الشفاء الإلهيّات

الشفاء الإلهيّات0%

الشفاء الإلهيّات مؤلف:
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
تصنيف: مكتبة الفلسفة والعرفان
الصفحات: 489

الشفاء الإلهيّات

مؤلف: ابن سينا
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
تصنيف:

الصفحات: 489
المشاهدات: 93410
تحميل: 8005

توضيحات:

الشفاء الإلهيّات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 489 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 93410 / تحميل: 8005
الحجم الحجم الحجم
الشفاء الإلهيّات

الشفاء الإلهيّات

مؤلف:
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
العربية

والقسم الأول يقسم عليهم (١) قسمين ، فيقال : لا يخلو إما أن يكون كان يمكن أن يخلق الخالق جسما غير ذلك الجسم إنما ينتهي إلى خلق العالم بمدة وحركات أكثر ، أو لا يمكن.

ومحال أن لا يمكن ، لما بيناه (٢). فإن أمكن فإما (٣) أن يمكن خلقه مع خلق ذلك الجسم الأول الذي ذكرنا (٤) قبل هذا الجسم ، أو إنما (٥) يمكن قبله. فإن أمكن معه فهو محال ، لأنه لا يمكن أن يكون ابتداء خلقين متساويي (٦) الحركة في السرعة والبطء (٧) ، ويقع بحيث ينتهيان إلى خلق العالم ، ومدة أحدهما أطول من الآخر (٨). وإن لم يمكن (٩) معه ، بل كان إمكانه مباينا له ، متقدما عليه ، أو متأخرا عنه ، يقدر في حال العدم إمكان خلق شيء (١٠) ولا إمكانه ، وذلك في حال دون حال ، وقع (١١) ذلك متقدما ومتأخرا ، ثم ذلك إلى غير نهاية (١٢) ، فقد (١٣) وضح صدق ما قدمناه من وجود حركة لا بدء (١٤) لها في الزمان ، وإنما البدء لها من جهة الخالق ، وإنها (١٥) هي الحركات (١٦) السماوية ، فيجب أن يعلم أن العلة القريبة للحركة الأولى نفس لا عقل ، وأن السماء حيوان مطيع لله تبارك وتعالى (١٧).

[ الفصل الثاني ]

( ب ) فصل

في أن المحرك (١٨) القريب للسماويات لا طبيعة ولا عقل (١٩) ، بل نفس ، والمبدأ الأبعد (٢٠) عقل

فنقول : إنا قد (٢١) بينا في الطبيعيات (٢٢) أن الحركة لا تكون طبيعية للجسم على الإطلاق ، والجسم على حالته (٢٣) الطبيعية ، إذا كان كل حركة بالطبع مفارقة ما بالطبع لحالة (٢٤) ، والحالة التي تفارق

__________________

(١) عليهم : ساقطة من د. (٢) بيناه : بين د. (٣) فإما : فلان د. (٤) ذكرنا : ذكرناه ح ، ص ، م. (٥) أو أنما : وأنما ب ، ح ، م. (٦) متساويى : متساوى ب ، ح ، ص ، ط ؛ متساويين د. (٧) والبطء : ساقطة من ب ، ح ، هـ ، ص ، م. (٨) من الآخر : ساقطة من ب ، ح ، د ، م. (٩) يمكن : يكن م. (١٠) شيء : + بصفة ب ، د ، ط ، طا ، م. (١١) وقع : ووقع ب ، ح ، ص ، ط ، م. (١٢) نهاية : النهاية ، ح ، د ص ، ط. (١٣) فقد : وقد ص. (١٤) لا بدء : بدو ب ، د. (١٥) وإنها : وأنما ح ، ص ، ط. (١٦) الحركات : ساقطة من ب ، د ، م. (١٧) تبارك وتعالى : جل جلاله ، ح ، د ، ص ، م ؛ تعالى ط. (١٨) المحرك : المتحرك د. (١٩) لا طبيعة ولا عقل : لا طبيعية ولا عقلية م. (٢٠) الأبعد : لا بعد ص ، م. (٢١) قد : ساقطة من ب ، ح ، ط ، م. (٢٢) الطبيعيات : + أن لكل حركة محركا ، فلهذه الحركة محرك ، لا يجوز أن يكون المحرك لهذه قوة طبيعية ، فإنا قد بينا فى الطبيعيات ح ، ص. (٢٣) حالته : حاله ب ، ط. (٢٤) لحالة : ساقطة من م.

٣٨١

بالطبع (١) هي حالة غير طبيعية لا محالة ، فظاهر (٢) أن كل حركة تصدر (٣) عن طبع فعن (٤) حالة غير طبيعية ، ولو كان شيء من الحركات مقتضى (٥) طبيعة (٦) الشيء لما كان شيء من نسب (٧) الحركات باطل الذات مع بقاء الطبيعة ، بل الحركة أنما تقتضيها الطبيعة لوجود حال (٨) غير طبيعية : إما في الكيف ، كما (٩) إذا سخن الماء بالقسر ، وإما بالكم كما يذبل البدن الصحيح ذبولا مرضيا ، وإما في (١٠) المكان كما إذا نقلت المدرة إلى حيز الهواء ، وكذلك إذا (١١) كانت الحركة (١٢) قد تكون في مقولة (١٣) أخرى ، والعلة (١٤) في تجدد حركة بعد حركة (١٥) تجدد الحال الغير الطبيعية ، وتقدير البعد (١٦) عن الغاية.

فإذا كان الأمر (١٧) على هذه الصفة لم تكن حركة مستديرة عن (١٨) طبيعة ، وإلا كانت عن حالة غير طبيعية إلى حالة طبيعية ، وإذا وصلت (١٩) إليها سكنت ، ولم يجز أن يكون فيها بعينها قصد إلى تلك الحالة الغير الطبيعية ، لأن الطبيعة ليست تفعل باختيار ، بل على سبيل التسخير (٢٠) ، وسبيل ما يلزمها بالذات (٢١) ، فإن كانت الطبيعة تحرك (٢٢) على سبيل (٢٣) الاستدارة فهي تحرك لا محالة : إما من أين غير طبيعي ، أو وضع غير طبيعي ، هربا طبيعيا عنه ، وكل هرب طبيعي عن (٢٤) شيء فمحال أن يكون (٢٥) هو بعينه قصدا طبيعيا إليه ، والحركة المستديرة تفارق كل نقطة ، وتتركها ، وتقصد في تركها (٢٦) تلك (٢٧) النقطة (٢٨) ، وليست تهرب (٢٩) عن شيء (٣٠) إلا وتقصده ، فليست إذن الحركة المستديرة طبيعية.

__________________

(١) بالطبع : + لحالة ب ، ح ، د ، ص ، م. (٢) فظاهر : فظهر ح ، د ، ص. (٣) تصدر : صدر ط. (٤) فعن : ساقطة من ط. (٥) مقتضى : يقتضى م. (٦) طبيعة : طبيعية د. (٧) نسب : سبب ط. (٨) حال : حالة ط. (٩) كما : فكما ط. (١٠) فى : ساقطة من د. (١١) إذا : أن ح ، د ، ص ، م. (١٢) الحركة : + فى م. (١٣) مقولة : مقالة د. (١٤) والعلة : وأما العلة ، ح ، د. (١٥) بعد حركة : ساقطة من ب. (١٦) وتقدير البعد : وبقدر تقدير البعد ح : وبتقدير البعد ص : والتقدير والبعد ط. (١٧) الأمر : لأمر ب ، ح ، د ، ص ، ط. (١٨) عن : ساقطة من ص. (١٩) وصلت : وصل ب. (٢٠) التسخير : تسخير ب ، ح ، ط ، م ، ه. (٢١) بالذات : فى الذات د. (٢٢) تحرك : تتحرك ط ؛ تحركه د. (٢٣) سبيل : ساقطة من ب ، ح ، ه. (٢٤) عن : من ب. (٢٥) يكون : يتكون م. (٢٦) تركها : + ذلك ح ، ص. (٢٧) تلك : كل ب ؛ ذلك م. (٢٨) النقطة : النقط ب ، ط ، م. (٢٩) تهرب : هرب ب. (٣٠) عن شىء : عن كل شيء ط.

٣٨٢

إلا أنها قد تكون بالطبع ـ أي ليس وجودها في جسمها مخالفا (١) لمقتضى طبيعة (٢) أخرى لجسمها ـ فإن الشيء المحرك لها وإن لم يكن قوة طبيعية كان شيئا (٣) طبيعيا لذلك الجسم غير غريب عنه ، فكأنه (٤) طبيعته.

وأيضا فإن كل قوة فإنما تحرك بتوسط الميل ، والميل هو المعنى الذي يحس في الجسم المتحرك ، وإن سكن قسرا أحس ذلك الميل فيه (٥) يقاوم (٦) المسكن مع سكونه طلبا للحركة ، فهو غير الحركة لا محالة ، وغير القوة المحركة ، لأن القوة المحركة (٧) تكون (٨) موجودة عند إتمامها الحركة ولا يكون الميل موجودا ، فهكذا أيضا الحركة الأولى ، فإن محركها لا يزال يحدث في جسمها ميلا بعد ميل ، وذلك الميل لا يمتنع (٩) أن يسمى طبيعة ، لأنه ليس بنفس ، ولا من خارج ، ولا له إرادة أو اختيار ، ولا يمكنه (١٠) أن لا يحرك ، أو يحرك إلى غير جهة محدودة ، ولا هو مع ذلك مضاد (١١) لمقتضى طبيعة ذلك الجسم الغريب (١٢) ، فإن سميت (١٣) هذا المعنى طبيعة كان لك أن تقول : إن الفلك يتحرك بالطبيعة ، إلا أن طبيعته (١٤) فيض (١٥) عن نفس (١٦) يتجدد بحسب تصور النفس ، فقد بان أن الفلك ليس مبدأ حركة (١٧) طبيعية (١٨) ، وكان قد (١٩) بان أنه ليس قسرا ، فهي عن إرادة (٢٠) لا محالة (٢١).

