الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٦

الميزان في تفسير القرآن18%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 425

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 425 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128734 / تحميل: 6813
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

بن يزيد، فيه(١) ، وفي التهذيب(٢) .

[١٥٣٧] عبدُ الله بن إبراهيم الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) .

[١٥٣٨] عبدُ الله بن أبي بكر بن (٤) محمّد:

ابن عَمْرو بن حَزْم الأَنْصَارِي، المـَدَنِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٣٩] عبدُ الله بن أَبي الحسين العَلَوي:

روى عن أبيه عن الرضاعليه‌السلام يروي عنه: الشيخ الجليل الصفْواني كما في من لم يرو عنهمعليهم‌السلام (٦) .

__________________

(١) لم نقف على روايته في الكافي بل في تهذيب الأحكام ٧: ١٥٨ / ٧٠٠ وفيه: (يعقوب بن يزيد عن الغفاري)

(٢) تهذيب الأحكام ١: ٤٦٩ / ١٥٣٨، وفيه: (يعقوب بن يزيد عن الغفاري) وانظر رواية التهذيب في الهامش السابق أيضاً.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٥١.

(٤) في الحجرية كلمة: (بن) لم ترد، ومثله في: مجمع الرجال ٣: ٢٥٧ ونقد الرجال: ١٩٣، والصحيح ما في الأصل ظاهراً، لأنه الموافق لما في: منهج المقال: ١٩٧، وجامع الرواة ١: ٤٦٦، ومنتهى المقال: ١٨٤، وتنقيح المقال ٢: ١٦٢، ومعجم رجال الحديث ١٠: ٨٦ والمصدر، وتهذيب الكمال ١٤: ٣٤٩ / ٣١٩٠، والجرح والتعديل للرازي ٥: ١٧ / ٧٧، وتهذيب التهذيب ٥: ١٤٥ / ٢٨١.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ٣٠، وذكره الشيخ أيضاً في أصحاب الإمام السجادعليه‌السلام : ٩٦ / ٩، قائلاً: (عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني توفي بالمدينة سنة عشرين ومائة كنيته اسمه)

(٦) رجال الشيخ: ٤٨٤ / ٤٨.

١٤١

[١٥٤٠] عبدُ الله بن أَبي خَلَف:

عنه: أحمد بن محمّد بن عيسى، في النجاشي، في ترجمة ابنه سعد(١) ، وفي التهذيب، في باب حكم المسافر والمريض في الصيام(٢) ، وفي الإستبصار، في باب المسافة التي يجب فيها التقصير(٣) .

[١٥٤١] عبدُ الله بن أَبي طَلْحَة:

من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٤) ، وهو الذي دعا له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم حملت به امّه، كذا في الخلاصة، في القسم الأول(٥) .

وقال القاضي نعمان المصري في شرح الأخبار في عداد من كان مع أمير المؤمنينعليه‌السلام بصفين: وعبد الله بن أبي طلحة، وهو الذي دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبيه في حمل امّه به، فقال: « اللهم بارك لهما في ليلتهما ».

والخبر في ذلك أن أبا طلحة هذا كان قد خلف على أُمّ أنس ابن مالك بعد أبيه مالك، وكانت أُمّ أنس من أَفضل نساء الأنصار، لمـّا قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة مهاجراً أَهدى إِليه المسلمون على مقاديرهم، فأتت إليه أُمّ أنس بأنس، فقالت: يا رسول الله أَهدى إليك الناس على مقاديرهم، ولم أجد ما أهدي إليك غير ابني هذا، فخذه إليك يخدمك بين يديك، فكان أَنس يخدم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

__________________

(١) رجال النجاشي: ١٧٧ / ٤٦٧.

(٢) تهذيب الأحكام ٤: ٢٢٤ / ٦٥٩.

(٣) الاستبصار ١: ٢٢٦ / ٨٠٣.

(٤) رجال الشيخ: ٥٠ / ٦٥.

(٥) رجال العلاّمة: ١٠٤ / ٦.

١٤٢

وكان [لأمّه(١) ] من أبي طلحة غلام قد ولدته منه، وكان أبو طلحة من خيار الأنصار، وكان يصوم النهار ويقوم الليل، ويعمل سائر نهاره في ضيعة له، فمرض الغلام، وكان أبو طلحة إذا جاء من الليل نظر إليه، وافتقده، فمات الغلام يوماً من ذلك، ولم يعلم أبو طلحة بموته، وعمدت امّه فسجّته في ناحية من البيت، وجاء أبو طلحة فذهب لينظر اليه، فقالت له امّه: دعه، فإنه قد هدأ واستراح، وكتمته أمره فسرّ أبو طلحة بذلك، وآوى إلى فراشه وآوت، وأصاب منها، فلما أصبح قالت: يا أبا طلحة أرأيت قوماً أعارهم بعض جيرانهم عارية فاستمتعوا بها مدّة ثم استرجع العارية أهلها فجعل الذين كانت عندهم يبكون عليها لاسترجاع أهلها إيّاها من عندهم ما حالهم؟ قال: مجانين، قالت: فلا نكون نحن من المجانين، إنَّ ابنك قد(٢) هلك، فتعزّ عنه بعزاء الله، وسلم إليه، وخذ في جهازه.

فأَتى أبو طلحة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأَخْبَره الخبر، فتعجب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أَمْرِها! ودعا لها، وقال: « اللهم بارك لهما في ليلتهما » فحملت تلك الليلة من أبي طلحة بعبد الله هذا، فلمّا وضعته لفّته في خرقة، وأرسلت به مع ابنها أَنس إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فحنّكه ودعا له، وكان من أفضل أبناء الأنصار(٣) .

[١٥٤٢] عبدُ الله بن أَبي محمّد البَصْرِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

__________________

(١) أثبتناه من المصدر، لأن السياق يقتضيه، والضمير يعود إلى أنس.

(٢) لم ترد (قد) في الحجرية.

(٣) شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار: ٢ / ٢٦ ٢٧.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٩ / ١٠٠.

١٤٣

[١٥٤٣] عبدُ الله بن أبي مَيْمُونَة البَصْرِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٤٤] عبدُ الله بن أَحمد بن عَامِر الطَّائِي:

الذي إليه ينتهي تمام طرق الصحيفة المباركة، المعروفة بصحيفة الرضاعليه‌السلام وقد مرّ كثير منها في الفائدة الثانية، ومرّ أَنّها من الأصول المعتبرة، التي أخرجت أخبارها شيوخ الطائفة في مجاميعهم، بطرقهم التي تنتهي إليه عن أبيه عن الرضاعليه‌السلام (٢) . ومنه يعلم أنه ثقة مسكون إليه.

[١٥٤٥] عبدُ الله [بن (٣) ] الأَزْهَر العَامِري:

مولى بني عقيل، كُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٤٦] عبدُ الله بن إِسْحَاق الجَعْفَرِيّ:

الهَاشِمِيّ، المـَدَنِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٤٧] عبدُ الله بن إِسْحَاق العَلَوِيّ:

يروي عنه ثقة الإسلام بتوسط شيخه الجليل علي بن محمّد كثيراً(٦) .

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٩.

(٢) مرَّ في خاتمة المستدرك في الفائدة الثانية ١: ٢١٧ (الطبعة المحققة)

(٣) كلمة (بن) لم ترد في الأصل والحجرية، والصحيح كما أثبتناه من المصدر لأنه الموافق لكتب الرجال: رجال الشيخ ومنهج المقال: ١٩٩، ومجمع الرجال ٣: ٢٦٥، ونقد الرجال: ١٩٤، وتنقيح المقال ٢: ١٦٨، ومعجم رجال الحديث ١٠: ١١٠.

وما في جامع الرواة ١: ٤٧١ موافق لما في الأصل والحجرية.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٦.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٢.

(٦) الكافي ٣: ٣٩٧ ٣٩٩ / ٢، ٣، ٥، ١١.

١٤٤

[١٥٤٨] عبدُ الله بن أَسَد(١) الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) عنه: زكريا المؤمن.

[١٥٤٩] عبدُ الله بن الأَسْوَد الثَّقَفِيّ:

مولى آل عمرو بن هِلال الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) .

[١٥٥٠] عبدُ الله بن أُسَيْد القُرَشِيُّ:

الأخْنَسِيَّ، الكُوفِي، أسْنَدَ عَنْهُ، مات سنة ثمان وثمانين ومائة، وهو ابن سبعين، أو إحدى وسبعين سنة، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٥١] عبدُ الله بن أعْيَن:

في الوجيزة(٥) ، والبلغة(٦) : ممدوح. وفي التهذيب: علي بن الحسين، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر، عن الحسين بن موسى، عن جعفر بن عيسى، قال: قَدِمَ أبو عبد اللهعليه‌السلام مكّة، فسألني عن عبد الله بن أَعْيَن؟ فقلت: مات. إلى أنْ قال: فرفععليه‌السلام يديه يدعو، واجتهد في الدعاء، وترحّم عليه(٧) . كذا في نسختي، وهي صحيحة جدّاً، وكذا في نسخ جماعة، إلاّ أَنّ بعضهم نقله عنه، وفيه بدل عبد الله: عبد الملك(٨) ، وعليه أخرجناه في ترجمته، ثم

__________________

(١) في حاشية الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: (راشد نسخة بدل)

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٨.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٥.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨٢.

(٥) الوجيزة: ٢٩.

(٦) بلغة المحدثين: ٣٧٥ / ١٦، وفيها: ثقة.

(٧) تهذيب الأحكام ٣: ٢٠٢ / ٤٧٢.

(٨) منهم الأسترآبادي في منهجه: ٢١٥، والوحيد في تعليقته على المنهج: ٢١٥، والسيد التفريشي في نقد الرجال: ٢١١، وأبو علي الحائري في المنتهى: ١٨٥.

١٤٥

احْتمل الاشتباه، بل رام(١) إلى الحكم [بعدم(٢) ] وجود عبد الله! وهو ضعيف.

ففي الكافي، في باب ميراث أهل الملل، بإسناده: عن موسى بن بكر، عن عبد الله بن أَعْيَن، قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام (٣) . الخبر.

