الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي0%

الأمالي الشيخ الطوسي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 799

الأمالي الشيخ الطوسي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)
تصنيف: الصفحات: 799
المشاهدات: 897988
تحميل: 9557


توضيحات:

الأمالي الشيخ الطوسي المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 799 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 897988 / تحميل: 9557
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا، وسيفا قاطعا، وأثرة(١) يتخذها الظالمون فيكم سنة، تفرق جماعتكم، وتبكي عيونكم، وتمنون عما قليل أنكم رأيتموني فنصرتموني، وستعرفون ما أقول لكم عما قليل، ولا يبعد الله إلا من ظلم.

قال: فكان جندب لا يذكر هذا الحديث إلا بكى، وقال: صدق والله أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، قد شملنا الذل، ورأينا الاثرة، ولا يبعد الله إلا من ظلم.

٣٠٣/٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسن عليّ بن خالد المراغي، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن صالح، قال: حدّثنا عبد الاعلى بن واصل الاسدي، عن مخول بن إبراهيم، عن عليّ بن حزور، عن الاصبغ بن نباتة، قال: سمعت عمار بن ياسررضي‌الله‌عنه يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّعليه‌السلام : يا علي، إن الله قد زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب إلى الله منها، زينك بالزهد في الدنيا، وجعلك لا ترزأ(٢) منها شيئا، ولا ترزأ منك شيئا، ووهب لك حب المساكين، فجعلك ترضى بهم أتباعا، ويرضون بك إماما، فطوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك، فأما من أحبك وصدق فيك فأولئك جيرانك في دارك، وشركاؤك في جنتك، وأما من أبغضك وكذب عليك فحق على الله أن يوقفه موقف الكذابين.

٣٠٤/٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن مالك النحوي، قال: حدّثنا أبوعبدالله جعفر بن محمّد الحسني، قال: حدثني عيسى بن مهران المستعطف، قال: حدّثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: حدّثنا شريك، عن عمران ابن طفيل، عن أبي تحيى، قال: سمعت عمار بن ياسررحمه‌الله يعاقب أبا موسى الاشعري، ويوبخه على تأخره عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وقعوده عن الدخول في بيعته، ويقول له: يا أبا موسى، ما الذي أخرك عن أميرالمؤمنين؟ فوالله لئن

____________________

(١) الاثرة: استئثار أمراء الجور بالفئ.

(٢) أي لا تأخذ ولا تنال.

١٨١

شككت فيه لتخرجن عن الاسلام. وأبو موسى يقول له: لا تفعل ودع عتابك لي، فإنما أنا أخوك. فقال له عمار: ما أنا لك بأخ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلعنك ليلة العقبة وقد هممت مع القوم بما هممت. فقال له أبوموسى: أفليس قد استغفر لي؟ قال عمار: قد سمعت اللعن ولم أسمع الاستغفار.

٣٠٥/٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالقاسم إسماعيل بن محمّد الكاتب، قال: أخبرني عبد الصمد بن علي، قال: أخبرنا محمّد بن هارون بن عيسى، قال: أخبرني أبوطلحة الخزاعي، قال: حدّثنا عمر بن عباد، قال: حدّثنا أبوتراب، قال: قرأت في كتاب لوهب بن منبه فإذا مكتوب في صدر الكتاب: هذا ما وضعت الحكماء في كتبها: الاجتهاد في عبادة الله أربح تجارة، ولا مال أعود من العقل، ولا فقر أشد من الجهل، وأدب تستفيده خير من ميراث، وحسن الخلق خير رفيق، والتوفيق خير قائد، ولا ظهر أوثق من المشاورة، ولا وحشة أوحش من العجب، ولا يطمعن صاحب الكبر في حسن الثناء عليه.

٣٠٦/٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبونصر محمّد بن الحسين الخلال، قال: حدّثنا الحسن بن الحسين الانصاري، قال: حدّثنا زافر بن سليمان، عن أشرس الخراساني، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أسر ما يرضي الله (عزّوجلّ) أظهر الله له ما يسره، ومن أسر ما يسخط الله (تعالى) أظهر الله ما يحزنه، ومن كسب مالا من غير حله أفقره الله (عزّوجلّ)، ومن تواضع لله رفعه الله، ومن سعى في رضوان الله أرضاه الله، ومن أذل مؤمنا أذله الله، ومن عاد مريضا فانه يخوض في الرحمة - وأومأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى حقويه(١) - وإذا جلس عند المريض غمرته الرحمة، ومن خرج من بيته يطلب علما شيعه سبعون ألف ملك يستغفرون له، ومن كظم غيظا ملا الله الجوفه إيمانا، ومن أعرض عن محرم أبدله الله بعبادة تسره، ومن عفا عن مظلمة أبدله الله بها عزا في

____________________

(١) الحقوة: الخصر.

