الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي0%

الأمالي الشيخ الطوسي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 799

الأمالي الشيخ الطوسي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)
تصنيف: الصفحات: 799
المشاهدات: 898070
تحميل: 9557


توضيحات:

الأمالي الشيخ الطوسي المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 799 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 898070 / تحميل: 9557
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

المؤوي لطريد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لكنكم صرتم بعده الامراء، وبايعكم على ذلك الاعداء وأبناء الاعداء.

قال: فحملناه، فأتينا به قبر أمه فاطمةعليها‌السلام فدفناه إلى جنبها (رضي الله عنه وأرضاه).

قال ابن عباس: وكنت أول من انصرف فسمعت اللغط وخفت أن يعجل الحسينعليه‌السلام على من قد أقبل، ورأيت شخصا علمت الشر فيه، فأقبلت مبادرا فإذا أنا بعائشة في أربعين راكبا على بغل مرحل تقدمهم وتأمرهم بالقتال، فلما رأتني قالت: إلي إلي يابن عباس، لقد اجترأتم علي في الدنيا تؤذونني مرة بعد أخرى، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا أحب.

فقلت: واسوأتاه! يوم على بغل، ويوم على جمل، تريدين أن تطفئي فيه نور الله، وتقاتلي أولياء الله، وتحولي بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين حبيبه أن يدفن معه، ارجعي فقد كفى الله (تعالى) المؤنة، ودفن الحسن إلى جنب أمه، فلم يزدد من الله (تعالى) إلا قربا، وما ازددتم منه والله إلا بعدا، يا سوأتاه! انصرفي فقد رأيت ما سرك.

قال: فقطبت في وجهي، ونادت بأعلى صوتها: أما نسيتم الجمل يابن عباس، إنكم لذووا أحقاد. فقلت: أما والله ما نسيه أهل السماء، فكيف ينساه أهل الارض؟! فانصرفت وهي تقول:

فألقت عصاها فاستقرت بها النوى

كما قرعينا بالاياب المسافر

٢٦٨/٢٠ - حدّثنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن. قولويهرحمه‌الله ، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب الزراد، عن أبي محمّد الانصاري، عن معاوية بن وهب، قال: كنت جالسا عند جعفر بن محمّدعليهما‌السلام إذ جاء شيخ قد انحنى من الكبر، فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته. فقال له أبوعبدالله: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، يا شيخ ادن مني، فدنا منه فقبل يده فبكى، فقال له أبوعبداللهعليه‌السلام : وما يبكيك يا شيخ؟

قال له: يابن رسول الله، أنا مقيم على رجاء منكم منذ نحو من مائة سنة، أقول

١٦١

هذه السنة وهذا الشهر وهذا اليوم، ولا أراه فيكم، فتلومني أن أبكي! قال: فبكى أبوعبداللهعليه‌السلام ثم قال: يا شيخ، إن أخرت منيتك كنت معنا، وإن عجلت كنت يوم القيامة مع ثقل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال الشيخ: ما أبالي ما فاتني بعد هذا يابن رسول الله.

فقال له أبوعبداللهعليه‌السلام : يا شيخ، إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله المنزل، وعترتي أهل بيتي، تجئ وأنت معنا يوم القيامة.

قال: يا شيخ، ما أحسبك من أهل الكوفة. قال: لا. قال: فمن أين أنت؟ قال: من سوادها جعلت فداك.

قال: أين أنت من قبر جدي المظلوم الحسينعليه‌السلام ؟ قال: إني لقريب منه. قال: كيف إتيانك له؟ قال: إني لاتيه وأكثر.

قال: يا شيخ، ذاك دم يطلب الله (تعالى) به، ما أصيب ولد فاطمة ولا يصابون بمثل الحسينعليه‌السلام ، ولقد قتلعليه‌السلام في سبعة عشر من أهل بيته، نصحوا لله وصبروا في جنب الله، فجزاهم أحسن جزاء الصابرين، إنه إذا كان يوم القيامة أقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعه الحسينعليه‌السلام ويده على رأسه بقطر دما فيقول: يا رب، سل أمتي فيم قتلوا ولدي.

وقالعليه‌السلام : كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسينعليه‌السلام .

٢٦٩/٢١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن خالد المراغي، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين بن سفيان الكوفي الهمداني، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله بن سليمان الحضرمي، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب، قال: حدّثنا الوليد بن أبي ثور، قال: حدّثنا محمّد بن سليمان، قال: حدثني عمي، قال: لما خفنا أيام الحجاج، خرج نفر منا من الكوفة مستترين، وخرجت معهم فصرنا إلى كربلاء، وليس بها موضع نسكنه، فبنينا كوخا على شاطئ الفرات وقلنا ناوي إليه، فبينا نحن

١٦٢

فيه إذ جاءنا رجل غريب فقال: أصير معكم في هذا الكوخ الليلة فإني عابر سبيل، فأجبناه وقلنا غريب منقطع به.

