الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٦

الميزان في تفسير القرآن0%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 425

الميزان في تفسير القرآن

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي
تصنيف: الصفحات: 425
المشاهدات: 124193
تحميل: 6112


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 425 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 124193 / تحميل: 6112
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء 16

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

قوله تعالى: ( وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ) إلخ، الويل الهلاك و يستعمل للدّعاء بالهلاك و زجراً عمّا لا يرتضي، و هو في المقام زجرا عن التمنّي.

و القائلون بهذا القول هم المؤمنون أهل العلم بالله يخاطبون به اُولئك الجهلة الّذين تمنّوا أن يؤتوا مثل ما اُوتي قارون و عدّوه سعادة عظيمة على الإطلاق، و مرادهم أنّ ثواب الله خير لمن آمن و عمل صالحاً ممّا اُوتي قارون فإن كانوا مؤمنين صالحين فليتمنّوه.

و قوله:( وَ لا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ ) التلقية التفهيم و التلقّي التفهّم و الأخذ، و الضمير - على ما قالوا - للكلمة المفهومة من السياق، و المعنى: و ما يفهم هذه الكلمة و هي قولهم:( ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ) إلّا الصابرون.

و قيل: الضمير للسيرة أو الطريقة و معنى تلقّيها فهمها أو التوفيق للعمل بها.

و الصابرون هم المتلبّسون بالصبر عند الشدائد و على الطاعات و عن المعاصي، و وجه كونهم هم المتلقّين لهذه الكلمة أو السيرة أو الطريقة أنّ التصديق بكون ثواب الآخرة خيراً من الحظّ الدنيوي - و هو لا ينفكّ عن الإيمان و العمل الصالح الملازمين لترك كثير من الأهواء و الحرمان عن كثير من المشتهيات - لا يتحقّق إلّا ممّن له صفة الصبر على مرارة مخالفة الطبع و عصيان النفس الأمّارة.

قوله تعالى: ( فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ ) إلى آخر الآية، الضميران لقارون و الجملة متفرّعة على بغيه.

و قوله:( فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَ ما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ ) الفئة الجماعة يميل بعضهم إلى بعض، و في النصر و الانتصار معنى المنع و الامتناع، و محصّل المعنى: فما كان له جماعة يمنعونه العذاب و ما كان من الممتنعين على خلاف ما كان يظنّ أنّ الّذي يجلب إليه الخير و يدفع عنه الشرّ هو قوّته و جمعه اللّذان اكتسبهما بعلمه فلم يقه جمعه و لم تفده قوّته من دون الله و بان أنّ الله سبحانه هو الّذي آتاه ما آتاه.

فالفاء في قوله:( فَما كانَ ) لتفريع الجملة على قوله:( فَخَسَفْنا بِهِ ) إلخ، أي فظهر بخسفنا به و بداره الأرض بطلان ما كان يدّعيه لنفسه من الاستحقاق و الاستغناء عن الله

٨١

سبحانه و أنّ الّذي يجلب إليه الخير و يدفع عنه الشرّ هو قوّته و جمعه و قد اكتسبهما بنبوغه العلميّ.

قوله تعالى: ( وَ أَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ يَقْدِرُ ) إلخ، ذكروا أنّ( وي ) كلمة تندّم و ربّما تستعمل للتعجّب و كلا المعنيين يقبلان الانطباق على المورد و إن كان التندّم أسبق إلى الذهن.

و قوله:( وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ يَقْدِرُ ) اعتراف منهم ببطلان ما كان يزعمه قارون و هم يصدّقونه أنّ القوّة و الجمع في الدنيا بنبوغ الإنسان في علمه و جودة تدبيره لا بفضل من الله سبحانه بل سعة الرزق و ضيقه بمشيّة من الله.

و المقام مقام التحقيق دون التشبيه المناسب للشكّ و التردّد لكنّهم إنّما استعملوا في كلامهم( وَيْكَأَنَّ ) للدلالة على ابتداء تردّدهم في قول قارون و قد قبلوه و صدّقوه من قبل و هذه صنعة شائعة في الاستعمال.

و الدليل على ذلك قولهم بعده:( لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا ) على طريق الجزم و التحقيق.

و قوله:( وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ ) تندّم منهم ثانياً و انتزاع ممّا كان لازم تمنّيهم مكان قارون.

قوله تعالى: ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) الآية و ما بعدها بمنزلة النتيجة المستخرجة من القصّة.

و قوله:( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ ) الإشارة إليها بلفظ البعيد للدلالة على شرفها و بهائها و علوّ مكانتها و هو الشاهد على أنّ المراد بها الدار الآخرة السعيدة و لذا فسّروها بالجنّة.

و قوله:( نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً ) أي نختصّها بهم و إرادة العلوّ هو الاستعلاء و الاستكبار على عباد الله و إرادة الفساد فيها ابتغاء معاصي الله تعالى فإنّ الله بنى شرائعه الّتي هي تكاليف للإنسان على مقتضيات فطرته و خلقته و لا تقتضي فطرته إلّا ما يوافق النظام الأحسن الجاري في الحياة الإنسانيّة الأرضيّة

٨٢

فكلّ معصية تقضي إلى فساد في الأرض بلا واسطة أو بواسطة، قال تعالى:( ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ) الروم: 41.

و من هنا ظهر أنّ إرادة العلوّ من مصاديق إرادة الفساد و إنّما اُفردت و خصّت بالذكر اعتناء بأمرها، و محصّل المعنى: تلك الدار الآخرة السعيدة تخصّها بالّذين لا يريدون فساداً في الأرض بالعلوّ على عباد الله و لا بأيّ معصية اُخرى.