ونقول : إنه لا يجوز أن يكون مبدأ حركته القريب قوة عقلية صرفة لا يتغير ولا يتخيل الجزئيات البتة (٢٢). وكأنا قد أشرنا إلى جمل مما تعين في معرفة هذا المعنى في الفصول المتقدمة ، وأوضحنا (٢٣) أن الحركة معنى متجدد النسب (٢٤) ، وكل شطر (٢٥) منه مخصص (٢٦) بنسب (٢٧) فإنه (٢٨) لا ثبات له ، ولا يجوز أن يكون عن معنى ثابت البتة وحده ، فإن كان عن معنى ثابت فيجب أن يلحقه

__________________

(١) مخالفا : مخالف د. (٢) لمقتضى طبيعة : لطبيعة د. (٣) شيئا : سببا ح ، د ، ص ، ط ، م. (٤) فكأنه : وكأنه ح ، د ، ط ، م. (٥) الميل فيه : + كأنه به ح ، ص ، ط ، م. (٦) يقاوم : يقام ط ؛ مقاوما ص. (٧) لأن القوة المحركة : ساقطة من د. (٨) تكون : قد تكون ط. (٩) لا يمتنع : لا يمنع ح ، د. (١٠) ولا يمكنه : ولا يمكنها ط. (١١) مضاد : مضادة د. (١٢) الغريب : غريب ح ، ص ، ط. (١٣) سميت : سمت د. (١٤) طبيعته : الطبيعة ح ، د ، ص ، ط. (١٥) فيض : فيضت ح. (١٦) نفس : شيء ط. (١٧) حركة : حركته ب ، د ، م. (١٨) طبيعية : طبعه ب ؛ ساقطة من د ؛ طبيعة م. (١٩) وكان قد : وقد ب ، ص ، ط ، م. (٢٠) إرادة : الإرادة د. (٢١) لا محالة : + فصل فى أنه لا يجوز أن يكون للسماويات عقلا مجردا عن المادة صرفا ح ؛ + فصل فى أنه لا يجوز أن يكون المحرك للسماويات عقلا مجردا عن المادة صرفا ص. (٢٢) البتة : ساقطة من م. (٢٣) وأوضحنا : إذ أوضحنا م ؛ إذا أوضحنا ب ، ح ، د ، ص. (٢٤) النسب : السبب ب ، د. (٢٥) شطر : شرط ح. (٢٦) مخصص : مختص ح. (٢٧) بنسب : بسبب ، ب ، د ، ص ، ط

(٢٨) فإنه : لأنه د.

٣٨٣

ضرب من (١) تبدل الأحوال ، أما إن (٢) كانت (٣) الحركة عن طبيعة فيجب أن تكون كل حركة تتجدد فيه فلتجدد (٤) قرب وبعد من النهاية المطلوبة ، وكل حركة تعدم (٥) منه فلعدم (٦) قرب وبعد من النهاية ، ولو لا ذلك التجدد لم يكن تجدد حركة ، فإن الثابت من جهة ما هو ثابت لا يكون عنه إلا ثابت.

وأما إن كانت عن إرادة (٧) فيجب أن تكون عن إرادة متجددة جزئية ، فإن الإرادة الكلية نسبتها إلى كل شطر من الحركة نسبة واحدة ، فلا يجب أن تتعين منها هذه الحركة دون هذه ، فإنها إن كانت لذاتها (٨) علة لهذه الحركة لم يجز أن تبطل هذه الحركة ، وإن (٩) كانت علة لهذه الحركة (١٠) بسبب حركة قبلها أو بعدها معدومة كان المعدوم موجبا لموجود ، والمعدوم لا يكون موجبا لموجود ، وإن كان قد تكون الأعدام علة للأعدام.

وأما أن يوجب المعدوم شيئا فهذا لا يمكن.

وإن كانت علة لأمور (١١) تتجدد ، فالسؤال في تجددها ثابت. فإن كان (١٢) تجددا طبيعيا لزم المحال الذي قدمناه ، وإن كان إراديا يتبدل بحسب تصورات (١٣) متجددة فهو يثبت الذي نريده.

فقد بان أن الإرادة العقلية الواحدة لا توجب البتة حركة ، ولكن (١٤) قد يمكن أن يتوهم (١٥) أن ذلك لإرادة (١٦) عقلية منتقلة ، فإنه قد يمكن أن ينتقل العقل (١٧) من معقول إلى معقول آخر (١٨) ، إذا لم يكن عقلا من كل جهة بالفعل ، ويمكن أن يعقل الجزئي تحت النوع منتشرا مخصوصا بعوارض ، عقلا بنوع كلي على ما أشرنا إليه ، فيجب (١٩) إذن أن يتوهم وجود عقل يعقل الحركة الكلية ويريدها ، ثم يعقل انتقاله (٢٠) من حد إلى حد ، ويأخذ تلك الحركات وحدودها (٢١) بنوع معقول على ما أوضحناه ، وعلى ما من شأننا (٢٢) أن نبرهن عليه

__________________

(١) من : عن ح ص. (٢) إن : إذا ح. (٣) كانت : + حركة فيه بعده د. (٤) فلتجدد : فلتتجدد د. (٥) حركة بعدم : جزء نسبه له بعدم م. (٦) منه فلعدم : فالعدم ط. (٧) إرادة : الإرادة د. (٨) لذاتها : بذاتها ح ، ص ، ط. (٩) وإن : فإن د. (١٠) لم يجز ... لهذه الحركة : ساقطة من م. (١١) علة لأمور : العلة لأمور ب ، ح ، د ، م العلة علة لأمور ط. (١٢) كان : كانت ح ، ص ، ط. (١٣) تصورات : التصورات د. (١٤) ولكن : ولكنه ب ، ح ، ص ، ط ، م ،. (١٥) أن يتوهم : أن يكون يتوهم ح. (١٦) لإرادة : الإرادة د. (١٧) العقل : الذهن د. (١٨) آخر : ساقطة من ب ، د ، م. (١٩) فيجب : فيجوز ط ، م

(٢٠) انتقاله : انتقاله ب ، ح ، ط ، م ، ه

(٢١) وحدودها : وجودها ص ، ط

(٢٢) شأننا : شأنها ، ح ، د ، ص ، ط.

٣٨٤

من أن حركة من كذا إلى كذا فهو من (١) كذا إلى كذا (٢) ، فتعين مبدأ ما كليا إلى طرف آخر كلي بمقدار ما ، موهوم (٣) كلي ، وكذلك حتى تفنى الدائرة ، فلا يبعد أن يتوهم أن تجدد الحركة يتبع (٤) تجدد هذا المعقول.

فنقول : ولا على هذه (٥) السبيل يمكن أن يتم (٦) أمر الحركة المستديرة ، فإن هذا التأثير على هذا الوجه يكون صادرا عن الإرادة الكلية ، وإن كانت على سبيل تجدد وانتقال (٧) ، والإرادة الكلية كيف كانت فإنما هي بالقياس إلى طبيعة مشترك (٨) فيها ، وإن كانت إرادة لحركة تتبعها (٩) إرادة لحركة ، وأما (١٠) هذه الحركة التي من هاهنا بعينه إلى هناك بعينه فليست أولى بأن (١١) تصدر عن تلك الإرادة من هذه الحركة التي من هناك إلى (١٢) حد ثالث ، فنسبة جميع أجزاء الحركة المتساوية في الجزئية إلى واحد واحد من تلك الإرادات (١٣) الجزئية (١٤) العقلية المنتقلة واحدة ، وليس (١٥) جزء من ذلك (١٦) أولى بأن ينسب إلى واحد من تلك التصورات من أن لا ينسب ، فنسبته إلى مبدئه ولا نسبته واحدة ، فإنه بعد عن مبدئه (١٧) ولم يتميز ، ولم يترجح (١٨) وجوده عن لا وجوده ، وكل ما لم يجب عن علته فإنه لا يكون ، كما قد (١٩) علمت.

وكيف (٢٠) يصح أن يقال : إن الحركة من « ا » إلى « ب » لزمت عن إرادة عقلية ، والحركة من « ب » إلى « ج » من إرادة أخرى عقلية ، دون أن يلزم عن كل واحدة من تلك الإرادات (٢١) غير ما لزم من الأخرى (٢٢) ، ويكون بالعكس فإن « ا » و « ب » و « ج » متشابهة بالنوع (٢٣) ، وليس شيء من الإرادات الكلية بحيث يعين (٢٤) « ا » دون

__________________

(١) فهو من : ومن ب. (٢) فهو من كذا إلى كذا : ساقطة من د. (٣) موهوم : مرسوم ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٤) يتبع : تبع ح ، ص ، ط. (٥) هذه : هذا ح ، د ، ص. (٦) يتم : يتوهم ح ، ص. (٧) وانتقال : والانتقال د. (٨) مشترك : مشتركة ح ، د ، ص ، ط. (٩) حركة تتبعها : الحركة تتبعها د ؛ لا بحركة تتبعها ح. (١٠) حركة وأما : بحركة وأما ح ، د ؛ محركة وأما ه. (١١) بأن : أن ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٢) هناك إلى : ساقطة من ح. (١٣) الإرادات : الإرادة ح ، د ، ص ، ط. (١٤) الجزئية : ساقطة من ب ، ح ، ص ، ط ، م. (١٥) وليس : فليس ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٦) جزء من ذلك : من ذلك جزء م. (١٧) عن مبدئه : + بإمكان ح ، د ، ص ، ط. (١٨) ولم يترجح : ساقطة من م ؛ + بإمكان ب ، ح. (١٩) قد : ساقطة من د ، ص ، م. (٢٠) وكيف : كيف ص. (٢١) الإرادات : الإرادة د. (٢٢) من الأخرى : ساقطة من ب ، ح ، د ، ص ، م. (٢٣) بالنوع : فى النوع ب ، ح ، د ، ص ، ط ، م. (٢٤) ا : الألف م.

