اظهر خواصه " وبالجملة ": لا يلزم من أخذ مفهوم الشئ في معنى المشتق إلا دخول العرض في الخاصة التي هي من العرضي لا في الفصل الحقيقي الذي هو من الذاتي فتدبرا جيدا

______________________________

الممكنة الخاصة وهو باطل بالضرورة (قوله: مبني على عرف) يعني أن مفهوم الناطق عند المنطقيين غير مفهومه عند اللغويين فعند الاولين تدخل فيه الذات وعند الآخرين تخرج عنه، لكن هذا لا يدفع الاشكال عن شارح المطالع لان كلامه كان في الفصل المنطقي الذي يكون معرفا، فافهم (قوله: قد اعتبر فصلا بلا) هذا غير ظاهر بل الظاهر منهم كون الفصل هو النطق وكون العرض العام والخاص هو المشي والضحك، والتعبير عنها بالمشتقات لتصحيح الحمل في التعريف حدا أو رسما مع الاشارة بها إلى مباديها التي هي اجزاء الماهية أو اعراضها في الحقيقة (قوله: كما حقق في محله) فقد ذكر الشريف نفسه في بعض حواشيه على شرح الشمسية: ان الحقائق الموجودة يتعسر الاطلاع على ذاتياتها والتمييز بينها وبين عرضياتها تعسرا تاما واصلا إلى حد التعذر (قوله: ولذا ربما يجعل) يعني مع بنائهم على امتناع فصلين لنوع واحد في عرض واحد (قوله: في مثل الناطق) الاشكال لا يختص بالناطق بل هو جار في جميع المشتقات التي لا يتميز

١٢١

ثم قال: إنه يمكن ان يختار الوجه الثاني أيضا ويجاب بأن المحمول ليس مصداق الشئ والذات مطلقا بل مقيدا بالوصف وليس ثبوته للموضوع حينئذ بالضرورة لجواز أن لا يكون ثبوت القيد ضروريا. انتهى، ويمكن أن يقال: إن عدم كون ثبوت القيد ضروريا لا يضر بدعوى الانقلاب فان المحمول إن كان ذات المقيد وكان القيد خارجا وان كان التقييد داخلا بما هو معنى حرفي، فالقضية لا محالة تكون ضرورية ضرورة ضرورية ثبوت الانسان الذى يكون مقيدا بالنطق للانسان، وان كان المقيد بما هو مقيد على ان يكون القيد داخلا فقضية: الانسان ناطق، تنحل في الحقيقة إلى قضيتين إحداهما قضية: الانسان انسان، وهي ضرورية والاخرى قضية: الانسان له النطق، وهى ممكنة وذلك لان الاوصاف قبل العلم

______________________________

الفصل منها عن الخاصة ولا الجنس عن العرض العام فيرجع الاشكال لا على التفصيل بل على الاجمال فتأمل (قوله: ثم قال) يعني في الفصول (قوله: وليس ثبوته للموضوع) سيأتي بيانه في الايراد عليه (قوله: داخلا بما هو معنى حرفي) حمل المقيد يتصور على وجوه (احدها) ان يكون ملحوظا عبرة إلى نفس الذات فالنسبة الحملية قائمة بنفس الذات لا غير (ثانيها) أن يكون ملحوظا بما هو مضاف إلى القيد فالمحمول يكون هو الذات المضافة إلى القيد مع خروج القيد ودخول التقيد (ثالثها) ان يكون المقيد ملحوظا بنحو يكون القيد داخلا في المحمول وتتقوم به النسبة الحملية فقوله: بما هو معنى، ان كان اشارة إلى الاول فما ذكره من ان لازمه انقلاب القضية الممكنة إلى الضرورية واضح لما عرفت من أن المحمول نفس ذات الموضوع وحمل الشئ على نفسه ضروري وان كان اشارة إلى الثاني فلا يتم كما سيأتي (قوله: على أن يكون القيد داخلا) ظاهره ارادة الصورة الثالثة، وعليه تكون القضيتان المنحلة اليهما القضية الممكنة قضيتين عرضيتين موضوعهما واحد ومحمولهما متعدد، وهما المصداق المأخوذ في المشتق ونفس الوصف نظير قولنا زيد شاعر كاتب وبكر عالم عادل، لكن ظاهر قوله: لان الاوصاف... الخ

١٢٢

بها اخبار كما ان الاخبار بعد العلم بها تكون أوصافا، فعقد الحمل ينحل إلى القضية كما أن عقد الوضع ينحل إلى قضية مطلقة عامة عند الشيخ وقضية ممكنة عند الفارابى " فتأمل " لكنه قدس سره تنظر فيما افاده بقوله: وفيه نظر

______________________________

وقوله: فعقد الحمل... الخ ارادة التصوير الثاني فتكون القضية الاولى قائمة بين الذات والوصف والاخرى قائمة بين الذات الموصوفة وذات الموضوع نظير قولنا: زيد قائم الاب، ثم انه لم يتضح إشكال المصنف (ره) على الفصول على كل من التقديرين إذ مرجع الاشكال ان كان إلى ان الانحلال لا يقول به في الفصول فهو غير ظاهر وان كان إلى انه لا يقول به احد لان الانحلال عندهم في عقد الوضع لا عقد الحمل، ففيه ان بناءهم على عدمه كان من جهة بنائهم على كون المحمول في جميع القضايا هو المفهوم لا المصداق، والكلام هنا مع الشريف بعد فرض كون المحمول هو المصداق. وكيف كان فالظاهر أن مراد الفصول هو التصوير الثاني وان الانحلال يكون إلى قضيتين إحداهما ينحل إليها نفس مفهوم المشتق نظير انحلال عقد الوضع إلى الفعلية أو الممكنة، وثانيتهما تتقوم بالنسبة التامة القائمة بين الموضوع وذات المحمول المضافة إلى الوصف بقيد كونها كذلك، وجهة القضية الثانية هي جهة فعلية القيد لذات المقيد فان كانت فعلية القيد للذات بالامكان ففعلية المقيد للذات كذلك ولا يلزم انقلاب الممكنة إلى الضرورية لان ذات زيد المقيدة بفعلية العدالة ليست عين زيد، كما أن الكلي المقيد بقيد ليس عين ذلك الكلي فالانسان المقيد بالضحك ثبوته للانسان بالامكان كثبوت نفس الضحك للانسان، وزيد المقيد بالعدالة ثبوته لزيد بالامكان كما أن ثبوت نفس العدالة له كذلك، والوجه في ذلك: ان الذات المقيدة بقيد حاكية عن فعلية المبدأ لها فإذا كانت فعلية المبدأ للذات بالامكان امتنع ثبوت الذات المقيدة بالضرورة لان ثبوتها كذلك عين فعلية المبدأ للذات بالضرورة، وهو خلف (قوله: بها أخبار) يعني تفيد فائدة الخبر (قوله: تكون اوصافا) يعني تفيد فائدة التوصيف لان

