حقائق الاصول الجزء ٢

حقائق الاصول0%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 617

حقائق الاصول

مؤلف: السيد محسن الطباطبائى الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 617
المشاهدات: 208484
تحميل: 4789


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 208484 / تحميل: 4789
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء 2

مؤلف:
العربية

* هل هو تنزيل المستصحب والتعبد به وحده بلحاظ خصوص ماله من الاثر بلا واسطة، أو تنزيلة بلوازمه العقلية أو العادية كما هو الحال في تنزيل مؤديات الطرق والامارات، أو بلحاظ مطلق ماله من الاثر ولو بالواسطة بناء على صحة التنزيل (١) بلحاظ أثر الواسطة ايضا لاجل أن اثر الاثر أثر وذلك لأن مفادها لو كان هو تنزيل الشئ وحده بلحاظ أثر نفسه لم يترتب عليه ما كان مترتبا عليها لعدم احرازها حقيقة ولا تعبدا ولا يكون تنزيله بلحاظه بخلاف ما لو كان تنزيله بلوازمه أو بلحاظ ما يعم آثارها فانه يترتب باستصحابه ما كان بوساطتها (والتحقيق) ان الاخبار إنما تدل على التعبد بما كان على يقين منه فشك بلحاظ ما لنفسه

______________________________

أثرا للمستصحب فلا يكون التعبد بلحاظه، ولو حمل على الثاني يترتب الاثر المذكور لأنه أثر بالواسطة، وكذا على الثالث لثبوت نفس الواسطة باستصحاب موضوعها فلابد أن يترتب أثرها (قوله: هو تنزيل) إشارة إلى الاحتمال الأول (قوله: أو تنزيله) إشارة إلى الاحتمال الثاني (قوله: أو بلحاظ) إشارة إلى الاحتمال الثالث (قوله: لاجل ان اثر) هذه الكلية جارية على المسامحة كما سيأتي (قوله: وذلك لأن) بيان وتعليل لقوله: ومنشؤه ان... الخ (قوله: عليه) يعني على المستصحب (قوله: عليها) يعني على الواسطة وقوله: لعدم. تعليل لقوله: لم يترتب (قوله: ولا يكون) معطوف على عدم (قوله: تنزيله بلوازمه) كما هو الاحتمال الثالث (قوله: أو بلحاظ) كما هو الاحتمال الثاني (قوله: والتحقيق ان الاخبار) شروع

______________

(١) ولكن الوجه عدم صحة التنزيل بهذا اللحاظ ضرورة انه ما يكون شرعا لشئ من الاثر لا دخل له بما يسلتزمه عقلا أو عادة وحديث أثر الاثر أثر وان كان صادقا إلا انه إذا لم يكن الترتب بين الشئ وأثره وبينه وبين مؤثره مختلفا وذلك ضرورة انه لا يكاد يكون الاثر الشرعي لشئ أثرا شرعيا لما يستلزمه عقلا أو عادة أصلا لا بالنظر الدقيق العقلي ولا النظر المسامحي العرفي إلا فيما عد أثر الواسطة أثرا لذيها لخفائها أو لشدة وضوح الملازمة بينهما عدا شيئا واحدا ذا وجهين واثر أحدهما أثر الاثنين كما يأتي الاشارة إليه فافهم منه قدس سره

٤٨١

في تعيين الاحتمال الاول (وتوضيح) ذلك: انه لا مجال للمصير إلى الاحتمال الثاني لما عرفت من أن اليقين في قوله (ع): لا تنقض اليقين، لما كان ملحوظا عبرة إلى نفس المتيقن لم يقتض إلا التعبد به ظاهرا عند الشك في بقائه واما الواسطة العقلية والشرعية وكذا ملازمات المستصحب وملزومه فهي أجنبية عن هذا التعبد فكيف يصح استفادة التعبد بها من الدليل المذكور (فان قلت): لا فرق بين الواسطة غير الشرعية والواسطة الشرعية فكما أن مقتضى التعبد بشئ التعبد باثره الشرعي فليكن مقتضى التعبد به التعبد باثره غير الشرعي (قلت): الفرق هو أن دليل الاستصحاب كسائر أدلة الأحكام الظاهرية والواقعية لما (كان واردا) في مقام احداث الداعي مثلا إلى العمل وكان العمل لا يترتب على نفس الموضوع وانما يترتب على حكمه كان التعبد بالموضوع بقرينة ذلك ظاهرا في التعبد بحكمه، اما اللازم العقلي أو العادي فلما لم يكن دخيلا في العمل بنفسه لم يكن لا تعبد بموضوعه ظاهرا في التعبد به بل كان اللازم المذكور كسائر الامور الخارجية المشكوكة التي تكون أجنبية عن المستصحب بالمرة ليس موضوعا للتعبد أصلا (هذا) وربما يقال بانه لا يعتبر في صحة الاستصحاب كون الاثر المتعبد به عمليا إلا بلحاظ أثره كما في الآثار الشرعية الوضعية حسبما يأتي في التنبيه الثامن، وعليه فلا فرق بين هذه الآثار والآثار العقلية والعادية (وربما) يدفع الاشكال من أصله بان ظاهر الدليل كون التعبد بالموضوع بلحاظ جعل الاثر حقيقة، وبذلك يظهر الفرق بين الآثار الشرعية مطلقا ولو كانت وضعية غير عملية وبين الآثار العقلية والعادية لامتناع جعل الثانية حقيقة لأنها غير شرعية (وفيه) انه قد لا يمكن جعل الاثر حقيقة لخروج موضوعه عن محل الابتلاء كما لو نذر ان يصوم يوم الخميس على تقدير حياة ولده ونذر ان يتصدق بدرهم على تقدير وجوب الصوم عليه يوم الخميس ثم غفل عن ذلك إلى يوم الجمعة فانه لا ريب في انه يصح استصحاب الحياة ليترتب عليه وجوب صوم الخميس ليترتب عليه وجوب الصدقة بدرهم مع انه لا معنى لجعل صوم يوم الخميس بعد انقضائه لخروجه عن محل الابتلاء، فاما أن يلتزم بالمنع عن الاستصحاب في أمثال ذلك وهو كما ترى، أو بكفاية التعبد بالاثر في صحة الاستصحاب فيرجع اشكال الفرق بين

