الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي0%

الأمالي الشيخ الطوسي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 799

الأمالي الشيخ الطوسي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)
تصنيف: الصفحات: 799
المشاهدات: 898113
تحميل: 9557


توضيحات:

الأمالي الشيخ الطوسي المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 799 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 898113 / تحميل: 9557
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٣٤٢/٤٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن بشير الدهان، قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام ربما فاتني الحج فأعرف عند قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قال: أحسنت يا بشير، إنه من أتى قبر الحسين بن عليّعليهما‌السلام في غير يوم عيد كتب له عشرون حجة وعشرون عمرة مبرورات متقبلات، وعشرون غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل، ومن أتاه يوم عيد عارفا بحقه كتب له مائة حجة ومائة عمرة مبرورات متقبلات ومائة غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل، ومن أتاه يوم عرفة عارفا بحقة كتب له ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل.

قال بشير: فقلت له كيف لي بمثل الموقفين؟ فنظر إلي كالمغضب، ثم قال: يا بشير، من أتى الحسين بن عليّعليهما‌السلام عارفا بحقه فاغتسل في الفرات وتوجه إليه، كتبت له بكل خطوة حجة بمناسكها. قال: ولا أعلم إلا قال: وغزوة.

٣٤٣/٤٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوالحسن أحمد بن محمّد ابن الحسن بن الوليد، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن إبراهيبم بن زياد، عن الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: إن الله (تعالى) إذا غضب على أمة ثم لم ينزل بها العذاب، أغلى أسعارها، وقصر أعمارها، ولم يربح تجارها، ولم تغزر أنهارها، ولم تزك ثمارها، وسلط عليها شرارها، وحبس عليها أمطارها.

٣٤٤/٤٦ - أخبرنا أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان، قال: أخبرني الشريف أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن طاهر، قال: أخبرنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدثني سليمان بن محمّد الهمداني، قال: حدّثنا محمّد بن عمران - وهو ابن أبي ليلى -، قال: حدّثنا محمّد بن عيسى الكندي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: جاء أعرابي إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا محمّد،

٢٠١

أخبرني بعمل يحبني عليه.

قال: يا أعرابي، ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس تحبك الناس.

قال: وقال جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : من أخرجه الله من ذل المعصية إلى عز التقوى أغناه بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا بشر، ومن خاف الله أخاف منه كل شئ، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ(١) .

٣٤٥/٤٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا الشريف أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن طاهر، قال: أخبرنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أحمد ابن يوسف بن يعقوب الجعفي، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد، قال: حدّثنا أبي، عن عاصم بن عمر الجعفي، عن محمّد بن مسلم العبدي، قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: كتب إلى الحسن بن عليّعليه‌السلام قوم من أصحابه يعزونه عن ابنة له. فكتب إليهم: « أما بعد، فقد بلغني كتابكم تعزوني بفلانة، فعند الله احتسبها تسليما لقضائه، وصبرا على بلائه، فإن أوجعتنا المصائب، وفجعتنا النوائب بالاحبة المألوفة التي كانت بنا حفية(٢) ، والاخوان المحبون الذين كان يسربهم الناظرون، وتقر بهم العيون، أضحوا قد اخترمتهم الايام، ونزل بهم الحمام(٣) ، فخلفوا الخلوف، وأودت بهم الحتوف، فهم صرعى في عساكر الموتى، متجاورون في غير محلة التجاور، ولا صلاة بينهم ولا تزاور، ولا يتلاقون عن قرب جوارهم، أجسامهم نائية من أهلها، خالية من أربابها، قد أجشعها(٤) إخوانها، فلم أر مثل دارها دارا، ولا مثل قرارها قرارا، في بيوت موحشة، وحلول مخضعة، قد صارت في تلك الديار الموحشة،

____________________

(١) تقدم في الحديث: ٢٢٨.

(٢) الحفي: البر اللطيف.

(٣) الحمام: الموت.

(٤) في نسخة. أخشعها.

٢٠٢

وخرجت عن الدار المؤنسة، ففارقتها من غير قلى(١) ، فاستودعتها البلاء، وكانت أمة مملوكة، سلكت سبيلا مسلوكة، صار إليها الاولون، وسيصير إليها الاخرون، والسلام »

٣٤٦/٤٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا الشريف الصالح أبومحمّد الحسن بن حمزة العلوي، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله بن جعفر، عن أبيه، عن هارون ابن مسلم، عن سعد بن زياد العبدي، قال: حدثني جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: في حكمة آل داود: يابن ادم، كيف تتكلم بالهدى وأنت لا تفيق عن الردى! يابن ادم، أصبح قلبك قاسيا وأنت لعظمة الله ناسيا، فلو كنت بالله عالما، وبعظمته عارفا، لم تزل منه خائفا، ولو عده راجيا، ويحك كيف لا تذكر لحدك، وانفرادك فيه وحدك!