١٢٣

لان الذات المأخوذة مقيدة بالوصف قوة أو فعلا ان كانت مقيدة به واقعا صدق الايجاب بالضرورة، وإلا صدق السلب بالضرورة مثلا لا يصدق: زيد كاتب

______________________________

المحمول يصح به الاشارة إلى الموضوع كالوصف (قوله: لان الذات المأخوذة مقيدة) من المعلوم اختلاف مادة القضية واقعا باختلاف كون الوصف ملحوظا فعليا أو ملكة فيصدق قولنا: زيد كاتب بالضرورة بمعنى ان له ملكة الكتابة ولا يصدق زيد كاتب بالضرورة بمعنى ان له فعلية الكتابة، كما اشار إليه المصنف (ره) سابقا، ولاجل ذلك يصدق زيد كاتب بالامكان بالضرورة، بمعنى ان الكتابة بالامكان ضرورية الثبوت لزيد، ولا يصدق زيد كاتب بالضرورة، بمعنى ان فعلية الكتابة ضرورية لزيد فمراد الفصول، الرد على قوله سابقا: وليس ثبوته للموضوع حينئذ بالضرورة، بأنه لا يتم لو اخذ الوصف مقيدا بمادة نسبته الواقعية قيدا للذات، فان ذات الموضوع ان كانت واجدة للوصف المذكور صدق الايجاب بالضرورة والا صدق السلب بالضرورة فيلزم الانقلاب الذي ذكره الشريف مثلا ذات زيد إذا كانت كاتبة بالامكان صدق زيد كاتب بالامكان ولازمه صدق قولنا: زيد الكاتب بالامكان بالضرورة، وإذا لم تكن كاتبة بالامكان لم يصدق انه كاتب بالامكان فيصدق زيد ليس بكاتب بالامكان بالضرورة وهذا معنى قوله: ان كانت مقيدة به واقعا... الخ يعني إن كانت الذات واجدة للوصف المقيد بمادته الواقعية من القوة أو الفعل صدق ايجاب الذات المقيدة بذلك الوصف بالضرورة وان كانت فاقدة له واقعا صدق السلب بالضرورة وهذا الكلام متين جدا إلا انه لا دخل له باخذ الذات في مفهوم المشتق إذ ليس انقلاب الممكنة إلى الضرورية جاء من قبل اخذ الذات في مفهوم المشتق وانما جاء من قبل تقييد الوصف بمادة نسبته واقعا، ولذا لو فرض اخلاء القضية من لفظ المشتق كان اللازم ذلك إذ كلما صدق زيد له الكتابة بالامكان يصدق زيد له الكتابة الممكنة بالضرورة واين هذا مما نحن فيه (قوله: قوة أو فعلا) قيد للوصف (قوله: لا يصدق زيد)

١٢٤

بالضرورة، لكن يصدق زيد الكاتب بالقوة أو بالفعل بالضرورة. انتهى، - ولا يذهب عليك أن صدق الايجاب بالضرورة بشرط كونه مقيدا به واقعا لا يصحح دعوى الانقلاب إلى الضرورية ضرورة صدق الايجاب بالضرورة بشرط المحمول في كل قضية ولو كانت ممكنة كما لا يكاد يضربها صدق السلب كذلك بشرط عدم كونه مقيدا به واقعا لضرورة السلب بهذا الشرط، وذلك لوضوح أن المناط في الجهات

______________________________

لعدم كون فعلية الكتابة ضرورية (قوله: لكن يصدق) لكون الكتابة بالقوة أو بالفعل ضرورية لزيد (قوله: ولا يذهب عليك) قد عرفت مراد الفصول، لكن حمله المصنف (ره) على إرادة الضرورية بشرط المحمول فاورد عليه بأنه خارج عن محل البحث في المقام إذ البحث في أن اخذ الذات في مفهوم المشتق يوجب انقلاب القضية الممكنة ضرورية، والانقلاب إلى الضرورية فيما ذكره ليس من جهة أخذ الذات في مفهوم المشتق بل من جهة اخذ المحمول شرطا في الموضوع إذ لا ريب في انه يوجب انقلاب القضية ولو كانت ممكنة إلى الضرورية ولو لم يؤخذ الذات في مفهوم المشتق لان الشئ بشرط ثبوته ضروري الثبوت، كما ان أخذ عدم المحمول شرطا يوجب انقلاب كل قضية إلى السالبة الضرورية لان الشئ في ظرف عدمه ممتنع الثبوت، وكأن الباعث للمصنف (ره) على هذا الحمل قوله: إن كانت مقيدة به، إذ لو كان مراده ما ذكرنا كان المناسب أن يقول: إن كانت واجدة له... الخ، لكن قوله: (واقعا) آب عن ذلك إذ لو اراد القضية بشرط المحمول كان اللازم أن يقول ان كانت مقيدة به في القضية وكذا قوله (ره): وإلا صدق... الخ كان اللازم أن يقول بدله: وان كانت مقيدة بعدمه... الخ، وبالجملة: ظاهر اكثر فقرات العبارة - ولا سيما التمثيل ولا سيما تقييد الوصف المذكور في صدر العبارة بقوله: قوة أو فعلا - إرادة ما ذكرنا وان توجه عليه الاشكال ايضا (قوله: وذلك لوضوح) تعليل