[١٥٥٢] عبدُ الله بن أُمَيَّة السَّكُونِيّ (٤) :

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٥٣] عبدُ الله بن أَيُّوب الأَسَدِي:

مولاهم، الكوفي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) .

[١٥٥٤] عبدُ الله بن بَحْر:

روى عن أبي بصير [والرجل(٧) ] ضعيف، مُرتفع القول، كذا في الخلاصة(٨) تبعاً للغضائري كما يظهر من النقد(٩) .

__________________

(١) فاعل احتمل بالبناء للمعلوم - (ورام) ضميره مستتر تقديره هو يعود إلى البعض المذكور قبله.

(٢) في الأصل والحجرية: (بعد)، وما بين العضادتين هو الصحيح لاشتباه البعض المذكور بعدم وجود عبد الله كما هو صريح كلامهم، فلاحظ.

(٣) الكافي ٧: ١٤٣ / ٤.

(٤) في المصدر بدل السكوني: (الكوفي)، ومثله في: حاشية الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: في (نسخة بدل)

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٣٥.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٥٢.

(٧) في الأصل والحجرية: (والرجال)، ومثلهما في: نقد الرجال: ١٩٤، ومجمع الرجال: ٣ / ٢٦٦ كلاهما عن الغضائري وجامع الرواة ١: ٤٧٢ عن رجال العلاّمة وابن داود وما بين المعقوفتين أثبتناه من: رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٤، وابن داود: ٢٥٣ / ٢٦٤، وهو الصحيح فلاحظ.

(٨) رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٤.

(٩) نقد الرجال: ١٩٤.

١٤٦

وفيه مضافاً إلى ضَعف تضعيفاته من وجوه: أنَّ رواية الأجلَّة عنه كثيراً تكشف عن استقامته ووثاقته، فروى عنه: الحسين بن سعيد في التهذيب، في باب حكم الجنابة(١) ، وفي باب حكم الحيض(٢) ، وفي باب صلاة العيدين، من أبواب الزيادات(٣) ، وفي الإستبصار، في باب تحريم السَّمك الطافي(٤) ، وفي الكافي، في باب ضمان ما يفسده البهائم(٥) والعباس بن معروف(٦) ، ومحمّد بن الحسين(٧) ، والحسن بن علي بن النعمان(٨) ، ومحمّد بن خالد(٩) .

[١٥٥٥] عبدُ الله بن بُدَيل بن وَرْقاء الخُزاعي:

رسول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أخويه عبد الرحمن ومحمّد إلى اليمن، وفي الكشي عدّه من التابعين، ورؤسائهم، وزهّادهم(١٠) ، وهو من شهداء صفين بعد ان أبلي بلاءً حسناً لم ير مثله.

وروى نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمر بن سعد، عن (عبد الله بن كعب)(١١) قال: لما قتل عبد الله بن بُدَيل(١٢) يوم صِفِّين، مرّ به

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١: ١٢٩ / ٣٥٥.

(٢) تهذيب الأحكام ١: ١٨١ / ٥١٨.

(٣) تهذيب الأحكام ٣: ١٣٢ / ٢٨٩.

(٤) الاستبصار ٤: ٦١ / ٤.

(٥) الكافي ٥: ٣٠٢ / ٣.

(٦) تهذيب الأحكام ٢: ١١٣ / ٤٢٣.

(٧) تهذيب الأحكام ٤: ١٥٨ / ٥٩٩.

(٨) الاستبصار ٤: ١٥٨ / ٥٩٩.

(٩) أُصول الكافي ١: ١٠٤ / ٤.

(١٠) رجال الكشي ١: ٢٨٦ / ١٢٤.

(١١) في المصدر: عبد الرحمن بن عبد الله، وفي هامشه عن شرح ابن أبي الحديد: عبد الرحمن بن كعب.

(١٢) في المصدر: (أن عبد الله بن كعب قتل يوم صفين)، وفي هامشه: (في ح [أي شرح ابن أبي الحديد]: عبد الله بن بديل)

١٤٧

الأسود بن طُهَمان الخُزاعي(١) وهو بآخر رمق فقال: رحمك الله يا عبد الله، إن كان جارك لنا من سوابقك، وإن كنت لمن الذاكرين الله كثيراً، أوصني رحمك الله قال: أُوصيك بتقوى الله، وأَن تناصح أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وتقاتل معه، حتّى يظهر الحق، أَو تلحق بالله، وأَبْلِغْ أمير المؤمنينعليه‌السلام مني السلام، وقال: قاتل على المعركة، حتّى تجعلها ظهرك، فإنه من أصبح والمعركة خلف ظهره كان الغالب، ثم لم يلبث أن مات، فأقبل الأسود إلى عليعليه‌السلام فأخبره، فقال:رحمه‌الله ، جاهد عدونا في الحياة، ونصح لنا في الوفاة(٢) .

وفي شرح الأخبار للقاضي نعمان المصري في ذكر من كان معهعليه‌السلام بصفين: وعبد الله(٣) بن بديل الخزاعي، الذي بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، قتل يوم صفين في ثلاث ألف رجل، انفردوا للموت، فقتلوا من أهل الشام نحواً من عشرين ألفاً، ولم يزالوا يقتل منهم الواحد بعد الواحد، حتّى قتلوا عن آخرهم، قال: وعبد الله بن بديل من الذين وصفهم الله تعالى بقوله:( وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ) (٤) (٥) الآية.

__________________

(١) في المصدر: (فمرّ به الأسود بن قيس)، وفي هامشه: (في ح: الأسود بن طهمان الخزاعي)

(٢) وقعة صفين: ٤٥٦، مع اختلاف يسير.

(٣) في المصدر: (عبد الرحمن)

(٤) التوبة: ٩ / ٩٢.

(٥) شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار: ٢ / ٣٢.

١٤٨

[١٥٥٦] عبدُ الله بن بَشِير الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٥٧] عبدُ الله بن بَكَّار الهَمْدَانِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٥٨] عبدُ الله بن بكر (٣) المـُرادِيّ:

الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٥٩] عبدُ الله بن بُكَيْر الهَجَرِيّ:

يروي عنه علي بن الحكم(٥) .

[١٥٦٠] عبدُ الله بن جعفر بن أبي طالب:

في الخلاصة: كان جليلاً، قليل الرواية(٦) ، وأُمّه أسماء بنت عُمَيْس، وزوجته زينب بنت عمة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وفضائله كثيرة، مشهورة، يروي عنه سُلَيم بن قَيْس(٧) .

وفي شرح الأخبار: عن محمّد بن سلام، بإسناده عن عون بن عبد الله، عن أبيه وكان كاتباً لعليعليه‌السلام أنّه سئل عن تسمية من شهد مع عليعليه‌السلام حروبه. إلى أن قال: قال: عبد الله بن جعفر الذي قال له

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ١٩.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٠.

(٣) في الحجرية وحاشية الأصل (بكير) ومثله في: مجمع الرجال: ٣ / ٢٧٠، ونقد الرجال: ١٩٥، وتنقيح المقال: ٢ / ١٧٢، وعن بعض النسخ في: منهج المقال، وجامع الرواة ورجال الشيخ.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٤١، وفيه: بكير وفي بعض نسخه: بكر.

(٥) أُصول الكافي ٢: ١٣٥ / ٢.

(٦) رجال العلاّمة: ١٠٣ / ٢.

(٧) أُصول الكافي ١: ٤٤٤ / ٤.

١٤٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إِنَّ أَباك أشبه خلقه خلقي، وقد أشبهت خلق أبيك(١) .

[١٥٦١] عبدُ الله بن جعفر الجَعْفريّ:

المـَدَنِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٦٢] عبدُ الله بن جَعْفر المـَخْزُومِي (٣) :

المـَدَنِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٦٣] عبدُ الله بن جَعْفر بن نَجِيح:

المـَدَنِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٦٤] عبدُ الله بن الحارث بن بَكْر بن وَائِل:

عدّه البرقي مع أخيه رَباح في رجاله من خواص أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام من ربيعة(٦) .

[١٥٦٥] عبدُ الله بن حَجَل.

كسابقه(٧) .

[١٥٦٦] عبدُ الله بن حَرْب الجَوْزِي:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٨) .

__________________

(١) شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار: ٢ / ١٧.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٤.

(٣) كذا في الحجرية وحاشية الأصل (في نسخة بدل)، وهو الموافق لما في مجمع الرجال: ٣ / ٢٧٤، وفي الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: (المخزومي) وأكثر كتب الرجال أشارت إلى الاسمين.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٦.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٦.

(٦) رجال البرقي: ٥.

(٧) رجال البرقي: ٥.

(٨) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨١.

١٥٠

[١٥٦٧] عبدُ الله بن حَسّان بن حُمَيْد(١) :

الكُوفِيّ، المـَدَنيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) عنه: خلف بن حماد(٣) .

[١٥٦٨] عبدُ الله بن الحَسَن بن جَعْفر:

ابن الحَسَن بن الحَسَن، الحَسَنيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٦٩] عبدُ الله بن الحسن بن الحسن:

ابن علي بن أبي طالب (عليهما السّلام)، أبو محمّد، هَاشِمي، مَدَني، تابعي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) هذا هو عبد الله والد محمّد الدّاعي المقتول، الملقب بالنفس الزَّكيّة، وقد ورد في عبد الله بعض الطعُون، إلاّ أنّ فيما كتبه أبو عبد اللهعليه‌السلام إليه حين حمل هو وأهل بيته يعزّيه عمّا صار إليه ما يدفعها، وأوّله:

بسم الله الرحمن الرحيم، إلى الخلف الصالح، والذريّة الطيبة من ولد أخيه وابن عمه. إلى آخر ما تقدم في باب استحباب الصبر على البلاء من كتاب الطهارة(٦) ، فلاحظ.

__________________

(١) في المصدر: (بن جميع)، وما في الأصل هو الصحيح لأنه الموافق لما في: منهج المقال: ٢٠٢، ومجمع الرجال: ٣ / ٢٧٧، ونقد الرجال: ١٩٧، وجامع الرواة: ١ / ٤٨١، وتنقيح المقال: ٢ / ١٧٩.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٩ / ١٠١.

(٣) تهذيب الأحكام ٦: ٣٤ / ٦٩.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٠.

