حقائق الاصول الجزء ١

حقائق الاصول0%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 571

حقائق الاصول

مؤلف: السيد محسن الطباطبائى الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 571
المشاهدات: 202052
تحميل: 4741


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 202052 / تحميل: 4741
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء 1

مؤلف:
العربية

لسبقه(١) فتأمل هذا كله في المقدمة الداخلية واما المقدمة الخارجية فهى ما كان خارجا عن المأمور به وكان له دخل في تحققه لا يكاد يتحقق بدونه وقد ذكر لها أقسام وأطيل الكلام في تحديدها بالنقض والابرام الا انه غير مهم في المقام (ومنها) تقسيمها إلى العقلية والشرعية والعادية، فالعقلية هي ما استحيل واقعا وجود ذي المقدمة بدونه، والشرعية - على ما قيل - ما استحيل وجوده بدونه شرعا، ولكنه لا يخفى رجوع الشرعية إلى العقلية ضرورة انه لا يكاد يكون مستحيلا

______________________________

*

للوجوب يلزم اجتماع المثلين (قوله: لسبقه) كان الاولى تعليله بأن الوجوب النفسي يمتنع في المقام كونه علة للوجوب الغيرى لان الشئ لا يكون علة لمضاده وليس له علة سواه فينتفي ويثبت الوجوب النفسي بوجود علته بلا مانع، واما التعليل بالسبق فيتوقف على العلية وقد عرفت امتناعها (قوله: فتأمل) وجهه ما صرح به في حاشيته من منع الملاكين لان المقدمية تتوقف على تعدد الوجود والجزء عين الكل وجودا فلا يكون مقدمة له كما اشرنا إليه سابقا (قوله: لها اقسام) كالعلة والمقتضي والسبب والشرط وعدم المانع والمعد، واطال في التقريرات الكلام في تحديدها وصرح بأن الباعث له على ذلك معرفة مراد المفصل بين السبب وغيره (قوله: ولكنه لا يخفى رجوع) كذا ذكر في التقريرات أيضا، لكن لا يخفى انه إن اريد التنبيه على ما في ظاهر التعريف فحسن، وإن أريد الرجوع حقيقة فغير ظاهر في التقسيم لان المراد من العقلية ما يحكم العقل باستحالة وجود الواجب بدونها بالنظر إلى ذاتيهما وهذا المعنى لا ينطبق على الشرعية التي

______________

(١) وجهه انه لا يكون فيه ايضا ملاك الوجوب الغيرى حيث انه لا وجود له غير وجوده في ضمن الكل يتوقف على وجوده وبدونه لا وجه لكونه مقدمة كى يجب بوجوبه اصلا كما لا يخفى، وبالجملة لا يكاد يجدي تعدد الاعتبار الموجب للمغايرة بين الاجزاء والكل في هذا الباب وحصول ملاك الوجوب الغيرى المترشح من وجوب ذى المقدمة عليها لو قيل بوجوبها فافهم منه قدس سره

٢٢١

ذلك شرعا إلا إذا أخذ فيه شرطا وقيدا واستحالة المشروط والمقيد بدون شرطه وقيده يكون عقليا، وأما العادية فان كانت بمعنى أن يكون التوقف عليها بحسب العادة بحيث يمكن تحقق ذيها بدونها الا أن العادة جرت على الاتيان به بواسطتها، فهي وإن كانت غير راجعة إلى العقلية الا أنه لا ينبغى توهم دخولها في محل النزاع (وإن كانت) بمعنى ان التوقف عليها وان كان فعلا واقعيا كنصب السلم ونحوه للصعود على السطح - إلا أنه لاجل عدم التمكن عادة من الطيران الممكن عقلا (فهي) أيضا راجعة إلى العقلية ضرورة - استحالة الصعود بدون مثل النصب عقلا لغير الطاير فعلا وإن كان طيرانه ممكنا ذاتا (فافهم) " ومنها " تقسيمها إلى مقدمة الوجود، ومقدمة الصحة، ومقدمة الوجوب.

______________________________

*

يتوقف وجود الواجب عليها بالنظر إلى جعل الشارع الوجوب للواجب مقيدا بها وان أريد المناقشة في الاصطلاح فلا مشاحة فيه (قوله: ذلك شرعا) قد عرفت المراد من الشرعية لا ما يكون وجود الواجب بدونها مستحيلا شرعا (قوله: يكون عقليا) هذا مسلم لكن الوجه في حكم العقل حكم الشارع لا نفس الشيئين (قوله: يمكن تحقق ذيها) يعنى عادة لكنه خلاف المتعارف وذلك مثل الصعود على السطح المنصوب عليه سلم فان العادة جرت على الصعود إليه بالسلم المنصوب لا نصب سلم آخر عليه (قوله: غير راجعة) لعدم التوقف عقلا أصلا (قوله: لا ينبغي توهم) إذ لا توقف عليها (قوله: كنصب السلم) مع عدم إمكان الطيران لعدم الجناح ونحوه (قوله: ضرورة استحالة) قد عرفت أن هذا المقدار لا يكفي في رجوعها إلى العقلية (قوله: ممكنا ذاتا) وهو الفارق بينها وبين العقلية، ولعله إلى هذا اشار بقوله: فافهم، ثم إنه في التقريرات أرجع الشرعية إلى العقلية لما ذكر المصنف " ره " ولم يتعرض في العادية لذلك مع عدم الفرق بينهما كما أن الظاهر أن العقل في العقلية واسطة في اثبات التوقف، والعادة في العادية واسطة في الثبوت والشرع في الشرعية محتمل

٢٢٢

ومقدمة العلم. لا يخفى رجوع مقدمة الصحة إلى مقدمة الوجود - ولو على القول بكون الاسامي موضوعة للاعم - ضرورة أن الكلام في مقدمة الواجب لا في مقدمة المسمى باحدها كما لا يخفى، ولا اشكال في خروج مقدمة الوجوب عن محل النزاع وبداهة عدم اتصافها بالوجوب من قبل الوجوب المشروط بها، وكذلك المقدمة العلمية وان استقل العقل بوجوبها إلا أنه من باب وجوب الاطاعة ارشادا ليؤمن من العقوبة على مخالفة الواجب المنجز لا مولويا

