الميزان في تفسير القرآن الجزء ٤

الميزان في تفسير القرآن13%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 458

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 134586 / تحميل: 6224
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

٦٣ - سهل بن قيس بن أبي كعب.

٦٤ - ذكوان بن عبد قيس.

٦٥ - عبيد بن المعلّى.

٦٦ - مالك بن تميلة.

٦٧ - حارث بن عديّ بن خرشة.

٦٨ - مالك بن إياس.

٦٩ - إياس بن عديّ.

٧٠ - عمرو بن إياس.

فهؤلاء سبعون رجلاً على ما ذكره ابن هشام في سيرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .‏

٨١

( سورة آل عمران الآيات ١٧٦ - ١٨٠)

وَلاَ يَحْزُنْكَ الّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنّهُمْ لَن يَضُرّوا اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ( ١٧٦) إِنّ الّذِينَ اشْتَرَوا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَن يَضُرّوا اللّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ( ١٧٧) وَلاَ يَحْسَبَنّ الّذِينَ كَفَرُوا أَنّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ( ١٧٨) مَا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى‏ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّى‏ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطّيّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ( ١٧٩) وَلاَ يَحْسَبَنّ الّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرّ لَهُمْ سَيُطَوّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَللّهِ‏ِ مِيرَاثُ السّماوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ( ١٨٠)

( بيان)

الآيات مرتبطة بما تقدّم من الآيات النازلة في غزوة اُحد فكأنّها و خاصّة الآيات الأربع الاُول منها تتمّة لها لأنّ أهمّ ما تتعرّض لها تلك الآيات قضيّة الابتلاء و الامتحان الإلهيّ لعباده، و على ذلك فهذه الآيات بمنزلة الفذلكة لآيات اُحد يبيّن الله سبحانه فيها أنّ سنّة الابتلاء و الامتحان سنّة جارية لا مناص عنها في كافر و لا مؤمن، فالله سبحانه مبتليهما ليخرج ما في باطن كلّ منهما إلى ساحة الظهور فيتمحّض الكافر للنار و يتميّز الخبيث من الطيّب في المؤمن.

قوله تعالى: ( وَ لا يَحْزُنْكَ الّذينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ) إلى آخر الآية تسلية و رفع للحزن ببيان حقيقة الأمر فإنّ مسارعتهم في الكفر و تظاهرهم على إطفاء نور الله

٨٢

و غلبتهم الظاهرة أحياناً ربّما أوجبت أن يحزن المؤمن كأنّهم غلبوا الله سبحانه في إرادة إعلاء كلمة الحقّ لكنّه إذا تدبّر في قضيّة الامتحان العامّ استيقن أنّ الله هو الغالب و أنّهم جميعاً واقعون في سبيل الغايات يوجّهون إليها ليتمّ لهم الهداية التكوينيّة و التشريعيّة إلى غايات أمرهم فالكافر يوجّه به بواسطة إشباعه بالعافية و النعمة و القدرة - و هو الاستدراج و المكر الإلهيّ - إلى آخر ما يمكنه أن يركبه من الطغيان و المعصية، و المؤمن لا يزال يحكّ به محكّ الامتحان ليخلص ما في باطنه من الإيمان المشوب بغيره، فيخلص لله أو يخلص شركه فيهبط في مهبط غيره من أولياء الطاغوت و أئمّة الكفر.

فمعنى الآية: لا يحزنك الّذين يسرعون و لا يزال يشتدّ سرعتهم في الكفر فإنّك إن تحزن فإنّما تحزن لما تظنّ أنّهم يضرّون الله بذلك و ليس كذلك فهم لا يضرّون الله شيئاً لأنّهم مسخّرون لله يسلك بهم في سير حياتهم إلى حيث لا يبقى لهم حظّ في الآخرة (و هو آخر حدّهم في الكفر) و لهم عذاب أليم فقوله: لا يَحْزُنْكَ، أمر إرشاديّ، و قوله: إِنَّهُمْ إلخ تعليل للنهي، و قوله: يُرِيدُ الله إلخ تعليل و بيان لعدم ضررهم.

ثمّ ذكر تعالى نفي ضرر جميع الكافرين بالنسبة إليه أعمّ من المسارعين في الكفر و غيرهم، و هو كالبيان الكلّيّ بعد البيان الجزئيّ يصحّ أن يعلّل به النهي (لا يحزنك) و أن يعلّل به علّته (أنّهم لن يضرّوا إلخ) لأنّه أعمّ يعلّل به الأخصّ، و المعنى: و إنّما قلنا إنّ هؤلاء المسارعين لا يضرّون الله شيئاً لأنّ الكافرين جميعاً لا يضرّونه شيئاً.

قوله تعالى: ( وَ لا يَحسبنَّ الّذينَ كَفَرُوا ) ، لمّا طيّب نفس نبيّه في مسارعة الكفّار في كفرهم أنّ ذلك في الحقيقة تسخير إلهيّ لهم لينساقوا إلى حيث لا يبقى لهم حظّ في الآخرة عطف الكلام إلى الكفّار أنفسهم، فبيّن أنّه لا ينبغي لهم أن يفرحوا بما يجدونه من الإملاء و الإمهال الإلهيّ فإنّ ذلك سوق لهم بالاستدراج إلى زيادة الإثم، و وراء ذلك عذاب مهيمن ليس معه إلّا الهوان، كلّ ذلك بمقتضى سنّة التكميل.

قوله تعالى: ( ما كانَ الله لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ ) إلخ ثمّ عطف الكلام إلى المؤمنين فبيّن

٨٣

أنّ سنّة الابتلاء جارية فيهم ليتمّ تكميلهم أيضاً فيخلص المؤمن الخالص من غيره، و يتميّز الخبيث من الطيّب.

و لمّا أمكن أن يتوهّم أنّ هناك طريقاً آخر إلى تمييز الخبيث من الطيّب و هو أن يطلعهم على الخبثاء حتّى يتميّزوا منهم فلا يقاسوا جميع هذه المحن و البلايا الّتي يقاسونها بسبب اختلاط المنافقين و الّذين في قلوبهم مرض بهم فدفع هذا الوهم بأنّ علم الغيب ممّا استأثر الله به نفسه فلا يطلع عليه أحداً إلّا من اجتبى من رسله فإنّه ربّما أطلعه عليه بالوحي، و ذلك قوله تعالى:( وَ ما كانَ الله لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَ لكِنَّ الله يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ ) .

ثمّ ذكر أنّه لمّا لم يكن من الابتلاء و التكميل محيد فآمنوا بالله و رسله حتّى تنسلكوا في سلك الطيّبين دون الخبثاء، غير أنّ الإيمان وحده لا يكفي في بقاء طيب الحياة حتّى يتمّ الأجر إلّا بعمل صالح يرفع الإيمان إلى الله و يحفظ طيبه، و لذلك قال أوّلاً: فَآمِنُوا بِالله وَ رُسُلِهِ ثمّ تمّمه ثانياً بقوله: وَ إِنْ تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ.