١٢٥

ومواد القضايا انما هو بملاحظة ان نسبة هذا المحمول إلى ذلك الموضوع موجهة بأي جهة منها ومع أية منها في نفسها صادقة ؟ لا بملاحظة ثبوتها له واقعا أو عدم ثبوتها له كذلك والا كانت الجهة منحصرة بالضرورة ضرورة صيرورة الايجاب أو السلب بلحاظ الثبوت وعدمه واقعا ضروريا ويكون من باب الضرورة بشرط المحمول. (وبالجملة): الدعوى هو انقلاب مادة الامكان بالضرورة فيما ليست مادته واقعا في نفسه وبلا شرط غير الامكان وقد انقدح بذلك عدم نهوض ما أفاده (ره) بابطال الوجه الاول كما زعمه - قدس سره - فان لحوق مفهوم الشئ والذات لمصاديقهما انما يكون ضروريا مع اطلاقهما لا مطلقا ولا مع التقيد إلا بشرط تقيد المصاديق به ايضا وقد عرفت حال الشرط فافهم، ثم إنه

______________________________

لعدم صحة دعوى الانقلاب بمجرد أخذ المحمول شرطا في الموضوع، يعني: ان المراد من الممكنة وغيرها من القضايا المواجهة ما كانت نسبة المحمول إلى نفس الموضوع موجهة بجهتها المعينة من الامكان أو غيره من دون أخذ المحمول شرطا فيها، فأخذ المحمول شرطا يوجب خروجها عن كونها ممكنة (قوله: ومواد القضايا) المراد من مادة القضية كيفية النسبة الواقعية، ومن الجهة اللفظ الدال عليها كلفظ الضرورة والامكان وغيرهما (قوله: ثبوتها له) هذا التعبير جار على تعبير الفصول والا فالثبوت الواقعي وعدمه إنما يكونان معيارين للصدق والكذب لا لكون القضية ضرورية سلبية أو ايجابية بل المعيار في ذلك شرط الثبوت وشرط عدمه (قوله: وبلا شرط) يعني والانقلاب الذي ذكرناه انما هو بالشرط (قوله: عدم نهوض ما افاده) قال في الفصول بعد كلامه المتقدم -: ولا يذهب عليك انه يمكن التمسك بالبيان المذكور على ابطال الوجه الاول ايضا لان لحوق مفهوم الذات أو الشئ لمصاديقهما ايضا ضروري ولا وجه لتخصيصه بالوجه الثاني. انتهى، والمصنف (ره) لما حمل عبارته المتقدمة على ارادة شرط المحمول حمل هذه العبارة ايضا على ذلك فأورد عليها بما تقدم من أن

١٢٦

لو جعل التالى في الشرطية الثانية لزوم أخذ النوع في الفصل ضرورة أن مصداق الشئ الذي له النطق هو الانسان كان أليق بالشرطية الاولى بل كان الاولى لفساده

______________________________

الانقلاب إلى الضرورية بشرط المحمول وان كان صحيحا الا انه خارج عن محل الكلام، وحيث عرفت مراده مما سبق تعرف مراده هنا وان الانقلاب إلى الضرورية لا يختص باخذ المصداق بل يتم ولو اخذ مفهوم الشئ المقيد بالوصف المقيد بمادته الواقعية إذ يصدق الانسان شئ كاتب بالامكان بالضرورة لان الشئ الممكن له الكتابة ضروري الثبوت للانسان، لكنه سابقا ردد بين الايجاب الضروري والسلب الضروري لتردد الذات بين الواجدة للوصف الخاص والفاقدة له، وهنا عين الانقلاب إلى الايجاب الضروري لتعين كون الشئ واجدا للوصف المذكور، " وفيه " - مضافا إلى ما عرفت من خروجه عن محل الكلام - أن مفهوم الشئ مما لا يقبل الوصف المذكور فاللازم الانقلاب إلى الضرورية السالبة، اللهم إلا أن يقال: هذا الانقلاب مبني على صدق الممكنة مع أخذ الشئ في مفهوم المشتق المتوقف ذلك على البناء على اقتضاء مفهوم الشئ للكتابة بالامكان، ومنه يظهر أن أخذ مفهوم الشئ في المشتق يوجب بطلان جميع القضايا أو اكثرها إذ الاوصاف المحمولة فيها مما لا تثبت لمفهوم الشئ فتأمل جيدا (قوله: لو جعل التالي) أقول: يمكن جعل التالي في الشرطية الاولى قولنا: لزم عدم صحة التعبير عن مفهوم الناطق بموجود له النطق أو ذات لها النطق أو نحو ذلك، لمباينة هذه المفاهيم لمفهوم الشئ والتالي باطل، أو لزم دخول الامر الاعتباري في الفصل بناء على أن الشئ من المفاهيم الاعتبارية ودخول الاعتباري في الفصل أشكل من دخول العرضي فيه، أو قولنا: لكان اما داخلا في مفهوم المادة أو في مفهوم الهيئة أو في مفهوم المركب والتالي باطل باقسامه (أما الاول) فلان لازمه دخوله في مفهوم جميع المشتقات حتى الفعل والمصدر لوجود المادة فيها (وأما الثاني) فلان الهيئة موضوعة وضع الحروف للنسبة الخاصة (وأما الثالث) فلان لازمه خروجه عن كونه مشتقا بل يكون موضوعا وضع الجوامد بوضع واحد لمادته وهيئته (قوله: ضرورة أن مصداق)

١٢٧

مطلقا ولو لم يكن مثل الناطق بفصل حقيقي ضرورة بطلان أخذ الشئ في لازمه وخاصته فتأمل جيدا. ثم إنه يمكن أن يستدل على البساطة بضرورة عدم تكرار الموصوف في مثل: زيد كاتب، ولزومه من التركب وأخذ الشئ مصداقا أو مفهوما في مفهومه (إرشاد) لا يخفى أن معنى البساطة بحسب المفهوم وحدته إدراكا وتصورا بحيث لا يتصور عند تصوره إلا شئ واحد لا شيئان وان انحل بتعمل من العقل إلى شيئين كانحلال مفهوم الشجر أو الحجر إلى شئ له الحجرية أو الشجرية مع وضوح بساطة مفهومهما (وبالجملة): لا تنثلم بالانحلال إلى الاثنينية بالتعمل العقلي وحدة المعنى وبساطة المفهوم كما لا يخفى، والى ذلك يرجع الاجمال والتفصيل الفارقين بين المحدود والحد مع ما هما عليه من الاتحاد ذاتا فالعقل بالتعمل يحلل النوع ويفصله إلى جنس وفصل بعد ما كان أمرا واحدا ادراكا وشيئا فاردا تصورا فالتحليل يوجب فتق ما هو عليه من الجمع والرتق.