٤٨٢

الآثار الشرعية وغيرها لصحة التعبد بالجميع بلحاظ العمل ولو بالواسطة، فلابد في دفع الاشكال من دعوى انصراف دليل الاستصحاب إلى خصوص الموضوعات المذكورة في الكبريات الشرعية بلحاظ مالها من الآثار الشرعية المضافة إليها إضافة خاصة سواء كانت عملية بلا واسطة أم بواسطة كما سيأتي بيان ذلك اجمالا في التنبيه الثامن فانتظر (ولا مجال) ايضا للمصير إلى الاحتمال الثالث فان أثر الواسطة ليس اثرا لنفس المستصحب وإلا كان خلفا بعد ما كانت الواسطة غير المستصحب، وقضية أن اثر الاثر اثر مبنية على العناية والتجوز فثبوت الاثر المذكور يتوقف التعبد به إما على كونه موردا للاستصحاب أو كون موضوعه موردا له ليكون التعبد به من لوازم التعبد بموضوعه ولا يكون التعبد به من لوازم التعبد بغير موضوعه فالتعبد بوجود النار انما يقتضي التعبد بآثارها الشرعية ولا يقتضي التعبد بآثار الاحراق وانما المقتضي لذلك هو التعبد بالاحراق المتوقف على جريان الاستصحاب فيه نفسه (هذا كله) بناء على مذاق المصنف (ره) من كون مفاد دليل الاستصحاب التعبد بنفس المتيقن، أما (بناء) على ما استظهرناه من أن مفاده وجوب ان يعمل الشاك عمله مع اليقين فقد يشكل نفي الاصل المثبت، لأن المراد من عمل اليقين، إن (كان) خصوص العمل المترتب على المتيقن بلا واسطة اختص الدليل بالاحكام إذ اليقين بالموضوع مما لا يترتب عليه عمل الا بلحاظ اليقين بحكمه وهو خلاف مورد النص أعني الطهارة التي هي من الموضوع، وان كان المراد به الاعم مما كان بواسطة عم العمل المترتب على اثر الواسطة مطلقا شرعية كانت ام لابل اعم مما كانت لازما أو ملزوما أو ملازما، ولابد ان يدفع ايضا بما اشرنا إليه من أن منصرف الدليل خصوص الشك في بقاء ما هو ماخوذ في القضايا الشرعية موضوعا أو محمولا أو قيدا لاحدهما دون ما لم يكن كذلك، والمشكوك الذي يكون لازمه موضوعا للاثر الشرعي ليس مأخوذا في القضية الشرعية بل المأخوذ خصوص لازمه فلا وجه لاجراء الاستصحاب فيه وبالجملة: لنا في جميع موارد الاصول المثبتة قضيتان احداهما غير شرعية وهي الحاكية عن نسبة الواسطة إلى موضوعها، واخرى شرعية وهي الحاكية عن نسبة الاثر الشرعي إلى الواسطة، وظاهر ادلة الاصول هو التعرض لهذه القضية الشرعية دون الاولى. مثلا إذا كان احراق مال الغير

٤٨٣

من آثاره وأحكامه ولا دلالة لها بوجه على تنزيله بلوازمه التي لا يكون كذلك كما هي محل ثمرة الخلاف ولا على تنزيله بلحاظ ماله مطلقا ولو بالواسطة فان المتيقن إنما هو لحاظ آثار نفسه وأما آثار لوازمه فلا دلالة هناك على لحاظها اصلا وما لم يثبت لحاظها بوجه ايضا لما كان وجه لترتيبها عليه باستصحابه به كما لا يخفى (نعم) لا يبعد ترتيب خصوص ما كان منها محسوبا بنظر العرف من آثار نفسه لخفاء ما بوساطته بدعوى أن مفاد الاخبار عرفا ما يعمه أيضا حقيقة (فافهم)

______________________________

موجبا لضمانه شرعا يتصور قضيتان: احداهما: النار محرقة، وهي غير شرعية، وثانيتهما: الاحراق موجب للضمان، وهي شرعية ودليل الاستصحاب كسائر ادلة الاصول بل جميع ادلة الاحكام الظاهرية حتى ادلة الامارات انما تتعرض لخصوص القضية الشرعية موضوعها أو محمولها لا القضية غير الشرعية، ولا ينافي ذلك كون الامارات المثبتة حجة لأن الامارة انما تدخل تحت دليل الحجية بلحاظ مدلولها الالتزامي لا المطابقي فهي بلحاظ المدلول المطابقي غير مشمولة لدليل الحجية كالاستصحاب الجاري في موضوع الواسطة ذات الاثر الشرعي. فلاحظ وتأمل والله سبحانه اعلم (قوله: من آثاره واحكامه) سواء ترتب العمل عليها بلا واسطة كما في استصحاب الطهارة من الحدث المترتب عليه جواز مس كتابة القرآن ام بواسطة كما في مثال النذر المتقدم (قوله: كذلك) يعني من آثاره واحكامه قوله: ثمرة الخلاف) لان ثمرة الخلاف انما تظهر في الآثار الشرعية الثابتة لاثر غير شرعي للمستصحب واما الآثار الشرعية الثابتة للاثر الشرعي للمستصحب فقد عرفت انها تترتب على كل حال (قوله: ولا على تنزيله) اشارة إلى منع الاحتمال الثاني (قوله: آثار نفسه) اما آثار الواسطة فيتوقف ترتيبها على التعبد بالواسطة الذي هو مفاد الاحتمال الثاني الذي تقدم بطلانه (قوله: نعم لا يبعد ترتيب خصوص) اشارة إلى ما ذكره شيخنا الاعظم (قدس سره) من انه إذا كان الاثر مترتبا على واسطة خفية بنحو يكون خفاؤها موجبا لان يكون الاثر في نظر العرف اثرا للمستحصب فلا يبعد دلالة دليل الاستصحاب على وجوب ترتيب الاثر المذكور حينئذ (وربما) اشكل عليه بانه لا عبرة بخطأ العرف في تطبيق مفاد الدليل

٤٨٤

كما لا يبعد ترتيب ما كان بواسطة ما لا يمكن التفكيك عرفا بينه وبين المستصحب تنزيلا كما لا تفكيك بينهما واقعا أو بواسطة ما لأجل وضوح لزومه له أو ملازمته

