الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٨

الميزان في تفسير القرآن13%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 429

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 429 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 120155 / تحميل: 6179
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٨

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

فهذه كانت سخريّتهما، و قيل: إنّها عيّرتها بالقصر، و أشارت بيدها أنّها قصيرة. عن الحسن.

و في الدرّ المنثور، أخرج أحمد و عبد بن حميد و البخاريّ في الأدب، و أبوداود و الترمذيّ و النسائيّ و ابن ماجة و أبويعلى و ابن جرير و ابن المنذر و البغويّ في معجمه، و ابن حبّان و الشيرازيّ في الألقاب، و الطبرانيّ و ابن السني في عمل اليوم و الليلة، و الحاكم و صحّحه و ابن مردويه و البيهقيّ في شعب الإيمان، عن أبي جبيرة بن الضحّاك قال: فينا نزلت في بني سلمة( وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ ) قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة و ليس فينا رجل إلّا و له اسمان أو ثلاثة فكان إذا دعا أحدهم باسم من تلك الأسماء قالوا: يا رسول الله إنّه يكره هذا الاسم فأنزل الله( وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ ) .

و فيه، أخرج ابن أبي حاتم عن السدّي: أنّ سلمان الفارسيّ كان مع رجلين في سفر يخدمهما و ينال من طعامهما و أنّ سلمان نام نوماً فطلبه صاحباه فلم يجداه فضربا الخباء و قالا ما يريد سلمان شيئاً غير هذا أن يجي‏ء إلى طعام معدود و خباء مضروب فلمّا جاء سلمان أرسلاه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يطلب لهما إداماً فانطلق فأتاه فقال: يا رسول الله بعثني أصحابي لتؤدمهم إن كان عندك. قال: ما يصنع أصحابك بالأدم؟ قد ائتدموا.

فرجع سلمان فخبّرهما فانطلقا فأتيا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالا: و الّذي بعثك بالحقّ ما أصبنا طعاماً منذ نزلنا. قال: إنّكما قد ائتدمتما سلمان بقولكما. فنزلت( أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً ) .

و فيه، أخرج الضياء المقدّسيّ عن أنس قال: كانت العرب يخدم بعضها بعضاً في الأسفار و كان مع أبي بكر و عمر رجل يخدمهما فناما و استيقظا و لم يهيّئ لهما طعاماً فقالا: إنّ هذا لنؤوم فأيقظاه فقالا: ائت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقل له: إنّ أبابكر و عمر يقرئانك السلام و يستأدمانك، فقال: إنّهما ائتدما، فجاءاه فقالا يا رسول الله بأيّ شي‏ء ائتدمنا؟ قال: بلحم أخيكما، و الّذي نفسي بيده إنّي لأرى لحمه بين ثناياكما، فقالا: استغفر لنا يا رسول الله. قال: مراه فليستغفر لكما.

٣٦١

أقول: الظاهر أنّ القصّة الموردة في الروايتين واحدة و الرجلان المذكوران في الرواية الاُولى أبوبكر و عمر و الرجل المذكور في الثانية هو سلمان، و يؤيّد هذا ما عن جوامع الجامع، قال: و روي: أنّ أبابكر و عمر بعثا سلمان إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليأتي لهما بطعام فبعثه إلى اُسامة بن زيد و كان خازن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على رحله فقال: ما عندي شي‏ء فعاد إليهما فقالا: بخل أسامة و لو بعثنا سلمان إلى بئر سميحة لغار ماؤها.

ثمّ انطلقا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لهما: ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما قالا: يا رسول الله ما تناولنا اليوم لحماً. قال: ظلمتم تأكلون لحم سلمان و اُسامة فنزلت.

و في العيون، بإسناده عن محمّد بن يحيى بن أبي عباد عن عمّه قال: سمعت الرضاعليه‌السلام يوماً ينشد و قليلاً ما كان ينشد شعراً:

كلّنا نأمل مدّاً في الأجل

و المنايا هنّ آفات الأمل

لا يغرّنك أباطيل المنى

و الزم القصد و دع عنك العلل

إنّما الدنيا كظلّ زائل

حلّ فيه راكب ثمّ رحل

فقلت: لمن هذا أعزّ الله الأمير؟ فقال: لعراقيّ لكم قلت: أنشدنيه أبو العتاهية(١) لنفسه فقال: هات اسمه و دع هذا، إنّ الله سبحانه يقول:( وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ ) و لعلّ الرجل يكره هذا.

و في الكافي، بإسناده عن الحسين بن مختار عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام في كلام له: ضع أمر أخيك على أحسنه حتّى يأتيك ما يقلّبك منه، و لا تظنّنّ بكلمة خرجت من أخيك سوءا و أنت تجد لها في الخير محملاً.

و في نهج البلاغة، و قالعليه‌السلام : إذا استولى الصلاح على الزمان و أهله، ثمّ أساء رجل الظنّ برجل لم يظهر منه حوبة فقد ظلم، و إذا استولى الفساد على الزمان و أهله ثمّ أحسن رجل الظنّ برجل فقد غُرر.

أقول: و الروايتان غير متعارضتين فالثانية ناظرة إلى نفس الظنّ و الاُولى إلى

____________________

(١) العتاهية بمعنى نقصان العقل.

٣٦٢

ترتيب الأثر عليه عملاً.

و في الخصال، عن أسباط بن محمّد بإسناده إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال: الغيبة أشدّ من الزنا، فقيل: يا رسول الله و لم ذلك؟ قال: صاحب الزنا يتوب فيتوب الله عليه و صاحب الغيبة يتوب فلا يتوب الله عليه حتّى يكون صاحبه الّذي يحلّه.

أقول: و رواه في الدرّ المنثور، عن ابن مردويه و البيهقيّ عن أبي سعيد و جابر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و لفظه قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الغيبة أشدّ من الزنا. قالوا: يا رسول الله و كيف الغيبة أشدّ من الزنا؟ قال: إنّ الرجل يزني فيتوب فيتوب الله عليه و إنّ صاحب الغيبة لا يغفر له حتّى يغفرها له صاحبه.

و في الكافي، بإسناده إلى السكونيّ عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الأكلة في جوفه.

و فيه، بإسناده عن حفص بن عمر عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سئل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما كفّارة الاغتياب قال: تستغفر الله لمن اغتبته كما ذكرته.

و في تفسير القمّيّ: في قوله تعالى:( وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ ) قال: الشعوب العجم و القبائل العرب.

أقول: و نسبه في مجمع البيان، إلى الصادقعليه‌السلام .

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن مردويه و البيهقيّ عن جابر بن عبدالله قال: خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في وسط أيّام التشريق خطبة الوداع فقال: يا أيّها الناس ألا إنّ ربّكم واحد، ألا إنّ أباكم واحد، ألا لا فضل لعربيّ على عجميّ، و لا لعجميّ على عربيّ، و لا لأسود على أحمر و لا لأحمر على أسود إلّا بالتقوى إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم. ألا هل بلّغت؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال فليبلّغ الشاهد الغائب.

و في الكافي، بإسناده عن أبي بكر الحضرميّ عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زوّج مقداد بن الأسود ضباعة بنت الزبير بن عبدالمطّلب. إنّما زوّجه لتضع المناكح، و ليتأسّوا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و ليعلموا أنّ أكرمهم عندالله أتقاهم.

٣٦٣

و في روضة الكافي، بإسناده عن جميل بن درّاج قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : فما الكرم؟ قال: التقوى.

و في الكافي، بإسناده عن يونس بن يعقوب عن أبي عبداللهعليه‌السلام في حديث قال: إنّ الإسلام قبل الإيمان و عليه يتوارثون و عليه يتناكحون و الإيمان عليه يثابون.

و في الخصال، عن الأعمش عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام في حديث: و الإسلام غير الإيمان، و كلّ مؤمن مسلم و ليس كلّ مسلم مؤمناً.

و في الدرّ المنثور في قوله تعالى:( قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا ) أخرج ابن جرير عن قتادة في قوله:( قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا ) قال: نزلت في بني أسد.

أقول: و هو مرويّ أيضاً عن مجاهد و غيره.

و فيه، أخرج ابن ماجة و ابن مردويه و الطبرانيّ و البيهقيّ في شعب الإيمان، عن عليّ بن أبي طالب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الإيمان معرفة بالقلب و إقرار باللسان و عمل بالأركان.

و فيه، أخرج النسائيّ و البزّاز و ابن مردويه عن ابن عبّاس قال: جاءت بنوأسد إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا: يا رسول الله أسلمنا و قاتلك العرب و لم نقاتلك فنزلت هذه الآية( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ) .

أقول: و في هذا المعنى روايات اُخر.

