حقائق الاصول الجزء ١

حقائق الاصول10%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 571

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 212033 / تحميل: 5773
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

هل كان صعباً تطبيق قواعد الإسلام في الحياة اليومية؟

كنت أتقصّد التفريق بين الممارسات الإسلامية والثقافة الإسلامية وذلك ما كان يختلط على الناس. «كوني أوروبية، اعتناقي الإسلام لا يعني بالضرورة ارتدائي العباءة في لندن» فالعباءة هي زي ثقافي ولكن اللباس الفضفاض هو المطلوب في الإسلام وليس الأمر محصوراً بارتداء العباءة. فأنا أصلّي، أدفع الصدقات والخمس، أمتنع كلياً عن شرب الكحول والمحرّمات ولكن ليس المطلوب مني أن ألبس العباءة مع أنني أمتلك واحدة أستمتع بارتدائها في المنزل. ولكن بطبيعة الحال، أثناء تواجدي في أوروبا - أرتدي الزي الأوروبي مع مراعاة الحجاب.

فأنا أرى الكثير من الممارسات والقيم الإسلامية في أوروبا كاحترام حقوق الإنسان والحفاظ على النظافة والبيئة وهذه القيم الإسلامية وللأسف مفقودة اليوم عند أغلبية المجتمعات الإسلامية. وهذا بالذات ما عناه المستشرق محمد أسد عندما قال: «تستطيع أن ترى الكثير من الإسلام في أوروبا والقليل من المسلمين، والكثير من المسلمين في الشرق ولكن القليل من الإسلام الحقيقي».

ما هي التحديات التي يفرضها تخلي المرء عن ديانته الأولى واعتناقه لديانة أخرى؟

إنّ التحول إلى الإسلام له تحدياته، خصوصاً على صعيد وجود بيئة مماثلة للتعايش معها. فمثلاً من الصعوبات التي تطرح: وجود زوج لائق لامرأة اعتنقت الإسلام، حيث تصبح الواحدة منا عالقة بين عالمين. فأنا شخصياً امرأة مطلَّقة وأعاني أحياناً من لسعة الوحدة.كذلك المسلمون يتحمسون كثيراً لاعتناق الآخرين لديانتهم ولكنني دائماً أقول، ماذا عن البيئة الحاضنة فيما بعد؟ حيث يبدأ العمل الحقيقي عندها. فهم يشجعون الناس على اعتناق الإسلام ومن ثم يتركونهم وحدهم لمصيرهم. أنا محظوظة ربما بإنشاء شبكة من الصداقات. ولكن كم مرّ علي من الأعياد لم أستطع الإحتفال بها كوني كنت وحيدة. فالعيد كان بالنسبة إليّ أداء الصلاة ومن ثم متابعة اليوم بشكل عادي للأسف.

ولكنني أجد إيجابية في ذلك أحياناً، عندما ينتهي بي الأمر في الأعياد بالعشاء مع أحد الذين اعتنقوا الإسلام كذلك ولا يجد من يعيّد معه.

٣٠١

فالعزلة هي ما يترتب علينا عند اعتناقنا مذهباً ما وتخلينا عن مذهب آخر، ففي عيد الميلاد، لا أكون فرداً مرحّباً به في عائلتي كوني اخترت سلوك طريق آخر. وفي شهر رمضان أجد نفسي وحيدة حيث لا يوجد من يتسحّر معي أو يتناول معي الإفطار إلا إن دعاني أحدهم. ولكنّ العزاء دائماً أنّ الله بصحبتي وهو خير صاحب.

وإن كان الإيمان بالله هو الذي يجعلني أقاوم تلك التحديات ولكنني سمعت عن كثيرين اعتنقوا الإسلام حديثاً قد عادوا وانكفؤوا عن ذلك بسبب عدم وجود الدعم المعنوي الكافي من المجتمع الإسلامي المحيط. ومنذ فترة التقيت بامرأة كانت قد اعتنقت الإسلام لفترة عشر سنوات ولكنها عادت لتصبح اليوم وزيرة مسيحية مجدداً.

أخيراً ما الرسالة التي وجهتها إلى الناس من خلال كتابك؟

لقد وجهت رسالة من خلال كتابي إلى الناس الذين يتعلقون اليوم بالمظاهر المادية للحياة. الكثير من الشبان يحلمون بما كنت أمتلكه في الـ «أم تي ڤي» من تسلية ومعارف وشهرة وثقافة.. كنت أمتلك كل ذلك ويمكنني القول بأنّني لم أكن أشعر بالسعادة ولا أفكّر أبداً باسترجاع حياتي السابقة. ذلك الفراغ الذي كنت أحسّ به قبل اعتناقي للإسلام امتلأ اليوم من خلال وجود هدف لحياتي وعلاقة مميزة مع الله وحلم بالجنة.

وتختم بايكر بالقول: أكثر ما يقلقني اليوم هو أنّ غالبية سكان بريطانيا يبنون معارفهم عن الإسلام من خلال ما تمليه عليهم وسائل الإعلام. فالناس هنا لا يذهبون إلى المكتبات ويشترون الكتب ليتعرفوا على الإسلام، بل يكتفون بقراءة الدايلي مايل أو مشاهدة التلفاز لتكوين رأيهم عن الإسلام. كل ما ينقصنا هو التعليم والتثقيف. ولذلك أنا دائماً جاهزة لإجراء المقابلات، لكي أتكلم وأشرح أكثر عن الإسلام. فمثلاً عندما تتصل صحيفة الصن بأحدهم لإجراء حوار، يمتنع عن القبول، ولكنني أفعل لأنّ إلقاء قطرة واحدة من الحقيقة في ذلك المحيط الشاسع يمكن أن يكون له أثر».

٣٠٢

بايكر اليوم تبقي نفسها منشغلة بتحسين صورة الإسلام في بريطانيا. وكانت واحدة من الذين نظموا حملة «ألهمني الرسول محمد (ص)» في لندن التي هدفت إلى تقديم صورة مشرقة عن الإسلام من خلال ملصقات يتم وضعها في مواقف الحافلات وعلى سيارات الأجرة وكانت صورتها ظهرت على إحدى الملصقات وقد كتب تحتها «أؤمن بحماية البيئة وكذلك الرسول محمد (ص)». وقد تلقّت وسائل الإعلام تلك الحملة بالقبول. وفي الآونة الأخيرة أجرت معها شبكة البي بي سي لقاءً حول الفيلم المسيء للإسلام «براءة المسلمين».

الأخ يحيى

انطباعات من مسلم جديد

القرآن: الوحي الأخير

استدركت ضرورة وحتمية بعث نبي جديد بعد النبي عيسى (ع) نتيجة الابتكارات المنسوبة إلى الوحي الإلهي فكانت الحاجة لنبي آخر بعد عيسى (ع) مع وحي آخر بعد الإنجيل. لهذا بعث الله محمداً (ص) مع آخر رسالة، (أي القرآن)، لإعادة كل البشرية إلى الإيمان وعبادة إله واحد هو الله، دون شركاء أو وسطاء. وفقاً للمسلمين، القرآن الكريم، مصدر دائم لهداية الناس، وقد قدم توضيحاً عقلانياً للدور التاريخي الرائع للنبي عيسى (ع)، فقد ورد اسم (عيسى) خمساً وعشرين مرة في القرآن الكريم الذي يتضمن سورة اسمها مريم تيمناً باسم والدة نبي الله عيسى: السيدة مريم بنت عمران (عليها السلام).

فالحتمية الإلهية لنزول وحي جديد، وجدتها في الآيات القرآنية التالية التي أقنعتني جدا:) وَمَا کَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ یُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَکِنْ تَصْدِیقَ الَّذِی بَیْنَ یَدَیْهِ وَتَفْصِیلَ الْکِتَابِ لا رَیْبَ فِیهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ ﴿37﴾﴾ [يونس: 37]، و﴿ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْیَقِینِ ﴿51﴾ ﴾ [الحاقة: 51]. تزامناً، كنت أشعر بالقلق خوفاً من حصول تحريف في القرآن الكريم لأنها كانت مشكلة كبيرة مع الكتب السماوية السابقة. فقرأت بأن القرآن لن يتغير أو لن يتم إلغاؤه:﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿9﴾ ﴾ [الحجر: 9].

٣٠٣

وعرفت لاحقاً أن بعض الظواهر العلمية مذكورة في القرآن، وهذا ما يؤكد مصداقية الاعتقاد بأن القرآن هو كلام الله. فهناك آيات تصف تكوين الجنين داخل رحم أمه، وتكوين الجبال، وأصل الكون، والمخ، والبحار، والأمواج والسحب. إنه فوق استيعاب أي شخص أن يتصور أنّ هذه الحقائق كانت مكتشفة منذ أكثر من أربعة عشر قرناً، ذلك أنه تم الكشف عن هذه الحقائق وتم تأكيدها في الآونة الأخيرة بواسطة علميات أُجريت بآليات متطورة.

الإسلام: جوهر وذروة الأديان السماوية

يعتقد المسلمون أن الغرض الأساسي لخلق الجنس البشري هو عبادة الله. كما قال في القرآن الكريم،﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِیَعْبُدُونِ ﴿56﴾ ﴾ [الذاريات: 56] وبحسب عالم إسلامي معروف في الغرب فإن «النظام الأكثر اكتمالا من العبادة المتاحة للإنسان اليوم هو النظام الموجود في دين الإسلام، وكلمة «الإسلام» تعني «التسليم والخضوع لإرادة الله (عزّ وجل)»، على الرغم من أنه يشارالى الإسلام عادة باسم ثالث الديانات التوحيدية الثلاث، فإنه ليس ديناً جديداً على الإطلاق. إنه دين جاء به جميع أنبياء الله للبشرية. فالإسلام هو دين آدم وإبراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام).

ويضيف العالم «بما أن الله واحد، والبشر هو نوع واحد، فبالنتيجة الدين الذي سيبعثه الله للناس هو دين موحد، فالحاجات الروحية والاجتماعية البشرية هي ذاتها والطبيعة البشرية لم تتغير منذ تم إنشاء أول رجل وامرأة

وبما أن رسالة الله كانت دائما هي نفسها، أدركت أنه من واجب جميع البشر البحث عن الحقيقة في التدين وليس مجرد القبول والاتباع الأعمى للدين الذي يتولاه مجتمعهم أو الوالدين، وفقاً للقرآن،﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً سَمَّیْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُکُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُکْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِیَّاهُ ذَلِکَ الدِّینُ الْقَیِّمُ وَلَکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ ﴿40﴾ ﴾ [يوسف: 40].

٣٠٤

وفيما يتعلق بالفطرة، قال النبي محمد (ص)، ما معناه كل مولود يولد على الفطرة لكن والديه يحولانه إلى اليهودية أو المسيحية أو المجوسية. وعلاوة على ذلك، قال الله تعالى:﴿ فَأَقِمْ وَجْهَکَ لِلدِّینِ حَنِیفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِی فَطَرَ النَّاسَ عَلَیْهَا لا تَبْدِیلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِکَ الدِّینُ الْقَیِّمُ وَلَکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ ﴿30﴾ ﴾ [الروم: 30].

كذلك، تعلمت أنه لا يوجد دين آخر مقبول عند الله الى جانب الإسلام، كما قال بوضوح في القرآن الكريم:﴿ وَمَنْ یَبْتَغِ غَیْرَ الإسْلامِ دِینًا فَلَنْ یُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِی الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِینَ ﴿85﴾ ﴾ [آل عمران: 85].

فاستنتجت أن الانسان قد يهمل هدى الله ويقيم لنفسه معايير خاصة للمعيشة. ولكن في نهاية المطاف، سوف يكتشف أنه لم يكن يتبع إلا سراباً.

عابر

واصلت قراءة القرآن والتعرف على أقوال وأفعال النبي محمد (ص)، فلاحظت أن الإسلام يرى الإنسان (العبد) كرجل عابر لهذه الحياة، والآخرة هي الدار المقر.

فنحن هنا لفترة قصيرة، ولا يمكن أن نأخذ أي شيء معنا من هذه الحياة إلا إيماننا بالله وأفعالنا الحسنة. وبالتالي، ينبغي أن نكون مثل المسافر الذي يمر عبر الأراضي فقط ولا يأخذ أي شيء منها.يجب علينا أن نفهم أن معنى أن نكون على قيد الحياة هو أن نكون تحت اختبارات متواصلة. فهناك المعاناة والفرح والألم والغبطة. هذه الاختبارات من الخير والشر هدفها بلورة الصفات الروحية العليا فينا. نحن غير قادرين على الاستفادة من هذه التجارب إلا إذا بذلنا قصارى جهدنا، بحيث يكون لدينا ثقة كاملة بالله وتقبل ما يقدر الله لنا بصبر.