______________________________

بل العبرة بنظرهم في تشخيص نفس مفاده (واجاب) عنه المصنف (ره) في الحاشية بانه انما يتم لو فرض كون المستفاد من الدليل كون التنزيل بلحاظ الاثر بلا واسطة حقيقة، اما لو كان المستفاد منه كون التنزيل بلحاظ الاثر بلا واسطة عرفا فلا يكون خطأ في التطبيق اصلا بل هو تشخيص للمفهوم من الدليل (ويمكن) أن يخدش بان ما ذكر فرض مجرد فان مفاد الدليل ليس الا تنزيل المشكوك منزلة المتيقن ومن المعلوم أن المصحح للتنزيل المذكور هو جعل احكام المتيقن بلا واسطة فيستكشف من دليل التنزيل ذلك اعني جعل الاحكام ظاهرا اجمالا. اما تشخيص ان هذا من احكام المتيقن أو من احكام غيره فليس مما يرجع فيه إلى العرف لأنه من التطبيق الذي لا يكون من وظائفه، بل قد عرفت أن جعل اثر الواسطة متوقف على جعل الواسطة ولو كانت خفية، ولاجل ما ذكرنا لو اطلع العرف على الخطأ في نسبة الاثر إلى المستصحب لا مجال له في استفادة ترتيبه من دليل الاستصحاب ولعله إلى بعض ما ذكرنا اشار بقوله (فافهم) (قوله: كما لا يبعد ترتيب) هذا اشارة إلى وجوب ترتيب آثار الواسطة غير الشرعية في صورتين اخريين (احداهما) ان تكون الواسطة بنحو لا يمكن التفكيك عرفا بين التعبد بها والتعبد بالمستصحب فماذا دل الدليل على التعبد بالمستصحب دل على التعبد بها بالالتزام فيترتب حينئذ اثرها، ومثل له في الحاشية بالمتضايفات كالابوة والبنوة فان التعبد بابوة زيد لعمرو ملازم عرفا للتعبد ببنوة عمرو لزيد (وثانيتهما) ان تكون الواسطة لوضوح لزومها أو ملازمتها للمستصحب تعد آثارها عرفا اثار اللمستصحب فترتب على ثبوته بالاستصحاب (ويمكن) ان يخدش في الاولى بان ذلك يتم لو كان الدليل دالا على التعبد به بالخصوص كما لو قال: زيد أب لعمرو. اما لو كان التنزيل بلسان العموم كما في المقام فلا دلالة له (وفي الثانية) بما عرفت في صورة خفاء الواسطة، بل لعل وروده هنا اولى إذ وضوح اللزوم مع وضوح الواسطة ليس الا مصححا لادعاء نسبة الآثار إلى المستصحب

٤٨٥

معه بمثابة عد أثره اثرا لهما فان عدم ترتيب مثل هذا الأثر عليه يكون نقضا ليقينه بالشك ايضا بحسب ما يفهم من النهي عن نقضه عرفا (فافهم) ثم لا يخفى وضوح الفرق بين الاستصحاب وسائر الأصول التعبدية وبين الطرق والامارات فان الطريق أو الامارة حيث انه كما يحكي عن المؤدى ويشير إليه كذا يحكي عن أطرافه من ملزومه ولوازمه وملازماته ويشير إليها كان مقضتى إطلاق دليل اعتبارها لزوم تصديقها في حكايتها

______________________________

بلا تطبيق حقيقي ولو كان خطئيا فتأمل جيدا (قوله: معه) يعني المستصحب (قوله: فافهم) لعله اشارة إلى بعض ما ذكرنا أو جميعه (قوله: ثم لا يخفى وضوح الفرق) (توضيح) الفرق: أن الحجج الشرعية سواء كانت طرقا إلى الاحكام مثل الخبر ام امارة على الموضوعات مثل البينة لها واقعية في انفسها مع قطع النظر عن دليل الحجية، كما أن لها حكاية عن مدلولها المطابقي والالتزامي ودلالتهما على احدهما كدلالتهما على الآخر، فاطلاق دليل الحجية يقتضي حجيتها في جميع مداليلها المطابقية والالتزامية، فإذا كان المستفاد من دليل الحجية تنزيل مؤداها منزلة الواقع فذلك التنزيل لا يختص بالمدلول المطابقي بل كما يكون له يكون للمدلول الالتزامي ومقتضى ذلك ترتيب آثار كل من المدلول المطابقي والالتزامي بلا فرق بينهما بخلاف الاصول سواء كانت حكمية ام موضوعية فانها ليست الا عبارة عن نفس التنزيل الشرعي مثلا المؤدى بدليله فيختص بموضوعه، ولا وجه للتعدي إلى غيره، مثلا قوله (ع): كل شئ طاهر حتى تعلم انه قذر، ليس مفاده الا تنزيل مشكوك الطهارة منزلة الطاهر فإذا كان لازم كون الشئ الفلاني طاهرا أن يكون الشئ الفلاني نجسا فليس مفاد الدليل كون الشئ الآخر نجسا لما عرفت من انه لا بدل عليه الكلام المذكور بوجه، بخلاف البينة فانها إذا قامت على طهارة شئ وكان لازم طهارته نجاسة شئ آخر فانها تدل على نجاسة الآخر بالالتزام فاطلاق دليل حجيتها يقتضي حجيتها في جميع مداليلها فيترتب جميع الآثار المترتبة على

٤٨٦

وقضيته حجية المثبت منها كما لا يخفى، بخلاف مثل دليل الاستصحاب فانه لابد من الاقتصار بما فيه من الدلالة على التعبد بثبوته ولا دلالة له إلاعلى التعبد بثبوت المشكوك بلحاظ أثره حسبما عرفت فلا دلالة له على اعتبار المثبت منه كسائر الاصول التعبدية إلا فيما عد أثر الواسطة أثرا له لخفائها أو شدة وضوحها وجلائها حسبما حققناه

______________________________

طهارة الشئ التي هي مدلول مطابقي لها وعلى نجاسة الآخر التي هي مدلول التزامي (فان قلت): حكاية البينه على المدلول الالتزامي ليست حكاية بالفعل بل بالقوة بل ربما لا تكون بالقوة كما لو كان الشاهدان لا يعتقدان اللزوم فكيف تكون البينة حجة في اللازم (قلت): المراد من البينة الحاكية بالالتزام هو نفس خبر الشاهدين، ومن الواضح أن دلالة الخبر على معناه المطابقي بالمطابقة كدلالته على معناه الالتزامي بالالتزام دلالة فعلية غير متوقفة على اعتقاد المخبر اللزوم فتدخل تحت إطلاق دليل الحجية كل من الدلالتين بلا فرق (نعم) ربما لا يكون للدليل اطلاق يشمل الدلالة الالتزامية مطلقا أو خصوص دلالته على بعض اللوازم معينا فلا تكون دلالته على اللازم حينئذ حجة. (ومنه) يظهر أنه لا ملازمة بين كون الشئ إمارة وكونه حجة على ترتيب آثار لازم مؤداه إذ قد لا يكون لدليل الحجية اطلاق يقتضي ذلك كما في مثل اليد التي هي امارة شرعا على الملكية، وظهور حال الفاعل الناشئ من الغلبة أو غيرها الذي هو امارة شرعا على الصحة فانه لا يثبت بهما جميع اللوازم مع كونهما امارتين (قوله: وقضيته حجية) لا يخلو من تأمل لما عرفت من أن ترتيب اثر اللازم لاجل ثبوت الحجية للدلالة الالتزامية في عرض حجية الدلالة المطابقية لا في طولها حتى يكون من جهة ان المثبت من الامارات حجة وانما يصح على الحقيقة دعوى الاثبات للامارات لو كان ترتيب آثار اللازم لأجل دخول الدلالة المطابقية تحت دليل الحجية فتأمل (قوله: الا فيما) قد عرفت الاشكال فيه