٣٨٥

« ب » و « ب » (١) دون « ج » (٢) (٣) وليس « الألف » (٤) أولى بأن يتعين (٥) من « الباء » و « الجيم » (٦) عن تلك الإرادة ما كانت عقلية ، ولا « الباء » من « الجيم » (٧) (٨) إلا أن تصير نفسانية جزئية ، وإذا لم تتعين تلك الحدود في العقل بل كانت حدودا كلية فقط ، لم يمكن أن توجد الحركة من « ا » (٩) إلى « ب » أولى من التي من « ب » إلى « ج » ولا « الألف » أولى بأن يتعين من « ب » و « ج » (١٠) عن تلك الإرادة (١١) ما كانت عقلية ، ولا « الباء » (١٢) من (١٣) « الجيم » (١٤).

ثم كيف (١٥) يمكن أن نفرض فيها إرادة وتصورا ، ثم إرادة وتصورا يختلفان (١٦) في أمر متفق (١٧) ، ولا استناد (١٨) فيه إلى مخصص (١٩) شخصي يقاس (٢٠) به؟ ومع هذا كله (٢١) فإن العقل لا يمكنه أن يفرض هذا الانتقال إلا مشاركا للتخيل والحس ولا يمكننا إذا رجعنا إلى العقل الصريح أن نعقل جملة الحركة وأجزاء الانتقال العقلي (٢٢) فيما نعقله دائرة معا ، فإذن على (٢٣) الأحوال كلها لا غنى عن قوة نفسانية تكون هي المبدأ (٢٤) القريب للحركة (٢٥) ، وإن كنا لا نمنع أن يكون هناك أيضا قوة عقلية تنتقل هذا الانتقال العقلي بعد استناده (٢٦) إلى شبه تخيل ، وأما القوة العقلية مجردة عن جميع أصناف التغير فتكون حاضرة (٢٧) المعقول دائما ، إن كان معقوله كليا (٢٨) عن كلي ، أو كليا عن جزئي ، على (٢٩) ما أوضحناه (٣٠).

فإذا كان الأمر على هذا ، فالفلك يتحرك (٣١) بالنفس ، والنفس مبدأ حركته القريبة ، وتلك (٣٢) النفس متجددة التصور (٣٣) والإرادة ، وهي متوهمة : أي لها إدراك للمتغيرات (٣٤) كالجزئيات (٣٥) وإرادة لأمور (٣٦) جزئية بأعيانها ، وهي كمال جسم الفلك وصورته. ولو كانت لا هكذا ، بل قائمة بنفسها من كل وجه ، لكانت عقلا محضا لا يتغير ولا ينتقل ولا يخالطه

__________________

(٢) « ب » ، و « ب » دون « ج » : الألف دون ألف ل ب وال ب دون ال ج د. (١) « ب » و « ب » : الباء والباء ص ، م. (٣) « ج » : الجيم ص ، م. (٤) وليس الألف : ولا ألف م ؛ فالألف د. (٥) بأن يتعين : ساقطة من د. (٦) « الباء » و « الجيم » : ال ب وال ج د. (٧) ولا الباء من الجيم : ولا الباء عن الجيم م ؛ ولا ال ب ولا ال ج د. (٨) وليس الألف ... ولا الباء من الجيم : ساقطة من ب ، ح ، ط. (٩) « ا » : ألف ح ، ص ، ط. (١٠) « ب » و « ج » : الباء والجيم ب ، د. (١١) الإرادة : الإرادات د. (١٢) ولا « الباء » : والباء ح ، ط ؛ ساقطة من ص. (١٣) من : عن ب ، ح. (١٤) ولا الألف ... من الجيم : ساقطة من م. (١٥) ثم كيف : كيف م. (١٦) يختلفان : مختلفان د. (١٧) متفق : يتفق م. (١٨) استناد : اسناد م. (١٩) مخصص : مخصوص ب ، ط ، م. (٢٠) يقاس : بقياس د. (٢١) كله : ساقطة من ط. (٢٢) العقلى : ساقطة من ب ، ح ، د ، ط ، م. (٢٣) على : عن د. (٢٤) المبدأ : مبدأ ح ، د. (٢٥) للحركة : المحركة ط. (٢٦) استناده : اسناده ب. (٢٧) حاضرة : حاضر ب ، ح ، د ، ص ؛ حاضرا م. (٢٨) كليا : كلية م. (٢٩) على : ساقطة من د. (٣٠) أوضحناه : أوضحنا ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٣١) يتحرك : متحرك ب. (٣٢) وتلك : وتكون تلك ح. (٣٣) التصور : الصور ط. (٣٤) للمتغيرات : للمغيرات د. (٣٥) كالجزئيات : الجزئيات م. (٣٦) لأمور : الأمور م.

٣٨٦

ما بالقوة. والمحرك القريب للفلك وإن لم يكن عقلا ، فيجب أن يكون قبله عقل (١) ، هو (٢) السبب المتقدم لحركة الفلك ، فقد علمت أن هذه الحركة محتاجة إلى قوة غير متناهية ، مجردة عن المادة لا تتحرك بالذات (٣) ولا بالعرض.

وأما النفس المحركة فإنها ـ كما تبين (٤) لك ـ جسمانية مستحيلة (٥) ومغيرة (٦) وليست مجردة عن المادة ، بل نسبتها إلى الفلك نسبة النفس (٧) الحيوانية التي لنا إلينا ، إلا أن لها أن تعقل بوجه ما تعقلا مشوبا بالمادة ، وبالجملة تكون (٨) أوهامها أو ما يشبه الأوهام صادقة وتخيلاتها أو ما يشبه (٩) التخيلات حقيقته ، كالعقل العملي (١٠) فينا. وبالجملة إدراكاتها بالجسم ولكن المحرك الأول لها قوة غير مادية أصلا بوجه من الوجوه. وإذ ليس يجوز أن يتحرك بوجه من الوجوه في أن يحرك ، وإلا لاستحالت (١١) ولكانت مادية ـ كما قد تبين (١٢) هذا ـ فيجب أن يحرك كما يحرك محرك بتوسط المحرك الآخر (١٣) ، وذلك (١٤) الآخر محاول (١٥) للحركة مريد لها متغير بسببها ، وهذا هو النحو الذي يحرك عليه محرك (١٦) المحرك (١٧).

والذي يحرك المحرك من غير أن يتغير بقصد (١٨) وما اشتياق (١٩) فهو الغاية ، والغرض الذي إليه ينحو المحرك ، وهو المعشوق ، والمعشوق بما هو معشوق هو الخير عند العاشق ، بل نقول : إن كل متحرك (٢٠) حركة غير قسرية فهي هي إلى أمر (٢١) ما ، ولتشوق (٢٢) أمر ما ، حتى (٢٣) الطبيعة أيضا ، فإن شوق الطبيعة (٢٤) أمر طبيعي ، وهو الكمال الذاتي للجسم : إما في صورته ، وإما في أينه ووضعه ، وشوق الإرادة أمر إرادي ، إما إرادة لمطلوب حسي كاللذة ، أو وهمي خيالي كالغلبة ، أو ظني وهو الخير المظنون. فطالب اللذة هو الشهوة ، وطالب الغلبة

__________________

(١) عقل : ساقطة من ح ، ص ، ط. (٢) هو : وهو ح ، ص ، ط. (٣) بالذات : ساقطة من ب ، ح ، د ، م : لا بالذات ص. (٤) تبين : يتبين م ؛ نبين ح ؛ بين ب ، ط. (٥) مستحيلة : ومستحيلة ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٦) ومتغيرة : متغيرة ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٧) النفس : ساقطة من ط. (٨) تكون : فتكون ب ، ح ، ص ، ط. (٩) ما يشبه : يشبه م. (١٠) العملى : العلمى د ؛ العمل م. (١١) لاستحالت : لاستحالة د. (١٢) تبين : يتبين م. (١٣) المحرك الآخر : محرك آخر م. (١٤) وذلك : ذلك ب ، ص ، ط. (١٥) محاول : مجاورة د. (١٦) محرك : محركه د. (١٧) المحرك : + فصل فى أن المحرك الأول كيف يحرك وأنه يحرك على سبيل الشوق إلى الاقتداء بأمره ، لا إلى الاكتساب بتشوق الفعل ح. (١٨) بقصد : ساقطة من م. (١٩) واشتياق : ساقطة من م. (٢٠) متحرك : محرك ب ح ، د ، ط ، م. (٢١) فهى هى إلى أمر : فهى إلى ح ، ص ؛ فهى أمر ب ، ط. (٢٣) هى إلى ... حتى : ساقطة من م. (٢٢) ولتشوق : ولشوق ح ، ص. (٢٤) شوق الطبيعة : الشوق للطبيعة ط.

٣٨٧

هو الغضب ، وطالب الخير المظنون هو الظن ، وطالب الخير الحقيقي المحض (١) هو العقل ، ويسمى هذا الطلب اختيارا. والشهوة والغضب غير ملائم لجوهر الجسم الذي لا يتغير ولا ينفعل ، فإنه لا يستحيل إلى حال غير ملاءمة ، فيرجع إلى حال ملاءمة ، فيلتذ أو ينتقم من مخيل (٢) له فيغضب. وعلى أن كل حركة إلى لذيذ (٣) أو غلبة فهي متناهية. وأيضا فإن أكثر المظنون لا يبقى مظنونا سرمديا.

