حقائق الاصول الجزء ٢

حقائق الاصول0%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 617

حقائق الاصول

مؤلف: السيد محسن الطباطبائى الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 617
المشاهدات: 208424
تحميل: 4789


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 208424 / تحميل: 4789
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء 2

مؤلف:
العربية

مثل زرارة وهو ممن لا يكاد يستفتي من غير الامام - عليه السلام - لا سيما مع هذا الاهتمام (وتقريب) الاستدلال بها أنه لا ريب في ظهور قوله - عليه السلام -: وإلا فانه على يقين... الخ عرفا في النهي عن نقض اليقين بشئ بالشك فيه وانه - عليه السلام - بصدد بيان ما هو علة الجزاء

______________________________

والحسين لها في كتب الحديث واثبات حماد لها في اصله راويا لها عن حريز شهادة قطعية على كونها راوية عن المعصوم (ع) كما هو ظاهر، ومنه يظهر اعتبارها ولو كان الراوي لها غير زرارة (قوله: هذا الاهتمام) المستفاد من تكرير السؤال (قوله: عن نقض اليقين بشئ) يعني من دون اختصاص بمورد الرواية بل تعم كل شئ شك في بقائه (قوله: وانه (ع) بصدد بيان) لا يخفى ان قوله (ع) في الرواية: (وإلا) بمعنى وان لا يتقن أنه قد نام حذف فيه جملة الشرط لدلالة ما قبله عليه، واما جواب الشرط فالاحتمالات التي اشار إليها المصنف (ره) وشيخنا الاعظم (ره) في الرسائل ثلاثة (الاول) ان يكون محذوفا قامت علته مقامه وادخلت عليها فاء الجزاء وقد عقد ابن هشام في المغني تنبيها لذلك وذكر فيه كثيرا من الامثلة، وذكر شيخنا الاعظم (ره) في الرسائل. جملة اخرى فليراجعا، والتقدير في المقام: وان لا يستيقن انه قد نام فليس عليه اعادة الوضوء لانه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين بالشك... الخ، وعليه فيكون الامام (ع) في مقام تعليل الحكم بعدم لزوم اعادة الوضوء بأن اليقين بالوضوء المقرون بالشك في انتفاضه يدخل تحت كبرى كلية ارتكازية وهي انه لا ينقض اليقين بالشك ابدا فتدل الرواية الشريفة على ثبوت الكبرى الكلية المذكورة بلا اختصاص لها بموردها وهي عين الاستصحاب مطلقا (الثاني) ان يكون نفس قوله (ع): فانه على يقين، بجعل الجملة انشائية وان المقصود منها جعل احكام اليقين بالوضوء في حال الشك فيه بلسان جعل الموضوع نظير قوله (ع): الطواف بالبيت صلاة، وعليه فيكون قوله: ولا ينقض... الخ بمنزلة عطف التفسير (الثالث) ان يكون قوله (ع): ولا ينقض اليقين... الخ ويكون قوله (ع): فانه على

٤٠١

المستفاد من قوله عليه السلام: (لا)، في جواب: فان حرك في جنبه... الخ وهو اندراج اليقين والشك في مورد السؤال في القضية الكلبة الارتكازية غير المختصة بباب دون باب واحتمال أن يكون الجزاء هو قوله: فانه على يقين... الخ غير سديد فانه لا يصح إلا بارادة لزوم العمل على طبق يقينه

______________________________

يقين... الخ تمهيدا للجواب، والمعني: ان لا يستيقن انه قد نام فبعد ما كان على يقين بالوضوء لا ينقض يقينه بالشك في النوم، وعلى هذين لا دلالة للرواية على حجية الاستصحاب عموما حتى في غير المورد إذ الظاهر من اليقين فيها اليقين بالوضوء فالتعدي إلى غيره محتاج إلى قرينة أو الغاء خصوصية المورد عرفا وكلاهما محل اشكال بل منع، والذي استظهره المصنف (ره) تبعا لشيخنا الاعظم (ره) هو الاول (قوله: المستفاد) هو صفة للجزاء (قوله: وهو اندراج) الضمير راجع إلى كلمة (ما) (قوله: في مورد) قيد لليقين والشك (قوله: في القضية) متعلق بالاندراج (قوله: الارتكازية) يعني المرتكزة في ذهن العقلاء وليس المراد من كونها ارتكازية بناءهم عليها حتى يكون منافيا لما تقدم من عدم ثبوت بنائهم على العمل على طبق الحالة السابقة، بل المقصود انه ارتكز في اذهانهم مناسبة العلة للتعليل كسائر التعليلات الارتكازية مقابل التعليلات التعبدية مثلا إذا قال: اكرم زيدا لانه عالم فهو تعليل بأمر ارتكازي وإذا قال: اكرم زيدا لانه طويل فالتعليل يناسب الارتكاز لان صفة الطول لا تناسب ولا تصلح في نظر العقلاء علة لوجوب الاكرام بخلاف صفة العلم، فحيثية اليقين الذي يطرأ على موضوعه الشك مما يرتكز في ذهن العرف والعقلاء صلاحيته للحكم بعدم جواز النقض (قوله: غير المختصة بباب) يعني ان القضية الارتكازية لا تختص بباب دون باب بل تعم جميع الابواب فلابد حينئذ من تعميم الحكم إذ لو بني على تخصيصه بباب الوضوء كان التعليل تعبديا لا ارتكازيا وهو خلاف الاصل في التعليل لأن الغرض من التعليل التنبيه على وجه الحكم بحسب ما عند المخاطب فلو كان تعبديا لم يترتب عليه الغرض المذكور (قوله: احتمال ان يكون) هذا اشارة إلى الاحتمال الثاني (قوله: لا يصح الا بارادة)

٤٠٢

وهو إلى الغاية بعيد، وأبعد منه كون الجزاء قوله: لا ينقض... الخ وقد ذكر: فانه على يقين، للتمهيد، وقد انقدح بما ذكرنا ضعف احتمال اختصاص قضية: لا تنقض... الخ باليقين والشك في باب الوضوء جدا فانه ينافيه ظهور التعليل في انه بامر ارتكازي لا تعبدي قطعا، ويؤيده تعليل الحكم بالمضي مع الشك في غير الوضوء في غير هذه الرواية بهذه القضية أو ما يرادفها فتأمل جيدا. هذا مع أنه لا موجب لاحتماله الا احتمال كون اللام في اليقين للعهد اشارة إلى اليقين في (فانه على يقين من وضوئه) مع ان الظاهر أنه للجنس كما هو الاصل فيه، وسبق: (فانه على يقين... الخ) لا يكون قرينة

