حقائق الاصول الجزء ١

حقائق الاصول10%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 571

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 212079 / تحميل: 5775
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

وعنده حقة، أخذت منه، وأعطي معها شاتين أو عشرين درهما. فإن وجبت عليه حقة، وعنده جذعة، أخذت منه، وردّ عليه شاتان أو عشرون درهما.

فأمّا زكاة البقر، فليس في شي‌ء منها زكاة، الى أن تبلغ ثلاثين. فإذا بلغت ذلك، كان فيها تبيع حولي. ثمَّ ليس فيما زاد عليها شي‌ء، الى أن تبلغ أربعين. فإذا بلغت ذلك، كان فيها مسنّة. وكلّ ما زاد على ذلك، كان هذا حكمه: في كلّ ثلاثين تبيع أو تبيعة، وفي كل أربعين مسنّة.

وأمّا الغنم، فليس فيها زكاة، الى أن تبلغ أربعين. فإذا بلغت ذلك، كان فيها شاة. ثمَّ ليس فيها شي‌ء، الى أن تبلغ مائة وعشرين. فإذا بلغت ذلك، وزادت واحدة، كان فيها شاتان الى أن تبلغ مائتين. فإذا بلغت وزادت واحدة، كان فيها ثلاث شياه الى أن تبلغ ثلاثمائة. فإذا بلغت ذلك، وزادت واحدة، كان فيها أربع شياه. ثمَّ تترك هذه العبرة فيما زاد عليه، وأخذ من كلّ مائة شاة.

وأمّا الخيل إذا كانت عتاقا كان على كلّ واحدة منها في في كلّ سنة ديناران. وإن كانت براذين كان على كلّ واحدة منها دينار واحد. ومن حصل عنده من كلّ جنس تجب فيه الزّكاة أقلّ من النّصاب الذي فيه الزّكاة، وإن كان لو جمع لكان أكثر من النّصاب والنّصابين، لم يكن عليه شي‌ء، حتى

١٨١

يبلغ كلّ جنس منه، الحدّ الذي تجب فيه الزّكاة. ولو أنّ إنسانا ملك من المواشي ما تجب فيه الزّكاة، وإن كانت في مواضع متفرّقة، وجب عليه فيها الزّكاة. وإن وجد في موضع واحد من المواشي ما تجب فيه الزكاة لملّاك جماعة لم يكن عليهم فيها شي‌ء على حال. ولا بأس أن يخرج الإنسان ما يجب عليه من الزّكاة من غير الجنس الذي يجب عليه فيه بقيمته. وإن أخرج من الجنس، كان أفضل.

باب الوقت الذي تجب فيه الزكاة

لا زكاة في الذّهب والفضّة حتّى يحول عليهما الحول بعد حصولهما في الملك. فان كان مع إنسان مال أقلّ ممّا تجب فيه الزّكاة، ثمَّ أصاب تمام النّصاب في وسط السّنة، فليس عليه فيه الزّكاة حتّى يحول الحول على القدر الذي تجب فيه الزّكاة. وإذا استهلّ هلال الشّهر الثّاني عشر، فقد حال على المال الحول، ووجبت فيه الزّكاة. فإن أخرج الإنسان المال عن ملكه قبل استهلال الثّاني عشر، سقط عنه فرض الزّكاة. وإن أخرجه من ملكه بعد دخول الشّهر الثّاني عشر، وجبت عليه الزّكاة، وكانت في ذمّته الى أن يخرج منه.

وأمّا الحنطة والشّعير والتّمر والزّبيب، فوقت الزّكاة فيها حين حصولها بعد الحصاد والجذاذ والصّرام، ثمَّ ليس فيها

١٨٢

بعد ذلك شي‌ء، وإن حال عليها حول، إلّا أن تباع بذهب أو فضّة، وحال عليهما الحول، فتجب حينئذ فيه الزّكاة.

وأمّا الإبل والبقر والغنم، فليس في شي‌ء منها زكاة، حتّى يحول عليها الحول من يوم يملكها. وكلّ ما لم يحل عليه الحول من صغار الإبل والبقر والغنم، لا تجب فيه الزّكاة. ولا يجوز تقديم الزّكاة قبل حلول وقتها. فإن حضر مستحقّ لها قبل وجوب الزّكاة، جاز أن يعطى شيئا ويجعل قرضا عليه. فإذا جاء الوقت، وهو على تلك الصّفة من استحقاقه لها، احتسب له من الزّكاة. وإن كان قد استغنى، أو تغيّرت صفته التي يستحقّ بها الزّكاة، لم يجزئ ذلك عن الزّكاة، وكان على صاحب المال أن يخرجها من الرأس.

وإذا حال الحول فعلى الإنسان أن يخرج ما يجب عليه على الفور ولا يؤخّره. فإن عدم المستحقّ له، عزله عن ماله، وانتظر به المستحق. فإن حضرته الوفاة، وصى به أن يخرج عنه. وإذا عزل ما يجب عليه من الزّكاة، فلا بأس أن يفرّقه ما بينه وبين شهر وشهرين، ولا يجعل ذلك أكثر منه. وما روي عنهمعليهم‌السلام ، من الأخبار في جواز تقديم الزّكاة وتأخيرها، فالوجه فيه ما قدّمناه في أنّ ما يقدّم منه يجعل قرضا، ويعتبر فيه ما ذكرناه، وما يؤخّر منه إنّما يؤخّر انتظار المستحق، فأمّا مع وجوده، فالأفضل إخراجه إليه على البدار حسب ما قدّمناه.

١٨٣

باب مستحق الزكاة وأقل ما يعطى وأكثر

الذي يستحق الزّكاة هم الثّمانية أصناف الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن: وهم الفقراء، والمساكين، والعاملون عليها، و( الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ ) ، والغارمون،( وَفِي سَبِيلِ اللهِ ) ، وابن السّبيل.

فأمّا الفقير فهو الذي له بلغة من العيش. والمسكين الذي لا شي‌ء معه. وأمّا العاملون عليها فهم الذين يسعون في جباية الصّدقات.

وأمّا المؤلّفة فهم الذين يتألّفون ويستمالون إلى الجهاد.

(وَفِي الرِّقابِ ) وهم المكاتبون والمماليك الذين يكونون تحت الشّدة العظيمة. وقد روي أنّ من وجبت عليه كفّارة عتق رقبة في ظهار أو قتل خطإ وغير ذلك، ولا يكون عنده، يشترى عنه ويعتق.

والغارمون هم الذين ركبتهم الدّيون في غير معصية ولا فساد.

( وَفِي سَبِيلِ اللهِ ) وهو الجهاد.

وابن السّبيل وهو المنقطع به. وقيل أيضا: إنّه الضّيف الذي ينزل بالإنسان ويكون محتاجا في الحال، وإن كان له يسار في بلده وموطنه.

١٨٤

فإذا كان الإمام ظاهرا، أو من نصبه الإمام حاصلا، فتحمل الزّكاة إليه، ليفرّقها على هذه الثّمانية الأصناف. ويقسم بينهم على حسب ما يراه. ولا يلزمه أن يجعل لكل صنف جزءا من ثمانية، بل يجوز أن يفضّل بعضهم على بعض، إذا كثرت طائفة منهم وقلّت آخرون.

وإذا لم يكن الإمام ظاهرا، ولا من نصبه الإمام حاصلا، فرّقت الزّكاة في خمسة أصناف من الذين ذكرناهم، وهم الفقراء والمساكين( وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ ) وابن السّبيل. ويسقط سهم( الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) وسهم السّعاة وسهم الجهاد، لأنّ هؤلاء لا يوجدون إلّا مع ظهور الإمام. لأن الْمُؤَلَّفَةَ( قُلُوبُهُمْ ) إنّما يتألّفهم الإمام ليجاهدوا معه، والسّعاة أيضا إنّما يكونون من قبله في جميع الزّكوات، والجهاد أيضا إنّما يكون به أو بمن نصبه. فإذا لم يكن هو ظاهرا ولا من نصبه، فرّق فيمن عداهم.