و الآية عامّة يخصّصها قوله تعالى:( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً ) النساء: 31.

و قوله:( وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) أي العاقبة المحمودة الجميلة و هي الدار الآخرة السعيدة أو العاقبة السعيدة في الدنيا و الآخرة لكن سياق الآيتين يؤيّد الأوّل.

قوله تعالى: ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ) أي لأنّها تتضاعف له بفضل من الله، قال تعالى:( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ) الأنعام: 160.

قوله تعالى: ( وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) أي لا يزيدون على ما عملوا شيئاً و فيه كمال العدل، كما أنّ في جزاء الحسنة بخير منها كمال الفضل.

و كان مقتضى الظاهر في قوله:( فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا ) إلخ، الإضمار و لعلّ في وضع الموصول موضع الضمير إشارة إلى أنّ هذا الجزاء إنّما هو لمن أكثر من اقتراف المعصية و أحاطت به الخطيئة كما يفيده جمع السيّئات، و قوله:( كانُوا يَعْمَلُونَ ) الدالّ على الإصرار و الاستمرار، و أمّا من جاء بالسيّئة و الحسنة فمن المرجوّ أن يغفر الله له كما قال:( وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) التوبة: 102.

و ليعلم أنّ الملاك في الحسنة و السيّئة على الأثر الحاصل منها عند الإنسان و بها تسمّى الأعمال حسنة أو سيّئة و عليها - لا على متن العمل الخارجيّ الّذي هو نوع من الحركة - يثاب الإنسان أو يعاقب، قال تعالى:( وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ ) البقرة: 284.

٨٣

و به يظهر الجواب عمّا استشكل على إطلاق الآية بأنّ التوحيد حسنة و لا يعقل خير منه و أفضل، فالآية إمّا خاصّة بغير الاعتقادات الحقّة أو مخصّصة بالتوحيد.

و ذلك أنّ الأثر الحاصل من التوحيد يمكن أن يفرض ما هو خير منه و إن لم يقبله التوحيد بحسب الاعتبار.

على أنّ التوحيد أيّاً مّا فرض يقبل الشدّة و الضعف و الزيادة و النقيصة و إذا ضوعف عند الجزاء كما تقدّم كان مضاعفه خيراً من غيره.

( بحث روائي)

في الدرّ المنثور، أخرج ابن أبي شيبة في المصنّف و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و الحاكم و صحّحه و ابن مردويه عن ابن عبّاس أنّ قارون كان من قوم موسى، قال: كان ابن عمّه و كان يبتغي العلم حتّى جمع علماً فلم يزل في أمره ذلك حتّى بغى على موسى و حسده.

فقال له موسىعليه‌السلام : إنّ الله أمرني أن آخذ الزكاة فأبى فقال: إنّ موسى يريد أن يأكل أموالكم جاءكم بالصلاة و جاءكم بأشياء فاحتملتموها فتحتملوه أن تعطوه أموالكم؟ قالوا: لا نحتمل فما ترى؟ فقال لهم: أرى أن أرسل إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل فنرسلها إليه فترميه بأنّه أرادها على نفسها فأرسلوا إليها فقالوا لها: نعطيك حكمك على أن تشهدي على موسى أنّه فجر بك. قالت نعم.

فجاء قارون إلى موسىعليه‌السلام قال: اجمع بني إسرائيل فأخبرهم بما أمرك ربّك قال: نعم، فجمعهم فقالوا له: بم أمرك ربّك؟ قال: أمرني أن تعبدوا الله و لا تشركوا به شيئاً و أن تصلوا الرحم و كذا و كذا و قد أمرني في الزاني إذا زنى و قد أحصن أن يرجم. قالوا: و إن كنت أنت؟ قال: نعم. قالوا: فإنّك قد زنيت، قال: أنا؟

فأرسلوا إلى المرأة فجاءت فقالوا: ما تشهدين على موسى؟ فقال لها موسىعليه‌السلام : أنشدتك بالله إلّا ما صدقت. قالت: أما إذا نشدتني فإنّهم دعوني و جعلوا

٨٤

لي جعلاً على أن أقذفك بنفسي و أنا أشهد أنّك بري‏ء و أنّك رسول الله.

فخرّ موسىعليه‌السلام ساجداً يبكي فأوحى الله إليه: ما يبكيك؟ قد سلطناك على الأرض فمرها فتطيعك، فرفع رأسه فقال: خذيهم فأخذتهم إلى أعقابهم فجعلوا يقولون: يا موسى يا موسى فقال: خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم فجعلوا يقولون: يا موسى يا موسى فقال: خذيهم فغيّبتهم فأوحى الله: يا موسى سألك عبادي و تضرّعوا إليك فلم تجبهم فوعزّتي لو أنّهم دعوني لأجبتهم.

قال ابن عبّاس: و ذلك قوله تعالى:( فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ ) خسف به إلى الأرض السفلى.

أقول: و روي فيه، أيضاً عن عبدالرزّاق و ابن أبي حاتم عن ابن نوفل الهاشميّ القصّة لكن فيها أنّ المرأة اُحضرت إلى مجلس قارون لتشهد عند الملإ من بني إسرائيل على موسىعليه‌السلام بالفجور و تشكوه إلى قارون فجاءت إليه و اعترفت عند الملإ بالحقّ فبلغ ذلك موسىعليه‌السلام فشكاه إلى ربّه فسلّطه الله عليه.

