الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي0%

الأمالي الشيخ الطوسي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 799

الأمالي الشيخ الطوسي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)
تصنيف: الصفحات: 799
المشاهدات: 898044
تحميل: 9557


توضيحات:

الأمالي الشيخ الطوسي المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 799 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 898044 / تحميل: 9557
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

لمولاه معتب: والله ما عنى غيري(١) .

١٥٢٠/٤ - وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن صالح، عن محمّد بن الفضيل، وزياد ابن النعمان، وسيف بن عميرة، عن هشام بن أحمر، قال: أرسل إلي أبوعبداللهعليه‌السلام في يوم شديد الحر، فقال لي: اذهب إلى فلان الافريقي، فاعترض جارية عنده من حالها كذا وكذا، ومن صفتها كذا وكذا، فأتيت الرجل فاعترضت ما عنده، فلم أر ما وصف لي، فرجعت إليه فأخبرته، فقال: عد إليه فإنها عنده، فرجعت إلى الافريقي فحلف لي ما عنده شئ إلا وقد عرضه علي ثم قال: عندي وصيفة مريضة محلوقة الرأس ليست مما يعرض. فقلت له: اعرضها علي، فجاء بها متوكئة على جاريتين، تخط برجليها الارض، فرأيتها فعرفت الصفة فقلت: بكم هي؟ فقال لا: اذهب بها إليه فيحكم فيها. ثم قال لي: قد والله أردتها منذ ملكتها، فما قدرت عليها، وأخبرني الذي اشتريتها منه عند ذلك أنه لم يصل إليها، وحلفت الجارية أنها نظرت إلى القمر وقع في حجرها، فأخبرت أبا عبداللهعليه‌السلام بمقالته، فأعطاني مائتي دينار فذهبت بها إليه، فقال الرجل: هي حرة لوجه الله (تعالى)، إن لم يكن بعث إلي بشرائها من المغرب، فأخبرت أبا عبداللهعليه‌السلام بمقالته فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : يابن أحمر، أما إنها تلد مولودا ليس بينه وبين الله حجاب.

١٥٢١/٥ - وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن صالح، عن إبراهيم بن مهزم، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: من أخرجه الله (عزّوجلّ) من ذل المعاصي إلى عز التقوى أغناه بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا بشر، ومن خاف الله لم يخف من كل شئ ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ، ومن رضي من الله باليسير من المعاش رضي الله منه باليسير من العمل، ومن لم يستح من طلب

____________________

(١) سقط تمام هذا الحديث من المطبوع، وسقط أوله من الحجرية، وقد روى الحر العاملي قطعة منه بهذا الاسناد - وهو الاسناد المتقدم في الحديث: ١٥١٢ - انظر الوسائل ١٧: ٣٠٩/٢٤، طبع مؤسسة آل البيتعليهم‌السلام .

٧٢١

الحلال خفت مؤنته ونعم أهله، ومن زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه، وأطلق بها لسانه، وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها، وأخرجه الله من الدنيا سالما إلى دار السلام.

١٥٢٢/٦ - وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن صالح، عن سلام الحناط، عن هاشم ابن سعيد، وسليمان الديلمي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: خرجت مع أبي حتّى انتهينا إلى القبر والمنبر، فإذا أناس من أصحابه، فوقف عليهم فسلم، وقال: والله إني لاحبكم، وأحب ريحكم وأرواحكم، فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد، فإنكم لن تنالوا ولايتنا إلا بالورع والاجتهاد، من ائتم بامام فليعمل بعمله.

ثم قال: أنتم شرطة الله، وأنتم شيعة الله، وأنتم السابقون الاولون، والسابقون الآخرون، أنتم السابقون في الدنيا إلى ولايتنا، والسابقون في الآخرة إلى الجنة، ضمنا لكم الجنة بضمان الله (عزّوجلّ) وضمان رسوله، أنتم الطيبون، ونساؤكم الطيبات، كل مؤمن صديق، وكل مؤمنة حوراء، كم من مرة قد قال عليّعليه‌السلام لقنبر: بشر وابشر واستبشر، فوالله لقد مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنه لساخط على جميع أمته إلا الشيعة، إن لكل شئ عروة، وإن عروة الدين الشيعة، ألا وإن لكل شئ إماما، وإن إمام الارض أرض تسكنها الشيعة، ألا وإن لكل شئ شهوة، وإن شهوة الدنيا لسكني الشيعة فيها، والله لولا ما في الارض منكم ما استكمل أهل خلافكم طيبات مالهم، وما لهم في الآخرة من نصيب، وكل مخالف - وإن تعبد - منسوب إلى هذه الآية:( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ، عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ، تَصْلَىٰ نَارًا حَامِيَةً ، تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ) (١) .

والله ما دعا مخالف دعوة خير إلا كانت إجابة دعوته لكم، ولا دعا منكم أحد دعوة خير إلا كانت له من الله مائة، ولا سأله إلا كانت له من الله مائة، ولا عمل أحد منكم حسنة إلا لم تحص تضاعيفها، والله إن صائمكم ليرتع في رياض الجنة، والله إن حاجكم ومعتمركم لمن خاصة الله، وإنكم جميعا لاهل دعوة الله وأهل إجابته، لا

____________________

(١) سورة الغاشية ٨٨: ٢ - ٥.

