حقائق الاصول الجزء ١

حقائق الاصول6%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 571

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 212031 / تحميل: 5773
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

هل كان صعباً تطبيق قواعد الإسلام في الحياة اليومية؟

كنت أتقصّد التفريق بين الممارسات الإسلامية والثقافة الإسلامية وذلك ما كان يختلط على الناس. «كوني أوروبية، اعتناقي الإسلام لا يعني بالضرورة ارتدائي العباءة في لندن» فالعباءة هي زي ثقافي ولكن اللباس الفضفاض هو المطلوب في الإسلام وليس الأمر محصوراً بارتداء العباءة. فأنا أصلّي، أدفع الصدقات والخمس، أمتنع كلياً عن شرب الكحول والمحرّمات ولكن ليس المطلوب مني أن ألبس العباءة مع أنني أمتلك واحدة أستمتع بارتدائها في المنزل. ولكن بطبيعة الحال، أثناء تواجدي في أوروبا - أرتدي الزي الأوروبي مع مراعاة الحجاب.

فأنا أرى الكثير من الممارسات والقيم الإسلامية في أوروبا كاحترام حقوق الإنسان والحفاظ على النظافة والبيئة وهذه القيم الإسلامية وللأسف مفقودة اليوم عند أغلبية المجتمعات الإسلامية. وهذا بالذات ما عناه المستشرق محمد أسد عندما قال: «تستطيع أن ترى الكثير من الإسلام في أوروبا والقليل من المسلمين، والكثير من المسلمين في الشرق ولكن القليل من الإسلام الحقيقي».

ما هي التحديات التي يفرضها تخلي المرء عن ديانته الأولى واعتناقه لديانة أخرى؟

إنّ التحول إلى الإسلام له تحدياته، خصوصاً على صعيد وجود بيئة مماثلة للتعايش معها. فمثلاً من الصعوبات التي تطرح: وجود زوج لائق لامرأة اعتنقت الإسلام، حيث تصبح الواحدة منا عالقة بين عالمين. فأنا شخصياً امرأة مطلَّقة وأعاني أحياناً من لسعة الوحدة.كذلك المسلمون يتحمسون كثيراً لاعتناق الآخرين لديانتهم ولكنني دائماً أقول، ماذا عن البيئة الحاضنة فيما بعد؟ حيث يبدأ العمل الحقيقي عندها. فهم يشجعون الناس على اعتناق الإسلام ومن ثم يتركونهم وحدهم لمصيرهم. أنا محظوظة ربما بإنشاء شبكة من الصداقات. ولكن كم مرّ علي من الأعياد لم أستطع الإحتفال بها كوني كنت وحيدة. فالعيد كان بالنسبة إليّ أداء الصلاة ومن ثم متابعة اليوم بشكل عادي للأسف.

ولكنني أجد إيجابية في ذلك أحياناً، عندما ينتهي بي الأمر في الأعياد بالعشاء مع أحد الذين اعتنقوا الإسلام كذلك ولا يجد من يعيّد معه.

٣٠١

فالعزلة هي ما يترتب علينا عند اعتناقنا مذهباً ما وتخلينا عن مذهب آخر، ففي عيد الميلاد، لا أكون فرداً مرحّباً به في عائلتي كوني اخترت سلوك طريق آخر. وفي شهر رمضان أجد نفسي وحيدة حيث لا يوجد من يتسحّر معي أو يتناول معي الإفطار إلا إن دعاني أحدهم. ولكنّ العزاء دائماً أنّ الله بصحبتي وهو خير صاحب.

وإن كان الإيمان بالله هو الذي يجعلني أقاوم تلك التحديات ولكنني سمعت عن كثيرين اعتنقوا الإسلام حديثاً قد عادوا وانكفؤوا عن ذلك بسبب عدم وجود الدعم المعنوي الكافي من المجتمع الإسلامي المحيط. ومنذ فترة التقيت بامرأة كانت قد اعتنقت الإسلام لفترة عشر سنوات ولكنها عادت لتصبح اليوم وزيرة مسيحية مجدداً.

أخيراً ما الرسالة التي وجهتها إلى الناس من خلال كتابك؟

لقد وجهت رسالة من خلال كتابي إلى الناس الذين يتعلقون اليوم بالمظاهر المادية للحياة. الكثير من الشبان يحلمون بما كنت أمتلكه في الـ «أم تي ڤي» من تسلية ومعارف وشهرة وثقافة.. كنت أمتلك كل ذلك ويمكنني القول بأنّني لم أكن أشعر بالسعادة ولا أفكّر أبداً باسترجاع حياتي السابقة. ذلك الفراغ الذي كنت أحسّ به قبل اعتناقي للإسلام امتلأ اليوم من خلال وجود هدف لحياتي وعلاقة مميزة مع الله وحلم بالجنة.

وتختم بايكر بالقول: أكثر ما يقلقني اليوم هو أنّ غالبية سكان بريطانيا يبنون معارفهم عن الإسلام من خلال ما تمليه عليهم وسائل الإعلام. فالناس هنا لا يذهبون إلى المكتبات ويشترون الكتب ليتعرفوا على الإسلام، بل يكتفون بقراءة الدايلي مايل أو مشاهدة التلفاز لتكوين رأيهم عن الإسلام. كل ما ينقصنا هو التعليم والتثقيف. ولذلك أنا دائماً جاهزة لإجراء المقابلات، لكي أتكلم وأشرح أكثر عن الإسلام. فمثلاً عندما تتصل صحيفة الصن بأحدهم لإجراء حوار، يمتنع عن القبول، ولكنني أفعل لأنّ إلقاء قطرة واحدة من الحقيقة في ذلك المحيط الشاسع يمكن أن يكون له أثر».

٣٠٢

بايكر اليوم تبقي نفسها منشغلة بتحسين صورة الإسلام في بريطانيا. وكانت واحدة من الذين نظموا حملة «ألهمني الرسول محمد (ص)» في لندن التي هدفت إلى تقديم صورة مشرقة عن الإسلام من خلال ملصقات يتم وضعها في مواقف الحافلات وعلى سيارات الأجرة وكانت صورتها ظهرت على إحدى الملصقات وقد كتب تحتها «أؤمن بحماية البيئة وكذلك الرسول محمد (ص)». وقد تلقّت وسائل الإعلام تلك الحملة بالقبول. وفي الآونة الأخيرة أجرت معها شبكة البي بي سي لقاءً حول الفيلم المسيء للإسلام «براءة المسلمين».

الأخ يحيى

انطباعات من مسلم جديد

القرآن: الوحي الأخير

استدركت ضرورة وحتمية بعث نبي جديد بعد النبي عيسى (ع) نتيجة الابتكارات المنسوبة إلى الوحي الإلهي فكانت الحاجة لنبي آخر بعد عيسى (ع) مع وحي آخر بعد الإنجيل. لهذا بعث الله محمداً (ص) مع آخر رسالة، (أي القرآن)، لإعادة كل البشرية إلى الإيمان وعبادة إله واحد هو الله، دون شركاء أو وسطاء. وفقاً للمسلمين، القرآن الكريم، مصدر دائم لهداية الناس، وقد قدم توضيحاً عقلانياً للدور التاريخي الرائع للنبي عيسى (ع)، فقد ورد اسم (عيسى) خمساً وعشرين مرة في القرآن الكريم الذي يتضمن سورة اسمها مريم تيمناً باسم والدة نبي الله عيسى: السيدة مريم بنت عمران (عليها السلام).

فالحتمية الإلهية لنزول وحي جديد، وجدتها في الآيات القرآنية التالية التي أقنعتني جدا:) وَمَا کَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ یُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَکِنْ تَصْدِیقَ الَّذِی بَیْنَ یَدَیْهِ وَتَفْصِیلَ الْکِتَابِ لا رَیْبَ فِیهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ ﴿37﴾﴾ [يونس: 37]، و﴿ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْیَقِینِ ﴿51﴾ ﴾ [الحاقة: 51]. تزامناً، كنت أشعر بالقلق خوفاً من حصول تحريف في القرآن الكريم لأنها كانت مشكلة كبيرة مع الكتب السماوية السابقة. فقرأت بأن القرآن لن يتغير أو لن يتم إلغاؤه:﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿9﴾ ﴾ [الحجر: 9].

٣٠٣

وعرفت لاحقاً أن بعض الظواهر العلمية مذكورة في القرآن، وهذا ما يؤكد مصداقية الاعتقاد بأن القرآن هو كلام الله. فهناك آيات تصف تكوين الجنين داخل رحم أمه، وتكوين الجبال، وأصل الكون، والمخ، والبحار، والأمواج والسحب. إنه فوق استيعاب أي شخص أن يتصور أنّ هذه الحقائق كانت مكتشفة منذ أكثر من أربعة عشر قرناً، ذلك أنه تم الكشف عن هذه الحقائق وتم تأكيدها في الآونة الأخيرة بواسطة علميات أُجريت بآليات متطورة.

الإسلام: جوهر وذروة الأديان السماوية

يعتقد المسلمون أن الغرض الأساسي لخلق الجنس البشري هو عبادة الله. كما قال في القرآن الكريم،﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِیَعْبُدُونِ ﴿56﴾ ﴾ [الذاريات: 56] وبحسب عالم إسلامي معروف في الغرب فإن «النظام الأكثر اكتمالا من العبادة المتاحة للإنسان اليوم هو النظام الموجود في دين الإسلام، وكلمة «الإسلام» تعني «التسليم والخضوع لإرادة الله (عزّ وجل)»، على الرغم من أنه يشارالى الإسلام عادة باسم ثالث الديانات التوحيدية الثلاث، فإنه ليس ديناً جديداً على الإطلاق. إنه دين جاء به جميع أنبياء الله للبشرية. فالإسلام هو دين آدم وإبراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام).

ويضيف العالم «بما أن الله واحد، والبشر هو نوع واحد، فبالنتيجة الدين الذي سيبعثه الله للناس هو دين موحد، فالحاجات الروحية والاجتماعية البشرية هي ذاتها والطبيعة البشرية لم تتغير منذ تم إنشاء أول رجل وامرأة

وبما أن رسالة الله كانت دائما هي نفسها، أدركت أنه من واجب جميع البشر البحث عن الحقيقة في التدين وليس مجرد القبول والاتباع الأعمى للدين الذي يتولاه مجتمعهم أو الوالدين، وفقاً للقرآن،﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً سَمَّیْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُکُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُکْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِیَّاهُ ذَلِکَ الدِّینُ الْقَیِّمُ وَلَکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ ﴿40﴾ ﴾ [يوسف: 40].

