الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٦

الميزان في تفسير القرآن13%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 425

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 425 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128742 / تحميل: 6813
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

٥٧ ـ ثلاث فضائل للإمامعليه‌السلام لا تضاهى :

(المنتخب للطريحي ، ص ٢٥٨ ط ٢)

ذكر مسلم أن معاوية أمر سعدا بالسبّ فأبى. فقال : ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟. فقال : ثلاث قالهن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلن أسبّه ، ولئن تكن لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النّعم (أي الحمر الوحشية يضرب بها المثل لقيمتها وندرتها).(١) سمعته يقول لعليعليه‌السلام وقد خلّفه في بعض مغازيه ، فقال له عليعليه‌السلام :خلّفتني مع النساء والصبيان!. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي. (٢) وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ، ويحبّ الله ورسوله. قال : فتطاولنا إليها.فقال : ادعوا إليّ عليا ، فأتاه وبه رمد ، فبصق في عينيه ، ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه. (٣) ولما نزلت( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ ) [آل عمران : ٦١] دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة وعليا والحسن والحسينعليهم‌السلام ، فقال : الله م هؤلاء أهلي.

وقال عبد الله بن عمر : كان لعلي بن أبي طالب ثلاث ، لو كان لي واحدة منهن كانت أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس : تزويجه فاطمة ، وإعطاؤه الراية ، وآية النجوى (إذ لم يعمل بها أحد غيره).

٥٨ ـ أربع مناقب للإمام عليعليه‌السلام :

(النص والاجتهاد)

سئل الحسن البصري فيما يقوله عن فضل عليعليه‌السلام ؟

فقال : ما أقول فيمن جمع الخصال الأربع :

ـ ائتمانه على (براءة).

ـ وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له في غزوة تبوك وقد خلّفه على المدينة : يا علي ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي.

ـ وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الثقلان كتاب الله وعترتي.

ـ وأنه لم يؤمّر عليه أمير قط ، وقد أمّرت الأمراء على غيره.

٥٩ ـ محبة علي بن أبي طالبعليه‌السلام دليل الإيمان وطهارة المولد :

قال الفاضل الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٩٧ :

ونقل هذه الأحاديث سيد حكماء الإسلام المير داماد في كتابه (تصحيح الإيمان وتقويم الأديان) :

١٤١

في صحيح البخاري وأبي داود ومسند أحمد بن حنبل وفضائل السمعاني وحلية الحافظ أبي نعيم وغيرها من كتب العامة ، من طرائق مختلفات وطرق شتى ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعليعليه‌السلام : «لا يحبّك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لو لا أنت لم يعرف حزب الله».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من زعم أنه آمن بما جئت به وهو يبغض عليا ، فهو كاذب ليس بمؤمن».

وعن أبي سعيد الخدري قال : كنا نعرف المنافقين على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببغضهم عليا.

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بوروا

(أي اختبروا) أولادكم بحب علي بن أبي طالب ، فمن أحبه فاعلموا أنه لرشده ، ومن أبغضه فاعلموا أنه لغيّه».

وروى البيهقي أن الأنصار كانت تقول : إنا كنا لنعرف الرجل لغير أبيه ، لبغضه علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

جملة من فضائل فاطمة الزهراءعليها‌السلام

٦٠ ـ فضائل فاطمةعليها‌السلام الخاصة :

(مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول لابن طلحة الشافعي)

من حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال لفاطمةعليها‌السلام وهو في مرضه الأخير على مسمع من كل زوجاته : «يا فاطمة ، أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء المؤمنين ، أو سيدة نساء هذه الأمة؟!.».

(أورده البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي)

وقد ثبت بالأحاديث الصحيحة والأخبار الصريحة أن فاطمةعليها‌السلام كانت أحبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غيرها ، وأنها سيدة نساء أهل الجنّة.

٦١ ـ ابن الحنفية يعترف بفضل الحسينعليه‌السلام وفضل أمه الزهراءعليها‌السلام :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٤ ص ٦٦)

حدّث الصولي عن الإمام الصادقعليه‌السلام في خبر ، أنه جرى بين الحسينعليه‌السلام

١٤٢

وأخيه محمّد بن الحنفية كلام (أي خصومة). فكتب ابن الحنفية إلى الحسينعليه‌السلام : أما بعد يا أخي ، فإن أبي وأباك عليعليه‌السلام ، لا تفضلني فيه ولا أفضلك ، وأمك فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولو كان ملء الأرض ذهبا ملك أمّي ما وفّت بأمّك. فإذا قرأت كتابي هذا فصر إليّ حتّى تترضّاني ، فإنك أحقّ بالفضل مني ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. ففعل الحسينعليه‌السلام ذلك ، فلم يجر بعد ذلك بينهما شيء.

٦٢ ـ حبّ فاطمةعليها‌السلام وبغضها ـ ويل لمن يظلم ذريتها :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٦ ط ٢)

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال لسلمان : يا سلمان ، من أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنّة معي ، ومن أبغضها فهو في النار. يا سلمان حبّ فاطمة ينفع مائة موطن من المواطن ، أيسر تلك المواطن : الموت والقبر والميزان والمحشر والصراط والمحاسبة. فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه ، ومن رضيت عنه رضي الله عنه. ومن غضبت عليه غضبت عليه ، ومن غضبت عليه غضب الله عليه.

يا سلمان ويل لمن يظلمها ويظلم بعلها ، وويل لمن يظلم ذريتها.

فضائل الخمسة أصحاب الكساءعليهم‌السلام

٦٣ ـ ثواب محبة الخمسة أصحاب الكساءعليهم‌السلام :

أخرج الإمام أحمد والترمذي عن عليعليه‌السلام أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ بيد الحسن والحسينعليه‌السلام وقال : «من أحبني وأحبّ هذين وأباهما وأمهما ، كان معي في الجنّة».

٦٤ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعو لفاطمة وعليعليهما‌السلام بالبركة في نسلهما :

روى أبو حاتم عن أنس أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل على فاطمة وعليعليهما‌السلام بعد زواجهما ، فدعا بماء فتوضأ ، ثم أفرغه على علي وفاطمةعليهما‌السلام وقال : الله م بارك فيهما وبارك عليهما ، وبارك لهما في نسلهما. (وفي رواية) : وبارك لهما في شبليهما (الشبل : ولد الأسد). وهو من الإخبار بالمغيبات ، كما قال جلال الدين السيوطي في (ديوان الحيوان) لأن المراد بالشبلين الحسن والحسينعليهما‌السلام .

١٤٣

٦٥ ـ آدم يسأل الله بالخمسة أن يتوب عليه :

(المنتخب للطريحي ، ص ٧٧ ط ٢)

روى الفقيه المغازلي الشافعي ، بإسناده عن ابن عباس قال : سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الكلمات التي تلقّاها آدم من ربه فتاب عليه؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سأله بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام إلا تبت عليّ ، فتاب عليه.

٦٦ ـ فضيلة الخمسةعليهم‌السلام على هذه الأمة :

(المصدر السابق ص ١١٠)

روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : بي أنذرتم ، ثم بعلي بن أبي طالب اهتديتم ، وقرأ قوله تعالى :( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) [الرعد : ٧]. وبالحسن أعطيتم الإحسان ، وبالحسين تسعدون وبه تشقون. ألا وإنما الحسين باب من أبواب الجنّة ، من عانده حرّم الله عليه رائحة الجنّة.

٦٧ ـ اقتدوا بالشمس والقمر والزهرة والفرقدين :

(شجرة طوبى للمازندراني ، ج ٢ ص ٤٢٦)

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقتدوا بالشمس ، فإذا غابت الشمس فاقتدوا بالقمر ، فإذا غاب القمر فاقتدوا بالزّهرة ، فإذا غابت الزهرة فاقتدوا بالفرقدين ، فإذا افتقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزاهرة.

فقالوا : يا رسول الله فما الشمس وما القمر ، وما الزّهرة وما الفرقدان؟ ...فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا الشمس ، وعليّ القمر ، وفاطمة الزّهرة ، والفرقدان : الحسن والحسين ، وأما النجوم الزاهرة فالأئمة التسعة من صلب الحسين ، والتاسع مهديّهم.

يقول الشيخ محمّد مهدي الحائري المازندراني معقبا على هذا الحديث :

أما الشمس التي هي (النبوة) فغابت بقلب مكمد محزون ، مما قاسىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أمته. وأما الزّهرة التي هي (فاطمة الزهراء) فقد أخمدوا ضوءها وزهرتها باللطم والعصر بين الحائط والباب. وأما القمر وهو (فلك الإمامة) فقد خسفوه بسيف عبد الرحمن بن ملجم. وأما الفرقدان وهما (الحسن والحسين) فغاب أحدهما بقلب مسموم وقد تقيّأ كبده ، وغاب الآخر بعد الظهر من يوم عاشوراء ، وانكسفت الشمس ، وأمطرت السماء دما.

١٤٤

٦٨ ـ المكتوب على باب الجنّة :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٤ ط نجف)

عن ابن عباس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنّة مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمّد رسول الله ، علي حبيب الله ، الحسن والحسين صفوة الله ، فاطمة أمة الله ، على مبغضهم لعنة الله.

فضائل الأئمة الاثني عشر

مدخل :

يقصد بأهل البيتعليهم‌السلام أينما ذكروا مقرونين بأنهم الأمان من الضلال ، وأنهم سفينة نوح ، وأنهم باب حطّة من دخله كان آمنا الخ ، يقصد بهم الأئمة الاثنا عشر حصرا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفاطمةعليها‌السلام ، أو ما نعبّر عنه

(بالمعصومين الأربعة عشر) ، لأنهم لولا العصمة لا تنطبق عليهم تلك الأوصاف وتلك المنزلة.

٦٩ ـ أهل البيتعليهم‌السلام أمان لأهل الأرض :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٣٠)

أخرج أبو عمرو الغفاري عن إياس بن سلمة عن أبيه ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأمتي».

وأخرج أحمد بن حنبل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إذا ذهب النجوم ذهب أهل السماء ، وإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض».

وفي رواية صحّحها الحاكم على شرط الشيخين ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض من الاختلاف».