٣٤٧/٤٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى، عن صدقة الاحدب، عن داود الابزاري، قال: سمعت موسى بن جعفرعليه‌السلام يقول: كفى بالتجارب تأديبا، وبمر الايام عظة، وبأخلاق من عاشرت معرفة، وبذكر الموت حاجزا من الذنوب والمعاصي، والعجب كل العجب للمحتمين من الطعام والشراب مخافة الداء أن ينزل بهم، كيف لا يحتمون من الذنوب مخافة النار إذا اشتعلت في أبدانهم!

٣٤٨/٥٠ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا عبدالله بن محمّد، قال: حدثني زيد بن علي، عن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين أبوالحسين العلوي، قال: حدثني عليّ بن جعفر بن محمّد، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن جده علن بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه على الصراط يوم القيامة.

____________________

(١) القلى: البغض والهجران.

٢٠٣

٣٤٩/٥١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا الشريف الصالح أبومحمّد الحسن بن حمزة العلويرحمه‌الله قال: حدّثنا أحمد بن عبدالله، عن جده أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن الحسن بن فضال، عن الحسن بن الجهم، عن أبي اليقظان، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: ثلاث لا يضر معهن شئ: الدعاء عند الكربات، والاستغفار عند الذنب، والشكر عند النعمة.

٣٥٠/٥٢ - هذا حديث وجدته بخط بعض المشايخرحمهم‌الله ذكر أنه وجده في كتاب لابي غانم المعلم الاعرج، وكان مسكنه بباب الشعير، وجد بخطه على ظهر كتاب له حين مات: وهو أن عائشة بنت طلحة دخلت على فاطمةعليها‌السلام فرأتها باكية، فقالت لها: بأبي أنت وأمي، ما الذي يبكيك؟ فقالت لها (صلوات الله عليها): اسائلتي عن هنة حلق بها الطائر، وحفي بها السائر، ورفع إلى السماء أثرا، ورزئت في الارض خبرا، أن قحيف تيم وأحيوك عدي جاريا أبا الحسن في السباق، حتّى إذا تقربا بالخناق، أسرا له الشنآن، وطوياه الاعلان، فلما خبا نور الدين، وقبض النبيّ الامين، نطقا بفورهما، ونفثا بسورهما، وأدلا بفدك، فيا لها لمن ملك، تلك أنها عطية الرب الاعلى للنجي الاوفى، ولقد نحلنيها للصبية السواغب من نجله ونسلي، وأنها ليعلم الله وشهادة أمينه، فإن انتزعا مني البلغة، ومنعاني اللمظة، واحتسبتها يوم الحشر زلفة، وليجدنها اكلوها ساعرة حميم، في لظى جحيم.

تمّ المجلس السابع، ويتلوه المجلس الثامن من أمالي الشيخ الطوسي رحمه الله.

٢٠٤

[ ٨ ]

المجلس الثامن

فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان.

بسم الله الرحمن الرحيم

٣٥١/١ - أخبرنا الشيخ السعيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان (رحمهه الله)، قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : أعطيت تسعا لم يعط أحد قبلي سوى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لقد فتحت لي السبل، وعلمت المنايا، والبلايا، والانساب، وفصل الخطاب، ولقد نظرت في الملكوت باذن ربي، فما غاب عني ماكان قبلي ولا ما يأتي بعدي، وان بولايتي أكمل الله لهذه الامة دينهم، وأتم عليهم النعم، ورضي لهم إسلامهم، إذ يقول يوم الولاية لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا محمّد، أخبرهم أني أكملت لهم اليوم دينهم، وأتممت عليهم النعم، ورضيت إسلامهم، كل ذلك من الله به علي فله الحمد.

٣٥٢/٢ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا الشريف الصالح أبومحمّد الحسن بن حمزة، قال: حدّثنا أبوالقاسم نصر بن الحسن الوراميني، قال: حدّثنا أبو

٢٠٥

سعيد سهل بن زياد الادمي، قال: حدّثنا محمّد بن الوليد المعروف بشباب الصيرفي مولى بني هاشم، قال: حدّثنا سعيد الاعرج، قال: دخلت أنا وسليمان بن خالد على أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام فابتدأني، فقال: يا سليمان، ما جاء عن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يؤخذ به، وما نهى عنه ينتهى عنه، جرى له من الفضل ما جرى لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولرسوله الفضل على جميع من خلق الله، العائب على أميرالمؤمنين في شئ كالعائب على الله وعلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والراد عليه في صغير أو كبير على حد الشرك بالله.

كان أميرالمؤمنينعليه‌السلام باب الله لا يؤتى إلا منه، وسبيله الذي من تمسك بغيره هلك، كذلك جرى حكم الائمّةعليهم‌السلام بعده واحدا بعد واحد، جعلهم الله أركان الارض، وهم الحجة البالغة على من فوق الارض ومن تحت الثرى.