(٥) رجال النجاشي: ٢٢٢ / ١، وذكره كذلك في أصحاب الإمام الباقرعليه‌السلام : ١٢٧ / ٣ قائلاً: شيخ الطالبين رضى الله عنه.

(٦) مستدرك الوسائل ٢: ٤١٦.

١٥١

[١٥٧٠] عبدُ الله بن الحسن الشَّيباني:

أخو محمّد بن الحسن الفقيه، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٧١] عبدُ الله بن الحَسَن الصَّيرَفيّ:

الكُوفيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٧٢] عبدُ الله بن الحسن العَلَوي:

المتكرر في الأسانيد، والذي ظهر لنا بعد التأمل هو: عبد الله بن الحسن بن علي بن الإمام جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) العُرَيْضي.

وهو من مشايخ الشيخ الجليل عبد الله بن جعفر الحميري، وعليه اعتمد في طريقه إلى كتاب علي بن جعفرعليه‌السلام ، قال في أوّل باب قُرب الاسناد إلى أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليهما السّلام): حدّثنا عبد الله بن الحسن العلوي، عن جدّه علي بن جعفر، قال: سألت أخي. إلى آخره(٣) ، وساق جميع ما في الكتاب مرتباً على الأبواب بهذا السند.

ويروي عنه ثقة الإسلام مكرراً(٤) بتوسط: محمّد بن الحسن الصفار(٥) على المشهور والمختار بن محمّد بن المختار(٦) ، وعنه: فضيل بن عثمان(٧) ، ويحيى بن عمران الحلبي(٨) ، ويحيى بن مهران(٩) ، ومحمّد بن أحمد

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٨.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٥.

(٣) قرب الاسناد: ١٧٦ / ٦٤٦.

(٤) في الحجرية: (متكررا)

(٥) الكافي ٥: ٤٦٤ / ٣، الكافي ٧: ٢٩٤ / ١٦.

(٦) أُصول الكافي ١: ١٠٧ / ٣.

(٧) تهذيب الأحكام ٣: ٢٦٣ / ٧٤٥.

(٨) الكافي ٣: ٣١ / ٢، وفيه: (عبيد الله بن الحسن)

(٩) تهذيب الأحكام ٦: ٣٦١ / ١٠٣٦.

١٥٢

العلوي(١)

[١٥٧٣] عبدُ الله [بن (٢) ] الحسن المـُؤدّب:

من مشايخ علي بن الحسين بن بابويه، وعليه اعتمد هو وولده في رواية كتب إبراهيم الثَّقفي كما مرّ في شرح المشيخة(٣) .

[١٥٧٤] عبدُ الله بن الحسين بن أبي يَزِيد:

الهَمْدَانِيّ، المـَشَاعِرِي، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٧٥] عبدُ الله بن حَمْدَوَيْه بَيْهَقِيّ:

ذكره الشيخ في أصحاب العسكريعليه‌السلام (٥) ، وفي الكشي في رجال الرضاعليه‌السلام ومن كتاب له إلى عبد الله بن حمدويه البيهقي: وبعد فقد رضيت لكم إبراهيم بن عبدة(٦) . إلى أن قال: ورحمهم وإيّاك معهم برحمتي لهم والله واسع كريم(٧) .

[١٥٧٦] عبدُ الله بن خَبّاب بن الأرَتّ:

من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٨) وكان عامله في النَّهروان، وقتله

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٨: ١٩ / ٦٠، وفيه: (عبد الله بن الحسن عن جده عن علي بن جعفر)، الظاهر (عن) الثانية زيادة، والصحيح: (عن جده علي بن جعفر) كما ورد في أسانيد قرب الاسناد السابقة الذكر، وأيضاً كما أشار إليه المصنفقدس‌سره في كلامه بعد التأمل، فلاحظ.

(٢) ما بين المعقوفين لم يرد في الأصل فقد أثبتناه من الحجرية ولأنه الموافق لكتب الرجال: منهج المقال: ٢٠٢، ومجمع الرجال: ٣ / ٣٧٨، ونقد الرجال: ١٩٧ وغيرها.

(٣) تقدم في الجزء الرابع صحيفة: ٢١، الطريق رقم: [١٠].

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧١.

(٥) رجال الشيخ: ٤٣٢ / ٥.

(٦) في الحجرية: (عبيدة)

(٧) رجال الكشي ٢: ٨٤٨ / ١٠٨٩.

(٨) رجال الشيخ: ٥٠ / ٦٢ مع زيادة (قتله الخوارج قبل وقعة النهروان)

١٥٣

الخوارج في أول خروجهم فوق خنزير ذبحوه، وقالوا: والله ما ذبحنا لك ولهذا الخنزير إلاّ واحداً، وبقروا(١) بطن زوجته وهي حامل وذبحوها، وذبحوا طفله الرضيع فوقه، ولمـّا التقى الجمعان، استنطقهم عليٌّعليه‌السلام بقتل عبد الله، فأقرّوا كلّهم كتبية بعد كتبية، فقالعليه‌السلام : لو أقرّ أهل الدنيا كلّهم بقتله هكذا وأنا اقدر على قتلهم به لقتلتهم(٢) .

[١٥٧٧] عبدُ الله بن خليفة:

يكنى أبا العَرِيف، الهَمْدَانِيّ، كذا في رجال الشيخ، في أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٣) .

وفي أمالي الشيخ المفيد: عن أبي الحسن علي بن محمّد الكاتب، عن الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعْفَرانِيّ، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقَفيّ، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن شمرَ قال: سمعت جابر بن يزيد يقول: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي (عليهما السّلام) يقول: حدثني أبي، عن جدّي، قال: لمـّا توجه أمير المؤمنينعليه‌السلام من المدينة إلى الناكثين بالبصرة، نزل الرَّبَذَة، فلمّا ارتحل منها، لقيه عبد الله بن خليفة الطائي، وقد نزل بمنزل يقال له: قائد(٤) ، فقرّبه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال له عبدُ الله: الحمد لله الَّذي ردّ الحقَّ إلى أهله، ووضعه في موضعه، كره

__________________

(١) بقرت الشيء بقراً: فتحته ووسعته، ومنه قولهم: أبقرها عن جنينها أي شُقّ بطنها عن ولدها، الصحاح: ٢ / ٥٩٤ بقر -.

(٢) راجع: الكامل للمبرّد ٣ / ١١٣٤ وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٢ / ٢٨١، وأُسد الغابة: ٣ / ١١٩.

(٣) رجال الشيخ: ٤٨ / ٢٥.

(٤) كذا في الأصل والحجرية. وقد يكون: قُدَيْد، اسم موضع قرب مكة، انظر معجم البلدان ٤: ٣١٣ قُديد -.

١٥٤

ذلك قوم أو سرّوا به، فقد والله كرهوا محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونابذوه، وقاتلوه، فردّ الله كيدهم في نحورهم، وجعل دائرة السَّوء عليهم، والله لنجاهدنَّ معك في كلِّ موطن حفظاً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرحَّب به أمير المؤمنينعليه‌السلام وأَجْلَسَه إلى جنبه وكان له حبيباً ووليّاً وأخذ يسأله عن الناس، الخبر(١) .

وفيه مواضع تدلّ على كثرة إخلاصه، وقوّة إيمانه، فَيُحْتمل كونه الهمداني المذكور في رجال الشيخ، أو غيره، والله العالم.

[١٥٧٨] عبدُ الله بن دُكَيْن الكُوفِيّ:

أبو عَمْرُو، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٧٩] عبدُ الله بن رَاشِد الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) عنه: جعفر بن بشير، في الكافي، في باب من يدخل القبر(٤) ، وأبان بن عثمان، فيه(٥) ، ويحيى بن عمر، فيه(٦) ، وفي التهذيب، في باب تلقين المحتضرين(٧) .

[١٥٨٠] عبدُ الله بن رجَاء المـَكّي:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٨) .

__________________

(١) أمالي المفيد: ٢٩٥.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٨٧.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٧.

(٤) الكافي ٣: ١٩٣ / ١.

(٥) الكافي ٣: ١٩٤ / ٧.

(٦) الكافي ٣: ١٩٤ / ٨.

(٧) تهذيب الأحكام ١: ٣٢٠ / ٩٣٠.

(٨) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٧.

١٥٥

[١٥٨١] عبدُ الله بن رَزِين:

في الكافي، في مولد أبي جعفر الثانيعليه‌السلام : الحسين بن محمّد الأشعري قال: حدثني شيخ من أصحابنا يقال له: عبد الله بن رزين قال: كنت مجاوراً بالمدينة مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان أبو جعفرعليه‌السلام يجيء في كلّ يوم مع الزوال إلى المسجد، فينزل في الصحن، ويصير إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويسلّم عليه، ويرجع إلى بيت فاطمة (سلام الله عليها) فيخلع نعليه، ويقوم فيصلّي، فوسوس إليّ(١) الشيطان فقال: إذا نزل فاذهب حتّى تأخذ من التراب الذي يطأ عليه، فجلست في ذلك اليوم انتظره لأفعل هذا، فلمّا أن كان وقت الزوال أقبلعليه‌السلام على حمار له(٢) ، فلم ينزل في الموضع الذي كان ينزل فيه، وجاء حتّى نزل على الصخرة التي على باب المسجد، ثم دخل، الخبر(٣) .

وفيه معاجز كثيرة، ويدلّ على حسن عقيدته وخلوصه في إيمانه، مضافاً إلى قول الأشعري.

[١٥٨٢] عبدُ الله بن رواحة بن ثَعْلبة:

ابن امْرِئ القَيّس الخَزْرَجيّ، الشاعر، الشهيد بمؤتة، وكان ثالث الأُمراء الذي عينهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تلك الغزوة.

وفي تفسير الإمامعليه‌السلام في الخبر الذي تقدَّم في زيد بن حارثة انه قال: إِنَّه رأى في تلك الليلة ضوءً خارجاً من في عبد الله بن رواحة كشعاع القمر في الليلة المظلمة. إلى أن قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأمّا عبد الله

__________________

(١) في الحجرية: (إليه)

(٢) له) لم ترد في الحجرية.

(٣) أُصول الكافي ١: ٤١٢ / ٢.