والذين يفرّق فيهم الزّكاة ينبغي أن يحصل لهم مع الصّفات التي ذكرناها أن يكونوا عارفين بالحقّ معتقدين له. فإن لم يكونوا كذلك، فلا يجوز أن يعطوا الزّكاة. فمن أعطى زكاته لمن لا يعرف الحق، لم يجزئه، وكان عليه الإعادة. ولو أنّ مخالفا أخرج زكاته الى أهل نحلته، ثمَّ استبصر، كان عليه إعادة الزّكاة. ولا يجوز أن يعطى الزّكاة من أهل المعرفة إلّا أهل السّتر والصّلاح. فأمّا الفسّاق وشرّاب

١٨٥

الخمور فلا يجوز أن يعطوا منها شيئا. ولا بأس أن تعطي الزّكاة أطفال المؤمنين. ولا تعطى أطفال المشركين.

ولا يجوز أن يعطي الإنسان زكاته لمن تلزمه النّفقة عليه مثل الوالدين والولد والجدّ والجدة والزّوجة والمملوك. ولا بأس أن يعطي من عدا هؤلاء من الأهل والقرابات من الأخ والأخت وأولادهما والعمّ والخال والعمّة والخالة وأولادهم.

والأفضل أن لا يعدل بالزّكاة عن القريب مع حاجتهم الى ذلك الى البعيد. فإن جعل للقريب قسط، وللبعيد قسط، كان أفضل.

ومتى لم يجد من تجب عليه الزّكاة مستحقّا لها، عزلها من ماله، وانتظر بها مستحقّها، فإن لم يكن في بلده من يستحقّها فلا بأس أن يبعث بها إلى بلد آخر. فإن أصيبت الزّكاة في الطّريق أو هلكت، فقد أجزأ عنه. وإن كان قد وجد في بلده لها مستحقا، فلم يعطه، وآثر من يكون في بلد آخر، كان ضامنا لها، إن هلكت، ووجب عليه إعادتها.

ومن وصّي بإخراج زكاة، أو أعطي شيئا منها ليفرّقه على مستحقيه، فوجده، ولم يعطه. بل أخّره، ثمَّ هلك، كان ضامنا للمال.

ولا تحلّ الصّدقة الواجبة في الأموال لبني هاشم قاطبة. وهم الذين ينتسبون إلى أمير المؤمنين،عليه‌السلام ، وجعفر

١٨٦

ابن أبي طالب، وعقيل بن أبي طالب، وعبّاس بن عبد المطّلب. فامّا ما عدا صدقة الأموال، فلا بأس أن يعطوا إيّاها. ولا بأس أن تعطي صدقة الأموال مواليهم. ولا بأس أن يعطي بعضهم بعضا صدقة الأموال. وإنّما يحرم عليهم صدقة من ليس من نسبهم.

وهذا كلّه إنّما يكون في حال توسّعهم ووصولهم إلى مستحقّهم من الأخماس. فإذا كانوا ممنوعين من ذلك ومحتاجين إلى ما يستعينون به على أحوالهم، فلا بأس أن يعطوا زكاة الأموال رخصة لهم في ذلك عند الاضطرار.

ولا يجوز أن تعطى الزّكاة لمحترف يقدر على اكتساب ما يقوم بأوده وأود عياله. فإن كانت حرفته لا تقوم به، جاز له أن يأخذ ما يتّسع به على أهله. ومن ملك خمسين درهما يقدر أن يتعيّش بها بقدر ما يحتاج إليه في نفقته، لم يجز له أن يأخذ الزكاة. وإن كان معه سبعمائة درهم، وهو لا يحسن أن يتعيّش بها، جاز له أن يقبل الزّكاة، ويخرج هو ما يجب عليه فيما يملكه من الزّكاة، فيتّسع به على عياله. ومن ملك دارا يسكنها وخادما يخدمه، جاز له أن يقبل الزّكاة. فإن كانت داره دار غلّة تكفيه ولعياله، لم يجز له أن يقبل الزّكاة فإن لم يكن له في غلّتها كفاية، جاز له أن يقبل الزّكاة.

وينبغي أن تعطي زكاة الذّهب والفضّة للفقراء والمساكين

١٨٧

المعروفين بذلك، وتعطي زكاة الإبل والبقر والغنم أهل التّجمّل.

فإن عرفت من يستحقّ الزّكاة، وهو يستحيي من التعرّض لذلك، ولا يؤثر إن تعرفه، جاز لك أن تعطيه الزّكاة وإن لم تعرفه أنّه منها، وقد أجزأت عنك.

وإذا كان على إنسان دين، ولا يقدر على قضائه، وهو مستحقّ لها، جاز لك أن تقاصّه من الزّكاة. وكذلك إن كان الدّين على ميّت، جاز لك أن تقاصّه منها. وإن كان على أخيك المؤمن دين، وقد مات، جاز لك أن تقضي عنه من الزّكاة. وكذلك إن كان الدين على والدك أو والدتك أو ولدك، جاز لك أن تقضيه عنهم من الزّكاة.

فإذا لم تجد مستحقا للزّكاة، ووجدت مملوكا يباع، جاز لك أن تشتريه من الزّكاة وتعتقه. فإن أصاب بعد ذلك مالا، ولا وارث له، كان ميراثه لأرباب الزّكاة. وكذلك لا بأس مع وجود المستحقّ أن يشتري مملوكا ويعتقه، إذا كان مؤمنا، وكان في ضرّ وشدّة. فإن كان بخلاف ذلك، لم يجز ذلك على حال.

ومن أعطى غيره زكاة الأموال ليفرقها على مستحقها، وكان مستحقّا للزّكاة، جاز له أن يأخذ منها بقدر ما يعطي غيره. اللهمّ إلّا أن يعيّن له على أقوام بأعيانهم. فإنّه لا يجوز

١٨٨

له حينئذ أن يأخذ منها شيئا، ولا أن يعدل عنهم الى غيرهم.

وأقلّ ما يعطي الفقير من الزّكاة خمسة دراهم أو نصف دينار. وهو أوّل ما يجب في النّصاب الأوّل. فأمّا ما زاد على ذلك، فلا بأس أن يعطى كلّ واحد ما يجب في نصاب نصاب، وهو درهم إن كان من الدراهم، أو عشر دينار إن كان من الدّنانير، وليس لأكثره حد. ولا بأس أن يعطي الرّجل زكاته لواحد يغنيه بذلك.

باب وجوب زكاة الفطرة ومن تجب عليه

الفطرة واجبة على كلّ حر بالغ مالك لما تجب عليه فيه زكاة المال. ويلزمه أن يخرج عنه وعن جميع من يعوله من ولد ووالد وزوجة ومملوك ومملوكة، مسلما كان أو ذمّيّا، صغيرا كان أو كبيرا. فإن كان لزوجته مملوك في عياله، أو يكون عنده ضيف يفطر معه في شهر رمضان، وجب عليه أيضا أن يخرج عنهما الفطرة. وإن رزق ولدا في شهر رمضان، وجب عليه أيضا أن يخرج عنه. فإن ولد المولود ليلة الفطر أو يوم العيد قبل صلاة العيد، لم يجب عليه إخراج الفطرة عنه فرضا واجبا. ويستحبّ له أن يخرج ندبا واستحبابا.

وكذلك من أسلم ليلة الفطر قبل الصّلاة، يستحبّ له أن يخرج زكاة الفطرة، وليس ذلك بفرض. فإن كان إسلامه

١٨٩

قبل ذلك، وجب عليه إخراج الفطرة. ومن لا يملك ما يجب عليه فيه الزّكاة، يستحبّ له أن يخرج زكاة الفطرة أيضا عن نفسه وعن جميع من يعوله. فإن كان ممّن يحلّ له أخذ الفطرة أخذها ثمَّ أخرجها عن نفسه وعن عياله. فإن كان به إليها حاجة، فليدر ذلك على من يعوله. حتّى ينتهي إلى آخرهم، ثمَّ يخرج رأسا واحدا إلى غيرهم، وقد أجزأ عنهم كلّهم.

باب ما يجوز إخراجه في الفطرة ومقدار ما يجب منه

أفضل ما يخرجه الإنسان في زكاة الفطرة التّمر ثمَّ الزّبيب. ويجوز إخراج الحنطة والشّعير والأرزّ والأقط واللّبن. والأصل في ذلك أن يخرج كلّ أحد ممّا يغلب على قوته في أكثر الأحوال.