٧٢٢

خوف عليكم ولا أنتم تحزنون، كلكم في الجنة، فتنافسوا في الدرجات، فوالله ما أحد أقرب إلى عرش الله من شيعتنا، ما أحسن صنيع الله إليهم!

والله لقد قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : يخرج شيعتنا من قبورهم قريرة أعينهم، قد أعطوا الامان، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون.

والله ما سعى أحد منكم إلى الصلاة إلا وقد اكتنفته الملائكة من خلفه، يدعون الله له بالفوز حتّى يفرغ، ألا وإن لكل شئ جوهرا، وجوهر ولد آدم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنتم يا سليمان.

وزاد فيه عيثم بن أسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام : لولا ما في الارض منكم ما زخرفت الجنة، ولا خلقت حوراء، ولا رحم طفل، ولا أذيقت بهيمة، والله إن الله أشد حبا لكم منا.

١٥٢٣/٧ - وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن صالح، عن زيد بن الحسن، عن أبيه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : رقدت بالابطح على ساعدي، وعلي عن يميني، وجعفر عن يساري، وحمزة عند رجلي. قال: فنزل جبرئيل وميكائيل واسرافيل، ففزعت لخفق أجنحتهم. قال: فرفعت رأسي، فإذا إسرافيل يقول لجبرئيل: إلى أي الاربعة بعثت وبعثنا معك؟ قال: فركض برجله، فقال: إلى هذا - وهو محمّد سيد النبيين - ثم قال: من هذا الآخر؟ قال: هذا أخوه ووصيه وابن عمه، وهو سيد الوصيين. ثم قال: فمن الآخر؟ قال: جعفر بن أبي طالب، له جناحان خضيبان، يطير بهما في الجنة. قال: ثم قال: فمن الآخر؟ قال: عمه حمزة، وهو سيد الشهداء يوم القيامة.

١٥٢٤/٨ - وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن الصلت، قال: أخبرنا أحمد ابن محمّد بن سعيد الهمداني، قال: حدّثنا أحمد بن القاسم أبوجعفر الاكفاني من أصل كتابه، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب، قال: حدّثنا أبومعاذ زياد بن رستم بياع الادم، عن عبد الصمد، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: قلت: يا أبا عبدالله، حدّثنا حديث عقيل. قال: نعم، جاء عقيل إليكم بالكوفة، وكان عليّعليه‌السلام جالسا في

٧٢٣

صحن المسجد، وعليه قميص سنبلاني(١) ، قال: فسأله، فقال: اكتب لك إلى ينبع. قال: ليس غير هذا. قال: لا.

فبينما هو كذلك إذ أقبل الحسينعليه‌السلام فقال: اشتر لعمك ثوبين، فاشترى له، قال: يابن أخي ما هذا؟ قال: هذه كسوة أميرالمؤمنين، ثم أقبل حتّى انتهى إلى عليّعليه‌السلام فجلس، فجعل يضرب يده على الثوبين وجعل يقول: ما ألين هذا الثوب يا أبا يزيد! قال: يا حسن، أخد(٢) عمك. قال: والله ما أملك صفراء ولا بيضاء. قال: فمر له ببعض ثيابك. قال: فكساه بعض ثيابه. قال: ثم قال: يا محمّد، أخد عمك. قال: والله لا أملك درهما ولا دينارا. قال: فاكسه بعض ثيابك.

قال عقيل: يا أميرالمؤمنين، إئذن لي إلى معاوية. قال: في حل محلل، فانطلق نحوه، وبلغ ذلك معاوية، فقال: اركبوا أفره دوابكم، والبسوا من أحسن ثيابكم، فإن عقيلا قد أقبل نحوكم، وأبرز معاوية سريره، فلما انتهى إليه عقيل قال معاوية: مرحبا بك يا أبا يزيد، ما نزع بك؟ قال: طلب الدنيا من مظانها. قال: وفقت وأصبت، قد أمرنا لك بمائة ألف، فأعطاه المائة ألف.

ثم قال: أخبرني عن العسكرين اللذين مررت بهما، عسكري وعسكر علي. قال: في الجماعة أخبرك، أو في الوحدة؟ قال: لا بل في الجماعة. قال: مررت على عسكر علي، فإذا ليل كليل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونهار كنهار النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إلا أن رسول الله ليس فيهم، ومررت على عسكرك فإذا أول من استقبلني أبوالأعور وطائفة من المنافقين والمنفرين برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا أن أبا سفيان ليس فيهم. فكف عنه حتّى إذا ذهب الناس قال له: يا أبا يزيد، أيش صنعت بي؟ قال: ألم أقل لك: في الجماعة أو في الوحدة، فأبيت علي؟ قال: أما الآن فاشفني من عدوي. قال: ذلك عند الرحيل.

____________________

(١) القميص السنبلاني: السابغ الطول، وقيل: المنسوب إلى بلد بالروم.

(٢) يقال: أخديته، أي أعطيته.

٧٢٤

فلما كان من الغد شد غرائره ورواحله، وأقبل نحو معاوية، وقد جمع معاوية حوله، فلما انتهى إليه قال: يا معاوية، من ذا عن يمينك؟ قال: عمرو بن العاص، فتضاحك ثم قال: لقد علمت قريش أنه لم يكن أحصى لتيوسها من أبيه، ثم قال: من هذا؟ قال: هذا أبوموسى، فتضاحك ثم قال: لقد علمت قريش بالمدينة أنه لم يكن بها امرأة أطيب ريحا من قب(١) أمه.