و روى القمّيّ في تفسيره، في القصّة أنّ موسىعليه‌السلام جاء إلى قارون و بلّغه حكم الزكاة فاستهزأ به و أخرجه من داره فشكاه إلى ربّه فسلّطه الله عليه فخسف به و بداره الأرض‏، و الرواية موقوفة مشتملة على اُمور منكرة و لذلك تركنا نقلها كما أنّ روايتي ابن عبّاس و ابن نوفل أيضاً موقوفتان.

على أنّ رواية ابن عبّاس تقصّص بغيه على موسىعليه‌السلام و الّذي تقصّه الآيات بغيه على بني إسرائيل، و تشير إلى أنّ العلم الّذي عنده هو ما حصّله بالتعلّم و ظاهر الآية كما مرّ أنّه العلم بطرق تحصيل الثروة و نحوها.

و قد سيقت القصّة في التوراة الحاضرة على نحو آخر ففي الإصحاح السادس عشر من سفر العدد: و أخذ قورح بن بصهار بن نهات بن لاوي و داثان و أبيرام ابنا ألياب و اُون بن فالت بنو راُوبين يقاومون موسى مع اُناس من بني إسرائيل مائتين و خمسين رؤساء الجماعة مدعوّين للاجتماع ذوي اسم. فاجتمعوا على موسى و هارون و قالوا لهما كفاكما. إنّ كلّ الجماعة بأسرها مقدّسة و في وسطها الربّ فما بالكما ترتفعان

٨٥

على جماعة الربّ؟

فلمّا سمع موسى سقط على وجهه ثمّ كلّم قورح و جميع قومه قائلاً: غداً يعلن الربّ من هو له؟ و من المقدس؟ حتّى يقرّبه إليه فالّذي يختاره يقرّبه إليه. افعلوا هذا: خذوا لكم محابر قورح و كلّ جماعته و اجعلوا فيها ناراً و ضعوا عليها بخوراً أمام الربّ غدا فالرجل الّذي يختاره الربّ هو المقدّس. كفاكم يا بني لاوي.

ثمّ سيقت القصّة و ذكر فيها حضورهم غدا و مجيئهم بالمجامر و فيها النار و البخور و اجتماعهم على باب خيمة الاجتماع ثمّ قيل: انشقّت الأرض الّتي تحتهم و فتحت الأرض فاها و ابتلعتهم و بيوتهم و كلّ من كان لقورح مع كلّ الأموال فنزلوا هم و كلّ ما كان لهم أحياء إلى الهاوية فانطبقت عليهم الأرض فبادوا من بين الجماعة، و كلّ إسرائيل الّذين حولهم هربوا من صوتهم، لأنّهم قالوا: لعلّ الأرض تبتلعنا، و خرجت نار من عند الربّ و أكلت المائتين و الخمسين رجلاً الّذين قرّبوا البخور. انتهى موضع الحاجة.

و في المجمع في قوله تعالى:( إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى) : و هو ابن خالته: عن عطاء عن ابن عبّاس و هو المرويّ عن أبي عبداللهعليه‌السلام .

و في تفسير القمّيّ، في قوله تعالى:( ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ ) الآية، قال: كان يحمل مفاتيح خزائنه العصبة اُولوا القوّة.

و في المعاني، بإسناده عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفرعليه‌السلام عن أبيه عن جدّه عن آبائه عن عليّعليه‌السلام : في قول الله عزّوجلّ:( وَ لا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا ) قال: لا تنس صحّتك و قوّتك و فراغك و شبابك و نشاطك أن تطلب بها الآخرة.

و في تفسير القمّيّ، في قوله تعالى:( فَخَرَجَ عَلى‏ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ) قال: في الثياب المصبّغات يجرّها بالأرض.

و في المجمع، و روى زاذان عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام : أنّه كان يمشي في الأسواق و هو وال يرشد الضالّ و يعين الضعيف و يمرّ بالبيّاع و البقّال فيفتح عليه القرآن و يقرأ:( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً ) و يقول:

٨٦

نزلت هذه الآية في أهل العدل و التواضع من الولاة و أهل القدرة من سائر الناس.

و فيه، روى سلام الأعرج عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام قال: الرجل ليعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الآية( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ ) الآية.

أقول: و عن السيد ابن طاووس في سعد السعود، أنّه رواه عن الطبرسيّ هكذا: إنّ الرجل ليعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها.

و في الدرّ المنثور، أخرج المحامليّ و الديلميّ عن أبي هريرة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : في الآية قال: التجبّر في الأرض و الأخذ بغير الحقّ.

٨٧

( سورة القصص الآيات 85 - 88)

إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ  قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ( 85 ) وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ  فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلْكَافِرِينَ ( 86 ) وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ  وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ  وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( 87 ) وَلَا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ  لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ  كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ  لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( 88 )

( بيان)

الآيات خاتمة السورة و فيها وعد جميل للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ الله سبحانه سيمنّ عليه برفع قدره و نفوذ كلمته و تقدّم دينه و انبساط الأمن و السلام عليه و على المؤمنين به كما فعل ذلك بموسى و بني إسرائيل، و قد كانت قصّة موسى و بني إسرائيل مسوقة في السورة لبيان ذلك.

قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ ) إلى آخر الآية الفرض - على ما ذكروه - بمعنى الإيجاب فمعنى( فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ ) أي أوجب عليك العمل به أي بما فيه من الأحكام ففيه مجاز في النسبة.