______________________________

*

مفهوم الشئ كمفهوم لفظ المفهوم حاك عن معنى يصدق على الكلي بعين صدقه على الجزئي ويحمل على كل منهما بالحمل الشائع فيقال: زيد شئ والانسان شئ والحيوان شئ... وهكذا، فجميع هذه الاشياء مصاديقه، فإذا جعل كناية عن المصداق فالمصداق المكنى به عنه، ان كان نفس الانسان في قولنا: الانسان ناطق، لزم دخول النوع في مفهوم الفصل، وان كان نفس الجنس لزم دخول الجنس في مفهوم الفصل، وان كان نفس الفرد الخارجي لزم دخوله في مفهوم الفصل... وهكذا، ومن هنا يظهر الاشكال في صحة الانقلاب إلى الضرورية لجواز أن يراد من المصداق غير ذات الموضوع بل مفهوم لا يأبى الاتحاد مع الذات. فتأمل جيدا (قوله: بضرورة عدم تكرار) هذه الضرورة غير ظاهرة بعد ما اشتهر وارتكز في الاذهان: أن معنى المشتق ذات لها المبدأ (قوله: البساطة بحسب المفهوم) يعني ان البساطة (تارة) تكون بحسب المفهوم فيراد بها كون حضور المفهوم حضورا لمعنى واحد في قبال المركب المفهوم

١٢٨

وهو الذي يكون حضوره حضورا للمتعدد (واخرى) تكون بحسب الحقيقة فيراد بها كون المفهوم الواحد بحيث لا ينحل إلى اثنين ولو بالتعمل العقلي ولو كانا جنسا وفصلا في قبال المركب بحسب الحقيقة وهو ما يمكن أن ينحل بنظر العقل وتعمله إلى اثنين، والبساطة بحسب الثاني أخص منها بحسب الاول فمفهوم الانسان بسيط بالمعنى الاول ومركب بالمعنى الثاني، كما أن مفهوم قولنا: حيوان ناطق، مركب بالمعنيين، ثم إن الظاهر من دليل الشريف كون مفهوم المشتق بسيطا بمعنى آخر وهو مجرد عدم دخول الذات فيه لا بالمعنى الاول والا فوضوح كونه كذلك يغني عن إقامة الدليل، وكذا ما ذكره المصنف (ره) في قوله: ويمكن ان يستدل.. الخ. فلاحظ " والذي " ينبغي ان يقال - جريا على المتفاهم عرفا من لفظ المشتق: انه مركب من مادة وهيئة فمادته المشتركة بين جميع المشتقات حاكية عن المعنى المشترك بينها المعبر عنه في لسان العرف بالعلم والضرب وغيرهما وان كان يأتي أنها ايضا مشتقات، الا أن الوجه في التعبير بها عنها كونها اقرب إلى اداء تلك المفاهيم المشتركة من عيرها من المشتقات (وهيئته) حاكية عن انتساب مادته إلى الموصوف وهذا الانتساب المحكي بالهيئة لما كان معنى حرفيا لا يتصور الا بتصور طرفيه كانت الهيئة حاكية عن الذات فالذات ليست داخلة في معنى المشتق وانما تفهم لتكون مقومة لمعناه الملحوظ تبعا لها ودلالته عليها اشبه بالدلالة الالتزامية وهذا هو المطابق للارتكاز العرفي، ومنه يظهر أن الفعل ايضا لا يخلو من الدلالة على الذات لعين الوجه المذكور وان اختلف مع المشتق في كيفية الدلالة من جهة أخرى يأتي الاشارة إليها في التنبيه الآتي انشاء الله، ثم لما كان الاحتياج إلى الذات في الدلالة من الجهة المذكورة وكان يكفي في تقوم النسبة كل أمر ولو كان مبهما لم يفهم من المشتق الا أمر مبهم فيصح ان يعبر عنه بذات لها الوصف وشئ له الوصف وغيرهما، كما اشرنا إلى ذلك سابقا والله سبحانه أعلم.

١٢٩

(الثاني)

الفرق بين المشتق ومبدئه

مفهوما أنه بمفهومه لا يأبى عن الحمل على ما تلبس بالمبدأ ولا يعصي عن الجري عليه لما هما عليه من نحو من الاتحاد بخلاف المبدأ فانه بمعناه يأبى عن ذلك بل إذا قيس ونسب إليه كان غيره لا هو هو، وملاك الحمل والجري انما هو نحو من الاتحاد والهوهوية، والى هذا يرجع ما ذكره أهل المعقول في الفرق بينهما من أن المشتق يكون لا بشرط والمبدأ يكون بشرط (لا) أي يكون مفهوم المشتق غير آب عن الحمل ومفهوم المبدأ يكون آبيا عنه: وصاحب الفصول (ره) حيث توهم ان مرادهم انما هو بيان التفرقة بهذين الاعتبارين

______________________________

التنبيه الثاني (الفرق بين المشتق ومبدئه) (قوله: الفرق بين المشتق ومبدئه) إعلم ان هنا اشكالا وهو أن المشتق إذا كان بمادته للمبدأ وبهيئته للنسبة كيف صح حمله على الذات مع انه لا يصح حمل المبدأ عليها إذ كما لا يصح حمل المبدأ عليها ينبغي أن لا يصح حمل المبدأ المنتسب، وقد دفع المصنف (ره) الاشكال بنحو لا يخلو عن اجمال واشكال فقال: الفرق بين المبدأ والمشتق ان المبدأ مفهومه لا يقبل الحمل على الذات بل يأبى الجري عليها وليس كذلك مفهوم المشتق فانه يقبل الحمل والجري ثم بين الوجه في الفرق المذكور وهو أن مفهوم المشتق متحد مع الذات في الوجود نحوا من الاتحاد ومفهوم المبدأ ليس كذلك، وحيث ان المعيار في صحة الحمل هو الاتحاد في الوجود أمكن حمل مفهوم المشتق على الذات ولم يمكن حمل مفهوم المبدأ عليها (قوله: وصاحب الفصول) قال فيه: زعم جماعة من أهل المعقول أن الفرق بين المشتق ومبدئه هو الفرق بين الشئ لا بشرط وبينه بشرط لا فحدث الضرب ان اعتبر بشرط لا كان مدلولا للفظ الضرب وامتنع حمله على الذات الموصوفة به وان اعتبر لا بشرط كان مدلولا للفظ الضارب وصح حمله عليها وعلى هذا القياس