______________________________

يعني لا يصح لو حمل الكلام على الخبر فان كونه على يقين بوضوئه معلوم لدى المخاطب استيقن بالنوم ام لم يستيقن فلا وجه لتعليقه على عدم الاستيقان بالنوم فلابد من حمله على انشاء لزوم العمل بلسان جعل موضوعه وهو نفس اليقين (قوله: إلى الغاية بعيد) فان الحمل على الانشاء خلاف الظاهر ولا سيما مع لزوم كون: ولا ينقض اليقين... الخ بمنزلة التأكيد له، بل يلزم أن يكون كل ذلك تأكيدا لقوله (ع): لا حتى يستيقن (قوله: وابعد منه كون) اشارة إلى الاحتمال الثالث، ووجه كونه ابعد (أولا) انه خلاف ظاهر لفظ الواو في قوله (ع): ولا ينقض، إذ لو كان هو الجزاء لزم خلوه عنه (وثانيا) انه يلزم كون القضية من قبيل الشرطية المساقة لتحقيق الموضوع كما في مثل: إن رزقت ولدا فاختنه، لامتناع فرض الجزاء فيها الا في فرض ثبوت الشرط مع لزوم كون الكلام بمنزلة التأكيد لما قبله كما في الاحتمال الثاني بخلاف ما لو حمل على المعنى الاول فانه يدل على علة الحكم وثبوت الكبري الكلية المطردة في مورد الرواية وغيره (قوله: بما ذكرنا) يعني من حمل الكلام على التعليل (قوله: ينافيه) الضمير راجع إلى الاختصاص (قوله: لا تعبدي) إذ لو بنى على الاختصاص بالوضوء كان التعليل تعبديا لما عرفت من انه لا خصوصية له في نظر العرف فلا يتضح وجه التعليل (قوله: قطعا) قيد لقوله ينافيه (قوله: لاحتماله)

٤٠٣

عليه مع كمال الملائمة مع الجنس ايضا (فافهم) مع أنه غير ظاهر في اليقين بالوضوء لقوة احتمال ان يكون من وضوئه

______________________________

اي الاختصاص (قوله: ايضا فافهم) يمكن أن يكون إشارة إلى أن كمال الملائمة لا يقتضي الحمل على الجنس لكمال الملائمة مع العهد ايضا، ولا سيما وكونه الاصل في لام التعريف إذا سبقها المدخول كما نص عليه علماء العربية. نعم ربما قيل يمتنع حمل اللام على العهد في المقام لان المعهود في السؤال شخص خاص من اليقين فالحمل عليه يوجب كون القضية شخصية وهو ممتنع إذ لا ريب في كون المراد الحكم على كل يقين بالوضوء ملحوق بالشك به مع أن اليقين الشخصي ربما لا يكون محلا للابتلاء وقت السؤال حتى يؤمر بالعمل عليه، لكن فيه أنه لم يظهر من الرواية ذلك، بل الظاهر منها السؤال عن كلي اليقين بالوضوء الملحق بالشك فيه فحمل اللام على العهد يقتضي ارادة طبيعة اليقين بالوضوء ولا مانع منه (قوله: مع انه غير ظاهر) يعني ان حمل اللام على العهد انما يقتضي اختصاص الحكم باليقين بالوضوء لو كان (قوله: لقوة احتمال) لا ينبغي التأمل في كون الظاهر تعلق قوله (وضوئه) بالظرف كما تقول: صرت من هذه المسألة على علم ومن عدالة زيد على يقين (قوله: من وضوئه) قيد لليقين أما إذا كان قيدا للظرف اعني قوله: على يقين كان مطلقا، فحمل اللازم على العهد لا يقتضي الاختصاص المدعي إذ المعهود هو اليقين مطلقا واحتمال انه قيد للظرف قوي (ويمكن) ان يخدش (أولا) بأن قوة الاحتمال لا تجدي ما لم تبلغ الظهور المعتد به إذ لولاه لكان الكلام مجملا ساقطا عن الحجية (وثانيا) انه لم يظهر الفرق بين اخذه قيدا لليقين واخذه قيدا للظرف في تمامية دعوى الاختصاص إذ على الثاني يكون مفهوم اليقين غير مقيد لكن لا اطلاق له يشمل اليقين بغير الوضوء بل يكون المراد الحصة الملازمة للتعلق بالوضوء فيكون المعرف باللام كذلك (وان شئت) قلت كل خصوصية تذكر في الجملة التي يكون فيها الاسم السابق يجب ان يقيد بها المعرف، مثلا إذا قال: إذا اشتريت فرسا بمائة يوم الجمعة فبع الفرس، فالمراد من الفرس الثاني هو الفرس الذي اشتراه بمائة يوم الجمعة،

٤٠٤

متعلقا بالظرف لا بيقين وكان المعنى فانه كان من طرف وضوئه على يقين وعليه لا يكون الأصغر الا اليقين لا اليقين بالوضوء كما لا يخفى على المتأمل (وبالجملة) لا يكاد يشك في ظهور القضية في عموم اليقين والشك خصوصا بعد ملاحظة تطبيقها في الاخبار على غير الوضوء ايضا (ثم) لا يخفى حسن اسناد النقض وهو ضد الابرام إلى اليقين ولو كان متعلقا بما ليس فيه اقتضاء البقاء والاستمرار لما يتخيل فيه من الاستحكام بخلاف الظن فانه يظن أنه ليس فيه إبرام واستحكام وان

______________________________

ومن المعلوم أن يوم الجمعة والشراء ليسا قيدين للفرس في الجملة السابقة، ومثله قوله تعالى (وارسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول... الآية) فان المراد بالرسول الثاني هو الرسول الذي ارسل، مع أن قوله تعالى (ارسلنا) لم يجعل قيدا للرسول ففي المقام المراد من اليقين الذي لا يجوز نقضه بالشك هو اليقين الذي يكون المكلف من وضوئه عليه لا مطلقا (قوله: لا يكاد يشك) العمدة فيه ما ذكره الاو من ظهور الرواية في التعليل بالامر الارتكازي لا التعبدي (قوله: ثم لا يخفي حسن اسناد) هذا شروع في الرد على شيخنا الاعظم (قده) حيث استشكل تبعا للمحقق الخوانساري (ره) في دلالة الاخبار على ثبوت الاستصحاب لو كان الشك في البقاء مستندا إلى الشك في المقتضي، ووجه الاشكال أن حقيقة النقض حل المبرم من قولهم نقض الحبل، وقوله تعالى: (كالتي نقضت غزلها من بعد قوة.. الآية) ولما امتنع ارادة ذلك قى المقام دار الامر بين حمله على رفع اليد عن الامر الثابت لوجود مقتضيه وحمله على مجرد رفع اليد عن الشئ ولو كان لعدم المقتضي، وحيث ان الاول اقرب إلى المعنى الحقيقي كان هو المتعين فلا يصح التمسك بالاخبار الناهية عن نقض اليقين بالشك إلا فيما إذا كان مشكوك البقاء واجدا لمقتضيه فتختص بالشك في الرافع دون الشك في المقتضي، وحاصل ما ذكره المصنف (ره) في دفعه ان المصحح لاستعمال النقض في المقام كونه متعلقا باليقين الذي هو من قبيل الامر المبرم، وحينئذ لا فرق بين كون المتيقن مبنيا على الثبوت على الثبوت والدوام اولا وليس استعماله بلحاظ نفس المتيقن حتى يختص بما إذا كان مبنيا على ذلك دون ما إذا لم يكن كذلك (قوله: لما يتخيل فيه) تعليل لحسن اسناد النقض إلى اليقين وضمير (فيه) راجع إلى اليقين

