حقائق الاصول الجزء ١

حقائق الاصول0%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 571

حقائق الاصول

مؤلف: السيد محسن الطباطبائى الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 571
المشاهدات: 201825
تحميل: 4735


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 201825 / تحميل: 4735
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء 1

مؤلف:
العربية

على معناها من الاخبار بثبوت النسبة والحكاية عن وقوعها الظاهر الاول، بل يكون أظهر من الصيغة، ولكنه لا يخفى أنه ليست الجمل الخبرية الواقعة في ذلك المقام " أي الطلب " مستعملة في غير معناها بل تكون مستعملة فيه الا أنه ليس بداعي الاعلام بل بداعي البعث بنحو أءكد

______________________________

*

تكفي القرينة بالعموم كما لعله كذلك في مثل قاعدة الحرج والضرر ونحوهما مما كان مخصصا لكثير من العمومات بلسان الحكومة وقد يكون بغير ذلك ايضا. (قوله: على معناها من الاخبار) قد تقدم أن الاخبار والانشاء من طوارئ الاستعمال لا من قيود المعنى المستعمل فيه وحينئذ فاستعمال هذه الجمل في الانشاء لا الاخبار ليس استعمالا لها في غير معناها. نعم يبقى الاشكال في أنه لو استعملت في الانشاء كيف تكون لانشاء الطلب - مع أن الطلب ليس معنى للمادة إذ مادة (يعيد) و (يتوضأ) الاعادة والوضوء وليس معنى للهيئة لما عرفت من أنه ليس معنى نسبيا، وكون معنى الهيئة النسبة الطلبية كما في هيئة (افعل) على المشهور غير ممكن بشهادة عدم دلالة الهيئة على النسبة المذكورة عند استعمالها خبرا " فالتحقيق " أنها لو استعملت إنشاء فهي لانشاء النسبة الصدورية ادعاء نظير إنشاء النسبة الحملية في قول المولى لعبده: انت حر، و: زوجتي طالق، وهذا الانشاء لما كان مظهرا للارادة كان موجبا للبعث، ومنه - بضميمة عدم ثبوت الترخيص - ينتزع عنوان الوجوب في نظر العقلاء (قوله: الظاهر الاول) يعني أنها ظاهرة في الوجوب (قوله: معناها) يعني الاخبار لكن عرفت التأمل فيه (قوله: مستعملة فيه) يعني مستعملة في الخبر لكن لا يبعد انها مستعملة في معناها بقصد انشائه ادعاء، ويحتمل ان يكون بقصد الاخبار عنه ادعاء لا حقيقة فلا يتوجه الاشكال الآتي (قوله: الا انه ليس بداعي) يعني أن الاخبار عن شئ قد يكون المقصود منه إعلام المخاطب بمضمونه كما في غالب الجمل الخبرية، وقد يكون المقصود

١٦١

حيث أنه أخبر بوقوع مطلوبه في مقام طلبه إظهارا بأنه لا يرضى إلا بوقوعه فيكون أءكد في البعث من الصيغة كما هو الحال في الصيغ الانشائية على ما عرفت من أنها أبدا تستعمل في معانيها الايقاعية لكن بدواع أخر كما مر (لا يقال): كيف ويلزم الكذب كثيرا لكثرة عدم وقوع المطلوب كذلك في الخارج تعالى الله وأولياؤه عن ذلك علوا كبيرا (فانه يقال): إنما يلزم الكذب إذا أتي بها بداعي الاخبار والاعلام لا لداعي البعث، كيف وإلا يلزم الكذب في غالب الكنايات فمثل: زيد كثير الرماد، أو مهزول الفصيل، لا يكون كذبا إذا قيل كناية عن وجوده ولو لم يكن له رماد وفصيل أصلا، وإنما يكون كذبا إذا لم يكن بجواد فيكون الطلب بالخبر في مقام التأكيد أبلغ فانه مقال بمقتضى الحال. هذا

______________________________

إعلامه بأن المخبر عالم بمضمون الخبر كما في قولك: قد حفظت القرآن، وقد يكون المقصود إعلامه بالارادة وعدم الرضا بالترك ليترتب عليه البعث كما في الامثلة المتقدمة فلا تكون مجازا بل حقيقة لانها مستعملة في الاخبار عن الغسل والوضوء والاعادة بداعي البعث لا بداعي الاعلام (قوله: حيث انه اخبر) تعليل لكونه أءكد في الاخبار عن الطلب، ووجه ما ذكره أن الوقوع يلازم الطلب غير المزاحم بالدواعي الشهوية، فيدل الوقوع على ثبوت الطلب المذكور فضلا عن أصل الطلب (قوله: كما هو الحال) تمثيل لاستعمالها في الاخبار لغير داعي الاعلام (قوله: كيف ويلزم) يعني لو كانت مستعملة في الاخبار لا الانشاء يلزم الكذب لعدم تحقق المخبر عنه غالبا (قوله: إذا أتي بها بداعي) يعني أن الكذب والصدق ليسا من صفات مطلق الخبر بل خصوص الخبر المقصود به الاعلام فإذا فرض أن الجمل المذكورة لم يقصد منها الاعلام فلا تتصف بالكذب ليلزم من حملها على الخبر الكذب الممتنع " أقول ": هذا خلاف ظاهرهم من حصر الخبر في الصادق والكاذب ومن تعريف كل من الصدق والكذب فراجع، (قوله: في غالب الكنايات) المعنى المكنى به في الكنايات لم يقصد الاخبار

١٦٢

مع أنه إذا أتي بها في مقام البيان فمقدمات الحكمة مقتضية لحملها على الوجوب فان تلك النكتة ان لم تكن موجبة لظهورها فيه فلا أقل من كونها موجبة لتعينه من بين محتملات ما هو بصدده فان شدة مناسبة الاخبار بالوقوع مع الوجوب موجبة لتعين ارادته إذا كان بصدد البيان مع عدم نصب قرينة خاصة على غيره (فافهم) (المبحث الرابع) انه إذا سلم أن الصيغة لا تكون حقيقة في الوجوب هل لا تكون ظاهرة فيه أيضا أو تكون ؟ قيل بظهورها فيه إما لغلبة الاستعمال فيه أو لغلبة وجوده