______________________________

للامرين وان كان الاول أظهر (قوله: ومقدمة العلم) وتسمى بالمقدمة العلمية وهي التي يتوقف العلم بالواجب على العلم بها كالصلاة في الثوبين المشتبهين المتوقف على العلم بهما العلم بالصلاة بالثوب الطاهر (قوله: ولو على القول) أما على الصحيح فمقدمة الصحة مقدمة الوجود الوجود إذ لا وجود للماهية إلا وهو صحيح (قوله: لا في مقدمة المسمى) هذا مسلم إلا أن مقدمة المسمى مقدمة للواجب لان الواجب هو المسمى الصحيح فهذا الاشكال محل نظر كما تقدم نعم بناء على تقوم الذات بالصحة لا يكون إلا قسم واحد (قوله: المشروط بها) فانه على المشهور يحدث بعد وجودها فلا يمكن ان يترشح منه وجوب لها لانه تحصيل للحاصل (قوله: وكذلك المقدمة العلمية) يعنى خارجة عن محل النزاع لانها ليست مقدمة للواجب الشرعي بل مقدمة للواجب العقلي وهو العلم بتحقق الاطاعة الذي استقل العقل بوجوبه للامن من خطر العقاب على مخالفة الواجب المنجز فتجب وجوبا عقليا لا غير نعم لو وجب العلم بفعل الواقع شرعا وجبت المقدمة العلمية كذلك، لكنه خلاف الفرض إذ تكون حينئذ مقدمة وجودية لا علمية " فان قلت ": لم لا تكون المقدمة العلمية مقدمة للواجب " قلت ": يمتنع ذلك لانها دائما يحتمل كونها نفس الواجب وكونها غيره على نحو لو انكشف الحال لم يتوقف وجود الواجب عليها بل قد تكون ضدا كما في الصلاة إلى الجهات الاربع (قوله: وجوب الاطاعة) بل وجوب العلم بالاطاعة المتوقف عليها

٢٢٣

من باب الملازمة وترشح الوجوب عليها من قبل وجوب ذى المقدمة " ومنها " تقسيمها إلى المتقدم والمقارن والمتأخر بحسب الوجود بالاضافة إلى ذى المقدمة وحيث أنها كانت من أجزاء العلة - ولا بد من تقدمها بجميع أجزائها على المعلول - أشكل الامر في المقدمة المتأخرة كالاغسال

______________________________

*

فتجب بالملازمة (قوله: من باب الملازمة) يعنى بين الوجوب المولوي النفسي والغيري (قوله: وترشح) معطوف على الملازمة (قوله: بالاضافة إلى ذى) فيكون ذو المقدمة متأخرا في الاول، مقارنا في الثاني، متقدما في الثالث (قوله: وحيث انها) يعني المقدمة المنقسمة إلى الاقسام الثلاثة (قوله: ولا بد من تقدمها) امتناع تأثير المعدوم في الموجود لا يقتضي لزوم تقدم العلة زمانا على المعلول بل لعله يمتنع لانه يلزم انفكاكها عنه وهو خلف وانما يقتضي كون وجود المعلول عن امر موجود بحيث يقال: وجدت العلة فوجد المعلول. نعم هذا في العلة بمعنى المقتضي الذي يكون منه الاثر أما بمعنى ما له دخل ما في الوجود وان كان لحفظه قابلية المحل المؤثر أو المتأثر مع عدم كونه مؤثرا فقد صار موردا للانكار من جماعة من الاعيان إذ لا مانع عندهم من كون العدم حافظا لقابلية المحل بشهادة أن عدم المانع من أجزاء العلة التامة نظير الشرط ومع ذلك هو عدم ليس بوجود فإذا جاز مثل ذلك في عدم المانع جاز في الشرط ايضا، " أقول ": على هذا يكون الشرط مقارنا لا متأخرا(١) كما انه يصح ذلك لو كان الوجود المتأخر على تقدير كونه مقارنا مانعا من وجود المعلول إذ لو كان حافظا لوجوده كان المؤثر هو الجامع بين الوجود والعدم وهو محال إذ لا جامع بينهما، وان شئت قلت: لو كان العدم مقدمة للوجود كان الوجود علة للعدم لان المقدمة ما يلزم من عدمها العدم وحينئذ فيختص العدم الذي يكون مقدمة للوجود بعدم

______________

(١) لان تأثير الشرط حال عدمه راجع إلى تأثير العدم وهو مقارن فينقلب المتأخر متقدما ويكون وجود الشرط مانعا لما سيأتي فينقلب الشرط مانعا. منه مد ظله (*)

٢٢٤

الليلية المعتبرة في صحه صوم المستحاضة عند بعض، والاجازة في صحة العقد على الكشف كذلك، بل في الشرط أو المقتضى المتقدم على المشروط زمانا المتصرم حينه كالعقد في الوصية، والصرف والسلم، بل في كل عقد بالنسبة إلى غالب اجزائه لتصرمها حين تأثيره مع ضرورة اعتبار مقارنتها معه زمانا، فليس إشكال انخرام القاعدة العقلية مختصا بالشرط المتأخر في الشرعيات - كما اشتهر في الالسنة - بل يعم الشرط والمقتضى المتقدمين المتصرمين حين الاثر (والتحقيق) في رفع هذا الاشكال (أن يقال): إن الموارد التى توهم انخرام القاعدة فيها لا يخلو إما يكون المتقدم والمتأخر شرطا للتكليف، أو الوضع، أو المأمور به (أما الاول) فكون أحدهما شرطا له ليس الا أن للحاظه دخلا في تكليف الآمر كالشرط المقارن بعينه فكما أن اشتراطه بما يقارنه

______________________________

*

المانع لا غير (قوله: الليلية) يعني للعشائين (قوله: صحة صوم) يعني صوم النهار السابق (قوله: الكشف كذلك) يعني عند بعض والمراد من الكشف الكشف الحقيقي بأن يكون وجود الاجازة كاشفا عن ثبوت أثر العقد من حين وقوعه، أما على النقل أعني ثبوت الاثر من حين الاجازة فلا يكون مما نحن فيه. نعم يكون العقد من المقدمة المتقدمة حال وجود الاثر (قوله: كالعقد في الوصية والصرف والسلم) إذ ملك الموصى له والمشتري إنما يكون مقارنا للموت في الاول وللقبض في الاخيرين العقد المؤثر متصرم في الجميع (قوله: غالب أجزائه) فانه من التدريجيات التي لا يوجد جزء منها إلا بعد انصرام ما قبله والاثر لما كان مقارنا للجزء الاخير كان مقارنا لانعدام ما قبله من الاجزاء (قوله: مقارنتها معه) أي مقارنة الاجزاء مع الاثر لان جزء المؤثر مؤثر لان الكل عين أجزائه (قوله: بل يعم الشرط) فانهما معدومان حال الاثر فيلزم تأثر المعدوم في الموجود (قوله: اما الاول فكون أحدهما) توضيحه أن هذا الاشكال نشأ من إطلاق لفظ الشرط على الوجود المتأخر وتخيل أنه من قبيل

