• البداية
  • السابق
  • 608 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 46547 / تحميل: 6463
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 11

مؤلف:
العربية

و ام أيوب بقطيفة نتتبع الماء شفقة أن يخلص إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله منه شي‏ء ، و نزلت إليه صلّى اللّه عليه و آله و أنا مشفق و قلت : ليس ينبغي أن نكون فوقك ، انتقل إلى الغرفة مات بالقسطنطينية زمن معاوية سنة ( ٥٠ ) أو ( ٥١ ) أو ( ٥٢ ) و هو الأكثر .

« في عشرة آلاف » هكذا في ( المصرية١ و ابن أبي الحديد )٢ و ليس كلّه في ( ابن ميثم )٣ .

« و لغيرهم على اعداد اخر ، و هو يريد الرجعة إلى صفين » لقتال معاوية .

« فما دارت الجمعة » بعد خطبته تلك و جعله معسكرا .

« حتى ضربه الملعون ابن ملجم لعنه اللّه » قالوا : كان في الإسلام ضربتان لم تكن ضربة أيمن من أولاهما ، و هي ضربته عليه السلام عمرا يوم الخندق التي قال فيها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله : أفضل من عبادة الثقلين و أشأم من اخراهما و هي ضربة ابن ملجم له عليه السلام فما رأى النّاس من بعده عليه السلام عدلا و لا يرونه حتى يظهر القائم عليه السلام .

و في ( تاريخ اليعقوبي )٤ : قدم ابن ملجم الكوفة لعشر بقين من شعبان سنة أربعين ، فلمّا بلغ عليّا عليه السلام قدومه قال : « أوقد وافي ؟ أما إنّه ما بقي عليّ غيره ، هذا أوانه » فنزل على الأشعث فأقام عنده شهرا يستحد سيفه .

و في ( المناقب ) قال ابن عباس : كان ابن ملجم من ولد قيدار عاقر ناقة صالح و قصّتهما واحدة ، لأنّ قيدار عشق امرأة يقال لها : رباب ، كما عشق ابن ملجم لقطام ، و سمع منه يقول لآخر : لأضربنّ عليّا بسيفي هذا فذهب به إليه عليه السلام ، فقال له : ما اسمك ؟ قال : عبد الرحمن بن ملجم قال : نشدتك باللّه عن

ــــــــــــ

 ( ١ ) الطبعة المصرية ٢ : ١٣٢ .

 ( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٠ : ١٠٠ .

 ( ٣ ) شرح ابن ميثم ٣ : ٣٩٢ .

 ( ٤ ) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢١٢ .

٢١

شي‏ء تخبرني ؟ قال : نعم قال : هل مرّ عليك شيخ يتوكأ على عصاه و أنت في الباب ، فمشقك بعصاه ثم قال : بؤسا لك أشقى من عاقر ناقة ثمود ؟ قال : نعم .

قال : هل كان الصبيان يسمّونك ابن راعية الكلاب و أنت تلعب معهم ؟ قال : نعم .

قال : هل أخبرتك امّك أنّها حملت بك و هي طامث ؟ قال : نعم قال : فبايع فبايع ،

ثم قال : خلوه .

و في ( الإرشاد )١ : روى أبو زيد الأحول عن الأجلح قال : سمعت أشياخ كندة أكثر من عشرين مرّة يقولون : سمعنا عليّا عليه السلام على المنبر يقول : ما يمنع أشقاها أن يخضبها بدم ؟ و يضع يده على لحيته .

و فيه٢ : ذكر عبد اللّه بن محمّد الأزدي قال : إنّي لاصلّي تلك الليلة في المسجد الأعظم مع رجال من أهل المصر ، كانوا يصلّون في ذلك الشهر من أوّله إلى آخره ، إذ نظرت إلى رجال قريبا من السدة ، و خرج عليه السلام لصلاة الفجر فأخذ ينادي الصلاة الصلاة : فما أدري أنادى ، أم رأيت بريق السيوف ؟

و سمعته عليه السلام يقول : لا يفوتنكم الرجل فاذا هو مضروب .

و رواه أبو الفرج٣ ، و في خبره : أم رأيت بريق سيف ثم رأيت بريق سيف آخر .