٤٨٧

(الثامن) أنه لا تفاوت في الاثر المترتب على المستصحب بين أن يكون مترتبا عليه بلا وساطة شئ أو بوساطة عنوان كلي ينطبق ويحمل عليه بالحمل الشايع ويتحد معه وجودا كان منتزعا

______________________________

التنبيه الثامن

(قوله: الثامن انه لا تفاوت في الاثر) تضمن هذا التنبيه الاشارة إلى موارد ربما توهم كون الاصل الجاري فيها مثبتا مع انه ليس كذلك (احدها) الموضوعات الخارجية فقد يتوهم كون الاصل الجاري لاثباتها مثبتا لعدم كون الأثر الشرعي مترتبا عليها وانما يترتب على الطبيعي المنطبق عليها فاثبات اثر الطبيعي باستصحابها عمل بالأصل المثبت (وتوضيح) اندفاع التوهم: ان الطبيعي المجعول موضوعا للاثر اما ان يكون ملحوظا عبرة للافراد واما ان يكون ملحوظا لنفسه، فعلى الأول لا مجال للتوهم المزبور لأن الفرد في الحقيقة هو موضوع الاثر لا الطبيعي، وعلى الثاني فالطبيعي وان كان هو الموضوع للاثر الا ان الطبيعي لما كان منتزعا عن ذات الفرد كان الأثر ثابتا للفرد ايضا بذاته حقيقة فاجراء الاصل فيه اجراء له في موضوع الأثر الشرعي (ثانيها) الاستصحاب الجاري في بعض الموضوعات لترتيب اثر شرعي مترتب على بعض المفاهيم الاعتبارية مثل الغصب والملك وغيرهما مثل استصحاب عدم رضا المالك ببقاء ماله في يد الاجنبي ليترتب عليه ضمانه، مع ان الضمان من آثار الغصب (ويندفع) بأن اثر الغصب انما يثبت حقيقة لنفس المستصحب لأن الغصب ليس له ما بحذاء حتى يكون موضوعا لاثره بل هو منتزع عن نفس وضع اليد على مال الغير بدون رضاه، فعدم الرضا موضوع لحرمة الوضع وسبيته للضمان، فلا مانع من استصحابه لترتيب اثره، ولو نذر الصدقة بدرهم على تقدير حياة ولده فان كان مفاد النذر تمليك الله سبحانه نفس الصدقة بالدرهم كما هو الظاهر من اللام في قول الناذر: لله علي ان اتصدق كان، تملك

٤٨٨

عن مرتبة ذاته أو بملاحظة بعض عوارضه مما هو خارج المحمول لا بالضميمة فان الاثر في الصورتين إنما يكون له حقيقة حيث لا يكون بحذاء ذلك الكلي في الخارج سواه لا لغيره مما كان مبائنا معه أو من اعراضه مما كان محمولا عليه بالضميمة

______________________________

الله سبحانه للصدقة من آثار الحياة فاستصحابها استصحاب لذي أثر فيترتب عليه التملك: ولازمه وجوب الصدقة. ان كان مفاد النذر مجرد الالتزام له سبحانه على تقدير الحياة فالوفاء بهذا النذر منتزع عن الصدقة بالدرهم في ظرف الحياة، فوجوب الوفاء حقيقة وجوب للصدقة على تقدير الحياة فالاستصحاب الجاري لاثبات الحياة جار في موضوع الاثر الشرعي كالاستصحاب الجاري في العدالة لاثبات جواز الائتمام أو قبول الشهادة أو غير ذلك. نعم لو كان الوفاء بالنذر أمرا حقيقيا لا يتحد مع الصدقة على تقدير الحياة لم ينفع في ترتيب آثاره استصحاب الحياة (قوله: عن مرتبة ذاته) كما في الطبيعي وافراده (قوله: أو بملاحظة) كما في الامور الاعتبارية (قوله: بعض عوارضه) الضمير راجع إلى المستصحب والمراد ببعض العوارض الخصوصيات الخارجية المصححة للانتزاع مثل عدم رضا المالك المصحح لاعتبار الغصب فان عنوان الغصب منطبق على وضع اليد على مال الغير والمصحح لاعتباره عدم رضا المالك، ومثل عنوان الوفاء المنطبق على نفس الصدقة بالدرهم فان المصحح لاعتباره حياة الولد إذ في حال موت الولد لا تكون الصدقة بالدرهم وفاء بالنذر المعلق. لأن الوفاء بالنذر العمل بمقتضاه ومع موت الولد المعلق على عدمه النذر لا يكون له اقتضاء شئ اصلا (قوله: مما هو خارج) بيان للفمهوم المنتزع بملاحظة بعض العوارض (قوله: لا بالضميمة) هو معطوف على خارج المحمول أي لا المحمول بالضميمة وهو الذي له ما بازاء في الخارج كما في المفاهيم الحقيقة (قوله: فان الاثر) بيان لأنه لا تفاوت (قوله: يكون له) أي للمستحب (قوله: لا لغيره مما كان) فان الاثر الثابت للمباين المستصحب في الخارج أو للمتحد

٤٨٩

كسواده مثلا أو بياضه، وذلك لأن الطبيعي إنما يوجد بعين وجود فرده كما ان العرضي كالملكية والغصبية ونحوهما لا وجود له إلا بمعنى وجود منشأ انتزاعه، فالفرد أو منشأ الانتزاع في الخارج هو عين ما رتب عليه الاثر لا شئ آخر فاستصحابه لترتيبه لا يكون بمثبت كما توهم، وكذا لا تفاوت في الاثر المستصحب أو المترتب عليه بين أن يكون مجعولا شرعا بنفسه كالتكليف

______________________________

معه فيه مع أن له ما بحذاء غير المستصحب لا يكون للمستصحب فلا يجوز الاستصحاب لترتيب الاثر المذكور إلا باجرائه في نفس موضوعه وهو الامر المباين أو ما يكون ما بحذاء المفهوم (قوله: وذلك لأن) بيان لكون الاثر في الصورتين للمستصحب (قوله: وكذا لا تفاوت في الاثر) هذا إشارة إلى المورد الثالث مما توهم كون الاستصحاب فيه مثبتا وهو الأجزاء والشرائط والموانع فانها ليست بذات اثر شرعي بل هو للكل والمشروط والممنوع فاجراء الاصل في وجود الكل أو الشرط أو عدم المانع لاثبات الكل أو المشروط أو الممنوع فيترتب عليها آثارها اعمال للاصل المثبت. ودفعه المصنف (ره) بان المراد من الاثر الشرعي المصحح للتعبد بالمستصحب ليس خصوص الاثر التكليفي بل يعمه والوضعي المنتزع من التكليفي وقد تقدم ان الجزئية والشرطية والمانعية من الاعتبارات المنتزعة من التكليف فيكفي ترتبها في صحة استصحاب الجزء والشرط والمانع (وتحقيق الحال): ان المراد من كون الشئ موضوعا للاثر الشرعي كونه طرفا لاضافة خاصة قائمة بينه وبين الأثر الشرعي سواء كانت من قبيل اضافة الموضوع والحكم أم من قبيل اضافة السبب والمسبب أم من قبيل اضافة الظرف والمظروف أم من قبيل آخر، فإذا قيل: يجب عليك اكرام العادل باعطاء صاع من تمر وأنت ظاهر لابس ثوبا أبيض، فكل واحد من مفردات القضية المذكورة بينه وبين الحكم نحو خاص من الاضافة فتحكيه بعبارة خاصة فتقول: العادل يجب اكرامه، والاعطاء للعادل واجب، وصاع التمر يجب اعطاؤه للعادل، والتمر