١٨٢

الدنيا والاخرة، ومن بنى مسجدا ولو مفحص(١) قطاة بنى الله له بيتا في الجنة، ومن أعتق رقبة فهي فداة من النار، كل عضو منها فداء عضو منه، ومن أعطى درهما في سبيل الله كتب الله سبع مائة حسنة، ومن أحاط عن طريق المسلمين ما يؤذيهم كتب الله له أجر قراءة أربع مائة آية، كل حرفي منها بعشر حسنات، ومن لقي عشرة من المسلمين فسلم عليهم كتب الله له عتق رقبة، ومن أطعم مؤمنا لقمة أطمعه الله من ثمار الجنة، ومن سقاه شربة من ماء سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن كساه ثوباكساه الله من الاستبرق والحرير، وصلى عليه الملائكة ما بقي في ذلك الثوب سلك.

٣٠٧/٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن الحسن البصري، قال: حدّثنا أبوبشر أحمد بن إبراهيم العمي، قال: حدّثنا أبوالطيب محمّد ابن عليّ الاحمر الناقد، قال: حدثني نصر بن علي، قال: حدّثنا عبد الوهاب بن عبد الحميد، قال: حدّثنا حميد، عن نصر بن مالك، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: كنت أنا وعلي عن يمين العرش نسبح الله قبل أن يخلق آدم بألفي عام، فلما خلق آدم جعلنا في صلبه، ثم نقلنا من صلب إلى صلب في أصلاب الطاهرين وأرحام المطهرات حتّى انتهينا إلى صلب عبد المطلب، فقسمنا قسمين: فجعل في عبدالله نصفا، وفي أبي طالب نصفا، وجعل النبوة والرسالة في، وجعل الوصية والقضية في علي، ثم اختار لنا اسمين اشتقهما من أسمائه، فالله المحمود وأنا محمّد، والله العلي وهذا علي، فأنا للنبوة والرسالة، وعلي للوصية والقضية.

٣٠٨/١٠ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني، قال: حدّثنا محمّد بن موسى، قال: حدّثنا هشام، قال: حدّثنا أبومخنف لوط بن يحيى، قال: حدّثنا عبدالله بن عاصم، قال: حدّثنا جبر بن نوف، قال: لما أراد أميرالمؤمنين (صلوات الله عليه) المسير إلى الشام، اجتمع إليه وجوه أصحابه فقالوا: لو كتبت يا أميرالمؤمنين إلى معاوية وأصحابه قبل مسيرنا إليهم كتابا تدعوهم إلى الحق،

____________________

(١) المفحص: حفرة تحفرها القطاة في الارض لتبيض وترقد فيها.

١٨٣

وتأمرهم بما لهم فيه الحظ، كانت الحجة تزداد عليهم قوة.

فقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام لعبيدالله بن أبي رافع كاتبه: اكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبدالله علي أميرالمؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان ومن قبله من الناس، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو.

أما بعد، فإن لله عبادا آمنوا بالتنزيل، وعرفوا التأويل، وفقهوا في الدين، وبين الله فضلهم في القرآن الحكيم، وأنت يا معاوية وأبوك وأهلك في ذلك الزمان اعداء الرسول، مكذبون بالكتاب، فجمعون على حرب المسلمين، من لقيتم منهم حبستموه وعذبتموه وقتلتموه، حتّى إذا أراد الله (تعالى) إعزاز دينه وإظهار رسوله، دخلت العرب في دينه أفواجا، وأسلمت هذه الامة طوعا وكرها، وكنتم ممن دخل في هذا الدين إما رغبة وإما رهبة، فليس ينبني لكم أن تنازعوا أهل السبق ومن فاز بالفضل، فإنه من نازعه منكم فبحوب وظلم، فلا ينبغي لمن كان له قلب أن يجهل قدره، ولا يعدو طوره، ولا ئشقي نفسه بالتماس ما ليس له.

إن أولى الناس بهذا الامر قديما وحديثا أقربهم برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأعلمهم بالكتاب، وأقدمهم في الدين، وأفضلهم جهاد ا، وأولهم إيمانا، وأشدهم اضطلاعا(١) بما تجهله الرعية من أمرها. فاتقوا الله الذي إليه ترجعون ولا تلبسوا الحق بالباطل لتدحضوا به الحق.

واعلموا أن خيار عباد الله الذين يعملون بما يعلمون، وأن شرهم الجهلاء الذين ينازعون بالجهل أهل العلم، ألا وإني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحقن دماء هذه الامة، فإن قبلتم أصبتم رشدكم وهديتم لحظكم، وإن أبيتم إلا الفرقة وشق عصا هذه الامة لم تزدادوا من الله إلابعدا، ولم يزدد عليكم إلا سخطا، والسلام.

____________________

(١) اضطلع بالامر: قوي عليه ونهض به.

١٨٤

قال: فكتب إليه معاوية: أما بعد، إنه ليس بيني وبين قيس عتاب، غير طعن الكلى وجز الرقاب.

فلما وقف أميرالمؤمنينعليه‌السلام على جوابه بذلك قال: إنك لا تهدي من أحببت ولكن اليهدي من يشاء(١) إلى صراط مستقيم.

٣٠٩/١١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبونصر محمّد بن الحسين المقرئ، قال: حدّثنا محمّد بن حسن بن سهل العطار، قال: حدّثنا أحمد بن عمر الدهقان، قال: حدّثنا محمّد بن كثير مولى عمر بن عبد العزيز، قال: حدّثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فشكا إليه الجوع، فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بيوت أزواجه فقلن: ما عندنا إلا الماء.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من لهذا الرجل الليلة؟ فقال عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : أنا له يا رسول الله، وأتى فاطمةعليها‌السلام فقال: ما عندك، يا ابنة رسول الله؟ فقالت: ما عندنا إلا قوت الصبية لكنا نؤثر ضيفنا.