٤٠٥

كان متعلقا بما فيه إقتضاء ذلك وإلا لصح أن يسند إلى نفس ما فيه المقتضي له مع ركاكة مثل (نقضت الحجر من مكانه) ولما صح ان يقال: انتقض اليقين باشتعال السراج، فيما إذا شك في بقائه للشك في استعداده مع بداهة صح وحسنه (وبالجملة) لا يكاد يشك في ان اليقين كالبيعة والعهد إنما يكون حسن اسناد النقض إليه بملاحظة لا بملاحظة متعلقة فلا موجب لارادة ما هو اقرب إلى الامر المبرم أو اشبه بالمتين المستحكم مما فيه اقتضاء البقاء لقاعدة (إذا تعذرت الحقيقة فاقرب المجازات) بعد تعذر ارادة مثل ذاك الامر ما يصح اسناد النقض إليه حقيقة (فان قلت): نعم ولكنه حيث لا انتقاض لليقين في باب الاستصحاب حقيقة فلو لم يكن هناك اقتضاء البقاء في المتيقن لما صح اسناد الانتقاض إليه بوجه ولو مجازا بخلاف ما إذا كان هناك فانه وان لم يكن معه ايضا انتقاض حقيقة إلا أنه صح اسناده إليه مجازا فان اليقين معه كانه تعلق

______________________________

 (قوله: والا لصح) يعني والا يكن المصحح له ما في اليقين من الابرام بل كان ما في المتيقن من اقتضاء القاء لصح استعماله في مورد يكون فيه اقتضاء البقاء مع انه لا يصح فلا يقال: نقضت الحجر من مكانه، مع أن كونه في مكانه مما فيه الاقتضاء إذ لا ينفصل عن مكانه الا برافع، ويصح ان يقال: نقضت الحجر، بمعني كسرته لأن الحجر في نفسه لا يخلو من نوع من الابرام بين اجزائه ويصح ان يقال: نقضت البناء، إذا ازلته عن مكانه لأن كونه في مكانه ايضا لا يخلو من نحو من الابرام (قوله: ولما صح) معطوف على قوله لصح (قوله: للشك في) متعلق بقوله: شك في بقائه (قوله: نعم ولكنه حيث لا انتقاض) يعني ان ما ذكرت من ان المصحح لاستعمال النقض في المقام نفس اليقين انما يتم لو كان النقض مسلطا على اليقين حقيقة مع انه ليس كذلك إذ الشك في مورد الاستصحاب مجامع لليقين لا ناقض له، ولأجله لا يكون رفع اليد عن العمل نقضا لليقين بل انما يكون نقضا للمتيقن فالنقض حقيقة انما يسند إلى المتيقن فلابد ان يكون فيه جهة مصححة لاسناد النقض إليه وليس الا كونه واجد المقتضي البقاء فيتم التخصيص بالشك في

٤٠٦

بامر مستمر مستحكم قد انحل وانفصم بسبب الشك فيه من جهة الشك في رافعه (قلت): الظاهر أن وجه الاسناد هو لحاظ اتحاد متعلقي اليقين والشك ذاتا وعدم ملاحظة تعددهما زمانا وهو كاف عرفا في صحة اسناد النقض إليه واستعارته له بلا تفاوت في ذلك اصلا في نظر اهل العرف بين ما كان هناك اقتضاء البقاء وما لم يكن وكونه مع المقتضي أقرب بالانتقاض وأشبه لا يقتضي تعيينه لاجل قاعدة (إذا تعذرت الحقيقة) فان الاعتبار في الاقربية إنما هو بنظر العرف لا الاعتبار وقد عرفت عدم التفاوت بحسب نظر أهله هذا كله في المادة (واما الهيئة) فلا محالة يكون المراد منها النهي عن الانتقاض

______________________________

الرافع (قوله: الظاهران وجه الاسناد) يعني ان الشك انما لم يكن ناقضا لليقين في مورد الاستصحاب من جهة اختلاف متعلقهما زمانه لكون متعلق اليقين متقدما على متعلق الشك زمانا ولو بني على التغافل عن التعدد الزماني ولم يلحظ الانفس المتعلق ووحدته يرى الشك ناقضا لليقين فاسناد النقض إلى اليقين مبني على هذا التغافل ولا بأس به عرفا، ولأجل ذلك التغافل يعبر غالبا عن مورد الاستصحاب بانه يقين سابق وشك لاحق بل ربما كان ذلك في بعض الاخبار المستدل بها عليه (قوله: وكونه مع المقتضي) يعني قد يقال: رفع اليد عن اليقين المتعلق بما هو واجد لمقتضي البقاء اقرب إلى النقض الحقيقي من رفع اليد عن اليقين المتعلق بما هو فاقد للمقتضي فقاعدة أن تعذر الحقيقة يوجب الحمل على اقرب المجازات تقتضي حمل النقض في المقام على الاول (وفيه) أن المراد من الاقرب الذي يجب حمل اللفظ عليه هو الاقرب عرفا لا الاقرب عقلا، ولذا يحمل مثلا زيد أسد على ان المراد انه شجاع مع كون الاقرب عقلا ان يكون واجدا لكل صفة في الاسد والمعنيان المذكوران في المقام ليس احدهما اقرب من الآخر عرفا بل هما سواء فليحمل على الجامع بينهما لان تخصيص احدهما بلا مخصص (قوله: واما الهيئة فلا محالة يكون المراد) الاحتمالات المتصورة بدوا كثيرة إذ نقض اليقين (تارة) يراد به نقض نفسه (واخرى) نقض احكامه (وثالثة) نقض متعلقه (ورابعة) نقض احكامه، والجميع ممتنع

٤٠٧

بحسب البناء والعمل لا الحقيقة لعدم كون الانتقاض بحسبيهما تحت الاختيار سوا كان متعلقا باليقين كما هو ظاهر القضية أم بالمتيقن أم بآثار اليقين بناء على التصرف فيها بالتجوز أو الاضمار.