وقد يشير إلى هذا المعنى قوله تعالى :( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) [الأنفال:٣٣] أقيم أهل بيته مقامه في الأمان ، لأنهم منه وهو منهم ، كما ورد في بعض الطرق.

٧٠ ـ أهل البيتعليهم‌السلام كسفينة نوح وباب حطّة :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٤٩)

أخرج الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدري ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

١٤٥

يقول : «إنما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلفّ عنها غرق. وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطةّ في بني إسرائيل ، من دخله غفر له».

٧١ ـ أئمة أهل البيتعليهم‌السلام هم رجال الأعراف :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٠٧ ط ٢)

عن الإمام محمّد الباقر قال : سأل ابن الكواء أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : ما معنى قوله تعالى :( وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ ) [الأعراف : ٤٦]؟.

فقالعليه‌السلام : نحن أصحاب الأعراف ، نعرف أصحابنا بسيماهم. نقف بين الجنّة والنار فلا يدخل الجنّة إلا من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه.

٧٢ ـ أئمة أهل البيتعليهم‌السلام يحفظون الشريعة :

وأخرج المللا في سيرته عن عمر بن الخطاب (كما في الصواعق المحرقة لابن حجر ، ص ٩٠) أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «في كل خلف من أمّتي عدول من أهل بيتي ، ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى اللهعزوجل ، فانظروا من توفدون». صدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٥ ـ محبة أهل البيتعليه‌السلام

٧٣ ـ محبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرض :

(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ١٥)

إن محبة النبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واجبة على كل مسلم ، مصداقا لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين».

(رواه البخاري عن أنس بن مالك).

وهذا الحديث من جوامع الكلم التي أوتيها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد جمع فيه كل أنواع المحبة ، وهي ثلاثة : محبة الإجلال والإعظام كمحبة الولد للوالد ، ومحبة الشفقة والرحمة كمحبة الوالد لولده ، ومحبة المشاكلة والاستحسان كمحبة سائر الناس.فجمعصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصناف المحبة في محبته.

وروى الديلمي والطبراني وأبو الشيخ ابن حبّان والبيهقي مرفوعا ، أن

١٤٦

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «لا يؤمن عبد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه ، وتكون عترتي أحبّ إليه من عترته ، وأهلي أحبّ إليه من أهله ، وذاتي أحبّ إليه من ذاته».

وروى ابن مسعود : «حب آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما ، خير من عبادة سنة ، ومن مات عليه دخل الجنّة».

٧٤ ـ أحبّوا أهل بيتي لحبّي :

(إحياء الميت للسيوطي ، ص ٢٤٢)

أخرج الترمذي وحسّنه ، والطبراني عن ابن عباس (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«أحبّوا الله لما يغذوكم به من نعمه ، وأحبّوني لحب الله ، وأحبّوا أهل بيتي لحبّي».

٧٥ ـ محبة أهل النبي جزء من محبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٩)

وكان الصحابة الكرام يتمنّون لأقرباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أكثر مما يتمنّونه لأقربائهم ، محبة منهم له وإيثارا له على أنفسهم.

منها قول أبي بكر حين أسلم والده أبو قحافة ، قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي بعثك بالحق ، لإسلام أبي طالب كان أقرّ لعيني من إسلام أبي قحافة ، وذلك أن إسلام أبي طالب كان أقرّ لعينك.

٧٦ ـ فضل محبة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(المصدر السابق)

ومن توقير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبرّه ، توقير آله وذريته وأمهات المؤمنين. وقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «معرفة آل محمّد براءة من النار ، وحب آل محمّد جواز على الصراط ، والولاية لآل محمّد أمان من العذاب».

قال بعضهم :

(معرفتهم) تعني معرفة منزلتهم منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيعرف وجوب إكرامهم وحرمتهم بسببهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال أبو بكر : راقبوا محمدا في آل بيته.

وأتى عبد الله بن حسن بن الحسينعليه‌السلام إلى عمر بن عبد العزيز في حاجة.فقال : يا أبا محمّد ، إذا كانت لك حاجة فأرسل إليّ أحضر إليك ، فإني أستحي من الله أن يراك على بابي.

١٤٧

ودخلت بنت أسامة بن زيد مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على عمر بن عبد العزيز ، فجعل يدها بين يديه ، ومشى بها حتّى أجلسها في مجلسه ، وجلس بين يديها ، وما ترك لها حاجة إلا قضاها.

يقول الشبراوي في (الإتحاف) ص ١٧ : هذا مع بنت مولاهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما بالك بابن بضعته وذريته والمنتمين إلى الزهراء ابنته؟!.

وهذا كله لما وجب لآل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الشرف والمجد لنسبتهم إليه ، وسريان لحمه ودمه الكريمين فيهم. فهم بعضه ، وبعضه في وجوب الإجلال والتعظيم كجميعه ، وحرمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ميتا كحرمته حيّا.

٧٧ ـ تفسير آية المودة :

(المصدر السابق ، ص ١٧)

قال تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣]. قال ابن عباس : المعنى لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودّوني في نفسي لقرابتي منكم ، لأنه لم يكن بطن من قريش إلا بينهم وبينهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرابة. لكن الأنسب ما قاله غيره في تفسير الآية ، أن المعنى : قل يا محمّد لأمتك ، لا أطلب منكم على ما جئتكم به من الهدى ، والنجاة من الردى ، عوضا ولا أجرة ولا جزاء ، إلا أن تودّوا قرابتي وعترتي وتحبوهم ، وتعاملوهم بالمعروف والاحسان ، ويكون بينكم وبينهم غاية الودّ والمحبة والصلة.

روايات أخرى :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٠٤)

قال الله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣]. قال في (المواهب) : إن المراد بالقربى من ينتسب إلى جده الأقرب عبد المطلب.

وقال في (الصواعق) : المراد بأهل البيت والآل وذوي القربىعليهم‌السلام في كل ما جاء في فضلهم ، مؤمنو بني هاشم والمطلب.

وينافي هذا ما روى الطبراني وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن ابن عباس ، أن هذه الآية لما نزلت ، قالوا : يا رسول الله ، من قرابتك الذين نزلت فيهم الآية؟.قال : علي وفاطمة وابناهماعليهم‌السلام .

١٤٨

٧٨ ـ محبة أهل البيتعليهم‌السلام هي أجر الرسالة المحمدية :

(الفصول المهمة في تأليف الأمة للسيد عبد الحسين شرف الدين ص ٤٠)

أخرج الحاكم (كما في تفسير آية المودة في القربى من مجمع البيان للطبرسي) بالإسناد إلى أبي ثمامة الباهلي ، (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتى ، وخلقت أنا وعليّ من شجرة واحدة. فأنا أصلها ، وعليّ فرعها ، وفاطمة لقاحها ، والحسن والحسين ثمارها ، وأشياعنا أوراقها. فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجا ، ومن زاغ عنها هوى. ولو أن عبدا عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام حتّى يصير كالشن (أي الجلد اليابس) البالي ، ثم لم يدرك محبتنا ، أكبّه الله على منخريه في النار ، ثم تلاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٢٣) [الشورى : ٢٣].

٧٩ ـ اقتراف الحسنة هو مودّة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٣٩)

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى( وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ) [الشورى : ٢٣] قال : المودة لآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٨٠ ـ أربع يسأل عنها المؤمن يوم القيامة :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٤٢ ط نجف)

أنبأني أبو المظفر عبد الملك بن علي الهمداني حدّثني أبو برزة الأسلمي ، (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحن جلوس ذات يوم : والذي نفسي بيده ،

لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتّى يسأله الله تعالى عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ، وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه ، وعن حبّنا أهل البيت.

فقال عمر : فما آية حبّكم من بعدكم؟. قال : فوضع يده على رأس عليعليه‌السلام وهو إلى جانبه ، وقال : إن آية حبّي من بعدي حبّ هذا.

ومثل ذلك ما أخرجه الطبراني عن ابن عباس.

١٤٩

٨١ ـ من أحبّ أهل البيتعليهم‌السلام فله الشفاعة :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٥٩)

أخرج الخطيب في تاريخه عن عليعليه‌السلام (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«شفاعتي لأمتي من أحب أهل بيتي».

٨٢ ـ من أحبّ أهل البيتعليهم‌السلام يثبّته الله على الصراط :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٦٣)

أخرج الديلمي عن عليعليه‌السلام ، (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أدّبوا أولادكم على ثلاث خصال : حبّ نبيّكم ، وحب أهل بيته ، وعلى قراءة القرآن ، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله ، مع أنبيائه وأصفيائه.

٨٣ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسألنا عن اثنين : القرآن والعترة :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٦١)

أخرج الطبراني عن المطلب بن عبد الله عن أبيه ، قال : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالجحفة [غدير خم] فقال : ألست أولى بكم من أنفسكم؟. قالوا : بلى يا رسول الله. قال : فإني سائلكم عن اثنين : عن القرآن وعترتي.

٨٤ ـ لا يدخل الجنة من لم يعرف حق أهل البيتعليهم‌السلام :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٤٥)

وأخرج الطبراني في الأوسط ، ونقله السيوطي في (إحياء الميت) والنبهاني في أربعينه وابن حجر في صواعقه ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «الزموا مودتنا أهل البيت ، فإنه من لقي الله وهو يودّنا ، دخل الجنة بشفاعتنا. والذي نفسي بيده لا ينفع عبدا عمل عمله إلا بمعرفة حقنا».

٨٥ ـ مودة أهل البيتعليهم‌السلام تطيل العمر :

(قادتنا كيف نعرفهم ، ج ٦)

وروي بإسناده عن عبد الله بن بدر ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من أحبّ أن يبارك في أجله ، وأن يمتّع بما خوّله الله تعالى ، فليخلفني في أهلي خلافة حسنة. ومن لم يخلفني فيهم بتّك عمره (أي قطع) ، وورد عليّ يوم القيامة مسودا وجهه».

١٥٠

ـ وفي حديث مشابه : (المنتخب للطريحي ، ص ١٢ ط ٢)

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أحبّ أن ينسّأ في أجله (أي يطول عمره) ، وأن يمتّعه الله بما خوّله الله ، فليخلفني في أهلي خلافة حسنة. فمن لم يخلفني فيهم بتر الله عمره ، وورد عليّ يوم القيامة مسودّا وجهه».