فقال عليّعليه‌السلام : يا ابنة محمّد، نومي الصبية، وأطفئي المصباح، فلما أصبح عليّعليه‌السلام غدا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبره الخبر، فلم يبرح حتّى أنزل الله (عزّوجلّ):( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٢) .

٣١٠/١٢ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويهرحمه‌الله عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن عدة من أصحابه، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن حماد بن أبي طلحة، عن معاذ بن كثير، قال: نظرت إلى الموقف والناس فيه كثير، فدنوت إلى أبي عبداللهعليه‌السلام فقلت. إن أهل الموقف لكثير، قال: فصوب ببصره فأداره فيهم، ثم قال: ادن مني يا أبا عبدالله، فدنوت منه

____________________

(١) تضمين من سورة القصص ٢٨: ٥٦.

(٢) سورة الحشر ٥٩: ٩.

١٨٥

فقال: غثاء(١) يأتي به الموج من كل مكان، لا والله ما الحج إلا لكم، ولا والله ما يتقبل الله إلا منكم.

٣١١/١٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبومحمّد الحسن بن محمّد العطشي، قال: حدّثنا أبوعلي محمّد بن همام الاسكافي، قال: حدّثنا حمزة بن أبي جمة الجرجرائي الكاتب، قال: حدّثنا أبوالحارث شريح، قال: حدّثنا الوليد بن مسلم، عن عبد العزيز بن سليمان، عن سليمان بن حبيب، عن أبى أمامة الباهلي، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لتنقض عرى الاسلام عروة عروة، كلما نقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقض الحكم، وآخرهن الصلاة.

٣١٢/١٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم إسماعيل بن محمّد الكاتب، قال: حدّثنا أحمد بن جعفر المالكي، قال: حدّثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدّثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، قال: حدثني حبيب، عن ميمون بن أبي شبيب، عن أبي ذر الغفاريرحمه‌الله ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اتق الله حيث ما كنت، وخالق الناس(٢) بخلق حسن، وإذا عملت سيئة فاعمل حسنة تمحوها.

٣١٣/١٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن خالد المراغي، قال: حدثني محمّد بن مدرك الشيباني، قال: حدّثنا زكريا بن الحكم، قال: حدّثنا خلف بن تميم، قال: حدّثنا بكربن خنيس، عن أبي شيبة، عن عبد الملك بن عمر، عن أبي قرة، عن سلمان الفارسيرحمه‌الله ، قال: قال لي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا سلمان، إذا أصبحت فقل: « اللهم أنت ربي لا شريك لك، أصبحنا وأصبح الملك لله » قلها ثلاثا، وإذا أمسيت فقل مثل ذلك، فانهن يكفرن ما بينهن من خطيئة.

٣١٤/١٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر

____________________

(١) الغثاء: ما يحمله السيل من رغوة ومن فتات الاشياء التي على وجه الارض.

(٢) خالق الناس: عاشرهم.

١٨٦

الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أبوعوانة موسى بن يوسف بن راشد الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن سليمان بن بزيغ الخزاز، قال: حدّثنا الحسين الاشقر، عن قيس، عن ليث، عن أبي ليلى، عن الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الزموا مودتنا أهل البيت، فإنه من لقي الله اليوم القيامة وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده لا ينفع عبدا عمله إلا بمعرفة حقنا.

٣١٥/١٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني، قال: حدّثنا محمّد بن موسى، قال: حدثني محمّد بن أبي السري، قال: حدّثنا هشام، عن أبي مخنف، عن عبدالرحمن بن جندب، عن أبيه، قال: لما وقع الاتفاق على كتب القضية بين أميرالمؤمنينعليه‌السلام وبين معاوية بن أبي سفيان، حضر عمرو بن العاص في رجال من أهل الشام، وعبدالله بن عباس في رجال من أهل العراق، فقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام للكاتب: اكتب هذا ما تقاضى عليه أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان.

فقال عمرو بن العاص: اكتب اسمه واسم أبيه، ولا تسمه بإمرة المؤمنين، فإنما هو أمير هؤلاء وليس بأميرنا.

فقال الاحنف بن قيس. لا تمح هذا الاسم، فإني أتخوف إن محوته لا يرجع إليك أبداً.

فامتنع أميرالمؤمنينعليه‌السلام من محوه، فتراجع الخطاب فيه مليا من النهار، فقال الاشعث بن قيس: امح هذا الاسم ترحه الله.

فقال أميرالمؤمنين: الله أكبر سنة بسنة، ومثل بمثل، والله إني لكاتب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الحديبية، وقد أملى علي: هذا ما قاضى عليه محمّد رسول الله سهيل بن عمرو. فقال له سهيل: امح رسول الله، فإنا لا نقر لك بذلك، ولا نشهد لك به، اكتب اسمك واسم أبيك، فامتنعت من محوه فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : امحه يا علي، وستدعى إلى مثلها فتجيب وأنت على مضض.