و أحسن منه قول بعضهم: إنّ المعنى أوجب عليك تلاوته و تبليغه و العمل به و ذلك لكونه أوفق لقوله:( لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ ) بما سيجي‏ء من معناه.

و قوله:( لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ ) المعاد اسم مكان أو زمان من العود و قد اختلفت كلماتهم في تفسير هذا المعاد فقيل: هو مكّة فالآية وعد له أنّ الله سيردّه بعد هجرته إلى مكّة ثانياً، و قيل: هو الموت، و قيل: هو القيامة، و قيل: هو المحشر، و قيل هو المقام المحمود و

٨٨

هو موقف الشفاعة الكبرى، و قيل: هو الجنّة، و قيل: هو بيت المقدس، و هو في الحقيقة وعد بمعراج ثان يعود فيه إلى بيت المقدس بعد ما كان دخله في المعراج الأوّل: و قيل: هو الأمر المحبوب فيقبل الانطباق على جلّ الأقوال السابقة أو كلّها.

و الّذي يعطيه التدبّر في سياق آيات السورة هو أن تكون الآية تصريحاً بما كانت القصّة المسرودة في أوّل السورة تلوّح إليه ثمّ الآيات التالية لها تؤيّده.

فإنّه تعالى أورد قصّة بني إسرائيل و موسىعليه‌السلام في أوّل السورة ففصّل القول في أنّه كيف منّ عليهم بالأمن و السلام و العزّة و التمكّن بعد ما كانوا أذلّاء مستضعفين بأيدي آل فرعون يذبّحون أبناءهم يستحيون نساءهم، و قد كانت القصّة تدلّ بالالتزام - و مطلع السورة يؤيّده - على وعد جميل للمؤمنين أنّ الله سبحانه سينجّيهم ممّا هم عليه من الفتنة و الشدّة و العسرة و يظهر دينهم على الدين كلّه و يمكّنهم في الأرض بعد ما كانوا لا سماء تظلّهم و لا أرض تقلّهم.

ثمّ ذكر بعد الفراغ من القصّة أنّ من الواجب في الحكمة أن ينزّل كتاباً يهدي الناس إلى الحقّ تذكرة و إتماماً للحجّة ليتّقوا بذلك من عذاب الله كما نزّله على موسى بعد ما أهلك القرون الاُولى و كما نزل على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و إن كذّبوا به عناداً للحقّ و إيثاراً للدنيا على الآخرة.

و هذا السياق يرجي السامع أنّه تعالى سيتعرّض صريحاً لما أشار إليه في سرد القصّة تلويحاً فإذا سمع قوله:( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ ) لم يلبث دون أن يفهم أنّه هو الوعد الجميل الّذي كان يترقّبه و خاصّة مع الابتداء بقوله:( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ ) و قد قدّم تنظير التوراة بالقرآن و قد كان ما قصّه في إنجاء بني إسرائيل مقدّمة لنزول التوراة حتّى يكونوا بالأخذ بها و العمل بها أئمّة و يكونوا هم الوارثين.

فمعنى الآية: أنّ الّذي فرض عليك القرآن لتقرأه على الناس و تبلّغه و تعملوا به سيردّك و يصيّرك إلى محلّ تكون هذه الصيرورة منك إليه عوداً و يكون هو معاداً لك كما فرض التوراة على موسى و رفع به قدره و قدر قومه، و من المعلوم أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٨٩

كان بمكّة على ما فيها من الشدّة و الفتنة ثمّ هاجر منها ثمّ عاد إليها فاتحاً مظفّراً و ثبتت قواعد دينه و استحكمت أركان ملّته و كسرت الأصنام و انهدم بنيان الشرك و المؤمنون هم الوارثون للأرض بعد ما كانوا أذلّاء معذّبين.

و في تنكير قوله:( مَعادٍ ) إشارة إلى عظمة قدر هذا العود و أنّه لا يقاس إلى ما قبله من القطون بها و التاريخ يصدّقه.

و قوله:( قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى‏ وَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) يؤيّد ما قدّمنا من المعنى فإنّه يحاذي قول موسىعليه‌السلام - لمّا كذّبوه و رموا آياته البيّنات بأنّها سحر مفترى -:( رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى‏ مِنْ عِنْدِهِ وَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ ) فأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقول للفراعنة من مشركي قومه لمّا كذّبوه و رموه بالسحر ما قال موسى لآل فرعون لمّا كذّبوه و رموه بالسحر للتشابه التامّ بين مبعثيهما و سير دعوتهما كما يظهر من القصّة و يظهر ذلك تمام الظهور بالتأمّل في قوله تعالى:( إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى‏ فِرْعَوْنَ رَسُولًا ) المزمل: 15.

و لعلّ الاكتفاء بالشطر الأوّل من قول موسىعليه‌السلام و السكوت عن الشطر الثاني أعني قوله:( وَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ ) لبناء الكلام بحسب سياقه على أن لا يتعدّى حدّ الإشارة و الإيماء كما يستشمّ من سياق قوله:( لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ ) أيضاً حيث خصّ الخطاب بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و نكّر معاداً.

و كيف كان فالمراد بقوله:( مَنْ جاءَ بِالْهُدى) النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه و بقوله:( وَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) المشركون من قومه، و اختلاف سياق الجملتين - حيث قيل في جانبهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( مَنْ جاءَ بِالْهُدى) و في جانبهم:( مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) فقوبل بين ضلالهم و بين مجيئه بالهدى لا بين ضلالهم و اهتدائه - لكون تكذيبهم متوجّهاً بالطبع إلى ما جاء به لا إلى نفسه.