١٥٦

ابن رواحة، فإنَّه كان برّاً بوالديه، فكثرت غنيمته في هذه الليلة، فلمّا كان من غد قال له أبوه: إِنّي وأُمّك لك محبّان، وإِنَّ امرأتك فلانة تؤذينا وتعنينا، وإنّا لا نأمن أن تصاب في بعض هذه المشاهد، ولسنا نأمن أَن تستشهد في بعضها، فتداخلنا هذه في أموالك، ويزداد علينا بغيها وعنتها، فقال عبد الله: ما كنت أعلم بغيها عليكم، وكراهتكما لها، ولو كنت علمت ذلك لأبَنْتها من نفسي، ولكنّي أَبنتها الآن، لتأمنا ما تحذران، فما كنت الذي أُحبّ مَنْ تكرهان، فلذلك أسلفه النور الذي رأيتم، الخبر(١) .

وفي دعائم الإسلام، بإسناده عن عليعليه‌السلام قال: أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقيل: يا رسول الله إِنّ عبد الله بن رواحة ثقيل لما به، فعادهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأصابه مغمى عليه، والنساء يتصارخن حوله، فدعاه ثلاثاً فلم يجبه فقال: اللهم هذا عبدك، إِنْ كان قد انقضى أجله ورزقه، فإلى جنتك ورحمتك، وإِنْ لم ينقض أجله ورزقه وأثره، فعجّل شفاه وعافيته، فقال بعض القوم: عجباً لعبد الله بن رواحة وتعرضّه في غير موطن للشهادة، فلم يرزقها حتّى يقبض على فراشه! فقال: ومَنْ الشهيد من أُمتي؟ فقالوا: أليس هو الذي يُقتل في سبيل الله مقبلاً غير مدبر، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ شهداء أُمتي إذاً لقليل!؟ الشهداء الذي ذكرتم، والطعين، والمبطون، وصاحب الهدم، والغرق(٢) ، والمرأة تموت جُمعاً، قالوا: وكيف تموت جُمْعاً؟ قال: يعترضُ ولدها في بطنها، ثم قامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوجد عبد الله خِفَّةً، فأخبرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا عبد الله حدّث بما رأيت فقد رأيت عجباً!

__________________

(١) تفسير الامام الحسن العسكريعليه‌السلام : ٦٤٠ ٦٤٢.

(٢) في المصدر: الغريق.

١٥٧

فقال: يا رسول الله [رأيت(١) ] ملكاً من الملائكة، في يده مِقْمَعة من حديد، تأجج ناراً كلّما صَرَخَتْ صارخةٌ يا جبلاه أهوى بها لهامّتي، وقال: أَنت جبلها، فأقول: لا، بل الله، فكيف بعد اهوائها، وإذا صَرَخَتْ صارخة يا عزّاه أهوى بها لهامّتي، وقال: أنت عزّها، فأقول: لا، بل الله، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صدق عبد الله فما بال موتاكم يبتلون بقول(٢) أحياكم(٣) . وفيه مدح عظيم.

والجواب عن إيهامه تعذيب الميت ببكاء الحيّ الذي أنكره أصحابنا مذكور في محلّه(٤) ، وفيما ورد في غزوة مؤتة ما يدلّ على جلالته، وعلوّ قدره، وثبات إيمانه، والعجب من أصحاب التراجم كيف غفلوا عن ذكره!؟

[١٥٨٣] عبدُ الله بن زياد الحَنَفِي:

مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٨٤] عبدُ الله بن زياد بن سَمْعان:

مولى أمّ سلمة، مكّي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) .

[١٥٨٥] عبدُ الله بن زياد النَّخَعِي:

الكُوفيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٧) .

__________________

(١) ما بين المعقوفتين زيادة أضفناها من المصدر.

(٢) في الحجرية: (بموت)

(٣) دعائم الإسلام ١: ٢٢٥.

(٤) راجع تذكرة الفقهاء ٢: ١١٩.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٣٨.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٤٥.

(٧) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ٢٢.

١٥٨

[١٥٨٦] عبدُ الله بن سابِري الوَاسِطِي:

الزَّيات، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٨٧] عبدُ الله بن سَالِم:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) وفي النقد عن الغضائري -: ضعيف، مرتفع القول، لا يعبأ به(٣) ، وتبعه [في(٤) ] الخلاصة(٥) .

وأنت خبير بأن تضعيف الغضائري في نفسه لا يقاوم توثيق الجماعة ما في أصحاب الصادقعليه‌السلام .

[١٥٨٨] عبدُ الله بن سَعِيد الوَابِشيّ:

أبو محمّد، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) . وفي التعليقة: يروى عنه الحسن بن محبوب(٧) .

[١٥٨٩] عبدُ الله بن سَلام:

عدّه في رجال الشيخ من أصحاب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٨) ، وأهمله المترجمون كافّة، وله مسائل معروفة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رواها المفيد في الاختصاص(٩) ، وغيره.

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨٤ وفيه بدل سابري: (سائر)، والصحيح ما في الأصل الموافق لما في نسخة اخرى من رجال الشيخ، ومنهج المقال: ٢٠٣، ومجمع الرجال ٤: ٢٨٤، ونقد الرجال: ١٩٩، وجامع الرواة ١: ٤٨٥، وغيرها.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٨٨.

(٣) نقد الرجال: ١٩٩.

(٤) ما بين المعقوفتين زيادة أضفناها لمقتضى السياق.

(٥) رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٣.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٦٨.

(٧) تعليقة الوحيد على منهج المقال: ٣٥٢.

(٨) رجال الشيخ: ٢٣ / ١٢.

(٩) الاختصاص: ٤٢.

١٥٩

وفي البحار: وجدت في بعض الكتب القديمة هذه الرواية فأوردتها بلفظها، ووجدتها أيضاً في كتاب ذكر الأقاليم والبلدان والجبال والأنهار والأشجار مع اختلاف يسير في المضمون، وساق الرواية، وهي طويلة، وقال في آخرها: إِنّما أوردت هذه الرواية لاشتهارها بين الخاصّة والعامّة، وذكر الصدوق وغيره من أصحابنا أكثر أجزائها بأسانيدهم في مواضع. إلى آخره.

وصدر الرواية مسائل عبد الله بن سلام وكان اسمه أسماويل، فسمّاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عبد الله. عن ابن عباس (رضى الله عنه) قال: لمـّا بعث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر عليّاًعليه‌السلام أن يكتب كتاباً إلى الكفّار، وإلى النصارى، وإلى اليهود، ثم ذكر كتابهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى يهود خيبر، وأنّهم أتوا إلى شيخهم ابن سلام وأخبروه، وانه استخرج من التوراة ألف مسألة وأربعمائة مسألة وأربع مسائل من غامض المسائل، وأنه أتى إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا بن سلام جئتني تسألني عن ألف مسألة وأربعمائة مسألة وأربع مسائل نسختها من التوراة، فنكس عبد الله بن سلام رأسه، وبكى، وقال: صدقت يا محمّد، ثم أخذ في السؤال.

وفي آخر الخبر، قال: امدد يدك الشريفة، أَنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنك لرسول الله، وإن الجنّة حقّ، والميزان حقّ، والحساب حقّ، والساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، فكبّرت الصحابة عند ذلك، وسمّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله بن سلام(١) .

__________________

(١) بحار الأنوار ٦٠: ٢٤١ ٢٦١.

١٦٠

فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ( ١٥ ) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ( ١٦ ) فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ( ١٧ ) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ( ١٨ ) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا  وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ ( ١٩ )

( بيان)

تفتتح السورة بوعد من الله و هو أنّ الروم ستغلب الفرس في بضع سنين بعد انهزامهم أيّام نزول السورة عن الفرس ثمّ تنتقل منه إلى ذكر ميعاد أكبر و هو الوعد بيوم يرجع الكلّ فيه إلى الله و تقيم الحجّة على المعاد ثمّ تنعطف إلى ذكر آيات الربوبيّة و تصف صفاته تعالى الخاصّة به ثمّ تختتم السورة بوعد النصر للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و تؤكّد القول فيه إذ تقول:( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ ) و قد قيل قبيل ذلك:( كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ‏ ) .

فغرض السورة هو الوعد القطعيّ منه تعالى بنصرة دينه و قد قدّم عليه نصر الروم على الفرس في بضع سنين من حين النزول ليستدلّ بإنجاز هذا الوعد على إنجاز ذلك الوعد، و كذا يحتجّ به و من طريق العقل على أنّه سينجز وعده بيوم القيامة لا ريب فيه.

قوله تعالى: ( غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ) الروم جيل من الناس على ساحل البحر الأبيض بالمغرب كانت لهم إمبراطوريّة وسيعة منبسطة إلى الشامات وقعت بينهم و بين الفرس حرب عوان في بعض نواحي الشام قريباً من الحجاز فغلبت الفرس و انهزمت الروم، و الظاهر أنّ المراد بالأرض أرض الحجاز و اللّام للعهد.

١٦١

قوله تعالى: ( وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ ) ضمير الجمع الأوّل للروم و كذا الثالث و أمّا الثاني فقد قيل إنّه للفرس و المعنى: و الروم من بعد غلبة الفرس سيغلبون، و يمكن أن يكون الغلب من المصدر المبنيّ للمفعول و الضمير للروم كالضميرين قبلها و بعدها فلا تختلف الضمائر و المعنى: و الروم من بعد مغلوبيّتهم سيغلبون. و البضع من العدد من ثلاثة إلى تسعة.

قوله تعالى: ( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ ) قبل و بعد مبنيّان على الضمّ فهناك مضاف إليه مقدّر و التقدير لله الأمر من قبل أن غلبت الروم و من بعد أن غلبت يأمر بما يشاء فينصر من يشاء و يخذل من يشاء.

و قيل: المعنى لله الأمر من قبل كونهم غالبين و هو وقت كونهم مغلوبين و من بعد كونهم مغلوبين و هو وقت كونهم غالبين أي وقت كونهم مغلوبين و وقت كونهم غالبين و المعنى الأوّل أرجح إن لم يكن راجحاً متعيّناً.

قوله تعالى: ( وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) الظرف متعلّق بيفرح و كذا قوله( يَنْصُرُ ) و المعنى: و يوم إذ يغلب الروم يفرح المؤمنون بنصر الله الروم، ثمّ استأنف و قال:( يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ ) تقريراً لقوله:( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ ) .