أما علمت أن أميرالمؤمنينعليه‌السلام كان يقول: أنا قسيم الله بين الجنة والنار، وأنا الفاروق الاكبر، وأنا صاحب العصا والميسم، ولقد أقر لي جميع الملائكة والروح بمثل ما أقروا لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولقد حملت مثل حمولة محمّد، وهي حمولة الرب، وان محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعى فيكسى ويستنطق فينطق، وأدعى فأكسى وأستنطق فأنطق، ولقد أعطيت خصالا لم يعطها أحد قبلي: علمت البلايا، والقضايا، وفصل الخطاب؟

٣٥٣/٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا عليّ بن العباس بن الوليد، قال: حدّثنا إبراهيم بن بشر بن خالد، قال: حدّثنا منصور بن يعقوب، قال: حدّثنا عمرو بن شمر، عن إبراهيم بن عبد الاعلى، عن سويد ابن غفلة، قال: سمعت علياعليه‌السلام يقول: والله لو صببت الدنيا على المنافق صبا ما أحبني، ولو ضربت بسيفي هذا خيشوم المؤمن لاحبني، وذلك أني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: يا علي، لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق.

٣٥٤/٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر، قال:

٢٠٦

حدثني يوسف بن الحكم الخياط، قال: حدّثنا داود بن رشيد، قال: حدّثنا سلمة بن صالح الاحمر، عن عبد الملك بن عبد الرحمن، عن الاشقر بن طليق، قال: سمعت الحسن العرني يحدث عن مرة، عن عبدالله بن مسعود، قال: نعى إلينا حبيبنا ونبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه - فبأبي وأمي ونفسي له الفداء - قبل موته بشهر، فلما دنا الفراق جمعنا في بيت، فنظر إلينا، فدمعت عيناه، ثم قال: مرحبا بكم، حياكم الله، حفظكم الله، نصركم الله، نفعكم الله، هداكم الله، وفقكم الله، سلمكم الله، قبلكم الله، رزقكم الله، رفعكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، إني لكم نذير مبين ألا تعلوا على الله في عباده وبلاده، فإن الله (تعالى) قال لي ولكم:( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (١) وقال سبحانه:( أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ) (٢) .

قلنا: متى يا نبي الله أجلك؟ قال: دنا الاجل والمنقلب إلى الله، وإلى سدرة المنتهى، وجنة المأوى، والعرش الاعلى، والكأس الاوفى، والعيش المهنى.

قلنا: فمن يغسلك؟ قال: أخي وأهل بيتي الادنى فالادنى.

٣٥٥/٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني الشريف أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن طاهر، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا محمّد ابن إسماعيل، قال: حدّثنا الحسن بن زياد، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق، عن جعفر ابن محمّد، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال، فإذا عمل العبد السيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: لا تعجل وانظره سبع ساعات، فإن مضى سبع ساعات ولم يستغفر قال: اكتب، فما أقل حياء هذا العبد!

٣٥٦/٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد

____________________

(١) سورة القصص ٢٨: ٨٣.

(٢) سورة الزمر ٣٩: ٦٠.

٢٠٧

ابن الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن عليّ بن محمّد القاساني، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: قال عيسى بن مريم لاصحابه: تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل، ولا تعملون للاخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بعمل، ويلكم علماء السوء، الاخرة تأخذون والعمل لا تصنعون! يوشك رب العمل أن يطلب عمله، ويوشك أن يخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر، كيف يكون من أهل العلم من مصيره إلى اخرته وهر مقبل على دنياه، وما يضره أشهى إليه مما ينفعه؟

٣٥٧/٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر بن مسلم الجعابي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدثني محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم أبوعلي، قال: حدثني عم أبي الحسين بن موسى، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسينعليهم‌السلام ، قال: قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : إن المؤمن لا يصبح إلا خائفا وان كان محسنا، ولا يمسي إلا خائفا وان كان محسنا، لانه بين أمرين: بين وقت قد مضى لا يدري ما الله صانع به، ويين أجل قد اقترب لا يدري ما يصيبه من الهلكات.

ألا وقولوا خيرا تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، صلوا أرحامكم وان قطعوكم، وعودوا بالفضل على من حرمكم، وأدوا الامانة إلى من ائتمنكم، وأوفوا بعهد من عاهدتم، وإذا حكمتم فاعدلوا.

٣٥٨/٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: أخبرنا محمّد بن أحمد بن خاقان النهدي قراءة، قال: حدّثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أعين، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليه‌السلام ، قال: كان عليّ بن الحسينعليه‌السلام يقول: ما أبالي إذا قلت هؤلاء الكلمات لو اجتمع علي الانس والجن: « بسم الله وبالله، ومن الله، وألى الله، وفي سبيل الله، اللهم إليك أسلمت نفسي، واليك وجهت وجهي، واليك فوضت أمري، فاحفظني بحفظ الايمان، من بين يدي،

٢٠٨

ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، ومن تحتي، وادفع عني بحولك وقوتك، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم »

٣٥٩/٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوعلي أحمد بن محمّد بن جعفر الصولي، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين الطائي، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن ابن جعفر بن سليمان الضبعي، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، قال: حدثني يعقوب بن الفضل، قال: حدثني شريك بن عبدالله بن أبي نمر، عن عبدالله بن عبدالرحمن الانصاري، عن أبيه، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أعطيت في علي تسعا، ثلاثا في الدنيا، وثلاثا في الاخرة، واثنين أرجوهما له، وواحدة أخافها عليه:

فأما الثلاثة التي في الدنيا: فساتر عورتي، والقائم بامر أهلي، ووصيي فيهم.

