حقائق الاصول الجزء ١

حقائق الاصول13%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 571

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 212012 / تحميل: 5772
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

[٢٠٣] وبآخر ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليّ وليّ كل مؤمن من بعدي.

[٢٠٤] وبآخر عن البراء بن عازب ، إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أخذ بعضد عليعليه‌السلام فأقامه ، ثم قال : هذا وليكم من بعدي والى الله من والاه وعادى من يعاديه. قال : فقام عمر بن الخطاب إليه. فقال : يهنيك يا ابن أبي طالب ، أصبحت ، أو قال : أمسيت(١) ولي كل مسلم.

[٢٠٥] وبآخر عن بريدة ، إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي وليكم من بعدي.

[٢٠٦] وبآخر عن عمار بن ياسر رحمة الله عليه إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب فمن تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى الله عز وجل.

[٢٠٧] وبآخر ، الحسين بن الحكم بن مسلم الحبري ، باسناده عن سلمان الفارسي ( رضوان الله عليه ) ، انه قال : كنت عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنده جماعة من أصحابه إذ وقف أعرابي [ من بني عامر وسلم ] فقال : والله يا محمد لقد آمنت بك من قبل أن أراك ، وصدقتك من قبل أن ألقاك ، وقد بلغني عنك أمر ، فأردت سماعه منك. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما الذي بلغك عني يا أعرابي؟ قال : دعوتنا الى أن نشهد أن لا إله إلا الله والى. الإقرار بأنك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأجبناك ، وإلى الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد ، فأجبناك ، ثم لم ترض حتى دعوت الناس إلى حبّ ابن عمّك علي وولايته ، فذلك فرض علينا من الأرض أم الله فرضه من السماء؟

__________________

(١) وفي غاية المرام ص ٨٤ : أصبحت وأمسيت.

٢٢١

قال : فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بل الله عز وجل فرضه من السماء(١) .

قال الأعرابي : فان كان الله عز وجل فرضه ، فحدّثني به يا رسول الله.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أعرابي أني اعطيت في علي خمس خصال الواحدة منها خير من الدنيا بحذافيرها ، يا أعرابي ألا انبئك بهن؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : كنت يوم بدر جالسا وقد انقضت الغزاة فهبط عليّ جبرائيلعليه‌السلام ، فقال : يا محمد إن الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : إني آليت على نفسي بنفسي ألا الهم حب علي ، إلا من أحببته ، فمن أحببته ألهمته ذلك ، ومن أبغضته ألهمته بغضه وعداوته.

يا أعرابي ألا انبئك بالثانية؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : كنت يوم أحد جالسا ، وقد فرغت من جهاز عمي حمزة فاذا أنا بجبرائيلعليه‌السلام وقد هبط عليّ ، فقال : يا محمد ، الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : اني فرضت الصلاة ووضعتها عن العليل(٢) ، والزكاة ووضعتها عن المقسر ، والصوم فوضعته عن المسافر ، والحج ووضعته عن المقتر(٣) ، والجهاد فوضعته عمّن له عذر وفرضت ولاية علي ومحبته على جميع الخلق ، فلم أعط أحدا فيها رخصة

__________________

(١) وفي الفضائل لابن شاذان : ص ١٤٧ بل فرضه الله تعالى في السماوات على أهل السماوات والأرض.

(٢) وهو المريض ، ووضعناها بمعنى خففت من أحكامها لعلّة مرضه بأحكام مرنة ملائمة لحاله.

(٣) الفقير.

٢٢٢

طرفة عين.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ألا انبئك بالثالثة؟

قال : بلى.

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) : ما خلق الله عز وجل شيئا إلا جعل له سيدا ، فالنسر سيد الطيور(٢) والثور سيد البهائم والأسد سيد السباع وإسرافيل سيد الملائكة ويوم الجمعة سيد الأيام وشهر رمضان سيد الشهور(٣) وأنا سيد الأنبياء وعلي سيد الأوصياء.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ، إلا انبئك بالرابعة؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : يا أعرابي : إن الله عز وجل خلق حبّ علي شجرة أصلها في الجنة وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده الجنة ، وبغض علي شجرة أصلها في النار وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده في النار.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ألا انبئك بالخامسة؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : إذا كان يوم القيامة يؤتى بمنبري فينصب عن يمين العرش ويؤتى بمنبر إبراهيمعليه‌السلام فينصب عن يمين العرش. يا أعرابي والعرش له يمينان ، فمنبري عن يمين ، ومنبر إبراهيم عن يمين ثم يؤتى بكرسي عال مشرف فينصب بين المنبرين المعروف بكرسيّ الكرامة

__________________

(١) وفي بحار الأنوار ٢٧ / ١٢٩ : إنه ما أنزل الله كتابا ولا خلق الله ...

(٢) وفي الأصل : الطير.

(٣) وفي الفضائل ص ١٤٧ أضاف : وآدم سيد البشر.

٢٢٣

لعلي ، وأنا عن يمين العرش على منبري وإبراهيم على منبره وعلي على كرسيّ الكرامة وأصحابي حولي ، وشيعة علي حوله فما رأيت أحسن من حبيب بين خليلين.

يا أعرابي : أحبب عليا حق حبّه ، فما هبط عليّ جبرائيل إلا سألني عن علي وشيعته ، ولا عرج من عندي إلا قال أقرئ مني عليا أمير المؤمنينعليه‌السلام السّلام.

[ فعند ذلك قال الأعرابي : سمعا وطاعة لله ولرسوله ولابن عمه علي بن أبي طالب ](١) .

[٢٠٨] وبآخر ، أبو بصير ، عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، إنه قال : إذا مات العبد المؤمن من أهل ولايتنا وصار الى قبره دخل معه قبره ست حور منهن حورة أحسنهن وجها وأطيبهن ريحا وأنظفهن هيئة ، حورة تكون عند رأسه ، وتكون الاخرى منهن عن يمينه ، والاخرى عن يساره ، والاخرى من خلفه ، والاخرى عن قدامه ، والاخرى عند رجليه ، فيمنعنه من حيث ما أتى من الجهات ويؤنسنه في قبره ، فيقول الميت من أنتنّ ، جزاكنّ الله خيرا. فتقول التي عن يمينه : أنا الصلاة ، وتقول التي عن يساره : أنا الزكاة ، وتقول التي بين يديه : أنا الصيام ، وتقول التي من خلفه : أنا الحج والعمرة ، وتقول التي عند رجليه : أنا الجهاد وأنا من وصلته من إخوانك ، وتقول التي عند رأسه وهي أحسنهن : أنا الولاية لعليعليه‌السلام والائمة من ذرّيته.

[٢٠٩] وبآخر ، معاذ بن مسلم ، قال : دخلت مع أخي عمرو ، على أبي عبد الله ( جعفر بن محمدعليه‌السلام ) ، فقلت له : جعلت فداك هذا

__________________

(١) هذه الزيادة موجودة في الفضائل لابن شاذان ص ١٤٧.

٢٢٤

أخي يريد أن يسمع منك. فقال له : سل عمّا شئت.

فقال : أسألك عن الذي لا يقبل الله عز وجل من العباد غيره ، ولا يعذرهم على جهله؟

قالعليه‌السلام : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمّدا رسول الله والطهارة والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان وحجّ البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا والجهاد لمن قدر عليه والائتمار(١) مع ذلك بأئمة الحق من آل محمّد عليه وعليهم أفضل الصلاة.

قال له عمرو : سمّهم لي جعلت فداك.

قالعليه‌السلام : علي أمير المؤمنين ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، ويعطي الله الخير من يشاء.

قال له : فأنت جعلت فداك؟ قال : يجري لآخرنا ما جرى لأوّلنا ، ومحمد وعلي أفضلنا.

[٢١٠] أبو صالح ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال في قول الله عز وجل «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » (٢) . قال : أتى عبد الله بن سلام ورهط من أهل الكتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند صلاة الظهر ، فقالوا : يا رسول الله ، إن بيوتنا قاصية ولا نجد محدثا دون أهل المسجد ، وإن قومنا لما رأونا قد آمنا بالله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يجالسونا ولا يكلّمونا وتبرّءوا منا ومن ولايتنا و[ قاطعونا ] ، فشقّ ذلك علينا.

فبيناهم يشكون ذلك الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ انزل عليه : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية ». فقرأها رسول الله صلّى الله

__________________

(١) الافتداء.

(٢) المائدة : ٥٥

٢٢٥

عليه وآله. فقالوا : رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين ، وأذّن بلال لصلاة الظهر.

فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المسجد والناس يصلّون ، ومسكين يسأل ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل أعطاك أحد شيئا؟

قال : نعم. قال : ما ذا؟ قال : خاتم فضة. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أعطاك؟ قال : ذلك الرجل القائم ـ وأومى الى علي ـ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وعلى أيّ حال أعطاك؟ قال : وهو راكع مررت به ، وأنا أسأل ، فاستلّه(١) من إصبعه وناولني إياه. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الله أكبر(٢) .

[٢١١] وفي إسناد آخر ، إنه لما فرغ من الصلاة دعا علياعليه‌السلام فبشره بما أنزل الله فيه وما أوجب من ولايته.

[٢١٢] وبآخر عن علي بن عامر ، يرفعه الى أبي معشر ، قال : دخلت الرحبة ، فاذا عليعليه‌السلام بين يديه مال مصبوب وهو يقول : والذي فلق الحبة وبرىء النسمة لا يموت عبدا وهو يحبني إلا جئت أنا وهو كهاتين يوم القيامة ـ وجمع المسبحتين من يديه جمعا ـ ولا أقول كهاتين ـ وجمع بين

__________________

(١) استلّه أي : استخرجه من إصبعه.

(٢) روى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنينعليه‌السلام وزن أربعة مثاقيل حلقته من فضة ـ وفضته خمسة مثاقيل ـ وهو من ياقوتة حمراء ، وثمنه خراج الشام ، وخراج الشام ثلاثمائة حمل من فضة وأربعة أحمال من ذهب ، وكان الخاتم لمران بن طوق ، قتله أمير المؤمنين ـ في الجهاد ـ وأخذ الخاتم من إصبعه ، وأتى به الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جملة الغنائم وأمره النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يأخذ الخاتم.