فلما غربت الشمس وأظلم الليل أشعلنا، فكنا نشعل بالنفط، ثم جلسنا نتذاكر أمر الحسين بن عليّعليهما‌السلام ومصيبته وقتله ومن تولاه، فقلنا: ما بقي أحد من قتلة الحسين إلا رماه الله ببلية في بدنه. فقال ذلك الرجل: فأنا قد كنت فيمن قتله، والله ما أصابني سوء، له، وإنكم يا قوم تكذبون؟ فأمسكنا عنه، وقل ضوء النفط، فقام ذلك الرجل ليصلح الفتيلة باصبعه، فأخذت النار كفه، فخرج ونادى حتّى ألقى نفسه في الفرات يتغوص به، فوالله لقد رأيناه يدخل رأسه في الماء والنار على وجه الماء، فإذا أخرج رأسه سرت النار إليه فتغوصه إلى الماء، ثم يخرجه فتعود إليه، فلم يزل ذلك دأبه حتّى هلك.

٢٧٠/٢٢ - حدّثنا محمّد بن محمّد، قال: حدثني أبوالقاسم جعفر بن محمّد ابن قولويهرحمه‌الله ، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سعد بن عبدالله، قال: حدثني أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن منصوربزرج، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، في قول الله (عزّوجلّ):( وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) (١) .

قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والعلامات الائمّة من بعدهعليهم‌السلام .

٢٧١/٢٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن محمّد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن صالح بن حمزة، عن الحسين بن عبدالله، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة: أن أميرالمؤمنينعليه‌السلام قال لاصحابه: اعلموا يقينا أن الله (تعالى) لم يجعل للعبد - وإن عظمت حيلته، واشتد طلبه، وقويت مكائده - أكثر مما سنى له في الذكر الحكيم، فالعارف بهذا العاقل له أعظم الناس راحة في منفعته، والتارك له أعظم الناس شغلا

____________________

(١) سورة النحل ١٦: ١٦.

١٦٣

في مضرته، والحمد لله رب العالمين. ورب منعم عليه مستدرج، ورب مبتلى عند الناس مصنوع له، فأبق أيها المستمع من سعيك، وقصر من عجلتك، واذكر قبرك ومعادك، فإن إلى الله مصيرك، وكما تدين تدان.

٢٧٢/٢٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوحفص عمر بن محمّد، قال: حدّثنا عليّ بن مهرويه القزويني، قال: حدّثنا داود بن سليمان الغازي، قال: حدّثنا الرضا عليّ بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن علي، قال: حدثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وقاتلهم وعلى المعترض عليهم والساب لهم،( أُولَـٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّـهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (١) .

٢٧٣/٢٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، قال: حدّثنا أبوعلي محمّد بن همام، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن مسعدة، قال: حدثني جدي مسعدة بن صدقة، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: والله لا يهلك هالك على حب عليّعليه‌السلام إلا رآه في أحب المواطن إليه، والله لا يهلك هالك على بغض عليّعليه‌السلام إلا رآه في أبغض المواطن إليه.

٢٧٤/٢٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن الحسين البصري البزاز، قال: حدّثنا أبوعلي أحمد بن عليّ بن مهدي، عن أبيه، عن الرضا علي ابن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حبنا أهل البيت يكفر الذنوب، ويضاعف الحسنات، وإن الله (تعالى) ليتحمل عن محبينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد، إلا ماكان منهم فيها على إصرار وظلم للمؤمنين،

____________________

(١) سورة آل عمران ٣: ٧٧.

١٦٤

فيقول للسيئات: كوني حسنات.

٢٧٥/٢٧ - أخبرني محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن المظفر بن محمّد الخراساني، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر العلوي الحسيني، قال: حدّثنا الحسن ابن محمّد بن جمهور العمي، قال: حدثني أبي، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليه‌السلام قال: أوحى الله إلى موسى بن عمرانعليه‌السلام : أتدري يا موسى، لم انتجبتك من خلقي، واصطفيتك لكلامي؟ فقال: لا، يا رب، فأوحى الله إليه: أني اطلعت إلى الارض فلم أجد عليها أشد تواضعا لي منك، فخر موسى ساجدا وعفر خديه في التراب تذللا منه لربه (عزّوجلّ)، فأوحى الله إليه: ارفع رأسك يا موسى، وامر يدك موضع سجودك، وامسح بها وجهك وما نالته من بدنك، فإنه أمان من كل سقم دواء وآفة وعاهة.