ومضامين هذه الأحاديث الشريفة أن أهل البيتعليهم‌السلام

(الذين هم الأئمة الأطهار) هم حجج الله البالغة ، ومناهل شريعته السائغة ، والقائمون مقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بعده في أمره ونهيه ، والممثّلون له بأجلى مظاهر هديه. فالمحب لهم بسبب ذلك محبّ لله ولرسوله ، والمدافع عنهم كالمدافع عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والمبغض لهم مبغض لهما.

٨٦ ـ ماذا كان جواب الأمة على طلب نبيّهم :

لقد طلب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المسلمين أن يكون أجره على تبليغ الرسالة الإسلامية مودّة قرباه وذريته المختارة ، فماذا كان جوابهم على هذا الطلب ، وما ذا كان ردّهم على هذا الإحسان؟.

فمنذ أن أغمض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عينيه بعد جهاده الكبير ، قام الناس يجرّدون أهل البيتعليهم‌السلام من مكانتهم الرفيعة ومنزلتهم السامية ، ويحرمونهم حقوقهم الدينية والدنيوية ، حتّى بكت فاطمةعليها‌السلام حزنا على فراق أبيها ، وصبر عليعليه‌السلام على طول المدة وشدة المحنة.

ولقد كان في علم الله وعلم رسوله ما ستفعل الأمة بأهله وذريته ، فكان يؤكد الوصيّة بهم ، ولزوم التمسك بحبلهم ، وأنهم الأمان من الضلال ، والنجاة من الغرق وكأن هذه الوصية بهم كانت وصية عليهم. لأن المسلمين عملوا على نقيضها ، فكانت الحجة على الظالمين منهم حجة من أبلغ الحجج. ولا سيما ما فعلوه مع الإمام أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ورهطه في كربلاء يوم العاشر من المحرّم.

عقاب من يبغض أهل البيتعليهم‌السلام

٨٧ ـ مبغض أهل البيتعليهم‌السلام في النار :

(إحياء الميت ، ص ٢٤٢)

أخرج الطبراني والحاكم عن ابن عباس (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

١٥١

«يا بني عبد المطلب ، إني سألت الله لكم ثلاثا : أن يثّبت قلوبكم ، وأن يعلّم جاهلكم ، ويهدي ضالّكم ، وسألته أن يجعلكم جوداء ونجداء ورحماء. فلو أن رجلا صفن (أي صفّ قدميه) بين الركن والمقام ، فصلّى وصام ، ثم مات وهو مبغض لأهل بيت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، دخل النار».

٨٨ ـ مبغض أهل البيتعليهم‌السلام منافق :(إحياء الميت ، ص ٢٤٣)

أخرج ابن عدي في (الإكليل) عن أبي سعيد الخدري (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أبغضنا أهل البيت ، فهو منافق».

٨٩ ـ مبغض العترة أحد ثلاث :(إحياء الميت ، ص ٢٤٤)

أخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان ، عن عليعليه‌السلام (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من لم يعرف حقّ عترتي والأنصار ، فهو لإحدى ثلاث : إما منافق ، وإما لدينه ، وإما لغير طهور». يعني حملته أمه على غير طهر.

٩٠ ـ مبغض أهل البيتعليهم‌السلام يحشر يهوديا :(إحياء الميت ، ص ٢٤٥)

أخرج الطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله ، قال : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسمعته يقول : «أيها الناس ، من أبغضنا أهل البيت ، حشره الله تعالى يوم القيامة يهوديا».

٩١ ـ غضب الله شديد على من آذى العترة :(إحياء الميت ص ٢٦٥)

أخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اشتدّ غضب الله على من آذاني في عترتي».

٩٢ ـ عقوبة من يظلم أهل البيتعليهم‌السلام أو يسبّهم :

(عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق ، ج ٢ ص ٣٤ حديث ٦٥)

عن الإمام علي الرضاعليه‌السلام عن آبائه عن عليعليه‌السلام قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«حرّمت الجنة على من ظلم أهل بيتي ، وقاتلهم ، والمعين عليهم ، ومن سبّهم( لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) (٧٧) [آل عمران : ٧٧].

١٥٢

موالاة أهل البيتعليهم‌السلام

(حديث الثّقلين وحديث الغدير)

٩٣ ـ معنى الموالاة :

ليست الموالاة لأهل البيتعليهم‌السلام مجرد محبتهم والتعاطف معهم ، إنما تعني إضافة لذلك التقيد بأقوالهم والسير على منهاجهم. وهذه الموالاة واجبة على كل مسلم حسب منطوق حديث الثقلين ، الّذي ينص على أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ترك بعد وفاته للأمة شيئين مهمّين غاليين ، إن تمسكوا بهما نجوا ، وإن تركوهما ضلوّا وغووا ، هما القرآن (وهو كتاب الله الصامت) وأئمة أهل البيت (وهم كتاب الله الناطق).

وإذا كانت الموالاة لأهل البيتعليهم‌السلام تعني متابعتهم والتمسك بهم ، فيجب على كل مسلم أن يتعلم فقه الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام ويسير عليه ، حتّى يكون مواليا لأهل البيتعليهم‌السلام . أما محبة أهل البيتعليهم‌السلام باللسان بدون السير على نهجهم ، فهذه لا تنفع شيئا ، عدا عن أنها نفاق ظاهري. فأهل الكوفة كلهم كانت قلوبهم مع الحسينعليه‌السلام ، ولكن أسيافهم كانت عليه. فالمحكّ الحقيقي للولاية هو نصرة أهل البيتعليهم‌السلام بالقول والعمل ، والدفاع عنهم ، والبراءة من أعدائهم.

ومن العجب العجاب أن بعض المسلمين كانوا يدّعون محبة أهل البيتعليهم‌السلام ، ثم كانوا يسبّونهم على المنابر ، لا بل إنهم كانوا يرضون عن أعمال الذين حاربوا الإمام علياعليه‌السلام والإمام الحسنعليه‌السلام والإمام الحسينعليه‌السلام ، أمثال معاوية ويزيد وأعوانهم. فما هذا التناقض الغريب ، وكيف يقبله ذو منطق وعقيدة؟.

وإليك بعض الأحاديث الشريفة التي تؤكد على لزوم موالاة أهل البيتعليهم‌السلام والتمسك بهم ومتابعتهم والسير على مذهبهم دون سواهم.

٩٤ ـ ثواب نصرة أهل البيتعليهم‌السلام ، والذين تنالهم شفاعة جدهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٥)

روى الناصر للحق عن آبائه رضوان الله عليهم ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة ، ولو أتوا بذنوب أهل الأرض : الضارب بسيفه أمام ذريتي ، والقاضي لهم حوائجهم ، والساعي لهم في حوائجهم ، والمحبّ لهم بقلبه ولسانه».

١٥٣

جعلنا الله من محبيهم والموالين لهم ، ورزقنا شفاعة جدهم بمنّه وسعة رحمته.

٩٥ ـ ولاية عليعليه‌السلام نسوها :

(تاريخ الشيعة لمحمد حسين المظفر ، ص ٩)

قال أبو سعيد الخدري : أمر الناس بخمس ، فعملوا بأربع وتركوا واحدة. قيل له : وما الأربع؟. قال : الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج. قيل : فما الواحدة التي تركوها؟. قال : ولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام . قيل له : وإنها لمفروضة معهن؟. قال : نعم هي مفروضة معهن.

٩٦ ـ تمسّكوا بالأئمة من بعدي :

(المنتخب للطريحي ، ص ٢٤٤ ط ٢)

عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : خطب فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الجمعة خطبة بليغة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، إني راحل عن قريب ، ومنطلق للمغيب. وإني أوصيكم في عترتي خيرا ، فلا تخالفوهم ولا تخاصموهم ولا تنابذوهم. وإياكم والبدع ، فإن كل بدعة ضلالة ، والضلالة وأهلها بالنار.

معاشر الناس ، من افتقد منكم الشمس فليتمسّك بالقمر ، ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين ، وإن افتقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزاهرة (يقصد الأئمة الاثني عشر). أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، والحمد لله رب العالمين.

إلى أن قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنهم هم الأولياء والأوصياء والخلفاء من بعدي ، أئمة أبرار وأوصياء أطهار ، وهم بعدد أسباط يعقوبعليه‌السلام ، وعدد حواريي عيسىعليه‌السلام ، وعدد نقباء بني إسرائيل.

[وقد مرت رواية مشابهة ، في الفقرة رقم ٤٢ مروية عن سلمان أيضا فراجع]

٩٧ ـ منزلة أهل البيتعليهم‌السلام :

(إسعاف الراغبين لمحمد الصبان ص ١١١)

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «اجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد ، ومكان العينين من الرأس ، ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين».

١٥٤

٩٨ ـ موالاة العترة :

وأخرج الطبراني في الكبير ، والرافعي في مسنده ، بالإسناد إلى ابن عباس (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من سرّه أن يحيا حياتي ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال عليا من بعدي ، وليوال وليّه ، وليقتد بأهل بيتي من بعدي ؛ فإنهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهمي وعلمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي». وهذا الحديث بعين لفظه هو الحديث ٣٨١٩ من (كنز العمال) ج ٦ ص ٢١٧.

٩٩ ـ حديث الثقلين وحديث الغدير :

(المراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدين ، ص ٥١ ط ٥)

الصحاح الحاكمة بوجوب التمسك بالثّقلين (وهما القرآن وأهل البيت) متواترة ، وطرقها عن بضع وعشرين صحابيا متضافرة. وقد صدع بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مواقف له شتى ؛ مرة على منبره في المدينة ، وتارة بعد انصرافه من الطائف ، وتارة يوم عرفة في حجة الوداع ، وتارة يوم غدير خم وهو راجع من حجة الوداع ، وأخرى في حجرته المباركة وهو في مرضه الأخير ، إذ قال : «إني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثّقلين : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي. وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفونّي فيهما».

[أخرج هذا الحديث الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري من طريقين :أحدهما في آخر ص ١٧ ، والثاني في آخر ص ٢٦ من الجزء الثالث من مسنده.وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن سعد عن أبي سعيد ، وهو الحديث ٩٤٥ من أحاديث (كنز العمال) ج ١ ص ٤٧].