٢٢٥

ليس إلا أن لتصوره دخلا في أمره بحيث لولاه لما كاد يحصل له الداعي إلى الامر، كذلك المتقدم أو المتأخر (وبالجملة) حيث كان الامر من الافعال الاختيارية كان من مبادئه - بما هو كذلك - تصور الشئ بأطرافه ليرغب في طلبه والامر به بحيث لولاه لما رغب فيه ولما أراده واختاره فيسمى كل واحد من هذه الاطراف التي لتصورها دخل في حصول الرغبة فيه وارادته شرطا لاجل دخل لحاظه في حصوله كان مقارنا له أو لم يكن كذلك متقدما أو متأخرا فكما في المقارن يكون لحاظه في الحقيقة شرطا كان فيهما كذلك، فلا اشكال،

______________________________

اطلاقه على سائر الشروط الدخيلة في وجود المشروط مع أنه ليس كذلك اما في شرط التكليف فلان التكليف من الافعال الاختيارية للمكلف - بالكسر - والفعل الاختياري معلول للارادة وهي علته التامة بحيث لا يتوقف وجوده منها على شرط غاية الامر انها لا تتعلق بوجود الشئ إلا بعد ترجحه على عدمه في نظر المريد، وهذا الترجح قد يكون بملاحظته بذاته وقد يكون بملاحظة ما سواه من متقدم أو متأخر أو مقارن فيكون ملاحظته مقرونا بشئ أو مسبوقا أو ملحوقا به موجبا لترجحه في نظره على عدمه فتتعلق به إرادته فيوجد، فشرط التكليف يراد به ما يكون ملاحظة التكليف - مضافا إليه - شرطا في ترجح التكليف لا ما يكون وجوده العيني شرطا في وجود التكليف ليتوجه الاشكال المذكور ولزوم تأثير المعدوم في الموجود فالمسامحة واقعة في مقامين (في اطلاق) الشرط على الوجود الخارجي مع أن الشرط هو الوجود العلمي (وفي) جعله شرطا للتكليف وإنما هو شرط لترجح وجوده على عدمه الموجب لارادته والمصحح للمسامحة في الاول كون الوجود العلمي حاكيا عن الخارج فانيا فيه فيسري إليه وصفه وفى الثاني كونه من مقدمات وجود التكليف ولو بالواسطة (قوله: ليس إلا ان) سبك العبارة يقتضي كون المراد من الاول شرط التكليف وما في نسختي من قوله: وأما الثاني، يقتضي أن يكون أصله: وأما الثالث (قوله: لتصوره)

٢٢٦

وكذا الحال في شرائط الوضع مطلقا - ولو كان مقارنا - فان دخل شئ في الحكم به وصحة انتزاعه لدى الحاكم به ليس إلا ما كان بلحاظه يصح انتزاعه وبدونه لا يكاد يصح اختراعه عنده فيكون دخل كل من المقارن وغيره بتصوره ولحاظه وهو مقارن وأين انخرام القاعدة العقلية في غير المقارن ؟ فتأمل تعرف (وأما الثاني) فكون شئ شرطا للمأمور به ليس الا ما يحصل لذات المأمور به بالاضافة إليه وجها وعنوانا به يكون حسنا ومتعلقا للغرض بحيث لولاه لما كان كذلك، واختلاف الحسن والقبح والغرض باختلاف الوجوه والاعتبارات الناشئة من الاضافات مما لا شبهة فيه ولا شك يعتريه، والاضافة كما تكون إلى المقارن تكون إلى المتأخر أو المتقدم بلا تفاوت اصلا كما لا يخفى على المتأمل، فكما تكون اضافة شئ إلى مقارن له موجبا لكونه معنونا بعنوان يكون بذلك العنوان حسنا ومتعلقا للغرض كذلك

______________________________

لا لوجوده (قوله: وكذا الحال في شرائط) إذ الوضع كالملكية ونحوها اعتبارات من المعتبر والاعتبار ايضا فعل اختياري ينشأ عن الارادة فلا يكون الوجود المتأخر شرطا فيه بل لحاظه شرط في ترجحه حسبما تقدم في التكليف بعينه (قوله: في الحكم به) يعني بالوضع كالملكية ونحوها من الوضعيات (فان قلت): ترجح التكليف أو الوضع بنظر المكلف والجاعل وان كان ناشئا عن ملاحظة الامر المتأخر لا عن نفسه إلا أنه ما لم يكن ذلك الامر المتأخر دخيلا في ترتب أثر مرغوب فيه عليه لم تكن ملاحظة وجوده المتأخر موجبة لاعتقاد الرجحان وحينئذ يرجع الاشكال (قلت): ترجح الوجود على العدم أمر اعتباري يكفي فيه كون الوجود مما يترتب عليه اثر محتاج إليه ولو في المستقبل (مثلا): نزول الضيف غدا موجب لكون تهيئة الاواني اليوم راجحا حيث انه يوجب ترتب اثر مرغوب فيه ولو بعد نزول الضيف ولاجله تكون تهيئة الاواني قبل نزول الضيف فعلا راجحا فتتعلق به الارادة ولا يتوقف الرجحان على ترتب أثر محتاج إليه حال الفعل (قوله: ليس إلا ما يحصل) يعني ليس