______________________________

عنه ولا الحكاية بل المقصود فيها الاخبار والحكاية عن المعنى المكنى عنه فالكلام الكنائي بالنسبة إلى المعنى المكنى به لا إخبار ولا انشاء بل محض استعمال لفظ في معناه لينتقل إلى لازمه فلا يتصف بالصدق والكذب وبالنسبة إلى المكنى عنه خبر يتصف بالصدق والكذب فلا مجال للاستشهاد على المقام بباب الكنايات، ولعل مقصود المصنف (ره) من كون الجمل المذكورة مستعملة في الاخبار أنها مستعملة في معانيها بلا قصد الاخبار نظير باب الكنايات فلا يرد عليه الاشكال. نعم إذا كانت الجمل موضوعة للاخبار فليس استعمالها كذلك استعمالا لها في الاخبار فلا يتم كونها حقيقة (قوله: مع أنه إذا أتي) يعني أنه لو بني على عدم اقتضاء ما ذكرناه ظهور الجملة في الوجوب فلا أقل من كونها صالحة لان يعتمد عليها في تفهيم الوجوب فإذا وردت الجملة في مقام البيان ودار الامر بين الوجوب والندب وجب أن يحمل الكلام على ارادة تفهيم الوجوب اعتمادا على تلك الجهة الصالحة للاعتماد عليها في تفهيمه إذ لو أراد المتكلم تفهيم الندب كان بلا قرينة ولو لم يرد تفهيم أحدهما بعينه كان خلفا لان المفروض كونه في مقام تفهيم أحدهما (قوله: غيره فافهم) يمكن أن يكون اشارة إلى ما عرفت من أن الوجوب منتزع من الطلب وعدم الترخيص في تركه وأنه يكفي في الحكم بعدم الترخيص مجرد عدم ثبوت الترخيص (قوله: إما لغلبة الاستعمال) يعني ولو مع قلة الوجود بدعوى تكرر الاستعمال في الوجوب للتأكيد (قوله: أو لغلبة وجوده) يعني ولو مع قلة الاستعمال

١٦٣

أو أكمليته، والكل - كما ترى - ضرورة أن الاستعمال في الندب وكذا وجوده ليس بأقل لو لم يكن بأكثر، وأما الاكملية فغير موجبة للظهور إذ الظهور لا يكاد يكون الا لشدة أنس اللفظ بالمعنى بحيث يصير وجها له ومجرد الاكملية لا يوجبه كما لا يخفى (نعم) فيما كان الآمر بصدد البيان فقضية مقدمات الحكمة هو الحمل على الوجوب فان الندب كأنه يحتاج إلى مؤنة بيان التحديد والتقييد بعدم المنع من الترك بخلاف الوجوب فانه لا تحديد فيه للطلب ولا تقييد فاطلاق اللفظ وعدم تقييده مع كون المطلق في مقام البيان كاف في بيانه فافهم (المبحث الخامس)

______________________________

بأن يكون الندب مع قلة وجوده يكون استعمال الصيغة فيه أكثر للتأكيد (قوله: أو أكمليته) هذا مبني على ما هو المشهور بين المتأخرين من أن المايز بين الوجوب والاستحباب هو المايز بين الضعيف والقوي لان الوجوب هو الطلب الاكيد والاستحباب هو الطلب الضعيف، لكن عرفت ان ليس المايز بينهما إلا الترخيص في المخالفة وعدمه فالطلب غير المرخص في مخالفته منتزع منه الوجوب عقلا والطلب المرخص في مخالفته منتزع منه الاستحباب كذلك فالطلب الحقيقي وان كان ذا مراتب مختلفة متفاوتة بتفاوت الدواعي في القوة والضعف إلا أن الضعيف منه ينتزع الوجوب عقلا من مقام إظهاره إذا لم يكن ترخيص في مخالفته ومجرد ضعفه لا يكون عذرا للعبد في مخالفته في نظر العقل (قوله: إذ الظهور لا يكاد) مضافا إلى أن ذلك موجب للحمل على أعلى مراتب الطلب لانها أكمل، كما أنه لو قامت قرينة على الاستحباب فاللازم حمله على أعلى مراتب الاستحباب لانها أكمل ايضا مع أن التفاوت بين أعلى مراتب الندب وأدنى مراتب الوجوب ليس باكثر من التفاوت بين أدنى مراتب الوجوب وأعلاها (قوله: نعم فيما كان الآمر) يعني أن الطلب المستفاد من الصيغة وان كان في نفسه أعم من القوي والضعيف إلا أن الضعيف لما كان محتاجا إلى تحديده ببيان عدم المنع من الترك والقوي غير محتاج إلى بيان لان المميز له هو الشدة التي هي من سنخ الطلب ويمكن الاعتماد في بيانها على بيان ماهية الطلب المنطبقة عليها كان صدور الكلام في مقام

١٦٤

أن إطلاق الصيغة هل يقتضى كون الوجوب توصليا ؟ فيجزئ إتيانه مطلقا ولو بدون قصد القربة أولا ؟ فلا بد من الرجوع فيما شك في تعبديته وتوصليته إلى الاصل لا بد في تحقيق ذلك من تمهيد مقدمات (إحداها) الوجوب التوصلى هو ما كان الغرض منه

______________________________

البيان مع عدم بيان عدم المنع من الترك موجبا لحمله على القوي إذ لو أريد الندب كان بلا قرينة ولو أريد المردد بينهما كان خلفا لان المفروض كونه في مقام بيان أحدهما بعينه " أقول ": لازم هذا التقرير الحمل على الاستحباب لانه منتزع عن صرف الطلب المحكي بالصيغة، والوجوب منتزع عن تأكد الطلب وهو لا تحكيه الصيغة كما هو الحال في قوله: أنا طالب منك كذا، ولعله أشار إلى هذا بقوله: فافهم، فالعمدة في استفادة الوجوب ما ذكرناه.

التعبدي والتوصلى

(قوله: ان اطلاق الصيغة) الكلام في المسألة (تارة) من حيث الاصل اللفظي (وأخرى) من حيث الاصل العملي (والاول) تارة يكون بالنظر إلى غير الصيغة من الادلة، وأخرى بالنظر إلى نفس الصيغة ولم يتعرض المصنف (رحمة الله) لمقتضى الاصل اللفظي بالنظر إلى غير الصيغة - مع أن المشهور تمسكوا لاثبات أصالة التعبد بالايات التي منها قوله تعالى: (وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) وبالروايات التي منها: لا عمل إلا بنية، لان التعرض لذلك يناسب الفقيه ولذا تعرض له الفقهاء في مباحث النية (قوله: ما كان الغرض منه) أي ما كان الغرض الاصلي من الوجوب وهو الاثر المترتب على الواجب فان الغرض من الوجوب توصليا كان أو تعبديا وان كان هو احداث داع عقلي للمكلف إلى فعل الواجب إذ هو الذي يترتب على الوجوب إلا أن هذا الغرض لما كان مقصودا بداعي حصول الاثر المترتب على الواجب الذي كان بوجوده العلمي داعيا إلى ارادته النفسيه كان أثر الواجب غرضا أصليا للوجوب ايضا،