وأخرج جلال الدين السيوطي في (الدر المنثور) ج ٢ ص ٦٠ أحاديث عديدة ، منها ما خرّجه عن الطبراني عن زيد بن أرقم (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إني لكم فرط ، وإنكم واردون عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني في الثّقلين». قيل وما الثقلان يا رسول الله؟ قال :

«الأكبر كتاب اللهعزوجل ، سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم ، فتمسكوا به لن

١٥٥

تزلوّا ولا تضلوا. والأصغر عترتي ، وإنهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض ، وسألت لهما ذلك ربي. فلا تقدّموهما فتهلكوا ، ولا تعلّموهما فإنهما أعلم منكم».[وذكره في (التعقبات) ج ١ ص ١٨٣ من حديث الثقلين].

وذكر الموفق بن أحمد الحنفي الخوارزمي في (المناقب) حديث الغدير بسنده المتصل عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال : لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم ، أمر بدوحات فقمّمن (أي نظّف ما تحت الشجرات من القمامة). ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كأني قد دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثّقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفونّي فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض». ثم قال : «إن اللهعزوجل مولاي ، وأنا وليّ كل مؤمن ومؤمنة». ثم أخذ بيد عليعليه‌السلام فقال : «من كنت وليّه فهذا وليّه. الله م وال من والاه ، وعاد من عاداه».

تعليق : أحاديث الثقلين وحديث الغدير ، تقرّ بالإمامة لأمير المؤمنين علي ابن أبي طالبعليه‌السلام نصا لا لبس فيه ، حيث نقل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولايته العامة على المسلمين إلى الإمام عليعليه‌السلام حيث قال لهم وهم مجتمعون في غدير خم :«ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟». قالوا : بلى ، الله ورسوله أولى بالمؤمنين من أنفسهم. قال : «من كنت مولاه ، فهذا علي مولاه ..." إلى آخر الحديث.

هذا وإن في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث الثقلين عن القرآن والعترة : «وإنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض». حقيقتين هما :

الأولى : أن أهل البيتعليهم‌السلام والقرآن متلازمان ، فكما أن القرآن لا يأتيه الباطل ، فهم منزّهون من الباطل ، ومعصومون من الخطأ والدنس.

والثانية : أنهم مستمرون في ولايتهم إلى يوم القيامة ، وأنهم موجودون دائما ، إما بشكل إمام ظاهر كالإمام عليعليه‌السلام والأئمة من أولاده ، أو بشكل إمام مستتر كالإمام المهديعليه‌السلام ، وهو الإمام الثاني عشر ، الّذي ولد سنة ٢٥٥ ه‍ ، ثم تولى الإمامة سنة ٢٦٠ ه‍ حين توفي والدهعليه‌السلام وغاب الغيبة الصغرى. ثم غاب الغيبة الكبرى وعمره ٧٥ عاما. وهو الآن باعتقادنا حي يرزق ، غائب عن الأنظار ، يظهر في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطا وعدلا ، بعد ما ملئت ظلما وجورا. ومن مهماته أن يقيم دولة القرآن ، وأن يأخذ بثأر جده الحسينعليه‌السلام من أعدائه.

١٥٦

١٠٠ ـ روايات أخرى لحديث الثقلين :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمد الصبان ص ١١٠)

عن زيد بن أرقم (قال) قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «أيها الناس ، إنما أنا بشر مثلكم ، يوشك أن يأتيني رسول ربيعزوجل فأجيبه. وإني تارك فيكم ثقلين : كتاب الله فيه الهدى والنور ، فتمسّكوا بكتاب اللهعزوجل وخذوا به ؛ وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي «(أي أحذّركم الله في شأن أهل بيتي). ورواه مسلم.

وأخرج الترمذي وحسّنه ، والحاكم عن زيد بن أرقم (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«إني تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفونّي فيهما».

١٠١ ـ تواتر حديث الثقلين من طرق السنّة :

(إحياء الميت للسيوطي ، ص ٢٤٠)

وقد ورد حديث الثقلين بصيغة [كتاب الله وعترتي] أيضا فيما أخرجه عيد بن حميد في مسنده عن زيد بن ثابت ، وبصيغة [الثقلين : كتاب الله وعترتي] فيما أخرجه أحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد الخدري ، وبنفس الصيغة ما أخرجه الترمذي عن جابر. وبصيغة : [الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي] ، فيما أخرجه البزاز عن عليعليه‌السلام . وبصيغة [كتاب الله وعترتي أهل بيتي] ، وبصيغة [خليفتين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي] ما أخرجه أحمد والطبراني عن زيد بن ثابت ، وما أخرجه البارودي عن أبي سعيد الخدري.

١٠٢ ـ ما معنى الثّقلين؟ :

قال ابن حجر في (الصواعق) بعد ذكره لحديث الثقلين : سمّى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القرآن والعترة : ثقلين ، لأن الثّقل كل شيء نفيس خطير ، وهذان كذلك ، إذ كل واحد منهما معدن للعلوم الدينية والأسرار العقلية الشرعية ، ولهذا حثّ على الاقتداء والتمسك بهما. وقيل : سمّيا (ثقلين) لثقل وجوب رعاية حقوقهما.

١٠٣ ـ أحاديث في ولاية أهل البيتعليهم‌السلام :

جاء في (الصواعق المحرقة) لابن حجر في ولاية الإمام عليعليه‌السلام وأهل البيتعليهم‌السلام ووجوب الاقتداء بهم :

١٥٧

ـ في الصفحة ١٤ تفسير الآية :( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) (٨٢) [طه : ٨٢]. قال ثابت البناني :( ثُمَّ اهْتَدى ) [طه : ٨٢] يعني إلى ولاية أهل البيتعليهم‌السلام .

ـ وفي الصفحة ٩١ تفسير الآية :( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) (٢٤) [الصافات : ٢٤]. عن أبي سعيد الخدري أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) (٢٤) [الصافات : ٢٤] عن ولاية علي وأهل بيتهعليهم‌السلام .

ـ وفي الصفحة ٩٩ تفسير الآية :( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (٧) [البينة : ٧]. أخرج الحافظ جمال الدين الذرندي عن ابن عباس ، أن هذه الآية لما نزلت ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام : «هو أنت وشيعتك ، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين».

١٠٤ ـ تفسير سورة العصر :

(مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول للمجلسي ، ج ٣ ص ٢٥٥)

وفي عليعليه‌السلام نزلت سورة (العصر) وتفسيرها :( وَالْعَصْرِ ) (١) [العصر : ١] أي أقسم برب عصر القيامة( إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ) (٢) [العصر : ٢] يقصد أعداء آل محمّد( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ) [الشعراء : ٢٢٧] بولايتهم ،( وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) [الشعراء : ٢٢٧] بمواساة إخوانهم ،

( وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ ) [العصر : ٣] في فترة غيبة قائمهم (عج).

١٥٨

أشعار في موالاة أهل البيتعليهم‌السلام

(هامش الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٩)

١٠٥ ـ أشعار في الموالاة :

قال الإمام الشافعي :

قالوا : ترفّضت ، قلت : كلا

ما الرفض ديني ولا اعتقادي

لكن تولّيت غير شكّ

خير إمام وخير هاد

إن كان حبّ الوليّ رفضا

فإنني أرفض العباد

وقالرحمه‌الله :

يا راكبا قف بالمحصّب من منى

واهتف بساكن خيفها والناهض

سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى

فيضا كملتطم الفرات الفائض

إني أحبّ بني النبيّ المصطفى

وأعدّه من واجبات فرائضي

إن كان رفضا حبّ آل محمّد

فليشهد الثقلان أني رافضي

وقال عن محبة أهل البيتعليهم‌السلام والصلاة عليهم :

يا آل بيت رسول الله حبّكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم الفضل أنّكم

من لا يصلي عليكم لا صلاة له

ومما ينسب إلى الشافعي هذه الأبيات تعليقا على حديث النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «تفترق أمّتي ثلاثا وسبعين فرقة ، الناجية منها واحدة». قال :

ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم

مذاهبهم في أبحر الغيّ والجهل

ركبت على اسم الله في سفن النّجا

وهم آل بيت المصطفى خاتم الرّسل

إذا افترقت في الدين سبعون فرقة

ونيف كما قد جاء في محكم النقل

ولم يك ناج منهم غير فرقة

فقل لي بها يا ذا الرجاحة والعقل

أفي الفرق الهلّاك آل محمّد

أم الفرقة اللائي نجت منهم قل لي

فإن قلت في الناجين فالقول واحد

وإن قلت في الهلّاك حفت عن العدل

إذا كان مولى القوم منهم ، فإنني

رضيت بهم ، لا زال في ظلّهم ظلّي

فخلّ عليّا لي إماما ونسله

وأنت من الباقين في أوسع الحلّ

وله في الولاية مدائح كثيرة ، منها قوله :

١٥٩

إذا في مجلس ذكروا عليّا

وشبليه وفاطمة الزّكيّة

يقال تجاوزوا يا قوم هذا

فهذا من حديث الرافضيّه

هربت من المهيمن من أناس

يرون الرّفض حبّ الفاطميّه

على آل الرسول صلاة ربي

ولعنته لتلك الجاهليه

وقال يرثي الحسينعليه‌السلام من قصيدة :

تأوّب همّي والفؤاد كئيب

وأرّق نومي والرقاد غريب

ومما نفى همّي وشيّب لمّتي

تصاريف أيام ، لهنّ خطوب

فمن مبلغ عني الحسين رسالة

وإن كرهتها أنفس وقلوب

يصلىّ على المبعوث من آل هاشم

ويغزى بنوه ، إنّ ذا لعجيب

لئن كان ذنبي حبّ آل محمّد

فذلك ذنب لست عنه أتوب

هم شفعائي يوم حشري وموقفي

إذا ما بدت للناظرين خطوب

وقالرحمه‌الله :

لقد كتموا آثار آل محمّد

محبّيهم خوفا ، وأعداؤهم بغضا

فأبرز من بين الفريقين نبذة

بها ملأ الله السموات والأرضا

وقال الشيخ أبو بكر بن عربي :

رأيت ولائي آل طه فريضة

على رغم أهل البعد يورثني القربا

فما طلب المبعوث أجرا على الهدى

بتبليغه ، إلا المودة في القربى

وقال أحدهم في موالاة أهل البيتعليهم‌السلام ومعاداة أعدائهم :

يا بني الزهراء والنور الّذي

ظنّ موسى أنه نار قبس

لا أوالي الدهر من عاداكم

إنه آخر آي من (عبس)

يشير بذلك إلى قوله تعالى :( أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ) (٤٢) [عبس : ٤٢].