قال: أخبرني عن نفسي يا أبا يزيد. قال: تعرف حمامة، ثم سار، فألقي في خلد معاوية، قال: ام من أمهاتي لست أعرفها! فدعا بنسابين من أهل الشام، فقال: أخبراني عن أم من أمهاتي يقال لها حمامة لست أعرفها. فقالا: نسألك بالله لا تسألنا عنها اليوم. قال: أخبراني أو لاضربن أعناقكما، لكما الامان. قالا: فإن حمامة جدة أبي سفيان السابعة وكانت بغيا، وكان لها بيت توفي فيه. قال جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : وكان عقيل من أنسب الناس.

١٥٢٥/٩ - وعنه، قال: أخبرنا ابن الصلت، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: أخبرنا أحمد بن القاسم، قال: أخبرنا عباد، قال: حدّثنا عليّ بن عابس، عن الحصين، عن عبدالله بن معقل، عن عليّعليه‌السلام : أنه قنت في الصبح فلعن معاوية وعمرو بن العاص وأبا موسى وأبا الاعور وأصحابهم.

____________________

(١) القب: ما بين الاليتين أو الوركين.

٧٢٥

[ ٤٤ ]

مجلس يوم الجمعة

الثالث من ذي القعدة سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث ابن الصلت الاهوازي.

بسم الله الرحمن الرحيم

١٥٢٦/١ - حدّثنا الشيخ أبوجعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسي (قدس الله روحه)، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن موسى بن الصلت، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، عن أحمد بن القاسم، عن عباد، عن عبدالله بن الزبير، عن عبدالله بن شريك، عن أبيه، قال: صعد عليّعليه‌السلام المنبر يوم جمعة، فقال: أنا عبدالله وأخو رسوله، لا يقولها بعدي إلا كذاب، ما زلت مظلوما منذ قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقتال الناكثين طلحة والزبير، والقاسطين معاوية وأهل الشام، والمارقين وهم أهل النهروان، ولو أمرني بقتال الرابعة لقاتلتهم.

١٥٢٧/٢ - وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن محمّد بن جبارة، عن سعاد بن سلمان، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال: شهد مع عليّعليه‌السلام يوم الجمل ثمانون من أهل بدر، وألف وخمس مائة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٧٢٦

١٥٢٨/٣ - وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن الحسن بن عليّ ابن عفان، عن الحسن بن عطية، قال: حدّثنا ناصح أبي عبدالله، عن قريبة جارية لهم، قالت: كان عندنا رجل خرج على الحسينعليه‌السلام ، ثم جاء بجمل وزعفران، قالت: فلما دقوا الزعفران صار نارا. قالت: فجعلت المرأة تأخذ منه الشئ فتلطخه على يدها فيصير منه برص. قالت: ونحروا البعير، قالت: فكلما حزوا بالسكين صار مكانها نارا. قالت: فجعلوا يسلخونه فيصير مكانه نارا. قالت: فقطعوه فخرجت منه النار. قالت: فطبخوه فكلما أوقدوا النار فارت القدر نارا. قالت: فجعلوه في الجفنة فصار نارا. قالت: وكنت صبية يومئذ فأخذت عظما منه فطينت عليه، فسقط وأنا يومئذ امرأة، فأخذناه نصنع منه اللعب. قالت: فلما حززناه بالسكين صار مكانه نارا، فعرفنا أنه ذلك العظم فدفناه.

١٥٢٩/٤ - وعنه، قال: أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن عفان، عن الحسن بن عطية، قال: سمعت جدي أبا أمي بزيعا، قال: كنا نمر ونحن غلمان زمن خالد على رجل في الطريق جالس، أبيض الجسد أسود الوجه، وكان الناس يقولون: خرج على الحسينعليه‌السلام .

١٥٣٠/٥ - وعنه، قال: أخبرنا ابن الصلت، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا الحسن بن صالح الهمداني أبوعلي من كتابه في ربيع الاول سنة ثمان وسبعين، وأحمد بن يحيى، قالا: حدّثنا محمّد بن عمرو، قال: حدّثنا عبد الكريم، قال: حدّثنا القاسم بن أحمد، قال: حدّثنا أبوالصلت عبد السلام بن صالح الهروي.

قال أبوالعباس أحمد بن محمّد: وحدّثنا القاسم بن الحسن العلوي الحسني، قال: حدّثنا أبوالصلت، قال: حدّثنا عليّ بن عبدالله بن النعجة، قال: حدّثنا أبوسهيل ابن مالك، عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال: لما ولي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام أسرع الناس إلى بيعته المهاجرون والانصار وجماعة الناس، لم يتخلف عنه أحد من أهل الفضل إلا نفر يسير خذلوا وبايع الناس.

وكان عثمان قد عود قريشا والصحابة كلهم، وصبت عليهم الدنيا صبا، وآثر

٧٢٧

بعضهم على بعض، وخص أهل بيته من بني أمية، وجعل لهم البلاد، وخولهم العباد، فاظهروا في الارض الفساد، وحمل أهل الجاهلية والمؤلفة قلوبهم على رقاب الناس حتّى غلبوه على أمره، فأنكر الناس ما رأوا من ذلك، فعاتبوه فلم يعتبهم، وراجعوه فلم يسمع منهم، وحملهم على رقاب الناس حتّى انتهى إلى أن ضرب بعضا، ونفى بعضا، وحرم بعضا، فرأى أصحاب رسول الله أن يدفعوه بالبيعة، وما عقدوا له في رقابهم، فقالوا: إنما بايعناه على كتاب الله وسنة نبيه والعمل بهما، فحيث لم يفعل ذلك لم تكن له علينا طاعة.

