الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٦

الميزان في تفسير القرآن13%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 425

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 425 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128794 / تحميل: 6818
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

بَين أيديهم ومن خَلفِهِم ، وعَن أيمانِهِم وعن شَمائِلهِم ، ومن حَيثُ شِئتَ ، وَمِن أينَ شِئتَ ، وكَيفَ شِئتَ ، وأنّى شِئتَ ، حَتى لا يَصلَ إليَّ واحِدٌ مِنهُم بِسوءٍ.

اللّهُمَّ واجعلني في حِفظكَ وسِترِكَ وجوارِكَ ، عَزَّ جارُكَ ، وجَلَّ ثَناؤُكَ ، ولا إلهَ غَيرُكَ. اللّهُمَّ أنتَ السُّلامُ ، ومنكَ السُّلامُ ، أسألُكَ يا ذَا الجَلالِ والإكرام فكاكَ رَقَبتَي من النَّار ، وأن تُسكنني دارَ السُّلامِ.

اللّهُمّ إنّي أسألكَ من الخير كُلِّهِ عاجِلِهِ وآجِلِهِ ، ما عَلِمتُ مِنه وما لم أعلم. اللّهُمّ وإنّي أسألًكَ خير ما أرجو ، وأعُوذُ بِكَ من شَرِّ ما أحذر ، ومن شَرَّ ما لا أحذرُ ، وأسألكَ أن تَرزُقني من حَيثُ أحَتسبُ وَمن حَيثُ لا أحتسَبُ.

اللّهُمَّ إنّي عَبدُكَ ( و )(١) ابن عَبدِكَ وابنُ أمتِكَ ، وفي قَبضَتِكَ ، ناصيتي بيدِكَ ماضٍ فيَّ حُكمكَ ، عَدلٌ فيَّ قضاؤكَ ، وأسألُكَ بكُلِّ اسمٍ هُوَ لَكَ سَميَّتَ بهِ نَفسَكَ ، أو أنزلتهُ في شَيءٍ من كُتُبكَ ، أو عَلَّمتَهُ أحَداً من خَلقِكَ ، أو أستَأثرتَ بهِ في عِلمِ الغَيبِ عِندَكَ ، أن تُصلَّي على مُحمّدٍ النَّبيّ الأمي عَبدِكَ ورَسوُلِكَ وخِيرتِكَ من خَلقِكَ ، وعلى آل مُحمّدٍ الطّبيينَ الأخيارِ ، وأن تَرحَمَ مُحمّداً وآلَ مُحمّدٍ ، وتُبارِكَ على مُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ كما صَلَّيتَ ( وباركت )(٢) على إبراهِيمَ وآلِ إبراهِيمَ أنّكَ حَميدٌ مَجيدٌ ، وأن تَجعَلَ القرآنَ

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٢) اثبتناه من الرواية الأولى في نسخة « ن ».

٢٤١

نُورَ صَدري ، ورَبيعَ قَلبي ، وجَلاءَ حُزني ، وذهابَ هَمي ، واشرح به صَدري ويسِّر به أمري ، واجَعلهُ نُوراً في بَصري ، ونُوراً في سَمعي ، ونُوراً في مُخي ، ونُوراً في عِظامي ، ونُوراً في عَصبي ، ونُوراً في شَعري ، ونُوراً في بَشري ، ونُوراً من فوقي ، ونُوراً من تَحتي ، ونُوراً عَن يَميني ، ونُوراً عن شمالي ، ونُوراً في مَطعمي ، ونُوراً في مَشربي ، ونُوراً في مَحشَري ، ونُوراً في قَبري ، ونُوراً في حَياتي ، ونُوراً في مماتي ، ونُوراً في كُلِّ شيءٍ مِني ، حَتى تُبَلّغني بِه إلى الجَنَّةِ ، يا نُورَ السّماواتِ والأرضِ ، أنتَ كَما وصَفتَ نَفسَكَ في كِتابِكَ على لِسانِ نَبيكَ ، وقَولكَ الحَقُّ ، تَباركَتَ وتَعاليتَ قُلتَ( اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (١) .

اللّهُمَّ فَاهدِني بنُورك ، وأيّدني لِنورِكَ ، واجعَل لي في القيامَةِ نُورَاً بين يَدَيَّ ومن خَلفي ، وعَن يَميني وعَن شِمالي ، تهديني بِهِ إلى دارِكَ دار السُّلام يا ذَا الجَلالِ والإكرام. اللّهُمَّ إني أسألُكَ العَفو والعافِية في الدّنيا والآخِرَةِ ، اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ العَفوَ والعافِيةَ في كُلّ شَيءٍ أعطَيتني ، اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ العَفو والعَافية في أهلي ومالي ووُلدي وكُلّ شَيءٍ أحبَبتَ

__________________

(١) النور ٢٤ : ٣٥.

٢٤٢

أن تُلبسَني في العافيِةَ.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّد وآلِ مُحمّدٍ وأقلِني عَثرتي ، وآمِن رَوعَتي ، واحفَظني من بَينَ يَدَيَّ ومن خَلفي ، وعَن يَميني وعن شِمالي ، ومن فَوقي ومن تَحتي ،( اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (١) .

يا رَحمانَ الدُّنيا والآخِرة ورَحيَمهُما صَلِّ على مُحمّدٍ وآلِهِ ، واغفر لي ذَنبي ، واقضِ عَني دَيني ، واقض لي جَميعَ حَوائجي ، أسألُكَ ذلِكَ بأنّكَ مالِكٌ ، وأنّكَ عَلى كُلّ شَيء قَديرٌ وأنّكَ ما تشاءُ من أمرٍ يَكُن. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ إيماناً صادِقاً وَيقيناً لَيسَ بَعَدهُ ( شك )(٢) ، وتَواضعاً لَيسَ بَعدَهُ كبر ، وَرحمةً أنالُ بِها شَرَفَ الدُّنيا والآخِرَةِ(٣) .

اليوم السابع والعشرون :

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ رحمةً من عِندِكَ تَهدي بها قَلبي ، وتَجمعُ بها أمري ، وَتَلُمُّ بها شَعثي ، وتُصلحُ بها ديني ، وتَحفَظُ بها عيالي ، وتَرفَع بها

__________________

(١) آل عمران ٣ : ٢٦ ـ ٢٧.

(٢) من نسخة « ك » شكر ، واثبتنا ما في الرواية الأولى من نسخة « ن ».

(٣) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٢٣ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢١٨ باختلاف فيه.

٢٤٣

شَهادَتي ، وتُكثرُ بِها مالي ، وتُزيدُ بها في رِزقي وَعُمري ، وتُعطيني بها كُلّما أُحبّ ، وتَصرِفَ عني ما أكرَهُ ، وتُبَيِّض بها وجهي ، وَتَعصِمني بها من كُلّ سوءٍ.

اللّهُمَّ أنت الأوَّلُ فَلا شَيءَ قَبلَكَ ، وأنت الآخرُ فَلا شَيءَ بَعدَكَ ، ظَهرتَ فَبطَنت ، وبَطنتَ فَظَهرتَ ، عَلَوتَ في ذُنوّكَ ، ودَنوتَ في عُلُوكَ ، أسالُكَ أن تُصَلي على مُحمّدٍ وآلِهِ ، وأن تَصلحَ لي ديني الَّذي هُوَ عصمة أمري ، وتُصلحَ دنياي التي فيها مَعيشتي ، وأن تُصلحَ لي آخرتي التي إليها مُنقلبي ، وأن تَجعَلَ الحَياةَ زِيادَةً لي في كُلِّ خَيرٍ ، وأن تَجعلَ المَوت راحةً لي من كُلِّ سوءٍ.

اللّهُمَّ لَكَ الحَمد قَبل كُلّ شيء ، ولك الحمد بعد كُلّ شيء ، يا صَريخ المَكروُبين ، يا مُجيبَ دَعوة المُضطرينَ ، يا كاشِفَ الكربِ العَظيم ، يا أرحَمَ الراحِمينَ ، إكشف غَمّي وكربي ، فَانَّهُ لا يَكشفُهُ غَيرُكَ ، تَعلَم حالي وحاجَتي.

اللّهُمَّ لَكَ الحَمد كُلّهُ ، ولَكَ المُلكُ كُلّه ، وَبِيدكَ الخَير كُلّه ، وإليكَ يَرجَعُ الأمر كُلّهُ ، عَلانيتُهُ وسِرُّهُ ، لا هادِي لَمِن اضلَلت ، ولا مُضِلِّ لَمِن هديتَ ، ولا مانَعَ لِما أعطَيتَ ، ولا مُعطي لما مَنعَتَ ، ولا مُؤَخّرَ لِما قَدّمتَ ، ولا مُقَدِّم لما أخَّرت ، ولا باسِطَ لِما قَبضت ، ولا قابِضَ لِما بَسطتَ.

اللّهُمَّ ابسط عَلَينا بَرَكاتكَ ورَحمتكَ وفَضلكَ ورِزقكَ ، اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ الغنى يَومَ الفَقر ، وأسألُكَ الأمنَ يَومَ الخَوفِ. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ

٢٤٤

النَّعيم المُقيم الَّذي لا يَزولُ ولا يَحولُ. اللّهُمَّ رَبِّ السّماواتِ السَّبعِ وما فيهنَّ وما بَيَنهُنَّ ورَبِّ العَرش العظيم ، رَبَّنا ورَبِّ كُلّ شيءٍ ، مُنزِل التَّوراة والإنجيلِ والفُرقانِ العظيمِ ، فالِق الحَبِّ والنَّوى ، أعُوذُ بِك من شَرِّ كُلّ دابةٍ أنتَ آخِذٌ بناصِيتها ، أنّكَ على صِراطٍ مُستقيمٍ.

اللّهُمَّ أنتَ الأولُ فَلا شَيءَ قَبلَكَ ، وأنتَ الآخِرُ فَليسَ بَعدكَ شيءٌ ، وأنتَ الظاهِر فُليسَ فَوقكَ شيءٌ ، وأنتَ الباطنُ تُخبِرُ كُلَّ شَيء ، وأنتَ الآخِرُ فَلَيسَ بَعدَكَ شَيءٌ ، صَلِّ عَلى مُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ وافعَل بي ما أنتَ أهَلُهُ.

بسمِ اللهِ وبِاللهِ ، بِاللهِ أؤمِنُ ، وبِاللهِ أعُوذُ ، وباللهِ ألوذُ ، وباللهِ أعَتصِمُ ، وبِعِزَِّته ومنعَتِهِ أمتنعُ من الشَّيطانِ الرَّجيم وَعَملِهِ وخَيلِهِ ورَجلِهِ ، وَشركُلّ دابةٍ تزحفُ معهُ. وأعُوذُ بِكُلِماتِ اللهِ التّامّاتِ التي لا يُجاوِزُهُنَّ بَرٌّ ولا فاجِر ، وبِأسماءِ اللهِ الحُسنى كُلّها ، ما عَلِمتُ مِنها وما لَم أعلَم به ، من شَرَّ ما خَلَقَ وذَرَأ وبَرَأ ، ومن شَرِّ كُلّ طارِقٍ إلاّ طارِقاً يَطرقُ بِخَيرٍ ، يا رَحمانُ.