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

كما سمعت يعارض أوّلاً الحديث و يتّخذه سخريّاً.

فالمراد بسبيل الله القرآن بما فيه من القصص و المعارف و كأنّ مراد من كان يشتري لهو الحديث أن يضلّ الناس بصرفهم عن القرآن و أن يتّخذ القرآن هزواً بأنّه حديث مثله و أساطير كأساطيره.

و قوله:( بِغَيْرِ عِلْمٍ ) متعلّق بيضلّ و هو في الحقيقة وصف ضلال الضالّين دون إضلال المضلّين و إن كانوا أيضاً لا علم لهم ثمّ هدّدهم بقوله:( أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ ) أي مذلّ يوهنهم و يذلّهم حذاء استكبارهم في الدنيا.

قوله تعالى: ( وَ إِذا تُتْلى‏ عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً ) إلخ، وصف لذاك الّذي يشتري لهو الحديث ليضلّ الناس عن القرآن و يهزأ به و الوقر الحمل الثقيل و المراد بكون الوقر على اُذنيه أن يشد عليهما ما يمنع من السمع و قيل: هو كناية عن الصمم.

و المعنى: و إذا تتلى على هذا المشتري لهو الحديث آياتنا أي القرآن ولّى و أعرض عنها و هو مستكبر كأن لم يسمعها قطّ كأنّه أصمّ فبشّره بعذاب أليم.

و قد اُعيد إلى من يشتري ضمير الإفراد أوّلاً كما في( يَشْتَرِي ) و( لِيُضِلَّ ) و( يَتَّخِذَها ) باعتبار اللّفظ و الضمير الجمع، ثانياً باعتبار المعنى ثمّ ضمير الإفراد باعتبار اللّفظ كما في( عَلَيْهِ ) و غيره كذا قيل، و من الممكن أن يكون ضمير( لَهُمْ ) في الآية السابقة راجعاً إلى مجموع المضلّ و الضالّين المدلول عليهم بالسياق فتكون الضمائر الراجعة إلى( مِنَ ) مفردة جميعاً.

قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ - إلى قوله -الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) رجوع بعد إنذار ذاك المشتري و تهديده بالعذاب المهين ثمّ العذاب الأليم إلى تبشير المحسنين و تطييب أنفسهم بجنّة النعيم الخالدة الموعودة من قبله تعالى و وعده الحقّ.

و لمّا كان غرض من اشترى لهو الحديث أن يلتبس الأمر على من يضلّه بغير علم فيحسب القرآن من الأساطير الباطلة كأساطيره و يهين به و كان لا يعتني بما تتلى عليه

٢٢١

من الآيات مستكبراً و ذلك استهانة بالله سبحانه أكّد أوّلاً ما وعده للمحسنين بقوله:( وَعْدَ اللهِ حَقًّا ) ثمّ وصف ثانياً نفسه بالعزّة المطلقة، فلا يطرأ عليه ذلّة و أهانه و الحكمة المطلقة فلا يداخل كلامه باطل و لا هزل و خرافة.

ثمّ وصفه ثالثاً بأنّه الّذي يدبّر أمر السماء و الأرض و النبات و الحيوان و الإنسان لأنّه خالقها فله أن يعد هؤلاء بالجنّة و اُولئك بالعذاب و هو قوله:( خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ) إلخ.

قوله تعالى: ( خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ) إلخ، تقدّم في تفسير قوله تعالى:( اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ) الرعد: ٢ أنّ قوله:( تَرَوْنَها ) يحتمل أن يكون قيداً توضيحيّاً، و المعنى أنّكم ترونها و لا أعمدة لها، و أن يكون قيداً احترازيّاً و المعنى خلقها بغير أعمدة مرئيّة إشعاراً بأنّ هناك أعمدة غير مرئيّة.

و قوله:( وَ أَلْقى‏ فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ) ، أي ألقى فيها جبالاً شامخة لئلّا تضطرب بكم و فيه إشعار بأنّ بين الجبال و الزلازل رابطة مستقيمة.

و قوله:( وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ ) أي نشر في الأرض من كلّ حيوان يدبّ عليها.

و قوله:( وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ) أي و أنزلنا من جهة العلو ماء و هو المطر و أنبتنا فيها شيئاً من كلّ زوج نباتيّ شريف فيه منافع و له فوائد، و فيه إشارة إلى تزوّج النبات و قد تقدّم الكلام فيه في نظيره.

و الالتفات فيها من الغيبة إلى التكلّم مع الغير للإشارة إلى كمال العناية بأمره كما قيل.

قوله تعالى: ( هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) ، لمّا أراهم خلقه و تدبيره تعالى للسماوات و الأرض و ما عليها فأثبت به ربوبيّته و اُلوهيّته تعالى كلّفهم أن يروه شيئاً من خلق آلهتهم إن كانوا آلهة و أرباباً فإن لم يقدروا على إراءة شي‏ء ثبت بذلك وحدانيّته تعالى في اُلوهيّته و ربوبيّته.

و إنّما كلّفهم بإراءة شي‏ء من خلق آلهتهم - و هم يعترفون أنّ الخلق لله وحده

٢٢٢

و لا يسندون إلى آلهتهم خلقاً و إنّما ينسبون إليهم التدبير فقط - لأنّه نسب إلى الله خلقاً هو بعينه تدبير من غير انفكاك، فلو كان لآلهتهم تدبير في العالم كان لهم خلق ما يدبّرون أمره و إذ ليس لهم خلق فليس لهم تدبير فلا إله إلّا الله و لا ربّ غيره.

و قد سيقت الآية خطاباً من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنّ نوع هذا الخطاب( فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ) لا يستقيم من غيرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

( بحث روائي)

في المجمع: نزل قوله تعالى:( وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ) في النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد الدار بن قصيّ بن كلاب كان يتّجر فيخرج إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم و يحدّث بها قريشاً و يقول لهم: إنّ محمّداً يحدّثكم بحديث عاد و ثمود و أنا اُحدّثكم بحديث رستم و إسفنديار و أخبار الأكاسرة فيستمعون حديثه و يتركون استماع القرآن. عن الكلبيّ.

أقول: و روى هذا المعنى في الدرّ المنثور، عن البيهقيّ عن ابن عبّاس، و لا يبعد أن يكون ذلك سبب نزول تمام السورة كما تقدّمت الإشارة إليه.

و في المعاني، بإسناده عن يحيى بن عبادة عن أبي عبداللهعليه‌السلام : قلت: قوله عزّوجلّ:( وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ) قال: منه الغناء.

أقول: و روى هذا المعنى في الكافي، بإسناده عن مهران عنهعليه‌السلام ، و بإسناده عن الوشّاء عن الرضا عنهعليه‌السلام ، و بإسناده عن الحسن بن هارون عنهعليه‌السلام .

و في الكافي، بإسناده عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: الغناء ممّا أوعد الله عليه النار و تلا هذه الآية:( وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ ) .

و فيه، بإسناده عن أبي بصير قال: سألت أباجعفرعليه‌السلام عن كسب المغنّيات فقال: الّتي يدخل عليها الرجال حرام و الّتي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس و هو قول الله عزّوجلّ:( وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) .

٢٢٣

و في المجمع، و روى أبو أمامة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: لا يحلّ تعليم المغنّيات و لا بيعهنّ و أثمانهنّ حرام و قد نزل تصديق ذلك في كتاب الله:( وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ) الآية.

أقول: و رواه في الدرّ المنثور، عن جمّ غفير من أصحاب الجوامع عن أبي أمامة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

و فيه، و روي عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنّه قال: هو الطعن في الحقّ و الاستهزاء به و ما كان أبوجهل و أصحابه يجيؤن به إذ قال: يا معاشر قريش أ لا اُطعمكم من الزقّوم الّذي يخوّفكم به صاحبكم؟ ثمّ أرسل إلى زبد و تمر فقال: هذا هو الزقّوم الّذي يخوّفكم به. قال: و منه الغناء.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن أبي الدنيا عن عليّ بن الحسين قال: ما قدّست اُمّة فيها البربط.

و في تفسير القمّيّ، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام : في قوله:( وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) فهو النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة من بني عبد الدار بن قصيّ، و كان النضر ذا رواية لأحاديث الناس و أشعارهم، يقول الله عزّوجلّ:( وَ إِذا تُتْلى‏ عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً ) الآية.

و فيه، عن أبيه عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: قلت له: أخبرني عن قول الله تعالى:( وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ ) قال: هي محبوكة إلى الأرض و شبّك بين أصابعه. فقلت: كيف تكون محبوكة إلى الأرض و الله يقول:( رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ) ؟ فقال: سبحان الله أ ليس يقول:( بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ) ؟ فقلت: بلى. فقال: فثمّ عمد و لكن لا ترونها.

٢٢٤

( سورة لقمان الآيات ١٢ - ١٩)

وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ  وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ  وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ( ١٢ ) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ  إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ( ١٣ ) وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ( ١٤ ) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا  وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا  وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ  ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ( ١٥ ) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ  إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ( ١٦ ) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ  إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ( ١٧ ) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا  إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ( ١٨ ) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ  إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ( ١٩ )

( بيان)

في الآيات إشارة إلى إيتاء لقمان الحكمة و نبذة من حكمه و مواعظه لابنه و لم يذكر في القرآن إلّا في هذه السورة و يناسب المورد من حيث مقابلة قصّته الممتلئة حكمة

٢٢٥

و موعظة لما قصّ من حديث من كان يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل الله بغير علم و يتّخذها هزؤا.

قوله تعالى: ( وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ) إلخ، الحكمة على ما يستفاد من موارد استعمالها هي المعرفة العلميّة النافعة و هي وسط الاعتدال بين الجهل و الجربزة. و قوله:( أَنِ اشْكُرْ لِي ) قيل: هو بتقدير القول أي و قلنا:( أَنِ اشْكُرْ لِي ) .