و في ( الإرشاد )٤ : كان عليه السلام خرج يوقظ النّاس لصلاة الصبح ليلة تسع عشرة ، و قد كان قصده ابن ملجم في أوّل الليل ، فلمّا مرّ به و هو متماكر بإظهار النوم في جملة النيام ثار إليه فضربه على امّ رأسه بالسيف ، فمكث عليه السلام إلى نحو الثلث الأوّل ليلة إحدى و عشرين ، و قد كان عليه السلام يعلم ذلك قبل أوانه

ــــــــــــ

 ( ١ ) الإرشاد ١ : ١٣ .

 ( ٢ ) إرشاد المفيد ١ : ٢٠ .

 ( ٣ ) المقاتل لأبي الفرج : ٢١ .

 ( ٤ ) الإرشاد ١ : ٩ .

٢٢

و يخبر به النّاس قبل زمانه ، و تولّى غسله و تكفينه و دفنه الحسنان عليهما السلام بأمره ، و حملاه إلى الغري من نجف الكوفة و عفيا موضع قبره بوصيته ، لمّا كان عليه السلام يعلمه من دولة بني امية بعده ، ثم دلّ عليه الصادق عليه السلام في الدولة العباسية ، و زاره عند وروده إلى أبي جعفر و هو بالحيرة ، فعرفته الشيعة و استأنفوا إذ ذاك زيارته ، و كان سنّه عليه السلام ثلاثا و ستين سنة .

و روى عباد بن يعقوب الرواجنيّ عن حيان الغزيّ عن مولى لعليّ عليه السلام ،

قال : لمّا حضرته الوفاة قال للحسنين : إذا أنا متّ فاحملاني على سريري ثم أخرجاني ، و احملا مؤخّر السرير فإنكما تكفيان مقدمه ، ثم ائتيابي الغريين فانّكما ستريان صخرة بيضاء تلمع نورا ، فاحتفرا فيها فإنّكما تجدان فيها ساجة فادفناني فيها إلى أن قال فاحتفرنا فإذا ساجة مكتوب عليها هذا ممّا ادّخرها نوح لعليّ بن أبي طالب عليه السلام .

و روى محمّد بن زكريا عن عبد اللّه بن محمّد عن أبي عايشة عن عبد اللّه بن حازم ، قال : خرجنا يوما مع الرشيد من الكوفة نتصيّد ، فصرنا إلى ناحية الغريين و الثوية ، فرأينا ظباء فأرسلنا عليها الصقور و الكلاب ، فجاولتها ساعة ثم لجأت الظباء إلى أكمة فوقف عليها فسقطت الصقور ناحية و رجعت الكلاب ، فعجب الرشيد من ذلك ، ثم إنّ الظباء هبطت من الأكمة فهبطت الصقور و الكلاب عليها ، فرجعت الظباء إلى الأكمة فتراجعت عنها الصقور و الكلاب فعلت ذلك ثلاثا فقال الرشيد : اركضوا فمن لقيتموه فأتوني به فأتيناه بشيخ من بني أسد ، فقال له : أخبرني ما هذه الأكمة ؟ قال : إن جعلت لي الأمان .

قال : لك عهد اللّه و ميثاقه قال : حدّثني أبي عن آبائه أنّهم كانوا يقولون : إنّ في هذه الأكمة قبر عليّ عليه السلام جعله اللّه حرما ، لا يأوي إليه شي‏ء إلاّ أمن .

« فكنّا كأغنام فقدت راعيها ، تختطفها الذئاب من كلّ مكان » في ( مقاتل

٢٣

أبي الفرج )١ : كتب معاوية بعد مقتله عليه السلام إلى عمّاله نسخة واحدة : إنّ اللّه بلطفه و حسن صنيعه أتاح لعليّ رجلا فاغتاله ، فترك أصحابه متفرّقين مختلفين ، و قد جاءنا كتب أشرافهم و قادتهم ، يلتمسون الأمان لأنفسهم و عشائرهم .