٢٧٦/٢٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني القاضي أبوبكر محمّد بن عمر المعروف بالجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: أخبرنا محمّد بن يوسف بن إبراهيم الورداني، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا وهيب بن حفص، عن أبي حسان العجلي، قال: لقيت أمة الله بنت رشيد الهجري فقلت لها: أخبريني بما سمعت من أبيك. قالت: سمعته يقول: قال لي حبيبي أميرالمؤمنينعليه‌السلام : يا رشيد، كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني أمية فقطع يديك ورجليك ولسانك؟ فقلت: يا أميرالمؤمنين، أيكون آخر ذلك إلى الجنة؟ قال: نعم يا رشيد، وأنت معي في الدنيا والآخرة.

قالت: فوالله ما ذهبت الا يام حتّى أرسل إليه الدعي عبيدالله بن زياد، فدعاه إلى البراءة من أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، فأبى أن يتبرأ منه، فقال له ابن زياد: فبأي ميتة قال لك صاحبك تموت؟ قال: أخبرني خليلي صلوات الله عليه أنك تدعوني إلى البراءة منه فلا أتبرأ، فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني.

فقال: والله لاكذبن صاحبك، قدمره فاقطعوا يده ورجله واتركوا لسانه، فقطعوه ثم حملوه إلى منزلنا فقلت له: يا أبه جعلت فداك، هل تجد لما أصابك ألما؟ قال:

١٦٥

والله لا يا بنية إلاكالزحام بين الناس.

ثم دخل عليه جيرانه ومعارفه يترجعون له فقال: إئتوني بصحيفة ودواة أذكر لكم ما يكون مما أعلمنيه مولاي أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، فأتوه بصحيفة ودواة، فجعل يذكر ويملي عليهم أخبار الملاحم والكائنات ويسندها إلى أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، فبلغ ذلك ابن زياد فأرسل إليه الحجام حتّى قطع لسانه، فمات من ليلته تلكرحمه‌الله ، وكان أمير المزمنبنعليه‌السلام يسميه رشيد المبتلى، وكان قد ألقىعليه‌السلام إليه علم البلايا والمنايا، فكان يلقى الرجل فيقول له: يا فلان بن فلان تموت ميتة كذا، وأنت يا فلان تقتل قتلة كذا، فيكون الامر كما قاله رشيدرحمه‌الله .

٢٧٧/٢٩ - حدّثنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوالطيب الحسين بن محمّد التمار، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى بن سلمان، قال: حدّثنا يحيى بن داود، قال: حدّثنا جعفر بن إسماعيل، قال: أخبرنا عمرو بن أبي عمرو، عن المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر.

٢٧٨/٣٠ - حدّثنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوحفص عمربن محمّد، قال: حدّثنا عليّ بن مهرويه القزويني، قال: حدثنا داود بن سليمان، قال: حدّثنا الرضا عليّ بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر، قال: حدثني أبي محمّد بن علي، قال: حدثني أبي عليّ بن الحسين زين العابدين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي عليّ بن أبي طالب أميرالمؤمنينعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال الله (عزّوجلّ): يا بن آدم، كلكم ضال إلا من هديت، وكلكم عائل إلا من أغنيت، وكلكم هالك إلا من أنجيت، فاسألوني أكفكم وأهدكم سبيل رشدكم، فإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الفاقة ولر أغنيته لافسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الصحة ولو أمرضته لا فسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا المرض ولو أصححت جسمه لافسده ذلك، وإن من عبادي لمن يجتهد في عبادتي وقيام الليل لي، فألقي عليه النعاس نظرا

١٦٦

مني له، فيرقد حثى يصبح ويقوم حين يقوم وهو ماقت لنفسه زار عليها، ولو خليت بينه وبين ما يريد لدخله العجب بعمله، ثم كان هلاكه في عجبه ورضاه من نفسه، فيظن أنه قد فاق العابدين وجاز باجتهاده حد المقصرين فيتباعد بذلك مني، وهو يظن أنه يتقرب إلي، فلا يتكل العاملون على أعمالهم وإن حسنت، ولا ييأس المذنبون من مغفرتي لذنوبهم وإن كثرت، لكن برحمتي فليثقوا، ولفضلي فليرجوا، وإلى حسن نظري فليطمئنوا، وذلك أني أدبر عبادي بما يصلحهم، وأنا بهم لطيف خبير.

٢٧٩/٣١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوجعفر محمّد بن الحسين البزوفريرحمه‌الله عن أبيه الحسين بن عليّ بن سفيان، قال: حدّثنا عبدالله بن زيدان البجلي، قال: حدّثنا الحسن بن أبي عاصم، قال: حدّثنا عيسى بن عبدالله، عن أبيه، عن جده، عن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سلم علي في شئ من الارض أبلغتة، ومن سلم علي عند القبر سمعته.