و قد ظهر من الآية أوّلاً: أنّ قضية تكميل النفوس و إيصالها إلى غايتها و مقصدها من السعادة و الشقاء ممّا لا محيص عنه.

و ثانياً: أنّ الطيب و الخباثة في عين أنّهما منسوبان إلى ذوات الأشخاصّ يدوران مدار الإيمان و الكفر اللّذين هما أمران اختياريّان لهم، و هذا من لطائف الحقائق القرآنيّة الّتي ينشعب منها كثير من أسرار التوحيد، و يدلّ عليها قوله تعالى:( لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ‏ ) البقرة: ١٤٨، إذا انضمّ إلى قوله:( وَ لكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ ) المائدة: ٤٨، و سيجي‏ء إشباع الكلام فيها في قوله تعالى:( لِيَمِيزَ الله الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَ يَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى‏ بَعْضٍ ) الآية الأنفال: ٣٧.

و ثالثاً: أنّ الإيمان بالله و رسله مادّة لطيب الحياة و هو طيب الذات، و أمّا الأجر فيتوقّف على التقوى و العمل الصالح، و لذلك ذكر تعالى أوّلاً حديث الميز بين

٨٤

الطيّب و الخبيث ثمّ فرّع عليه قوله:( فَآمِنُوا بِالله وَ رُسُلِهِ ) ، ثمّ لمّا أراد ذكر الأجر أضاف التقوى إلى الإيمان فقال:( وَ إِنْ تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) .

و بذلك يتبيّن في قوله تعالى:( مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى‏ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحسن ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل: ٩٧، أنّ الإحياء المذكور ثمرة الإيمان متفرّع عليه، و الجزاء بالأجر متفرّع على العمل الصالح فالإيمان روح الحياة الطيّبة، و أمّا بقاؤها حتّى يترتّب عليها آثارها فيحتاج إلى العمل الصالح كالحياة الطبيعيّة الّتي تحتاج في تكوّنها و تحقّقها إلى روح حيوانيّ، و بقاؤها يحتاج إلى استعمال القوى و الأعضاء، و لو سكنت الجميع بطلت و أبطلت الحياة.

و قد كرّر لفظ الجلالة مرّات في الآية، و الثلاثة الأواخر من وضع الظاهر موضع المضمر و ليس إلّا للدلالة على مصدر الجلال و الجمال في اُمور لا يتّصف بها إلّا هو باُلوهيّته و هو الامتحان، و الإطلاع على الغيب، و اجتباء الرسل، و أهليّة الإيمان به.

قوله تعالى: ( وَ لا يَحسبنَّ الّذينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ ) الآية، لمّا بيّن حال إملاء الكافرين و كان الحال في البخل بالمال و عدم إنفاقه في سبيل الله مثله، فإنّ البخيل فرح فخور بما يجمعه من المال عطف تعالى الكلام إليهم و بيّن أنّه شرّ لهم، و في التعبير عن المال بقوله: بِما آتاهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ إشعار بوجه لومهم و ذمّهم، و قوله: سَيُطَوَّقُونَ إلخ في مقام التعليل لكون البخل شرّاً لهم، و قوله: وَ لله مِيراثُ السَّماواتِ، الظاهر أنّه حال من يوم القيامة، و كذا قوله: وَ الله بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ.

و يحتمل على بعد أن يكون قوله: وَ لله مِيراثُ حالاً من فاعل قوله يبخلون، و قوله: وَ الله بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ حالاً منه أيضاً أو جملة مستأنفة.

٨٥

( بحث روائي‏)

في تفسير العيّاشيّ، عن الباقرعليه‌السلام أنّه سئل عن الكافر الموت خير له أم الحياة؟ فقال: الموت خير للمؤمن و الكافر لأنّ الله يقول:( وَ ما عِنْدَ الله خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ ) ، و يقول:( لا يَحسبنَّ الّذينَ كَفَرُوا إنّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ ) ، الآية.

أقول: الاستدلال المذكور في الرواية لا يوافق مذاق أئمّة أهل البيت كلّ الموافقة فإنّ الأبرار طائفة خاصّة من المؤمنين لا جميعهم إلّا أن يقال: إنّ المراد بالأبرار جميع المؤمنين بما في كلّ منهم من شي‏ء من البرّ، و روي هذا المعنى في الدرّ المنثور عن ابن مسعود.

٨٦

( سورة آل عمران الآيات ١٨١ - ١٨٩)

لَقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الّذِينَ قَالُوا إِنّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ( ١٨١) ذلِكَ بِمَا قَدّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ( ١٨٢) الّذِينَ قَالُوا إِنّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتّى‏ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِن قَبْلِي بِالْبَيّنَاتِ وَبِالّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ( ١٨٣) فَإِن كَذّبُوكَ فَقَدْ كُذّبَ رُسُلٌ مِن قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيّنَاتِ وَالزّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ( ١٨٤) كُلّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنّمَا تُوَفّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عِنِ النّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدّنْيَا إِلّا مَتَاعُ الْغُرُورِ( ١٨٥) لَتُبْلَوُنّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنّ مِنَ الّذينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الّذِينَ أَشْرَكُوا أَذَىً كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتّقُوا فَإِنّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ( ١٨٦) وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيّنُنّهُ لِلنّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ( ١٨٧) لاَ تَحْسَبَنّ الّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلاَ تَحْسَبَنّهُم بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ( ١٨٨) وَللّهِ‏ِ مُلْكُ السّماوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللّهُ عَلَى‏ كُلّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ( ١٨٩)

( بيان)

الآيات مرتبط بما قبلها، فقد كانت عامّة الآيات السابقة في استنهاض الناس و ترغيبهم على الجهاد في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم، و تحذيرهم عن الوهن و الفشل و البخل فيرتبط بها قول اليهود: إنّ الله فقير و نحن أغنياء، و تقليبهم الأمر على المسلمين، و تكذيبهم آيات الرسالة، و كتمانهم ما أخذ منهم الميثاق لبيانه، و هذه هي الّتي تتعرّض

٨٧

الآيات لبيانها مع ما فيها من تقوية قلوب المؤمنين على الاستقامة و الصبر و الثبات، و التحريض على الإنفاق في سبيل الله.

قوله تعالى: ( لَقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الّذينَ قالُوا إِنَّ الله فَقِيرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِياءُ ) القائلون هم اليهود بقرينة ما في ذيل الكلام من حديث قتلهم الأنبياء و غير ذلك.

و إنّما قالوا ذلك لمّا سمعوا أمثال قوله تعالى:( مَنْ ذَا الّذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حسناً ) الآية البقرة: ٢٤٥ و يشهد بذلك بعض الشهادة اتّصاله بالآية السابقة:( وَ لا يَحسبنَّ الّذينَ يَبْخَلُونَ ) ، الآية.

