حقائق الاصول الجزء ١

حقائق الاصول0%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 571

حقائق الاصول

مؤلف: السيد محسن الطباطبائى الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 571
المشاهدات: 201815
تحميل: 4735


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 201815 / تحميل: 4735
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء 1

مؤلف:
العربية

فلا يكاد يتصف بالحرمة أو الكراهة إذ منها ما يتمكن معه من ترك الحرام أو المكروه اختيارا كما كان متمكنا قبله فلا دخل له أصلا في حصول ما هو المطلوب من ترك الحرام أو المكروه فلم يترشح من طلبه طلب ترك مقدمتهما (نعم) ما لا يتمكن معه من الترك المطلوب لا محالة يكون مطلوب الترك ويترشح من طلب تركهما طلب ترك خصوص هذه المقدمة فلو لم يكن للحرام مقدمة لا يبقى معها اختيار تركه لما اتصف بالحرمة مقدمة من مقدماته (لا يقال): كيف ولا يكاد يكون فعل الا عن مقدمة لا محالة معها يوجد ضرورة ان الشئ ما لم يجب لم يوجد (فانه يقال):

______________________________

فيها ايضا (قوله: إذ منها ما يتمكن معه) قد عرفت أن الشئ الواحد إذا كان له مقدمات توقف وجوده على كل واحدة منها وتوقف عدمه على عدم واحدة منها وان وجدت الباقية فالحرام لما كان واجب الترك كان الواجب الغيري ما يتوقف عليه الترك الواجب فإذا كان يكفي فيه ترك واحدة كان الواجب الغيري ترك واحدة على البدل فيكون الواجب الغيري تخييريا بين تروك المقدمات فللمكلف فعل جميعها عدا واحدة (قوله: ما لا يتمكن معه) يعني المقدمة التي لا يتمكن مع فعلها من ترك الحرام كما لو فعل جميع المقدمات عدا واحدة منها فان فعلها يكون حراما حينئذ لانه علة تامة لحصول الحرام (قوله: لا يبقي معها اختيار) بان كان الحرام فعلا اختياريا فان من مقدماته الوجودية اختياره وارادته (قوله: لما اتصف) أما عدم اتصاف الاختيار بالحرمة الغيرية فلانه ليس بالاختيار، وأما عدم اتصاف بقية المقدمات بالحرمة فلان تركها لا يتوقف عليه ترك الحرام بالخصوص بل يكفي فيه ترك الاختيار (قوله: لا يقال كيف) ايراد على ما يستفاد من كلامه يعنى كيف يكون للشئ مقدمات توجد جميعها ويكون له فيه اختيار مع أن المقدمات لابد أن تكون علة تامة بحيث يجب معها وجود ذيها ولذا قيل: الشئ ما لم يجب لم يوجد، إذ المراد من وجوبه أن توجد علته التامة التي يمتنع أن لا يوجد معها

٣٠١

نعم لا محالة يكون من جملتها ما يجب معه صدور الحرام لكنه لا يلزم أن يكون ذلك من المقدمات الاختيارية بل من المقدمات غير الاختيارية كمبادئ الاختيار التي لا تكون بالاختيار والا لتسلسل فلا تغفل وتأمل.

فصل

(الامر بالشئ هل يقتضي النهي عن ضده أولا ؟)

فيه أقوال وتحقيق الحال يستدعي رسم أمور (الاول) الاقتضاء في العنوان أعم من أن يكون بنحو (العينية) أو (الجزئية) أو (اللزوم) من جهة التلازم بين طلب احد الضدين وطلب ترك الآخر أو (المقدمية) على ما سيظهر، كما أن المراد بالضد هاهنا هو مطلق المعاند والمنافي وجوديا كان أو عدميا (الثاني) أن الجهة المبحوث عنها في المسألة وان كانت انه هل يكون للامر اقتضاء

______________________________

(قوله: نعم لا محالة يكون) يعني ما ذكر مسلم لكن يمكن أن تكون المقدمة التي بها يجب وجود المعلول هي نفس الاختيار وهو لا يمكن أن يكون موضوعا للتكليف تعيينا أو تخييرا ولا غيره كما عرفت. والله سبحانه أعلم وله الحمد كما هو أهله.

الكلام في مسألة الضد

(قوله: الاقتضاء في العنوان) الموجب لهذا التعميم مضافا إلى اطلاق لفظ الاقتضاء أمران (أحدهما) ما تقدمت الاشارة إليه من أن عموم النزاع وخصوصه تابع لعموم الغرض وخصوصه ومن المعلوم أن فساد الضد إذا كان عبادة لا يختص ببعض أنواع الاقتضاء (وثانيهما) وجود الاقوال فقد حكي القول بالاقتضاء في الضد العام على نحو العينية، وعلى نحو التضمن: وعلى نحو الالتزام اللفظي، وعلى نحو الالتزام العقلي فانه لولا عموم الاقتضاء كانت الاقوال خارجة عن محل النزاع وهذا هو المشار إليه بقوله: سيظهر (قوله: المراد بالضد ها هنا)

٣٠٢

بنحو من الانحاء المذكورة ؟، وإلا أنه لما كان عمدة القائلين بالاقتضاء في الضد الخاص إنما ذهبوا إليه لاجل توهم مقدمية ترك الضد كان المهم صرف عنان الكلام في المقام إلى بيان الحال وتحقيق المقال في المقدمية وعدمها فنقول وعلى الله الاتكال: إن توهم توقف الشئ على ترك ضده ليس إلا من جهة المضادة والمعاندة بين الوجودين وقضيتها الممانعة بينهما ومن الواضحات ان عدم المانع من المقدمات (وهو توهم فاسد) وذلك لان المعاندة والمنافرة بين الشيئين لا تقتضي الا عدم اجتماعهما في التحقق وحيث لا منافاة أصلا بين أحد العينين وما هو نقيض الآخر وبديله بل بينهما كمال الملائمة كان أحد العينين مع نقيض الآخر وما هو بديله في مرتبة واحدة من دون أن يكون في البين ما يقتضي تقدم أحدهما على الآخر كما لا يخفى فكما أن قضية المنافاة بين المتناقضين لا تقتضي تقدم ارتفاع أحدهما في ثبوت الآخر كذلك في المتضادين كيف ولو اقتضى التضاد توقف وجود الشئ على عدم ضده توقف الشئ على عدم