اللّهُمَّ إني أعوذُ بِكَ من شَرِّ نَفسي ، ومن شَرِّ كُلِّ عَينٍ ناظِرةٍ ، ومن شَرِّ كُلّ أُذنٍ سامِعَةٍ ، ولِسانٍ ناطِقٍ ، وَيَدٍ باسطَةٍ ، وَقَدمٍ ماشِيةٍ ، وما أخفَيتُهُ في نَفسي ، في لَيلي ونَهارِي ، اللّهُمَّ من أرادَني بِبغي أو عَيب ، أو مَساءةٍ أو سوءٍ ، أو مكروهٍ ، أو خِلافٍ ، من جِنٍّ أو إنسٍ ، قَريبٍ أو بَعيدٍ ، صَغيرٍ أو كبيرٍ ، فَأسألُكَ أن تخرجَ صَدرَهُ ، وتمسكَ يَدَهُ ، وتَقصرَ

٢٤٥

قَدَمَهُ ، وتَفحَمَ لِسانَهُ ، وتَعمي بَصَرَهُ ، وتَقمَعَ رَأسَهُ ، وَترُدَّهُ بِغَيظهِ ، وتَحول بَيني وبَينَهُ ، وتَجعَلَ لَهُ شاغِلاً من نَفسِهِ ، وتُميتَهُ بِغَيظِهِ ، وتكفينيهِ ، بِحولِكَ وقُوّتِكَ أنّكَ على كُلّ شيءٍ قَديرٌ(١) .

اليوم الثامن والعشرون :

اللّهُمَّ إنّي أعُوذُ بكَ من كُلّ شيءٍ هُو دونكَ. اللّهُمَّ لا تَحرِمني ما أعطَيتَني ، ولا تَفتني بما مَنَعتنَي. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ خَيرَ ما تُعطي عِبادَكَ مِنَ الأمانَةِ والمالِ والأهلِ وَالوَلدَ النّافعِ غَير الضّارِ ولاَ المُضِرِّ. اللّهُمَّ إني إليكَ فقيرٌ ، وإني مِنكَ خائِفٌ مُستَجيرٌ بِكَ.

اللّهُمَّ لا تُبدِل اسمي ، ولا تُغَيّر جِسمي ، ولا تُجهِد بَلائي ، اللّهُمَّ إنّي أعُوذُ بِكَ من غنىً يُطغي ، أو هوىً يُردي ، أو عَملٍ يُخزي. اللّهُمَّ اغفِر لي جُرمي ، واقبَل تَوبتي ، واظهر حُجّتي ، واستُر عَورَتي ، واجَعَل مُحمّداً وآلِهِ والأنبياءِ المُصطَفينَ يَستَغفِرونَ لي.

اللّهُمَّ إنّي أعوَذُ بِكَ أن أقولَ قَولاً هُوَ من طاعَتِكَ أريدُ بِه سِوى وَجهكَ ، وأعَوذُ بِكَ أن يَكون غَيري أسَعَدَ بما آتَيتَني منّي. اللّهُمَّ وإنّي أعَوذُ بِكَ من شَرّ الشَّيطانِ ، وشَرِّ السُّلطانِ ، وما تَجري بِه أقلامُهُم. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ عَمَلاً بارّاً ، وعَيشاً قارّاً ، ورِزقاً دارّاً.

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٣٥ ، ونقل المجلسي في البحار ٩٧ : ٢١٨ باختلاف فيه.

٢٤٦

اللّهُمَّ كَتَبتَ الآثامَ واطّلَعتَ على الأسرارِ ، وَحُلْتَ بَيَننا وَبَينَ القُلُوب. والقُلوبُ إليكَ مفضيةٌ ، والسِّرُّ عِندَكَ عَلانِيةٌ ، وإنِّما أمرُكَ إذا أرَدتَ شَيئاً أن تَقُولَ لَهُ : كُن ، فَيَكونُ.

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بِرَحمتِكَ أن تدخلَ طاعَتَكَ في كُلّ عُضوٍ من أعضائي ثمَّ لا تُخرِجُها مِنّي أبداً. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بِرحمتكَ أن تخرجَ مَعصيتَكَ من كُلّ عُضوٍ من أعضائي ثُمَّ لا تُعيدُها في أبَداً. اللّهُمَّ أنّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فَاعفُ عَنّي. اللّهُمَّ كُنتَ وَتكَون وأنتَ حَيٌّ قَيوّمٌ لا تَنامُ ، تَنامُ العُيونُ وتَغورُ النُّجوم وأنتَ الحَيُّ القَيوُّمُ ، لا تأخُذُكَ سِنَةٌ ولا نَومٌ ، فَرِّج عَنّي هَمِّي ، اللّهُمَّ واجعَل لي من أمري فَرَجاً ومَخرَجاً ، وثَبتَ رَجاءَكَ في قَلبي حتى تُغنيني بِه عَن رَجاءِ مَن سِواكَ ، وحَتى لا يَكوُنَ ثِقتي إلاّ أنتَ.

اللّهُمَّ لا تَكتبني من الغافلين. اللّهُمَّ لا تَستَدرِجني بِخطيئتي ، ولا تَفضحني بِسريرتي. اللّهُمَّ إنّي أعَوذُ بِكَ أن أضِلَ عِبادكَ ، واستريب إجابَتكَ. اللّهُمَّ إنّ لي ذُنُوباً قد أحصَتها كُتُبكَ ، وأحاطَ بها عِلمُكَ ، ونَفَذَها بَصَرُكَ ، ولَطُفَ بها خَبركَ ، وكتبَتها مَلائِكتُكَ. اللّهُمَّ فلا تُسَلّطُ عَلَيّ في الدّنيا ولا في ما بَعدها مَن لم يَخلُقني ولَم يَرحَمني ، ومَن أنتَ أولى بِرَحمتي مِنهُ. اللّهُمَّ وما سَتَرت عَلَيّ من تِلكَ العُيوبِ والعَوراتِ ، وأخَّرت من تِلكِ العُقُوباتِ ، مَكراً مِنكَ واستدراجاً ، لِتأخُذَني بِها يَومَ القيامة ، وتَفضحني بها عَلى رُؤوسِ الخَلائِق ، فَاعفُ عَنّي في الدّارينَ كَلتيهما ، فَأنّكَ غَفورٌ رَحيمٌ.

٢٤٧

اللّهُمَّ أنْ لم اُكن أهلاً أن أبلُغَ رَحَمتكَ فَإنَّ رَحَمتَكَ أهلٌ أن تبلُغني ، فإنَّها وسَعتَ كُلّ شَيء ، فَلتَسعني رَحَمتك يا أرحَمَ الرّاحِمينَ. اللّهُمَّ وإن كنتَ خَصَصت بِذلِكَ عِباداً أطاعُوكَ فيما أمَرتَهُم به ، وعَمِلوُا فيما خَلَقتهَمُ لَهُ ، فَإنَّهمُ لَن يَناَلُوا ذِلكَ إلاّ بكَ ، ولا يُوفِقهُم لَهُ إلاّ أنتَ ، كانَتَ رَحَمتُكَ إيّاهُم قَبلَ طاعَتِهِم لَكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ. اللّهُمَّ فخصّني يا سَيدي ومَولايَ ، ويا إلهي ويا كَهفي ، ويا حِرزي ويا كَنزي ، ويا قُوتي ويا رَجائي ، ويا خالِقي ويا رازقي ، بِما خَصَصتَهُم به ، ووَفِقني لِما وفقتهم لَهُ ، وارحَمني كما رَحمتَهُم يا أرحَمَ الرّاحميِنَ.

يا مَن لا يَشغلُهُ سَمعٌ عن سمعٍ ، يا مَن لا يُغَلِّطُهُ السّائِلُونَ ، يا مَن لا يُبرِمُهُ إلحاحُ المُلحِيّنَ ، أذِقنا بِردَ عَفوك ، وحَلاوَةَ مَغفِرتِكَ ، وطيبَ رَحَمتِكَ.

اللّهُمَّ إنّي أسَتَغفرُكَ مَمّا تُبتُ إليكَ مِنهُ ثُمَّ عُدتُ فيه ، وأستَغفِرُ كَلِما وَعَدتُكَ من نَفسي ثم أخلَفتُكَ ، وأستَغفِرُكَ لِكلِ أمرٍ أرَدتُ به وَجهك فَخالَطَني فيه ما لَيسَ لَكَ ، وأستَغفركَ لِكُلّ النِّعمِ التَّي أنَعمتَ بها عَلَيّ فَقويتُ بِها عَلى مَعصيتِكَ ، وأستَغفِرُكَ مِمّا دَعاني إليهِ الهَوى من قبول الرُّخَصِ فيما أتَيتُهُ واشتَبَه عَلَيَّ مِمّا هُوَ حَرامٌ عِندَكَ ، وأستَغفِرُكَ لِلذّنوبِ التي لا يَعْلُمها غَيرُكَ ، ولا يَسَعُها إلاّ حِلمُكَ وعَفَوكَ ، وأستَغفِرُكَ لكُلِّ يَمينٍ سَبقَت مني حَنثتُ فيها عِندَكَ ، يا مَن عَرَّفَنا نَفسهُ لا تَشغُلُنا بِغَيرِكَ ، وأسقِط عنّا ما كانَ لِغَيركَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ(١) .

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٤٧ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢١٨ باختلاف فيه.

٢٤٨

اليوم التاسع والعشرون :

لا إلهَ إلاّ اللهُ الحَليمُ الكَريمُ ، لا إلهَ إلاّ الله العَليُّ العَظيمُ ، سُبحانَ الله رَبِّ السّماواتِ السَّبع وما فيهِنَّ وما بَينهُنَّ ورَبِّ الأرَضينَ السَّبع وما فيهنَّ وما بَينَهُنَّ ورَبِّ العَرشَ العظيمِ ، والحَمدُ لله رَبِّ العالمينَ ، وتَباركَ اللهُ أحَسنُ الخالقينَ ، ولا حَولَ ولا قُوّة إلاّ بالله العَلي العَظيم.

اللّهُمَّ ألبسني العافية حتى تهنيني المعيشة ، واختم لي بالمغفِرة حَتى لا تَضُرنّي مَعَهَا الذُّنوبُ ، واكفِني نَوائِبَ الدُّنيا وهُمُومَ الآخِرَة حَتّى تُدخلني الجَنَّةَ بِرحَمتِكَ أنّكَ على كُلّ شَيءٍ قَديرٌ.

اللّهُمَّ إنّكَ تَعَلم سَريرَتي فاقبَل مَعذِرتي ، وتَعلَمُ حاجَتي فَاعطِني مَسألَتي ، وتَعلُم ما في نَفسي فَاغِفر لي ذُنوبي ، اللّهُمَّ أنتَ تَعلَمُ حوائِجي وتَعَلمُ ذُنُوبي. فَاقضِ لي جَميعَ حَوائِجي ، واغفِر لي جَميعَ ذُنوبي.