أو أنّهم قالوا ذلك لمّا رأوا فقر عامّة المؤمنين و فاقتهم، فقالوا ذلك تعريضاً بأنّ ربّهم لو كان غنيّاً لغار لهم و أغناهم فليس إلّا فقيراً و نحن أغنياء.

قوله تعالى: ( سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَ قَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حقّ ) الآية، المراد بالكتابة الحفظ و التثبيت أو الكتابة في صحائف أعمالهم، و المآل واحد، و المراد بقتل الأنبياء بغير حقّ القتل على العرفان و العمد دون السهو و الخطأ و الجهالة، و قد قارن الله قولهم هذا بقتلهم الأنبياء لكونه قولاً عظيماً، و قوله: عَذابَ الْحَرِيقِ، الحريق النار أو اللّهب و قيل: هو بمعنى المحرق.

قوله تعالى: ( ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ ) الآية، أي بما قدّمتم أمامكم من العمل و نسب إلى الأيدي لأنّها آلة التقديم غالباً، و قوله:( وَ أَنَّ الله لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ) عطف على قوله: بِما قَدَّمَتْ، و تعليل للكتابة و العذاب، فلو لم يكن ذلك الحفظ و الجزاء لكان إهمالاً لأمر نظام الأعمال و في ذلك ظلم كثير بكثرة الأعمال فيكون ظلّاماً لعباده تعالى عن ذلك.

قوله تعالى: ( الّذينَ قالُوا إِنَّ الله عَهِدَ إِلَيْنا ) الآية، نعت للّذين قبله و العهد هو الأمر، و القربان ما يتقرّب به من النعم و غيره، و أكل النار كناية عن إحراقها، و المراد بقوله:( قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي ) ، أمثال زكريّا و يحيى من أنبياء بني إسرائيل المقتولين بأيديهم.

قوله تعالى: ( فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ ) الآية، تسلية للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تكذيبهم له،

٨٨

و الزبر جمع زبور و هو كتاب الحكم و المواعظ، و قد اُريد بالزبر و الكتاب المنير مثل كتاب نوح و صحف إبراهيم و التوراة و الإنجيل.

قوله تعالى: ( كلّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ) ، الآية تتضمّن الوعد للمصدّق و الوعيد للمكذّب و قد بدأ فيها بالحكم العامّ المقضيّ في حقّ كلّ ذي نفس، و التوفية هو الإعطاء الكامل، و قد استدلّ بعضهم بالآية على ثبوت البرزخ لدلالتها على سبق بعض الإعطاء و أنّ الّذي في يوم القيامة هو الإعطاء الكامل، و هو استدلال حسن، و الزحزحة هو الإبعاد، و أصله تكرار الجذب بعجلة، و الفوز الظفر بالبغية، و الغرور مصدر غرّ أو هو جمع غارّ.

قوله تعالى: ( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ ) الآية، الإبلاء الاختبار، بعد ما ذكر سبحانه جريان البلاء و الإبلاء على المؤمنين، ثمّ ذكر قول اليهود و هو ممّا من شأنه أن يوهن عزم المؤمنين أخبرهم بأنّ هذا الإبلاء الإلهيّ و الأقاويل المؤذية من أهل الكتاب و المشركين ستتكرّر على المؤمنين، و يكثر استقبالها إيّاهم و قرعها سمعهم فعليهم أن يصبروا و يتّقوا حتّى يعصمهم ربّهم من الزلل و الفشل، و يكونوا أرباب عزم و إرادة، و هذا إخبار قبل الوقوع ليستعدّوا لذلك استعدادهم، و يوطّنوا عليه أنفسهم.

و قد وضع في قوله:( وَ لَتَسْمَعُنَّ - إلى قوله -أَذىً كَثِيراً ) ، الأذى الكثير موضع القول و هو من قبيل وضع الأثر موضع المؤثّر مجازاً.

قوله تعالى: ( وَ إِذْ أَخَذَ الله مِيثاقَ ) ، النبذ الطرح، و نبذه وراء ظهره كالمثل يراد به الترك و عدم الاعتناء كما أنّ قولهم: جعله نصب عينيه كالمثل يراد به الأخذ و اللّزوم.

قوله تعالى: ( لا تَحسبنَّ الّذينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا ) إلى آخر الآيتين، أي بما أنعم عليهم من المال و لازمه حبّ المال و البخل به، و المفازة النجاة و إنّما هلك هؤلاء لأنّ قلوبهم تعلّقت بالباطل فلا ولاية للحقّ عليهم.

ثمّ ذكر تعالى حديث ملكه للسماوات و الأرض، و قدرته على كلّ شي‏ء، و هذان الوصفان يصلحان لتعليل مضامين جميع ما تقدّم من الآيات.

٨٩

( بحث روائي‏)

في الدرّ المنثور، أخرج ابن جرير و ابن المنذر عن قتادة في قوله: لَقَدْ سَمِعَ الله الآية، قال: ذكر لنا أنّها نزلت في حييّ بن أخطب لمّا نزل:( مَنْ ذَا الّذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حسناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً ) ، قال: يستقرضنا ربّنا إنّما يستقرض الفقير الغنيّ.

و في تفسير العيّاشيّ في الآية عن الصادقعليه‌السلام قال: و الله ما رأوا الله حتّى يعلموا أنّه فقير، و لكنّهم رأوا أولياء الله فقراء فقالوا: لو كان غنيّاً لأغنى أولياءه ففخروا على الله بالغنى.

و في المناقب، عن الباقرعليه‌السلام : هم الّذين يزعمون أنّ الإمام يحتاج إلى ما يحملونه إليه.

أقول: أمّا الروايتان الأوليان فقد تقدّم انطباق مضمونهما على الآية، و أمّا الثالثة فهي من الجري.

و في الكافي، عن الصادقعليه‌السلام قال: كان بين القائلين و القاتلين خمسمائة عام فألزمهم الله القتل برضاهم بما فعلوا.

أقول: ما ذكر من السنين لا يوافق التاريخ الميلاديّ الموجود فارجع إلى ما تقدّم من البحث التاريخيّ.

و في الدرّ المنثور في قوله تعالى:( كلّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ) الآية، أخرج ابن أبي حاتم عن عليّ بن أبي طالب قال: لمّا توفّي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و جاءت التعزية جاءهم آت يسمعون حسّه و لا يرون شخصه فقال: السلام عليكم يا أهل البيت و رحمة الله و بركاته كلّ نفس ذائقة الموت و إنّما توفّون اُجوركم يوم القيامة إنّ في الله عزاءً من كلّ مصيبة و خلفاً من كلّ هالك، و دركاً من كلّ ما فات فبالله فثقوا، و إيّاه فارجوا فإنّ المصاب من حرم الثواب، فقال عليّ: هذا الخضر.

٩٠

و فيه أخرج ابن مردويه عن سهل بن سعد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لموضع سوط أحدكم في الجنّة خير من الدنيا و ما فيها ثمّ تلا هذه الآية:( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَ أُدْخِلَ الْجنّة فَقَدْ فازَ ) .