______________________________

*

يعني أن الضد باصطلاح أهل المعقول الامر الوجودي الذي لا يجتمع مع وجودي آخر في محل واحد في زمان واحد، لكن المراد منه هنا مطلق المنافر الاعم من الوجودي والعدمي بشهادة إطلاقهم الضد العام على الترك (قوله: عمدة القائلين) بل المنسوب إلى المشهور منهم (قوله: لان المعاندة والمنافرة) هذا أحد الايرادات الاربعة المحكية عن حاشية المحقق التقي (ره) يعني أن التضاد بين الشيئين يقتضي عدم اجتماعهما في محل واحد في زمان واحد، ولا يقتضي أن يكون عدم أحدهما مقدمة لوجود الآخر كما في المانع الذي يكون عدمه مقدمة للممنوع لتوقفه عليه (قوله: بين أحد) أي بين وجود أحدهما وعدم الآخر (قوله: تقدم أحدهما) يعني كما يقول المشهور القائلون بمقدمية ترك الضد لفعل ضده (قوله: ان قضية المنافاة بين) وكذا المنافاة بين لازم المانع وبين الممنوع لا تقتضي مقدمية عدم أحدهما لوجود الآخر (قوله: كيف ولو اقتضى) هذا أيضا أحد الايرادات الاربعة (قوله: توقف الشئ)

٣٠٣

مانعه لا قتضى توقف عدم الضد على وجود الشئ توقف عدم الشئ على مانعه بداهة ثبوت المانعية في الطرفين وكون المطاردة من الجانبين وهو دور واضح، (وما قيل) في التفصي عن هذا الدور بان التوقف من طرف الوجود فعلي بخلاف التوقف من طرف العدم فانه يتوقف على فرض ثبوت المقتضي له مع شراشر شرائطه

______________________________

مفعول مطلق لقوله (ره): توقف وجود " وتوضيح " ما ذكر أن التضاد بين الشيئين لو كان راجعا إلى التمانع المؤدي إلى توقف وجود أحدهما على عدم الآخر لادى أيضا إلى توقف عدم كل منهما على وجود الآخر لان المانع يكون علة لعدم الممنوع وحينئذ يلزم الدور. لان وجود أحدهما متوقف على عدم الآخر الذي هو المؤدى الاول، وعدم الآخر يتوقف على وجوده الذي هو المؤدى الثاني ومنه يظهر امتناع ثبوت التمانع بين شيئين من الطرفين بل لا بد أن يكون من أحدهما دون الآخر فيقال مثلا: رطوبة الحطب مانعة من احتراقه، ولا يصح أن يقال: احتراقه مانع أيضا من رطوبته، للزوم الدور المذكور (قوله: وما قيل في التقصي) هذا منسوب إلى المحقق الخونساري (قوله: من طرف الوجود) يعني توقف وجود أحد الضدين على عدم الآخر فعلي غير تقديري بخلاف توقف العدم على الوجود فانه تقديري لانه معلق على وجود تمام أجزاء العلة التامة عدا عدم المانع إذ في ظرف اجتماعها ووجود المانع يستند العدم إلى وجوده أما لو فقد المقتضي للوجود أو الشرط يكون العدم مستندا إلى عدم المقتضي أو الشرط لا إلى وجود المانع واذ لا يستند العدم إلى وجود المانع لا يكون متوقفا عليه وإذا اختص التوقف بحال وجود سائر أجزاء العلة نقول: وجود سائر أجزاء العلة ربما يكون ممتنعا فالتوقف يكون ممتنعا أيضا، والوجه في امتناعه أن المقتضي لفعل الضد هو الارادة ويمتنع تعلقها به في ظرف إرادة ضده، مثلا في حال فعل الصلاة عن ارادة تمتنع إرادة الازالة لامتناع اجتماع إرادتي الضدين فعدم الازالة حين فعل الصلاة يستند إلى عدم ارادة الازالة لا إلى وجود الصلاة (قوله: مع شراشر)

٣٠٤

غير وجود ضده ولعله كان محالا لاجل انتهاء عدم وجود أحد الضدين مع وجود الآخر إلى عدم تعلق الارادة الازلية به وتعلقها بالآخر حسب ما اقتضته الحكمة البالغة فيكون العدم دائما مستندا إلى عدم المقتضي فلا يكاد يكون مستندا إلى وجود المانع كي يلزم الدور (إن قلت): هذا إذا لوحظا منتهيين إلى ارادة شخص واحد، وأما إذا كان كل منهما متعلقا لارادة شخص فاراد - مثلا - أحد الشخصين حركة شئ وأراد الآخر سكونه فيكون المقتضي لكل منهما حينئذ موجودا فالعدم لا محالة يكون فعلا مستندا إلى وجود المانع (قلت): هاهنا أيضا يكون مستندا إلى عدم قدرة المغلوب منهما في ارادته وهي مما لا بد منه في وجود المراد ولا يكاد يكون بمجرد الارادة بدونها لا إلى وجود الضد لكونه مسبوقا بعدم قدرته كما لا يخفى (غير سديد) فانه وان كان قد ارتفع به الدور

______________________________

قال في المجمع: شرشرة الشئ تشقيقه وتقطيعه من شرشر بوله يشرشر (قوله: ولعله كان) يعني ثبوت المقتضي وشرائطه والتعبير بلعل لانه يكفي احتمال الاستحالة في رفع الاستدلال وإن كان احتمال عدم الاستحالة مانعا من الجزم بتوقف وجود أحدهما على عدم الآخر (قوله: الارادة الازلية) يعني ارادة الواجب سبحانه المؤدي عدم تعلقها بفعل المكلف إلى عدم تعلق إرادته به فيستند عدمه إلى عدم تعلق إرادة المكلف وهذا العدم يستند إلى عدم تعلق الارادة الازلية ولو قال: عدم تعلق إرادة المكلف، لكان أوضح (قوله: مستندا إلى عدم) يعني أن قدرة الفاعل شرط في تأثير إرادته في المراد وفى الفرض المذكور يستند العدم إلى عدم القدرة لا إلى وجود المانع (قوله: لا إلى وجود) معطوف على قوله: إلى عدم (قوله: لكونه مسبوقا) هذا دفع لاشكال يتوهم وروده في المقام وهو أن الشئ إذا كان له مقدمات متعددة وإن كان يكفي في عدمه عدم واحدة منها الا أنه في ظرف عدم الجميع يستند عدمه إلى عدم الجميع لان استناده إلى عدم واحدة بعينها ترجيح بلا مرجح ففي ظرف عدم المقتضي وعدم