٣٠٤

وفيما يتعلق بالفطرة، قال النبي محمد (ص)، ما معناه كل مولود يولد على الفطرة لكن والديه يحولانه إلى اليهودية أو المسيحية أو المجوسية. وعلاوة على ذلك، قال الله تعالى:﴿ فَأَقِمْ وَجْهَکَ لِلدِّینِ حَنِیفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِی فَطَرَ النَّاسَ عَلَیْهَا لا تَبْدِیلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِکَ الدِّینُ الْقَیِّمُ وَلَکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ ﴿30﴾ ﴾ [الروم: 30].

كذلك، تعلمت أنه لا يوجد دين آخر مقبول عند الله الى جانب الإسلام، كما قال بوضوح في القرآن الكريم:﴿ وَمَنْ یَبْتَغِ غَیْرَ الإسْلامِ دِینًا فَلَنْ یُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِی الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِینَ ﴿85﴾ ﴾ [آل عمران: 85].

فاستنتجت أن الانسان قد يهمل هدى الله ويقيم لنفسه معايير خاصة للمعيشة. ولكن في نهاية المطاف، سوف يكتشف أنه لم يكن يتبع إلا سراباً.

عابر

واصلت قراءة القرآن والتعرف على أقوال وأفعال النبي محمد (ص)، فلاحظت أن الإسلام يرى الإنسان (العبد) كرجل عابر لهذه الحياة، والآخرة هي الدار المقر.

فنحن هنا لفترة قصيرة، ولا يمكن أن نأخذ أي شيء معنا من هذه الحياة إلا إيماننا بالله وأفعالنا الحسنة. وبالتالي، ينبغي أن نكون مثل المسافر الذي يمر عبر الأراضي فقط ولا يأخذ أي شيء منها.يجب علينا أن نفهم أن معنى أن نكون على قيد الحياة هو أن نكون تحت اختبارات متواصلة. فهناك المعاناة والفرح والألم والغبطة. هذه الاختبارات من الخير والشر هدفها بلورة الصفات الروحية العليا فينا. نحن غير قادرين على الاستفادة من هذه التجارب إلا إذا بذلنا قصارى جهدنا، بحيث يكون لدينا ثقة كاملة بالله وتقبل ما يقدر الله لنا بصبر.

٣٠٥

الطريق إلى الجنة

كان لا بد من معرفة المزيد عن الجنة إذ إنها بالتأكيد الهدف النهائي الذي يسعى إليه كل فرد، يقول الله،﴿إِنَّمَا یُؤْمِنُ بِآیَاتِنَا الَّذِینَ إِذَا ذُکِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا یَسْتَکْبِرُونَ ﴿15﴾ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ یُنْفِقُونَ ﴿16﴾ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِیَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْیُنٍ جَزَاءً بِمَا کَانُوا یَعْمَلُونَ ﴿17﴾ ﴾ [السجدة: 17] فصرت على بينة أن سروري غداً هو أبعد من كل خيال، إذ سأعيش هذا الفرح العارم في ظل الخالق.

كنت أتساءل أي النفوس تستحق هذه المكافأة؟ هذا الثواب أعظم من أن يكون له ثمن. قيل لي أن الثمن هو الايمان الحقيقي بالله والطاعة له ولنبيه محمد (ص) وآل بيته (عليهم السلام).

أدركت أن البشرية يجب أن تعبد الله لتحقيق البر والوضع الروحي اللازم لدخول الجنة.هذا يعني أنه على البشر الفهم أن العبادة لا غنى عنها كما الأكل والتنفس وليست مجرد معروف يقومون به تجاه الله.لذلك نحن بحاجة لقراءة القرآن لمعرفة أي نوع من الناس يريدنا الله أن نكون ونحاول أن نصبح على هذا النحو. إذاً هذا هو الطريق إلى الجنة.

التغلب على عقبة:

في هذه المرحلة، شعرت بأنني 80٪ أريد أن أصبح مسلماً، ولكن ما كان يدفعني إلى الخلف أنني كنت قلقاً من ردّة فعل عائلتي وأصدقائي لو علموا بأنني أصبحت مسلماً.

فأعربت عن قلقي لأخ مسلم فقال لي أنه في يوم القيامة، لا أحد سيكون قادراً على مساعدتك، لا والدك، ولا والدتك أو أي من أصدقائك. لذلك، إذا كنت تعتقد أن الإسلام هو الدين الحق، يجب أن تتقبله وتعيش حياتك لإرضاء واحد أحد هو الذي خلقك، وهو الله.

وهكذا، أصبح جلياً بالنسبة لي أننا جميعا في قارب واحد؛ وأن كل نفس ذائقة الموت ثم سنكون جميعاً مسؤولين عن معتقداتنا وعن أفعالنا أمام الله.

٣٠٦

شريط فيديو ذو مغزى:

في هذه المرحلة من بحثي عن الحقيقة، كنت على وشك اعتناق الاسلام. شاهدت محاضرة إسلامية على شريط فيديو حول الغرض من الحياة. وكان الموضوع الرئيسي لهذه المحاضرة أن الغرض من الحياة يمكن تلخيصه في كلمة واحدة، هي الإسلام (التسليم لإرادة الله).

على عكس الأديان أو المعتقدات الأخرى، فإن مصطلح «الإسلام» لا يرتبط بأي شخص أو مكان معين. قد أسمى الله الدين في الآية القرآنية التالية:﴿ إِنَّ الدِّینَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ ﴾ [آل عمران: 19] فأي شخص يعتنق الإسلام يسمى مسلماً بغض النظر عن عرق ذلك الشخص أو جنسه أو جنسيته. هذا هو واحد من الأسباب التي تجعل الإسلام دينآً عالمياً.

قبل بحثي عن الحقيقة، لم أنظر بجدية إلى الإسلام كخيار بسبب الصورة السلبية المستمرة عن المسلمين في وسائل الإعلام. وقد أظهر مقطع من شريط الفيديو كيف أن المسلمين وعلى الرغم من تميز الإسلام بالمعاييرالأخلاقية العالية، ليسوا جميعاً متمسكين بهذه المعايير.و يمكن قول الشيء نفسه عن أتباع الديانات الأخرى.

فهمت أخيراً أننا لا نستطيع أن نحكم على الديانات من خلال تصرفات أتباعها وحدها، كما فعلت، لأن عامة البشر غير معصومين. على هذا الحساب، لا ينبغي لنا أن نحكم على الإسلام من تصرفات أنصاره، ولكن عن طريق الوحي (القرآن الكريم) وسنة النبي محمد (ص) وأهل بيته (عليهم السلام).

النقطة الأخيرة التي التقطتها هي أهمية الامتنان لله. فالله يذكر في القرآن أنه ينبغي لنا أن نكون ممتنين لحقيقة أنه خلقنا:﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَکُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِکُمْ لا تَعْلَمُونَ شَیْئًا وَجَعَلَ لَکُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ ﴿78﴾ ﴾ [النحل: 78].

٣٠٧

الحقيقة تكشف عن نفسها:

بمجرد انتهاء العرض،اختبرت كشف النقاب عن روحي، شعرت أنّ عبئاً كبيراً من الخطايا زال عن كتفي. وعلاوة على ذلك، شعرت بنفسي كأنني أرتفع عن الأرض وأحلّق، رافضاً المسرات المؤقتة في هذا العالم من أجل الأفراح الأبدية في الآخرة.

هذه التجربة، إلى جانب عملية طويلة من التفكير، حلت أحجية «الغرض من الحياة». وكشفت أن الإسلام هو الحقيقة، وبالتالي كان علي تحديد هدفي من الحياة، ومعتقدي، اتجاهي وأفعالي.

فدخلت بوابة الإسلام بالإعلان عن نية الإيمان بالقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.

أُبلغت بأن هذه الشهادة تؤكد الاعتقاد بجميع الأنبياء والمرسلين من الله، جنباً إلى جنب وبالتالي فإن كل رسول ونبي هو تحديث واستكمال لدين واحد حتى وصلنا إلى آخر الأنبياء محمد (ص) وإلى الوحي النهائي من الله [القرآن].

انطباعات من مسلم جديد:

أثناء بحثي عن الحقيقة، الدرس الذي تخطى جميع الدروس، هو أن كل المعبودات الأخرى ما عدا الله هي مجرد أوهام.

فالإذعان لإرادة الله أشعرني بالسلام مع الخالق، مع الآخرين، وأخيراً، مع نفسي. ونتيجة لذلك، بت أشعر بالامتنان جداً، وهذا من رحمة الله، الذي أنقذني من أعماق الجهل وصعد بي إلى نور الحقيقة.

الإسلام، الدين الحق في جميع الأوقات والأماكن ولكل الشعوب، هو رمز كامل للحياة إذ يوجّه الإنسان لتحقيق الغرض من وجوده على الأرض، ويعد له اليوم الذي سيعود فيه الى خالقه.

اتباع هذا المسار بطريقة ورعة تمكن الواحد منا من اكتساب رضوان الله فنكون أقرب إليه وسط المسرات التي لا نهاية لها من الجنة والخلاص من عذاب جهنم. مكافأة إضافية بأن تكون حياتنا الحالية أسعد بكثير عندما نتخذ مثل هذا الخيار.

٣٠٨

التمتع بالضلالة:

وقد أعطى اعتناق الاسلام لي أكثر من نظرة ثاقبة في الطبيعة الوهمية لهذه الحياة. على سبيل المثال، إحدى الركائز الأساسية للإسلام هي تحرير الإنسان. فعندما يطلق مسلم على نفسه اسم «عبد الله»، ذلك إن دل على شيء فإنما يدل على التحرر من العبودية لجميع الأشكال الأخرى، وعلى الرغم من أن الإنسان المعاصر قد يظن أنه متحرر، وهو في الحقيقة عبد لرغباته. مخدوع ومضلل من هذه الحياة الدنيوية. يقول الله تعالى:﴿ أَرَ‌أَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴿43﴾ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَ‌هُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 43، 44].