٢٨٠/٣٢ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبوعبدالله جعفر بن محمّدعليه‌السلام : من تعلم لله، وعمل لله، وعلم لله، دعي في ملكوت السماوات عظيما، فقيل: تعلم لله، وعمل لله، وعمل لله(١) .

٢٨١/٣٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدثني أبوحفص عمربن محمّد بن عليّ ابن الزيات، قال: أخبرني أبوعبدالله الحسين بن يحيى بن العباس التمار، قال: حدّثنا الحسن بن عبيدالله، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: حدّثنا حماد بن سلمة، عن عليّ بن زيد، عن أبي عثمان، قال: كنا مع سلمان الفارسيرحمه‌الله تحت شجرة،

____________________

(١) تقدم في الحديث: ٥٨.

١٦٧

فأخذ غصنا منها، فنفضه فتساقط ورقه، فقال: ألا تسألوني عما صنعت؟ فقلنا: خبرنا، فقال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ظل شجرة فأخذ غصنا منها، فنفضه فتساقط ورقه، فقال: ألا تسألوني عما صنعت؟ فقلنا: أخبرنا، يا رسول الله، قال: إن العبد المسلم إذا قام إلى الصلاة تحاتت(١) عنه خطاياه، كما تحات ورق هذه الشجرة.

٢٨٢/٣٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن خالد الطيالسي، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّد يقول: لم يزل الله (جل اسمه) عالما بذاته ولا معلوم، ولم يزل قادرا بذاته ولا مقدور.

قلت له: جعلت فداك، فلم يزل متكلما؟ فقال: الكلام فحدث، كان الله (عزّوجلّ) وليس بمتكلم، ثم أحدث الكلام.

٢٨٣/٣٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي، قال: حدّثنا إسماعيل بن صبيح، عن يحيى بن مساور، عن عليّ بن حزور، عن الهيثم بن عوف، عن خالد بن عرعرة، قال: سمعت علياعليه‌السلام يقول: إن بالكوفة مساجد مباركة، ومساجد ملعونة، فأما المباركة فمنها مسجد غني وهو مسجد مبارك، والله إن قبلته لقاسطة، ولقد أسسه رجل مؤمن، وإنه لفي سرة الارض، وإن بقعته لطيبة، ولا تذهب الليالي والا يام حتّى تنفجر فيه عيون، ويكون على جنبه جنتان، وإن أهله ملعونون وهو مسلوب منهم. ومسجد جعفي مسجد مبارك، وربما اجتمع فيه أناس من العرب من أوليائنا فيصلون فيه. ومسجد بني ظفر مسجد مبارك، والله إن فيه لصخرة خضراء، وما بعث الله نبي إلا فيها تمثال وجهه، وهو مسجد السهلة. ومسجد الحمراء وهو مسجد يونس بن متىعليه‌السلام ، ولتنفجرن

____________________

(١) أي تناثرت.

١٦٨

فيه عين تظهر على السبخة وما حولها.

وأما المساجد الملعونة فمسجد الاشعث بن قيس، ومسجد جرير بن عبدالله البجلي، ومسجد ثقيف، ومسجد سماك، ومسجد بالحمراء بني على قبر فرعون من الفرا عنة.

٢٨٤/٣٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدّثنا عبيدالله بن إسحاق الضبي، عن حمزة بن نصر، عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي، قال: لما رجعت رسل أميرالمؤمنينعليه‌السلام من عند طلحة والزبير وعائشة، يؤذنونه بالحرب، قام فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمّد وآله، ثم قال:

يا أيها الناس، إني قد راقبت هؤلاء القوم كيما يرعووا(١) أو يرجعوا، وقد وبختهم بنكثهم وعرفتهم بغيهم، فليسوا يستجيبون، ألا وقد بعثوا إلي أن ابرز للطعان، واصبر للجلاد، فإنما منتك نفسك من أبنائنا الاباطيل، هبلتهم الهبول(٢) ، قد كنت وما أهدد بالحرب ولا أرهب بالضرب، وأنا على ما وعدني ربي من النصر والتأيبد والظفر، وإني لعلى يقين من ربي، وفي غير شبهة من أمري.

أيها الناس، إن الموت لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيص، من لم يمت يقتل، إن أفضل الموت القتل، والذي نفس ابن أبي طالب بيده لالف ضربة بالسيف أهون علي من موت على فراش.

يا عجبا لطلحة، ألب على ابن عفان حتّى إذا قتل أعطاني صفقة يمينه طائعا، ثم نكث بيعتي، وطفق ينعى ابن عفان ظالما، وجاء يطلبني يزعم بدمه، والله ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث: لئن كان ابن عفان ظالما، كما كان يزعم حين حصره

____________________

(١) أي يكفوا.