١٦٥

يحصل بمجرد حصول الواجب ويسقط بمجرد وجوده بخلاف التعبدي فان الغرض منه لا يكاد يحصل بذلك بل لا بد في سقوطه وحصول غرضه من الاتيان به متقربا به منه تعالى (ثانيتها) أن التقرب المعتبر في التعبدى (إن كان) بمعنى قصد الامتثال والاتيان بالواجب بداعي أمره كان مما يعتبر في الطاعة عقلا لا مما أخذ في نفس العبادة شرعا، وذلك لاستحالة أخذ ما لا يكاد يتأتى الا من قبل الامر بشئ في متعلق ذاك الامر مطلقا شرطا أو شطرا

______________________________

*

(قوله: بمجرد حصول الواجب) يعني من دون حاجة في حصوله إلى قصد التقرب (قوله: من الاتيان به) يعني بالواجب (قوله: التقرب المعتبر) التقرب عبارة عما يترتب على الاطاعة من القرب المعنوي الشبيه بالقرب المكاني، فهو قد يكون من العلل الغائية المقصودة للمتعبد، ولا ينبغي التأمل في أنه لا يعتبر قصده في مقام الاطاعة، بل لعل قصده لا يخلو عن إشكال نظير قصد الثواب، وما وقع في كلمات الفقهاء من اعتبار القربة في العبادة لابد أن يكون محمولا على اعتبار أن يكون الفعل مأتيا به بنحو يكون مقربا، لا أنه يعتبر قصد التقرب إذ لا إشكال في صحة الفعل المأتي به بداعي الامر مع الغفلة عن التقرب بالمرة (قوله: في التعبدي) يعني في ترتب الغرض منه (قوله: إن كان بمعنى) يعني أن المعنى الذي يترتب عليه التقرب (تارة) يفسر بكون الفعل ناشئا عن داعي أمره (وأخرى) يفسر بمعنى آخر كما سيأتي التعرض له في كلام المصنف (ره) فان فسر بالاول امتنع أن يؤخذ قيدا في موضوع الوجوب الشرعي لان داعوية الامر للفعل متأخرة عن الامر ويستحيل أخذ ما لا يتأتي إلا من قبل الامر قيدا في متعلق ذلك الامر لان الامر بحسب اعتبار العقل متأخر عن موضوعه رتبة فما يتأتى منه متاخر عن الموضوع بمرتبتين فلو أخذ في الموضوع كان الشئ الواحد بحسب اعتبار العقل متقدما متأخرا بالاضافة إلى شئ واحد وهو ممتنع، ولان الامر معلول للمصلحة فيمتنع أن يكون مقوما لها فإذا صدق قولنا: الصلاة لكونها مصلحة

١٦٦

فما لم تكن نفس الصلاة متعلقة للامر لا يكاد يمكن اتيانها بقصد امتثال أمرها (وتوهم) إمكان تعلق الامر بفعل الصلاة بداعي الامر وإمكان الاتيان بها بهذا الداعي ضرورة امكان تصور الآمر لها مقيدة والتمكن من اتيانها كذلك بعد تعلق الامر بها، والمعتبر من القدرة المعتبرة عقلا في صحة الامر إنما هو في حال الامتثال لا حال

______________________________

*

كانت مأمورا بها، امتنع صدق قولنا: الصلاة لكونها مأمورا بها صارت مصلحة، ولان اعتبار داعوية الامر بالشئ لذلك الشئ مبني على فرض كون الشئ بنفسه موضوعا للامر، فلو كانت الداعوية المذكورة ملحوظة قيدا لذلك الشئ كان خلفا إذا الامر - على هذا - لا يكون أمرا بذلك الشئ بنفسه بل بقيد الداعوية المذكورة، ولان الامر يدعو إلى متعلقه بقيوده فلو كان من قيود متعلقه داعويته يلزم أن يكون الامر داعيا إلى داعويته فيكون علة لعليته والشئ إنما يكون علة لمعلوله لا لعليته، ولان الامر إذا لم يتعلق بذات المأمور به بل بها مقيدة بداعي الامر امتنع الاتيان بها لامرها لعدم الامر بها فيكون التكليف بالاتيان بها لامرها تكليفا بغير المقدور وهو قبيح أو ممتنع على ما يأتي وهذا هو الذي أشار إليه (ره) بقوله: فما لم تكن نفس... الخ كما أن الظاهر إرادة الوجه الاول من صدر عبارته كما قد يظهر مما يأتي (قوله: وتوهم إمكان تعلق) إشكال على الوجه الاول (قوله: وإمكان الاتيان) إشكال على الوجه الاخير (قوله: ضرورة امكان تصور) تعليل للتوهم الاول يعني أن التكليف إنما يتوقف على تصور الآمر للمأمور به ومن المعلوم إمكان أن يتصور الآمر الصلاة المقيدة بكونها عن داعي الامر فيورد عليها التكليف فيكون التكليف الوارد موضوعه الصلاة المقيدة، فلفظ الآمر اسم فاعل ولها - باللام - كما هو الظاهر متعلق بتصور (قوله: والتمكن من اتيانها كذلك) تعليل للتوهم الثاني يعني أنا نمنع ما ذكرت من أن التقييد بما ذكر يوجب عدم القدرة على الامتثال المعتبرة في صحة التكليف إذ القدرة المعتبرة في صحة التكليف في نظر

١٦٧

الامر (واضح الفساد) ضرورة انه وان كان تصورها كذلك بمكان من الامكان إلا أنه لا يكاد يمكن الاتيان بها بداعي أمرها لعدم الامر بها فان الامر حسب الفرض تعلق بها مقيدة بداعي الامر ولا يكاد يدعو الامر الا إلى ما تعلق به لا إلى غيره (ان قلت): نعم ولكن نفس الصلاة أيضا صارت مأمورة بها بالامر بها مقيدة (قلت): كلا لان ذات المقيد لا تكون مأمورا بها فان الجزء التحليلي العقلي لا يتصف بالوجوب أصلا فانه ليس إلا وجود واحد واجب بالوجوب النفسي كما ربما يأتي في باب المقدمة