قال الغزالي في كتاب سرّ العالمين : إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين كان خاتم سليمان بن داود.

قال الشيخ الطوسي : إن التصدق بالخاتم كان في اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة.

٢٢٦

المسبحة والوسطى من يده اليمنى ـ وقال : أنا يعسوب المؤمنين ووليهم ، وهذا ـ وأشار الى المال ـ يعسوب المنافقين ومقصدهم ، فبي يلوذ المؤمنون ، وبهذا يلوذ المنافقون.

[٢١٣] وعن جعفر بن سليمان الهاشمي ، يرفعه الى عمر بن الخطاب ، إنه قال : أحبّوا الأشراف وتودّدوهم ، واتقوا على أعراضكم السفلة ، ولا يتم إسلام مسلم حتى يتولّى علي بن أبي طالب.

[٢١٤] الحسين بن الحكم الحبري ، يرفعه الى أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليه ، إنه قال : بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمشي وعليعليه‌السلام معه في بعض طرق الجبانة ، إذ عرضت لهما جنازة رثة الهيئة قليلة التبع ، فوقف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى انتهوا بها إليه ، فقال : قفوا ، من هذا الميت؟ فقالوا : يا رسول الله هذا عبد لنبي الرياح(١) كان كثير الاسراف على نفسه فجفاه الناس ، فلما مات قلّ تبعه. قال : أصلّيتم عليه؟ قالوا : لا. فقال : امضوا. ومضى معهم حتى انتهوا إلى موضع فيه سعة. فقال : أنزلوه. فأنزلوه ، فصلّى عليه ، ثم مشى معهم الى قبره ، فدفنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسوّى عليه التراب ، فلما تفرقوا ، قال لعليعليه‌السلام : أما سمعت ما قال هؤلاء القوم في هذا الميت؟ قال : بلى يا رسول الله ، ولكني أخبرك عنه إنه والله ما استقبلني قط إلا قال لي : يا مولاي أنا والله أحبك وأتولاّك. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فبها والله أدرك ما أدرك لقد رأيت معه قبيلا من الملائكة(٢) يشيّعون جنازته.

__________________

(١) وفي البحار ٣٩ / ٢٨٩ : هذا رياح غلام آل النجار.

(٢) وفي البحار أيضا : شيّعه سبعون ألف قبيل من الملائكة كل قبيل سبعون الف ملك.

٢٢٧

[٢١٥] وعن [ الحسين ](١) أيضا ، باسناده ، عن أبي هارون العبدي ، قال : كنت أرى رأي الخوارج الى أن جلست يوما الى أبي سعيد الخدري ، قال : ألا إن الاسلام بني على خمس ، فأخذ الناس بأربع وتركوا واحدة ، فقلت : وما هي يا أبا سعيد؟ قال : أما الأربع التي عمل بها الناس فالصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج ، فأما التي تركوها فولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام . قلت : ما تقول ، هي مفروضة؟ قال : إي والله مفروضة.

[٢١٦] وبآخر عنه ، يرفعه الى زيد بن أرقم والبراء بن عازب ، إنهما قالا : سمعنا أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي ، لعن الله من ادعى الى غير أبيه ، ولعن الله من انتمى الى غير مواليه ، الولد للفراش وللعاهر الحجر ، ليس لوارث وصيه إلا وقد سمعتم مني ورأيتموني ، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار ، ألا وأني فرطكم على الحوض ومكاثر بكم الامم يوم القيامة ، ولأستنقذن من النار رجل ، وليستنقذن من يدي آخرون ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، ألا إن الله وليي وأنا ولي كل مؤمن ومؤمنة ، ومن كنت مولاه فعلي مولاه.

[٢١٧] وبآخر ، سعد بن ظريف ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : بينا عليعليه‌السلام يصلّي إذ مرّ به سائل ، فرمى إليه بخاتمه وهو راكع ، فلما فرغ من صلاته أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : يا علي ، ما صنعت في صلاتك؟ فأخبره. فقال : إن الله تعالى أنزل فيك آيتين وتلا عليه قوله : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » الى قوله : «هُمُ

__________________

(١) وفي الأصل : الحسن. وفي نسخة ـ ب ـ الحسين بن الحكم.

٢٢٨

الْغالِبُونَ » (١) .

[٢١٨] وبآخر ، محمد بن جرير الطبري ، باسناده ، عن عبد الله بن مسعود ، إنه قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو آخذ بيد عليعليه‌السلام وهو يقول : هذا ولي من أنا وليه ، عاديت من عاداه وسالمت من سالمه(٢) .

[٢١٩] وبآخر ، أبو نعيم ( الفضل بن دكين ) عن سفيان بن عيينة ، قال : سألت أبا عبد الله ( جعفر بن محمد )عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ » (٣) .

فنظر أبي كالمتعجب ، فقال لي : يا سفيان ، كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني عنها أحد غيرك؟

ولقد سألت عنها أبي محمد بن عليعليه‌السلام فقال لي : بابني كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني أحد غيرك؟

ولقد سألت عنها أبي علي بن الحسينعليه‌السلام فقال لي مثل ذلك.

وإنه سأل عنها أباه الحسين بن عليعليه‌السلام فقال له مثل ذلك.

وإنه سأل عنها أباه علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال له مثل

__________________

(١) الآيتين في سورة المائدة الآية ٥٥ و ٥٦( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) .

(٢) ولقد أجاد المؤلف حيث أشار في ارجوزته الى هذا المعنى :

ثم دعاه بينهم إليه

وقال وهو رافع يديه

يا ربّ وال اليوم من والاه

وعاد يا ذا العرش من عاداه

(٣) الشعراء : ٢٠٤. ( الارجوزة المختارة ص ١٠٧ ).

٢٢٩

ذلك ، وانه قال لأبيه عليعليه‌السلام ، إذ قال ذلك له : أردت أن تخبرني عنها فيمن انزلت؟

قال : نعم ، لما رجعنا من حجة الوداع نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير خم ، فقال : معاشر الناس ، اني مسئول عنكم وانتم مسئولون عني ، فما أنتم قائلون؟

قالوا : نشهد إنك لرسول الله ، بلّغت رسالة ربك ونصحت لامّتك وعبدت ربك حتى أتاك اليقين ، فجزاك الله عنا من نبي خيرا.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأنتم ، فجزاكم الله عني خيرا ، فلقد صدقتموني وأعنتموني على تبليغ وحي الله عز وجل ورسالته ، وجاهدتم معي فجزاكم الله عني خيرا.

ثم أخذ بيدي فرفعها كأنها مروحة ، وقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأنا وليّ جميعهم؟

قالوا : نعم.

قال : من كنت مولاه فهذا مولاه. هل سمعتم وأطعتم.

قالوا : نعم.

قال : اللهمّ اشهد.

فقام نعمان بن الحارث الفهري(١) فقال : يا رسول الله أتيتنا فذكرت لنا إنك رسول الله إلينا ، فقلنا لك : أعن الله ذلك؟ قلت :

نعم ، فصدّقناك.

ثم أتيتنا بالفرائض ـ وذكرت كل فريضة منها ـ فقلنا لك : أعن الله هذا؟ قلت : نعم ، فصدّقناك.

__________________

(١) وفي البحار ذكر أنه الحارث بن النعمان الفهري راجع تخريج الاحاديث.

٢٣٠

ثم أخذت الآن بيد ابن عمك هذا ، فأمرتنا بولايته ، فالله أمرك بهذا؟ قال : نعم والله عز وجل أمرني أن أقول ذلك لكم.

فقال كلمة يعنى بها التكذيب ، ثم ولّى مغضبا ، وهو يقول : اللهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ثم أتى ناقته ، فحلّ عقالها ، وركبها ، فانطلق يريد أهله ، فأصابته حجارة من السماء [ فسقطت في رأسه وخرجت من دبره وسقط ميتا ](١) .

وفي رواية اخرى : نار فقتلته قبل أن يصل الى أهله ، فأنزل الله عز وجل :( أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ ) (٢) .

[٢٢٠] وبآخر عيسى بن عبد الله بن عمر ، قال : كنت جالسا عند أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام فسمع الرعد ، فقال : سبحان من سبّحت له.

ثم قال : يا أبا محمد أخبرني أبي عن أبيه عن جده ، عن الصدّيق الأكبر عليعليه‌السلام إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أوصي من آمن بي وصدقني ، بولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام فإن ولاءه ولائي ، وولائي ولاءه ، أمر أمرني به ربي عز وجل ، وعهد عهده إليّ ، وأمرني أن أبلغكموه وإن منكم من ينقصه حقّه ويركب عقّه.

قالوا : يا رسول الله أولا تعرّفنا بهم؟

قال : أما إني قد عرفتهم ، ولكن امرت بالإعراض عنهم لأمر هو كائن ، وكفى بالمرء منكم ما في قلبه لعليعليه‌السلام .

__________________

(١) هذه الزيادة موجودة في بحار الأنوار ٣٧ / ١٧٦.

(٢) الشعراء : ٢٠٤.

٢٣١

[٢٢١] وبآخر ، مسعر عن طلحة بن عميرة ، قال : شهدت علياعليه‌السلام على المنبر ، وحول المنبر اثنا عشر رجلا من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : اناشدكم الله من كانت لي عنده شهادة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا قام فأداها.

فقام القوم فذكروا قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، وكان فيهم أنس بن مالك ، فلم يقم ، ولم يقل شيئا.

فقال له عليعليه‌السلام : يا أنس بن مالك ، ما منعك أن تقوم فتشهد بما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال : يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت.

فقال عليعليه‌السلام : اللهمّ إن كان كاذبا فابتله ببياض لا تواريه العمامة.

قال طلحة : فو الله ما متّ حتى رأيتها نكتة(١) بين عينيه من برص أصابه.

[٢٢٢] وبآخر في حديث آخر عن زيد بن أرقم(٢) ، قد ذكرناه فيما تقدم إنه قال : أنشد عليعليه‌السلام الناس [ في المسجد ] : من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، إلا قام فشهد.

فقام جماعة ، فشهدوا ، وكنت فيمن كتم ، فعمي بصري ، وكان يحدث بذلك بعد أن عمي.

