الميزان في تفسير القرآن الجزء ٤

الميزان في تفسير القرآن13%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 458

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 134613 / تحميل: 6227
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

[ ٨٣٥٥ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وقد روى رخصة في قبلة الصائم، وأفضل من ذلك أن يتنزه عن مثل هذا، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أما يستحي أحدكم أن لا يصبر يوماً إلى الليل؟ أنّه كان يقال: بدو القتال اللطام، ولو أن رجلاً لصق بأهله في شهر رمضان وادفق(١) ، كان عليه عتق رقبة ».

[ ٨٣٥٦ ] ٥ - كتاب المثني بن الوليد الحناط: عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أيقبّل الصائم المرأة؟ فقال: « أما أنا وانت فشيخان كبيران، ليس بها بأس، وأمّا الشاب فمكروهة له ».

٢٤ -( باب عدم بطلان الصوم بالاحتلام فيه نهارا، ويكره له النوم حتّى يغتسل، ولا يحرم)

[ ٨٣٥٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وكذلك إن احتلمت نهارا، لم يكن عليك قضاء ذلك اليوم ».

٢٥ -( باب جواز مضغ الصائم العلك، على كراهية)

[ ٨٣٥٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « الصائم يمضغ العلك ».

____________________________

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: وأوفق.

٥ - كتاب المثنى بن الوليد الحنّاط ص ١٠٣.

الباب - ٢٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

الباب - ٢٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

٣٤١

٢٦ -( باب أنّه يجوز للصائم، أن يذوق الطعام والمرق، ويأخذ الماء بفيه، من غير أن يزدرد من ذلك شيئاً، ويكره مع عدم الحاجة، ويبصق إذا فعل ثلاثاً)

[ ٨٣٥٩ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا بأس للصائم أن يذوق القدر بطرف لسانه ».

وقال في موضع آخر(١) : « ولا بأس أن يذوق الطّباخ المرقة وهو صائم، بطرف لسانه، من غير أن يبتلعه ».

[ ٨٣٦٠ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « الصائم يمضغ العلك، ويذوق الخل والمرقة والطعام، ويمضغه للطفل، ولا شئ عليه (في ذلك، ما لم)(١) يصل شئ منه إلى حلقه ».

[ ٨٣٦١ ] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن يذوق المرق إذا كان طبّاخا، ليعرف حلوه من حامضه، ويمضغ العلك، ويصب الدّواء في أُذنه.

٢٧ -( باب جواز مضغ الصائم الطعام للصبي، وزق الطائر والفرخ، من غير ابتلاع)

[ ٨٣٦٢ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن

____________________________

الباب - ٢٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

(١) نفس المصدر ص ٢٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

(١) في المصدر: في ذلك كله إلّا أن.

٣ - المقنع ص ٦٠.

الباب - ٢٧

١ - الجعفريات ص ٦٢.

٣٤٢

أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يمضغ الطعام للحسن والحسين،عليها‌السلام ، يطعمهما، وهو صائم ».

[ ٨٣٦٣ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا بأس للصائم أن يذوق القدر بطرف لسانه، ويزق الفرخ، ويمضغ للطفل الصغير ».

[ ٨٣٦٤ ] ٣ - الصدوق في المقنع: ويزقّ الفرخ، ويمضغ الخبز للرضيع، من غير أن يبلع شيئا.

٢٨ -( باب عدم بطلان الصوم، بازدراد النّخامة، ودخول الذباب الحلق)

[ ٨٣٦٥ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال في الذّباب يبدر فيدخل حلق الصائم، فلا يقدر على قذفه: « لا شئ عليه ».

٢٩ -( باب وجوب إمساك الصائم عن الأكل والشرب وسائر المفطرات، من طلوع الفجر الثاني المعترض، وأنه يجب الامساك عند تحققه، أو سماع أذان الثقة المعتاد للأذان بعده)

[ ٨٣٦٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فأول أوقات الصيام، وقت

____________________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٣ - المقنع ص ٦٠.

الباب - ٢٨

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

الباب - ٢٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٣٤٣

الفجر ».

[ ٨٣٦٧ ] ٢ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « مطلق للرجل أن يأكل ويشرب، حتّى يستيقن طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر، حرم الأكل والشرب، ووجبت الصلاة ».

[ ٨٣٦٨ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا انزل الله عزّوجلّ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ) (١) جعل الناس يأخذون خيطين: ابيض وأسود، فينظرون اليهما، ولا يزال(٢) يأكلون ويشربون، حتّى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فبين الله(٣) ما أراد بذلك، فقال (من الفجر) ».

٣٠ -( باب جواز الأكل والشرب في شهر رمضان، ليلا قبل النوم وبعده، إلى ان يتبين الفجر، والجماع حتّى يبقى لطلوع الصبح مقدار ايقاعه والغسل)

[ ٨٣٦٩ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن سماعة، عن ابي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن قول الله عزّوجلّ:( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ - إلى -وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ) (١) قال:

____________________________

٢ - الهداية ص ٤٨.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

(٢) في المصدر: لا يزالون.

(٣) في المصدر زيادة: لهم.

الباب - ٣٠

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٣ ح ١٩٧.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

٣٤٤

« نزلت في خوات بن جبير وكان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الخندق، وهو صائم، فأمسى على ذلك، وكانوا من قبل أن تنزل هذه الآية، إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام، فرجع خوات إلى أهله حين أمسى، فقال: عندكم طعام فقالوا: لا تنم، حتّى نصنع لك طعاما، فاتكأ فنام فقالوا: قد فعلت، قال: نعم، فبات على ذلك، فأصبح فغدا إلى الخندق، فجعل يغشى عليه، فمرّ به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا رأى الّذي به، سأله فأخبره كيف كان أمره، فنزلت هذه الآية( أُحِلَّ لَكُمْ - [ إلى ](٢) -وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (٣) ».

[ ٨٣٧٠ ] ٢ - وعن عبيد الله الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فقال: « بياض النهار من سواد الليل ».

[ ٨٣٧١ ] ٨ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ قوله:( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ) (١) جعل الناس يأخذون خيطين: أبيض وأسود، فينظرون اليهما، ولا يزالون يأكلون ويشربون، حتّى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فبين الله ما أراد بذلك، فقال:( مِنَ الْفَجْرِ ) (٢) ».

[ ٨٣٧٢ ] ٤ - وعن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال:

____________________________

(٢) كان في الطبعة الحجرية: إن تأكلوا، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ١٨٧.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٤ ح ٢٠٣.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

(١، ٢) البقرة ٢: ١٨٧.

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

٣٤٥

« الفجر هو البياض المعترض ».

[ ٨٣٧٣ ] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « مطلق لك الطعام والشراب، إلى أن تستيقن طلوع الفجر » وقالعليه‌السلام : « ومن أراد أن يتسحّر، فله ذلك إلى أن يطلع الفجر ».

[ ٨٣٧٤ ] ٦ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي: عن الشهيد، أنّه قال: روي أن عمر أراد أن يواقع زوجته ليلا، فقالت: إنّي حضت، فظن أنها تعتل عليه، فلم يقبل، فواقعها ثمّ أخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنزلت الآية، وهي قوله تعالى:( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ ) (١) الخ.

[ ٨٣٧٥ ] ٧ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه رأى صرمة بن مالك، فقال: « ما لي أراك طليحا(١) ؟ » قال: كنت صائما بالأمس، فلمّا رجعت إلى أهلي بالمساء، قالوا: نم ساعة حتّى نهيئ لك طعاما، فغلبتني عيناي، فحرم عليّ الطعام، فنزل قوله تعالى:( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ) (٢) .

____________________________

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٦ - عوالي اللآلي.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

٧ - لبّ اللباب: مخطوط.

(١) طلح: أعيا وكلّ (لسان العرب ج ٢ ص ٥٣٠).

(٢) البقرة ٢: ١٨٧.

٣٤٦

٣١ -( باب أنّ من تناول في شهر رمضان، بغير مراعاة الفجر مع القدره ثمّ علم أنّه كان طالعا، وجب عليه إتمام الصوم ثمّ قضاؤه، فإن تناول بعد المراعاة فاتفق بعد الفجر، لم يجب القضاء)

[ ٨٣٧٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن علي وأبي جعفر وأبي عبدالله (صلوات الله عليهم)، أنهم قالوا فيمن أكل أو شرب أو جامع، في شهر رمضان وقد طلع الفجر، وهو لا يعلم بطلوعه، فإن كان قد نظر قبل أن يأكل، إلى مطلع الفجر فلم يره طلع، فلمّا أكل نظر فرآه قد طلع، فليمض في صومه ولا شئ عليه، وإن كان أكل قبل أن ينظر، ثمّ علم أنّه قد أكل بعد طلوع الفجر، فليتم صومه، ويقضي يوماً مكانه.

٣٢ -( باب أن من ظن كذب المخبر بطلوع الفجر، فأكل ثمّ بان صدقه، وجب عليه إتمام الصوم وقضاؤه)

[ ٨٣٧٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولو أن قوما مجتمعين، سألوا أحدهم أن يخرج وينظر، هل طلع الفجر؟ ثمّ قال: قد طلع الفجر، وظنّ بعضهم أنّه يمزح فأكل وشرب، كان عليه قضاء ذلك اليوم ».

____________________________

الباب - ٣١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٤.

الباب - ٣٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٣٤٧

٣٣ -( باب أنّه إذا نظر اثنان إلى الفجر، فرآه أحدهما دون الآخر، وجب الإمساك على من رآه، دون صاحبه)

[ ٨٣٧٨ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن رجلين قاما في [ شهر ](١) رمضان، فقال أحدهما: هذا الفجر، وقال الآخر: ما أرى شيئا، قال: « ليأكل الّذي لم يستيقن الفجر، وقد حرم الأكل على الّذي زعم قد رأى، إنّ الله يقول:( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (٢) ».