______________________________

*

العقل هي القدرة في ظرف الفعل لا في ظرف التكليف وهي في المقام حاصلة لانه بعد الامر بالصلاة المقيدة تكون الصلاة مأمورا بها فيمكن المكلف أن يأتي بها لامرها (قوله: واضح الفساد) خبر توهم (قوله: إلا أنه لا يكاد يمكن) ظاهره الاضراب عن دفع الاشكال الاول والتعرض لخصوص دفع الاشكال الثاني - مع انك قد عرفت تقريب المنع بوجه لا يتوجه الاشكال المذكور عليه فان إمكان تصور فعل الصلاة عن أمرها لا يصحح ترتب الشئ على نفسه ولا غيره من وجوه المنع كما يظهر بالتأمل فيها (وتوضيح) ما ذكره في دفع الثاني: أن المعتبر في صحة التكليف وإن كان هو القدرة حال الفعل إلا أن هذه القدرة غير حاصلة إلى الابد فان الامر إذا كان متعلقا بذات الصلاة المقيدة بداعي الامر فلا يدعو إلا إلى الصلاة المقيدة بداعي الامر لا إلى نفس الصلاة إذ الامر إنما يدعو إلى ما تعلق به وإذا لم يدع إلى نفس الصلاة تعذر الاتيان بها لامرها إلى الابد (قوله: نعم ولكن نفس) يعني أن الامر بالمقيد ينحل إلى الامر بالذات المعروضة للتقييد والامر بنفس التقييد وإذا تعلق الامر بالذات أمكن الاتيان بها بداعي أمرها (قوله: كلا لان ذات المقيد) يعني أن المقيد لما كان في الخارج أمرا واحدا لا تكثر فيه وإنما يعرضه التكثر في الذهن بتحليله إلى أجزاء هي الذات والتقيد امتنع تحليل الامر به إلى أمرين ليكون أحدهما متعلقا بالذات وباعثا إليها والآخر

١٦٨

(ان قلت): نعم لكنه إذا أخذ قصد الامتثال شرطا، وأما إذا أخذ شطرا فلا محالة نفس الفعل الذي تعلق الوجوب به مع هذا القصد يكون متعلقا للوجوب إذ المركب ليس إلا نفس الاجزاء بالاسر ويكون تعلقه بكل بعين تعلقه بالكل ويصح أن يؤتى به بداعي ذاك الوجوب ضرورة صحة الاتيان باجزاء الواجب بداعي وجوبه (قلت): مع امتناع اعتباره كذلك فانه يوجب تعلق الوجوب بامر غير اختياري فان الفعل وان كان بالارادة اختياريا الا ان ارادته حيث لا تكون بارادة أخرى وإلا لتسلسلت ليست باختيارية كما لا يخفى

______________________________

متعلقا بالتقييد وباعثا إليه ولو بمنشأ انتزاعه وإذ لا يكون أمر بالذات يمنع الاتيان بها بداعي أمرها (أقول): يكفي في الدعوة إلى نفس الذات الامر التحليلي ولو بلحاظ الذهن ولا يتوقف على الانحلال خارجا فالعمدة في الجواب عن الاشكال المذكور ما يأتي في الجواب عن أخذ التقرب جزءا (قوله: نعم لكنه إذا) يعني ان ما ذكرت من عدم انحلال الامر إلى الامر بنفس الذات إنما يتم لو أخذ قصد التقرب شرطا أما لو كان جزءا للمأمور به فلابد من الانحلال لان الامر بالكل عين الامر بالاجزاء لان الكل عين اجزائه فينحل الامر بالكل إلى أو امر ضمنية يتعلق كل واحد منها بواحد من الاجزاء فإذا كانت نفس الذات جزءا للمأمور به كانت موضوعا للامر الضمني فيمكن الاتيان بها بداعي أمرها (قوله: يوجب تعلق الوجوب) يعني لو كان قصد امتثال الامر موضوعا للوجوب يلزم التكليف بغير الاختياري لان القصد المذكور عين إرادة الفعل عن الامر بحيث يكون هو الداعي إليها والارادة ليست اختيارية وإلا لتسلسل لان اختياريتها تقتضي أن تكون موضوعا للارادة ثانيا، وهكذا في الارادة الثانية فلا بد من الانتهاء إلى ما ليس بالاختيار وإذا كانت الارادة غير اختيارية امتنع تعلق التكليف بها عقلا (أقول): إن تم هذا الاشكال امتنع اخذ قصد الامتثال شرطا إذ كما لا يجوز التكليف بغير الاختياري لا يجوز التكليف بما هو مقيد بغير الاختياري أيضا بل امتنع أن تكون

١٦٩

انما يصح الاتيان بجزء الواجب بداعي وجوبه في ضمن اتيانه بهذا الداعي ولا يكاد يمكن الاتيان بالمركب من قصد الامتثال بداعي امتثال أمره (ان قلت): نعم لكن هذا كله إذا كان اعتباره في المأمور به بأمر واحد وأما إذا كان بأمرين تعلق أحدهما بذات الفعل وثانيهما باتيانه بداعي أمره فلا محذور أصلا كما لا يخفى فللآمر أن يتوسل بذلك في الوصلة إلى تمام غرضه ومقصده بلا منعة (قلت): - مضافا إلى القطع بانه ليس في العبادات إلا أمر واحد كغيرها

______________________________

قيدا للاطاعة الواجبة عقلا إذ لا فرق بين موضوع الحكم الشرعي والعقلي في لزوم كونه اختياريا (وحله) أن التسلسل إنما يقتضي لزوم الانتهاء إلى ما ليس بالاختيار بمعنى أن الارادة لابد أن تكون مستندة إلى مالا بالاختيار ولو بواسطة ولا يقتضي أن كل ارادة خارجة عن الاختيار فيمكن تكليف العبد بأن يكون فعله عن إرادة موافقة الامر لا عن ارادة رضا الناس فيكون رياء أو عن إرادة التبريد مثلا في الوضوء فيكون بلا إخلاص (قوله: إنما يصح الاتيان) هذا مقول قوله: قلت، فهو الجواب عن الاشكال وما تقدمه ضميمة إليه (وتوضيحه) أن انحلال الامر بالكل إلى الامر بكل واحد من الاجزاء من جهة أن الكل عين الاجزاء يقتضي أن تكون داعوية كل من الاوامر الضمنية التحليلية المتعلقة بالاجزاء عين داعوية الامر بالكل، ويمتنع أن يكون الامر بالكل داعيا إلى ذات الصلاة وإلى الاتيان بها بداعي أمرها لانه يلزم منه أن يكون الامر داعيا إلى داعوية نفسه وقد عرفت أن الشئ لا يكون علة لعليته فتتوقف صحته على تعلق أمر بذات الصلاة غير الامر بالكل والمفروض عدمه (قوله: فلا محذورا أصلا) أما انتفاء المحاذير المتقدمة في صدر المبحث فظاهر ولكن اندفاع محذور التكليف بما هو مقيد بغير الاختيار غير ظاهر لان الامر الاول يتعلق بذات الصلاة، والامر الثاني يتعلق بالاتيان بها عن إرادة الامر الاول فإذا كانت الارادة غير اختيارية يكون التكليف بالمقيد بها تكليفا بغير المقدور (قوله: مضافا إلى القطع) وقد استدل عليه