١٨٧

فقال عمرو بن العاص: سبحان الله! ومثل هذا يشبه بذلك، ونحن مؤمنون وأولئك كانوا كفّاراً!

فقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : يابن النابغة، ومتى لم تكن للفاسقين وليا، وللمسلمين عدوا، وهل تشبه إلا أمك التي دفعت بك؟

فقال عمرو: لا جرم لا يجمع بيني وبينك مجلس أبداً.

فقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : والله إني لارجو أن يطهر الله مجلسي منك ومن أشباهك، ثم كتب الكتاب وانصرف الناس.

٣١٦/١٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوجعفر محمّد بن عليّ بن موسى بن بابويه، قال: حدثني أبي، قال: حدّثنا أحمد بن إدريس، قال: حدّثنا محمّد ابن عبد الجبار، قال: حدّثنا ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن عبدالله بن العباس، قال: لما حضرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوفاة بكى حتّى بلت دموعه لحيته، فقيل له: يا رسول الله، ما يبكيك؟ فقال: أبكي لذريتي، وما تصنع بهم شرار أمتي من بعدي، كأني بفاطمة ابنتي وقد ظلمت بعدي وهي تنادي « يا أبتاه، يا أبتاه » فلا يعينها أحد من أمتي.

فسمعت ذلك فاطمةعليهما‌السلام فبكت، فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تبكين. يا بنية. فقالت: لست أبكي لما يصنع بي من بعدك ولكن أبكي لفراقك، يا رسول الله. فقال لها: ابشري يا بنت محمّد بسرعة اللحاق بي، فإنك أؤل من يلحق بي من أهل بيتي.

٣١٧/١٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد ابن الحسن، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبدالله، قال: حدّثنا عبدالله بن هارون، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالرحمن العرزمي، قال: حدّثنا المعلى بن هلال، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: أعطاني الله خمسا، وأعطى عليا خمسا: أعطاني جوامع الكلم، وأعطى عليا جوامع العلم، وجعلني نبيا، وجعل عليا وصيا، أعطاني الكوثر، وأعطى عليا السلسبيل،

١٨٨

وأعطاني الوحي، وأعطى عليا الالهام، وأسرى بي إليه، وفتحت له أبواب السماء حتّى رأى ما رأيت ونظر إلى ما نظرت إليه.

ثم قال: يابن عباس، من خالف عليا فلا تكونن ظهيرا له ولا وليا، فوالذي بعثني بالحق ما يخالفه أحد إلا غير الله ما به من نعمة وشوه خلقه قبل إدخاله النار. يابن عباس، لا تشك في علي، فإن الشك فيه يخرج عن الايمان، ويوجب الخلود في النار.

٣١٨/٢٠ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوغالب أحمد بن محمّد الزراري، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أبيه، قال: حدّثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي، قال: حدثني محمّد بن عبدالرحمن العرزمي، عن أبيه، عن أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: من زي الايمان الفقه، ومن زي الفقه الحلم، ومن زي الحلم الرفق، ومن زي الرفق اللين، ومن زي اللين السهولة.

٣١٩/٢١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن محمّد ابن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي حمزة الثماليرحمه‌الله ، عن أبي جعفر الباقر محمّد بن عليّعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: أربع من كن فيه كمل إسلامه، وأعين على إيمانه، ومحصت ذنوبه، ولقي ربه وهو عنه راض، ولو كان فيما بين قرنه إلى قدمه ذنوب حطها الله (تعالى) عنه، وهي: الوفاء بما يجعل الله على نفسه، وصدق اللسان مع الناس، والحياء مما يقبح عند الله وعند الناس، وحسن الخلق مع الاهل والناس.

وأربع من كن فيه من المؤمنين أسكنه الله في أعلى عليين، في غرف في محل الشرف كل الشرف: من آوى اليتيم، ونظر له فكان له أبا، ومن رحم الضعيف وأعانه وكفاه، ومن أنفق على والد يه ورفق بهما وبرهما ولم يحزنهما، ولم يخرق(١) لمملوكه،

____________________

(١) الخرق: ضد الرفق، أي أن يرفق به ولا يسئ إليه.

١٨٩

وأعانه على ما يكلفه، ولم يستسعه فيما لا يطيق.

٣٢٠/٢٢ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد الحكيمي، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: أخبرنا يحيى بن معين، قال: حدّثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ماكان الفحش في شئ إلا شانه، ولا كان الحبا، في شئ قط إلا زانه.

٣٢١/٢٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبونصر محمّد بن الحسين المقرئ، قال: حدّثنا أبوعبدالله الحسين بن عليّ الرازي، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد الحنفي، قال: حدّثنا يحيى بن هاشم السمسار، قال: حدّثنا عمرو بن شمر، قال: حدّثنا حماد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله بن حزام، قال: أتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلت: يا رسول الله، من وصيك؟ قال: فأمسك عني عشرا لا يجيبني، ثم قال: يا جابر، ألا أخبرك عما سألتني؟

فقلت: بأبي أنت وأمي، أما والله لقد سكت عني حتّى ظننت أنك وجدت(١) علي.