[ ٨٣٧٩ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « فإن قام رجلان، فقال أحدهما: هذا الفجر قد طلع، وقال الآخر: ما أرى شيئاً طلع بعيني، وهما معا من أهل العلم والمعرفة بطلوع الفجر(١) ، وصحة البصر، قالعليه‌السلام : « فللّذي لم يستبن(٢) الفجر أن يأكل ويشرب حتّى يتبينه، وعلى الّذي تبينه أن يمسك عن الطعام والشراب، لأن الله عزّوجلّ يقول:( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (٣) فأما إن كان أحدهما أعلم أو أحدّ نظرا(٤) من الآخر، فعلى الّذي هو دونه في النظر

____________________________

الباب - ٣٣

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٣ ح ١٩٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) البقرة ٢: ١٨٧.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٤.

(١) في المصدر زيادة: والنظر.

(٢) في المصدر: يتبين.

(٣) البقرة ٢: ١٨٧.

(٤) وفي المصدر: بصراً.

٣٤٨

والعلم، أن يقتدي به ».

[ ٨٣٨٠ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولو أن رجلين نظرا، فقال أحدهما: هذا الفجر قد طلع، وقال الآخر: ما طلع الفجر بعد، فحلّ السّحر(١) للذي لم يره أنّه طلع، وحرم على الّذي يراه أنّه طلع ».

٣٤ -( باب وجوب القضاء على من أفطر للظلمة، التي يظن معها دخول الليل، ثمّ بان بقاء النهار)

[ ٨٣٨١ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام ، عن أُناس صاموا في شهر رمضان، فغشيهم سحاب أسود عند مغرب الشمس، فظنّوا أنّه الليل فأفطروا، أو أفطر بعضهم، ثمّ أنّ السحاب فصل عن السماء، فإذا الشمس لم تغب، قال: « على الّذي أفطر قضاء ذلك اليوم، إنّ الله يقول:( أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (١) فمن أكل قبل أن يدخل الليل، فعليه قضاؤه، لأنه أكل متعمدا ».

٣٥ -( باب عدم وجوب القضاء، على من غلب على ظنّه دخول الليل، فأفطر)

[ ٨٣٨٢ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤.

(١) في المصدر: التسحر.

الباب - ٣٤

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٤ ح ٢٠٠.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

الباب - ٣٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

٣٤٩

قال: « من رأى أنّ الشمس قد غربت فأفطر، وذلك في شهر رمضان، ثمّ تبين له بعد ذلك انها لم تغب، فلا شئ عليه ».

٣٦ -( باب أن وقت الإفطار هو ذهاب الحمرة المشرقية، فلا يجوز قبله)

[ ٨٣٨٣ ] ١ - دعائم الإسلام: روينا عن أهل البيت (صلوات الله عليهم)، بإجماع فيما علمناه من الرواة عنهم، أن دخول الليل الّذي يحل (الفطر للصائم)(١) ، هو غياب الشمس في أُفق المغرب، بلا حائل دونها يسترها، من جبل، أو حائط، ولا غير(٢) ذلك، فإذا غاب القرص في الاُفق، فقد دخل الليل، وحل الفطر.

[ ٨٣٨٤ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأُحل لك الإفطار إذا بدت ثلاثة أنجم، وهي تطلع مع غروب الشمس » وقالعليه‌السلام في موضع آخر: « فأوّل وقت الصيام وقت الفجر، وآخره هو الليل، طلوع ثلاثة كواكب لا ترى مع الشمس، وذهاب (الحمرة من المشرق)(١) ، وفي وجود(٢) سواد المحاجن ».

[ ٨٣٨٥ ] ٣ - الصدوق في المقنع: اعلم أنّه(١) يحلّ لك الإفطار(٢) ، إذا

____________________________

الباب - ٣٦

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٠.

(١) في المصدر: فيه للصائم الفطر.

(٢) وفيه: ما أشبه.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣ و ٢٤.

(١) في نسخة: حمرة المشرق - الطبعة الحجرية -.

(٢) في المصدر: وجوه.

٣ - المقنع ص ٦٥.

(١) في المصدر زيادة: لا.

(٢) وفيه زيادة: إلّا.

٣٥٠

بدت لك ثلاثة أنجم، وهي تطلع مع غروب الشمس.

[ ٨٣٨٦ ] ٤ - وفي الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا غابت الشمس، فقد وجبت الصلاة، وحلّ الإفطار ».

٣٧ -( باب عدم بطلان الصوم بخروج المذي، ولو كان عن ملامسة أو مكالمة، ولا يجب القضاء بذلك بل يستحب، وأنه يكره للصائم مباشرة المرأة، والنظر إليها)

[ ٨٣٨٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واجتنبوا المس والقبلة والنظر، فإنها سهم من سهام إبليس ».

٣٨ -( باب وجوب الكفّارة، بتعمّد تناول المفطر في شهر رمضان، وقضائه بعد الزوال، والنذر المعين)

[ ٨٣٨٨ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا قضيت صوم شهر رمضان أو النّذر، كنت بالخيار في الإفطار إلى زوال الشمس، فإن أفطرت بعد الزوال فعليك كفّارة، مثل من أفطر يوماً من شهر رمضان » الخ.

____________________________

٤ - الهداية ص ٤٦.

الباب - ٣٧

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

الباب - ٣٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٣٥١

٣٥٢

أبواب آداب الصائم

١ -( باب استحباب القيلولة للصائم، والطيّب له، أول النهار)

[ ٨٣٨٩ ] ١ - الصدوق في كتاب فضائل الأشهر الثلاثة: عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطار، عن أبيه، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن عمرو بن سعيد، عن الحسن بن صدقة، قال: قال أبو الحسنعليه‌السلام : « قيلوا، فإنّ الله عزّوجلّ، يطعم الصائم في منامه ويسقيه ».

[ ٨٣٩٠ ] ٢ - المفيد في الاختصاص: قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الصائم في عبادة، وإن كان نائما ».

[ ٨٣٩١ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : عنه أنّه قال: « نوم الصائم عبادة ».

____________________________

أبواب آداب الصائم

الباب - ١

١ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٢٠ ح ١٢١.

٢ - الاختصاص ص ٢٣٤.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٣٥٣

٢ -( باب استحباب تفطير الصائم عند الغروب بما تيسّر، وتأكده في شهر رمضان)

[ ٨٣٩٢ ] ١ - السيد محيي الدين أبو حامد محمّد بن عبدالله الحلبي الحسيني، ابن اخي السيد ابن زهرة، في أربعينه: أخبرني الشيخ ثقة الدين أبو الحسن محمّد بن أبي نصر الصوفي قال: أخبرني أبو الفرج أحمد بن المبارك قال: أخبرنا أبو سعيد بن كمّار قال: أخبرنا أبوإسحاق إبراهيم بن عمر قال: أخبرنا محمّد بن عبدالله قال: حدّثنا أبو محمّد يوسف بن يعقوب قال: حدّثنا محمّد بن كثير العبدري قال: حدّثنا سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء بن يزيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من جهّز حاجا أو جهز غازيا، أو خلفه في أهله، أو أفطر(١) صائما، فله مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شئ ».

[ ٨٣٩٣ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « من روح الله: إفطار الصائم، ولقاء الإخوان، والتهجّد بالليل ».

[ ٨٣٩٤ ] ٣ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه خطب الناس في آخر يوم من شعبان، فقال: « أيها الناس(١) قد أظلكم شهر عظيم -

____________________________

الباب - ٢

١ - الأربعين لابن زهرة: حديث ٢٤.

(١) في المصدر: فطّر.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٩.

(١) في المصدر زيادة: إنّه.

٣٥٤

إلى أن قالعليه‌السلام - من فطّر فيه صائما، كان له مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شئ » فقال بعض القوم: يا رسول الله، ليس كلما يجد ما يفطر الصائم، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يعطي الله هذا الثواب، من فطّر صائما على مذقة(٢) لبن أو تمر أو شربة ماء، ومن أشبع صائما، سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها ».

[ ٨٣٩٥ ] ٤ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « ثلاث راحات للمؤمن: لقاء الإخوان، وإفطار الصائم، والتهجد من آخر الليل ».

[ ٨٣٩٦ ] ٥ - وبهذا الإسناد: عن عليعليه‌السلام قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا أفطر عند قوم، قال: أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلّت عليكم الأخيار ».

٣ -( باب استحاب السّحور، لمن يريد الصوم، وتأكده في شهر رمضان، وعدم وجوبه)

[ ٨٣٩٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين،

____________________________

(٢) المذقة: الشربة من اللبن الممذوق، أي المخلوط بالماء (لسان العرب ج ١٠ ص ٣٤٠).

٤ - الجعفريات ص ٢٣١.

٥ - الجعفريات ص ٦٠.

الباب - ٣

١ - الجعفريات ص ٦٣.

٣٥٥

عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله وملائكته يصلون على المتسحّرين ».

[ ٨٣٩٨ ] ٢ - وبهذا الإسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « السحور بركة ».

[ ٨٣٩٩ ] ٣ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناد عن موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله.

[ ٨٤٠٠ ] ٤ - دعائم الإسلام: روينا عن عليعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « تسحروا ولو (على شربة)(١) ماء، وأفطروا ولو على شقّ تمرة » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « السحور بركة، ولله ملائكة يصلّون على المستغفرين بالأسحار، وعلى المتسحرين، وأكلة السحور فرق ما بيننا وبين أهل الملل ».

[ ٨٤٠١ ] ٥ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « تسحّروا ولو بشربة من ماء » وقالعليه‌السلام : « إنّ الله وملائكته يصلون على المتسحرين، والمستغفرين بالأسحار ».

[ ٨٤٠٢ ] ٦ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة: عن القاسم بن علي

____________________________

٢ - الجعفريات ص ١٥٩.

٣ - نوادر الراوندي ص ٣٥.

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

(١) في المصدر: بشربة.

٥ - الهداية ص ٤٨.

