تاريخ مقام صاحب العصر والزمان عليه السلام في الحلة

تاريخ مقام صاحب العصر والزمان عليه السلام في الحلة0%

تاريخ مقام صاحب العصر والزمان عليه السلام في الحلة مؤلف:
تصنيف: مكتبة التاريخ والتراجم
الصفحات: 249

تاريخ مقام صاحب العصر والزمان عليه السلام في الحلة

مؤلف: احمد علي مجيد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 249
المشاهدات: 146182
تحميل: 7420

توضيحات:

تاريخ مقام صاحب العصر والزمان عليه السلام في الحلة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 249 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 146182 / تحميل: 7420
الحجم الحجم الحجم
تاريخ مقام صاحب العصر والزمان عليه السلام في الحلة

تاريخ مقام صاحب العصر والزمان عليه السلام في الحلة

مؤلف:
العربية

أقول : بقيت هذه العمارة الى سنتنا هذه وهي سنة ١٤٢٥ هـ وقد أرخ تلك العمارة الشيخ محمد الملا.(١) تـ ١٣٢٢ هـ في آخر قصيدة له قائلا :

محمداً فيك العلا قسـمت(٢)

آخيت(٣) اسمك اشتق من الحمد

بأنك الحائز علماً به

تهدي الى الايمان والرشد

شيدت للقائم من هاشم

مقام قدسِ شامخ المجدِ

فلم يزل تهتف فيك العلى(٤)

على لسان الحر والعبدِ

ذا خلف المهدي قد(٥)

( شاد مقام الخلف المهدي )(٦)

والشعر هذا موجود ومكتوب الى الآن على ياب المقام كتب بالقاشي الازرق ، وقم يتغير الى الان وأنا نقلته هنا على ما كتب على باب المقام وقد أورد الشيخ الخاقاني; قي كتابه ( شعراء الحلة ج ٥ ص ٢٤٢ ) هذا الشعر باختلاف يسير ، أوردته بالهامش.

____________

١ ـ هو الشيخ محمد بن حمزه بن حسين بن نور علي التستري الاهوازي الحلي المعروف بالملا ، أديب كبير ، وخطيب مفوه ، ومربي ممتاز هاجر جده الاعلى من تستر الى الحلة قبل قرنين من الزمن ، وذكره صاحب الحصون المنيعة في ج ٢ ص ٣٣ فقال : كان شاعرا ماهرا اديبا طريفا ، نظم الشعر في صباه فاعاد الى الفيحاء عهد

الصفي الحلي في تحري البديع والفن فيه حتى أصبح علما من أعلام هذا الفن.

٢ ـ الأصح ( محمد ) ورد في شعراء الحلة ( محمد فيك العلا اقسمت ).

٣ ـ هكذا ورد في الاصل والذي يقتضيه السياق ( حيث ) وورد في شعراء الحلة ( ان اسمك ).

٤ ـ ورد في شعراء الحلة ( فلم يزل يهتف فيك الثنا ).

٥ ـ ورد في شعراء الحلة ( ذا خلف المهدي مذ ارخوا ).

٦ ـ انظر : شعراء الحلة / الخاقاني; ج ٥ / ص ٢٤٢ وكذلك أعيان الشيعة / الامين; ج ٤٧ / ص ٧٢.

١٠١

كما ان الحاجعبد المجيد العطار ( ١٢٨٢ ـ ١٣٤٢ هـ ) أرخ هذه العمارة ببيتين من الشعر ضمنهما بـ ( ٢٨ ) تاريخاً قائلاً :

توقع جميل الاجـر في حرم البنا

بصاحب عصر ثاقـب باسمه السنا

بفتحك بالنـصر العـزيز رواقا

نجدّ اقتراباً ما أجار وراقا(١) (٢)

٧ ـ في القرن الخامس عشر الهجري :

سنة ١٤٢٢ هـ / ٢٠٠١ م :

سعى المرجع الديني الاعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله

الوارف بتجديد عمارة المقام وبجهود بعض المؤمنين الخيرين ، بالرغم من تلك الظروف الحرجة من محاربة وطمس آثار التشيع من قبل حزب البعث الحاكم آنذاك وتضمن هذا التجديد :

١ ـ تغليف القبة المنيفة السامية الشامخة للمقام بالقاشي الازرق.