(٢) هبلتهم: ثكلتهم، والهبول: المرأة الثكول.

١٦٩

وألب عليه، إنه لينبغي أن يؤازر قاتليه وأن ينابذ ناصريه، وإن كان في تلك الحال مظلوما، إنه لينبغي أن يكون معه، وإن كان في شك من الخصلتين، لقد كان ينبغي أن يعتزله ويلزم بيته ويدع الناس جانبا، فما فعل من هذه الخصال واحدة، وها هو ذا قد أعطاني صفقة يمينه غير مرة ثم نكث بيعته، اللهم فخذه ولا تمهله.

ألا وإن الزبير قطع رحمي وقرابتي، ونكث بيعتي، ونصب لي الحرب، وهو يعلم أنه ظالم لي، اللهم فاكفنيه بما شئت.

٢٨٥/٣٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن مالك النحوي، قال: حدّثنا الحسين بن عطاء الصواف، قال: حدّثنا محمّد بن سعيد النصري، قال: حدّثنا أبوعبدالرحمن الاصباغي، عن عطاء بن مسلم، عن الحسن بن أبي الحسن البصري، قال: كنت غازيا زمن معاوية بخراسان، وكان علينا رجل من التابعين فصلى بنا يوما الظهر، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أيها الناس، إنه قد حدث في الاسلام حدث عظيم، لم يكن منذ قبض الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثله، بلغني أن معاوية قتل حجرا وأصحابه، فإن يك عند المسلمين غيرفسبيل ذلك، له وإن لم يكن عندهم غير فأسأل الله أن يقبضني إليه، وأن يعجل ذلك. قال الحسن بن أبي الحسن: فلا والله ما صلى بنا صلاة غيرها حتّى سمعنا عليه الصياح.

٢٨٦/٣٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني القاضي أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا الحسن ابن القاسم، عن عليّ بن إبراهيم بن يعلى التيمي، قال: حدثني عليّ بن سيف بن عميرة، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام ، قال: قال أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : ما نزلت آية إلا وأنا عالم متى نزلت، وفي من أنزلت، ولو سألتموني عما بين اللوحين لحدثتكم.

٢٨٧/٣٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن مالك

١٧٠

النحوي، قال: أخبرني أبوالحسن(١) أحمد بن عليّ المعدل بحلب، قال: حدّثنا عثمان بن سعيد، قال: حدّثنا محمّد بن سليمان الاصفهاني، قال: حدّثنا عمربن قيس المكي، عن عكرمة صاحب ابن عباس، قال: لما حج معاوية نزل المدينة فاستؤذن لسعد بن أبي وقاص عليه، فقال لجلسائه: إذا أذنت لسعد وجلس فخذوا من عليّ بن أبي طالب، فإذن له، وجلس معه على السرير.

قال: وشتم القوم أميرالمؤمنين (صلوات الله عليه)، فانسكبت عينا سعد بالبكاء، فقال له معاوية: ما يبكيك يا سعد؟ أتبكي أن يشتم قاتل أخيك عثمان بن عفان؟ قال: والله ما أملك البكاء، خرجنا من مكة مهاجرين حتّى نزل هذا المسجد - يعني مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وكان فيه مبيتنا ومقيلنا، إذ أخرجنا منه وترك عليّ بن أبي طالب فيه، فاشتد ذلك علينا وهبنا نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن نذكر ذلك له، فأتينا عائشة فقلنا: يا أم المؤمنين، إن لنا صحبة مثل صحبة علي، وهجرة مثل هجرته، وإنا قد أخرجنا من المسجد وترك فيه، فلا ندري من سخط من الله، أو من غضب من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فاذكري له ذلك فانا نهابه، فذكرت ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لما: يا عائشة، لا والله ما أنا أخرجتهم، ولا أنا أسكنته، بل الله أخرجهم وأسكنه.

وغزونا خيبر فانهزم عنها من انهزم فقال نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لاعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فدعاه وهو أرمد فتفل في عينه وأعطاه الراية ففتح الله له.

وغزونا تبوك مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فودع علي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ثنية الوداع وبكى، فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما يبكيك؟ فقال كيف لا أبكي ولم أتخلف عنك في غزاة منذ بعثك الله (تعالى)، فما بالك تخلفني في هذه الغزاة؟ فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟ فقال عليّعليه‌السلام : بل رضيت.

____________________

(١) في نسخة: الحسين.