٢٢٧

بمعنى كونه شرطا لوجود ذات المأمور به بحيث لولاه لم توجد بل بمعنى أن المأمور به في مقام موضوعيته للامر قد اخذ مقيدا به ومضافا إليه إضافة التقارن أو التقدم أو التأخر (فان قلت): اخذ المأمور به مضافا إليه في مقام موضوعيته للامر لا يكون جزافا لقبح الترجيح بلا مرجح (قلت): لا بد أن تكون اضافته إليه موجبة لترجح وجود المأمور به وحسنه كما اشتهر أن الحسن والقبح بالاضافات والاعتبارات (فان قلت): هذا - مع أنه راجع إلى ما ذكر صاحب الفصول من أن الشرط نفس التعقب لا الوجود المتعقب به وظاهر المصنف (ره) مغايرته له يرد عليه ما أورده في فوائده على الفصول من أن التعقب ونحوه من الامور الاعتبارية لا تصلح للتأثير فلا بد أن يكون دخلها بدخل منشأ الانتزاع وهو الوجود المتأخر فيرجع الاشكال (قلت): ظاهر الفصول جعل التعقب شرطا بالمعنى المشهور أعني ما له الدخل في نفس الوجود المشروط (فتأمل) لا بمعنى ما يكون طرفا للاضافة الموجبة للحسن كما اشتهر أنه بالاضافات والاعتبارات، وأيضا فان الاضافة ملحوظة بالمعنى الاسمي على ظاهر الفصول وبالمعنى الحرفي عند المصنف (ره) فتأمل (فان قلت): الالتزام بتأثير الاضافة في الحسن يتوقف إما على الالتزام بأن للاضافة نحو خارجية تصلح للتأثير وهو محل اشكال أو بتأثير الامر المتأخر فيرجع الاشكال (قلت): إنه لا مانع من تأثير الاضافة في حسن المتقدم لان الحسن ايضا من الامور الاعتبارية (فان قلت): الحسن وإن كان من الامور الاعتبارية إلا انه ناشئ عن خصوصية في الموضوع واقعية حقيقية فدخل الاضافة فيه لابد أن يكون لدخل منشأ الاضافة أعني الوجود المتأخر في وجود تلك الخصوصية وإلا كان أخذه قيدا للمأمور به بلا وجه مصحح، وحينئذ يلزم أن يكون المتأخر دخيلا في وجود الخصوصية المتقدمة ويرجع الاشكال (قلت): لا مانع من الالتزام بكون الخصوصية مقارنة لوجود الشرط ولا يعتبر في حسن الشئ أن يكون ذا أثر مقارن له بل يكفي في حسنه كونه مما يترتب عليه أثر محتاج إليه ولو في المستقبل، فالصوم النهاري إذا كان يترتب عليه أثر في المستقبل يكون حسنا راجحا - كما عرفت سابقا -

٢٢٨

اضافته إلى متأخر أو متقدم، بداهة أن الاضافة إلى احدهما ربما توجب ذلك أيضا فلو لا حدوث المتأخر في محله لما كانت للمتقدم تلك الاضافة الموجبة لحسنه الموجب لطلبه والامر به كما هو الحال في المقارن ايضا، ولذلك أطلق عليه الشرط مثله بلا انخرام للقاعدة اصلا لان المتقدم أو المتأخر كالمقارن ليس إلا طرف الاضافة الموجبة للخصوصية الموجبة للحسن، وقد حقق في محله أنه بالوجوه والاعتبارات، ومن الواضح أنها تكون بالاضافات، فمنشأ توهم الانخرام اطلاق الشرط على المتأخر وقد عرفت أن اطلاقه عليه فيه كاطلاقه على المقارن انما يكون لاجل كونه طرفا للاضافة الموجبة للوجه الذى يكون بذلك الوجه مرغوبا ومطلوبا كما كان في الحكم لاجل دخل تصوره فيه كدخل تصور ساير الاطراف والحدود التى لولا لحاظها لما حصل له الرغبة في التكليف، أو لما صح عنده الوضع، وهذه خلاصة ما بسطناه من المقال في دفع هذا الاشكال في بعض فوائدنا، ولم يسبقنى أحد إليه فيما أعلم فافهم

______________________________

بلا فرق بينهما إلا في أن المتأخر يوجب الاحتياج إلى الاثر المفروض الترتب فيما سبق، ويوجب نفس ترتب الاثر المفروض الاحتياج إليه هنا، كما هو الفارق بين شرط الوجوب وشرط الواجب " فالمتحصل " في دفع الاشكال أن الشرط في المقام ليس بالمعنى المعروف أعني ما له الدخل في قابلية الفاعل أو القابل، بل بمعنى ما كان لحاظه دخيلا في ثبوت المشروط بنحو الداعي إلى ارادة ثبوته أو بمعنى ما لوحظ قيدا للمشروط حين أخذه موضوعا للحكم، ومنشأ الاشكال توهم أن الرضا المتأخر شرط في تأثير العقد في الملكية نظير يبوسة الحطب التي هي شرط في تأثير النار في الاحتراق، وقد عرفت أن الملكية من مجعولات الشارع لا من آثار العقد. نعم لم يجعل الشارع الملكية عند العقد مطلقا بل خصوص العقد المرضي بمضمونه ولو بالرضا اللاحق فتأمل تعرف حقيقة الحال انشاء الله والله سبحانه أعلم (قوله: لما كانت) لان المتأخر مقوم للاضافة فلا تكون بدونه، (قوله: أنها تكون) يعني الوجوه والاعتبارات (قوله: دخل تصوره)

٢٢٩

واغتنم، ولا يخفى أنها بجميع أقسامها داخلة في محل النزاع وبناء على الملازمة يتصف اللاحق بالوجوب كالمقارن والسابق إذ بدونه لا يكاد يحصل الموافقة ويكون سقوط الامر باتيان المشروط به مراعى باتيانه فلولا اغتسالها بالليل - على القول بالاشتراط - لما صح الصوم في اليوم (الامر الثالث) في تقسيمات الواجب " منها " تقسيمه إلى المطلق والمشروط، وقد ذكر لكل منهما تعريفات وحدود تختلف بحسب ما أخذ فيها من القيود وربما اطيل الكلام بالنقض والابرام في النقض على الطرد والعكس مع انها - كما لا يخفى - تعريفات لفظية لشرح الاسم، وليست بالحد ولا بالرسم

______________________________

اختلاف البيان حيث ذكر هنا ذلك وفي شرط المأمور به كونه طرفا للاضافة من حيث أن الشرط في الثاني أخذ قيدا للمأمور به وفي الاولين يمتنع أخذه قيدا فيه فلا يكون طرفا للاضافة إليه والا ففي الجميع الدخل إنما هو للحاظ والتصور كما يظهر بملاحظة الفوائد (قوله: إذ بدونه) تعليل لانصاف اللاحق يعني أن المناط في الوجوب الغيري - وهو المقدمية - حاصل في الجميع بنحو واحد، (قوله: لما صح الصوم) إذ لا يكون حينئذ مطابقا للمأمور به فيبطل، والله سبحانه اعلم.