٢ ـ تغليف أرضية المقام وجدرانه بالمرمر الفاخر.

٣ ـ تزيين سقف المقام والقبة من الداخل بالمرايا.

٤ ـ تغيير الآيات التي كتبت على واجهة المقام.

____________

١ ـ ويلحق هنا في تأريخ المقام في هذا القرن قول المرحوم الشيخ جعفر ال محبوبة تـ ١٣٧٧ هـ في كتابه ماضي النجف وحاضرها ج ١ ص ٩٥ ( حدثني بعض الثقاة المتتبعين للاثار والاخبار انه وجد في بعض الكتب المؤلفة في غيبة الامام عجل الله تعالى فرجه الشريف ان للحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف مقاماً في النعمانية ، وفي الحلة ، وفي مسجد السهلة ، وفي النجف ).

٢ ـ انظر : البابليات ج ٣ ق ٢ ص ٧٠ / البعقوبي.

١٠٢

٥ ـ تكييف المقام وإنارته بالمصابيح والثريا.

ولقد أرخ هذه العمارة الشاعر السيد عصام الحسيني السويدي قائلاً :

ياحجـة الله التي

في أرضهِ للعبدِ

شُدنا مقامكَ علّنا

نحظى بنيلِ السّعدِ

أرواحنا قبل الحجا

رةِ سابقت والايدي

بالحمدِ تمّ مؤرخـا

( أنظر مقام المهدي ) ١٤٢٢ هـ

والشعر هذا مكتوب على لوحة وضعت فوق باب المقام من الداخل.

أقول :

وفي تلك السنة أي سنة ١٤٢٢ هـ وفي حكم حزب البعث الظالم جاءت بعثة من بغداد من دائرة الاوقاف والشؤون الدينية ، وكان بنيتها دراسة هدم المقام كلياً بحجة توسعة جامع الحـلة الـكبير وان المقام لا قـيـمة له ، فأجابهم أحد الموظفين في دائرة الاوقاف والشؤون الدينية في الحلة ، بأن أصل الجامع هو من المقام ، فولوا مدبرين وأبى الله الاّ ان يتم نوره ولو كره المشركون ، وهذا مما اشتهر عند أهل الحلة وسمعته منهم ، وهو أيضا ما أخبرني به أحد موظفي دائرة الوقف الشيعي ، وكان هذا الموظف هو الراد على تلك البعثة ، وقال ما مضمونه : « على ان الله عَزَ وجَل انطقني في أن أقول أن الجامع هو أصلاً من المقام ».

علما انني احتفظت ببعض الاوراق التي تخص تلک العمارة الاخيرة وسوف أوردها في الباب الثاني عشر من كتابنا هذا.

ومن الذين قالوا شعرا بمناسبة هذه العمارة أيضاً الاستاذ ( عبد العظيم الحاج رحيم الصفار الخفاجي ) أحببت إيراده هنا قائلاً :

١٠٣

في الحلة اثرٌ يتجدد

من آثارِ آلِ محمد

يتـوارثه أهـل بلادي

ابناءً آباءً عن جد

حتى يرث الارض جميعاً

الصـالح من آل محمد

قد شيده من قد سلفوا

وبأيدي الابناء تجدد

رحم الله الماضي منهم

والحاضر يحفظه الاوحـد

والقادم يتصل بهم

وسيقـى البنـيان مشيد

قف واخلع نعليك وصلِّ

في هـذا المحراب

واهتف ( يا ابن الحسن المهدي

الأمجد يا غائباً جـُدَداً جَدّدْ )