٣٦٤

( سورة ق مكّيّة و هي خمس و أربعون آية)

( سورة ق الآيات ١ - ١٤)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ق  وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ( ١ ) بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ( ٢ ) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا  ذَٰلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ( ٣ ) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ  وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ( ٤ ) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ ( ٥ ) أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ ( ٦ ) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ( ٧ ) تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ ( ٨ ) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ( ٩ ) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ ( ١٠ ) رِّزْقًا لِّلْعِبَادِ  وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا  كَذَٰلِكَ الْخُرُوجُ ( ١١ ) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ( ١٢ ) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ ( ١٣ ) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ  كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ( ١٤ )

( بيان‏)

السورة تذكر الدعوة و تشير إلى ما فيها من الإنذار بالمعاد و جحد المشركين به و استعجابهم ذلك بأنّ الموت يستعقب بطلان الشخصيّة الإنسانيّة بصيرورته تراباً لا

٣٦٥

يبقى معه أثر ممّا كان عليه فكيف يرجع ثانياً إلى ما كان عليه قبل الموت فتدفع ما أظهروه من الاستعجاب و الاستبعاد بأنّ العلم الإلهيّ محيط بهم و عنده الكتاب الحفيظ الّذي لا يعزب عنه شي‏ء ممّا دقّ و جلّ من أحوال خلقه ثمّ توعدهم بإصابة مثل ما أصاب الاُمم الماضية الهالكة.

و تنبّه ثانياً على علمه و قدرته تعالى بالإشارة إلى ما جرى من تدبيره تعالى في خلق السماوات و ما زيّنها به من الكواكب و النجوم و غير ذلك، و في خلق الأرض من حيث مدّها و إلقاء الرواسي عليها و إنبات الأزواج النباتيّة فيها ثمّ بإنزال الماء و تهيئة أرزاق العباد و إحياء الأرض به.

ثمّ بيان حال الإنسان من أوّل ما خلق و أنّه تحت المراقبة الشديدة الدقيقة حتّى ما يلفظ به من لفظ و حتّى ما يخطر بباله و توسوس به نفسه ما دام حيّاً ثمّ إذا أدركه الموت ثمّ إذا بعث لفصل القضاء ثمّ إذا فرغ من حسابه فاُدخل النار إن كان من المكذّبين أو الجنّة المزلفة إن كان من المتّقين.

و بالجملة مصبّ الكلام في السورة هو المعاد، و من غرر الآيات فيها قوله:( لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) ، و قوله:( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ) و قوله:( لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَ لَدَيْنا مَزِيدٌ ) .

و السورة مكّيّة بشهادة سياق آياتها إلّا ما قيل في قوله:( وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ ) الآية أو الآيتين، و لا شاهد عليه من اللفظ.

و ما أوردناه من الآيات فيه إجمال الإشارة إلى المعاد و استبعادهم له، و إجمال الجواب و التهديد أوّلاً ثمّ الإشارة إلى تفصيل الجواب و التهديد ثانياً.

قوله تعالى: ( ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) ، قال في المجمع: المجد في كلامهم الشرف الواسع يقال: مجُد الرجل و مجَد - بضمّ العين و فتحها - مجداً إذا عظم و كرم، و أصله من قولهم: مجدت الإبل مُجوداً إذا عظمت بطونها من كثرة أكلها من كلاء الربيع. انتهى.

٣٦٦

و قوله:( وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) قسم و جوابه محذوف يدلّ عليه الجمل التالية و التقدير و القرآن المجيد إنّ البعث حقّ أو إنّك لمن المنذرين أو الإنذار حقّ، و قيل: جواب القسم مذكور و هو قوله:( بَلْ عَجِبُوا ) إلخ، و قيل: هو قوله:( قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ ) إلخ، و قيل: قوله:( ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ ) إلخ، و قيل: قوله:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى‏ ) إلخ، و قيل: قوله:( ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ) إلخ، و هذه أقوال سخيفة لا يصار إليها.

قوله تعالى: ( بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْ‏ءٌ عَجِيبٌ ) إضراب عن مضمون جواب القسم المحذوف فكأنّه قيل: إنّا أرسلناك نذيراً فلم يؤمنوا بك بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم، أو قيل إنّ البعث الّذي أنذرتهم به حقّ و لم يؤمنوا به بل عجبوا منه و استبعدوه.

و ضمير( مِنْهُمْ ) في قوله:( بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ ) راجع إليهم بما هم بشر أي من جنسهم و ذلك أنّ الوثنيّين ينكرون نبوّة البشر كما تقدّمت الإشارة إليه مراراً أو راجع إليهم بما هم عرب و المعنى: بل عجبوا أن جاءهم منذر من قومهم و بلسانهم يبيّن لهم الحقّ أوفى بيان فيكون أبلغ في تقريعهم.

و قوله:( فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْ‏ءٌ عَجِيبٌ ) وصفهم بالكفر و لم يقل: و قال المشركون و نحو ذلك للدلالة على سترهم للحقّ لمّا جاءهم، و الإشارة في قولهم:( هذا شَيْ‏ءٌ عَجِيبٌ ) ، إلى البعث و الرجوع إلى الله كما يفسّره قوله بعد:( أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً ) إلخ.

قوله تعالى: ( أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) الرجع و الرجوع بمعنى و المراد بالبعد البعد عن العقل.

و جواب إذا في قولهم:( أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً ) محذوف يدلّ عليه قولهم:( ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) و التقدير أ إذا متنا و كنا تراباً نبعث و نرجع؟ و الاستفهام للتعجيب، و إنّما حذف للإشارة إلى أنّه عجيب بحيث لا ينبغي أن يذكر، إذ لا يقبله عقل ذي عقل و الآية في مساق قوله:( وَ قالُوا أَ إِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَ إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ) الم السجدة: ١٠.

٣٦٧

و المعنى: أنّهم يتعجّبون و يقولون: أ ءذا متنا و كنّا تراباً - و بطلت ذواتنا بطلانا لا أثر معه منها - نبعث و نرجع؟ ثمّ كأنّ قائلاً يقول لهم: ممّ تتعجّبون؟ فقالوا: ذلك رجع بعيد يستبعده العقل و لا يسلّمه.

قوله تعالى: ( قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَ عِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ ) ردّ منه تعالى لاستبعادهم البعث و الرجوع مستندين في ذلك إلى أنّهم ستتلاشى أبدانهم بالموت فتصير تراباً متشابه الأجزاء لا تمايز لجزء منها من جزء و الجواب أنّا نعلم بما تأكله الأرض من أبدانهم و تنقصه منها فلا يفوت علمنا جزء من أجزائهم حتّى يتعسّر علينا إرجاعه أو يتعذّر بالجهل.

أو أنّا نعلم من يموت منهم فيدفن في الأرض فتنقصه الأرض من جمعهم، و( من ) على أوّل الوجهين تبعيضيّة و على الثاني تبيينيّة.

و قوله:( وَ عِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ ) أي حافظ لكلّ شي‏ء و لآثاره و أحواله، أو كتاب ضابط للحوادث محفوظ عن التغيير و التحريف، و هو اللوح المحفوظ الّذي فيه كلّ ما كان و ما يكون و ما هو كائن إلى يوم القيامة.

و قول بعضهم إنّ المراد به كتاب الأعمال غير سديد أوّلاً من جهة أنّ الله ذكره حفيظاً لما تنقص الأرض منهم و هو غير الأعمال الّتي يحفظه كتاب الأعمال.

و ثانياً: أنّه سبحانه إنّما وصف في كلامه بالحفظ اللوح المحفوظ دون كتب الأعمال فحمل الكتاب الحفيظ على كتاب الأعمال من غير شاهد.

و محصّل جواب الآية أنّهم زعموا أنّ موتهم و صيرورتهم تراباً متلاشي الذرّات غير متمايز الأجزاء يصيّرهم مجهولي الأجزاء عندنا فيمتنع علينا جمعها و إرجاعها لكنّه زعم باطل فإنّا نعلم بمن مات منهم و ما يتبدّل إلى الأرض من أجزاء أبدانهم و كيف يتبدّل و إلى أين يصير؟ و عندنا كتاب حفيظ فيه كلّ شي‏ء و هو اللوح المحفوظ.

قوله تعالى: ( بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) المرج الاختلاط و الالتباس، و في الآية إضراب عمّا تلوّح إليه الآية السابقة فإنّ اللائح منها أنّهم إنّما

٣٦٨

تعجّبوا من أمر البعث و الرجوع و استبعدوه لجهلهم بأنّ الله سبحانه عليم لا يعزب عنه شي‏ء من أحوال خلقه و آثارهم و أنّ جميع ذلك مستطر في اللوح المحفوظ عند الله بحيث لا يشذّ عنه شاذّ.