١٣٠

بلحاظ الطوارئ والعوارض الخارجية مع حفظ مفهوم واحد أورد عليهم بعدم استقامة الفرق بذلك لاجل امتناع حمل العلم والحركة على الذات وإن اعتبرا لا بشرط وغفل عن ان المراد ما ذكرنا كما يظهر منهم

______________________________

فجعلوا الفرق بين العرض والعرضي كالفرق بين الهيولى والجنس وبين الصورة والفصل، وهذا عندي غير مستقيم... إلى أن قال: إذا تبين عندك هذا فنقول أخذ العرض لا بشرط لا يصحح حمله على موضوعه... إلى أن قال: فيمتنع حمل العلم والحركة عليه وان اعتبرا لا بشرط. انتهى (قوله: بلحاظ الطوارئ والعوارض) اعتبارات الماهية الثلاثة اعني لا بشرط وبشرط شئ وبشرط لا (تارة) تكون بلحاظ الخارج كما يقال: الماء لا بشرط أو بشرط البرودة أو بشرط عدم الحرارة رافع للعطش (وأخرى) تكون بلحاظ الاعتبار فيكون معنى بشرط شئ: الشئ الملحوظ معه شئ، ومعنى بشرط لا الشئ الملحوظ وحده، ومعنى لا بشرط: الشئ الملحوظ مع تجويز كونه وحده ولا وحده، قال الشيخ الرئيس: إن الماهية قد تؤخذ بشرط لا شئ بأن يتصور معناها بشرط أن يكون ذلك المعنى وحده بحيث يكون كل ما قارنه زائدا عليه فيكون جزءا لذلك المجموع مادة له متقدما عليه في الوجودين فيمتنع حمله على المجموع لانتقاء شرط الحمل وهو الاتحاد في الوجود، وقد تؤخذ لا بشرط بأن يتصور معناها مع تجويز كونه وحده وكونه لا وحده بأن يقترن مع شئ آخر فيحمل على المجموع وعلى نفسه وحده... الخ " وحاصل " اشكال المصنف (ره) على الفصول: ان المراد من لا بشرط وبشرط لا المذكورين في الفرق بين المشتق ومبدئه ليس معناهما الجاري على الاصطلاح الاول ولا الاصطلاح الثاني بل المراد منهما الاشارة إلى اختلاف نفس المفهومين بنحو يكون أحدهما متحدا مع الذات وصالحا للحمل عليها والآخر ليس كذلك (أقول): هذا خلاف ظاهر العبارة المحكية عنهم (قوله: مع حفظ مفهوم واحد) يعني مع كون مرادهم أن

١٣١

من بيان الفرق بين الجنس والفصل وبين المادة والصورة فراجع. (الثالث): ملاك الحمل كما أشرنا إليه

______________________________

المفهوم متعدد من غير جهة الاعتبارين (قوله: من بيان الفرق بين الجنس.. الخ) حيث فرقوا بين الجنس والمادة بأن الجنس كالحيوان مأخوذ لا بشرط فصح حمله، والمادة مأخوذة بشرط لا فلا يصح حملها، وكذا الفصل والصورة (اقول) الظاهر من من كلماتهم هو ما فهمه في الفصول قال المحقق السبزواري في شرح قوله:

جنس وفصل لا بشرط حملا

فمدة وصورة بشرط لا

: وفيه اشارة إلى أن كلا من هاتين مع كل من هذين متحد ذاتا مختلف اعتبارا، (وقال) القوشجي في كلام له في الفرق بين الاصطلاحين: ولذلك يقال: الجنس بشرط شئ هو عين النوع فالحيوان بشرط الناطق هو عين الانسان وبشرط الصاهل عين الفرس وهكذا وليس معنى اخذه هاهنا بشرط لا شئ أن يكون مجردا عن كل شئ على ما ذكر في الماهية المجردة بل معناه أن يؤخذ من حيث أنه قد انضم إليه شئ خارج عنه وقد حصل منهما أمر ثالث وبهذا الاعتبار يكون كل واحد منهما جزءا له وجزء الشئ من حيث هو جزء له لا يكون محمولا عليه مواطاة إذ لا يصح أن يقال: هذا الكل هو هذا الجزء فلذلك قيل: الحيوان بشرط لا شئ جزء ومادة لما تركب منه وغير محمول عليه... إلى أن قال: أما اخذ الحيوان لا بشرط شئ فهو أن يعتبر من حيث هو من غير أن يتعرض لشئ آخر أي لا يؤخذ معه شئ من حيث هو داخل فيه ولا من حيث انه خارج عنه ينضم إليه بل يؤخذ من حيث هو فيكون صالحا لكل واحد من الاعتبارين ويكون محمولا على الانواع المندرجة تحته، وقس على ذلك حال الناطق وكذا حال غيرهما من الاجزاء المحمولة على الماهيات. انتهى، فان ظاهر هذين الكلامين - مضافا إلى المحكي عن الشيخ سابقا - يعطى ما ذكره في الفصول لا غيره " وكيف كان " فالظاهر أن الفارق بين المشتق ومبدئه أن المبدأ حاك عن المعنى المنحاز عن الذات في مقام اللحاظ الذي لو نسب إلى الذات كانت نسبته إليها نسبة الصادر إلى المصدور عنه والمضاف

١٣٢

هو الهوهوية والاتحاد من وجه والمغايرة من وجه آخر كما يكون بين المشتقات والذوات ولا يعتبر معه ملاحظة التركيب بين المتغايرين واعتبار كون مجموعهما بما هو كذلك واحدا،

______________________________

إلى المضاف إليه والمشتق بهيئته يحكي عن مبدأ منتسب إلى الذات نسبة العنوان إلى المعنون بحيث يكون للذات نحو جلوة في مقام اللحاظ يرى بها المبدأ طورا من اطوارها فيكون مؤدى المشتق ذاتا لها القيام لا قيام صادر عن الذات فيرجع حمل المشتق على الذات إلى حمل الذات على الذات لا حمل العرض على معروضه هذا هو المطابق للمرتكزات العرفية والله سبحانه أعلم التنبيه