١٧٠

من الواجبات والمستحبات غاية الامر يدور مدار الامتثال وجودا وعدما فيها المثوبات والعقوبات بخلاف ما عداها فيدور فيه خصوص المثوبات وأما العقوبة فمترتبة على ترك الطاعة ومطلق الموافقة - ان الامر الاول إن كان يسقط بمجرد موافقته ولو لم يقصد به الامتثال - كما هو قضية الامر الثاني -

______________________________

في تعليقته على مباحث القطع بما لا يخلو من تأمل فلاحظ، ويمكن الاستدلال عليه بما أوضحناه فيما علقناه على مباحث الانسداد من امتناع كون أوامر الاطاعة شرعية فراجع (قوله: من الواجبات) يعني التوصلية (قوله: ما عداها) أي ما عدا العبادات من الواجبات (قوله: ومطلق الموافقة) معطوف على الطاعة عطف تفسير ولا بد منه لئلا يوهم ترتب العقاب على ترك الطاعة ولو مع الموافقة ولا يكون في التوصليات (قوله: ان الامر الاول) هذا مقول قوله: قلت، والامر الاول الامر بذات العبادة (قوله: إن كان يسقط بمجرد) الامر ان المتعلق أحدهما بذات العبادة والآخر بفعلها عن داعي الامر (تارة) يكونان ناشئين عن غرضين مستقلين أحدهما قائم بذات العبادة والآخر قائم بفعلها عن داعي الامر (وأخرى) يكونان ناشئين عن غرض واحد، وعلى الاولى فهما إما متلازمان أو غير متلازمين وعلى الثانية فاما أن يكون موضوع الغرض الواحد هو الحصة الملازمة لفعلها عن الداعي أو الفعل المقيد بالداعى فعلى الصورتين الاوليين يكون الامران مولويين حقيقيين، وعلى الثالثة يكون الامر بالمقيد ارشاديا إلى ضيق موضوع الامر الاول، وعلى الرابعة يكون الامر الاول تهيئيا ناشئا عن مصلحة في نفسه فالالتزام بسقوط الامر مبني على الصورة الثانية بأن يكون الامر الاول ناشئا عن مصلحة في ذات العبادة مستقلة تحصل بمجرد فعل ذات العبادة دون بقية الصور إذ على الاولى يمتنع سقوطه بعد ملازمته لغرض الامر الثاني غير حاصل لعدم حصول موضوعه، وكذا على الثالثة لعدم كون الماتي به هو الحصة الملازمة للداعي ومع عدم الموضوع يمتنع حصول الغرض ومثله الحال في الرابعة (قوله: كما هو قضية)

١٧١

فلا يبقى مجال لموافقة الثاني مع موافقة الاول بدون قصد امتثاله، فلا يتوسل الآمر إلى غرضه بهذه الحيلة والوسيلة، وإن لم يكد يسقط بذلك فلا يكاد يكون له وجه الا عدم حصول غرضه بذلك من أمره لاستحالة سقوطه مع عدم حصوله والا لما كان موجبا لحدوثه، وعليه فلا حاجة في الوصول إلى غرضه إلى وسيلة تعدد الامر لاستقلال العقل مع عدم حصول غرض الآمر بمجرد موافقة الامر بوجوب الموافقة على نحو يحصل به غرضه فيسقط امره. هذا كله إذا كان التقرب المعتبر في العبادة بمعنى قصد الامتثال،

______________________________

تمثيل للمنفي، (قوله: فلا يبقى مجال لموافقة) لانها تكون باطاعة الاول الموقوف على ثبوته والمفروض سقوطه (قوله: فلا يتوسل الآمر إلى) لكون المفروض العجز عن تحصيله (أقول): الامر الثاني باطاعة الامر الاول (تارة) يكون منوطا بوجود الاول بحيث يكون وجوده شرط ثبوته (وأخرى) يكون قيدا لموضوعه، فعلى الاولى يتم ما ذكره المصنف (ره) أما على الثانية فيشكل لان عدم حصول الغرض يكون بالعصيان بتفويت الشرط ومثله لا ينافي الغرض من الامر الثاني كما هو الحال في سائر موارد العصيان فتدبر (قوله: وإن لم يكد يسقط) يعني إذا كان الامر لا يسقط بمجرد موافقته فلا بد أن يكون بقاؤه لاجل عدم حصول الغرض وحينئذ لا حاجة إلى الامر الثاني لكفاية حكم العقل بوجوب تحصيل الغرض ولو بالاتيان بالمأمور به بداعي أمره (أقول): هذا يتم مع العلم بعدم حصول الغرض وكذا مع الشك لو قيل بحكم العقل بالاحتياط، اما لو قيل بحكمه بالبراءة في المقام كما سيأتي فلا مانع من الامر الثاني مولويا ليكون رافعا لحكم العقل كما في سائر موارده بل لو قيل بان حكم العقل بالاحتياط تعليقي على عدم البيان من قبل الشارع الاقدس صح الامر مولويا وكان واردا على حكم العقل، ثم إن سوق عبارة المتن يقتضي إرادة الصورة الرابعة من الصور المتقدمة التي قد عرفت أن لازمها عدم السقوط، فترديد المصنف (ره) في الجواب بين

١٧٢

واما إذا كان بمعنى الاتيان بالفعل بداعي حسنه أو كونه ذا مصلحة أو له تعالى فاعتباره في متعلق الامر وان كان بمكان من الامكان الا أنه غير معتبر فيه قطعا لكفاية الاقتصار على قصد الامتثال الذى عرفت عدم امكان أخذه فيه بديهة، تأمل فيما ذكرناه في المقام تعرف حقيقة المرام كيلا تقع فيما وقع فيه من الاشتباه بعض الاعلام (ثالثها) انه إذا عرفت بما لا مزيد عليه عدم امكان أخذ قصد الامتثال في المأمور