فاُضرب في هذه الآية أنّ ذلك ليس من جهلهم و إن تجاهلوا بل كذّبوا بالحقّ لمّا جاءهم فاستبان لهم أنّه حقّ فهم جاحدون للحقّ معاندون له و ليسوا بجاهلين به قاصرين عن إدراكه فهم في أمر مريج مختلط غير منتظم يدركون الحقّ و يكذّبون به مع أنّ لازم العلم بشي‏ء تصديقه و الإيمان به.

و قيل: المراد بكونهم في أمر مريج أنّهم متحيّرون بعد إنكار الحقّ لا يدرون ما يقولون فتارة يقولون: افتراء على الله، و تارة: سحر، و تارة: شعر، و تارة: كهانة و تارة: زجر.

و لذلك عقّب الكلام بذكر آيات علمه و قدرته توبيخاً لهم ثمّ بالإشارة إلى تكذيب الاُمم الماضية الهالكة الّذي ساقهم إلى عذاب الاستئصال، تهديداً لهم.

قوله تعالى: ( أَ فَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَ زَيَّنَّاها وَ ما لَها مِنْ فُرُوجٍ ) الفروج جمع فرجة: الشقوق و الفتوق، و تقييد السماء بكونها فوقهم للدلالة على أنّها بمرئى منهم لا تغيب عن أنظارهم، و المراد بتزيينها خلق النجوم اللامعة فيها بما لها من الجمال البديع، فبناء هذا الخلق البديع بما لها من الجمال الرائع من غير شقوق و فتوق أصدق شاهد على قدرته القاهرة و علمه المحيط بما خلق.

قوله تعالى: ( وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها وَ أَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) مدّ الأرض بسطها لتلائم عيشة الإنسان، و الرواسي جمع الراسية بمعنى الثابتة صفة محذوفة الموصوف و هو الجبال، و المراد جعل الجبال الثابتة على ظهرها، و البهيج من البهجة، قال في المجمع: البهجة الحسن الّذي له روعة عند الرؤية كالزهرة و الأشجار النضرة و الرياض الخضرة. انتهى. و قيل: المراد بالبهيج الّذي من رآه بهج و سرّ به فهو بمعنى المبهوج به.

و المراد بإنبات كلّ زوج بهيج إنبات كلّ صنف حسن المنظر من النبات.

٣٦٩

فخلق الأرض و ما جرى فيها من التدبير الإلهيّ العجيب أحسن دليل يدلّ العقل على كمال القدرة و العلم.

قوله تعالى: ( تَبْصِرَةً وَ ذِكْرى‏ لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ) مفعول له أي فعلنا ما فعلنا من بناء السماء و مدّ الأرض و عجائب التدبير الّتي أجريناها فيهما ليكون تبصرة يتبصّر بها و ذكرى يتذكّر بها كلّ عبد راجع إلى الله سبحانه.

قوله تعالى: ( وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَ حَبَّ الْحَصِيدِ ) السماء جهة العلو و الماء المبارك المطر، وصف بالمباركة لكثرة خيراته العائدة إلى الأرض و أهلها، و حبّ الحصيد المحصود من الحبّ و هو من إضافة الموصوف إلى الصفة، و المعنى ظاهر.

قوله تعالى: ( وَ النَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ ) الباسقات جمع باسقة و هي الطويلة العالية، و الطلع أوّل ما يطلع من ثمر النخيل، و النضيد بمعنى المنضود بعضه على بعض و المعنى ظاهر.

قوله تعالى: ( رِزْقاً لِلْعِبادِ وَ أَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ ) الرزق ما يمدّ به البقاء، و( رِزْقاً لِلْعِبادِ ) مفعول له أي أنبتنا هذه الجنّات و حبّ الحصيد و النخل باسقات بما لها من الطلع النضيد ليكون رزقاً للعباد فمن خلق هذه النباتات ليرزق به العباد بما في ذلك من التدبير الوسيع الّذي يدهش اللبّ و يحيّر العقل هو ذو علم لا يتناهى و قدرة لا تعيى لا يشقّ عليه إحياء الإنسان بعد موته و إن تلاشت ذرّات جسمه و ضلّت في الأرض أجزاء بدنه.

و قوله:( وَ أَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ ) برهان آخر على البعث غير ما تقدّم استنتج من طيّ الكلام فإنّ البيان السابق في ردّ استبعادهم للبعث مستندين إلى صيرورتهم تراباً غير متمايز الأجزاء كان برهاناً من مسلك إثبات علمه بكلّ شي‏ء و قدرته على كلّ شي‏ء و هذا البرهان الّذي يتضمّنه قوله:( وَ أَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ ) من مسلك إثبات إمكان الشي‏ء بوقوع مثله فليس الخروج من القبور بالإحياء بعد الموت إلّا مثل خروج النبات الميت من الأرض بعد موتها و وقوف قواه عن النماء و النشوء.

٣٧٠

و قد قرّرنا هذا البرهان في ذيل الآيات المستدلّة بإحياء الأرض بعد موتها على البعث غير مرّة فيما تقدّم من أجزاء الكتاب.

قوله تعالى: ( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ - إلى قوله -كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ) ، تهديد و إنذار لهم بما كذّبوا بالحقّ لمّا جاءهم و تبيّن لهم عناداً كما أشرنا إليه قبل.

و قد تقدّم ذكر أصحاب الرسّ في تفسير سورة الفرقان، و ذكر أصحاب الأيكة و هم قوم شعيب في سور الحجر و الشعراء و ص، و ذكر قوم تبّع في سورة الدخان.

و في قوله:( كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ) إشارة إلى أنّ هناك وعيداً بالهلاك ينجز عند تكذيب الرسل قال تعالى:( فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) النحل: ٣٦.

( بحث روائي‏)

في الدرّ المنثور، أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس قال: خلق الله تعالى من وراء هذه الأرض بحراً محيطاً بها ثمّ خلق من وراء ذلك جبلاً يقال له: ق السماء الدنيا مترفرفة عليه، ثمّ خلق من وراء ذلك الجبل أرضاً مثل تلك الأرض سبع مرّات ثمّ خلق من وراء ذلك بحراً محيطاً بها، ثمّ خلق من وراء ذلك جبلاً يقال له ق السماء الثانية مترفرفة عليه حتّى عدّ سبع أرضين و سبعة أبحر و سبعة أجبل و سبع سماوات. قال: و ذلك قوله:( وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ) .

و فيه، أخرج ابن المنذر و ابن مردويه و أبوالشيخ و الحاكم عن عبدالله بن بريدة في قوله تعالى:( ق ) قال: جبل من زمرّد محيط بالدنيا عليه كنفا السماء.

و فيه، أخرج ابن أبي الدنيا في العقوبات، و أبوالشيخ في العظمة، عن ابن عبّاس قال: خلق الله جبلاً يقال له ق محيط بالعالم و عروقه إلى الصخرة الّتي عليها الأرض فإذا أراد الله أن يزلزل قرية أمر ذلك الجبل فحرّك العرق الّذي يلي تلك القرية فيزلزلها و يحرّكها فمن ثمّ تحرّك القرية دون القرية.

٣٧١

أقول: و روى القمّيّ بإسناده عن يحيى بن ميسرة الخثعميّ عن الباقرعليه‌السلام مثل ما مرّ عن عبدالله بن بريدة، و روي ما في معناه مرسلاً و مضمراً و لفظه: قال: جبل محيط بالدنيا وراء يأجوج و مأجوج.

و كيفما كان لا تعويل على هذه الروايات، و بطلان ما فيها يكاد يلحق اليوم بالبديهيّات أو هو منها.

و في تفسير القمّيّ: في قوله تعالى:( فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْ‏ءٌ عَجِيبٌ ) قال: نزلت في اُبيّ بن خلف قال لأبي جهل: تعال إليّ اُعجّبك من محمّد ثمّ أخذ عظماً ففتّه ثمّ قال: يا محمّد تزعم أنّ هذا يُحيا؟ فقال الله:( بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) .