٣٠٥

الطريق إلى الجنة

كان لا بد من معرفة المزيد عن الجنة إذ إنها بالتأكيد الهدف النهائي الذي يسعى إليه كل فرد، يقول الله،﴿إِنَّمَا یُؤْمِنُ بِآیَاتِنَا الَّذِینَ إِذَا ذُکِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا یَسْتَکْبِرُونَ ﴿15﴾ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ یُنْفِقُونَ ﴿16﴾ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِیَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْیُنٍ جَزَاءً بِمَا کَانُوا یَعْمَلُونَ ﴿17﴾ ﴾ [السجدة: 17] فصرت على بينة أن سروري غداً هو أبعد من كل خيال، إذ سأعيش هذا الفرح العارم في ظل الخالق.

كنت أتساءل أي النفوس تستحق هذه المكافأة؟ هذا الثواب أعظم من أن يكون له ثمن. قيل لي أن الثمن هو الايمان الحقيقي بالله والطاعة له ولنبيه محمد (ص) وآل بيته (عليهم السلام).

أدركت أن البشرية يجب أن تعبد الله لتحقيق البر والوضع الروحي اللازم لدخول الجنة.هذا يعني أنه على البشر الفهم أن العبادة لا غنى عنها كما الأكل والتنفس وليست مجرد معروف يقومون به تجاه الله.لذلك نحن بحاجة لقراءة القرآن لمعرفة أي نوع من الناس يريدنا الله أن نكون ونحاول أن نصبح على هذا النحو. إذاً هذا هو الطريق إلى الجنة.

التغلب على عقبة:

في هذه المرحلة، شعرت بأنني 80٪ أريد أن أصبح مسلماً، ولكن ما كان يدفعني إلى الخلف أنني كنت قلقاً من ردّة فعل عائلتي وأصدقائي لو علموا بأنني أصبحت مسلماً.

فأعربت عن قلقي لأخ مسلم فقال لي أنه في يوم القيامة، لا أحد سيكون قادراً على مساعدتك، لا والدك، ولا والدتك أو أي من أصدقائك. لذلك، إذا كنت تعتقد أن الإسلام هو الدين الحق، يجب أن تتقبله وتعيش حياتك لإرضاء واحد أحد هو الذي خلقك، وهو الله.

وهكذا، أصبح جلياً بالنسبة لي أننا جميعا في قارب واحد؛ وأن كل نفس ذائقة الموت ثم سنكون جميعاً مسؤولين عن معتقداتنا وعن أفعالنا أمام الله.

٣٠٦

شريط فيديو ذو مغزى:

في هذه المرحلة من بحثي عن الحقيقة، كنت على وشك اعتناق الاسلام. شاهدت محاضرة إسلامية على شريط فيديو حول الغرض من الحياة. وكان الموضوع الرئيسي لهذه المحاضرة أن الغرض من الحياة يمكن تلخيصه في كلمة واحدة، هي الإسلام (التسليم لإرادة الله).

على عكس الأديان أو المعتقدات الأخرى، فإن مصطلح «الإسلام» لا يرتبط بأي شخص أو مكان معين. قد أسمى الله الدين في الآية القرآنية التالية:﴿ إِنَّ الدِّینَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ ﴾ [آل عمران: 19] فأي شخص يعتنق الإسلام يسمى مسلماً بغض النظر عن عرق ذلك الشخص أو جنسه أو جنسيته. هذا هو واحد من الأسباب التي تجعل الإسلام دينآً عالمياً.

قبل بحثي عن الحقيقة، لم أنظر بجدية إلى الإسلام كخيار بسبب الصورة السلبية المستمرة عن المسلمين في وسائل الإعلام. وقد أظهر مقطع من شريط الفيديو كيف أن المسلمين وعلى الرغم من تميز الإسلام بالمعاييرالأخلاقية العالية، ليسوا جميعاً متمسكين بهذه المعايير.و يمكن قول الشيء نفسه عن أتباع الديانات الأخرى.

فهمت أخيراً أننا لا نستطيع أن نحكم على الديانات من خلال تصرفات أتباعها وحدها، كما فعلت، لأن عامة البشر غير معصومين. على هذا الحساب، لا ينبغي لنا أن نحكم على الإسلام من تصرفات أنصاره، ولكن عن طريق الوحي (القرآن الكريم) وسنة النبي محمد (ص) وأهل بيته (عليهم السلام).

النقطة الأخيرة التي التقطتها هي أهمية الامتنان لله. فالله يذكر في القرآن أنه ينبغي لنا أن نكون ممتنين لحقيقة أنه خلقنا:﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَکُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِکُمْ لا تَعْلَمُونَ شَیْئًا وَجَعَلَ لَکُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ ﴿78﴾ ﴾ [النحل: 78].

٣٠٧

الحقيقة تكشف عن نفسها:

بمجرد انتهاء العرض،اختبرت كشف النقاب عن روحي، شعرت أنّ عبئاً كبيراً من الخطايا زال عن كتفي. وعلاوة على ذلك، شعرت بنفسي كأنني أرتفع عن الأرض وأحلّق، رافضاً المسرات المؤقتة في هذا العالم من أجل الأفراح الأبدية في الآخرة.

هذه التجربة، إلى جانب عملية طويلة من التفكير، حلت أحجية «الغرض من الحياة». وكشفت أن الإسلام هو الحقيقة، وبالتالي كان علي تحديد هدفي من الحياة، ومعتقدي، اتجاهي وأفعالي.

فدخلت بوابة الإسلام بالإعلان عن نية الإيمان بالقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.

أُبلغت بأن هذه الشهادة تؤكد الاعتقاد بجميع الأنبياء والمرسلين من الله، جنباً إلى جنب وبالتالي فإن كل رسول ونبي هو تحديث واستكمال لدين واحد حتى وصلنا إلى آخر الأنبياء محمد (ص) وإلى الوحي النهائي من الله [القرآن].

انطباعات من مسلم جديد:

أثناء بحثي عن الحقيقة، الدرس الذي تخطى جميع الدروس، هو أن كل المعبودات الأخرى ما عدا الله هي مجرد أوهام.

فالإذعان لإرادة الله أشعرني بالسلام مع الخالق، مع الآخرين، وأخيراً، مع نفسي. ونتيجة لذلك، بت أشعر بالامتنان جداً، وهذا من رحمة الله، الذي أنقذني من أعماق الجهل وصعد بي إلى نور الحقيقة.

الإسلام، الدين الحق في جميع الأوقات والأماكن ولكل الشعوب، هو رمز كامل للحياة إذ يوجّه الإنسان لتحقيق الغرض من وجوده على الأرض، ويعد له اليوم الذي سيعود فيه الى خالقه.

اتباع هذا المسار بطريقة ورعة تمكن الواحد منا من اكتساب رضوان الله فنكون أقرب إليه وسط المسرات التي لا نهاية لها من الجنة والخلاص من عذاب جهنم. مكافأة إضافية بأن تكون حياتنا الحالية أسعد بكثير عندما نتخذ مثل هذا الخيار.

٣٠٨

التمتع بالضلالة:

وقد أعطى اعتناق الاسلام لي أكثر من نظرة ثاقبة في الطبيعة الوهمية لهذه الحياة. على سبيل المثال، إحدى الركائز الأساسية للإسلام هي تحرير الإنسان. فعندما يطلق مسلم على نفسه اسم «عبد الله»، ذلك إن دل على شيء فإنما يدل على التحرر من العبودية لجميع الأشكال الأخرى، وعلى الرغم من أن الإنسان المعاصر قد يظن أنه متحرر، وهو في الحقيقة عبد لرغباته. مخدوع ومضلل من هذه الحياة الدنيوية. يقول الله تعالى:﴿ أَرَ‌أَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴿43﴾ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَ‌هُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 43، 44].

لذلك يجب علينا ألا ندع حماسنا للاستمتاع بمتع هذه الحياة الزائلة يعرِّض فرصة الاستمتاع بملذات الجنة للخطر. كما يقول الله في القرآن:﴿ زُیِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِینَ وَالْقَنَاطِیرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَیْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِکَ مَتَاعُ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴿14﴾ قُلْ أَؤُنَبِّئُکُمْ بِخَیْرٍ مِنْ ذَلِکُمْ لِلَّذِینَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِینَ فِیهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِیرٌ بِالْعِبَادِ ﴿15﴾ ﴾ [آل عمران: 14، 15].

ولذلك، فإن المنافسة الحقيقية في هذه الحياة ليست على تراكم الثروة أو الرغبة في الشهرة، بل بالقيام بالاعمال الصالحة لإرضاء الله، مع الاحتفاظ بالجزء القانوني من التمتع في هذه الحياة.

الطريق الصحيح إلى الله:

هناك العديد من البدائل الدينية المتاحة للإنسان، والأمر متروك له لاختيار أي ديانة يرغب في اتباعها. إنَّه أشبه بالتاجر مع العديد من السلع أمامه، وهو الذي يختار أي سلعة ليتاجر بها. من الواضح أنّه سوف يختار ما يعتقد أنّه الأكثر ربحاً. ومع ذلك، فإن التاجر يبقى غير متأكد وغير ضامن للربح؛ حيث يمكن أن يكسب اليوم ويمكن أن يخسر غداً كل شيء.

في المقابل، فإن المؤمن في وحدانية تسليمه لله، يكون متأكداً تماماً أنّه إذا كان يتبع طريق الهداية [القرآن وسنة النبي محمد (ص)، وآل بيته (عليهم السلام)] سيكون بلا شك مصيره النجاح والثواب في نهاية هذا الطريق، ولحسن الحظ، يبدأ هذا النجاح أيضاً في بداية اختيار هذا المسار.

٣٠٩

أنا مسلمة جديدة...

رقية وارث مقصود

ليس من أمر أسهل من اعتناق الإِسلام - لحظة يدرك الإنسان أن الله حق وأن الله موجود حقاً ويقر بأن النبي العربي محمد (ص) هو حقاً خاتم رسل الله ضمن سلسلة الأنبياء الآخرين المذكورين في الإنجيل يكون قد خطى فعلياً الخطوة الأولى.

تسمى لحظة الإشراق هذه التقوى والإحسان. فجأة تدرك أن الله يراك ويعرفك وإن كنت لا تعرفه ولا تراه.

الخطوة الثانية في مسيرة اعتناق الإِسلام هي التعبير وبوضوح عن لحظة الإيمان هذه - أي نطق الشهادة: «أشهد» لتتوالى الخطوات طوال حياتك.

كيف أعيش كمسلمة:

أن تصبح جزءاً من الجالية المسلمة المحلية وتلج في نمط الحياة هذا أمر يختلف تماماً عن مجرد أن تصبح مسلماً على مستوى العقل.

فهذا يتطلب من الكثيرات من معتنقات الإِسلام درجة عالية من العزم والثقة. فأنتِ لن تواجهي عائلتك وأصدقائك الذين يعتقدون أنك قد أصبت بالجنون فقط، ولكن كامرأة عليك أيضاً أن تستجمعي قواك للدخول إلى عالم المسجد حيث الرجال العابسو الوجوه ذوو اللحى الطويلة لن يكلموك.

فإن كنت واحدة من معتنقات الإِسلام في بعض نواحي إنكلترا الشمالية حيث يغلب على المساجد الطابع الآسيوي، يجدر بك أن تعلمي الكثير عن الثقافات الآسيوية بالإضافة إلى تعلّم الإِسلام.

تنجلي تلك العبسات عن حياء ورقة وتقوى وصداقة صادقة وضيافة وكرم؛ ولكن يعتبر من الفظاظة أن يبدو الرجل وكأنه متحمس للتحدث مع النساء أو للنظر إليهن أكثر من نظرة واحدة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الكثير من المساجد لا تحوي بعد على مصلّى للنساء.

٣١٠

اكتساب الثقة:

لكننا نحن الذين نعتنق الإِسلام نكتسب الثقة شيئاً فشيئاً، فلم نعد نشعر بأنه علينا أن نتظاهر بأننا عرب أو باكستانيون لنشعر بالانتماء.

فنحن نعلم الآن أن المسلمين متواجدون في كل مكان حول العالم من الأسكيمو إلى أستراليا.

يمكننا أن نختار أسماء عربية، كما يمكننا أن نبقى على أسمائنا القديمة فهذا الأمر ليس ذا قيمة حقاً.

على النساء اختيار ملابس معينة كالبنطال الفضفاض والسترة الطويلة أو التنورة الطويلة. وإن كنا لا نشعر بالانسجام في المساجد المحلية لأننا لا نتقن اللغة العربية، فنحن بدأنا بتنظيم مساجد داخل البيوت ونشكل جماعات فيما بيننا وندعو الآسيويين أيضاً ليكونوا ضيوفنا.