فافترق الناس في أمره على خاذل وقاتل، فأما من قاتل فرأى أنه حيث خالف الكتاب والسنة، واستأثر بالفئ، واستعمل من لا يستأهل، رأوا أن جهاده جهاد، وأما من خذله، فإنه رأى أنه يستحق الخذلان، ولم يستوجب النصرة بترك أمر الله حتّى قتل.

واجتمعوا على عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فبايعوه، فقام وحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى على النبيّ وآله، ثم قال: أما بعد، فإني قد كنت كارها لهذه الولاية، يعلم الله في سماواته وفوق عرشه على أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى اجتمعتم على ذلك، فدخلت فيه، وذلك أني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: أيما وال ولي أمر أمتي من بعدي أقيم يوم القيامة على حد الصراط، ونشرت الملائكة صحيفته، فإن نجا فبعدله، وإن جار انتقض به الصراط انتقاضة تزيل ما بين مفاصله حتّى يكون بين كل عضو وعضو من أعضائه مسيرة مائة عام، يخرق به الصراط، فأول ما يلقى به النار أنفه وحر وجهه، ولكني لما اجتمعتم علي نظرت فلم يسعني ردكم حيث اجتمعتم، أقول ما سمعتم، واستغفر الله لي ولكم.

فقام إليه الناس فبايعوه، فأول من قام فبايعه طلحة والزبير، ثم قام المهاجرون والانصار وسائر الناس حتّى بايعه الناس، وكان الذي يأخذ عليهم البيعة عمار بن ياسر وأبو الهيثم بن التيهان، وهما يقولان: نبايعكم على طاعة الله وسنة رسوله، وإن لم نف لكم فلا طاعة لنا عليكم، ولا بيعة في أعناقكم، والقرآن إمامنا وإمامكم.

٧٢٨

ثم التفت عليّعليه‌السلام عن يمينه وعن شماله، وهو على المنبر، وهو يقول: ألا لا يقولن رجال منكم غدا قد غمرتهم الدنيا، فاتخذوا العقار، وفجروا الانهار، وركبوا الخيول الفارهة، واتخذوا الوصائف الروقة، فصار ذلك عليهم عارا وشنارا إن لم يغفر لهم الغفار، إذا منعوا ما كانوا فيه، وصيروا إلى حقوقهم التي يعلمون، يقولون: حرمنا ابن أبي طالب، وظلمنا حقوقنا، ونستعين بالله ونستغفره، وأما من كان له فضل وسابقة منكم، فإنما أجره فيه على الله، فمن استجاب لله ولرسوله ودخل في ديننا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فقد استوجب حقوق الاسلام وحدوده.

فأنتم أيها الناس، عباد الله المسلمون، والمال مال الله يقسم بينكم بالسوية، وليس لاحد على أحد فضل إلا بالتقوى، وللمتقين عند الله خير الجزاء وأفضل الثواب، لم يجعل الله الدنيا للمتقين جزاء، وما عند الله خير للابرار، إذا كان غدا فاغدوا، فإن عندنا مالا اجتمع، فلا يتخلفن أحد كان في عطاء، أو لم يكن إذا كان مسلما حرا، احضروا رحمكم الله.

فاجتمعوا من الغد، ولم يتخلف عنه أحد، فقسم بينهم ثلاثة دنانير لكل إنسان الشريف والرضيع والاحمر والاسود، لم يفضل أحدا، ولم يتخلف عنه أحد إلا هؤلاء الرهط: طلحة والزبير وعبدالله بن عمر وسعيد بن العاص ومروان بن الحكم وناس معهم.

فسمع عبيدالله بن أبي رافع وهو كاتب عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام عبدالله بن الزبير وهو يقول للزبير وطلحة وسعيد بن العاص: لقد التفت إلى زيد بن ثابت فقلت له: اياك أعني واسمعي يا جارة. فقال له عبيدالله: يا سعيد بن العاص وعبدالله بن الزبير، إن الله يقول في كتابه:( وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) (١) . قال عبيدالله: فأخبرت علياعليه‌السلام فقال: لئن سلمت لاحملنهم على الطريق، قاتل الله ابن العاص، لقد علم في كلامي أني اريده وأصحابه بكلامي، والله المستعان.

____________________

(١) سورة المؤمنون ٢٣: ٧٠.

٧٢٩

قال مالك بن أوس: وكان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام أكثر ما يسكن القناة(١) ، فبينا نحن في المسجد بعد الصبح إذ طلع الزبير وطلحة، فجلسا في ناحية عن عليّعليه‌السلام ، ثم طلع مروان وسعيد وعبدالله بن الزبير والمسور بن مخرمة فجلسوا، وكان عليّعليه‌السلام جعل عمار بن ياسر على الخيل، فقال لابي الهيثم بن التيهان ولخالد بن زيد أبي أيوب ولابي حية ولرفاعة بن رافع في رجال من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قوموا إلى هؤلاء القوم، فإنه بلغنا عنهم ما نكره من خلاف أميرالمؤمنين إمامهم، والطعن عليه، وقد دخل معهم قوم من أهل الجفاء والعداوة، وإنهم سيحملونهم على ما ليس من رأيهم.