المطلق والمشروط

(قوله: تعريفات وحدود) مثل ماعن عميد الدين من أن الواجب (المطلق) ما لا يتوقف وجوبه على أمر زائد على الامور المعتبرة في التكليف من العلم والعقل والقدرة والبلوغ، (والمشروط) بخلافه، وما عن التفتازانى والشريف من أنه ما لا يتوقف وجوبه على ما يتوقف عليه وجوده (والمشروط) بخلافه وما عن آخر من زيادة قيدا الحيثية في الحدين، وما عن رابع من أنه ما لا يتوقف تعلقه بالمكلف على أمر غير حاصل والمشروط بخلافه (قوله: تعريفات لفظية) هذا في الجملة مسلم إلا أن عدول بعض عن تعريف آخر معتذرا بعدم المنع أو الطرد

٢٣٠

والظاهر أنه ليس لهم اصطلاح جديد في لفظ المطلق والمشروط، بل يطلق كل منهما بما له من معناه العرفي، كما أن الظاهر أن وصفي الاطلاق والاشتراط وصفان اضافيان لا حقيقيان والا لم يكد يوجد واجب مطلق ضرورة اشتراط وجوب كل واجب ببعض الامور لا أقل من الشرائط العامة كالبلوغ والعقل، فالحري أن يقال: إن الواجب مع كل شئ يلاحظ معه (إن) كان وجوبه غير مشروط به (فهو) مطلق بالاضافة إليه، وإلا فمشروط كذلك وان كان بالقياس إلى شئ آخر كانا بالعكس ثم الظاهر ان الواجب المشروط كما أشرنا إليه أن نفس الوجوب فيه مشروط بالشرط بحيث لا وجوب حقيقة ولا طلب واقعا قبل حصول الشرط

______________________________

*

يدل على خلاف ذلك ولا سيما بملاحظة الاهتمام في تكثير القيود (قوله: والظاهر انه ليس) هذا خلاف ظاهر جملة من التعريفات فلاحظ (قوله: من معناه العرفي) وهو ما يكون الوجوب فيه مطلقا غير منوط بشئ آخر وما يكون مشروطا منوطا (قوله: وصفان اضافيان) بحيث يثبت كل منهما بالاضافة إلى شئ بعينه كما سيأتي بيانه في المتن (قوله: لا حقيقيان) بأن يكون الاطلاق عبارة عن عدم اشتراط الوجوب بشئ أصلا ويكون الاشتراط بخلافه (قوله: لم يكد يوجد) يعنى ولا يمكن الالتزام به (أقول): مقتضى تعريف ابن العميد وغيره عدم لزوم ذلك (قوله: كل شئ) يعنى بعينه، مثلا الصلاة الملحوظة مع الطهارة لما لم يكن وجوبها مشروطا بوجودها فوجوبها مطلق بالاضافة إليها وان كان بالاضافة إلى البلوغ مشروطا (قوله: كذلك) يعنى بالاضافة إليه أيضا (قوله: كانا بالعكس) بأن يكون المطلق مشروطا بالنسبة إلى الشئ الآخر والمشروط مطلقا بالنسبة إليه فضمير (كانا) راجع إلى المطلق والمشروط واسم (كان) الاولى ضمير الشأن (قوله: بحيث لا وجوب حقيقة) هذا يصح لو كان الجزاء معلقا على الشرط بوجوده العيني الخارجي أما لو كان معلقا عليه بوجوده الفرضى اللحاظى الذى يكون موضوع الاستعمال والارادة والكراهة

٢٣١

كما هو ظاهر الخطاب التعليقي ضرورة ان ظاهر خطاب: إن جاءك زيد فأكرمه، كون الشرط من

______________________________

وغيرها فانها لا تتعلق بالخارج إذ قد لا يكون المستعمل فيه له وجود خارجي، ولان الوجود الخارجي في الارادة والكراهة ملازم لسقوطهما لا مقوم لهما، بل موضوع هذه الامور نفس الوجود اللحاظى الذي يرى خارجيا غير ملتفت إلى كونه لحاظيا فهو فان فيه فناء الحاكي في المحكي، وكذلك حال الشرط المنوط به الجزاء في القضايا الشرطية فانه بوجوده الفرضي اللحاظي قد أنيط به الجزاء ولازمه ثبوت الجزاء فعلا ثبوتا منوطا معلقا لا مطلقا غير معلق، بل هو الحال في سائر القضايا الحملية الانشائية أو الخبرية مثل: يحرم الخمر، ويحل التمر، فان الحرمة والحل قائمان بالخمر والتمر بوجودهما اللحاظي لا الخارجي وإلا فقد لا يكون خمر أو تمر ومع ذلك يحكم بثبوت الحرمة والحل لموضوعيهما ولا فرق بين النسب الحملية والشرطية، إذ كما ان الجزاء منوط بشرطه كذلك المحمول منوط بموضوعه، وكما أن المحمول منوط بموضوعه الفرضي اللحاظي كذلك الجزاء منوط بشرطه كذلك، فالوجوب حينئذ يكون ثابتا حقيقة قبل حصول الشرط لكنه على نحو خاص من الثبوت أعني ثبوتا منوطا لا مطلقا، ولاجل ذلك جرى فيه الاستصحاب كما سيأتي في محله انشاء الله. نعم مثل هذا الوجوب الثابت على النحو المذكور لا يصلح للبعث إلى متعلقه إلا بعد ثبوت الشرط المناط به لا قبله، لكنه لا ينافى ما ذكرنا من ثبوت الوجوب قبله إلا أن يدعى أن الوجوب إنما يكون منتزعا عن مقام المحركية التحقيقية التي عرفت توقف تحققها على وجود الشرط كذلك لكنه غير ظاهر كما لعله يأتي توضيحه فانتظر (قوله: كما هو ظاهر الخطاب التعليقي) اعلم أن مفهوم قولنا: ان كانت الشمس طالعة فالنهار موجود. يحتمل بدوا أمورا (الاول) محض الملازمة بين الشرط والجزاء نظير قولنا: طلوع الشمس ملزوم لوجود النهار (الثاني) تعليق الاخبار بالجزاء على وجود الشرط نظير قولنا: إذا طلعت الشمس أخبرتك بوجود النهار (الثالث) تعليق المخبر - به عليه أعنى

٢٣٢

قيود الهيئة وأن طلب الاكرام وايجابه معلق على المجئ لا أن الواجب فيه يكون مقيدا به بحيث يكون الطلب والايجاب في الخطاب فعليا ومطلقا وإنما الواجب يكون