اللّهُمَّ أنتَ الرَبِّ وأنا العَبدُ ، وأنتَ المالِكُ وأنا المَملُوكُ ، وأنتَ العزيزُ وأنا الذَّليلُ ، وأنتَ الحَيُّ وأنا خَلَقتَني للمِوتِ ، وأنتَ القَويُّ وأنا الضَّعيفُ ، وأنتَ الغَنيُّ وأنَا الفَقيرُ ، وأنتَ الباقي وأنا الفاني ، وأنتَ المُعطي وأنا السائِلُ ، وأنتَ الغَفُورُ وأنَا المُذنِبُ ، وأنتَ السَّيّدُ وأنا العَبدُ ، وأنتَ العالِمُ وأنَا الجاهِلُ ، عَصَيتُكَ بِجَهلي ، وارتَكَبتُ الذُّنوبَ بِجَهلي ، وألَهْتني الدُّنيا بِجَهلي ، وسَهَوتُ عَن ذِكرِكِ بِجهَلي ، وركَنتُ [ إلى ] الدُّنيا بِجَهلي ،

٢٤٩

واغتَررتُ بِزينَتها بِجهلي ، وأنتَ أرحَمُ بي مني بِنفسي ، وأنتَ أنظر لي مِنّي لِنفسي ، فَاغفِر وارحَم وتَجاوَز عَمّا تَعلَمُ ، فإنّكَ أنتَ الأعَزُ الاكرمُ.

اللّهُمَّ اهدِني لأِرشَدِ الأُمور وقِني شَرَّ نَفسي. اللّهُمَّ أوسِع لي في رِزقي ، وأمدُد لي في عُمري ، واغفِر لي ذُنوبي ، واجعَلني ممَّن تَنتصِرُ به لِدينِكَ ولا تَستبدِل بي غَيري ، يا حَنّانُ يا مَنّانُ ، يا حَيُّ يا قَيوُّمُ ، فرِّغ قلبي لِذِكرِكَ.

اللّهُمَّ رَبِّ السّماواتِ السّبعِ وما بَينهُنَّ ، ورَبِّ [ السبع ] المَثاني والقرآنِ العَظيم ، ورَبِّ جَبرئيلَ وميكائيلَ ، ورَبِّ المَلائِكةِ أجمعَين ، ورَبِّ مُحمّدٍ خاتَمِ النَّبيّينَ والمُرسَلينَ أجمعينَ ، صَلِّ عَلى مُحمّدٍ وآلِهِ واغنني عَن خِدمَةِ عِبادِكَ ، وفَرّغني لِعبادَتِكَ باليسار والكِفايةِ والقنوعِ وَصدقِ اليَقينِ في التّوكُلّ عَليكَ.

اللّهُمَّ [ و ] أسألُكَ باسمكَ الَّذي تَقُومُ به السّماواتِ السَّبع ومَن فيهِنَّ وما بَينهُنَّ ، وبه تَرزُقُ الأحياءَ ، وبه أحصَيتَ وزنَ الجِبالِ ، وبِه احصيتَ البحار ، وبه أحصَيتَ عَددَ الرّمالِ ، وبه تُمتِ الأحياء ، وبه تُحيي المَوتى ، وبه تُعزُّ الذَليلَ ، وبه تُذِلُّ العزيزَ ، وبِه تَفعَلُ ما تَشاءُ ، وبه تَقُولُ للشيء :كن فيكون ، وإذا سألك به سائل اعطيته سؤله ، أسألُكَ باسمك الأعظَمِ الأعظَمِ ، الَّذي إذا سَألكَ به السائِلونَ أعطَيتَهُم سُؤلَهُم ، وإذا دَعاكَ به الدّاعُونَ أجَبتَهُم ، وإذا اسَتجارَ بِكَ المُستَجيرُونَ أجَرتَهُم ، وإذا دَعاكَ به المُضطرُّون أنقَذتَهُم ، وإذا تَشَفّعَ به إليكَ المُتَشفّعونَ شَفَعتَهُم ، وإذا

٢٥٠

استَصرخَكَ به المُستصرخُونَ أصرَخَتهُم ، وإذا ناجاكَ به الهارِبُونَ إليكَ سَمِعتَ نِداءهُم وأعنتَهُم ، وإذا أقبلَ إليكَ التّائِبونَ قَبلتَ تَوبتَهُم.

فَأنَا أسألُكَ ـ يا سَيَّدي ويا مَولاي ويا إلهي ويا قُوّتي ويا رَجائي ويا كَهفي ويا رُكني ويا فَخري ، ويا عِدَّتي لِديني ودُنيايَ وآخِرَتي ـ بِاسمكَ الأعظَمِ ، وأدعُوك بِه لِذَنبٍ لا يَغفِره غَيرُكَ ، ولِكربٍ لا يَكشِفُهُ سِواكَ ، ولِضُرّ لا يَقدِرُ عَلى إزالَتِهِ عَنّي إلاّ أنتَ ، ولِذنُوبي التي بارَزتُكَ بِها ، وقَلَّ مِنها حَيائي عِندَ ارتكابي لَها ، فَها أنا قد أتَيتُكَ مُذنباً خاطِئاً ، قَد ضَاقَت عَلَيّ الأرضُ بِما رَحُبت ، وضَلّت عَنَّي الحيلُ ، وعَلِمتُ أن لا مَلجأ ولا مَنجاً مِنكَ إلاّ إليكَ ، وها أنَا ذا بَينَ يَدَيكَ ، قَد أصبحتُ وأمسيتُ مُذنِباً خاطِئِاً ، قد ضاقَتَ عَليّ الأرضُ ، فَقير ( محتاجاً )(١) ، لا أجِدُ لِذَنبي غافِراً غَيرَكَ ، ولا ( لِكَسري )(٢) جابراً سِواكَ ، ولا لِضُرّي كاشِفاً إلاّ أنتَ. وأنا أقُولُ كما قالَ عَبدُكَ ذُو النّوُنِ حينَ تُبتَ عَلَيهِ ونَجَيتهُ من الغَمِّ ، رَجاءً أن تَتوُبَ عَلَيَّ وتُنقِذُني من الذُّنوبِ يا سَيّدي( لا إِلَٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (٣) .

وأنا أسألُكَ يا سَيّدي ومَولايَ بِاسمِكِ العَظيم الأعظمِ أن تَستَجيبَ لي دُعائي ، وأن تُعطِيني سُؤلي ، وأن تُعجِّل لي الفَرَجَ من عِندِكَ

__________________

(١) في نسخة « ك » : محتالاً ، وفي نسخة « ن » : محتلاً ، واثبتنا ما في نسخة المجلسي.

(٢) في نسخة « ك » : لشكواي ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

(٣) الانبياء ٢١ : ٨٧.

٢٥١

بِرحَمتِكَ في عافيةٍ ، وأن تُؤمِنَ خَوفي في أتَم النّعمةِ ، وأعظَمِ العافيةِ ، وأفضَلِ الرزقِ والسّعة والدَّعَةِ ، وما لَم تَزَلْ تُعَوِّدنيهِ يا إلهي ، وتَرزُقَني الشّكرَ عَلى ما تُؤتيَني ، وتَجعَلَ ذلِكَ تاماً أبَداً ما أبقَيتَني ، وتَعفُو عن ذُنوبي وخَطايايَ وأسرافي عَلى نَفسي وإجرامي إذا تَوَفيَتني ، حتى تَصِلَ لي سَعادَةَ الدُّنيا بِنَعيم الآخِرَةِ.

اللّهُمَّ بِيدِكَ مَقاديرُ اللَيل والنَّهار ، وبِيدِكَ مقاديرُ الشمسِ والقَمر ، وبيدِكَ مَقاديرُ الخَير والشَّرِّ ، اللّهُمَّ فَباركَ لي في ديِني ودُنيايَ وآخِرَتي ، اللّهُمَّ وباركَ لي في جَميع أُموري.

اللّهُمَّ لا إلهَ إلاّ أنتَ ، وعدكَ حَقٌ ، ولِقاؤُكَ حَقٌ ، فَصَلِّ عَلى مُحمّدٍ وآلِهِ ، وَاختِمْ لي أجَلي بافضَلِ عَمَلي ، حَتّى تَتَوفّاني وقَد رضَيتَ عَنّي يا قيّومُ ، يا كاشِفَ الكَربِ العَظيمِ ، صَلَّ على مُحمّدٍ وآله ، وَوسِّع علَيّ مِن طيب رِزقكَ حسب جودِكَ وكَرَمِكَ.

اللّهُمَّ أنّكَ تَكَفَّلتَ بِرِزقي ورِزقِ كُلّ دابةٍ ، يا خَيرَ مَدعُوٍ ، ويا خَيرَ مَسؤولٍ ، يا أوسَعَ مُعطٍ وأفضَلَ مَرجُوٍ ، وسِّع لي في رِزقي ورِزقِ عَيالي.

اللّهُمَّ اجَعلْ فيما تَقضي وفيما تقدِّرُ من الأمرِ المَحتوم ، وفيما تَفرِقُ مِن الأمِر الحكيمِ في لَيلَةِ القَدر ، في القَضاءِ الَّذي لا يُردُّ ولا يُبدَّلُ ، أن تُصلّيَ عَلَى مُحمّدٍ وآلهِ ، وأن تَرحَمَ مُحمّداً وآل مُحمّدٍ ، وأن تُبارِكَ على مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ ، كما صَلَّيتَ وباركَتَ وتَرَحَّمت عَلى إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ أنّكَ حَميدٌ مَجيدٌ ، وأن تَكتُبَني من حُجّاجِ بَيتِكَ الحَرامِ ، المَبرورِ حَجهُّمُ ،

٢٥٢

المَشكور سَعيُهُم ، المَغفور ذُنُوبهُم ، المُكفَّر ( عَنْهُم )(١) سَيّئاتِهِم ، الواسِعةِ أرزاقُهُم ، الصحيحةِ أبدانهُم ، المُؤمِنَ خَوفَهُم ، واجعَل فيما تقضي وفيما تَقدِرُ أن تَطّوّلَ عُمري ، وأن تَزيدَ في رِزقي. يا كائِناً قَبلَ كُلّ شَيء ، يا مكون كُلّ شيءٍ ، يا كائناً بعد كُلّ شيءٍ ، تَنامُ العُيونُ ، وتَنكِدرُ النُّجومُ وأنتَ حَيٌّ قَيّومٌ ، لا تأخُذُكَ سِنَةٌ ولا نَومٌ.

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بِجلالِكَ وحِلمِكَ ، ومَجدِكَ وكَرَمِكَ ، أن تُصلّي عَلى مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ ، وأن تَغفِرَ لَي ولِوالدِيَ ، وتَرحَمهُما رَحَمةً واسِعَةً ، أنّكَ أرحَمُ الرّاحِمينَ. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بأنّكَ مالِكٌ ، وأسألُكَ بأنّكَ على كُلّ شيءٍ قَديرٌ ، وأسألُكَ بأنّكَ ما تشاءُ يَكنُ من أمرٍ ، ان تَغفِرَ لي ولإخوإنّي من المُؤمنينَ ( وَالمؤمنات )(٢) أنّكَ رَؤُفٌ رحَيمٌ.

