الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٧

الميزان في تفسير القرآن0%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 419

الميزان في تفسير القرآن

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي
تصنيف: الصفحات: 419
المشاهدات: 161639
تحميل: 5473


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 419 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 161639 / تحميل: 5473
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء 17

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

و فيه، قال: القلب السليم من الشكّ.

و في روضة الكافي، بإسناده عن حجر عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال قال أبوجعفرعليه‌السلام : عاب آلهتهم فنظر نظرة في النجوم فقال إنّي سقيم. قال أبو جعفرعليه‌السلام : و الله ما كان سقيماً و ما كذب.

أقول: و في معناه روايات اُخر و في بعضها: ما كان إبراهيم سقيماً و ما كذب إنّما عنى سقيماً في دينه مرتاداً.

و قد تقدّم الروايات في قصّة حجاج إبراهيمعليه‌السلام قومه و كسره الأصنام و إلقائه في النار في تفسير سور الأنعام و مريم و الأنبياء و الشعراء.

و في التوحيد، عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام في حديث: و قد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات قال: و قد أعلمتك أن ربّ شي‏ء من كتاب الله عزّوجلّ تأويله غير تنزيله و لا يشبه كلام البشر و سأنبّئك بطرف منه فتكتفي إن شاء الله.

من ذلك قول إبراهيمعليه‌السلام :( إِنِّي ذاهِبٌ إِلى‏ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) فذهابه إلى ربّه توجّهه إليه عبادة و اجتهاداً و قربة إلى الله عزّوجلّ أ لا ترى أنّ تأويله غير تنزيله؟.

و فيه، بإسناده عن الفتح بن يزيد الجرجانيّ عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: يا فتح إنّ لله إرادتين و مشيّتين: إرادة حتم، و إرادة عزم ينهى و هو يشاء ذلك و يأمر و هو لا يشاء أ و ما رأيت أنّه نهى آدم و زوجته عن أن يأكلا من الشجرة و هو يشاء ذلك؟ و لو لم يشأ لم يأكلا، و لو أكلا لغلبت شهوتهما مشيّة الله تعالى، و أمر إبراهيم بذبح ابنه إسماعيلعليهما‌السلام و شاء أن لا يذبحه و لو لم يشأ أن لا يذبحه لغلبت مشيّة إبراهيم مشيّة الله عزّوجلّ. قلت: فرّجت عنّي فرّج الله عنك.

و عن أمالي الشيخ، بإسناده إلى سليمان بن يزيد قال: حدّثنا عليّ بن موسى قال: حدّثني أبي عن أبيه عن أبي جعفر عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام قال: الذبيح إسماعيلعليه‌السلام :

أقول: و روي مثله في المجمع، عن أبي جعفر و أبي عبداللهعليهما‌السلام ، و بهذا المضمون روايات كثيرة اُخرى عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، و قد وقع في بعض رواياتهم أنّه إسحاق

١٤١

و هو مطروح لمخالفة الكتاب.

و عن الفقيه: سئل الصادقعليه‌السلام عن الذبيح من كان؟ فقال إسماعيل لأنّ الله تعالى ذكر قصّته في كتابه ثمّ قال:( وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) .

أقول: هذا ما تقدّم في بيان الآية أنّ الآية بسياقها ظاهرة بل صريحة في ذلك.

و في المجمع، عن ابن إسحاق: أنّ إبراهيم كان إذا زار إسماعيل و هاجر حمل على البراق فيغدو من الشام فيقيل بمكّة و يروح من مكّة فيبيت عند أهله بالشام حتّى إذا بلغ معه السعي رأى في المنام أن(1) يذبحه فقال له: يا بنيّ خذ الحبل و المدية(2) ثمّ انطلق بنا إلى هذا الشعب لنحتطب.

فلمّا خلا إبراهيم بابنه في شعب ثبير أخبره بما قد ذكره الله عنه فقال: يا أبت اشدد رباطي حتّى لا أضطرب و اكفف عنّي ثيابك حتّى لا ينتضح من دمي شيئاً فتراه اُمّي و اشحذ شفرتك و أسرع مرّ السكّين على حلقي ليكون أهون عليّ فإنّ الموت شديد فقال له إبراهيم: نعم العون أنت يا بنيّ على أمر الله.

ثمّ ساق القصّة و فيها ثمّ انحنى إليه بالمدية و قلّب جبرئيل المدية على قفاها و اجترّ الكبش من قبل ثبير و اجترّ الغلام من تحته و وضع الكبش مكان الغلام، و نودي من ميسرة مسجد الخيف: يا إبراهيم قد صدّقت الرؤيا.

أقول: و الروايات في القصّة كثيرة و لا تخلو من اختلاف.

و فيه،: روى العيّاشيّ بإسناده عن بريد بن معاوية العجليّ قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : كم كان بين بشارة إبراهيم بإسماعيل و بين بشارته بإسحاقعليهم‌السلام ؟ قال: كان بين البشارتين خمس سنين قال الله سبحانه( فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ ) يعني إسماعيل و هي أوّل بشارة بشّر الله به إبراهيمعليه‌السلام في الولد.

____________________

(1) أنّه ظ

(2) المدية: السكين.