فوجب (٤) أن يكون مبدأ هذه (٥) الحركة اختيارا وإرادة (٦) لخير حقيقي (٧) ، فلا يخلو (٨) ذلك الخير (٩) : إما أن يكون مما ينال (١٠) بالحركة فيتوصل (١١) إليه ، أو يكون خيرا ليس جوهره مما (١٢) ينال (١٣) بوجه ، بل هو مباين ، ولا يجوز أن يكون ذلك الخير من كمالات الجوهر المتحرك فينال (١٤) بالحركة ، وإلا لانقطعت الحركة ، ولا يجوز أن يكون (١٥) يتحرك ليفعل فعلا يكتسب (١٦) بذلك الفعل كمالا ، كما من شأننا (١٧) أن نجود لنمدح ، ونحسن (١٨) الأفعال ليحدث (١٩) لنا ملكة فاضلة ، أو نصير خيرين ، وذلك أن المفعول (٢٠) يكتسب لإكماله من فاعله ، ومحال (٢١) أن يعود فيكمل جوهر فاعله ، فإن كمال المعلول أخس من كمال العلة الفاعلة (٢٢) ، والأخس لا يكسب (٢٣) الأشرف والأكمل كمالا ، بل (٢٤) عسى أن يهيئ الأخس للأفضل آلته ومادته حتى يوجد هو في بعض الأشياء (٢٥) عن (٢٦) سبب آخر (٢٧).

وأما نحن فإن المدح الذي (٢٨) نطلبه ونرغب فيه هو كمال غير حقيقي بل مظنون ، والملكة الفاضلة التي نحصلها بالفعل ليس سببها الفعل ، بل الفعل يمنع ضدها ويهيئ لها. وتحدث هذه الملكة (٢٩) من الجوهر المكمل لأنفس الناس ـ وهو العقل الفعال ـ أو جوهر آخر

__________________

(١) الحقيقى المحض : المحض الحقيقى ب ، ط. (٢) مخيل : محيل ب ، د ، ط. (٣) لذيذ : اللذيذ ح ، ص ، ط. (٤) فوجب : يوجب ح ، ص. (٥) هذه : هذا ب. (٦) وإرادة : أو إرادة ح ، ص ، ط ، م. (٧) لخير حقيقى : للخير الحقيقى د ، ط. (٨) فلا يخلو : ولا يخلو م. (٩) الخير : الجسم م. (١٠) يتال : + إليه ط. (١١) فيتوصل : فيوصل ب ، م ؛ ويتوصل ح ، د. (١٢) مما : فما د. (١٣) يتال : + إليه ب ، ط. (١٤) فينال : فيناله ح ، د ، ص ، ط ، م. (١٥) يكون : ساقطة من م. (١٦) يكتسب : فيكتسب د. (١٧) شأننا : شأنها د. (١٨) ونحسن : أو نحسن ط. (١٩) ليحدث : كى يحدث ط. (٢٠) المفعول : لمفعول د. (٢١) ومحال : فمحال ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٢٢) الفاعلة : الفاعلية ح ، ص ؛ ساقطة من م. (٢٣) يكسب : يكتسب د ، م. (٢٤) بل : ساقطة من ح. (٢٥) الأشياء : + بل ح. (٢٦) عن : من ب. (٢٧) آخر : الآخر د. (٢٨) الذي : ساقطة من د. (٢٩) الملكة : الحركة د.

٣٨٨

يشبهه ، وعلى هذا فإن الحرارة المعتدلة سبب لوجود القوى النفسانية ، ولكن على أنها مهيئة للمادة لا موجدة (١) ، وكلامنا في الموجد ، ثم بالجملة إذا كان الفعل مهيئا (٢) ليوجد كمالا (٣) انتهت الحركة عند حصوله (٤).

فبقي أن يكون الخير المطلوب (٥) بالحركة (٦) خيرا قائما بذاته ليس من شأنه أن ينال ، وكل خير هذا شأنه فإنما يطلب العقل التشبه به بمقدار الإمكان ، والتشبه به هو (٧) تعقل ذاته في كمالها (٨) ، فيصير مثله (٩) ، في أن يحصل له الكمال الممكن له في ذاته كما حصل لمعشوقه (١٠) ، فيوجب (١١) البقاء الأبدي (١٢) على أكمل ما يكون لجوهر الشيء في (١٣) أحواله ولوازمه كمالا (١٤) لذلك ، فما كان يمكن أن يحصل كماله الأقصى له في أول الأمر تم تشبهه (١٥) به بالثبات ، وما كان لا يمكن أن يحصل كماله الأقصى له في أول الأمر تم تشبهه (١٦) به (١٧) بالحركة.

وتحقيق هذا هو (١٨) أن الجوهر (١٩) السماوي قد بان أن محركه يحرك عن قوة غير متناهية. والقوة التي لنفسه الجسمانية متناهية ، لكنها ـ بما (٢٠) يعقل الأول فيسنح عليها (٢١) من نوره وقوته دائما ـ تصير كأن له قوة غير متناهية ، فلا يكون له قوة غير متناهية ، بل للمعقول الذي يسنح عليه من (٢٢) نوره وقوته ، وهو ـ أعني الجرم السماوي ـ في جوهره على كماله الأقصى إذ (٢٣) لم يبق له في جوهره أمر بالقوة ، وكذلك في كمه وكيفه (٢٤) ، إلا في وضعه أو أينه أولا ، وفيما يتبع وجودهما من الأمور ثانيا ، وإنه (٢٥) ليس أن يكون على وضع أو أين أولى بجوهره (٢٦) من أن يكون على وضع أو أين (٢٧) آخر له في حيزه ، فإنه ليس شيء من (٢٨) أجزاء مدار فلك أو كوكب أولى بأن يكون ملاقيا له أو لجزئه من جزء آخر. فمتى كان في جزء بالفعل

__________________

(١) لا موجدة : موجدة ح. (٢) مهيئا : يهيئ م. (٣) كمالا : الكمال ط. (٤) حصوله : حصولها ، م. (٥) المطلوب : مطلوبا د. (٦) بالحركة : الحركة د. (٧) هو : + أن ح ، د ، ص. (٨) فى كمالها : ساقطة من ح ، د ، ص ، م : فى كماله ط. (٩) فيصير مثله : ساقطة من ب. (١٠) فى أن يحصل .... لمعشوقة : ساقطة من ب ، ح ، د ، ص ، م. (١١) فيوجب : وجب د ، م ؛ يوجب ح. (١٢) فيوجب البقاء الأبدى : الأبدى وجب البقاء الأبدى ب. (١٣) فى : من ط. (١٤) كمالا : كما ب ، ح ، ص ، ط. (١٥) تشبهه : تشبه د. (١٦) تشبهه : تشبه ط. (١٧) به : ساقطة من ب ، د ، م. (١٨) هو : ساقطة من ب ، ط ، م. (١٩) الجوهر : الجرم ب ، ط. (٢٠) بما : لما ح ، ص ؛ إنما د. (٢١) عليها : عليه ط ، م. (٢٢) من : ساقطة من ب ، ح ، د ، ص ، م. (٢٣) إذ : إذا ح. (٢٤) فى كمه وكيفه : فى كيفيته وكميته د ، ط : فى كيفه وكمه م. (٢٥) وإنه : فإنه ح ، د ، ص ، ط ، م. (٢٦) بجوهره : لجوهره د. (٢٧) أو أين : وأين ب ، د. (٢٨) من : فى ط.

٣٨٩

فهو في جزء آخر بالقوة ، فقد عرض لجوهر الفلك ما بالقوة من جهة وضعه أو أينه ، والتشبه (١) بالخير الأقصى يوجب البقاء على أكمل كمال يكون للشيء دائما ، ولم يكن هذا ممكنا للجوهر (٢) السماوي بالعدد ، فحفظ (٣) بالنوع والتعاقب ، فصارت الحركة حافظة لما يمكن من هذا الكمال ، ومبدؤها الشوق إلى التشبه (٤) بالخير الأقصى في البقاء على الكمال الأكمل بحسب الممكن ، ومبدأ هذا الشوق هو ما يعقل منه ، وأنت إذا تأملت حال الأجسام الطبيعية في شوقها الطبيعي إلى أن يكون (٥) بالفعل أينا لم تتعجب أن يكون جسم يشتاق شوقا إلى أن يكون على وضع من أوضاعه التي يمكن أن تكون له ، أو إلى أن يكون (٦) على أكمل ما يكون (٧) له من كونه متحركا ، وخصوصا ويتبع ذلك من الأحوال والمقادير الفائضة (٨) ما يتشبه فيه (٩) بالأول تعالى (١٠) من حيث هو مفيد للخيرات (١١) ، لا أن (١٢) يكون المقصود تلك الأشياء فتكون الحركة لأجل تلك الأشياء ، بل أن (١٣) يكون المقصود هو (١٤) التشبه بالأول تعالى (١٥) ـ بقدر (١٦) الإمكان ـ في أن يكون على أكمل ما يكون في نفسه ، وفيما يتبعه من حيث هو تشبه بالأول ، لا من حيث هو يصدر عنه أمور بعده حتى تكون (١٧) الحركة لأجل ذلك بالمقصود الأول ، كلا (١٨).

وأقول : إن نفس الشوق إلى التشبه بالأول من حيث هو بالفعل تصدر عنه الحركة الفلكية صدور الشيء عن التصور الموجب له ، وإن كان غير مقصود في ذاته بالقصد الأول ، لأن ذلك تصور (١٩) لما بالفعل فيحدث (٢٠) عنه طلب لما بالفعل الأكمل ، ولا يمكن (٢١) بالشخص فيكون بالتعاقب وهو الحركة ، لأن الشخص الواحد إذا دام لم يحصل لأمثاله وجود ، وبقيت دائما بالقوة.