لذلك يجب علينا ألا ندع حماسنا للاستمتاع بمتع هذه الحياة الزائلة يعرِّض فرصة الاستمتاع بملذات الجنة للخطر. كما يقول الله في القرآن:﴿ زُیِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِینَ وَالْقَنَاطِیرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَیْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِکَ مَتَاعُ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴿14﴾ قُلْ أَؤُنَبِّئُکُمْ بِخَیْرٍ مِنْ ذَلِکُمْ لِلَّذِینَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِینَ فِیهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِیرٌ بِالْعِبَادِ ﴿15﴾ ﴾ [آل عمران: 14، 15].

ولذلك، فإن المنافسة الحقيقية في هذه الحياة ليست على تراكم الثروة أو الرغبة في الشهرة، بل بالقيام بالاعمال الصالحة لإرضاء الله، مع الاحتفاظ بالجزء القانوني من التمتع في هذه الحياة.

الطريق الصحيح إلى الله:

هناك العديد من البدائل الدينية المتاحة للإنسان، والأمر متروك له لاختيار أي ديانة يرغب في اتباعها. إنَّه أشبه بالتاجر مع العديد من السلع أمامه، وهو الذي يختار أي سلعة ليتاجر بها. من الواضح أنّه سوف يختار ما يعتقد أنّه الأكثر ربحاً. ومع ذلك، فإن التاجر يبقى غير متأكد وغير ضامن للربح؛ حيث يمكن أن يكسب اليوم ويمكن أن يخسر غداً كل شيء.

في المقابل، فإن المؤمن في وحدانية تسليمه لله، يكون متأكداً تماماً أنّه إذا كان يتبع طريق الهداية [القرآن وسنة النبي محمد (ص)، وآل بيته (عليهم السلام)] سيكون بلا شك مصيره النجاح والثواب في نهاية هذا الطريق، ولحسن الحظ، يبدأ هذا النجاح أيضاً في بداية اختيار هذا المسار.

٣٠٩

أنا مسلمة جديدة...

رقية وارث مقصود

ليس من أمر أسهل من اعتناق الإِسلام - لحظة يدرك الإنسان أن الله حق وأن الله موجود حقاً ويقر بأن النبي العربي محمد (ص) هو حقاً خاتم رسل الله ضمن سلسلة الأنبياء الآخرين المذكورين في الإنجيل يكون قد خطى فعلياً الخطوة الأولى.

تسمى لحظة الإشراق هذه التقوى والإحسان. فجأة تدرك أن الله يراك ويعرفك وإن كنت لا تعرفه ولا تراه.

الخطوة الثانية في مسيرة اعتناق الإِسلام هي التعبير وبوضوح عن لحظة الإيمان هذه - أي نطق الشهادة: «أشهد» لتتوالى الخطوات طوال حياتك.

كيف أعيش كمسلمة:

أن تصبح جزءاً من الجالية المسلمة المحلية وتلج في نمط الحياة هذا أمر يختلف تماماً عن مجرد أن تصبح مسلماً على مستوى العقل.

فهذا يتطلب من الكثيرات من معتنقات الإِسلام درجة عالية من العزم والثقة. فأنتِ لن تواجهي عائلتك وأصدقائك الذين يعتقدون أنك قد أصبت بالجنون فقط، ولكن كامرأة عليك أيضاً أن تستجمعي قواك للدخول إلى عالم المسجد حيث الرجال العابسو الوجوه ذوو اللحى الطويلة لن يكلموك.

فإن كنت واحدة من معتنقات الإِسلام في بعض نواحي إنكلترا الشمالية حيث يغلب على المساجد الطابع الآسيوي، يجدر بك أن تعلمي الكثير عن الثقافات الآسيوية بالإضافة إلى تعلّم الإِسلام.

تنجلي تلك العبسات عن حياء ورقة وتقوى وصداقة صادقة وضيافة وكرم؛ ولكن يعتبر من الفظاظة أن يبدو الرجل وكأنه متحمس للتحدث مع النساء أو للنظر إليهن أكثر من نظرة واحدة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الكثير من المساجد لا تحوي بعد على مصلّى للنساء.

٣١٠

اكتساب الثقة:

لكننا نحن الذين نعتنق الإِسلام نكتسب الثقة شيئاً فشيئاً، فلم نعد نشعر بأنه علينا أن نتظاهر بأننا عرب أو باكستانيون لنشعر بالانتماء.

فنحن نعلم الآن أن المسلمين متواجدون في كل مكان حول العالم من الأسكيمو إلى أستراليا.

يمكننا أن نختار أسماء عربية، كما يمكننا أن نبقى على أسمائنا القديمة فهذا الأمر ليس ذا قيمة حقاً.

على النساء اختيار ملابس معينة كالبنطال الفضفاض والسترة الطويلة أو التنورة الطويلة. وإن كنا لا نشعر بالانسجام في المساجد المحلية لأننا لا نتقن اللغة العربية، فنحن بدأنا بتنظيم مساجد داخل البيوت ونشكل جماعات فيما بيننا وندعو الآسيويين أيضاً ليكونوا ضيوفنا.

أطياف متعددة من المسلمين.... عائلة واحدة:

بدأنا نحن - معتنقو الإِسلام الجدد - بالقراءة بما فيه الكفاية وبتحصيل العلم بما يمكِّننا من التعبير عن آرائنا حول الأمور من حولنا. فنحن عندنا النضج الكافي لندرك أن ليس كل المسلمين قديسين. فالبشر بشر وجلّنا بعيد عن الكمال.

هكذا نتغلب على الشعور بالخيبة عندما نكتشف أن ليس كل مسلم يحيا كما ينبغي على المسلم أن يحيا للوصول إلى الكمال وبالتالي لا نستسلم أو نتهمهم بالنفاق؛ بل على العكس نبذل أقصى جهدنا لنحيا حياتنا بأفضل طريقة ممكنة.

شيئاً فشيئاً يدرك كافة معتنقي الإِسلام وجود الكثير من أنواع المسلمين.

بعض المسلمين روحانيون في حين أن آخرين يهتمون بظاهر العبادات.

لكن شعورنا يزداد بأنه بإمكاننا أن نجد مكاناً لأنفسنا إلى جانب الآخرين في هذه الأمة الواسعة والعائلة الممتدة، وطالما أننا نقوم بأقصى جهدنا فإن الله سيثيبنا على نوايانا الحسنة.

٣١١

جيمي بور

من عارضة أزياء إلى امرأة مسلمة

السلام عليكم، إسمي جيمي

وُلدت وترعرعت على المسيحية الحديثة غير الطائفية ولم أجد فيها أجوبة لما كنت أبحث عنه، ولمدة 31 عاماً كمسيحية، لم أشعر يوماً بالله. حاولت وبكل ما بوسعي ولكني لم أشعر به على الإطلاق. كنت عارضة لبلادي ولمدة خمس سنوات، تعاطيتُ الكثير من المخدرات خلال تلك الفترة كنت أستخدمها كمساعد لفقدان الوزن وكنت أستخدمها لمرة واحدة لأُبعد نفسي عن الإكثار من تناول الطعام. كنت أعتقد بأنني قوية لأتجنب الإدمان على المخدرات التي تحوّل كل من يستخدمها إلى مدمن. بدأتُ أفكر بأني سآخذها لأسبوعين إلّا أنني أصبحتُ مدمنة ليل نهار. أخذتني المخدرات إلى الحضيض والدمار الكامل، فقد كان زوجي يتعاطى المخدرات كذلك. ما دفعه ليكون عنيفاً معي، حتى أني كنت خائفة على حياتي.

قررت أن أتوقف عن تعاطيها، فليس هذا ما أريده لحياتي. فقلت له أنني سأتوقف عنها، ضحك وقال: «لن تستطيعي التوقف». فقلت: «سأتوقف عنها». وتوقفت عن تناولها ذلك اليوم ولم أنظر إلى الخلف مرة أخرى، ولم يكن لديَّ أي برنامج لإعادة التأهيل أو أي مساعدة خارجية أو نظام دعم. كان زوجي يضحك، محاولاً أن يثنيني عن عزمي حتى أعود لتناولها من جديد، وبعد ذلك رُزقت بولدي الصغير. تغيّرت نظرتي إلى الحياة بأكملها. فقد أحببتُ ذلك الطفل الصغير الرائع والذي يحتاج إلى أم صالحة، أحببته كثيراً. فأردت تغيير كل شيء كنت قد ركزت عليه سابقاً، لأجله.

كنت في السابق قادرة على فعل أي شيء أريد أن أقوم به، فقد كنت جزءاً من مشاهد هوليوود التي يرغب الجميع بأن يكون جزءاً منها. لم أكن شخصاً جيداً، كنت في السابق، أشرب الكحول وأتعاطى المخدرات. ولكنني لم أعد أريد القيام بهذه الأمور بعد الآن.

٣١٢

قمتُ بالبحث عن الإِسلام لفترة قبل أن أصبح مسلمة، أردتُ أن أعرف وبشكلٍ أساسي سبب كراهية العالم للمسلمين بهذا القدر، لأنني رأيت ما رأيتُ في نشرات الأخبار، ورأيتُ الظلم والعنف وهذا ما دفعني للبحث عن الحقيقة ولمعرفة ما إذا كان الإِسلام كذلك. بدأتُ البحث عن الموضوع، وكلما بحثت أكثر كلما غصت أعمق في الموضوع. فوجدتُ الحقيقة.

تفاجأ الكثير من الناس عندما تخليتُ عن كل الملذات السابقة لأجل أن أكون مسلمة. والغريب هو أنني عندما نطقت الشهادتين أسست بتلاشي الرغبات للقيام بتلك الأمور وبشكل كامل. إنه لشيء رائع أن أستمتع وأشعر بالسلام في قلبي كوني مسلمة.

أعتقد أن الشيء الأساسي الذي أثار إعجابي بالإِسلام هو احترام المرأة. فهناك الكثير من الاحترام للمرأة والأمور التي تقوم بها النساء، حياتنا نحن النساء ليست سهلة، فلدينا الكثير لنفكر فيه ونقلق بشأنه، كعائلاتنا وأزواجنا وأطفالنا. فتربية الأطفال هو أمر صعب جداً، بالإضافة إلى الأعمال المنزلية والطبخ والاعتناء بأزواجنا.. إنها وظيفة صعبة.