١٤٢

( سورة الصافّات الآيات 114 - 132)

وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ ( 114 ) وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ( 115 ) وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ ( 116 ) وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ ( 117 ) وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ( 118 ) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ ( 119 ) سَلَامٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ ( 120 ) إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ( 121 ) إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ( 122 ) وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ( 123 ) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ ( 124 ) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ( 125 ) اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ( 126 ) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ( 127 ) إِلَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ ( 128 ) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ( 129 ) سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ ( 130 ) إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ( 131 ) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ( 132 )

( بيان)

ملخّص قصّة موسى و هارون و إشارة إلى قصّة إلياسعليهم‌السلام . و بيان ما أنعم الله عليهم و عذّب مكذّبيهم و جانب الرحمة يربو فيها على جانب العذاب و التبشير يزيد على الإنذار.

قوله تعالى: ( وَ لَقَدْ مَنَنَّا عَلى‏ مُوسى‏ وَ هارُونَ ) المنّ الإنعام و من المحتمل أن يكون المراد به ما سيعدّه ممّا أنعم عليهما و على قومهما من التنجية و النصر و إيتاء

١٤٣

الكتاب و الهداية و غيرها فيكون قوله:( وَ نَجَّيْناهُما ) إلخ من عطف التفسير.

قوله تعالى: ( وَ نَجَّيْناهُما وَ قَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ) و هو الغمّ الشديد من استضعاف فرعون لهم يسومهم سوء العذاب و يذبّح أبناءهم و يستحيي نساءهم.

قوله تعالى: ( وَ نَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ ) و هو الّذي أدّى إلى خروجهم من مصر و جوازهم البحر و هلاك فرعون و جنوده.

و بذلك يندفع ما توهّم أنّ مقتضى الظاهر أن يذكر النصر قبل التنجية لتوقّفها عليه، و ذلك أنّ النصر إنّما يكون فيما إذا كان للمنصور قوّة ما لكنّها لا تكفي لدفع الشرّ فتتمّ بالنصر و كان لبني إسرائيل عند الخروج من مصر بعض القوّة فناسب إطلاق النصر على إعانتهم على ذلك بخلاف أصل تخليصهم من يد فرعون فإنّهم كانوا اُسراء مستعبدين لا قوّة لهم فلا يناسب هذا الاعتبار إلّا ذكر التنجية دون النصر.

قوله تعالى: ( وَ آتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ ) أي يستبين المجهولات الخفيّة فيبيّنها و هي الّتي يحتاج إليها الناس في دنياهم و آخرتهم.

قوله تعالى: ( وَ هَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) المراد بها الهداية بتمام معنى الكلمة، و لذا خصّها بهما و لم يشرك فيها معهما قومهما، و لقد تقدّم كلام في معنى الهداية إلى الصراط المستقيم في سورة الفاتحة.

قوله تعالى: ( وَ تَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ - إلى قوله -الْمُؤْمِنِينَ ) تقدّم تفسيرها.

قوله تعالى: ( وَ إِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) قيل: إنّهعليه‌السلام من آل هارون كان مبعوثاً إلى بعلبكّ(1) و لم يذكر في كلامه ما يستشهد به عليه.

قوله تعالى: ( إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ لا تَتَّقُونَ أَ تَدْعُونَ بَعْلًا وَ تَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ - إلى قوله -الْأَوَّلِينَ ) شطر من دعوتهعليه‌السلام يدعو قومه فيها إلى التوحيد و يوبّخهم على عبادة بعل - صنم كان لهم - و ترك عبادة الله سبحانه.

و كلامهعليه‌السلام على ما فيه من التوبيخ و اللّوم يتضمّن حجّة تامّة على توحيده

____________________

(1) و لعلّهم أخذوه من بعل فقد قيل: أن بعلبكّ سمّي به لأنّ بعلا كان منصوباً في معبد فيه.

١٤٤

تعالى فإنّ قوله:( وَ تَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ اللهَ رَبَّكُمْ وَ رَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ) يوبّخهم أوّلاً على ترك عبادة أحسن الخالقين، و الخلق و الإيجاد كما يتعلّق بذوات الأشياء يتعلّق بالنظام الجاري فيها الّذي يسمّى تدبيراً فكما أنّ الخلق إليه تعالى فالتدبير أيضاً إليه فهو المدبّر كما أنّه الخالق، و أشار إلى ذلك بقوله:( اللهَ رَبَّكُمْ ) بعد وصفه تعالى بأحسن الخالقين.

ثمّ أشار إلى أنّ ربوبيّته تعالى لا تختصّ بقوم دون قوم كالأصنام الّتي يتّخذ كلّ قوم بعضاً منها دون بعض فيكون صنم ربّاً لقوم دون آخرين بل هو تعالى ربّ لهم و لآبائهم الأوّلين لا يختصّ ببعض دون بعض لعموم خلقه و تدبيره، و إليه أشار بقوله:( اللهَ رَبَّكُمْ وَ رَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ) .

قوله تعالى: ( فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ) أي مبعوثون ليحضروا العذاب، و قد تقدّم أنّ الإحضار إذا اُطلق أفاد معنى الشرّ.

قوله تعالى: ( إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ ) دليل على أنّه كان في قومه جمع منهم.

قوله تعالى: ( وَ تَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ - إلى قوله - الْمُؤْمِنِينَ) تقدّم الكلام في نظائرها.

( بحث روائي)

في تفسير القمّيّ في قوله تعالى:( أَ تَدْعُونَ بَعْلًا ) قال كان لهم صنم يسمّونه بعلا.