و في ( الطبري )٢ : قال أبو الأسود الدؤليّ في رثائه عليه السلام :

ألا أبلغ معاوية بن حرب

فلا قرّت عيون الشامتينا

أ في شهر الصيّام فجعتمونا

بخير النّاس طرّا أجمعينا

قتلتم خير من ركب المطايا

و رحلّها و من ركب السفينا

و من لبس النعال و من حذاها

و من قرأ المثاني و المئينا

إذا استقبلت وجه أبي حسين

رأيت البدر راع الناظرينا

لقد علمت قريش حيث كانت

بأنّك خيرها حسبا و دينا

و في ( المقاتل )٣ : قالت امّ الهيثم النخعية في رثائه عليه السلام :

ألا يا عين ويحك فاسعدينا

ألا تبكي أمير المؤمنينا

و كنّا قبل مقتله بخير

نرى مولى رسول اللّه فينا

يقيم الدين لا يرتاب فيه

و يقضي بالفرائض مستبينا

و يدعو للجماعة من عصاه

و ينهك قطع أيدي السارقينا

و ليس بكاتم علما لديه

و لم يخلق من المتجبرينا

لعمر أبي لقد أصحاب مصر

على طول الصحابة أوجعونا

و غرّونا بأنّهم عكوف

و ليس كذاك فعل العاكفينا

ــــــــــــ

 ( ١ ) المقاتل لأبي الفرج : ٣٨ .

 ( ٢ ) تاريخ الطبري ٥ : ١٥٠ .

 ( ٣ ) المقاتل لأبي الفرج : ٢٧ .

٢٤

كأن النّاس إذ فقدوا عليّا

نعام جال في بلد سنينا

و لو أنّا سئلنا المال فيه

بذلنا المال فيه و البنينا

شاب ذؤابتي و أطال حزني

امامة حين فارقت القرينا

هذا و لابن بقيلة :

فصرنا بعد هلاك أبي قبيس

كجرب المعز في اليوم المطير

٥

الخطبة ( ١٤٦ ) و من كلام له عليه السلام قبل موته :

أَيُّهَا اَلنَّاسُ كُلُّ اِمْرِئٍ لاَقٍ مَا يَفِرُّ مِنْهُ فِي فِرَارِهِ وَ اَلْأَجَلُ مَسَاقُ اَلنَّفْسِ وَ اَلْهَرَبُ مِنْهُ مُوَافَاتُهُ كَمْ أَطْرَدْتُ اَلْأَيَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هَذَا اَلْأَمْرِ فَأَبَى اَللَّهُ إِلاَّ إِخْفَاءَهُ هَيْهَاتَ عِلْمٌ مَخْزُونٌ أَمَّا وَصِيَّتِي فَاللَّهَ لاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ ؟ مُحَمَّداً ص ؟ فَلاَ تُضَيِّعُوا سُنَّتَهُ أَقِيمُوا هَذَيْنِ اَلْعَمُودَيْنِ وَ أَوْقِدُوا هَذَيْنِ اَلْمِصْبَاحَيْنِ وَ خَلاَكُمْ ذَمٌّ مَا لَمْ تَشْرُدُوا حُمِّلَ كُلُّ اِمْرِئٍ مِنْكُمْ مَجْهُودَهُ وَ خُفِّفَ عَنِ اَلْجَهَلَةِ رَبٌّ رَحِيمٌ وَ دِينٌ قَوِيمٌ وَ إِمَامٌ عَلِيمٌ أَنَا بِالْأَمْسِ صَاحِبُكُمْ وَ أَنَا اَلْيَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ وَ غَداً مُفَارِقُكُمْ غَفَرَ اَللَّهُ لِي وَ لَكُمْ إِنْ تَثْبُتِ اَلْوَطْأَةُ فِي هَذِهِ اَلْمَزَلَّةِ فَذَاكَ وَ إِنْ تَدْحَضِ اَلْقَدَمُ فَإِنَّا كُنَّا فِي أَفْيَاءِ أَغْصَانٍ وَ مَهَبِّ رِيَاحٍ وَ تَحْتَ ظِلِّ غَمَامٍ اِضْمَحَلَّ فِي اَلْجَوِّ مُتَلَفَّقُهَا وَ عَفَا فِي اَلْأَرْضِ مَخَطُّهَا وَ إِنَّمَا كُنْتُ جَاراً جَاوَرَكُمْ بَدَنِي أَيَّاماً وَ سَتُعْقَبُونَ مِنِّي جُثَّةً خَلاَءً سَاكِنَةً بَعْدَ حَرَاكٍ وَ صَامِتَةً بَعْدَ نُطْقٍ لِيَعِظَكُمْ هُدُوِّي وَ خُفُوتُ إِطْرَاقِي وَ سُكُونُ أَطْرَافِي فَإِنَّهُ أَوْعَظُ لِلْمُعْتَبِرِينَ مِنَ اَلْمَنْطِقِ اَلْبَلِيغِ وَ اَلْقَوْلِ اَلْمَسْمُوعِ وَدَاعِيْكُمْ وَدَاعُ اِمْرِئٍ مُرْصِدٍ لِلتَّلاَقِي غَداً تَرَوْنَ أَيَّامِي وَ يُكْشَفُ لَكُمْ عَنْ سَرَائِرِي