٦ - البحار ج ٩٦ ص ٣١٢ ح ٧ بل عن كتاب جامع الأحاديث ص ١٧.

٣٥٦

العلوي، عن محمّد بن أبي عبدالله، عن سهل بن زياد، عن النوفلي، عن السّكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : [ الطاعم ](١) الشاكر له من الأجر كأجر الصائم المتسحر ».

[ ٨٤٠٣ ] ٧ - وعن أحمد بن علي، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : السحور بركة ».

[ ٨٤٠٤ ] ٨ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ويستحب ان يتسحر في شهر رمضان، ولو بشربة من ماء ».

[ ٨٤٠٥ ] ٩ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان يأكل الهريسة أكثر ما يأكل، ويتسحر بها.

[ ٨٤٠٦ ] ١٠ - أبو العباس المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: « تسحروا، فإن الحسور بركة » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « تسحروا، خلاف أهل الكتاب ».

____________________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٧ - البحار ج ٩٦ ص ٣١٢ ح ٧، بل عن كتاب جامع الأحاديث ص ١٣.

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٩ - مكارم الأخلاق ص ٢٩.

١٠ - طبّ النبيّ ص ٢٢.

٣٥٧

٤ -( باب التسحر بالسويق والتمر والزبيب والماء)

[ ٨٤٠٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وافضل السحور، السويق والتمر ».

الصدوق في الهداية(١) : عن الصادقعليه‌السلام ، مثله.

[ ٨٤٠٨ ] ٢ - المستغفري في الطب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « نعم السحور للمؤمن التمر ».

[ ٨٤٠٩ ] ٣ - السيد علي بن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان: عن كتاب الصيام لعلي بن فضّال، بإسناده إلى عمرو بن جميع، عن أبي عبدالله، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تسحروا ولو بجرع الماء، ألا صلوات الله على المتسحرين ».

٥ -( باب استحباب دعاء الصائم عند الافطار، بالمأثور وغيره، وتلاوة القدر)

[ ٨٤١٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين،

____________________________

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

(١) الهداية ص ٤٨.

٢ - طبّ النبيّ ص ٢٦.

٣ - إقبال الأعمال ص ٨٢.

الباب - ٥

١ - الجعفريات ص ٦٠.

٣٥٨

عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا أفطر قال: اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، فتقبّله منا، ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وبقي الأجر إن شاء الله ».

[ ٨٤١١ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه إذا أفطر قال: « اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبّل منّا، ذهب الظمأ، وابتلت(١) العروق، وبقي الأجر إن شاء الله تعالى ».

[ ٨٤١٢ ] ٣ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا أفطرت كلّ ليلة من شهر رمضان، فقل: الحمد الله الّذي أعاننا فصمنا، ورزقنا فأفطرنا، اللهم تقبله منّا، وأعنّا عليه، وسلّمنا فيه، (وسلِّمه لنا)(١) في يسر منك وعافية، الحمد لله الّذي قضى عنّا يوماً من شهر رمضان ».

[ ٨٤١٣ ] ٤ - وفي فضائل الأشهر الثلاثة: حدّثنا محمّد بن بكران النقاش قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني، مولى بني هاشم قال: أخبرنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه قال: قال علي بن موسى الرضاعليهم‌السلام : « من قال عند إفطاره: اللهم لك صمنا بتوفيقك، وعلى رزقك أفطرنا بأمرك، فتقبله منا، واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، غفر الله ما ادخل على صومه من النقصان بذنوبه ».

____________________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨.

(١) في المصدر: وأمتلأت.

٣ - الهداية ص ٤٦.

(١) في المصدر: وسلّمه منّا.

٤ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٠٦ ح ٩٨.

٣٥٩

[ ٨٤١٤ ] ٥ - السيد علي بن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان: بإسناده إلى هارون بن موسى التلعكبري، بإسناده إلى أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: « كلما صمت يوماً من شهر رمضان، فقل عند الإفطار » وذكر مثل ما مرّ عن الهداية، وفيه: قضي عني.

[ ٨٤١٥ ] ٦ - وعن موسى بن جعفر الكاظم، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « إذا أمسيت صائما، فقل عند إفطارك: اللهم لك صمت، وعلى رزقك افطرت، وعليك توكلت، يكتب لك أجر من صام ذلك اليوم ».

[ ٨٤١٦ ] ٧ - وبإسناده إلى المفضّل بن عمررضي‌الله‌عنه قال: قال الصادقعليه‌السلام : « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : يا أبا الحسن، هذا شهر رمضان قد أقبل، فاجعل دعاءك قبل فطورك، فإن جبرئيل جاءني فقال: يا محمّد، من دعا بهذا الدعاء في شهر رمضان قبل أن يفطر، استجاب الله تعالى دعاءه، وقبل صومه وصلاته، واستجاب له عشر دعوات، وغفر له ذنبه، وفرّج غمّه، ونفّس كربته، وقضى حوائجه، وانجح طلبته، ورفع عمله مع أعمال النبيين والصدّيقين، وجاء يوم القيامة ووجهه اضوء من القمر ليلة البدر، فقلت: ما هو يا جبرئيل؟ قال قل: اللهم ربّ النور العظيم، ورب الكرسي الرفيع، ورب العرش العظيم، ورب البحر المسجور، ورب الشفع الكبير، والنور العزيز، ورب التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم، انت إله من في

____________________________

٥ - إقبال الأعمال ص ١١٦.

٦ - إقبال الأعمال ص ١١٧.

٧ - إقبال الأعمال ص ١١٣.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

و قوله:( وَ لا يَكْتُمُونَ الله حَدِيثاً ) ظاهر السياق أنّه معطوف على موضع قوله:( يَوَدُّ الّذينَ كَفَرُوا ) و فائدته الدلالة بوجه على ما يعلّل به تمنّيهم الموت، و هو أنّهم بارزون يومئذ لله لا يخفى عليه منهم شي‏ء لظهور حالهم عليه تعالى بحضور أعمالهم، و شهادة أعضائهم و شهادة الأنبياء و الملائكة و غيرهم عليهم، و الله من ورائهم محيط فيودّون عند ذلك أن لو لم يكونوا و ليس لهم أن يكتموه تعالى حديثاً مع ما يشاهدون من ظهور مساوي أعمالهم و قبائح أفعالهم.

و أمّا قوله تعالى:( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ الله جميعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ ) المجادلة: ١٨، فسيجي‏ء إن شاء الله تعالى أنّ ذلك إنّما هو لإيجاب ملكة الكذب الّتي حصّلوها في الدنيا لا للإخفاء و كتمان الحديث يوم لا يخفى على الله منهم شي‏ء.

( بحث روائي‏)

في تفسير العيّاشيّ، في قوله تعالى:( وَ بِالْوالِدَيْنِ إحساناً ) الآية: عن سلام الجعفيّ عن أبي جعفرعليه‌السلام و أبان بن تغلب عن أبي عبداللهعليه‌السلام : نزلت في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و في عليعليه‌السلام .

ثمّ قال: و روي مثل ذلك في حديث ابن جبلة. قال: قال: و روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا و عليّ أبوا هذه الاُمّة.

أقول: و قال البحرانيّ في تفسير البرهان، بعد نقل الحديث: قلت: و روى ذلك صاحب الفائق.

و روى العيّاشيّ هذا المعنى عن أبي بصير عن أبي جعفر و أبي عبداللهعليهما‌السلام ، و رواه ابن شهرآشوب عن أبان عن أبي جعفرعليه‌السلام . و الّذي تعرّض له الخبر هو من بطن القرآن بالمعنى الّذي بحثنا عنه في مبحث المحكم و المتشابه في الجزء الثالث من هذا الكتاب، إذ الأب أو الوالد هو المبدأ الإنسانيّ لوجود الإنسان و المربّي له، فمعلّم الإنسان و مربّيه للكمال أبوه فمثل النبيّ و الوليّ عليهما أفضل الصلاة أحقّ أن يكون أباً للمؤمن المهتدي به، المقتبس من أنوار علومه و معارفه من الأب الجسمانيّ الّذي

٣٨١

لا شأن له إلّا المبدئيّة و التربية في الجسم فالنبيّ و الوليّ أبوان، و الآيات القرآنيّة الّتي توصي الولد بوالديه تشملهما بحسب الباطن و إن كانت بحسب ظاهرها لا تعدو الأبوين الجسمانيّين.

و في تفسير العيّاشيّ، أيضاً عن أبي صالح عن أبي العبّاس في قول الله:( وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى‏ وَ الْجارِ الْجُنُبِ ) قال: الّذي ليس بينك و بينه قرابة، و الصاحب بالجنب قال: الصاحب في السفر.

أقول: قوله: الّذي ليس بينك، تفسير الجار ذي القربى و الجنب معاً و إن أمكن رجوعه إلى الجار الجنب فقط، و قوله: الصاحب في السفر لعلّه من قبيل ذكر بعض المصاديق.

و فيه، عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمّد عن جدّه قال: قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : في خطبة يصف هول يوم القيامة: ختم على الأفواه فلا تكلّم، و تكلّمت الأيدي، و شهدت الأرجل، و اُنطقت الجلود بما عملوا فلا يكتمون الله حديثاً.

و اعلم، أنّ الأخبار كثيرة من طرق أهل السنّة في أنّ الآيات نازلة في حقّ اليهود، و هي و إن كان يؤيّدها ما ينتهي إليه ذيل الآيات من التعرّض لحال أهل الكتاب من اليهود في بخلهم و ولعهم بجمع المال و ادّخاره و كذا وسوستهم للمؤمنين و ترغيبهم على الكفّ عن الإنفاق في سبيل الله و تفتينهم إيّاهم و إخزائهم لهم، و إفساد الأمر على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكن الأخبار المذكورة مع ذلك أشبه بالتطبيق النظريّ منها بنقل السبب في النزول كما هو الغالب في الأخبار الناقلة لأسباب النزول، و لذلك تركنا نقلها على كثرتها.