و في المعاني، بإسناده إلى قادح عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن عليّ‏عليهم‌السلام : في قول الله عزّوجلّ:( سلام على آل يس ) قال: يس محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و نحن آل يس.

أقول: و عن العيون، عن الرضاعليه‌السلام مثله‏، و هو مبنيّ على قراءة آل يس كما قرأه نافع و ابن عامر و يعقوب و زيد.

١٤٥

( كلام في قصّة إلياسعليه‌السلام )

1- قصّته في القرآن: لم يذكر اسمهعليه‌السلام في القرآن الكريم إلّا في هذا الموضع و في سورة الأنعام عند ذكر هداية الأنبياء حيث قال:( وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى‏ وَ عِيسى‏ وَ إِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) الأنعام: 85.

و لم يذكر تعالى من قصّته في هذه السورة إلّا أنّه كان يدعو إلى عبادة الله سبحانه قوماً كانوا يعبدون بعلا فآمن به و أخلص الإيمان قوم منهم و كذّبه آخرون و هم جلّ القوم و إنّهم لمحضرون.

و قد أثنى الله سبحانه عليه في سورة الأنعام بما أثنى به على الأنبياء عامّة و أثنى عليه في هذه السورة بأنّه من عباده المؤمنين المحسنين و حيّاة بالسلام بناء على القراءة المشهورة( سَلامٌ عَلى‏ إِلْ‏ياسِينَ ) .

2- الأحاديث فيه: ورد فيهعليه‌السلام أخبار مختلفة متهافتة كغالب الأخبار الواردة في قصص الأنبياء، الحاكية للعجائب كالّذي‏ روي عن ابن مسعود: أنّ إلياس هو إدريس‏ و ما عن ابن عبّاس عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّ الخضر هو إلياس‏، و ما عن وهب و كعب الأحبار و غيرهما: أنّ إلياس حيّ لا يموت إلى النفخة الاُولى، و ما عن وهب: أنّ إلياس سأل الله أن يريحه من قومه فأرسل الله إليه دابّة كهيئة الفرس في لون النار فوثب إليه فانطلق به فكساه الله الريش و النور و قطع عنه لذّة المطعم و المشرب فصار في الملائكة، و ما عن كعب الأحبار: أنّ إلياس صاحب الجبال و البرّ و أنّه الّذي سمّاه الله بذي النون، و ما عن الحسن: أنّ إلياس موكّل بالفيافي و الخضر موكّل بالجبال، و ما عن أنس: أنّ إلياس لاقى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بعض أسفاره فقعداً يتحدّثان ثمّ نزل عليهما مائدة من السماء فأكلا و أطعماني ثمّ ودّعه و ودّعني ثمّ رأيته مرّ على السحاب نحو السماء إلى غير ذلك(1) .

____________________

(1) رواه في الدرّ المنثور في تفسير آيات القصّة.

١٤٦

و في بعض أخبار الشيعة أنّهعليه‌السلام حيّ مخلّد(1) لكنّها ضعاف و ظاهر آيات القصّة لا يساعد عليه.

و في البحار، في قصّة إلياسعليه‌السلام عن قصص الأنبياء، بالإسناد عن الصدوق بإسناده إلى وهب بن منبّه، و رواه الثعلبيّ في العرائس، عن ابن إسحاق و علماء الأخبار أبسط منه - و الحديث طويل جدّاً، و ملخّصه - أنّه بعد انشعاب ملك بني إسرائيل و تقسّمه بينهم سار سبط منهم إلى بعلبكّ و كان لهم ملك منهم يعبد صنماً اسمه بعل و يحمل الناس على عبادته.

و كانت له مرأة فاجرة قد تزوّجت قبله بسبعة من الملوك و ولدت تسعين ولداً سوى أبناء الأبناء، و كان الملك يستخلفها إذ غاب فتقضي بين الناس، و كان له كاتب مؤمن حكيم قد خلّص من يدها ثلاثمائة مؤمن تريد قتلهم، و كان في جوار قصر الملك رجل مؤمن له بستان و كان الملك يحترم جواره و يكرمه.

ففي بعض ما غاب الملك قتلت المرأة الجار المؤمن و غصبت بستانه فلمّا رجع و علم به عاتبها فاعتذرت إليه و أرضته فآلى الله تعالى على نفسه أن ينتقم منهما إن لم يتوباً فأرسل إليهم إلياسعليه‌السلام يدعوهم إلى عبادة الله و أخبرهما بما آلى الله فاشتدّ غضبهم عليه و همّوا بتعذيبه و قتله فهرب منهم إلى أصعب جبل هناك فلبث فيه سبع سنين يعيش بنبات الأرض و ثمار الشجر.

فأمرض الله ابناً للملك يحبّه حبّاً شديداً فاستشفع ببعل فلم ينفعه فقيل له: إنّه غضبان عليك إن لم تقتل إلياس فأرسل إليه فئة من قومه ليخدعوه و يقبضوا عليه فأرسل الله إليهم ناراً فأحرقتهم ثمّ أرسل إليه فئة اُخرى من ذوي البأس مع كاتبه‏ المؤمن فذهب معه إلياس صوناً له من غضب الملك لكنّ الله سبحانه أمات ابنه فشغله حزنه عن إلياس فرجع سالماً.