٢٥

وَ تَعْرِفُونَنِي بَعْدَ خُلُوِّ مَكَانِي وَ قِيَامِ غَيْرِي مَقَامِي أقول : رواه ( الكافي )١ في باب الإشارة و النصّ على الحسن عليه السلام ، رواه عن إبراهيم الأحمريّ مرفوعا و عن الحسين الحسنيّ مرفوعا : لمّا ضرب أمير المؤمنين عليه السلام حف به العوّاد و قيل له : أوص فقال : اثنوا ليّ الوسادة ثم قال :

الحمد للّه حقّ قدره متّبعين أمره ، أحمده كما أحب ، و لا إله إلاّ اللّه الواحد الأحد الصمد كما انتصب ، أيّها النّاس كلّ امرئ لاق في فراره ما منه يفر ، و الأجل مساق النفس إليه ، و الهرب منه موافاته ، كم أطردت الأيّام أبحثها عن مكنون هذا الأمر ، فأبى اللّه تعالى إلاّ إخفاءه ، هيهات علم مكنون مخزون ، أمّا وصيّتي :

فلا تشركوا باللّه شيئا ، و محمّدا فلا تضيّعوا سنّته أقيموا هذين العمودين ،

و أوقدوا هذين المصباحين ، و خلاكم ذمّ ما لم تشردوا ، حمل كلّ امرئ منكم مجهوده ، و خفف عن الجهلة ربّ رحيم ، و إمام عليم ، و دين قويم ، أنا بالأمس صاحبكم ، و اليوم عبرة لكم ، و غدا مفارقكم ، إن تثبت الوطأة في هذه المزلة فذاك المراد ، و إن تدحض القدم فإنّا كنّا في أفياء أغصان ، و ذرى رياح ، و تحت ظلّ غمامة اضمحل في الجو ملتفّقها ، و عفا في الأرض مخطّها ، و إنّما كنت جارا جاوركم بدني أياما ، و ستعقبون منّي جثّة خلاء ساكنة بعد حركة ،

و كاظمة بعد نطق ، ليعظكم هدوّي و خفوت إطراقي و سكون أطرافي ، فإنّه أوعظ لكم من الناطق البليغ ، ودّعتكم وداع امرئ مرصد للتلاقي ، غدا ترون أيامي و يكشف اللّه تعالى عن سرائري ، و تعرفوني بعد خلو مكاني و قيام غيري مقامي ، إن أبق فأنا وليّ دمي ، و إن افن فالفناء ميعادي ، العفو لي قربة و لكم حسنة ، فاعفوا و اصفحوا ، ألا تحبون أن يغفر اللّه تعالى لكم ؟ فيالها حسرة على كلّ ذي غفلة ، أن يكون عمره عليه حجّة ، أو تؤدّيه أيامه إلى شقوة

ــــــــــــ

 ( ١ ) الكافي ١ : ٢٩٩ ح ٦ .

٢٦

جعلنا اللّه و إيّاكم ممّن لا يقصر به عن طاعة اللّه تعالى رغبة ، أو يحل به بعد الموت نقمة ، فإنّا نحن له و به ثم أقبل على الحسن عليه السلام فقال : يا بني ضربة مكان ضربة ، و لا تأثم .