الحَمدُ لله الَّذي اشَبعَنا في الجائِعينَ ، والحَمدُ للهِ الَّذي كَسانا في العارينَ ، والحمدُ للهِ الَّذي آوانا في الغائِبين ، والحَمدُ للهِ الَّذي أكرمَنا في المُهانينَ ، والحَمدُ لله الَّذي آمننا في الخائِفين ، والحَمدُ لله الَّذي هَدانا في الضّالينَ. يارَجاءَ المُؤمِنينَ لا تُخيَّبَ رَجائي ، يا غِياث المُستغيثينَ أغِثني ، يا مُعينَ المُؤمنينَ أعِنِّي ، يا مُجيب التَّوابين تُبْ عَلَيّ ، أنّكَ أنتَ التَوابُ الرَّحيمُ.

حَسبِيَ الرَبِّ من العِبادِ ، حَسبِيَ المالِكُ من المَملُوكينَ ، حَسبيَ

__________________

(١) في نسخة « ك » : عن ، واثبتنا ما في نسخة « ن » وما تقدم من الرواية الأولى في نسخة « ك ».

(٢) اثبتناه من نسخة « ن ».

٢٥٣

الخالِقُ من المَخلُوقينَ ، حَسبِيَ الحَيُّ الَّذي لا يَموتُ ، حَسبِيَ الرّازقُ من المَرزُوقينَ ، حَسبيَ الَّذي لَم يَزَل حَسبَي مُذ كنتُ حَسبِيَ اللهُ ونعِمَ الوكيلُ.

لا إلهَ إلاّ اللهُ واللهُ أكَبرُ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ واللهُ أكبر كَثيراً مُبارَكاً فيهِ من أوَّلِ الدَّهِر إلى آخِر الدَّهِر. لا إلهَ إلاّ اللهُ رَبِّ كُلّ شَيءٍ وراحِمَهُ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ الَّذي لا حَيَّ مَعَهُ في دَيمُومَةِ بَقائِهِ ، قَيُّومٌ قَيُّومٌ ، لا يَفُوتُ شَيءٌ عِلمَهٌ ، ولا يَؤدُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ الباقي بَعدَ كُلّ شَيءٍ وآخِرهِ ، دائِمٌ بِغيرِ فَناءٍ ولا زَوالٍ لِملكِهِ ، الصَّمَدُ في غَيرِ شبهٍ فلا شَيءَ كَمِثلِهِ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ لا شَيءَ كُفُوهُ ولا مُداني لِوَصفِهِ ، كَبيرٌ لا تَهتَدي القُلوُبُ لِكُنهِ عَظَمتِهِ.

لا إلهَ إلاّ اللهُ البارئُ المنشئُ بِلا مِثالٍ خَلا من غَيرِهِ ، الطاهِرُ من كُلّ آفَةٍ بِقدسِه. لا إلهَ إلاّ اللهُ ( الكافي المُوسِع لِما خَلَقَ من عَطايا خَلقِهِ من فَضلِه )(١) ، النَّقيُّ من كُلّ جَورٍ لَم يَرضَهُ ولَم يُخالِطهُ فِعالهُ. لا إلهَ إلاّ الله الَّذي ( وَسِعَ كُلّ شيءٍ رحمةً وعِلماً )(٢) المَنّانُ ذَا الإحسانِ قَد عَمَّ الخَلائِقَ مَنُّهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ دَيّانُ العِبادِ وكُلٌّ يَقُومُ خاضِعاً من هَيبتهِ ، خالِقُ ما في السّماواتِ والأرضِ وكُلٌّ إليهِ مَعادُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ رَحيمُ كُلّ صَارخٍ وَمَكروبٍ وغِياثُهُ ومَعَاذُهُ ، يا رَبي فَلا تصِفُ الألسُنُ كُلّ جَلالِ مُلكِكَ وعِزِّك.

__________________

(١) لم ترد العبارة في نسخة « ن » ، وفي نسخة المجلسي ومهج الدعوات : ٣٠٥ : الكافي الموسع لما خلق من عطايا فضله. وفي العدد القوية : ٣٦٨ : الموسع في عطايا خلقه من فضله.

(٢) في نسخة « ك » : وسعت رحمته ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

٢٥٤

لا إلهَ إلاّ اللهُ البَديعُ البَرايا لَم يَبغِ في إنشائِها عَوناً من خَلقِهِ ، وعَلاّمُ الغيوبِ فَلا يَفُوتُ شَيئاً حِفظُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ المَعيدُ ما بَدأ إذا بَرَزَ الخَلائِقُ لِدَعوتِهِ من مَخافَتِهِ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَزيزُ المَنيعُ الغالِبُ في أمرهِ فَلا شَيء يُعادِلُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ الحَميدُ الفَعّالُ ذُو المَنّ عَلى جَميعِ خَلقِهِ.لا إلهَ إلاّ اللهُ ذُو البَطشِ الشَّديدِ ، الَّذي لا يُطاقُ انتِقامُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العالي في ارِتفاعِ مَكانِهِ فَوقَ كُلّ شَيءٍ قَوَّتُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ الجبَّارُ المُذِلُّ كُلّ شَيءٍ بِقَهرِ عِزّهِ وسُلطانِهِ.

لا إلهَ إلاّ اللهُ نورُ كُلّ شَيءٍ وهَدَاهُ لا إلهَ إلاّ اللهُ القُدُّوسُ الظاهِرُ عَلى كُلّ شَيء فَلا يُعادِلُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَزيزُ المُجيبُ المُتدانّي دُون كُلّ شَيء قربُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَليُّ الشامخُ في السّماءِ فَوقَ كُلّ شيءٍ إرتِفاعُ عُلّوه. لا إلهَ إلاّ اللهُ المبدئ البَرايا وَمُعيدها بَعدَ فَنائها بِقُدرَتِهِ. لا إلهَ إلاّ اللهُ الجَليلُ المُتَكَبِّرُ على كُلّ شَيءٍ فَالعَدلُ أمره والصِدقُ وعدُهُ.

لا إلهَ إلاّ اللهٌ المَحموُدُ الَّذي لا تَبلُغُ الأوهامُ كُلّ ثَنائِهِ ومَجدِهِ. ولا إلهَ إلاّ اللهُ الكَريمُ العَفُوُّ الَّذي وَسِعَ كُلّ شَيءٍ عَفُوهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَزيزُ الكَريمُ فلا يَذِلُ عِزُّهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَجيبُ فلا تنطِقُ الألسُنُ بكُلّ آلائِهِ وثنائِهِ ، وهُوَ كما أثنى على نَفسهِ ووَصفها بِه : اللهُ الرَّحمانُ الرِّحيمُ ، الحَقُّ المُبينُ ، البرهانُ العظيمُ ، اللهُ العَليمُ الحَكيمُ ، اللهُ الرَبُّ الرَّحيمُ ، اللهُ السُّلام المُؤمِنُ المُهيمنُ ، العَزيزُ الجَبّارُ المُتَكَبِّرُ ، اللهُ المُصوِّرُ الوِترُ النُّورُ

٢٥٥

وَمنه النور ، اللهُ الحَميدُ الكَبير لا إلهَ إلاّ اللهُ عَلَيهِ تَوكَلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العظيمِ(١) .

اليوم الثلاثون :

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّدٍ وآلِهِ واشرَح صَدري للإسلامِ ، وزَيّني بالإيمان ، والبِسني التَقوى ، وقِني عَذابَ النَّارِ. تَقُولُ ذلكَ سَبعَ مراتٍ ثُمَّ تَسألُ رَبّكَ حاجَتَكَ.

اللّهُمَّ أنتَ هُوَ يا رَبِّ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ ، أسألُكَ بِاسمِكَ الأعظَمِ الَّذي لا إلهَ إلاّ هَو الحَيُّ القَيوُّمُ ، لا تَأخُذُكَ سِنةٌ ولا نَومٌ ، لكَ ما في السّماواتِ وما في الأرضِ ، ولا يَؤُدُكَ حِفظُهُما وأنتَ العَليُّ العَظيمُ ، أن تُصَلّي على مُحمّدٍ وآلِهِ في الأوَّلينَ ، وأن تُصلِّي عَلى مُحمّدٍ وآلهِ في الآخِرينَ ، وأن تُصَلِّي على مُحمّدٍ قَبلَ كُلّ شَيءٍ ، وأن تُصلِّي عَلَى مُحمّدٍ وآلهِ بَعدَ كُلّ شَيءٍ ، وأن تُصلي على مُحمّدٍ وآلهِ في اللَيل إذا يَغشى ، وأن تصلي على مُحمّدٍ وآلهِ في النَّهارِ إذا تَجلّى ، وأن تُصَلّي على مُحمّدٍ وآلهِ في الآخِرة والأُولى ، وأن تُعطَيني سُوءلي في جَميعِ ما أدعُوكَ به لِلآخِرِة والدُّنيا.

يا حيُّ حينَ لا حَيُّ ، قَبلَ كُلِّ شَيءٍ وقَبلَ كُلِّ أحَدٍ ، ويا حَيُّ بَعدَ كُلّ حي ، لا إلهَ إلاّ أنتَ ، يا قَيوُّمُ بِرحمتِكَ أستغيثُ ، صَلِّ علَى مُحمّدٍ وآلِهِ ،

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٦٣ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢١٨.

٢٥٦

وأصلِح لي شَاني وأسبابي ، ولا تَكلني إلى نَفسي طَرفَةَ عَين أبَداً.

الحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ الرَّحمانِ الرَّحيم لا شريكَ لَهُ ـ تقولُ ذلِكَ أربَعَ مرّاتٍ ـ يا رَبِّ أنتَ لي ( رَحِيمٌ )(١) يا رَبِّ فَكُنَ لي رُكناً معي ، أسألُكَ يا رَبِّ بما يَحمِلُ العَرش من عزِّ جَلالِكَ أن تَفعَلَ بي ما أنتَ أهَلُهُ ، فَإنَّكَ أهَلُ التَقوى وأهلُ المَغفِرَةَ.

اللّهُمَّ إنّي أحمدُكَ حمَيداً ، وأتَوكلُّ عَليكَ وحَيداً ، وأستَغفِرُكَ فَريداً ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ شَهادة اُفني بِها عُمري ، والقى بها رَبي ، وأدخِلُ بها قَبري ، وأخلو بها ( في وحَدتي )(٢) .