وفي الواقع فإن الإِسلام يحترم المرأة لتلك الأسباب. كان سبباً لفصلنا عن الرجال في المساجد حتى لا يتشتت الرجال. يفهم الإِسلام القوة الكامنة في جاذبيتنا ومظهرنا وهو ما يتأثر به الرجال، والإِسلام يحترم هذا الأمر. ما إن أدركتُ هذا حتى تمكنت الفكرة مني وأردتُ أن أصبح مسلمة. اعتناقي للإِسلام أشعرني بالاختلاف فقد جعلني أشعر بالسلام المطلق. كنت في السابق أشعر بعدم الاستقرار، فالكثير من الأشياء كانت في حالة عدم استقرار، والسبب في هذا هو عدم اتخاذ قرار بشأنها. لم يكن لديَّ أيَّ هدف في ذهني ولم يكن هناك سبب لوجودي، لكن اعتناقي للإِسلام أعطاني السلام والأمان والتوازن وهو ما احتجت إليه في حياتي، إسلامي جعل من الأشياء حقيقة، وتستحق أن أكون هنا من أجلها، فأخيراً صار هناك هدف لحياتي وأنا أفهم الآن ما هو الغرض منها. لا نملك الفرصة دوماً للالتقاء بالناس الذين نحتاجهم بصورة جوهرية لنفهمهم. هذا ما جعلني أتردد على المسجد لأتقرب إلى الناس وأفهمهم. وكلما زاد ترددي إلى المسجد، كلما ازداد عدد النساء اللواتي أحطن بي واعتنين بي ومنحنني العطف الموجود في الإِسلام.

٣١٣

لم أفكر أبداً ولو لمرة واحدة في حياتي بأني سأصبح مسلمة على الإطلاق. فقناعاتي تجاه المسلمين كانت مغلوطة للغاية فأنا لم أحبهم، فقد كنت أعتقد بأنهم سيئون ولم أكن لأفكر ولو لمرة بأني سأكون واحدة منهم. ولكن اليوم أنا فخورة وسعيدة جداً، وأريد أن أرتدي الحجاب ليعرف الناس أني مسلمة، حتى لو كرهوني فأنا لا أهتم. أنا أريد أن أبيِّن لهم أن الله موجود في أي شخص وليس فقط في الشرق أوسطيين.

٣١٤

راكيل: مسلمة أميركية...

ضابطة شرطة سابقة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إسمي راكيل، وقد اعتنقت الإسلام.

لقد كنت ضابطة شرطة في مدينة ديترويت وعملت هناك منذ عام 1996 وحتى عام 2004 وقد أُطلق علَيّ النار عام 2002، وكان ذلك أثناء تأدية وظيفتي وكدت أفارق الحياة.

لم أكن أذهب إلى الكنيسة في واقع الأمر، لقد نشأت في منزل مسيحي، فأبواي قسين مسيحيين، وقرأت الكثير عن الكاثوليكية.

لقد لاحظت أن الإسلام منطقي من الناحية الفكرية، أنا لم أحلل الأديان الأخرى وأدرسها، إلّا أنها تبدو وكأنها تحمل الكثير من صنع الإنسان، وأفكاره بدلاً من شريعة الله الأصلية، وهذا كان يزعجني كثيراً. ثم وجدت الإسلام، أكثر دقة تاريخياً ومن حيث أصالة النصوص، ولم يتم تشويهه من خلال الكثير من الترجمات المختلفة.

أعتقد أنه في عام 2002، تم إنقاذ حياتي لسبب، وأعتقد أن هذا السبب هو أن أتمكن من اعتناق الإسلام وأن أصبح مسلمة. لم أكن أعرف كيف أعبد الله، لم أعرف ما هو الدين الذي ينبغي أن أؤمن به، حتى التقيت ببعض الأصدقاء المسلمين، وقد حدثوني باستفاضة، وفسَّروا لي الكثير. لقد كنت أشعر بالقلق حيال إعلان الشهادة لأنني لا أعرف الكثير من الكلمات الإسلامية حتى الآن، فساندتني إحدى الأخوات التي كانت ترعاني في المسجد، وساعدتني حتى أعلن شهادتي وكان الأمر رائعاً فعلاً. لقد استمتعت بمجرد الإعلان أني أشهد أن لا لا إله إلّا الله أمام كل من في المسجد وكان ذلك أبرز الأحداث بالنسبة لي. لم أعد أخاف الموت فيجب أن لا نخشى إلّا الله، ونتحلى بالإيمان، لأنَّ الله واحد وأنا أعرف ذلك لأنني كنت على شفير الموت ولو كنت قد توفيت ذلك اليوم، لا أعرف إن كنت في هذه الحالة سيكون مصيري إلى نار جهنم أم لا، أما الآن فتملأني الثقة والطمأنينة والسعادة لأنني أعرف مصيري إن حدث لي شيء اليوم.

٣١٥

كان سيصيبني الجنون إن تابعت عملي كضابطة شرطة، لأن الناس يهاجمون المسلمين في ديترويت دون سبب على الإطلاق، لاسيما بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، كان الأمر فظيعاً وقد أزعجني، وكنت أردّ بأن كونهم مسلمين لا يعني أنهم متطرفون حيث أزعجني ما رأيت - كضابطة شرطة - في الشوارع والأسلوب الذي كانت تتم به معاملتهم فقد كان في ذلك انعدام للضمير.

أعرف أن تعلُّم لغة جديدة قد يكون محبطاً للبعض، فهي في الأساس ثقافة جديدة، وليست ديناً فحسب، بل أسلوب حياة. وبالنسبة لي لم يكن ذلك محبطاً، كل ما في الأمر هو رغبتي في تعلمها بسرعة أكبر، وأريد أن أتقنها بمفردي، لكن هذا ليس سهلاً وعلَيَّ أن أتعلم كل شيء تقريباً عبر الإنترنت حتى كيفية ارتداء الحجاب، إنها تجربة مذهلة. بدأت أمتنع عن الكثير من المحرمات كشرب الكحول ولم أعد أتناول لحم الخنزير، وبالطبع أشتري الآن لحماً حلالاً. أصبحت في الأربعين وكنت أعرف أنني أرغب في إدخال هذه التغييرات إلى حياتي، وآن الأوان لأنعم بالسلام والهدوء في حياتي وأتقرب إلى الله، وكنت مستعدة تماماً لهذا التغيير وكنت أعرف أن هذا ما تفتقده حياتي. عندما أصلي، أشعر أنَّ الصلاة مؤثرة جداً وأشعر بقدر هائل من الحماية.

أقرأ القرآن الكريم كل يوم، وأجد فيه آداب الإسلام وأتعلم شيئاً جديداً، والناس يقدمون الكثير من المساعدة، فبالرغم من اختلاف العرق، لا يصدر الناس عليك أحكاماً إذا دخلت وأنت أمريكي. بل يقدمون الكثير من الدعم، فالكل يعاملك بكل لطف ويساعد في تعليمك وتوجيهك.

أكثر ما يعجبني في الإسلام هو الحجاب، فأنا أستمتع به، لأكون صادقة تماماً، لا سيما هنا في لاس فيغاس حيث ينظر الرجال إلى النساء بشكل غريب وهذا يثير الخوف. وهكذا أشعر بمزيد من الراحة والأمان. أما في ما يتعلق بإخبار أصدقائي عن اعتناقي الإسلام، لست متأكدة من ردود أفعالهم فمثلاً أفضل صديقاتي من الطفولة تعمل في الواقع في الكنيسة الكاثوليكية، وأعرف أن رد فعلها لهذا سيكون سيئاً، وقد لا نكون أصدقاء بعد الآن. والبعض أظهروا لي الكثير من الدعم أو طرحوا أسئلة مثيرة للاهتمام كذلك، فكان من اللطيف أن أتمكن من أن أنقل أفكاري لهم. من أبرز الأسئلة التي طرحها أصدقائي بصفة خاصة، سواء من الرجال أو النساء، لماذا تغطين رأسك؟ ولماذا تغطين ذراعيك؟

٣١٦

لا سيما عندنا في لاس فيغاس، لأن المجتمع هنا مختلف للغاية مقارنة حتى بالمجتمعات الأمريكية العادية، الناس هنا يرتدون ألبسة مكشوفة خاصة النساء، فقلت بكل بساطة، الأمر يتعلق بالاحتشام، وقد لاحظت أن الناس ينظرون إليّ بشكل مختلف، حتى أن بعض أصدقائي ذكروا أن بعض الناس ينظرون إليّ بمزيد من الإحترام لأنّ الرجال لا ينظرون إليّ كشيء، بل ينظرون إلى وجهي. في ما يتعلق بأفراد أسرتي فهو سيف ذو حدين، إنني أفتقدهم كأشخاص، لكنني لا أفتقد دينهم على الإطلاق. وقد كانوا في غاية القسوة معي، فقد كانت لديّ تجارب رهيبة ومخيفة للغاية، كان والداي يصطحبانني منذ صغري لحضور ممارسات طرد الأرواح الشريرة. فكان لذلك أثر عاطفي هائل على نفسي طوال الوقت. والداي لا يعرفان أنني اعتنقت الإسلام، لم يكن أمامي سوى خيار واحد في رأيهما، وكان إما اختيار أن أكون مسيحية ذات شخصية جذابة مثلهما أو لا يحترمانني مطلقاً وقد أقصياني من العائلة وكان ذلك قبل أن أعتنق الإسلام.

أفضِّل أن تكون لي أسرة مسلمة وأن يكون الله في حياتي، الله الحق، وليس مجموعة من القواعد والقوانين التي أرساها البشر، لقد تسبب دينهما بالكثير من الألم لي، لكن هذا الدين ليس كذلك.

أنا أريد أن أنشر هذا الدين، وأنشر الحب وأنشر السعادة وأنشر السلام، وأوضح للناس أنه يلزم القضاء على كل هذه النماذج النمطية، وأن الإسلام ليس إرهاباً، وأنه رائع للغاية وهذا ما أرغب أنا شخصياً في أن أوضحه للناس.

٣١٧

أسلم بعد جنازة صديقه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وُلِدتُ وترعرعت في مدينة هاليفاكس في نوفا سكوتيا، أبي رجل أبيض من منطقة برنس إدوارد في كندا وأمي امرأة سوداء من مجتمع يُدعى لوكاس فيل في نوفا سكوتيا.