قال: فقاموا، وقمنا معهم حتّى جلسوا إليهم، فتكلم أبوالهيثم بن التيهان، فقال: إن لكما لقدما في الاسلام وسابقة وقرابة من أميرالمؤمنين، وقد بلغنا عنكما طعن وسخط لامير المؤمنين، فإن يكن أمر لكما خاصة فعاتبا ابن عمتكما وإمامكما، وإن كان نصيحة للمسلمين فلا تؤخراه عنه، ونحن عون لكما، فقد علمتما أن بني أمية لن تنصحكما أبدا وقد عرفتما - وقال أحمد: عرفتم - عداوتهم لكما، وقد شركتما في دم عثمان ومالاتما، فسكت الزبير وتكلم طلحة، فقال: افرغوا جميعا مما تقولون، فإني قد عرفت أن في كل واحد منكم خبطة.

فتكلم عمار بن ياسررحمه‌الله فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال: أنتما صاحبا رسول الله، وقد أعطيتما إمامكما الطاعة والمناصحة، والعهد والميثاق على العمل بطاعة الله وطاعة رسوله، وأن يجعل كتاب الله إمامنا - قال أحمد: وجعل كتاب الله إماما -، وهو عليّ بن أبي طالب طلق النفس عن الدنيا، وقدم كتاب الله، ففيم السخط والغضب على عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ! فغضب الرجال في الحق: انصرا نصركما الله.

فتكلم عبدالله بن الزبير، فقال: لقد تهذرت يا أبا اليقظان. فقال له عمار: مالك

____________________

(١) القناة: واد من أودية المدينة.

٧٣٠

تتعلق في مثل هذا يا أعبس، ثم أمر به فأخرج، فقام الزبير فالتفت إلى عماررحمه‌الله فقال: عجلت يا أبا اليقظان على ابن أخيك رحمك الله. فقال عمار بن ياسر: يا أبا عبدالله، أنشدك الله أن تسمع قول من رأيت، فإنكم معشر المهاجرين لم يهلك من هلك منكم حتّى استدخل في أمره المؤلفة قلوبهم. فقال الزبير: معاذ الله أن نسمع منهم. فقال عمار: والله يا أبا عبدالله، لو لم يبق أحد إلا خالف عليّ بن أبي طالب لما خالفته، ولا زالت يدي مع يده، وذلك لان عليا لم يزل مع الحق منذ بعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإني أشهد أنه لا ينبغي لاحد أن يفضل عليه أحدا.

فاجتمع عمار بن ياسر وأبو الهيثم ورفاعة وابو أيوب وسهل بن حنيف، فتشاوروا أن يركبوا إلى عليّعليه‌السلام بالقناة فيخبروه بخبر القوم، فركبوا إليه فأخبروه باجتماع القوم وما هم فيه من إظهار الشكوى والتعظيم لقتل عثمان، وقال له أبوالهيثم: يا أميرالمؤمنين، انظر في هذا الامر، فركب بغلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودخل المدينة، وصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، واجتمع أهل الخير والفضل من الصحابة والمهاجرين، فقالوا لعليّعليه‌السلام : إنهم قد كرهوا الاسوة، وطلبوا الاثرة، وسخطوا لذلك. فقال عليّعليه‌السلام : ليس لاحد فضل في هذا المال، وهذا كتاب الله بيننا وبينكم، ونبيكم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيرته.

ثم صاح باعلى صوته: يا معشر الانصار، أتمنون علي باسلامكم - قال أحمد: على الله باسلامكم - بل لله ورسوله المن عليكم إن كنتم صادقين، أنا أبوالحسن القرم(١) . ونزل عن المنبر وجلس ناحية المسجد، وبعث إلى طلحة والزبير فدعاهما، ثم قال لهما: ألم تأتياني وتبايعاني طائعين غير مكرهين(٢) ، فما أنكرتم، أجور في

____________________

(١) القرم: النحل من الابل، وقيل للسيد العظيم على التشبيه بالفحل.

(٢) الظاهر أن سقطا في هذا الموضع، يدل عليه ما يأتي في جواب أميرالمؤمنينعليه‌السلام من ذكر الاستشارة، والسقط على ما في رواية ابن أبي الحديد ٧: ٤٠: « قالا: بلى. فقال: غير مجبرين ولا مقسورين، فاسلمتما لي بيعتكما، وأعطيتماني عهدكما؟ قالا: نعم. قال: فما دعاكما بعد إلى ما أرى؟ قالا: أعطيناك بيعتنا على ألا تقضي الامور ولا تقطعها دوننا، وأن تستشيرنا في كل أمر، ولا تستبد بذلك عليا، ولنا من الفضل على غيرنا ما قد علمت، فأنت تقسم القسم وتقطع الامر، وتمضي الحكم بغير مشاورتنا ولا علمنا » .

٧٣١

حكم أو استئثار في فئ؟ قالا: لا. قالعليه‌السلام : أو في أمر دعوتماني إليه من أمر المسلمين فقصرت عنه؟ قالا: معاذ الله.

قالعليه‌السلام : فما الذي كرهتما من أمري حتّى رأيتما خلافي؟ قالا: خلافك عمر بن الخطاب في القسم، وانتقاصنا حقنا من الفئ، جعلت حظنا في الاسلام كحظ غيرنا مما أفاء الله علينا بسيوفنا، ممن هو لنا فئ، فسويت بيننا وبينهم.