______________________________

*

إناطة النسبة الخبرية بالشرط نظير قولنا: يوجد النهار على تقدير طلوع الشمس (الرابع) تقييد النسبة الخبرية بالشرط فيكون المخبر به نسبة خاصة نظير قولنا: يوجد النهار بعد طلوع الشمس (الخامس) تقييد موضوع الجزاء به نظير قولنا: النهار الكائن عند طلوع الشمس موجود وهكذا الحال لو كان الجزاء إنشاء مثل: ان جاءك زيد فأكرمه فيجوز ان يكون لانشاء الملازمة وتعليق الانشاء وتعليق المنشأ، وتقييده وتقيد موضوعه، والمنسوب للمنطقيين هو الاول والمختار لبعض الاعيان هو الثاني، وظاهر بعض المنطقيين والمنسوب لاهل العربية هو الثالث - وهو ظاهر المصنف (ره) - والمختار لشيخنا الاعظم (ره) هو الخامس، ولم أعرف من بنى على الرابع، والتحقيق مختار المصنف (ره) لانه الظاهر (والابراد) عليه بأنه يستلزم الكذب في مثل قوله تعالى: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا، لان صدق الخبر يتوقف على ثبوت النسبة الواقعية وهو باطل - مع أنه خلاف المقصود، ولاجل ذلك اختار بعض الاعيان الثاني وغيره الاول (مندفع) بالخلط بينه وبين الرابع فان الكذب في مثل ذلك إنما يلزم عليه وعلى الخامس لا على الثالث إذ عليه تكون القضية حاكية عن الوجود التقديري ويكفي في صدقها ان تكون جهة مصححة للتقدير وان لم يصر فعليا إلى الابد مع أن البناء على كونه من تعليق الخبر يقتضي كونه قبل وجود الشرط غير خبر مع أنه محتمل للصدق والكذب اللهم الا ان يكون منوطا بالوجود اللحاظي كما عرفت (قوله: من قيود الهيئة) يعني قيدا لها بنحو التعليق والاناطة لا مثل تقييدها بالمادة كما هو مفاد الاحتمال الرابع الذي عرفت بطلانه (قوله: وان طلب) بيان لمفاد الهيئة لكن عرفت سابقا ان الظاهر من مفاد الهيئة هو النسبة التكوينية لا الطلبية (قوله: لا ان الواجب) الذي هو مفاد الاحتمال الخامس

٢٣٣

خاصا ومقيدا وهو الاكرام على تقدير المجئ فيكون الشرط من قيود المادة لا الهيئة كما نسب ذلك لى شيخنا العلامة أعلى الله مقامه مدعيا لامتناع كون الشرط من قيود الهيئة واقعا ولزوم كونه من قيود المادة لبا مع الاعتراف بأن قضية القواعد العربية أنه من قيود الهيئة ظاهرا، أما امتناع كونه من قيود الهيئة فلانه لا إطلاق في الفرد الموجود من الطلب المتعلق بالفعل المنشأ بالهيئة حتى يصح القول بتقييده بشرط ونحوه فكل ما يحتمل رجوعه إلى الطلب الذي يدل عليه الهيئة فهو عند التحقيق راجع إلى نفس المادة، وأما لزوم كونه من قيود المادة لبا فلان العاقل إذا توجه إلى شئ والتفت إليه فاما ان يتعلق طلبه به أو لا يتعلق به طلبه أصلا، لا كلام على الثاني، وعلى الاول فاما أن يكون ذاك الشئ موردا لطلبه وأمره مطلقا على اختلاف طوارئه أو على تقدير خاص، وذلك التقدير (تارة) يكون من الامور الاختيارية (وأخرى) لا يكون كذلك، وما كان من الامور الاختيارية قد يكون ماخوذا فيه على نحو يكون موردا للتكليف، وقد لا يكون كذلك على اختلاف الاغراض الداعية إلى طلبه والامر به من غير فرق في ذلك بين القول بتبعية الاحكام للمصالح والمفاسد والقول بعدم التبعية كما لا يخفى هذا موافق لما افاده بعض الافاضل المقرر لبحثه بأدنى تفاوت، ولا يخفى ما فيه، أما حديث عدم الاطلاق في مفاد الهيئة

______________________________

(قوله: مع الاعتراف) صرح بذلك في غير موضع من كلامه " أقول ": إذا امتنع تقييد الهيئة كيف يكون مقتضى القواعد العربية ؟ (قوله: لا إطلاق في) لذهابه " قدس سره " إلى أن الموضوع له في الحروف خاص (قوله: الاختيارية) ومثل له بقولك: إن دخلت الدار فافعل كذا (قوله: من غير فرق) إذ على القول بالتبعية يقرر الترديد المذكور بالنسبة إلى المصلحة التي تتبعها الارادة، وعلى القول بعدم التبعية يقرر بالنسبة إلى الارادة نفسها كما قرر المصنف " ره " (قوله: موافق لما أفاده) ذكر ذلك في التقريرات في ذيل هداية عقدها

٢٣٤

فقد حققناه سابقا أن كل واحد من الموضوع له والمستعمل فيه في الحروف يكون عاما كوضعها وإنما الخصوصية من قبل الاستعمال كالاسماء، وإنما الفرق بينهما أنها وضعت لتستعمل وقصد بها المعنى بما هو هو، والحروف وضعت لتستعمل وقصد بها معانيها بما هي آلة وحالة لمعاني المتعلقات فلحاظ الآلية كلحاظ الاستقلالية ليس من طوارئ المعنى بل من مشخصات الاستعمال كما لا يخفى على أولى الدراية والنهى، والطلب المفاد من الهيئة المستعملة فيه مطلق قابل لان يقيد - مع أنه لو سلم أنه فرد فانما يمنع عن التقييد لو أنشئ أولا غير مقيد لا مااذا أنشئ من الاول مقيدا غاية الامر قد دل

______________________________

لدفع الاشكال في وجوب مقدمات الواجب المشروط قبل وقته (قوله: فقد حققنا سابقا) لكن عرفت ان مختار شيخنا الاعظم " قدس سره " أن الموضوع له فيها خاص لا عام فالاشكال المذكور يكون في المبنى (قوله: يكون عاما) لكنك عرفت إشكاله سابقا. نعم يمكن الاشكال على شيخنا الاعظم " ره " بان كلامه لا يتم لو كان الطلب مستفادا من مادته أو نحوها مثل: إذا زالت الشمس وجب الطهور والصلاة، لعدم المانع حينئذ من تقييد الطلب (قوله: مع انه لو سلم انه) ينبغي ان يكون مراده انه لو سلم كون المستعمل فيه خاصا وهو خصوص النسبة الطلبية إلا ان تخصص النسب إنما هو بتخصص أطرافها فالنسبة المستعمل فيها هيئة " اكرم زيدا " غير النسبة المستعمل فيها هيئة " علم زيدا " وهما غير النسبة المستعمل فيها هيئة (اضرب زيدا) فهذه المغايرة إنما جاءت من خصوصيات الاطراف فإذا كان تخصص النسبة بتخصص اطرافها جاز تخصصها بخصوصية الشرط وكما أن تخصصها بخصوصية الاكرام أو العلم أو الضرب لا يمنع من كون المستعمل فيه خاصا كان تخصيصها بالشرط كذلك، وأما ما قد يظهر من العبارة من أن كون المعنى فردا إنما يمنع عن تقييده بعد الانشاء لا قبله، وأنه قبل الانشاء قابل للاطلاق والتقييد فلا ينبغي ان يكون مرادا لما عرفت من ان المعنى الحرفي على رأي شيخنا الاعظم غير قابل للاطلاق والتقييد لا قبل الاستعمال ولا بعده أو انه اشار إلى ما ذكر، بقوله: فافهم