و قد ذكروا في قوله:( أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى) أنّ( مَنْ ) منصوب بفعل مقدّر يدلّ عليه( أَعْلَمُ ) و التقدير يعلم من جاء به بناء على ما هو المشهور أنّ أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به، و ذكر بعضهم أنّه منصوب بأعلم و هو بمعنى عالم و لا دليل عليه، و

٩٠

ما أذكر قائلاً بأنّه منصوب بنزع الخافض و إن لم يظهر فيه النصب لبنائه و التقدير ربّي أعلم بمن جاء بالهدى، و لا دليل على منعه.

قوله تعالى: ( وَ ما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى‏ إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ ) صدر الآية تقرير للوعد الّذي في قوله:( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ ) أي أنّه سيردّك إلى معاد - و ما كنت ترجوه كما ألقى إليك الكتاب و ما كنت ترجوه.

و قيل: تذكرة استينافيّة لنعمته تعالى عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و هذا وجه وجيه و تقريره أنّه تعالى لمّا وعده بالردّ إلى معاد و فيه ارتفاع ذكره و تقدّم دعوته و انبساط دينه خطّ له السبيل الّتي يجب عليه سلوكها بجهد و مراقبة فبيّن له أنّ إلقاء الكتاب إليه لم يكن على نهج الحوادث العاديّة الّتي من شأنها أن ترتجى و تترقّب بل كانت رحمة خاصّة من ربّه و قد وعده في فرضه عليه ما وعده فمن الواجب عليه قبال هذه النعمة و في تقدّم دعوته و بلوغها الغاية الّتي وعدها أن لا ينصر الكافرين و لا يطيعهم و يدعو إلى ربّه و لا يكون من المشركين و لا يدعو معه إلهاً آخر.

و قوله:( إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ) استثناء منقطع أي لكنّه اُلقى إليك رحمة من ربّك و ليس بإلقاء عاديّ يرجى مثله.

و قوله:( فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ ) تفريع على قوله:( إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ) أي فإذا كان إلقاؤه إليك رحمة من ربّك خصّك بها و هو فوق رجائك فتبرّء من الكافرين و لا تكن معيناً و ناصراً لهم.

و من المحتمل قريباً أن يكون في الجملة نوع محاذاة لقول موسىعليه‌السلام - لمّا قتل القبطيّ -:( رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ ) و على هذا يكون في النهي عن إعانتهم إشارة إلى أنّ إلقاء الكتاب إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نعمة أنعمها الله عليه يهدي به إلى الحقّ و يدعو إلى التوحيد فعليه أن لا يعين الكافرين على كفرهم و لا يميل إلى صدّهم إيّاه عن آيات الله بعد نزولها عليه كما عاهد موسىعليه‌السلام ربّه بما أنعم عليه من الحكم و العلم أن لا يكون ظهيراً للمجرمين أبداً، و سيأتي أنّ قوله:( وَ لا يَصُدُّنَّكَ )

٩١

إلخ، بمنزلة الشارح لهذه الجملة.

قوله تعالى: ( وَ لا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ ) إلى آخر الآية، نهي لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الانصراف عن آيات الله بلسان نهي الكفّار عن الصدّ و الصرف و وجهه كون انصرافه مسبّباً لصدّهم و هو كقوله لآدم و زوجه:( فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ ) أي لا تخرجاً منها بإخراجه لكما بالوسوسة.

و الظاهر أنّ الآية و ما بعدها في مقام الشرح لقوله:( فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ ) و فائدته تأكيد النهي بعد موارده واحداً بعد واحد فنهاه أوّلاً عن الانصراف عن القرآن النازل عليه برميهم كتاب الله بأنّه سحر أو شعر أو كهانة أو أساطير الأوّلين اكتتبها، و أمره ثانياً أن يدعو إلى ربّه، و نهاه ثالثاً أن يكون من المشركين و فسّره بأن يدعو مع الله إلهاً آخر.

و قد كرّر صفة الربّ مضافاً إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للدلالة على اختصاصه بالرحمة و النعمة و أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متفرّد في عبادته لا يشاركه المشركون فيها.

قوله تعالى: ( وَ لا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ) قد تقدّم أنّه كالتفسير لقوله:( وَ لا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) .

قوله تعالى: ( لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) كلمة الإخلاص في مقام التعليل لقوله قبله:( وَ لا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ) أي لأنّه لا إله غيره و ما بعدها في مقام التعليل بالنسبة إليها كما سيتّضح.

و قوله:( كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) الشي‏ء مساو للموجود و يطلق على كلّ أمر موجود حتّى عليه تعالى كما يدلّ عليه قوله:( قُلْ أَيُّ شَيْ‏ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ ) الأنعام: 19، و الهلاك البطلان و الانعدام.

و الوجه و الجهة واحد كالوعد و العدة، و وجه الشي‏ء في العرف العامّ ما يستقبل به غيره و يرتبط به إليه كما أنّ وجه الجسم السطح الظاهر منه و وجه الإنسان النصف المقدّم من رأسه و وجهه تعالى ما يستقبل به غيره من خلقه و يتوجّه إليه خلقه به و هو صفاته الكريمة من حياة و علم و قدرة و سمع و بصر و ما ينتهي إليها من صفات الفعل كالخلق

٩٢

و الرزق و الإحياء و الإماتة و المغفرة و الرحمة و كذا آياته الدالّة عليه بما هي آياته.