و رواه ( مروج المسعودي )١ في باب لمع من كلامه عليه السلام فقال : ذكر جماعة من أهل النقل عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عن أبيه أنّ عليّا عليه السلام قال في صبيحة الليلة التي ضربه فيها عبد الرحمن بن ملجم بعد حمد اللّه و الثناء عليه و الصلاة على رسوله عليه السلام : كلّ امرئ ملاقيه ما يفرّ منه ، و الأجل تستاق النفس إليه ، و الهرب منه موافاته ، كم أطردت الأيّام أتحينها عن مكنون هذا الأمر ، فأبى اللّه عزّ و جلّ إلاّ اخفاءه ، هيهات علم مكنون ، أمّا وصيّتي : فلا تشركوا به شيئا ، و محمّد فلا تضيّعوا سنّته ، أقيموا هذين العمودين ، حمل كلّ امرئ منكم مجهوده ، و خفف عن الجهلة ربّ رحيم ، و دين قويم و إمام عليم ،

كنّا في اعصار و ذرى رياح ، تحت ظلّ غمامة اضمحل راكدها فخطها من الأرض إلى أن قال ليعظكم هدوّي و خفوت أطرافي ، إنّه أوعظ لكم من نطق البليغ ، ودّعتكم وداع امرئ مرصد للتلاق ، و غدا ترون و يكشف عن ساق ،

عليكم السلام إلى يوم المرام ، كنت بالأمس صاحبكم ، و اليوم عظة لكم ، و غدا افارقكم ، إن أفق فأنا وليّ دمي ، و ان أمت فالقيامة ميعادي ، و العفو أقرب للتقوى ألا تحبون أن يغفر اللّه لكم و اللّه غفور رحيم٢ و نقل عن ( اثباته ) أيضا .

قول المصنف : « و من كلام له عليه السلام قبل موته » لمّا حف به العواد و قيل له عليه السلام : أوص كما عرفته من خبر ( الكافي ) فقال عليه السلام : اثنوا لي و سادة

ــــــــــــ

 ( ١ ) المروج للمسعودي ٢ : ٤٣٦ .

 ( ٢ ) النور : ٢٢ .

٢٧

ففعلوا و في صبيحة ليلة ضربه ، كما عرفته من المسعودي .

قوله عليه السلام : « أيّها النّاس كلّ امرئ لاق ما يفرّ منه في فراره » قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل .١ و في سورة الجمعة قل إنّ الموت الذي تفرّون منه فإنّه ملاقيكم .٢ .

« و الأجل مساق النفس » فكلّ نفس نتنفّس خطوة إلى الموت .

« و الهرب منه موافاته » في ( تفسير القمي ) عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى : و رفعناه مكانا عليّا٣ : كان لملك منزلة أهبطه اللّه فأتى إدريس فشفع له ، فصلّى ثلاث ليال لا يفتر و صام ثلاثة أيام لا يفطر ، ثم طلب إلى اللّه في السحر له فأذن له في الصعود ، فقال الملك : أحبّ أن اكافيك بحاجة لك قال :

احب أن تريني ملك الموت لعلّي آنس به ، فليس يهنأني مع ذكره شي‏ء فبسط جناحيه و صعده فاستقبل ملك الموت بين السماء الرابعة و الخامسة ، فقال لملك الموت : أراك قاطبا ؟ قال : أتعجب ، كنت تحت ظل العرش حتى امرت أن أقبض روح إدريس بين السماء الرابعة و الخامسة فسمع إدريس بذلك فانتقض ، و قبض روحه مكانه .

و في السير : كان أبو مسلم يتجنّب الروم لأنّه سمع أنّ قتله في الروم ،

فذهب إلى رومية المدائن فقتله المنصور ثمة .

و كان المأمون سمع أنّ موته في الرقة ، فكان يتجنّب المقام برقّة العراق ، و لمّا غزا الروم و وصل إلى موضع مرض ، فسأل عن اسمه فقالوا :

الرقة فتيقّن أنّه موضع موته .

ــــــــــــ

 ( ١ ) الأحزاب : ١٦ .

 ( ٢ ) الجمعة : ٨ .

 ( ٣ ) مريم : ٥٧ .

٢٨

« كم أطردت الأيّام أبحثها عن مكنون هذا الأمر ، فأبى اللّه إلاّ إخفاءه » قال ابن أبي الحديد١ : مراده عليه السلام أنّ تفصيل موته كان عنده غير معلوم و اعترض عليه الخوئي بما رواه هو عنه عليه السلام : « سلوني قبل أن تفقدوني ، فو الذي نفسي بيده لا تسألوني عن شي‏ء في ما بينكم و بين الساعة ، و لا عن فئة تهدي مائة و تضلّ مائة إلاّ أنبأتكم بناعقها ، و قائدها و سائقها و مناخ ركابها و حط رحالها ،

و من يقتل من أهلها قتلا و من يموت منهم موتا » .