و تتميماً للفائدة في آخر هذا الباب نذكر ترجمة السيد العلامة الكبير محمد القزويني; للتبرك بذكره الشريف ، وقد حفلت بترجمته العاطرة كثير من كتب التراجم ، ونحن نختصر ما ورد في ( الكنى والالقاب ) للشيخ المرحوم عباس القمي; ، ج ٣ ص ٥١ ، قائلاً : « سلالة الفقهاء وسلافة الادباء ابو المعز السيد محمد ابن السيد مهدي حسن ابن السيد احمد الذي هو أول من انتقل من قزوين الىالعراق وقطن النجف الاشرف ابن الحسين ابن الامير ابي القسم امير الحاج في الدولة الصفوية ينتهي نسبه الى محمد بن زيد الشهيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب7 ولد في الحلة سنة ١٢٦٢ هـ وأخذ في التعلم الى أن راهق البلوغ فهاجر هو وأخويه الاعلام وهم الميرزا جعفر والسيد حسين المتوفي سنة ١٣٢٥ هـ الى النجف مقر العلم والعلماء ومنتدى الادب والادباء فأتقن العلوم العقلية والنقلية على كثير من الاساتذة العظام والفضلاء الفخام وكان بعكس

١٠٤

١٠٥

أبيه قليل التأليف والتصنيف لا يكاد يرتضي ما صنفه حتى يغيره بعد الملاحظة والمراجعة فظهر له منظومة في المواريث ورسالة في علم التجويد ومنسك في الحج وديوان شعره وله اثار إصلاحية كاصلاح نهر الحلة وتعمير قبور العلماء في الحلة كقبر المحقق وال طاوس وابن ادريس والشيخ ورام وغيرهم ومقام الغيبة وتجديد مقام مشهد الشمس ولما خلت الحلة من أعلام هذه الاسرة واستأصل الموت شأفتهم كتب اليه الحليون وحثوه على المجئ فلبى دعوتهم فهاجر الى الحلة سنة ١٣١٣ هـ فاستقبله جمهور هم على مسافة ميلين وكان يوماً مشهوداً كيوم وفاته وأخذت العلماء والشعراء يفدون عليه لتهنئته ، وكان في الحلة الى أن باغتته المنية وأنشبت فيه أظفارها وذلك في أول سنة ١٣٣٥ ونقل الى النجف الاشرف ودفن في مقبرة ال قزوين1 ).

١٠٦

الباب السادس

في ذكر الساحة الأصلية للمقام

وتاريخ الجامع الكبير المجاور للمقام

١٠٧

١٠٨

هذا الباب من أبواب كتابنا يتضمن فوائد مهمة تتعلق بأمور تأريخية كادت أن تنسج عليها عناكب النسيان وكشف حقائق حاولت طمسها والتضبيب عليها أيد ي العبث والتمويه ، ولتسليط الضوء على هذه الامور لا بدّ من جمع حقائق تحص مساحة المقام الاصلية التي صارت تتضائل جيلاً بعد جيل ، فالمساحة الكلية للمقام اليوم هي نحو ٣٥ متراً مربعاً ، ولقد علمت أنه في سنة ( ١٤٢٢ هـ / ٢٠٠١ م ) أرادوا هدم المقام بحجة جعله بيتاً خاصاً لأمام وخطيب أهل السنة في جامع الحلة الكبير المجاور للمقام ، لكن أبى الله إلاّ أن يتم نوره ، حيث أن النقول التاريخية المبثوثة في المصادر المعتبرة تثبت سعة مساحة المقام الشريف كما يظهر ذلك مما جمعناه من شوارد متناثرة وموارد مشتتة في بطون الكتب وطيات الآثار وقد استعنا الله تعالى في جمعها وتصنيفها أولاً فأولاً ودونك التفصيل :

أولاً : في مساحة المقام الاصلية وأن الجامع الكبير المجاور له تابع للمقام الشريف :

أ ـ إن اسم جامع الحلة الكبير عند أهل الحلة مشهور بـ ( جامع الغيبة ) وقد أخذوا هذا الاسم والشهرة على جهة التسالم يداً عن يد وخلفاً عن سلف.

ب ـ إن مقام الغيبة الآن يختوي على القبة فقط دون منارة والحال إن

١٠٩

١١٠

مقامات الائمة: ومشاهدهم على كثرتها في العراق لم نرها خالية من المنارة وهذا مما يدل على أن الجامع الذي يختوي على المنارة وهو بدون قبة والمقام الذي يحتوى على القبة وبدون منارة مكان واحد.