٣٠٥

الشرط ووجود المانع يستند العدم إلى الجميع فلا وجه لاستناد العدم إلى عدم المقتضي بعينه أو إلى عدم الشرط بعينه في ظرف وجود المقتضي ففي فرض فعل الصلاة وترك الازالة يستند عدم الازالة إلى عدم ارادة الازالة وفعل الصلاة معا فيرجع الدور " وحاصل " الجواب أن ذلك مسلم حيث لا يكون عدم بعضها متقدما بحسب الرتبة على عدم بعضها الآخر والا كان هو المتعين في الاستناد، وعدم الارادة وعدم القدرة متقدمان على وجود الضد لان الضدين مسبوقان بارادتين وقدرتين فارادة كل منهما في رتبة إرادة الآخر كما أن القدرة على كل منهما التي هي شرط له في رتبة القدرة على الآخر كذلك " أقول ": تضاد الارادتين لا يقتضي حفظ الرتبة بينهما كيف والارادتان متضادتان ولو في رتبتين ؟ فكون ارادة الضد متقدمة عليه رتبة لانها مقتض له لا يقتضي تقدمها رتبة على الضد الآخر فتكون في رتبة الآخر فعدمها والضد الآخر في رتبة واحدة فيستند العدم اليهما معا. نعم ذكر بعض الاعاظم أن عدم المعلول في ظرف عدم المقتضي ووجود المانع يستند إلى عدم المقتضي لا وجود المانع كما انه كذلك في الشرط، ويساعده نظر العرف فانه لا يصح ان يقال: لم يحترق الحطب لانه رطب إلا في فرض مماسة النار للحطب، وفي ظرف عدم النار أصلا يقال: لم يحترق لعدم النار، ولا يقال: وللرطوبة، ولعل الوجه فيه ترتب عنوان أجزاء العلة فان اعتبار المانعية إنما يكون في ظرف وجود المقتضي والشرط كما أن اعتبار الشرطية إنما يكون في ظرف وجود المقتضي فإذ لا مقتضي لا شرطية للشرط كي يصح التعليل، كما أنه إذ لا مقتضي ولا شرط لا مانعية للمانع كي يصح التعليل بها " أقول ": أما ترتب عناوين الاجزاء فممنوع جدا كيف ومنشأ اعتبارها أمور واقعية غير منوطة بما ذكر، وأما نظر العرف فالظاهر انه مبنى على المسامحة الناشئة من اختلاف أجزاء العلة في كيفية الدخل في المعلول من حيث كون بعضها فاعلا كالمقتضي وبعضها غير فاعل ولكنه موجب لقابلية الفاعل أو القابل، والثاني وجودي تارة وعدمي أخرى فاختلاف الجهات المذكورة ربما أوجب مزيد العناية والاهتمام وأما ما اشتهر فلا يخلو

٣٠٦

الا أن غائلة لزوم توقف الشئ على ما يصلح ان يتوقف عليه على حالها لاستحالة أن يكون الشئ الصالح لان يكون موقوفا عليه الشئ موقوفا عليه ضرورة انه لو كان في مرتبة يصلح لان يستند إليه لما كاد يصح أن يستند فعلا إليه " والمنع " عن صلوحه لذلك بدعوى ان قضية كون العدم مستندا إلى وجود الضد لو كان مجتمعا مع وجود المقتضي وان كانت صادقة الا ان صدقها لا يقتضي كون الضد صالحا لذلك لعدم اقتضاء صدق الشرطية

______________________________

عن خفاء فارتفاع الدور المذكور غير ظاهر فتأمل جيدا (قوله: إلا أن غائلة لزوم) يعني أن ما ذكر وان كان يرفع استناد عدم الضد إلى وجود ضده المؤدي إلى الدور الا أنه لا يرفع صلاحية وجود الضد لاستناد العدم إليه لان المفروض ان الوجود موجب للعدم بذاته غاية الامر أن العدم استند إلى عدم المقتضي الذي هو أسبق العلتين فالوجود لا يخرج عن كونه علة للعدم بذاته وهذا ايضا مستحيل بعين استحالة الدور لانه يؤدي إلى كون الشئ بذاته علة لنفسه (قوله: أن يكون الشئ) يعنى فعل الضد في المقام (قوله: عليه الشئ) يعنى عدم الضد في المقام فهو اسم يكون (قوله: موقوفا عليه) خبر (يكون الشئ) وهذا التوقف الفعلي هو المدعى للمقتضي (قوله: ضرورة انه) بيان للاستحالة يعنى لو كان الشئ بذاته يصلح أن يستند إليه شئ آخر امتنع أن يستند إلى ذلك الشئ الآخر فعلا لانه يؤدي إلى كون الشئ بذاته علة لنفسه (قوله: والمنع عن صلوحه) يعنى قد يدعى منع صلاحية توقف وجود الضد على عدم ضده فلا موجب للاستحالة (قوله: بدعوى ان) هذه الدعوى إنما تجدي في رفع الصلاحية لو كانت الصلاحية معلقة على أمر غير حاصل وهو وجود المقتضي للضد مع تمام شرائطه مع أن الامر ليس كذلك بل المعلق على غير الحاصل هو الاستناد الفعلي والصلاحية منتزعة من هذا التعليق فصدق الشرطية كاف في ثبوت الصلاحية ولا يتوقف ثبوتها على صدق طرفي الشرطية فهذا المنع لا يرتبط بالتقضي ولا بالجواب عنه (قوله: قضية كون العدم) هذه هي القضية الشرطية

٣٠٧

صدق طرفيها مساوق لمنع(١) مانعية الضد وهو يوجب رفع التوقف رأسا من البين ضرورة انه لا منشأ لتوهم توقف احد الضدين على عدم الآخر الا توهم مانعية الضد كما أشرنا إليه وصلوحه لها (ان قلت): التمانع بين الضدين كالنار على المنار بل كالشمس في رابعة النهار وكذا كون عدم المانع مما يتوقف عليه مما لا يقبل الانكار

______________________________

(قوله: صدق طرفيها) يعني والصلاحية تابعة لصدق الطرفين (قوله: مساوق لمنع) خبر لقوله: والمنع، يعني إذا لم يصلح وجود أحد الضدين لان يستند إليه عدم الآخر لم يكن وجه للحكم بكون وجود الضد مانعا عن الآخر لان المانعية منتزعة عن مقام مؤثرية وجود أحدهما في عدم الآخر فإذا منع ذلك فلا مجال لانتزاعها (أقول): المانعية الفعلية منتزعة من مقام استناد العدم إلى الوجود فعلا والمانعية الاقتضائية منتزعة من مقام صلاحية الوجود لاستناد العدم إليه فمنع الصلاحية بالمعنى الملازم لصدق طرفي الشرطية إنما يساوق المنع عن المانعية الفعلية لا مطلقا بل المساوق لمنعها مطلقا هو نفي الصلاحية بالمعنى الملازم لصدق الشرطية وهو غير المنع المذكور فان المانع يعترف بصدق الشرطية فتثبت عنده الصلاحية، لكن عرفت أن الصلاحية بهذا المعنى ممتنعة أيضا لادائها إلى علية الشي لنفسه بذاته فلعل الاولى في كيفية الايراد على المنع المذكور أن يقال:

______________

(١) مع ان حديث عدم اقتضاء صدق الشرطية لصدق طرفيها وان كان صحيحا الا ان الشرطية ههنا غير صحيحة فان وجود المقتضي للضد لا يستلزم بوجه استناد عدمه إلى ضده ولا يكون الاستناد مترتبا على وجوده ضرورة ان المقتضي لا يكاد يقتضي وجود ما يمنع عما يقتضيه اصلا كما لا يخفى فليكن المقتضي لاستناد عدم الضد إلى وجود ضده فعلا عند ثبوت مقتضي وجوده هو الخصوصية التى فيه الموجبة للمنع عن اقتضاء مقتضيه كما هو الحال في كل مانع وليست في الضد تلك الخصوصية كيف وقد عرفت انه لا يكاد يكون مانعا إلا على وجه دائر. نعم انما المانع عن الضد هو العلة التامة لضده لاقتضائها ما يعانده وينافيه فيكون عدمه كوجود ضده مستندا إليها. فافهم. منه قدس سره

٣٠٨

فليس ما ذكر الا شبهة في مقابل البداهة

______________________________

ان كان المقصود المنع عن الصلاحية مطلقا حتى ما كان مساوقا لصدق الشرطية فذلك مساوق لمنع اصل المانعية وان كان المقصود المنع عن الصلاحية المساوقة لصدق طرفي الشرطية مع البناء على صدق الشرطية فصدق الشرطية أيضا يستلزم المحال كما عرفت، ويمكن الايراد على التقصي من أصله بأن البناء على استناد عدم الضد إلى عدم المقتضي لا إلى وجود الضد يمنع من البناء على حرمة الضد الموجود بمناط مقدمية عدمه لان مقدمية عدمه المؤدية إلى وجوبه مساوقة لمانعية وجوده فإذا فرض عدم المانعية فعلا لوجوده لاستناد عدمه إلى عدم المقتضي لم يكن عدمه حراما وقد تقدم ان الواجب إذا كان له مقدمات مترتبة اختص تحريم الترك بترك الاولى إذ في ظرفه لا يستند تركه إلى ترك غيرها فيحرم فالبناء على ثبوت مانعية الضد لضده لا يقتضي تحريم فعله بعد استناد عدمه إلى عدم المقتضي وهذا الكلام مطرد في جميع مقدمات الواجب المترتبة رتبة أو زمانا فانه لا يجب منها إلا ما يستند إلى تركه ترك الواجب فلا يجب الشرط إلا في ظرف وجود المقتضي لاستناد عدم الواجب إلى عدمه حينئذ لا ما لو فقد المقتضي فانه لا يستند عدم الواجب إلى عدمه بل إلى عدم المقتضي وهكذا الحال في المانع، ومنه يظهر أن البناء على مانعية الضد إما مستلزم للدور لو استند العدم في ظرف عدم المقتضي إلى وجود المانع ايضا أو لا يقتضي التحريم لو استند إلى عدم المقتضي لا غير. هذا وقد سلك بعض الاعيان مسلكا آخر في نفي التمانع بين الضدين ومحصله لزوم حفظ الرتبة بين النقيضين فان المعلول عدم في رتبة العلة كما أن العلة عدم في رتبة المعلول فلو كان مثل هذا العدم نقيضا للوجود لزم اجتماع النقيضين فدل ذلك على أن نقيض الشئ رفعه في رتبته وحينئذ فلو كان أحد الضدين مانعا عن الآخر كان عدمه شرطا في وجود الآخر فيكون متقدما عليه رتبة ولازمه أن يكون نقيضه وهو نفس الضد المانع متقدما أيضا للزوم حفظ الرتبة بين النقيضين وهكذا يقال في الضد الآخر فيكون كل منهما متقدما ومتأخرا رتبة عن الآخر وهو ممتنع (قوله: فليس ما ذكر)

٣٠٩

(قلت): التمانع بمعنى التنافي والتعاند الموجب لاستحالة الاجتماع مما ريب فيه ولا شبهة تعتريه الا انه لا يقتضي إلا امتناع الاجتماع وعدم وجود احدهما الا مع عدم الآخر الذي هو بديل وجوده المعاند له فيكون في مرتبته لا مقدما عليه ولو طبعا والمانع الذي يكون موقوفا على عدم الوجود هو ما كان ينافي ويزاحم المقتضي في تأثيره لا ما يعاند الشئ ويزاحمه في وجوده (نعم) العلة التامة لاحد الضدين

______________________________

يعني مما يدل على نفي التمانع (قوله: التمانع بمعنى التنافي) يعني أن التمانع يقال على معنيين (أحدهما) مجرد التعاند بين الشيئين على نحو يمتنع اجتماعهما في الوجود (وثانيهما) أن يكون أحدهما مانعا عن الآخر بالمعنى المصطلح بحيث يكون لعدمه دخل في وجوده فان اريد الاول فوضوح وجوده بين الضدين مسلم لكنه لا يقتضي مقدمية عدم أحدهما للآخر كما في التناقض بين الشيئين وان أريد الثاني فهو وان كان يقتضي مقدمية عدم أحدهما للآخر الا ان ثبوته ممنوع (قوله: الذي هو) يعني عدم الآخر (قوله: المعاند له) صفة لوجوده وضمير له راجع إلى وجود احدهما (قوله: ولو طبعا) التقدم الطبعي في الاصطلاح تقدم العلة الناقصة على المعلول وأما تقدم العلة التامة فهو التقدم بالعلية (قوله: ما كان ينافي) مقتضى صيغة المانع أن يكون المراد به ما يمنع الوجود ويقتضي العدم لكن حيث أن المقرر عندهم امتناع تأثير كل من الوجود والعدم في الآخر بل العدم لا يعلل حتى في العدم لابد أن يكون المراد به ما له دخل في قابلية المقتضي للتأثير أو المعلول للتأثر إذ القابلية ليست وجودا ولا عدما فانها تكون مع كل كما يفهم من قولنا: قابل للوجود والعدم، وأما عبارة المتن فلا تخلو بظاهرها من شئ فان ما ينافي تأثير المقتضي عين ما ينافي وجود الشئ لان تأثير المقتضي عين وجود المقتضي - بالفتح - الذي هو الآثر فان الاثر والتأثير واحد خارجا والاختلاف بالاعتبار كالكسر والانكسار، ويمكن حملها على أن المانع في الاصطلاح ما لعدمه دخل في قابلية المقتضي للتأثير بخلاف الضد فان لعدمه دخلا في قابلية المقتضى - بالفتح - للوجود لكنه خلاف