______________________________

لو اريد النقض الحقيقي (أما في الثاني والرابع) فواضح إذ الاحكام ليست من فعل المكلف ليمكنه نقضها ولا نقضها مضافا إلى انه لا معنى لنقضها بالشك (ومنه) يظهر امتناع الثالث مضافا إلى انه قد لا يكون من افعاله الاختيارية لا حدوثا ولا بقاء (اما الاول) فلانه ان اريد من حرمة نقضة بالشك وجوب البقاء على اليقين حقيقة فممتنع إذ قد لا يكون حصول اليقين اختياريا، وان اريد حرمة نقضه بالشك في ظرف حصوله فان اريد ما كان من موارد قاعدة الشك الساري فالانتقاض ضروري لا معنى للنهي عنه، وان اريد ما كان من موارد الاستصحاب فالانتقاض غير حاصل فلا معنى للنهي عنه. هذا كله مضافا إلى ان جميع هذه الاحتمالات خلاف الضروري من مفاد النص ولم يتوهم احد احتمالها منه، مثلها أن يكون المراد نقض اليقين عملا بمعنى جعل احكام اليقين للشك فانه وان كان في نفسه معقولا كما لو كان اليقين موضوعا لحكم شرعي أو جزءا للموضوع إلا أنه خلاف مورد الرواية فان جواز الصلاة ونحوه ليس من احكام نفس اليقين، فيدور الامر بين إرادة نقض المتيقن عملا بجعل احكامه حال الشك في وجوده، وارادة وجوب العمل مع الشك العمل مع اليقين فكما أنه لو تيقن الطهارة مثلا لوجب عليه ترتيب احكام الطهارة واحكام اليقين بها كذلك لو شك في الطهارة بعد اليقين بها فيجب عليه ترتيب احكامها واحكام اليقين بها فكل عمل يجب في حال اليقين بشئ يجب في حال الشك به سواء كان العمل لأثر لليقين ام لأثر للمتيقن، والذي استظهره المصنف (ره) تبعا لشيخنا الاعظم (ره) هو الاول وسيأتي قريبا توضيح الحال (قوله: بحسب البناء) ذكر البناء غير ظاهر فان الظاهر هو كونه بحسب العمل لا غير (قوله: ظاهر القضية) يعني من حيث الوضع (قوله: فيها بالتجوز أو الاضمار) ضمير فيها راجع إلى القضية والتجوز على

٤٠٨

* بداهة أنه كما لا يتعلق النقض الاختياري القابل لورود النهي عليه بنفس اليقين كذلك لا يتعلق بما كان على يقين منه أو أحكام اليقين فلا يكاد يجدي التصرف بذلك في بقاء الصيغة على حقيقتها فلا مجوز له فضلا عن الملزم كما توهم (لا يقال): لا محيص عنه فان النهي عن النقص بحسب العمل لا يكاد يراد بالنسبة إلى اليقين وآثاره لمنافاته مع

______________________________

تقدير ارادة المتيقن والاضمار على تقدير ارادة آثار اليقين (قوله: بداهة) تعليل لقوله سواء كان... الخ (قوله: بما كان على) يعني المتيقن (قوله: أو احكام اليقين) بل واحكام المتيقن (قوله: فلا يكاد يجدي التصرف) هذا تعريض بشيخنا الاعظم قدس سره حيث أنه بعد ما خص النقض بما إذا كان الشك في الرافع قال: ثم لا يتوهم الاحتياج إلى تصرف في اليقين بارادة المتيقن منه لان التصرف لازم على كل حال فان النقض الاختياري القابل لورود النهي عليه لا يتعلق بنفس اليقين على كل تقدير بل المراد نقض ما كان على يقين منه والطهارة السابقة أو احكام اليقين... الخ فيظهر منه امكان تعلق النقض الاختياري بالمتقين واحكام اليقين دون نفس اليقين، وقد عرفت أنه لا فرق بينها في ذلك ومن هنا ذكر المصنف (ره) انه لا يكاد يجدي التصرف... إلى قوله: كما توهم، ومراده من المتوهم شيخه - قدس سره - هذا ولكن قال شيخنا الاعظم - قدس سره - بعد ذلك: وكيف كان فالمراد اما نقض المتيقن فالمراد بالنقض رفع اليد عن مقتضاه واما نقض احكام اليقين اي الثابتة للمتيقن من جهة اليقين والمراد حينئذ رفع اليد عنها. انتهى، وهو صريح في أن النقض المتعلق أو احكام اليقين يراد منه النقض عملا لا حقيقة، فالجمع بين الكلامين يقتضي ارادة وجوب التصرف في اليقين بارادة المتيقن أو احكامه من جهة مورد الرواية وارادة النقض العملي من النقض الاختياري القابل لورود النهي عليه، وان كانت العبارة الاولى توهم ما عليه المصنف (ره) من ارادة النقض الحقيقي فلاحظ (قوله: لا محيص عنه فان) يعني لابد من الحمل على ارادة نقض المتيقن لأن الحمل على ما ذكرت

٤٠٩

المورد (فانه يقال): إنما يلزم لو كان اليقين ملحوظا بنفسه وبالنظر الاستقلالي لاما إذا كان ملحوظا بنحو المرآتية وبالنظر الآلي كما هو الظاهر في مثل قضية (لا تنقض اليقين) حيث تكون ظاهرة عرفا في انها كناية عن لزوم البناء والعمل

______________________________

من ارادة نقض اليقين عملا ينافي مورد الرواية إذ الحكم المترتب في الرواية على حرمة النقض صحة الصلاة ونحوها وذلك من احكام الطهارة المشكوكة لا اليقين بها هذا ولا يخفى أنه كان الانسب اسقاط قوله: لا محيص عنه، إذ بعد اثبات امتناعه لا وجه لدعوى كونه لا محيص عنه كما هو ظاهر (قوله: انما يلزم لو كان) يعني ان ما ذكرناه من ارادة حرمة نقض اليقين عملا نعني منه حرمة نقض المتيقن إذ اليقين ملحوظ عبرة وطريقا إلى نفس المتيقن (قوله: كما هو الظاهر في مثل قضية) هذا الاستظهار غير ظاهر إذ هو خلاف الاصل المعول عليه في الالفاظ فان كل لفظ انما يحكي عن معناه استقلالا واستعمال اليقين طريقا في بعض المقامات مثل رواية زرارة: إذا استيقن انه زاد في صلاته المكتوبة فليستقبل صلاته استقبالا، لا يقتضي الحمل عليه في غيرها ما لم تقم قرينة عليه، مع امكان المنع من كونه فيها طريقا بهذا المعني بل من الجائز أن يكون موضوعا لوجوب الاعادة ارشادا فانه الموافق للاصل المذكور (وثانيا) انه خلاف ظاهر سياقه مساق الشك إذ الشك في قوله: ولا ينقض اليقين بالشك، ملحوظ في نفسه استقلالا لا طريقا فيكون اليقين كذلك لكونهما في سياق واحد، وخلاف ما يظهر من الرواية من كونها تنبيها على امر ارتكازي فان الامر الارتكازي عدم رفع اليد عن اليقين بما هو يقين في قبال الشك، وخلاف ما يظهر من الصغرى المعلل بها الجواب - اعني قوله (ع): فانه على يقين من وضوئه - فان الظاهر منها ملاحظة اليقين استقلالا، وليس المراد منها انه على وضوء، بل لعله ايضا خلاف ما ذكره المصنف (ره) من كون المصحح لاستعمال النقض في المقام نفس اليقين لما فيه من الاستحكام فان حمل اليقين على الطريقية إلى المتيقن نقض لما ذكر الا بدعوى