جـ ـ أن جامع الحلة الكبير يحتوي على المنارة فقط دون القبة والحال ان المساجد الاسلامية على كثرتها في العالم الاسلامي صغيرها وكبيرها تحتوي على منارة وقبة وهذا يدل على أن الجامع الذي يحتوي على منارة بدون قبة والمقام الذي يحتوي على قبة بدون منارة مكان واحد وخصوصاً إذا ما عرفنا أن الكتابة التي كانت على المنارة ( أي حولها من الاعلى ) كانت تحتوي على لفظ الجلالة واسم الرسول وأهل بيته الاثني عشر صلوات الله عليهم أجمعين ، وفي عام ( ١٣٩٥ هـ / ١٩٧٥ م ) هدمت تلك المنارة وكتابتها ضاعت علينا وجعل بدلها منارة جديدة وكتب عليها سورة الاخلاص لتغيير تلك المعالم والخصائص التاريخية.

حدثني بذلك أقدم موظف في دائرة الوقف الشيعي ( وقد رغب بعدم ذكر اسمه ) وكان مشرفاً على بناء بلك المنارة الجديدة وذكر لي انه رأى تلك الكتابة القديمة التي على المنارة السابقة الذكر ، وكان باني المنارة الجديدة من أهالي الديوانية وكان القاشي المكتوب عليه أسماء الاثني عشر عليهما السَّم محفوظاً لمدة في دائرة الاوقاف ، وطلبت منه تصويره فوتوغرافيا فقال لا أعلم أين هو الآن ، وكذلك سألنا الوجيه الشاعر عبد الامير محمود الجبوري صاحب كتاب ( صرخة الثقلين ) في مدح ورثاء أهل البيت: وهو رجل كبير السن ، انه هل رأى تلك الكتابة؟ قال : نعم ، وسألنا الوجيه أمجد هلال

١١١

مبارك وهو من مواليد ١٩٣٥ م ومحله قريب من الجامع الكبير ، فقال انا رأيت بلك المنارة وما هو مكتوب عليها سابقا ، وانها هدّمت في سنة ١٩٧٥ م وبني على أسها منارة جديدة وذلك لتغيير معالم ذلك الجامع ، منكراً ما قاله لي موظف من دائرة الوقف الشيعي بأن المنارة القديمة كانت آيلة للسقوط ، فقال الحاج أمجد انه لم تكن آيلة للسقوط ، ووانها هدمت بسبب ما علنها من الاسماء الطاهرة ، كما ذكر لي هذا الرجل أن مقام الغيبة كان في وسط الجامع الكبير ويقرب المنارة التي في الجامع ولكثرة زائري المقام من الرجال والنساء وبغية عدم اختلاطهم جعل مقام رمزي الأمام7 خاص بالنساء في جنوب الجامع ومن ثم اخبزل هذا المقام الذي كان خاصا بالنساء واغتصب المقام الاصلي الذي هو في الجامع من قبل الدولة العثمانية ، ثم قال هذا ما سمعته من والدي هلال عبود وهو من مـواليد ١٨٩٨ م ومن أهل السوق القدماء.

أقول : وهذا لا يبعد مما عرفناه من أفعال الدولة العثمانية وما نثبته تأريخيا بعد هذه الاسطر كاف ، وكان سبب تدويني لأقوال هذا الرجل ، لقربه من الجامع ، ولكبر سنة ، ولعلاقة أجداده بتاريخ هذا الجامع كما ستعرف ، كما ذكر لي السيد حيدر آل وتوت صاحب كتاب المزارات ومراقد العلماء في الحلة الفيحاء ) إن رجلاً من آل القيم وهم من سدنة المقام لقرون رأى بلك الكتابة ، ومما يؤيد هذا الكلام قرب المسافة بين المنارة والقبة ، وهذا ما تراه في الصورة الفوتغرافية التي نوردها في آخر الكتاب ، إذ المسافة بينهما تبعد نحو ٢٥ متراً.