__________________

(١) والتشبه : والتشبيه ح. (٢) للجوهر : للجرم ب ، ح ، ص ، م. (٣) فحفظ : فحفظه ح ، د ، ص ، ط ، م. (٤) التشبه : التشبيه ح. (٥) يكون : + يتال ح ، ص ، ط. (٦) أو إلى أن يكون : وكذلك ح ، ص. (٧) أكمل ما يكون : أكمل ما ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٨) الفائضة : ساقطة من م ؛ + بقدر إمكان ح ، ص ، ط. (٩) فيه : به ح. (١٠) تعالى : ساقطة من ب ، ح ، د ، ط ، م. (١١) للخيرات : الخيرات ط. (١٢) أن : ساقطة من م. (١٣) أن : بأن ح. (١٤) هو : وهو د. (١٥) تعالى : ساقطة من ب ، ح ، د ، ط ، م. (١٦) بقدر : بمقدار د ؛ مقدار م. (١٧) حتى تكون : فتكون ب ، د ، ط ، م. (١٨) كلا : ساقطة من م. (١٩) تصور : التصور ب. (٢٠) فيحدث ... بالفعل : ساقطة من د. (٢١) ولا يمكن : ويمكن م.

٣٩٠

والحركة (١) تتبع أيضا (٢) ذلك التصور المقصود (٣) على هذا النحو ، لا على أن تكون مقصودة أولية وإن كان ذلك التصور الواحد يتبعه تصورات جزئية ـ ذكرناها وفصلناها ـ على سبيل الانبعاث لا على سبيل المقصود الأول ، وتتبع تلك التصورات الجزئية (٤) الحركات المنتقل بها في الأوضاع ، والجزء (٥) الواحد بكماله لا يمكن (٦) في هذا الباب فيكون الشوق الأول على ما ذكرنا (٧) ، ويكون سائر ما يتلوه انبعاثات ، وهذه الأشياء قد (٨) يوجد لها (٩) نظائر بعيدة في أبداننا (١٠) ليست تناسبها (١١) ، وإن كانت قد تخيلها وتحكيها ، مثل (١٢) أن الشوق إذا اشتد إلى خليل ، أو إلى شيء آخر ، تبع (١٣) ذلك فينا تخيلات على سبيل الانبعاث ، يتبعها حركات ليست الحركات التي نحو المشتاق (١٤) نفسه ، بل حركات نحو شيء في طريقه وفي سبيله (١٥) وأقرب ما (١٦) يكون منه.

فالحركة الفلكية كائنة (١٧) بالإرادة والشوق على هذا النحو ، وهذه الحركة مبدؤها شوق واختيار ولكن على النحو الذي ذكرناه ، ليس أن تكون الحركة (١٨) مقصودة بالقصد الأول ، وهذه الحركة كأنها (١٩) عبادة ما ملكية أو فلكية (٢٠) ، وليس من شرط الحركة الإرادية أن تكون مقصودة في نفسها ، بل إذا كانت القوة الشوقية تشتاق نحو أمر يسنح (٢١) منها تأثير يحرك (٢٢) الأعضاء ، فتارة يتحرك على النحو الذي يوصل به إلى الغرض ، وتارة على نحو آخر مشابه أو مقارب له إذا كان عن تخيل ، سواء كان الغرض أمرا ينال ، أو أمرا يقتدى (٢٣) به ويحتذى (٢٤) حذوه ويتشبه بوجوده.

فإذا بلغ الالتذاذ بتعقل المبدإ الأول ، وبما يعقل منه أو يدرك منه على نحو عقلي أو نفساني ، شغل ذلك عن (٢٥) كل شيء وكل جهة ، لكنه ينبعث عن ذلك ما هو أدون مرتبة منه (٢٦) ،

__________________

(١) والحركة : فالحركة ح ، د ، ص ، م. (٢) تتبع أيضا : أيضا تتبع ب ، د. (٣) المقصود : ساقطة من ح ، د ، ص ، ط ، م. (٤) الجزئية : الجزئيات د. (٥) والجزء : والخير ح. (٦) لا يمكن : + والحركة أنه استكمال د ؛ والحركة أنه استكمال يمكن ح ؛ والحركة آلة استكمال يمكن ص. (٧) ذكرنا : ذكرناه ط. (٨) قد : ساقطة من ط. (٩) لها : بها د. (١٠) أبدانتا : أبدان د. (١١) تناسبها : مناسبها د. (١٢) متل : ساقطة من د. (١٣) تبع : يتبع ح ، ص ، ط .. (١٤) المشتاق : + فى ط. (١٥) سبيله : سبيل ح. (١٦) ما : بما د ، ص ، ط. (١٧) كانتة : كانت د. (١٨) الحركة : للحركة د. (١٩) كأنها : كأنه ص. (٢٠) أو فلكية : وفلكية د. (٢١) يسنح : فسنح ب ، م ؛ فيسنح ط. (٢٢) يحرك : + له ب ، ص ، ح ، ط ، م. (٢٣) يقتدى : يبتدئ م. (٢٤) ويحتذى : أو يحتذى م. (٢٥) عن : من م. (٢٦) مرتبة منه : منه مرتبة ب ، ح ، ص ، ط ، م.

٣٩١

وهو الشوق إلى التشبه به بمقدار الإمكان ، فيلزم طلب الحركة لا من حيث هي حركة ، ولكن من حيث قلنا ، ويكون هذا الشوق يتبع (١) ذلك العشق والالتذاذ منبعثا عنه ، وهذا الاستكمال منبعثا عن الشوق ، فعلى هذا النحو يحرك المبدأ الأول (٢) جرم السماء (٣).

وقد اتضح لك من هذه الجملة أيضا ، أن المعلم الأول إذا قال : إن الفلك متحرك بطبعه فما ذا يعني ، أو قال : إنه متحرك بالنفس فما ذا يعني (٤) ، أو قال (٥) : متحرك بقوة غير متناهية تحرك (٦) كما يحرك المعشوق ، فما ذا يعني ، وأنه (٧) ليس في أقواله تناقض ولا اختلاف (٨).

ثم أنت (٩) تعلم أن جوهر هذا الخير المعشوق الأول واحد ، ولا يمكن أن يكون هذا المحرك الأول الذي لجملة السماء فوق واحد ، وإن كان لكل كرة من كرات السماء محرك قريب يخصها (١٠) ، ومتشوق (١١) ومعشوق يخصها (١٢) على ما يراه المعلم الأول ومن بعده من محصلي علماء المشائين ، فإنهم إنما ينفون الكثرة عن محرك الكل (١٣) ، ويثبتون (١٤) الكثرة للمحركات المفارقة وغير المفارقة (١٥) التي يختص (١٦) واحدا واحدا منها ، فيجعلون أول المفارقات الخاصة (١٧) محرك الكرة الأولى ، وهي عند من تقدم بطلميوس كرة الثوابت ، وعند من تعلم العلوم (١٨) التي ظهرت لبطلميوس كرة خارجة عنها محيطة (١٩) بها (٢٠) غير مكوكبة ، وبعد ذلك محرك (٢١) الكرة التي تلي الأولى بحسب اختلاف الرأيين ، وكذلك هلم (٢٢) جرا.

فهؤلاء يرون أن محرك الكل شيء واحد (٢٣) ، ولكل كرة بعد ذلك محرك خاص. والمعلم الأول يضع عدد الكرات المتحركة على ما كان ظهر في زمانه ، ويتبع عددها عدد المبادي المفارقة. وبعض من هو أسد (٢٤) قولا من أصحابه يصرح ويقول ـ في رسالته التي (٢٥) في مبادئ

__________________

(١) يتبع : تبع ب ، د ، م. (٢) الأول : + جميع ح. (٣) السماء : السماوية ص. (٥) قال ( الثانية ) : + أنه م. (٤) أو قال إنه .... فما ذا يعنى : ساقطة من د. (٦) تحرك : بحركة ص. (٧) وأنه : فإنه ط. (٨) ولا اختلاف : + فصل فى أن لكل فلك جزئى محركا أولا مفارقا قبل نفسه يحرك على أنه معشوق وأن المحرك الأول للكل مبدأ لجميع ذلك ح ، ص. (٩) ثم أنت : وأنت د ، م. (١٢) يخصها : يخصه ب ، د ، ط ، م. (١١) ومتشوق : ساقطة من د ، ط. (١٠) يخصها : يخصه ب ، ط ، م. (١٣) الكل : الأول د. (١٤) ويثبتون : يثبتون : يثبتون د. (١٥) وغير المقارقة : وغيرها د. (١٦) يختص : يخص م. (١٧) الخاصة : الخاصية م. (١٨) العلوم : بالعلوم ط ، م. (١٩) محيطة : محيط د. (٢٠) بها : ساقطة من م. (٢١) محرك : فمحرك ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٢٢) هلم : فهلم ب ، ح ، ص ، ط. (٢٣) واحد : ساقطة من ب ، ح ، د ، م. (٢٤) أسد : أشد د. (٢٥) التي : ساقطة من ص ، ط.

٣٩٢

الكل ـ إن محرك جملة السماء واحد لا يجوز أن يكون عددا كثيرا ، وإن كان (١) لكل كرة محرك ومتشوق يخصانها (٢). والذي يحسن عبارته عن كتب المعلم الأول على سبيل تلخيص ، وإن لم يكن يغوص (٣) في المعاني ، يصرح ويقول ما هذا معناه : إن الأشبه والأحق وجود مبدإ حركة خاصة (٤) لكل فلك على أنه (٥) فيه ، ووجود (٦) مبدإ حركة خاصة (٧) له على أنه معشوق مفارق. وهذان أقرب قدماء (٨) تلامذة المعلم (٩) الأول من سواء السبيل.

ثم القياس يوجب هذا ، فإنه قد صح لنا بصناعة المجسطي أن حركات وكرات (١٠) سماوية كثيرة ومختلفة في الجهة وفي السرعة والبطء ، فيجب لكل (١١) حركة محرك غير الذي للآخر (١٢) ومشوق (١٣) غير الذي للآخر (١٤) ، وإلا لما اختلفت (١٥) الجهات ، ولما اختلفت (١٦) السرعة والبطء. وقد بينا أن هذه المتشوقات خيرات محضة مفارقة للمادة ، وإن كانت الكرات والحركات كلها تشترك في الشوق إلى المبدإ الأول ، فتشترك لذلك في دوام الحركة واستدارتها ونحن نزيد هذا (١٧) بيانا.