٤١٠

بالتزام حكم مماثل للمتيقن تعبدا إذا كان حكما ولحكمه إذا كان موضوعا لا عبارة عن لزوم العمل بآثار نفس اليقين بالالتزام بحكم مماثل لحكمه شرعا وذلك لسراية الآلية والمرآتية من اليقين الخارجي إلى مفهومه الكلي فيؤخذ في موضوع الحكم في مقام بيان حكمه مع عدم دخله فيه أصلا كما ربما يؤخذ فيما له دخل فيه أو تمام الدخل (فافهم)

______________________________

اكتساب المتيقن من اليقين حيثية الابرام والاستحكام، لكنها - مع انها لا تخلو من تكلف - لا تأبى كون حمله على اليقين الاستقلالي انسب بلفظ النقض، فالمتعين مما ذكرناه ابقاء اليقين على معناه وارادة حرمة رفع اليد عنه ووجوب العمل حال الشك عمله حال اليقين سواء كان العمل مستندا إلى أثر شرعي لليقين كما لو كان تمام الموضوع له أو جزأه، ام مستندا إلى اثر شرعي للمتيقن كما في مورد الرواية، وسيجيئ انشاء الله تعالى في وجه تحكيم الاستصحاب على الاصول ماله نفع تام في المقام فانتظر وتأمل والله سبحانه اعلم (قوله: بالالتزام بحكم مماثل) قد عرفت في بعض الحواشي السابقة وفي السؤال المتقدم ان هذا المعنى وان كان معقولا الا انه لا ينافي مورد الرواية (قوله: وذلك لسراية الآلية) هذا تعليل لقوله: كما هو الظاهر، ودفع لتوهم انه كيف يكون اليقين في الرواية ملحوظا آلة للمتيقن وطريقا إليه مع ان اليقين الذي يكون كذلك هو اليقين الخارجي الذي هو مصداق مفهوم اليقين لا نفس المفهوم (وحاصل) الدفع تسليم ذلك ودعوى سراية الآلية من المصداق إلى نفس المفهوم. هذا وفي دعوى كون اليقين الخارجي طريقا إلى المتيقن خفاء فان اليقين نوع من العلم لا به يكون العلم فتأمل جيدا (قوله: فيؤخذ في) يعني (فتارة) يؤخذ اليقين في موضوع الحكم طريقا محضا بلا دخل له في موضوع ذلك الحكم بل تمام الموضوع هو ذات المتيقن (واخرى) يؤخذ في موضوعه موضوعا تمامه أو جزؤه فضمير (حكمه) و (فيه) راجع إلى الموضوع، وضمير (دخله) راجع إلى اليقين وكلمة (ما) في قوله: فيما له،

٤١١

تم إنه حيث كان كل من الحكم الشرعي وموضوعه مع الشك قابلا للتنزيل بلا تصرف وتأويل غاية الامر تنزيل الموضوع بجعل مماثل حكمه وتنزيل الحكم بجعل مثله كما أشير إليه آنفا كان قضية (لا تنقض) ظاهرة في اعتبار الاستصحاب في الشبهات الحكمية والموضوعية. واختصاص المورد بالاخيرة لا يوجب تخصيصها بها خصوصا بعد ملاحظة أنها قضية كلية ارتكازية قد أتي بها في غير مورد لأجل الاستدلال بها على حكم المورد فتأمل (ومنها) صحيحة أخرى لزرارة (قال: قلت له: اصاب ثوبي دم رعاف

______________________________

عبارة عن الموضوع (قوله: ثم انه حيث كان كل) هذا بيان لعموم الرواية لاستصحاب الموضوع ولاستصحاب الحكم وانها لا تختص بالاول وان كان موردا لها لان المورد لا يخصص الوارد (وتوضيحه): ان اليقين في قوله (ع): ولا ينقض اليقين بالشك مطلق، فيعمم كلا من اليقين بالحكم واليقين بالموضوع فيدل على جعل كل منهما في حال الشك في بقائه غاية الامر أن جعل الموضوع تعبدا راجع إلى جعل حكم مماثل لحكمه وجعل الحكم كذلك راجع إلى جعل مماثله، وحيث لا مانع من ان يكون الكلام المذكور متكفلا لجعل الامرين معا وجب حمله على ذلك أخذا باطلاقه، كما أن قوله مثلا، اعمل بالخبر، لما كان عاما للخبر الحاكي عن الموضوع والخبر الحاكي عن الحكم وجب الاخذ باطلاقه ويكون ايضا متكفلا لجعل المماثل للحكم لو كان حاكيا عنه ولجعل مماثل حكم الموضوع لو كان حاكيا عن الموضوع (قوله: بلا تصرف وتأويل) يعني كائنين على خلاف ظاهر الكلام، والا فلا بد من التصرف والتأويل في الجملة إذ قد عرفت ان مقتضى الجمود على ما تحت العبارة ارادة حرمة نقض اليقين حقيقة وهو ممتنع كما عرفت (قوله: ومنها صحيحة اخرى) هذه الصحيحة رواها الشيخ (ره) بالطريق المتقدم بعينه ورواها الصدوق عن أبيه عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن حماد عن حريز عن زرارة، وهذا السند حسن بابراهيم بن هاشم عند المشهور ولكنه