أقول: و رواه فيه ببعض طرق اُخر عن غيره، و اعلم أنّ هنا روايات كثيرة في أسباب نزول هذه الآيات تركنا إيرادها لظهور كونها من التطبيق النظريّ.

٩١

( سورة آل عمران الآيات ١٩٠ - ١٩٩)

إِنّ فِي خَلْقِ السّماوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللّيْلِ وَالنّهَارِ لآيَاتٍ لَأُوْلِي الْأَلْبَابِ( ١٩٠) الّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى‏ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكّرُونَ فِي خَلْقِ السّماوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبّنَا مَا خَلَقْتَ هذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النّارِ( ١٩١) رَبّنَا إِنّكَ مَن تُدْخِلِ النّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلْظّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ( ١٩٢) رَبّنَا إِنّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبّكُمْ فَآمَنّا رَبّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفّرْ عَنّا سَيّآتِنَا وَتَوَفّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ( ١٩٣) رَبّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتّنَا عَلَى‏ رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ( ١٩٤) فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبّهُمْ أَنّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُم مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى‏ بَعْضُكُم مِن بَعْضٍ فَالّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفّرَنّ عَنْهُم سَيّآتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنّهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثّوَابِ( ١٩٥) لَا يَغُرّنّكَ تَقَلّبُ الّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلاَدِ( ١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمّ مَأْوَاهُمْ جَهَنّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ( ١٩٧) لكِنِ الّذِينَ اتّقَوْا رَبّهُمْ لَهُمْ جَنّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ( ١٩٨) وَإِنّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ للّهِ‏ِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنَاً قَلِيلاً أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ إِنّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ( ١٩٩)

( بيان)

الآيات بمنزلة تلخيص ما تقدّم من بيان حال المؤمنين و المشركين و أهل الكتاب في هذه السورة، بيان أنّ حال أبرار المؤمنين هو ذكر الله سبحانه، و التفكّر

٩٢

في آياته و الاستجارة بالله من عذاب النار، و سؤال المغفرة و الجنّة، و أنّ الله استجاب لهم و سيرزقهم ما سألوه - هذه عامّة حالهم - و أنّ الّذين كفروا حالهم أنّهم يتقلّبون في متاع قليل ثمّ لهم مهاد النار فلا يقاس حال المؤمنين بحالهم، و قد استثنى منهم المتّبعين للحقّ من أهل الكتاب فهم مع المؤمنين.

قوله تعالى: ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ) ، كأنّ المراد بالخلق كيفيّة وجودها و آثارها و أفعالها من حركة و سكون و تغيّر و تحوّل فيكون خلق السموات و الأرض و اختلاف اللّيل و النهار مشتملاً على معظم الآيات المحسّوسة و قد تقدّم بيانها في سورة البقرة(١) . و تقدّم أيضاً معنى اُولي الألباب(٢) .

قوله تعالى: ( الّذينَ يَذْكُرُونَ الله قِياماً وَ قُعُوداً ) إلخ أي يذكرون الله في جميع حالاتهم من القيام و القعود و الاضطجاع، و قد مرّ البحث في معنى الذكر و التفكّر، و محصّل معنى الآيتين أنّ النظر في آيات السماوات و الأرض و اختلاف اللّيل و النهار أورثهم ذكراً دائماً لله فلا ينسونه في حال، و تفكّراً في خلق السموات و الأرض يتذكّرون به أنّ الله سيبعثهم للجزاء فيسألون عندئذ رحمته و يستنجزون وعده.

قوله تعالى: ( رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا ) ، إنّما قيل( هذا ) مع كون المشار إليه جمعاً و مؤنّثاً إذ الغرض لا يتعلّق بتمييز أشخاصّها و أسمائها، و الجميع في أنّها خلق واحد، و هذا نظير ما حكى الله تعالى من قول إبراهيم:( فلمّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ ) الأنعام: ٧٨، لعدم علمه بعد بحقيقتها و اسمها سوى أنّها شي‏ء.

و الباطل ما ليس له غاية يتعلّق به الغرض قال تعالى:( فأمّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَ أمّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ) الرعد: ١٧ و لذلك لمّا نفوا البطلان عن‏ الخلق لاح لهم أنّ الله سيحشر الناس للجزاء، و أنّه تعالى سيجزي هناك الظالمين جزاء خزي و هو النار، و لا رادّ يردّ مصلحة العقاب و إلّا لبطل الخلقة، و هذا معنى قولهم: فقنا عذاب النار ربّنا إنّك من تدخل النار فقد أخزيته و ما للظالمين من أنصار.

____________________

(١) تفسير آية: ١٦ من سورة البقرة

(٢) في تفسير الآية السابعة من هذه السورة.

٩٣

قوله تعالى: ( رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً ) ، المراد بالمنادي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و قوله: أَنْ آمِنُوا. بيان للنداء و أن تفسيريّة، و لمّا ذكروا إيمانهم بالمنادي و هو الرسول و هو يخبرهم باُمور عن الله تعالى يحذّرهم من بعضها كالذنوب و السيّئات و الموت على الكفر و الذنب، و يرغّبهم في بعضها كالمغفرة و الرحمة و تفاصيل الجنّة الّتي وعدالله عباده المؤمنين الأبرار بها سألوا ربّهم أن يغفر لهم و يكفّر عن سيّئاتهم و يتوفّاهم مع الأبرار و سألوه أن ينجزهم ما وعدهم من الجنّة و الرحمة على ما ضمنه لهم الرسل بإذن الله فقالوا:( فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا ) إلخ فقوله تعالى:( عَلى‏ رُسُلِكَ ) أي حمّلته على رسلك و ضمنه عليك الرسل، و قوله:( وَ لا تُخْزِنا ) ، أي بإخلاف الوعد، و لذا عقّبه بقوله:( إِنَّكَ لا تخلّف الْمِيعادَ ) .

و قد تبيّن من الآيات أنّهم إنّما حصّلوا الاعتقاد بالله و اليوم الآخر و بأنّ لله رسلاً بالنظر في الآيات و أمّا تفاصيل ما جاء به النبيّ فمن طريق الإيمان بالرسول فهم على الفطرة فيما يحكم به الفطرة، و على السمع و الطاعة فيما فيه ذلك.

قوله تعالى: ( فَاسْتَجابَ لَهُمْ ربّهم ) إلخ التعبير بالربّ و إضافته إليهم يدلّ على ثوران الرحمة الإلهيّة و يدلّ عليه أيضاً التعميم الّذي في قوله:( أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ ) ، فلا فرق عنده تعالى بين عمل و عمل، و لا بين عامل و عامل.

و على هذا فقوله تعالى في مقام التفريع:( فَالّذينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا ) إلخ في مقام تفصيل صالحات الأعمال لتثبيت ثوابها، و الواو للتفصيل دون الجمع حتّى يكون لبيان ثواب المستشهدين من المهاجرين فقط.