و قوله:( وَ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) أي عزيز يعزّ بنصره من يشاء رحيم يخص برحمته من يشاء.

و في الآية وجوه اُخر ضعيفة ذكروها:

منها أنّ قوله:( وَ يَوْمَئِذٍ ) عطف على قوله:( مِنْ قَبْلُ ) و المراد به شمول سلطنته تعالى لجميع الأزمنة الثلاثة: الماضي و المستقبل و الحال كأنّه قيل: لله الأمر من قبل و من بعد و يومئذ ثمّ ابتداء و قيل: يفرح المؤمنون بنصر الله. و فيه أنّه يبطل انسجام الآية و ينقطع به آخرها عن أوّلها.

و منها: أنّ قوله:( بِنَصْرِ ) متعلّق بقوله:( الْمُؤْمِنُونَ ) دون( يَفْرَحُ ) و يدلّ بالملازمة المقاميّة أنّ غلبة الروم بنصر من الله.

١٦٢

و فيه أنّ لازمه أن يفرح المؤمنون يوم غلبة الفرس و يوم غلبة الروم جميعاً فإنّ في الغلبة نصراً و كلّ نصر من الله قال تعالى:( وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) آل عمران: ١٢٦ فقصر فرح المؤمنين بالنصر بيوم غلبة الروم ترجيح بلا مرجّح فافهمه.

و منها: أنّ المراد بنصر الله نصر المؤمنين على المشركين يوم بدر دون نصر الروم على الفرس و إن توافق النصران زماناً فكأنّه قيل: إنّ الروم سيغلبون في بضع سنين و يوم يغلبون يغلب المؤمنون المشركين فيفرحون بنصر الله إيّاهم.

و فيه أنّ هذا المعنى لا يلائم قوله بعد:( يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ ) .

و منها: أنّ المراد بالنصر نصر المؤمنين بصدق إخبارهم بغلبة الروم، و قيل: النصر هو استيلاء بعض الكفّار على بعض و تفرّق كلمتهم و انكسار شوكتهم. و هذان و ما يشبههما وجوه لا يعبؤ بها.

قوله تعالى: ( وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) ( وَعْدَ اللهِ ) مفعول مطلق محذوف العامل و التقدير وعد الله وعداً و إخلاف الوعد خلاف إنجازه و قوله:( وَعْدَ اللهِ ) تأكيد و تقرير للوعد السابق في قوله:( سَيَغْلِبُونَ ) و( يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ) كما أنّ قوله:( لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ ) تأكيد و تقرير لقوله:( وَعْدَ اللهِ ) .

و قوله:( لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ ) كقوله:( إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ ) الرعد: ٣١ و خلف الوعد و إن لم يكن قبيحاً بالذات لأنّه ربّما يحسن عند الاضطرار لكنّه سبحانه لا يضطرّه ضرورة فلا يحسن منه خلف الوعد في حال.

على أنّ خلف الوعد يلازم النقص دائماً و يستحيل النقص عليه تعالى.

على أنّه تعالى أخبر في كلامه بأنّه لا يخلف الميعاد و هو أصدق الصادقين و هو القائل عزّ من قائل:( وَ الْحَقَّ أَقُولُ ) ص: ٨٤.

و قوله:( وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) أي هم جهلاء بشؤونه تعالى لا يثقون بوعده و يقيسونه إلى أمثالهم ممّن يصدّق و يكذب و ينجز و يخلف.

قوله تعالى: ( يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ )

١٦٣

جملة( يَعْلَمُونَ ) على ما ذكره في الكشّاف، بدل من قوله:( لا يَعْلَمُونَ ) و في هذا الإبدال من النكتة أنّه أبدله منه و جعله بحيث يقوم مقامه و يسدّ مسدّه ليعلمك أنّه لا فرق بين عدم العلم الّذي هو الجهل و بين وجود العلم الّذي لا يتجاوز الدنيا انتهى.

و قيل: الجملة استثنائيّة لبيان موجب جهلهم بأنّ وعد الله حقّ و أنّ لله الأمر من قبل و من بعد و أنّه ينصر المؤمنين على الكافرين. انتهى و هذا أظهر.

و تنكير( ظاهِراً ) للتحقير و ظاهر الحياة الدنيا ما يقابل باطنها و هو الّذي يناله حواسّهم الظاهرة من زينة الحياة فيرشدهم إلى اقتنائها و العكوف عليها و الإخلاد إليها و نسيان ما وراءها من الحياة الآخرة و المعارف المتعلّقة بها و الغفلة عمّا فيه خيرهم و نفعهم بحقيقة معنى الكلمة.

و قيل: الظهور في الآية بمعنى الزوال و استشهد بقوله:

و عيّرها الواشون أنّي اُحبّها

و تلك شكاة ظاهر عنك عارها

و المعنى: يعلمون أمراً زائلاً لا بقاء له لكنّه معنى شاذّ الاستعمال.

قوله تعالى: ( أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى ) إلخ المراد من خلق السماوات و الأرض و ما بينهما - و ذلك جملة العالم المشهود - بالحقّ أنّها لم تخلق عبثاً لا غاية لها وراءها بأن يوجد و يعدم ثمّ يوجد ثمّ يعدم من غير غرض و غاية فهو تعالى إنّما خلقها لغاية تترتّب عليها.

ثمّ إنّ العالم بأجزائها ليس بدائم الوجود غير منقطع الآخر حتّى يحتمل كون كلّ جزء لاحق غاية للجزء السابق و كلّ آت خلفاً لماضيه بل هو بأجزائه فان بائد فهناك غاية مقصودة من خلق العالم ستظهر بعد فناء العالم و هذا المعنى هو المراد بتقييد قوله:( ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما ) بقوله:( وَ أَجَلٍ مُسَمًّى ) بعد تقييده بقوله:( إِلَّا بِالْحَقِّ ) .

فقوله:( أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ) الاستفهام للتعجيب، و كونهم في أنفسهم استعارة كنائيّة عن فراغ البال و حضور الذهن كأنّهم عند اشتغالهم باُمور الدنيا و سعيهم للمعيشة

١٦٤

و تشوّش البال يغيبون عن أنفسهم فيكونون عند حضور الذهن حاضرين مستقرّين في أنفسهم فيكون تفكّرهم حينئذ مجتمعاً غير متفرّق فيهديهم إلى الحقّ و يرشدهم إلى الواقع.

و قيل: المراد بتفكّرهم في أنفسهم أن يتفكّروا في خلق أنفسهم و أنّ الواحد منهم محدث و المحدث - بالفتح - يحتاج إلى محدث - بالكسر - قديم حيّ قادر عليم حكيم فلا يخلق ما يخلق عبثاً بل لغاية مطلوبة و ليست تعود إليه نفسه لغناء المطلق بل إلى الخلق و هو الثواب و لا يكون إلّا لصالح العمل فلا بدّ من دين مشرّع يميّز العمل الصالح من السيّئ فلا بدّ من دار يمتحنون فيها و هي الدنيا و دار يثابون فيها و هي الآخرة.

و فيه أنّ الجملة أعني قوله:( أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ) صالح في نفسه لأن يراد منها هذا المعنى لكن اتّصال قوله:( ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ ) إلخ، بها يأباه لاستلزامه بطلان الاتّصال لعدم الارتباط بين صدر الآية و ذيلها على هذا التقدير.

و قوله:( ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى ) هو الفكر الّذي يجب عليهم أن يمعنوا فيه النظر في أنفسهم و تقريره على ما تقدّم أنّ الله سبحانه ما خلق هذا العالم كلّا و لا بعضاً إلّا خلقاً ملابساً للحقّ أو مصاحباً للحقّ أي لغاية حقيقيّة لا عبثاً لا غاية له و إلّا إلى أجل معيّن فلا يبقى شي‏ء منها إلى ما لا نهاية له بل يفنى و ينقطع و إذا كان كلّ من أجزائه و المجموع مخلوقاً ذا غاية تترتّب عليها و ليس شي‏ء منها دائم الوجود كانت غايته مترتّبة عليه بعد انقطاع وجوده و فنائه، و هذا هو الآخرة الّتي ستظهر بعد انقضاء الدنيا و فنائها.

و قوله:( وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ ) مسوق سوق التعجيب كما بدأت الآية باستفهام التعجيب، و المراد بلقاء الله هو الرجوع إليه في المعاد، و قد عبّر عنه باللقاء ليزداد كفرهم به عجباً فكيف يمكن أن يبتدؤا منه ثمّ لا ينتهوا إليه، و لذلك أكّده بإنّ إشارة إلى أنّ الكفر بالمعاد من شأنه في نفسه أن لا يصدّق به.

قوله تعالى: ( أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ )

١٦٥

إلى آخر الآية، لمّا ذكر كفر كثير من الناس بالمعاد و ذلك أمر يلغو معه الدين الحقّ ذكّرهم حال الاُمم الكافرة و ما انتهت إليه من سوء العذاب لعلّهم يعتبرون بها فيرجعوا عمّا هم عليه من الكفر. و إثارة الأرض قلبها ظهر البطن للحرث و التعمير و نحو ذلك.

و قوله:( وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) أي بالكفر و المعاصي.

قوله تعالى: ( ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى‏ أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ ) بيان لما انتهى إليه أمر اُولئك الظالمين و لذا عبّر بثمّ، و( عاقِبَةَ ) بالنصب خبر كان و اسمه( السُّواى) قدّم الخبر عليه لإفادة الحصر و( أَساؤُا ) مقطوع عن المتعلّق بمعنى عملوا السوء، و السوآى الخلّة الّتي يسوء صاحبها و المراد بها سوء العذاب و( أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ ) بحذف لام التعليل و التقدير لتكذيبهم بآيات الله و استهزائهم بها.

و المعنى: ثمّ كان سوء العذاب هو الّذي انتهى إليه أمر اُولئك الّذين عملوا السوء لم تكن لهم عاقبة غيرها لتكذيبهم بآيات الله و استهزائهم بها.