ثمّ لمّا طال الأمر نزل إلياس من الجبل و استخفى عند اُمّ يونس بن متّى في بيتها و يونس طفل رضيع ثمّ خرج بعد ستّة أشهر إلى الجبل ثانياً و اتّفق أن مات بعده

____________________

(1) رواه في البحار عن قصص الأنبياء.

١٤٧

يونس ثمّ أحياه الله بدعاء إلياس بعد ما خرجت اُمّه في طلبه فوجدته فتضرّعت إليه.

ثمّ إنّه سأل الله أن ينتقم له من بني إسرائيل و يمسك عنهم الأمطار فاُجيب و سلّط الله عليهم القحط فأجهدوا سنين فندموا فجاؤه فتابوا و أسلموا فدعا الله فأرسل عليهم المطر فسقاهم و أحيا بلادهم.

فشكوا إليه هدم الجدران و عدم البذر من الحبوب فأوحى إليه أن يأمرهم أن يبذروا الملح فأنبت لهم الحمص و أن يبذروا الرمل فأنبت لهم منه الدخن.

ثمّ لمّا كشف الله عنهم الضرّ نقضوا العهد و عادوا إلى أخبث ما كانوا عليه فأملّ ذلك إلياس فدعا الله أن يريحه منهم فأرسل الله إليه فرساً من نار فوثب عليه إلياس فرفعه الله إلى السماء و كساه الريش و النور فكان مع الملائكة.

ثمّ سلّط الله على الملك و امرأته عدوّاً فقصدهما و ظهر عليهما فقتلهما و ألقى جيفتهما في بستان ذلك الرجل المؤمن الّذي قتلاه و غصبوا بستانه.

و أنت بالتأمّل فيما تقصّه الرواية لا ترتاب في ضعفها.

١٤٨

( سورة الصافّات الآيات 133 - 148)

وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ ( 133 ) إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ( 134 ) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ( 135 ) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ ( 136 ) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ ( 137 ) وَبِاللَّيْلِ  أَفَلَا تَعْقِلُونَ ( 138 ) وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ( 139 ) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ( 140 ) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ( 141 ) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ( 142 ) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ( 143 ) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ( 144 ) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ ( 145 ) وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ ( 146 ) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ( 147 ) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ ( 148 )

( بيان)

خلاصة قصّة لوطعليه‌السلام ثمّ قصّة يونسعليه‌السلام و ابتلاء الله تعالى له بالحوت مأخوذاً بما أعرض عن قومه عند ارتفاع العذاب عنهم بعد نزوله و إشرافه عليهم.

قوله تعالى: ( وَ إِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ نَجَّيْناهُ وَ أَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ) و إنّما نجّاه و أهله من العذاب النازل على قومه و هو الخسف و أمطار حجارة من سجّيل على ما ذكره الله تعالى في سائر كلامه.

قوله تعالى: ( إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ ) أي في الباقين في العذاب المهلكين به و هي امرأة لوط.

١٤٩

قوله تعالى: ( ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ‏ ) التدمير الإهلاك، و الآخرين قومه الّذين اُرسل إليهم.

قوله تعالى: ( وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَ بِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ‏ ) فإنّهم على طريق الحجاز إلى الشام، و المراد بالمرور عليهم المرور على ديارهم الخربة و هي اليوم مستورة بالماء على ما قيل.

قوله تعالى: ( وَ إِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ‏ ) أي السفينة المملوءة من الناس و الإباق هرب العبد من مولاه.

و المراد بإباقه إلى الفلك خروجه من قومه معرضاً عنهم و هوعليه‌السلام و إن لم يعص في خروجه ذلك ربّه و لا كان هناك نهي من ربّه عن الخروج لكن خروجه إذ ذاك كان ممثّلاً لإباق العبد من خدمة مولاه فأخذه الله بذلك، و قد تقدّم بعض الكلام في ذلك في تفسير قوله تعالى:( وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) الأنبياء: 87.

قوله تعالى: ( فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ‏ ) المساهمة المقارعة و الإدحاض الغلبة أي فقارع من في السفينة فكان من المغلوبين، و قد كان عرض لسفينتهم الحوت فاضطرّوا إلى أن يلقوا واحداً منهم في البحر ليبتلعه و يخلّي السفينة فقارعوا فأصابت يونسعليه‌السلام .

قوله تعالى: ( فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِيمٌ ) الالتقام الابتلاع، و مليم من ألام أي دخل في اللوم كأحرم إذا دخل في الحرم أو بمعنى صار ذا ملامة.

قوله تعالى: ( فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) عدّه من المسبّحين و هم الّذين تكرّر منهم التسبيح و تمكّن منهم حتّى صار وصفاً لهم يدلّ على دوام تلبّسه زماناً بالتسبيح. قيل: أي من المسبّحين قبل التقام الحوت إيّاه، و قيل: بل في بطن الحوت، و قيل: أي كان من المسبّحين قبل التقام الحوت و في بطنه.

و الّذي حكي من تسبيحه في كلامه تعالى قوله في سورة الأنبياء:( فَنادى‏ فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) الأنبياء: 87 و لازم ذلك أن يكون من المسبّحين في بطن الحوت خاصّة أو فيه و فيما قبله فاحتمال كون المراد تسبيحه قبل التقام الحوت مرجوح لا ينبغي أن يصار إليه.