٣٧٢

( سورة ق الآيات ١٥ - ٣٨)

أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ  بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ( ١٥ ) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ  وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ( ١٦ ) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ( ١٧ ) مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ( ١٨ ) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ  ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ( ١٩ ) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ  ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ( ٢٠ ) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ( ٢١ ) لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ( ٢٢ ) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ( ٢٣ ) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ( ٢٤ ) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ ( ٢٥ ) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ( ٢٦ ) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ( ٢٧ ) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ ( ٢٨ ) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ( ٢٩ ) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ( ٣٠ ) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ( ٣١ ) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ( ٣٢ )

٣٧٣

مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ( ٣٣ ) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ  ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ( ٣٤ ) لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ( ٣٥ ) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ ( ٣٦ ) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ( ٣٧ ) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ( ٣٨ )

( بيان‏)

الآية الاُولى متمّمة لما أورده في الآيات السابقة من الحجّة على علمه و قدرته بما خلق السماء و الأرض و ما فيهما من خلق و دبّر ذلك أكمل التدبير و أتمّه و ذلك كلّه هو الخلق الأوّل و النشأة الاُولى. فتمم ذلك بقوله:( أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ ) و استنتج منه أنّ القادر على الخلق الأوّل العالم به قادر على خلق جديد و نشأة ثانية و عالم به لأنّهما مثلان إذا جاز له خلق أحدهما جاز خلق الآخر و إنّما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن.

ثمّ أضرب عنه أنّهم في التباس من خلق جديد مع مماثلة الخلقين ثمّ أشار إلى نشأة الإنسان أوّل مرّة و هو يعلم منه حتّى خطرات قلبه و عليه رقباؤه يراقبونه أدقّ المراقبة ثمّ يجيئه سكرة الموت بالحقّ ثمّ البعث ثمّ دخول الجنّة أو النار ثمّ أشار ثانياً إلى ما حلّ بالقرون الماضية المكذّبة من السخط الإلهيّ و عذاب الاستئصال و هم أشدّ بطشاً من هؤلاء فمن جازاهم بالهلاك قادر على أن يجازي هؤلاء.

قوله تعالى: ( أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ) العيّ عجز يلحق من تولّي الأمر و الكلام كذا، قال الراغب: يقال: أعياني كذا و عييت بكذا أي عجزت عنه و الخلق الأوّل خلق هذه النشأة الطبيعيّة بنظامها الجاري و منها الإنسان في حياته الدنيا فلا وجه لقصر الخلق الأوّل في خلق السماء و الأرض

٣٧٤

فقط كما مال إليه الرازيّ في التفسير الكبير و لا لقصره في خلق الإنسان كما مال إليه بعضهم و ذلك لأنّ الخلق الجديد يشمل السماء و الأرض و الإنسان جميعاً كما قال تعالى:( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ وَ بَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ) إبراهيم: ٤٨. و الخلق الجديد خلق النشأة الثانية و هي النشأة الآخرة، و الاستفهام للإنكار.

و المعنى: أ عجزنا عن الخلق الأوّل حتّى نعجز عن الخلق الجديد؟ أي لم نعجز عن الخلق الأوّل و هو إبداؤه فلا نعجز عن الخلق الجديد و هو إعادته.

و لو اُخذ العيّ بمعنى التعب كما مال إليه بعضهم كان المعنى: هل تعبنا بسبب الخلق الأوّل حتّى يتعذّر أو يتعسّر علينا الخلق الجديد؟ و ذلك كما أنّ الإنسان و سائر الحيوان إذا أتى بشي‏ء من الفعل و أكثر منه انتهي به إلى التعب البدنيّ فيكفّه ذلك عن الفعل بعد، فما لم يأت به من الفعل لكونه تعبان مثل ما أتى لكنّه لا يؤتى به لأنّ الفاعل لا يستطيعه لتعبه و إن كان الفعل جائزاً متشابه الأمثال.

و هذا معنى لا بأس به لكن قيل: إنّ استعمال العيّ بمعنى العجز أفصح.

على أنّ سوق الحجّة من طريق العجز يفيد استحالة الإتيان و نفيها هو المطلوب بخلاف سوقها من طريق التعب فإنّه يفيد تعسّره دون استحالة الإتيان و مراد النافين للمعاد استحالته دون تعسّره هذا.

و قوله:( بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ) اللبس هو الالتباس، و المراد بالخلق الجديد تبديل نشأتهم الدنيا من نشأة اُخرى ذات نظام آخر وراء النظام الطبيعيّ الحاكم في الدنيا فإنّ في النشأة الاُخرى و هي الخلق الجديد بقاء من غير فناء و حياة من غير موت ثمّ إن كان الإنسان من أهل السعادة فله نعمة من غير نقمة و إن كان من أهل الشقاء ففي نقمة لا نعمة معها، و النشأة الاُولى و هي الخلق الأوّل و النظام الحاكم فيها على خلاف ذلك.

و المعنى: إذا كنّا خلقنا العالم بسمائه و أرضه و ما فيهما و دبّرناه أحسن تدبير لأوّل مرّة بقدرتنا و علمنا و لم نعجز عن ذلك علماً و قدرة فنحن غير عاجزين عن تجديد خلقه و هو تبديله خلقاً جديداً فلا ريب في قدرتنا و لا التباس بل هم في التباس

٣٧٥

لا سبيل لهم مع ذلك إلى الإيمان بخلق جديد.

قوله تعالى: ( وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) قال الراغب: الوسوسة الخطرة الرديئة و أصله من الوسواس و هو صوت الحلي و الهمس الخفيّ. انتهى.

و المراد بخلق الإنسان وجوده المتدرّج المتحوّل خلقاً بعد خلق لا أوّل تكوينه إنساناً و إن عبّر عنه بالماضي إذ قال:( وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ ) إذ الإنسان - و كذا كلّ مخلوق له حظّ من البقاء - كما يحتاج إلى عطيّة ربّه في أوّل وجوده كذلك يحتاج إليه في بقائه.

و لما ذكر من النكتة عطف قوله:( وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ) و هو فعل مضارع مسوق للدلالة على الاستمرار على قوله:( وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ ) و هو فعل ماض لكنّه مستمرّ المعنى، و كذا قوله:( وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) مفيد للثبوت و الدوام و الاستمرار باستمرار وجود الإنسان.

و للآية اتّصال بما تقدّم من الاحتجاج على علمه و قدرته تعالى في الخلق الأوّل بقوله:( أَ فَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ ) و اتّصال أيضاً بقوله تعالى في الآية السابقة:( بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ) فهي في سياق يذكر قدرته على الإنسان بخلقه، و علمه به بلا واسطة و بواسطة الملائكة الحفظة الكتبة.

فقوله:( وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ ) - و اللّام للقسم - دالّ على القدرة عليه بإثبات الخلق.

و قوله:( وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ) في ذكر أخفى أصناف العلم و هو العلم بالخطور النفسانيّ الخفيّ إشارة إلى استيعاب العلم له كأنّه قيل: و نعلم ظاهره و باطنه حتّى ما توسوس به نفسه و ممّا توسوس به الشبهة في أمر المعاد: كيف يُبعث الإنسان و قد صار بعد الموت تراباً متلاشي الأجزاء غير متميّز بعضها من بعض.

و قد بان أنّ( ما ) في( ما تُوَسْوِسُ بِهِ ) موصولة و ضمير( بِهِ ) عائد إليه و الباء للآلة أو للسببيّة، و نسب الوسوسة إلى النفس دون الشيطان و إن كانت منسوبة إليه

٣٧٦

أيضاً لأنّ الكلام في إحاطة العلم بالإنسان حتّى بما في زوايا نفسه من هاجس و وسوسة.

و قوله:( وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) الوريد عرق متفرّق في البدن فيه مجاري الدم، و قيل: هو العرق الّذي في الحلق، و كيف كان فتسميته حبلاً لتشبيهه به، و إضافة حبل الوريد بيانيّة.

و المعنى: نحن أقرب إلى الإنسان من حبل وريده المخالط لأعضائه المستقرّ في داخل بدنه فكيف لا نعلم به و بما في نفسه؟

و هذا تقريب للمقصود بجملة ساذجة يسهل تلقّيها لعامّة الأفهام و إلّا فأمر قربه تعالى إليه أعظم من ذلك و أعظم فهو سبحانه الّذي جعلها نفساً و رتّب عليها آثارها فهو الواسطة بينها و بين نفسها و بينها و بين آثارها و أفعالها فهو أقرب إلى الإنسان من كلّ أمر مفروض حتّى في نفسه، و لكون هذا المعنى دقيقاً يشقّ تصوّره على أكثر الأفهام عدل سبحانه إلى بيانه بنحو قوله:( وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) و قريب منه بوجه قوله:( أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ ) .

و لهم في معنى الآية وجوه كثيرة اُخر لا جدوى في نقلها و البحث عنها من أرادها فليراجع كتبهم.

قوله تعالى: ( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ) التلقّي الأخذ و التلقّن، و المراد بالمتلقّيان على ما يفيده السياق الملكان الموكّلان على الإنسان اللّذان يتلقّيان عمله فيحفظانه بالكتابة.

و قوله:( عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ) تقديره عن اليمين قعيد و عن الشمال قعيد، و المراد باليمين و الشمال يمين الإنسان و شماله، و القعيد القاعد.