١١٢

حـ ـ ما ذكره الشيخ محمد علي اليعقوبي; في كتابه ( البابليات ) ج ٢ ص ١٠٥ في ترجمة الملا محمد القيم قال : ( ابو الحسن محمد بن يوسف بن يوسف ين ابراهيم بن اسماعيل بن سلمان بن عبد المهدي ، وكان جده هذا سادناً وقيماً على مقام الامام المهدي7 الواقع في سوق الهرج في الحلة المسمى بالغيبة وهو المقام الذي ذكره ابن بطوطة في رحلته وابن خلدون في مقدمته ، وكان السادن المذكور يتولى أيضاً اوقاف الجامع الكبير الذي يجاوره مقام الغيبة جنوبا وذلك قبل أربعة قرون تقريبا ، كما بحكيه الصكوك والوثائق التي بأيدي هذه الاسرة من الحكومتين الصفوية والعثمانية ، ومن ثم عرفوا بآل ( القيم ) وهم حتى اليوم يستغلون ثمرة بلك الاوقاف الواقعة شمالي الحلة في الزاضع المعروف بـ [ الزوير ].

أقول : إن هذا الكلام يدل على أن أوقاف الجامع والمقام وهي الواقعة في الموضع المفروف بـ ( الزوير ) كانت واحدة ، كما إن الرجل المتولي عليها واحد ، وهذا مما يؤيد أن المكان ( أي المقام والجامع ) كان واحدا.

ز ـ قول الرحالة ابن بطوطة في أثناء زيارته الاولى للحلة في سنة ٧٢٥ هـ « وبمقربة من السوق الاعظم مسجد على بابه ستر حرير مسدول وهم يسمونه مشهد صاحب الزمان ، ومن عادتهم أن يخرجفي كل ليلة مائة رجل من أهل المدينة ، عليهم السلاح وبأيديهم سيوف مشهورة فيأتون أمير المدينة بعد صلاة العصر فيأخذون منه فرساً ملجماً أو بغلة ، كذلك ويضربون الطبول والانفار والبوقات أمام بلك الدابة تتقدمها خمسون منه ويتبعها مثلهم ويمشي

١١٣

آخـرون عن يمينها وشمالها ويأتون مشهد صـاحب الـزمان فيقفون بالباب ».(١)

وقوله في زيارته الثانية : « ثم الى الحلة حيث مشهد صاحب الزمان واتفق في بعض تلك الايام أن وليها بعض الامراء فمنع أهلها من التوجه على عادتهم الى مسجد صاحب الزمان ».(٢)

فلنستخرج من كلامه ما يهمنا :

١ ـ قوله عن موضع المقام ( وبمقربة من السوق الاعظم مسجد على بابه حرير مسدول وهم يسمونه مشهد صاحب الزمان ) أنظر قوله من السوق الاعظم ، ولم يقل أن موضعه خارج السوق ، كما هو الآن ، وخصوصا إذا ما عرفنا أن السوق كان أضيق من الآن بكثير فلقد وسِّع مرتين مرة في أواخر العهد العثمانـي ( في عهد الوالي عمر باشا ) وفي عهد الستينات الميلادية من عصرنا هذا.

٢ ـ وصف المقام ومساحته : مرةً ذكره بأنه مسجد صاحب الزمان ومرةً مشهد صاحب الزمان وأنه من السوق وأنه يسع لنحو مئة رجل ، فهذا الوصف الذي قال عنه ابن بطوطة لا يشبه وصف المقام الحالي وذلك لمساحته الصغيرة التي لا تزيد على ٣٩ متراً مربعاً ، فأن المقام الآن لا يسع لعشرين رجلاً ، ثم لو أن المقام على موضعه الحالي في ظهر السوق ومساحته الصغيرة لو كان هكذا في عصر ابن بطوطة لما التفت اليه ابن بطوطة ولما نوه عنه أصلا لما عرفت من تعصبه

__________________

١ ـ أنظر : رحلة ابن بطوطة ص ١٣٩.

٢ ـ أنظر : المصدر السابق ص ١٧٤.

١١٤

لأهل السنة ولو كان الجامع الذي بظهر المقام وهـو لأهل السنة الآن موجوداً في عصر ابن بطوطة لأشاد به وتبجح بذكره أي تبجح.