١٥٠

على أنّ تسبيحه مع اعترافه بالظلم في قوله:( سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) - على ما سيجي‏ء - تسبيح له تعالى عمّا كان يشعر به(1) فعله من ترك قومه و ذهابه على وجهه، و قوله:( فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ) إلخ يدلّ على أنّ تسبيحه كان هو السبب المستدعي لنجاته، و لازم ذلك أن يكون إنّما ابتلي بما ابتلي به لينزّهه تعالى فينجو بذلك من الغمّ الّذي ساقه إليه فعله إلى ساحة العافية.

و بذلك يظهر أنّ العناية في الكلام إنّما هي بتسبيحه في بطن الحوت خاصّة فخير الأقوال الثلاثة أوسطها.

فالظاهر أنّ المراد بتسبيحه نداؤه في الظلمات بقوله:( لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) و قد قدّم التهليل ليكون كالعلّة المبيّنة لتسبيحه كأنّه يقول: لا معبود بالحقّ يتوجّه إليه غيرك فأنت منزّه ممّا كان يشعر به فعلى أنّي آبق منك معرض عن عبوديّتك متوجّه إلى سواك إني كنت ظالماً لنفسي في فعلي فها أنا متوجّه إليك متبرّئ ممّا كان يشعر به فعلى من التوجّه عنك إلى غيرك.

فهذا معنى تسبيحه و لو لا ذلك منه لم ينج أبداً إذ كان سبب نجاته منحصراً في التسبيح و التنزيه بالمعنى الّذي ذكر.

و بذلك يظهر أنّ المراد بقوله:( لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) تأبيد مكثه في بطنه إلى أن يبعث فيخرج منه كالقبر الّذي يقبر فيه الإنسان و يلبث فيه حتّى يبعث فيخرج منه قال تعالى:( مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى‏ ) طه: 55.

و لا دلالة في الآية على كونهعليه‌السلام على تقدير اللبث حيّاً في بطن الحوت إلى يوم يبعثون أو ميّتاً و بطنه قبره مع بقاء بدنه و بقاء جسد الحوت على حالهما أو بنحو آخر فلا مساغ لاختلافهم في كونهعليه‌السلام حيّاً على هذا التقدير أو ميّتاً و بطنه قبره، و أنّ المراد بيوم يبعثون النفخة الاُولى الّتي فيها يموت الخلائق أو النفخة الثانية أو التأجيل بيوم القيامة كناية عن طول اللبث.

____________________

(1) و هو أنّ الله لا يقدّر عليه كما قال تعالى: ( فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ ) .

١٥١

قوله تعالى: ( فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَ هُوَ سَقِيمٌ ) النبذ طرح الشي‏ء و الرمي به، و العراء المكان الّذي لا سترة فيه يستظلّ بها من سقف أو خباء أو شجر.

و المعنى على ما يعطيه السياق أنّه صار من المسبّحين فأخرجناه من بطن الحوت و طرحناه خارج الماء في أرض لا ظلّ فيها يستظلّ به و هو سقيم.

قوله تعالى: ( وَ أَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) اليقطين من نوع القرع و يكون ورقه عريضاً مستديراً و قد أنبتها الله عليه ليستظلّ بورقها.

قوله تعالى: ( وَ أَرْسَلْناهُ إِلى‏ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ) أو في مورد الترقّي و تفيد معنى بل، و المراد بهذه الجماعة أهل نينوى.

قوله تعالى: ( فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى‏ حِينٍ ) أي آمنوا به فلم نعذّبهم و لم نهلكهم بما أشرف عليهم من العذاب فمتّعناهم بالحياة و البقاء إلى أجلهم المقدّر لهم.

و الآية في إشعارها برفع العذاب عنهم و تمتيعهم تشير إلى قوله تعالى:( فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ مَتَّعْناهُمْ إِلى‏ حِينٍ ) يونس: 98.

و لا يخلو السياق من إشعار بل دلالة على أنّ المراد من إرساله في قوله:( وَ أَرْسَلْناهُ ) أمره بالذهاب ثانياً إلى القوم، و بإيمانهم في قوله:( فَآمَنُوا ) إلخ إيمانهم بتصديقه و اتّباعه بعد ما آمنوا و تابوا حين رأوا العذاب.

و من هنا يظهر ضعف ما استدلّ بعضهم بالآيتين أنّ إرساله إلى القوم كان بعد خروجه من بطن الحوت و أنّه اُمر أوّلاً بالذهاب إلى أهل نينوى و دعوتهم إلى الله و كانوا يعبدون الأصنام فاستعظم الأمر و خرج من بيته يسير في الأرض لعلّ الله يصرف عنه هذا التكليف و ركب البحر فابتلاه الله بالحوت ثمّ لمّا نبذ بالعراء كلّف ثانياً فأجاب و أطاع و دعاهم فاستجابوا فدفع الله عذاباً كان يهدّدهم إن لم يؤمنوا.

و ذلك أنّ السياق كما سمعت يدلّ على كون إرساله بأمر ثان و أنّ إيمانهم كان إيماناً ثانياً بعد الإيمان و التوبة و أنّ تمتيعهم إلى حين كان مترتّباً على إيمانهم به لا على كشف العذاب عنهم فلم يكن الله سبحانه ليتركهم لو لم يؤمنوا برسوله ثانياً كما

١٥٢

آمنوا به و تابوا إليه أوّلاً في غيبته فافهم ذلك.