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ فِعلَ الخيراتِ ، وتَرك المُنكراتِ ، وحُبَّ المَساكينَ ، وأن تَغفِرَ لي وتَرحَمَني ، وإذا أردَتَ بِقومٍ فِنتَة أن تَتَوفّاني إليكَ وأنا غَيرُ مَفتونٍ ، وأسألُكَ حُبَّكَ وحُبَّ من يُحبُّكَ ، وحُبّاً يُقرِّبُ من حُبِّكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ ، واجعَل لي من الذُّنوب مَخرَجاً ، ومن اُموري فَرَجاً ، واجَعل لي إلى كُلّ خَيرٍ سَبيلاً. اللّهُمَّ إنّي خَلقٌ من خَلقِكَ ، ولِخَلقٍ من خَلقِكَ قبلي حُقوقٌ ، ولي فِيما بَيني وبَيَنكَ ذُنُوبٌ ، اللّهُمَّ فَارض عَنّي خلقِكَ من حُقوقِهِم ، وهَب لي الذُّنوبَ التي بَيني وبَينَكَ ، اللّهُمَّ واجعَل فيَّ خَيراً تجَده فآنّكَ إلا تَجعَلهُ لا تَجِدهُ عنِدي. اللّهُمَّ خَلقتَني كَما أردتَ فاجعَلني كَما تُحبُّ ، اللّهُمَّ اغفِر لَنا وعافِنا ، وارحَمنا واعفُ عَنَّا ،

__________________

(١) اثبتناه من نسخة « ن ».

(٢) في نسخة « ك » : وحدي ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

٢٥٧

وارضِ عَنّا وَتَقبَّلِ مِنّا ، وادخِلنَا الجَنَّةَ ونَجّنا من النّارِ ، واصلِح لَنا شَأنَنا.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّد النِّبيّ الاُميّ ، الطَّيبِ المُبارَكِ ، نَبّي الرِّحمةِ ، كَما أمرتَنا أن نُصلّي عَليهِ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى النّبي الاُميّ عَدَدَ مَن صَلّى عَليهِ ، وَعَددَ مَن لَم يُصَلِّ عليهِ. اللّهُمَّ رَبِّ البَيتِ الحرامِ ، ورَبِّ الركن والمَقامِ ، وَرَبِّ المَشعرِ الحَرامِ ، ابلِغ رُوحَ مُحمّد مِنّا السُّلام ، وعَليهَ السُّلامُ وَرَحمةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ ، وعلى أهِل بَيتِهِ الطَّيبينَ الطاهِرينَ المُصطَفينَ الأخَيارِ ، ولا حولَ ولاقُوةَ إلاّ باللهِ العَليّ العَظيمِ(١) .

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٧٧ بزيادة فيه. ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢٢٤ باختلاف فيه.

٢٥٨

الفصل الثاني والعشرون

في رواية أخرى بتعيين أيّام الشّهور

وما فيها من وقتِ السُّرور والمحذور.

حدّثنا أبو نصر مُحمّد بن أحمد بن حمدون الواسطي ، قال : حدَّثنا أبو الفرج مُحمّد بن علي القنّاني ، قال : حدثنا أحمد بن مُحمّد بن موسى ، قال : حدَّثنا مُحمّد بن علي بن معمرٍ الكوفي ، قال : حدَّثنا علي بن مُحمّد الزّاهد ، قال : حدّثنا عاصم بن حميد ، قال : قال جعفر بن مُحمّد صلوات الله عليه وقد سُئل عن اختيارات الأيام فقال :

اليوم الاول من الشهر

خَلَقَ الله فيه آدَمَ صلى الله عليه ، وهو يومٌ صالحٌ مَسعودٌ ، خاطِب فيه السُّلطان ، وتَزوّج ، واسرع في حَوائجِك ، واعمَل فيه كُلّ ما تُريده من طلب الحَوائج وغيرها(١) .

اليوم الثاني من الشهر

تزوّج فيه ، وائتِ أهلِكَ من السَّفَرِ ، واشتر ، فيه وبع ، واطلُب فيه حَوائجك ، واتَّقِ فيه أعمال السُّلطان ، وابتَغِ واطلُب فيه الحوائج ، فإنَّه يومٌ موافقٌ لذلكَ(٢) .

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٥٦ / ٩ باختلاف.

(٢) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٥٧ / ١٤ صدره.

٢٥٩

اليوم الثالث من الشهر

يوم نَحس ، لا تأتِ فيه السُّلطان ، ولا تشترِ فيه ولا تَبع ، ولا تَطلُب فيه ، واتّقِ فيه أعمال السّلطان ، ففيه سُلبَ آدم وحوّاءعليهما‌السلام لَباسهما(١) .

اليوم الرابع من الشهر

ولد فيه هابيل بن آدمعليهما‌السلام ، وهو يوم صالحٌ للتزويج ، وطلب الصيّد ، ومَن يولد فيه يكون ما عاش صالحاً ، ولا تُسافر فيه فإنّ من سافر فيه يُسلبُ(٢) .

اليوم الخامس من الشهر

ولد فيه قابيل بن آدم وكان ملعوناً ، وهو اليوم الَّذي قتل فيه أخاهُ ودعا بالويل والثّبور على أهله وأدخل عليهم البكاء ، وهو يوم سوء ملعونٌ(٣) .

اليوم السادس من الشهر

جَيّد ، ليس فيه بؤس ، يَصلحُ للتّزويج وللصّيد ولطلب المعاش ، وكُلّ حاجة تريدها(٤) .

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٥٨ / ١٩ باختلاف فيه.

(٢) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٥٩ / ٢٤ باختلاف فيه.

(٣) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٦٠ / ٢٩ باختلاف فيه.

(٤) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٦٠ / ٣٤ باختلاف فيه.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) إلخ، يشهد السياق على أنّ المراد بالقضاء هو القضاء التشريعيّ دون التكوينيّ فقضاء الله تعالى حكمه التشريعيّ في شي‏ء ممّا يرجع إلى أعمال العباد أو تصرّفه في شأن من شؤنهم بواسطة رسول من رسله، و قضاء رسوله هو الثاني من القسمين و هو التصرّف في شأن من شؤن الناس بالولاية الّتي جعلها الله تعالى له بمثل قوله:( النَّبِيُّ أَوْلى‏ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) .

فقضاؤهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قضاء منه بولايته و قضاء من الله سبحانه لأنّه الجاعل لولايته المنفذ أمره، و يشهد سياق قوله:( إِذا قَضَى اللهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً ) حيث جعل الأمر الواحد متعلّقاً لقضاء الله و رسوله معاً، على أنّ المراد بالقضاء التصرّف في شؤن الناس دون الجعل التشريعيّ المختصّ بالله.

و قوله:( وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ ) أي ما صحّ و لا يحقّ لأحد من المؤمنين و المؤمنات أن يثبت لهم الاختيار من أمرهم بحيث يختارون ما شاؤا و قوله:( إِذا قَضَى اللهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً ) ظرف لنفي الاختيار.

و ضميراً الجمع في قوله:( لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) للمؤمن و المؤمنة المراد بهما جميع المؤمنين و المؤمنات لوقوعهما في حيّز النفي و وضع الظاهر موضع المضمر حيث قيل:( مِنْ أَمْرِهِمْ ) و لم يقل: أن يكون لهم الخيرة فيه للدلالة على منشأ توهّم الخيرة و هو انتساب الأمر إليهم.

و المعنى: ليس لأحد من المؤمنين و المؤمنات إذا قضى الله و رسوله بالتصرّف في أمر من اُمورهم أن يثبت لهم الاختيار من جهته لانتسابه إليهم و كونه أمراً من اُمورهم فيختاروا منه غير ما قضى الله و رسوله بل عليهم أن يتّبعوا إرادة الله و رسوله.

و الآية عامّة لكنّها لوقوعها في سياق الآيات التالية يمكن أن تكون كالتمهيد لما سيجي‏ء من قوله:( ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ ) الآية، حيث يلوح منه أنّ بعضهم كان قد اعترض على تزوّج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بزوج زيد و تعييره بأنّها كانت زوج ابنه المدعوّ له بالتبنّي و سيجي‏ء في البحث الروائيّ بعض ما يتعلّق بالمقام.

قوله تعالى: ( وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ

٣٤١

وَ اتَّقِ اللهَ ) إلى آخر الآية المراد بهذا الّذي أنعم الله عليه و أنعم النبيّ عليه زيد بن حارثة الّذي كان عبداً للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ حرّره و اتّخذه ابناً له و كان تحته زينب بنت جحش بنت عمّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتى زيد النبيّ فاستشاره في طلاق زينب فنهاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الطلاق ثمّ طلّقها زيد فتزوّجها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و نزلت الآيات.

فقوله:( أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ) أي بالهداية إلى الإيمان و تحبيبه إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و قوله:( وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ) أي بالإحسان إليه و تحريره و تخصيصه بنفسك، و قوله:( أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللهَ ) كناية عن الكفّ عن تطليقها، و لا يخلو من إشعار بإصرار زيد على تطليقها.

و قوله:( وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ ) أي مظهره( وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ) ذيل الآيات أعني قوله:( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَ يَخْشَوْنَهُ وَ لا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ ) دليل على أنّ خشيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الناس لم تكن خشية على نفسه بل كان خشية في الله فأخفى في نفسه ما أخفاه استشعاراً منه أنّه لو أظهره عابه الناس و طعن فيه بعض من في قلبه مرض فأثّر ذلك أثّراً سيّئاً في إيمان العامّة، و هذا الخوف - كما ترى - ليس خوفاً مذموماً بل خوف في الله هو في الحقيقة خوف من الله سبحانه.

و قوله:( وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ) الظاهر في نوع من العتاب ردع عن نوع من خشية الله و هي خشيته عن طريق الناس و هداية إلى نوع آخر من خشيته تعالى و أنّه كان من الحريّ أن يخشى الله دون الناس و لا يخفي ما في نفسه ما الله مبديه و هذا نعم الشاهد على أنّ الله كان قد فرض له أن يتروّج زوج زيد الّذي كان تبنّاه ليرتفع بذلك الحرج عن المؤمنين في التزوّج بأزواج الأدعياء و هوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يخفيه في نفسه إلى حين مخافة سوء أثره في الناس فآمّنه الله ذلك بعتابه عليه نظير ما تقدّم في قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ - إلى قوله -وَ اللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) الآية.

فظاهر العتاب الّذي يلوح من قوله:( وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ )

٣٤٢

مسوق لانتصاره و تأييد أمره قبال طعن الطاعنين ممّن في قلوبهم مرض نظير ما تقدّم في قوله:( عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ تَعْلَمَ الْكاذِبِينَ ) التوبة: ٤٣.

و من الدليل على أنّه انتصار و تأييد في صورة العتاب قوله بعد:( فَلَمَّا قَضى‏ زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها ) حيث أخبر عن تزويجه إيّاها كأنّه أمر خارج عن إرادة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و اختياره ثمّ قوله:( وَ كانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولًا ) .

فقوله:( فَلَمَّا قَضى‏ زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها ) متفرّع على ما تقدّم من قوله:( وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ ) و قضاء الوطر منها كناية عن الدخول و التمتّع، و قوله:( لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً ) تعليل للتزويج و مصلحة للحكم، و قوله:( وَ كانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولًا ) مشير إلى تحقّق الوقوع و تأكيد للحكم.