٤٩٠

وبعض انحاء الوضع، أو بمنشأ انتزاعه كبعض انحائه

______________________________

يجب اعطاء صاع منه للعادل، والطاهر يجب أن يعطي للعادل، واللابس ثوبا يجب ان يعطي للعادل، والثوب الأبيض يجب على لابسه أن يعطى للعادل، والابيض من الثياب يجب على لابسه ان يعطي للعادل... وهكذا، ولأجل ذلك كان الاثر المذكور وهو الوجوب اثرا لكل واحد من مفردات القضية الشرعية له نحو اضافة إليه غير ما للآخر. ويكفي ذلك في جواز استصحابه، فيجوز استصحاب كل من العدالة والاعطاء والصاع والتمر والطهارة واللبس والثوب والبياض عند الشك فيه، ولا فرق بين نفس الاعطاء الذي هو موضوع الحكم التكليفي وبين غيره من العناوين المذكورة في القضية، فان كان مفاد دليل الاستصحاب تنزيل المشكوك منزلة المتيقن كان مفاد استصحاب كل واحد من مفردات القضيه المذكورة جعله حال كونه مشكوكا منزلة المتيقن في كونه طرفا للاضافة الخاصة، وان كان مفاده وجوب جعل عمل الشاك عمل المتيقن فقد عرفت ان منصرفه خصوص العمل من حيث كون المتيقن طرفا للاضافة الخاصة القائمة بينه وبين الاثر الشرعي الذي تضمنته الكبرى الشرعية. ومن هذا يظهر لك ضابطة كون الأصل مثبتا أو غير مثبت فان كل أصل يجري فيما هو مذكور في القضية الشرعية الموجب لكونه طرفا لاضافة خاصة لترتيب العمل بلحاظ تلك الاضافة فليس بمثبت، وما لا يكون كذلك فهو مثبت، ويشهد بذلك الصحيحتان الاوليان الواردتان في الطهارة من الحدث والخبث التي هي من قيود الموضوع لا نفسه فان المورد المذكور قرينة قطعية على عموم الدليل فضلا عن ظهوره في نفسه بالعموم والله سبحانه أعلم (قوله: وبعض انحاء الوضع) يعني القسم الثالث من أقسام الوضع المتقدمة، والوجه في شموله لذلك ما عرفت من أن ظاهر الدليل كونه ناظرا إلى الكبريات الشرعية سواء كانت أحكامها تكليفية أم وضعية فيجوز استصحاب طهارة الماء لاثبات مطهريته كما يجوز استصحاب نجاسته لاثبات نجاسة ملاقه

٤٩١

كالجزئية والشرطية والمانعية، فانه أيضا مما تناله يد الجعل شرعا ويكون أمره بيد الشارع وضعا ورفعا ولو بوضع منشأ انتزاعه ورفعه، ولا وجه لاعتبار أن يكون المترتب أو المستصحب مجعولا مستقلا كما لا يخفى، فليس استصحاب الشرط أو المانع لترتيب الشرطية أو المانعية بمثبت كما ربما توهم بتخيل: أن الشرطية أو المانعية ليست من الآثار الشرعية بل من الامور الانتزاعية (فاهم) وكذا لا تفاوت في المستصحب أو المترتب بين أن يكون ثبوت الأثر ووجوده أو نفيه وعدمه، ضرورة أن امر نفيه بيد الشارع كثبوته وعدم إطلاق الحكم على عدمه غير ضائر إذ ليس هناك ما دل على اعتباره بعد صدق نقض اليقين بالشك برفع اليد عنه كصدقه برفعها من طرف ثبوته كما هو واضح، فلا وجه للاشكال في الاستدلال على البراءة باستصحاب البراءة

______________________________

وكذا استصحاب ملك الميت لاثبات ملك الوارث إلى غير ذلك (قوله: كالجزئية) إذ بنينا على ان الاجزاء واجبة بالوجوب النفسي الضمني لم يكن مجال للاشكال (قوله: ولو بوضع منشأ انتزاعه) قد تقدم الكلام في الشرطية والمانعية وانها متنزعة من التكليف أولا فراجع (قوله: وكذا لا تفاوت في) هذا من الموارد التي يشكل جريان الأصل فيها أيضا من جهة عدم الاثر المجعول وهو عدم الموضوع أو عدم الحكم فان الثاني ليس بمجعول فلا يجري الاصل فيه ولا في الاول لأنه موضوعه (ويندفع) بان الاثر الشرعي المصحح لجريان الاصل فيه أو في موضوعه يراد منه ما يكون أمره بيد الشارع الاقدس، وهذا كما ينطبق على كل واحد من الأحكام المجعولة ينطبق على عدمها لأن نسبة القدرة إلى الوجود والعدم نسبة واحدة فلا يكون الوجود مقدورا الا والعدم مثله، غاية الأمر أن العدم ليس بمجعول ولا يسمى حكما كما كان الوجود مجعولا ويسمى حكما (قوله: أمر نفيه) يعني نفي الاثر (قوله: على عدمه) يعني عدم الاثر إذ الحكم يراد منه نفس الاثر لا عدم الاثر (قوله: على اعتباره) يعني اعتبار اطلاق الحكم (قوله: من طرف ثبوته) يعني حيث يكون ثبوته

٤٩٢

من التكليف وعدم المنع عن الفعل بما في الرسالة من أن عدم استحقاق العقاب في الآخرة ليس من اللوازم المجعولة الشرعية فان عدم استحقاق العقوبة وإن كان غير مجعول إلا انه لا حاجة إلى ترتيب اثر مجعول في استصحاب عدم المنع، وترتب عدم الاستحقاق مع كونه عقليا على استصحابه إنما هو لكونه لازم مطلق عدم المنع ولو في الظاهر فتأمل (التاسع) أنه لا يذهب عليك أن عدم ترتب الاثر غير الشرعي ولا الشرعي بوساطة غيره من العادي أو العقلي بالاستصحاب إنما هو بالنسبة إلى ما للمستصحب واقعا، فلا يكاد يثبت به من آثاره إلا أثره الشرعي الذي كان