أمي كانت مسيحية ولقد اعتدت الذهاب معها إلى الكنيسة، وحتى عندما توقفت هي كنت أنا الوحيد من أفراد عائلتي الذي يذهب إلى هناك، عندما كبرت وأصبحت في مرحلة آخر المراهقة، توقفت عن الذهاب إلى الكنيسة، فلم أكن مهتمّاً بمفهوم الدين.

لا زلت أؤمن بالله والعديد من المعتقدات الدينية المسيحية لكنني لم أؤمن بهذا التنظيم الديني.

لقد كنت أعيش في منطقة دارتموت، هي تقع على ميناء مدينة هاليفاكس، ترعرعت هناك حيث كان يوجد عائلة باكستانية كبيرة مسلمة، كنت صديقاً لهم وتعلّمت منهم عن الإسلام بعض الأشياء، فقد كان أحد أفرادها متديّناً، فقد كنت أراه دائماً يذهب إلى المسجد ويصلّي، كان عمري 16 سنة تقريباً عندما أصبحتُ مهتمّاً بالدين الإسلامي وبدأت بالاستفسار عنه، من أصدقائي. وحين بلغت السابعة عشرة - وفي الصيف الذي ما بين الأول الثانوي والثاني الثانوي - انتقلت مع أبي وزوجته من دارتموت للعيش في هاليفاكس، حيث كان هناك العديد من العرب المسلمين، وكانت هذه النقلة بمثابة الصدمة الثقافية بالنسبة لي، لأنني كنت أعيش في كول هاربور، حيث المسلمون قلّة لا تراهم في كل مكان، وبالتالي لا ترى الحجاب أو أيّ شيء من هذا القبيل، بينما في بدفورد يوجد العديد من المسلمين العرب الذين يمكنك معرفتهم بسيماهم. بعد فترة من وصولي إلى هناك، عرف أحد الإخوة العراقيين أنني مهتم بالإسلام فجاء وقال لي بأنهم يقيمون صلاة الجمعة كل أسبوع في المدرسة الثانوية التي كنت أرتادها في وقت استراحة الغداء، فدعاني.

ذهبنا إلى هناك يوم الجمعة والحمد لله كانت تجربة جيدة جداً. كان الخطيب شاباً يافعاً مرحِّباً ومضيافاً وصلّيت معهم على الرغم من أنني لم أعِ ما أفعل، فلقد كنت أقلّدهم. بعد الصلاة تحدّثت إلى الخطيب ورجل آخر كان يأتي للصلاة كل جمعة.

٣١٨

وفي أحد الأيام وبعد انتهائنا من الصلاة سألني ذلك الرجل: «ما رأيك بالإسلام؟» فقلت له: «أنا أؤمن بالدين الإسلامي وأعتقد أنه الدين الصحيح والطريقة المُثلى للحياة» فأجابني: «إذاً يجب أن تصبح مسلماً!» تفاجأت حينها لأنني كنت صغيراً ولا زال أمامي الكثير لأتعلّمه. قال لي: «يجب أن تُسلم لأنك لا تعلم متى ستموت» عندها ضحكت لأنني كنت أبلغ من العمر السابعة عشرة فقط وما زلت صغيراً على الموت، سأموت عندما أصبح جَدَّاً في الثمانينات ويمتلئ شعري شيباً وأحفادي من حولي، فلم أكترث لما كان يقوله.

ذهبت إلى هناك 4 أو 5 مرات بعدها، إلى أن جاءت إجازة الصيف فلم أعد أذهب إلى المدرسة. لكن في يوم من أيام الإجازة الصيفية، كنت أعمل في مطعم، حيث تلقّينا اتصالاً مفاجئاً في وقت الإغلاق من المديرة، التي أخبرتنا فيما بعد أنَّ خالد توفي في حادث اصطدام سيارة. من هو خالد؟ خالد هو أحد الإخوة الفلسطينيين كان يعمل معنا في المطعم لمدة قصيرة وكان صديقي أيضاً فلقد كنا نرتاد نفس المدرسة وتخرجّنا منها معاً. عندما سمعت الخبر لم أصدّقه لأوّل وهلة. هاتفتُ المديرة التي نقلت إلينا الخبر وعندما سمعت صوتها تبكي عرفت حينها بأنه قد مات فعلاً.

لم أستوعب ما الذي يحدث في ذلك الوقت، لكنني في طريقي إلى البيت ماشياً، انهرت باكياً. كانت المرة الأولى التي عرفت فيها أنَّ أحداً توفي في نفس عمري، فكلانا كنا نبلغ الثامنة عشرة من العمر، فقد صدمتني هذه الفاجعة في الصميم..

يوم دفن الجثّة، تعلّمت كيفية الوضوء حيث هاتفت صديقي وعلّمني كيف أتوضأ. وذهبنا أنا وصديقي إلى المسجد في دارتموت لصلاة الجنازة ثم بعد ذلك توجهنا إلى مقبرة المسلمين.

كان الجو مفعماً بالحزن فإخوته وأبوه كانوا هناك والجميع منخرط في البكاء.

عندما وضعوا التراب فوق جثمانه بدأت أنا بالبكاء الشديد، أثناء ذلك شاهدت الشيخ الذي قال لي يجب أن تسلم لأنك لا تعلم متى ستموت. كان هذا بمثابة إشارة لي من عند الله أني قد أموت قريباً وأنَّ كلام الشيخ كان صحيحاً وأنني يجب أن أسلم.

٣١٩

ذهبت إليه مباشرة وأخبرته أنني أريد أن أسلم فقال لي: «أهلاً أليكس، كيف حالك؟ من الرائع رؤيتك مرة أخرى، أتمنى أنك ما زلت مهتمّاً بالإسلام». وسبحان الله في تلك اللحظة، وفي ذلك المكان عند المسجد بجانب المقبرة قلت: «أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله».

بعد ذلك مباشرةً حان وقت صلاة المغرب، وسألني أحد الإخوة إذا كنت أعرف كيفية الوضوء، فقلت نعم. ثم ذهبت إلى دورة المياه لأتوضأ لكنني نسيت مراحل الوضوء فمكثت هناك وقتاً طويلاً محاولاً التذكر. وعندما فرغت من الوضوء كانوا قد انتهوا من صلاة المغرب لكن الشيخ لم يصلِّ بعد وكان بانتظاري ثم صلّينا معاً والحمد لله نشأت بيننا صداقة طيبة من بعد ذلك، فقد استمريت في مقابلته يومياً بعد ذلك لمدة أسبوع حيث علمني سورة الفاتحة وأركان الإسلام.

قبل الإسلام لم أكن أعرف ما الذي يجب أن أفعله وما الذي أريده وما الطريقة المُثلى للعيش.

كنت أعيش وفقاً لفلسفتي الخاصة منجرفاً إلى العديد من العادات السيئة ولكن الحمد لله هداني ربي إلى الطريق الصحيح قبل الوقوع في الطريق السيء.

الكثير قد يجادل بأنَّ السبب وراء اعتناقي الدين الإسلامي هو عاطفتي. ولكن لم تكن الأسباب كذلك، لأنني كنت مقتنعاً أصلاً بأنَّ الدين الإسلامي هو الدين الحق لكنني كنت بحاجة إلى دفعة في الاتجاه الصحيح. فهذه الحادثة جعلتني أعي أنني قد أموت في أي دقيقة وكانت الحادثة إشارة لي بما أنني كنت مقتنعاً بالإسلام فلماذا أنتظر حتى أبلغ العشرين أو الثلاثين أو الأربعين من عمري؟ ولهذا أسلمت وبذلت جهداً في تعلّم الإسلام وأركانه ومبادئه.

أتوق إلى شهر رمضان هذا العام، وأستمتع باختباره مجدداً. نؤدي الشعائر الدينية بشكل أفضل كقراءة الأدعية والذهاب إلى المسجد دوماً وتلاوة القرآن الكريم.

أنا الآن أكثر اقتناعاً من قبل بأنَّ الدين الإسلامي هو الدين الصحيح لأنني رأيت براهين القرآن الكريم ومعجزاته.

حياتي بعد الإسلام تحسّنت كثيراً، فالإسلام هداني إلى الاتجاه الصحيح للحياة وهو أن أعيش حياة مستقيمة ومتديّنة بعد أن كنت متخبطاً قبل ذلك.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

لظهوره فيه أو كونه متيقنا منه ولو لم يكن ظاهرا فيه بخصوصه حسب اختلاف مراتب الانصراف كما انه منها ما لا يوجب ذا ولا ذاك بل يكون بدويا زائلا بالتأمل كما انه منها ما يوجب الاشتراك أو النقل (لا يقال): كيف يكون ذلك وقد تقدم ان التقييد لا يوجب التجوز في المطلق أصلا ؟ (فانه يقال): - مضافا إلى انه إنما قيل لعدم استلزامه له لا عدم امكانه فان استعمال المطلق في المقيد بمكان من الامكان أن كثرة ارادة المقيد لدى اطلاق المطلق ولو بدال آخر ربما تبلغ بمثابة توجب له مزية أنس كما في المجاز المشهور أو تعيينا واختصاصا به كما في المنقول بالغلبة فافهم (تنبيه) وهو انه يمكن ان يكون للمطلق

______________________________

سيرة من لا ينسب إليه القول المذكور كالسلطان وغيره ؟ (قوله: لظهوره فيه أو كونه) اشارة إلى أنواع الانصراف وهي كثيرة (الاول) الخطوري بمعنى محض ؟ حخطور بعض الافراد أو الاصناف في الذهن من دون أن يكون موجبا للشك والتردد أصلا كحضور ماء الفرات من لفظ الماء لمن كان نزيل الفرات وماء دجلة لمن كان نزيلها وهكذا (الثاني) التشكيك البدوي وهو ما يوجب الشك لكن يزول بالتأمل (الثالث) ما يوجب الشك المستقر وهذا يوجب الاجمال والتوقف عند المعارضة مع اصالة الحقيقة وفي المقام يوجب وجود القدر المتقين (الرابع) ما يوجب الظهور بحيث يرجح على أصالة الحقيقة وفى المقام يكون قرينة على التقييد (الخامس) ما يوجب الاشتراك (السادس) ما يوجب النقل وهذه الانواع مترتبة في القوة والضعف فالاولان لا يقدحان في الاطلاق والبواقي تقدح فيه والاخيران يوجبان مع ذلك رفع صلاحية اللفظ للاطلاق فافهم (قوله: كيف يكون) يعني كيف يؤدي الانصراف إلى خصوص بعض الافراد إلى الاشتراك أو النقل مع أن الاستعمال في المقيد حقيقة وليس معنى آخر كي يصح فرض الاشتراك والنقل فيه (قوله: لعدم استلزامه) يعني ان مرادهم عدم استلزام المجاز لا عدم إمكان المجاز فانه يمكن ان يكون مجازا حيث يستعمل فيه بلحاظ الخصوصية فانه