و الآية مع ذلك لا تفصّل إلّا الأعمال الّتي تندب إليها هذه السورة و تبالغ في التحريض و الترغيب فيها، و هو إيثار الدين على الوطن و تحمّل الأذى في سبيل الله و الجهاد.

و الظاهر أنّ المراد بالمهاجرة ما يشمل المهاجرة عن الشرك و العشيرة و الوطن لإطلاق اللّفظ، و لمقابلته قوله:( وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ ) ، و هو هجرة خاصّة، و لقوله بعده:( لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ) ، فإنّ ظاهر السيّئات في القرآن صغائر المعاصي فهم هاجروا الكبائر بالاجتناب و التوبة، فالمهاجرة المذكورة أعمّ فافهم ذلك.

قوله تعالى: ( لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ) إلخ، هذا بمنزلة دفع الدخل و التقدير: هذا

٩٤

حال أبرار المؤمنين و هذا أجرهم، و أمّا ما ترى فيه الكفّار من رفاه الحال و ترف الحياة و درّ المعاش فلا يغرّنّك ذلك (الخطاب للنبيّ و المقصود به الناس) لأنّه متاع قليل لا دوام له.

قوله تعالى: ( لكِنِ الّذينَ اتّقوا ربّهم ) إلخ، النزل ما يعدّ للنازل من طعام و شراب و غيرهما، و المراد بهم الأبرار بدليل ما في آخر الآية، و هذا يؤيّد ما ذكرناه من أنّ الآية السابقة دفع دخل.

قوله تعالى: ( وَ إِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ) إلخ، المراد أنّهم مشاركون للمؤمنين في حسن الثواب، و الغرض منه أنّ السعادة الاُخرويّة ليست جنسيّة حتّى يمنع منها أهل الكتاب و إن آمنوا بل الأمر دائر مدار الإيمان بالله و برسله فلو آمنوا كانوا هم و المؤمنون سواءً.

و قد نفي عن هؤلاء الممدوحين من أهل الكتاب ما ذمّهم الله به في سوابق الآيات و هو التفريق بين رسل الله، و كتمان ما اُخذ ميثاقهم لبيانه اشتراءً بآيات الله ثمناً قليلاً.

( بحث فلسفي و مقايسة)

المشاهدة و التجربة تقضيان أنّ الرجل و المرأة فردان من نوع جوهريّ واحد، و هو الإنسان فإنّ جميع الآثار المشهودة في صنف الرجل مشهودة في صنف المرأة من غير فرق، و بروز آثار النوع يوجب تحقّق موضوعه بلا شكّ، نعم يختلف الصنف بشدّة و ضعف في بعض الآثار المشتركة و هو لا يوجب بطلان وجود النوعيّة في الفرد، و بذلك يظهر أنّ الاستكمالات النوعيّة الميسورة لأحد الصنفين ميسورة في الآخر، و منها الاستكمالات المعنويّة الحاصلة بالإيمان و الطاعات و القربات، و بذلك يظهر عليك أنّ أحسن كلمة و أجمعها في إفادة هذا المعنى قوله سبحانه:( أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى‏ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) .

و إذا قايست ذلك إلى ما ورد في التوراة بان لك الفرق بين موقعي الكتابين ففي سفر الجامعة من التوراة:( درت أنا و قلبي لأعلم و لأبحث و لأطلب حكمة و عقلاً، و لأعرف الشرّ أنّه جهالة، و الحماقة أنّها جنون، فوجدت أمرّ من الموت المرأة الّتي

٩٥

هي شباك، و قلبها أشراك، و يداها قيود، إلى أن قال: رجلاً واحداً بين ألف وجدت أمّا امرأة فبين كلّ اُولئك لم أجد) و قد كانت أكثر الاُمم القديمة لا ترى قبول عملها عندالله سبحانه، و كانت تسمّى في اليونان رجساً من عمل الشيطان، و كانت ترى الروم و بعض اليونان أن ليس لها نفس مع كون الرجل ذا نفس مجرّدة إنسانيّة، و قرّر مجمع فرنسا سنة ٥٨٦ م بعد البحث الكثير في أمرها أنّها إنسان لكنّها مخلوقة لخدمة الرجل، و كانت في إنجلترا قبل مائة سنة تقريباً لا تعدّ جزء المجتمع الإنسانيّ، فارجع في ذلك إلى كتب الآراء و العقائد و آداب الملل تجد فيها عجائب من آرائهم.

( بحث روائي‏)

في الدرّ المنثور، أخرج أبونعيم في الحلية عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تفكّروا في خلق الله و لا تفكّروا في الله.

أقول: و روي هذا المعنى أيضاً بطرق اُخرى عن عدّة من الصحابة كعبدالله بن سلام و ابن عمر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و الرواية مرويّة من طرق الشيعة أيضاً و المراد بالتفكّر في الله أو في ذات الله على اختلاف الروايات التفكّر في كنهه و قد قال تعالى:( وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) طه: ١١٠، و أمّا صفاته تعالى فالقرآن أعدل شاهد على أنّه تعالى يعرف بها، و قد ندب إلى معرفته بها في آيات كثيرة.

و فيه، أخرج أبوالشيخ في العظمة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فكرة ساعة خير من عبادة ستّين سنة.

أقول: و في بعض الروايات: من عبادة ليلة، و في بعضها: من عبادة سنة، و هو مرويّ من طرق الشيعة أيضاً.

و قد ورد من طرق أهل السنّة: أنّ قوله تعالى:( فَاسْتَجابَ لَهُمْ ربّهم ) ، الآية نزلت في اُمّ سلمة لمّا قالت للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشي‏ء فأنزل الله:( فَاسْتَجابَ لَهُمْ ) ، الآية.

و ورد من طرق الشيعة: أنّ قوله:( فَالّذينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا ) الآية، نزلت في

٩٦

عليّعليه‌السلام لمّا هاجر و معه الفواطم: فاطمة بنت أسد، و فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و فاطمة بنت الزبير، ثمّ لحق بهم في ضجنان اُمّ أيمن و نفر من ضعفاء المؤمنين فساروا و هم يذكرون الله في جميع أحوالهم حتّى لحقوا بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و قد نزلت الآيات.

و ورد من طرق أهل السنّة أنّها نزلت في المهاجرين‏، وورد أيضاً أنّ قوله:( لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ) الآيات، نزل حين تمنّى بعض المؤمنين ما عليه الكفّار من حسن الحال‏ وورد أيضاً أنّ قوله:( وَ إِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ) الآية، نزل في النجاشيّ و نفر من أصحابه لمّا مات هو فصلّى عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و هو في المدينة فطعن فيه بعض المنافقين أنّه يصلّي على من ليس في دينه فأنزل الله:( وَ إِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ) ، الآية.