و اعلم أيضاً أنّ الأخبار الواردة عن النبيّ و آلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في إحسان الوالدين و ذي القربى و اليتامى و غيرهم من الطوائف المذكورة في الآية فوق حدّ الإحصاء على معروفيّتها و شهرتها، و هو الموجب للإغماض عن إيرادها ههنا على أنّ لكلّ منها وحده مواقع خاصّة في القرآن، ذكر ما يخصّها من الأخبار هناك أنسب.

٣٨٢

( سورة النساء آية ٤٣)

يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى‏ حَتّى‏ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتّى‏ تَغْتَسِلُوا وَإِن كُنتُم مَرْضَى‏ أَوْ عَلَى‏ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنكُم مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمّمُوا صَعِيداً طَيّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُور( ٤٣)

( بيان)

قد تقدّم في الكلام على قوله تعالى:( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ ) البقرة: ٢١٩، أنّ الآيات المتعرّضة لأمر الخمر خمس طوائف، و أنّ ضمّ هذه الآيات بعضها إلى بعض يفيد أنّ هذه الآية:( يا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا ) الآية نزلت بعد قوله تعالى:( تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَ رِزْقاً حسناً ) النحل: ٦٧، و قوله:( قُلْ إنّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ ) الأعراف: ٣٣، و قبل قوله تعالى:( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثمّ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما ) البقرة: ٢١٩، و قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُوا إنّما الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) المائدة: ٩٠، و هذه آخر الآيات نزولاً.

و يمكن بوجه أن يتصوّر الترتيب على خلاف هذا الّذي ذكرناه فتكون النازلة أوّلاً آية النحل ثمّ الأعراف ثمّ البقرة ثمّ النساء ثمّ المائدة فيكون ما يفيده هذا الترتيب من قصّة النهي القطعيّ عن شرب الخمر على خلاف ما يفيده الترتيب السابق فيكون ما في سورة الأعراف نهياً من غير تفسير ثمّ الّذي في سورة البقرة نهياً باتّاً لكنّ المسلمين كانوا يتعلّلون في الاجتناب حتّى نهوا عنها نهياً جازماً في حال الصلاة في سورة النساء، ثمّ نهياً مطلقاً في جميع الحالات في سورة المائدة و لعلّك إن تدبّرت في مضامين الآيات رجّحت الترتيب السابق على هذا الترتيب، و لم تجوّز بعد النهي الصريح الّذي في آية البقرة

٣٨٣

النهي الّذي في آية النساء المختصّ بحال الصلاة فهذه الآية قبل آية البقرة، إلّا أن نقول إنّ النهي عن الصلاة في حال السكر كناية عن الصلاة كسلان كما ورد في بعض الروايات الآتية.

و أمّا وقوع الآية بين ما تقدّمها و ما تأخّر عنها من الآيات فهي كالمتخلّلة المعترضة إلّا أنّ ههنا احتمالاً ربّما صحّح هذا النحو من التخلّل و الاعتراض - و هو غير عزيز في القرآن - و هو جواز أن تتنزّل عدّة من الآيات ذات سياق واحد متّصل منسجم تدريجاً في خلال أيّام ثمّ تمسّ الحاجة إلى نزول آية أو آيات و لمّا تمّت الآيات النازلة على سياق واحد فتقع الآية بين الآيات كالمعترضة المتخلّلة و ليست بأجنبيّة بحسب الحقيقة و إنّما هي كالكلام بين الكلام لرفع توهّم لازم الدفع، أو مسّ حاجة إلى إيراده نظير قوله تعالى:( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَ لَوْ أَلْقى‏ مَعاذِيرَهُ لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثمّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ ) الآيات القيامة: ٢٠، انظر إلى موضع قوله:( لا تُحَرِّكْ‏ - إلى قوله -بَيانَهُ ) .

و على هذا فلا حاجة إلى التكلّف في بيان وجه ارتباط الآية بما قبلها، و ارتباط ما بعدها بها، على أنّ القرآن إنّما نزل نجوماً، و لا موجب لهذا الارتباط إلّا في السور النازلة دفعة أو الآيات الواضحة الاتّصال الكاشف ذلك عن الارتباط بينها.

قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُوا - إلى قوله -ما تَقُولُونَ ) المراد بالصلاة المسجد، و الدليل عليه قوله:( وَ لا جُنُباً إلّا عابِرِي سَبِيلٍ ) ، و المقتضي لهذا التجوّز قوله حتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ إذ لو قيل: لا تقربوا المسجد و أنتم سكارى لم يستقم تعليله بقوله:( حتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ) أو أفاد التعليل معنى آخر غير مقصود مع أنّ المقصود إفادة أنّكم في حال الصلاة تواجهون مقام العظمة و الكبرياء و تخاطبون ربّ العالمين فلا يصلح لكم أن تسكروا و تبطلوا عقولكم برجس الخمر فلا تعلموا ما تقولون، و هذا المعنى - كما ترى - يناسب النهي عن اقتراب الصلاة لكنّ الصلاة لمّا كانت أكثر ما تقع تقع في المسجد جماعة - على السنة - و كان من القصد أن تذكر أحكام الجنب في دخوله المسجد أوجز في المقال و سبك الكلام على ما ترى.

٣٨٤

و على هذا فقوله:( حتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ) في مقام التعليل للنهي عن شرب الخمر بحيث يبقى سكرها إلى حال دخول الصلاة أي نهيناكم عنه لغاية أن تعلموا ما تقولون و ليس غاية للحكم بمعنى أن لا تقربوا إلى أن تعلموا ما تقولون فإذا علمتم ما تقولون فلا بأس.

قوله تعالى: ( وَ لا جُنُباً إلّا عابِرِي سَبِيلٍ ) إلى آخر الآية سيأتي الكلام في الآية في تفسير قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ) المائدة: ٦.

( بحث روائي‏)

في تفسير العيّاشيّ، عن محمّد بن الفضل عن أبي الحسنعليه‌السلام في قول الله:( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى‏ حتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ) قال: هذا قبل أن تحرّم الخمر.

أقول: ينبغي أن تحمّل الرواية على أنّ المراد بتحريم الخمر توضيح تحريمها، و إلّا فهي مخالفة للكتاب فإنّ آية الأعراف تحرّم الخمر بعنوان أنّه إثم صريحاً، و آية البقرة تصرّح بأنّ في الخمر إثماً كبيراً فقد حرّمت الخمر في مكّة قبل الهجرة لكون سورة الأعراف مكّيّة و لم يختلف أحد في أنّ هذه الآية ( آية النساء ) مدنيّة، و مثل هذه الرواية عدّة روايات من طرق أهل السنّة تصرّح بكون الآية نازلة قبل تحريم الخمر، و يمكن أن تكون الرواية ناظرة إلى كون المراد بالآية عن الصلاة كسلان.

و فيه، عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لا تقم إلى الصلاة متكاسلاً و لا متناعساً و لا متثاقلاً فإنّها من خلل النفاق فإنّ الله نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة و هم سكارى يعني من النوم.

أقول: قوله: فإنّها من خلل النفاق استفادعليه‌السلام ذلك من قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُوا ) ، فالمتمرّد عن هذا الخطاب منافق غير مؤمن، و قوله: يعني من النوم يحتمل أن يكون من كلام الراوي و يحتمل أن يكون من كلامهعليه‌السلام و يكون تفسيراً للآية من قبيل بطن القرآن، و يمكن أن يكون من الظهر.

و قد وردت روايات اُخر في تفسيره بالنوم رواها العيّاشيّ في تفسيره عن الحلبيّ في روايتين، و الكلينيّ في الكافي بإسناده عن زيد الشحّام عن الصادقعليه‌السلام ، و بإسناده عن زرارة عن الباقرعليه‌السلام ، و روى هذا المعنى أيضاً البخاريّ في صحيحة عن أنس عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٣٨٥

( سورة النساء الآيات ٤٤ - ٥٨)

أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلّوا السّبِيلَ( ٤٤) وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى‏ بِاللّهِ وَلِيّاً وَكَفَى‏ بِاللّهِ نَصِير( ٤٥) مِنَ الّذِينَ هَادُوا يُحَرّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدّينِ وَلَوْ أَنّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِن لَعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلّا قَلِيل( ٤٦) يَا أَيّهَا الّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزّلْنَا مُصَدّقاً لِمَا مَعَكُم مِن قَبْلِ أَن نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدّهَا عَلَى‏ أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنّا أَصْحَابَ السّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُول( ٤٧) إِنّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى‏ إِثْماً عَظِيم( ٤٨) أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِينَ يُزَكّونَ أَنْفُسَهُم بَلِ اللّهُ يُزَكّيْ مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيل( ٤٩) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى‏ بِهِ إِثْماً مُبِين( ٥٠) أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاَءِ أَهْدَى‏ مِنَ الّذِينَ آمَنُوا سَبِيل( ٥١) أُولئِكَ الّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِير( ٥٢) أَم لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَ يُؤْتُونَ النّاسَ نَقِير( ٥٣) أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلَى‏ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُلْكاً عَظِيم( ٥٤) فَمِنْهُم مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَن صَدّ عَنْهُ وَكَفَى‏ بِجَهَنّمَ سَعِير( ٥٥) إِنّ الّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيم( ٥٦) وَالّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلّا ظَلِيل( ٥٧) إِنّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى‏ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنّ اللّهَ نِعِمّا يَعِظُكُم بِهِ إِنّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِير( ٥٨)

٣٨٦

( بيان)

آيات متعرّضة لحال أهل الكتاب، و تفصيل لمظالمهم و خياناتهم في دين الله، و أوضح ما تنطبق على اليهود، و هي ذات سياق واحد متّصل، و الآية الأخيرة:( إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى‏ أَهْلِها ) الآية، و إن ذكر بعضهم أنّها مكّيّة، و استثناها في آيتين من سورة النساء المدنيّة، و هي هذه الآية، و قوله تعالى:( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ) الآية: النساء: ١٧٦، على ما في المجمع لكنّ الآية ظاهرة الارتباط بما قبلها من الآيات، و كذا آية الاستفتاء فإنّها في الإرث، و قد شرع في المدينة.