______________________________

مجرى للاستصحاب (قوله: بما في الرسالة) يعني رسالة البراءة لشيخنا الأعظم (قدس سره) (قوله: من ان عدم استحقاق) عبارة الرسالة ظاهرة في عدم جواز استصحاب عدم استحقاق العقاب لأنه ليس من اللوازم المجعولة الشرعية حتى يحكم به الشارع في الظاهر لا عدم جواز استصحاب عدم المنع لأن الاثر المذكور ليس مصصحا لجريان الاستصحاب فيه. فلتلحظ، بل المستفاد منها أن المانع من جريان اصالة عدم المنع ان حكم العقل بقبح العقاب من لوازم الشك في المنع فلا حاجة إلى اثباته بالاصل فراجع (قوله: لازم مطلق عدم) يعني حكم العقل بعدم استحقاق العقاب ليس من لوازم عدم المنع الواقعي حتى لا يترتب بالاستصحاب لأنه غير مجعول بل من لوازم الاعم من عدم المنع الواقعي والظاهري فإذا ثبت بالاستصحاب عدم المنع الظاهري ترتب عليه عدم استحقاق العقاب، هذا ولكن عرفت ان شيخنا الأعظم (قدس سره) يرى انه من لوازم عدم ثبوت المنع الواقعي فيترتب بمجرد الشك ولا يحتاج في ترتبه إلى الاستصحاب

التنبيه التاسع

(قوله: ان عدم ترتب) كما تقدم في التنبيه السابع. وحاصل المراد: ان ما تقدم من انه لا يترتب بالاستصحاب الاثر غير الشرعي ولا اثره وان كان شرعيا

٤٩٣

له بلا واسطة أو بوساطة أثر شرعي آخر حسبما عرفت فيما مر لا بالنسبة إلى ما كان للاثر الشرعي مطلقا كان بخطاب الاستصحاب أو بغيره من أنحاء الخطاب فان آثاره شرعية كان أو غيرها يترتب عليه إذا ثبت ولو بان يستصحب أو كان من آثار المستصحب وذلك لتحقق موضوعها حينئذ حقيقة فما للوجوب عقلا يترتب على الوجوب الثابت شرعا باستصحابه أو استصحاب موضوعه من وجوب الموافقة وحرمة المخالفة واستحقاق العقوبة إلى غير ذلك كما يترتب على الثابت بغير الاستصحاب بلا شبهة ولا ارتياب فلا تغفل (العاشر) أنه قد ظهر مما مر لزوم أن يكون المستصحب حكما شرعيا أو ذا حكم كذلك، لكنه لا يخفى أنه لا بد أن يكون كذلك بقاء ولو لم يكن كذلك ثبوتا فلو لم يكن المستصحب في زمان ثبوته حكما ولا له أثر شرعا وكان في زمان استصحابه كذلك - أي حكما - أو ذا حكم يصح استصحابه كما في استصحاب عدم التكليف فانه وان لم يكن بحكم مجعول في الأزل ولا ذا حكم

______________________________

انما هو بالنسبة إلى الاثر الثابت لنفس الواقع المستصحب، أما لو كان الاثر غير الشرعي مترتبا على الاثر الواقعي والظاهري معا فانه يترتب بالاستصحاب ولو لم يكن شرعيا لثبوت موضوعه وهو الاثر الظاهري بالاستصحاب فيتبعه اثره (قوله: الشرعي مطلقا) يعني واقعيا كان ام ظاهريا وهذا هو المراد بقوله (ره) كان بخطاب... الخ، يعني سواء كان... الخ (قوله: آثاره) يعني آثار الأثر الشرعي (قوله: إذا ثبت) يعني ثبت ولو ظاهرا بان يستصحب... الخ (قوله: وذلك لتحقق) تعليل لترتب الآثار الشرعية وغيرها على الاثر الثابت بالاستصحاب (قوله: من وجوب الموافقة) بيان لما للوجوب عقلا من الآثار (قوله: بغير الاستصحاب) كالعلم والدليل

التنبيه العاشر

(قوله: لابد ان يكون) يعني يعتبر ذلك في زمان بقائه وهو زمان التعمد

٤٩٤

إلا أنه حكم مجعول فيما لا يزال لما عرفت من أن نفيه كثبوته في الحال مجعول شرعا وكذا استصحاب موضوع لم يكن له حكم ثبوتا أو كان ولم يكن حكمه فعليا وله حكم كذلك بقاء وذلك لصدق نقض اليقين بالشك على رفع اليد عنه والعمل كما إذا قطع بارتفاعه يقينا، ووضوح عدم دخل أثر الحالة السابقة ثبوتا فيه وفى تنزيلها بقاء (فتوهم) اعتبار الأثر سابقا كما ربما يتوهمه الغافل من اعتبار كون المستصحب حكما أو ذا حكم

______________________________

ولا يعتبر ذلك في حدوثه (قوله: الا انه حكم مجعول) قد تقدم انه ليس بحكم ولا مجعول إلا أن يراد من كونه مجعولا أنه أمر شرعي بقرينة قوله: لما عرفت... الخ إذ لم يتقدم منه انه مجعول بل المتقدم أن امره بيد الشارع. فتأمل (قوله: فيما لا يزال) يعني في المستقبل وهو زمان استصحابه الذي هو زمان الشك في بقائه وارتفاعه فانه لابد ان يكون حينئذ شرعيا والا امتنع الشك في بقائه كما هو ظاهر (قوله: موضوع لم يكن) كما في جميع الاعدام الازلية المستصحبة إلى زمان ثبوت الأثر الشرعي كعدم التذكية المستصحب إلى زمان الموت فانه حال الحياة لا اثر له وانما يكون اثره بعد الموت، وكما لو تطهر في وقت ثم غفل واراد الصلاة فان الطهارة قبل الصلاة ليس لها اثر فعلي وانما يكون اثرها حال الصلاة فلا مانع من استصحابها حال الصلاة (قوله: والعمل كما إذا) بيان لرفع اليد وقوله: (كما) متعلق بالعمل (قوله: ووضوح) معطوف على (صدق) يعني أن ترتب الأثر قبل زمان الشك لا يتوقف عليه التعبد به في زمان الشك وانما يتوقف التعبد على وجود الأثر في زمان التعبد فهو المعتبر لا غير (قوله: ثبوتا فيه) ثبوتا تمييز للاثر وفيه متعلق بدخل وضميره راجع إلى النقض (قوله: وفي تنزيلها) معطوف على (فيه) وضمير المؤنث راجع إلى الحالة السابقة يعني لا يتوقف التعبد ببقاء الحالة السابقة على ثبوت اثر لحدوثها بل يكفي ثبوت اثر لبقائها في زمان التعبد (قوله: من اعتبار) متعلق ب‍ (يتوهمه)