و من ذلك يظهر أنّ الّذي كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخفيه في نفسه هو ما فرض الله له أن يتزوّجها لا هواها و حبّه الشديد لها و هي بعد مزوّجة كما ذكره جمع من المفسّرين و اعتذروا عنه بأنّها حالة جبلّيّة لا يكاد يسلم منها البشر فإنّ فيه أوّلاً: منع أن يكون بحيث لا يقوى عليه التربية الإلهيّة، و ثانياً: أنّه لا معنى حينئذ للعتاب على كتمانه و إخفائه في نفسه فلا مجوّز في الإسلام لذكر حلائل الناس و التشبّب بهنّ.

قوله تعالى: ( ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ ) إلخ، الفرض هو التعيين و الاسهام يقال: فرض له كذا أي عيّنه له و أسهمه به، و قيل: هو في المقام بمعنى الإباحة و التجويز، و الحرج الكلفة و الضيق، و المراد بنفي الحرج نفي سببه و هو المنع عمّا فرض له.

و المعنى: ما كان على النبيّ من منع فيما عيّن الله له أو أباح الله له حتّى يكون عليه حرج في ذلك.

و قوله:( سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ) اسم موضوع موضع المصدر فيكون

٣٤٣

مفعولاً مطلقاً و التقدير سنّ الله ذلك سنّة، و المراد بالّذين خلوا من قبل هم الأنبياء و الرسل الماضون بقرينة قوله بعد:( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ ) إلخ.

و قوله:( وَ كانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً ) أي يقدّر من عنده لكلّ أحد ما يلائم حاله و يناسبها، و الأنبياء لم يمنعوا ممّا قدّره الله و أباحه لغيرهم حتّى يمنع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بعض ما قدّر و اُبيح.

قوله تعالى: ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَ يَخْشَوْنَهُ وَ لا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ ) إلخ، الموصول بيان للموصول المتقدّم أعني قوله:( الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ) .

و الخشية هي تأثّر خاصّ للقلب عن المكروه و ربّما ينسب إلى السبب الّذي يتوقّع منه المكروه، يقال: خشيت أن يفعل بي فلان كذا أو خشيت فلاناً أن يفعل بي كذا، و الأنبياء يخشون الله و لا يخشون أحداً غيره لأنّه لا مؤثّر في الوجود عندهم إلّا الله.

و هذا غير الخوف الّذي هو توقّع المكروه بحيث يترتّب عليه الاتّقاء عملاً سواء كان معه تأثّر قلبيّ أو لا فإنّه أمر عمليّ ربّما ينسب إلى الأنبياء كقوله تعالى حكاية عن موسىعليه‌السلام :( فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ ) الشعراء: ٢١ و قوله في النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وَ إِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً ) الأنفال: ٥٨ و هذا هو الأصل في معنى الخوف و الخشية و ربّما استعملاً كالمترادفين.

و ممّا تقدّم يظهر أنّ الخشية منفيّة عن الأنبياءعليهم‌السلام مطلقاً و إن كان سياق قوله:( يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَ يَخْشَوْنَهُ ) إلخ، يلوّح إلى أنّ المنفيّ هو الخشية في تبليغ الرسالة. على أنّ جميع أفعال الأنبياء كأقوالهم من باب التبليغ فالخشية في أمر التبليغ مستوعبة لجميع أعمالهم.

و قوله:( وَ كَفى‏ بِاللهِ حَسِيباً ) أي محاسباً يحاسب على الصغيرة و الكبيرة فيجب أن يخشى و لا يخشى غيره.

قوله تعالى: ( ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ )

٣٤٤

إلخ، لا شكّ في أنّ الآية مسوقة لدفع اعتراضهم على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّه تزوّج زوج ابنه و محصّل الدفع أنّه ليس أبا زيد و لا أبا أحد من الرجال الموجودين في زمن الخطاب حتّى يكون تزوّجه بزوج أحدهم بعده تزوّجاً بزوج ابنه فالخطاب في قوله:( مِنْ رِجالِكُمْ ) للنّاس الموجودين في زمن نزول الآية، و المراد بالرجال ما يقابل النّساء و الولدان و نفي الاُبوّة نفي تكوينيّ لا تشريعيّ و لا تتضمّن الجملة شيئاً من التشريع.

و المعنى: ليس محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبا أحد من هؤلاء الرجال الّذين هم رجالكم حتّى يكون تزوّجه بزوج أحدهم بعده تزوّجاً منه بزوج ابنه و زيد أحد هؤلاء الرجال فتزوّجه بعد تطليقه ليس تزوّجاً بزوج الابن حقيقة و أمّا تبنيه زيداً فإنّه لا يترتّب عليه شي‏ء من آثار الاُبوّة و البنوّة و ما جعل أدعياءكم أبناءكم.

و أمّا القاسم و الطيّب و الطاهر(١) و إبراهيم فإنّهم أبناؤه حقيقة لكنّهم ماتوا قبل أن يبلغوا فلم يكونوا رجالاً حتّى ينتقض الآية و كذا الحسن و الحسين و هما ابناً رسول الله فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبض قبل أن يبلغا حدّ الرجال.

و ممّا تقدّم ظهر أنّ الآية لا تقتضي نفي اُبوّتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للقاسم و الطيّب و الطاهر و إبراهيم و كذا للحسنين لما عرفت أنّها خاصّة بالرجال الموجودين في زمن النزول على نعت الرجوليّة.

و قوله:( وَ لكِنْ رَسُولَ اللهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ ) الخاتم بفتح التاء ما يختم به كالطابع و القالب بمعنى ما يطبع به و ما يقلب به و المراد بكونه خاتم النبيّين أنّ النبوّة اختتمت بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا نبيّ بعده.

و قد عرفت فيما مرّ معنى الرسالة و النبوّة و أنّ الرسول هو الّذي يحمل رسالة من الله إلى الناس و النبيّ هو الّذي يحمل نبأ الغيب الّذي هو الدين و حقائقه و لازم ذلك أن يرتفع الرسالة بارتفاع النبوّة فإنّ الرسالة من أنباء الغيب، فإذا انقطعت هذه

____________________

(١) هذا على ما هو المعروف و قال بعضهم: إنّ الطيّب و الطاهر لقبان للقاسم.

٣٤٥

الأنباء انقطعت الرسالة.

و من هنا يظهر أنّ كونهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاتم النبيّين يستلزم كونه خاتماً للرسل.

و في الآية إيماء إلى أنّ ارتباطهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و تعلّقه بكم تعلّق الرسالة و النبوّة و أنّ ما فعله كان بأمر من الله سبحانه.

و قوله:( وَ كانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيماً ) أي ما بيّنه لكم إنّما كان بعلمه.

( بحث روائي)

في الدرّ المنثور، أخرج ابن جرير عن ابن عبّاس قال: خطب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زينب بنت جحش لزيد بن حارثة فاستنكفت منه و قالت: أنا خير منه حسباً و كانت امرأة فيها حدّة فأنزل الله( وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ ) الآية كلّها.

أقول: و في معناها روايات اُخر.

و فيه، أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: نزلت في اُمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط و كانت أوّل امرأة هاجرت من النساء فوهبت نفسها للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فزوّجها زيد بن حارثة فسخطت هي و أخوها و قالت إنّما أردنا رسول الله فزوّجنا عبده فنزلت.

أقول: و الروايتان أشبه بالتطبيق منهما بسبب النزول.

و في العيون،: في باب مجلس الرضاعليه‌السلام عند المأمون مع أصحاب الملل في حديث يجيب فيه عن مسألة عليّ بن الجهم في عصمة الأنبياء:

قال: و أمّا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و قول الله عزّوجلّ:( وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ) فإنّ الله عزّوجلّ عرف نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسماء أزواجه في دار الدنيا و أسماء أزواجه في الآخرة و أنّهنّ اُمّهات المؤمنين و أحد من سمّي له زينب بنت جحش و هي يومئذ تحت زيد بن حارثة فأخفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اسمها في نفسه و لم يبده لكيلاً يقول أحد من المنافقين: إنّه قال في امرأة في بيت رجل: إنّها أحد أزواجه

٣٤٦

من اُمّهات المؤمنين و خشي قول المنافقين.

قال الله عزّوجلّ:( وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ) يعني في نفسك.‏ الحديث.

أقول: و روي ما يقرب منه فيه عنهعليه‌السلام في جواب مسألة المأمون عنه في عصمة الأنبياء.

و في المجمع: في قوله تعالى:( وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ ) قيل: إنّ الّذي أخفاه في نفسه هو أنّ الله سبحانه أعلمه أنّها ستكون من أزواجه و أنّ زيداً سيطلّقها فلمّا جاء زيد و قال له: اُريد أن اُطلّق زينب قال له: أمسك عليك زوجك، فقال سبحانه: لم قلت: أمسك عليك زوجك و قد أعلمتك أنّها ستكون من أزواجك؟ و روي ذلك عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام .

و في الدرّ المنثور، أخرج أحمد و عبد بن حميد و البخاريّ و الترمذيّ و ابن المنذر و الحاكم و ابن مردويه و البيهقيّ في سننه عن أنس قال: جاء زيد بن حارثة يشكو زينب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: اتّق الله و أمسك عليك زوجك فنزلت:( وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ ) .

قال أنس: فلو كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كاتماً شيئاً لكتم هذه الآية، فتزوّجها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحديث.

أقول: و الروايات كثيرة في المقام و إن كان كثير منها لا يخلو من شي‏ء و في الروايات: ما أولم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على امرأة من نسائه ما أولم على زينب ذبح شاة و أطعم الناس الخبز و اللحم، و في الروايات أنّها كانت تفتخر على سائر نساء النبيّ بثلاث أنّ جدّها و جدّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واحد فإنّها كانت بنت اُميمة بنت عبدالمطّلب عمّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و أنّ الّذي زوّجها منه هو الله سبحانه و أنّ السفير جبريل.

و في المجمع في قوله تعالى:( وَ لكِنْ رَسُولَ اللهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ ) : و صحّ الحديث عن جابر بن عبدالله عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إنّما مثلي في الأنبياء كمثل رجل بنى دارا فأكملها و حسنها إلّا موضع لبنة، فكان من دخلها و نظر إليها فقال: ما أحسنها إلّا

٣٤٧

موضع هذه اللبنة. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فأنا موضع اللبنة ختم بي الأنبياء: أورده البخاريّ و مسلم في صحيحيهما.

أقول: و روى هذا المعنى غيرهما كالترمذيّ و النسائيّ و أحمد و ابن مردويه عن غير جابر كأبي سعيد و أبي هريرة.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن الأنباريّ في المصاحف عن أبي عبدالرحمن السلميّ قال: كنت اُقرئ الحسن و الحسين فمرّ بي عليّ بن أبي طالب و أنا اُقرئهما فقال لي: أقرئهما و خاتم النبيّين بفتح التاء.