و الظاهر أنّه تفسير إيتائه الحكمة من غير تقدير القول، و ذلك أنّ حقيقة الشكر هي وضع النعم في موضعها الّذي ينبغي له بحيث يشير إلى إنعام المنعم، و إيقاعه كما هو حقّه يتوقّف على معرفة المنعم و معرفة نعمه بما هي نعمة و كيفيّة وضعها موضعه بحيث يحكي عن إنعامه فإيتاؤه الحكمة بعث له إلى الشكر فإيتاء الحكمة أمر بالشكر بالملازمة.

و في قوله:( أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ) التفات من التكلّم مع الغير إلى الغيبة و ذلك أنّ التكلّم مع الغير من المتكلّم إظهار للعظمة بالتكلّم عن قبل نفسه و خدمه و قول أن اشكر لنا على هذا لا يناسب التوحيد في الشكر و هو ظاهر.

و قوله:( وَ مَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) استغناء منه تعالى أنّ نفع الشكر إنّما يرجع إلى نفس الشاكر و الكفر لا يتضرّر به إلّا نفسه دونه سبحانه و من يشكر فإنّما يوقع الشكر لنفع نفسه و لا ينتفع به الله سبحانه لغناه المطلق و من كفر فإنّما يتضرّر به نفسه إنّ الله غنيّ لا يؤثّر فيه الشكر نفعاً و لا ضرّاً حميد محمود على ما أنعم سواء شكر أو كفر.

و في التعبير عن الشكر بالمضارع الدالّ على الاستمرار و في الكفر بالماضي الدالّ على المرّة إشعار بأنّ الشكر إنّما ينفع مع الاستمرار لكن الكفر يتضرّر بالمرّة منه.

قوله تعالى: ( وَ إِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَ هُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) عظمة كلّ عمل بعظمة أثره و عظمة المعصية بعظمة المعصيّ فإنّ مؤاخذة العظيم عظيمة فأعظم المعاصي معصية الله لعظمته و كبريائه فوق كلّ عظمة و كبرياء بأنّه الله لا شريك له و أعظم معاصيه معصيته في أنّه الله لا شريك له.

٢٢٦

و قوله:( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) حيث اُطلق عظمته من غير تقييد بقياسه إلى سائر المعاصي يدلّ على أنّ له من العظمة ما لا يقدّر بقدر.

قوله تعالى: ( وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ ) إلى آخر الآية، اعتراض واقع بين الكلام المنقول عن لقمان و ليس من كلام لقمان و إنّما اطّرد ههنا للدلالة على وجوب شكر الوالدين كوجوب الشكر لله بل هو من شكره تعالى لانتهائه إلى وصيّته و أمره تعالى، فشكرهما عبادة له تعالى و عبادته شكر.

و قوله:( حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى‏ وَهْنٍ وَ فِصالُهُ فِي عامَيْنِ ) ذكر بعض ما تحمّلته اُمّه من المحنة و الأذى في حمله و تربيته ليكون داعياً له إلى شكرهما و خاصّة الاُمّ.

و الوهن الضعف و هو حال بمعنى ذات وهن أو مفعول مطلق و التقدير تهن وهناً على وهن، و الفصال الفطم و ترك الإرضاع، و معنى كون الفصال في عامين تحقّقه بتحقّق العامين فيؤل إلى كون الإرضاع عامين، و إذا ضمّ إلى قوله تعالى:( وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) الأحقاف: ١٥ بقي لأقلّ الحمل ستّة أشهر، و ستكرّر الإشارة إليه فيما سيأتي(١) .

و قوله:( أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) تفسير لقوله:( وَصَّيْنَا ) إلخ، في أوّل الآية أي كانت وصيّتنا هو أمرنا بشكرهما كما أمرناه بشكر الله، و قوله:( إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) إنذار و تأكيد للأمر بالشكر.

و القول في الالتفات الواقع في الآية في قوله:( أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) إلخ، من سياق التكلّم مع الغير إلى سياق التكلّم وحده كالقول في الالتفات في قوله السابق:( أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ) .

قوله تعالى: ( وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى‏ أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما ) إلى آخر الآية. أي إن ألحّا عليك بالمجاهدة أن تجعل ما ليس لك علم به أو بحقيقته شريكاً لي فلا تطعهما و لا تشرك بي، و المراد بكون الشريك المفروض لا علم به كونه معدوماً مجهولاً مطلقاً لا يتعلّق به علم فيؤل المعنى: لا تشرك بي ما ليس بشي‏ء، هذا محصّل ما ذكره

____________________

(١) في بحث روائي في ذيل آية الأحقاف.

٢٢٧

في الكشّاف، و ربّما أيّده قوله تعالى:( أَ تُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ ) يونس: ١٨.

و قيل:( تُشْرِكَ ) بمعنى تكفر و( ما ) بمعنى الّذي، و المعنى: و إن جاهداك أن تكفر بي كفراً لا حجّة لك به فلا تطعهما و يؤيّده تكرار نفي السلطان على الشريك‏ في كلامه تعالى كقوله:( ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ ) يوسف: ٤٠ إلى غير ذلك من الآيات.

و قوله:( وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ) الجملتان كالتلخيص و التوضيح لما تقدّم في الآيتين من الوصيّة بهما و النهي عن إطاعتهما إن جاهداً على الشرك بالله.

يقول سبحانه: يجب على الإنسان أن يصاحبهما في الاُمور الدنيويّة غير الدين الّذي هو سبيل الله صحاباً معروفاً و معاشرة متعارفة غير منكرة من رعاية حالهما بالرفق و اللين من غير جفاء و خشونة و تحمّل المشاقّ الّتي تلحقه من جهتهما فليست الدنيا إلّا أيّاماً معدودة متصرّمة، و أمّا الوالدين فإن كانا ممّن أناب إلى الله فلتتّبع سبيلهما و إلّا فسبيل غيرهما ممّن أناب إلى الله.

و من هنا يظهر أنّ في قوله:( وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ) إيجازاً لطيفاً فهو يفيد أنّهما لو كانا من المنيبين إلى الله فلتتّبع سبيلهما و إلّا فلا يطاعاً و لتتّبع سبيل غيرهما ممّن أناب إلى الله.

و قوله:( ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) أي هذا الّذي ذكر، تكليفكم في الدنيا ثمّ ترجعون إليّ يوم القيامة فاُظهر لكم حقيقة أعمالكم الّتي عملتموها في الدنيا فأقضي بينكم على حسب ما تقتضيه أعمالكم من خير أو شرّ.

و بما مرّ يظهر أنّ قوله:( فِي الدُّنْيا ) يفيد أوّلاً قصر المصاحبة بالمعروف في الاُمور الدنيويّة دون الدينيّة، و ثانياً: تهوين أمر الصحبة و أنّها ليست إلّا في أيّام قلائل فلا كثير ضير في تحمّل مشاقّ خدمتهما، و ثالثاً المقابلة ليوم الرجوع إلى الله المشار إليه بقوله:( ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ) إلخ.

٢٢٨

قوله تعالى: ( يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ ) إلخ، ذكروا أنّ الضمير في( إِنَّها ) للخصلة من الخير و الشرّ لدلالة السياق على ذلك و هو أيضاً اسم كان و( مِثْقالَ حَبَّةٍ ) خبره، و المراد بكونها في صخرة اختفاؤها بالاستقرار في جوف الصخرة الصمّاء أو في السماوات أو في الأرض، و المراد بالإتيان بها إحضارها للحساب و الجزاء.

كان الفصل السابق من كلامه المنقول راجعاً إلى التوحيد و نفي الشريك و ما في هذه الآية فصل ثان في المعاد و فيه حساب الأعمال، و المعنى: يا بنيّ إن تكن الخصلة الّتي عملت من خير أو شرّ أخفّ الأشياء و أدقّها كمثقال حبّة من خردل فتكن تلك الخصلة الصغيرة مستقرّة في جوف صخرة أو في أيّ مكان من السماوات و الأرض يأت بها الله للحساب و الجزاء لأنّ الله لطيف ينفذ علمه في أعماق الأشياء و يصل إلى كلّ خفيّ خبير يعلم كنه الموجودات.

قوله تعالى: ( يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اصْبِرْ عَلى‏ ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) الآية و ما بعدها من كلامه راجع إلى نبذة من الأعمال و الأخلاق الفاضلة.

فمن الأعمال الصلاة الّتي هي عمود الدين و يتلوها الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و من الأخلاق الصبر على ما يصيب من مصيبة.

و قوله:( إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) الإشارة إلى الصبر و الإشارة البعيدة للتعظيم و الترفيع و قول بعضهم: إنّ الإشارة إلى جميع ما تقدّم من الصلاة و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الصبر ليس في محلّه لتكرّر عدّ الصبر من عزم الاُمور في كلامه تعالى كقوله:( وَ لَمَنْ صَبَرَ وَ غَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) الشورى: ٤٣ و قوله:( إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) آل عمران: ١٨٦.

و العزم - على ما ذكره الراغب - عقد القلب على إمضاء الأمر و كون الصبر - و هو حبس النفس في الأمر - من العزم إنّما هو من حيث إنّ العقد القلبيّ ما لم ينحلّ و ينفصم ثبت الإنسان على الأمر الّذي عقد عليه فالصبر لازم الجدّ في العقد و المحافظة عليه و هو

٢٢٩

من قدرة النفس و شهامتها.

و قول بعضهم: إنّ المعنى أنّ ذلك من عزيمة الله و إيجابه في الاُمور بعيد و كذا قول بعضهم: إنّ العزم هو الجزم و هو لغة هذيل.

قوله تعالى: ( وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ ) قال الراغب: الصعر ميل في العنق و التصعير إمالته عن النظر كبراً قال:( وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ) و قال: المرح شدّة الفرح و التوسّع فيه انتهى.

فالمعنى: لا تعرض بوجهك عن الناس تكبّراً و لا تمش في الأرض مشية من اشتدّ فرحه إنّ الله لا يحبّ كلّ من تأخذه الخيلاء - و هو التكبّر بتخيّل الفضيلة - و يُكثر من الفخر. و قال بعضهم إنّ معنى:( لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ) لا تلو عنقك لهم تذلّلاً عند الحاجة و فيه أنّه لا يلائمه ذيل الآية.