فقال: ما وجدت عليك يا جابر، ولكن كنت انتظر ما يأتيني من السماء، فأتاني جبرئيلعليه‌السلام فقال: يا محمّد، ربك يقول: إن عليّ بن أبي طالب وصيك، وخليفتك على أهلك وأمتك، والذائد عن حوضك، وهو صاحب لوائك يقدمك إلى الجنة.

فقلت: يا نبي الله، أرأيت من لا يؤمن بهذا أقتله؟ قال: نعم يا جابر، ما وضع هذا الموضع إلا ليتابع عليه، فمن تابعه كان معي غدا، ومن خالفه لم يرد علي الحوض أبداً.

٣٢٢/٢٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر

____________________

(١) وجد: غضب.

١٩٠

الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، قال: أخبرني عمر بن أسلم، قال: حدّثنا سعيد بن يوسف البصري، عن خالد بن عبدالرحمن المدائني، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن أبي ذر الغفاريرحمه‌الله قال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد ضرب كتف عليّ بن أبي طالب بيده، وقال: يا علي من أحبنا فهو العربي، ومن أبغضنا فهو العلج(١) ، شيعتنا أهل البيوتات والمعادن والشرف، ومن كان مولده صحيحا، وما على ملة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا وسائر الناس منها براء، إن لله ملائكة يهدمون سيئات شيعتنا كما يهدم القوم البنيان.

٣٢٣/٢٥ - حدّثنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ الزعفراني، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدّثنا محمّد بن علي، قال: حدّثنا الحسين بن سفيان، عن أبيه، قال: حدّثنا لوط بن يحيى، قال: حدثني عبدالرحمن بن جندب، عن أبيه، قال: لما بويم عثمان سمعت المقداد بن الاسود الكندي يقول لعبدالرحمن بن عوف: والله يا عبد الرحمن، ما رأيت مثل ما أتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم.

فقال له عبد الرحمن: وما أنت وذاك يا مقداد؟

قال: إني والله أحبهم لحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويعتريني والله وجد لا أبثه بثة، لتشرف قريش على الناس بشرفهم، واجتماعهم على نزع سلطان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أيديهم.

فقال له عبد الرحمن: ويحك والله لقد اجتهدت نفسي لكم.

فقال له المقداد: والله لقد تركت رجلا من الذين يأمرون بالحق وبه يعدلون، أما والله لو أن لي على قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي إياهم يوم بدر وأحد.

فقال له عبد الرحمن: ثكلتك. أمك يا مقداد لا يسمعن هذا الكلام منك الناس، أما والله إني لخائف أن تكون صاحب فرقة وفتنة.

____________________

(١) العلج: الكافر من العجم.

١٩١

قال جندب: فأتيته بعد ما انصرف من مقامه، فقلت له: يا مقداد أنا من أعوانك. فقال: رحمك الله، إن الذي نريد لا يغني فيه الرجلان والثلاثة، فخرجت من عنده وأتيت عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فذكرت له ما قال وقلت، قال: فدعا لنا بخير.

٣٢٤/٢٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني، قال: أخبرنا أبوعبدالله محمّد بن أحمد الحكيمي، قال: حدّثنا إسماعيل ابن إسحاق القاضي، قال: حدّثنا سعيد بن يحيى، قال: حدّثنا يحيى بن سعيد، قال: حدّثنا عبد الملك بن عمير اللخمي، قال: قدم جارية بن قدامة السعدي على معاوية، ومع معاوية على السرير الاحنف بن قيس والحتات المجاشعي، فقال له معاوية: من أنت؟ قال: أنا جارية بن قدامة. قال: وكان قليلا(١) ، فقال له معاوية: ما عسيت أن تكون هل أنت إلا نحلة؟ فقال: لا تفعل يا معاوية قد شبهتني بالنحلة، وهي والله حامية اللسعة حلوة البصاق، والله ما معاوية إلا كلبة تعاوي الكلاب، ولا أمية إلا تصغيرأمة. فقال معاوية: لا تفعل. قال: إنك فعلت ففعلت.

قال له: فادن اجلس معي على السرير. فقال: لا أفعل. قال: ولم؟ قال: لاني رأيت هذين قد أماطاك(٢) عن مجلسك، فلم أكن لاشاركهما.

قال له معاوية: ادن أسارك، فدنا منه فقال: يا جارية، إني اشتريت من هذين الرجلين دينهما. قال: ومني فاشتر يا معاوية. قال له: لا تجهر.

٣٢٥/٢٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد الحكيمي، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: أخبرنا داود بن المحبر، قال: حدّثنا عنبسة بن عبدالرحمن القرشي، قال: حدّثنا خالد بن يزيد اليماني، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كفارة الاغتياب أن تستغفر لمن اغتبته.

____________________

(١) القليل: القصير النحيف.

(٢) أماطه: نحاه وأبعده.

١٩٢

٣٢٦/٢٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمربن سلم بن البراء المعروف بابن الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني المعروف بابن عقدة، قال: حدّثنا يحيى بن زكريا بن شيبان، قال: حدّثنا محمّد بن مروان الذهلي، عن عمرو بن سيف الازدي، قال: قال لي أبوعبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : لا تدع طلب الرزق من حله، فإنه أعون لك على دينك، وأعقل راحلتك وتوكل.