١٧١

٢٨٨/٤٠ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: أخبرنا الحسن بن القاسم، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن يعلى التيمي، قال: حدّثنا عليّ بن سيف بن عميرة، عن أبيه، عن أبان بن عثمان، عن عبدالرحمن بن سيابة، عن حمران بن أعين، عن أبي حرب بن أبي الاسود الدؤلي، عن أبيه، قال: سمعت أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يقول: والله لاذودن بيدي هاتين القصيرتين عن حوض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعداءنا، ولاوردنه(١) أحباءنا.

٢٨٩/٤١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا القاضي أبوبكر محمّد بن عمر، عن أبي العباس أحمد بن محمّد، عن يحيى بن زكريا بن شيبان، عن الحسين بن سفيان، قال: حدثني أبي، قال: حدّثنا محمّد بن المشمعل، قال: حدّثنا أبوحمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام قال: من دعا الله بنا أفلح، ومن دعاه بغيرنا هلك واستهلك.

٢٩٠/٤٢ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد، عن إبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبان بن عثمان الاحمر، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليه‌السلام ، قال: إذا دعا أحدكم فليبدأ. بالصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإن الصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مقبولة، ولم يكن الله ليقبل بعض الدعاء ويرد بعضا.

٢٩١/٤٣ - حدّثنا أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان، قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبان ابن عثمان، عن بحر السقاء، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: إن من روح الله (تعالى) ثلاثة: التهجد بالليل، وإفطار الصائم، ولقاء الاخوان.

____________________

(١) في نسخة: وليردنه.

١٧٢

٢٩٢/٤٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا القاضي أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أحمد ابن عبد الحميد، قال: حدّثنا محمّد بن عمرو بن عتبة، قال: حدّثنا الحسن بن المبارك، قال: حدّثنا العباس بن عامر، عن مالك الاحمسي، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ ابن نباتة، قال: كنت أركع عند باب أميرالمؤمنينعليه‌السلام وأنا أدعو الله، إذ خرج أميرالمؤمنينعليه‌السلام وقال: يا أصبغ. فقلت: لبيك. قال أي شئ كنت تصنع؟ قلت: ركعت وأنا أدعو. قال: أفلا أعلمك دعاء سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قلت: بلى. قال: قل: « الحمد لله على ماكان، والحمد لله على كل حال » ثم ضرب بيده اليمنى على منكبي الايسر، وقال: يا أصبغ، لئن ثبتت قدمك، وتمت ولايتك، وانبسطت يدك، فالله أرحم بك من نفسك.

٢٩٣/٤٥ - أخبرني أبوعبدالله محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسن علي ابن محمّد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ بن عبد الكريم، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل، عن زيد بن المعدل، عن يحيى بن صالح الطيالسي، عن إسماعيل بن زياد، عن ربيعة بن ناجذ، قال: لما وجه معاوية بن أبي سفيان، سفيان بن عوف الغامدي إلى الانبار للغارة، بعثه في ستة آلاف فارس، فأغار على هيت والانبار، وقتل المسلمين، وسبى الحريم، وعرض الناس على البراءة من أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، استنفر أميرالمؤمنينعليه‌السلام الناس وقد كانوا تقا عدواً عنه، واجتمعوا على خذلانه، وأمر مناديه في الناس فاجتمعوا، فقام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قال:

أمّا بعد: أيها الناس، فوالله لاهل مصركم في الامصار أكثر في العرب من الانصار، وما كانوا يوم عاهدوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يمنعوه ومن معه من المهاجرين حتّى يبلغ رسالات الله إلا قبيلتين صغير مولدهما، ما هما بأقدم العرب ميلادا، ولا باكثره عدد ا، فلما اووا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه، ونصروا الله ودينه، رمتهم العرب عن قوس واحدة، وتحالفت عليهم اليهود، وغزتهم القبائل قبيلة

١٧٣

بعد قبيلة، فتجردوا للدين، وقطعوا ما بينهم وبين العرب من الحبائل، وما بينهم وبين اليهود من العهود، ونصبوا لاهل نجد وتهامة وأهل مكة واليمامة وأهل الحزن وأهل السهل قناة الدين والصبر تحت حماس الجلاد، حتّى دانت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العرب، فرأى فيهم قرة العين قبل أن يقبضه الله إليه، فأنتم في الناس أكثر من أولئك في أهل ذلك الزمان من العرب.

فقال إليه رجل آدم(١) طوال فقال: ما أنت كمحمّد، ولا نحن كأولئك الذين ذكرت، فلا تكلفنا ما لا طاقة لنا به.

فقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : أحسن مسمعا تحسن إجابة، ثكلتكم الثواكل ما تزيدونني إلا غما، هل أخبرتكم أني مثل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنكم مثل أنصاره، وإنما ضربت لكم مثلا، وأنا أرجو أن تأسوا بهم.

ثم قام رجل آخر فقال: ما أحوج أميرالمؤمنينعليه‌السلام ومن معه إلى أصحاب النهروان!