٣١٠

ربما يكون مانعا عن الآخر ومزاحما لمقتضيه في تأثيره مثلا يكون شدة الشفقة على الولد الغريق وكثرة المحبة له تمنع عن ان تؤثر ما في الاخ الغريق من المحبة والشفقة لارادة انقاذه مع المزاحمة فينقذ به الولد دونه فتأمل جيدا، ومما ذكرنا ظهر أنه لا فرق بين الضد الموجود والمعدوم في أن عدمه الملائم للشئ المناقض لوجوده المعاند لذاك لابد ان يجامع معه من غير مقتض لسبقه، بل قد عرفت

______________________________

مصطلحهم في المانع ولا ينفي مقدمية ترك الضد لفعل ضده إذ لا فرق بين قابلية الفاعل والقابل في الاحتياج اليهما في وجود القابل، وكيف كان فالفارق بين المانع والضد ان المانع لعدمه دخل في قابلية الفاعل أو القابل والضد ليس كذلك فلا يكون عدمه دخيلا في ذلك بل قابلية كل واحد منهما للوجود في نفسه ذاتية بلا دخل لعدم الآخر فيها وعدم قابليتهما للاجتماع أيضا ذاتي لا يرتفع بعدم أحدهما (قوله: ربما تكون مانعا) يعني حيث تكون أقوى من علة الآخر (قوله: تمنع عن ان تؤثر) فان الشفقة على الاخ لا قصور في اقتضائها في نفسها لانقاذ الاخ الا أن زيادة الشفقة على الولد كانت مانعة عن تأثيرها في إنقاذ الاخ ولو لم تكن مانعة عنها لزم تخلف المعلول عن العلة بلا مانع وهو خلف الا ان يقال: زيادة الشفقة على الولد أجنبية عن مقام المنع عن تأثير الشفقة على الاخ في انقاذه وإنما اقتضت فعلية أثرها وهو انقاذ الولد ولما كان إنقاذ الولد مضادا لانقاذ الاخ وهما لا يقبلان الاجتماع ذاتا امتنع تأثير الشفقة على الاخ في انقاذه فعدم تأثير الشفقة على الاخ في انقاذه كان مستندا إلى عدم قبول الضدين ذاتا للاجتماع المانع عن تعلق الارادة بهما عرضا (قوله: ومما ذكرنا ظهر) الذي ذكره أمران وجدان وبرهان أشار إلى الاول بقوله: لان المعاندة... الخ والى الثاني بقوله: كيف ولو اقتضى... الخ (قوله: عدمه) يعني عدم الضد مطلقا (قوله: للشئ) يعني الضد الآخر (قوله: المناقض) صفة لعدمه (قوله: المعاندة) صفة لوجوده (قوله: لذاك) اشارة إلى الشئ (قوله: من غير مقتض)

٣١١

ما يقتضي عدم سبقه فانقدح بذلك ما في تفصيل بعض الاعلام حيث قال بالتوقف على رفع الضد الموجود وعدم التوقف على عدم الضد المعدوم فتأمل في اطراف ما ذكرناه فانه دقيق وبذلك حقيق، فقد ظهر عدم حرمة الضد من جهة المقدمية وأما من جهة لزوم عدم اختلاف المتلازمين في الوجود في الحكم فغايته ان لا يكون احدهما فعلا محكوما بغير ما حكم به الآخر لا ان يكون محكوما بحكمه،

______________________________

*

إشارة إلى الوجدان (قوله: ما يقتضي) إشارة إلى البرهان (قوله: بعض الاعلام) هو المحقق الخوانساري قيل: ومال إليه شيخنا الاعظم (قده) (قوله: بالتوقف على) هذا تفصيل بين الرفع الذي هو نقيض البقاء والدفع الذي هو نقيض الحدوث بمقدمية الاول دون الثاني، مثلا إذا وجد السواد في الخارج توقف وجود البياض على ارتفاع السواد ولا يتوقف بقاء السواد على عدم حدوث البياض ولكنه مندفع بما سبق لعدم الفرق (قوله: وأما من جهة لزوم) هذه الجهة - لو تمت - اقتضت وجوب ترك الضد لكن لا بالوجوب الغيري كما هو مقتضى الجهة الاولى المعول عليها عند المشهور ومبنى هذه الجهة لزوم اتحاد المتلازمين في الحكم فإذا كان ترك أحد الضدين ملازما لفعل الآخر كان ملازما له في الحكم فإذا كان الضد واجبا كان ترك ضده كذلك (وحاصل) دفعها منع المبنى المذكور وإلا ثبت الحكم بلا ملاك يقتضيه وهو ممتنع بل الثابت امتناع أن يكون أحد المتلازمين محكوما عليه بغير حكم الآخر وهو إنما يقتضي عدم الحكم على ترك الضد بغير الوجوب إذا كان حكم ضده الوجوب فلا يكون محكوما بحكم اصلا لا بالوجوب لانه بلا ملاك - كما عرفت - ولا بالتحريم ولو كان فيه ملاكه لانه مع وجود الضد تكليف بما لا يطاق، ولا بغيرهما لانه لغو. والمتحصل في حكم المتلازمين أن حكم كل في نفسه ان كان الزاميا من سنخ واحد وجوبين أو تحرمين اكتفي باحدهما إلا مع عدم المرجح فيثبتان معا وان كانا من سنخين ثبت الاقوى منهما ملاكا، وان كان أحدهما الزاميا دون الآخر ثبت الالزامي

٣١٢

وعدم خلو الواقعة عن الحكم انما يكون بحسب الحكم الواقعي لا الفعلي فلا حرمة للضد من هذه الجهة أيضا بل على ما هو عليه لولا الابتلاء بالمضاد للواجب الفعلي من الحكم الواقعي (الامر الثالث) انه قيل بدلالة الامر بالشئ بالتضمن على النهى عن الضد العام بمعنى الترك حيث انه يدل على الوجوب المركب من طلب الفعل والمنع عن الترك (والتحقيق) أنه لا يكون الوجوب إلا طلبا بسيطا ومرتبة وحيدة أكيدة من الطلب