قوله تعالى: ( أَ لَمْ تَرَ إِلَى الّذينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ ) الآية، قد تقدّم في الكلام على الآيات (٣٦ - ٤٢) أنّها مرتبطة بعض الارتباط بهذه الآيات، و قد سمعت القول في نزول تلك الآيات في حقّ اليهود.

و بالجملة يلوح من هذه الآيات أنّ اليهود كانوا يلقون إلى المؤمنين المودّة و يظهرون لهم النصح فيفتّنونهم بذلك، و يأمرونهم بالبخل و الإمساك عن الإنفاق ليمنعوا بذلك سعيهم عن النجاح، و جدّهم في التقدّم و التعالي، و هذا لازم كون تلك الآيات نازلة في حقّ اليهود أو في حقّ من كان يسار اليهود و يصادقهم ثمّ تنحرف عن الحقّ بتحريفهم، و يميل إلى حيث يميلونه فيبخل ثمّ يأمر بالبخل.

و هذا هو الّذي يستفاد من قوله:( وَ يُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ وَ الله أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ ) إلى آخر الآية.

فمعنى الآيتين - و الله أعلم - أنّ ما نبيّنه لكم تصديق ما بيّناه لكم من حال الممسك عن الإنفاق في سبيل الله بالاختيال و الفخر و البخل و الرئاء أنّك ترى اليهود الّذين اُوتوا نصيباً من الكتاب أي حظّاً منه لا جميعه كما يدّعون لأنفسهم يشترون الضلالة و يختارونها على الهدى، و يريدون أن تضلّوا السبيل فإنّهم و إن لقوكم ببشر الوجه،

٣٨٧

و ظهروا لكم في زيّ الصلاح، و اتّصلوا بكم اتّصال الأولياء الناصرين فذكروا لكم ما ربّما استحسنته طباعكم، و استصوبته قلوبكم لكنّهم ما يريدون إلّا ضلالكم عن السبيل كما اختاروا لأنفسهم الضلالة، و الله أعلم منكم بأعدائكم، و هم أعداؤكم فلا يغرّنّكم ظاهر ما تشاهدون من حالهم فإيّاكم أن تطيعوا أمرهم أو تصغوا إلى أقوالهم المزوّقة و إلقاءآتهم المزخرفة و أنتم تقدّرون أنّهم أولياؤكم و أنصاركم، فأنتم لا تحتاجون إلى ولايتهم الكاذبة، و نصرتهم المرجوّة و كفى بالله وليّاً، و كفى بالله نصيراً، فأيّ حاجة مع ولايته و نصرته إلى ولايتهم و نصرتهم.

قوله تعالى: ( مِنَ الّذينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ - إلى قوله -فِي الدِّينِ ) ( من ) في قوله:( مِنَ الّذينَ ) ، بيانيّة، و هو بيان لقوله في الآية السابقة:( الّذينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ ) ، أو لقوله:( بِأَعْدائِكُمْ ) ، و ربّما قيل: إنّ قوله: مِنَ الّذينَ هادُوا خبر لمبتدإ محذوف و هو الموصوف المحذوف لقوله يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ، و التقدير: من الّذين هادوا قوم يحرّفون، أو من الّذين هادوا من يحرّفون، قالوا: و حذف الموصوف شائع كقول ذي الرمّة:

فظلوا و منهم دمعه سابق له

و آخر يشني دمعة العين بالمهل

يريد: و منهم قوم دمعه أو و منهم من دمعه و قد وصف الله تعالى هذه الطائفة بتحريف الكلم عن مواضعه، و ذلك إمّا بتغيير مواضع الألفاظ بالتقديم و التأخير و الإسقاط و الزيادة كما ينسب إلى التوراة الموجودة، و إمّا بتفسير ما ورد عن موسىعليه‌السلام في التوراة و عن سائر الأنبياء بغير ما قصد منه من المعنى الحقّ كما أوّلوا ما ورد في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بشارات التوراة، و من قبل أوّلوا ما ورد في المسيحعليه‌السلام من البشارة، و قالوا: إنّ الموعود لم يجي‏ء بعد، و هم ينتظرون قدومه إلى اليوم.

و من الممكن أن يكون المراد بتحريف الكلم عن مواضعه ما سيذكره تعالى بقوله:( وَ يَقُولُونَ سَمِعْنا وَ عَصَيْنا ) ، فتكون هذه الجمل معطوفة على قوله:( يُحَرِّفُونَ ) ، و يكون المراد حينئذ من تحريف الكلم عن مواضعه استعمال القول بوضعه في غير

٣٨٨

المحلّ الّذي ينبغي أن يوضع فيه، فقول القائل: سمعنا من حقّه أن يوضع في موضع الطاعة فيقال:( سَمِعْنا وَ أَطَعْنا ) لا أن يقال: سمعنا و عصينا، أو يوضع: سمعنا موضع التهكّم و الاستهزاء، و كذا قول القائل: اسمع ينبغي أن يقال فيه: اسمع أسمعك الله لا أن يقال:( اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ ) أي لا أسمعك الله و راعنا، و هو يفيد في لغة اليهود معنى اسمع غير مسمع.

و قوله:( لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ طَعْناً فِي الدِّينِ ) أصل اللّيّ الفتل أي يميلون بألسنتهم فيظهرون الباطل من كلامهم في صورة الحقّ، و الإزراء و الإهانة في صور التأدّب و الاحترام فإنّ المؤمنين كانوا يخاطبون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين ما كانوا يكلّمونه بقولهم: راعنا يا رسول الله، و معناه: أنظرنا و اسمع منّا حتّى نوفي غرضنا من كلامنا، فاغتنمت اليهود ذلك فكانوا يخاطبون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقولهم: راعنا و هم يريدون به ما عندهم من المعنى المستهجن غير الحريّ بمقامهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذمّوا به في هذه الآية، و هو قوله تعالى:( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ ) ثمّ فسّره بقوله:( وَ يَقُولُونَ سَمِعْنا وَ عَصَيْنا وَ اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ ) ثمّ عطف عليه كعطف التفسير قوله:( وَ راعِنا ) ثمّ ذكر أنّ هذا الفعال المذموم منهم ليّ بالألسن، و طعن في الدين فقال:( لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ طَعْناً فِي الدِّينِ ) و المصدران في موضع الحال و التقدير: لاوين بألسنتهم، و طاعنين في الدين.

قوله تعالى: ( وَ لَوْ أنّهم قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ أَقْوَمَ ) كون هذا القول منهم و هو مشتمل على أدب الدين، و الخضوع للحقّ خيراً و أقوم ممّا قالوه (مع اشتماله على اللّيّ و الطعن المذمومين و لا خير فيه و لا قوام) مبنيّ على مقايسة الأثر الحقّ الّذي في هذا الكلام الحقّ على ما يظنّونه من الأثر في كلامهم و إن لم يكن له ذلك بحسب الحقيقة، فالمقايسة بين الأثر الحقّ و بين الأثر المظنون حقّاً، و المعنى: أنّهم لو قالوا: سمعنا و أطعنا، لكان فيه من الخير و القوام أكثر ممّا يقدّرون في أنفسهم لهذا اللّيّ و الطعن فالكلام يجري مجرى قوله تعالى:( وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ الله خَيْرٌ مِنَ اللهوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ وَ الله خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) الجمعة: ١١.

قوله تعالى: ( وَ لكِنْ لَعَنَهُمُ الله بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إلّا قَلِيلًا ) تأييس للسامعين

٣٨٩

من أن تقول اليهود سمعنا و أطعنا فإنّه كلمة إيمان و هؤلاء ملعونون لا يوفّقون للإيمان، و لذلك قيل: لو أنّهم قالوا، الدالّ على التمنّي المشعر بالاستحالة.

و الظاهر أنّ الباء في قوله:( بِكُفْرِهِمْ ) للسببيّة دون الآية، فإنّ الكفر يمكن أن يزاح بالإيمان فهو لا يوجب بما هو كفر لعنة تمنع عن الإيمان منعاً قاطعاً لكنّهم لمّا كفروا (و سيشرح الله تعالى في آخر السورة حال كفرهم) لعنهم الله بسبب ذلك لعناً ألزم الكفر عليهم إلزاماً لا يؤمنون بذلك إلّا قليلاً فافهم ذلك.

و أمّا قوله:( فَلا يُؤْمِنُونَ إلّا قَلِيلًا ) فقد قيل: إنّ( قَلِيلًا ) حال، و التقدير: إلّا و هم قليل أي لا يؤمنون إلّا في حال هم قليل، و ربّما قيل: إنّ( قَلِيلًا ) صفة لموصوف محذوف، و التقدير: فلا يؤمنون إلّا إيماناً قليلاً، و هذا الوجه كسابقه لا بأس به لكن يجب أن يزاد فيه أنّ اتّصاف الإيمان بالقلّة إنّما هو من قبيل الوصف بحال المتعلّق أي إيماناً المؤمن به قليل.

و أمّا ما ذكره بعض المفسّرين أنّ المراد به قليل الإيمان في مقابل كاملة، و ذكر أنّ المعنى: فلا يؤمنون إلّا قليلاً من الإيمان لا يعتدّ به إذ لا يصلح عمل صاحبه، و لا يزكّي نفسه، و لا يرقّي عقله فقد أخطأ، فإنّ الإيمان إنّما يتّصف بالمستقرّ و المستودع، و الكامل و الناقص في درجات و مراتب مختلفة، و أمّا القلّة و تقابلها الكثرة فلا يتّصف بهما، و خاصّة في مثل القرآن الّذي هو أبلغ الكلام.