فكلّ شي‏ء هالك في نفسه باطل في ذاته لا حقيقة له إلّا ما كان عنده ممّا أفاضه الله عليه و أمّا ما لا ينسب إليه تعالى فليس إلّا ما اختلقه وهم المتوهّم أو سراباً صوّره الخيال و ذلك كالأصنام ليس لها من الحقيقة إلّا أنّها حجارة أو خشبة أو شي‏ء من الفلزّات و أمّا أنّها أرباب أو آلهة أو نافعة أو ضارّة أو غير ذلك فليست إلّا أسماء سمّاها عبدتهم و كالإنسان ليس له من الحقيقة إلّا ما أودعه فيه الخلقة من الروح و الجسم و ما اكتسبه من صفات الكمال و الجميع منسوبة إلى الله سبحانه و أمّا ما يضيفه إليه العقل الاجتماعيّ من قوّة و سلطة و رئاسة و وجاهة و ثروة و عزّة و أولاد و أعضاد فليس إلّا سراباً هالكاً و اُمنيّة كاذبة و على هذا السبيل سائر الموجودات.

فليس عندها من الحقيقة إلّا ما أفاض الله عليها بفضله و هي آياته الدالّة على صفاته الكريمة من رحمة و رزق و فضل و إحسان و غير ذلك.

فالحقيقة الثابتة في الواقع الّتي ليست هالكة باطلة من الأشياء هي صفاته الكريمة و آياته الدالّة عليها و الجميع ثابتة بثبوت الذات المقدّسة.

هذا على تقدير كون المراد بالهالك في الآية الهالك بالفعل و على هذا يكون محصّل تعليل كلمة الإخلاص بقوله:( كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) أنّ الإله و هو المعبود بالحقّ إنّما يكون إلهاً معبوداً إذا كان أمراً ذا حقيقة واقعيّة غير هالك و لا باطل له تدبير في العالم بهذا النعت و كلّ شي‏ء غيره تعالى هالك باطل في نفسه إلّا ما كان وجهاً له منتسباً إليه فليس في الوجود إله غيره سبحانه.

و الوثنيّون و إن كانوا يرون وجود آلهتهم منسوباً إليه تعالى و من جهته إلّا أنّهم يجعلونها مستقلّة في التدبير مقطوعة النسبة في ذلك عنه من دون أن يكون حكمها حكمه، و لذلك يعبدونها من دون الله، و لا استقلال لشي‏ء في شي‏ء عنه تعالى فلا يستحقّ العبادة إلّا هو.

و ههنا وجه آخر أدقّ منه بناء على أنّ المراد بالوجه ذات الشي‏ء فقد ذكر بعضهم ذلك من معاني الوجه كما يقال: وجه النهار و وجه الطريق لنفسهما و إن أمكنت

٩٣

المناقشة فيه، و ذكر بعض آخر: أنّ المراد به الذات الشريفة كما يقال: وجوه الناس أي أشرافهم و هو من المجاز المرسل أو الاستعارة و على كلا التقديرين فالمراد أنّ غيره تعالى من الموجودات ممكنة و الممكن و إن كان موجوداً بإيجاده تعالى فهو معدوم بالنظر إلى حدّ ذاته هالك في نفسه و الّذي لا سبيل للبطلان و الهلاك إليه هو ذاته الواجبة بذاتها.

و محصّل التعليل على هذا المعنى: أنّ الإله المعبود بالحقّ يجب أن يكون ذاتاً بيده شي‏ء من تدبير العالم، و التدبير الكونيّ لا ينفكّ عن الخلق و الإيجاد فلا معنى لأن يوجد الحوادث شي‏ء و يدبّر أمرها شي‏ء آخر - و قد أوضحناه مراراً في هذا الكتاب - و لا يكون الخالق الموجد إلّا واجب الوجود و لا واجب إلّا هو تعالى فلا إله إلّا هو.

و قولهم: إنّه تعالى أجلّ من أن يحيط به عقل أو وهم فلا يمكن التوجّه العباديّ إليه فلا بدّ أن يتوجّه بالعبادة إلى بعض مقرّبي حضرته من الملائكة الكرام و غيرهم ليكونوا شفعاء عنده.

مدفوع بمنع توقّف التوجّه بالعبادة على العلم الإحاطيّ بل يكفي فيه المعرفة بوجه و هو حاصل بالضرورة.

و أمّا على تقدير كون المراد بالهالك ما يستقبله الهلاك و الفناء بناء على ما قيل: إنّ اسم الفاعل ظاهر في الاستقبال فظاهر الآية أنّ كلّ شي‏ء سيستقبله الهلاك بعد وجوده إلّا وجهه. نعم استقبال الهلاك يختلف باختلاف الأشياء فاستقباله في الزمانيّات انتهاء أمد وجودها و بطلانها بعده و في غيرها كون وجودها محاطاً بالفناء من كلّ جانب.

و هلاك الأشياء على هذا بطلان وجودها الابتدائي و خلوّ النشأة الاُولى عنها بانتقالها إلى النشأة الاُخرى و رجوعها إلى الله و استقرارها عنده، و أمّا البطلان المطلق بعد الوجود فصريح كتاب الله ينفيه فالآيات متتابعة في أنّ كلّ شي‏ء مرجعه إلى الله و أنّه المنتهى و إليه الرّجعى و هو الّذي يبدئ الخلق ثمّ يعيده.