ط ـ موضع الشباك الحالي في داخل المقام : دأب الشيعة أن يضعوا في مقامات أئمتهم ( شباكاً ) أو نحو ذلك وعلى جهة القبلة فهذا مسجد السهلة ومقاماته وكذلك مسجد الكوفة ومقاماته وغيرها من المقامات المشهورة عند الشيعة ، لكن ما نراه الآن أن شباك هذا المقام يقع في ظهر القبلة بالنسبة للسصلي في داخل المقام وهذا يخالف القاعدة ومما يؤيد قول الشيخ محمد بن قارون في حكاية أبي راجح الحمامي التي أوردناها في الباب الثالث ( كان حاكم الحلة المسمى مرجان الصغير كلما يدخل هذا المقام يعطي ظهره القبلة الشريفة إذا جلس فيه وعندما شاهد فضية أبو راجح الحمامي ، تغيرت عقيدته ، وصار يستقبل القبلة إذا جلس فيه ) أنتهى.

والحال أن في الوقت الحالي جميع الداخلين للمقام حالهم كحال هذا الحاكم في جلوسه الأول ، لأن القبلة الشريفة كناية عن هذا الشباك الموضوع في جهة القبلة.

ظ ـ قول الراوي في حكاية ابن الخطيب ، التي أوردناها في الباب الثالث ( وبتنَ بأجمعهنّ بباب القبة ) أي مجموعة النساء اللواتي كنّ يرافقن أم عثمان ، والحال أن من يبيت الآن بباب القبة ينام في وسط السوق لضيق المحل.

م ـ قول الشسخ الزهدري في حكايته الواردة في الباب الثالث من كتابنا هـذا ( وانطبق عليّ الناس حتى كادوا أن يقتلونني ، وأخذوا ما كان عليّ من

١١٥

الثياب تقطيعاً وتنتيفاً يتبركون فيها ، وكساني الناس من ثيابهم ، ورجعت الى البيت ) والحال أن مساحة المقام الحالية لا تسع لدخول القليل من الناس فضلاً عن الكثير منهم كما وصفهم ابن الزهدري.

و ـ قول السيد حيدر آل وتوت في كتابه ( المزارات ومراقد العلماء في الحلة الفيحاء ) أن هناك من أخبرني أن مساحة مقام الأمام المهدي7 المشار اليها قد تم اختصارها بسبب بناء الجامع المعروف بجامع الحلة الكبير الدي يقام فيه خطبة الجمعة وصلاة الجماعة عند أخواننا السنة حيث انضم قسم كبير من أرض المقام وأصبح ضمن الجامع.

وهذا يكفي لاثبات المساحة الأصلية للمقام.

ثانياً : في تأريخ الجامع الكبير في الحلة وأن أصله للشيعة لا لأهل السنة :

أقول : أرجوا أن لا يتصور القارىء في كلامي هذا أنني أريد أن أثير نعرات طائفية فالأخوان أخوان ونحن متأدبون بأداب أئمتنا: وعلمائنا الأعلام وخصوصاً إذا ما عرفنا أن فقيه عصره آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله أفتى في الظروف الحالية بعدم جواز أخذ جوامع أهل السنة منهم ، والحال هنا يختلف لأن أصل الجامع هذا للشيعة وأخذ منهم قسراً من قبل الحكومات الظالمة الحاكمة للعراق ، والآن فلنتعرض لذكر تأريخ هذا الجامع.

الأمر الأول : (في تشيع أهل الحلة ).

١ ـ قال ابن بطوطة عند دخوله الحلة في سنة ٧٢٥ هـ ( وأهل هذه المدينة كلهم إمامية أثنا عشرية ).

__________________

١ ـ أنظر : رحلة ابن بطوطة ص ١٣٩.