٤٩٥

(فاسد) قطعا فتدبر جيدا (الحادي عشر) لا إشكال في الاستصحاب فيما كان الشك في أصل تحقق حكم أو موضوع وأما إذا كان الشك في تقدمه وتاخره بعد القطع بتحققه وحدوثه في زمان لوحظ بالاضافة إلى أجزاء الزمان فكذا لا اشكال في استصحاب عدم تحققه في الزمان الاول وترتيب آثاره لا آثار تأخره عنه لكونه بالنسبة إليها مثبتا إلا بدعوى خفاء الواسطة أو عدم التفكيك في التنزيل بين عدم تحققه إلى زمان وتاخره عنه عرفا كما لا تفكيك بينهما واقعا ولا آثار حدوثه في الزمان الثاني فانه نحو وجود خاص (نعم) لا بأس بترتيبها بذاك الاستصحاب بناء

______________________________

التنبيه الحادى عشر

(قوله: الشك في أصل) فيستصحب العدم الازلي (قوله: بعد القطع بتحققه) كما لو علم بوجود زيد وشك في زمان حدوثه (قوله: بالاضافة إلى اجزاء) كما لو علم بوجود زيد يوم الجمعة وشك في ان حدوثه كان في يوم الجمعة أو في يوم الخميس (قوله: في الزمان الاول) يعني يوم الخميس في المثال المذكور (قوله: آثاره) يعني آثار عدم تحققه (قوله: لا آثار تأخره) معطوف على (آثاره) يعني لا يجوز ترتيب آثار تأخره لو كان لتأخره عن يوم الخميس آثار شرعية (قوله: مثبتا) لان صفة التأخر التي هي موضوع للاثر الشرعي صفة وجودية من لوازم عدم وجوده يوم الخميس فاثباتها باستصحاب العدم اعمال للاصل المثبت (قوله: بدعوى خفاء) قد عرفت الاشكال فيه (قوله: أو عدم التفكيك) قد عرفت ايضا الاشكال فيه (قوله: ولا آثار حدوثه) معطوف على قوله: لا اثار تأخره: يعني لا يجوز ايضا باستصحاب عدمه يوم الخميس ترتيب آثار حدوثه يوم الجمعة لان الحدوث عبارة عن أول الوجود فهو ملازم لعدم الوجود يوم الخميس فلا يثبت بالاصل لترتب آثاره (قوله: بترتيبها) يعني آثار الحدوث (قوله: بذلك الاستصحاب) يعني استصحاب عدم وجوده

٤٩٦

على أنه عبارة عن أمر مركب من الوجود في الزمان اللاحق وعدم الوجود في السابق، وإن لوحظ بالاضافة إلى حادث آخر علم بحدوثه أيضا وشك في تقدم ذاك عليه وتاخره عنه كما إذا علم بعروض حكمين أو موت متوارثين وشك في المتقدم والمتأخر منهما فان كانا مجهولي التاريخ (فتارة) كان الأثر الشرعي لوجود أحدهما بنحو خاص من التقدم أو التأخر أو التقارن

______________________________

يوم الخميس (قوله: على انه) يعني الحدوث (قوله: عن امر مركب) وحينئذ يكون الاثر ثابتا لمجموع الجزءين الثابت أحدهما بالاصل وهو عدم الوجود يوم الخميس والآخر بالوجدان وهو الوجود يوم الجمعة، فليس الاصل مثبتا لما تقدم في التنبيه الثامن. لكن المبنى المذكور ضعيف. ثم إن المصنف (ره) لم يذكر صورا في الحادث المضاف إلى الزمان كما ذكر في المضاف إلى حادث آخر مع اطراد الصور فيهما معا، فانه يمكن ان يكون الاثر ثابتا لتأخره عن الزمان أو لتقارنه أو لتقدمه أو للجميع، كما يكون لتقدم الزمان عليه أو لتأخره أو لتقارنه أو للجميع... إلى آخرها. والحكم في هذه الصور هو الحكم في صور اضافة الحادث إلى حادث آخر. وكأن الوجه في إهمال ذكرها أن حكمها يفهم مما يأتي في المضاف إلى حادث آخر. والمقصود هنا بيان حكم الشك في وجوده في الزمان وعدمه من حيث صلاحية الاستصحاب لاثبات الحدوث بعده أو التأخره عنه وعدمها، وهذا أيضا جار في الحادث بملاحظة إضافته إلى حادث آخر واهمله هناك اكتفاء بذكره هنا. ومن هنا تعرف أنه كان الأولى للمصنف (ره) جمعهما معا في لتقسيم وبيان الاحكام فلاحظ والامر سهل (قوله: مجهولي التاريخ) ويقابله الجهل بتاريخ أحدهما والعلم بتاريخ الآخر كما سيأتي بيانه. أما لو علم تاريخهما معا فلا يعقل الشك حينئذ في التقدم والتأخر (قوله: فتارة كان الأثر الشرعي) لا بأس بالتعرض لبيان الأقسام والاحكام على سبيل الاجمال (فنقول): كل حادث أضيف إلى حادث آخر إما أن يكون متقدما عليه أو متأخرا عنه أو مقارنا له، وحينئذ إما أن

٤٩٧

يكون كل واحد من العناوين المذكورة موضوعا لاثر شرعي يصح بلحاظه التعبد بالاستصحاب أو يكون بعضها له اثر دون بعض، وكذا الحال في الحادث الآخر بالاضافة إلى هذا الحادث فانه يكون له هذه الأقسام بيعنها. ثم العنوان الذي يكون موضوعا للاثر (تارة) يكون ملحوظا بنحو مفاد كان التامة كأن يقال: المرثه المتقدم للاب على موت الابن كذا، (وأخرى) يكون ملحوظا بنحو مفادكان الناقصة كان يقال: إذا كان موت الاب متقدما على موت الابن فكذا، وحكم هذه الاقسام: انه إذا كان الأثر الشرعي ثابتا لبعض العناوين المذكورة لاحد الحادثين بعينه دون تمامها ودون عناوين الحادث الآخر، وكان العنوان ملحوظا بنحو مفاد كان التامة وقد شك في تحقق ذلك العنوان جرى اصالة عدم ذلك العنوان مثلا إذا قيل: موت الاب المتقدم على موت ولده مورث للولد، فشك في تقدم موت الأب وعدم تقدمه فانه يرجع إلى اصالة عدم الموت المتقدم فينتفي اثره تعبدا (فان قلت): موت الأب معلوم الوجود فكيف يجري اصالة عدمه (قلت): المعلوم الوجود انما هو الموت في الجملة واما الموت المتقدم فغير معلوم وحيث انه حادث مسبوق بالعدم لم يكن مانع من اجراء اصالة عدمه. نعم قد يشكل ذلك فيما لو كان الأثر ثابتا لعنوان المتأخر من جهة العلم بوجود موت الاب بعد موت الابن إذا الاب ليس حيا بعد موت الابن قطعا، فالشك انما هو في حدوث موته بعد موت الابن أو قبله، فذات الحدوث في احد الزمانين معلومة لا يمكن استصحاب عدمها فيهما معا فينحصر الاصل في اصالة عدم الوصف وهو مما لا يمكن بناء على انه منتزع من خصوصية في الذات ازلية ليست مسبوقة بالعدم كما سيأتي (فان قلت): الذات المعروضة لوصف التأخر الملازمة له مشكوكة قطعا فلا مانع من جريان اصالة عدمها (قلت): ذلك مسلم إلا أن مجرد الشك في وجود الشئ غير كاف في اصالة عدمه والا فكل مشكوك البقاء مشكوك الوجود البقائي ولا يجري فيه الا اصالة وجوده لا اصالة عدمه، ففي المقام بعد دوران الامر بين التأخر والتقدم يدور امر الحدوث بين ان يكون بعد موت الابن وهو غير التأخر أو قبله فيكون الوجود بعد بقاء لا حدوثا ولا مجال لاصالة العدم في البقاء، ومن هذا يظهر