ثم تكلم الناس من كل ناحية ولغطوا، فقام رجل فقال بأعلى صوته: استبان فقد الاشتر، على أهل العراق، لو كان حيا لقل اللغط، ولعلم كل امرئ ما يقول.

فقال لهم أميرالمؤمنين (صلوات الله عليه): هبلتكم الهوابل، لانا أوجب عليكم حقا من الاشتر، وهل للاشتر عليكم من الحق إلا حق المسلم على المسلم؟ وغضب فنزل. فقام حجر بن عدي وسعد بن قيس، فقالا: لا يسوؤك الله يا أميرالمؤمنين، مرنا بأمرك نتبعه، فوالله العظيم ما يعظم جزعنا على أموالنا أن تفرق، ولا على عشائرنا أن تقتل في طاعتك، فقال لهم: تجهزوا للسير إلى عدونا.

ثم دخل منزلهعليه‌السلام ودخل عليه وجوه أصحابه، فقال لهم: أشيروا علي برجل صليب ناصج يحشر الناس من السواد؟ فقال سعد بن قيس: عليك يا أميرالمؤمنين بالناصح الاريب الشجاع الصليب معقل بن قيس التميمي، قال: نعم، ثم

____________________

(١) الادم: الاسمر.

١٧٤

دعاه فوجهه وسار، ولم يعد حتّى أصيب أميرالمؤمنينعليه‌السلام .

٢٩٤/٤٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن العباس بن عامر القصباني، عن أبان بن عثمان الاحمر، عن بريد العجلي، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: لما توفيت خديجةرضي‌الله‌عنه جعلت فاطمة (صلوات الله عليها) تلوذ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتدور حوله، وتقول: يا أبه، أين أمي؟ قال: فنزل جبرئيلعليه‌السلام فقال له: ربك يأمرك أن تقرئ فاطمة السلام، وتقول لها: إن أمك في بيت من قصب، كعابه(١) من ذهب، وعمده ياقوت أحمر، بين آسية ومريم بنت عمران، فقالت فاطمةعليها‌السلام : إن الله هو السلام، ومنه السلام، وإليه السلام.

٢٩٥/٤٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا الفضل بن الحباب الجمحي، قال: حدّثنا الحسين بن عبدالله(٢) الابلي، قال: حدّثنا أبوخالد الاسدي، عن أبي بكر بن عياش، عن صدقة بن سعيد الحنفي، عن جميع بن عمير، قال: سمعت عبدالله بن عمر بن الخطاب يقول: انتهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى العقبة فقال: لا يجاوزها أحد، فعوج الحكم بن أبي العاص فمه مستهزئا بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من اشترى شاة مصراة(٣) فهو بالخيار، فعوج الحكم فمه، فبصر به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدعا عليه فصرع شهرين ثم أفاق، فأخرجه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن المدينة طريدا ونفاه عنها.

٢٩٦/٤٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد بن النعمان، قال: أخبرني أبوالحسن علي ابن خالد المراغي، قال: حدّثنا العباس بن الوليد، قال: حدّثنا القناد، عن الحسين بن

____________________

(١) الكعاب: جمع كعبة، وهي الغرفة وكل بيت مربع.

(٢) في نسخة: عبيدالله.

(٣) المصراة: الناقة أو الشاة يصرى اللبن في ضرعها، أي يجمع ويحبس.

١٧٥

سعيد، عن أبيه، عن هارون بن سعيد، قال: صلى بنا الوليد بن عقبة بالكوفة صلاة الغداة - وكان سكرانا - فتغنى في الثانية منها، وزادنا ركعة أخرى، ونام في آخرها، فأخذ رجل من بكر بن وائل خاتمه من يده، فقال فيه علباء السدوسي:

تكلم في الصلاة وزاد فيها

مجاهرة وعالن بالنفاق

وفاح الخمر من سنن المصلى

ونادى والجميع إلى افتراق

أزيديكم على أن تحمدوني

فما لكم ومالي من خلاق

 ٢٩٧/٤٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبونصر محمّد بن الحسين المقرئ البصير، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن عبدالله البغدادي بواسط، قال: حدّثنا عيسى بن مهران، قال: حدّثنا أبونعيم الفضل بن دكين، قال: حدّثنا موسى بن قيس، قال: حدّثنا الحسين بن أسباط العبدي، قال: سمعت عمار بن ياسررحمه‌الله يقول عند توجهه إلى صفين: اللهم لو أعلم أنه أرض لك أن أرمي بنفسي من فرق هذا الجبل لرميت بها، ولو أعلم أنه أرضى لك أن أوقد لنفسي نارا فأقع فيها لفعلت، وإني لا أقاتل أهل الشام إلا وأنا أريد بذلك وجهك، وأنا أرجو أن لا تخيبني وأنا أريد وجهك الكريم.