و الظرف في قوله:( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ ) الظاهر أنّه متعلّق بمحذوف و التقدير اذكر إذ يتلقّى المتلقّيان، و المراد به الإشارة إلى علمه تعالى بأعمال الإنسان من طريق كتاب الأعمال من الملائكة وراء علمه تعالى بذاته من غير توسّط الوسائط.

و قيل: الظرف متعلّق بقوله في الآية السابقة:( أَقْرَبُ ) و المعنى: نحن أقرب إليه من حبل الوريد في حين يتلقّى الملكان الموكّلان عليه أعماله ليكتباها.

٣٧٧

و لعلّ الوجه السابق أوفق للسياق فإنّ بناء هذا الوجه على كون العمدة في الغرض بيان أقربيّته تعالى إليه و علمه به و الباقي مقصود لأجله، و ظاهر السياق و خاصّة بالنظر إلى الآية التالية كون كلّ من العلم من طريق القرب و من طريق تلقّي الملكين مقصوداً بالاستقلال.

و قيل:( إِذْ ) تعليليّة تعلّل علمه تعالى المدلول عليه بقوله:( وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ ) إلخ، بمفاد مدخولها.

و فيه أنّ من البعيد من مذاق القرآن أن يستدلّ على علمه تعالى بعلم الملائكة أو بحفظهم و كتابتهم.

و قوله:( عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ) تمثيل لموقعهما من الإنسان، و اليمين و الشمال جانبا الخير و الشرّ ينتسب إليهما الحسنة و السيّئة.

قوله تعالى: ( ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) اللفظ الرمي سمّي به التكلّم بنوع من التشبيه، و الرقيب المحافظ، و العتيد المعدّ المهيّأ للزوم الأمر.

و الآية تذكر مراقبة الكتبة للإنسان فيما يتكلّم به من كلام، و هي بعد قوله:( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ ) إلخ، من ذكر الخاصّ بعد العامّ لمزيد العناية به.

قوله تعالى: ( وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) الحيد العدول و الميل على سبيل الهرب، و المراد بسكرة الموت ما يعرض الإنسان حال النزع إذ يشتغل بنفسه و ينقطع عن الناس كالسكران الّذي لا يدري ما يقول و لا ما يقال له.

و في تقييد مجي‏ء سكرة الموت بالحقّ إشارة إلى أنّ الموت داخل في القضاء الإلهيّ مراد في نفسه في نظام الكون كما يستفاد من قوله تعالى:( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً وَ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ ) الأنبياء: ٣٥، و قد مرّ تفسيره فالموت - و هو الانتقال من هذه الدار إلى دار بعدها - حقّ كما أنّ البعث حقّ و الجنّة حقّ و النار حقّ، و في معنى كون الموت بالحقّ أقوال اُخر لا جدوى في نقلها و التعرّض لها.

و في قوله:( ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) إشارة إلى أنّ الإنسان يكره الموت بالطبع و ذلك أنّ الله سبحانه زيّن الحياة الدنيا و التعلّق بزخارفها للإنسان ابتلاء و

٣٧٨

امتحاناً، قال تعالى:( إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَ إِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً ) الكهف: ٨.

قوله تعالى: ( وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ) هذه نقلة ثانية إلى عالم الخلود بنفخ الصور بعد النقلة الاُولى، و المراد بنفخ الصور النفخة الثانية المقيمة للساعة أو مجموع النفختين بإرادة مطلق النفخ.

و المراد بيوم الوعيد يوم القيامة الّذي ينجز الله تعالى فيه وعيده على المجرمين من عباده.

قوله تعالى: ( وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ ) السياقة حثّ الماشية على المسير من خلفها بعكس القيادة فهي جلبها من أمامها.

فقوله:( وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ ) أي جاءت إلى الله و حضرت عنده لفصل القضاء، و الدليل عليه قوله تعالى:( إِلى‏ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ ) القيامة: ٣٠.

و المعنى: و حضرت عنده تعالى كلّ نفس معها سائق يسوقها و شاهد يشهد بأعمالها و لم يصرّح تعالى بكونهما من الملائكة أو بكونهما هما الكاتبين أو من غير الملائكة، غير أنّ السابق إلى الذهن من سياق الآيات أنّهما من الملائكة، و سيجي‏ء الروايات في ذلك.

و كذا لا تصريح بكون الشهادة منحصرة في هذا الشاهد المذكور في الآية بل الآيات الواردة في شهداء يوم القيامة تقضي بعدم الانحصار، و كذا الآيات التالية الذاكرة لاختصام الإنسان و قرينة دالّة على أنّ مع الإنسان يومئذ غير السائق و الشهيد.

قوله تعالى: ( لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) وقوع الآية في سياق آيات القيامة و احتفافها بها يقضي بكونها من خطابات يوم القيامة، و المخاطب بها هو الله سبحانه، و الّذي خوطب بها هو الإنسان المذكور في قوله:( وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ ) و عليه فالخطاب عامّ متوجّه إلى كلّ إنسان إلّا أنّ التوبيخ و التقريع اللائح من سياق الآية ربّما استدعى اختصاص الخطاب بمنكري المعاد، أضف إلى ذلك، كون الآيات مسوقة لردّ منكري المعاد في قولهم:( أَ إِذا

٣٧٩

مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) .

و الإشارة بقوله:( هذا ) إلى ما يشاهده يومئذ و يعاينه من تقطع الأسباب و بوار الأشياء و رجوع الكلّ إلى الله الواحد القهّار، و قد كان تعلّق الإنسان في الدنيا بالأسباب الظاهريّة و ركونه إليها أغفله عن ذلك حتّى إذا كشف الله عنه حجاب الغفلة فبدت له حقيقة الأمر فشاهد ذلك مشاهدة عيان لا علماً فكريّاً.

و لذا خوطب بقوله:( لَقَدْ كُنْتَ ) في الدنيا( فِي غَفْلَةٍ ) أحاطت بك( من هذا ) الّذي تشاهده و تعاينه و إن كان في الدنيا نصب عينيك لا يغيب لكن تعلّقك بذيل الأسباب أذهلك و أغفلك عنه( فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ ) اليوم( فَبَصَرُكَ ) و هو البصيرة و عين القلب( الْيَوْمَ ) و هو يوم القيامة( حَدِيدٌ ) أي نافذ يبصر ما لم يكن يبصره في الدنيا.

و يتبيّن بالآية أوّلاً: أنّ معرّف يوم القيامة أنّه يوم ينكشف فيه غطاء الغفلة عن الإنسان فيشاهد حقيقة الأمر، و في هذا المعنى و ما يقرب منه آيات كثيرة كقوله تعالى:( وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ) الانفطار: ١٩، و قوله:( لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ) المؤمن: ١٦، إلى غير ذلك من الآيات.

و ثانياً: أنّ ما يشاهده الإنسان يوم القيامة موجود مهيّأ له و هو في الدنيا غير أنّه في غفلة منه، و خاصّة يوم القيامة أنّه يوم انكشاف الغطاء و معاينة ما وراءه، و ذلك لأنّ الغفلة إنّما يتصوّر فيما يكون هناك أمر موجود مغفول عنه، و الغطاء يستلزم أمراً وراءه و هو يغطّيه و يستره، و عدم حدّة البصر إنّما ينفع فيما إذا كان هناك مبصر دقيق لا ينفذ فيه البصر.

و من أسخف القول ما قيل: إنّ الآية خطاب منه تعالى لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و المعنى: لقد كنت قبل الرسالة في غفلة من هذا الّذي نوحي إليك فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد يدرك الوحي أو يبصر ملك الوحي فيتلقّى الوحي، و ذلك لأنّ السياق لا يساعده و لا لفظ الآية ينطبق عليه.

قوله تعالى: ( وَ قالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ ) لا يخلو السياق من ظهور في

٣٨٠

٧ -( باب أنّ من دخل من سفر بعد الزوال مطلقا، أو قبله، وقد أفطر، استحب له الإمساك بقيّة النّهار، ولم يجب، ووجب عليه القضاء)

[ ٨٤٧٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، في مسافر يقدم بلده، وقد كان مفطرا (قبل الزوال)(١) ، فيدخل عند الظّهر، قال: « يكفّ عن الطعام أحبّ اليّ ».

[ ٨٤٧١ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا قدمت من السفر، وعليك بقيّة يوم، فامسك من الطعام والشراب إلى الليل ».

٨ -( باب عدم جواز صوم شئ من الواجب في السفر، إلّا النّذر المعيّن، سفرا وحضرا، وثلاثة أيام دم المعتة، وثمانية عشر يوماً لمن أفاض من عرفات قبل الغروب)

[ ٨٤٧٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يصوم في السفر شيئاً من صوم الفرض، ولا السنة، ولا التطوّع، إلّا الصوم الّذي ذكرناه في أوّل الباب، من صوم كفّارة صيد الحرم، وصوم كفّارة الاختلال(١) في

____________________________

الباب - ٧

١ - الجعفريات ص ٦٠.