و بما رواه ( الكافي )٢ في باب : « إنّ الأئمة يعلمون متى يموتون » عن الحسن ابن جهم قال : قلت للرضا عليه السلام : إنّ أمير المؤمنين عليه السلام عرف قاتله و الليلة التي يقتل فيها ، و قوله عليه السلام لمّا سمع صياح الأوز في الدار : « صوائح تتبعها نوائح » و قول امّ كلثوم : « لو صلّيت الليلة داخل الدار و أمرت غيرك يصلّي بالناس » فأبى عليها ، و كثر دخوله و خروجه تلك الليلة بلا سلاح و قد عرف أنّ ابن ملجم قاتله بالسيف ، كان هذا ممّا لا يحسن تعرّضه فقال عليه السلام :

ذلك كان و لكنه عليه السلام خيّر ( خ ل ) حين في تلك الليلة لتمضي مقادير اللّه عز و جل .

قلت : الخبر لا ينافي الكلام ، فإنّ المراد من الخبر أنّ اللّه تعالى أخفى تفصيل الأمر عليه عليه السلام لتمضي مقاديره ، و يعقوب وجد ريح يوسف من مسافة بعيدة لمّا أراد اللّه تعالى وصله به ، و لم يره في بئر خارج بلده لمّا أراد اللّه تعالى فصله عنه .

و يشهد أيضا له ما رواه الصفار في ( بصائره )٣ عن إبراهيم بن أبي

ــــــــــــ

 ( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٢٠ .

 ( ٢ ) الكافي ١ : ٢٥٩ ح ٤ .

 ( ٣ ) البصائر للصفار : ٥٠١ ح ٣ .

٢٩

محمود ، قال قلت للرضا عليه السلام : الامام يعلم متى يموت ؟ قال : نعم قلت : أبوك حيثما بعث إليه يحيى بن خالد برطب و ريحان مسمومين علم به ؟ قال : نعم .

قلت : فأكله و هو يعلم فيكون معينا على نفسه فقال : يعلم قبل ذلك ليتقدّم في ما يحتاج إليه ، فاذا جاء الوقت ألقى اللّه على قلبه النسيان ليقضي فيه الحكم .

و رواه في خبر آخر و فيه : أنساه لينفذ فيه الحكم .

و روى الكشي١ في عبد اللّه بن طاووس عنه عن الرضا عليه السلام في خبر ،

قال : قلت له : إنّ يحيى بن خالد سمّ أباك قال : نعم ، سمّه في ثلاثين رطبة قلت :

فما كان يعلم أنّها مسمومة ؟ قال : غاب عنه المحدّث قلت : و من المحدّث ؟ قال :

ملك أعظم من جبرئيل و ميكائيل كان مع النبيّ و هو مع الأئمة ، و ليس كلّما طلب وجد .

و قال المفيد في ( المسائل العكبرية ) : القول بأن أمير المؤمنين عليه السلام يعلم قاتله و الوقت الذي كان يقتل فيه ، فقد جاء الخبر متظاهرا أنّه كان يعلم في الجملة أنّه مقتول ، و جاء أيضا بأنّه يعلم قاتله على التفصيل ، فأمّا علمه بوقت قتله فلم يأت أثر على التحصيل ، و لو جاء به أثر لم يلزم فيه ما يظنّه المعترضون ، إذ كان لا يمتنع أن يتعبّده اللّه تعالى بالصبر على الشهادة و الاستسلام للقتل ، ليبلغه بذلك علوّ الدرجات ما لا يبلغه إلاّ به ، بأنّه يطيعه في ذلك طاعة لو كلّفها سواه لم يردها ، و لا يكون عليه السلام بذلك ملقيا بيده إلى التهلكة ،

و لا معينا على نفسه معونة تستقبح في العقول .

و قال الجزري في ( اسده )٢ بعد ذكر رواية أنّه عليه السلام كان ليلة عند الحسن عليه السلام و ليلة عند الحسين و ليلة عند عبد اللّه بن جعفر لإفطاره ، و لا يزيد

ــــــــــــ

 ( ١ ) الكشي : ٦٠٤ ح ١٢٣ .

 ( ٢ ) الاسد للجزري ٤ : ٣٥ ٣٦ .