فأمّا أهل مكّة والمدينة وأطراف الشّام واليمامة والبحرين والعراقين وفارس والأهواز وكرمان، فينبغي لهم أن يخرجوا التّمر. وعلى أوساط الشّام ومرو من خراسان والريّ، أن يخرجوا الزّبيب. وعلى أهل الجزيرة والموصل والجبال كلّها وخراسان، أن يخرجوا الحنطة والشّعير، وعلى أهل طبرستان الأرز، وعلى أهل مصر البرّ. ومن سكن البوادي من الأعراب فعليهم الأقط، فإذا عدموه، كان عليهم اللّبن.

١٩٠

ومن عدم أحد هذه الأصناف التي ذكرناها، أو أراد أن يخرج ثمنها بقيمة الوقت ذهبا أو فضة، لم يكن به بأس. وقد روي رواية أنّه يجوز أن يخرج عن كلّ رأس درهما. وقد روي أيضا أربعة دوانيق. والأحوط ما قدّمناه من أنّه يخرج قيمته بسعر الوقت.

فأمّا القدر الذي يجب إخراجه عن كلّ رأس، فصاع من أحد الأشياء التي قدّمنا ذكرها. وقدره تسعة أرطال بالعراقيّ وستّة أرطال بالمدني. وهو أربعة أمداد. والمدّ مائتان واثنان وتسعون درهما ونصف. والدرهم ستّة دوانيق. والدّانق ثماني حبّات من أوسط حبّات الشّعير. فأمّا اللّبن فمن يريد إخراجه، أجزأه أربعة أرطال بالمدنيّ أو ستّة بالعراقي.

باب الوقت الذي يجب فيه إخراج الفطرة ومن يستحقها

الوقت الذي يجب فيه إخراج الفطرة يوم الفطر قبل صلاة العيد. ولو أن إنسانا أخرجها قبل يوم العيد بيوم أو يومين أو من أوّل الشّهر الى آخره، لم يكن به بأس، غير أن الأفضل ما قدّمناه.

فإذا كان يوم الفطر، فليخرجها، ويسلّمها الى مستحقّيها فإن لم يجد لها مستحقّا، عزلها من ماله، ثمَّ يسلّمها بعد الصّلاة أو من غد يومه الى مستحقّيها. فإن وجد لها أهلا، وأخّرها،

١٩١

كان ضامنا لها، الى أن يسلّمها إلى أربابها. وإن لم يجد لها أهلا، وأخرجها من ماله، لم يكن عليه ضمان.

وينبغي أن تحمل الفطرة الى الإمام ليضعها حيث يراه. فإن لم يكن هناك إمام، حملت الى فقهاء شيعته ليفرقوها في في مواضعها. وإذا أراد الإنسان أن يتولّى ذلك بنفسه، جاز له له ذلك، غير أنّه لا يعطيها إلا لمستحقّيها.

والمستحقّ لها، هو كلّ من كان بالصّفة التي تحلّ له معها الزّكاة. وتحرم على كلّ من تحرم عليه زكاة الأموال.

ولا يجوز حمل الفطرة من بلد الى بلد. وان لم يوجد لها مستحقّ من أهل المعرفة، جاز أن تعطى المستضعفين من غيرهم.

ولا يجوز إعطاؤها لمن لا معرفة له، إلّا عند التقية أو عدم مستحقّيها من أهل المعرفة. والأفضل أن يعطي الإنسان من يخافه من غير الفطرة، ويضع الفطرة في مواضعها.

ولا يجوز أن يعطي أقلّ من زكاة رأس واحد لواحد مع الاختيار. فإن حضر جماعة محتاجون وليس هناك من الأصواع بقدر ما يصيب كلّ واحد منهم صاع، جاز أن يفرّق عليهم. ولا بأس أن يعطي الواحد صاعين أو أصواعا.

والأفضل أن لا يعدل الإنسان بالفطرة إلى الأباعد مع وجود القرابات ولا الى الأقاصي مع وجود الجيران. فإن فعل خلاف ذلك، كان تاركا فضلا، ولم يكن عليه بأس.

١٩٢

باب الجزية وأحكامها

الجزية واجبة على أهل الكتاب ممّن أبى منهم الإسلام وأذعن بها، وهم اليهود والنّصارى. والمجوس حكمهم حكم اليهود والنّصارى. وهي واجبة على جميع الأصناف المذكورة إذا كانوا بشرائط المكلّفين وتسقط عن الصّبيان والمجانين والبله والنّساء منهم. فأمّا ما عدا الأصناف المذكورة من الكفّار، فليس يجوز أن يقبل منهم إلّا الإسلام أو القتل. ومن وجبت عليه الجزية وحلّ الوقت، فأسلم قبل أن يعطيها، سقطت عنه، ولم يلزمه أداؤها.

وكلّ من وجبت عليه الجزية، فالإمام مخيّر بين أن يضعها على رءوسهم أو على أرضيهم. فإن وضعها على رءوسهم، فليس له أن يأخذ من أرضيهم شيئا. وإن وضعها على أرضيهم، فليس له أن يأخذ من رءوسهم شيئا.

وليس للجزية حدّ محدود ولا قدر موقّت. بل يأخذ الإمام منهم على قدر ما يراه من أحوالهم من الغنى والفقر بقدر ما يكونون به صاغرين.

وكان المستحقّ للجزية في عهد رسول الله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، المهاجرين دون غيرهم. وهي اليوم لمن قام مقامهم في نصرة الإسلام والذبّ من سائر المسلمين.

١٩٣

ولا بأس أن تؤخذ الجزية من أهل الكتاب ممّا أخذوه من ثمن الخمور والخنازير والأشياء التي لا يحلّ للمسلمين بيعها والتّصرف فيها.

باب أحكام الأرضين وما يصح التصرف فيه منها بالبيع والشرى والتملك وما لا يصح

الأرضون على أربعة أقسام:

ضرب منها يسلم أهلها عليها طوعا من قبل نفوسهم من غير قتال، فتترك في أيديهم، ويؤخذ منهم العشر أو نصف العشر، وكانت ملكا لهم، يصحّ لهم التّصرّف فيها بالبيع والشّرى والوقف وسائر أنواع التّصرف.

وهذا حكم أرضيهم إذا عمروها وقاموا بعمارتها. فإن تركوا عمارتها، وتركوها خرابا، كانت للمسلمين قاطبة. وعلى الإمام أن يقبّلها ممّن يعمّرها بما يراه من النّصف أو الثّلث أو الرّبع. وكان على المتقبّل بعد إخراج حقّ القبالة ومئونة الأرض، العشر أو نصف العشر فيما يبقى في حصّته، إذا بلغ الى الحدّ الذي يجب فيه ذلك. وهو خمسة أوسق فصاعدا حسب ما قدّمناه.

والضّرب الآخر من الأرضين، ما أخذ عنوة بالسّيف، فإنّها تكون للمسلمين بأجمعهم. وكان على الإمام أن يقبّلها

١٩٤

لمن يقوم بعمارتها بما يراه من النّصف أو الثّلث أو الرّبع. وكان على المتقبّل إخراج ما قد قبل به من حقّ الرّقبة، وفيما يبقى في يده وخاصّه العشر أو نصف العشر.

وهذا الضّرب من الأرضين لا يصحّ التّصرف فيه بالبيع والشرى والتملّك والوقف والصّدقات. وللإمام أن ينقله من متقبّل إلى غيره عند انقضاء مدّة ضمانه، وله التّصرّف فيه بحسب ما يراه من مصلحة المسلمين. وهذه الأرضون للمسلمين قاطبة، وارتفاعها يقسم فيهم كلّهم: المقاتلة، وغيرهم. فإن المقاتلة ليس لهم على جهة الخصوص إلّا ما تحويه العسكر من الغنائم.

والضّرب الثّالث كلّ أرض صالح أهلها عليها، وهي أرض الجزية، يلزمهم ما يصالحهم الإمام عليه من النّصف أو الثّلث أو الرّبع، وليس عليهم غير ذلك.