______________________________

دون الآخر ثبت الالزامي دون الآخر للغويته (قوله: وعدم خلو) يعني قد يشكل ما ذكر بانه يلزم خلو ترك الضد عن الحكم مع أن المعروف عدم خلو الواقعة عن الحكم (قوله: لا الفعلي) وإلا فجميع الافعال غير اختيارية خالية عن الحكم الفعلي (قوله: حيث انه يدل) ولازمه كون دلالته على طلب الفعل أيضا بالتضمن (قوله: والتحقيق انه لا) قد عرفت ان الوجوب من الاعتبارات العقلية المنتزعة عن مقام إظهار الارادة مع ثبوت الترخيص في الترك وأن الارادة لو اختلفت مراتبها باختلاف مراتب الشوق الناشئ من اختلاف الجهات المشوقة في المراد فاختلافها لا يرتبط بمقام اعتبار الوجوب والاستحباب فالوجوب لا مركب من المنع عن الترك ولا مدلول عليه باللفظ نعم يصح اعتبار المنع من الترك من منشأ اعتبار الوجوب كما يصح اعتبار الوجوب فانه مثل الوجوب اعتباري عقلي ومثلهما كثير من عناوين الاحكام التكليفية مثل التحريم والالزام والاباحة كما اشرنا إلى ذلك سابقا واما كراهة الترك التي هي من الكيفيات النفسانية فهل تلزم ارادة الفعل أو عينها أو لا هذا ولا ذاك ؟ أقوال وبطلان القول بالعينية واضح إذ الارادة تخالف الكراهة والفعل يناقض الترك فكيف تكون ارادة الفعل عين كراهة تركه ؟ ثم إن أريد من الكراهة الكراهة التفصيلية المتوقفة على الالتفات إلى الموضوع تفصيلا مع ما عليه من الجهات فالحق عدم الملازمة، وان أريد الكراهة الارتكازية فالحق هو الملازمة بينهما وعليه فاللفظ الدال على إحداهما بالمطابقة دال على الاخرى بالالتزام. نعم عرفت أن دلالة مثل الصيغة على الارادة ليست دلالة لفظية فلا تكون مطابقة ولا التزاما، بل تدل على إحداهما كما تدل

٣١٣

لا مركبا بين طلبين (نعم) في مقام تحديد تلك المرتبة وتعيينها ربما يقال: الوجوب يكون عبارة عن طلب الفعل مع المنع عن الترك، ويتخيل منه انه يذكر له حدا فالمنع عن الترك ليس من أجزاء الوجوب ومقوماته بل من خواصه ولوازمه بمعنى انه لو التفت الآمر إلى الترك لما كان راضيا به لا محالة وكان يبغضه البته. ومن هنا انقدح انه لا وجه لدعوى العينية ضرورة ان اللزوم يقتضي الاثنينية، لا الاتحاد والعينية (نعم) لا بأس بها بان يكون المراد بها انه يكون هناك طلب واحد وهو كما يكون حقيقة منسوبا إلى الوجود وبعثا إليه كذلك يصح ان ينسب إلى الترك بالعرض والمجاز ويكون زجرا وردعا عنه فافهم (الامر الرابع) تظهر الثمرة في أن نتيجة المسألة وهي النهي عن الضد بناء على الاقتضاء - بضميمة ان النهى في العبادات يقتضي الفساد - ينتج فساده إذا كان عبادة، وعن البهائي (رحمه الله) أنه أنكر الثمرة بدعوى انه لا يحتاج في استنتاج الفساد إلى النهي عن الضد بل يكفي عدم الامر به لاحتياج العبادة إلى الامر، وفيه انه يكفي مجرد الرجحان والمحبوبية للمولى كي يصح ان يتقرب به منه كما لا يخفى والضد بناء على عدم حرمته يكون كذلك فان المزاحمة - على هذا - لا توجب الا ارتفاع الامر المتعلق به فعلا مع

______________________________

على الاخرى فافهم (قوله: مركبا من طلبين) والا كان قائما بالوجود والعدم مع أنه قائم بالوجود لا غير بالبديهة (قوله: ان اللزوم) فانه إضافة بين شيئين لازم وملزوم فلا يقوم بامر واحد (قوله: ينسب إلى الترك) الطلب لا ينسب إلى الترك أصلا بل المنسوب إليه المنع والزجر، فالعبارة لا تخلو من مسامحة وكأن المراد أن الطلب المتعلق بالفعل بما انه متعلق بالفعل منسوب إلى الترك فيكون زاجرا عنه لما عرفت أن الزجر عن الترك ينتزع من مقام إظهار الارادة كما ينتزع الوجوب للفعل (قوله: بضميمة ان النهي) فان النهي الغيري وان لم يوجب قربا ولا بعدا لنفسه الا ان الاتيان بالواجب الغيري بما انه

٣١٤

بقائه على ما هو عليه من ملاكه (من المصلحة) كما هو مذهب العدلية، أو (غيرها) أي شئ كان كما هو مذهب الاشاعرة وعدم حدوث ما يوجب مبغوضيته وخروجه عن قابلية التقرب به كما حدث بناء على الاقتضاء (ثم) انه تصدى جماعة من الافاضل لتصحيح الامر بالضد بنحو الترتب على العصيان وعدم اطاعة الامر بالشئ

______________________________

شروع في إطاعة الوجوب النفسي يكون مقربا كما ان الاتيان بمقدمة الحرام بما أنها شروع في عصيان التحريم يكون مبعدا وان لم تكن مقدمة الحرام محرمة اصلا فإذا كان ترك الصلاة مقدمة للازالة الواجبة كان فعلها علة لترك الازالة المحرم لان عدم المقدمة يقتضي عدم ذيها فيكون مبعدا فيمتنع التعبد به المعتبر في صحته إلا أن يقال: عدم المعلول لا يستند إلى عدم العلة فان العدم لا يعلل بل ملازم له لا غير الا ان يقال: الامر بالازالة إذا اقتضى البعث إلى ترك الصلاة فقد اقتضى الزجر عن فعلها ففعلها عصيان للامر بالازالة فلا يمكن التعبد به، هذا لو كان النهي عن الضد بمناط مقدمية الترك - كما هو المشهور - ولو كان بمناط التلازم بين الارادة والكراهة للضدين أو التلازم بين المتلازمين في الحكم فلا اشكال إلا أن يجعل النهي أيضا كالنهي الغيري فتأمل جيدا (قوله: بقائه على ما) لعدم التضاد بين ملاكي الوجوب في الضدين لا ذاتا كما بينهما ولا عرضا كما بين الوجوبين (قوله: أو غيرها اي شئ) المعروف من مذهب الاشاعرة ان الافعال كلها على السواء ولا فرق بين السجود لله سبحانه وللصنم ولا بين الصدق والكذب، ولا بين النكاح والسفاح، وإنما الفارق أمر الشارع ونهيه نعم التزم بعضهم بغير ذلك (قوله: وعدم حدوث) معطوف على بقائه