(١) في المصدر: أول النهار.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

الباب - ٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: الاحلال.

٣٨١

الإحرام، إن كان به أذى من رأسه، وصوم ثلاثة أيّام، لطلب الحاجة عند قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو يوم الأربعاء والخميس والجمعة ».

[ ٨٤٧٣ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ومن تمتّع بالعمرة إلى الحج، فعليه ما استيسر من الهدي، كما قال الله عزّوجلّ، شاة فما فوقها، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام في الحج، يصوم يوماً قبل التّروية، ويوم التّروية، ويوم عرفة وسبعة أيّام إذا رجع إلى أهله، وله أن يصوم متى شاء، إذا دخل في الحجّ، وإن (قدّم صوم الثلاثة الأيام)(١) في أوّل العشر فحسن، وإن لم يصم في الحج، فليصم في الطّريق » الخبر.

[ ٨٤٧٤ ] ٣ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « لم يكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يصوم في السفر تطوّعا ولا فريضة، يكذبون على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نزلت هذه الآية، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكراع الغميم، عند صلاة الفجر، فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بإناء فشرب وأمر النّاس أن يفطروا، فقال قوم: قد توجّه النهار، ولو صمنا يومنا هذا، فسمّاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : العصاة، فلم يزالوا يسمّون بذلك الاسم، حتّى قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

____________________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٨.

(١) في المصدر: قدمها.

٣ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨١ ح ١٩٠.

٣٨٢

٩ -( باب جواز صوم المندوب في السفر، على كراهية)

[ ٨٤٧٥ ] ١ - بعض نسخ الفقه الرضوي: على من نسب إليهعليه‌السلام : « أروي عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، أنّه قال: يستحبّ إذا قدم المدينة - مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله - أن يصوم ثلاثة أيام، فإن كان له بها مقام، أن يجعل صومها في يوم الاربعاء والخميس والجمعة ».

[ ٨٤٧٦ ] ٢ - الشيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن جابر، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « ليس من البرّ الصّيام في السفر ».

[ ٨٤٧٧ ] ٣ - وعن عبد الرحمان بن عوف، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الصائم في السفر، كالمفطر في الحضر ».

[ ٨٤٧٨ ] ٤ - وعن جابر، أنّه قال: قيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن جماعة يصومون في السفر، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أُولئك العصاة ».

[ ٨٤٧٩ ] ٥ - وعن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، أنّه قال: « كان أبي لا

____________________________

الباب - ٩

١ - نقله عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٤ ح ٣.

٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٠٤ ح ٣١.

٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ٢ ص ٨١ ح ٢١٧.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٠٤ ح ٣٢.

٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ٢ ص ٨٠ ح ٢١٣

٣٨٣

يصوم في السفر، وكان ينهى عنه ».

وروى ابن ابي جمهور في عوالي اللآلي: الحديث الأول والثاني، عن الشهيد، مرسلا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٠ -( باب جواز الجماع للمسافر ونحوه، في شهر رمضان، على كراهية، وكذا يكره له التملّي من الطّعام والشّراب)

[ ٨٤٨٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، أنّه قال في حديث: « وإن هي اغتسلت من حيضتها، وجاء زوجها من سفر، فليكف عن مجامعتها، فهو أحبّ إليّ، إذا جاء في شهر رمضان ».

[ ٨٤٨١ ] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا أفطر المسافر، فلا بأس أن يأتي أهله أو جاريته إن شاء، وقد روي فيه نهي.

____________________________

الباب - ١٠

١ - الجعفريات ص ٦١.

٢ - المقنع ص ٦٢.

٣٨٤

١١ -( باب سقوط الصوم الواجب: عن الشيخ، والعجوز، وذي العطاش* ، إذا عجزوا عنه، ويجب على كلّ منهم، أن يتصدق عن كلّ يوم بمدّ من طعام، ويستحبّ أن يتصدق بمدّين، ولا يجب القضاء إن استمرّ العجز، ويستحبّ قضاء الوليّ عنه)

[ ٨٤٨٢ ] ١ - دعائم الإسلام: روينا عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ، فريضة شهر رمضان، وأنزل( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) أتى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شيخ كبير يتوكأ بين رجلين، فقال: يا رسول الله، هذا شهر مفروض ولا أطيق الصّيام، قال: إذهب فكل، واطعم عن كلّ يوم نصف صاع، وإن قدرت ان تصوم اليوم واليومين، وما قدرت فصم - إلى أن قال - وأتاه صاحب عطش، فقال: يا رسول الله، هذا شهر مفروض، ولا أصبر عن الماء ساعة، الّا تخوّفت الهلاك، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنطلق فافطر، وإذا اطقت فصم ».

[ ٨٤٨٣ ] ٢ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « الشيخ الكبير، والذي يأخذه العطاش ».

____________________________

الباب - ١١

(* ) العطاش: داء يصيب الانسان يشرب الماء فلا يروى. (لسان العرب - عطش - ج ٦ ص ٣١٨).

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٦.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٣٨٥

[ ٨٤٨٤ ] ٣ - وعن سماعة، عن أبي بصير، قال: سألتهعليه‌السلام ، عن قول الله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « هو الشيخ الكبير الّذي لا يستطيع، والمريض ».

[ ٨٤٨٥ ] ٤ - وعن العلاء، عن محمّد، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن قول الله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « هو الشيخ الكبير، والذي يأخذه العطاش ».

[ ٨٤٨٦ ] ٥ - احمد بن محمّد السيّاري في التّنزيل والتّحريف: عن ابي الحسنعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « الشيخ الفاني، والمعطوش، والصّبي الّذي لا يقوى على السّحور(٢) ، ويطعم مسكينا مكان كلّ يوم ».

____________________________

٣ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٧.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٤ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٧٩.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٥ - التنزيل والتحريف ص ١١.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

(٢) في المصدر: السجود.

٣٨٦

١٢ -( باب جواز افطار الحامل المقرب، والمرضع القليلة اللّبن، إذا خافتا على أنفسهما أو الولد، ولم يكن استرضاع غيرها، ويجب عليهما القضاء والصّدقة عن كلّ يوم بمدّ)

[ ٨٤٨٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام : أنّه كانت له أُمّ ولد، فأصابها عطاش [ وهي حامل ](١) ، فسئل عبدالله بن عمر بن الخطاب فقال: مروها تفطر، وتطعم كلّ يوم مسكينا.

[ ٨٤٨٨ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ، فريضة شهر رمضان، وأنزل:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) أتى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شيخ كبير - إلى أن قال - وأتته امرأة فقالت: يا رسول الله، انّي امرأة حبلى، وهذا شهر رمضان مفروض، وأنا أخاف على ما في بطني ان صمت، فقال لها: إنطلقي فافطري، وإن أطقت فصومي، وأتته امرأة مرضعة فقالت: يا رسول الله، هذا شهر مفروض صيامه، وإن صمت خفت أن يقطع لبني، فيهلك ولدي، فقال: إنطلقي وافطري، وإذا أطقت فصومي ».

[ ٨٤٨٩ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا لم يتهيأ للشيخ، أو الشاب المعلول، أو المرأة الحامل، أن يصوم من العطش والجوع، أو خافت

____________________________

الباب - ١٢

١ - الجعفريات ص ٦٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٣٨٧

أن يضر بولدها، فعليهم جميعا الإفطار، ويتصدق عن كلّ واحد، لكلّ يوم (بمدّ من)(١) طعام، وليس عليه القضاء ».

[ ٨٤٩٠ ] ٤ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن رفاعة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « المرأة تخاف على ولدها، والشيخ الكبير ».

[ ٨٤٩١ ] ٥ - وعن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: « [ الشيخ ](١) الكبير والذي به العطاش، لا حرج عليهما أن يفطرا في رمضان، وتصدق كلّ واحد منهما في كلّ يوم بمدّ من طعام، ولا قضاء عليهما، وإن لم يقدرا فلا شئ عليهما ».

١٣ -( باب وجوب الافطار على المريض الّذي يضره الصوم، في شهر رمضان وغيره)

[ ٨٤٩٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « لا يجوز للمريض والمسافر، الصيام ».

[ ٨٤٩٣ ] ٢ - العياشي: عن سماعة، عن أبي بصير قال: سألته عن قول

____________________________

(١) في المصدر: بمدين.

٤ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٨٠.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٥ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٨١.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب - ١٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٧.

٣٨٨

الله:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ ) (١) الآية، قال: « هو الشّيخ الكبير، الّذي لا يستطيع، والمريض ».