أطياف متعددة من المسلمين.... عائلة واحدة:

بدأنا نحن - معتنقو الإِسلام الجدد - بالقراءة بما فيه الكفاية وبتحصيل العلم بما يمكِّننا من التعبير عن آرائنا حول الأمور من حولنا. فنحن عندنا النضج الكافي لندرك أن ليس كل المسلمين قديسين. فالبشر بشر وجلّنا بعيد عن الكمال.

هكذا نتغلب على الشعور بالخيبة عندما نكتشف أن ليس كل مسلم يحيا كما ينبغي على المسلم أن يحيا للوصول إلى الكمال وبالتالي لا نستسلم أو نتهمهم بالنفاق؛ بل على العكس نبذل أقصى جهدنا لنحيا حياتنا بأفضل طريقة ممكنة.

شيئاً فشيئاً يدرك كافة معتنقي الإِسلام وجود الكثير من أنواع المسلمين.

بعض المسلمين روحانيون في حين أن آخرين يهتمون بظاهر العبادات.

لكن شعورنا يزداد بأنه بإمكاننا أن نجد مكاناً لأنفسنا إلى جانب الآخرين في هذه الأمة الواسعة والعائلة الممتدة، وطالما أننا نقوم بأقصى جهدنا فإن الله سيثيبنا على نوايانا الحسنة.

٣١١

جيمي بور

من عارضة أزياء إلى امرأة مسلمة

السلام عليكم، إسمي جيمي

وُلدت وترعرعت على المسيحية الحديثة غير الطائفية ولم أجد فيها أجوبة لما كنت أبحث عنه، ولمدة 31 عاماً كمسيحية، لم أشعر يوماً بالله. حاولت وبكل ما بوسعي ولكني لم أشعر به على الإطلاق. كنت عارضة لبلادي ولمدة خمس سنوات، تعاطيتُ الكثير من المخدرات خلال تلك الفترة كنت أستخدمها كمساعد لفقدان الوزن وكنت أستخدمها لمرة واحدة لأُبعد نفسي عن الإكثار من تناول الطعام. كنت أعتقد بأنني قوية لأتجنب الإدمان على المخدرات التي تحوّل كل من يستخدمها إلى مدمن. بدأتُ أفكر بأني سآخذها لأسبوعين إلّا أنني أصبحتُ مدمنة ليل نهار. أخذتني المخدرات إلى الحضيض والدمار الكامل، فقد كان زوجي يتعاطى المخدرات كذلك. ما دفعه ليكون عنيفاً معي، حتى أني كنت خائفة على حياتي.

قررت أن أتوقف عن تعاطيها، فليس هذا ما أريده لحياتي. فقلت له أنني سأتوقف عنها، ضحك وقال: «لن تستطيعي التوقف». فقلت: «سأتوقف عنها». وتوقفت عن تناولها ذلك اليوم ولم أنظر إلى الخلف مرة أخرى، ولم يكن لديَّ أي برنامج لإعادة التأهيل أو أي مساعدة خارجية أو نظام دعم. كان زوجي يضحك، محاولاً أن يثنيني عن عزمي حتى أعود لتناولها من جديد، وبعد ذلك رُزقت بولدي الصغير. تغيّرت نظرتي إلى الحياة بأكملها. فقد أحببتُ ذلك الطفل الصغير الرائع والذي يحتاج إلى أم صالحة، أحببته كثيراً. فأردت تغيير كل شيء كنت قد ركزت عليه سابقاً، لأجله.

كنت في السابق قادرة على فعل أي شيء أريد أن أقوم به، فقد كنت جزءاً من مشاهد هوليوود التي يرغب الجميع بأن يكون جزءاً منها. لم أكن شخصاً جيداً، كنت في السابق، أشرب الكحول وأتعاطى المخدرات. ولكنني لم أعد أريد القيام بهذه الأمور بعد الآن.

٣١٢

قمتُ بالبحث عن الإِسلام لفترة قبل أن أصبح مسلمة، أردتُ أن أعرف وبشكلٍ أساسي سبب كراهية العالم للمسلمين بهذا القدر، لأنني رأيت ما رأيتُ في نشرات الأخبار، ورأيتُ الظلم والعنف وهذا ما دفعني للبحث عن الحقيقة ولمعرفة ما إذا كان الإِسلام كذلك. بدأتُ البحث عن الموضوع، وكلما بحثت أكثر كلما غصت أعمق في الموضوع. فوجدتُ الحقيقة.

تفاجأ الكثير من الناس عندما تخليتُ عن كل الملذات السابقة لأجل أن أكون مسلمة. والغريب هو أنني عندما نطقت الشهادتين أسست بتلاشي الرغبات للقيام بتلك الأمور وبشكل كامل. إنه لشيء رائع أن أستمتع وأشعر بالسلام في قلبي كوني مسلمة.

أعتقد أن الشيء الأساسي الذي أثار إعجابي بالإِسلام هو احترام المرأة. فهناك الكثير من الاحترام للمرأة والأمور التي تقوم بها النساء، حياتنا نحن النساء ليست سهلة، فلدينا الكثير لنفكر فيه ونقلق بشأنه، كعائلاتنا وأزواجنا وأطفالنا. فتربية الأطفال هو أمر صعب جداً، بالإضافة إلى الأعمال المنزلية والطبخ والاعتناء بأزواجنا.. إنها وظيفة صعبة.

وفي الواقع فإن الإِسلام يحترم المرأة لتلك الأسباب. كان سبباً لفصلنا عن الرجال في المساجد حتى لا يتشتت الرجال. يفهم الإِسلام القوة الكامنة في جاذبيتنا ومظهرنا وهو ما يتأثر به الرجال، والإِسلام يحترم هذا الأمر. ما إن أدركتُ هذا حتى تمكنت الفكرة مني وأردتُ أن أصبح مسلمة. اعتناقي للإِسلام أشعرني بالاختلاف فقد جعلني أشعر بالسلام المطلق. كنت في السابق أشعر بعدم الاستقرار، فالكثير من الأشياء كانت في حالة عدم استقرار، والسبب في هذا هو عدم اتخاذ قرار بشأنها. لم يكن لديَّ أيَّ هدف في ذهني ولم يكن هناك سبب لوجودي، لكن اعتناقي للإِسلام أعطاني السلام والأمان والتوازن وهو ما احتجت إليه في حياتي، إسلامي جعل من الأشياء حقيقة، وتستحق أن أكون هنا من أجلها، فأخيراً صار هناك هدف لحياتي وأنا أفهم الآن ما هو الغرض منها. لا نملك الفرصة دوماً للالتقاء بالناس الذين نحتاجهم بصورة جوهرية لنفهمهم. هذا ما جعلني أتردد على المسجد لأتقرب إلى الناس وأفهمهم. وكلما زاد ترددي إلى المسجد، كلما ازداد عدد النساء اللواتي أحطن بي واعتنين بي ومنحنني العطف الموجود في الإِسلام.

٣١٣

لم أفكر أبداً ولو لمرة واحدة في حياتي بأني سأصبح مسلمة على الإطلاق. فقناعاتي تجاه المسلمين كانت مغلوطة للغاية فأنا لم أحبهم، فقد كنت أعتقد بأنهم سيئون ولم أكن لأفكر ولو لمرة بأني سأكون واحدة منهم. ولكن اليوم أنا فخورة وسعيدة جداً، وأريد أن أرتدي الحجاب ليعرف الناس أني مسلمة، حتى لو كرهوني فأنا لا أهتم. أنا أريد أن أبيِّن لهم أن الله موجود في أي شخص وليس فقط في الشرق أوسطيين.

٣١٤

راكيل: مسلمة أميركية...

ضابطة شرطة سابقة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إسمي راكيل، وقد اعتنقت الإسلام.

لقد كنت ضابطة شرطة في مدينة ديترويت وعملت هناك منذ عام 1996 وحتى عام 2004 وقد أُطلق علَيّ النار عام 2002، وكان ذلك أثناء تأدية وظيفتي وكدت أفارق الحياة.

لم أكن أذهب إلى الكنيسة في واقع الأمر، لقد نشأت في منزل مسيحي، فأبواي قسين مسيحيين، وقرأت الكثير عن الكاثوليكية.

لقد لاحظت أن الإسلام منطقي من الناحية الفكرية، أنا لم أحلل الأديان الأخرى وأدرسها، إلّا أنها تبدو وكأنها تحمل الكثير من صنع الإنسان، وأفكاره بدلاً من شريعة الله الأصلية، وهذا كان يزعجني كثيراً. ثم وجدت الإسلام، أكثر دقة تاريخياً ومن حيث أصالة النصوص، ولم يتم تشويهه من خلال الكثير من الترجمات المختلفة.

أعتقد أنه في عام 2002، تم إنقاذ حياتي لسبب، وأعتقد أن هذا السبب هو أن أتمكن من اعتناق الإسلام وأن أصبح مسلمة. لم أكن أعرف كيف أعبد الله، لم أعرف ما هو الدين الذي ينبغي أن أؤمن به، حتى التقيت ببعض الأصدقاء المسلمين، وقد حدثوني باستفاضة، وفسَّروا لي الكثير. لقد كنت أشعر بالقلق حيال إعلان الشهادة لأنني لا أعرف الكثير من الكلمات الإسلامية حتى الآن، فساندتني إحدى الأخوات التي كانت ترعاني في المسجد، وساعدتني حتى أعلن شهادتي وكان الأمر رائعاً فعلاً. لقد استمتعت بمجرد الإعلان أني أشهد أن لا لا إله إلّا الله أمام كل من في المسجد وكان ذلك أبرز الأحداث بالنسبة لي. لم أعد أخاف الموت فيجب أن لا نخشى إلّا الله، ونتحلى بالإيمان، لأنَّ الله واحد وأنا أعرف ذلك لأنني كنت على شفير الموت ولو كنت قد توفيت ذلك اليوم، لا أعرف إن كنت في هذه الحالة سيكون مصيري إلى نار جهنم أم لا، أما الآن فتملأني الثقة والطمأنينة والسعادة لأنني أعرف مصيري إن حدث لي شيء اليوم.

٣١٥

كان سيصيبني الجنون إن تابعت عملي كضابطة شرطة، لأن الناس يهاجمون المسلمين في ديترويت دون سبب على الإطلاق، لاسيما بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، كان الأمر فظيعاً وقد أزعجني، وكنت أردّ بأن كونهم مسلمين لا يعني أنهم متطرفون حيث أزعجني ما رأيت - كضابطة شرطة - في الشوارع والأسلوب الذي كانت تتم به معاملتهم فقد كان في ذلك انعدام للضمير.

أعرف أن تعلُّم لغة جديدة قد يكون محبطاً للبعض، فهي في الأساس ثقافة جديدة، وليست ديناً فحسب، بل أسلوب حياة. وبالنسبة لي لم يكن ذلك محبطاً، كل ما في الأمر هو رغبتي في تعلمها بسرعة أكبر، وأريد أن أتقنها بمفردي، لكن هذا ليس سهلاً وعلَيَّ أن أتعلم كل شيء تقريباً عبر الإنترنت حتى كيفية ارتداء الحجاب، إنها تجربة مذهلة. بدأت أمتنع عن الكثير من المحرمات كشرب الكحول ولم أعد أتناول لحم الخنزير، وبالطبع أشتري الآن لحماً حلالاً. أصبحت في الأربعين وكنت أعرف أنني أرغب في إدخال هذه التغييرات إلى حياتي، وآن الأوان لأنعم بالسلام والهدوء في حياتي وأتقرب إلى الله، وكنت مستعدة تماماً لهذا التغيير وكنت أعرف أن هذا ما تفتقده حياتي. عندما أصلي، أشعر أنَّ الصلاة مؤثرة جداً وأشعر بقدر هائل من الحماية.

أقرأ القرآن الكريم كل يوم، وأجد فيه آداب الإسلام وأتعلم شيئاً جديداً، والناس يقدمون الكثير من المساعدة، فبالرغم من اختلاف العرق، لا يصدر الناس عليك أحكاماً إذا دخلت وأنت أمريكي. بل يقدمون الكثير من الدعم، فالكل يعاملك بكل لطف ويساعد في تعليمك وتوجيهك.