قوله تعالى: ( وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) القصد في الشي‏ء الاعتدال فيه و الغضّ - على ما ذكره الراغب - النقصان من الطرف و الصوت فغضّ الصوت النقص و القصر فيه.

و المعنى: و خذ بالاعتدال في مشيك و بالنقص و القصر في صوتك إنّ أنكر الأصوات لصوت الحمير لمبالغتها في رفعه.

( بحث روائي)

في الكافي، بإسناده عن عبدالله بن سنان قال: سمعت أباعبداللهعليه‌السلام يقول: إنّ من الكبائر عقوق الوالدين و اليأس من روح الله و الأمن من مكر الله‏ و قد روي: أكبر الكبائر الشرك بالله.

و في الفقيه، في الحقوق المرويّة عن سيّد العابدينعليه‌السلام : حقّ الله الأكبر عليك أن تعبده و لا تشرك به شيئاً فإذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا و الآخرة.

٢٣٠

قال: و أمّا حقّ اُمّك أن تعلم أنّها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحداً و أعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحداً و وقتك بجميع جوارحها، و لم تبال أن تجوع و تطعمك، و تعطش و تسقيك، و تعرى و تكسوك، و تضحى و تظلّك، و تهجر النوم لأجلك، و وقتك الحرّ و البرد لتكون لها فإنّك لا تطيق شكرها إلّا بعون الله و توفيقه.

و أمّا حقّ أبيك فأن تعلم أنّه أصلك فإنّك لولاه لم تكن فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم أنّ أباك أصل النعمة عليك فيه فاحمد الله و اشكره على قدر ذلك و لا قوّة إلّا بالله.

و في الكافي، بإسناده عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: جاء رجل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا رسول الله من أبرّ؟ قال: اُمّك. قال: ثمّ من؟ قال: اُمّك. قال: ثمّ من؟ قال: اُمّك. قال: ثمّ من؟ قال: أباك.

و في المناقب،: مرّ الحسين بن عليّعليه‌السلام على عبدالرحمن بن عمرو بن العاص. فقال عبدالله: من أحبّ أن ينظر إلى أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء فلينظر إلى هذا المجتاز و ما كلّمته منذ ليالي صفيّن.

فأتى به أبوسعيد الخدريّ إلى الحسينعليه‌السلام فقال له الحسينعليه‌السلام : أ تعلم أنّي أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء و تقاتلني و أبي يوم صفيّن؟ و الله إنّ أبي لخير منّي. فاستعذر و قال إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لي: أطع أباك. فقال له الحسينعليه‌السلام : أ ما سمعت قول الله عزّوجلّ:( وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى‏ أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما ) و قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّما الطاعة بالمعروف، و قوله: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

و في الفقيه في ألفاظهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الموجزة: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

و في الكافي، بإسناده عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: اتّقوا المحقّرات من الذنوب فإنّ لها طالباً، يقول أحدكم أذنب و أستغفر إنّ الله عزّوجلّ يقول:( وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ ) و قال عزّوجلّ:

٢٣١

( إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) .

و فيه، بإسناده إلى معاوية بن وهب قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام عن أفضل ما يتقرّب به العباد إلى ربّهم و أحبّ ذلك إلى الله عزّوجلّ فقال: ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة. الحديث.

و فيه، بإسناده عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام أنّه قال: الصلاة قربان كلّ تقيّ.

و في المجمع:( وَ اصْبِرْ عَلى‏ ما أَصابَكَ ) من المشقّة و الأذى في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر: عن عليّعليه‌السلام .

و فيه،: في قوله تعالى:( وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ) أي و لا تمل وجهك من الناس بكلّ و لا تعرّض عمّن يكلّمك استخفافاً به، و هذا المعنى قول ابن عبّاس و أبي عبداللهعليه‌السلام .

و في الدرّ المنثور، أخرج الطبرانيّ و ابن عدّي و ابن مردويه عن أبي أيّوب الأنصاريّ: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سئل عن قول الله:( وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ) قال: لىّ الشدق.

و في المجمع: في قوله تعالى:( إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) و روي عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: هي العطسة المرتفعة القبيحة و الرجل يرفع صوته بالحديث رفعاً قبيحاً إلّا أن يكون داعياً أو يقرأ القرآن.

أقول: و في جميع هذه المعاني و خاصّة في العقوق روايات كثيرة متظافرة.

٢٣٢

( كلام في قصّة لقمان و نبذ من حكمه في فصلين‏)

١- لم يرد اسم لقمان في كلامه تعالى إلّا في سورة لقمان و لم يذكر من قصصه إلّا ما في قوله عزّ من قائل:( وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ) و قد وردت في قصّته و حكمه روايات كثيرة مختلفة و نحن نورد بعض ما كان منها أقرب إلى الاعتبار.

ففي الكافي، عن بعض أصحابنا رفعه إلى هشام بن الحكم قال: قال لي أبوالحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام : يا هشام إنّ الله قال:( وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ ) قال: الفهم و العقل.

و في المجمع، روى نافع عن ابن عمر قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: حقّاً أقول لم يكن لقمان نبيّاً و لكن كان عبداً كثير التفكّر حسن اليقين أحبّ الله فأحبّه و منّ عليه بالحكمة.

كان نائماً نصف النهار إذ جاءه نداء: يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس بالحقّ؟ فأجاب الصوت إن خيّرني ربّي قبلت العافية و لم أقبل البلاء و إن هو عزم عليّ فسمعاً و طاعة فإنّي أعلم أنّه إن فعل بي ذلك أعانني و عصمني.

فقالت الملائكة بصوت لا يراهم: لم يا لقمان؟ قال: لأنّ الحكم أشدّ المنازل و آكدها يغشاه الظلم من كلّ مكان إن وفى فبالحريّ أن ينجو، و إن أخطأ أخطأ طريق الجنّة، و من يكن في الدنيا ذليلاً و في الآخرة شريفاً خير من أن يكون في الدنيا شريفاً و في الآخرة ذليلاً و من تخيّر الدنيا على الآخرة تفته الدنيا و لا يصيب الآخرة.

فعجبت الملائكة من حسن منطقه فنام نومة فاُعطي الحكمة فانتبه يتكلّم بها ثمّ كان يوازر داود بحكمته فقال له داود: طوبى لك يا لقمان اُعطيت الحكمة و صرفت عنك البلوى.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أ تدرون ما كان لقمان؟ قالوا: الله و رسوله أعلم. قال: كان حبشيّاً.

٢٣٣

٢- و في تفسير القمّيّ، بإسناده عن حمّاد قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام عن لقمان و حكمته الّتي ذكرها الله عزّوجلّ، فقال: أما و الله ما اُوتي لقمان الحكمة بحسب و لا مال و لا أهل و لا بسط في جسم و لا جمال.

و لكنّه كان رجلاً قويّاً في أمر الله متورّعاً في الله ساكتاً مستكيناً عميق النظر طويل الفكر حديد النظر مستغن(١) بالعبر لم ينم نهاراً قطّ و لم يره أحد من الناس علي بول و لا غائط و لا اغتسال لشدّة تستّره و عموق نظره و تحفّظه في أمره، و لم يضحك من شي‏ء قطّ مخافة الإثم و لم يغضب قطّ، و لم يمازح إنساناً قطّ، و لم يفرح بشي‏ء أتاه من أمر الدنيا و لا حزن منها على شي‏ء قطّ و قد نكح من النساء و ولد له من الأولاد الكثير و قدّم أكثرهم أفراطاً فما بكى على موت أحد منهم.

و لم يمرّ برجلين يختصمان أو يقتتلان إلّا أصلح بينهما و لم يمض عنهما حتّى تحاباً، و لم يسمع قولا قطّ من أحد استحسنه إلّا سأل عن تفسيره و عمّن أخذه، و كان يكثر مجالسة الفقهاء و الحكماء، و كان يغشى القضاة و الملوك و السلاطين فيرثي للقضاة ممّا ابتلوا به، و يرحم الملوك و السلاطين لغرّتهم بالله و طمأنينتهم في ذلك، و يعتبر و يتعلّم ما يغلب به نفسه و يجاهد به هواه و يحترز به من الشيطان يداوي قلبه بالفكر و يداوي نفسه بالعبر، و كان لا يظعن إلّا فيما يعنيه فبذلك اُوتي الحكمة و منح العصمة.

و إنّ الله تبارك و تعالى أمر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار و هدأت العيون بالقائلة فنادوا لقمان حيث يسمع و لا يراهم فقالوا: يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس؟ فقال لقمان: إن أمرني الله بذلك فالسمع و الطاعة لأنّه إن فعل ذلك أعانني عليه و علّمني و عصمني و إن هو خيّرني قبلت العافية.

فقالت الملائكة: يا لقمان لم؟ قال: لأنّ الحكم بين الناس بأشدّ المنازل و أكثر فتناً و بلاءً يخذل و لا يعان و يغشاه الظلم من كلّ مكان و صاحبه فيه بين أمرين إن أصاب فيه الحقّ فبالحريّ أن يسلم و إن أخطأ أخطأ طريق الجنّة، و من يكن في الدنيا ذليلاً ضعيفاً كان أهون عليه في المعاد من أن يكون حكماً سريّاً شريفاً، و من اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتيهما تزول هذه و لا تدرك تلك.

____________________________________________

(١) كذا والظاهر مستغنياً

٢٣٤

قال: فتعجّب الملائكة من حكمته و استحسن الرحمن منطقه فلمّا أمسى و أخذ مضجعه من الليل أنزل الله عليه الحكمة فغشّاه بها من قرنه إلى قدمه و هو نائم و غطّاه بالحكمة غطاء فاستيقظ و هو أحكم الناس في زمانه، و خرج على الناس ينطق بالحكمة و يبثّها فيها.

قال: فلمّا اُوتي الحكم بالخلافة و لم يقبلها أمر الله عزّوجلّ الملائكة فنادت داود بالخلافة فقبلها و لم يشترط فيها بشرط لقمان فأعطاه الله عزّوجلّ الخلافة في الأرض و ابتلي بها غير مرّة كلّ ذلك يهوي في الخطإ يقيله الله و يغفر له، و كان لقمان يكثر زيارة داودعليه‌السلام و يعظه بمواعظه و حكمته و فضل علمه، و كان داود يقول له: طوبى لك يا لقمان اُوتيت الحكمة و صرفت عنك البليّة و اُعطي داود الخلافة و ابتلي بالحكم و الفتنة.