فمحصّل معنى الآية - لو اُريد بالوجه صفاته الكريمة - أنّ كلّ شي‏ء سيخلّي

٩٤

مكانه و يرجع إليه إلّا صفاته الكريمة الّتي هي مبادئ فيضه فهي تفيض ثمّ تفيض إلى ما لا نهاية له و الإله يجب أن يكون كذلك لا بطلان لذاته و لا انقطاع لصفاته الفيّاضة و ليس شي‏ء غيره تعالى بهذه الصفة فلا إله إلّا هو.

و لو اُريد بوجهه الذات المقدّسة فالمحصّل أنّ كلّ شي‏ء سيستقبله الهلاك و الفناء بالرجوع إلى الله سبحانه إلّا ذاته الحقّة الثابتة الّتي لا سبيل للبطلان إليها - و الصفات على هذا محسوبة من صقع الذات - و الإله يجب أن يكون بحيث لا يتطرّق الفناء إليه و ليس شي‏ء غيره بهذه الصفة فلا إله إلّا هو.

و بما تقدّم من التقرير يندفع الاعتراض على عموم الآية بمثل الجنّة و النار و العرش فإنّ الجنّة و النار لا تنعدمان بعد الوجود و تبقيان إلى غير النهاية، و العرش أيضاً كذلك بناء على ما ورد في بعض الروايات أنّ سقف الجنّة هو العرش.

وجه الاندفاع أنّ المراد بالهلاك هو تبدّل نشأة الوجود و الرجوع إلى الله المعبّر عنه بالانتقال من الدنيا إلى الآخرة و التلبّس بالعود بعد البدء، و هذا إنّما يكون فيما هو موجود بوجود بدئيّ دنيويّ، و أمّا الدار الآخرة و ما هو موجود بوجود اُخروي كالجنّة و النار فلا يتّصف شي‏ء من هذا القبيل بالهلاك بهذا المعنى.

قال تعالى:( ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَ ما عِنْدَ اللهِ باقٍ ) النحل: 96، و قال:( وَ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ ) آل عمران: 198 و قال:( سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللهِ وَ عَذابٌ شَدِيدٌ ) الأنعام: 124 و نظيرتهما خزائن الرحمة كما قال:( وَ إِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ ) الحجر: 21 و كذا اللوح المحفوظ كما قال:( وَ عِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ ) ق: 4.

و أمّا ما ذكروه من العرش فقد تقدّم الكلام فيه في تفسير قوله تعالى:( إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ ) الآية الأعراف: 54.

و يمكن أن يراد بالوجه جهته تعالى الّتي تنسب إليه و هي الناحية الّتي يقصد منها و يتوجّه إليه بها، و تؤيّده كثرة استعمال الوجه في كلامه تعالى بهذا المعنى كقوله:( يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ) الأنعام: 52 و قوله:( إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى)

٩٥

الليل: 20 إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة جدّاً.

و عليه فتكون عبارة عن كلّ ما ينسب إليه وحده فإن كان الكلام على ظاهر عمومه انطبق على الوجه الأوّل الّذي أوردناه و يكون من مصاديقه أسماؤه و صفاته و أنبياؤه و خلفاؤه و دينه الّذي يؤتى منه.

و إن خصّ الوجه بالدين فحسب - كما وقع في بعض الروايات إن لم يكن من باب التطبيق - كان المراد بالهلاك الفساد و عدم الأثر، و كانت الجملة تعليلاً لقوله:( وَ لا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ) و كان ما قبلها قرينة على أنّ المراد بالشي‏ء الدين و الأعمال المتعلّقة به و كان محصّل المعنى: و لا تتديّن بغير دين التوحيد لأنّ كلّ دين باطل لا أثر له إلّا دينه.

و الأنسب على هذا أن يكون الحكم في ذيل الآية بمعنى الحكم التشريعيّ أو الأعمّ منه و من التكوينيّ و المعنى: كلّ دين هالك إلّا دينه لأنّ تشريع الدين إليه و إليه ترجعون لا إلى مشرّعي الأديان الاُخر.

هذا ما يعطيه التدبّر في الآية الكريمة و للمفسّرين فيها أقوال اُخر مختلفة.

فقيل: المراد بالوجه ذاته تعالى المقدّسة و بالهلاك الانعدام، و المعنى: كلّ شي‏ء في نفسه عرضة للعدم لكون وجوده عن غيره إلّا ذاته الواجبة الوجود، و الكلام على هذا مبنيّ على التشبيه أي كلّ شي‏ء غيره كالهالك لاستناد وجوده إلى غيره.

و قيل: الوجه بمعنى الذات و المراد به ذات الشي‏ء و الضمير لله باعتبار أنّ وجه الشي‏ء مملوك له، و المعنى: كلّ شي‏ء هالك إلّا وجه الله الّذي هو ذات ذلك الشي‏ء و وجوده.

و قيل: المراد بالوجه الجهة المقصودة و الضمير لله، و المعنى: كلّ شي‏ء هالك بجميع ما يتعلّق به إلّا الجهة المنسوبة إليه تعالى و هو الوجود الّذي أفاضه الله تعالى عليه.

و قيل: الوجهة هو الجهة المقصودة و المراد به الله سبحانه الّذي يتوجّه إليه كلّ شي‏ء و الضمير للشي‏ء، و المعنى: كلّ شي‏ء هالك إلّا الله الّذي هو الجهة المطلوبة له.

و قيل: المراد بالهلاك هلاك الموت و العموم مخصوص بذوي الحياة و المعنى: كلّ ذي حياة فإنّه سيموت إلّا وجهه.