الثالث

(قوله: هو الهوهوية والاتحاد) إذ مع الاتحاد من جميع الجهات لا اثنينية ليصح الحمل الذي هو نسبة بين شيئين كما انه مع المغايرة من جميع الجهات يكون الحمل بينهما حكما بوحدة الاثنين ومنه يظهر ان هذا مختص بالحمل الايجابي أما السلبي فلا مانع من مغايرة طرفيه من جميع الجهات (قوله: كما يكون بين المشتقات) قد عرفت المصحح لحمل المشتقات على الذوات الموجب لاتحاد مؤدياتها مع الموضوعات في ظرف الحمل واوضح منه حمل النوع على افراده كحمل الانسان على زيد وحمل كل من الجنس والفصل على النوع وان كان منشأ اعتبار احدهما غير منشأ اعتبار الآخر واقعا كما ان منشأ اعتبار تحصص الحصص الافرادية غير منشأ اعتبار الكلي إلا انه لما لم يمنع ذلك من كون المحمول فيها عنوانا للموضوع صح الحمل (قوله: ولا يعتبر معه ملاحظة) قال في الفصول بعد تحقيق ما يعتبر في صحة حمل المتغايرات: فقد تحقق مما قررنا ان حمل احد المتغايرين بالوجود على الآخر بالقياس إلى ظرف التغاير لا يصح الا بشروط ثلاثة، أخذ المجموع من حيث المجموع واخذ الاجزاء لا بشرط، واعتبار الحمل بالنسبة إلى المجموع من حيث المجموع، إذا تبين عندك هذا فنقول: اخذ العرض لا بشرط لا يصحح حمله على موضوعه ما لم يعتبر المجموع المركب منهما شيئا واحدا ويعتبر الحمل بالقياس إليه،

١٣٣

ولا خفاء في أنا إذا قلنا: زيد عالم أو متحرك لم نرد بزيد المركب من الذات وصفة العلم أو الحركة وانما نريد به الذات وحدها فيمتنع حمل العلم والحركة عليه وان اعتبر لا بشرط بل التحقيق ان مفاد الهيئة مفاد (ذو) ولا فرق بين قولنا: ذو بياض وقولنا: ذو مال، فكما ان المال إن اعتبر لا بشرط لا يصح حمله على صاحبه كذلك البياض... الخ وقد اورد المصنف (ره) عليه بانه مع تحقق الاتحاد من وجه لا يعتبر في صحة الحمل ملاحظة المجموع امرا واحدا مع ان ذلك يوجب المغايرة بين الموضوع والمحمول بالكلية والجزئية لان الكلية قائمة بالمجموع فيكون الحمل حملا للجزء على الكل مضافا إلى صحة الحمل في القضايا الحملية مع عدم ملاحظة المجموع فيها امرا واحدا فان الموضوع في قولنا: زيد قائم، نفس زيد بلا ملاحظة المجموع منه ومن القيام (اقول): ظاهر كلام المصنف (ره) لا يخلو من اشكال من جهة ان ما ذكره في الفصول من التحقيق إنما كان في تحقيق الاتحاد المعتبر في صحة حمل المتغايرات وجودا بعضها على بعض لا في مطلق الحمل زائدا على اعتبار الاتحاد ومنه يظهر انه لا مجال للاشكال عليه بعدم ملاحظة التركيب في التحديدات وسائر القضايا العرفية فان الحمل فيها ليس من حمل احد المتغايرين على الاخر، واما لزوم المغايرة بالكلية والجزئية فهو غير ظاهر أيضا إذ هو انما يتم لو اخذ الجزء بشرط لا لا ما لو اخذ لا بشرط فان الجزء لا بشرط عين الكل وقد صرح في الفصول أيضا باعتبار لا بشرط في الجزء المحمول. نعم يمكن الاشكال عليه بأنه يكفي في صحة الحمل بين المتغايرين ملاحظة كل منهما لا بشرط ولا يحتاج إلى ملاحظة التركيب في الموضوع الراجع إلى ملاحظته بشرط الآخر مثلا كل من زيد وعمرو إذا كان بشرط لا الاعتباري امتنع حمله على الآخر لمباينته له خارجا وإذا لوحظ كل منهما مع الآخر صح الحمل بينهما لتحقق الاتحاد إذ زيد وعمرو عمرو وزيد بالضرورة فإذا لوحظ احدهما لا بشرط صح حمله على الآخر بشرط كما ذكره في الفصول وتقدم في كلام الشيخ الرئيس لان بشرط شئ اخص من لا بشرط وصحة حمل الاخص تستدعي صحة حمل الاعم في الجملة ولازم دلك جواز حمل كل منهما على الآخر أيضا لو اخذا

١٣٤

بل يكون لحاظ ذلك مخلا لاستلزامه المغايرة بالجزئية والكلية، ومن الواضح أن ملاك الحمل لحاظ بنحو الاتحاد بين الموضوع والمحمول مع وضوح عدم لحاظ ذلك في التحديدات وسائر القضايا في طرف الموضوعات بل لا يلحظ في طرفها الا نفس معانيها كما هو الحال في طرف المحمولات ولا يكون حملها عليها إلا بملاحظة ما هما عليه من نحو من الاتحاد مع ما هما عليه من المغايرة ولو بنحو من الاعتبار، فانقدح بذلك فساد ما جعله في الفصول تحقيقا للمقام، وفى كلامه موارد للنظر تظهر بالتأمل وإمعان النظر