٥٦١

جهات عديدة كان واردا في مقام البيان من جهة منها وفي مقام الاهمال أو الاجمال من اخرى فلا بد في حمله على الاطلاق بالنسبة إلى جهة من كونه بصدد البيان من تلك الجهة ولا يكفى كونه بصدده من جهة اخرى إلا إذا كان بينهما ملازمة عقلا أو شرعا أو عادة كما لا يخفى

______________________________

غير المطلق وإنما يكون حقيقة حيث يستعمل فيه لا بعنوان الخصوصية بل بعنوان نفس الطبيعة (قوله: جهات عديدة كان) لا ريب في ان القيد المحتمل الاعتبار في موضوع الحكم تارة يكون واحدا وأخرى يكون متعددا فموضوع الحكم في الاول يكون ذا جهة واحدة وفي الثاني يكون ذا جهات متعددة بتعدد القيود فإذا كان المتكلم في مقام البيان بالنظر إلى جميع القيود ولم تكن قرينة على احدها كان الكلام مطلقا كذلك، وان كان في مقام البيان بالنظر إلى بعض القيود دون بعض كان مطلقا بالنظر إلى ذلك البعض دون غيره فلا يكون الكلام مطلقا بالنظر إلى جميع القيود بمجرد كون المتكلم في مقام البيان بالنظر إلى بعضها فإذا دل الدليل على العفو عما لا تتم الصلاة به من المتنجس لا يستفاد منه جواز الصلاة فيه إذا كان مما لا يؤكل لحمه أو كان مغصوبا أو حريرا حيث أنه ليس الا في مقام بيان العفو عن النجاسة لا غير وكذا ما دل على العفو عما دون الدرهم من الدم لا يدل على جواز الصلاة فيه إذا كان مما لا يؤكل لحمه (قوله: بينهما ملازمة) بأن كان ثبوت الحكم من الجهة المقصودة يقتضي ثبوته من الجهة غير المقصودة فان الكلام يكون حجة بالاضافة إلى الجهتين معا لان ما هو حجة على أحد المتلازمين يكون حجة على الملازم الآخر ومثل لذلك بما ورد من صحة الصلاة في ثوب فيه عذرة فانه يدل على صحة الصلاة في خرء ما لا يؤكل لحمه فان العفو عن النجاسة لو لم يستلزم العفو عن خرء ما لا يؤكل لحمه لم يكن فعليا حيث أن كل خرء نجس فهو مما لا يؤكل لحمه وظاهر

٥٦٢

فصل

إذا ورد مطلق ومقيد متنافيين فاما يكونان مختلفين في الاثبات والنفى وإما يكونان متوافقين فان كانا مختلفين مثل (أعتق رقبة) (ولا تعتق رقبة كافرة) فلا اشكال في التقييد وان كانا متوافقين فالمشهور فيهما الحمل والتقييد وقد استدل بانه جمع بين الدليلين وهو أولى وقد أورد عليه بامكان الجمع على وجه آخر مثل حمل الامر في المقيد على الاستحباب واورد عليه بان التقييد ليس تصرفا في معنى اللفظ وانما هو تصرف في وجه من وجوه المعنى اقتضاه تجرده عن القيد مع تخيل وروده في مقام بيان تمام المراد وبعد الاطلاع على ما يصلح للتقييد نعلم وجوده على على وجه الاجمال فلا اطلاق فيه حتى يستلزم تصرفا فلا يعارض ذلك بالتصرف في المقيد بحمل امره على الاستحباب " وانت خبير " بان التقييد أيضا يكون تصرفا في المطلق لما عرفت من ان الظفر بالمقيد لا يكون كاشفا عن عدم ورود المطلق في مقام البيان بل عن عدم كون الاطلاق الذي هو ظاهر بمعونة الحكمة بمراد جدي غاية الامر ان التصرف

______________________________

*

الدليل كون نفي البأس فعليا فيدل على نفي البأس من الجهة الاخرى (قوله: فلا اشكال في التقييد) وكأنه من جهة أن ظهور النهي في الحرمة أقوى من ظهور كون المتكلم في مقام البيان أو اصالة عدم القرينة وان كان قد يتفق ما يوجب ضعف الظهور فيحمل على الكراهة مثل: لا تصل في الحمام أو السبخة أو وادي ضجنان بالاضافة إلى قوله صلى الله عليه وآله: جعلت لى الارض مسجدا وطهورا (قوله: واورد عليه بان) هذا أورده في التقريرات جريا على مبناه المتقدم (قوله: نعلم وجوده) قد عرفت أن العلم المذكور ان كان وجدانيا فهو غير محل الفرض وان كان من جهة أصالة الظهور في المقيد فهي معارضة بالاصول الجارية في المطلق المقتضية لاطلاقه وتقديمها عليها بقول مطلق غير ظاهر الوجه لعدم التقدم الرتبي فلا بد أن يكون المقدم هو الاقوى ايا ما كان (قوله: وانت خبير)

٥٦٣

فيه بذلك لا يوجب التجوز فيه مع ان حمل الامر في المقيد على الاستحباب لا يوجب تجوزا فيه فانه في الحقيقة مستعمل في الايجاب فان المقيد إذا كان فيه ملاك الاستحباب كان من افضل افراد الواجب لا مستحبا فعلا ضرورة ان ملاكه لا يقتضى استحبابه إذا اجتمع مع ما يقتضي وجوبه. نعم فيما إذا كان احراز كون المطلق في مقام البيان بالاصل كان من التوفيق بينهما حمله على انه سيق في مقام الاهمال على خلاف مقتضى الاصل " فافهم " ولعل وجه التقييد كون ظهور اطلاق الصيغة في الايجاب التعييني أقوى من ظهور المطلق في الاطلاق وربما يشكل بانه يقتضى التقييد في باب المستحبات مع أن بناء المشهور على حمل الامر بالمقيد فيها على تأكد الاستحباب اللهم الا ان يكون الغالب في هذا الباب

______________________________

وقدم تقدم الكلام فيه (قوله: من أفضل أفراد) هذا مع قطع النظر عن ظهوره في التعيين والا فكونه من أفضل الافراد لا يصحح الامر به تعيينا فالامر به تعيينا لابد أن يحمل على الاستحباب (قوله: إذا اجتمع مع ما يقتضي) هذا إذا كان ملاك الوجوب تعيينيا أيضا أما لو كان تخييريا وملاك الاستحباب تعيينيا لابد أن يحمل الامر به تعيينيا على الاستحباب نعم يمكن ان يعارض ما ذكر المورد بأن حمل الامر على الاستحباب ايضا لا يستلزم تصرفا في اللفظ لان دلالة الامر على الوجوب بالاطلاق فلا وجه لتقديم تقييد الموضوع على تقييد اطلاق الصيغة (قوله: في مقام البيان) يعني المراد الاستعمالي (قوله: من التوفيق بينهما) وعليه فيدور الامر دائما بين التصرف في الاطلاق والتصرف في الاصل المذكور الذي هو من مبادئ الاطلاق والتصرف في المقيد بحمله على الاستحباب فتعين التوفيق المذكور يتوقف على المرجح ولعله اشار إليه بقوله: فافهم (قوله: أقوى من ظهور المطلق) وتوهم ان الوجوب التعييني لا ينافي الاطلاق لجواز أن يكون في المقيد ملاك الوجوب التعييني وملاك الوجوب التخييري مندفع بأن الكلام في فرض التنافي بينهما بالعلم بوحدة الحكم ولو بالعلم

٥٦٤

هو تفاوت الافراد بحسب مراتب المحبوبية فتأمل أو أنه كان بملاحظة التسامح في أدلة المستحبات وكان عدم رفع اليد من دليل استحباب المطلق بعد مجئ دليل المقيد وحمله على تأكد استحبابه من التسامح(١) فيها " ثم " أن الظاهر انه لا يتفاوت فيما ذكرنا بين المثبتين

______________________________

بوحدة السبب فانه يمتنع أن يكون الحكم الواحد قائما بالمطلق والمقيد معا (قوله: تفاوت الافراد) فان غلبة التفاوت المذكور تمنع من احراز وحدة المسبب فيجوز أن يكون بعض مراتب الفضل قائما بالمطلق وبعضها قائما بالمقيد وبه يكون المقيد موضوعا للاستحباب التعييني مع كون المطلق باطلاقه موضوعا له ايضا، (فان قلت): غلبة تفاوت الافراد في الفضل لا تختص بالمستحبات بل هي في الواجبات ايضا فهلا يحمل الامر بالمقيد فيها على الاستحباب التعييني ؟ (قلت): الغلبة المذكورة لا تصلح للتصرف في الامر بحمله على الاستحباب وإنما صلحت في المستحبات للمنع عن احراز وحدة الحكم فقط وأما أصل الاستحباب فمستفاد من الخارج كما هو مقتضى فرض كون المورد مستحبا فمحصل الفرق بين الواجبات والمستحبات إحراز التنافي في الاولى بين المطلق والمقيد الموجب لحمل الاول على الثاني وعدم احرازه في الثانية فلا موجب للحمل (قوله: المحبوبية فتأمل) يمكن أن يكون اشارة إلى السؤال المتقدم وجوابه (قوله: من التسامح فيها) بان كان يصدق: من بلغه ثواب على... الخ بالنسبه إلى المطلق فيحكم باستحبابه لذلك لكن لازم ذلك الحكم باستحباب المطلق في الواجبات بعد التقييد لعين التقريب المذكور لكن الظاهر عدم تماميته في البابين معا لان المقيد من قبيل