فإذا أسلم أربابها، كان حكم أرضيهم حكم أرض من أسلم طوعا ابتداء، ويسقط عنهم الصّلح، لأنه جزية بدل من جزية رءوسهم وأموالهم، وقد سقطت عنهم بالإسلام. وهذا الضّرب من الأرضين يصحّ التّصرّف فيه بالبيع والشّرى والهبة وغير ذلك من أنواع التّصرف، وكان للإمام أن يزيد وينقض ما صالحهم عليه بعد انقضاء مدّة الصّلح حسب ما يراه من زيادة الجزية ونقصانها

١٩٥

والضّرب الرّابع، كلّ أرض انجلى أهلها عنها، أو كانت مواتا فأحييت، أو كانت آجاما وغيرها ممّا لا يزرع فيها، فاستحدثت مزارع.

فإن هذه الأرضين كلّها للإمام خاصة، ليس لأحد معه فيها نصيب، وكان له التّصرّف فيها بالقبض والهبة والبيع والشّرى حسب ما يراه، وكان له أن يقبّلها بما يراه من النّصف أو الثّلث أو الرّبع، وجاز له أيضا بعد انقضاء مدّة القبالة نزعها من يد من قبّله إيّاها وتقبيلها لغيره، إلّا الأرضين التي أحييت بعد مواتها، فإن الذي أحياها أولى بالتّصرف فيها ما دام يقبلها بما يقبلها غيره. فإن أبى ذلك، كان للإمام أيضا نزعها من يده وتقبيلها لمن يراه. وعلى المتقبّل بعد إخراجه مال القبالة والمؤن فيما يحصل في حصتّه، العشر أو نصف العشر.

باب الخمس والغنائم

الخمس واجب في جميع ما يغنمه الإنسان.

والغنائم كلّ ما أخذ بالسّيف من أهل الحرب الذين أمر الله تعالى بقتالهم من الأموال والسّلاح والكراع والثّياب والمماليك وغيرها ممّا يحويه العسكر وممّا لم يحوه.

ويجب الخمس أيضا في جميع ما يغنمه الإنسان من أرباح

١٩٦

التّجارات والزّراعات وغير ذلك بعد إخراج مئونته ومئونة عياله.

ويجب الخمس أيضا في جميع المعادن من الذّهب والفضّة والحديد والصّفر والملح والرّصاص والنّفط والكبريت وسائر ما يتناوله اسم المعدن على اختلافها.

ويجب أيضا الخمس من الكنوز المذخورة على من وجدها، وفي العنبر وفي الغوص.

وإذا حصل مع الإنسان مال قد اختلط الحلال بالحرام، ولا يتميّز له، وأراد تطهيره، أخرج منه الخمس، وحلّ له التّصرف في الباقي. وإن تميّز له الحرام، وجب عليه إخراجه وردّه الى أربابه. ومن ورث مالا ممّن يعلم أنّه كان يجمعه من وجوه محظورة مثل الرّبا والغضب وما يجري مجراهما، ولم يتميّز له المغصوب منه ولا الرّبا، أخرج منه الخمس، واستعمل الباقي، وحلّ له التّصرف فيه.

والذمّي إذا اشترى من مسلم أرضا، وجب عليه فيها الخمس.

وجميع ما قدّمناه ذكره من الأنواع، يجب فيه الخمس قليلا كان أو كثيرا، إلّا الكنوز ومعادن الذّهب والفضّة، فإنّه لا يجب فيها الخمس إلّا إذا بلغت إلى القدر الذي يجب فيه الزّكاة.

١٩٧

والغوص لا يجب فيه الخمس إلّا إذا بلغ قيمته دينارا.

وأمّا الغلّات والأرباح فإنّه يجب فيها الخمس بعد إخراج حق السّلطان ومئونة الرّجل ومئونة عياله بقدر ما يحتاج اليه على الاقتصاد.

والكنوز إذا كانت دراهم أو دنانير، يجب فيها الخمس فيما وجد منها، إذا بلغ إلى الحدّ الّذي قدّمناه ذكره. وإن كان ممّا يحتاج الى المؤنة والنّفقة عليه، يجب فيه الخمس بعد إخراج المؤنة منه.

باب قسمة الغنائم والأخماس

كلّ ما يغنمه المسلمون من دار الحرب من جميع الأصناف التي قدّمناه ذكرها، ممّا حواه العسكر يخرج منه الخمس. وأربعة أخماس ما يبقى يقسم بين المقاتلة. وما لم يحوه العسكر من الأرضين والعقارات وغيرها من أنواع الغنائم يخرج منه الخمس، والباقي تكون للمسلمين قاطبة: مقاتليهم وغير مقاتليهم، يقسمه الامام بينهم على قدر ما يراه من مئونتهم.

والخمس يأخذه الإمام فيقسمه ستّة أقسام:

قسما لله، وقسما لرسوله، وقسما لذي القربى. فقسم الله وقسم الرّسول وقسم ذي القربى للإمام خاصّة، يصرفه في أمور نفسه وما يلزمه من مئونة غيره.

١٩٨

وسهم ليتامى آل محمّد، وسهم لمساكينهم، وسهم لأبناء سبيلهم. وليس لغيرهم شي‌ء من الأخماس. وعلى الإمام أن يقسم سهامهم فيهم على قدر كفايتهم ومئونتهم في السّنة على الاقتصاد. فإن فضل من ذلك شي‌ء، كان له خاصّة. وإن نقص كان عليه أن يتمّ من خاصّته.

وهؤلاء الذين يستحقّون الخمس، هم الذين قدّمنا ذكرهم ممّن تحرم عليهم الزّكاة، ذكرا كان أو أنثى. فإن كان هناك من أمّه من غير أولاد المذكورين، وكان أبوه منهم، حلّ له الخمس، ولم تحلّ له الزّكاة. وإن كان ممّن أبوه من غير أولادهم، وأمّه منهم، لم يحلّ له الخمس، وحلّت له الزّكاة.

باب الأنفال

الأنفال كانت لرسول الله خاصّة في حياته، وهي لمن قام مقامه بعده في أمور المسلمين. وهي كلّ أرض خربة قد باد أهلها عنها. وكلّ أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب أو يسلّمونها هم بغير قتال، ورءوس الجبال وبطون الأودية والآجام والأرضون الموات التي لا أرباب لها، وصوافي الملوك وقطائعهم ممّا كان في أيديهم من غير وجه الغصب، وميراث من لا وارث له.

وله أيضا من الغنائم قبل أن تقسم: الجارية الحسناء،

١٩٩

والفرس الفاره، والثّوب المرتفع، وما أشبه ذلك ممّا لا نظير له من رقيق أو متاع.

وإذا قاتل قوم أهل حرب من غير أمر الإمام، فغنموا، كانت غنيمتهم للإمام خاصّة دون غيره.

وليس لأحد أن يتصرف فيما يستحقّه الإمام من الأنفال والأخماس إلّا بإذنه. فمن تصرّف في شي‌ء من ذلك بغير إذنه، كان عاصيا، وارتفاع ما يتصرّف فيه مردود على الإمام. وإذا تصرّف فيه بأمر الإمام، كان عليه أن يؤدي ما يصالحه الإمام عليه من نصف أو ثلث أو ربع.

هذا في حال ظهور الإمام. فأمّا في حال الغيبة، فقد رخّصوا لشيعتهم التصرّف في حقوقهم ممّا يتعلّق بالأخماس وغيرها فيما لا بدّ لهم منه من المناكح والمتاجر والمساكن. فأمّا ما عدا ذلك، فلا يجوز له التصرّف فيه على حال.

وما يستحقّونه من الأخماس في الكنوز وغيرها في حال الغيبة فقد اختلف قول أصحابنا فيه، وليس فيه نصّ معيّن إلا أنّ كلّ واحد منهم قال قولا يقتضيه الاحتياط.

فقال بعضهم: إنّه جار في حال الاستتار مجرى ما أبيح لنا من المناكح والمتاجر.