______________________________

القول بالسقوط وعدمه لاجل تسجيل الاشكال على كل حال (والتحقيق) منها هو الصورة الثالثة إذ الاولتان لازمهما تعدد العقاب ولا يظن إمكان الالتزام به، بل لازم الثانية منها صحة ذات العبادة لو أتى بها لا بداعي الامتثال واشكاله ظاهر وأما الرابعة فقد عرفت أن لازمها أن يكون الامر بذات العبادة تهيئيا ناشئا عن مصلحة في نفسه وهي مقدميته لامكان الاتيان بالمأمور به وليس حاكيا عن الارادة النفسية، ومثله لا يصلح للداعوية إلى متعلقه، فالمتعين هي الثالثة فيكون المأمور به بالامر العبادي هو الحصة الخاصة من المأمور به الملازمة للداعوية خارجا لا المقيدة بها ولا المطلقة بحيث تشمل حال عدمها (قوله: وأما إذا كان بمعنى) معطوف على قوله (ره) في صدر التنبيه: إن كان بمعنى، يعني وإن فسر المعنى الذي يترتب عليه التقرب بكون الفعل مأتيا به بداعي حسنه أو كونه ذا مصلحة أو بداعي ذاته تعالى فلا مانع من اعتباره قيدا في موضوع الامر، إلا أنه لا يصح تفسيره بذلك لعدم اعتبار الداعي بالمعنى المذكور في صحة العبادة، بشهادة صحة العبادة إذا أتي بها بداعي امتثال الامر لا بداعي ذاته تعالى أو حسن الفعل أو مصلحته، فان ذلك كاشف عن عدم اعتبارها في الغرض فضلا عن اعتبارها في المأمور به (قوله: بمكان من الامكان) لم يتضح الفرق بين داعي الامر والدواعي المذكورة، لان داعي المصلحة إذا كان مقوما للمصلحة لزم خلو الفعل في نفسه عن المصلحة فيمتنع الاتيان به بداعي المصلحة، وهكذا الحال في داعي الحسن وداعي ذاته تعالى (قوله: إلا أنه غير معتبر فيه قطعا) بل في الاكتفاء به

١٧٣

به أصلا فلا مجال للاستدلال باطلاقه ولو كان مسوقا في مقام البيان

______________________________

مجال إشكال، أما داعي المصلحة أو الحسن فلعدم اقتضائه المقربية المعتبرة في العبادة وليست نسبة الفعل المأتي به بالداعي المذكور إليه سبحانه الا كنسبته إلى سائر العقلاء فكما لا يكون عبادة لهم لا يكون عبادة له تعالى، وكما لا يستحق به عليهم ثوابا لا يستحق عليه تعالى ثوابا أيضا. نعم لا يبعد الاكتفاء به بما أنه طريق إلى لب ارادته تعالى، وبما أنه مناط لها، وحينئذ يرجع الاشكال، وأما داعي ذاته تعالى فالظاهر عدم امكانه في نفسه فضلا عن الاكتفاء به فان نسبة ذاته تعالى إلى الفعل الخاص كنسبتها إلى سائر أفعال العبد فلا تصلح للدعوة إلى شئ منها (قوله: فلا مجال للاستدلال باطلاقه) أما بناء على أن الاطلاق مستفاد من مقدمات الحكمة فلان من جملة المقدمات أن يكون المتكلم في مقام البيان بالخطاب فإذا امتنع أن يكون في مقام بيانه فلا مجال للاطلاق وأما بناء على أن الاطلاق مستفاد من نفس اللفظ (أعني المادة) لكونه موضوعا للماهية الملحوظ فيها الاطلاق والارسال، فلان امتناع التقييد موجب لامتناع لحاظ الاطلاق من حيث القيد الملحوظ بحسب اعتبار العقل في الرتبة اللاحقة لرتبة المطلق فكما يمتنع أن يقول: افعل فعلا ناشئا عن امري، يمتنع أن يقول: افعل فعلا سواء أكان ناشئا عن أمري أم لا عن أمري، لجريان المحاذير المتقدمة فيه ايضا (فان قلت): إذا تعلق الامر بشئ دل على كونه واجبا بالمطابقة، وعلى كونه موضوعا للمصلحة بالالتزام، فإذا قام دليل عقلي أو غيره على امتناع إطلاقه من حيث كونه موضوعا للوجوب فلا مانع من الاخذ باطلاقه من حيث كونه موضوعا للمصلحة لان الدلالة الالتزامية إنما تتبع الدلالة المطابقية في مقام الثبوت لا في مقام الحجية ولذا بني على حجية الخبرين المتعارضين في نفي الحكم الثالث مع سقوطهما عن الحجية في مضمونهما، وحينئذ فاللازم في المقام الاخذ باطلاق المادة في اثبات كونها مطلقا تمام موضوع المصلحة (قلت): هذا يتم لو دل الكلام بالمطابقة على إطلاق موضوع الوجوب ليترتب عليه دلالته على إطلاق موضوع

١٧٤

على عدم اعتباره كما هو أوضح من أن يخفى، فلا يكاد يصح التمسك به إلا فيما يمكن اعتباره فيه، فانقدح بذلك انه لا وجه لاستظهار التوصلية من اطلاق الصيغة بمادتها ولا لاستظهار عدم اعتبار مثل الوجه مما هو ناشئ من قبل الامر من اطلاق المادة في العبادة لو شك في اعتبار فيها. نعم إذا كان الآمر في مقام بصدد بيان تمام ماله دخل في حصول غرضه وان لم يكن

______________________________

المصلحة أما لو لم يدل على الاول لامتناع الاطلاق امتنع ان يدل على الثاني ايضا فلا مجال لاستفادة التوصلية من إطلاق المادة (قوله: على عدم اعتباره) متعلق بالاستدلال (قوله: لاستظهار التوصلية) تعريض بشيخنا الاعظم (ره) حيث قال: إن ظاهر الامر يقتضي التوصلية، إذ ليس المستفاد من الامر إلا تعلق الطلب الذي هو مدلول الهيئة للفعل على ما هو مدلول المادة وبعد ايجاد المكلف نفس الفعل في الخارج لا مناص من سقوط الطلب لامتناع طلب الحاصل، " أقول ": ذكر هذا الاستظهار بعد بيان امتناع الاطلاق كما ذكر المصنف (ره) والظاهر ان مراده وجوب الحكم بعدم تقييد موضوع المصلحة بمجرد عدم بيان تقييده لاصالة عدمه كما صرح به فلاحظ (قوله: عدم اعتبار مثل الوجه) يعني لو شك في اعتبار نية الوجه وهو الوجوب أو الندب في صحة العبادة ومثله التمييز بين الواجب من الاجزاء وغيره لا مجال للرجوع إلى الاطلاق في نفيه لورود المحذور السابق من التقييد به لان اعتبارهما يرجع إلى اعتبار قصد الامتثال على نحو خاص فإذا امتنع اعتباره امتنع اعتبارهما ايضا (قوله: نعم إذا كان الآمر في) يعني يمكن التمسك لنفي اعتبار قصد الامتثال في موضوع المصلحة بالاطلاق المقامي ولا ريب في صحته لو تمت مقدماته فان المتكلم إذا كان في مقام بيان تمام ما له دخل في موضوع المصلحة ولم يبين دخل شئ فيه علم عدم دخل ذلك الشئ فيه وإلا كان نقضا للغرض وهو ممتنع إلا أن الشأن في إثبات مقدمتيه وهما كونه في مقام البيان وعدم البيان، ويمكن إثبات عدم البيان باصالة عدمه المعول عليها عند العقلاء في