٤٩٨

لك الفرق بين المتأخر وبين المتقدم والمقارن فانه في الشك في الأخيرين لا مانع من اجراء الأصل في عدم الذات المتقدمة والمقارنة لأن احتمال عدم التقدم ملازم لاحتمال كون الحدوث بعد لا قبل بخلاف الشك في التأخر وحينئذ لا يمكن الحكم بانتفاء اثر التأخر الا بنفي وصف التأخر بنفسه بالاصل المتوقف على كونه من الاضافات الخارجية المسبوقة بالعدم، اما إذ كان من الاعتبارات المنتزعة من نفس الذات نظير وصف الحدوث لم يمكن نفيه بالأصل إذ لا حالة له سابقة (ولو كان) كل واحد من عناوين احد الحادثين بعينه موضوعا للاثر الشرعي فقد علم اجمالا بثبوت احد الآثار لعدم امكان انفكاك الحادث عن احد العناوين، وحينئذ يمتنع جريان اصالة العدم في كل منها لمنافاته للعلم الاجمالي المذكور إلا ان يكون في نفسه غير مانع بان لا يكون المعلوم بالاجمال الزاميا فلا تكون مخالفته معصية عقلا. (اللهم) إلا أن نقول: العلم الاجمالي ولو لم يكن منجزا مانع عن جريان الاستصحاب في اطرافه لأن شموله للاطراف يوجب التناقض بين الصدر والذيل في دليل الاستصحاب كما سيأتي، لكن قد عرفت انه إذا امتنع جريان اصالة عدم التأخر في نفسها لم يكن مانع من جريان اصالة العدم في التقدم والتقارن حيث لا علم اجمالي بالمخالفة كما لعله ظاهر (ولو كان) احد العناوين في كل من الحادثين موضوعا للاثر (فان) كان العنوان عنوان التقارن جرى الأصل في نفيه بالنسبة إلى كل واحد منهما ولا تعارض بين الاصلين لا بملاحظة نفس المفهوم ولا بملاحظة الخارج، وان كان عنوان التقدم جري الاصل في نفيه ايضا بالنسبة إلى كل منهما الا ان يكون علم اجمالي بالمخالفة فيأتي فيه ما تقدم، وان كان عنوان التأخر فقد عرفت الاشكال في جريان الاصل في نفيه وعلى تقدير القول به يجري إلا أن يكون علم اجمالي بالمخالفة حسبما تقدم ايضا (ولو كان) احد العناوين في احد الحادثين بعينه موضوعا للاثر وغيره في الحادث الآخر كذلك فالحكم فيه يظهر مما سبق إذا المانع حسبما تقدم منحصر في امرين كون مجراه نفي التأخر ووجود علم اجمالي منجز أو مطلقا فلاحظ وتأمل (ولو كان) الأثر ثابتا لأحد العناوين في احد الحادثين بنحو مفاد

٤٩٩

لا للآخر ولا له بنحو آخر فاستصحاب عدمه صار بلا معارض، بخلاف ما إذا كان الاثر لوجود كل منهما كذلك أو لكل من انحاء وجوده فانه حينئذ يعارض فلا مجال لاستصحاب العدم في واحد للمعارضة باستصحاب العدم في آخر لتحقق أركانه في كل منهما، هذا إذا كان الاثر المهم مترتبا على وجوده الخاص الذي كان مفاد كان التامة، وأما ان كان مترتبا على ما إذا كان متصفا بالتقدم أو باحد ضديه الذي كان مفاد كان الناقصة فلا مورد ههنا للاستصحاب

______________________________

كان الناقصة كما لو قيل: إن كان موت الأب متقدما على موت الابن ورثه الابن، فقد يشكل جريان الاستصحاب فيه إما لأنه من الاستصحاب الجاري في العدم الازلي الذي هو محل الخلاف بين المحققين، واما لأن العناوين المذكورة منتزعة من نفس الذات ليس لها حالة سابقة وليست من الامور الخارجية المسبوقة بالعدم، لكن الاشكال من الجهة الاولى مندفع بما تقدم في مبحث العام والخاص فينحصر بالجهة الثانية، وعليه بنى المصنف (ره) في المقام، وحيث أن الظاهر أن الاضافات المذكورة ومثلها الفوقية والتحتية والحذائية وغيرها من الاعتباريات التي لها نحر خارجية غير متوفقة على الاعتبار كان الظاهر جريان الاستصحاب في نفيها والله سبحانه أعلم (قوله: لا للآخر) يعني لا يكون الاثر الشرعي للوجود الخاص للحادث الآخر (قوله: ولا له بنحو آخر) يعني ولا للحادث المذكور أولا بنحو آخر من أنحاء وجوده الثلاثة (قوله بلا معارض) قد عرفت انه مسلم إلا أن الأصل لا يجري في نفى المتأخر (قوله: كل منهما كذلك) أي كل من الحادثين بنحو خاص بان يكون تقدم كل منهما له اثر أو تأخره أو تقارنه (قوله: للمعارضة باستصحاب) قد عرفت انه لا معارضة في بعض الصور (قوله: في كل منهما) أي كل من فردي العنوان الواحد في كل من الحادثين أو كل من العنواين في أحد الحادثين بعينه (قوله: أو باحد ضديه) يعني التقارن والتأخر (قوله: للاستصحاب) يعني استصحاب عدم كون الوجود متقدما الذي هو مفاد ليس

٥٠٠