فهذه جميعاً روايات تطبق الآيات على القصص، و ليست بأسباب للنزول حقيقة.

٩٧

( سورة آل عمران آية ٢٠٠)

يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتّقُوا اللّهَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ( ٢٠٠)

( بيان)

الآية بمنزلة الفذلكة لتفصيل البيان الوارد في السورة، و فيه تخلّص منه بأخذ النتيجة و إعطائها.

قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا ) إلخ، الأوامر مطلقة فالصبر يراد به الصبر على الشدائد، و الصبر في طاعة الله، و الصبر عن معصيته، و على أيّ حال هو الصبر من الفرد بقرينة ما يقابله.

و المصابرة هي التصبّر و تحمّل الأذى جماعة باعتماد صبر البعض على صبر آخرين فيتقوّى الحال و يشتدّ الوصف و يتضاعف تأثيره، و هذا أمر محسوس في تأثير الفرد إذا اعتبرت شخصيّته في حال الانفراد، و في حال الاجتماع و التعاون باتّصال القوى بعضها ببعض و سنبحث فيه إن شاء الله بحثاً مستوفى في محلّه.

قوله تعالى: ( وَ رابِطُوا ) أعمّ معنى من المصابرة و هي إيجاد الجماعة، الارتباط بين قواهم و أفعالهم في جميع شؤون حياتهم الدينيّة أعمّ من حال الشدّة و حال الرخاء و لمّا كان المراد بذلك نيل حقيقة السعادة المقصودة للدنيا و الآخرة - و إلّا فلا يتمّ بها إلّا بعض سعادة الدنيا و ليست بحقيقة السعادة - عقّب هذه الأوامر بقوله تعالى:( وَ اتّقوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) يعني الفلاح التامّ الحقيقيّ.

( كلام في المرابطة في المجتمع الإسلامي)

١- الإنسان و الاجتماع: كون النوع الإنسانيّ نوعاً اجتماعيّاً لا يحتاج في إثباته إلى كثير بحث فكلّ فرد من هذا النوع مفطور على ذلك، و لم يزل الإنسان يعيش

٩٨

في حال الاجتماع على ما يحكيه التاريخ و الآثار المشهودة الحاكية لأقدم العهود الّتي كان هذا النوع يعيش فيها و يحكم على هذه الأرض.

و قد أنبأ عنه القرآن أحسن إنباء في آيات كثيرة كقوله تعالى:( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى‏ وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا ) الآية: الحجرات: ١٣، و قال تعالى:( نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا ) الزخرف: ٣٢، و قال تعالى:( بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) آل عمران: ١٩٥، و قال تعالى:( وَ هُوَ الّذي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً ) الفرقان: ٥٤، إلى غير ذلك.(١)

٢- الإنسان و نموه في اجتماعه: الاجتماع الإنسانيّ كسائر الخواصّ الروحيّة الإنسانيّة و ما يرتبط بها لم يوجد حين وجد تامّاً كاملاً لا يقبل النماء و الزيادة بل هو كسائر الاُمور الروحيّة الإدراكيّة الإنسانيّة لم يزل يتكامل بتكامل الإنسان في كمالاته المادّيّة و المعنويّة و على الحقيقة لم يكن من المتوقّع أن يستثني هذه الخاصّة من بين جميع الخواصّ الإنسانيّة فتظهر أوّل ظهورها تامّة كاملة أتمّ ما يكون و أكمله بل هي كسائر الخواصّ الإنسانيّة الّتي لها ارتباط بقوّتي العلم و الإرادة تدريجيّة الكمال في الإنسان.

و الّذي يظهر من التأمّل في حال هذا النوع أنّ أوّل ما ظهر من الاجتماع فيه‏ الاجتماع المنزليّ بالازدواج لكون عامله الطبيعيّ و هو جهاز التناسل أقوى عوامل الاجتماع لعدم تحقّقه إلّا بأزيد من فرد واحد أصلاً بخلاف مثل التغذّي و غيره ثمّ ظهرت منه الخاصّة الّتي سمّيناها في المباحث المتقدّمة من هذا الكتاب بالاستخدام و هو توسيط الإنسان غيره في سبيل رفع حوائجه ببسط سلطته و تحميل إرادته عليه ثمّ برز ذلك في صورة الرئاسة كرئيس المنزل و رئيس العشيرة و رئيس القبيلة و رئيس الاُمّة و بالطبع كان المقدّم المتعيّن من بين العدّة أوّلاً أقواهم و أشجعهم ثمّ أشجعهم، و أكثرهم مالاً و ولداً و هكذا حتّى ينتهي إلى أعلمهم بفنون الحكومة و السياسة و هذا هو السبب

____________________

(١) و ليرجع في دلالة كلّ واحدة من الآيات إلى المحلّ المختصّ بها من هذا التفسير

٩٩

الابتدائيّ لظهور الوثنيّة و قيامها على ساقها حتّى اليوم و سنستوفي البحث عنها فيما سيأتي إن شاء الله العزيز.

و خاصّة الاجتماع بتمام أنواعها (المنزليّ و غيره) و إن لم تفارق الإنسانيّة في هذه الأدوار و لو برهة إلّا أنّها كانت غير مشعور بها للإنسان تفصيلاً بل كانت تعيش و تنمو بتبع الخواصّ الاُخرى المعني بها للإنسان كالاستخدام و الدفاع و نحو ذلك.

و القرآن الكريم يخبر أنّ أوّل ما نبّه الإنسان بالاجتماع تفصيلاً و اعتنى بحفظه استقلالاً نبّهته به النبوّة قال تعالى:( وَ ما كانَ النَّاسُ إلّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ) يونس: ١٩، و قال:( كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ الله النبيّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ وَ أَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ) البقرة: ٢١٣، حيث ينبئ أنّ الإنسان في أقدم عهوده كان اُمّة واحدة ساذجة لا اختلاف بينهم حتّى ظهرت الاختلافات و بانت المشاجرات فبعث الله الأنبياء و أنزل معهم الكتاب ليرفع به الاختلاف، و يردّهم إلى وحدة الاجتماع محفوظة بالقوانين المشرّعة.

و قال تعالى:( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الّذي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى‏ وَ عِيسى‏ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَ لا تَتفرّقوا فِيهِ ) الشورى: ١٣، فأنبأ أنّ رفع الاختلاف من بين الناس و إيجاد الاتّحاد في كلمتهم إنّما كان في صورة الدعوة إلى إقامة الدين و عدم التفرّق فيه فالدين كان يضمن اجتماعهم الصالح.

و الآية - كما ترى - تحكي هذه الدعوة (دعوة الاجتماع و الاتّحاد) عن نوحعليه‌السلام و هو أقدم الأنبياء اُولي الشريعة و الكتاب ثمّ عن إبراهيم ثمّ عن موسى ثمّ عيسىعليهم‌السلام ، و قد كان في شريعة نوح و إبراهيم النزر اليسير من الأحكام، و أوسع هؤلاء الأربعة شريعة موسى و تتبعه شريعة عيسى على ما يخبر به القرآن و هو ظاهر الأناجيل و ليس في شريعة موسى - على ما قيل - إلّا ستّمائة حكم تقريباً.