وأما الثلاثة التي في الاخرة: فإني أعطى يوم القيامة لواء الحمد فأرفعه إلى علي ابن أبي طالب يحمله عني، واعتمد عليه في مقام الشفاعة، ويعينني على حمل مفاتيح الجنة.

وأما اللتان أرجوهما له: فإنه لا يرجع من بعدي ضالا، ولا كافرا. وأما التي أخافها عليه: فغدر قريش به من بعدي.

٣٦٠/١٠ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوحفص عمر بن محمّد الصيرفي، قال: حدّثنا أبوعبدالله محمّد بن القاسم بن محمّد بن عبيد اللة، قال: حدّثنا جعفر بن عبيد الله بن جعفر المحمّدي، قال: حدّثنا يحيى بن الحسن بن فرات التميمي، قال: حدّثنا المسعودي، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي محمّد العنزي، قال: حدثني ابن عمي أبوعبدالله العنزي، قال: إنا لجلوس مع عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يوم الجمل إذ جاءه الناس يهتفون به: يا أميرالمؤمنين، لقد نالنا النبل والنشاب، فسكت ثم جاء اخرون فذكروا مثل ذلك فقالوا: قد جرحنا، فقال عليّعليه‌السلام : يا قوم، من يعذرني من قوم يأمروني بالقتال ولم تنزل بعد الملائكة.

فقال: إنا لجلوس ما نرى ريحا ولا نحسها إذ هبت ريح طيبة من خلفنا، والله لو جدت بردها بين كتفي من تحت الدرع والثياب، قال: فلما هبت صب أمير

٢٠٩

المؤمنينعليه‌السلام درعه، ثم قام إلى القوم، فما رأيت فتحا كان أسرع منه.

٣٦١/١١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوعلي أحمد بن محمّد بن جعفر الصولي، قال: حدّثنا زكريا بن يحيى الساجي، قال: حدّثنا إسماعيل بن موسى السدي، قال: حدّثنا محمّد بن سعيد، عن فضيل بن مرزوق، عن أبي سخيلة، عن أبي ذر وسلمانرضي‌الله‌عنهما ، قالا: أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فقال: هذا أول بن آمن بي، وهو أول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الاكبر، وفاروق هذه الامة، ويعسوب المؤمنين.

٣٦٢/١٢ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد، قال: حدّثنا يحيى بن زكريا بن شيبان، قال: حدّثنا بكير بن سلم، قال: حدثني محمّد بن ميمون، قال: حدثني جعفر ابن محمّد، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام ، قال: قال امير المؤمنينعليه‌السلام : ستدعون إلى سبي فسبوني، وتدعون إلى البراءة مني فمدوا الرقاب فإني على الفطرة.

٣٦٣/١٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد ابن الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام يقول: وجدت في كتاب عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : إذا ظهر الربا من بعدي ظهر موت الفجأة، وإذا طففت المكاييل أخذهم الله بالسنين والنقص، وإذا منعوا الزكاة منعت الارض بركاتها من الزرع والثمار والمعادن كلها، وإذا جاروا في الحكم تعاونوا على الاثم والعدوان، وإذا نقضوا العهد سلط الله عليهم شرارهم، ثم يدعو خيارهم فلا يستجاب لهم.

٣٦٤/١٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدثني أبوحفص محمّد بن عثمان الصيرفي، قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عبدالله العلاف - المعروف بالمستغني - قراءة عليه، قال: حدّثنا محمّد بن أبي يعقوب الدينوري، قال: حدّثنا عبدالله بن محمّد البلوي، قال: حدّثنا عمارة بن زيد، قال: حدثني بكر بن حارثة الزهري، عن

٢١٠

عبدالرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر بن عبدالله، قال: سمعت علياعليه‌السلام ينشد، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسمع:

أنا أخو المصطفى لاشك في نسبي

معه ربيت وسبطاه هما ولدي

جدي وجد رسول الله منفرد

وفاطم زوجتي لا قول ذي فند

فالحمد لله شكرا لا شريك له

البر بالعبد والباقي بلا أمد

قال: فابتسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال: صدقت يا علي.

٣٦٥/١٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: قلت لابي الحسنعليه‌السلام : أخبرني عن الارادة من الله (عزّوجلّ) ومن الخلق؟

فقال: الارادة من الله (تعالى) إحداثه الفعل لا غير ذلك، لانه (جلّ اسمه) لا يهم ولا يتفكر.

٣٦٦/١٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن عليّ بن محمّد القاساني، عن القاسم بن محمّد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان ابن عيينة، قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: ما من عبد إلا ولله عليه حجة، إما في ذنب اقترفه، وإما في نعمة قصر عن شكرها.