أكثر ما يعجبني في الإسلام هو الحجاب، فأنا أستمتع به، لأكون صادقة تماماً، لا سيما هنا في لاس فيغاس حيث ينظر الرجال إلى النساء بشكل غريب وهذا يثير الخوف. وهكذا أشعر بمزيد من الراحة والأمان. أما في ما يتعلق بإخبار أصدقائي عن اعتناقي الإسلام، لست متأكدة من ردود أفعالهم فمثلاً أفضل صديقاتي من الطفولة تعمل في الواقع في الكنيسة الكاثوليكية، وأعرف أن رد فعلها لهذا سيكون سيئاً، وقد لا نكون أصدقاء بعد الآن. والبعض أظهروا لي الكثير من الدعم أو طرحوا أسئلة مثيرة للاهتمام كذلك، فكان من اللطيف أن أتمكن من أن أنقل أفكاري لهم. من أبرز الأسئلة التي طرحها أصدقائي بصفة خاصة، سواء من الرجال أو النساء، لماذا تغطين رأسك؟ ولماذا تغطين ذراعيك؟

٣١٦

لا سيما عندنا في لاس فيغاس، لأن المجتمع هنا مختلف للغاية مقارنة حتى بالمجتمعات الأمريكية العادية، الناس هنا يرتدون ألبسة مكشوفة خاصة النساء، فقلت بكل بساطة، الأمر يتعلق بالاحتشام، وقد لاحظت أن الناس ينظرون إليّ بشكل مختلف، حتى أن بعض أصدقائي ذكروا أن بعض الناس ينظرون إليّ بمزيد من الإحترام لأنّ الرجال لا ينظرون إليّ كشيء، بل ينظرون إلى وجهي. في ما يتعلق بأفراد أسرتي فهو سيف ذو حدين، إنني أفتقدهم كأشخاص، لكنني لا أفتقد دينهم على الإطلاق. وقد كانوا في غاية القسوة معي، فقد كانت لديّ تجارب رهيبة ومخيفة للغاية، كان والداي يصطحبانني منذ صغري لحضور ممارسات طرد الأرواح الشريرة. فكان لذلك أثر عاطفي هائل على نفسي طوال الوقت. والداي لا يعرفان أنني اعتنقت الإسلام، لم يكن أمامي سوى خيار واحد في رأيهما، وكان إما اختيار أن أكون مسيحية ذات شخصية جذابة مثلهما أو لا يحترمانني مطلقاً وقد أقصياني من العائلة وكان ذلك قبل أن أعتنق الإسلام.

أفضِّل أن تكون لي أسرة مسلمة وأن يكون الله في حياتي، الله الحق، وليس مجموعة من القواعد والقوانين التي أرساها البشر، لقد تسبب دينهما بالكثير من الألم لي، لكن هذا الدين ليس كذلك.

أنا أريد أن أنشر هذا الدين، وأنشر الحب وأنشر السعادة وأنشر السلام، وأوضح للناس أنه يلزم القضاء على كل هذه النماذج النمطية، وأن الإسلام ليس إرهاباً، وأنه رائع للغاية وهذا ما أرغب أنا شخصياً في أن أوضحه للناس.

٣١٧

أسلم بعد جنازة صديقه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وُلِدتُ وترعرعت في مدينة هاليفاكس في نوفا سكوتيا، أبي رجل أبيض من منطقة برنس إدوارد في كندا وأمي امرأة سوداء من مجتمع يُدعى لوكاس فيل في نوفا سكوتيا.

أمي كانت مسيحية ولقد اعتدت الذهاب معها إلى الكنيسة، وحتى عندما توقفت هي كنت أنا الوحيد من أفراد عائلتي الذي يذهب إلى هناك، عندما كبرت وأصبحت في مرحلة آخر المراهقة، توقفت عن الذهاب إلى الكنيسة، فلم أكن مهتمّاً بمفهوم الدين.

لا زلت أؤمن بالله والعديد من المعتقدات الدينية المسيحية لكنني لم أؤمن بهذا التنظيم الديني.

لقد كنت أعيش في منطقة دارتموت، هي تقع على ميناء مدينة هاليفاكس، ترعرعت هناك حيث كان يوجد عائلة باكستانية كبيرة مسلمة، كنت صديقاً لهم وتعلّمت منهم عن الإسلام بعض الأشياء، فقد كان أحد أفرادها متديّناً، فقد كنت أراه دائماً يذهب إلى المسجد ويصلّي، كان عمري 16 سنة تقريباً عندما أصبحتُ مهتمّاً بالدين الإسلامي وبدأت بالاستفسار عنه، من أصدقائي. وحين بلغت السابعة عشرة - وفي الصيف الذي ما بين الأول الثانوي والثاني الثانوي - انتقلت مع أبي وزوجته من دارتموت للعيش في هاليفاكس، حيث كان هناك العديد من العرب المسلمين، وكانت هذه النقلة بمثابة الصدمة الثقافية بالنسبة لي، لأنني كنت أعيش في كول هاربور، حيث المسلمون قلّة لا تراهم في كل مكان، وبالتالي لا ترى الحجاب أو أيّ شيء من هذا القبيل، بينما في بدفورد يوجد العديد من المسلمين العرب الذين يمكنك معرفتهم بسيماهم. بعد فترة من وصولي إلى هناك، عرف أحد الإخوة العراقيين أنني مهتم بالإسلام فجاء وقال لي بأنهم يقيمون صلاة الجمعة كل أسبوع في المدرسة الثانوية التي كنت أرتادها في وقت استراحة الغداء، فدعاني.

ذهبنا إلى هناك يوم الجمعة والحمد لله كانت تجربة جيدة جداً. كان الخطيب شاباً يافعاً مرحِّباً ومضيافاً وصلّيت معهم على الرغم من أنني لم أعِ ما أفعل، فلقد كنت أقلّدهم. بعد الصلاة تحدّثت إلى الخطيب ورجل آخر كان يأتي للصلاة كل جمعة.

٣١٨

وفي أحد الأيام وبعد انتهائنا من الصلاة سألني ذلك الرجل: «ما رأيك بالإسلام؟» فقلت له: «أنا أؤمن بالدين الإسلامي وأعتقد أنه الدين الصحيح والطريقة المُثلى للحياة» فأجابني: «إذاً يجب أن تصبح مسلماً!» تفاجأت حينها لأنني كنت صغيراً ولا زال أمامي الكثير لأتعلّمه. قال لي: «يجب أن تُسلم لأنك لا تعلم متى ستموت» عندها ضحكت لأنني كنت أبلغ من العمر السابعة عشرة فقط وما زلت صغيراً على الموت، سأموت عندما أصبح جَدَّاً في الثمانينات ويمتلئ شعري شيباً وأحفادي من حولي، فلم أكترث لما كان يقوله.

ذهبت إلى هناك 4 أو 5 مرات بعدها، إلى أن جاءت إجازة الصيف فلم أعد أذهب إلى المدرسة. لكن في يوم من أيام الإجازة الصيفية، كنت أعمل في مطعم، حيث تلقّينا اتصالاً مفاجئاً في وقت الإغلاق من المديرة، التي أخبرتنا فيما بعد أنَّ خالد توفي في حادث اصطدام سيارة. من هو خالد؟ خالد هو أحد الإخوة الفلسطينيين كان يعمل معنا في المطعم لمدة قصيرة وكان صديقي أيضاً فلقد كنا نرتاد نفس المدرسة وتخرجّنا منها معاً. عندما سمعت الخبر لم أصدّقه لأوّل وهلة. هاتفتُ المديرة التي نقلت إلينا الخبر وعندما سمعت صوتها تبكي عرفت حينها بأنه قد مات فعلاً.

لم أستوعب ما الذي يحدث في ذلك الوقت، لكنني في طريقي إلى البيت ماشياً، انهرت باكياً. كانت المرة الأولى التي عرفت فيها أنَّ أحداً توفي في نفس عمري، فكلانا كنا نبلغ الثامنة عشرة من العمر، فقد صدمتني هذه الفاجعة في الصميم..

يوم دفن الجثّة، تعلّمت كيفية الوضوء حيث هاتفت صديقي وعلّمني كيف أتوضأ. وذهبنا أنا وصديقي إلى المسجد في دارتموت لصلاة الجنازة ثم بعد ذلك توجهنا إلى مقبرة المسلمين.

كان الجو مفعماً بالحزن فإخوته وأبوه كانوا هناك والجميع منخرط في البكاء.

عندما وضعوا التراب فوق جثمانه بدأت أنا بالبكاء الشديد، أثناء ذلك شاهدت الشيخ الذي قال لي يجب أن تسلم لأنك لا تعلم متى ستموت. كان هذا بمثابة إشارة لي من عند الله أني قد أموت قريباً وأنَّ كلام الشيخ كان صحيحاً وأنني يجب أن أسلم.

٣١٩

ذهبت إليه مباشرة وأخبرته أنني أريد أن أسلم فقال لي: «أهلاً أليكس، كيف حالك؟ من الرائع رؤيتك مرة أخرى، أتمنى أنك ما زلت مهتمّاً بالإسلام». وسبحان الله في تلك اللحظة، وفي ذلك المكان عند المسجد بجانب المقبرة قلت: «أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله».

بعد ذلك مباشرةً حان وقت صلاة المغرب، وسألني أحد الإخوة إذا كنت أعرف كيفية الوضوء، فقلت نعم. ثم ذهبت إلى دورة المياه لأتوضأ لكنني نسيت مراحل الوضوء فمكثت هناك وقتاً طويلاً محاولاً التذكر. وعندما فرغت من الوضوء كانوا قد انتهوا من صلاة المغرب لكن الشيخ لم يصلِّ بعد وكان بانتظاري ثم صلّينا معاً والحمد لله نشأت بيننا صداقة طيبة من بعد ذلك، فقد استمريت في مقابلته يومياً بعد ذلك لمدة أسبوع حيث علمني سورة الفاتحة وأركان الإسلام.

قبل الإسلام لم أكن أعرف ما الذي يجب أن أفعله وما الذي أريده وما الطريقة المُثلى للعيش.

كنت أعيش وفقاً لفلسفتي الخاصة منجرفاً إلى العديد من العادات السيئة ولكن الحمد لله هداني ربي إلى الطريق الصحيح قبل الوقوع في الطريق السيء.

الكثير قد يجادل بأنَّ السبب وراء اعتناقي الدين الإسلامي هو عاطفتي. ولكن لم تكن الأسباب كذلك، لأنني كنت مقتنعاً أصلاً بأنَّ الدين الإسلامي هو الدين الحق لكنني كنت بحاجة إلى دفعة في الاتجاه الصحيح. فهذه الحادثة جعلتني أعي أنني قد أموت في أي دقيقة وكانت الحادثة إشارة لي بما أنني كنت مقتنعاً بالإسلام فلماذا أنتظر حتى أبلغ العشرين أو الثلاثين أو الأربعين من عمري؟ ولهذا أسلمت وبذلت جهداً في تعلّم الإسلام وأركانه ومبادئه.

أتوق إلى شهر رمضان هذا العام، وأستمتع باختباره مجدداً. نؤدي الشعائر الدينية بشكل أفضل كقراءة الأدعية والذهاب إلى المسجد دوماً وتلاوة القرآن الكريم.

أنا الآن أكثر اقتناعاً من قبل بأنَّ الدين الإسلامي هو الدين الصحيح لأنني رأيت براهين القرآن الكريم ومعجزاته.