______________

(١) ولا يخفى انه لو كان حمل المطلق على المقيد جمعا عرفيا كان قضيته عدم الاستحباب إلا للمقيد وحينئذ إن كان بلوغ الثواب صادقا على المطلق كان استحبابه تسامحيا والا فلا استحباب له وحده كما لا وجه بناء على هذا الحمل وصدق البلوغ يأكد الاستحباب في المقيد فافهم. " منه قدس سره " (*)

٥٦٥

والمنفيين بعد فرض كونهما متنافيين كما لا يتفاوتان في استظهار التنافي بينهما من استظهار اتحاد التكليف من وحدة السبب وغيره من قرينة حال أو مقال حسبما يقتضيه النظر فليتدبر (تنبيه) لا فرق فيما ذكر من الحمل في المتنافيين بين كونهما في بيان الحكم التكليفي وفي بيان الحكم الوضعي فإذا ورد مثلا أن البيع سبب وأن البيع الكذائي سبب وعلم أن مراده إما البيع على اطلاقه أو البيع الخاص فلا بد من التقييد لو كان ظهور دليله في دخل التقييد أقوى من ظهور دليل الاطلاق فيه كما هو ليس ببعيد ضرورة تعارف ذكر المطلق وارادة المقيد بخلاف العكس الغاء القيد وحمله على انه غالبي أو على وجه آخر فانه على خلاف المتعارف (تبصرة) لا تخلو من تذكرة وهي أن قضية مقدمات الحكمة في المطلقات تختلف حسب اختلاف المقامات

______________________________

القرائن المتصلة المانعة من دليلية المطلق من حيث الدلالة فلا تجبره أدلة التسامح لانها ظاهرة في جبران السند لا الدلالة (قوله: والمنفيين) لا يخفى أن المطلق في المنفيين لما كان منحلا إلى أحكام متعددة بتعدد أفراده كان المقيد منهيا عنه تعيينا فحمل النهي في المقيد على انه من جهة ان المقيد أحد الافراد لا يستلزم تصرفا في صيغة النهي من حيث التعيين والتخيير كما كان يستلزمه في المثبتين غاية الامر انه لابد أن يكون وجه مقتض للتنصيص عليه وعليه فلا موجب للتقييد وحمل المطلق على المقيد مع احتمال أن يكون الوجه المصحح للتنصيص عليه الاهتمام به الناشئ من تأكد ملاك النهي فيه أو ندرة وجوده أو شيوعه أو غير ذلك من الوجوه المصححة للتنصيص عليه بالخصوص (قوله: من وحدة السبب و) والا فمقتضى الجمود على نفس المطلق والمقيد البناء على تعدد الطلب لتعدد المطلوب إذ المطلق يغاير المقيد غاية الامر أن يكون المقيد موضوعا لطلب متأكد لامتناع اجتماع المثلين فيه (قوله: ليس ببعيد) بل بعيد جدا كما عرفت وجهه في المنفيين (قوله: خلاف المتعارف) هذا ممنوع نعم هو خلاف الظاهر

٥٦٦

فانها (تارة) يكون حملها على العموم البدلي (وأخرى) على العموم الاستيعابي (وثالثة) على نوع خاص مما ينطبق عليه حسب اقتضاء خصوص المقام واختلاف الآثار والاحكام كما هو الحال في سائر القرائن بلا كلام فالحكمة في اطلاق صيغة الامر تقتضي أن يكون المراد خصوص الوجوب التعييني العيني النفسي فان ارادة غيره تحتاج إلى مزيد بيان ولا معنى لارادة الشياع فيه فلا محيص عن الحمل عليه فيما إذا كان بصدد البيان كما انها قد تقتضي العموم الاستيعابي كما في (أحل الله البيع) إذا أراد البيع مهملا أو مجملا ينافي ما هو المفروض من كونه بصدد البيان وارادة العموم البدلي لا يناسب المقام ولا مجال لاحتمال ارادة بيع اختاره المكلف أي بيع كان مع انها تحتاج إلى نصب دلالة عليها لا يكاد يفهم بدونها من الاطلاق ولا يصح قيامه على ما إذا اخذ في متعلق الامر فان العموم الاستيعابي لا يكاد يمكن ارادته وارادة غير العموم البدلي وان كانت ممكنة الا انها منافية للحكمة وكون المطلق بصدد البيان.

______________________________

لكن يجوز ارتكابه في مقابل التصرف في المطلق بالتقييد (قوله: فانها تارة يكون) ضمير (انها) راجع إلى المطلقات وضمير (يكون) إلى قضية المقدمات (قوله: فان ارادة) قد تقدم بيان الحال في ذلك في مباحث الامر (قوله: كما انها قد تقتضي) الظاهر أن مقتضى المقدمات في جميع الموارد واحد وهو صرف الماهية وأما الاستيعاب والعموم البدلي وغيرهما فانما تستفاد من القرائن المكتنفة بالمقام مثل الورود مورد الامتنان في مثل: " أحل الله البيع " أو مناسبة الحكم للموضوع في مثل: " أكرم العالم " و " أهن الفاسق " أو غيرهما في غيرهما (قوله: لا يكاد يمكن) فانه تكليف بما لا يطاق غالبا (قوله: وارادة غير العموم) مثل ما يختاره المكلف (قوله: منافية للحكمة) لعدم القرينة عليه.

٥٦٧

فصل في المجمل والمبين

والظاهر أن المراد من المبين في موارد إطلاقه الكلام الذي له ظاهر ويكون بحسب متفاهم العرف قالبا لخصوص معنى. والمجمل بخلافه فما ليس له ظهور مجمل وان علم بقرينة خارجية ما اريد منه كما ان ماله الظهور مبين وان علم بالقرينة الخارجية انه ما اريد ظهوره وأنه مأول ولكل منهما في الآيات والروايات وان كان أفراد كثيرة لا تكاد تخفى الا ان لهما أفرادا مشتبهة وقعت محل البحث والكلام للاعلام في انها من أفراد أيهما كآية السرقة

______________________________

فصل في المجمل والمبين

(قوله: وان علم بالقرينة) هذا تعريض بما في التقريرات من عده من المجمل واستشهد عليه بما تقدم من الحكم بسراية اجمال الخاص إلى العام ولا يخفى أنه ليس من الاجمال في الكلام بل في المراد الا أن يكون اصطلاح عليه كما قد يظهر منه فانه قسم المجمل على قسمين الاول ما لم تتضح دلالته والآخر ما له ظاهر غير مراد للمتكلم ومثل له بالعام الذي علم اجمالا تخصيصه والمطلق الذي علم اجمالا تقييده (قوله: كآية السرقة) وهي قوله تعالى: (السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) ووجه الاجمال إما لان اليد تستعمل في الانامل والاصابع ونفس الكف وما ينتهي إلى المرفق وما ينتهي إلى المنكب وليس في الآية الشريفة قرينة على تعيين المراد. وإما لان تعليق القطع باليد مجمل إذ لا ظهور له في محل القطع نظير قولك: قطعت الحبل، حيث يتردد محل القطع بين كل جزء من أجزائه ويمكن دفع الاول بأن اليد حقيقة في العضو المتصل بالمنكب والاستعمال في غيره اعم من الحقيقة والثاني بأن الظاهر من إيراد القطع على شئ متصل بغيره قطعه من محل الاتصال بالغير فالظاهر من الآية قطع اليد من المنكب ونحوه قطعت الاصبع والكف والذراع والعضد ولا وجه لقياسه بقطع الحبل ولو منع ذلك كان مقتضى الاطلاق الاكتفاء

٥٦٨

ومثل (حرمت عليكم أمهاتكم) و (أحلت لكم بهيمة الانعام) مما اضيف التحليل إلى الاعيان ومثل (لا صلاة الا بطهور) ولا يذهب عليك أن اثبات الاجمال أو البيان لا يكاد يكون بالبرهان لما عرفت من أن ملاكهما أن يكون للكلام ظهور ويكون قالبا لمعنى وهو مما يظهر بمراجعة الوجدان فتأمل. ثم لا يخفى أنهما وصفان اضافيان ربما يكون مجملا عند واحد لعدم معرفته بالوضع أو لتصادم ظهوره بما حف به لديه ومبينا لدى الآخر لمعرفته وعدم التصادم بنظره فلا يهمنا التعرض لموارد الخلاف والكلام والنقض والابرام في المقام وعلى الله التوكل وبه الاعتصام.

______________________________

بالقطع من أي موضوع كان من اليد (قوله: ومثل حرمت عليكم) وجه الاجمال في آيات التحليل والتحريم امتناع تعلقهما بالاعيان فلابد من التقدير والصالح للتقدير متعدد وليس بعضه معينا إذ لا قرينة ويمكن دفعه بأن الاطلاق يقتضي تقدير كل ما هو صالح للتقدير من افعال المكلف المتعلقة بتلك الاعيان ولو بتقدير الجامع بينها الا ان يكون جهة ظاهرة ينصرف إليها الكلام كما في الآيتين الشريفتين ولذا لم يتوهم أحد من الصحابة إجمال آية تحريم الامهات من جهة احتمال كل من اللمس والنظر والكلام والتعظيم وغير ذلك (قوله: ومثل لا صلاة إلا بطهور) ووجه الاجمال أنه - بناء على الاعم - يمكن تقدير الصحة كما يمكن تقدير الكمال ولا قرينة معينة لاحدهما ويمكن دفعه بان الصحة أقرب عرفا واعتبارا إلى نفي الذات من نفي الكمال والاقرب كذلك يكون أظهر (قوله: ولا يذهب عليك) هذا تعريض بكل من تعرض لاثبات دعوى الاجمال والبيان بالبرهان كما صنعه جماعة إذ الظهور وعدمه من الوجدانيات التي لا يرجع فيها إلا إلى الوجدان إلا أن يكون المقصود من سوق البرهان تنبيه النفس على ما هو ثابت بالوجدان ولعله إليه أشار بقوله: فتأمل، والله سبحانه أعلم. إلى هنا انتهى ما أردنا ايراده تعليقا على كلام شيخنا واستاذنا المحقق العلامة - أعلى الله مقامه - والحمد لله أولا

٥٦٩

وآخرا وظاهرا وباطنا وله جزيل الشكر على ما منحنا من التوفيق لذلك فنسأله أن يجعله خالصا لوجهه الكريم إنه خير مسؤول وهو حسبنا ونعم الوكيل. قد وقع الفراغ من تأليفه في (النجف الاشرف) بيمن الحضرة المقدسة على ساكنها أفضل السلام بتاريخ ثالث صفر المظفر من السنة الخامسة والاربعين بعد الالف والثلثمائة من الهجرة النبوية على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام والتحية بقلم الفقير إلى رحمة ربه الغني (محسن) ابن العلامة المرحوم السيد (مهدى) الطباطبائي الحكيم طاب ثراه