الترتب

(قوله: بنحو الترتب على العصيان) يعني بجعل التكليف بالمهم مشروطا

٣١٥

بنحو الشرط المتأخر أو البناء على المعصية بنحو الشرط المتقدم أو المقارن بدعوى أنه لا مانع عقلا عن تعلق الامر بالضدين كذلك أي بان يكون الامر بالاهم مطلقا والامر بغيره معلقا على عصيان ذاك الامر أو البناء والعزم عليه بل هو واقع كثيرا عرفا (قلت): ما هو ملاك استحالة طلب الضدين في عرض واحد آت في طلبهما كذلك فانه

______________________________

بعصيان التكليف بالاهم أو بالبناء على عصيانه مثلا يقول: أزل النجاسة عن المسجد وإن عصيت الامر بالازالة فصل أو إن بنيت على عصيان الامر بالازالة فصل (قوله: بنحو الشرط المتأخر) إذ لو كان مشروطا بالعصيان بنحو الشرط المتقدم كان خارجا عما نحن فيه من الامر بالضدين في وقت واحد لانه إذا تحقق العصيان في الزمان السابق سقط الامر بالاهم ويثبت بعده الامر بالمهم وحده فيكون الامر بهما في زمانين وكذا لو كان بنحو الشرط المقارن لان العصيان إذا قارن الامر بالمهم كان سقوط الامر بالاهم الملازم للعصيان مقارنا للامر بالمهم فلا يقترن الامران بهما في زمان واحد أما البناء على المعصية فلما لم يكن ملازما لسقوط الامر كان اشتراط الامر بالمهم به متقدما أو متأخرا أو مقارنا لا يمنع من اقتران الامرين في زمان واحد ولا يكون من الترتب في شئ ولا يظهر الوجه لما ذكره في المتن من كونه من الترتب في بعض الصور (قوله: بدعوى انه لا مانع عقلا) وذلك لان الوجه في امتناع الامر بالضدين في عرض واحد أن الضدين لما لم يقدر المكلف عليهما معا لامتناع الجمع بينهما بل كان يقدر على أحدهما دون الآخر فكان فعل أحدهما ملازما لترك الآخر كان الامر بكل منهما مضادا للامر بالآخر لان الجري على مقتضى أحدهما يستلزم الجري على خلاف مقتضى الآخر فثبوتهما إما أن يكون بداعي البعث إلى متعلقهما معا أو بداعي البعث إلى واحد منهما بعينه أولا بعينه أولا بداعي البعث أصلا، والجميع ممتنع (أما الاول) فلامتناع متعلقهما فيمتنع حدوث داعي الانبعاث إليه (وأما الثاني) فلانه يثبت الامر بأحدهما لانه بداع

٣١٦

وان لم يكن في مرتبة طلب الاهم اجتماع

______________________________

لا بهما لانه بلا داع والامر بلا داع ليس أمرا حقيقيا وهو خلف ومنه يظهر امتناع (الثالث) و (الرابع) والسبب في ذلك كله أن الجري على مقتضى أحد الامرين يستلزم الجري على خلاف مقتضى الآخر وهذا غير جار في الامرين بالضدين على نحو الترتب لان فعل الضد الاهم جريا على مقتضى الامر به ليس جريا على خلاف مقتضى الامر بالمهم لان الامر بالمهم لما كان مشروطا بعدم فعل الاهم أو بالبناء على عدم فعله لم يكن في فعل الاهم مخالفة له لان الواجب المشروط لا يقتضي حفظ شرطه، بل اقتضاؤه إنما يكون في ظرف الفراغ عن وجود الشرط فلا ينافيه الامر بتفويت الشرط، ولازم ذلك ان لا يكون في الجري على مقتضى الامر بالمهم مخالفة للامر بالاهم أيضا لامتناع التنافي من طرف واحد (وان شئت) قلت: الضدان لما لم تسع قدرة المكلف الا أحدهما امتنع الامر بهما في عرض واحد لان كل واحد من الامرين يقتضي صرف القدرة إلى متعلقه وصرفها إلى كل من المتعلقين إبطال لمقتضى الامر بالآخر أما الامر بهما على الترتب بالنحو المتقدم فلا ابطال فيه لاحد الامرين لان صرفها في الاهم ليس إبطالا لمقتضى الامر بالمهم، لان الامر المذكور لا يقتضي صرف القدرة من الاهم إلى المهم وإنما يوجب صرف القدرة عن غير الاهم من سائر الاضداد إلى المهم فيكون صرفها في الاهم إعمالا للامر بالاهم بلا إهمال للامر بالمهم وصرفها عن سائر الاضداد غير الاهم إلى المهم ليس إهمالا للامر بالاهم، إذ الامر بالاهم لا يمنع عن ذلك وإنما يمنع عن صرف القدرة من الاهم إلى المهم أو غيره من سائر الاضداد فإذا كان إعمال كل من الامرين في مقتضاه لا يكون إهمالا للآخر كيف ينافي أحدهما الآخر ؟ فلاحظ (قوله: وان لم يكن في مرتبة) لان الامر بالمهم مشروط بالعصيان فيكون متأخرا عنه تأخر المشروط عن شروطه، والعصيان متاخر رتبة عن الامر لانه منتزع عن مقام متاخر عن الامر نظير الاطاعة فيكون الامر بالمهم متاخرا رتبة عن الامر بالاهم بمرتبتين، ففي رتبة الاهم لا أمر بالمهم،

٣١٧

طلبهما الا انه كان في مرتبة الامر بغيره اجتماعهما بداهة فعلية الامر بالاهم في هذه المرتبة وعدم سقوطه بعد بمجرد المعصية فيما بعد ما لم يعص أو العزم عليها مع فعلية الامر بغيره أيضا لتحقق ما هو شرط فعليته فرضا (لا يقال): نعم لكنه بسوء اختيار المكلف حيث يعصي فيما بعد بالاختيار فلولاه لما كان متوجها إليه إلا الطلب بالاهم ولا برهان على امتناع الاجتماع إذا كان بسوء الاختيار (فانه يقال): استحالة طلب الضدين ليس الا لاجل استحالة طلب المحال واستحالة طلبه من الحكيم