٢٩٨/٥٠ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوعبدالله بن أبي رافع الكاتب، قال: حدثني جعفر بن محمّد بن جعفر الحسيني، قال: حدّثنا عيسى بن مهران، قال: حدّثنا يحيى بن الحسن بن فرات، قال: حدّثنا أبوالمقوم ثعلبة بن زيد الالنصاري، قال: سمعت جابر بن عبدالله بن حزام الانصاريرحمه‌الله يقول: تمثل إبليس لعنه الله في أربع صور: تمثل يوم بدر في صورة سراقة بن جعشم المدلجي فقال لقريش:( لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ ) (١) .

وتصور يوم العقبة في صورة منبه بن الحجاج فنادى: أن محمّدا والصباة معه

____________________

(١) سورة الانفال ٨: ٤٨.

١٧٦

عند العقبة فأدركوهم، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للانصار: لا تخافوا فإن صوته لن يعدوهم.

وتصور يوم اجتماع قريش في دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد، وأشار عليهم في النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما أشار، فأنزل الله (تعالى):( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّـهُ وَاللَّـهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) (١) .

وتصوّر يوم قبض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صورة المغيرة بن شعبة فقال: أيها الناس، لا تجعلوها كسروانية ولا قيصرانية، وسعوها تتسع، فلا ترد وها في بني هاشم، فتنتظر بها الحبالى.

تمّ المجلس السادس، ويتلوه المجلس السابع من أمالي الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه الله.

____________________

(١) سورة الانفال ٨: ٣٠.

١٧٧

١٧٨

[ ٧ ]

المجلس السابع

فيه بقيّة أحاديث الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان.

بسم الله الرحمن الرحيم

٢٩٩/١ - أخبرنا أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمانرحمه‌الله قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي، قال: دخل رجل على أبي جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام ومعه صحيفة مسائل شبه الخصومة. فقال له أبوجعفرعليه‌السلام : هذه صحيفة تخاصم على الدين الذي يقبل الله فيه العمل؟

فقال: رحمك الله، هذا الذي أريد.

فقال أبوجعفرعليه‌السلام : اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمّداً عبده ورسوله، وتقر بما جاء من عند الله، والولاية لنا أهل البيت، والبراءة من عدونا، والتسلم لنا، والتواضع والطمأنينة، وانتظار أمرنا، فإن لنا دولة إن شاء الله (تعالى) جاء بها.

٣٠٠/٢ - أخبرنا أبوعبدالله محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن هشام، عن محمّد بن إسماعيل البزاز، عن العباس بن عامر، عن أبان بن

١٧٩

عثمان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام يقول: إذا دخل أهل الجنة الجنة بأعمالهم، فأين عتقاء الله من النار؟ إنّ لله عتقاء من النار.

٣٠١/٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أبوعوانة موسى بن يوسف بن راشد، قال: حدّثنا عليّ بن حكيم الاودي، قال: أخبرنا عمرو بن ثابت، عن فضيل بن غزوان، عن الشعبي، عن الحارث، عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: من أحبني رآني يوم القيامة حيث يحب، ومن أبغضني رآني يوم القيامة حيث يكره.

٣٠٢/٤ - أخبرني جماعة، عن أبي عبيدالله محمّد بن عمران المرزباني، قال: حدّثنا محمّد بن موسى، قال: حدّثنا محمّد بن سهل، قال: أخبرنا هشام، قال: حدثني أبومخنف، قال: حدثني الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن جندب بن عبدالله الازدي، قال: قام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام في الناس ليستنفرهم إلى أهل الشام، وذلك بعد انقضاء المدة التي كانت بينه وبينهم، وقد شن معاوية على بلاد المسلمين الغارات، فاستنفرهم بالرغبة في الجهاد والرهبة فلم ينفروا، فأضجره ذلك فقال:

أيها الناس المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم، ما عزت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم، كلامكم يوهن الصم الصلاب، وتثاقلكم عن طاعتي يطمع فيكم عدوكم، إذا أمرتكم قلتم: كيت وكيت، وليت وعسى، أعاليل أباطيل، وتسألوني التأخير دفاع ذي الدين المطول، هيهات هيهات، لا يدفع الضيم الذليل، ولا يدرك الحق إلا بالجد والصبر.

أي دار بعد داركم تمتعون، ومع أي إمام بعدي تقاتلون؟! المغرور والله من غررتموه، ومن فاز بكم فاز بالسهم الاخيب، أصبحت لا أطمع في نصرتكم، ولا أصدق قولكم، فرق الله بيني وبينكم، وأعقبني بكم من هو خير لي منكم.

١٨٠