[ الفصل الثالث ]

( ح ) فصل (١٨)

في كيفية صدور (١٩) الأفعال من المبادي العالية ، ليعلم من ذلك ما يجب

أن يعلم من المحركات (٢٠) المفارقة المعقولة (٢١) بذاتها المعشوقة (٢٢)

ولنحقق (٢٣) هذا البيان ، ولنفتتح من مبدإ آخر فنقول (٢٤) : إن قوما لما سمعوا ظاهر قول فاضل (٢٥) المتقدمين (٢٦) إذ يقول : إن الاختلاف في هذه الحركات وجهاتها يشبه أن يكون للعناية

__________________

(١) كان : ساقطة من ب. (٢) يخصانها : يخصانه ب ، ص ، ط ، م ؛ مختصا به. (٣) يغوص : يعرض د. (٤) خاصة : خاصية ب ، ح ، ص ، م. (٥) أنه : أن د. (٦) ووجود : وجود د. (٧) خاصة : خاصية ب ، م. (٨) قدماء : قدما ب ، د ، ط. (٩) المعلم : معلم ح. (١٠) وكرات : ساقطة من ط. (١١) لكل : ولكل ب. (١٢) للآخر : للأخرى ص. (١٣) ومشوق : ومتشوق د ، ص ، م ؛ يتشوق ب ؛ معشوق ح. (١٤) غير الذي للآخر : للذى غير الآخر د. (١٥) اختلفت ( الأولى ) : اختلف د ، م. (١٦) اختلفت ( الثانية ) : اختلف ح ، د ، ص ، ط. (١٧) تزيد هذا : تزيدها ح ، ص ، ط. (١٨) فصل : ساقطة من د. (١٩) صدور : صدق ط. (٢٠) المحركات : المبادئ م. (٢١) المعقولة : + وأنها ح ، ص ، ط. (٢٢) المعشوقة : المتشوقة ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٢٣) ولتحقق : ولتحقيق ح. (٢٤) فنقول : ونقول ح ، د ، ص ، م. (٢٥) فاضل : أفاضل ح. (٢٦) فاضل المتقدمين : يقصد به اسكندر الأفروديسى.

٣٩٣

بالأمور الكائنة الفاسدة (١) التي تحت كرة القمر ، وكانوا سمعوا (٢) أيضا وعلموا بالقياس أن حركات السماويات لا يجوز أن تكون لأجل شيء غير ذواتها ، ولا يجوز أن تكون لأجل معلولاتها ، أرادوا أن يجمعوا (٣) بين هذين المذهبين فقالوا : إن نفس الحركة ليست (٤) لأجل ما تحت كرة (٥) القمر ولكن للتشبه (٦) بالخير المحض والشوق (٧) إليه.

وأما (٨) اختلاف الحركات ، فلاختلاف (٩) ما يكون من كل (١٠) واحد منها في عالم الكون والفساد اختلافا ينتظم به بقاء الأنواع ، كما أن رجلا خيرا لو أراد أن يمضي في حاجته (١١) سمت موضع ، واعترض (١٢) إليه طريقان (١٣) : أحدهما يختص بإيصاله إلى الموضع الذي فيه قضاء وطره ، والآخر يضيف إلى ذلك إيصال نفع إلى مستحق ، وجب في حكم خيريته (١٤) أن يقصد الطريق الثاني ، وإن لم تكن حركته لأجل نفع غيره بل لأجل ذاته. قالوا : فكذلك حركة كل فلك ، إنما هي ليبقى على كماله الأخير دائما ، لكن الحركة إلى هذه الجهة وبهذه السرعة لينتفع (١٥) غيره.

فأول ما نقول لهؤلاء : إنه (١٦) إن أمكن أن يحدث للأجرام السماوية في حركاتها (١٧) قصد ما (١٨) لأجل شيء معلول ، ويكون ذلك القصد في اختيار الجهة ، فيمكن أن يحدث ذلك ويعرض (١٩) في نفس الحركة حتى يقول قائل : إن السكون كان يتم لها به خيرية (٢٠) تخصها والحركة (٢١) كانت لا تضرها في الوجود وتنفع غيرها (٢٢) ، ولم (٢٣) يكن أحدهما أسهل عليها (٢٤) من الآخر أو أعسر (٢٥) فاختارت الأنفع. فإن كانت (٢٦) العلة المانعة عن القول بأن (٢٧) مصير (٢٨) حركتها لنفع (٢٩) الغير ، استحالة قصدها فعلا لأجل الغير من المعلولات ، فهذه العلة موجودة (٣٠) في نفس

__________________

(١) الفاسدة : والفاسدة د. (٢) سمعوا : سمعوه ب ، ح ، د ، ص ، م. (٣) يجمعوا : يجمع د. (٤) ليست : ليس ب ، ح ، د ، ص ، م. (٥) كرة : ساقطة من ب ، د ، ص ، ط ، م. (٦) للتشبه : للتشبيه ب ، ح ، د ، ص ، ط. (٧) والشوق : والتشوق ح. (٨) وأما : فأما ب ، د ، ط ، م. (٩) فلاختلاف : فلنختلف ب ، م ؛ فيختلف ح ، ط ، ص. (١٠) من كل : كل من ب ، د ؛ كل ط. (١١) حاجته : حاجة ح ، ص ، ط. (١٢) واعترض : + له ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٣) طريقان : + بأحد م. (١٤) خيريته : خيرته م. (١٥) لينتفع : لينفع ح ، م. (١٦) إنه : ساقطة من ط. (١٧) فى حركاتها : فى حركاته د. (١٨) ما : ساقطة من د. (١٩) ويعرض : ويفرض د ، ص. (٢٠) خيرية : خيريته ح ، ص ، ط. (٢١) والحركة : والحركات د. (٢٢) غيرها : غيره ب. (٢٣) ولم : لو لم ب. (٢٤) عليها : عليه ب ، د ، ص ، ط ، م. (٢٥) أو أعسر : وأعسر د. (٢٦) كانت : + يقع ح. (٢٧) بأن : فإن م. (٢٨) مصير : يصير ب ، د ، ط : ساقطة من م. (٢٩) لنفع : أنفع م. (٣٠) موجودة : موجود د.

٣٩٤

قصد اختيار الجهة. وإن (١) لم يمنع هذه العلة قصد اختيار الجهة ، لم يمنع قصد الحركة وكذلك الحال (٢) في قصد السرعة والبطء هذه الحال ، وليس ذلك على ترتيب القوة والضعف في الأفلاك بسبب ترتيب بعضها على بعض في العلو والسفل حتى ينسب إليه ، بل ذلك مختلف.

ونقول بالجملة : لا يجوز أن يكون منها شيء (٣) لأجل الكائنات ، لا قصد حركة ، ولا قصد جهة من (٤) حركة ، ولا تقدير (٥) سرعة وبطء ، بل ولا قصد فعل البتة لأجلها ، وذلك لأن كل قصد فيكون (٦) من أجل المقصود ، فيكون أنقص وجودا من المقصود ، لأن كل ما (٧) لأجله شيء آخر فهو أتم وجودا من الآخر من حيث هو والآخر على ما هما عليه ، بل به (٨) يتم (٩) للآخر النحو (١٠) من الوجود الداعي (١١) إلى القصد. ولا يجوز أن يستفاد الوجود الأكمل من الشيء الأخس ، فلا يكون البتة إلى معلول قصد صادق غير مظنون ، وإلا كان (١٢) القصد معطيا ومفيدا (١٣) لوجود ما هو أكمل وجودا منه.

وإنما يقصد بالواجب شيء يكون القصد مهيئا له ومفيد وجوده شيء آخر : مثل الطبيب للصحة ، فالطبيب (١٤) لا يعطي الصحة بل يهيئ (١٥) لها المادة والآلة ، وإنما يفيد الصحة مبدأ أجل من الطبيب ، وهو الذي يعطي المادة جميع صورها ، وذاته أشرف من المادة. وربما (١٦) كان القاصد مخطئا في قصده إذا قصد ما ليس أشرف من القصد ، فلا يكون القصد لأجله في الطبع بل بالخطإ ، ولأن هذا البيان يحتاج إلى تطويل وتحقيق (١٧) ، وفيه شكوك لا تنحل إلا بالكلام المشبع ، فلنعدل (١٨) إلى الطريق الأوضح فنقول : إن كل قصد فله مقصود ، والعقلي منه هو الذي يكون وجود المقصود عن القاصد أولى بالقاصد من لا وجوده (١٩) عنه ، وإلا فهو هدر (٢٠). والشيء الذي هو أولى بالشيء فإنه يفيد (٢١) كمالا ما ،

__________________

(١) وإن : فأن ب. (٢) الحال : الحالة ح ، ط ، م. (٣) منها شيء : شيء منها ب ، د ، ط ، م ، ه. (٤) من : ساقطة من ب ، ح ، د ، ص ، م. (٥) ولا تقدير : تقدر د. (٦) فيكون : ويكون ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٧) كل ما : + به ح ، ص ، ط. (٩) به يتم : يتم به م. (٨) به : ساقطة من د. (١٠) النحو : + الآخر ح ، د ، ص ، ط. (١١) الداعى : والداعى د. (١٢) كان : لكان د. (١٣) ومفيدا : ويفيد د. (١٤) فالطبيب : فأن الطبيب ح ، ص. (١٥) يهيئ : مهيئ ط. (١٦) وربما : ربما م. (١٧) تطويل وتحقيق : نظر وتطويل د. (١٨) فلنعدل : + الآن ح ، د ، ص ، ط ، م. (١٩) وجوده : وجود ح. (٢٠) فهو هدر : فهدر د

(٢١) يفيد : يفيده ، ب ، د ، م.