[٢٢٣] وبآخر ، محمد بن عبد الله بن أبي رافع عن أبي عبيدة عن عمار بن ياسر ، عن أبيه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصي من آمن

__________________

(١) النكتة ونكت ونكات : النقطة البيضاء في الأسود.

(٢) وفي نسخة ـ ب ـ عن بريدة.

٢٣٢

بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب ، فمن تولاه فقد تولاني ، ومن تولاني فقد تولى الله ، ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ، ومن أبغض الله يوشك أن يأخذه عقاب.

[٢٢٤] وبآخر ، عن عباس ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا سيد الناس(١) ولا فخر ، وعليّ سيد المؤمنين ولا فخر ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

[٢٢٥] وبآخر سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة عن عليعليه‌السلام ، إنه قال : في قوله الله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ » (٢) .

قال : [ ناكبون ] عن ولايتنا أهل البيت.

[٢٢٦] وقالعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً » (٣) .

قال : في ولايتنا أهل البيت.

[٢٢٧] وبآخر ، أبو حمزة ، عن ابن عباس ، إنه قال في قوله الله عز وجل : «رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً » (٤) .

قال : الدخول في الولاية.

«وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً » قال : الجنة.

[٢٢٨] وبآخر ، الشعبي عن ابن عباس ، إنه قال في قوله الله تعالى :

__________________

(١) وفي نسخة ـ أ ـ سيد البشر.

(٢) المؤمنون : ٧٤.

( ٣ ـ ٤ ) البقرة : ٢٠٨ و ٢٠١.

٢٣٣

  «وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ » (١) .

قال : يوقف الناس على الصراط فيسألون عن ولاية عليعليه‌السلام .

[٢٢٩] وبآخر ، يزيد بن عبد الملك ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله تعالى : «بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً » (٢) .

قال : من ولاية علي أمير المؤمنين والأوصياء من ولدهعليهم‌السلام أجمعين.

[٢٣٠] وبآخر ، زيد بن المنذر عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليهم أجمعين إنه قال ـ في قوله تعالى ـ : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما ) ( يُحْيِيكُمْ » (٣) .

قال : ولاية عليعليه‌السلام .

[٢٣١] وبآخر ، داود بن سرحان ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى : «فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ » (٤) .

قال : ذلك علي بن أبي طالبعليه‌السلام إذا رأوا ما أزلفه(٥) الله عز وجل به لديه ، ومنزلة ومكانه من الله جلّ ثناؤه أكلوا اكفهم على ما فرطوا فيه من ولايتهعليه‌السلام .

[٢٣٢] وبآخر ، أبو حذيفة عن هلقام ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال

__________________

(١) الصافات : ٢٤.

(٢) البقرة : ٩٠.

(٣) الأنفال : ٢٤.

(٤) الملك : ٢٧.

(٥) أزلفه : قربه ، والزلفى : القربة والمنزلة ( مختار الصحاح ص ٢٧٣ ).

٢٣٤

في قول الله تعالى : «فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ »(١) .

قال : من دفعهم لولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٣٣] وبآخر ، أبان بن عثمان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى :( وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ » (٢) .

قال : هو وعد تواعد الله به من كذب بولاية علي أمير المؤمنين.

[٢٣٤] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : لما أنزل الله تعالى على رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله : «إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ » (٣) .

قال لعليعليه‌السلام : المجرمون ، ـ يا علي ـ المكذبون بولايتك.

[٢٣٥] وبآخر ، عن عمر بن اذينه ، عن جعفر بن محمد عن أبيه صلوات الله عليهم إنه قال في قول الله عز وجل : «أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ » (٤) .

قال : يقول : أفتطمعون أن يقرّوا لكم بالولاية ، وهم يحرّفون الكلم عن مواضعه.

[٢٣٦] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام إنه قال في قول الله [ تعالى ] : «أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ ، فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ » (٥) .

قال : قد كذبوا والله فريقا من آل محمد وفتلوا فريقا.

[٢٣٧] وبآخر ، ثابت الثمالي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قوله الله تعالى : «أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ » (٦) .

__________________

(١) ص : ١٧.

(٢) المزمل : ١١.

(٣) المدثر : ٤٢.

(٤) البقرة : ٧٥.

(٥) البقرة : ٨٧.

(٦) البقرة : ١١٤.

٢٣٥

قال : يعني الولاية لا يقولوا بها إلا وهم يخافون على أنفسهم إظهار القول بها.

[٢٣٨] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله عز وجل «وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ » (١) .

قال : مسلمون بولاية عليعليه‌السلام .

[٢٣٩] وبآخر ، محمد بن سلام ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله عز وجل : «قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » (٢) قال : إن الله عز وجل أوحى الى نبيه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمره بالصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد فلما فعلوا ذلك وأقاموه ، وكان آخر ما فعلوه منه الحج معه حجة الوداع وقام فيهم بولاية عليعليه‌السلام .

قال قوم : الى متى يلزمنا محمد هذه الفرائض شيئا بعد شيء؟

فأنزل الله تعالى قل : «إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » يعني الولاية لأمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٤٠] وبآخر ، عبد الصمد بن بشير ، عن عطيّة عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : لما كان يوم غدير خم ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في عليعليه‌السلام ـ ما قال ، اجتمع جنود إبليس إليه ، فقالوا : ما هذا الأمر الذي حدث كنّا نظن أن محمّدا إذا مضى تفرق هؤلاء ، فنراه قد عقد هذا الأمر لآخر من بعده. فقال لهم : إن أصحابه لا يفوا له بما عقد عليهم.

قال عطية : ثم قال لي أبو جعفرعليه‌السلام : أتدري أين هو من كتاب الله تعالى؟

__________________

(١) البقرة : ١٣٢

(٢) السبأ : ٤٦.

٢٣٦

قلت : لا.

قال : هو قوله تعالى : «وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » (١) .

[٢٤١] وبآخر ، يعقوب بن المطلب ، عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله عز وجل : «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ » (٢) .

قال : لا تعدلوا عن ولايتنا فتهلكوا في الدنيا والآخرة

[٢٤٢] وبآخر ، إبراهيم بن عمر الصنعاني ، عن أبي جعفر ( محمد بن علي بن الحسينعليه‌السلام ) ، إنه قال : في قول الله عز وجل : «سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى » (٣) .

قال : لا يقول بولايتنا إلا من يخشى الله تعالى.

[٢٤٣] فضيل بن الرسان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى » (٤) .

قال : نعينك على تبليغ الرسالة بمعرفة حق الأوصياءعليهم‌السلام .

[٢٤٤] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام إنه قال في قول الله [ عز وجل ] : «يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ ».

قال : يعني بولاية عليعليه‌السلام .

«وَإِنْ تَكْفُرُوا ) ـ يعني بولايته ـ( فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً » (٥)

__________________

(١) السبأ : ٢٠.

(٢) البقرة : ١٩٥.

(٣) الأعلى : ١٠.

(٤) الأعلى : ٨.

(٥) النساء : ١٧٠.

٢٣٧

[٢٤٥] وبآخر ، الفضل بن بشار ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » (١) .

يعني الائمةعليهم‌السلام .

[٢٤٦] وعنهعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ » (٢) .

قال : يعني الولاية.

[٢٤٧] وبآخر ، حميد بن جابر بن العبدي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها » (٣) قال : يعني الولاية «لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ ».

قال : لأرواحهم «وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ » يوم القيامة.

[٢٤٨] وبآخر ، أبو الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ » (٤) .

يقول : الى ولاية عليعليه‌السلام ، فإنّ استجابتكم له في ولاية عليعليه‌السلام أجمع لأمركم.

[٢٤٩] وبآخر ، عن ابن عمر عن أبي جعفر عن أبيه ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها » (٥) .

قال : بالإقرار بالولاية ، فلتعبدوا ، أتعستم فيها بالجحود.

__________________

(١) المائدة : ٥٥.

(٢) المائدة : ٦٨.

(٣) الأعراف : ٤٠.

(٤) الأنفال : ٢٤.

(٥) آل عمران : ١٠٣.

٢٣٨

[٢٥٠] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام [ إنه ] قال : نزل جبرائيلعليه‌السلام علي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه الآية : «فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً »(١) .

قال : بولاية عليعليه‌السلام .

[٢٥١] وبآخر ، عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى » (٢) ، قال : هو التارك لحقنا ، المضيع لما افترضه الله تعالى عليه من ولايتنا.

«وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى » ، قال : يقول ليس عليك يا محمد ألا يصلي ويزكي ويصوم ، فانه إن عمل أعمال الخير كلها وأتى بالفرائض بأسرها ثم لم يقبل بولاية الأوصياء لم يزن ما عمل عند الله سبحانه جناح بعوضة.

[٢٥٢] وبآخر ، أبو الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا » (٣) .

قال : علم الله عز وجل إنهم سيفترقون بعد نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويختلفون ، فنهاهم الله عن التفرق كما نهى من كان قبله وأمرهم أن يجتمعوا على ولاية آل محمدعليهم‌السلام ولا يتفرقوا.

[٢٥٣] وبآخر ، محمد بن زيد ، عن أبيه ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى : «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها » (٤) ، أهي للمسلمين عامة؟.

قال : الحسنة : ولاية علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٥٤] وبآخر ، خيثمة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله

__________________

(١) الإسراء : ٨٩.

(٢) عبس : ٥.

(٣) آل عمران : ١٠٣.

(٤) الأنعام : ١٦٠.

٢٣٩

تعالى : «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى » (١) .

قال : العروة الوثقى هي : ولاية عليعليه‌السلام والقول بإمامته والبراءة من أعدائه ، والطاغوت أعداء آل محمّدعليهم‌السلام .

[٢٥٥] وبآخر ، جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عليعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله عز وجل : «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ » (٢) ، قال : الذين كفروا بولاية عليعليه‌السلام وأوصياء رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين.

[٢٥٦] وبآخر ، أبو حمزة ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ » (٣) ، قال : ولاية عليعليه‌السلام وولايتنا من بعده.

[٢٥٧] وبآخر ، خالد بن يزيد ، عنهعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله تعالى : «فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ » (٤) ، قال : في القول بالولاية.