حياتي بعد الإسلام تحسّنت كثيراً، فالإسلام هداني إلى الاتجاه الصحيح للحياة وهو أن أعيش حياة مستقيمة ومتديّنة بعد أن كنت متخبطاً قبل ذلك.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

في بيع أو بيع شئ. نعم لا يبعد دعوى ظهور النهى عن المعاملة في الارشاد إلى فسادها كما أن الامر بها يكون ظاهرا في الارشاد إلى صحتها من دون دلالته على ايجابها أو استحبابها كما لا يخفى لكنه في المعاملات بمعنى العقود والايقاعات لا المعاملات بالمعنى الاعم المقابل للعبادات فالمعول هو ملاحظة القرائن في خصوص المقامات ومع عدمها لا محيص عن الاخذ بما هو قضية صيغة النهي من الحرمة وقد عرفت انها غير مستتبعة للفساد لا لغة ولا عرفا. نعم ربما يتوهم استتباعها له شرعا من جهة دلالة غير واحد من الاخبار عليه منها ما رواه في الكافي والفقيه عن زرارة عن الباقر (عليه السلام) سأله عن مملوك تزوج بغير إذن سيده فقال: ذلك إلى سيده إن شاء اجازه وان شاء فرق بينهما، قلت: أصلحك الله تعالى إن الحكم بن عيينة وإبراهيم النخعي واصحابهما يقولون: إن أصل النكاح فاسد ولا يحل اجازة السيد له، فقال ابو جعفر (عليه السلام): إنه لم يعص الله إنما عصى سيده فإذا أجاز فهو له جائز) حيث دل بظاهره على ان النكاح لو كان مما حرمه الله تعالى عليه كان فاسدا، ولا يخفى أن

______________________________

الاخير (قوله: في بيع) كبيع الربا (قوله: أو بيع شئ) كبيع الميتة (قوله: لا المعاملات بالمعنى) لا يبعد عدم الفرق بين العبادات، والمعاملات بالمعنى الاخص، والمعاملات بالمعنى الاعم فيما ذكر كما أن الظاهر انه بلغ من الكثرة حدا صارت به من القرائن العامة على كون الامر والنهي فيها للارشاد إلى الشرطية والجزئية والمانعية بحيث يعمل عليه ما لم تقم قرينة على خلافه لا أن الحمل على الانشاء يتوقف على القرينة الخاصة كما قد يظهر من عبارة المتن (قوله: منها ما رواه في الكافي) ومنها ما رواه ايضا فيه عنه عليه السلام سألته عن رجل تزوج عبده امرأة بغير اذنه فدخل بها ثم اطلع على ذلك مولاه قال عليه السلام: ذاك لمولاه إن شاء فرق بينهما وإن شاء أجاز نكاحهما فان فرق بينهما فللمرأة ما أصدقها إلا أن يكون اعتدى فاصدقها صداقا كثيرا وان أجاز نكاحهما فهما على نكاحهما الاول فقلت لابي جعفر عليه السلام: فانه في اصل النكاح كان عاصيا

٤٤١

الظاهر أن يكون المراد بالمعصية المنفية ههنا ان النكاح ليس مما لم يمضه الله ولم يشرعه كي يقع فاسدا ومن المعلوم استتباع المعصية بهذا المعنى للفساد كما لا يخفى ولا بأس باطلاق المعصية على عمل لم يمضه الله ولم يأذن به كما اطلق(١) عليه بمجرد عدم اذن السيد فيه انه معصية وبالجملة لو لم يكن ظاهرا في ذلك لما كان ظاهرا فيما توهم وهكذا حال سائر الاخبار الواردة في هذا الباب فراجع وتأمل (تذنيب) حكي عن أبى حنيفة والشيبانى دلالة النهي على الصحة وعن الفخر انه وافقهما في ذلك (والتحقيق) أنه

______________________________

فقال أبو جعفر عليه السلام: إنما أتى شيئا حلالا وليس بعاص لله إنما عصى سيده ولم يعص الله تعالى إن ذلك ليس كاتيان ما حرم الله عليه من نكاح في عدة وأشباهه (قوله: الظاهر ان يكون المراد بالمعصية) هذا الجواب نسب إلى جماعة منهم الوحيد البهبهاني (ره) والمحقق القمي (وتوضيحه) أن حقيقة المعصية الجري على خلاف مقتضى التكليف مقابل الاطاعة التي هي الجري على وفق مقتضاه والوضع لما لم يكن له اقتضاء لم يكن له طاعة ولا معصية فالعاقد فضولا على مال الغير ليس عاصيا لله تعالى. نعم الجري على مقتضى العقد وترتيب آثار الصحة من دفع المال إلى المشتري وقبض المشتري له معصية لحرمة التصرف في مال الغير وحينئذ نقول: عقد العبد بدون اذن سيده المفروض في مورد السؤال في الرواية إن كان من التصرف في ملك الغير المحرم شرعا ففعله معصية لله تعالى وليس

______________

(١) وجه ذلك أن العبودية تقتضي عدم صدور العبد إلا عن أمر سيده واذنه حيث انه كل عليه لا يقدر على شئ فإذا استقل بأمر كان عاصيا حيث أتى بما ينافيه مقام عبوديته لا سيما مثل التزوج الذي كان خطرا، واما وجه انه لم يعص الله فيه فلاجل كون التزوج بالنسبة إليه ايضا كان مشروعا مطلقا غايته انه يعتبر في تحقيقه إذن سيده ورضاه وليس كالنكاح في العدة غير مشروع من أصله فان أجاز ما صدر عنه بدون اذنه فقد وجد شرط نفوذه وارتفع محذور عصيانه فعصيانه لسيده. منه قدس سره

٤٤٢

في المعاملات كذلك إذا كان عن المسبب أو التسبب لاعتبار القدرة في متعلق النهي كالامر ولا يكاد يقدر عليهما الا فيما كانت المعاملة مؤثرة صحيحة واما إذا كان عن

______________________________

معصية للسيد لعدم نهيه عنه وان لم يكن منه فليس معصية لله تعالى ولا للسيد فقوله عليه السلام: إنه لم يعص الله تعالى وإنما... الخ لابد أن يكون تطبيق معصية السيد فيه على نكاح العبد ونفي معصية الله تعالى عنه مبنيا على ان يكون المراد من المعصية عدم الاذن فمعنى قوله عليه السلام: لم يعص الله، أن عقده في نفسه مأذون فيه من قبله سبحانه وقوله: عصى سيده، أن عقده غير مأذون فيه من قبل السيد فتكون أجنبية عن الدلالة على دلالة النهي على الفساد، ويشهد له قوله عليه السلام في الرواية الاخرى: إنما أتى شيئا حلالا وليس بعاص لله ان ذلك ليس... الخ فاطلاق نفي معصية الله تعالى بلحاظ الحل ونفي الحرمة الوضعيين وإطلاق معصية السيد في قبال اجازته، وقد يظهر ذلك أيضا من صحيحة منصور ابن حازم أو حسنته في مملوك تزوج بغير اذن مولاه أعاص لله ؟ قال: عاص لمولاه قلت: حرام هو ؟ قال: ما أزعم أنه حرام قل له أن لا يفعل الا باذن مولاه، واقتضاء هذا المعنى من المعصية للفساد مما لا ريب فيه لكنه ليس من محل الكلام. ثم إنه قد اعترض ما ذكرنا في التقريرات بما لا يوجب رفع اليد عنه فراجع وتأمل (قوله: في المعاملات كذلك إذا كان) ظاهر المصنف (ره) أن ما ذكره تفصيل في محل الكلام وانه يقتضي الصحة إذا كان نهيا عن المسبب أو التسبب ولا يقتضيها إذا كان نهيا عن السبب (أقول): الكلام في المسألة في اقتضاء النهي عن شئ فساده فالقول باقتضائه الصحة لابد أن يراد به اقتضاءه الصحة في متعلقه لا في غيره فكون النهي عن المسبب أو التسبب يقتضي صحة المعاملة لا يكون تفصيلا في المقام ولا دالا على صحة القول المذكور في الجملة وقد تقدمت الاشارة إلى ان تعرض المصنف (ره) لعدم اقتضاء تحريم المسبب أو التسبب فساد المعاملة وكذا مثل تحريم أكل الثمن من باب الاستطراد وأنه خارج عن مورد كلام النافين والمثبتين (قوله: مؤثرة صحيحة) إذ لو كانت فاسدة ما كانت سببا والقدرة

٤٤٣

السبب فلا لكونه مقدورا وان لم يكن صحيحا. نعم قد عرفت ان النهي عنه لا ينافيها، وأما العبادات فما كان منها عبادة ذاتية كالسجود والركوع والخشوع والخضوع له تبارك وتعالى فمع النهي عنه يكون مقدورا كما إذا كان مأمورا به وما كان منها عبادة لاعتبار قصد القربة فيه لو كان مأمورا به فلا يكاد يقدر عليه إلا إذا قيل باجتماع الامر والنهي في شئ ولو بعنوان واحد وهو محال. وقد عرفت أن النهى في هذا القسم انما يكون نهيا عن العبادة بمعنى انه لو كان مأمورا به كان الامر به أمر عبادة لا يسقط الا بقصد القربة فافهم

______________________________

على المسبب انما تكون بالقدرة على السبب في فرض سببيته فعدم كونه سببا يوجب عدم القدرة على المسبب (قوله: السبب فلا) يعني فلا يدل على الصحة لان النهي وان توقف على القدرة على متعلقه الا أن القدرة على ذات السبب لا تتوقف على سببيته (قوله: لا ينافيها) فيجوز في السبب المحرم ان يكون صحيحا وان يكون فاسدا (قوله: يكون مقدورا) إذ عباديته لما كانت ذاتية لم تتوقف صحته على الامر به حتى يمتنع عنها النهي كما تقدم (قوله: وما كان منها عبادة لاعتبار) العبادة بهذا المعنى لا تتوقف القدرة عليها على القول بالاجتماع بل التي تتوقف القدرة عليها على ذلك العبادة بمعنى المأتي بها بداعي الامر، ولعل ذلك هو المراد كما تقتضيه بقية العبارة فلاحظ (قوله: قيل بالاجتماع) إذ لو قيل بالامتناع فالنهي مانع من صحتها كما سبق فلا تكون بما هي عبادة مقدورة فيمتنع تعلق النهي بالعبادة (قوله: وقد عرفت) دفع لتوهم انه إذا امتنع تعلق النهي بالعبادة كيف وقع النزاع في المسألة في النهي المتعلق بالعبادة ؟ ووجه الدفع أن المراد من العبادة ليس ذلك المعنى بل معنى لا يمتنع تعلق النهي به كما تقدم في بيان معنى لفظ العبادة في العنوان والله سبحانه أعلم وله الحمد

٤٤٤

المقصد الثالث في المفاهيم

(مقدمة) وهي ان المفهوم كما يظهر من موارد إطلاقه هو عبارة عن حكم إنشائي أو اخباري تستتبعه خصوصية المعنى الذي أريد من اللفظ بتلك الخصوصية ولو بقرينة الحكمة وكان يلزمه لذلك وافقه في الايجاب والسلب أو خالفه فمفهوم (إن جاءك زيد فأكرمه) مثلا - لو قيل به - قضية شرطية سالبة بشرطها وجزائها لازمة للقضية الشرطية التي تكون معنى القضية اللفظية ويكون لها خصوصية بتلك الخصوصية كانت مستلزمة لها فصح ان يقال: إن المفهوم انما هو حكم غير مذكور لا أنه حكم لغير مذكور - كما فسر به - وقد وقع فيه النقض والابرام بين

______________________________

المقصد الثالث في المفاهيم

(قوله: بتلك الخصوصية) يعنى بحيث تكون تلك الخصوصية مدلولا عليها باللفظ وبذلك تخرج المداليل الالتزامية مثل وجوب المقدمة وحرمة الضد فان اللفظ انما يدل على ذي الخصوصية لا غير وهي تستفاد من خارج اللفظ بخلاف خصوصية المنطوق المستتبعة للمفهوم فانها مدلول عليها باللفظ (قوله: ولو بقرينة) متعلق بقوله: أريد، يعني ولو كانت الدلالة على الخصوصية مستندة إلى قرينة الحكمة لا الوضع (قوله: لذلك) أي للخصوصية (قوله: وافقه في) اشارة إلى قسمي المفهوم أعني مفهومي الموافقة والمخالفة (قوله: لها خصوصية) مثل أن شرطها علة تامة منحصرة للجزاء (قوله: فصح ان يقال) يعني إذا كان المفهوم حكما تستتبعه خصوصية المعنى وليس معنى اللفظ كان بنفسه غير مذكور بل هو تابع لما هو مذكور (فان قلت): الحكم في مفهوم الموافقة مذكور (قلت) المذكور مثله لا نفسه إذ الموضوع من مشخصات الحكم وموضوع حكم المنطوق فيه غير موضوع حكم المفهوم فالحرمة الثابتة للتأفيف غير الحرمة الثابتة للضرب والايذاء (قوله: لا أنه حكم لغير) إذ قد يكون

٤٤٥

الاعلام - مع أنه لا موقع له كما أشرنا إليه في غير مقام لانه من قبيل شرح الاسم كما في التفسير اللغوي ومنه قد انقدح حال غير هذا التفسير مما ذكر في المقام فلا يهمنا التصدي لذلك كما لا يهمنا بيان انه من صفات المدلول أو الدلالة وان كان بصفات المدلول أشبه وتوصيف الدلالة احيانا كان من باب التوصيف بحال المتعلق وقد انقدح من ذلك أن النزاع في ثبوت المفهوم وعدمه في الحقيقة انما يكون في ان القضية الشرطية أو الوصفية أو غيرهما