و قيل: إنّ( السُّواى) مفعول لقوله:( أَساؤُا ) و خبر كان هو قوله:( أَنْ كَذَّبُوا ) إلخ، و المراد أنّ المعاصي ساقتهم إلى الكفر بتكذيب آيات الله و الاستهزاء بها.

و فيه: أنّه في نفسه معنى صحيح لكنّ المناسب للمقام هو المعنى الأوّل لأنّ المقام مقام الاعتبار و الإنذار و المناسب له بيان انتهاء معاصيهم إلى سوء العذاب لا انتهاء معاصيهم المتفرّقة إلى التكذيب و الاستهزاء الّذي هو أعظمها.

قوله تعالى: ( اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) بعد ما ذكر الحجّة و تكذيب كثير من الناس لخّص القول في نتيجتها و هو أنّ البدء و العود بيده سبحانه و سيرجع إليه الجميع، و المراد بالخلق المخلوقون، و لذا أرجع إليه ضمير الجمع في( تُرْجَعُونَ ) .

قوله تعالى: ( وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ) ذكر حال المجرمين بعد قيام الساعة و هي ساعة الرجوع إليه تعالى للحساب و الجزاء، و الإبلاس اليأس من الله و فيه كلّ الشقاء.

١٦٦

قوله تعالى: ( وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَ كانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ ) يريد أنّهم على يأسهم من الرحمة من ناحية أعمالهم أنفسهم آيسون من آلهتهم الّذين اتّخذوهم شركاء لله فعبدوهم ليشفعوا لهم عندالله كما كانوا يقولون في الدنيا: هؤلاء شفعاؤنا عندالله و كانوا بعبادة شركائهم كافرين ساترين.

قوله تعالى: ( وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ - إلى قوله -مُحْضَرُونَ ) قال في المجمع: الروضة البستان المتناهي منظراً و طيباً. انتهى. و قال في المفردات: الحبر الأثر المستحسن - إلى أن قال - و قوله عزّوجلّ:( فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ) أي يفرحون حتّى يظهر عليهم حبار نعيمهم. انتهى.

و المراد بتفرّق الخلق يومئذ تميّز المؤمنين الصالحين من المجرمين و دخول هؤلاء النار و دخول اُولئك الجنّة على ما يشير إليه الآيتان التاليتان.

و لزوم هذا التميّز و التفرّق في الوجود هو الّذي أخذه الله سبحانه حجّة على ثبوت المعاد حيث قال:( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَ مَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ‏ ) الجاثية: ٢١.

قوله تعالى: ( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ عَشِيًّا وَ حِينَ تُظْهِرُونَ ) لمّا ذكر أنّه يبدأ الخلق ثمّ يعيدهم و يرجعهم للقائه فيفرّقهم طائفتين: أهل الجنّة و النعمة و أهل النار و العذاب، أمّا أهل الجنّة فهم المؤمنون العاملون للصالحات و أمّا أهل النار فهم الكفّار المكذّبون لآيات الله و قد ذكر أنّهم كانوا في الدنيا أهل قوّة و نعمة لكنّهم نسوا الآخرة و كذّبوا بآيات الله و استهزؤا بها حتّى انتهى بهم الأمر إلى سوء العذاب عذاب الاستئصال جزاء لظلمهم أنفسهم و ما ظلمهم الله و لكن كانوا أنفسهم يظلمون.

فتحصّل من ذلك أنّ في دار الخلقة تدبيراً إلهيّاً متقناً صالحاً جميلاً على أجمل ما يكون و أنّ للإنسان على توالي الأزمنة و الدهور آثاماً و خطيئات من العقيدة السيّئة في حقّ ربّه و اتّخاذ شركاء له و إنكار لقائه إلى سائر المعاصي.

ذيّل الكلام بتسبيحه كلّما تجدّد حين بعد حين و تحميده على صنعه و تدبيره

١٦٧

في السماوات و الأرض و هو مجموع العالم المشهود فهو سبحانه منزّه عن هذه الاعتقادات الباطلة و الأعمال الرديّة و محمود في جميع ما خلقه و دبّره في السماوات و الأرض.

و من هناك يظهر:

أوّلاً: أنّ التسبيح و التحميد في الآيتين إنشاء تنزيه و ثناء منه تعالى لا من غيره حتّى يكون المعنى: قولوا سبحان الله و قولوا الحمد لله فقد تكرّر في كلامه تعالى تسبيحه و تحميده لنفسه كقوله:( سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ ) الصافّات: ١٨٠ و قوله:( تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى‏ عَبْدِهِ ) الفرقان: ١.

و ثانياً: أنّ المراد بالتسبيح و التحميد معناهما المطلق دون الصلوات اليوميّة المفروضة كما يقول به أكثر القائلين بكون القول مقدّراً. و المعنى: قولوا سبحان الله و قولوا الحمد لله.

و ثالثاً: أنّ قوله:( وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ) معترضة واقعة بين المعطوف و المعطوف عليه، و قوله:( وَ عَشِيًّا وَ حِينَ تُظْهِرُونَ ) معطوفان على محلّ( حِينَ تُمْسُونَ ) لا على قوله:( فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ) حتّى يختصّ المساء و الصباح بالتسبيح و السماوات و الأرض و العشيّ و الظهيرة بالتحميد بل الأوقات و ما فيها للتسبيح و الأمكنة و ما فيها للتحميد.

فالسياق يشير إلى أنّ ما في السماوات و الأرض من خلق و أمر هو لله يستدعي بحسنه حمداً و ثناءً لله سبحانه و أنّ للإنسان على مرّ الدهور و تغيّر الأزمنة و الأوقات من الشرك و المعصية ما يتنزّه عنه ساحة قدسه تعالى و تقدّس.

نعم ههنا اعتبار آخر يتداخل فيه التحميد و التسبيح و هو أنّ الأزمنة و الأوقات على تغيّرها و تصرّمها من جملة ما في السماوات و الأرض فهي بوجودها يثني على الله تعالى، ثمّ كلّ ما في السماوات و الأرض بفقرها إليه تعالى و ذلّتها دونه و نقصها بالنسبة إلى كماله تعالى تسبّحه كما قال:( وَ إِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) إسراء: ٤٤ لكن هذا الاعتبار غير منظور إليه في الآيتين اللّتين نحن فيهما.

و للمفسّرين في الآيتين أقوال اُخر متفرّقة أشرنا إلى المهمّ منها في الوجوه الّتي قدّمناها.

١٦٨

و تغيير السياق في قوله:( وَ عَشِيًّا ) لكون العشيّ لم يبن منه فعل من باب الإفعال بخلاف المساء و الصباح و الظهيرة حيث بني منها الإمساء و الإصباح و الإظهار بمعنى الدخول في المساء و الصباح و الظهيرة كذا قيل.

و الخطاب الّذي في الآيتين في قوله:( تُمْسُونَ و تُصْبِحُونَ و تُظْهِرُونَ ) ليس من الالتفات في شي‏ء بل تعميم للخطاب الّذي للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منذ شرعت السورة، و المعنى: فإذا كان الأمر على هذه السبيل فالله منزّه حينما دخلتم أنتم معاشر البشر في مساء و حينما دخلتم في صباح و في العشيّ و حينما دخلتم في ظهيرة و له الثناء الجميل في السماوات و الأرض.

و نظير هذا التعميم ما في قوله سابقاً:( ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) و لاحقاً في قوله:( وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ ) .

قوله تعالى: ( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ ) ظاهر إخراج الحيّ من الميّت و بالعكس خلق ذوي الحياة من الأرض الميتة ثمّ تبديل ذوي الحياة أرضاً ميتة، و قد فسّر بخلق المؤمن من الكافر و خلق الكافر من المؤمن فإنّه يعدّ المؤمن حيّاً و الكافر ميتاً، قال تعالى:( أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً ) الأنعام: ١٢٢.

و أمّا إحياء الأرض بعد موتها فهو انتعاش الأرض و ابتهاجها بالنبات في الربيع و الصيف بعد خمودها في الخريف و الشتاء، و قوله:( وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ ) أي تبعثون و تخرجون من قبوركم بإحياء جديد كإحياء الأرض بعد موتها، و قد تقدّم تفسير نظير صدر الآية و ذيلها مراراً.

( بحث روائي)

في الدرّ المنثور، أخرج أحمد و الترمذيّ و حسّنه و النسائيّ و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و الطبرانيّ في الكبير و الحاكم و صحّحه و ابن مردويه و البيهقيّ في الدلائل و الضياء عن ابن عبّاس في قوله:( الم غُلِبَتِ الرُّومُ ) قال: غُلبت و غَلبت.

١٦٩

قال: كان المشركون يحبّون أن يظهر فارس على الروم، لأنّهم أصحاب أوثان، و كان المسلمون يحبّون أن يظهر الروم على فارس لأنّهم أصحاب كتاب، فذكروه لأبي بكر فذكره أبوبكر لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أمّا إنّهم سيغلبون فذكره أبوبكر لهم فقالوا: اجعل بيننا و بينك أجلاً فإن ظهرنا كان لنا كذا و كذا و إن ظهرتم كان لكم كذا و كذا فجعل لهم خمس سنين فلم يظهروا فذكر ذلك أبوبكر لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: أ لّا جعلته - أراه قال: - دون العشر، فظهرت الروم بعد ذلك فذلك قوله:( الم غُلِبَتِ الرُّومُ ) فغُلبت ثمّ غَلبت بعد.

يقول الله:( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ ) قال سفيان: سمعت أنّهم قد ظهروا يوم بدر.

أقول: و في هذا المعنى روايات اُخر مختلفة المضامين في الجملة ففي بعضها أنّ المقامرة كانت بين أبي بكر و اُبيّ بن خلف و في بعضها أنّها كانت بين المسلمين و المشركين و كان أبوبكر من قبل المسلمين و اُبيّ من قبل المشركين، و في بعضها أنّها كانت بين الطائفتين، و في بعضها بين أبي بكر و بين المشركين كما في هذه الرواية.

ثمّ الأجل المضروب في بعضها ثلاث سنين، و في بعضها خمس، و في بعضها ستّ، و في بعضها سبع سنين.

و في بعضها أنّ الأجل المضروب أوّلاً انقضى بمكّة و هو سبع سنين فمادّهم أبوبكر سنتين بأمر من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فغلبت الروم، و في بعضها خلافه.