فقال عليّعليه‌السلام : الله أكبر، اللهم إني اشهدك وأشهد من حضر عليهما، أما ما ذكرتما من الاستشارة فوالله ما كانت لي في الولاية رغبة، ولا لي فيها محبة، ولكنكم دعوتموني إليها، وحملتموني عليها، فكرهت خلافكم، فلما أفضت إلي نظرت إلى كتاب الله وما وضع وأمر فيه بالحكم وقسم وسن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمضيته، ولم احتج فيه إلى رأيكما ودخولكما معي ولا غيركما، ولم يقع أمر جهلته فأتقوى فيه برأيكما ومشورتكما، ولو كان ذلك لم أرغب عنكما، ولا عن غيركما، إذا لم يكن في كتاب الله ولا في سنة نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأما ما كان فلا يحتاج فيه إلى أحد، وأما ما ذكرتما من أمر الاسوة فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه، ووجدت أنا وأنتما ما قد جاء به محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كتاب الله، فلم احتج فيه إليكما، قد فرغ من قسمه كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وأما قولكما جعلتنا فيه كمن ضربناه بأسيافنا، وأفاء الله علينا، فقد سبق رجال رجالا فلم يفضلهم (رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )، ولم يستأثر عليهم من سبقهم، ولم يضرهم حين استجابوا لربهم، والله مالكم ولا لغيركم إلا ذلك، ألهمنا الله وإياكم الصبر عليه.

فذهب عبدالله بن الزبير يتكلم، فأمر به فوجئت عنقه وأخرج من المسجد، فخرج وهو يصيح ويقول: اردد إليه بيعته. فقال عليّعليه‌السلام : لست مخرجكما من أمر دخلتما فيه، ولا مدخلكما في أمر خرجتما منه، فقاما عنه فقالا: أما إنه ليس عندنا أمر إلا الوفاء. قال: فقال عليّعليه‌السلام : رحم الله عبدا رأى حقا فأعان عليه، أو رأى جورا فرده، وكان عونا للحق على من خالفه.

٧٣٢

[ ٤٥ ]

مجلس يوم الجمعة

السادس من صفر سنة ثمان وخمسين وأربع مائة

فيه أحاديث الشيخ المفيد.

بسم الله الرحمن الرحيم

١٥٣١/١ - حدّثنا الشيخ أبوجعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسيرحمه‌الله ، قال: أخبرنا محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر، قال: حدّثنا علي ابن العباس بن الوليد، قال: قال: لا إله إلا الله نصف الميزان، والحمد لله ملؤه.

١٥٣٢/٢ - وعنه، قال: أخبرنا محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر، قال: حدّثنا عليّ بن العباس بن الوليد، قال: حدّثنا ابن عثمان الحضرمي، عن الاعمش، عن مورق العجلي، قال: رأيت أبا ذر آخذا بحلقة باب الكعبة وهو يقول: من عرفني فأنا جندب، وإلا فأنا أبوذر الغفاري، برح الخفاء، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومثل باب حظة، يحط الله به الخطايا.

١٥٣٣/٣ - وعنه، قال: أخبرنا الشيخ أبوعبدالله، قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن العلاء بن رزين، عن

٧٣٣

محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: من قال بعد صلاة الصبح قبل أن يتكلم: « بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلق العظيم » يعيدها سبع مرات، دفع الله عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء، أهونها الجذام والبرص.

١٥٣٤/٤ - وعنه، قال: أخبرنا الشيخ أبوعبدالله، قال: أخبرني أبونصر محمّد ابن الحسين المقرئ، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة، قال: حدثني شيخ من أصحابنا يعرف بعبدالرحمن بن إبراهيم، قال: حدّثنا صباح الحذاء، قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : من كانت له إلى الله حاجة فليقصد إلى مسجد الكوفة، وليسبغ وضوءه، وليصل في المسجد ركعتين، يقرأ في كل واحدة منهما فاتحة الكتاب وسبع سور معها، وهي: المعوذتان، وقل هو الله، وقل يا أيها الكافرون، وإذا جاء نصر الله والفتح، وسبح اسم زبك الاعلى، وإنا أنزلناه في ليلة القدر، فإذا فرغ من الركعتين وتشهد وسلم، سأل الله، فإنها تقضى بعون الله إن شاء الله.

قال عليّ بن الحسين بن فضال: وقال لي هذا الشيخ: إني فعلت ذلك، ثم دعوت الله أن يوسع رزقي، فأنا من الله بكل نعمة، ثم دعوته أن يرزقني الحج فرزقته، وعلمته رجلا من أصحابنا وكان مقترا عليه رزقه، فرزقه، الله (تعالى) ووسع عليه.

٧٣٤

[ ٤٦ ]

مجلس يوم التروية

من سنة ثمان وخمسين وأربع مائة

فيه أحاديث ابن أبي جيد القمي.

بسم الله الرحمن الرحيم

١٥٣٥/١ - حدّثنا الشيخ أبوجعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسيرضي‌الله‌عنه في يوم التروية سنة ثمان وخمسين وأربع مائة في مشهد مولانا أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، قال: حدّثنا الشيخ ابن أبي جيد، عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن جابر بن يزيد الجعفي، ورواه محمّد بن جعفر الاسدي أبوالحسين، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: دخلت على أبي جعفر الباقرعليه‌السلام فقال لي: يا جابر، أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت! فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون - يا جابر - إلا بالتواضع والتخشع والامانة وكثرة ذكر الله والصلاة والصوم، وبرا لوالدين، وتعاهد الجيران والفقراء والمساكين والغارمين والايتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكف الالسن عن الناس إلا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الاشياء.