٣٦٧/١٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد، عن محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن سعد بن أبي خلف، عن أبي الحسنعليه‌السلام أنه قال: عليك بالجد، ولا تخرجن نفسك من حد التقصير في عبادة الله وطاعته، فإن الله (تعالى) لا يعبد حق عبادته.

٣٦٨/١٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد، عن محمّد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن

٢١١

الحسن بن محبوب، عن داود بن كثير، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال الله (عزّوجلّ): لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملون بها لثوابي، فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي، كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كهنه عبادتي، فيما يطلبون من كرامتي، والنعيم في جناتي، ورفيع الدرجات في جواري، ولكن برحمتي فليثقوا، وفضلي، فليرجوا، والى حسن الظن بي فليطمئنوا، فإن رحمتي عند ذلك تدركهم، وبمني أبلغهم رضواني وألبسهم عفوي، فإني انا الله الرحمن الرحيم، بذلك تسميت.

٣٦٩/١٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن محمّد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن عليّ بن محمّد القاساني، عن القاسم بن محمّد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان ابن عيينة، عن حميد بن زياد، عن عطاء بن يسار، عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، قال: يوقف العبد بين يدي الله فيقول: قيسوا بين نعمي عليه وبين عمله، فستغرق النعم العمل، فيقولون: قد استغرقت النعم العمل، فيقول: هبوا له نعمي، وقيسوا بين الخير والشر منه، فإن استوى العملان أذهب الله الشر بالخير وأدخله الجنة، فإن كان له فضل أعطاه الله بفضله، وان كان عليه فضل، وهو من أهل التقوى، لم يشرك بالله (تعالى)، واتقى الشرك به، فهو من أهل المغفرة، يغفر الله له برحمته إن شاء، ويتفضل عليه بعفوه.

٣٧٠/٢٠ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن مالك النحوي، قال: حدّثنا محمّد بن القاسم الانباري، قال: حدثني أبي، قال: حدّثنا عبد الصمد بن محمّد الهاشمي، قال: حدّثنا الفضل بن سليمان النهدي، قال: حدّثنا ابن الكلبي، عن شرقي بن القطامي، عن أبيه، قال: خاصم عمرو بن عثمان بن عفان أسامة بن زيد إلى معاوية بن أبي سفيان مقدمه المدينة، في حائط من حيطان المدينة، فارتفع الكلام بينهما حتّى تلاحيا(١) ، فقال عمرو: تلاحيني وأنت مولاي؟

____________________

(١) لاحاه: نازعه وخاصمه.

٢١٢

فقال أسامة: والله ما أنا بمولاك ولا يسرني أني في نسبك، مولاي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال: ألا تسمعون بما يستقبلني به هذا العبد؟

ثم التفت إليه عمرو فقال له: يابن السوداء، ما أطغاك! فقال: انت اطغى مني وألام، تعيرني بأمي، وأمي والله خير من أمك، وهي أم ايمن مولاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بشرها رسول اللةصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غير موطن بالجنة، وأبي خير من أبيك، زيد بن حارثة صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحبه ومولاه، قتل شهيدا بمؤتة على طاعة الله وطاعة رسوله، وقبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وانا أمير على أبيك، وعلى من هر خير من أبيك، على أبي بكر وعمر وأبي عبيدة، وسروات(١) المهاجرين والانصار، فاتى تفاخرني يابن عثمان! فقال عمرو: يا قوم أما تسمعون بما يجبهني به هذا العبد؟

فقام مروان بن الحكم فجلس إلى جنب عمرو بن عثمان، فقام الحسن بن عليّعليه‌السلام فجلس إلى جنب أسامة، فقام عتبة بن أبي سفيان فجلس إلى جنب عمرو، فقام عبدالله بن عباس فجلس إلى جنب أسامة، فقام سعيد بن العاص فجلس إلى جنب عمرو، فقام عبدالله بن جعفر فجلس إلى جنب أسامة.

فلما راهم معاوية قد صاروا فريقين من بني هاشم وبني أمية، خشي أن يعظم البلاء، فقال: إن عندي من هذا الحائط لعلما. قالوا: فقل بعلمك فقد رضينا.

فقال معاوية: أشهد أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعله لاسامة بن زيد، قم يا أسامة فاقبض حائطك هنيئا مريئا، فقام أسامة والهاشميين وجزوا معاوية خيرا.

فأقبل عمرو بن عثمان على معاوية، فقال: لا جزاك الله عن الرحم خيرا، ما زدت على أن كذبت قولنا، وفسخت حجتنا، وشمت بنا عدونا.

فقال معاوية: ويحك يا عمرو! إني لما رأيت هؤلاء الفتية من بني هاشم قد

____________________

(١) السري: الرجل الشريف، والجمع أسرياء وسراة، وجمع الجمع سروات.