١٧٥

له دخل في متعلق أمره ومعه سكت في المقام ولم ينصب دلالة على دخل قصد الامتثال في حصوله كان هذا قرينة على عدم دخله في غرضه والا لكان سكوته نقضا له وخلاف الحكمة، فلا بد عند الشك وعدم احراز هذا المقام من الرجوع إلى ما يقتضيه الاصل ويستقل به العقل (فاعلم) أنه لا مجال هاهنا الا لاصالة الاشتغال ولو قيل باصالة البراءة فيما إذا دار الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين وذلك لان الشك هاهنا في الخروج عن عهدة التكليف المعلوم

______________________________

أمثال المقام، وأما المقدمة الاولى فيمكن الاشكال فيها بالاتكال على حكم العقل بلزوم الاحتياط فلا يلزم من ترك البيان تفويت الغرض الاصلي للامر المترتب على المأمور به، لكن حيث تعرف عدم حكم العقل بالاحتياط فلا مجال للاشكال فيها ايضا فلاحظ (قوله: له دخل) لامتناعه كما عرفت (قوله: كان هذا) يعني السكوت في مقام البيان، والفرق بين الاطلاق المقامي والاطلاق اللفظي المتقدم منه: أن الاول إطلاق حال والثاني إطلاق مقال، وأن إحراز كونه في مقام البيان في الاول يتوقف على قرائن خاصة، ويكفي في إحراز كونه كذلك في الثاني الاصل العقلائي فانه مهما شك في كون المتكلم في مقام البيان يحكم بانه كذلك، كما سيأتي في محله.

تأسيس الاصل

(قوله: وذلك لان الشك ها هنا في) يعني أن المقام يفترق عن مسألة الشك بين الاقل والاكثر بان الشك هناك شك في نفس التكليف فإذا ترددت الصلاة الواجبة بين المشتملة على السورة وغيرها فالشك في الحقيقة يرجع إلى الشك في التكليف بالسورة والشك في التكليف موضوع للبراءة عقلا بخلاف الشك في المقام فان قصد الامتثال ليس جزءا أو شرطا في الواجب لما تقدم من امتناعه بل موضوع التكليف معلوم وهو ذات العبادة وإنما الشك في سقوط أمرها بمجرد الفعل لحصول

١٧٦

مع استقلال العقل بلزوم الخروج عنها فلا يكون العقاب مع الشك وعدم احراز الخروج عقابا بلا بيان والمؤاخذة عليه بلا برهان ضرورة أنه

______________________________

الغرض به أو عدم سقوطه لعدم حصول الغرض به وسيأتي في محله أنه مهما كان الشك في سقوط التكليف فالمرجع فيه الاحتياط " وبالجملة ": الشك في المقام في سقوط التكليف المعلوم وفي تلك المسألة في ثبوته والاول مجرى الاحتياط والثاني مجرى البراءة " أقول ": الغرض الاصلي للوجوب الارتباطي إنما يحصل بفعل الواجب بتمام ما يعتبر فيه من الاجزاء والشرائط فإذا كان الواجب واقعا هو الاكثر لم يحصل الغرض بفعل الاقل فإذا شك في وجوب السورة فقد شك في حصول الغرض بفعل الاقل فيشك في سقوط التكليف المعلوم بالاقل فلا يبقى فرق بين المقام وبين تلك المسألة، وقد اعترف المصنف بوجوب الاحتياط عقلا لذلك في تلك المسألة فلا يناسب ابداءه الفرق بينهما بما ذكرو، البناء على البراءة في تلك المسألة لا يكون إلا مع البناء على عد الاعتناء باحتمال عدم سقوط الغرض بفعل ما علم التكليف به كما سيأتي توضيحه في محله، ولازمه القول بالبراءة هنا عقلا ايضا " وبالجملة ": إن كان الشك في حصول الغرض أو سقوط التكليف المعلوم هو الموجب للاحتياط في المقام فمثله حاصل في الاقل والاكثر، وإن كان مثله لا يوجب الاحتياط هناك لان العلم بالتكليف إنما يصلح حجة على فعل متعلقه لا غيره والشك في حصول الغرض انما يقتضي الاحتياط لو كان راجعا إلى الشك في سقوط التكليف المعلوم ولا يقتضي الاحتياط زائدا عليه فلا يجب في المقام ايضا فلاحظ وتأمل " نعم " يفترق المقام عن تلك المسألة بأن ما يحتمل دخله في الغرض في تلك المسألة مما يحتمل كونه جزءا أو شرطا للواجب فيكون مجرى للبراءة الشرعية وهنا لا يحتمل فيه ذلك فلا يكون مجرى لها لكنه لا يصلح فارقا في وجوب الاحتياط وعدمه في نظر العقل لما سنشير إليه هنا ويأتي تحقيقه في محله، والله سبحانه أعلم (قوله: مع استقلال) يعني والحالة أن العقل يستقل،

١٧٧

بالعلم بالتكليف تصح المؤاخذة على المخالفة وعدم الخروج عن العهدة لو اتفق عدم الخروج عنها بمجرد الموافقة بلا قصد القربة وهكذا الحال في كل ما شك في دخله في الطاعة والخروج به عن العهدة مما لا يمكن اعتباره في المأمور به كالوجه والتمييز (نعم) يمكن أن يقال: ان كل ما يحتمل بدوا دخله في الامتثال وكان مما يغفل عنه غالبا العامة كان على الآمر بيانه ونصب قرينة على دخله واقعا وإلا لاخل بما هو همه وغرضه، أما إذا لم ينصب دلالة على دخله كشف عن عدم دخله وبذلك يمكن القطع بعدم دخل الوجه والتمييز في الطاعة بالعبادة حيث ليس منهما عين ولا أثر في الاخبار والآثار وكانا مما يغفل عنه العامة وان احتمل اعتباره بعض الخاصة فتدبر جيدا " ثم " إنه لا أظنك أن تتوهم وتقول: ان ادلة البراءة الشرعية مقتضية لعدم الاعتبار وان كان قضية الاشتغال عقلا هو الاعتبار