٣٢٧/٢٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله بن غالب، قال: حدّثنا الحسين بن عليّ بن رياح، عن سيف بن عميرة، قال: حدثني محمّد بن مروان، قال: حدثني عبدالله بن أبي يعفور، عن أبي عبدالله جعفر ابن محمّدعليهما‌السلام ، قال: ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة: عبد أبق من مواليه حتّى يرجع إليهم فيضع يده في أيديهم، ورجل أم قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط.

٣٢٨/٣٠ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد ابن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبدالله بن إبراهيم، قال: حدثني الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما أسري بي إلى السماء وانتهيت إلى سدرة المنتهى، نوديت: يا محمّد استوص بعلي خيرا، فإنه سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين يوم القيامة.

٣٢٩/٣١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن عليّ الزعفراني، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدثني عثمان بن أبي شيبة، عن عمرو بن ميمون، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام ، قال: قال أميرالمؤمنين عليّ بن أبي

١٩٣

طالبعليه‌السلام على منبر الكوفة: أيها الناس، إنه كان لي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشر خصال، لهن أحب إلي مما طلعت عليه الشمس: قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي، أنت أخي في الدنيا والاخرة، وأنت أقرب الخلائق إلي يوم القيامة في الموقف بين يدي الجبار، ومنزلك في الجنة مواجه منزلي كما تتواجه منازل الاخوان في الله (عزّوجلّ)، وأنت الوارث مني، وأنت الوصي من بعدي في عداتي وأسرتي، وأنت الحافظ لي في أهلي عند غيبتي، وأنت الامام لامتي، والقائم بالقسط في رعيتي، وأنت وليي، ووليي ولي الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله.

٣٣٠/٣٢ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الحميد بن خلف، قال: حدّثنا محمّد بن عمرو بن عتبة، عن حسين الاشقر، عن محمّد بن أبي عمارة الكوفي، قال: سمعت جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: من دمعت عينه دمعة لدم سفك لنا، أو حق لنا أنقصناه، أو عرض انتهك لنا، أو لاحد من شيعتنا، بوأه الله (تعالى) بها في الجنة حقبا.

٣٣١/٣٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي، قال: أخبرنا عليّ بن عبدالله بن أسد الاصبهاني، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدثني محمّد بن عبدالله بن عثمان، قال: حدثني عليّ بن أبي سيف، عن عليّ بن خباب، عن ربيعة وعمارة وغيرهما: أن طائفة من أصحاب أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام مشوا إليه عند تفرق الناس عنه وفرار كثيرهم إلى معاوية طلبا لما في يديه من الدنيا، فقالوا: يا أميرالمؤمنين، اعط هذه الاموال وفضل هؤلاء الاشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم، ومن يخاف عليه من الناس فراره إلى معاوية.

فقال لهم أميرالمؤمنينعليه‌السلام : أتأمروني أن أطلب النصر بالجور، لا والله لا أفعلن ما طلعت شمس ولاح في السماء نجم، والله لو كان مالي لواسيت بينهم، وكيف وإنما هو أموالهم؟!

١٩٤

قال: ثم أرم(١) أميرالمؤمنينعليه‌السلام طويلا ساكتا، ثم قال: من كان له مال فإياه والفساد، فإن إعطاء المال في غير حقه تبذير واسراف، وهو وإن كان ذكرا لصاحبه في الدنيا والاخرة فهو يضيعه عند الله (عزّوجلّ)، ولم يضع رجل ماله في غير حقه وعند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم وكان لغيره ودهم، فإن بقى معه من يوده ويظهر له الشكر، فإنما هو ملق وكذب يريد التقرب به إليه لينال منه مثل الذي كان يأتي إليه من قبل، فإن زلت بصاحبه النعل فاحتاج إلى معونته أو مكافأته، لشر خليل والام خدين(٢) ، ومن ضيع المعروف فيما أتاه فليصل به القرابة، وليحسن فيه الضيافة، وليفك به العاني، وليعن به الغارم، وابن السبيل، والفقراء، والمجاهدين في سبيل الله، وليصبر نفسه على النوائب والحقوق، فإن الفوز بهذه الخصال شرف مكارم الدنيا ودرك فضائل الآخرة.

٣٣٢/٣٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق، عن إسحاق بن عمار، قال: قال لي أبوعبداللهعليه‌السلام : يا إسحاق، كيف تصنع بزكاة مالك إذا حضرت؟ قال: يأتوني إلى المنزل فأعطيهم. فقال لي: ما أراك يا إسحاق إلا قد أذللت المؤمنين، فإياك إياك، إن الله (تعالى) يقول: من أذل لي وليا فقد أرصد لي بالمحاربة.

٣٣٣/٣٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام فذكر عنده المؤمن وما يجب من حقه، فالتفت إلي أبوعبداللهعليه‌السلام فقال لي: يا أبا الفضل، ألا أحدثك بحال المؤمن عند الله؟ فقلت: بلى فحدثني جعلت فداك.

____________________

(١) أي أمسك وسكت.

(٢) الخدين: الصاحب.