٣٩٥

إن كان بالحقيقة فحقيقيا ، وإن كان بالظن فظنيا : مثل استحقاق المدح وظهور القدرة وبقاء الذكر ، فهذه وما أشبهها كمالات ظنية. أو الربح (١) ، أو السلامة (٢) ، أو رضي (٣) الله تعالى وتقدس (٤) وحسن معاد الآخرة (٥) ، وهذه وما أشبهها (٦) كمالات حقيقية لا تتم بالقاصد (٧) وحده.

فإذن ، كل قصد ليس عبثا فإنه يفيد كمالا ما لقاصده لو لم يقصده (٨) لم يكن ذلك الكمال ، والعبث أيضا يشبه أن يكون كذلك ، فإن فيه لذة أو راحة أو غير ذلك أو شيئا (٩) مما علمت أو سائر (١٠) (١١) ما تبين (١٢) لك (١٣).

ومحال أن يكون المعلول المستكمل وجوده بالعلة يفيد العلة كمالا لم يكن ، فإن (١٤) المواضع التي يظن فيها أن المعلول أفاد علته كمالا مواضع كاذبة أو محرفة ، ومثلك ممن أحاط بما سلف له من الفنون لا يقصر عن تأملها وحلها.

فإن قال قائل : إن الخيرية توجب هذا ، فإن الخير يفيد الخير ، قيل إن الخير يفيد الخير ولكن (١٥) لا على سبيل قصد وطلب ليكون ذلك (١٦) ، فإن هذا يوجب (١٧) النقص ، فإن كل طلب وقصد لشيء فهو طلب لمعدوم وجوده من (١٨) الفاعل (١٩) أولى من لا وجوده ، وما دام معدوما وغير مقصود لم يكن ما هو الأولى (٢٠) بالفاعل (٢١) وذلك نقص ، فإن الخيرية لا تخلو :

إما أن تكون صحيحة موجودة دون هذا القصد (٢٢) ولا مدخل لوجود هذا القصد في وجودها ، فيكون كون هذا القصد ولا كونه عن الخيرية واحدا (٢٣) ، فلا تكون الخيرية توجبه ، ولا يكون حال سائر لوازم الخيرية التي تلزمها بذاتها لا عن قصد هو قصد (٢٤) هذه الحال.

__________________

(١) أو الربح : والربح م. (٢) أو السلامة : والسلامة ب ، م. (٣) أو رضى : ورضاء ب ، ح ، د ص ، ط. (٤) تعالى وتقدس : ساقطة من ب ، ح ، ص ، ط. (٥) وحسن معاد الآخرة : ساقطة من ح. (٦) وهذه وما أشبهها : ساقطة من ح. (٧) بالقاصد : بالمقاصد د. (٨) يقصده : يقصد ب. (٩) شيئا : أشياء ح. (١٠) مما علمت أو سائر : من سائر ب ، ح ، ص. (١١) أو سائر : سائر ، د. (١٢) تبين : بين د ، م. (١٣) لك : + مما علمت ح ، ص : مما علمت أو سائر ما تبين ب. (١٤) فإن : وإن ب ، ح. (١٥) لكن : ساقطة من م. (١٦) ذلك : + منه ص ، ط. (١٧) يوجب : يوجبه ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٨) من : عن ب ، ح ، ص ، ط ، م. (١٩) الفاعل : القاصد ، ط. (٢٠) الأولى : أولى د. (٢١) بالفاعل : بالفعل ب ، م ؛ بالقاصد ط. (٢٢) القصد : لقصد ح ، ص ، ط. (٢٣) واحدا : واحد د. (٢٤) هو قصد : ساقطة ب ، ه.

٣٩٦

وإما أن يكون بهذا (١) القصد تتم الخيرية وتقوم ، فيكون هذا القصد علة لاستكمال الخيرية وقوامها لا معلولا (٢) لها (٣).

وإن قال قائل : إن ذلك (٤) للتشبه (٥) بالعلة الأولى في أن (٦) خيريته متعدية (٧) ، وحتى يكون بحيث يتبعها خير ، فنقول : إن هذا في ظاهر الأمر مقبول وفي الحقيقة مردود ، فإن التشبه به (٨) في أن لا يقصد شيئا (٩) بل بأن (١٠) ينفرد بالذات ، فإنه على هذه الصفة اتفاقا من جماعة من أهل (١١) العلم. وأما استفادة كمال بالقصد فمباين للتشبه به ، اللهم إلا أن يقال إن المقصود الأول شيء ، وهذا بالقصد الثاني وعلى جهة الاستتباع ، فيجب في اختيار الجهة أيضا أن يكون المقصود بالقصد الأول شيئا (١٢) ، وتكون المنفعة المذكورة مستتبعة لذلك المقصود ، فتكون الجهة الخيرية (١٣) غير مقصودة قصدا أوليا لنفس ما يتبع ، بل يجب أن يكون هناك استكمال في ذات الشيء مستتبع (١٤) تلك المنفعة حتى يكون تشبها (١٥) بالأول.

ونحن لا نمنع أن تكون الحركة مقصودة بالقصد الأول على أنها (١٦) تشبه (١٧) بذات الأول من الجهة التي قلنا ، وتشبه بالقصد الثاني بذات الأول من حيث يفيض عنه الوجود بعد أن يكون القصد الأول أمرا آخر ينظر به (١٨) إلى فوق (١٩). وأما (٢٠) النظر إلى أسفل (٢١) واعتباره ، فلو جاز أن يقع بالقصد (٢٢) الأول إلى الجهة (٢٣) ، حتى يكون تشبها بالأول (٢٤) في الاستتباع (٢٥) ، لجاز في نفس اختيار الحركة. فكانت الحركة لأجل ما تحت ، ويفيض (٢٦) عنها (٢٧) وجود ليس تشبها به من حيث هو كامل الوجود ومعشوقه (٢٨) ، إنما ذلك لذاته من حيث ذاته. ولا مدخل (٢٩) البتة لوجود الأشياء عنه في تشريف ذاته وتكميلها ، بل المدخل أنه على كماله الأفضل ، وبحيث ينبعث عنه وجود الكل لا طلبا وقصدا. فيجب أن يكون الشوق إليه من طريق التشبه على هذه الصورة ، لا على ما لا يتعلق للأول (٣٠) به كمال.

__________________

(١) بهذا : بهذه ح. (٢) معلولا : معلولة د ، م ؛ معلول ب. (٣) لها : له د ، م. (٤) ذلك : هذه ح ، ص. (٥) للتشبه : للتشبيه ح. (٦) أن : ساقطة من د. (٧) خيريته متعدية : خيرية مقتدية د. (٨) به : ساقطة من ح. (٩) شيئا : شيء ب ، د ، م. (١٠) بأن : أن ب ، د ، ص ، ط ، م. (١١) جماعة من أهل : جماعة أهل ب ، د ، ص ، ط ، م. (١٢) شيئا : شيء ب. (١٣) الخيرية : ساقطة من ب ، ص ، ط ، م. (١٤) مستتبع : يستتبع ب ، د ، ط. (١٥) تشبها : تشبهها د. (١٦) أنها : أنه ح. (١٧) تشبه : يشبه التشبه د ، ح. (١٨) به : ساقطة من د ، م. (١٩) فوق : الفوق ح ، د ، ط ، ص. (٢٠) وأما : فأما ح ، د. (٢١) أسفل : الأسفل ط. (٢٢) بالقصد : القصد ب ، م. (٢٣) الجهة : جهة ط. (٢٤) بالأول : + التشبه د ، ط. (٢٥) فى الاستتباع : ساقطة من ب ، ح ، ص ، م. (٢٦) ويفيض : يفيض ب ، م. (٢٧) عنها : عنهما ط. (٢٨) ومعشوقه : معشوقه ب ، د ، م. (٢٩) مدخل : دخل ص. (٣٠) لا يتعلق للأول : يتعلق بالأول م.

٣٩٧

فإن (١) قال قائل : إنه كما قد (٢) يجوز أن يستفيد الجرم السماوي بالحركة خيرا وكمالا ، والحركة فعل له (٣) مقصود ، فكذلك (٤) لسائر (٥) أفاعيلها ، فالجواب أن الحركة ليست تستفيد كمالا وخيرا (٦) ، وإلا لانقطعت (٧) عنده ، بل هي نفس الكمال الذي أشرنا إليه. وهي (٨) بالحقيقة استثبات نوع ما يمكن (٩) أن يكون للجرم السماوي بالفعل ، إذ لا يمكن استثبات الشخص له. فهذه الحركة لا تشبه سائر الحركات التي تطلب كمالا خارجا عنها ، بل يكمل بهذه (١٠) الحركة نفس المتحرك عنها بذاتها ، لأنها نفس استبقاء الأوضاع والأيون على التعاقب. وبالجملة يجب أن ترجع إلى ما (١١) فصلناه فيما سلف حين بينا أن هذه الحركة كيف تتبع تصور (١٢) المتشوق ، وهذه الحركة شبيهة بالثبات.