وقال قوم: إنّه يجب حفظه ما دام الإنسان حيا. فإذا حضرته الوفاة، وصّى به الى من يثق به من إخوانه المؤمنين

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

لظهوره فيه أو كونه متيقنا منه ولو لم يكن ظاهرا فيه بخصوصه حسب اختلاف مراتب الانصراف كما انه منها ما لا يوجب ذا ولا ذاك بل يكون بدويا زائلا بالتأمل كما انه منها ما يوجب الاشتراك أو النقل (لا يقال): كيف يكون ذلك وقد تقدم ان التقييد لا يوجب التجوز في المطلق أصلا ؟ (فانه يقال): - مضافا إلى انه إنما قيل لعدم استلزامه له لا عدم امكانه فان استعمال المطلق في المقيد بمكان من الامكان أن كثرة ارادة المقيد لدى اطلاق المطلق ولو بدال آخر ربما تبلغ بمثابة توجب له مزية أنس كما في المجاز المشهور أو تعيينا واختصاصا به كما في المنقول بالغلبة فافهم (تنبيه) وهو انه يمكن ان يكون للمطلق

______________________________

سيرة من لا ينسب إليه القول المذكور كالسلطان وغيره ؟ (قوله: لظهوره فيه أو كونه) اشارة إلى أنواع الانصراف وهي كثيرة (الاول) الخطوري بمعنى محض ؟ حخطور بعض الافراد أو الاصناف في الذهن من دون أن يكون موجبا للشك والتردد أصلا كحضور ماء الفرات من لفظ الماء لمن كان نزيل الفرات وماء دجلة لمن كان نزيلها وهكذا (الثاني) التشكيك البدوي وهو ما يوجب الشك لكن يزول بالتأمل (الثالث) ما يوجب الشك المستقر وهذا يوجب الاجمال والتوقف عند المعارضة مع اصالة الحقيقة وفي المقام يوجب وجود القدر المتقين (الرابع) ما يوجب الظهور بحيث يرجح على أصالة الحقيقة وفى المقام يكون قرينة على التقييد (الخامس) ما يوجب الاشتراك (السادس) ما يوجب النقل وهذه الانواع مترتبة في القوة والضعف فالاولان لا يقدحان في الاطلاق والبواقي تقدح فيه والاخيران يوجبان مع ذلك رفع صلاحية اللفظ للاطلاق فافهم (قوله: كيف يكون) يعني كيف يؤدي الانصراف إلى خصوص بعض الافراد إلى الاشتراك أو النقل مع أن الاستعمال في المقيد حقيقة وليس معنى آخر كي يصح فرض الاشتراك والنقل فيه (قوله: لعدم استلزامه) يعني ان مرادهم عدم استلزام المجاز لا عدم إمكان المجاز فانه يمكن ان يكون مجازا حيث يستعمل فيه بلحاظ الخصوصية فانه

٥٦١

جهات عديدة كان واردا في مقام البيان من جهة منها وفي مقام الاهمال أو الاجمال من اخرى فلا بد في حمله على الاطلاق بالنسبة إلى جهة من كونه بصدد البيان من تلك الجهة ولا يكفى كونه بصدده من جهة اخرى إلا إذا كان بينهما ملازمة عقلا أو شرعا أو عادة كما لا يخفى

______________________________

غير المطلق وإنما يكون حقيقة حيث يستعمل فيه لا بعنوان الخصوصية بل بعنوان نفس الطبيعة (قوله: جهات عديدة كان) لا ريب في ان القيد المحتمل الاعتبار في موضوع الحكم تارة يكون واحدا وأخرى يكون متعددا فموضوع الحكم في الاول يكون ذا جهة واحدة وفي الثاني يكون ذا جهات متعددة بتعدد القيود فإذا كان المتكلم في مقام البيان بالنظر إلى جميع القيود ولم تكن قرينة على احدها كان الكلام مطلقا كذلك، وان كان في مقام البيان بالنظر إلى بعض القيود دون بعض كان مطلقا بالنظر إلى ذلك البعض دون غيره فلا يكون الكلام مطلقا بالنظر إلى جميع القيود بمجرد كون المتكلم في مقام البيان بالنظر إلى بعضها فإذا دل الدليل على العفو عما لا تتم الصلاة به من المتنجس لا يستفاد منه جواز الصلاة فيه إذا كان مما لا يؤكل لحمه أو كان مغصوبا أو حريرا حيث أنه ليس الا في مقام بيان العفو عن النجاسة لا غير وكذا ما دل على العفو عما دون الدرهم من الدم لا يدل على جواز الصلاة فيه إذا كان مما لا يؤكل لحمه (قوله: بينهما ملازمة) بأن كان ثبوت الحكم من الجهة المقصودة يقتضي ثبوته من الجهة غير المقصودة فان الكلام يكون حجة بالاضافة إلى الجهتين معا لان ما هو حجة على أحد المتلازمين يكون حجة على الملازم الآخر ومثل لذلك بما ورد من صحة الصلاة في ثوب فيه عذرة فانه يدل على صحة الصلاة في خرء ما لا يؤكل لحمه فان العفو عن النجاسة لو لم يستلزم العفو عن خرء ما لا يؤكل لحمه لم يكن فعليا حيث أن كل خرء نجس فهو مما لا يؤكل لحمه وظاهر

٥٦٢

فصل

إذا ورد مطلق ومقيد متنافيين فاما يكونان مختلفين في الاثبات والنفى وإما يكونان متوافقين فان كانا مختلفين مثل (أعتق رقبة) (ولا تعتق رقبة كافرة) فلا اشكال في التقييد وان كانا متوافقين فالمشهور فيهما الحمل والتقييد وقد استدل بانه جمع بين الدليلين وهو أولى وقد أورد عليه بامكان الجمع على وجه آخر مثل حمل الامر في المقيد على الاستحباب واورد عليه بان التقييد ليس تصرفا في معنى اللفظ وانما هو تصرف في وجه من وجوه المعنى اقتضاه تجرده عن القيد مع تخيل وروده في مقام بيان تمام المراد وبعد الاطلاع على ما يصلح للتقييد نعلم وجوده على على وجه الاجمال فلا اطلاق فيه حتى يستلزم تصرفا فلا يعارض ذلك بالتصرف في المقيد بحمل امره على الاستحباب " وانت خبير " بان التقييد أيضا يكون تصرفا في المطلق لما عرفت من ان الظفر بالمقيد لا يكون كاشفا عن عدم ورود المطلق في مقام البيان بل عن عدم كون الاطلاق الذي هو ظاهر بمعونة الحكمة بمراد جدي غاية الامر ان التصرف

______________________________

*

الدليل كون نفي البأس فعليا فيدل على نفي البأس من الجهة الاخرى (قوله: فلا اشكال في التقييد) وكأنه من جهة أن ظهور النهي في الحرمة أقوى من ظهور كون المتكلم في مقام البيان أو اصالة عدم القرينة وان كان قد يتفق ما يوجب ضعف الظهور فيحمل على الكراهة مثل: لا تصل في الحمام أو السبخة أو وادي ضجنان بالاضافة إلى قوله صلى الله عليه وآله: جعلت لى الارض مسجدا وطهورا (قوله: واورد عليه بان) هذا أورده في التقريرات جريا على مبناه المتقدم (قوله: نعلم وجوده) قد عرفت أن العلم المذكور ان كان وجدانيا فهو غير محل الفرض وان كان من جهة أصالة الظهور في المقيد فهي معارضة بالاصول الجارية في المطلق المقتضية لاطلاقه وتقديمها عليها بقول مطلق غير ظاهر الوجه لعدم التقدم الرتبي فلا بد أن يكون المقدم هو الاقوى ايا ما كان (قوله: وانت خبير)

٥٦٣

فيه بذلك لا يوجب التجوز فيه مع ان حمل الامر في المقيد على الاستحباب لا يوجب تجوزا فيه فانه في الحقيقة مستعمل في الايجاب فان المقيد إذا كان فيه ملاك الاستحباب كان من افضل افراد الواجب لا مستحبا فعلا ضرورة ان ملاكه لا يقتضى استحبابه إذا اجتمع مع ما يقتضي وجوبه. نعم فيما إذا كان احراز كون المطلق في مقام البيان بالاصل كان من التوفيق بينهما حمله على انه سيق في مقام الاهمال على خلاف مقتضى الاصل " فافهم " ولعل وجه التقييد كون ظهور اطلاق الصيغة في الايجاب التعييني أقوى من ظهور المطلق في الاطلاق وربما يشكل بانه يقتضى التقييد في باب المستحبات مع أن بناء المشهور على حمل الامر بالمقيد فيها على تأكد الاستحباب اللهم الا ان يكون الغالب في هذا الباب