______________________________

معا لا بشرط والمتحصل من ذلك ان صحة حمل احد المتغايرين على الآخر تتوقف على عدم اعتبار احدهما بشرط لا لا غير، ثم انه ينبغي ان يراد من المتغايرين في الخارج ما يعم مثل زيد وعمرو ومثل نقطتين من خط واحد فانه لا يجوز حمل احداهما على الاخرى الا مع عدم ملاحظتهما بشرط لا والله سبحانه اعلم (قوله: لاستلزامه المغايرة) يعنى والمغايرة كذلك مانعة من صحة الحمل (قوله: بنحو الاتحاد) يعني في الظرف الذي يكون الحمل بالقياس إليه من ذهن أو خارج كما في الفصول (قوله: لحاظ ذلك) يعني ملاحظة المجموع امرا واحدا (قوله: في التحديدات) يعني التعريفات مثل الانسان حيوان ناطق (قوله: في طرف) متعلق بلحاظ (قوله: المحمولات) يعني مع اعتراف الفصول بعدم ملاحظة التركيب فيها (قوله: موارد للنظر) لعل (أحدها) جعله الناطق والحساس من قبيل المتغايرين اعتبارا المتحدين حقيقة مع ان التغاير بينهما بحسب المفهوم فتأمل (وثانيها) جعله حمل كل واحد من الاجراء على الكل من الحمل بين المتغايرين حقيقة المتحدين اعتبارا مع أنهما من المتحدين حقيقة ايضا بالتقريب الذي ذكره (وثالثها) دعواه كون الانسان مركبا من البدن والنفس وقد قيل انه لم يتوهمه احد فتأمل (ورابعها) ما يظهر من كلامه من عدم الفرق بين الجسم والبدن، وبين النفس والناطق، الا باعتبار لا بشرط، وبشرط لا مع أن الاوليين اعم من الاخرين مفهوما فتأمل

١٣٥

(الرابع)

لا ريب في كفاية مغايرة المبدأ مع ما يجرى المشتق عليه مفهوما وان اتحدا عينا وخارجا فصدق الصفات مثل العالم والقادر والرحيم والكريم... إلى غير ذلك من صفات الكمال والجلال عليه تعالى على ما ذهب إليه أهل الحق من عينية صفاته يكون على الحقيقة فان المبدأ فيها وان كان عين ذاته تعالى خارجا الا انه غير ذاته تعالى مفهوما (ومنه) قد انقدح ما في الفصول من الالتزام بالنقل أو التجوز في الفاظ الصفات الجارية عليه تعالى - بناء على الحق من العينية - لعدم المغايرة المعتبرة بالاتفاق، وذلك لما عرفت من كفاية المغايرة مفهوما ولا اتفاق على اعتبار غيرها ان لم نقل بحصول الاتفاق على عدم اعتباره كما لا يخفى وقد عرفت ثبوت المغايرة كذلك بين الذات ومبادئ الصفات

______________________________

*

التنبيه الرابع (قوله: في كفاية مغايرة) يعني في صحة الجري. ثم الظاهر من كلمات الاشاعرة ابتناء اعتبار المغايرة خارجا بين المبدأ والذات على اعتبار قيام المبدأ في صدق المشتق فانهم استنتجوا امورا منها زيادة الصفات على الذات فكان الانسب جعل هذا التنبيه من متعلقات التنبيه الآتي ومما ذكرنا يظهر عدم تأتي دعوى الاتفاق على عدم اعتبار المغايرة عينا كما قد يشعر به قوله: ان لم نقل بحصول الاتفاق... الخ (قوله: من عينية صفاته) بحيث تكون ذاته المقدسة بما هي مصداق لكل واحدة من الصفات بلا تعدد ولو بالحيثية (قوله: المعتبرة بالاتفاق) قال في الفصول: إذ الظاهر اطباق الفريقين على ان المبدأ لابد ان يكون مغايرا لذي المبدأ وانما اختلفوا في وجوب قيامه به وعدمه، فالوجه التزام وقوع النقل في تلك الالفاظ بالنسبة إليه تعالى.

١٣٦

(الخامس)

انه وقع الخلاف - وبعد الاتفاق على اعتبار المغايرة كما عرفت بين المبدأ وما يجرى عليه المشتق - في اعتبار قيام المبدأ به في صدقه على نحو الحقيقة وقد استدل من قال بعدم الاعتبار بصدق الضارب والمؤلم مع قيام الضرب والالم بالمضروب والمؤلم - بالفتح - والتحقيق أنه لا ينبغى أن يرتاب من كان من أولي الالباب في أنه يعتبر في صدق المشتق على الذات وجريه عليها من التلبس بالمبدأ بنحو خاص على اختلاف انحائه الناشئة من اختلاف المواد تارة واختلاف الهيئات أخرى من القيام صدورا أو حلولا أو وقوعا عليه أو فيه أو انتزاعه عنه مفهوما مع اتحاده معه خارجا كما في صفاته تعالى - على ما أشرنا إليه آنفا - أو مع عدم تحقق الا للمنتزع عنه كما في الاضافات والاعتبارات التى لا تحقق لها ولا يكون بحذائها في الخارج شئ وتكون من الخارج المحمول لا المحمول بالضميمة، ففى صفاته الجارية عليه تعالى يكون المبدأ مغايرا له تعالى مفهوما وقائما به عينا لكنه بنحو من القيام لا بأن يكون هناك اثنينية وكان ما بحذائه غير الذات بل بنحو الاتحاد والعينية وكان ما بحذائه عين الذات (وعدم) اطلاع العرف على مثل هذا التلبس من الامور الخفية (لا يضر) بصدقها عليه تعالى على نحو الحقيقة إذا كان لها مفهوم صادق عليه تعالى حقيقة ولو بتأمل وتعمل من العقل (والعرف) إنما يكون مرجعا في تعيين المفاهيم لا في تطبيقها على مصاديقها و (بالجملة) يكون مثل العالم والعادل وغيرهما من الصفات الجارية عليه تعالى وعلى غيره جارية عليهما بمفهوم واحد ومعنى فارد وان اختلفا فيما

______________________________

التنبيه الخامس (قوله: اختلاف المواد) كضارب وجائع (قوله: واختلاف الهيئات) مثل ذاهب ومذهب وضارب ومضروب (قوله: في الاضافات والاعتبارات) كالزوجية والملكية (قوله: مثل هذا التلبس) يعني الذي هو بنحو العينية

١٣٧

يعتبر في الجري من الاتحاد وكيفية التلبس بالمبدأ حيث انه بنحو العينية فيه تعالى وبنحو الحلول أو الصدور في غيره (فلا وجه) لما التزم به في الفصول من نقل الصفات الجارية عليه تعالى عما هي عليها من المعنى كما لا يخفى كيف ولو كانت بغير معانيها العامة جارية عليه تعالى كانت صرف لقلقة لسان والفاظ بلا معنى، فان غير تلك المفاهيم العامة الجارية على غيره تعالى غير مفهوم ولا معلوم إلا بما يقابلها ففى مثل مااذا قلنا: انه تعالى عالم، إما أن يعني أنه من ينكشف لديه الشئ فهو ذاك المعنى العام، أو أنه مصداق لما يقابل ذاك المعنى فتعالى عن ذلك علوا كبيرا، وإما أن لا يعني شيئا فتكون كما قلناه من كونها صرف اللقلقة وكونها بلا معنى كما لا يخفى (والعجب) أنه جعل ذلك علة لعدم صدقها في حق غيره وهو كما ترى وبالتأمل فيما ذكرنا ظهر الخلل فيما استدل من الجانبين