[٢٥٨] وبآخر ، حسّان الجمّال ، قال : حملت أبا عبد الله ( جعفر بن محمدعليه‌السلام ) من المدينة الى مكة ، فلما انتهى إلى غدير خم ، نظر الى المسجد ، فقال : ترى عن يسار المسجد ذاك؟

قلت : نعم.

قال : كان موضع قدمي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أخذ بيد عليعليه‌السلام ، وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه.

ونظر الى الجانب الأيمن ، فقال : هاهنا كان فسطاط أربعة من

__________________

(١) البقرة : ٢٥٦.

(٢) البقرة : ٦.

(٣) الكهف : ٤٤.

(٤) التغابن : ١٦.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

التقييد بالوقت كما يكون بنحو وحدة المطلوب كذلك ربما يكون بنحو تعدد المطلوب بحيث كان أصل الفعل ولو في خارج الوقت مطلوبا في الجملة وان لم يكن بتمام المطلوب الا انه لا بد في اثبات انه بهذا النحو من دلالة ولا يكفى الدليل على الوقت الا فيما عرفت ومع عدم الدلالة فقضية اصالة البراءة عدم وجوبها في خارج الوقت ولا مجال لاستصحاب وجوب الموقت بعد انقضاء الوقت فتدبر جيدا

______________________________

على (ثبوت) يعني مقتضى الاطلاق حمل التقييد على كونه تقييدا لبعض مراتب المصلحة لا أصل المصلحة (قوله: بهذا النحو) يعني نحو تعدد المطلوب وكذا النحو الاول ايضا إذ لابد في البناء عليه من دلالة (قوله: فيما عرفت) يعني فيما يكون لدليل الواجب إطلاق ولا يكون اطلاق لدليل التقييد وكان الانسب التعبير بقوله: ولا يكفي الدليل على الواجب الموقت (قوله: ولا مجال لاستصحاب) والوجه فيه ما سيأتي في تنبيهات الاستصحاب من أن الزمان إذا أخذ قيدا للفعل كان الفعل المقيد به غير الفعل الواقع في خارجه فتسرية الحكم من الاول إلى الثاني من قبيل تسرية الحكم من موضوع إلى آخر فيكون من القياس لا من الاستصحاب لانه يعتبر في صحة الاستصحاب وحدة الموضوع ليتحقق الابقاء الذي هو قوام الاستصحاب، مثلا الصوم يوم الجمعة غير الصوم يوم السبت فإذا ثبت الوجوب للاول وشك في وجوب الثاني لا يكون رفع اليد عن وجوبه نقضا لليقين السابق فيرجع في وجوب الثاني إلى اصالة البراءة " أقول ": هذا وإن ذكره المصنف (ره) وشيخنا الاعظم (ره) في ذلك المقام، لكن قد يشكل بأنه مبني على الرجوع في اتحاد موضوع الاستصحاب إلى الدليل أما لو كان المرجع فيه العرف فالموضوع في نظره واحد ويصح ان يقال: كانت الصلاة واجبة فهي على ما كانت، وسيأتي انشاء الله توضيح ذلك في محله.

٣٤١

فصل

الامر بالامر بشئ أمر به لو كان الغرض حصوله ولم يكن له غرض في توسيط أمر الغير به الا بتبليغ امره به كما هو المتعارف في أمر الرسل بالامر أو النهي وأما لو كان الغرض من ذاك يحصل بامره بذلك الشئ من دون تعلق غرضه به أو مع تعلق غرضه به لا مطلقا بل بعد تعلق أمره به فلا يكون أمرا بذاك الشئ كما لا يخفى وقد انقدح بذلك أنه لا دلالة بمجرد الامر بالامر على كونه أمرا به ولابد في الدلالة عليه من قرينة عليه

______________________________

الامر بالامر

(قوله: حصوله) يعني حصول ذلك الشئ الذي أمر بالامر به (قوله: ولم يكن له غرض) يعني ولم يكن للآمر بالامر غرض في أمر الغير المأمور بالامر (أقول): مجرد وجود غرض في الامر الثاني لا يمنع من كون الامر الاول امرا بالفعل ما لم يكن الغرض من الفعل منوطا بالامر الثاني كما سيشير (ره) إليه (قوله: يحصل بامره) بحيث يكون الامر تمام موضوع الغرض (قوله: بعد تعلق) بحيث تكون نسبة الامر إلى الغرض في الفعل نسبة شرط الوجوب إليه (قوله: فلا يكون أمرا بذاك) اما في الاول فظاهر لعدم الغرض في الفعل اصلا وأما في الثاني فيكون مأمورا به بشرط الامر من المأمور بالامر. ثم ان الثمرة المترتبة على النزاع المذكور شرعية عبادة الصبي بمجرد قوله صلى الله عليه وآله: مروهم بالصلاة وهم ابناء سبع سنين، ونحو مما ورد في أمر الولي للصبي " أقول ": يمكن اثبات شرعية عبادة الصبي بعموم أدلة التشريع مثل قوله تعالى: كتب عليكم الصيام، واقيموا الصلاة، ونحوهما مما يعم البالغ وغيره، وحديث: رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم لا يقتضي اكثر من رفع الالزام لانه وارد مورد الامتنان وحينئذ فيكتفي بعبادته لو فعلها في الوقت ثم بلغ ولا يحتاج إلى الاعادة (قوله: من قرينة عليه) الظاهر ثبوت القرينة النوعية على كون الامر بالامر من قبيل الامر بالتبليغ

٣٤٢

فصل

إذا ورد أمر بشئ بعد الامر به قبل امتثاله فهل يوجب تكرار ذاك الشئ أو تأكيد الامر الاول والبعث الحاصل به ؟ قضية إطلاق المادة هو التأكيد فان الطلب تأسيسا لا يكاد يتعلق بطبيعة واحدة مرتين من دون أن يجيئ تقييد لها في البين ولو كان بمثل مرة أخرى كى يكون متعلق كل منهما غير متعلق الآخر كما لا يخفى، والمنساق من اطلاق الهيئة وان كان هو تأسيس الطلب لا تأكيده إلا أن الظاهر هو انسباق التأكيد عنها فيما كانت مسبوقة بمثلها ولم يذكر هناك سبب، أو ذكر سبب واحد.

______________________________

الملحوظ فيه التبليغ طريقا وليس جاريا مجرى الاوامر في كون الغرض في متعلقاتها (قوله: أو تأكيد الامر) يعني فيكفي في الامتثال وجود واحد (قوله: اطلاق المادة) يعني مادة الامر الثاني فان اطلاقها يقتضي اتحادها مع مادة الامر الاول فيكون المأمور به فيهما مفهوما واحدا يتحقق بوجود واحد (قوله: ولو كان بمثل) (لو) وصلية يعني بأن يقول: افعله مرة أخرى (قوله: كي يكون) فان متعلق الاول الوجود الاول ومتعلق الثاني الوجود الثاني (قوله: من اطلاق الهيئة) يعنى بالاطلاق الاصل المعول عليه في باب دلالة الكلام مع عدم القرينة على خلافه (قوله: هو تأسيس) يعني طلبا آخر غير الطلب الاول فيكون موضوعه غير موضوع الاول وامتثاله بغير امتثاله (قوله: أو ذكر سبب واحد) يعني فيهما أما لو ذكر سبب في أحدهما دون الآخر حمل على التأسيس ووجب التكرار كما لو قيل: اعتق رقبة، ثم قيل: إذا فطرت فاعتق رقبة، وكذا لو ذكر سببان مثل: ان ظاهرت فاعتق رقبة، وإن افطرت فاعتق رقبة، وسيأتي ذلك في مفهوم الشرط.

٣٤٣

المقصد الثاني في النواهي

(فصل)

الظاهر أن النهي بمادته وصيغته في الدلالة على الطلب مثل الامر بمادته وصيغته غير أن متعلق الطلب في أحدهما الوجود وفى الآخر العدم فيعتبر فيه

______________________________

المقصد الثاني في النواهي

(قوله: بمادته وصيغته) المراد من مادة النهي مادة الاشتقاق ل‍ (نهى) ينهى نهيا، ومن صيغته: لا تفعل، ونحوه مما هو بمعناه يعنى كما أن مادة الامر وصيغته دالتان على الطلب كذلك مادة النهي وصيغته وانما الفرق بينهما أن الطلب المدلول عليه بالاولتين متعلق بالوجود والمدلول عليه بالاخرتين متعلق بالعدم " أقول ": قد عرفت الاشارة إلى أن الوجود ليس مأخوذا في مفهوم الامر فانه قد يتعلق بالعدم كما يتعلق بالوجود فيقال: أمره بالترك كما يقال: أمره بالفعل، وكذلك صيغته فانها قد تكون مادتها الترك مثل: اترك، وكذلك العدم ليس مأخوذا في مفهوم النهي فانه يتعلق بالوجود كما يتعلق بالعدم فيقال: نهاه عن الفعل كما يقال: نهاه عن الترك، وكذلك صيغته فيقال: لا تفعل، كما يقال: لا تترك فالتحقيق أن النهي بمادته ضد الامر يتوارد معه على أمر واحد وجود أو عدم فهو يقتضي الزجر عنه والامر يقتضي البعث إليه. نعم لا بد أن يراد من متعلقه سواء أكان فعلا أم تركا، ما هو بالحمل الشايع فعلا أو تركا لا نفس المفهومين من حيث هما فمعنى النهي عن القيام الزجر عنه والمنع عن القيام الخارجي الذي هو الوجود القيامي ويلازمه طلب عدمه، كما أن معنى الامر بالقيام البعث إليه ويلازمه النهي عن عدمه كما تقدم في مبحث الضد، وأما صيغته فقد عرفت أن معنى الخبر والانشاء واحد وإنما الاختلاف بينهما بقصد الحكاية عن ثبوته في الخبر وقصد اثباته في الانشاء فيكون معنى لا تفعل - خبرا

٣٤٤

ما استظهرنا اعتباره فيه بلا تفاوت اصلا. نعم يختص النهي بخلاف وهو أن متعلق الطلب فيه هل هو الكف أو مجرد الترك وان لا يفعل ؟ والظاهر هو الثاني (وتوهم) أن الترك ومجرد أن لا يفعل خارج عن تحت الاختيار فلا يصح ان يتعلق به البعث