١٩٥

فقال: إذا قبض الله روح المؤمن صعد ملكاه إلى السماء فقالا: يا ربي عبدك ونعم العبد، كان سريعا إلى طاعتك، بطيئا عن معصيتك، وقد قبضته إليك، فما تأمرنا من بعده؟ فيقول الجليل الجبار: اهبطا إلى الدنيا، وكونا عند قبر عبدي، وسبحاني ومجداني وهللاني وكبراني واكتبا ذلك لعبدي حتّى أبعثه من قبره.

ثم قال لي: ألا أزيدك؟ قلت: بلى. فقال: إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدمه أمامه، فكلما رأى المؤمن هولا من أهوال يوم القيامة قال له المثال: لا تجزع ولا تحزن وابشر بالسرور والكرامة من الله (عزّوجلّ)، قال: فما يزال يبشره بالسرور والكرامة من الله (سبحانه) حثى يقف بين يدي الله (عزّوجلّ) ويحاسبه حسابا يسيرا، ويأمر به إلى الجنة والمثال أمامه، فيقول له المؤمن: يرحمك الله، نعم الخارج معي من قبري، ما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من الله (عزّوجلّ) حتّى كان ذلك، فمن أنت؟ فيقول له المثال: أنا السرور الذي أدخلته على أخيك في الدنيا خلقني الله منه لابشرك.

٣٣٤/٣٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن محمّد الجعفي، عن أبيه، قال: كنت كثيرا ما أشتكي عيني، فشكوت ذلك إلى أبي عبداللهعليه‌السلام فقال: ألا أعلمك دعاء لد نياك وآخرتك وتكفى به وجع عينيك؟ فقلت: بلى.

فقال: تقول في دبر الفجر ودبر المغرب: « اللهم إني أسألك بحق محمّد وآل محمّد عليك، أن تصلي على محمّد وآل محمّد، وأن تجعل النور في بصري، والبصيرة في ديني، واليقين في قلبي، والاخلاص في عملي، والسلامة في نفسي، والسعة في رزقي، والشكر لك أبدا ما أبقيتني »

٣٥٥/٣٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد ابن قولويهرحمه‌الله ، قال: حدثني محمّد بن يعقوب، عن علي إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت

١٩٦

أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: رأس طاعة الله الرضا بما صنع الله فيما أحب العبد وفيما كره، ولم يصنع الله (تعالى) بعبد شيئا إلا وهو خير له.

٣٣٦/٣٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني الشريف أبوعبدالله محمّد ابن محمّد بن طاهر، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدثني أحمد بن الحسين بن سعيد، قال: حدّثنا أبي، قال: حدثني ظريف بن ناصح، عن محمّد بن عبدالله الاصم الاعلم، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: سمعت أبيعليه‌السلام يقول لجماعة من أصحابه: والله لو أن على أفواهكم أوكية(١) لأخبرت كل رجل منكم ما لا يستوحش معه إلى شئ، ولكن قد سبقت فيكم الإذاعة والله بالغ أمره.

٣٣٧/٣٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن حميد بن الربيع اللخمي، قال: حدّثنا سليمان بن الربيع النهدي، قال: حدّثنا نصر بن مزاحم المنقري، قال أبوالحسن علي ابن بلال: وحدثني عليّ بن عبدالله بن أسد بن منصور الاصبهاني، قال: حدّثنا إبراهيم ابن محمّد بن هلال الثقفي، قال: حدثني محمّد بن علي، قال: حدّثنا نصربن مزاحم، عن يحيى بن يعلى الاسلمي، عن عليّ بن الحزور، عن الاصبغ بن نباتة، قال: جاء رجل إلى عليّعليه‌السلام فقال: يا أميرالمؤمنين، هؤلاء القوم الذين تقاتلهم، الدعوة واحدة، والرسول واحد، والصلاة واحد ة، والحج واحد، فبم نسميهم؟

قال: سمهم بما سماهم الله (تعالى) في كتابه. فقال: ماكل ما في كتاب الله أعلمه. قال: أما سمعت الله (تعالى) يقول في كتابه:( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّـهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ

____________________

(١) الاوكية: جمع وكاء، وهو الغطاء.

١٩٧

وَلَـٰكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ ) (١) ؟ فلما وقع الاختلاف كنا نحن أولى بالله (عزّوجلّ) وبالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبالكتاب، وبالحق، فنحن الذين آمنوا وهم الذين كفروا، وشاء الله قتالهم بمشيئته وإرادته.

٣٣٨/٤٠ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني الشريف أبوعبدالله محمّد ابن طاهر، قال: حدثني أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدثني عبدالله بن أحمد بن المستورد، قال: حدثني عبدالله بن يحيى الكاهلي، قال: حدّثنا محمّد بن عبيد بن مدرك الحارثي، قال: دخلت مع عمي عامر بن مدرك على أبي عبدالله جعفر ابن محمّدعليهما‌السلام فسمعته يقول: من أعان على مؤمن بشطركلمة، لقي الله وبين عينيه مكتوب: آيس من رحمة الله.