______________________________

*

فان عدم احاطة العرف به الموجب لعدم تطبيق المشتق بلحاظ لا يقدح في كون التطبيق بلحاظه حقيقيا واقعا لان المعيار في الحقيقة كون الصدق ولو عقليا بلحاظ مفهوم اللفظ عرفا فالعرف مرجع في تحديد المفهوم لا في تحديد المصداق (قوله: صرف لقلقة) هذا انما يلزم لو كان مراد الفصول التصرف في المادة بالنقل أو التجوز أما لو كان بالهيئة لا غير فلا يلزم ذلك ولا يظن من الفصول احتمال التصرف في المادة فضلا عن دعواه فلتلحظ عبارته السابقة (قوله: فهو ذلك المعنى العام) يعني فيكون حقيقة بلا نقل ولا تجوز لكن عرفت ان المراد من العالم مثلا من ينكشف لديه الشئ انكشافا بعين ذاته لا بغيره كما هو المفهوم عرفا فلا يكون حقيقة (قوله: انه جعل) حيث قال بعد كلامه المتقدم: ولهذا لا تصدق في حق غيره، لكن مراده انها لا تصدق في حق غيره بالنحو الذي تصدق به في حقه سبحانه (قوله: كما ترى) يعني لوضوح انها تصدق في حق غيره أيضا

١٣٨

والمحاكمة بين الطرفين فتأمل

(السادس)

الظاهر أنه لا يعتبر في صدق المشتق وجريه على الذات حقيقة التلبس بالمبدأ حقيقة وبلا واسطة في العروض كما في الماء الجارى، بل يكفى التلبس به ولو مجازا ومع هذه الواسطة كما في الميزاب الجارى فاسناد الجريان إلى الميزاب وان كان إسنادا إلى غير ما هو له وبالمجاز إلا أنه في الاسناد لا في الكلمة، فالمشتق في مثل المثال بما هو مشتق قد استعمل في معناه الحقيقي وان كان مبدؤه مسندا إلى الميزاب بالاسناد المجازى ولا منافاة بينهما اصلا كما لا يخفى، ولكن ظاهر الفصول بل صريحه اعتبار الاسناد الحقيقي في صدق المشتق حقيقة

______________________________

التنبيه السادس (قوله: والمحاكمة بين) يعني إن اراد من يدعي اعتبار قيام المبدأ بالذات ما يعم القيام بنحو العينية فهو في محله وإن اراد ما لا يعمه ففيه المنع (قوله: لا يعتبر في صدق المشتق) لفظ المشتق تارة يستعمل في المفهوم واخرى في المصداق كقولك جاءني عالم تريد زيدا (والاول) تارة يكون موضوعا كقولنا العالم من تلبس بالعلم واخرى محمولا كما يقال زيد عالم ثم إن الذات المجرى عليها المشتق في الاول والمحمول عليها في الثاني ان كانت متلبسة بالمبدأ حقيقة فلا اشكال في كون استعمال المشتق حقيقة وان لم تكن متلبسة به حقيقة فاجراء المشتق أو حمله عليها بما له من المعنى الحقيقي لا يمكن ان يكون حقيقة بل لا بد من التصرف في لفظه بأن يراد منه معنى مجازي أو في اسناده بادعاء كون الذات مصداقا لمفهومه كما يراه السكاكي في باب الاستعارة وحينئذ فيصح أن يقال لا يعتبر في استعمال لفظ المشتق حقيقة تلبس الذات بالمبدأ حقيقة لامكان استعماله حقيقة مع التصرف في جريه وحمله وهذا ظاهر جدا (قوله: في الميزاب الجاري) إذ الجريان ليس قائما بالميزاب بل بالماء لكن في كون الماء من الواسطة في العروض تأملا عرفته سابقا (قوله: ولا منافاة)

١٣٩

وكأنه من باب الخلط بين المجاز في الاسناد والمجاز في الكلمة. قد انتهى هاهنا محل الكلام بين الاعلام والحمد لله وهو خير ختام المقصد الاول في الاوامر وفيه فصول (الاول) فيما يتعلق بمادة الامر من الجهات وهي عديدة (الاولى) أنه قد ذكر للفظ الامر معاني متعددة، منها (الطلب) كما يقال: أمره بكذا، ومنها " الشأن " كما يقال: شغله أمر كذا، ومنها " الفعل " كما في قوله تعال: (وما أمر فرعون برشيد) ومنها " الفعل العجيب " كما في قوله تعالى: " فلما جاء أمرنا " ومنها " الشئ " كما تقول: رأيت اليوم أمرا عجيبا، ومنها " الحادثة " ومنها " الغرض " كما تقول: جاء زيد لامر كذا، ولا يخفى أن عد بعضها من معانيه من اشتباه المصداق بالمفهوم

______________________________

إذ قد عرفت ان الاستعارة عند السكاكي من هذا القبيل (قوله: وكأنه من باب الخلط) هذا يتم لو اراد الفصول من صدق المشتق استعمال لفظه اما لو اراد حمله وجريه كما هو الظاهر منه فلا اشكال عليه ولا خلط منه بل ينبغى توجه الاشكال على المصنف (ره) حيث صدر العنوان بقوله: لا يعتبر في صدق المشتق وجريه على الذات... الخ فان التزامه (ره) بكون التجوز في الاسناد في المثال المذكور لا في الكلمة التزام منه باعتبار التلبس حقيقة في كون الجري حقيقة فلاحظ والحمد لله رب العالمين كما هو اهله

المقصد الاول في الاوامر

(قوله: منها الطلب) الطلب عرفا هو السعي نحو الشئ كما يظهر من ملاحظة موارد استعماله مثل طلب الماء والغريم والضالة، وقوله عليه السلام اطلبوا العلم ولو بالصين، ونحوها قول الشريف الرضي (ره):

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571