______________________________

وانشاء - واحدا وحيث انها إذا استعملت خبرا كانت حاكية عن النسبة السلبية المقابلة للنسبة الايجابية مقابلة نسبة الفصل بين الشيئين لنسبة الوصل بينهما فإذا كانت انشاء تكون موجدة للنسبة السلبية المذكورة فحقيقة: لا تفعل، على هذا جعل النسبة السلبية بين المخاطب وبين فعله كما أن حقيقة: تفعل، ونحوها من الجمل الخبرية المستعملة في مقام الطلب جعل النسبة الثبوتية غاية الامر أن الجعل في المقامين ادعائي لا حقيقي وكما أن جعل النسبة الثبوتية - ولو ادعاء - ظاهر ولو بقرينة المقام في إرادة الفعل المثبت ولاجل ذلك يجب عقلا، كذلك جعل النسبة السلبية ظاهر في كراهة الفعل المسلوب ولاجل ذلك يحرم عقلا، ومن ذلك يظهر أن النهي بمادته وهيئته انما يحكي عن كراهة المنهي عنه وان كان يلزمها ارادة نقيضه كما أن الامر بمادته وهيئته يحكي عن ارادة المأمور به الملزومة لكراهة نقيضه كما تقدم في الضد العام (وتوهم) أن جعل النسبة السلبية يحكي عن تعلق الارادة بها ويلزمها كراهة المسلوب عكس ما ذكرنا (مندفع) بأن النسبة السلبية معنى حرفي لا يكون موضوعا للارادة أو الكراهة وإنما موضوعهما المثبت والمسلوب كما يظهر بالتأمل والله سبحانه أعلم (قوله: ما استظهرنا) يعني ما تقدم من اعتبار العلو والوجوب في مفهوم الامر المقتضي لاعتبارهما في مفهوم النهي ايضا (قوله: هل هو الكف) المراد بالكف فعل ما يوجب انزجار النفس عن ارادة الشئ فهو أمر وجودي بخلاف الترك فانه عدم محض. ثم إن مقتضى ما عرفت من معنيي المادة والصيغة أن هذا الخلاف ينبغي أن يكون في لازم مدلولهما أو في مدلول الامر لو تعلق بالترك (قوله: وتوهم ان الترك) هذا دليل القول الاول (وتوضيحه) أنه يعتبر في متعلق التكليف عقلا أن يكون مقدورا والترك ليس مقدورا لان القدرة صفة في القادر يترتب عليها الاثر والترك عدم محض لا يصلح أن يكون

٣٤٥

والطلب (فاسد) فان الترك أيضا يكون مقدورا والا لما كان الفعل مقدورا وصادرا بالارادة والاختيار وكون العدم الازلي لا بالاختيار لا يوجب ان يكون كذلك بحسب البقاء والاستمرار الذي يكون بحسبه محلا للتكليف (ثم) إنه لا دلالة لصيغته على الدوام والتكرار كما لا دلالة لصيغة الامر وان كان قضيتهما عقلا تختلف ولو مع وحدة متعلقهما بأن يكون طبيعة واحدة بذاتها وقيدها تعلق بها الامر مرة والنهي أخرى ضرورة أن وجودها يكون بوجود فرد واحد وعدمها لا يكاد يكون إلا بعدم الجميع كما لا يخفى

______________________________

أثرا للقدرة مترتبا عليها فان العدم لا يترتب على الوجود كيف والعدم الازلي سابق على القدرة فكيف يستند إليها مع حدوثها وتأخرها (قوله: فان الترك أيضا) حاصله ان نسبة القدرة إلى الوجود والعدم نسبة واحدة بمعنى انه إذا كان أحدهما مقدورا لابد ان يكون الآخر كذلك والقدرة على احدهما خاصة دون الآخر اضطرار لا قدرة، فإذا اعترف المستدل بأن الوجود مقدور لزمه الاعتراف بأن العدم كذلك، فيصح كونه موردا للتكليف، ومنشأ هذا التوهم تخيل أن اعتبار القدرة عقلا في متعلق التكليف بمعنى لزوم كونه أثرا للقدرة وليس كذلك بل بمعنى كونه أحد عدلي القدرة وان كان تأثيرها يختص باحدهما وهو الوجود، وأما ما في الفصول من أن دعوى أن العدم المحض لا يصلح اثرا للقدرة مصادرة... الخ فغير ظاهر (قوله: بحسب البقاء) فان العدم بحسبه عدل للقدرة وان لم يكن الازلي كذلك (قوله: ضرورة ان وجودها) قد عرفت أن الحصص المتكثرة وجودا لما كانت مجتمعة تحت وحدة مشتركة بينها هي الطبيعة فكل وجود من تلك الوجودات يصح أن يضاف إلى الجهة الواحدة كما يصح أن يضاف إلى الحصة الخاصة فوجود زيد وجود لحصة من الانسان ووجود للانسان الطبيعي ولاجل ذلك صار يكفي في وجود الطبيعة وجود فرد ولا يكفي في عدمها

٣٤٦

ومن ذلك يظهر أن الدوام والاستمرار إنما يكون في النهي إذا كان متعلقه طبيعة مطلقة

______________________________

*

عدم فرد بل لابد من عدم جميع الافراد إذ لو وجد بعض الافراد وعدم البعض الآخر فصدق وجود الطبيعة وعدمها لزم اجتماع النقيضين فلابد اما ان لا يصدق على وجود الفرد أنه وجود للطبيعة أو يصدق ولا يكون عدمها الا بعدم جميع الافراد وحيث انه يصدق ضرورة فلا يكون عدم الطبيعة الا بعدم تمام افرادها فيكفي في امتثال الامر وجود واحد للطبيعة ولا يكفي في امتثال النهي الا ترك جميع الافراد ليتحقق عدمها (أقول): حيث عرفت أن النهي - مادة وهيئة - دال على كراهة الطبيعة فمقتضى اطلاقه كراهة كل فرد فيقتضي الزجر عن كل فرد ولا يتحقق امتثاله إلا بترك كل فرد (قوله: ومن ذلك يظهر) يعني إذا ثبت أن عدم الطبيعة انما يكون بعدم جميع الافراد فإذا كان النهي متعلقا بالطبيعة مطلقا من دون تقييد لها بزمان بعينه كان مقتضى اطلاقها ارادة ما يعم الافراد الدفعية والتدريجية فعدمها إنما يكون بعدم جميع أفرادها الدفعية والتدريجية فلا يتحقق امتثال النهي إلا بترك جميع الافراد الدفعية والتدريجية وهذا عين الدوام والاستمرار (أقول): إذا كان المطلوب بالنهي عدم الطبيعة فعدم الافراد الدفعية والتدريجية حاصل في الزمان الاول فالترك في أول الازمنة ترك لجميع الافراد المذكورة فيكون امتثالا للنهي ومسقطا له فلا موجب للاستمرار، بل التحقيق ما عرفت الاشارة إليه من أن مادة النهي وهيئته حاكيتان عن الكراهة وكراهة الطبيعة المطلقة كراهة لجميع افرادها فإذا كان اطلاق الطبيعة يقتضي شمول الافراد الدفعية والتدريجية فالكراهة لها تقتضي كراهة جميع الافراد الدفعية والتدريجية فيتوقف امتثال النهي على ترك الافراد في تمام الازمنة لان كل ما يفرض من الافراد في الازمنة اللاحقة معروض للكراهة ففعله مخالفة وتركه موافقة للنهي (وان شئت) قلت: مادة النهي مفادها الزجر فالاطلاق يقتضي الزجر عن الطبيعة المطلقة والزجر عن المطلق زجر عن جميع افراده فالافراد التدريجية إذا كانت افرادا

٣٤٧

غير مقيدة بزمان أو حال فانه حينئذ لا يكاد يكون مثل هذه الطبيعة معدومة إلا بعدم جميع أفرادها الدفعية والتدريجية (وبالجملة) قضية النهي ليس الا ترك تلك الطبيعة التي تكون متعلقة له كانت مقيدة أو مطلقة وقضية تركها عقلا انما هو ترك جميع افرادها (ثم) انه لا دلالة للنهي على ارادة الترك لو خولف أو عدم ارادته بل لابد في تعيين ذلك من دلالة

______________________________

للطبيعة المطلقة المنهي عنها فكل واحد منها لابد أن يكون موضوعا للزجر مطلقا وهو عين الاستمرار، وهيئة النهي مفادها جعل النسبة السلبية بين المكلف وبين الطبيعة فإذا كانت الطبيعة مطلقة شاملة للافراد التدريجية والدفعية افادت الهيئة انشاء النسبة السلبية بين المكلف وبين كل فرد من أفراد تلك الطبيعة فلا يتحقق إلا بترك الجميع في جميع تلك الازمنة إذ فعل فرد في زمان ما يقتضي نسبة ثبوتية لا سلبية وبالجملة معنى: لا تفعل، السلب المحصل وطلب العدم من قبيل الايجاب المعدول والذي يحصل امتثاله بالترك في الزمان الاول هو الثاني لا الاول، والذي يقتضي الاستمرار هو الاول لا الثاني فلا بد من التأمل كي لا يختلط أحدهما بالآخر ولعل عبارة المتن غير آبية عن الحمل على ما ذكرنا فتأمل (قوله: مقيدة بزمان أو حال) أما لو كانت مقيدة باحدهما كما لو قال: لا تضرب يوم الجمعة، أو عند قيام زيد، اقتضى النهي الاستمرار في ذلك الزمان أو في تلك الحال لا غير أما الاستمرار فيهما فلما تقدم وأما سقوط النهي في غيرهما فلانه مقتضى التوقيت (قوله: لا دلالة للنهي على) يعني إذا عصى المكلف وخالف النهي بفعل المنهي عنه في زمان فهل يجب عليه تركه في الازمنة اللاحقة أولا ؟ لا دلالة للنهي على أحد الامرين بل لابد من الرجوع في الدلالة على أحدهما إلى دليل آخر ولو كان إطلاق المنهي عنه (توضيح ذلك) أن الطبيعة المنهي عنها (تارة) تلحظ بنحو صرف الوجود بمعنى نقض العدم وقلبه إلى الوجود (وأخرى) بنحو الطبيعة السارية، فان لوحظت على النحو الاول سقط النهي بالمخالفة لان صرف الوجود