ثمّ في بعضها أنّ الأجل الثاني انقضى بمكّة و في بعضها أنّه انقضى بعد الهجرة و كانت غلبة الروم يوم بدر، و في بعضها يوم الحديبية.

و في بعضها أنّ أبابكر لمّا قمرهم بغلبة الروم أخذ منهم الخطر و هو مائة قلوص و جاء به إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: إنّه سحت تصدّق به.

و الّذي تتّفق فيه الروايات أنّه قامرهم فقمرهم و كان القمار بإشارة من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و وجّه ذلك بأنّه كان قبل تحريم القمار فإنّه حرّم مع الخمر في سورة المائدة و قد نزلت في آخر عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

١٧٠

و قد تحقّق بما قدّمناه في تفسير آية الخمر و الميسر أنّ الخمر كانت محرّمة من أوّل البعثة و كان من المعروف من الدين أنّه يحرّم الخمر و الزنا.

على أنّ الخمر و الميسر من الإثم بنصّ آية البقرة:( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ ) الآية: البقرة: ٢١٩ و الإثم محرّم بنصّ آية الأعراف:( قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ ) الآية: الأعراف: ٣٣ و الأعراف من العتائق النازلة بمكّة فمن الممتنع أن يشير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمقامرة.

و على تقدير تأخّر الحرمة إلى آخر عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يشكل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبي بكر لمّا أتى بالخطر إليه إنّه سحت ثمّ قوله: تصدّق به. فلا سبيل إلى تصحيح شي‏ء من ذلك بالموازين الفقهيّة و قد تكلّفوا في توجيه ذلك بما لا يزيد إلّا إشكالاً.

ثمّ إنّ ما في الرواية أنّ الفرس كانوا عبدة الأوثان لا يوافق ما كان عليه القوم فإنّهم و إن كانوا مشركين لكنّهم كانوا لا يتّخذون أوثاناً.

و في تفسير القمّيّ، في قوله:( يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ ) قال: يرون حاضر الدنيا و يتغافلون عن الآخرة.

و في الخصال و سئل الصادقعليه‌السلام عن قول الله تعالى:( أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ) فقال: أ و لم ينظروا في القرآن.

و في تفسير القمّيّ، و قوله عزّوجلّ:( وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ ) قال: إلى الجنّة و النار.

١٧١

( سورة الروم الآيات ٢٠ - ٢٦)

وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ ( ٢٠ ) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً  إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ( ٢١ ) وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ  إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ( ٢٢ ) وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ  إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ( ٢٣ ) وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا  إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ( ٢٤ ) وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ  ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ ( ٢٥ ) وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ  كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ( ٢٦ )

( بيان)

يذكر في هذا الفصل عدّة من الآيات الدالّة على وحدانيّته تعالى في الربوبيّة و الاُلوهيّة، و يشار فيها إلى امتزاج الخلق و التدبير و تداخلهما ليتّضح بذلك أنّ الربوبيّة بمعنى ملك التدبير و الاُلوهيّة بمعنى المعبوديّة بالحقّ لا يستحقّهما إلّا الله الّذي خلق الأشياء و أوجدها، لا كما يزعم الوثنيّ أنّ الخلق لله وحده و التدبير و العبادة لأرباب الأصنام ليكونوا شفعاء لهم عندالله، و ليس له سبحانه إلّا أنّه ربّ

١٧٢

الأرباب و إله الآلهة.

قوله تعالى: ( وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ ) المراد بالخلق من تراب انتهاء خلقة الإنسان إلى الأرض فإنّ مراتب تكوّن الإنسان من مضغة أو علقة أو نطفة أو غيرها مركبات أرضيّة تنتهي إلى العناصر الأرضيّة.

و قوله:( ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ ) إذا فجائيّة أي يفاجئكم أنّكم أناسيّ تنتشرون في الأرض أي يخلقكم من تركيبات أرضيّة المترقّب منها كينونة أرضيّة ميتة اُخرى مثلها لكن يفاجئكم دفعة أنّه يصير بشراً ذوي حياة و شعور عقليّ ينتشرون في الأرض في سبيل تدمير أمر الحياة فقوله:( ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ ) في معنى قوله:( ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ ) المؤمنون: ١٤.

فخلق الإنسان أي جمع أجزائه من الأرض و تأليفها آية و كينونة هذا المجموع إنساناً ذا حياة و شعور عقليّ آية أو آيات اُخر تدلّ على صانع حيّ عليم يدبّر الأمر و يجري هذا النظام العجيب.

و قد ظهر بهذا المعنى أنّ( ثُمَّ ) للتراخي الرتبيّ و الجملة معطوفة على قوله:( خَلَقَكُمْ ) لا على قوله:( أَنْ خَلَقَكُمْ ) .

قوله تعالى: ( وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها ) إلى آخر الآية، قال الراغب: يقال لكلّ واحد من القرينين من الذكر و الاُنثى من الحيوانات المتزاوجة: زوج و لكلّ قرينين فيها و في غيرها: زوج، قال تعالى:( فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى‏ ) و قال:( وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ ) و زوجة لغة رديئة و جمعها زوجات - إلى أن قال - و جمع الزوج أزواج. انتهى.

فقوله:( أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها ) أي خلق لأجلكم - أو لينفعكم - من جنسكم قرائن و ذلك أنّ كلّ واحد من الرجل و المرأة مجهّز بجهاز التناسل تجهيزاً يتمّ فعله بمقارنة الآخر و يتمّ بمجموعهما أمر التوالد و التناسل فكلّ واحد منهما ناقص في نفسه مفتقر إلى الآخر و يحصل من المجموع واحد تامّ له أن يلد و ينسل، و لهذا النقص و الافتقار يتحرّك الواحد منهما إلى الآخر حتّى إذا اتّصل

١٧٣

به سكن إليه لأنّ كلّ ناقص مشتاق إلى كماله و كلّ مفتقر مائل إلى ما يزيل فقره و هذا هو الشبق المودع في كلّ من هذين القرينين.

و قوله:( وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً ) المودّة كأنّها الحبّ الظاهر أثره في مقام العمل فنسبة المودّة إلى الحبّ كنسبة الخضوع الظاهر أثره في مقام العمل إلى الخشوع الّذي هو نوع تأثّر نفسانيّ عن العظمة و الكبرياء.

و الرحمة نوع تأثّر نفسانيّ عن مشاهدة حرمان المحروم عن الكمال و حاجته إلى رفع نقيصته يدعو الراحم إلى إنجائه من الحرمان و رفع نقصه.

و من أجلي موارد المودّة و الرحمة المجتمع المنزليّ فإنّ الزوجين يتلازمان بالمودّة و المحبّة و هما معاً و خاصّة الزوجة يرحمان الصغار من الأولاد لما يريان ضعفهم و عجزهم عن القيام بواجب العمل لرفع الحوائج الحيويّة فيقومان بواجب العمل في حفظهم و حراستهم و تغذيتهم و كسوتهم و إيوائهم و تربيتهم و لو لا هذه الرحمة لانقطع النسل و لم يعش النوع قطّ.

و نظير هذه المودّة و الرحمة مشهود في المجتمع الكبير المدنيّ بين أفراد المجتمع فالواحد منهم يأنس بغيره بالمودّة و يرحم المساكين و العجزة و الضعفاء الّذين لا يستطيعون القيام بواجبات الحياة.

و المراد بالمودّة و الرحمة في الآية الاُوليان على ما يعطيه مناسبة السياق أو الأخيرتان على ما يعطيه إطلاق الآية.

و قوله:( لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) لأنّهم إذا تفكّروا في الاُصول التكوينيّة الّتي يبعث الإنسان إلى عقد المجتمع من الذكورة و الاُنوثة الداعيتين إلى الاجتماع المنزليّ و المودّة و الرحمة الباعثتين على الاجتماع المدنيّ ثمّ ما يترتّب على هذا الاجتماع من بقاء النوع و استكمال الإنسان في حياتية الدنيا و الاُخرى عثروا من عجائب الآيات الإلهيّة في تدبير أمر هذا النوع على ما يبهر به عقولهم و تدهش به أحلامهم.

قوله تعالى: ( وَ مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوانِكُمْ ) إلى آخر الآية. الظاهر أن يكون المراد باختلاف الألسن اختلاف اللغات من العربيّة

١٧٤

و الفارسيّة و الاُردويّة و غيرها و باختلاف الألوان اختلاف الاُمم في ألوانهم كالبياض و السواد و الصفرة و الحمرة.

و يمكن أن يستفاد اختلاف الألسنة من جهة النغم و الأصوات و نحو التكلّم و النطق و باختلاف الألوان اختلاف كلّ فردين من أفراد الإنسان بحسب اللون لو دقّق فيه النظر على ما يقول به علماء هذا الشأن.

فالباحثون عن العالم الكبير يعثرون في نظام الخلقة على آيات دقيقة دالّة على أنّ الصنع و الإيجاد مع النظام الجاري فيه لا يقوم إلّا بالله و لا ينتهي إلّا إليه.

قوله تعالى: ( وَ مِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ ابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ) إلى آخر الآية، الفضل الزيادة على مقدار الحاجة و يطلق على العطيّة لأنّ المعطي إنّما يعطي ما فضل من مقدار حاجته، و المراد به في الآية الكريمة الرزق فابتغاء الفضل طلب الرزق.

و في خلق الإنسان ذا قوى فعّالة تبعثه إلى طلب الرزق و رفع حوائج الحياة للبقاء بالحركة و السعي ثمّ هدايته إلى الاستراحة و السكون لرفع متاعب السعي و تجديد تجهيز القوى و تخصيص الليل و النهار المتعاقبين للسعي و السكون و التسبيب إلى وجود الليل و النهار بأوضاع سماويّة قائمة بالأرض و الشمس لآيات نافعة لمن له سمع واع يعقل ما يسمع فإذا وجده حقّاً اتّبعه.

قال في الكشّاف، في الآية: هذا من باب اللف و ترتيبه: و من آياته منامكم و ابتغاؤكم من فضله بالليل و النهار إلّا أنّه فصل بين القرينين الأوّلين بالقرينين الآخرين لأنّهما زمانان و الزمان و الواقع فيه كشي‏ء واحد مع إعانة اللفّ على الاتّحاد و يجوز أن يراد منامكم في الزمانين و ابتغاؤكم فيهما، و الظاهر هو الأوّل لتكرّره في القرآن و أسدّ المعاني ما دلّ عليه القرآن. انتهى.