على أنّ المراد بالإيمان المذكور في الآية أمّا حقيقة الإيمان القلبيّ في مقابل النفاق أو صورة الإيمان الّتي ربّما يطلق عليها الإسلام، و اعتباره على أيّ معنى من معانيه، و الاعتناء به في الإسلام ممّا لا ريب فيه، و الآيات القرآنيّة ناصّة فيه، قال تعالى:( وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى‏ إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً ) النساء: ٩٤، مع أنّ الّذي يستثني الله تعالى منه قوله:( وَ لكِنْ لَعَنَهُمُ الله بِكُفْرِهِمْ ) ، كان يكفي فيه أقلّ درجات الإيمان أو الإسلام الظاهريّ بحفظهم الظاهر بقولهم: سمعنا و أطعنا كسائر المسلمين.

و الّذي أوقعه في هذا الخطأ ما توهّمه أنّ لعنه تعالى إيّاهم بكفرهم لا يجوز

٣٩٠

أن يتخلّف عن التأثير بإيمان بعضهم فقدّر أنّ القلّة وصف الإيمان و هي ما لا يعتدّ به من الإيمان حتّى يستقيم قوله:( لَعَنَهُمُ الله بِكُفْرِهِمْ ) ، و قد غفل عن أنّ هذه الخطابات و ما تشتمل عليه من صفات الذمّ و المؤاخذات و التوبيخات كلّ ذلك متوجّهة إلى المجتمعات من حيث الاجتماع، فالّذي لحقه اللّعن و الغضب و المؤاخذات العامّة الاُخرى إنّما هو المجتمع اليهوديّ من حيث أنّه مجتمع مكوّن فلا يؤمنون و لا يسعدون و لا يفلحون، و هو كذلك إلى هذا اليوم و هم على ذلك إلى يوم القيامة.

و أمّا الاستثناء فإنّما هو بالنسبة إلى الأفراد، و خروج بعض الأفراد من الحكم المحتوم على المجتمع ليس نقضاً لذلك الحكم، و المحوج إلى هذا الاستثناء أنّ الأفراد بوجه هم المجتمع فقوله:( فَلا يُؤْمِنُونَ ) حيث نفي فيه الإيمان عن الأفراد - و إن كان ذلك نفياً عنهم من حيث جهة الاجتماع - و كان يمكن فيه أن يتوهّم أنّ الحكم شامل لكلّ واحد واحد منهم بحيث لا يتخلّص منه أحد استثني فقيل:( إلّا قَلِيلًا ) فالآية تجري مجرى قوله تعالى:( وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إلّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ) النساء: ٦٦.

قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الّذينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا ) إلخ الطمس محو أثر الشي‏ء، و الوجه ما يستقبلك من الشي‏ء و يظهر منه، و هو من الإنسان الجانب المقدّم الظاهر من الرأس و ما يستقبلك منه، و يستعمل في الاُمور المعنويّة كما يستعمل في الاُمور الحسّيّة، و الأدبار جمع دبر بضمّتين و هو القفا، و المراد بأصحاب السبت قوم من اليهود كانوا يعدون في السبت فلعنهم الله و مسخهم، قال تعالى:( وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الّتي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ ) الأعراف: ١٦٣، و قال تعالى:( وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الّذينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ فَجَعَلْناها نَكالًا لِما بَيْنَ يَدَيْها وَ ما خَلْفَها ) البقرة: ٦٦.

و قد كانت الآيات السابقة - كما عرفت - متعرّضة لحال اليهود أو لحال طائفة من اليهود، و انجرّ القول إلى أنّهم بإزاء ما خانوا الله و رسوله، و أفسدوا صالح دينهم ابتلوا بلعنة من الله لحق جمعهم، و سلبهم التوفيق للإيمان إلّا قليلاً فعمّ الخطاب لجميع

٣٩١

أهل الكتاب - على ما يفيده قوله:( يا أَيُّهَا الّذينَ أُوتُوا الْكِتابَ ) و دعاهم إلى الإيمان بالكتاب الّذي نزّله مصدّقاً لما معهم، و أوعدهم بالسخط الّذي يلحقهم لو تمرّدوا و استكبروا من غير عذر من طمس أو لعن يتّبعانهم اتّباعاً لا ريب فيه.

و ذلك ما ذكره بقوله:( مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى‏ أَدْبارِها ) ، فطمس الوجوه محو هذه الوجوه الّتي يتوجّه بها البشر نحو مقاصدها الحيويّة ممّا فيه سعادة الإنسان المترقّبة و المرجوّة لكن لا المحو الّذي يوجب فناء الوجوه و زوالها و بطلان آثارها بل محواً يوجب ارتداد تلك الوجوه على أدبارها فهي تقصد مقاصدها على الفطرة الّتي فطر عليها لكن لمّا كانت منصوبة إلى الأقفية و مردودة على الأدبار لا تقصد إلّا ما خلّفته وراءها، و لا تمشي إليه إلّا القهقرى.

و هذا الإنسان - و هو بالطبع و الفطرة متوجّه نحو ما يراه خيراً و سعادة لنفسه - كلّما توجّه إلى ما يراه خيراً لنفسه، و صلاحاً لدينه أو لدنياه لم ينل إلّا شرّاً و فساداً، و كلّما بالغ في التقدّم زاد في التأخّر، و ليس يفلح أبداً.

و أمّا لعنهم كلعن أصحاب السبت فظاهره المسخ على ما تقدّم من آيات أصحاب السبت الّتي تخبر عن مسخهم قردة.

و على هذا فلفظة( أَوْ ) في قوله:( أَوْ نَلْعَنَهُمْ ) ، على ظاهرها من إفادة الترديد، و الفرق بين الوعيدين أنّ الأوّل أعني الطمس يوجب تغيير مقاصد المغضوب عليهم من غير تغيير الخلقة إلّا في بعض كيفيّاتها، و الثاني أعني اللّعن كلعن أصحاب السبت يوجب تغيير المقصد بتغيير الخلقة الإنسانيّة إلى خلقة حيوانيّة كالقردة.

فهؤلاء إن تمرّدوا عن الامتثال - و سوف يتمرّدون على ما تفيده خاتمة الآية - كان لهم إحدى سخطتين: إمّا طمس الوجوه، و إمّا اللّعن كلعن أصحاب السبت لكنّ الآية تدلّ على أنّ هذه السخطة لا تعمّهم جميعهم حيث قال:( وُجُوهاً ) فأتى بالجمع المنكّر، و لو كان المراد هو الجميع لم ينكّر، و لتنكير الوجوه و عدم تعيينه نكتة اُخرى هي أنّ المقام لمّا كان مقام الإيعاد و التهديد، و هو إيعاد للجماعة بشرّ لا يحلق إلّا ببعضهم كان إبهام الأفراد الّذين يقع عليهم السخط الإلهيّ أوقع في الإنذار و التخويف لأنّ

٣٩٢

وصفهم على إبهامه يقبل الانطباق على كلّ واحد واحد من القوم فلا يأمن أحدهم أن يمسّه هذا العذاب البئيس، و هذه الصناعة شائعة في اللّسان في مقام التهديد و التخويف.

و في قوله تعالى:( أَوْ نَلْعَنَهُمْ ) ، حيث أرجع فيه ضمير( هم ) الموضوع لاُولي العقل إلى قوله:( وُجُوهاً ) كما هو الظاهر تلويحاً أو تصريحاً بأنّ المراد بالوجوه الأشخاص من حيث استقبالهم مقاصدهم، و بذلك يضعف احتمال أن يكون المراد بطمس الوجوه و ردّها على أدبارها تحويل وجوه الأبدان إلى الأقفية كما قال به بعضهم، و يقوى بذلك احتمال أنّ المراد من تحويل الوجوه إلى الأدبار تحويل النفوس من حال استقامة الفكر، و إدراك الواقعيّات على واقعيّتها إلى حال الاعوجاج و الانحطاط الفكريّ بحيث لا يشاهد حقّاً إلّا أعرض عنه و اشمأزّ منه، و لا باطلاً إلّا مال إليه و تولّع به.

و هذا نوع من التصرّف الإلهيّ مقتاً و نقمة نظير ما يدلّ عليه قوله تعالى:( وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مرّة وَ نَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) الأنعام: ١١٠.

فتبيّن ممّا مرّ أنّ المراد بطمس الوجوه في الآية نوع تصرّف إلهيّ في النفوس يوجب تغيير طباعها من مطاوعة الحقّ و تجنّب الباطل إلى اتّباع الباطل و الاحتراز عن الحقّ في باب الإيمان بالله و آياته كما يؤيّده صدر الآية:( آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ ) إلخ، و كذا تبيّن أنّ المراد باللّعن المذكور فيها المسخ.

و ربّما قيل: إنّ المراد بالطمس تحويل وجوه قوم إلى أقفيتهم و يكون ذلك في آخر الزمان أو يوم القيامة، و فيه: أنّ قوله:( أَوْ نَلْعَنَهُمْ ) ينافي ذلك كما تقدّم بيانه.

و ربّما قيل: إنّ المراد بالطمس الخذلان الدنيويّ فلا يزالون على ذلّة و نكبة لا يقصدون غاية ذات سعادة إلّا بدّلها الله عليهم سراباً لا خير فيه، و فيه: أنّه و إن كان لا يبعد كلّ البعد لكنّ صدر الآية - كما تقدّم - ينافيه.

و ربّما قيل: إنّ المراد به إجلاؤهم و ردّهم ثانياً إلى حيث خرجوا منه، و قد

٣٩٣

اُخرجوا من الحجاز إلى أرض الشام و فلسطين، و قد جاؤوا منهما، و فيه أنّ صدر الآية بسياقه يؤيّد غير ذلك كما عرفته.