١٤ -( باب أنّ حدّ المريض الموجب للإفطار، وما يخاف به الإضرار، وأنّ المريض يرجع إلى نفسه، في قوّته وضعفه)

[ ٨٤٩٤ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام ، عن حدّ المرض، الّذي يجب على صاحبه فيه الإفطار، كما يجب عليه في السّفر، في قوله:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ ) (١) قال: « هو مؤتمن عليه مفوّض إليه، فإن وجد ضعفاً فليفطر، وإن وجد قوّة فليصم، كان المريض(٢) على ما كان ».

[ ٨٤٩٥ ] ٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « حدّ المرض الّذي يجب على صاحبه فيه( عِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (١) ، كما يجب(٢) في السّفر، لقول الله عزّوجلّ:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (٣) أن يكون العليل لا

____________________________

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

الباب - ١٤

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨١ ح ١٨٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

(٢) لعلّه: المرض. بقرينة الحديث التالي.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) في المصدر: الإفطار.

(٢) وفيه زيادة: عليه

(٣) البقرة ٢: ١٨٤.

٣٨٩

يستطيع أن يصوم، أو يكون إن استطاع الصوم زاد في علّته، وخاف على نفسه، وهو مؤتمن على ذلك مفوّض إليه فيه، فإن أحسّ ضعفا فليفطر، وإن وجد قوّة على الصوم فليصم، كان (المريض على)(٤) ما كان ».

[ ٨٤٩٦ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ويصوم العليل إذا وجد من نفسه خفّة، وعلم أنّه قادر على الصوم، وهو أبصر بنفسه ».

١٥ -( باب أنّ من صام في المرض مع إضراره به، لم يجزه، وعليه القضاء)

[ ٨٤٩٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « لا يجوز للمريض والمسافر الصيام، فإن صاما كانا عاصيين، وعليهما القضاء » وقالعليه‌السلام : « وروي أن من صام في مرضه أو سفره، أو أتمّ الصلاة، فعليه القضاء ».

وقال «عليه‌السلام في موضع آخر(١) : « فإن صام في السفر، أو في حال المرض، فعليه في ذلك القضاء، فإنّ الله يقول:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) ».

الصّدوق في الهداية: عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، مثله(٢) .

____________________________

(٤) في المصدر: المرض.

٣ - فقه الرضا ص ٢٥.

الباب - ١٥

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

(١) نفس المصدر ص ٢٣.

(٢) الهداية ص ٥١.

٣٩٠

[ ٨٤٩٨ ] ٢ - علي بن ابراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عنهعليه‌السلام ، مثله، وزاد بعد قوله: أو في حال المرض، فهو عاص الخ.

١٦ -( باب استحباب إمساك المريض بقيّة النّهار، إذا برئ من مرضه في أثنائه، ويجب عليه القضاء)

[ ٨٤٩٩ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأمّا صوم التّأديب، فإنّه يؤمر الصبي إذا بلغ سبع سنين بالصوم تأديبا، وليس بفرض، وإن لم يقدر إلّا نصف النهار، فليفطر إذا غلبه العطش، وكذلك من أفطر لعلّة أوّل النهار، ثمّ قوي بقيّة يومه، أُمر بالإمساك بقيّة يومه تأديبا، وليس بفرض ».

[ ٨٥٠٠ ] ٢ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنّه قال في حديث: « وأمّا صوم التّأديب، فالصبي يؤمر إذا راهق بالصوم تأديبا، و ليس بفرض، وكذلك من أفطر بعلة من أوّل النهار، وقوي(١) بقيّة يومه » و ذكر مثله.

الصدوق في الهداية: عنهعليه‌السلام ، مثله، وفي المقنع مثله(٢) .

____________________________

٢ - تفسير علي بن إبراهيم ج ١ ص ١٨٧، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

الباب - ١٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

٢ - تفسير علي بن إبراهيم ج ١ ص ١٨٧، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦١.

(١) في المصدر: ثمّ عوفي.

(٢) الهداية ص ٥٠، والمقنع ص ٥٧.

٣٩١

١٧ -( باب بطلان صوم الحائض وإن رأت الدّم قرب الغروب، أو انقطع عقيب الفجر، ووجوب قضائها للصّوم دون الصلاة)

[ ٨٥٠١ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن حاضت وقد بقي عليها بقيّة يوم، أفطرت وعليها القضاء ».

١٨ -( باب استحباب إمساك الحائض بقيّة النهار، إذا طهرت في أثنائه، أو حاضت، ويجب عليها قضاؤه)

[ ٨٥٠٢ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : في المرأة إذا حاضت فاغتسلت نهارا، قال: « تكف عن الطعام، أحبّ اليّ ».

[ ٨٥٠٣ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا طهرت المرأة من حيضها، وقد بقي عليها يوم، صامت ذلك اليوم تأديبا، وعليها قضاء ذلك اليوم ».

الصدوق في المقنع: مثله، وفيه: « بقي عليها بقيّة يوم، صامت ذلك المقدار »(١) .

____________________________

الباب - ١٧

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

الباب - ١٨

١ - الجعفريات ص ٦١.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

(١) المقنع ص ٦٤.

٣٩٢

[ ٨٥٠٤ ] ٣ - السيد فضل الله الرّاوندي في نوادره: بإسناده المعتبر عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: » إذا قدم المسافر مفطرا بلده نهارا يكف عن الطعام أحبّ اليّ وكذلك قال في الحائض إذا طهرت نهارا ».

١٩ -( باب عدم وجوب الصوم على الطفل والمجنون، واستحباب تمرين الولد على الصوم لسبع أو تسع، بقدر ما يطيق، ولو بعض النهار، أو إذا أطاق، أو راهق، ووجوبه على الذكر لخمس عشرة، وعلى الأُنثى لتسع، إلّا أن يبلغ بالاحتلام أو الإنبات قبل ذلك، فيجب إلزامهما)

[ ٨٥٠٥ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنّ الغلام يؤخذ بالصيام، إذا بلغ تسع سنين، على قدر ما يطيقه، فإن أطاق إلى الظّهر أو بعده، صام إلى ذلك الوقت، فإذا غلب عليه الجوع والعطش أفطر، وإذا صام ثلاثة أيّام، فلا تأخذه بصيام الشهر كلّه ».

[ ٨٥٠٦ ] ٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام أنّه قال: « يؤمر الصبي بالصلاة إذا عقل، وبالصوم إذا أطاق ».

[ ٨٥٠٧ ] ٣ - وعن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « إنّا نأمر صبياننا بالصلاة والصيام ما أطاقوا منه، إذا كانوا أبناء سبع سنين ».

____________________________

٣ - نوادر الراوندي ص ٣٧.

الباب - ١٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٣.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٤.

٣٩٣

[ ٨٥٠٨ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام : أنّه كان يأمر الصبي بالصوم في شهر رمضان، بعض النهار، فإذا رأى الجوع والعطش غلب عليه، أمره فأفطر.

[ ٨٥٠٩ ] ٥ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: « يجب الصلاة على الصبي إذا عقل، والصوم إذا أطاق ».

السيد الرّاوندي في نوادره: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عنهعليهم‌السلام ، مثله(١) .

وتقدم عن تفسير علي بإسناده، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام : أنّه قال: « وأمّا صوم التّأديب، فالصبي يؤمر إذا راهق بالصوم، تأديبا وليس بفرض »(٢) .

____________________________

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٤.

٥ - الجعفريات ص ٥١.

(١) عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣١٩ ح ٣.

(٢) تقدم في الباب ١٦ حديث ٢.

٣٩٤

أبواب أحكام شهر رمضان

١ -( باب وجوب صومه، وعدم وجوب شئ من الصّوم، غير ما نصّ على صومه)

[ ٨٥١٠ ] ١ - الشيخ المفيد في الاختصاص: عن عبد الرحمان بن ابراهيم، عن الحسين بن مهران، عن الحسين بن عبدالله، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن محمّد عن أبيه، عن جدّه الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « جاء رجل من اليهود، إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - وساق الخبر إلى أن قال - يا محمّد، فاخبرني عن الثامن، لأيّ شئ افترض الله صوما على أُمّتك ثلاثين يوما؟ وافترض على سائر الأُمم أكثر من ذلك؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ آدم لمـّا أن أكل من الشجرة، بقي في جوفه مقدار ثلاثين يوما، فافترض الله على ذريّته ثلاثين يوماً الجوع والعطش، وما يأكلون(١) باللّيل فهو تفضّل من الله على خلقه، وكذلك كان لآدمعليه‌السلام ثلاثين يوما، كما على أُمّتي، ثمّ تلا هذه الآية:( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذين مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (٢) قال: صدقت يا محمّد، فما

____________________________

أبواب أحكام شهر رمضان

الباب - ١

١ - الاختصاص ص ٣٨.