٢١٣

اعتزلوا، ذكرت أعينهم تزور(١) إلي من تحت المغافر بصفين فكاد يختلط علي عقلي، وما يؤمنني يابن عثمان منهم وقد أحلوا بأبيك ما أحلوا، ونازعوني مهجة نفسي حتّى نجوت منهم بعد نبأ عظيم وخطب جسيم، فانصرف فنحن مخلفون لك خيرا من حائطك إن شاء الله (تعالى).

٣٧١/٢١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أبوالحسن عليّ بن الحسن بن فضال، عن أبيه، قال: حدّثنا الحسن بن الجهم، عن عبدالله بن سنان، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمشي ذات يوم مع أصحابه إذ قال لهم: على رسلكم حتّى أثني على ربي. ثم قال: « اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، اللهم أنت الحليم فلا تجهل، وأنت الجواد فلا تبخل، وأنت العزيز فلا تستذل، وأنت المنيع فلا ترام »

٣٧٢/٢٢ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّدرحمه‌الله ، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: ما خلق الله خلقا أكثر من الملائكة، وإنه لينزل كل يوم سبعون ألف ملك، فيأتون البيت المعمور فيطوفرن به، فإذا هم طافوا به نزلوا فطافوا بالكعبة، فإذا طافوا بها أتوا قبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسلموا عليه، ثم أتوا قبر أميرالمؤمنينعليه‌السلام فسلموا عليه، ثم أتوا قبر الحسينعليه‌السلام فسلموا عليه، ثم عرجوا، وينزل مثلهم أبدا إلى يوم القيامة.

وقالعليه‌السلام : من زار أميرالمؤمنينعليه‌السلام عارفا بحقه، غير متجبر، ولا متكبر، كتب الله له أجر مائة ألف شهيد، وغفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبعث من

____________________

(١) تزور: تدور وتنحرف.

٢١٤

الامنين، وهون عليه الحساب، واستقبلته الملائكة، فإذا انصرف شيعته إلى منزله، فإن مرض عادوه، وان مات تبعوه بالاستغفار إلى قبره.

قال: ومن زار الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه كتب الله له ثواب ألف حجة مقبولة وألف عمرة مقبولة، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

٣٧٣/٢٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّدرحمه‌الله ، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سليمان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام ، قال: أول اثنين تصافحا على وجه الارض ذو القرنين وابراهيم الخليلعليه‌السلام ، استقبله إبراهبمعليه‌السلام فصافحه، وأول شجرة على وجه الارض النخلة.

٣٧٤/٢٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا تلاقيتم فتلاقوا بالتسليم والتصافح، وإذا تفرقتم فتفرقوا با لاستغفار.

٣٧٥/٢٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: إن لله علما لم يعلمه إلا هو، وعلما أعلمه ملائكته وأنبياءه ورسله، وما أعلمه ملائكته وأنبياءه ورسله فنحن نعلمه.

٣٧٦/٢٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، عن أبي العباس أحمد بن محمّد بن سعيد، عن أحمد بن يحيى، عن أسيد ابن زيد القرشي، عن محمّد بن مروان، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صلاتكم علي إجابة لدعائكم، وزكاة لاعمالكم.

٢١٥

٣٧٧/٢٧ - وروي أن أميرالمؤمنينعليه‌السلام خرج ذات ليلة من المسجد، وكانت ليلة قمراء، فأتى الجبانة، ولحقه جماعة يقفون أثره، فوقف عليهم ثم قال: من أنتم؟ قالوا: شيعتك يا أميرالمؤمنين، فتفرس في وجوههم ثم قال: فمالي لا أرى عليكم سيماء الشيعة! قالوا: وما سيماء الشيعة، يا أميرالمؤمنين؟ فقال: صفر الوجوه من السهر، عمش العيون من البكاء، حدب الظهور من القيام، خمص البطون من الصيام، ذبل الشفاه من الدعاء، عليهم غبرة الخاشعين.

٣٧٨/٢٨ - وقالعليه‌السلام : الموت طالب ومطلوب، لا يعجزه المقيم، ولا يفوته الهارب، فقدموا ولا تتكلموا، فإنه ليس عن الموت محيص، إنكم إن لم تقتلوا تموتوا، والذي نفس علي بيده لالف ضربة بالسيف على الرأس أهون من الموت على فراش.

٣٧٩/٢٩ - ومن كلامهعليه‌السلام : أيها الناس أصبحتم أغراضا تنتضل فيكم المنايا، وأموالكم نهب المصائب، وما طعمتم في الدنيا من طعام فلكم فيه غصص، وما شربتموه من شراب فلكم فيه شرق. وأشهد بالله ما تنالون من الدنيا نعمة تفرحون بها إلا بفراق أخرى تكرهونها. أيها الناس، إنا خلقنا وإياكم للبقاء لا للفناء، ولكنكم من دار إلى دار تنقلون، فتزودوا لما أنتم صائرون إليه وخالدون فيه، والسلام.