نعم من الممكن أن يقال: إنّ المراد به تقليب أفئدتهم، و طمس وجوه باطنهم من الحقّ إلى نحو الباطل فلا يفلحون بالإيمان بالله و آياته، ثمّ إنّ الدين الحقّ لمّا كان هو الصراط الّذي لا ينجح إنسان في سعادة حياته الدنيا إلّا بركوبه و الاستواء عليه، و ليس للناكب عنه إلّا الوقوع في كانون الفساد، و السقوط في مهابط الهلاك، قال تعالى:( ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الّذي عَمِلُوا ) الروم: ٤١، و قال تعالى:( وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى‏ آمَنُوا وَ اتّقوا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ ) الأعراف: ٩٦، و لازم هذه الحقيقة أنّ طمس الوجوه عن المعارف الحقّة الدينيّة طمس لها عن حقائق سعادة الحياة الدنيا بجميع أقسامها فالمحروم من سعادة الدين محروم من سعادة الدنيا من استقرار الحال و تمهّد الأمن و سؤدد الاستقلال و الملك، و كلّ ما يطيب به العيش، و يدرّ به ضرع العمل اللّهمّ إلّا على قدر ما نسرّب الموادّ الدينيّة في مجتمعهم و على هذا فلا بأس بالجمع بين الوجوه المذكورة جلّها أو كلّها.

قوله تعالى: ( وَ كانَ أَمْرُ الله مَفْعُولًا ) إشارة إلى أنّ الأمر لا محالة واقع، و قد وقع على ما ذكره الله في كتابه من لعنهم و إنزال السخط عليهم، و إلقاء العداوة و البغضاء بينهم إلى يوم القيامة، و غير ذلك في آيات كثيرة.

قوله تعالى: ( إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ) ظاهر السياق أنّ الآية في مقام التعليل للحكم المذكور في الآية السابقة أعني قوله:( آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ ) إلخ، فيعود المعنى إلى مثل قولنا: فإنّكم إن لم تؤمنوا به كنتم بذلك مشركين، و الله لا يغفر أن يشرك به فيحلّ عليكم غضبه و عقوبته فيطمس وجوهكم بردّها على أدبارها أو يلعنكم فنتيجة عدم المغفرة هذه ترتّب آثار الشرك الدنيويّة من طمس أو لعن عليه.

و هذا هو الفرق بين مضمون هذه الآية، و قوله تعالى:( إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ

٣٩٤

بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُشْرِكْ بِالله فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً ) النساء: ١١٦، فإنّ هذه الآية (آية ٤٨)، تهدّد بآثار الشرك الدنيويّة، و تلك (آية ١١٦)، تهدّد بآثاره الاُخرويّة، و ذلك بحسب الانطباق على المورد و إن كانتا بحسب الإطلاق كلتاهما شاملتين لجميع الآثار.

و مغفرته سبحانه و عدم مغفرته لا يقع شي‏ء منهما وقوعاً جزافيّاً بل على وفق الحكمة، و هو العزيز الحكيم، فأمّا عدم مغفرته للشرك فإنّ الخلقة إنّما تثبت على ما فيها من الرحمة على أساس العبوديّة و الربوبيّة، قال تعالى:( وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إلّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات: ٥٦، و لا عبوديّة مع شرك، و أمّا مغفرته لسائر المعاصي و الذنوب الّتي دون الشرك فلشفاعة من جعل له الشفاعة من الأنبياء و الأولياء و الملائكة و الأعمال الصالحة على ما مرّ تفصيله في بحث الشفاعة في الجزء الأوّل من هذا الكتاب.

و أمّا التوبة فالآية غير متعرّضة لشأنها من حيث خصوص مورد الآية لأنّ موردها عدم الإيمان و لا توبة معه، على أنّ التوبة يغفر معها جميع الذنوب حتّى الشرك، قال تعالى:( قُلْ يا عِبادِيَ الّذينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جميعاً أنّه هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَ أَنِيبُوا إِلى‏ ربّكمْ ) الزمر: ٥٤.

و المراد بالشرك في الآية ما يعمّ الكفر لا محالة فإنّ الكافر أيضاً لا يغفر له البتّة و إن لم يصدق عليه المشرك بعنوان التسمية بناءً على أنّ أهل الكتاب لا يسمّون في القرآن مشركين و إن كان كفرهم بالقرآن و بما جاء به النبيّ شركاً منهم أشركوا به (راجع تفسير آية ٢٢١ من البقرة)، و إذا لم يؤمن أهل الكتاب بما نزّل الله مصدّقاً لما معهم فقد كفروا به، و أشركوا ما في أيديهم بالله سبحانه فإنّه شي‏ء لا يريده الله على الصفة الّتي أخذوه بها فالمؤمن بموسىعليه‌السلام إذا كفر بالمسيحعليه‌السلام فقد كفر بالله و أشرك به موسى، و لعلّ ما ذكرناه هو النكتة لقوله تعالى:( أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ) دون أن يقول: المشرك أو المشركين.

و قوله تعالى:( لِمَنْ يَشاءُ ) تقييد للكلام لدفع توهّم أنّ لأحد من الناس تأثيراً

٣٩٥

فيه تعالى يوجب به عليه المغفرة فيحكم عليه تعالى حاكم أو يقهره قاهر، و تعليق الاُمور الثابتة في القرآن على المشيئة كثير و الوجه في كلّها أو جلّها دفع ما ذكرناه من التوهّم كقوله تعالى:( خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إلّا ما شاءَ ربّك عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) هود: ١٠٨.

على أنّ من الحكمة إلّا يغفر لكلّ مذنب ذنبه و إلّا لغا الأمر و النهي، و بطل التشريع، و فسد أمر التربية الإلهيّة، و إليه الإشارة بقوله:( لِمَنْ يَشاءُ ) ، و من هنا يظهر أن كلّ واحد من المعاصي لا بدّ أن لا يغفر بعض أفراده و إلّا لغي النهي عنه، و هذا لا ينافي عموم لسان آيات أسباب المغفرة فإنّ الكلام في الوقوع دون الوعد على وجه الإطلاق، و من المعاصي ما يصدر عمّن لا يغفر له بشرك و نحوه.

فمعنى الآية أنّه تعالى لا يغفر الشرك من كافر و لا مشرك، و يغفر سائر الذنوب دون الشرك بشفاعة شافع من عباده أو عمل صالح، و ليس هو تعالى مقهوراً أن يغفر كلّ ذنب من هذه الذنوب لكلّ مذنب بل له أن يغفر و له أن لا يغفر، كلّ ذلك لحكمة.

قوله تعالى: ( أَ لَمْ تَرَ إِلَى الّذينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ ) قال الراغب: أصل الزكاة النموّ الحاصل من بركة الله تعالى - إلى أن قال -: و تزكية الإنسان نفسه ضربان: أحدهما: بالفعل و هو محمود، و إليه قصد بقوله:( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ) ، و الثاني بالقول كتزكيته لعدل غيره، و ذلك مذموم أن يفعل الإنسان بنفسه، و قد نهى الله تعالى عنه فقال:( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ) ، و نهيه عن ذلك تأديب لقبح مدح الإنسان نفسه عقلاً و شرعاً، و لهذا قيل لحكيم: ما الّذي لا يحسن و إن كان حقّاً؟ فقال: مدح الرجل نفسه، انتهى كلامه.

و لمّا كانت الآية في ضمن الآيات المسرودة للتعرّض لحال أهل الكتاب كان الظاهر أنّ هؤلاء المزكّين لأنفسهم هم أهل الكتاب أو بعضهم، و لم يوصفوا بأهل الكتاب لأنّ العلماء بالله و آياته لا ينبغي لهم أن يتلبّسوا بأمثال هذه الرذائل فالإصرار عليها انسلاخ عن الكتاب و علمه.

و يؤيّده ما حكاه الله تعالى عن اليهود من قولهم:( نَحْنُ أَبْناءُ الله وَ أَحِبَّاؤُهُ ) المائدة: ١٨،

٣٩٦

و قولهم:( لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إلّا أيّاماً مَعْدُودَةً ) البقرة: ٨٠، و زعمهم الولاية كما في قوله تعالى:( قُلْ يا أَيُّهَا الّذينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لله مِنْ دُونِ النَّاسِ ) الجمعة: ٦، فالآية تكنّي عن اليهود، و فيها استشهاد لما تقدّم ذكره في الآيات السابقة من استكبارهم عن الخضوع للحقّ و اتّباعه، و الإيمان بآيات الله سبحانه، و استقرار اللّعن الإلهيّ فيهم، و أنّ ذلك من لوازم إعجابهم بأنفسهم و تزكيتهم لها.

قوله تعالى: ( بَلِ الله يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ) إضراب عن تزكيتهم لأنفسهم، و ردّ لهم فيما زكّوه، و بيان أنّ ذلك من شؤون الربوبيّة يختصّ به تعالى فإنّ الإنسان و إن أمكن أن يتّصف بفضائل، و يتلبّس بأنواع الشرف و السؤدد المعنويّ غير أنّ اعتناءه بذلك و اعتماده عليه لا يتمّ إلّا بإعطائه لنفسه استغناء و استقلالاً و هو في معنى دعوى الاُلوهيّة و الشركة مع ربّ العالمين، و أين الإنسان الفقير الّذي لا يملك لنفسه ضرّاً و لا نفعاً و لا موتاً و لا حياةً و الاستغناء عن الله سبحانه في خير أو فضيلة؟ و الإنسان في نفسه و في جميع شؤون نفسه، و الخير الّذي يزعم أنّه يملكه، و جميع أسباب ذلك الخير، مملوك لله سبحانه محضاً من غير استثناء، فما ذا يبقى للإنسان؟.