______________________________

وهكذا الحال فيما لو كان مشروطا بالبناء على المعصية بل يكون متأخرا عنه بثلاث مراتب لان البناء متأخر عن العصيان لانه موضوعه (قوله: إلا انه كان في مرتبة) هذا بظاهره غير معقول لان التقدم الرتبي للامر بالاهم يستلزم التأخر الرتبي للامر بالمهم، وكأن المراد من عدم كون الامر بالمهم في رتبة الامر بالاهم أنه ليس مقارنا له في حدوث التنجز واقتضائه حدوث الداعي العقلي الا انه حينما يتنجز الامر بالمهم لا يسقط الامر بالاهم عن التنجز بل هو على تنجزه كما يظهر من عبارته في حاشيته على الرسائل (قوله: أو العزم) معطوف على المعصية، يعني مجرد تحقق المعصية في المستقبل أو العزم عليها فعلا لا يوجب سقوط الامر بالاهم عن مقام البعث وحينئذ يضاد الامر بالمهم " أقول ": قد عرفت عدم التضاد بين الامرين وعدم التزاحم بينهما. نعم لو كان حدوث البناء على المعصية شرطا في ثبوت الامر بالمهم إلى الابد وان ارتفع البناء وعزم على موافقة الامر بالاهم كان التزاحم بينهما في محله لانه بحدوث البناء على المعصية يثبت الامر بالمهم مطلقا ويكون موجبا لصرف القدرة إليه من الاهم وهو خلاف مقتضى الامر بالاهم لكنه خلف إذ المفروض أن الامر بالمهم منوط بالبناء على معصية الامر بالاهم حدوثا وبقاء (قوله: نعم لكنه بسوء اختيار) يعني سلمنا ثبوت الامر بالضدين لكنه كان ناشئا عن سوء الاختيار إذ لو لا عصيانه الذي كان شرطا للامر بالمهم لما ثبت الامر به مع الامر بالاهم (قوله: لاجل استحالة)

٣١٨

الملتفت إلى محاليته لا تختص بحال دون حال والا لصح فيما علق على أمر اختياري في عرض واحد بلا حاجة في تصحيحه إلى الترتب مع انه محال بلا ريب ولا اشكال (إن قلت): فرق بين الاجتماع في عرض واحد والاجتماع كذلك فان الطلب في كل منهما في الاول يطارد الآخر بخلافه في الثاني فان الطلب بغير الاهم لا يطارد طلب الاهم فانه يكون على تقدير عدم الاتيان بالاهم فلا يكاد يريد غيره على تقدير اتيانه وعدم عصيان امره (قلت): ليت شعرى كيف لا يطارده الامر بغير الاهم ؟ وهل يكون طرده له إلا من جهة فعليته ومضادة متعلقه للاهم ؟ والمفروض فعلية ومضادة متعلقه له، وعدم ارادة غير الاهم على تقدير الاتيان به لا يوجب عدم طرده لطلبه مع تحققه على تقدير عدم الاتيان به وعصيان امره فيلزم اجتماعهما على هذا التقدير مع ما هما عليه من المطاردة من جهة المضادة بين المتعلقين - مع أنه يكفي الطرد من طرف الامر بالاهم فانه - على هذا الحال - يكون طاردا لطلب الضد كما كان في غير هذا الحال فلا يكون له معه اصلا بمجال (ان قلت) فما الحيلة فيما وقع كذلك من طلب الضدين

______________________________

لما تقدم من أن الطلب الحقيقي إنما يكون بداعي البعث إلى متعلقه ويمتنع ثبوت الداعي إلى المحال (قوله: والا لصح فيما علق) كأن يقول: إذا ضربت زيدا فقم واقعد في آن واحد، ولا ريب في امتناعه (قوله: كذلك) يعني على نحو الترتب (قوله: وهل يكون طرده) قد عرفت ان الامر بالمهم وان كان فعليا الا انه لما كان منوطا بعدم فعل الاهم فلا يقتضي عدم فعله ولا صرف قدرة المكلف منه إلى متعلقه ومجرد المضادة بين المتعلقين لا يقتضي التنافي بينهما إذا كانا ثابتين على نحو الترتب (قوله: يكون طاردا لطلب الضد) قد عرفت أن طلب الاهم انما يقتضي إفناء شرط الامر بالمهم وبذلك لا يكون طاردا له لانه لا يقتضي حفظ شرطه فإذا كان الامر بالاهم يقتضي ما لا

٣١٩

في العرفيات (قلت): لا يخلو إما أن يكون الامر بغير الاهم بعد التجاوز عن الامر به وطلبه حقيقة، وإما أن يكون الامر به ارشادا إلى محبوبيته وبقائه على ما هو عليه من المصلحة والغرض لو لا المزاحمة وان الاتيان به يوجب استحقاق المثوبة فيذهب بها بعض ما استحقه من العقوبة على مخالفة الامر بالاهم لا أنه امر مولوي فعلي كالامر به. فافهم وتأمل جيدا (ثم) انه لا أظن أن يلتزم القائل بالترتب بما هو لازمه من الاستحقاق في صورة مخالفة الامرين لعقوبتين ضرورة قبح العقاب على ما لا يقدر عليه العبد ولذا كان سيدنا الاستاد - قدس سره - لا يلتزم به على ما هو ببالي وكنا نورد به على الترتب وكان بصدد تصحيحه فقد ظهر انه لا وجه لصحة العبادة مع مضادتها لما هو أهم منها إلا ملاك الامر

______________________________

يقتضي خلافه الامر بالمهم كيف يكون طاردا له. نعم الامر بالاهم يقتضي نفي الامر بالمهم ذاتا لا اقتضاء وليس ذلك طردا له. ثم إذا سلم المصنف (ره) كون الامر بالمهم ليس طاردا للامر بالاهم كيف يكون الامر بالاهم طاردا له والطرد لا يعقل قيامه بطرف واحد فإذا كان أحدهما طاردا للآخر كان الآخر طاردا له ايضا (قوله: في العرفيات) كما يقول الاب لولده: اذهب هذا اليوم إلى المعلم فان عصيت فاكتب في الدار ولا تلعب مع الصبيان، وببالي اني سمعته (ره) يمثل بذلك في مجلس درسه الشريف (قوله: بعد التجاوز) هذا خلاف ما عليه ارتكازهم من بقاء الامر بالاهم كما يظهر من ملاحظة المثال واشباهه (قوله: ارشادا) هذا ممنوع كما قبله لجواز الامر به مولويا (قوله: كالامر به) يعني بالاهم (قوله: ضرورة قبح) بل ضرورة حسن العقاب على مخالفة التكليف الفعلي تقتضي الالتزام بترتب عقابين بعد ما عرفت من إمكان التكليف بهما وفرض معصيتهما معا وقبح العقاب على ما لا يقدر عليه لا أصل له ما لم يرجع إلى قبح العقاب على ما لا تكليف به فلا يكون العقاب عليه عقابا على المعصية (قوله: تصحيحه) يعني الترتب (قوله: إلا ملاك الامر) يعني بلا أمر فعلي

٣٢٠