ثمّ قال أبوعبداللهعليه‌السلام في قول الله عزّوجلّ:( وَ إِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَ هُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) قال: فوعظ لقمان ابنه بآثار(١) حتّى تفطّر و انشقّ.

و كان فيما وعظه به يا حمّاد أن قال: يا بنيّ إنّك منذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها و استقبلت الآخرة فدارٌ أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد. يا بنيّ جالس العلماء و زاحمهم بركبتيك و لا تجادلهم فيمنعوك، و خذ من الدنيا بلاغاً و لا ترفضها فتكون عيالاً على الناس، و لا تدخل فيها دخولاً يضرّ بآخرتك، و صم صوماً يقطع شهوتك و لا تصم صياماً يمنعك من الصلاة فإنّ الصلاة أحبّ إلى الله من الصيام.

يا بنيّ: إنّ الدنيا بحر عميق قد هلك فيها عالم كثير فاجعل سفينتك فيها الإيمان و اجعل شراعها التوكّل، و اجعل زادك فيها تقوى الله فإن نجوت فبرحمة الله و إن‏ هلكت فبذنوبك.

يا بنيّ: إن تأدّبت صغيراً انتفعت به كبيراً و من عنى بالأدب اهتمّ به، و من اهتمّ به تكلّف علمه و من تكلّف علمه اشتدّ له طلبه و من اشتدّ له طلبه أدرك منفعته فاتّخذه عادة

____________________

(١) بآثار ابنه و التفطّر و الانشقاق كناية عن كمال التأثّر.

٢٣٥

فإنّك تخلف في سلفك و ينتفع به من خلفك و يرتجيك فيه راغب و يخشى صولتك راهب، و إيّاك و الكسل عنه بالطلب لغيره فإن غُلبت على الدنيا فلا تغلبنّ على الآخرة و إذا فاتك طلب العلم في مظانّه فقد غلبت على الآخرة و اجعل في أيّامك و لياليك و ساعاتك نصيباً في طلب العلم فإنّك لن تجد له تضييعاً أشدّ من تركه و لا تمارينّ فيه لجوجاً و لا تجادلنّ فقيها و لا تعادينّ سلطاناً، و لا تماشينّ ظلوماً و لا تصادقنّه و لا تؤاخينّ فاسقاً و لا تصاحبنّ متهّماً و اخزن علمك كما تخزن ورقك.

يا بنيّ: خف الله عزّوجلّ خوفاً لو أتيت القيامة ببرّ الثقلين خفت أن يعذّبك و ارج الله رجاء لو وافيت القيامة بإثم الثقلين رجوت أن يغفر الله لك.

فقال له ابنه: يا أبت كيف اُطيق هذا و إنّما لي قلب واحد؟ فقال له لقمان: يا بنيّ: لو استخرج قلب المؤمن يوجد فيه نوران نور للخوف و نور للرجاء لو وزناً لما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرّة فمن يؤمن بالله يصدّق ما قال الله عزّوجلّ و من يصدّق ما قال الله يفعل ما أمر الله، و من لم يفعل ما أمر الله لم يصدّق ما قال الله فإنّ هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض.

فمن يؤمن بالله إيماناً صادقاً يعمل لله خالصاً ناصحاً و من يعمل لله خالصاً ناصحاً فقد آمن بالله صادقاً و من أطاع الله خافه، و من خافه فقد أحبّه، و من أحبّه فقد اتّبع أمره و من اتّبع أمره استوجب جنّته و مرضاته، و من لم يتّبع رضوان الله فقد هان عليه سخطه نعوذ بالله من سخط الله.

يا بنيّ: لا تركن إلى الدنيا و لا تشغل قلبك بها فما خلق الله خلقاً هو أهون عليه منها أ لا ترى أنّه لم يجعل نعيمها ثواب المطيعين و لم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين.

و في قرب الإسناد:، هارون عن ابن صدقة عن جعفر عن أبيهعليهما‌السلام : قيل للقمان: ما الّذي أجمعت عليه من حكمتك؟ قال: لا أتكلّف ما قد كفيته و لا اُضيّع ما ولّيته.

و في البحار، عن قصص الأنبياء بإسناده عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان فيما وعظ به لقمان ابنه أن قال: يا بنيّ: إن تك في شكّ من الموت فارفع عن نفسك النوم و لن تستطيع ذلك و إن كنت في شكّ من البعث فارفع عن نفسك الانتباه و لن تستطيع

٢٣٦

ذلك فإنّك إذا فكّرت في هذا علمت أنّ نفسك بيد غيرك و إنّما النوم بمنزلة الموت و إنّما اليقظة بعد النوم بمنزلة البعث بعد الموت، و قال: قال لقمان لابنه: يا بنيّ لا تقترب فيكون أبعد لك و لا تبعد فتهان، كلّ دابّة تحبّ مثلها و ابن آدم(١) لا يحبّ مثله. لا تنشر(٢) بزّك إلّا عند باغيه، و كما ليس بين الكبش و الذئب خلّة، كذلك ليس بين البارّ و الفاجر خلّة، من يقترب من الزفت تعلّق به بعضه كذلك من يشارك الفاجر يتعلّم من طرفه، من يحبّ المراء يشتم، و من يدخل مدخل السوء يتّهم، و من يقارن قرين السوء لا يسلم، و من لا يملك لسانه يندم.

و قال يا بنيّ صاحب مائة و لا تعاد واحداً، يا بنيّ إنّما هو خلاقك و خلقك فخلاقك دينك و خلقك بينك و بين الناس فلا تبغضنّ إليهم و تعلّم محاسن الأخلاق.

يا بنيّ كن عبداً للأخيار و لا تكن ولداً للأشرار. يا بنيّ أدّ الأمانة تسلم دنياك و آخرتك و كن أميناً فإنّ الله لا يحبّ الخائنين. يا بنيّ لا تُر الناس أنّك تخشى الله و قلبك فاجر.

و في الكافي، بإسناده عن يحيى بن عقبة الأزديّ عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: كان فيما وعظ به لقمان لابنه يا بنيّ إنّ الناس قد جمعوا قبلك لأولادهم فلم يبق ما جمعوا و لم يبق من جمعوا له، و إنّما أنت عبد مستأجر قد اُمرت بعمل و وعدت عليه أجراً فأوف عملك و استوف أجرك، و لا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت في زرع أخضر فأكلت حتّى سمنت فكان حتفها عند سمنها، و لكن اجعل الدنيا بمنزلة قنطرة على نهر جُزت عليها فتركتها و لم ترجع إليها آخر الدهر أخربها و لا تعمرها فإنّك لم تؤمر بعمارتها.

و اعلم أنّك ستسأل غدا إذا وقفت بين يدي الله عزّوجلّ عن أربع: شبابك فيما أبليته، و عمرك فيما أفنيته، و مالك ممّا اكتسبته و فيما أنفقته، فتأهّب لذلك و أعدّ له جواباً و لا تأس على ما فاتك من الدنيا فإنّ قليل الدنيا لا يدوم بقاؤه و كثيرها لا يؤمن بلاؤه فخذ حذرك، و جدّ في أمرك، و اكشف الغطاء عن وجهك، و تعرّض لمعروف ربّك،

____________________

(١) أي أن ابن آدم لا يجب أن يكافيه غيره في مزيّة من المزايا

(٢) أي لا تظهر متاعك إلّا عند طالبه.

٢٣٧

و جدّد التوبة في قلبك، و أكمش في فراقك قبل أن يقصد قصدك، و يقضى قضاؤك، و يحال بينك و بين ما تريد.

و في البحار، عن القصص بإسناده عن حمّاد عن الصادقعليه‌السلام قال: قال لقمان: يا بنيّ إيّاك و الضجر و سوء الخلق و قلّة الصبر فلا يستقيم على هذه الخصال صاحب، و ألزم نفسك التؤدة(١) في اُمورك و صبّر على مؤنات الإخوان نفسك، و حسّن مع جميع الناس خلقك.

يا بنيّ إن عدمك ما تصل به قرابتك و تتفضّل به على إخوانك فلا يعدمنّك حسن الخلق و بسط البشر فإنّ من أحسن خلقه أحبّه الأخيار و جانبه الفجّار، و اقنع بقسم الله ليصفو عيشك فإن أردت أن تجمع عزّ الدنيا فاقطع طمعك ممّا في أيدي الناس فإنّما بلغ الأنبياء و الصدّيقون ما بلغوا بقطع طمعهم.

أقول: و الأخبار في مواعظه كثيرة اكتفينا منها بما أوردناه إيثاراً للاختصار.

____________________

(١) التؤدة - بضمّ التاء كهمزة - السكون و الرزانة.

٢٣٨

( سورة لقمان الآيات ٢٠ - ٣٤)

أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً  وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ ( ٢٠ ) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا  أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ ( ٢١ ) وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ  وَإِلَى اللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ( ٢٢ ) وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ  إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا  إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ( ٢٣ ) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ ( ٢٤ ) وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ  قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ  بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ( ٢٥ ) لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ  إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ( ٢٦ ) وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ  إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( ٢٧ ) مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ  إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ( ٢٨ ) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ( ٢٩ ) ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ

٢٣٩

مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ( ٣٠ ) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ  إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ( ٣١ ) وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ  وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ( ٣٢ ) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا  إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ  فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ ( ٣٣ ) إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ  وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا  وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ  إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ( ٣٤ )

( بيان)

رجوع إلى ما قبل القصّة من آيات الوحدانيّة و نفي الشريك و أدلّتها المنتهية إلى قوله:( هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) .

قوله تعالى: ( أَ لَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً ) رجوع إلى ما قبل قصّة لقمان و هو الدليل على أنّ الخطاب للمشركين و إن كان ذيل الآية يشعر بعموم الخطاب.

و عليه فصدر الآية من تتمّة كلام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و يتّصل بقوله:( هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ) و لا التفات في قوله:( أَ لَمْ تَرَوْا ) .

و على تقدير كونه من كلامه تعالى ففي قوله:( أَ لَمْ تَرَوْا ) التفات من سياق

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425