٤١٢

أو غيره أو شئ من المني فعلمت أثره إلى أن أصيب له الماء فحضرت الصلاة ونسيت أن بثوبي شيئا وصليت ثم إني ذكرت بعد ذلك، قال: تعيد الصلاة وتغسله، قلت: فان لم أكن رأيت موضوعه وعلمت أنه قد أصابه فطلبته ولم أقدر عليه فلما صليت وجدته، قال - عليه السلام -: تغسله وتعيد، قلت: فان ظننت أنه قد أصابه ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم أر شيئا فصليت فرأيت فيه، قال: تغسله ولا تعيد الصلاة، قلت: لم ذلك ؟ قال لانك كنت على يقين من طهارتك فشككت فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا، قلت: فاني قد علمت أنه قد أصابه ولم أدر أين هو فاغسله ؟ قال: تغسل من ثوبك الناحية التي ترى أنه قد أصابها حتى تكون على يقين من طهارتك، قلت فهل علي إن شككت في انه أصابه شئ أن أنظر فيه ؟ قال: لا ولكنك إنما تريد أن تذهب الشك الذي وقع في نفسك، قلت: إن رأيته في ثوبي وأنا في الصلاة، قال: تنفض الصلاة وتعيد إذا شككت في موضع منه ثم رأيته وإن لم تشك ثم رايته رطبا قطعت الصلاة وغسلته ثم بنيت على الصلاة لأنك لا تدري لعله شئ أوقع عليك فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك) وقد ظهر مما ذكرنا في الصحيحة الاولى تقريب الاستدلال بقوله: فليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشك، في كلا الموردين ولا نعيد (نعم) دلالته في المورد الأول على الاستصحاب مبني على أن يكون المراد من اليقين في قوله - عليه السلام -: لانك كنت على يقين من طهارتك، اليقين بالطهارة قبل ظن الاصابة

______________________________

صحيح عند جماعة من المحققين لثبوت توثيقه عندهم (قوله: أو غيره أو شئ) الاول معطوف على رعاف والثاني معطوف على دم (قوله: وقد ظهر مما ذكرنا) بل التقريب هنا اظهر لان ظهور الرواية في التعليل مما لا ينكر كيف وهو مدلول اللام في (لانك) ؟ (قوله: مبني على ان يكون) يعني يحتمل بدوا

٤١٣

كما هو الظاهر فانه لو كان المراد منه اليقين الحاصل بالنظر والفحص بعده الزائل بالرؤية بعد الصلاة كان مفاده قاعدة اليقين كما لا يخفي. ثم إنه أشكل على الرواية بان الاعادة بعد انكشاف وقوع الصلاة ليست نقضا لليقين بالطهارة بالشك فيها بل باليقين بارتفاعها فكيف يصح أن يعلل عدم الاعادة بانها نقض اليقين بالشك ؟ (نعم) إنما يصح أن يعلل به جواز الدخول في الصلاة كما لا يخفى، ولا يكاد يمكن التفصي عن هذا الاشكال إلا بان يقال: إن الشرط في الصلاة فعلا حين الالتفات إلى الطهارة

______________________________

في الرواية معنيان (الاول) ان يكون المراد باليقين اليقين الحاصل قبل ظن الاصابة وبالشك الشك الحاصل حال الصلاة لاحتمال الاصابة بان يكون قوله: فنظرت... الخ بمعنى لم اعلم بالاصابة (الثاني) ان يكون المراد باليقين اليقين بالطهارة الحاصل بالنظر بأن يحمل قوله: فلم ار شيئا، على معنى علمت بعدم الاصابة ويكون المراد بالشك الشك الحاصل بعد ذلك حال الصلاة بان يكون قد شك حال الصلاة في وجود النجاسة حال النظر وعدم الرؤية وعلى الاول تكون الرواية دالة على ثبوت الاستصحاب لاختلاف متعلقي اليقين والشك زمانا وعلى الثاني تكون دالة على ثبوت قاعدة الشك السارى لاتحاد متعلقيهما (قوله: كما هو الظاهر) وجهه: أن حمل (فلم أر شيئا) على اليقين بعدم الاصابة غير ظاهر، كما أن حدوث الشك له حال الصلوة الموجب لزوال اليقين المذكور لا دال عليه في الرواية (قوله: ثم انه اشكل على الرواية) هذا الاشكال مبني على ان الطهارة الواقعية شرط في صحة الصلاة فان المكلف إذا علم بعد الصلاة ان صلاته وقعت فاقدة للشرط كان العلم المذكور ملزوما للعلم ببقاء التكليف المقتضي للاعادة فالاعادة المستندة إلى العلم المذكور لا تنافي حرمة نقض اليقين بالشك لانها من نقض اليقين باليقين (قوله: جواز الدخول) لان عدم جواز الدخول نقض لليقين بالشك فحرمة النقض تقتضي جواز الدخول (قوله: حين الالتفات) انما قيد به لانه لو صلى في النجس غافلا صحت صلاته ولو كان الشرط

٤١٤

هو إحرازها ولو باصل أو قاعدة لا نفسها فتكون قضية استصحاب الطهارة حال الصلاة عدم إعادتها ولو انكشف وقوعها في النجاسة بعدها كم أن إعادتها بعد الكشف تكشف عن جواز النقض وعدم حجية الاستصحاب

______________________________

احراز الطهارة مطلقا كان اللازم البطلان لانه لا احراز لها في حال الغفلة (قوله: هو احرازها ولو) يعني إذا كان الشرط لصحة الصلاة احراز الطهارة كان عدم وجوب اعادة الصلاة في مورد السؤال في الرواية من آثار ثبوت الاستصحاب وحرمة نقض اليقين بالشك لانه بالاستصحاب تحرز الطهارة فيتحقق الشرط وتصح الصلاة المشروطة فيصح حينئذ تعليل صحة الصلاة وعدم وجوب الاعادة بعدم جواز نقض اليقين بالشك (فان قلت): إذا كان احراز الطهارة ولو باصل كافيا في صحة الصلاة لم يتوقف عدم وجوب الاعادة على حرمة نقض اليقين بالشك بل يكفي فيه قاعدة الطهارة (قلت): قاعدة الطهارة لا تجري في مورد يجري فيه الاستصحاب كما سيأتي انشاء الله تعالى فمهما كان الاستصحاب جاريا كان هو المستند في الصحة لا غير (فان قلت): كون الشرط احراز الطهارة ينافى ما عليه جل الاصحاب من أن الشرط عدم احراز النجاسة (قلت): هو ممنوع كيف وظاهرهم الاتفاق على عدم الاكتفاء بالصلاة في احد الثوبين المعلوم نجاسة احدهما اجمالا ؟ إذ لا ريب في ان واحدا منهما بعينه مما لم تعلم نجاسته (ودعوى) أن المعلوم بالاجمال لما لم تجز الصلاة فيه لم تجز الصلاة في كل واحد من محتملاته (مندفعة) باطراد الحكم عندهم حتى لو كان الطرف الآخر مما لا يصلى فيه كما لو كان طعاما لا يجوز اكله أو بيعه. فتأمل. ثم إنه بناء على ما ذكره المصنف (ره) من أن مفاد دليل الاستصحاب تنزيل المشكوك منزلة المتيقن لا غير لا يكون الاستصحاب محرزا للطهارة الواقعية. نعم به يحصل احراز وجداني للطهارة الظاهرية فيتوقف اندفاع الاشكال على كون الشرط احراز الطهارة واقعية كانت ام ظاهرية (قوله: بعدها) ظرف (انكشف)