______________________________

الموضوع المثبت له حكم المفهوم مذكورا في المنطوق كزيد في قولنا: إن جاء زيد فأكرمه، فان موضوع المنطوق لابد أن يكون غير موضوع المفهوم وإلا لزم كونه موضوعا للمثلين أو النقيضين فصح أن يقال: المفهوم حكم لغير مذكور (قلت): يكفي في المغايرة المصححة لاجتماع النقيضين والمثلين المغايرة بمثل الزمان والمكان والوصف ونحوها وهي لا توجب تعدد الموضوع ولا تقدح في وحدته ولذا اعتبر في ثبوت التناقض بين القضيتين وحدات زائدة على وحدة الموضوع والمحمول وإن ارجعها بعض إليها فنظر الاولين إلى الوحدة من حيث الوجود ونظر البعض إلى الوحدة من كل حيث (أقول): على هذا يصح تعريفه بأنه حكم لغير مذكور لو أريد أنه بتمام خصوصياته غير مذكور لا بذاته كما يصح تعريفه بما ذكر المصنف (ره) (قوله: لانه من قبيل شرح) قد تقدم الاشكال عليه في نظيره (قوله: بصفات المدلول اشبه) (أقول): صفات المدلول هي التي يوصف بها ذات المدلول مع قطع النظر عن الدلالة ويكون توصيف الدلالة بها من قبيل التوصيف بحال المتعلق كالكلية والجزئية فان المعنى من حيث هو كلي (تارة) وجزئي أخرى وصفات الدلالة على العكس منها فانها التي توصف بها الدلالة مع قطع النظر عن المدلول مثل الصراحة والظهور والنصوصية ويكون توصيف المدلول بها من قبيل التوصيف بحال المتعلق وعليه فوصفا المنطوقية والمفهومية من صفات الدلالة لا من صفات المدلول حيث لا يتصف بهما المعنى من حيث هو وإنما

٤٤٦

هل تدل بالوضع أو بالقرينة العامة على تلك الخصوصية المستتبعة لتلك القضية الاخرى أم لا ؟

فصل

الجملة الشرطية هل تدل على الانتفاء عند الانتفاء - كما تدل على الثبوت عند الثبوت بلا كلام - ام لا ؟ فيه خلاف بين الاعلام لا شبهة في استعمالها وارادة الانتفاء

______________________________

يتصف بهما بلحاظ نفس الدلالة فان كانت دلالته متبوعة كان منطوقا وان كانت تابعة كان مفهوما (فان قلت): المذكور في كلماتهم تفسير المنطوق والمفهوم بالحكم والحكم هو المدلول لا الدلالة فهما من صفات المدلول (قلت): قد عرفت صحة توصيف المدلول بهما بأن يشتق من مادتيهما ما ينطبق على نفس المدلول إلا أن التوصيف بهما لم يكن بلحاظ ذات المدلول من حيث هو بل بلحاظ نفس الدلالة واختصاص صحة التوصيف بلحاظ وصف الدلالة كاشف عن انها من صفات نفس الدلالة لا المدلول، ومن الغريب ما في التقريرات حيث جعلهما من صفات المدلول من حيث هو مدلول خلافا لظاهر الحاجبي والعضدي والمحكي عن الشهيد الثاني (ره) حيث جعلوها من أوصاف الدلالة وذكر أنه لا وجه لذلك مستدلا على ذلك بتفسير الموصول الواقع في تعريفهما بالحكم والدلالة ليست هي الحكم (أقول): قد عرفت أن صفات المدلول من حيث هو مدلول عين صفات الدلالة فلا وجه لانكاره ذلك وعرفت الاشكال في استشعاره فلاحظ (قوله: هل تدل بالوضع) وليس النزاع هنا في حجية الدلالة وعدمها بعد الفراغ عن ثبوتها كما قد يترائى من مثل قولهم: مفهوم الشرط حجة، ومفهوم اللقب مثلا ليس بحجة، إذ لا كلام في الحجية على تقدير الدلالة

مفهوم الشرط

(قوله: لا شبهة في استعمالها) كما لا شبهة في استعمالها بلا ارادة

٤٤٧

عند الانتفاء في غير مقام، إنما الاشكال والخلاف في أنه بالوضع أو بقرينة عامة بحيث لا بد من الحمل عليه لو لم يقم على خلافه قرينة من حال أو مقال ؟ فلا بد للقائل بالدلالة من إقامة الدليل على الدلالة باحد الوجهين على تلك الخصوصية المستتبعة لترتب الجزاء على الشرط نحو ترتب المعلول على علته المنحصرة وأما القائل بعدم الدلالة ففي

______________________________

الانتفاء عند الانتفاء وعن الفوائد الطوسية انه استقصى مائة مورد أو اكثر من القرآن الكريم لا دلالة فيها على المفهوم (قوله: أو بقرينة) هذا مع الوضع عدل واحد والعدل الآخر أن تكون الدلالة بقرينة خاصة ليترتب عليه عدم ثبوت المفهوم (قوله: نحو ترتب المعلول على) اعلم أن ترتب المعلول على العلة المنحصرة متقوم بامور (الاول) اللزوم بينهما بأن يكون بينهما علاقة بنحو يمتنع في نظر العقل أن يوجد الشرط ولا يوجد معه الجزاء (الثاني) الترتب بأن يكون الشرط سابقا مقدما والجزاء لاحقا مؤخرا (الثالث) كون الترتب بالعلية وهو ما يكون المتقدم فيه فاعلا مستقلا بالتأثير لا بنحو آخر كالترتب بالطبع وهو ما يكون المتقدم فيه من العلل الناقصة بحيث يجوز فيه وجود المتقدم مع عدم وجود المتأخر ويمتنع العكس، أو بالرتبة وهو ما يكون الترتب بين السابق واللاحق معتبرا فيه حسيا كان كما بين الامام والمأموم أو عقليا كما بين الاجناس والانواع، أو بالزمان وهو ما لا يجتمع فيه المترتبان، أو بالشرف وهو ما يكون للمتقدم كمال ليس للمتأخر (الرابع) أن تكون العلة منحصرة بحيث لا يكون للجزاء علة غير وجود الشرط. ولا يخفى أن الخصوصية المستتبعة للمفهوم لا تتوقف على ثبوت هذه الامور كلها بل يكفي فيها ما يمنع من انفكاك الجزاء عن الشرط سواء أكان لمجرد الاتفاق أم للزوم ولو بنحو يكونان معلولي علة واحدة فلا يكون بينهما ترتب فضلا عن أن يكون الشرط علة للجزاء، ومنه يظهر أن مجرد منع الدلالة على اللزوم أو على الترتب أو كونه على نحو الترتب على العلة لا يقتضي نفى المفهوم لان هذه الامور لا تقوم الخصوصية المستتبعة للمفهوم حتى يكون نفي واحد منها نفيا لها " فالتحقيق " إذا أن مرجع

٤٤٨

فسحة فان له منع دلالتها على اللزوم بل على مجرد الثبوت عند الثبوت - ولو من باب الاتفاق - أو منع دلالتها على الترتب، أو على نحو الترتب على العلة، أو العلة المنحصرة - بعد تسليم اللزوم أو العلية - لكن منع دلالتها على اللزوم (ودعوى) كونها اتفاقية (في غاية) السقوط لانسباق اللزوم منها قطعا، وأما المنع عن أنه بنحو الترتب على العلة فضلا

______________________________

النزاع في ثبوت المفهوم وعدمه إلى النزاع في أن مفاد القضية الشرطية عدم انفكاك الجزاء عن الشرط أولا وحيث أنه لا ريب في عدم انفكاك شخص الجزاء عن الشرط لتشخصه به الموجب لعدمه بعدمه إلا أن عدم انفكاك شخص الجزاء عن الشرط لا يقتضي ثبوت المفهوم بوجه فالنزاع لابد أن يكون راجعا إلى أن المعلق على الشرط سنخ الجزاء بمعنى طبيعته المطلقة أولا فالقائل بالمفهوم يدعي دلالة القضية على الاول والنافي له يدعى دلالة القضية على الثاني ويكون مفاد القضية على الاول مفاد " زيد القائم " وعلى الثاني مفاد " زيد قائم " والله سبحانه أعلم (قوله: فان له منع) قد عرفت أن منع أحد هذه الامور لا ينفي ثبوت المفهوم (قوله: في غاية السقوط) " أقول ": الاتفاق المقابل للزوم إن أريد به أن لا يكون بين الشرط والجزاء علاقة تقتضي اقترانهما فذلك مما أحاله جماعة لان كل موجودين إما أن يكون أحدهما علة للآخر أو يكونا معا معلولي علة واحدة ولو بوسائط لامتناع تعدد الواجب ولذلك أنكر هؤلاء ثبوت الاتفاقية بهذا المعنى التي هي أحد قسمي المتصلة وإن أريد به أن لا يكون بينهما علاقة ظاهرة في نظر العقل كما هو معنى الاتفاقية عند هؤلاء الجماعة فالمراد من اللزومية حينئذ ما يكون بينهما علاقه ظاهرة وعليه فدعوى ظهور القضية الشرطية في اللزومية بهذا المعنى في غاية السقوط لا دعوى كونها اتفاقية كما ذكره " قدس سره " (قوله: بنحو الترتب) (أقول): ظهور الشرطية في الترتب مما لا ينبغي أن ينكر بشهادة دخول الفاء في الجزاء وأما كونه بنحو العلية لا بنحو آخر فلانه لا مجال لدعوى كونه من الترتب بالرتبة أو الشرف أو الزمان فيدور الامر بين كونه بنحو الترتب الطبعي وأن يكون بنحو

٤٤٩

عن كونها منحصرة فله مجال واسع (ودعوى) تبادر اللزوم والترتب بنحو الترتب على العلة المنحصرة مع كثرة استعمالها في الترتب على نحو الترتب على غير المنحصرة منها بل في مطلق اللزوم (بعيدة) عهدتها على مدعيها كيف ولا يرى في استعمالها فيها عناية ورعاية علاقة ؟ بل إنما تكون ارادته كارادة الترتب على العلة المنحصرة بلا عناية كما يظهر على من أمعن النظر وأجال البصيرة في موارد الاستعمالات وفي عدم الالزام والاخذ بالمفهوم في مقام المخاصمات والاحتجاجات وصحة الجواب بانه لم يكن لكلامه مفهوم (وعدم) صحته لو كان له ظهور فيه (معلوم) وأما دعوى الدلالة بادعاء انصراف إطلاق العلاقة اللزومية إلى ما هو اكمل افرادها وهو اللزوم

______________________________

العلية وإطلاق الشرط يقتضي كونه من الثاني فان مقتضى الاطلاق عدم الحاجة في ترتب الجزاء إلى أمر آخر زائد على الشرط وهذا المعنى خلاف مقتضى الترتب بالطبع (قوله: عن كونها منحصرة) يمكن دعوى ظهور القضية في الانحصار لاجل ظهورها في دخل خصوصية الشرط في وجود الجزاء إذ لو ناب منابه شرط آخر كان الجزاء مستندا إلى الجامع بينهما بلا دخل للخصوصية كما تقدم (قوله: مع كثرة استعمالها) كثرة الاستعمال في معنى لا تنافي تبادر غيره فان استعمال الاسد في الشجاع ربما كان أكثر من استعماله في الحيوان المفترس ولا ينافي تبادر ذلك الحيوان منه ولا كونه حقيقة فيه (قوله: ولا يرى في استعمالها) هذا غير ظاهر والرجوع إلى العرف في مقام تشخيص مفاد القضية الشرطية يقتضي خلافه فانهم لا يزالون على البناء على الانتفاء عند الانتفاء، بل الظاهر أنه في بعض الادوات لا كلام فيه من أحد فتراهم لا يختلفون في أن (لو) تدل على امتناع الثاني لامتناع الاول ويسمونها (لو الامتناعية) والظاهر أنها جميعها على نسق واحد من إفادة تعليق سنخ الجزاء على الشرط، وإن كان بينها الاختلاف في أن الشرط يكون مقطوع الانتفاء أو مشكوكه (قوله: وصحة الجواب) معطوف على عدم الالزام والاشكال فيهما يظهر مما سبق (قوله: وعدم صحته) مبتدأ

٤٥٠

بين العلة المنحصرة ومعلولها (ففاسدة) جدا لعدم كون الاكملية موجبة للانصراف إلى الاكمل لا سيما مع كثرة الاستعمال في غيره كما لا يكاد يخفى. هذا مضافا إلى منع كون اللزوم بينهما اكمل مما إذا لم تكن العلة بمنحصرة فان الانحصار لا يوجب ان يكون ذاك الربط الخاص الذي لابد منه في تأثير العلة في معلولها أءكد وأقوى (ان قلت): نعم ولكنه قضية الاطلاق بمقدمات الحكمة كما ان قضية اطلاق صيغة الامر هو الوجوب النفسي (قلت): أولا هذا فيما تمت هناك مقدمات الحكمة ولا تكاد تتم فيما هو مفاد الحرف كما هاهنا وإلا لما كان معنى حرفيا كما يظهر وجهه بالتأمل (وثانيا) تعينه من بين انحائه بالاطلاق المسوق في مقام البيان بلا معين، ومقايسته مع تعين الوجوب النفسي باطلاق صيغة الامر مع الفارق فان النفسي هو الواجب على كل حال بخلاف الغيرى فانه واجب على تقدير دون تقدير فيحتاج بيانه إلى مؤونة التقييد بما إذا وجب الغير فيكون الاطلاق في الصيغة مع مقدمات الحكمة محمولا عليه. وهذا بخلاف اللزوم والترتب بنحو الترتب على العلة المنحصرة ضرورة ان كل واحد من انحاء اللزوم والترتب محتاج في تعينه إلى