و هذا الغرور و الإعجاب الّذي يبعث الإنسان إلى تزكية نفسه هو العجب الّذي هو من اُمّهات الرذائل، ثمّ لا يلبث هذا الإنسان المغرور المعتمد على نفسه دون أن يمسّ غيره فيتولّد من رذيلته هذه رذيلة اُخرى، و هي رذيلة التكبّر و يتمّ تكبّره في صورة الاستعلاء على غيره من عباد الله فيستعبد به عباد الله سبحانه، و يجري به كلّ ظلم و بغي بغير حقّ و هتك محارم الله و بسط السلطة على دماء الناس و أعراضهم و أموالهم.

و هذا كلّه إذا كان الوصف وصفاً فرديّاً و أمّا إذا تعدّى الفرد و صار خلقاً اجتماعيّاً و سيرة قوميّة فهو الخطر الّذي فيه هلاك النوع و فساد الأرض، و هو الّذي يحكيه تعالى عن اليهود إذ قالوا:( لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ) آل عمران: ٧٥.

فما كان لبشر أن يذكر لنفسه من الفضيلة ما يمدحها به سواء كان صادقاً فيما يقول أو كاذباً لأنّه لا يملك ذلك لنفسه لكنّ الله سبحانه لمّا كان هو المالك لما ملّكه، و المعطي

٣٩٧

الفضل لمن يشاء و كيف يشاء كان له أن يزكّي من شاء تزكية عمليّةً بإعطاء الفضل و إفاضة النعمة، و أن يزكّي من يشاء تزكية قوليّة يذكره بما يمتدح به، و يشرّفه بصفات الكمال كقوله في آدم و نوح:( إِنَّ الله اصْطَفى‏ آدَمَ وَ نُوحاً ) آل عمران: ٣٣، و قوله في إبراهيم و إدريس:( أنّه كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا ) مريم: ٤١، ٥٦، و قوله في يعقوب:( وَ أنّه لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ ) يوسف: ٦٨، و قوله في يوسف:( أنّه مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) يوسف: ٢٤، و قوله في حقّ موسى:( أنّه كانَ مُخْلَصاً وَ كانَ رَسُولًا نَبِيًّا ) مريم: ٥١، و قوله في حقّ عيسى:( وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) آل عمران: ٤٥، و قوله في سليمان و أيّوب:( نِعْمَ الْعَبْدُ أنّه أَوَّابٌ ) ص: ٣٠، ٤٤، و قوله في محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إِنَّ وَلِيِّيَ الله الّذي نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) الأعراف: ١٩٦، و قوله:( وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) القلم: ٤، و كذا قوله تعالى في حقّ عدّة من الأنبياء ذكرهم في سور الأنعام و مريم و الأنبياء و الصافّات و ص و غيرها.

و بالجملة فالتزكية لله سبحانه حقّ لا يشاركه فيه غيره إذ لا يصدر عن غيره إلّا من ظلم و إلى ظلم، و لا يصدر عنه تعالى إلّا حقّاً و عدلاً يقدّر بقدره لا يفرط و لا يفرّط، و لذا ذيّل قوله: بل الله يزكّي من يشاء بقوله - و هو في معنى التعليل -:( وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ) .

و قد تبيّن ممّا مرّ أنّ تزكيته تعالى و إن كانت مطلقة تشمل التزكية العمليّة و التزكية القوليّة لكنّها تنطبق بحسب مورد الكلام على التزكية القوليّة.

قوله تعالى: ( وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ) الفتيل فعيل بمعنى المفعول من الفتل و هو اللّيّ قيل: المراد به ما يكون في شقّ النواة، و قيل: هو ما في بطن النواة، و قد ورد في روايات عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام : أنّه النقطة الّتي على النواة، و النقير ما في ظهرها، و القطمير قشرها، و قيل: هو ما فتلته بين إصبعيك من الوسخ، و كيف كان هو كناية عن الشي‏ء الحقير الّذي لا يعتدّ به.

و قد بان بالآية الشريفة أمران: أحدهما: أن ليس لصاحب الفضل أن يعجبه فضله و يمدح نفسه بل هو ممّا يختصّ به تعالى فإنّ ظاهر الآية أنّ الله يختصّ به أن يزكّي كلّ من جاز أن يتلبّس بالتزكية فليس لغير صاحب الفضل أيضاً أن يزكّيه إلّا بما زكّاه

٣٩٨

الله به، و ينتج ذلك أنّ الفضائل هي الّتي مدحها الله و زكّاها فلا قدر لفضل لا يعرفه الدين و لا يسمّيه فضلاً، و لا يستلزم ذلك أن تبطل آثار الفضائل عند الناس فلا يعرفوا لصاحب الفضل فضله، و لا يعظّموا قدره بل هي شعائر الله و علائمه، و قد قال تعالى:( وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ الله فإنّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحجّ: ٣٢، فعلى الجاهل أن يخضع للعالم و يعرف له قدره فإنّه من اتّباع الحقّ و قد قال تعالى:( هَلْ يَسْتَوِي الّذينَ يَعْلَمُونَ وَ الّذينَ لا يَعْلَمُونَ ) الزمر: ٩، و إن لم يكن للعالم أن يتبجّح بعلمه و يمدح نفسه، و الأمر في جميع الفضائل الحقيقيّة الإنسانيّة على هذا الحال.

و ثانيهما: أنّ ما ذكره بعض باحثينا، و اتّبعوا في ذلك ما ذكره المغاربة أنّ من الفضائل الإنسانيّة الاعتماد بالنفس أمر لا يعرفه الدين، و لا يوافق مذاق القرآن، و الّذي يراه القرآن في ذلك هو الاعتماد بالله و التعزّز بالله قال تعالى:( الّذينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حسبنَا الله وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ ) آل عمران: ١٧٣، و قال:( أَنَّ الْقوّة لله جميعاً ) البقرة: ١٦٥، و قال:( إِنَّ الْعزّة لله جميعاً ) يونس: ٦٥، إلى غير ذلك من الآيات.

قوله تعالى: ( انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى الله الْكَذِبَ ) فتزكيتهم أنفسهم ببنوّة الله و حبّه و ولايته و نحو ذلك افتراء على الله إذ لم يجعل الله لهم ذلك، على أنّ أصل التزكية افتراء و إن كانت عن صدق فإنّه - كما تقدّم بيانه - إسناد شريك إلى الله و ليس له في ملكه شريك قال تعالى:( وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ) الإسراء: ١١١.

و قوله:( وَ كَفى‏ بِهِ إِثْماً مُبِيناً ) أي لو لم يكن في التزكية إلّا أنّه افتراء على الله لكفى في كونه إثماً مبيناً، و التعبير بالإثم - و هو الفعل المذموم الّذي يمنع الإنسان من نيل الخيرات و يبطئها - هو المناسب لهذه المعصية لكونه من أشراك الشرك و فروعه، يمنع نزول الرحمة، و كذا في شرك الكفر الّذي يمنع المغفرة كما وقع في الآية السابقة:( وَ مَنْ يُشْرِكْ بِالله فَقَدِ افْتَرى‏ إِثْماً عَظِيماً - بعد قوله -إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ) .

قوله تعالى: ( أَ لَمْ تَرَ إِلَى الّذينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ ) ، الجبت و الجبس كلّ ما لا خير فيه، و قيل: و كلّ ما يعبد من دون الله سبحانه،

٣٩٩

و الطاغوت مصدر في الأصل كالطغيان يستعمل كثيراً بمعنى الفاعل، و قيل: هو كلّ معبود من دون الله، و الآية تكشف عن وقوع واقعة قضى فيها بعض أهل الكتاب للّذين كفروا على الّذين آمنوا بأنّ سبيل المشركين أهدى من سبيل المؤمنين، و ليس عند المؤمنين إلّا دين التوحيد المنزّل في القرآن المصدّق لما عندهم، و لا عند المشركين إلّا الإيمان بالجبت و الطاغوت فهذا القضاء اعتراف منهم بأنّ للمشركين نصيباً من الحقّ، و هو الإيمان بالجبت و الطاغوت الّذي نسبه الله تعالى إليهم ثمّ لعنهم الله بقوله:( أُولئِكَ الّذينَ لَعَنَهُمُ الله ) الآية.

و هذا يؤيّد ما ورد في أسباب النزول أنّ مشركي مكّة طلبوا من أهل الكتاب أن يحكموا بينهم و بين المؤمنين فيما ينتحلونه من الدين فقضوا لهم على المؤمنين، و سيأتي الرواية في ذلك في البحث الروائيّ الآتي.

و قد ذكر كونهم ذوي نصيب من الكتاب ليكون أوقع في وقوع الذمّ و اللّوم عليهم فإنّ إيمان علماء الكتاب بالجبت و الطاغوت و قد بيّن لهم الكتاب أمرهما أشنع و أفظع.

قوله تعالى: ( أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ - إلى قوله -نَقِيراً ) النقير فعيل بمعنى المفعول و هو المقدار اليسير الّذي يأخذه الطير من الأرض بنقر منقاره، و قد مرّ له معنى آخر في قوله:( وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ) الآية.

و قد ذكروا أنّ( أَمْ ) في قوله:( أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ ) ، منقطعة و المعنى: بل أ لهم نصيب من الملك، و الاستفهام إنكاريّ أي ليس لهم ذلك.

و قد جوّز بعضهم أن تكون( أم ) متّصلة، و قال: إنّ التقدير: أ هم أولى بالنبوّة أم لهم نصيب من الملك؟ و ردّ بأنّ حذف الهمزة إنّما يجوز في ضرورة الشعر، و لا ضرورة في القرآن، و الظاهر أنّ أم متّصلة و أنّ الشقّ المحذوف ما يدلّ عليه الآية السابقة:( أَ لَمْ تَرَ إِلَى الّذينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ ) الآية، و التقدير: أ لهم كلّ ما حكموا به من حكم أم لهم نصيب من الملك أم يحسدون الناس؟ و على هذا تستقيم الشقوق و تترتّب، و يتّصل الكلام في سوقه.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458