٧٣٥

قال جابر: فقلت: يابن رسول الله، ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة. فقال: يا جابر، لا تذهبن بك المذاهب، حسب الرجل أن يقول أحب عليا وأتولاه، ثم لا يكون مع ذلك فعالا، فلو قال: إني أحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورسول الله خير من علي، ثم لا يتبع سيرته، ولا يعمل بسنته، ما نفعه حبه إياه شيئا، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله وأكرمهم عليه أتقاهم له، والله ما يتقرب إلى الله إلا بالعمل، وما معنا براءة من النار، وما لنا على الله (لاحد) من حجة، من كان (لله) مطيعا فهو لنا ولي، ومن كان (لله) عاصيا فهو لنا عدو، والله لا تنال ولايتنا إلا بالعمل.

١٥٣٦/٢ - ذكر الفضل بن شاذانرحمه‌الله في كتابه الذي نقض به على ابن كرام، قال: روى عثمان بن عفان، عن محمّد بن عباد البصري صاحب عبادان ورئيس الغزاة، قال عثمان: قال لي محمّد بن عباد: يا شجري ألا أحدثك بأعجب حديث سمعته قط؟ قال: قلت: حدثني رحمك الله. قال: كان في جواري هاهنا رجل من أحد الصالحين، فبينا هو ذات ليلة نائم إذا رأى كأنه قد مات، وحشر إلى الحساب، وقرب إلى الصراط. قال: فلما جزت إلى الصراط، فإذا أنا بالنبيعليه‌السلام جالس على شفير الحوض، والحسن والحسينعليهما‌السلام بيديهما كأس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسقيان الامة، فدنوت إلى الحسنعليه‌السلام فقلت: اسقني، فأبى علي، فدنوت إلى الحسينعليه‌السلام فقلت له: اسقني، فأبى علي.

فأتيت النبيّعليه‌السلام فقلت: يا رسول الله، مر الحسن والحسين يسقياني، قال: لا تسقياه. قلت: بأبي أنت وأمي، أنا مؤمن بالله وبك، لم أخالفك، فكيف لا تسقونني! مر الحسن والحسين أن يسقياني، فقال: لا تسقياه، فإن في جواره رجلا يلعن عليا فلم يمنعه، فدفع إلي سكينا وقال: اذهب فاذبحه، فذهبت في منامي فذبحته، ثم رجعت فقلت بأبي أنت وأمي قد فعلت ما أمرتني به. قال: هات السكين، فدفعته، قال: يا حسين اسقه. قال: فسقاني الحسينعليه‌السلام وأخذت الكأس بيدي، ولا أدري شربت أم لا، ولكني استنبهت من نومي، وإذا بي من الرعب غير قليل، فقمت إلى صلاتي، فلم أزل أصلي وأبكي حتّى انفجر عمود الصبح، فإذا بولولة وصيحة، وإذا هم ينادون

٧٣٦

فلان ذج على فراشه، وإذا أنا بالحرس والشرطة يأخذون البرئ والجيران، فقلت. سبحان الله، هذا شئ رأيته في المنام، فحققه الله! فقمت إلى الامير فقلت: أصلحك فلان ذج على فراشه، وإذا أنا بالحرس والشرطة يأخذون البرئ والجيران، فقلت. سبحان الله، هذا شئ رأيته في المنام، فحققه الله! فقمت إلى الامير فقلت: أصلحك الله، هذا أنا فعلته والقوم براء. قال لي: ويحك ما تقول! فقلت: أيها الامير، هذه رؤيا رأيتها في منامي، فإن كان الله حققها فما ذنب هؤلاء وقصصت عليه الرؤيا، فقال الامير: اذهب فجزاك الله خيرا، أنت برئ، والقوم براء.

قال عثمان بن عفان: فهذا أعجب حديث سمعته قط.

١٥٣٧/٣ - قال الفضل: وروى محمّد بن رافع، وأحمد بن نصر، وحميد بن زنجويه، زاد بعضهم على بعض، عن عليّ بن عاصم، والنضر بن شميل، عن عوف عن أبي القموص، قال: شرب إنسان الخمر قبل أن تحرم، فاقبل ينوح على قتلى المشركين، الذين قتلهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم بدر، فقال:

نحيي بالسلامة أم بكر

وهل لك بعد رهط من سلام

ذريني اصطبح يا بكر إني

رأيت الموت رحب عن(١) هشام

يود بنو المغيرة لو فدوه

بألف من رجال أو سوام

يحدثني النبيّ بأن سنحيا

وكيف حياة أصداء وهام

ألا من مبلغ الرحمن عني

بأني تارك شهر الصيام

أيقتلني إذا ما كنت حيا

ويحييني إذا رمت عظامي

إذا ما الرأس فارق منكبيه

فقد شبع الانيس من الطعام

وقال بعض الشعراء في ذلك:

لولا فلان وسوء سكرته

كانت حلالا كسائغ العسل

انتهى بحمد الله ومنه كتاب الامالي لشيخ الطائفة

محمّد بن الحسن الطوسي رحمه الله.

____________________

(١) كذا والظاهر أنه تصحيف: قرب من.