______________________________

*

خبره قوله: معلوم (قوله: مضافا إلى منع كون) بل الظاهر أن اللزوم لا يتصف بالكمال والنقصان فضلا عن أن يكون الانحصار موجبا لكماله (قوله: ان قلت: نعم) يعني سلمنا أنها ليست موضوعة للترتب على العلة المنحصرة لكنها تدل على ذلك بالاطلاق (قوله: كما يظهر وجهه) إن كان من أجل أن معنى الحروف جزئيا لا يقبل الاطلاق والتقييد فقد تقدم منه في معاني الحروف وفي الواجب المشروط وغيرهما خلافه وأنه كلي لا جزئي وإن كان من جهة أن الاطلاق يتوقف على لحاظ المعنى مستقلا والمعنى الحرفي لا يلحظ كذلك فقد تقدم في الواجب المشروط إمكان ارجاع القيد في القضايا الشرطية إلى هيئة الجزاء مع أنها موضوعة وضع الحروف وقد أشار المعترض إلى ذلك بقياس المقام باطلاق صيغة الامر في اقتضاء الوجوب النفسي (قوله: فان النفسي) قد تقدم الكلام في ذلك،

٤٥١

القرينة مثل الآخر بلا تفاوت أصلا كما لا يخفى (ثم) إنه ربما يتمسك للدلالة على المفهوم باطلاق الشرط بتقريب انه لو لم يكن بمنحصر يلزم تقييده ضرورة انه لو قارنه أو سبقه الآخر لما أثر وحده وقضية اطلاقه انه يؤثر كذلك مطلقا (وفيه) أنه لا تكاد تنكر الدلالة على المفهوم مع اطلاقه كذلك الا انه من المعلوم ندرة تحققه لو لم نقل بعدم اتفاقه (فتلخص) بما ذكرناه أنه لم ينهض دليل على وضع مثل (إن) على تلك الخصوصية المستتبعة للانتفاء عند الانتفاء ولم تقم عليها قرينة عامة أما قيامها أحيانا كانت مقدمات الحكمة أو غيرها مما لا يكاد ينكر فلا يجدي القائل

______________________________

(قوله: لما أثر وحده) يعني بل أثر مع غيره في صورة المقارنة ولم يؤثر أصلا فيما لو سبقه الآخر ويستند الاثر إلى السابق فتأمل (قوله: وقضية اطلاقه انه) هذا يتم لو كان مفاد القضية الشرطية ثبوت المؤثرية للشرط فان إطلاق المؤثرية له يقتضي ما ذكر - حسبما قرر - لكن تقدم منه الاشكال في دلالة الشرطية على العلية، كما أنه يتوقف استناد المفهوم على عدم صلاحية الجزاء للتكرار وإلا أمكن أن يكون مؤثرا مطلقا سبقه غيره مما يحتمل مؤثريته أو قارنه وكان غيره مؤثرا كذلك بل أمكنت دعوى توقف استفادة المفهوم منه على عدم صلاحية الجزاء للتأكد إذ لو أمكن التأكد كان الشرط مؤثرا في مرتبة منه مطلقا وان سبقه غيره أو قارنه وكان غيره كذلك إلا أن يستظهر من الشرطية الاستقلال في المؤثرية كما سيأتي في التنبيه الثاني (قوله: ندرة تحققه) بأن يكون المتكلم في مقام بيان مؤثرية الشرط وعليته للجزاء بلحاظ وجود أمر آخر وعدمه، بل الظاهر كون المتكلم في مقام بيان المؤثرية الاقتضائية بمعنى عدم قصور الشرط في نفسه عن مقام التأثير نظير قولنا: النار علة تامة للحرارة، فانه لا ينافي كون الشمس ايضا علة تامة لها فلا يمكن استفادة المفهوم (قوله: كانت المقدمات) اسم (كان) ضمير راجع إلى القرينة (قوله: فلا يجدي القائل) لانه يدعي ثبوت المفهوم بنحو القضية الكلية مع عدم القرينة الخاصة

٤٥٢

بالمفهوم انه قضية الاطلاق في مقام من باب الاتفاق (وأما) توهم انه قضية اطلاق الشرط بتقريب ان مقتضاه تعينه كما أن مقتضى اطلاق الامر تعين الوجوب) ففيه) أن التعين ليس في الشرط نحوا يغاير نحوه فيما إذا كان متعددا كما كان في الوجوب كذلك وكان الوجوب في كل منهما متعلقا بالواجب بنحو آخر لابد في التخييري منهما من العدل وهذا بخلاف الشرط واحدا كان أو متعددا كان نحوه واحدا ودخله في المشروط بنحو واحد لا تتفاوت الحال فيه ثبوتا كى تتفاوت عند الاطلاق إثباتا وكان الاطلاق مثبتا لنحو لا يكون له عدل لاحتياج ماله العدل إلى زيادة مؤونة وهو ذكره بمثل (أو كذا) واحتياج ما إذا كان الشرط متعددا

______________________________

لا ثبوته من باب الاتفاق لاجل القرينة الخاصة فانه لا نزاع فيه من أحد (قوله: وأما توهم أنه قضية إطلاق) الفرق بين هذا التقريب وما قبله أن هذا بلحاظ ظهور كلمة (إن) في كون الشرط شرطا بذاته للجزاء وإن لم يكن مؤثرا فعلا، وما قبله بلحاظ ظهورها في كونه علة تامة مؤثرا فعلا (قوله: تعينه) أي تعين الشرط في الشرطية وهذا التعين يلازم المفهوم إذ لو ناب منابه شرط آخر كان الشرط أحدهما على التخيير (قوله: ففيه أن التعين) يعني أن صفة الشرطية ليست مما تتصف بالتخيير لانها منتزعة من خصوصية ذاتية محضة والذاتيات لا تقبل التخيير لانها لا تتخلف فشرطية الشرط حين يكون واحدا هي شرطيته حين يكون متعددا وكما أن معنى شرطيته حين يكون واحدا أنه له خصوصية بها يكون له نحو دخل في المشروط كذلك يكون معنى شرطيته حين يكون متعددا فان كل واحد من المتعدد له نحو دخل بالمشروط بنحو الدخل الذي يكون له حين ما يكون واحدا لا أنه مع التعدد يكون الدخل تخييريا ومع الاتحاد يكون تعيينيا كي يكون الاطلاق مقتضيا للثاني بخلاف صفة الوجوب بل وصفة المؤثرية الفعلية (قوله: بنحو آخر) يعنى بنحو يخالف تعلقه به بنحو آخر (قوله: من العدل) بخلاف التعييني فانه تعلق به بلا عدل (قوله: واحد) وهو

٤٥٣

إلى ذلك انما يكون لبيان التعدد لا لبيان نحو الشرطية فنسبة اطلاق الشرط إليه لا تختلف كان هناك شرط آخر أم لا حيث كان مسوقا لبيان شرطيته بلا إهمال ولا إجمال بخلاف اطلاق الامر فانه لو لم يكن لبيان خصوص الوجوب التعييني فلا محالة يكون في مقام الاهمال أو الاجمال تأمل تعرف. هذا مع أنه لو سلم لا يجدي القائل بالمفهوم لما عرفت انه لا يكاد ينكر فيما إذا كان مفاد الاطلاق من باب الاتفاق. ثم إنه ربما استدل المنكرون للمفهوم بوجوه " أحدها " ما عزي إلى السيد من أن تأثير الشرط انما هو تعليق الحكم به وليس بممتنع ان يخلفه وينوب منابه شرط آخر يجري مجراه ولا يخرج عن كونه شرطا فان قوله تعالى: " فاستشهدوا شهيدين من رجالكم " يمنع من قبول الشاهد الواحد حتى ينظم إليه شاهد آخر فانضمام الثاني إلى الاول شرط في القبول ثم علمنا أن ضم امرأتين إلى الشاهد الاول شرط في القبول ثم علمنا ان ضم اليمين يقوم مقامه ايضا فنيابة بعض الشروط عن بعض أكثر من أن تحصى مثل الحرارة فان انتفاء الشمس لا يلزم انتفاء الحرارة لاحتمال قيام النار مقامها

______________________________

التعييني لا غير (قوله: إلى ذلك) يعني إلى البيان (قوله: التعدد) إذ بيان التعدد يكون ببيان المتعدد (قوله: نحو الشرطية) يعني أنها تخييرية لا تعيينية إذ قد عرفت أنها لا تكون تخييرية (قوله: حيث كان الشرط) متعلق بقوله: لا تختلف (قوله: فلا محالة يكون) إذ لو كان في مقام بيان الوجوب التخييري لوجب أن يذكر العدل (قوله: مع أنه لو سلم) يعني كون الشرطية مما تتصف بالتخيير كما لو أريد منها خصوص الشرطية المترتب عليها الوجود (قوله: من باب الاتفاق) إذ المتكلم قد لا يكون في مقام بيان ثبوت هذا المعنى من الشرطية مطلقا أو مقيدا بل في مقام بيان ثبوتها في الجملة كما تقدم في المؤثرية الفعلية (قوله: من أن تأثير الشرط) الظاهر أن مراده هو أن مفاد أداة الشرط كون مدخولها شرطا للجزاء ولازم شرطيته له اناطته به بحيث يتوقف عليه وليس يمتنع أن يكون للجزاء شروط متعددة ينوب بعضها عن بعض

٤٥٤

والامثلة لذلك كثيرة شرعا وعقلا " والجواب " انه - قدس سره - إن كان بصدد إثبات امكان نيابة بعض الشروط عن بعض في مقام الثبوت وفي الواقع فهو مما لا يكاد ينكر ضرورة ان الخصم يدعى عدم وقوعه في مقام الاثبات ودلالة القضية الشرطية عليه، وإن كان بصدد ابداء احتمال وقوعه فمجرد الاحتمال لا يضره ما لم يكن بحسب القواعد اللفظية راجحا أو مساويا وليس فيما افاده ما يثبت ذلك أصلا كما لا يخفى " ثانيها " أنه لو دل لكان باحدى الدلالات والملازمة - كبطلان التالي - ظاهرة، وقد أجيب عنه بمنع بطلان التالي وان الالتزام ثابت وقد عرفت بما لا مزيد عليه ما قيل أو يمكن ان يقال في اثباته أو منعه فلا تغفل، " ثالثها " قوله تبارك وتعالى: (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا) وفيه ما لا يخفى ضرورة أن استعمال الجملة الشرطية فيما لا مفهوم له أحيانا وبالقرينة لا يكاد ينكر كما في الآية وغيرها وانما القائل به يدعي ظهورها فيما له المفهوم وضعا أو بقرينة عامة كما عرفت (بقي هاهنا أمور الامر الاول) أن المفهوم هو انتفاء سنخ الحكم المعلق على الشرط عند انتفائه لا انتفاء شخصه ضرورة انتفائه عقلا بانتفاء موضوعه ولو ببعض قيوده ولا يتمشى الكلام في أن للقضية الشرطية مفهوما أو ليس لها مفهوم الا في مقام كان هناك ثبوت سنخ الحكم في الجزاء وانتفاؤه عند انتفاء الشرط ممكنا وانما وقع النزاع في أن لها دلالة على الانتفاء أو لا يكون لها دلالة. ومن هنا انقدح أنه ليس من المفهوم ودلالة القضية على الانتفاء عند الانتفاء في الوصايا والاوقاف

______________________________

كما في الموارد المذكورة (قوله: الاثبات) يعني لا في مقام الثبوت حتى يكون منكرا ويقصد السيد (ره) رده بما ذكر (قوله: ظاهرة) يعني فيبطل اللزوم (قوله: وان الالتزام) قد تقدم ان المفهوم ليس مدلولا التزاميا (قوله: بسنخ الحكم) يعني الطبيعة المطلقة لا المهملة المعبر عنها بشخص الحكم (قوله: ولو ببعض) وهو الشرط (قوله: ولا يتمشى) إذ من المعلوم

٤٥٥

والنذور والايمان - كما توهم - بل عن الشهيد - قدس سره - في تمهيد القواعد انه لا اشكال في دلالتها على المفهوم وذلك لان انتفاءها عن غير ما هو المتعلق لها من الاشخاص التي يكون بالقابها أو بوصف شئ أو بشرطه مأخوذة في العقد أو مثل العهد ليس بدلالة الشرط أو الوصف أو اللقب عليه بل لاجل انه إذا صار شئ وقفا على أحد أو أوصى به أو نذر له... إلى غير ذلك لا يقبل ان يصير وقفا على غيره أو وصية أو نذرا له وانتفاء شخص الوقف أو النذر أو الوصية عن غير مورد المتعلق قد عرفت انه عقلي مطلقا ولو قيل بعدم المفهوم في مورد صالح له " اشكال ودفع " لعلك تقول: كيف يكون المناط في المفهوم هو سنخ الحكم لا نفس شخص الحكم في القضية ؟ وكان الشرط في الشرطية انما وقع شرطا بالنسبة إلى الحكم