و قد ظهر ممّا تقدّم معنى تذييل الآية بقوله:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ) .

قوله تعالى: ( وَ مِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ) الظاهر أنّ الفعل نزّل منزلة المصدر و لذلك لم يصدّر

١٧٥

بأن المصدريّة كما صدّر به قوله:( أَنْ خَلَقَكُمْ ) و قوله:( أَنْ خَلَقَ لَكُمْ ) و تنزيل الفعل منزلة المصدر لغة عربيّة جيّدة و عليه يحمل المثل السائر:( و تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه) و لا ضير في حمل كلامه تعالى عليه فهو تعالى يأتي في مفتتح هذه الآيات بفنون التعبير كقوله:( مَنامُكُمْ ) ( يُرِيكُمُ ) ( أَنْ تَقُومَ ) .

و احتمل في قوله:( يُرِيكُمُ ) أن يكون بحذف أن المصدريّة و التقدير أن يريكم البرق و اُيّد بقراءة النصب في يريكم.

و احتمل أن يكون من حذف المضاف، و التقدير: و من آياته آية أن يريكم البرق، و احتمل أن يكون التقدير و من آياته آية البرق ثمّ استونف فقيل: يريكم البرق إلخ، و احتمل أن يكون( مِنْ آياتِهِ ) متعلّقاً بقوله:( يُرِيكُمُ ) ، و التقدير: و يريكم من آياته البرق، و احتمل أن يكون( مِنْ آياتِهِ ) حالاً من البرق، و التقدير: و يريكم البرق حال كون البرق من آياته.

و هذه وجوه متفرّقة لا يخفى عليك بعدها على أنّ بعضها يخرج الكلام في الآية عن موافقة السياق في الآيات السابقة النظيرة له كالوجهين الأخيرين.

و قوله:( خَوْفاً وَ طَمَعاً ) أي خوفاً من الصاعقة و طمعاً في المطر، و قوله:( وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ) تقدّم تفسيره كراراً، و قوله:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) أي إنّ أهل التعقّل يفقهون أنّ هناك عناية متعلّقه بهذه المصالح فليس مجرّد اتّفاق و صدفة.

قوله تعالى: ( وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ) القيام مقابل القعود و لمّا كان أعدل حالات الإنسان حيث يقوى به على عامّة أعماله أستعير لثبوت الشي‏ء و استقراره على أعدل حالاته كما يستعار لتدبير الأمر، قال تعالى:( أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى‏ كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ ) الرعد: ٣٣.

و المراد بقيام السماء و الأرض بأمر من الله ثبوتهما على حالهما من حركة و سكون و تغيّر و ثبات بأمره تعالى و قد عرّف أمره بقوله:( إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) يس: ٨٢.

١٧٦

و قوله:( ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ) ( إِذا ) الاُولى شرطيّة و( إِذا ) الثانية فجائيّة قائمة مقام فاء الجزاء و( مِنَ الْأَرْضِ ) متعلّق بقوله:( دَعْوَةً ) و الجملة معطوفة على محلّ الجملة الاُولى لأنّ المراد بالجملة أعني قوله:( ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ ) إلخ البعث و الرجوع إلى الله و ليس في عداد الآيات بل الجملة إخبار بأمر احتجّ عليه سابقاً و سيحتجّ عليه لاحقاً.

و أمّا قول القائل: إنّ الجملة على تأويل المفرد و هي معطوفة على( أَنْ تَقُومَ ) و التقدير و من آياته قيام السماء و الأرض بأمره ثمّ خروجكم إذا دعاكم دعوة من الأرض.

فلازمه كون البعث معدوداً من الآيات و ليس منها على أنّ البعث أحد الاُصول الثلاثة الّتي يحتجّ بالآيات عليه، و لا يحتجّ به على التوحيد مثلاً بل لو احتجّ فبالتوحيد عليه فافهم ذلك.

و لمّا كانت الآيات المذكورة من خلق البشر من تراب و خلقهم أزواجاً و اختلاف ألسنتهم و ألوانهم و منامهم و ابتغائهم من فضله و إراءة البرق و تنزيل الماء من السماء كلّها آيات راجعة إلى تدبير أمر الإنسان كان المراد بقوله:( أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ ) بمعونة السياق ثبات السماء و الأرض على وضعهما الطبيعيّ و حالهما العاديّة ملائمتين لحياة النوع الإنسانيّ المرتبطة بهما و كان قوله:( ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ ) إلخ مترتّباً على ذلك ترتّب التأخير أي أنّ خروجهم من الأرض متأخّر عن هذا القيام مقارن لخرابهما كما ينبئ به آيات كثيرة في مواضع مختلفة من كلامه تعالى.

و يظهر بذلك أيضاً أنّ المراد من قوله السابق( وَ مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ) خلقهما من جهة ما يرتبطان بالحياة البشريّة و ينفعانها.

و قد رتّبت الآيات المذكورة آخذة من بدء خلق الإنسان و تكوّنه ثمّ تصنّفه صنفين: الذكر و الاُنثى ثمّ ارتباط وجوده بالسماء و الأرض و اختلاف ألسنتهم و ألوانهم ثمّ السعي في طلب الرزق و سكون المنام ثمّ إراءة البرق و تنزيل الأمطار حتّى تنتهي إلى قيام السماء و الأرض إلى أجل مسمّى ليتمّ لهذا النوم الإنساني ما قدّر له من

١٧٧

أمد الحياة و يعقب ذلك البعث فهذا بعض ما في ترتيب ذكر هذه الآيات من النكات.

و قد رتّبت الفواصل أعني قوله:( يَتَفَكَّرُونَ ) ( لِلْعالِمِينَ ) ( يَسْمَعُونَ ) ( يَعْقِلُونَ ) على هذا الترتيب لأنّ الإنسان يتفكّر فيصير عالماً ثمّ إذا سمع شيئاً من الحقائق وعاه ثمّ عقله و الله أعلم.

قوله تعالى: ( وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ ) كانت الآيات المذكورة مسوقة لإثبات ربوبيّته تعالى و اُلوهيّته كما تقدّمت الإشارة إليه و لمّا انتهى الكلام إلى ذكر البعث و الرجوع إلى الله عقّب ذلك بالبرهان على إمكانه و الحجّة مأخوذة من الخلق و التدبير المذكورين في الآيات السابقة.

فقوله:( وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ) إشارة إلى إحاطة ملكه الحقيقيّ لجميع من في السماوات و الأرض و هم المحشورون إليه و ذلك لأنّ وجودهم من جميع الجهات قائم به تعالى قيام فقر و حاجة لا استقلال و لا استغناء لهم عنه بوجه من الوجوه و هذا هو الملك الحقيقيّ الّذي أثره جواز تصرّف المالك في ملكه كيف شاء فله تعالى أن يتصرّف في مملوكيه بنقلهم من النشأة الدنيا إلى النشأة الآخرة.

و قد أكّد ذلك بقوله:( كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ ) و القنوت لزوم الطاعة مع الخضوع - على ما ذكره الراغب في المفردات - و المراد بالطاعة مع الخضوع الطاعة التكوينيّة - على ما يعطيه السياق - دون التشريعيّة الّتي ربّما تخلّفت.

و ذلك أنّهم الملائكة و الجنّ و الإنس فأمّا الملائكة فليس عندهم إلّا خضوع الطاعة، و أمّا الجنّ و الإنس فهم مطيعون منقادون للعلل و الأسباب الكونيّة و كلّما احتالوا في إلغاء أثر علّة من العلل أو سبب من الأسباب الكونيّة توسّلوا إلى علّة اُخرى و سبب آخر كونيّ ثمّ علمهم و إرادتهم كاختيارهم جميعاً من الأسباب الكونيّة فلا يكون إلّا ما شاء الله أي الّذي تمّت علله في الخارج و لا يتحقّق ممّا شاؤا إلّا ما أذن فيه و شاءه فهو المالك لهم و لما يملكونه.

١٧٨

( سورة الروم الآيات ٢٧ - ٣٩)

وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ  وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ  وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( ٢٧ ) ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِّنْ أَنفُسِكُمْ  هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ  كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ( ٢٨ ) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ  فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ  وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ( ٢٩ ) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا  فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا  لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ  ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ( ٣٠ ) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( ٣١ ) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا  كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ( ٣٢ ) وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ( ٣٣ ) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ  فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ( ٣٤ ) أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ ( ٣٥ ) وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا  وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ( ٣٦ ) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ  إِنَّ فِي

١٧٩

ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( ٣٧ ) فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ  ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ  وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( ٣٨ ) وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللهِ  وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ( ٣٩ )

( بيان)

لمّا انساق الاحتجاج على الوحدانيّة و المعاد من طريق عدّ الآيات الدالّة على ذلك بقوله:( وَ مِنْ آياتِهِ ) إلى قوله:( وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ) الآية، و هو من صفات الفعل غيّر سياق الاحتجاج بالآيات إلى سياق الاحتجاج بصفاته الفعليّة و أوردها إلى آخر السورة في أربعة فصول يورد في كلّ فصل شيئاً من صفات الفعل المستوجبة للوحدانيّة و المعاد و هي قوله:( وَ هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) إلخ، و قوله:( اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ) إلخ، و قوله:( اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ ) إلخ، و قوله:( اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ) إلخ.

و إنّما لم يبدأ الفصل الأوّل باسم الجلالة كما بدأ به في الفصول الاُخر لسبق ذكره في الآية السابقة عليه المتّصلة به أعني قوله:( وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ ) الّذي هو كالبرزخ المتوسّط بين السياقين، فقوله:( وَ هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) فصل في صورة الوصل.

قوله تعالى: ( وَ هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) إلى آخر الآية، بدء الخلق إنشاؤه ابتداء من غير مثال سابق و الإعادة إنشاء بعد إنشاء.

و قوله:( وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) الضمير الأوّل للإعادة المفهوم من قوله:( يُعِيدُهُ ) و الضمير الثاني راجع إليه تعالى على ما يتبادر من السياق.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425