٣٨٠/٣٠ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد ابن الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن أبي حمزة البطائني، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام ، قال: قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : أفضل ما توسل به المتوسلون: الايمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيل الله، وكلمة الاخلاص فإنها الفطرة، واقامة الصلاة فإنها الملة، وايتاء الزكاة فإنها من فرائض الله، وصوم شهر رمضان فإنه جنة من عذاب الله، وحج البيت فإنه ميقات للدين ومدحضة للذنب، وصلة الرحم فإنه مثراة للمال ومنسأة للاجل، وصدقة السر فإنها تذهب الخطيئة وتطفئ غضب الرب، وصنائع المعروف فإنها تدفع ميتة السوء، وتقي مصارع الهوان، ألا فاصدقوا فإن الله مع من صدق، وجانبوا الكذب فإن الكذب مجانب

٢١٦

الايمان، ألا وإن الصادق على شفا منجاة وكرامة، ألا وإن الكاذب على شفا مخزاة وهلكة، ألا وقولوا خيرا تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، وأدوا الامانة إلى من ائتمنكم، وصلوا من قطعكم، وعودوا بالفضل عليهم.

٣٨١/٣١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب، قال: حدّثنا الاجلح، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ثعلبة بن يزيد الحماني، قال: كتب امير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام إلى معاوية بن أبي سفيان: « أما بعد، فإن الله (تعالى) أنزل إلينا كتابه ولم يدعنا في شبهة، ولا عذر لمن ركب ذنبا بجهالة، والتوبة مبسوطة( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ) (١) وأنت ممن شرع الخلاف متماديا في غرة الامل، مختلف السر والعلانية رغبة في العاجل وتكذيبا بعد بالاجل، وكانك قد تذكرت ما مضى منك فلم تجد إلى الرجوع سبيلا »

وكتب (صلوات الله عليه) إلى عمرو بن العاص: « من عبدالله أميرالمؤمنين إلى عمرو ابن العاص. أما بعد، فإن الذي أعجبك مما تلويت من الدنيا ووثقت به منها منقلب عنك، فلا تطمئن إلى الدنيا فإنها غرارة، ولو اعتبرت بما مضى حذرت ما بقي وانتفعت منها بما وعظت به، ولكنك تبعت هواك وأثرته، لولا ذلك لم تؤثر على ما دعوناك إليه غيره لا نا أعظم رجاء وأولى بالحجة، والسلام »

وكتبعليه‌السلام إلى أمراء الاجناد: « من عبدالله أميرالمؤمنين إلى أصحاب المسالح. أما بعد، فإن حقا على المولى ألا يغيره عن رعيته فضل ناله ولا مرتبة اختض بها، وأن يزيده ما قسم الله له دنوا من عباده وعطفا عليهم، ألا وإن لكم عندي ألا احتجبن دونكم سرا إلا في حرب، ولا أطوي دونكم أمرا إلا في حكم، ولا أؤخر لكم حقا عن محله، وأن تكونوا في الحق عندي سواء، فإذا فعلت ذلك وجبت لي عليكم البيعة ولزمتكم الطاعة، وألا تنكصوا عن دعوة، ولا تفرطوا في صلاح، وأن تخوضوا الغمرات إلى الحق، فإن أنتم لم تسمعوا لي على ذلك لم يكن أحد أهون

____________________

(١) سورة الانعام ٦: ١٦١.

٢١٧

علي ممن خالفني فيه، ثم أحل بكم فيه عقوبته، ولا تجدوا عندي فيها رخصة، فخذوا هذا من أمرائكم، واعطوا من أنفسكم هذا يصلح أمركم، والسلام »

٣٨٢/٣٢ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن خالد، قال: حدّثنا العباس بن الوليد، قال: حدّثنا محمّد بن عمرو الكندي، قال: حدّثنا عبد الكريم بن إسحاق الرازي، قال: حدّثنا محمّد بن يزداد، عن سعيد بن خالد، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن عبدالرحمن بن قيس البصري، قال: حدّثنا زاذان، عن سلمان الفارسي (رحمة الله عليه)، قال: لما قبض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتقلد أبوبكر الامر، قدم المدينة جماعة من النصارى يتقدمهم جاثليق له سمت(١) ومعرفة بالكلام ووجوهه وحفظ التوراة والانجيل وما فيهما، فقصدوا أبوبكر، فقال له الجاثليق: إنا وجدنا في الانجيل رسولا يخرج بعد عيسى، وقد بلغنا خروج محمّد بن عبدالله يذكر أنه ذلك الرسول، ففزعنا إلى ملكنا فجمع وجوه قومنا، وأنفذنا في التماس الحق فيما اتصل بنا، وقد فاتنا نبيكم محمّد، وفيما قرأناه من كتبنا أن الانبياء لا يخرجون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصياء لهم يخلفونهم في أممهم، يقتبس منهم الضياء فيما أشكل، فانت أيها الامير وصيه، لنسألك عما نحتاج إليه؟

فقال عمر: هذا خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فجثا الجاثليق لركبتيه، وقال له: خبرنا - أيها الخليفة - عن فضلكم علينا في الدين، فإنا جئنا نسال عن ذلك؟

فقال أبوبكر: نحن مؤمنون وأنتم كفار، والمؤمن خير من الكافر، والايمان خير من الكفر.