٢٣٥

عليه بدالين وهو غير انشائه أولا ثم تقييده ثانيا فافهم (فان قلت) على ذلك يلزم تفكيك الانشاء عن المنشأ حيث لا طلب قبل حصول الشرط (قلت): المنشأ إذا كان هو الطلب على تقدير حصوله فلا بد أن لا يكون قبل حصوله طلب وبعث والا لتخلف عن انشائه، وإنشاء أمر على تقدير كالاخبار به بمكان من الامكان كما يشهد به الوجدان فتأمل جيدا، وأما حديث لزوم رجوع الشرط إلى المادة لبا ففيه أن الشئ إذا توجه إليه وكان موافقا للغرض بحسب ما فيه من المصلحة

______________________________

(قوله: عليه بدالين) دل أحدهما على نفس المطلق وهو الهيئة وثانيهما على التقييد وهو الشرط بل جميع خصوصيات النسب إنما تدل عليه اطرافها (قوله: على ذلك يلزم) يعني على ما ذكرت من كون الشرط قيدا للطلب (قوله: لا طلب قبل) قد عرفت الاشارة إلى ان هذا انما يلزم لو كان المعلق عليه الشرط بوجوده الخارجي أما لو كان بوجوده الذهني الحاكي عن الخارجي بنحو لا يلتفت إلى ذهنيته يكون الطلب حاصلا قبل حصول الشرط لكن معلقا عليه لا مطلقا وهو نحو خاص من الثبوت نظير الثبوت المطلق كما صرح به في الاستصحاب التعليقي (قوله: المنشأ إذا كان) يعني ان التفكيك بين الانشاء والمنشأ انما يمتنع حيث يؤدي إلى عدم وجود المنشأ بالانشاء وهو غير لازم في المقام لان المفروض كون المنشأ هو الطلب بعد الشرط فلو حصل قبله كان خلفا ممنوعا لان ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد. نعم يبقى الاشكال في انه كيف يمكن إنشاء الامر المتأخر عن زمان الانشاء لانه إن وجد بعد الشرط يلزم تأثير المعدوم في الموجود وان لم يوجد يلزم التفكيك. ويندفع بأن المنشأ لما كان أمرا اعتباريا جاز أن يكون منشؤه متقدما كما جاز ان يكون متأخرا كما تقدم في الشرط المتأخر بيانه (قوله: كالاخبار به) لا مجال لقياس الانشاء بالخبر لان الاخبار غير موثر بالمخبر به والانشاء موثر بالمنشأ فلا بد من التعرض لدفع الاشكال بما عرفت (قوله: كما يشهد به الوجدان) يظهر ذلك بملاحظة الوصية التمليكية والتدبير بناء على أنهما تمليك وتحرير بعد الموت، واشتراط الخيار المتأخر، والنذر

٢٣٦

أو غيرها كما يمكن ان يبعث فعلا إليه ويطلبه حالا لعدم مانع عن طلبه كذلك يمكن أن يبعث إليه معلقا ويطلبه استقبالا على تقدير شرط متوقع الحصول لاجل مانع عن الطلب والبعث فعلا قبل حصوله فلا يصح منه الا الطلب والبعث معلقا بحصوله لا مطلقا ولو متعلقا بذاك على التقدير، فيصح منه طلب الاكرام بعد مجئ زيد، ولا يصح منه الطلب المطلق الحالي للاكرام المقيد بالمجيئ هذا بناء على تبعية الاحكام لمصالح فيها في غاية الوضوح، وأما بناء على تبعيتها للمصالح والمفاسد في المأمور بها والمنهى عنها فكذلك، ضرورة ان التبعية كذلك انما تكون في الاحكام الواقعية بما هي واقعية لا بما هي فعلية فان المنع عن فعلية تلك الاحكام غير عزيز

______________________________

المعلق على شرط غير حاصل وغير ذلك (قوله: أو غيرها) يعني مطلق الجهة الموجبة للبعث والطلب وان لم تكن مصلحة كما يراه الاشعري (قوله: كما يمكن أن يبعث) يعنى أن الطلب من الافعال الاختيارية وكما أن وجوده يتوقف على عدم المانع كذلك وجوده الخاص أعني كونه مطلقا أو معلقا فإذا كان مقتض لوجوده ومنع مانع عن وجوده مطلقا يوجد حينئذ معلقا ولا يكفي في جوده مطلقا مجرد وجود مقتض له وان كان مع المانع (قوله: على تقدير) متعلق بقوله: (يطلبه) (قوله: لاجل مانع) متعلق بقوله: (معلقا) (قوله: بحصوله) يعنى على حصول الشرط (قوله: لا مطلقا) مدخول (لا) معطوف بها على قوله: (معلقا) يعني لا يصح منه الطلب مطلقا غير معلق سواء أكان متعلقا بالفعل مطلقا أم بالفعل مقيدا بتقدير الشرط فقوله: (ولو معلقا) ليس بيانا للاطلاق بل هو بيان لاطلاق المنفي وهو صحته مطلقا وقوله: (بذاك) اشارة إلى الفعل المطلوب، وقوله: على التقدير، قيد له (قوله: في غاية الوضوح) لوضوح امكان وجود المانع عن طلبه مطلقا (قوله: فكذلك) يعنى في غاية الوضوح ايضا (قوله: ضرورة ان التبعية) يعني لو قلنا بتبعية الاحكام للمصالح والمفاسد في متعلقاتها فالمراد بها الاحكام

٢٣٧

كما في موارد الاصول والامارات على خلافها وفي بعض الاحكام في اول البعثة بل إلى يوم قيام القائم - عجل الله فرجه - مع ان حلال محمد صلى الله عليه وآله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، ومع ذلك ربما يكون المانع عن فعلية بعض الاحكام باقيا مر الليالى والايام إلى أن تطلع شمس الهداية ويرتفع الظلام كما يظهر من الاخبار المروية عن الائمة عيهم السلام (فان قلت): فما فائدة الانشاء إذا لم يكون المنشأ به طلبا فعليا وبعثا حاليا (قلت): كفى فائدة له أنه يصير بعثا فعليا بعد حصول الشرط بلا حاجة إلى خطاب آخر