______________________________

(قوله: بالعلم بالتكليف) يعني والمفروض حصوله (قوله: لو اتفق عدم) يعني ولو اتفق عدم الخروج عن العهدة كان لاجل فقد القربة مع الاتيان بذات العبادة، (قوله: وهكذا الحال) يعني يجب الاحتياط فيه ايضا لما ذكر (قوله: وكان مما يغفل) إذ الغفلة مانعة من اتكال الشارع الاقدس على حكم العقل حينئذ إذ لا حكم للعقل حينئذ فاما أن لا يكون غرض الشارع يتوقف على ما ذكر أو يكون له غرض ولم يعتن هو بفوته وحيث أن الثاني ممتنع فيتعين الاول (أقول) يتم هذا في حق الغافل لا في حق الملتفت ولو كان نادرا فاستكشاف عدم الغرض مطلقا غير ظاهر إلا أن يعد ذلك طريقا عرفا إلى عدمه وهو كما ترى (قوله: لا أظنك أن تتوهم) حيث أن المصنف (ره) في باب الاقل والاكثر بنى على الاحتياط عقلا والبراءة شرعا لحديث الرفع ونحوه من أدلة البراءة الشرعية فقد يتوهم إلحاق المقام بذلك فيدعى أن العقل وان كان يحكم بالاحتياط في المقام إلا أنه يمكن التمسك بمثل حديث الرفع لاثبات البراءة وحصول الامن من العقاب المحتمل، لكنه مندفع بما أشار إليه من أن حديث الرفع إنما يجري في رفع ما يكون وضعه شرعيا

١٧٨

لوضوح أنه لا بد في عمومها من شئ قابل للرفع والوضع شرعا وليس هاهنا فان دخل قصد القربة ونحوها في الغرض ليس بشرعي بل واقعى ودخل الجزء والشرط فيه وان كان كذلك إلا أنهما قابلان للوضع والرفع شرعا فدليل الرفع ولو كان اصلا يكشف انه ليس هناك أمر فعلى بما يعتبر فيه المشكوك يجب الخروج عن عهدته عقلا بخلاف المقام فانه علم بثبوت الامر الفعلى كما عرفت فافهم (المبحث السادس) قضية إطلاق الصيغة كون الوجوب نفسيا تعيينيا عينيا لكون كل واحد مما يقابلها يكون فيه تقييد الوجوب وتضييق دائرته، فإذا كان في مقام البيان ولم ينصب قرينة عليه فالحكمة تقتضي كونه مطلقا وجب هناك شئ آخر أولا أتي بشئ آخر أولا أتى به آخر أولا

______________________________

*

وليس المقام كذلك فان المرفوع إن كان دخل قصد الامتثال في الواجب فقد عرفت أنه مما يمتنع دخوله فلا يدخل تحت حديث رفع ما لا يعلمون، وإن كان دخله في الغرض والمصلحة فذلك الدخل واقعي من قبيل دخل العلة في المعلول فلا يصح رفعه من الشارع (قوله: لوضوح) تعليل لقوله: لا أظنك (قوله: ودخل الجزء) يعني قد يقال: ان دخل الجزء والشرط في الغرض ليس شرعيا أيضا فكيف جاز رفعه بالحديث (والجواب) أن دخلهما فيه وان كان كذلك الا أن دخلهما في الواجب لما كان شرعيا جرى الحديث لرفعه وإذا ارتفع دخلهما في الواجب انكشف عدم دخلهما في الغرض الموجب للامر الفعلي ولا مجال لجريان ذلك في المقام لما عرفت (قوله: عرفت فافهم) يمكن أن يكون اشارة إلى ان الغرض الواحد المترتب على الواجب المردد بين الاقل والاكثر مما لا يمكن الحكم بعدم فعليته مع الحكم بوجوب فعل الاقل لتنافيهما واستكشاف تعدد الغرض بحديث الرفع ممتنع لانه ليس في رتبة الادلة الواقعية حتى يصلح للحكومة عليها كما أوضحنا ذلك كله في محله فيما علقناه على مباحث البراءة (قوله: قضية إطلاق) يعني إذا شك في وجوب شئ من حيث انه نفسي أو غيري، أو تعييني أو تخييري، أو عينى أو كفائي، فاطلاق

١٧٩

كما هو واضح لا يخفى (المبحث السابع) انه اختلف القائلون بظهور صيغة الامر في الوجوب وضعا أو اطلاقا فيما إذا وقع عقيب الحظر أو في مقام توهمه على أقوال نسب إلى المشهور ظهورها في الاباحة، والى بعض العامة ظهورها في الوجوب، والى بعض تبعيته لما قبل النهى

______________________________

الصيغة يقتضي كونه نفسيا لا غيريا، تعيينيا لا تخييريا، عينيا لا كفائيا، وذلك لان كل واحدة من الغيرية والتخييرية والكفائية تقييد في الوجوب إذ معنى كونه غيريا أنه منوط بوجوب شئ آخر، كما أن معنى كونه تخييريا أنه منوط بعدم فعل شئ آخر ومعنى كونه كفائيا أنه منوط بعدم فعل مكلف آخر، وهذه الاناطة تقييد في الوجوب ينفيه اطلاق دليله (قوله: كما هو واضح لا) في وضوحه تأمل فان المولى إذا قال: يجب على زيد أن يقوم، فظاهر الهيئة الكلامية دخل كل من خصوصيتي القيام وزيد في موضوع الوجوب على نحو لا يكفي القعود عن القيام، ولا عمرو عن زيد، فيكون الوجوب تعيينيا عينيا ولا يتوقف على مقدمات الاطلاق، وأما كون الوجوب نفسيا ناشئا عن مصلحة في متعلقه أو غيريا ناشئا عن مصلحة في غيره فلا دلالة للكلام ولا لمقدمات الحكمة على أحدهما نعم اطلاق البعث نحو الشئ يكون حجة عند العقلاء على وجوبه، واحتمال عدم ارادته لعدم القدرة على ما يحتمل كونه واجبا لاجله لا يصلح عذرا في نظر العقلاء، ولعل هذا هو المراد بالاطلاق لكن في اسناده إلى الصيغة تأمل

الامر عقيب الحظر

(قوله: وضعا أو اطلاقا) قيد لقوله: ظهور (قوله: فيما إذا) متعلق بقوله: اختلف، يعني أن القائلين بظهور الامر في الوجوب اختلفوا فيه إذا وقع عقيب الحظر أو عقيب ما يتوهم منه الحظر من حيث انه ظاهر في الوجوب أو في الاباحة أو غير ذلك (قوله: في الاباحة) يعنى بالمعنى الاخص المقابل للوجوب (قوله: لما قبل النهى) يعنى من وجوب أو اباحة أو غيرهما

١٨٠