٤١٥

حالها كما لا يخفى فتأمل جيدا (لا يقال): لا مجال حينئذ لاستصحاب الطهارة فانه إذا لم يكن شرطا لم يكن موضوعا لحكم مع أنه ليس بحكم ولا محيص في الاستصحاب عن كون المستصحب حكما أو موضوعا لحكم (فانه يقال): إن الطهارة وإن لم تكن شرطا فعلا إلا انها غير منعزل عن الشرطية رأسا بل هو شرط واقعي اقتضائي - كما هو قضية التوفيق بين بعض الاطلاقات ومثل هذا الخطاب –

______________________________

 (قوله: حالها) ظرف لجواز النقض (قوله: لا يقال لا مجال حينئذ) يعني إذا كان الشرط احراز الطهارة لا نفس الطهارة الواقعية امتنع جريان الاستصحاب لاثباتها لما تقدم من أنه لابد ان يكون المستصحب حكما شرعيا أو موضوعا لحكم شرعي والطهارة ليست واحدا منهما. اما الاول فواضح. واما الثاني فلانه المفروض، وإذا امتنع جريان الاستصحاب لاثباتها لم يتحقق احراز الطهارة الذي هو الشرط فاللازم بطلان الصلاة ولزوم الاعادة فيشكل تعليل عدم الاعادة بالاستصحاب في الرواية. ثم إن هذا الاشكال يتوقف على عدم أثر شرعي للطهارة غير شرطيتها للصلاة والا كفى ثبوته في جريان الاستصحاب ويتم التعليل. كما ان هذا الاشكال مبني على مذاق المصنف (ره) من كون مفاد دليل الاستصحاب تنزيل المشكوك منزلة المتيقن أما بناء على أن مفاده معاملة الشك معاملة اليقين في جميع الآثار العلمية الثابتة له من جهة نفسه أو من جهة المتيقن كما استظهرناه، فلا مجال له على هذا المبني إذ لا يتوقف جريان الاستصحاب على كون الطهارة حكما شرعيا أو موضوعا له بل يكفي فيه كون العلم موضوعا والمفروض انه كذلك فلاحظ (قوله: فانه يقال ان الطهارة) حاصله: انه ليس المقصود من قولنا شرط صحة الصلاة احراز الطهارة لانفسها أن الامر كذلك مطلقا، بل المقصود أن الشرط الواقعي الأولي هو نفس الطهارة الواقعية غاية الامر انه لو اخطأ الاستصحاب ولم يصادف ثبوتها واقعا كان الشرط الفعلي حينئذ هو احرازها لا نفسها، وإذا كانت الطهارة الواقعية شرطا جاز جريان الاستصحاب لاثباتها. والداعي إلى الالتزام بذلك أنه وجه جمع بين

٤١٦

هذا مع كفاية كونها من قيود الشرط حيث أنه كان إحرازها بخصوصها لا غيرها شرطا (لا يقال): سلمنا ذلك لكن قضيته أن يكون علة عدم الاعادة حينئذ بعد انشكاف وقوع الصلاة في النجاسة هو إحراز الطهارة حالها باستصحابها لا الطهارة المحرزة بالاستصحاب - مع أن قضية التعليل أن تكون العلة له هي نفسها لا إحرازها ضرورة أن نتيجة قوله: لانك كنت على يقين... الخ أنه على الطهارة لا أنه

______________________________

ما دل بظاهره على اعتبار الطهارة نفسها مثل: لا صلاة الا بطهور. فتأمل وما دل على صحة الصلاة بفقدها إذا كانت مجرى للاستصحاب كهذه الصحيحة (وفيه) أنه يمتنع الجمع بين دعوى كونها شرطا اقتضائيا في صورة الفقدان ودعوى صحة جريان الاستصحاب حينئذ لتوقف جريانه على اثر فعلى لمجراه وهو غير حاصل بالفرض (قوله: مع كفاية كونها من قيود) يعني أنه يكفي في صحة جريان الاستصحاب في شئ كونه من قيود الشرط وان لم يكن بنفسه شرطا إذ لا ريب في صحة جريان استصحاب طهارة الماء المتوضأ به مع أن طهارة الماء قيد لشرط الصلاة وهو الوضوء فكذا في المقام فانه إذا كان الشرط احراز الطهارة كانت الطهارة قيدا للاحراز ويكفي ذلك في صحة جريان الاصل لاثباتها (ويشكل) بان قيود الشرط التي يجري الاصل فيها هي التي تكون بوجودها الواقعي قيدا للشرط مثل طهارة الماء للوضوء والمفروض أن الطهارة ليست كذلك، بل لو فرض تسليم كون الطهارة بوجودها الواقعي قيدا للاحراز كان الفرض من صغريات اخذ العلم جزءا من الموضوع، وقد تقدم منه (ره) عدم صلاحية دليل الاستصحاب لاثبات قيامه مقامه (قوله: سلمنا ذلك لكن قضية) يعني سلمنا صحة جريان الاستصحاب لاثبات الطهارة لكن لو كان الشرط لصحة الصلاة هو احراز الطهارة كان المناسب تعليل عدم وجوب الاعادة في الرواية بتحقق احراز الطهارة لا بتحقق نفس الطهارة. مع أن ظاهر التعليل في الرواية كون العلة ثبوت نفس الطهارة فيدل على بطلان كون الشرط احراز الطهارة (قوله: ان نتيجة قوله لانك) يعني

٤١٧

مستصحبها كما لا يخفي (فانه يقال): نعم ولكن التعليل إنما هو بلحاظ حال قبل انكشاف الحال لنكتة التنبيه على حجية الاستصحاب وأنه كان هناك استصحاب مع وضوح اسلتزام ذلك لان يكون المجدي بعد الانشكاف هو ذاك الاستصحاب لا الطهارة وإلا لما كانت الاعادة نقضا كما عرفت في الاشكال