على أنّ قوله تعالى:( وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً ) الأنبياء: 87 و قوله:( وَ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى‏ وَ هُوَ مَكْظُومٌ ) ن: 48 لا يلائم ما ذكروه، و كذا قوله:( إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ) يونس: 98 إذ لا يطلق الكشف إلّا في عذاب واقع حالّ أو مشرف.

( كلام في قصّة يونسعليه‌السلام في فصول)

1- قصّته في القرآن: لم يتعرّض القرآن الكريم إلّا لطرف من قصّته و قصّة قومه فقد تعرّض في سورة الصافّات لإرساله ثمّ إباقه و ركوبه الفلك و التقام الحوت له ثمّ نجاته و إرساله إلى القوم و إيمانهم قال تعالى:( وَ إِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ. فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِيمٌ. فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ. لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ. فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَ هُوَ سَقِيمٌ. وَ أَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ. وَ أَرْسَلْناهُ إِلى‏ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ. فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى‏ حِينٍ‏ ) .

و في سورة الأنبياء: لتسبيحه في بطن الحوت و تنجيته قال تعالى:( وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى‏ فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) الأنبياء: 87 - 88.

و في سورة ن: لندائه مكظوماً و خروجه من بطنه و اجتبائه قال تعالى:( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى‏ وَ هُوَ مَكْظُومٌ. لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَ هُوَ مَذْمُومٌ. فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ) ن: 50.

و في سورة يونس: لإيمان قومه و كشف العذاب عنهم قال تعالى:( فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ مَتَّعْناهُمْ إِلى‏ حِينٍ ) يونس: 98.

١٥٣

و خلاصة ما يستفاد من الآيات بضمّ بعضها إلى بعض و اعتبار القرائن الحافّة بها أنّ يونسعليه‌السلام كان من الرسل أرسله الله تعالى إلى قومه و هم جمع كثير يزيدون على مائة ألف فدعاهم فلم يجيبوه إلّا بالتكذيب و الردّ حتّى جاءهم عذاب أوعدهم به يونس ثمّ خرج من بينهم.

فلمّا أشرف عليهم العذاب و شاهدوه مشاهدة عيان أجمعوا على الإيمان و التوبة إلى الله سبحانه فكشف الله عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا.

ثمّ إنّ يونسعليه‌السلام استخبر عن حالهم فوجد العذاب انكشف عنهم - و كأنّه لم يعلم بإيمانهم و توبتهم - فلم يعد إليهم و ذهب لوجهه على ما به من الغضب و السخط عليهم فكان ظاهر حاله حال من يأبق من ربّه مغاضباً عليه ظانّاً أنّه لا يقدر عليه و ركب البحر في فلك مشحون.

فعرض لهم حوت عظيم لم يجدوا بدّاً من أن يلقوا إليه واحداً منهم يبتلعه و ينجو الفلك بذلك فساهموا و قارعوا فيما بينهم فأصابت يونسعليه‌السلام فألقوه في البحر فابتلعه الحوت و نجت السفينة.

ثمّ إنّ الله سبحانه حفظه حيّاً سويّاً في بطنه أيّاماً و ليالي و يونسعليه‌السلام يعلم أنّها بليّة ابتلاه الله بها مؤاخذة بما فعل و هو ينادي في بطنه أَنْ( لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) الأنبياء: 87.

فاستجاب الله له فأمر الحوت أن يلفظه فنبذه بالعراء و هو سقيم فأنبت الله سبحانه عليه شجرة من يقطين يستظلّ بأوراقها ثمّ لما استقامت حاله أرسله إلى قومه فلبّوا دعوته و آمنوا به فمتعّهم الله إلى حين.

و الأخبار الواردة من طرق أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام على كثرتها و بعض الأخبار من طرق أهل السنّة مشتركة المتون في قصّة يونسعليه‌السلام على النحو الّذي يستفاد من الآيات و إن اختلفت في بعض الخصوصيّات الخارجة عن ذلك(1) .

____________________

(1) و لذلك نوردها لأنّها في نفسها آحاد لا حجّيّة لها في مثل المقام و لا يمكن تصحيح خصوصيّاتها بالآيات و هو ظاهر لمن راجعها.

١٥٤

2- قصّته عند أهل الكتاب: هوعليه‌السلام مذكور باسم يوناه بن إمتّاي في مواضع من العهد القديم و كذا في مواضع من العهد الجديد اُشير في بعضها إلى قصّة لبثه في بطن الحوت لكن لم تذكر قصّته الكاملة في شي‏ء منهما.

و نقل الآلوسيّ في روح المعاني، في قصّته عند أهل الكتاب و يؤيّده ما في بعض كتبهم من إجمال(1) القصّة:

أنّ الله أمره بالذهاب إلى دعوة أهل نينوى(2) و كانت إذ ذاك عظيمة جدّاً لا يقطع إلّا في نحو ثلاثة أيّام و كانوا قد عظم شرّهم و كثر فسادهم، فاستعظم الأمر و هرب إلى ترسيس(3) فجاء يافا(4) فوجد سفينة يريد أهلها الذهاب بها إلى ترسيس فاستأجر و أعطى‏ الاُجرة و ركب السفينة فهاجت ريح عظيمة و كثرت الأمواج و أشرفت السفينة على الغرق.