٩٦

و قيل: المراد بالوجه العمل الصالح و المعنى أنّ العمل كان في حيّز العدم، فلمّا فعله العبد ممتثلاً لأمره تعالى أبقاه الله من غير إحباط حتّى يثيبه أو أنّه بالقبول صار غير قابل للهلاك لأنّ الجزاء قائم مقامه و هو باق.

و قيل: المراد بالوجه جاهه تعالى الّذي أثبته في الناس.

و قيل: الهلاك عامّ لجميع ما سواه تعالى دائماً لكون الوجود المفاض عليها متجدّداً في كلّ آن فهي متغيّرة هالكة دائماً في الدنيا و الآخرة و المعنى كلّ شي‏ء متغيّر الذات دائماً إلّا وجهه.

و هذه الوجوه بين ما لا ينطبق على سياق الآية و بين ما لا ينجح به حجّتها و بين ما هو بعيد عن الفهم، و بالتأمّل فيما قدّمناه يظهر ما في كلّ منها فلا نطيل.

و قوله:( لَهُ الْحُكْمُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) الحكم هو قضاؤه النافذ في الأشياء و عليه يدور التدبير في نظام الكون، و أمّا كونه بمعنى فصل القضاء يوم القيامة فيبعّده تقديم الحكم في الذكر على الرجوع إليه الّذي هو يوم القيامة فإنّ فصل القضاء متفرّع عليه.

و كلتا الجملتين مسوقتان للتعليل و كلّ واحدة منهما وحدها حجّة تامّة على توحّده تعالى بالاُلوهيّة صالحة للتعليل كلمة الإخلاص، و قد تقدّم إمكان أخذ الحكم على بعض الوجوه بمعنى الحكم التشريعيّ.

٩٧

( بحث روائي)

في الدرّ المنثور، أخرج ابن أبي شيبة و عبد بن حميد و البخاريّ و النسائيّ و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و ابن مردويه و البيهقيّ في الدلائل من طرق عن ابن عبّاس في قوله تعالى:( لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ ) قال: إلى مكّة. زاد ابن مردويه كما أخرجك منها.

أقول: و روي عنه و عن أبي سعيد الخدريّ أنّ المراد به الموت‏، و أيضاً عن عليّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّ المراد به الجنّة و انطباقهما على الآية لا يخلو من خفاء.

و روى القمّيّ في تفسيره، عن حريز عن أبي جعفرعليه‌السلام و عن أبي خالد الكابليّ عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام : أنّ المراد به الرجعة و لعلّه من البطن دون التفسير.

و في الإحتجاج، عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام في حديث طويل: و أمّا قوله( كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) فالمراد كلّ شي‏ء هالك إلّا دينه، لأنّ من المحال أن يهلك منه كلّ شي‏ء و يبقى الوجه. هو أجلّ و أعظم من ذلك و إنّما يهلك من ليس منه أ لا ترى أنّه قال:( كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَ يَبْقى‏ وَجْهُ رَبِّكَ ) ففصل بين خلقه و وجهه؟.

و في الكافي، بإسناده عن سيف عمّن ذكره عن الحارث بن المغيرة النصريّ قال: سئل أبوعبداللهعليه‌السلام عن قول الله تبارك و تعالى:( كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) فقال: ما يقولون فيه؟ قلت: يقولون: يهلك كلّ شي‏ء إلّا وجه الله فقال: سبحان الله لقد قالوا عظيماً إنّما عنى به وجه الله الّذي يؤتى منه.

أقول: و روى مثله في التوحيد، بإسناده عن الحارث بن المغيرة النصريّ عنهعليه‌السلام و لفظه: سألت أباعبداللهعليه‌السلام عن قول الله عزّوجلّ:( كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) قال: كلّ شي‏ء هالك إلّا من أخذ طريق الحقّ.

و في محاسن البرقيّ مثله إلّا أنّ آخره( من أخذ الطريق الّذي أنتم عليه) .

٩٨

و التشويش الّذي يتراءى في الروايات تطرّق إليها من جهة النقل بالمعنى، فإن كان المراد بالوجه الّذي يؤتى منه مطلق ما ينسب إليه و كان من صقعه تعالى و من جانبه كان منطبقاً على المعنى الأوّل الّذي قدّمناه في معنى الآية.

و إن كان الوجه بمعنى الدين الّذي يتوجّه إليه تعالى بقصده كان المراد بالهلاك البطلان و عدم التأثير و كان المعنى: لا إله إلّا هو كلّ دين باطل إلّا دينه الحقّ الّذي يؤتى منه فإنّه سينفع و يثاب عليه، و قد تقدّمت الإشارة إلى الوجهين في تفسير الآية.

و في تفسير القمّيّ، في قوله تعالى:( فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ ) قال: المخاطبة للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و المعنى للناس، و قوله:( وَ لا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ) المخاطبة للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و المعنى للناس، و هو قول الصادقعليه‌السلام إنّ الله بعث نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بإيّاك أعني، و اسمعي يا جارة.

٩٩

( سورة العنكبوت مكّيّة، و هي تسع و ستّون آية)

( سورة العنكبوت الآيات 1 - 13)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ الم ( 1 ) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ( 2 ) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ  فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ( 3 ) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا  سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ( 4 ) مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ  وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( 5 ) وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ  إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ( 6 ) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ( 7 ) وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا  وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا  إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ( 8 ) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ ( 9 ) وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ  أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ ( 10 ) وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ ( 11 ) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ  إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ( 12 ) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ  وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ( 13 )

١٠٠