______________________________

وقدم تقدم الكلام فيه (قوله: من أفضل أفراد) هذا مع قطع النظر عن ظهوره في التعيين والا فكونه من أفضل الافراد لا يصحح الامر به تعيينا فالامر به تعيينا لابد أن يحمل على الاستحباب (قوله: إذا اجتمع مع ما يقتضي) هذا إذا كان ملاك الوجوب تعيينيا أيضا أما لو كان تخييريا وملاك الاستحباب تعيينيا لابد أن يحمل الامر به تعيينيا على الاستحباب نعم يمكن ان يعارض ما ذكر المورد بأن حمل الامر على الاستحباب ايضا لا يستلزم تصرفا في اللفظ لان دلالة الامر على الوجوب بالاطلاق فلا وجه لتقديم تقييد الموضوع على تقييد اطلاق الصيغة (قوله: في مقام البيان) يعني المراد الاستعمالي (قوله: من التوفيق بينهما) وعليه فيدور الامر دائما بين التصرف في الاطلاق والتصرف في الاصل المذكور الذي هو من مبادئ الاطلاق والتصرف في المقيد بحمله على الاستحباب فتعين التوفيق المذكور يتوقف على المرجح ولعله اشار إليه بقوله: فافهم (قوله: أقوى من ظهور المطلق) وتوهم ان الوجوب التعييني لا ينافي الاطلاق لجواز أن يكون في المقيد ملاك الوجوب التعييني وملاك الوجوب التخييري مندفع بأن الكلام في فرض التنافي بينهما بالعلم بوحدة الحكم ولو بالعلم

٥٦٤

هو تفاوت الافراد بحسب مراتب المحبوبية فتأمل أو أنه كان بملاحظة التسامح في أدلة المستحبات وكان عدم رفع اليد من دليل استحباب المطلق بعد مجئ دليل المقيد وحمله على تأكد استحبابه من التسامح(١) فيها " ثم " أن الظاهر انه لا يتفاوت فيما ذكرنا بين المثبتين

______________________________

بوحدة السبب فانه يمتنع أن يكون الحكم الواحد قائما بالمطلق والمقيد معا (قوله: تفاوت الافراد) فان غلبة التفاوت المذكور تمنع من احراز وحدة المسبب فيجوز أن يكون بعض مراتب الفضل قائما بالمطلق وبعضها قائما بالمقيد وبه يكون المقيد موضوعا للاستحباب التعييني مع كون المطلق باطلاقه موضوعا له ايضا، (فان قلت): غلبة تفاوت الافراد في الفضل لا تختص بالمستحبات بل هي في الواجبات ايضا فهلا يحمل الامر بالمقيد فيها على الاستحباب التعييني ؟ (قلت): الغلبة المذكورة لا تصلح للتصرف في الامر بحمله على الاستحباب وإنما صلحت في المستحبات للمنع عن احراز وحدة الحكم فقط وأما أصل الاستحباب فمستفاد من الخارج كما هو مقتضى فرض كون المورد مستحبا فمحصل الفرق بين الواجبات والمستحبات إحراز التنافي في الاولى بين المطلق والمقيد الموجب لحمل الاول على الثاني وعدم احرازه في الثانية فلا موجب للحمل (قوله: المحبوبية فتأمل) يمكن أن يكون اشارة إلى السؤال المتقدم وجوابه (قوله: من التسامح فيها) بان كان يصدق: من بلغه ثواب على... الخ بالنسبه إلى المطلق فيحكم باستحبابه لذلك لكن لازم ذلك الحكم باستحباب المطلق في الواجبات بعد التقييد لعين التقريب المذكور لكن الظاهر عدم تماميته في البابين معا لان المقيد من قبيل

______________

(١) ولا يخفى انه لو كان حمل المطلق على المقيد جمعا عرفيا كان قضيته عدم الاستحباب إلا للمقيد وحينئذ إن كان بلوغ الثواب صادقا على المطلق كان استحبابه تسامحيا والا فلا استحباب له وحده كما لا وجه بناء على هذا الحمل وصدق البلوغ يأكد الاستحباب في المقيد فافهم. " منه قدس سره " (*)

٥٦٥

والمنفيين بعد فرض كونهما متنافيين كما لا يتفاوتان في استظهار التنافي بينهما من استظهار اتحاد التكليف من وحدة السبب وغيره من قرينة حال أو مقال حسبما يقتضيه النظر فليتدبر (تنبيه) لا فرق فيما ذكر من الحمل في المتنافيين بين كونهما في بيان الحكم التكليفي وفي بيان الحكم الوضعي فإذا ورد مثلا أن البيع سبب وأن البيع الكذائي سبب وعلم أن مراده إما البيع على اطلاقه أو البيع الخاص فلا بد من التقييد لو كان ظهور دليله في دخل التقييد أقوى من ظهور دليل الاطلاق فيه كما هو ليس ببعيد ضرورة تعارف ذكر المطلق وارادة المقيد بخلاف العكس الغاء القيد وحمله على انه غالبي أو على وجه آخر فانه على خلاف المتعارف (تبصرة) لا تخلو من تذكرة وهي أن قضية مقدمات الحكمة في المطلقات تختلف حسب اختلاف المقامات

______________________________

القرائن المتصلة المانعة من دليلية المطلق من حيث الدلالة فلا تجبره أدلة التسامح لانها ظاهرة في جبران السند لا الدلالة (قوله: والمنفيين) لا يخفى أن المطلق في المنفيين لما كان منحلا إلى أحكام متعددة بتعدد أفراده كان المقيد منهيا عنه تعيينا فحمل النهي في المقيد على انه من جهة ان المقيد أحد الافراد لا يستلزم تصرفا في صيغة النهي من حيث التعيين والتخيير كما كان يستلزمه في المثبتين غاية الامر انه لابد أن يكون وجه مقتض للتنصيص عليه وعليه فلا موجب للتقييد وحمل المطلق على المقيد مع احتمال أن يكون الوجه المصحح للتنصيص عليه الاهتمام به الناشئ من تأكد ملاك النهي فيه أو ندرة وجوده أو شيوعه أو غير ذلك من الوجوه المصححة للتنصيص عليه بالخصوص (قوله: من وحدة السبب و) والا فمقتضى الجمود على نفس المطلق والمقيد البناء على تعدد الطلب لتعدد المطلوب إذ المطلق يغاير المقيد غاية الامر أن يكون المقيد موضوعا لطلب متأكد لامتناع اجتماع المثلين فيه (قوله: ليس ببعيد) بل بعيد جدا كما عرفت وجهه في المنفيين (قوله: خلاف المتعارف) هذا ممنوع نعم هو خلاف الظاهر

٥٦٦

فانها (تارة) يكون حملها على العموم البدلي (وأخرى) على العموم الاستيعابي (وثالثة) على نوع خاص مما ينطبق عليه حسب اقتضاء خصوص المقام واختلاف الآثار والاحكام كما هو الحال في سائر القرائن بلا كلام فالحكمة في اطلاق صيغة الامر تقتضي أن يكون المراد خصوص الوجوب التعييني العيني النفسي فان ارادة غيره تحتاج إلى مزيد بيان ولا معنى لارادة الشياع فيه فلا محيص عن الحمل عليه فيما إذا كان بصدد البيان كما انها قد تقتضي العموم الاستيعابي كما في (أحل الله البيع) إذا أراد البيع مهملا أو مجملا ينافي ما هو المفروض من كونه بصدد البيان وارادة العموم البدلي لا يناسب المقام ولا مجال لاحتمال ارادة بيع اختاره المكلف أي بيع كان مع انها تحتاج إلى نصب دلالة عليها لا يكاد يفهم بدونها من الاطلاق ولا يصح قيامه على ما إذا اخذ في متعلق الامر فان العموم الاستيعابي لا يكاد يمكن ارادته وارادة غير العموم البدلي وان كانت ممكنة الا انها منافية للحكمة وكون المطلق بصدد البيان.