٧٣٧

فهرس المحتوى

المجلس الأوّل

فيه أحاديث الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن
النعمان، رواية أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي.

كراهة كثرة الكلام بغير ذكر الله. ٣

خروج عليّ (عليه السلام) لمبارزة مرحب.. ٣

دعاء الأعرابي. ٥

خطبة معاوية بمسجد دمشق، وردّ صعصعة عليه ٥

حديث في الترغيب في الدعاء ٦

حديث في التعامل مع الترك. ٦

لا يعذّب الله قلباً وعي القرآن. ٦

وصيّة أميرالمومنين (عليه السلام) عند ما حضرته الوفاة ٧

خلافة أميرالمومنين (عليه السلام) بعهد من الله. ٨

تفسير قوله تعالي: (فَلِلَّـهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ) ٩

ستّ من العمل بواحدة أدخلته الجنّة ١٠

مكارم الأخلاق عشرة ١٠

خطبة أميرالمومنين (عليه السلام) و فيها ترغيب على الطاعات.. ١٠

قول ابن عباس (رضي الله عنه) في فضائل أميرالمومنين (عليه السلام) ١١

ما أوحي الله (تعالي) إلي عيسى بن مريم (عليه السلام) ١٢

كلام الذئب مع الراعي بشأن رسول الله (صلّي الله عليه و آله و سلّم) ١٢

ثلاثة من الذنوب تعجّل عقوبتها ١٣

كلام النجاشي في النصر النبيّ (صلّي الله عليه و آله و سلّم) علي عدوّه مع جعفر الطيّار ١٤

دعاء السجاد (عليه السلام) في المهمات.. ١٥

٧٣٨

أنا شجرة و فاطمة فرعها ١٨

لا إله إلا الله، نصف الميزان. ١٩

اعتراض قريش علي رسول الله ( صلّي الله عليه وآله وسلّم) ونزول سورة الكافرون وآية (ضَرَبَ لَنَا مَثَلًا ... ) ١٩

موعظة أميرالمومنين (عليه السلام) لكميل. ٢٠

افتتاح الدين و اختتامه بنا ٢١

طوبى لمن لم يبدّل نعمة الله كفراً ٢١

دعاء رسول الله ( صلّي الله عليه وآله وسلّم) لبني عبدالمطّلب.. ٢١

الناس عبيد لنا في الطاعة ٢٢

كلام الإمام الرضا (عليه السلام) في التوحيد. ٢٢

المعروف هديّتي إلي عبدي المؤمن. ٢٤

فاطمة بضعة منّي، وأعز البرية عليّ. ٢٤

كتاب أميرالمومنين (عليه السلام) لمحمّد بن أبي بكر وأهل مصر ٢٤

المجلس الثاني

فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان.

لاتظهر الشماتة لأخيك.. ٣٣

قول الصادق (عليه السلام): إنكم علي دين الله. ٣٣

كلام صفيّة بنت حييّ بن أحطب مع رسول الله ( صلّي الله عليه وآله وسلّم)، وحديث الحارث الهمداني في حبّ أهل البيت (عليهم السلام) ٣٣

ركبان يوم القيامة ٣٤

دعاء الشدة للإمام الرضا (عليه السلام) ٣٥

خلتان لا تجمعان في منافق. ٣٦

محاسبة النفس و مواقف يوم القيامة ٣٦

الإيمان قول و عمل و عرفان. ٣٦

خطبة الإمام عليّ (عليه السلام) عن الإيمان. ٣٧

التختّم بالعقيق. ٣٨

٧٣٩

النهي عن صحبة الأحمق. ٣٩

تزويج عليّ بفاطمة (عليهما السلام) ٣٩

جهاز فاطمة (عليها السلام) ٤٠

أميرالمومنين كفؤ لفاطمة (عليهما السلام) ٤٣

التزوج بفاطمة (عليها السلام) بعد حرب بدر ٤٣

تحريم انساء علي عليّ (عليه السلام) ما دامت فاطمة (عليها السلام) حيّة ٤٣

السكوت عن عيوب الناس. ٤٤

بناء الإسلام علي عشرة أسهم. ٤٤

كمال اللإيمان في أربع. ٤٤

فضل صوم شهر رجب.. ٤٤

قول الصادق (عليه السلام) في عمر بن يزيد. ٤٥

سؤال هشام الصادق (عليه السلام) عن خمسمائة حرف من الكلام ٤٦

قول الصادق (عليه السلام) في هشام بن الحكم. ٤٦

صحيفة المؤمن بعد موته ٤٦

التعلّم و العمل و العلم لله. ٤٧

فضل زيارة الحسين (عليه السلام) في النصف من شعبان. ٤٧

اللإيمان و حبّ آل محمّد (عليهم السلام) ٤٨

حبّ عليّ (عليه السلام) ينفع في يوم القيامة ٤٨

التختّم بالفيروزج لطب الولد. ٤٨

شعر السيّد الحميري قبل وفاته بساعة ٤٩

قول النبيّ ( صلّي الله عليه وآله وسلّم) إذا أتاه أمر يكره، أو أمر يسره ٤٩

حديث المنزلة ٥٠

كلام والي المنصور في مسجد النبيّ ( صلّي الله عليه وآله وسلّم) عند ما قتل ابنا عبدالله بن الحسن  ٥٠

مواجهة عليّ (عليه السلام) مع الخضر (عليه السلام) في مسجد الكوفة ٥١

٧٤٠