٣٤٨

ولو كان إطلاق المتعلق من هذه الجهة ولا يكفى إطلاقها من سائر الجهات فتدبر جيدا

فصل

اختلفوا في جواز اجتماع الامر والنهي في واحد وامتناعه على أقوال (ثالثها) جوازه عقلا وامتناعه عرفا وقبل الخوض في المقصود يقدم امور (الاول) المراد بالواحد مطلق ما كان ذا وجهين ومندرجا تحت عنوانين باحدهما كان موردا للامر

______________________________

لا يتعدد انطباقه فإذا انطبق أولا على الفعل الذي هو مخالفة وعصيان امتنع انطباقه ثانيا على غيره فلا معنى لبقاء النهي بعد امتناع موضوعه، وان لوحظت على النحو الثاني كانت كل حصة من الطبيعة تحت كراهة مستقلة في قبال الحصة الاخرى فإذا عصى المكلف بالفعل كان عصيانه في الحقيقة عصانا للكراهة المتعلقة بذلك الفرد الماتي به فتسقط هي أما الكراهة المتعلقة ببقية الحصص فهي على حالها في اقتضائها المنع عنها فيكون حال النهي حال العام الافرادي في اقتضائه كل فرد من نفسه مع قطع النظر عن غيره والطريق إلى معرفة أنها ملحوظة على أي النحوين يمكن أن يكون إطلاق المادة فان مقتضاه كونها ملحوظة بنحو صرف الوجود كما تقدم بيانه في المرة والتكرار فكما أن إطلاق قوله: اضرب، يقتضي البعث إلى صرف الوجود ولا يقتضي التكرار كذلك إطلاق قوله: لا تضرب، يقتضي الزجر عن صرف الوجود فإذا خولف بالوجود لم يقتض الزجر عن الوجود بعد ذلك فانه وجود بعد وجود لا وجود بعد العدم الذي هو صرف الوجود كما عرفت. نعم الغالب في المفسدة أن تكون قائمة بكل حصة بحيالها وفي المصلحة أن تكون قائمة بصرف الوجود فلعل هذه الغلبة تقتضي كون مقتضى الاطلاق هو الثاني لان الاول حينئذ يحتاج إلى بيان فتأمل (قوله: ولو كان اطلاق) الظاهر ارادة ما ذكرنا من الاطلاق وله الحمد

اجتماع الامر والنهى

(قوله: المراد بالواحد مطلق) هذا رد لما عن العضدي من أن المراد

٣٤٩

وبالآخر للنهي وان كان كليا مقولا على كثيرين كالصلاة في المغصوب وإنما ذكر لاخراج ما إذا تعدد متعلق الامر والنهى ولم يجتمعا وجودا ولو جمعهما واحد مفهوما كالسجود لله تعالى والسجود للصنم مثلا لا لاخراج الواحد الجنسي أو النوعي كالحركة والسكون الكليين المعنونين بالصلاتية والغصبية (الثاني) الفرق بين هذه المسألة ومسألة النهى في العبادات هو أن الجهة المبحوث عنها فيها التي بها تمتاز المسائل هي أن تعدد الوجه والعنوان في الواحد يوجب تعدد متعلق الامر والنهي - بحيث

______________________________

*

من الواحد الواحد بالوحدة الشخصية وأما الواحد بالوحدة الجنسية فلا نزاع في جواز الاجتماع فيه كما في السجود فانه مامور به إذا كان لله تعالى ومنهي عنه إذ كان للصنم وحاصل الرد أنه لا وجه لتخصيص النزاع بذلك فانه يعم الكلي أيضا نوعا أو جنسا إذا كان مندرجا تحت عنوانين أحدهما مأمور به والآخر منهي عنه مثل كلي الصلاة في المغصوب المعنونة بالصلاة المأمور بها والغضب المحرم (أقول): الظاهر أن مراد العضدي من الوحدة الشخصية الوحدة الوجودية في مقابل الوحدة الجنسية مع تعدد الوجود كما يظهر من ملاحظة تمثيله للواحد بالجنس السجود المأمور به المنهي عنه بلحاظ وجودين له متباينين لا الشخص المقابل للكلي فلاحظ - مع أن خروج الكلي عن محل النزاع لا ضير فيه لان الغرض تصحيح العبادة الشخصية لا الكلية فتأمل (قوله: المعنونين بالصلاتية) يعني المعنون كل منهما بأنه صلاة وغصب فيكون كليا تحت عنوانين (قوله: التي بها تمتاز المسائل) يعني أن ما به الامتياز بين المسائل ليس مجرد تعدد الموضوع بل تعدد الجهة المقصودة بالبحث ولو مع وحدة الموضوع والجهة المقصودة بالبحث في المقام أن النهي عن عنوان متحد مع عنوان آخر بحسب الوجود يسري إلى العنوان الآخر أولا ؟ ومن المعلوم ضرورة أن الجهة المذكورة أجنبية عن الجهة المقصودة بالبحث في مسألة دلالة النهي على الفساد من اقتضاء النهي للفساد وعدمه فالفرق بين المسألتين في غاية الوضوح (قوله: تعدد متعلق) يعني فلا يكون متعلق أحدهما متعلقا للآخر

٣٥٠

يرتفع به غائلة استحالة الاجتماع في الواحد بوجه واحد - أولا يوجبه بل يكون حاله حاله ؟ فالنزاع في سراية كل من الامر والنهى إلى متعلق الآخر لاتحاد متعلقيهما وجودا وعدم سرايته لتعددهما وجها وهذا بخلاف الجهة المبحوث عنها في المسألة الاخرى فان البحث فيها في أن النهي في العبادة أو المعاملة يوجب فسادها بعد الفراغ عن التوجه إليها (نعم) لو قيل بالامتناع مع ترجيح جانب النهي في مسألة الاجتماع يكون مثل الصلاة في الدار المغصوبة من صغريات تلك المسألة فانقدح أن الفرق بين المسألتين في غاية الوضوح

______________________________

(قوله: من صغربات تلك) لان مبنى الامتناع سراية كل من الامر والنهي إلى متعلق الآخر فيكون متعلق كل منهما موضوعا للامر والنهي معا وهو ممتنع فإذا رجح جانب النهي وسقط الامر يكون موضوع الامر موضوعا للنهي لا غير فيقع الكلام في ان النهي عنه يقتضي الفساد اولا فتكون هذه المسألة متعرضة لتنقيح صغرى للمسألة الآتية ويمكن ان يشكل بأن الفساد المدلول عليه بالنهي في تلك المسألة شامل لجميع حالات المكلف من الاختيار والاضطرار والالتفات والغفلة عن قصور أو تقصير، وفساد العبادة - على القول بالامتناع - لا يكون كذلك بل يختص ببعض الصور كما سيأتي التعرض له في المتن، وأيضا فقوام هذه المسألة إحراز المقتضي للامر والنهي الملحق لها بباب التزاحم على تقدير الامتناع وقوام تلك المسألة التخصيص الملحق لها بباب التعارض، ويمكن أن يدفع بان اطلاق الفساد في تلك المسألة وان كان يقتضي عدم الفرق بين الحالات المشار إليها لكن يلزم حمله على بعض الحالات كما يقتضيه جعل ثمرة مسألة أن الامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده أن تكون العبادة التي هي ضد الواجب الاهم من صغريات مسألة دلالة النهي على الفساد - مع أن الفساد في العبادة التي هي ضد لا يشمل جميع الاحوال بل هو نظير المقام ومنه يظهر المنع من اختصاص مسألة الفساد بصورة عدم المقتضي الملحق بها بباب

٣٥١

(واما) ما افاده في الفصول من الفرق بما هذه عبارته: ثم اعلم أن الفرق بين المقام والمقام المتقدم هو أن الامر والنهي هل يجتمعان في شئ واحد أولا ؟ أما في المعاملات فظاهر وأما في العبادات فهو ان النزاع هناك فيما إذا تعلق الامر والنهي بطبيعتين متغايرتين بحسب الحقيقة وان كان بينهما عموم مطلق وهنا فيما إذا اتحدتا حقيقة وتغايرتا بمجرد الاطلاق والتقييد بان تعلق الامر بالمطلق والنهي بالمقيد انتهى موضع الحاجة (فاسد) فان مجرد تعدد الموضوعات وتغايرها بحسب الذوات لا يوجب التمايز بين المسائل ما لم يكن هناك اختلاف الجهات ومعه لا حاجة أصلا إلى تعددها بل لابد من عقد مسألتين مع وحدة الموضوع وتعدد الجهة المبحوث عنها وعقد مسألة واحدة في صورة العكس كما لا يخفى. ومن هنا انقدح أيضا فساد الفرق بأن النزاع هنا في جواز الاجتماع عقلا وهناك في دلالة النهي لفظا فان مجرد ذلك

______________________________

التعارض فان العبادة التي هي ضد واجدة للملاك قطعا كما تقدم (قوله: واما ما افاده في الفصول) ذكره في مسألة دلالة النهي على الفساد (قوله: أما في المعاملات فظاهر) كأن الوجه فيه أنه لا مجال لاحتمال الفساد في المعاملة مطلقا لو كانت من صغريات مسألة الاجتماع بخلاف العبادة فانها قد تكون فاسدة فيحتاج إلى إبداء الفرق بين المسألتين (قوله: وان كان بينهما عموم) كالانسان والضاحك وهذا رد على المحقق القمي (ره) حيث اعتبر في محل النزاع أن يكون بين العنوانين اللذين هما مورد الامر والنهي عموم من وجه (قوله: بمجرد الاطلاق) بأن يكون أحدهما مطلقا والآخر مقيدا مثل: صل ولا تصل في الدار المغصوبة (قوله: لا يوجب التمايز) كما في صغريات المسألة الواحدة فان موضوع كل واحدة منها يغاير موضوع الاخرى مع ان الجميع مسألة واحدة لاتحاد الجامع بين الموضوعات المبحوث عنه في جميعها، وكما في بعض المسائل التي اختلف تحرير عنوانها في كلامهم كمسألة الاجزاء ومقدمة الواجب فان عنوان كل في كلام بعض وان كان يغاير عنوانها في كلام آخر لاختلاف الموضوع أو المحمول أو اختلافهما لكنها لا تخرج