فقال الجاثليق: هذه دعوى تحتاج إلى حجة، فخبرني أنت مؤمن عند الله أم عند نفسك؟

فقال أبوبكر: أنا مؤمن عند نفسي، ولا علم لي بما عند الله.

قال: فهل أنا كافر عندك على مثل ما أنت مؤمن، أم أناكافر عندالله؟

____________________

(١) الجاثليق: رئيس الاساقفة، عند بعض طوائف المسيحية. والسمت. الهيئة والسكينة والوقار.

٢١٨

فقال: أنت عندي كافر، ولا علم لي بحالك عند الله.

فقال الجاثليق: فما أراك إلا شاكا في نفسك وفي، ولست على يقين من دينك، فخبرني ألك عند الله منزلة في الجنة بما أنت عليه في الدين تعرفها؟

فقال: لي منزلة في الجنة أعرفها بالوعد، ولا أعلم هل أصل إليها أم لا.

فقال له: فترجو أن تكون لي منزلة في الجنة؟ قال: أجل أرجو ذلك. فقال الجاثليق: فما أراك إلا راجيا لي، وخائفا على نفسك، فما فضلك علي في العلم؟

ثمّ قال له: أخبرني هل احتويت على جميع علم النبيّ المبعوث إليك؟ قال: لا ولكن أعلم منه ما قضى لي علمه.

قال: فكيف صرت خليفة للنبي، وأنت لا تحيط علما بما تحتاج إليه أمته من علمه، وكيف قدمك قومك على ذلك؟

فقال له عمر: كف - أيها النصراني - عن هذا العنت والا أبحنا دمك. فقال الجاثليق: ما هذا عدل على من جاء مسترشدأ طالبا.

فقال سلمانرحمه‌الله : فكأنما ألبسنا جلباب المذلة، فنهضت حتّى أتيت علياعليه‌السلام فاخبرته الخبر، فأقبل - بأبي وأمي - حتّى جلس والنصراني يقول: دلوني على من أساله عما أحتاج إليه، فقال له أميرالمؤمنينعليه‌السلام : سل - يا نصراني - فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لا تسألني عما مضى ولاما يكون إلا أخبرتك به عن نبي الهدى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال النصراني: أسالك عما سألت عنه هذا الشيخ، خبرني أمؤمن أنت عند الله، أم عند نفسك؟

فقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : أنا مؤمن عند الله كما أنا مؤمن في عقيدتي.

فقال الجاثليق: الله أكبر هذا كلام وثيق بدينه، متحقق فيه بصحة يقينه، فخبرني الآن عن منزلتك في الجنة ما هي؟

فقالعليه‌السلام : منزلتي مع النبيّ الامي في الفردوس الاعلى، لا أرتاب بذلك، ولا أشك في الوعد به من ربي.

٢١٩

فقال النصراني: فبماذا عرفت الوعد لك بالمنزلة التي ذكرتها؟ فقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : بالكتاب المنزل وصدق النبيّ المرسل.

قال: فبماذا علمت صدق نبيك؟ قالعليه‌السلام : بالايات الباهرات والمعجزات البينات.

قال الجاثليق: هذا طريق الحجة لمن أراد الاحتجاج، فخبرني عن الله تعالى، أين هو اليوم؟

فقال: يا نصراني، إن الله تعالى يجل عن الاين، ويتعالى عن المكان، كان فيما لم يزل ولا مكان، وهو اليوم على ذلك لم يتغير من حال إلى حال.

فقال: أجل أحسنت أيها العالم وأوجزت في الجواب، فخبرني عنه تعالى أمدرك بالحواس عندك، فيسلك المسترشد في طلبه استعمال الحواس، أم كيف طريق المعرفة به إن لم يكن الامر كذلك؟

فقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : تعالى الملك الجبار أن يوصف بمقدار، أو تدركه الحواس، أو يقاس بالناس، والطريق إلى معرفته صنائعه الباهرة للعقول، الدالة ذوي الاعتبار بما هو عنده مشهود ومعقول.

قال الجاثليق: صدقت، هذا والله الحق الذي قد ضل عنه التائهون في الجهالات، فخبرني الان عما قاله نبيكم في المسيح، وانه مخلوق، من أين أثبت له الخلق، ونفى عنه الالهية، وأوجب فيه النقص؟ وقد عرفت ما يعتقد - فيه كثير من المتدينين.

فقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : أثبت له الخلق بالتقدير الذي لزمه، والتصوير والتغيير من حال إلى حال، والزيادة التي لم ينفك منها والنقصان، ولم أنف عنه النبوة، ولا أخرجته من العصمة والكمال والتأييد، وقد جاءنا عن الله تعالى بانه مثل آدم خلقه من تراب، ثم قال له: كن فيكون.

فقال له الجاثليق: هذا ما لا يطعن فيه الان، غير أن الحجاج مما تشترك فيه الحجة على الخلق والمحجوج منهم، فبم بنت أيها العالم من الرعية الناقصة عنك؟

٢٢٠