١١٦

٢ ـ قال السيوطي تـ ٩١١ هـ في ( البغية / ١٥١ ) حاكياً عن الذهبي : في ترجمة ( أحمد بن علي بن معقل الأزدي المهلبي الحمصي ، الأديبالغالي

في التشيع أنه ولد سنة ٥٦٧ هـ وهاجر من حمص الى الحلة وتعلم الرفض هناك عن أهلها ).(١)

٣ ـ قال السيد محسن الأمين العاملي; تـ ١٣٧١ هـ : ( وتشيع أهل الحلة مشهور معروف من قديم الزمان وكانت دار العلم للشيعة في القرن الخامس وما بعده واليها الهجرة وخرج منها جماعة من أجلاء علماء الشيعة وفقهائهم وأدبائهم ).(٢)

٤ ـ وذكر آية الله العظمى الشيخ المجتهد الاكبر الأمام محمد حسين أل كاشف الغطاء; في مقدمة كتاب ( البابليات ) للشيخ اليعقوبي; : ( أن للحلة مميزات أربعاً ومنها تشيعها من أول تأسيسها الى عصرنا هذا ) ، وهذه الأقوال الأربعة تدل على أن الحلة لم تعرف التسنن إلا في اواخر الدولة العثمانية.

الأمر الثاني : في تأريخ الجامع الكبير في الحلة.

التاريخ الأول :

قلنا سابقاً إن آل القيم كانوا هم المتولين على أوقاف الجامـع والمقام معاً وكانت هذه الأوقاف في موضع يقال له ( الزوير ) ولدى هذا البيت صكوك ووثائق تثبت توليتهم من قبل الحكومتين الصفوية والعثمانية منذ أربعة قرون ، وكان من مشاهير هذا البيت الملا محمّد القيم ( تـ ١٢٩٣ هـ ).(٣)

__________________

١ ـ أنظر : الأنوار الساطعة ( ق ٧ ) ص ٨.

٢ ـ أنظر : أعيان الشيعة ، ١ / ٢٠١.

٣ ـ أنظر : ( البابليات ) ٢ / ١٠٥ و( شعراء الحلة ) ٤ / ٤١٧.

١١٧

التاريخ الثاني :

في تأريخ الأستحواذ على الجامع : ذكر الشيخ علي الخاقاني; في كتابه ( شعـراء الحـلة ) ٤ / ٢٨٠ ، في ترجمة الملا مبارك الحلي المتوفى سنة ١٢٧٠ هـ ، قائلاً : « هو ملا مبارك بن محمد صالح بن مبارك بن محمود بن أحمد بن حاج حسين الزبيدي الحلي ،(١) كان من الشخصيات المرموقة في وسطه ثري الجاه والمال ثقة في النفوس قوي الأرادة والنفوذ ، وأسرته وعلى رأسهم هو كثيراً ما خرجت على طاعة الحكومة التركية وناضلتها وقد أقلقتها ردحاً من الزمن الى ان قست معها بمصادرة أملاك المترجم له واوقاوفه ومنها الجامع الواقع في السوق الكبير في الحلة بمحلة جبران فقد غصبته الحكومة من ملا مبارك وجعلت فيه إماماً وغيرت لونه وشعاره ( أي من التشييع الى التسنن ) وكانت له أراضي واسعة ( أي الجامع ) في الزراعة تدعى ( الزوير ) ودور كثيرة فصادرتها أيضاً ».

أقول : إن الظاهر من التاريخ الاول للجامع الوارد أعلاه أن الملا مباركاً كان متوليا على الجامع وأوقافه من قبل ال القيم حسب ما ورد أعلاه وذلك لأطمئنان النفس اليه وثقته وبدل على هذا رعايته لأملاك ومصالح الفقيه الكبير السيد مهدي القزويني ( تـ ١٣٠٠ هـ ) وان الاستحواذ على الجامع كان قبل وفاة الملا مبارك سنة ( ١٢٧٠ هـ / ١٨٥٠ م ).

__________________

١ ـ أقول : أني رأيت من أحفاد أخيه وسألته عن تأريخ الجامع ومنارته وهو الوجيه ( أمجد بن هلال بن عبود بن مهدي بن محمد صالح الخ ، وهم يرجعون الى آل صياد فخذ من عشيرة البو سلطان من زبيد ).