٥٧٠

فهرس الجزء الأوّل

تقديم ٣

موضوع العلم ٦

تمايز العلوم تمايز الموضوعات ١٠

موضوع علم الاصول ١٢

تعريف علم الاصول ١٥

الوضع ١٧

حقيقة الوضع ١٨

اقسام الوضع ٢٠

المعني الحرفي ٢٢

تحقيق المعني الحرفي ٢٣

الخبر والانشاء ٢٧

أسماء الاشارة ٢٩

اطلاق اللفظ وارادة نوعه أو صنفه أو مثله ٣١

اطلاق اللفظ واردة شخصه ٣٣

تبعية الدلالة للارادة ٣٦

توجيه ماحكي عن العلمين ٣٨

وضع المركبات ٤٠

التبادر ٤٢

صحة السلب ٤٤

الاطراد ٤٥

احوال اللفظ ٤٧

الحقيقة الشرعية ٤٧

الصحيح والاعم ٥٣

معنى الصحة ٥٥

القدر الجامع على القول بالصحيح ٥٦

تصوير الجامع على القول بالاعم ٦٠

ثمرة النزاع بين القول بالصحيح والقول بالاعم ٦٦

وجوه القول بالصحيح ٧٠

وجوه القول بالأعم ٧٣

اسماء المعاملات موضوعة للصحيحة أو للاعم؟ ٨٠

أقسام دخل الشيء في المأمور به ٨٥

الاشتراك ٨٧

استعمال المشترك في اكثر من معنى ٨٩

بطون القرآن ٩٥

المشتق ٩٦

أدلة المختار ١١٢

الاشكال على الاستدلال بصحة السلب ١١٥

حجة القول بالوضع للأعم ١١٦

بساطة المشتق ١٢٠

المراد من بساطة المفهوم ١٢٨

الفرق بين المشتق ومبدئه ١٣٠

ملاك الحمل ١٣٣

يكفي في الحمل المغايرة مفهوما ١٣٦

الصفات الجارية عليه تعالى ١٣٨

المقصد الاول في الاوامر ١٤٠

معني مادة الأمر ١٤١

اعتبار العلو في معني الأمر ١٤٣

الطلب والارادة ١٤٤

اشكال في التكليف ١٥٠

دفع الاشكال ١٥٢

الارادة التشريعية والتكوينية ١٥٣

اشكال العقاب على المعاصي ١٥٤

حل الاشكال ١٥٥

صيغة الامر و معانيها ١٥٦

الصيغ الانشائية ١٥٨

هل الصيغة حقيقة في الوجوب؟ ١٥٩

الجمل الخبرية في مقام الطلب ١٦١

التعبدي والتوصلى ١٦٥

معني قصد التقرب المعتبر في العبادة ١٦٦

تصوير أخذ قصد القربة في متعلق الأمر ١٦٧

الاشكال على تقييد المامور به بداعي الأمر ١٦٨

تأسيس الاصل في الشك في اعتبار قصد القربة ١٧٦

اقتضاء اطلاق الصيغة كون الوجوب نفسيا تعيينيا عينيا ١٧٩

وقوع الامر عقيب الحظر ١٨٠

المرة والتكرار ١٨١

الفرق بين المسألة ومسألة تعلق الأمر بالطبايع والافراد ١٨٤

الفور والتراخى ١٨٨

الاجزاء ١٩١

معني الاجزاء ١٩٣

الفرق بين مسألة الاجزاء ١٩٤

اجزاء الاتيان بالمأمور به عن امره ومسألة المرة والتكرار ١٩٥

اجزاء الاتيان بالمأمور به بالامر الاضطراري عن الأمر الواقعي ١٩٦

الكلام في المسألة ثبوتا ١٩٦

الكلام في المسألة اثباتا ١٩٩

اجزاء الاتيان بالمأمور به بالامر الظاهري عن الأمر الواقعي ٢٠٤

تحقيق في مفاد قوله (عليه السلام): كل شي نضيف ٢٠٤

عدم الاجزاء في صورة القطع بخلاف الواقع ٢١٣

الفرق بين التصويب والاجزاء ٢١٤

في مقدمة الواجب ٢١٥

تقسيم المقدمة إلى داخلية و خارجية ٢١٦

تقسيم المقدمة إلى عقلية وشرعية وعادية ٢٢١

تقسيم المقدمة إلى مقدمة الوجود والصحة والوجوب والعلم ٢٢٢

تقسيم المقدمة إلى متقدمة ومقارنة ومتأخرة ٢٢٤

تحقيق الشرط المتأخر ٢٢٥

تقسيم الواجب إلى المطلق والمشروط ٢٣٠

تحقيق في الوجوب التعليقي ٢٣١

في ان المقيد في الواجب المشروط هو المادة او الهيئة ٢٣٣

وجوب المعرفة والتعلم ٢٤١

تقسيم الواجب إلى معلق ومنجز ٢٤٣

وجوه دفع الاشكال في فعلية وجوب المقدمة قبل فعلية ذيها ٢٤٩

تردد القيد بين رجوعه للمادة او الهيئة ٢٥٣

ترجيح اطلاق الهيئة على اطلاق المادة ٢٥٣

اشكال على الترجيح المذكور ٢٥٥

تقسيم الواجب إلى نفسي وغيري ٢٥٧

دوران الامر بين كون الواجب نفسياً أو غيريا ٢٥٩

في ان الامر الغيري توصلي وان موافقته ومخالفته لا توجب ثوابا ولا عقابا ٢٦٢

اشكال التقرب في الطهارات الثلاث ٢٦٣

دفع الاشكال المذكور ٢٦٤

اشتراط وجوب المقدمة ٢٦٩

قصد التوصل باردة ذيها ٢٧٠

المقدمة الموصلة ٢٧٤

ثمرة المقدمة الموصلة ٢٨٥

الاصلى والتبعى ٢٨٨

ثمرة وجوب المقدمه ٢٩٠

تأسيس الاصل في وجوب المقدمة ٢٩٤

البرهان على وجوب المقدمة ٢٩٦

برهان أبي الحسن البصري والاشكال عليه ٢٩٧

التفصيل بين السبب وغيره ٢٩٩

التفصيل بين الشرط الشرعي و غيره ٣٠٠

مقدمة المستحب والحرام والمكروه ٣٠٠

في مسألة الضد ٣٠٢

في ان التحقيق عدم مقدمية ترك احد الضدين للآخر ٣٠٣

في ان التلازم لا يقتضي حرمة الضد ٣١٢

الترتب ٣١٥

أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه ٣٢٣

تعلق الاوامر والنواهي بالطبايع أو الافراد ٣٢٥

نسخ الوجوب ٣٣٠

الواجب التخييري ٣٣٢

الواجب الكفائي ٣٣٧

الواجب الموقت ٣٣٨

الامر بالامر ٣٤٢

المقصد الثاني في النواهي ٣٤٤

مفاد صيغة النهي ٣٤٤

دلالة النهي على الدوام ٣٤٧

في اجتماع الامر والنهى ٣٤٩

الفرق بين مسألة الاجتماع ومسألة النهي في العبادة ٣٥٠

في ان مسألة الاجتماع عقليه ٣٥٤

في ان النزاع لا يختص بالوجوب والحرمة التعيينيين ٣٥٥

اعتبار المندوحة ٣٥٦

عدم ابتناء النزاع على القول بتعلق الاحكام بالطبائع ٣٥٧

اعتبار وجود المناط في مورد التصادق ٣٥٩

فيما يستكشف به المناط ٣٦١

الامتثال بالجمع على القولين وبالنسبة إلى حالات المكلف ٣٦٢

دليل الامتناع ٣٦٨

دليل الجواز من العلم والجهل قصورا و تقصيراً ٣٧٥

العبادات المكروهة ٣٧٦

دفع الشكال الكراهة في العبادات ٣٧٧

تنبيهات الاجتماع ٣٨٨

توسط الارض المغصوبة ٣٨٨

الصلاة في الدار المغصوبة اضطراراً ٤٠٢

التنبيه الثاني ٤٠٦

وجوه ترجيح النهي على الأمر في حال الاجتماع ٤١١

التنبيه الثالث ٤٢٠

النهى عن الشئ هل يقتضى فساده؟ ٤٢١

اقسام متعلق النهي ٤٣٢

النهي عن العبادة ٤٣٦

النهي عن المعاملة ٤٤٠

المقصد الثالث في المفاهيم ٤٤٥

مفهوم الشرط ٤٥١

فرض تعدد الشرط ٤٥٩

كيفية مع في تعدد الشرط ٤٦٠

اذا تعدد الشرط واتحد الجزاء ٤٦٢

الكلام في مفهوم الوصف ٤٦٩

مفهوم الغاية ٤٧٤

مفهوم الاستثناء ٤٧٦

مفهوم اللقب والعدد ٤٨١

المقصد الرابع في العام والخاص ٤٨٢

صيغ العموم ٤٨٦

العام المخصص حجة في الباقي ٤٨٩

العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص ٥١٥

الخطابات الشفاهية تعم الغائبين بل المعدومين؟ ٥١٩

ثمرة القول بالعموم ٥٢٤

تعقب العام بضمير يرجع إلى بعض افراده ٥٢٨

التخصيص بالمفهوم المخالف ٥٣٠

الاستثناء المتعقب للجمل متعددة ٥٣١

تخصيص العام الكتابي بخبر الواحد ٥٣٣

تعارض العام والخاص ٥٣٦

حقيقة النسخ ٥٤٠

الثمرة المترتبة على النسخ والتخصيص ٥٤٤

المقصد الخامس في المطلق والمقيد والمجمل والمبين ٥٤٥

اسم الجنس ٥٤٥

علم الجنس ٥٤٧

المفرد المعرف باللام ٥٥١

النكرة ٥٥٢

مقدمات الحكمة ٥٥٥

اذا شك في كون المتكلم في مقام البيان ٥٦٠

المطلق والمقيد المتنافيان ٥٦٣

فصل في المجمل والمبين ٥٦٨

٥٧١