______________________________

تفرع مقام الاثبات على مقام الثبوت فإذا لم يكن الثبوت ممكنا كان معلوم الانتفاء فلا تكون الدلالة عليه موردا للنزاع (قوله: بل عن الشهيد (قده) في تمهيد القواعد) قال (ره) في محكي تمهيد القواعد: لا إشكال في دلالتها في مثل الوقف والوصايا والنذر والايمان كما إذا قال: وقفت هذا على أولادي الفقراء، أو إن كانوا فقراء، أو نحو ذلك ولعل الوجه في تخصيص المذكور هو عدم دخول غير الفقراء في الموقوف عليهم وفهم التعارض فيما لو قال بعد ذلك: وقفت على أولادي مطلقا. انتهى (قوله: وذلك لان انتفاءها) تعليل لقوله: ومن هنا انقدح، ومحصل الكلام فيه أن قول القائل: وقفت داري على أولادي الفقراء مثلا (تارة) يكون في مقام الاخبار والاعتراف (وأخرى) في مقام إنشاء الوقف وايجاده فان كان على النحو الاول جاء فيه الكلام في المفهوم فعلى القول به يحكم بعدم كون الدار وقفا إلا على الفقراء من أولاده لا غيرهم وعلى القول بعدمه كان غير أولاده الفقراء مشكوك الدخول في الموقوف عليهم فلابد من الرجوع فيه إلى قواعد أخر من الاحتياط بتخصيصه بالفقراء لو كان الوقف بنحو المصرف أو التنصيف أو الرجوع إلى الاصل لو كان بنحو البسط (وإن) كان على النحو الثاني

٤٥٦

الحاصل بانشائه دون غيره فغاية قضيتها انتفاء ذاك الحكم بانتفاء شرطه لا انتفاء سنخه وهكذا الحال في سائر القضايا التى تكون مفيدة للمفهوم " ولكنك " غفلت عن أن المعلق على الشرط انما هو نفس الوجوب الذي هو مفاد الصيغة ومعناها " وأما " الشخص والخصوصية الناشئة من قبل استعمالها فيه لا تكاد تكون من خصوصيات معناها المستعملة فيه كما لا يخفى كما لا تكون الصخوصية الحاصلة من قبل الاخبار به من خصوصيات ما أخبر به واستعمل فيه إخبارا لا إنشاء (وبالجملة) كما لا يكون المخبر به المعلق على الشرط خاصا بالخصوصيات الناشئة من قبل الاخبار به كذلك المنشأ بالصيغة المعلق عليه وقد عرفت بما حققناه في معنى الحرف وشبهه ان ما استعمل فيه الحرف عام كالموضوع له وأن خصوصية لحاظه بنحو الآلية والحالية لغيره من خصوصية الاستعمال كما أن خصوصية لحاظ المعنى بنحو الاستقلال في الاسم كذلك فيكون اللحاظ الآلي كالاستقلالي من خصوصيات الاستعمال لا المستعمل فيه، وبذلك قد انقدح فساد ما يظهر من التقريرات في مقام التفصي عن هذا الاشكال من التفرقة

______________________________

فان علم قصد الواقف الوقف على خصوص الفقراء وجب العمل عليه لانه بالقصد المذكور يكون وقفا على خصوص الفقراء ولا يكون وقفا على غيرهم لا بهذا الشخص من الوقف لانتفائه بانتفاء موضوعه ولا بشخص آخر من الوقف لامتناع اجتماع وقفين على مال واحد. وهذا هو المراد من عبارة المتن " وإن " جهل قصد الواقف فلم يعلم أنه قصد الوقف على خصوص الفقراء من أولاده أو كان ذكرهم لمزيد الاهتمام بهم لم يبعد القول بانه لا اشكال في دلالة القضية على المفهوم وان لم نقل به في سائر الموارد ومثله القيود الواقعة في التعريفات وفي تحديد موضوعات الاحكام في لسان مدوني الفنون ونحو ذلك والظاهر أن هذا هو محل كلام الشهيد (ره) لا الاول ليرد عليه ما ذكر فلاحظ والله سبحانه أعلم (قوله: الحاصل بانشائه) وهو شخص خاص من الحكم (قوله: لكنك غفلت) شروع في الدفع (قوله: نفس الوجوب) يعني الوجوب الكلي المطلق (قوله: من قبل الاخبار به) كما

٤٥٧

بين الوجوب الاخباري والانشائي بانه كلي في الاول وخاص في الثاني حيث دفع الاشكال بانه لا يتوجه في الاول لكون الوجوب كليا وعلى الثاني بان ارتفاع مطلق الوجوب فيه من فوائد العلية المستفادة من الجملة الشرطية حيث كان ارتفاع شخص الوجوب ليس مستندا إلى ارتفاع العلة المأخوذة فيها فانه يرتفع ولو لم يوجد في حيال أداة الشرط كما في اللقب والوصف، وأورد على ما تفصي به عن الاشكال بما ربما يرجع

______________________________

لو قيل: إن جاء زيد يجب إكرامه، فان المادة مستعملة في المعنى الكلي وان تخصص باللحاظ الاستعمالي (قوله: وخاص في الثاني) لانه معنى للهيئة الموضوعة وضع الحروف (قوله: حيث دفع) تقرير للتفصي (قوله: من فوائد العلية المستفادة) فان أداة الشرط تدل على انحصار علة سنخ الجزاء في الشرط سواء أكان المنشأ نفس الطبيعة أم فردا منها أو تدل على انحصار طبيعة الجزاء في نفس الجزاء سواء أكان الانشاء متعلقا بالطبيعة - بناء على أن الحرف مستعمل في المعنى الكلي - أم متعلقا بالشخص - بناء على انه مستعمل في المعنى الجزئي - غاية الامر أنه على الاول تدل على انحصار الطبيعة في الايجاد المتعلق بالطبيعة وعلى الثاني تدل على الانحصار في الايجاد المتعلق بالفرد. وكون الصيغة مستعملة في المعنى الكلي أو الجزئي مما لا يرتبط بالدلالة على الانتفاء عند الانتفاء، ولذا ترى أن انشاء طبيعة الوجوب بمادته في القضايا اللقبية مثل: يجب اكرام زيد، يقتضي الانتفاء عند الانتفاء وأن المشهور مع بنائهم على أن الصيغة مستعملة في المعنى الجزئي قائلون بدلالة القضايا الشرطية على الانتفاء عند الانتفاء فهي عندهم نظير قولك: زيد كل الرجل، وعند مثل المصنف (ره) نظير: زيد الرجل (قوله: حيث كان) بيان لكون فائدة العلية ارتفاع المطلق يعني لو كان مفادها ارتفاع الشخص لزم عدم حصوله بدونها وليس كذلك لارتفاع الشخص في اللقب والوصف ايضا (قوله: وأورد) معطوف على دفع الاشكال (قوله: ما تفصي) الصلة مبنية للمفعول (قوله: بما ربما) الظاهر أن

٤٥٨

إلى ما ذكرناه بما حاصله أن التفصي لا يبتني على كلية الوجوب لما أفاده وكون الموضوع في الانشاء عاما لم يقم عليه دليل لو لم نقل بقيام الدليل على خلافه حيث أن الخصوصيات بانفسها مستفادة من الالفاظ وذلك لما عرفت من أن الخصوصيات في الانشاءات والاخبارات انما تكون ناشئة من الاستعمالات بلا تفاوت اصلا بينهما ولعمري لا يكاد ينقضي تعجبي كيف تجعل خصوصيات الانشاء من خصوصيات المستعمل فيه مع انها كخصوصيات الاخبار تكون ناشئة من الاستعمال ولا يكاد يمكن أن يدخل في المستعمل فيه ما ينشأ من قبل الاستعمال كما هو واضح لمن تأمل، (الامر الثاني) أنه إذا تعدد الشرط مثل: إذا خفى الاذان فقصر، وإذا خفي الجدران فقصر، فبناء على ظهور الجملة الشرطية في المفهوم لا بد من التصرف ورفع اليد عن الظهور (إما) بتخصيص مفهوم كل منهما بمنطوق الآخر فيقال بانتفاء وجوب القصر عند انتفاء الشرطين (وإما) برفع اليد عن المفهوم فيهما فلا دلالة لهما على عدم مدخلية شئ آخر في الجزاء بخلاف الوجة الاول

______________________________

*

أصل العبارة (مما ربما) ليكون بيانا لما تفصي (قوله: لما أفاده) تعليل لعدم الابتناء (قوله: وذلك لما عرفت) هذا كلام المصنف (ره) وهو تعليل لقوله: وبذلك انقدح فساد.. الخ (قوله: كيف تجعل) قد عرفت وجهه سابقا فراجع (قوله: إذا خفي الاذان) قد يوهم التمثيل بذلك اختصاص الكلام بما إذا قامت قرينة على امتناع تكرر الجزاء بل هو الذي ادعاه بعض وليس له وجه ظاهر مع إطلاق كلامهم في العنوان وورود جميع ما يذكر من الاحتمالات ووجوهها في غيره مما أمكن تكرر الجزاء فيه فلاخظ (قوله: لابد من التصرف) إذ بناء على المفهوم يكون مفاد كل من القضيتين نفي الحكم عند انتفاء شرطها وان وجد شرط الاخرى وهو ينافي منطوق الاخرى فلا بد من التصرف جمعا عرفيا فالاشكال يقع في تعيين التصرف الذي به يكون الجمع عرفيا وحيث أن القضية الشرطية - بناء على المفهوم - مشتملة على ظهورات متعددة

٤٥٩

فان فيهما الدلالة على ذلك (وإما) بتقييد إطلاق الشرط في كل منهما بالآخر فيكون الشرط هو خفاء الاذان والجدران معا فإذا خفيا وجب القصر ولا يجب عند انتفاء خفائهما ولو خفى احدهما (وإما) بجعل الشرط هو القدر المشترك بينهما بأن يكون تعدد الشرط قرينة على أن الشرط في كل منهما ليس بعنوانه الخاص بل بما هو مصداق لما يعمهما من العنوان. ولعل العرف يساعد على الوجه الثاني كما أن العقل ربما يعين

______________________________

*

وهي ظهورها في المفهوم، وظهورها في عموم المفهوم، وظهورها في استقلال الشرط، وظهورها في دخل خصوصيته، وكان رفع اليد عن واحد منها كافيا في رفع التنافي بين القضيتين فالكلام يقع في تعيين الاضعف من هذه الظهورات ليتعين للسقوط ويجب الاخذ بما سواه فمرجع الوجه الاول إلى سقوط الظهور الثاني، والثاني إلى سقوط الاول، والثالث إلى سقوط الثالث، والرابع إلى سقوط الرابع، (قوله: فان فيهما الدلالة) ولذا بني على ثبوت المفهوم وكان رفع اليد عن عمومه فقط (قوله: وإما بتقييد اطلاق الشرط) فترجع القضيتان إلى قضية واحدة شرطها تمام الشرطين معا (قوله: وإما بجعل الشرط) وهناك وجه خامس محكي عن الحلي وهو التصرف في إحدى الجملتين بعينها مع المحافظة على تمام ظهورات الاخرى (قوله: ولعل العرف يساعد) أقول: أما سقوط الوجه الخامس فظاهر إذ هو ترجيح بلا مرجح وبعده في السقوط الاول لان المفهوم لا استقلال له في قبال المنطوق ليصلح للتصرف فيه بنفسه بل انما استفيد من الخصوصية المدلول عليها في المنطوق فلابد أن يكون التصرف بتلك الخصوصية وحيث أن الخصوصية هي كون سنخ الجزاء معلقا على الشرط بخصوصيته مستقلا فلابد من رفع اليد اما عن تعليق السنخ فيتعين الثاني، أو عن خصوصية الشرط فيتعين الرابع أو عن استقلاله فيتعين الثالث، وأما التفكيك في السنخ بان يكون المعلق كل فرد منه عدا واحد فانه يثبت مع شرط الآخر فهو وان كان في نفسه معقولا الا انه ممتنع عرفا مع تعدد القضيتين - كما هو محل الكلام - إذ لا معنى لتعليق سنخ الحكم على كل من الشرطين عدا فرد منه. بل يكون المعلق في إحداهما السنخ وفي الاخرى فرد منه. نعم ربما يصح لو كانت

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571