ففزع الملّاحون و رموا في البحر بعض الأمتعة لتخفّ السفينة و عند ذلك نزل يونس إلى بطن السفينة و نام حتّى علا نفسه فتقدّم إليه الرئيس فقال له: ما بالك نائماً؟ قم و ادع إلهك لعلّه يخلّصنا ممّا نحن فيه و لا يهلكنا.

و قال بعضهم لبعض: تعالوا نتقارع لنعرف من أصابنا هذا الشرّ بسببه فتقارعوا فوقعت القرعة على يونس فقالوا له: أخبرنا ما ذا عملت؟ و من أين جئت؟ و إلى أين تمضي؟ و من أيّ كورة أنت؟ و من أيّ شعب أنت؟ فقال لهم: أنا عبد الربّ إله السماء خالق البرّ و البحر و أخبرهم خبره فخافوا خوفاً عظيماً و قالوا له: لم صنعت ما صنعت؟ يلومونه على ذلك.

ثمّ قالوا له: ما نصنع الآن بك؟ ليسكن البحر عنّا؟ فقال: ألقوني في البحر يسكن فإنّه من أجلي صار هذا الموج العظيم فجهد الرجال أن يردّوه إلى البرّ

____________________

(1) قاموس الكتاب المقدّس.

(2) كانت مدينة عظيمة من مدائن آشور على ساحل دجلة.

(3) اسم مدينة.

(4) مدينة في الأرض المقدّسة.

١٥٥

فلم يستطيعوا فأخذوا يونس و ألقوه في البحر لنجاة جميع من في السفينة فسكن البحر و أمر الله حوتاً عظيماً فابتلعه فبقي في بطنه ثلاثة أيّام و ثلاث ليال و صلّى في بطنه إلى ربّه و استغاث به فأمر سبحانه الحوت فألقاه إلى اليبس ثمّ قال له: قم و امض إلى نينوى و ناد في أهلها كما أمرتك من قبل.

فمضيعليه‌السلام و نادي و قال: يخسف نينوي بعد ثلاثة أيّام فآمنت رجال نينوى بالله و نادوا بالصيام و لبسوا المسوح جميعاً و وصل الخبر إلى الملك فقام عن كرسيّه و نزع حلّته و لبس مسحاً و جلس على الرماد و نودي أن لا يذق أحد من الناس و البهائم طعاماً و لا شراباً و جاروا إلى الله تعالى و رجعوا عن الشرّ و الظلم فرحمهم الله و لم ينزل بهم العذاب.

فحزن يونس و قال: إلهي من هذا هربت، فإنّي علمت أنّك الرحيم الرؤف الصبور التوّاب. يا ربّ خذ نفسي فالموت خير لي من الحياة فقال: يا يونس حزنت من هذا جدّاً؟ فقال: نعم يا ربّ.

و خرج يونس و جلس مقابل المدينة و صنع له هناك مظلّة و جلس تحتها إلى أن يرى ما يكون في المدينة؟ فأمر الله يقطيناً فصعد على رأسه ليكون ظلّاً له من كربه ففرح باليقطين فرحاً عظيماً و أمر الله تعالى دودة فضربت اليقطين فجفّ ثمّ هبّت ريح سموم و أشرقت الشمس على رأس يونس فعظم الأمر عليه و استطاب الموت.

فقال الربّ: يا يونس أ حزنت جدّاً على اليقطين؟ فقال: نعم يا ربّ حزنت جدّاً فقال تعالى: حزنت عليه و أنت لم تتعب فيه و لم تربّه بل صار من ليلته و هلك من ليلته فأنا لا أشفق على نينوى المدينة العظيمة الّتي فيها أكثر من اثنا عشر ربوة من الناس؟ قوم لا يعلمون يمينهم و لا شمالهم و بهائمهم كثيرة انتهى. و جهات اختلاف القصّة مع ما يستفاد من القرآن الكريم ظاهرة كالفرار من الرسالة و عدم رضاه برفع العذاب عنهم مع علمه بإيمانهم و توبتهم.

فإن قلت: نظير ذلك وارد في القرآن الكريم كنسبة الإباق إليه في سورة الصافّات و كذا مغاضبته و ظنّه أنّ الله لن يقدر عليه على ما في سورة الأنبياء.

١٥٦

قلت: بين النسبتين فرق فكتبهم المقدّسة أعني العهدين لا تأبى عن نسبة المعاصي حتّى الكبائر الموبقة إلى الأنبياءعليهم‌السلام فلا موجب لتوجيه ما نسب من المعاصي إليه بما يخرج به عن كونه معصية بخلاف القرآن الكريم فإنّه ينزّه ساحتهم عن لوث المعاصي حتّى الصغائر فما ورد فيه ممّا يوهم ذلك يحمل على أحسن الوجوه بهذه القرينة الموجبة و لذا حملنا قوله:( إِذْ أَبَقَ‏ ) و قوله:( مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ ) على حكاية الحال و إيهام فعله.

3- ثناؤه تعالى عليه: أثنى الله سبحانه عليه بأنّه من المؤمنين (سورة الأنبياء 88) و أنّه اجتباه و قد عرفت أنّ اجتباءه إخلاصه العبد لنفسه خاصّة، و أنّه جعله من الصالحين (سورة ن: 50) و عدّه في سورة الأنعام فيمن عدّه من الأنبياء و ذكر أنّه فضّلهم على العالمين و أنّه هداهم إلى صراط مستقيم (سورة الأنعام: 87).