______________________________

أن ظاهر التعليل اشارة إلى قياس مؤلف من صغرى خارجية وكبرى شرعية صورته هكذا: انك كنت على يقين من طهارتك فشككت، وكل من كان على يقين من طهارته فشك فهو متطهر، ونتيجته: إنك متطهر، فيرجع التعليل في الحقيقة إلى التعليل بالنتيجة وهو حصول الطهارة لا بالاستصحاب (قوله: نعم ولكن التعليل) يعني انك عرفت أن احراز الطهارة ليس شرطا مطلقا بل شرطيته منحصرة بحال فقدان الطهارة، وأما في حال الوجدان فالشرط هو الطهارة لا احرازها وحينئذ نقول: إن كان التعليل بملاحظة زمان انكشاف الفقدان وهو ما بعد الصلاة لزم أن يكون بالاستصحاب لانه به احراز الطهارة الذي هو الشرط، وان كان بملاحظة زمان الجهل بالفقدان لزم أن يكون بنفس الطهارة لامكان اثباتها بالاستصحاب حينئذ، فتضمن الصحيحة التعليل بنفس ثبوت الطهارة انما هو بملاحظة زمان الجهل وهو زمان الصلاة فلا تدل على بطلان شرطية الاحراز بعد انكشاف الفقدان وهو ما بعد الصلاة (قوله: لنكتة التنبيه) يعني الباعث على ملاحظة زمان الشك في التعليل التنبيه على حجية الاستصحاب في ذلك الحال فتدل الرواية على امور (احدها) حجية الاستصحاب (ثانيها) شرطية الطهارة في ذلك الحال كما عرفت تقريبه في السؤال (ثالثها) شرطية الاحراز في حال الفقدان كما يقتضيه الحكم فيها بعدم لزوم الاعادة حاله إذ لو لم يكن الاحراز شرطا كان اللازم الاعادة. ثم إن ما ذكره المصنف (ره) من كون التعليل بلحاظ ما قبل الانكشاف غير ظاهر لأن المعلل عدم وجوب الاعادة بعد الانكشاف فلابد أن يكون التعليل بلحاظ هذا الحال المسئول عنه. فالاولى في الجواب دعوى وجوب

٤١٨

(ثم) إنه لا يكاد يصح التعليل لو قيل باقتضاء الأمر الظاهري للاجزاء كما قيل ضرورة أن العلة عليه إنما هو اقتضاء ذاك الخطاب الظاهري حال الصلاة للاجزاء وعدم إعادتها لا لزوم النقض من الاعادة كما لا يخفى. اللهم إلا ان يقال: إن التعليل به إنما هو بملاحظة ضميمة اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء بتقريب أن الاعادة لو قيل بوجوبها كانت موجبة لنقض اليقين بالشك في الطهارة قبل الانكشاف وعدم حرمته شرعا وإلا للزم عدم اقتضاء ذاك الأمر له كما لا يخفى مع اقتضائه شرعا أو عقلا

______________________________

رفع اليد عن ظهور التعليل في كون العلة هو الطهارة الواقعية وحمله على كفاية تحقق العلم بالطهارة حين الصلاة في صحتها (قوله: لا يكاد يصح التعليل) اشارة إلى ما قيل في توجيه التعليل من أنه مبني على اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء فانه على هذا المبني تكون الطهارة الظاهرية بمنزلة الطهارة الواقعية ولو بعد انكشاف الخلاف فيترتب عليها صحة العمل واقعا. وأورد عليه (ره) انه على هذا المبني تكون العلة في عدم وجوب الاعادة اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء وظاهر الرواية أن العلة هو حرمة نقض اليقين بالشك لان الاعادة نقض له به (قوله: بتقريب ان الاعادة) توضيحه: أن الاعادة بلحاظ حال الانكشاف المسؤل عنه نقض لليقين باليقين كما تقدم في تقرير الاشكال لكنها بلحاظ ما قبل الانشكاف من نقض اليقين بالشك فإذا فرض أن الامر الظاهري يقتضي الاجزاء كان تطبيق حرمة نقض اليقين بالشك بلحاظ هذا الحال موجبا لعدم الاعادة واقعا واجزاء المأتي به عن الواقع فلا تجب الاعادة حينئذ بعد الانكشاف إذ وجوبها حينئذ ملازم لبقاء الأمر وبقاء الامر خلاف القول بالاجزاء. ثم إن الفرق بين هذا الوجه وما ذكره المصنف (ره) واضح إذ هذا الوجه مبني على كون الشرط هو الطهارة الواقعية غاية الامر أن الطهارة الظاهرية مجزية بناء على اجزاء الامر الظاهري. ووجه المصنف (ره) مبني على أن الشرط الفعلي احراز الطهارة لا نفسها الا في صورة وجودها الواقعي. ومنه يظهر أنه يشكل على هذا الوجه القول بالصحة في صورة العلم بعدم النجاسة مع انكشاف الخلاف إذ لا أمر

٤١٩

فتأمل، ولعل ذلك مراد من قال بدلالة الرواية على اجزاء الأمر الظاهري. هذا غاية ما يمكن أن يقال في توجيه التعليل - مع أنه لا يكاد

______________________________

ظاهري حينئذ. فتأمل (قوله: فتأمل) وجهه على ما في حاشية الكتاب أن اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء ليس بذلك الوضوح كي يحسن بملاحظته التعليل بلزوم النقض من الاعادة كما لا يخفى. انتهى. وحكي أنه (ره) ضرب عليها اخيرا أو كأن الوجه فيه ما اشار إليه في حاشيته أيضا من أنه يكفي كون الاجزاء مفروغا عنه عند السائل كما يظهر من قناعته بالتعليل وان لم يكن بذلك الوضوح في نفسه هذا مع أن الكلام في توجيه الرواية ويكفي فيه مجرد احتمال المفروغية عنه عند السائل ولو ببيان من الامام عليه السلام كما لا يخفى (قوله: هذا غاية ما يمكن) اقول: يحتمل في الراية معنى آخر نبه عليه شيخنا الاعظم (قدس سره) وهو أن يكون السؤال عن صورة رؤية النجاسة بعد الصلاة مع الشك في وجودها حال الصلاة فتكون هذه الصورة نظير الصورة المذكورة في ذيل الرواية المعلل الحكم فيها بمثل ما علل به الحكم في هذه الصورة، وحينئذ لا اشكال في الرواية بالنظر إلى نفسها لأن الاعادة حينئذ نقض لليقين بالشك لا باليقين، كما لا اشكال عليها اصلا لو قيل بان الطهارة الواقعية شرط في صحة الصلاة. نعم لو قيل بعدم كونها شرطا كما تقتضيه جملة من النصوص المعتبرة الموافقة لفتوى المشهور اشكل امر الجمع بينها وبين تلك النصوص، لكن الاشكال على النحو المذكور أهون كالاشكال في ذيلها أيضا من هذه الجهة. ثم إنه لا يبعد ان يكون وجه الجمع هو شرطية الطهارة نفسها في صحة الصلاة، ولو صلى جاهلا بها اجزأت إما لعدم امكان التدارك أو لحصول الغرض أو غير ذلك مما يمنع عن بقاء الامر بالاعادة. ثم إن ما يقرب هذا المعني أمور (الاول) قول الراوي: فرأيت ولم يقل فرأيته، كما قال في الفرض السابق: وجدته (الثاني) موافقته للصورة الثانية من الصورتين المذكورتين في ذيل الرواية في التعليل (الثالث) انه لو حمل على الوجه الاول يكون موافقا للصورة الاولى

٤٢٠