٣٠

على ثلاث لقم و يقول : « إنّما هي ليلة أو ليلتان يأتي أمر اللّه و أنا خميص » .

و رواية صيحة الأوز و طردهم لهن في تلك الليلة ، و قوله عليه السلام : « دعوهن فانهنّ نوائح » : و هذا يدلّ على أنّه عليه السلام علم السنة و الشهر و الليلة التي يقتل فيها .

و روى ( تنبيه البكري ) على أوهام القالي عن العباس بن ميمون عن سليمان ابن داود عن حماد بن زيد عن هشام بن حسان ، قال : قال ابن سيرين :

ان كان يعلم أحد متى أجله فإنّ عليّ بن أبي طالب كان يعلم متى أجله و قال العباس : فحدّثت به ابن عايشة فقال : أنت تعلم يا بن أخي أنّه قاتل يوم الجمل فلم يتكلّم ، و يوم صفين فلم يتكلّم ، و لقد لقى ليلة الهرير ما لقى فلم يتخوّف و لم ينطق بشي‏ء ، فلمّا رجع إلى الكوفة بعد قتله الخوارج قال : ألا ينبعث أشقاها ليخضبن هذه من هذه ؟

و بالجملة إخباره عليه السلام بكون ابن ملجم قاتله متواتر ، كاخبار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله له بذلك ، و من إخباره صلّى اللّه عليه و آله له بذلك في غزوة العشيرة ، ففي ( الطبري )١ عن عمار في خبر قال : نمنا في تلك الغزوة تحت صور من النخل في دقعاء من التراب ، فما أيقظنا إلاّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أتانا و قد تتربنا في ذلك التراب ، فحرّك عليّا عليه السلام برجله و قال له : قم أبا تراب ألا اخبرك بأشقى النّاس ؟ أحمر ثمود عاقر الناقة و الذي يضربك على هذا يعني قرنه فتخضب هذه و أخذ بلحيته منها .

و مقتضى الجمع بين الأخبار ما في خبر الصفار .

« هيهات علم مخزون » الظاهر كونه إشارة إلى قوله تعالى : . و ما تدري نفس بأي أرض تموت .٢ .

ــــــــــــ

 ( ١ ) تاريخ الطبري ٢ : ١٤ .

 ( ٢ ) لقمان : ٣٤ .

٣١

« أمّا وصيّتي فاللّه لا تشركوا به شيئا » إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء .١ .

و سئل الباقر عليه السلام عن أدنى ما يكون به العبد مشركا به ، فقال : من قال للنواة : إنّها حصاة و للحصاة هي نواة ثم دان به .

و قال الصادق عليه السلام : لو أنّ قوما عبدوا اللّه تعالى و أقاموا الصلوة و آتوا الزكاة و حجّوا البيت و صاموا شهر رمضان ، ثم قالوا لشي‏ء صنعه اللّه تعالى أو نبيه : ألا صنع بخلاف الذي صنع ؟ أو وجدوا ذلك في قلوبهم ، لكانوا بذلك مشركين ثم تلا : فلا و ربّك لا يؤمنون حتى يحكموك . و يسلّموا تسليما٢ .

« و محمّدا صلّى اللّه عليه و آله فلا تضيّعوا سنته » قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله : ليختلجنّ قوم من أصحابي دوني و أنا على الحوض ، فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فانادي : يا رب أصحابي أصحابي فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك .

و في ( الكافي )٣ عن الصادق عليه السلام : ما نعلم حجّا للّه غير المتعة ، إنّا إذا لقينا ربّنا قلنا : ربّنا عملنا بكتابك و سنّة نبيّك و يقول القوم : عملنا برأينا .

فيجعلنا اللّه و إيّاهم حيث يشاء .

« أقيموا هذين العمودين » للدين .

« و أوقدوا هذين المصباحين » للإسلام ، إشارة إلى أنّ الملّة الإسلامية منحصرة في التزام كتاب اللّه تعالى و سنّة نبيّه فقط ، دون سنّة الشيخين كما يقول المخالفون و كان عليه السلام يقول ذلك أيّام حياته حتى ترك حقّه عليه السلام إتماما

ــــــــــــ

 ( ١ ) النساء : ٤٨ .

 ( ٢ ) النساء : ٦٥ .

 ( ٣ ) الكافي ٤ : ٢٩١ ح ٤ .