______________________________

لكن يجوز ارتكابه في مقابل التصرف في المطلق بالتقييد (قوله: فانها تارة يكون) ضمير (انها) راجع إلى المطلقات وضمير (يكون) إلى قضية المقدمات (قوله: فان ارادة) قد تقدم بيان الحال في ذلك في مباحث الامر (قوله: كما انها قد تقتضي) الظاهر أن مقتضى المقدمات في جميع الموارد واحد وهو صرف الماهية وأما الاستيعاب والعموم البدلي وغيرهما فانما تستفاد من القرائن المكتنفة بالمقام مثل الورود مورد الامتنان في مثل: " أحل الله البيع " أو مناسبة الحكم للموضوع في مثل: " أكرم العالم " و " أهن الفاسق " أو غيرهما في غيرهما (قوله: لا يكاد يمكن) فانه تكليف بما لا يطاق غالبا (قوله: وارادة غير العموم) مثل ما يختاره المكلف (قوله: منافية للحكمة) لعدم القرينة عليه.

٥٦٧

فصل في المجمل والمبين

والظاهر أن المراد من المبين في موارد إطلاقه الكلام الذي له ظاهر ويكون بحسب متفاهم العرف قالبا لخصوص معنى. والمجمل بخلافه فما ليس له ظهور مجمل وان علم بقرينة خارجية ما اريد منه كما ان ماله الظهور مبين وان علم بالقرينة الخارجية انه ما اريد ظهوره وأنه مأول ولكل منهما في الآيات والروايات وان كان أفراد كثيرة لا تكاد تخفى الا ان لهما أفرادا مشتبهة وقعت محل البحث والكلام للاعلام في انها من أفراد أيهما كآية السرقة

______________________________

فصل في المجمل والمبين

(قوله: وان علم بالقرينة) هذا تعريض بما في التقريرات من عده من المجمل واستشهد عليه بما تقدم من الحكم بسراية اجمال الخاص إلى العام ولا يخفى أنه ليس من الاجمال في الكلام بل في المراد الا أن يكون اصطلاح عليه كما قد يظهر منه فانه قسم المجمل على قسمين الاول ما لم تتضح دلالته والآخر ما له ظاهر غير مراد للمتكلم ومثل له بالعام الذي علم اجمالا تخصيصه والمطلق الذي علم اجمالا تقييده (قوله: كآية السرقة) وهي قوله تعالى: (السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) ووجه الاجمال إما لان اليد تستعمل في الانامل والاصابع ونفس الكف وما ينتهي إلى المرفق وما ينتهي إلى المنكب وليس في الآية الشريفة قرينة على تعيين المراد. وإما لان تعليق القطع باليد مجمل إذ لا ظهور له في محل القطع نظير قولك: قطعت الحبل، حيث يتردد محل القطع بين كل جزء من أجزائه ويمكن دفع الاول بأن اليد حقيقة في العضو المتصل بالمنكب والاستعمال في غيره اعم من الحقيقة والثاني بأن الظاهر من إيراد القطع على شئ متصل بغيره قطعه من محل الاتصال بالغير فالظاهر من الآية قطع اليد من المنكب ونحوه قطعت الاصبع والكف والذراع والعضد ولا وجه لقياسه بقطع الحبل ولو منع ذلك كان مقتضى الاطلاق الاكتفاء

٥٦٨

ومثل (حرمت عليكم أمهاتكم) و (أحلت لكم بهيمة الانعام) مما اضيف التحليل إلى الاعيان ومثل (لا صلاة الا بطهور) ولا يذهب عليك أن اثبات الاجمال أو البيان لا يكاد يكون بالبرهان لما عرفت من أن ملاكهما أن يكون للكلام ظهور ويكون قالبا لمعنى وهو مما يظهر بمراجعة الوجدان فتأمل. ثم لا يخفى أنهما وصفان اضافيان ربما يكون مجملا عند واحد لعدم معرفته بالوضع أو لتصادم ظهوره بما حف به لديه ومبينا لدى الآخر لمعرفته وعدم التصادم بنظره فلا يهمنا التعرض لموارد الخلاف والكلام والنقض والابرام في المقام وعلى الله التوكل وبه الاعتصام.

______________________________

بالقطع من أي موضوع كان من اليد (قوله: ومثل حرمت عليكم) وجه الاجمال في آيات التحليل والتحريم امتناع تعلقهما بالاعيان فلابد من التقدير والصالح للتقدير متعدد وليس بعضه معينا إذ لا قرينة ويمكن دفعه بأن الاطلاق يقتضي تقدير كل ما هو صالح للتقدير من افعال المكلف المتعلقة بتلك الاعيان ولو بتقدير الجامع بينها الا ان يكون جهة ظاهرة ينصرف إليها الكلام كما في الآيتين الشريفتين ولذا لم يتوهم أحد من الصحابة إجمال آية تحريم الامهات من جهة احتمال كل من اللمس والنظر والكلام والتعظيم وغير ذلك (قوله: ومثل لا صلاة إلا بطهور) ووجه الاجمال أنه - بناء على الاعم - يمكن تقدير الصحة كما يمكن تقدير الكمال ولا قرينة معينة لاحدهما ويمكن دفعه بان الصحة أقرب عرفا واعتبارا إلى نفي الذات من نفي الكمال والاقرب كذلك يكون أظهر (قوله: ولا يذهب عليك) هذا تعريض بكل من تعرض لاثبات دعوى الاجمال والبيان بالبرهان كما صنعه جماعة إذ الظهور وعدمه من الوجدانيات التي لا يرجع فيها إلا إلى الوجدان إلا أن يكون المقصود من سوق البرهان تنبيه النفس على ما هو ثابت بالوجدان ولعله إليه أشار بقوله: فتأمل، والله سبحانه أعلم. إلى هنا انتهى ما أردنا ايراده تعليقا على كلام شيخنا واستاذنا المحقق العلامة - أعلى الله مقامه - والحمد لله أولا

٥٦٩

وآخرا وظاهرا وباطنا وله جزيل الشكر على ما منحنا من التوفيق لذلك فنسأله أن يجعله خالصا لوجهه الكريم إنه خير مسؤول وهو حسبنا ونعم الوكيل. قد وقع الفراغ من تأليفه في (النجف الاشرف) بيمن الحضرة المقدسة على ساكنها أفضل السلام بتاريخ ثالث صفر المظفر من السنة الخامسة والاربعين بعد الالف والثلثمائة من الهجرة النبوية على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام والتحية بقلم الفقير إلى رحمة ربه الغني (محسن) ابن العلامة المرحوم السيد (مهدى) الطباطبائي الحكيم طاب ثراه