فلم تبدأ الدعوة إلى الاجتماع دعوة مستقلّة صريحة إلّا من ناحية النبوّة في قالب الدين كما يصرّح به القرآن، و التاريخ يصدّقه على ما سيجي‏ء.

٣- الإسلام و عنايته بالاجتماع: لا ريب أنّ الإسلام هو الدين الوحيد الّذي

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

الإمام علي في ميزان الاعتبار: ٦٦

استغلال لقب المهدي: ٦٧

موقف كل خليفة منهم على حدة: ٧١

جانب من رسالة الخوارزمي لأهل نيشابور: ٨٥

سياسة العباسيين مع الرعية ٩١

نظرة عامة: ٩١

تفصيل مواقف الخلفاء مع الرعية: ٩٥

وصية إبراهيم الإمام: ١٠٧

ولا مجال ثمة للشك: ١١١

وبعد فلا بد لنا من كلمة أخرى: ١١١

العباسيون في حياتهم الخاصة: ١١٢

وفي نهاية المطاف: ١١٣

فشل سياسة العباسيين ضد العلويين. ١١٣

سؤال لا بد منه: ١١٣

أما الجواب: ١١٤

ولعل الأهم من ذلك كله: ١١٥

التشيع للعلويين: ١١٦

الخطر الحقيقي: ١١٨

القسم الثاني. ١٢٠

ظروف البيعة وأسبابها ١٢٠

شخصية الإمام الرضا عليه‌السلام.... ١٢٠

لمحات: ١٢٠

فأما علمه، وورعه وتقواه: ١٢٢

وأما مركزه وشخصيته عليه‌السلام: ١٢٣

وأما ما جرى في نيسابور: ١٢٥

وها نحن أمام نصوص أخرى: ١٢٧

٤٠١

وفي نهاية المطاف: ١٢٨

من هو المأمون؟ ١٢٨

لمحات: ١٢٨

ميزات وخصائص: ١٢٩

ما يقال عن المأمون: ١٣٠

شهادة ذات أهمية: ١٣٢

آمال المأمون وآلامه ١٣٥

العباسيون لا يرضون بالمأمون! ١٣٥

مركز الأمين هو الأقوى: ١٣٨

محاولات الرشيد لصالح المأمون: ١٤١

مركز المأمون ظل في خطر: ١٤٢

على من يعتمد المأمون؟ ١٤٥

موقف العلويين من المأمون: ١٤٦

موقف العرب من المأمون، ونظام حكمه: ١٤٦

لا بد من اختيار خراسان: ١٤٩

تشيع الإيرانيين: ١٥٠

ما هو سر تشيع الإيرانيين؟ ١٥١

عودة على بدء: ١٥٣

كيف يثق العرب بالمأمون؟! ١٥٤

قتل الأمين وخيبة الأمل: ١٥٤

المأمون في الحكم: ١٥٦

أما سياسته مع العرب: ١٥٦

والإيرانيون أيضاً لم يكونوا أحسن حالاً: ١٥٧

المأمون مع الرعية عموماً: ١٥٨

وماذا بعد الوصول إلى الحكم: ١٥٩

الموقف الصعب: ١٦٠

٤٠٢

ثورات العلويين. وغيرهم: ١٦١

الزعيم العباسي الأول يعترف: ١٦٣

دلالة هامة: ١٦٤

عودة على بدء: ١٦٥

الناس لم يبايعوا المأمون كلهم بعد: ١٦٦

المأمون يدرك حراجة الموقف: ١٦٧

ماذا يمكن للمأمون أن يفعل: ١٦٨

ظروف البيعة وأسبابها ١٦٨

إنقاذ الموقف!. كيف؟! ١٦٨

لا بد من الاعتماد على النفس: ١٦٩

أي الأساليب أنجع: ١٧١

خطة المأمون: ١٧٢

فبينما نراه من جهة: ١٧٢

نراه من جهة ثانية ١٧٣

وأيضاً. لا بد من خطوة أخرى. ١٧٧

لم يبق إلا خيار واحد: ١٧٧

مع رسالة الفضل بن سهل للإمام: ١٧٨

ملاحظات لا بد منها: ١٧٩

ملاحظات هامة: ١٨٠

أهداف المأمون من البيعة: ١٨٦

ملاحظة لا بد منها: ٢١٣

سؤال وجوابه: ٢١٥

رأي الناس فيمن يتصدى للحكم: ٢١٦

العلويون يدركون نوايا المأمون: ٢١٨

موقف الإمام في مواجهة مؤامرات المأمون: ٢٢٠

المأمون في قفص الاتهام: ٢٢١

٤٠٣

مع المأمون في وثيقة العهد: ٢٢٢

كلمة أخيرة: ٢٢٤

أسباب البيعة لدى الآخرين. ٢٢٤

أحمد أمين المصري، وأسباب البيعة: ٢٢٤

آراء أحمد أمين في الميزان: ٢٢٥

رأي غريب آخر في البيعة: ٢٢٨

وفريق آخر يرى: ٢٢٩

ولكنه رأي لا تمكن المساعدة عليه: ٢٢٩

الفضل في قفص الاتهام: ٢٣٠

الفضل بريء من كل ما نسب إليه: ٢٣١

موقف الإمام من الفضل ينفي نسبة التشيع له: ٢٣٤

والمأمون نفسه يستنكر ذلك: ٢٣٤

أما حصيلة هذه الجولة: ٢٣٥

ولعل الفضل كان مخدوعاً!. ٢٣٦

الفضل يقع في الشرك: ٢٣٧

لماذا الإصرار على اتهام الفضل: ٢٣٨

احتمال وجيه جداً: ٢٤٠

القسم الثالث.. ٢٤١

أضواء على الموقف.. ٢٤١

عرض الخلافة، ورفض الإمام عليه‌السلام.... ٢٤١

نصوص تاريخية: ٢٤١

قبول ولاية العهد بعد التهديد. ٢٤٤

مع محاولات المأمون لإقناع الإمام: ٢٤٤

بعض ما يدل على عدم رضا الإمام عليه‌السلام: ٢٤٥

أما الباحثون وغيرهم فيقولون: ٢٤٧

مدى جدية عرض الخلافة ٢٤٨

٤٠٤

عرض الخلافة ليس جدياً.. ٢٤٨

الإجابة على السؤال الأول: ٢٤٨

المأمون يرتبك في تبريراته: ٢٥٠

مع تبريرات المأمون تلك: ٢٥١

الإمام يدرك أهداف المأمون من عرض الخلافة: ٢٥٣

ويبقى هنا سؤال: ٢٥٣

والجواب: ٢٥٣

وفي النهاية: ٢٥٨

موقف الإمام عليه‌السلام.... ٢٥٩