______________________________

الواقعية الانشائية أما الفعلية فتابعة لما فيها من المصالح وحينئذ فقد يمنع من فعلية الطلب مانع فلا يكون فعليا بل يكون تعليقيا كما تقدم فلا يتم ما ذكره شيخنا الاعظم (ره) (قوله: كما في موارد) فان مصلحة الترخيص - ولو كانت هي التسهيل - مانعة من فعلية الحكم الواقعي وكذا الحال في بعض الاحكام في اول البعثة فانها لم تكن فعليته لمانع منع عن فعليتها، وكذا الحال في بعض الاحكام من أول البعثة إلى زمان ظهور الحجة - عجل الله تعالى فرجه - فانها عند ظهوره (عليه السلام) تكون فعلية بعد ما لم تكن، ولا يتوهم أن زمان ظهوره زمان ثبوت تلك الاحكام لا زمان فعليتها لان ذلك يستلزم تبدل الاحكام بظهوره وهو خلاف مادل على أن حلال محمد صلى الله عليه وآله حلال... الخ (أقول): هذا وان سلم من جهة ان المقتضيات في المتعلقات ليست عللا تامة لفعلية الاحكام بل يمكن ان يكون مقدار اقتضائها مجرد انشاء الحكم فلا موجب لفعليته أو تكون مقتضيات لفعليتها الا انه منع عنها مانع ولو كانت مصلحة التسهيل إلا أن البناء على كون الاحكام الواقعية تابعة للمقتضيات في متعلقاتها كاف في تمام برهان شيخنا الاعظم بالنسبة إلى الحكم الواقعي إذ يعلم حينئذ أن الطلب الواقعي ليس معلقا على الشرط وإذا علم ذلك كان فعليا وهو المطلوب ولا مجال لجعل حكم على خلافه للزوم التناقض فان الحكم الواقعي وان كان لا ينافيه الحكم الظاهري الا أنه مادام الجهل بالحكم

٢٣٨

بحيث لولاه

______________________________

الواقعي لا ما لو علم به. هذا مضافا إلى أن ما ذكره من الاشكال انما يتم بالاضافة إلى الطلب الذي هو فعل اختياري لا بالاضافة إلى الارادة فانها ليست بارادته وحينئذ فإذا كان الفعل مشتملا على المصلحة بلا مزاحم كما هو المفروض تعلقت به الارادة فعلا ولا مجال لتعلقها معلقة على شرط غير حاصل والبناء على امتناع تعلق الارادة بالامر الاستقبالي خلاف ما سيصرح به عن قريب (فالتحقيق) في وجه الاشكال على شيخنا الاعظم أن ما ذكره (ره) مبني على عدم الفرق بين شرط الواجب وشرط الوجوب في إمكان الاخذ قيدا للواجب مع ثبوت الفرق بينهما فان الاول ما يكون دخيلا في ترتب أثر الواجب عليه، والثاني ما يكون دخيلا في الاحتياج إلى ذلك الاثر مثلا: المرض شرط في وجوب استعمال المسهل واستعمال المنضج شرط لنفس استعمال المسهل فشرطية الاول للوجوب ناشئة من دخله في ثبوت الاحتياج إلى استعمال المسهل وشرطية الثاني في الواجب ناشئة من دخله في ترتب الاثر المحتاج إليه عليه فموضوع الاثر المحتاج إليه شرب المسهل المسبوق بشرب المنضج، والعلة في ثبوت هذا الاحتياج هو المرض ولاجل هذا الاختلاف اختلفا في موضوع التقييد فكان أحدهما قيدا للوجوب والاخر قيدا للواجب حيث أن تعلق الارادة بالمراد إنما يكون في ظرف ثبوت الحاجة إلى أثره فتكون منوطة بعلل الحاجة ومقدماتها ومعلولة لها بحيث لا تكون الارادة في الخارج إلا في ظرف الفراغ عن ثبوتها بخلاف مقدمات ثبوت الاثر المحتاج إليه فان الارادة تكون علة لها، ولاجل ذلك امتنع اخذ مقدمات الاحتياج قيدا في موضوع الارادة كما امتنع اخذ مقدمات الاثر قيدا لنفس الارادة أما امتناع الاول فلانه تحصيل الحاصل لان الارادة تكون بعد حصولها فإذا تعلقت بها حينئذ لزم المحذور، واما امتناع الثاني فلانه في ظرف ثبوت الاحتياج لا بد من تعلق الارادة بها قهرا لانه علة للارادة وفى ظرف عدمه تكون الارادة بلا مرجح وهو ممتنع (قوله: بحيث لولاه)

٢٣٩

لما كان فعلا متمكنا من الخطاب هذا - مع شمول الخطاب كذلك للايجاب فعلا بالنسبة إلى الواجد للشرط فيكون بعثا فعليا بالاضافة إليه وتقديريا بالنسبة إلى الفاقد له فافهم وتأمل جيدا. ثم الظاهر دخول المقدمات الوجودية للواجب المشروط في محل النزاع ايضا فلا وجه لتخصيصه بمقدمات الواجب المطلق غاية الامر تكون في الاطلاق والاشتراط تابعة لذى المقدمة كاصل الوجوب بناء على وجوبها من باب الملازمة وأما الشرط المعلق عليه الايجاب في ظاهر الخطاب فخروجه مما لا شبهة فيه ولا ارتياب أما على ما هو ظاهر المشهور والمنصور فلكونه مقدمة وجوبية، وأما على المختار لشيخنا العلامة - أعلى الله مقامه - فلانه وان كان من المقدمات الوجودية للواجب الا انه أخذ على نحو لا يكاد يترشح عليه الوجوب منه فانه جعل الشئ واجبا على تقدير حصول ذاك الشرط فمعه كيف يترشح عليه الوجوب ويتعلق به الطلب ؟ وهل هو إلا طلب الحاصل ؟ نعم على مختاره - قدس سره - لو كانت له مقدمات وجودية غير معلق عليها وجوبه لتعلق بها

______________________________

يعني الانشاء قبل الشرط (قوله: كان فعلا) يعني بعد حصول الشرط (قوله: مع شمول) يعني قد يترتب عليه فائدة ثانية وهي فعلية الطلب بالنسبة إلى المكلف الواجد للشرط (قوله: الظاهر دخول) لاطلاق عنوان المبحث مع وجود ملاك البحث ومساواتها لمقدمات الواجب المطلق في المقدمية للواجب (قوله: فلا وجه لتخصيصه) يعني ان بعضهم اعتبر الاطلاق في عنوان النزاع (قوله: تكون في) يعني تكون واجبة مطلقة أو واجبة مشروطة كذي المقدمة فيكون وجوبها الغيري مطلقا أو مشروطا كالوجوب النفسي (قوله: مقدمة وجوبية) يعني وإذا كانت مقدمة للوجوب كان وجوده بعد وجودها فتعلقه بها يلزم منه تحصيل الحاصل (قوله: فانه جعل الشئ) ضمير إن للشأن يعني: ان الشرط لم يؤخذ شرطا للواجب

٢٤٠