٣٥٢

ما لم يكن تعدد الجهة في البين لا يوجب الا تفصيلا في المسألة الواحدة لا عقد مسألتين هذا مع عدم اختصاص النزاع في تلك المسألة بدلالة اللفظ كما سيظهر (الثالث) انه حيث كانت نتيجة هذه المسألة مما تقع في طريق الاستنباط كانت المسألة من المسائل الاصولية لا من مباديها الاحكامية ولا التصديقية

______________________________

عن كونها مسألة واحدة (أقول): ظاهر الفصول إبداء الفرق بين المسألتين من حيث المورد ردا على المحقق القمي (ره) لا بيان أن المايز بينهما تعدد الموضوع كي يتوجه هذا التحقيق ردا عليه بل كان المناسب الايراد عليه بمنع اختصاص المسألة الآتية بما ذكر كما يظهر من ملاحظة كون هذه المسألة على بعض التقادير من صغريات المسألة الآتية كما تقدم في كلام المصنف (ره) وايضا فهذا الاهتمام الشديد في إبداء الفرق بين المسألتين إنما يكون مناسبا لو كان موضوع المسألتين أو محمولهما واحدا لا مع الاختلاف الظاهر بينهما الموجب لرفع التباس إحداهما بالاخرى - مضافا إلى ان سراية الامر والنهي إلى متعلق الآخر لا يظهر كونها الجهة المقصودة بالبحث، بل الظاهر كونها مبنى للبحث في هذه المسألة عن جواز الاجتماع وامتناعه فتدبر (قوله: ما لم يكن تعدد) ظاهر الفرق المذكور تعدد الجهة المبحوث عنها في المسألتين فالاشكال عليه غير ظاهر إلا بمنع انحصار الجهة المبحوث عنها في ما ذكره (قوله: تفصيلا في المسألة) إنما يوجب ذلك لو كان المختار في الاول الجواز وفى الثاني الدلالة لكنه في الحقيقة اختيار في مسألتين (قوله: في طريق الاستنباط) يعني استنباط صحة العبادة وفسادها اللذين هما من الاحكام الفرعية (قوله: من المسائل) لما سبق في تعريف الاصول (قوله: لا من مباديها الاحكامية) يعني المسائل المتعلقة بالحكم الشرعي إذ من المناسب عقيب ذكر الحكم وتعريفه وتقسيمه إلى تكليفي وغيره أن يذكر أنه هل يجوز اجتماع حكمين مع تضادهما في وجود واحد كما صنع العضدي وشيخنا البهائي (ره) ذلك على ما حكي ؟ (قوله: ولا التصديقية) وهي المسائل التي يتوقف عليها قياسات العلم وكون المسألة منها

٣٥٣

ولا من المسائل الكلامية ولا من المسائل الفرعية وان كانت فيها جهاتها كما لا يخفى ضرورة أن مجرد ذلك لا يوجب كونها منها إذا كانت فيها جهة اخرى يمكن عقدها معها من المسائل إذ لا مجال حينئذ لتوهم عقدها من غيرها في الاصول وان عقدت كلامية في الكلام وصح عقدها فرعية أو غيرها بلا كلام وقد عرفت في اول الكتاب أنه لا ضير في كون مسألة واحدة يبحث فيها عن جهة خاصة من مسائل علمين لانطباق جهتين عامتين على تلك الجهة كانت باحداهما من مسائل علم وبالاخرى من آخر فتذكر (الرابع) انه قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه أن المسألة عقلية ولا اختصاص للنزاع في جواز الاجتماع والامتناع فيها بما إذا كان الايجاب والتحريم باللفظ كما ربما يوهمه التعبير بالامر والنهى الظاهرين في الطلب بالقول الا انه لكون الدلالة عليهما غالبا بهما كما هو اوضح من ان يخفى وذهاب البعض إلى الجواز عقلا والامتناع عرفا ليس بمعنى

______________________________

*

بملاحظة ابتناء مسألة اصولية عليها وهي ان الامر والنهي هل يتعارضان في مورد الاجتماع ليجب رفع اليد عن أحدهما أو لا ؟ فان التعارض وعدمه مبنيان على امتناع الاجتماع عقلا وجوازه في المقام (قوله: ولا من المسائل الكلامية) وهى التي يبحث فيها عن احوال المبدأ والمعاد وكون المسألة منها بملاحظة جعل النزاع فيها نزاعا في فعله تعالى وأنه يجوز أن يجعل حكمين لفعل واحد إذا كان ذا عنوانين (قوله: من المسائل الفرعية) هذا باعتبار كون النزاع فيها نزاعا في صحة الصلاة في المغصوب (قوله: عقدها معها من المسائل) الضمير الاول راجع إلى المسألة والثاني راجع إلى الجهة والمراد من المسائل الاصولية والجار متعلق بقوله: عقدها (قوله: من غيرها في الاصول) الظرف الاول حال من ضمير عقدها والثاني متعلق بعقد (قوله: وان عقدت) على هذا كان المناسب أن يقول: هذه المسألة من المسائل الاصولية وان كانت كلامية وفرعية وغير ذلك لا نفي كونها فرعية أو كلامية (قوله: انه لكون) ضمير (أن)

٣٥٤

دلالة اللفظ بل بدعوى ان الواحد بالنظر الدقيق العقلي اثنان وأنه بالنظر المسامحي العرفي واحد ذو وجهين والا فلا يكون معنى محصلا للامتناع العرفي غاية الامر دعوى دلالة اللفظ على عدم الوقوع بعد اختيار جواز الاجتماع فتدبر جيدا (الخامس) لا يخفى ان ملاك النزاع في جواز الاجتماع والامتناع يعم جميع اقسام الايجاب والتحريم كما هو قضية اطلاق لفظ الامر والنهى ودعوى الانصراف إلى النفسيين التعيينيين العينيين في مادتهما غير خالية عن الاعتساف وان سلم في صيغتهما - مع أنه فيها ممنوع نعم لا يبعد دعوى الظهور والانسباق من الاطلاق بمقدمات الحكمة غير الجارية في المقام لما عرفت من عموم الملاك لجميع الاقسام وكذا ما وقع في البين من النقض والابرام (مثلا) إذا أمر بالصلاة والصوم تخييرا بينهما وكذلك نهى عن التصرف في الدار والمجالسة مع الاغيار فصلى فيها مع مجالستهم كان حال الصلاة فيها حالها كما إذا أمر بها تعيينا ونهى عن التصرف

______________________________

*

راجع إلى التعبير، والظرف خبر (أن) (قوله: دلالة اللفظ) يعني على الامتناع (قوله: للامتناع العرفي) إذ الامتناع من الاحكام العقلية ولو بتبع نظر العرف (قوله: دعوى دلالة) بطلان الدعوى ظاهر إذ هي خلاف اطلاق موضوع كل من الامر والنهي ولو فرض عدم تمامية مقدمات الاطلاق فلا دلالة للفظ لا انه دال على العدم (قوله: على عدم الوقوع) يعني لا على الامتناع ليتوهم كون المسألة لفظية (قوله: قضية اطلاق) قد عرفت الاشكال في هذا الاطلاق بالنسبة إلى التعييني العيني فراجع وتأمل (قوله: مع مجالستهم) إذ لو ترك مجالستهم فقد امتثل النهي التخييري ولا يكون التصرف في الدار حراما عكس امتثال الامر التخييري (قوله: فيها حالها) يعني في انها تجمع عنوانين أحدهما واجب وهو الصلاة والآخر حرام وهو التصرف في الدار

٣٥٥

فيها كذلك في جريان النزاع في الجواز والامتناع ومجيئ أدلة الطرفين وما وقع من النقض والابرام في البين فتفطن (السادس) انه ربما يؤخذ في محل النزاع قيد المندوحة في مقام الامتثال بل ربما قيل بأن الاطلاق إنما هو للاتكال على الوضوح إذ بدونها يلزم التكليف بالمحال ولكن التحقيق مع ذلك عدم اعتبارها في ما هو المهم في محل النزاع من لزوم المحال وهو اجتماع الحكمين المتضادين وعدم الجدوى في كون

______________________________

*

(قوله: فيها كذلك) أي في الدار تعيينا (قوله: ربما يؤخذ في محل) بل حكي اتفاق كلمتهم عليه (قوله: قيد المندوحة) هي الفسحة والسعة فيختص النزاع بما إذا كان المكلف في سعة بحيث يقدر على موافقة الامر والنهي معا بان كان موضوع الامر اعم مطلقا أو من وجه من موضوع النهي مع قدرة المكلف على امتثال الامر بغير مورد الاجتماع والا فلا مندوحة (قوله: ولكن التحقيق مع) توضيح المراد ان عدم جواز اجتماع الامر والنهي تارة يكون من جهة عجز المكلف عن موافقتهما معا مع كون موضوع الامر واجدا لملاك الامر بحيث يكون وجوده ارجح من عدمه وموضوع النهي واجدا لملاك النهي بحيث يكون عدمه ارجح من وجوده فيكون عجز المكلف مانعا عن الجمع بينهما لان الجمع بينهما تكليف بالمحال نظير الامر بالضدين المتزاحمين (واخرى) يكون من جهة تضاد الامر والنهي نفسيهما الموجب لامتناع الجمع بينهما ويكونان معا تكليفا محالا نظير الامر والنهي المتعلقين بشئ واحد بعنوان واحد والكلام في هذه المسألة في جواز اجتماعهما وعدمه من الجهة الثانية وان الامر والنهي بشئ واحد بعنوانين جمع بينهما في شئ واحد فيكون في نفسه محالا لانه جمع بين الضدين كالامر والنهي بشئ واحد بعنوان واحد أو ليس جمعا بينهما في شئ واحد فلا يكون محالا كالامر والنهي بشيئين ؟ والمندوحة انما تعتبر في جواز اجتماعهما من الجهة الاولى إذ مع المندوحة يقدر المكلف على امتثالهما معا لكنها ليست محلا للكلام في المقام ولذا قيل بالامتناع حتى مع وجود المندوحة (قوله: وعدم الجدوى) معطوف