سؤال يطرح نفسه: ٢٥٩

لا يرضى الإمام عليه‌السلام ، ولا يقتنع المأمون: ٢٦٠

هي قضية مصير: ٢٦١

مبررات قبول الإمام لولاية العهد: ٢٦٣

هل الإمام راغب في هذا الأمر: ٢٦٤

فالسلبية إذن هي الموقف الصحيح: ٢٦٦

لا بد من خطة لمواجهة الموقف: ٢٦٦

خطة الإمام عليه‌السلام.... ٢٦٧

انحراف الحكام: ٢٦٧

العلماء المزيفون وعقيدة الجبر: ٢٦٧

عقيدة الخروج على سلاطين الجور: ٢٦٧

والذي زاد الطين بلة: ٢٦٨

الأئمة في مواجهة مسؤولياتهم: ٢٦٩

وأما عن الإمام الرضا بالذات: ٢٦٩

الخطة الحكيمة: ٢٦٩

مواقف لم يكن يتوقعها المأمون: ٢٧٠

الحكم ليس امتيازاً وإنما هو مسؤولية: ٣٠٩

٤٠٥

وفي نهاية المطاف نقول: ٣١١

القسم الرابع. ٣١١

من خلال الأحداث.. ٣١١

مع بعض خطط المأمون. ٣١١

التوجيهات الراضية غير مقبولة: ٣١١

المأمون يفضح نفسه: ٣١٢

والذي يعنينا الحديث عنه هنا: ٣١٣

لماذا على البصرة فالأهواز: ٣١٤

الإمام يرفض كل مشاركة تعرض عليه: ٣١٨

الاختبار لشعبية الإمام عليه‌السلام: ٣١٩

سؤال.. وجوابه: ٣١٩

وأما كتمه لفضائل الإمام عليه‌السلام: ٣١٩

الشائعات الكاذبة! ٣٢٠

التركيز على إفحام الإمام عليه‌السلام: ٣٢٢

وحتى مع الإمام الجواد قد حاول ذلك: ٣٢٤

ملاحظة لا بد منها: ٣٢٥

الإمام يقول: المأمون سوف يندم: ٣٢٦

الاقتراح العجيب: ٣٢٦

موقف بغداد من المأمون والبيعة للرضا عليه‌السلام: ٣٢٧

وأما نصب ابن شكلة: ٣٢٨

المأمون: هو الذي ينقل لنا اقتراحه العجيب: ٣٢٩

ولماذا هذا العرض: ٣٣٠

المأمون يتحرك نحو بغداد بنفسه: ٣٣١

لكن المأمون لم يكن يثق بالعباسيين: ٣٣٢

ولا كان واثقاً من سكوت الإمام عليه‌السلام: ٣٣٢

كيف يخرج المأمون من المأزق إذن؟! ٣٣٢

٤٠٦

تصفية الإمام عليه‌السلام جسدياً: ٣٣٤

قضية حمام سرخس: ٣٣٤

مقتل الفضل بن سهل: ٣٣٤

ظاهرة قتل الوزراء: ٣٣٧

لا بد من العودة إلى سنة معاوية: ٣٣٧

نبوءة الإمام عليه‌السلام قد تحققت: ٣٣٩

الحقد الدفين: ٣٣٩

كاد المريب أن يقول: خذوني. ٣٤٠

ومع غض النظر عن كل ما تقدم: ٣٤٠

والذي نريده هنا: ٣٤١

الأسئلة التي لن تجد جوابا: ٣٤١

كاد المريب أن يقول: خذوني: ٣٤٣

ما يقال حول وفاة الإمام عليه‌السلام.... ٣٤٣

ماذا ترى بعض الفرق في الحكام: ٣٤٣

انعكاسات هذه العقيدة على التراث: ٣٤٤

إخفاء كل الحقائق عن الأئمة عليهم‌السلام: ٣٤٤

ويبقى هنا سؤال: ٣٤٧

سر اهتمام الخلفاء بأهل العلم: ٣٤٧

ويتفرع على ما سبق: ٣٤٨

عودة على بدء: ٣٤٩

ما عشت أراك الدهر عجبا: ٣٥٠

قول فريق آخر من المؤرخين: ٣٥١

رأي فريق ثالث في ذلك: ٣٥٢

ورأي آخر يقول: ٣٥٢

ورأي فريق خامس يقول: ٣٥٣

ملخص ما سبق: ٣٥٥

٤٠٧

آفة ذلك: هل هو الجهل، أم التعصب: ٣٥٥

نحن.. وما يقوله هؤلاء: ٣٥٦

وبعد. فعلى المكابر: أن يجيب على السؤال التالي: ٣٦٠

رأي الفريق السادس: الرأي الحق: ٣٦١

صدى قتل الرضا في نفس زمن المأمون: ٣٦٤

وفي الشعر أيضاً نجد ما يدل على ذلك: ٣٦٨

الإمام وآباؤه عليهم‌السلام يخبرون بشهادته: ٣٦٩

وحتى الزيارة تؤكد على استشهاده عليه‌السلام: ٣٧٠

القمة الشامخة الخالدة: ٣٧٠

دعبل والمأمون! ٣٧١

الموقف الجريء ٣٧١

كلمة ختامية ٣٧٢

وفي الختام: ٣٧٢

الإكثار من النصوص التاريخية في الكتاب: ٣٧٢

رجاء واعتذار: ٣٧٣

شكر وتقدير: ٣٧٣

رسالة نقد وجوابها ٣٧٤

أما نحن فنقول: ٣٧٤

وثائق هامة ٣٧٧

قصيدة الأمير أبي فراس الحمداني. ٣٧٧

رسالة الفضل بن سهل إلى الإمام عليه‌السلام.... ٣٧٧

هذه الرسالة: ٣٧٧

نص الرسالة: ٣٧٨

وثيقة ولاية العهد. ٣٧٩

مصادر الوثيقة: ٣٧٩

نص الوثيقة ٣٧٩

٤٠٨

صورة ما كان على ظهر العهد، بخط الإمام علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام..... ٣٨٣

الشهود على الجانب الأيمن: ٣٨٤

الشهود على الجانب الأيسر: ٣٨٤

رسالة المأمون إلى العباسيين. ٣٨٥

مصادر الكتاب: ٣٨٥

نص الكتاب: ٣٨٥

رسالة عبد الله بن موسى إلى المأمون. ٣٩٠

النص الأول للرسالة: ٣٩٠

وثمة نص آخر: ٣٩٢

رسالة سفيان إلى هارون. ٣٩٣

مصادر الرسالة: ٣٩٣

مناقشة لا بد منها: ٣٩٣

نص الرسالة: ٣٩٣

قصيدة الأمير أبي فراس الحمداني. ٣٩٥

نقاط رئيسية: ٣٩٥

ولاء. وشجاعة: ٣٩٦

والقصيدة هي: ٣٩٦

٤٠٩

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458