( بحث روائي)

في الفقيه، و قال الصادقعليه‌السلام : ما تقارع قوم ففوّضوا أمرهم إلى الله عزّوجلّ إلّا خرج سهم الحقّ، و قال: أيّ قضيّة أعدل من القرعة إذا فوّض الأمر إلى الله. أ ليس الله عزّوجلّ يقول:( فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ) .

و في البحار، عن البصائر بإسناده عن حبّة العرنيّ قال: قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : إنّ الله عرض ولايتي على أهل السماوات و على أهل الأرض أقرّ بها من أقرّ و أنكرها من أنكر أنكرها يونس فحبسه الله في بطن الحوت حتّى أقرّ بها.

أقول: و في معناه روايات اُخر، و المراد الولاية الكلّيّة الإلهيّة الّتي هوعليه‌السلام أوّل من فتح بابها من هذه الاُمّة و هي قيامه تعالى مقام عبده في تدبير أمره فلا يتوجّه العبد إلّا إليه و لا يريد إلّا ما أراده و ذلك بسلوك طريق العبوديّة الّتي تنتهي بالعبد إلى أن يخلصه الله لنفسه فلا يشاركه فيه غيره.

و كان ظاهر ما أتى به يونسعليه‌السلام ممّا لا يرتضيه الله تعالى فلم يكن قابلاً للانتساب

١٥٧

إلى إرادته فابتلاه الله بما ابتلاه ليعترف بظلمه على نفسه و أنّه تعالى منزّه عن إرادة مثله فالبلايا و المحن الّتي يبتلى بها الأولياء من التربية الإلهيّة الّتي يربّيهم بها و يكمّلهم و يرفع درجاتهم بسببها و إن كان بعضها من جهة اُخرى مؤاخذة ذات عتاب، و قد قيل البلاء للولاء.

و يؤيّد ذلك‏ ما عن العلل، بإسناده عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : لأيّ علّة صرف الله العذاب عن قوم يونس و قد أظلّهم و لم يفعل ذلك بغيرهم من الاُمم؟ فقال: لأنّه كان في علم الله أنّه سيصرفه عنهم لتوبتهم و إنّما ترك إخبار يونس بذلك لأنّه أراد أن يفرغه لعبادته في بطن الحوت فيستوجب بذلك ثوابه و كرامته.

١٥٨

( سورة الصافّات الآيات 149 - 182)

فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ ( 149 ) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ ( 150 ) أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ ( 151 ) وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ( 152 ) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ ( 153 ) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ( 154 ) أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ( 155 ) أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ ( 156 ) فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ( 157 ) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا  وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ( 158 ) سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ ( 159 ) إِلَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ ( 160 ) فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ( 161 ) مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ ( 162 ) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ ( 163 ) وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ( 164 ) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ( 165 ) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ( 166 ) وَإِن كَانُوا لَيَقُولُونَ ( 167 ) لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْرًا مِّنَ الْأَوَّلِينَ ( 168 ) لَكُنَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ ( 169 ) فَكَفَرُوا بِهِ  فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ( 170 ) وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ( 171 ) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ ( 172 ) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ( 173 ) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ ( 174 ) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ( 175 ) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ( 176 ) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ ( 177 ) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ

١٥٩

حِينٍ ( 178 ) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ( 179 ) سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ( 180 ) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ( 181 ) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( 182 )

( بيان)

قدّم سبحانه ما بيّن به أنّه ربّ معبود: عبده عباد مخلصون كالأنبياء المكرمين و كفر به آخرون فنجّى عباده و أخذ الكافرين بأليم العذاب. ثمّ تعرّض في هذه الآيات لما يعتقدونه في آلهتهم و هم الملائكة و الجنّ و أنّ الملائكة بنات الله و بينه و بين الجنّة نسباً.

و الوثنيّة البرهميّة و البوذيّة و الصابئة ما كانوا يقولون باُنوثة جميع الملائكة و إن قالوا بها في بعضهم لكنّ المنقول عن بعض قبائل العرب الوثنيّين كجهينة و سليم و خزاعة و بني مليح القول باُنوثة الملائكة جميعاً، و أمّا الجنّ فالقول بانتهاء نسبهم إليه في الجملة منقول عن الجميع.

و بالجملة يشير تعالى في الآيات إلى فساد قولهم ثمّ يبشّر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنصر و يهدّدهم بالعذاب، و يختم السورة بتنزيهه تعالى و التسليم على المرسلين و الحمد لله ربّ العالمين.

قوله تعالى: ( فَاسْتَفْتِهِمْ أَ لِرَبِّكَ الْبَناتُ وَ لَهُمُ الْبَنُونَ ) حلّل سبحانه قولهم: إنّ الملائكة بنات الله إلى ما يستلزمه من اللوازم و هي أنّ الملائكة أولاده، و أنّهم بنات، و أنّه تعالى خصّ نفسه بالبنات و هم مخصوصون بالبنين ثمّ ردّ هذه اللوازم واحداً بعد واحد فردّ قولهم: إنّ له البنات و لهم البنين بقوله:( فَاسْتَفْتِهِمْ أَ لِرَبِّكَ الْبَناتُ وَ لَهُمُ الْبَنُونَ ) و هو استفهام إنكاريّ لقولهم بما يلزمه من تفضيلهم على الله لما أنّهم يفضّلون البنين على البنات و يتنزّهون منهنّ و يئدونهنّ.

١٦٠