٣٥٦

موردهما موجها بوجهين في رفع غائلة اجتماع الضدين أو عدم لزومه وأن تعدد الوجه يجدي في رفعها ولا يتفاوت في ذلك اصلا وجود المندوحة وعدمها، ولزوم التكليف بالمحال بدونها محذور آخر لا دخل له بهذا النزاع (نعم) لا بد من اعتبارها في الحكم بالجواز فعلا لمن يرى التكليف بالمحال محذورا ومحالا كما ربما لا بد من اعتبار أمر آخر في الحكم به كذلك ايضا (وبالجملة) لا وجه لاعتبارها إلا لاجل اعتبار القدرة على الامتثال وعدم لزوم التكليف بالمحال ولا دخل له بما هو المحذور في المقام من التكليف المحال فافهم واغتنم (السابع) أنه ربما يتوهم تارة أن النزاع في الجواز والامتناع يبتني على القول بتعلق الاحكام بالطبايع، وأما الامتناع - على القول بتعلقها بالافراد - فلا يكاد يخفى ضرورة لزوم تعلق الحكمين بواحد شخصي ولو كان

______________________________

*

على لزوم وبيان لوجه اللزوم ونظيره قوله: وان تعدد.. الخ فانه معطوف على عدم وبيان له (قوله: محذور آخر) يعني غير كون نفس التكليف محالا الذي هو محل الكلام (قوله: نعم لا بد من) يعني لو بنينا على الجواز في المسألة من الجهة الثانية لابد من اعتبار المندوحة في الحكم بالجواز من الجهة الاولى بناء على امتناع التكليف بالمحال اما بناء على جوازه الغاء للجهة الاولى عن المانعية فلا تعتبر ايضا (قوله: أمر آخر) وهو كل ما له دخل في حصول القدرة على الامتثال (قوله: به كذلك) يعني بالجواز فعلا (قوله: التكليف المحال) يعني الذي لا يجوزه من جوز التكليف بالمحال (قوله: بواحد شخصي ولو) لان الخصوصيات المقومة لفردية الفرد إذا كانت دخيلة في موضوع الامر والنهي معا فقد اجتمع الامران فيها وهي أمر واحد ذاتا ووجودا فيلزم اجتماع الضدين. نعم لو اريد من الفرد الحصة الخاصة من الطبيعي التي هي منشأ انتزاع الطبيعي فهي في الخارج متعددة إذ ما يكون منشأ انتزاع أحدهما غير ما يكون منشأ انتزاع الآخر فيكون موضوع الامر غير موضوع النهي وان اتحدا

٣٥٧

ذا وجهين على هذا القول وأخرى أن القول بالجواز مبني على القول بالطبايع لتعدد متعلق الامر والنهي ذاتا عليه وان اتحد وجودا والقول بالامتناع على القول بالافراد لاتحاد متعلقهما شخصا خارجا وكونه فردا واحدا (وأنت خبير) بفساد كلا التوهمين فان تعدد الوجه ان كان يجدى بحيث لا يضر معه الاتحاد بحسب الوجود والايجاد لكان يجدي ولو على القول بالافراد فان الموجود الخارجي الموجه بوجهين يكون فردا لكل من الطبيعتين فيكون مجمعا لفردين موجودين بوجود واحد فكما لا يضر وحدة الوجود بتعدد الطبيعتين لا يضر بكون المجمع اثنين بما هو مصداق وفرد لكل من الطبيعتين وإلا لما كان يجدي أصلا حتى على القول بالطبايع كما لا يخفى لوحدة الطبيعتين وجودا واتحادهما خارجا فكما أن وحدة الصلاتية والغصبية في الصلاة في الدار المغصوبة وجودا غير ضائر بتعددهما وكونهما طبيعتين كذلك وحدة

______________________________

وجودا ولا فرق بينه وبين القول بالطبايع (قوله: ذا وجهين) لانه فرد لماهيتين (قوله: واخرى أن القول) هذا التوهم راجع إلى الاول ويفترق عنه بأنه لا وجه للقول بالامتناع على القول بالطبايع (قوله: فان تعدد الوجه) حاصله انه يمكن القول بالجواز على القول بالافراد لان الفرد الخارجي بملاحظة كونه ذا وجهين صار مجمعا لفردين يكون أحدهما موضوعا للامر والآخر موضوعا للنهي فلا يتم التوهم الاول كما يمكن القول بالامتناع على القول بالطبايع لان الطبايع وان تعددت ذهنا لكنها متحدة خارجا فيلزم اجتماع الامر والنهي مع كونهما ضدين في واحد خارجي فلا يتم التوهم الثاني (قوله: فان الموجود الخارجي) قد تقدم من المصنف (ره) في مبحث الطبايع ان القول بالافراد قول باعتبار الخصوصيات المفردة في موضوع الامر ولاجل ذلك أبطله بأنها غير دخيلة في الغرض فكيف تكون دخيلة في المأمور به فإذا تم ذلك فالخصوصيات المفردة ليست متعددة فيلزم الاجتماع في واحد ذاتا فلا مجال للقياس على القول بالطبايع فتأمل. (قوله: مجمعا لفردين) هذا غير ظاهر. نعم مجمع لمنشأ انتزاع الماهتين فان

٣٥٨

ما وقع في الخارج من خصوصيات الصلاة فيها وجودا غير ضائر بكونه فردا للصلاة فيكون مأمورا به وفردا للغصب فيكون منهيا عنه فهو - على وحدته وجودا - يكون اثنين لكونه مصداقا للطبيعتين فلا تغفل (الثامن) أنه لا يكاد يكون من باب الاجتماع الا إذا كان في كل واحد من متعلقي الايجاب والتحريم مناط حكمه مطلقا حتى في مورد التصادق والاجتماع كي يحكم على الجواز بكونه فعلا محكوما بالحكمين وعلى الامتناع بكونه محكوما بأقوى المناطين أو بحكم آخر غير الحكمين فيما لم يكن هناك أحدهما أقوى كما يأتي تفصيله، وأما إذا لم يكن للمتعلقين مناط كذلك فلا يكون من هذا الباب ولا يكون مورد الاجتماع محكوما الا بحكم واحد منهما إذا كان له مناطه أو حكم آخر غيرهما فيما لم يكن لواحد منهما قيل بالجواز أو الامتناع. هذا بحسب مقام الثبوت وأما بحسب مقام الدلالة والاثبات فالروايتان الدالتان على الحكمين متعارضتان إذا أحرز أن المناط من قبيل الثاني فلا بد

______________________________

*

كان هو المراد من الفرد تم ما ذكره (قوله: لا يكاد يكون من باب) يعني ان النزاع في هذه المسألة مختص بما إذا كان العنوانان المجتمعان في وجود واحد واجدا أحدهما لملاك الامر والآخر لملاك النهي لان الثمرة المقصودة بالبحث انما تترتب في خصوص ذلك لا غير (قوله: بكونه فعلا) يعني يكون مورد التصادق (قوله: قيل بالجواز) لان القول بالجواز انما يسوغ الاجتماع في ظرف وجود المقتضي لكل منهما فإذا فقد المقتضي لهما أو لاحدهما فلا مجال للاجتماع (قوله: من قبيل الثاني) وهو ما لم يكن المناط موجودا في العنوانين معا والوجه في حصول التعارض حينئذ هو العلم الاجمالي بكذب إحدى الروايتين الموجب للتنافي بينهما عرضا حسبما يأتي انشاء الله في مبحث التعارض وان كان التحقيق أن الوجه في حصول التعارض ان العلم المذكور يوجب دلالة كل من الروايتين على ثبوت الحكم الذي هو مضمونها بالمطابقة وعلى انتفاء الحكم الذي هو مضمون الاخرى بالالتزام فيحصل التنافي بين المدلول المطابقي لكل منهما والمدلول الالتزامي للاخرى

٣٥٩

من عمل المعارضة حينئذ بينهما من الترجيح والتخيير والا فلا تعارض في البين بل كان من باب التزاحم بين المقتضيين فربما كان الترجيح مع ما هو أضعف دليلا لكونه أقوى مناطا فلا مجال حينئذ لملاحظة مرجحات الروايات اصلا بل لا بد من ملاحظة مرجحات المقتضيات المتزاحمات كما يأتي الاشارة إليها (نعم) لو كان كل منهما متكفلا للحكم الفعلي لوقع بينهما التعارض فلا بد من ملاحظة مرجحات باب المعارضة لو لم يوفق بينهما بحمل أحدهما على الحكم الاقتضائي بملاحظة مرجحات باب المزاحمة

______________________________

كما اوضحناه فيما علقناه على ذلك المقام (قوله: من عمل المعارضة) يعني من العمل على طبق أحكام المتعارضين (قوله: والا فلا تعارض) يعني وإلا يحرز أنه من قبيل الثاني بل احتمل انه من قبيل الثاني وأنه من قبيل الاول فلا تعارض بينهما حينئذ لاحتمال صدقهما معا (قوله: بل كان من باب التزاحم) يعني بل يجب الحكم بكون المناط من قبيل الاول أعني موجودا في كل من العنوانين لانه مقتضي حجية الروايتين معا لان كلا من الروايتين تحكي عن وجود المناط المقتضي للحكم الذي تضمنته فدليل حجيتها يقتضي ترتب اثر وجود المناطين معا فيقع بينهما التزاحم على القول بالامتناع (قوله: لكونه أقوى) يعني حيث تحرز اقوائيته بدليل (قوله: فلا مجال حينئذ) إذ المرجحات انما دل الدليل على اعتبارها في مقام التعارض لا التزاحم (قوله: لوقع بينهما) لانه على القول بالامتناع تمتنع فعلية الحكمين على طبق المناطين فإذا دل كل منهما على الحكم الفعلي فقد علم إجمالا بكذب أحدهما فيحصل التعارض حسبما سبق وجهه (قوله: لو لم يوفق بينهما) أما لو أمكن الجمع بينهما في نظر العرف بحمل أحدهما بعينه على الاقتضائي فلا مجال للرجوع إلى أحكام التعارض لانها مختصة بغير موارد الجمع العرفي كما سيأتي إنشاء الله تعالى (قوله: بملاحظة مرجحات) متعلق بقوله: يوفق، يعني يكون الوجه في الجمع بينهما بحمل أحدهما على الاقتضائي دون الآخر هو أن المقتضي فيه أضعف وفي الآخر أقوى فيكون الترجيح بينهما في مقام الثبوت موجبا

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571