فإن قال قائل : إن هذا القول يمنع وجود العناية بالكائنات والتدبير المحكم الذي فيها ، فإنا سنذكر (١٣) بعد ما نزيل هذا الإشكال ، ونعرف أن عناية البارئ بالكل على أي سبيل هي ، وأن عناية كل علة بما بعدها (١٤) على أي سبيل هي ، وأن الكائنات التي عندنا كيف العناية بها من المبادي الأولى ومن الأسباب (١٥) التي وسطها (١٦). وقد اتضح بما (١٧) أوضحناه أنه لا يجوز أن يكون شيء من العلل يستكمل (١٨) بالمعلول بالذات لا بالعرض (١٩) ، وأنها لا تقصد فعلا لأجل المعلول وإن كان ترضى به وتعلمه (٢٠). بل كما أن الماء يبرد (٢١) (٢٢) بذاته بالفعل ليحفظ نوعه لا ليبرد غيره ، ولكن يلزمه أن يبرد غيره ، والنار تسخن بذاتها بالفعل لتحفظ نوعها لا لتسخن غيرها ، ولكن يلزمها أن تسخن غيرها ، والقوة الشهوانية تشتهي (٢٣) لذة الجماع ليندفع (٢٤) الفضل ويتم لها (٢٥) اللذة ، لا ليكون عنها ولد ، ولكن يلزمها (٢٦) ولد (٢٧) ، والصحة

__________________

(١) فإن : وأن م. (٢) قد : ساقطة من ح. (٣) له : لها ب. (٤) فكذلك : وكذلك ب ، د ، ط. (٥) لسائر : سائر ص. (٦) وخيرا : خيرا ح. (٧) لانقطعت : انقطعت د. (٨) وهى : وهو ب. (٩) ما يمكن : ما لا يمكن د. (١٠) بهذه : هذه ب ، د ، ص ، ط ، م. (١١) ما : ساقطة من د. (١٢) تصور : التصور ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٣) سنذكر : + من ب ، ح ، ص ، ط. (١٤) بعدها : بعده ب ، ح ، ط ، م. (١٥) ومن الأسباب : والأسباب م. (١٦) وسطها : وسطتها ط. (١٧) بما : ما د. (١٨) يستكمل : ليستكمل ط. (١٩) لا بالعرض : إلا بالعرض ب ، ح ، د ، ص ، م. (٢٠) وتعلمه : وتعمله د. (٢١) يبرد : برد د. (٢٢) يبرد : تتبرد ط ؛ برد د. (٢٣) تشتهى : يشهى ط. (٢٤) ليندفع : لندفع ب ، ص ، ط ؛ لدفع د ، م. (٢٥) لها : بها د. (٢٦) يلزمها : يلزمه ح ، ص. (٢٧) ولد : ساقطة من ب.

٣٩٨

هي صحة (١) بجوهرها (٢) وذاتها ، لا لأن (٣) تنفع المريض ، لكن يلزمها نفع المريض ، كذلك في العلل المتقدمة ، إلا أن (٤) هناك إحاطة بما يكون ، وعلما بأن وجه النظام والخير فيها كيف يكون ، وأنه على ما يكون وليس في تلك.

فإذا كان الأمر على هذا (٥) ، فالأجسام (٦) السماوية إنما اشتركت (٧) في الحركة المستديرة شوقا إلى معشوق مشترك. وإنما اختلفت (٨) ، لأن مبادئها المعشوقة المتشوق إليها قد تختلف (٩) بعد ذلك الأول. وليس إذا أشكل علينا أنه كيف وجب عن كل تشوق (١٠) حركة بهذه الحال (١١) ، فيجب أن يؤثر ذلك فيما علمنا من (١٢) أن الحركات مختلفة لاختلاف (١٣) المتشوقات.

ولكن بقي (١٤) علينا شيء ، وهو أنه يمكن أن تتوهم المتشوقات المختلفة أجساما لا عقولا مفارقة ، حتى يكون مثلا الجسم الذي هو أخس متشبها (١٥) بالجسم الذي هو أقدم وأشرف كما ظنه القوم (١٦) من أحداث المتفلسفة (١٧) الإسلامية في تشويش الفلسفة إذ لم يفهم غرض الأقدمين ، فنقول : إن (١٨) هذا محال ، وذلك لأن التشبه به يوجب مثل حركته (١٩) وجهتها (٢٠) والغاية التي تؤمها ، فإن (٢١) أوجب القصور عن مرتبته شيئا فإنما يوجب الضعف في الفعل ، لا المخالفة (٢٢) في الفعل مخالفة توجب (٢٣) أن يكون هذا إلى جهة وذاك (٢٤) إلى أخرى. ولا يمكن أن يقال : إن السبب في هذه المخالفة (٢٥) طبيعة ذلك الجسم ، كان طبيعة ذلك الجسم تعاند أن يتحرك من « ا » إلى « ب » ولا تعاند أن يتحرك من « ب » إلى « ا » ، فإن هذا محال ، لأن (٢٦) الجسم بما هو جسم لا يوجب هذا ، والطبيعة بما هي (٢٧) طبيعة للجسم (٢٨) تطلب (٢٩) الأين الطبيعي من غير (٣٠) وضع مخصوص ، ولو (٣١) كانت تطلب وضعا مخصوصا لكان النقل عنه قسرا ، فدخل في حركة الفلك معنى قسري.

__________________

(١) هى صحة : وهى الصحة د. (٢) بجوهرها : لجواهرها د ؛ لجوهرها ح. (٣) لأن : لئن د. (٤) الا أن : لا أن ب ، د ، ط. (٥) هذا : هذه د. (٦) فالأجسام : والأجسام د. (٧) اشتركت : اشترك د. (٨) اختلفت : اختلف د. (٩) تختلف : + هى ح ، ص ، ط. (١٠) تشوق : متشوق ص ، م. (١١) الحال : الحالة ط. (١٢) من : + حيث ح ، د. (١٣) لاختلاف : لاختلافات ح. (١٤) بقى : يبقى ط. (١٥) متشبها : تشبها د. (١٦) القوم : القدم ب ، ح ، ص ، ط ، م. (١٧) المتفلسفه : الفلسفة د. (١٨) إن : ساقطة من ب. (١٩) حركته : حركة د. (٢٠) وجهتها : وجهتا د. (٢١) فإن : وإن د. (٢٢) لا المخالفة : لأن المخالفة ح ، د. (٢٣) مخالفة توجب : ساقطة من ط. (٢٤) وذاك : وذلك د. (٢٥) هذه المخالفة : ذلك الخلاف د ، م. (٢٦) لأن : فأن د ، ص ، م. (٢٧) هى : هو د ، م. (٢٨) للجسم : لجسم د. (٢٩) تطلب : لا يطلب د. (٣٠) غير : + أين م. (٣١) ولو : فلو د.

٣٩٩

ثم وجود كل جزء من أجزاء الفلك على كل نسبة (١) محتمل في طبيعة الفلك ، فليس يجب إذن أن يكون إذا أزيل جزء (٢) من جهة جاز ، وإن (٣) أزيل من جهة لم يجز بحسب (٤) بساطته (٥) إلا أن يكون هناك طبيعة تقبل (٦) حركة إلى جهة فتجيب (٧) إلى تلك الجهة ولا تجيب (٨) إلى جهة أخرى إن كانت (٩) عيقت عن جهتها. وقد قلنا : إن مبدأ هذه الحركة ليست طبيعته (١٠) ، ولا أيضا هناك طبيعة توجب وضعا بعينه ولا جهات مختلف ، فليس (١١) إذن في جوهر الفلك طبيعة تمنع (١٢) تحريك النفس له (١٣) إلى أي جهة كانت. وأيضا ، لا يجوز أن يقع ذلك من جهة النفس حتى يكون طبعها أن يريد تلك الجهة لا محالة ، إلا أن يكون الغرض في الحركة مختصا بتلك الجهة لأن الإرادة تبع للغرض ليس الغرض (١٤) تبعا للإرادة. وإذا (١٥) كان هكذا ، كان السبب (١٦) مخالفة الغرض. فإذن ، لا مانع من جهة الجسمية ، ولا من جهة الطبيعة ، ولا من جهة النفس ، إلا اختلاف الغرض والقسر أبعد الجميع عن الإمكان. فإذن لو كان الغرض تشبها بعد الأول بجسم (١٧) من السماوية ، لكانت الحركة من نوع حركة ذلك الجسم ، ولم يكن مخالفا له أو أسرع منه في كثير من المواضع ، وكذلك إن كان (١٨) الغرض لمحرك هذا الفلك التشبه بمحرك ذلك الفلك.

وقد كان بان أنه ليس الغرض في تلك الحركات شيئا يوصل إليه بالحركة ، وإلا لزم الانقطاع (١٩) ، بل شيئا مباينا لا يوصل إليه (٢٠). وبأن الآن أنه لبس جسما ، فبقي أن الغرض لكل فلك تشبه بشيء غير جواهر الأفلاك من موادها وأنفسها ، ومحال أن يكون بالعنصريات وما يتولد عنها ولا أجسام ولا أنفس غير هذه ، فبقي أن يكون لكل واحد منها (٢١) تشبه بجوهر عقلي مفارق يخصه وتختلف الحركات وأحوالها اختلافها (٢٢) الذي لها لأجل ذلك ، وإن كنا لا نعرف كيفية (٢٣) وجوب (٢٤) ذلك ولميته (٢٥) ، وتكون العلة الأولى متشوق (٢٦) الجميع

__________________

(١) كل نسبة : كل شيء نسبة ح. (٢) جزء : ساقطة من د. (٣) وإن : بأن د. (٤) بحسب : + الطبع م. (٥) بساطته : ساقطة من ج ، د ، ه. (٦) تقبل : يفعل ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٧) فتجيب : فيجب ب ، د ، ط. (٨) تجيب : يجب ط. (٩) كانت : ساقطة من ب ، م. (١٠) طبيعته : طبيعة ط ؛ طبعه د. (١١) فليس : فليست د. (١٢) تمنع : + عن ح ، د ، ص ، ط ، م. (١٣) له : ساقطة من ص. (١٤) تبع للغرض ليس الغرض : ساقطة من م. (١٥) وإذا : فإن د ؛ فإذا م. (١٦) السبب : المسبب ب ، د ، ط. (١٧) بجسم : تعم الجسم ص ، ط. (١٨) كان : ساقطة من ح ، ط. (١٩) والإلزم الانطاع : ساقطة من ب ، د ، ص ، ط ، م. (٢٠) لا يوصل اليه : ساقطة من ب ، د ، ص ، ط ، م. (٢١) منها : + شوق ب ، د ، ص ، ط ، م. (٢٢) اختلافها : اختلافا م. (٢٣) كيفية : كيفيته ط. (٢٤) وجوب : وجود د. (٢٥) ولميته : وكميته ب ، ح ، م. (٢٦) متشوق : متشوقة فتشوق ط.

٤٠٠