٣٣٩/٤١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني، قال: أخبرنا محمّد بن يحيى، قال: حدّثنا جبلة بن محمّد بن جبلة الكوفي، قال: حدثني أبي، قال: اجتمع عندنا السيد بن محمّد الحميري وجعفر بن عفان الطائي، فقال له السيد: ويحك أتقول في آل محمّدعليهم‌السلام شرّاً!:

ما بال بيتكم يخرب سقفه

وثيابكم من أرذل الاثواب

فقال جعفر: فما أنكرت من ذلك؟

فقال له السيد: إذا لم تحسن المدح فاسكت، أيوصف آل محمّد بمثل هذا؟! ولكني أعذرك، هذا طبعك وعلمك ومنتهاك، وقد قلت أمحو عنهم عار مدحك:

أقسم بالله وآلائه

والمرء عما قال مسؤول

إن عليّ بن أبي طالب

على التقي والبر مجبول

وإنه كان الامام الذي

له على الامة تفضيل

يقول بالحق ويعنى به

ولا تلهيه الاباطيل

كان إذا الحرب مرتها القنا

وأحجمت عنها البهاليل

____________________

(١) سورة البقرة ٢: ٢٥٣.

١٩٨

يمشي إلى القرن وفي كفه

أبيض ماضي الحد مصقول

مشى العفرني(١) بين أشباله

أبرزه للقنص الغيل(٢)

ذاك الذي سلم في ليلة

عليه ميكال وجبريل

ميكال في ألف وجبريل في

ألف ويتلوهم سرافيل

ليلة بدرمددا أنزلوا

كأنهم طير أبابيل

فسلموالما أتوا حذوه

وذاك إعظام وتبجيل

كذا يقال فيه يا جعفر، وشعرك يقال مثله لاهل الخصاصة والضعف، فقبل جعفر رأسه وقال: أنت والله الرأس يا أبا هاشم، ونحن الاذناب.

٣٤٠/٤٢ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي، قال: حدثني إسماعيل بن عليّ بن عبدالرحمن البربري الخزاعي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عيسى بن حميد الطائي، قال: حدّثنا أبي حميد بن قيس، قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن الحسين بن عليّ بن الحسين يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام يقول: إن أميرالمؤمنينعليه‌السلام لما رجع من وقعة الخوارج اجتاز بالزوراء، فقال للناس: إنها الزوراء فسيروا وجنبوا عنها، فإن الخسف أسرع إليها من الوتد في النخالة، فلما أتى موضعا من أرضها قال: ما هذه الارض؟ قيل: أرض بحرا. فقال: أرض سباخ جنبوا ويمنوا.

فلما أتى يمنه السواد فإذا هو براهب في صومعة له فقال له: يا راهب، أنزل هاهنا؟ فقال له الراهب: لا تنزل هذه الارض بجيشك. قال: ولم؟ قال: لانه لا ينزلها إلا نبي أو وصي نبي بجيشه، يقاتل في سبيل الله (عزّوجلّ)، هكذا نجد في كتبنا.

فقال له أميرالمؤمنين: فأنا وصي سيد الانبياء، وسيد الاوصياء. فقال له الراهب: فأنت إذن أصلع قريش ووصي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال له أميرالمؤمنين: أنا

____________________

(١) يقال: أسد غفرني، أي شديد قوي.

(٢) الغيل: كل موضع في ماء من واد ونحوه. والغيل: الشجر الكثيف الملتف، ويطلق على موضع الاسد أيضاً.

١٩٩

ذلك.

فنزل الراهب إليه، فقال: خذ علي شرائع الاسلام، إني وجدت في الانجيل نعتك، وأنك تنزل أرض براثا بيت مريم وأرض عيسىعليه‌السلام .

فقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : قف ولا تخبرنا بشئ، ثم أتى موضعا فقال: الكزوا(١) هذه، فلكزه برجلهعليه‌السلام فانبجست عين خرارة، فقال: هذه عين مريم التي انبعقت لها، ثم قال: اكشفوا هاهنا على سبعة عشر ذراعا، فكشف فإذا بصخرة بيضاء فقال عليّعليه‌السلام : على هذه وضعت مريم عيسى من عاتقها وصلت هاهنا؟ فنصب أميرالمؤمنينعليه‌السلام الصخرة وصلى إليها، وأقام هناك أربعة أيام يتم الصلاة، وجعل الحرم في خيمة من الموضع على دعوة، ثم قال: أرض براثا، هذا بيت مريمعليها‌السلام ، هذا الموضع المقدس صلى فيه الانبياء.

قال أبوجعفر محمّد بن عليّعليه‌السلام : ولقد وجدنا أنه صلّى فيه إبرا هيمعليه‌السلام قبل عيسىعليه‌السلام .

٣٤١/٤٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن أبي الجوزاء المنبه بن عبيدالله، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن الحسين بن علي، عن أميرالمؤمنينعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي، إن الله (تعالى) أمرني أن اتخذك أخا ووصيا، فأنت أخي ووصيي، وخليفتي على أهلي في حياتي وبعد موتي، من تبعك فقد تبعني، ومن تخلف عنك فقد تخلف عني، ومن كفر بك فقد كفرني، ومن ظلمك فقد ظلمني. يا علي، أنت مني وأنا منك. يا علي، لولا أنت لما قوتل أهل النهر.

قال: فقلت يا رسول الله، ومن أهل النهر؟ قال: قوم يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية.

____________________

(١) لكزه: ضربه بجمع كفه.

٢٠٠