٣٤٨

( سورة الأحزاب الآيات ٤١ - ٤٨)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ( ٤١ ) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ( ٤٢ ) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ  وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ( ٤٣ ) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ  وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ( ٤٤ ) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ( ٤٥ ) وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا ( ٤٦ ) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللهِ فَضْلًا كَبِيرًا ( ٤٧ ) وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ  وَكَفَىٰ بِاللهِ وَكِيلًا ( ٤٨ )

( بيان‏)

آيات تدعو المؤمنين إلى الذكر و التسبيح و تبشّرهم و تعدهم الوعد الجميل و تخاطب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بصفاته الكريمة و تأمره أن يبشّر المؤمنين و لا يطيع الكافرين و المنافقين، و يمكن أن يكون القبيلان مختلفين في النزول زماناً.

قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً ) الذكر ما يقابل النسيان و هو توجيه الإدراك نحو المذكور و أمّا التلفّظ بما يدلّ عليه من أسمائه و صفاته فهو بعض مصاديق الذكر.

قوله تعالى: ( وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا ) التسبيح هو التنزيه و هو مثل الذكر لا يتوقّف على اللفظ و إن كان التلفّظ بمثل سبحان الله بعض مصاديق التسبيح.

٣٤٩

و البكرة أوّل النهار و الأصيل آخره بعد العصر و تقييد التسبيح بالبكرة و الأصيل لما فيهما من تحوّل الأحوال فيناسب تسبيحه و تنزيهه من التغيّر و التحوّل و كلّ نقص طار، و يمكن أن يكون البكرة و الأصيل معاً كناية عن الدوام كاللّيل و النهار في قوله:( يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ ) حم السجدة: ٣٨.

قوله تعالى: ( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ) المعنى الجامع للصلاة على ما يستفاد من موارد استعمالها هو الانعطاف فيختلف باختلاف ما نسب إليه و لذلك قيل: إنّ الصلاة من الله الرحمة و من الملائكة الاستغفار و من الناس الدعاء لكنّ الّذي نسب من الصلاة إلى الله سبحانه في القرآن هو الصلاة بمعنى الرحمة الخاصّة بالمؤمنين و هي الّتي تترتّب عليها سعادة العقبى و الفلاح المؤبّد و لذلك علّل تصليته عليهم بقوله:( لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً ) .

و قد رتّب سبحانه في كلامه على نسيانهم له نسيانه لهم و على ذكرهم له ذكره لهم فقال:( نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ ) التوبة: ٦٧ و قال:( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ) البقرة: ١٥٢ و تصليته عليهم ذكر منه لهم بالرحمة فإن ذكروه كثيراً و سبّحوه بكرة و أصيلاً صلّى عليهم كثيراً و غشيهم بالنور و أبعدهم من الظلمات.

و من هنا يظهر أنّ قوله:( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ) إلخ، في مقام التعليل لقوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً ) و تفيد التعليل أنّكم إن ذكرتم الله كثيراً ذكركم برحمته كثيراً و بالغ في إخراجكم من الظلمات إلى النور و يستفاد منه أنّ الظلمات إنّما هي ظلمات النسيان و الغفلة و النور نور الذكر.

و قوله:( وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً ) وضع الظاهر موضع المضمر، أعني قوله:( بِالْمُؤْمِنِينَ ) و لم يقل: و كان بكم رحيماً، ليدلّ به على سبب الرحمة و هو وصف الإيمان.

قوله تعالى: ( تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَ أَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً ) ظاهر السياق أنّ( تَحِيَّتُهُمْ ) مصدر مضاف إلى المفعول أي إنّهم يحيّون - بالبناء للمفعول - يوم

٣٥٠

يلقون ربّهم من عند ربّهم و من ملائكته بالسلام أي إنّهم يوم اللقاء في أمن و سلام لا يصيبهم مكروه و لا يمسّهم عذاب.

و قوله:( وَ أَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً ) أي و هيّأ الله لهم ثواباً جزيلاً.

قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً ) شهادتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الأعمال أن يتحمّلها في هذه النشأة و يؤدّيها يوم القيامة و قد تقدّم في قوله:( لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) البقرة: ١١٢ و غيره من آيات الشهادة أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شهيد الشهداء.

و كونه مبشّراً و نذيراً تبشيره المؤمنين المطيعين لله و رسوله بثواب الله و الجنّة و إنذاره الكافرين و العاصين بعذاب الله و النار.

قوله تعالى: ( وَ داعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً ) دعوته إلى الله هي دعوته الناس إلى الإيمان بالله وحده، و لازمه الإيمان بدين الله و تقيّد الدعوة بإذن الله يجعلها مساوقة للبعثة.

و كونهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سراجاً منيراً هو كونه بحيث يهتدي به الناس إلى سعادتهم و ينجون من ظلمات الشقاء و الضلالة فهو من الاستعارة، و قول بعضهم: إنّ المراد بالسراج المنير القرآن و التقدير ذا سراج منير تكلّف من غير موجب.

قوله تعالى: ( وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلًا كَبِيراً ) ، الفضل من العطاء ما كان من غير استحقاق ممّن يأخذه و قد وصف الله عطاءه فقال:( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ) الأنعام: ١٦٠ و قال:( لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَ لَدَيْنا مَزِيدٌ ) ق: ٣٥ فبيّن أنّه يعطي من الثواب ما لا يقابل العمل و هو الفضل و لا دليل في الآية يدلّ على اختصاصه بالآخرة.

قوله تعالى: ( وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ دَعْ أَذاهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ) إلخ، تقدّم معنى طاعة الكافرين و المنافقين في أوّل السورة.

و قوله:( وَ دَعْ أَذاهُمْ ) أي اترك ما يؤذونك بالإعراض عنه و عدم الاشتغال به و الدليل على هذا المعنى قوله:( وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ) أي لا تستقلّ بنفسك في دفع

٣٥١

أذاهم بل اجعل الله وكيلاً في ذلك و كفى بالله وكيلاً.

( بحث روائي)

في الكافي، بإسناده عن ابن القدّاح عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ما من شي‏ء إلّا و له حدّ ينتهي إليه إلّا الذكر فليس له حدّ ينتهي إليه فرض الله عزّوجلّ الفرائض فمن أدّاهنّ فهو حدّهنّ و شهر رمضان فمن صامه فهو حدّه و الحجّ فمن حجّ فهو حدّه إلّا الذكر فإنّ الله عزّوجلّ لم يرض منه بالقليل و لم يجعل له حدّاً ينتهي إليه ثمّ تلا:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا ) فقال: لم يجعل الله له حدّاً ينتهي إليه.

قال: و كان أبي كثير الذكر لقد كنت أمشي معه و إنّه ليذكر الله و آكل معه الطعام و إنّه ليذكر الله و لقد كان يحدّث القوم ما يشغله ذلك عن ذكر الله و كنت أرى لساناً لازقاً بحنكه يقول: لا إله إلّا الله.

و كان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتّى تطلع الشمس و يأمر بالقراءة من كان يقرأ منّا و من كان لا يقرأ منّا أمره بالذكر، و البيت الّذي يقرأ فيه القرآن و يذكر الله عزّوجلّ فيه يكثر بركته و يحضره الملائكة و يهجره الشياطين و يضي‏ء لأهل السماء كما يضي‏ء الكوكب لأهل الأرض و البيت الّذي لا يقرأ فيه القرآن و لا يذكر الله يقلّ بركته و يهجره الملائكة و يحضره الشياطين.

و قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أ لا اُخبركم بخير أعمالكم أرفعها في درجاتكم و أزكاها عند مليككم و خير لكم من الدينار و الدرهم و خير لكم من أن تلقوا عدوّكم فتقتلوهم و يقتلوكم؟ فقالوا: بلى. قال: ذكر الله عزّوجلّ كثيراً.

ثمّ قال: جاء رجل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: من خير أهل المسجد؟ فقال: أكثرهم لله ذكراً.

و قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من اُعطي لساناً ذاكراً فلقد اُعطي خير الدنيا و الآخرة.

و قال في قوله تعالى:( وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا تستكثر ما عملت من خير لله.

٣٥٢

و فيه، بإسناده عن أبي المعزى رفعه قال: قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : من ذكر الله في السرّ فقد ذكر الله كثيراً إنّ المنافقين كانوا يذكرون الله علانية و لا يذكرونه في السرّ فقال الله عزّوجلّ:( يُراؤُنَ النَّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلًا ) .

أقول: و هو استفادة لطيفة.

و في الخصال، عن زيد الشحّام قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : ما ابتلي المؤمن بشي‏ء أشدّ عليه من ثلاث خصال يحرمها. قيل: و ما هي؟ قال: المواساة في ذات يده، و الإنصاف من نفسه، و ذكر الله كثيراً. أمّا إنّي لا أقول: سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلّا الله و الله أكبر و إن كان منه و لكن ذكر الله عند ما أحلّ له و ذكر الله عند ما حرّم عليه.

و في الدرّ المنثور، أخرج أحمد و الترمذيّ و البيهقيّ عن أبي سعيد الخدريّ: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سئل أيّ العباد أفضل درجة عندالله يوم القيامة؟ قال: الذاكرون الله كثيراً. قلت: يا رسول الله و من الغازي في سبيل الله؟ قال: لو ضرب بسيفه في الكفّار و المشركين حتّى ينكسر و يختضب دماً لكان الذاكرون الله أفضل درجة منه.

و في العلل، بإسناده عن عبدالله بن الحسن عن أبيه عن جدّه الحسن بن عليّعليه‌السلام قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسأله أعلمهم فيما سأله فقال: لأيّ شي‏ء سمّيت محمّداً و أحمد و أباالقاسم و بشيراً و نذيراً و داعياً؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أمّا الداعي فإنّي أدعو الناس إلى دين ربّي عزّوجلّ، و أمّا النذير فإنّي اُنذر بالنار من عصاني، و أمّا البشير فإنّي اُبشّر بالجنّة من أطاعني. الحديث.

و في تفسير القمّيّ، في قوله:( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ - إلى قوله -وَ دَعْ أَذاهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَ كَفى‏ بِاللهِ وَكِيلًا ) أنّها نزلت بمكّة قبل الهجرة بخمس سنين.

٣٥٣

( سورة الأحزاب الآيات ٤٩ - ٦٢)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا  فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ( ٤٩ ) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ  قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ  وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ( ٥٠ ) تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ  وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ  ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ  وَاللهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ  وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَلِيمًا ( ٥١ ) لَّا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ  وَكَانَ اللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا ( ٥٢ ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ  إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ  وَاللهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ  

٣٥٤

وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ  ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ  وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا  إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللهِ عَظِيمًا ( ٥٣ ) إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ( ٥٤ ) لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ  وَاتَّقِينَ اللهَ  إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ( ٥٥ ) إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ( ٥٦ ) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا ( ٥٧ ) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ( ٥٨ ) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ  ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ  وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ( ٥٩ ) لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ( ٦٠ ) مَّلْعُونِينَ  أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا ( ٦١ ) سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ  وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا ( ٦٢ )

٣٥٥

( بيان)

تتضمّن الآيات أحكاماً متفرّقة بعضها خاصّة بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و أزواجه و بعضها عامّة.

قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَ سَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا ) المراد بنكاحهنّ العقد عليهنّ بالنكاح، و بالمسّ الدخول، و بالتمتيع إعطاؤهنّ شيئاً من المال يناسب شأنهنّ و حالهنّ و التسريح بالجميل إطلاقهنّ من غير خصومة و خشونة.

و المعنى: إذا طلّقتموا النساء بعد النكاح و قبل الدخول فلا عدّة لهنّ للطلاق و يجب تمتيعهنّ بشي‏ء من المال و السراح الجميل.

و الآية مطلقة تشمل ما إذا فرض لهنّ فريضة المهر و ما إذا لم يفرض فيقيّدها قوله:( وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ ) البقرة: ٢٣٧ و تبقى حجّة فيما لم يفرض لهنّ فريضة.

قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ) إلى آخر الآية، يذكر سبحانه لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالإحلال سبعة أصناف من النساء: الصنف الأوّل ما في قوله:( أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ) و المراد بالاُجور المهور، و الثاني ما في قوله:( وَ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ ) أي من يملكه من الإماء الراجعة إليه من الغنائم و الأنفال، و تقييد ملك اليمين بكونه ممّا أفاء الله عليه كتقييد الأزواج بقوله:( اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ) للتوضيح لا للاحتراز.

و الثالث و الرابع ما في قوله:( وَ بَناتِ عَمِّكَ وَ بَناتِ عَمَّاتِكَ ) قيل: يعني نساء قريش، و الخامس و السادس ما في قوله:( وَ بَناتِ خالِكَ وَ بَناتِ خالاتِكَ ) قيل: يعني نساء بني زهرة، و قوله:( اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ ) قال في المجمع: هذا إنّما كان قبل تحليل غير المهاجرات ثمّ نسخ شرط الهجرة في التحليل.

و السابع ما في قوله:( وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها ) و هي المرأة المسلمة الّتي بذلت نفسها للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمعنى أن ترضى أن

٣٥٦

يتزوّج بها من غير صداق و مهر فإنّ الله أحلّها له إن أراد أن يستنكحها، و قوله:( خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ) إيذان بأنّ هذا الحكم - أي حلّيّة المرأة للرجل ببذل النفس - من خصائصه لا يجري في المؤمنين، و قوله بعده:( قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ ) تقرير لحكم الاختصاص.

و قوله:( لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ) تعليل لقوله في صدر الآية:( إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ ) أو لما في ذيلها من حكم الاختصاص و الأوّل أظهر و قد ختمت الآية بالمغفرة و الرحمة.

قوله تعالى: ( تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَ تُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ ) إلخ، الإرجاء التأخير و التبعيد، و هو كناية عن الردّ، و الإيواء: الإسكان في المكان و هو كناية عن القبول و الضمّ إليه.

و السياق يدلّ على أنّ المراد به أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على خيرة من قبول من وهبت نفسها له أو ردّه.

و قوله:( وَ مَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ) ، الابتغاء هو الطلب أي و من طلبتها من اللّاتي عزلتها و لم تقبلها فلا إثم عليك و لا لؤم أي يجوز لك أن تضمّ إليك من عزلتها و رددتها من النساء اللّاتي وهبن أنفسهنّ لك بعد العزل و الردّ.

و يمكن أن يكون إشارة إلى أنّ لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقسم بين نسائه و أن يترك القسم فيؤخّر من يشاء منهنّ و يقدّم من يشاء و يعزل بعضهنّ من القسم فلا يقسم لها أو يبتغيها فيقسم لها بعد العزل و هو أوفق لقوله بعده:( وَ مَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى‏ - أي أقرب -أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ - أي يسررن -وَ لا يَحْزَنَّ وَ يَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَ اللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ ) و ذلك لسرور المتقدّمة بما قسمت له و رجاء المتأخّرة أن تتقدّم بعد.

و قوله:( وَ كانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً ) أي يعلم مصالح عباده و لا يعاجل في العقوبة.

و في الآية أقوال مختلفة اُخر و الّذي أوردناه هو الأوفق لوقوعها في سياق سابقتها متّصلة بها و به وردت الأخبار عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام كما سيجي‏ء.

٣٥٧

قوله تعالى: ( لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَ لَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ ) إلخ، ظاهر الآية لو فرضت مستقلّة في نفسها غير متّصلة بما قبلها تحريم النساء لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا من خيرهنّ فاخترن الله و نفي جواز التبدّل بهنّ يؤيّد ذلك.

لكن لو فرضت متّصلة بما قبلها و هو قوله:( إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ ) إلخ، كان مدلولها تحريم ما عداً المعدودات و هي الأصناف الستّة الّتي تقدّمت.

و في بعض الروايات عن بعض أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام أنّ المراد بالآية محرّمات النساء المعدودة في قوله:( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ ) الآية النساء: ٢٣.

فقوله:( لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ ) أي من بعد اللّاتي اخترن الله و رسوله و هي التسعة على المعنى الأوّل أو من بعد من عددناه في قولنا:( إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ ) على المعنى الثاني أو من بعد المحلّلات و هي المحرّمات على المعنى الثالث.

و قوله:( وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ ) أي أن تطلّق بعضهنّ و تزوّج مكانها من غيرهنّ، و قوله:( إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ ) يعني الإماء و هو استثناء من قوله في صدر الآية( لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ ) .

و قوله:( وَ كانَ اللهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ رَقِيباً ) معناه ظاهر و فيه تحذير عن المخالفة.

قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ - إلى قوله -مِنَ الْحَقِّ ) بيان لأدب الدخول في بيوت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و قوله:( إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ ) استثناء من النهي، و قوله:( إِلى‏ طَعامٍ ) متعلّق بالإذن، و قوله:( غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ ) أي غير منتظرين لورود إناء الطعام بأن تدخلوا من قبل فتطيلوا المكث في انتظار الطعام و يبيّنه قوله:( وَ لكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ أي أكلتم فَانْتَشِرُوا ) ، و قوله:( وَ لا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ) عطف على قوله:( غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ ) و هو حال بعد حال، أي غير ماكثين في حال انتظار الإناء قبل الطعام و لا في حال الاستئناس لحديث بعد الطعام.

و قوله:( إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ ) تعليل للنهي أي لا تمكثوا كذلك لأنّ مكثكم ذلك كان يتأذّى منه النبيّ فيستحيي منكم أن يسألكم

٣٥٨

الخروج و قوله:( وَ اللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ) أي من بيان الحقّ لكم و هو ذكر تأذّيه و التأديب بالأدب اللائق.

قوله تعالى: ( وَ إِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَ قُلُوبِهِنَّ ) ، ضمير( سَأَلْتُمُوهُنَّ ) لأزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و سؤالهنّ متاعاً كناية عن تكليمهنّ لحاجة أي إذا مسّت الحاجة إلى تكليمكم أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكلّموهنّ من وراء حجاب، و قوله:( ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَ قُلُوبِهِنَّ ) بيان لمصلحة الحكم.

قوله تعالى: ( وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً ) إلخ، أي ليس لكم إيذاؤه بمخالفة ما اُمرتم في نسائه و في غير ذلك و ليس لكم أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً إنّ ذلكم أي نكاحكم أزواجه من بعده كان عند الله عظيماً، و في الآية إشعار بأنّ بعضهم ذكر ما يشير إلى نكاحهم أزواجه بعده و هو كذلك كما سيأتي في البحث الروائيّ الآتي.

قوله تعالى: ( إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيماً ) معناه ظاهر و هو في الحقيقة تنبيه تهديديّ لمن كان يؤذي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو يذكر نكاح أزواجه من بعده.

قوله تعالى: ( لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ ) إلى آخر الآية ضمير( عَلَيْهِنَّ ) لنساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و الآية في معنى الاستثناء من عموم حكم الحجاب و قد استثنى الآباء و الأبناء و الإخوان و أبناء الإخوان و أبناء الأخوات و هؤلاء محارم، قيل: و لم يذكر الأعمام و الأخوال لأنّهم من الممكن أن يصفوهنّ لأبنائهم.

و استثنى أيضاً نساءهنّ و إضافة النساء إلى ضمير هنّ يلوّح إلى أنّ المراد النساء المؤمنات دون الكوافر كما مرّ في قوله تعالى:( أَوْ نِسائِهِنَّ ) النور: ٣١ و استثنى أيضاً ما ملكت أيمانهنّ من العبيد و الإماء.

و قوله:( وَ اتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ شَهِيداً ) فيه تأكيد الحكم و خاصّة من جهة الالتفات من الغيبة إلى الخطاب في( اتَّقِينَ اللهَ ) .

قوله تعالى: ( إِنَّ اللهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا

٣٥٩

عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً ) قد تقدّم أنّ أصل الصلاة الانعطاف فصلاته تعالى انعطافه عليه بالرحمة انعطافاً مطلقاً لم يقيّد في الآية بشي‏ء دون شي‏ء و كذلك صلاة الملائكة عليه انعطاف عليه بالتزكية و الاستغفار و هي من المؤمنين الدعاء بالرحمة.

و في ذكر صلاته تعالى و صلاة ملائكته عليه قبل أمر المؤمنين بالصلاة عليه دلالة على أنّ في صلاة المؤمنين له اتّباعاً لله سبحانه و ملائكته و تأكيداً للنهي الآتي.

و قد استفاضت الروايات من طرق الشيعة و أهل السنّة أنّ طريق صلاة المؤمنين أن يسألوا الله تعالى أن يصلّي عليه و آله.

قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ) من المعلوم أنّ الله سبحانه منزّه من أن يناله الأذى و كلّ ما فيه وصمة النقص و الهوان فذكره مع الرسول و تشريكه في إيذائه تشريف للرسول و إشارة إلى أنّ من قصد رسوله بسوء فقد قصده أيضاً بالسوء إذ ليس للرسول بما أنّه رسول إلّا ربّه فمن قصده فقد قصد ربّه.

و قد أوعدهم باللّعن في الدنيا و الآخرة و اللعن هو الإبعاد من الرحمة و الرحمة الخاصّة بالمؤمنين هي الهداية إلى الاعتقاد الحقّ و حقيقة الإيمان، و يتبعه العمل الصالح فالإبعاد من الرحمة في الدنيا تحريمه عليه جزاء لعمله فيرجع إلى طبع القلوب كما قال:( لَعَنَّاهُمْ وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً ) المائدة: ١٣ و قال:( وَ لكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ) النساء: ٤٦ و قال:( أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى‏ أَبْصارَهُمْ ) سورة محمّد: ٢٣.

و أمّا اللعن في الآخرة فهو الإبعاد من رحمة القرب فيها و قد قال تعالى:( كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ) المطفّفين: ١٥.

ثمّ أوعدهم بأنّه أعدّ لهم - أي في الآخرة - عذاباً مهيناً و وصف العذاب بالمهين لأنّهم يقصدون باستكبارهم في الدنيا إهانة الله و رسوله فقوبلوا في الآخرة بعذاب يهينهم.

قوله تعالى: ( وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425