٥٧٠

فهرس الجزء الأوّل

تقديم ٣

موضوع العلم ٦

تمايز العلوم تمايز الموضوعات ١٠

موضوع علم الاصول ١٢

تعريف علم الاصول ١٥

الوضع ١٧

حقيقة الوضع ١٨

اقسام الوضع ٢٠

المعني الحرفي ٢٢

تحقيق المعني الحرفي ٢٣

الخبر والانشاء ٢٧

أسماء الاشارة ٢٩

اطلاق اللفظ وارادة نوعه أو صنفه أو مثله ٣١

اطلاق اللفظ واردة شخصه ٣٣

تبعية الدلالة للارادة ٣٦

توجيه ماحكي عن العلمين ٣٨

وضع المركبات ٤٠

التبادر ٤٢

صحة السلب ٤٤

الاطراد ٤٥

احوال اللفظ ٤٧

الحقيقة الشرعية ٤٧

الصحيح والاعم ٥٣

معنى الصحة ٥٥

القدر الجامع على القول بالصحيح ٥٦

تصوير الجامع على القول بالاعم ٦٠

ثمرة النزاع بين القول بالصحيح والقول بالاعم ٦٦

وجوه القول بالصحيح ٧٠

وجوه القول بالأعم ٧٣

اسماء المعاملات موضوعة للصحيحة أو للاعم؟ ٨٠

أقسام دخل الشيء في المأمور به ٨٥

الاشتراك ٨٧

استعمال المشترك في اكثر من معنى ٨٩

بطون القرآن ٩٥

المشتق ٩٦

أدلة المختار ١١٢

الاشكال على الاستدلال بصحة السلب ١١٥

حجة القول بالوضع للأعم ١١٦

بساطة المشتق ١٢٠

المراد من بساطة المفهوم ١٢٨

الفرق بين المشتق ومبدئه ١٣٠

ملاك الحمل ١٣٣

يكفي في الحمل المغايرة مفهوما ١٣٦

الصفات الجارية عليه تعالى ١٣٨

المقصد الاول في الاوامر ١٤٠

معني مادة الأمر ١٤١

اعتبار العلو في معني الأمر ١٤٣

الطلب والارادة ١٤٤

اشكال في التكليف ١٥٠

دفع الاشكال ١٥٢

الارادة التشريعية والتكوينية ١٥٣

اشكال العقاب على المعاصي ١٥٤

حل الاشكال ١٥٥

صيغة الامر و معانيها ١٥٦

الصيغ الانشائية ١٥٨

هل الصيغة حقيقة في الوجوب؟ ١٥٩

الجمل الخبرية في مقام الطلب ١٦١

التعبدي والتوصلى ١٦٥

معني قصد التقرب المعتبر في العبادة ١٦٦

تصوير أخذ قصد القربة في متعلق الأمر ١٦٧

الاشكال على تقييد المامور به بداعي الأمر ١٦٨

تأسيس الاصل في الشك في اعتبار قصد القربة ١٧٦

اقتضاء اطلاق الصيغة كون الوجوب نفسيا تعيينيا عينيا ١٧٩

وقوع الامر عقيب الحظر ١٨٠

المرة والتكرار ١٨١

الفرق بين المسألة ومسألة تعلق الأمر بالطبايع والافراد ١٨٤

الفور والتراخى ١٨٨

الاجزاء ١٩١

معني الاجزاء ١٩٣

الفرق بين مسألة الاجزاء ١٩٤

اجزاء الاتيان بالمأمور به عن امره ومسألة المرة والتكرار ١٩٥

اجزاء الاتيان بالمأمور به بالامر الاضطراري عن الأمر الواقعي ١٩٦

الكلام في المسألة ثبوتا ١٩٦

الكلام في المسألة اثباتا ١٩٩

اجزاء الاتيان بالمأمور به بالامر الظاهري عن الأمر الواقعي ٢٠٤

تحقيق في مفاد قوله (عليه السلام): كل شي نضيف ٢٠٤

عدم الاجزاء في صورة القطع بخلاف الواقع ٢١٣

الفرق بين التصويب والاجزاء ٢١٤

في مقدمة الواجب ٢١٥

تقسيم المقدمة إلى داخلية و خارجية ٢١٦

تقسيم المقدمة إلى عقلية وشرعية وعادية ٢٢١

تقسيم المقدمة إلى مقدمة الوجود والصحة والوجوب والعلم ٢٢٢

تقسيم المقدمة إلى متقدمة ومقارنة ومتأخرة ٢٢٤

تحقيق الشرط المتأخر ٢٢٥

تقسيم الواجب إلى المطلق والمشروط ٢٣٠

تحقيق في الوجوب التعليقي ٢٣١

في ان المقيد في الواجب المشروط هو المادة او الهيئة ٢٣٣

وجوب المعرفة والتعلم ٢٤١

تقسيم الواجب إلى معلق ومنجز ٢٤٣

وجوه دفع الاشكال في فعلية وجوب المقدمة قبل فعلية ذيها ٢٤٩

تردد القيد بين رجوعه للمادة او الهيئة ٢٥٣

ترجيح اطلاق الهيئة على اطلاق المادة ٢٥٣

اشكال على الترجيح المذكور ٢٥٥

تقسيم الواجب إلى نفسي وغيري ٢٥٧

دوران الامر بين كون الواجب نفسياً أو غيريا ٢٥٩

في ان الامر الغيري توصلي وان موافقته ومخالفته لا توجب ثوابا ولا عقابا ٢٦٢

اشكال التقرب في الطهارات الثلاث ٢٦٣

دفع الاشكال المذكور ٢٦٤

اشتراط وجوب المقدمة ٢٦٩

قصد التوصل باردة ذيها ٢٧٠

المقدمة الموصلة ٢٧٤

ثمرة المقدمة الموصلة ٢٨٥

الاصلى والتبعى ٢٨٨

ثمرة وجوب المقدمه ٢٩٠

تأسيس الاصل في وجوب المقدمة ٢٩٤

البرهان على وجوب المقدمة ٢٩٦

برهان أبي الحسن البصري والاشكال عليه ٢٩٧

التفصيل بين السبب وغيره ٢٩٩

التفصيل بين الشرط الشرعي و غيره ٣٠٠

مقدمة المستحب والحرام والمكروه ٣٠٠

في مسألة الضد ٣٠٢

في ان التحقيق عدم مقدمية ترك احد الضدين للآخر ٣٠٣

في ان التلازم لا يقتضي حرمة الضد ٣١٢

الترتب ٣١٥

أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه ٣٢٣

تعلق الاوامر والنواهي بالطبايع أو الافراد ٣٢٥

نسخ الوجوب ٣٣٠

الواجب التخييري ٣٣٢

الواجب الكفائي ٣٣٧

الواجب الموقت ٣٣٨

الامر بالامر ٣٤٢

المقصد الثاني في النواهي ٣٤٤

مفاد صيغة النهي ٣٤٤

دلالة النهي على الدوام ٣٤٧

في اجتماع الامر والنهى ٣٤٩

الفرق بين مسألة الاجتماع ومسألة النهي في العبادة ٣٥٠

في ان مسألة الاجتماع عقليه ٣٥٤

في ان النزاع لا يختص بالوجوب والحرمة التعيينيين ٣٥٥

اعتبار المندوحة ٣٥٦

عدم ابتناء النزاع على القول بتعلق الاحكام بالطبائع ٣٥٧

اعتبار وجود المناط في مورد التصادق ٣٥٩

فيما يستكشف به المناط ٣٦١

الامتثال بالجمع على القولين وبالنسبة إلى حالات المكلف ٣٦٢

دليل الامتناع ٣٦٨

دليل الجواز من العلم والجهل قصورا و تقصيراً ٣٧٥

العبادات المكروهة ٣٧٦

دفع الشكال الكراهة في العبادات ٣٧٧

تنبيهات الاجتماع ٣٨٨

توسط الارض المغصوبة ٣٨٨

الصلاة في الدار المغصوبة اضطراراً ٤٠٢

التنبيه الثاني ٤٠٦

وجوه ترجيح النهي على الأمر في حال الاجتماع ٤١١

التنبيه الثالث ٤٢٠

النهى عن الشئ هل يقتضى فساده؟ ٤٢١

اقسام متعلق النهي ٤٣٢

النهي عن العبادة ٤٣٦

النهي عن المعاملة ٤٤٠

المقصد الثالث في المفاهيم ٤٤٥

مفهوم الشرط ٤٥١

فرض تعدد الشرط ٤٥٩

كيفية مع في تعدد الشرط ٤٦٠

اذا تعدد الشرط واتحد الجزاء ٤٦٢

الكلام في مفهوم الوصف ٤٦٩

مفهوم الغاية ٤٧٤

مفهوم الاستثناء ٤٧٦

مفهوم اللقب والعدد ٤٨١

المقصد الرابع في العام والخاص ٤٨٢

صيغ العموم ٤٨٦

العام المخصص حجة في الباقي ٤٨٩

العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص ٥١٥

الخطابات الشفاهية تعم الغائبين بل المعدومين؟ ٥١٩

ثمرة القول بالعموم ٥٢٤

تعقب العام بضمير يرجع إلى بعض افراده ٥٢٨

التخصيص بالمفهوم المخالف ٥٣٠

الاستثناء المتعقب للجمل متعددة ٥٣١

تخصيص العام الكتابي بخبر الواحد ٥٣٣

تعارض العام والخاص ٥٣٦

حقيقة النسخ ٥٤٠

الثمرة المترتبة على النسخ والتخصيص ٥٤٤

المقصد الخامس في المطلق والمقيد والمجمل والمبين ٥٤٥

اسم الجنس ٥٤٥

علم الجنس ٥٤٧

المفرد المعرف باللام ٥٥١

النكرة ٥٥٢

مقدمات الحكمة ٥٥٥

اذا شك في كون المتكلم في مقام البيان ٥٦٠

المطلق والمقيد المتنافيان ٥٦٣

فصل في المجمل والمبين ٥٦٨

٥٧١