١١٨

التاريخ الثالث :

سنة ١٢٩٢ هـ مات في هذه السنة متصرف الحلة شبلي باشا العريان ودفن في هذا الجامع.(١)

التاريخ الرابع :

في حادثة عاكف التركي ١٣٣٥ هـ

فرق عاكف عسكره في طرقات الحلة وسورها ودواثر الحكومة ، طلباً للفارين من ساحات القتال من الحليين ، وجعل بعضاً من الجنود على منارة الجامع الكبير لأرتفاعها على دور البلد ، وهذا من استهتار عاكف لأن بيوت الله يجب أن تكون بعيدة عن الاغراض الحربية.(٢)

التاريخ الخامس :

في شهر رمضان سنة ١٣٣٨ هـ ، نادى مناد في أسواق الحلة ان الليلة يقام اجتماع في الجامع الكبير يتلى فيه كتاب العلامة الشيرازي ، وما ان حل الوقت المضروب حتى هرع الناس الى الجامع فغص الجامع على اتساعه بالحاضرين ، وارتقى الخطيب الشيخ محمّد

__________________

١ ـ تولى أمر الحلة في اخر أيام عمر باشا ، وهو من دروز سوريا وكانت توليته الحلة سنة ١٢٧٥ هـ وقد شغل هذا المنصب عدة سنين ، وكان له نفوذ كبير حارب به الخزاعل وخضد شوكتهم ثم نقل من الحلة الى بغداد وذلك أثر شكوى تقدم بها أهالي محلة التعيس لأنه اجبرهم على دفع مبلغ مقابل مواد مسروقة من كنيسة لليهود في تلك المحلة ، قم تولى متصرفية الحلة سن ١٢٩٠ الى ١٢٩٢ هـ ثم مات أثر مرض الطاعون وفي رواية انه مات مسموما اثر خلاف مع والي بغداد ، راجع تاريخ الحلة ج ١ ص ١٦٤ ( بتصرف ).

٢ ـ أنظر : تاريخ الحلة ج ١ / ص ١٦٤ ( بتصرف ).

١١٩

الشهيب وتلا رسالة الشيرازي ، وكانت تتضمن حث العراقيين على المطالبة بحقوقهم المشروعة بالطرق السلمية ، ثم القيت بعض الخطب والقصائد الحماسية فالتهبت نفوس الجماهير بالحماس الوطني.(١)

التاريخ السادس :

سنة ١٣٥١ هـ في هذه السنة من اواخر صفر الخير دفن في هذا الجامع السيد عبد السلام بن السيد عبد الله بن السيدعبد الحافظ .(٢)

التاريخ السابع :

( ١٣٧٨ هـ / ١٩٦٧ م ) جددت عمارةالجامع وهناك من حدثني أن الجامع كان بمستوى منخفض عن أرض السوق عليه آثار القدم وأرضيته من الحصا والتراب ومنارته تعلوها أسماءاهل البيت7 فاقتطعت مساحة من أرضه في عمارته الأخيرة على يسار الداخل اليه وجعلت سوقا يسمى بـ ( سوق الاوقاف ) وهو الآن مشهور عند أهل

__________________

١ ـ أنظر : تاريخ الحلة ج ١ / ص ١٧٤.

٢ ـ ولد المترجم سنة ١٢٩٢ هـ في محلة الاكراد بالحلة كان قد جاء جده عبد الحافظ المذكور الى الحلة بانتقاله من بلدة هيت وقرأ على بعض علماء السنة وبعد أن حصل على علم جم عين مدرساً وخطيباً واماماً وواعظا في الحلة وهو رجل فاضل وله مؤلفات منها كتاب درة الواعضين وله كشكول وله مجاميع أخرى وقد رثاه قاسم بن محمد الملا راجع كتاب ( لب الالباب ) تأليف محمد صالح السهر وردي ص ١٤٤ ، أقول : سمعت حكاية ينقلها أكثر اهل الحلة وهي أن السيد عبد السلام المذكور صعد المنبر يوماً وقال لا يدخل رجل الجنة الا بصك من أمير المؤمنين علي7 وذكر استدلالاً لحديثه فبعد هذه الحادثة قامت الدولة بطرده من الجامع فقامت الشيعة بتعهد أمره ، فأوصى أن يدفن بالنجف لكن الوصية لم تنفذ ودفن بهذا الجامع المذكور.

١٢٠