(١) في المصدر: يأكلونه.

(٢) البقرة ٢: ١٨٣.

٣٩٥

جزاء من صامها؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما مؤمن يصوم يوماً من شهر رمضان، حاسبا محتسبا، إلّا أوجب الله تعالى له سبع خصال: أوّل الخصلة يذوب الحرام من جسده، والثّاني يتقرّب إلى رحمة الله تعالى، والثّالث يكفر خطيئته، ألا تعلم أنّ الكفّارات في الصوم يكفّر، والرّابع يهوّن عليه سكرات الموت، والخامس آمنه الله من الجوع والعطش يوم القيامة، والسّادس براءة من النّار، والسّابع أطعمه الله من طيّبات الجنّة، قال: صدقت يا محمّد ».

[ ٨٥١١ ] ٢ - ابن شهر آشوب في المناقب: عن الفضل بن ربيع، ورجل آخر، في حديث طويل أنّ هارون سأل موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، وهو لا يعرفه فقال: أخبرني ما فرضك؟ قالعليه‌السلام : « إنّ الفرض رحمك الله واحد - إلى أن قال - ومن اثني عشر واحد - إلى أن قالعليه‌السلام - وأمّا قولي من اثني عشر واحد، فصيام شهر رمضان من اثني عشر شهرا » الخبر.

[ ٨٥١٢ ] ٣ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « من صام يوماً من رمضان، خرج من ذنوبه مثل يوم ولدته أُمّه، فإن انسلخ عليه الشّهر وهو حيّ، لم تكتب عليه خطيئته إلى الحول ».

[ ٨٥١٣ ] ٤ - وعن الشعبي، عن قيس الجهني، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: « ما من يوم يصومه العبد من شهر رمضان، إلّا جاء يوم القيامة في غمامة من نور، في تلك الغمامة قصر

____________________________

٢ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٤ ص ٣١٢.

٣ - درر اللآلي ج ١ ص ١٦.

٤ - درر اللآلي ج ١ ص ١٦.

٣٩٦

من درّة، له سبعون بابا، كلّ باب من ياقوته حمراء ».

[ ٨٥١٤ ] ٥ - وعن عبد الرحمان بن عوف: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ذكر شهر رمضان، وفضله على الشّهور بما فضّله الله، وقال: « إنّ شهر رمضان شهر كتب الله صيامه على المسملين، وسَنَّ قيامه، فمن صامه إيمانا واحتسابا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥١٥ ] ٦ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « من صام شهر رمضان وقامه، إيمانا واحتسابا، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ».

[ ٨٥١٦ ] ٧ - السيد فضل الله الرّاوندي في نوادره: عن علي بن الحسين الورّاق، عن عبدالله بن جعفر، عن محمّد بن أبي نعيم بن علي، وأبي إسحاق بن عيسى، عن محمّد بن الفضل بن حاتم، عن إسحاق بن راهويه، عن النّضر بن شميل، عن القاسم بن الفضل، عن النّضر بن شيبان، عن أبي سلمة، عن عبد الرحمان، عن أبيه، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر رمضان ففضله بما فضّله الله عزّوجلّ، على سائر الشّهور، قال: « شهر فرض الله صيامه، وسنّ قيامه، فمن صام وقام(١) إيمانا واحتسابا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥١٧ ] ٨ - وعن أبي القاسم الورّاق، عن محمّد، عن عمير بن احمد، عن أبيه، عن محمّد بن سعيد، عن هدية، عن همام بن [ يحيى ](١) عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن مسيّب، عن

____________________________

٥ و ٦ - درر اللآلي ج ١ ص ١٧.

٧ - نوادر الراوندي، أخرجه عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٩ ح ١٧.

(١) في البحار: صامه وقامه.

٨ - نوادر الراوندي، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٩ ح ١٨.

(١) سقط من الطبعة الحجرية، وما أثبتناه من البحار هو الصواب « راجع =

٣٩٧

سلمانرضي‌الله‌عنه قال: خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في آخر يوم من شعبان، فقال: « قد أظلكم شهر رمضان، شهر مبارك، شهر فيه ليلة القدر(٢) خير من الف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيامه لله عزّوجلّ طوعا » الخبر.

[ ٨٥١٨ ] ٩ - علي بن ابراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: قال لي يوما: « يا زهري، من أين جئت؟ » قلت: من المسجد، قال: « فيم كنت؟ » قال: تذاكرنا فيه أمر الصوم، فاجتمع رأيي ورأي اصحابي، أنّه ليس من الصوم شئ واجب، إلّا صوم شهر رمضان، فقال: « يا زهري ليس كما قلتم، الصوم على أربعين وجها: فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان، وأربعة عشر وجها صاحبها بالخيار، إن شاء صام وإن شاء أفطر، وعشرة أوجه منها حرام، وصوم الإذن على ثلاثة أوجه، وصوم التأديب، وصوم الإباحة، وصوم السفر، والمرض »، فقلت: فسرّهنّ لي جعلت فداك، فقال: « أمّا الواجب فصوم شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين » الخبر.

ورواه الصدوق في الهداية والمقنع: عنهعليه‌السلام ، مثله(١) .

[ ٨٥١٩ ] ١٠ - وقال في قوله تعالى:( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذين

____________________________

= تهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٢٢ ».

(٢) « القدر » ليس في البحار.

٩ - تفسير القمي ج ١ ص ١٨٥، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٥٩.

(١) الهداية ص ٤٨، المقنع ص ٥٥.

١٠ - تفسير القمي ج ١ ص ٦٥.

٣٩٨

مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (١) فإنّه قال، أي الصادقعليه‌السلام كما هو الظّاهر: « أوّل ما فرض الله الصّوم، لم يفرضه في شهر رمضان إلّا على الأنبياء، ولم يفرضه على الأُمم، فلمّا بعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، خصّه بفضل [ شهر ](٢) رمضان، هو وأُمّته، وكان الصّوم قبل أن ينزل شهر رمضان، يصوم النّاس أيّاماً، ثمّ نزل:( شَهْرُ رَمَضَانَ الّذي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) (٣) ».

[ ٨٥٢٠ ] ١١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنّ الصوم على أربعين وجها - إلى أن قال - أمّا الصوم الواجب، فصوم شهر رمضان » الخبر. قال: « وقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) ، أنّه قال: من دخل عليه شهر رمضان، فصام نهاره، وأقام ورداً في ليله، وحفظ فرجه ولسانه، وغضّ بصره، وكفّ أذاه(٢) ، خرج من ذنوبه (كهيئة يوم)(٣) ولدته أُمّه، فقيل له: ما أحسن هذا من حديث! فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أصعب هذا من شرط! ».

[ ٨٥٢١ ] ١٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّد أنّه قال: « صوم شهر رمضان، فرض في كلّ عام ».

وعن عليعليه‌السلام (١) أنّه قال: « صوم شهر رمضان، جنّة

____________________________

(١) البقرة ٢: ١٨٣.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ١٨٥.

١١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(١) نفس المصدر ص ٢٤.

(٢) في المصدر: أذناه.

(٣) في المصدر: كيوم.

١٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٨.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٢٦٩.

٣٩٩

من النّار ».

[ ٨٥٢٢ ] ١٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « شهر رمضان، شهر فرض الله صيامه، فمن صامه احتسابا وإيمانا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥٢٣ ] ١٤ - القطب الرّاوندي في لبّ اللّباب: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « ينطق الله جميع الأشياء، بالثناء على صوام شهر رمضان ».

[ ٨٥٢٤ ] ١٥ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « إنّ الجنّة مشتاقة إلى أربعة نفر: إلى مطعم الجيعان، وحافظ اللّسان، وتالي القرآن، وصائم شهر رمضان، » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ رمضان إلى رمضان، كفّارة لمـّا بينهما » وقال: « أنّ الجنّة لتزيّن من السنة إلى السنة، لصوم شهر رمضان ».

[ ٨٥٢٥ ] ١٦ - الصدوق في كتاب فضائل الأشهر الثلاثة: عن أحمد بن الحسن القطان، عن أحمد بن محمّد بن محمّد بن سعيد، عن جابر بن يزيد، عن أبي الزبير المكّي، عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ الله تبارك وتعالى، لم يفرض من صيام شهر رمضان، فيما مضى الّا على الأنبياء دون أُممهم، وإنّما فرض عليكم ما فرض على أنبيائه ورسله قبلي، إكراما وتفضيلا » الخبر.

____________________________

١٣ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٣٢ ح ١.

١٤ - لب اللباب: مخطوط.

١٥ - لب اللباب: مخطوط.

١٦ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٣٩.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429