٣٢

للحجّة على بطلان سنتهما و عدم كونهما على الحقّ .

ففي ( الطبري )١ في الشورى : قال ابن عوف لعليّ عليه السلام : عليك عهد اللّه و ميثاقه لتعملن بكتاب اللّه و سنّة رسوله و سيرة الخليفتين من بعده .

فقال عليه السلام : أرجو أن أعمل بمبلغ علمي و دعا عثمان فقال له مثل ما قال لعليّ عليه السلام ، قال : نعم فبايعه ، فقال عليّ عليه السلام : حبوته حبوته ، ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم علينا ، فصبر جميل .

و في ( الطبري )٢ أيضا في قصّة الخوارج : و لمّا خرجوا من الكوفة أتى عليّا عليه السلام أصحابه و شيعته فبايعوه و قالوا : نحن أولياء من واليت و أعداء من عاديت فشرط لهم فيه سنّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فجاءه ربيعة بن أبي شداد الخثعميّ و كان شهد معه الجمل و صفّين و معه راية خثعم فقال عليه السلام : بايع على كتاب اللّه و سنّة رسوله فقال ربيعة : على سنّة أبي بكر و عمر فقال له عليّ : ويلك لو أنّ أبابكر و عمر عملا بغير كتاب اللّه و سنّة رسوله لم يكونا على شي‏ء من الحق فبايعه فنظر إليه عليّ عليه السلام و قال له : أما و اللّه لكأني بك و قد نفرت مع هذه الخوارج فقتلت ، و كأنّي بك و قد وطئتك الخيل بحوافرها فقتل يوم النهروان مع خوارج البصرة .

و كذلك عترته ، ففي ( مقاتل أبي الفرج )٣ : أنّ معاوية أمر الحسن عليه السلام لمّا سلم الأمر إليه أن يخطب و ظنّ أنّه سيحصر ، فقال عليه السلام في خطبته :

إنّما الخليفة من سار بكتاب اللّه و سنّة نبيّه ، و ليس الخليفة من سار بالجور ،

ذلك ملك ملكا يتمتع فيه قليلا ثم تنقطع لذّته و تبقى تبعته و إن أدري لعلّه

ــــــــــــ

 ( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٢٣٣ .

 ( ٢ ) تاريخ الطبري ٥ : ٧٦ .

 ( ٣ ) المقاتل لأبي الفرج : ٤٧ .

٣٣

فتنة لكم و متاع إلى حين١ .

و في ( الطبري )٢ : و في سنة ( ٤٠ ) بويع للحسن بالخلافة و قيل : إنّ أوّل من بايعه قيس بن سعد بن عبادة و قال له : ابسط يدك ابايعك على كتاب اللّه و قتال المحلين فقال له الحسن عليه السلام : على كتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله فإنّ ذلك يأتي من وراء كلّ شرط فبايعه و سكت و بايعه الحسن عليه السلام .

هذا ، و أمّا ولايته عليه السلام و امامته فمن أعظم أركان كتاب اللّه و سنّة نبيّه ،

قال تعالى : إنّما وليّكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون٣ و قد اجمع أنّه عليه السلام هو الذي أقام الصلاة و آتى الزكاة راكعا .

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في المتواتر بعد أن قرر النّاس على أنّه أولى بهم من أنفسهم : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهم وال من والاه و عاد من عاداه .

و في ( عيون ابن بابويه )٤ مسندا عن إسحاق بن راهويه و هو من علماء العامة ، روى عنه مسلم و البخاري و روي عنه من أقرانه أحمد بن حنبل ، قال :

لمّا وافي أبو الحسن الرضا عليه السلام نيسابور ، و أراد أن يخرج منها إلى المأمون اجتمع عليه أصحاب الحديث فقالوا له : يابن رسول اللّه ، ترحل عنّا و لا تحدّثنا بحديث نستفيده منك ؟ و كان قعد في العمارية فأطلع رأسه و قال : سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمّد يقول : سمعت أبي محمّد بن عليّ يقول : سمعت أبي عليّ بن الحسين يقول : سمعت أبي الحسين بن عليّ يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام يقول : سمعت

ــــــــــــ

 ( ١ ) الأنبياء : ١١١ .

 ( ٢ ) تاريخ الطبري ٥ : ١٥٨ .

 ( ٣ ) المائدة : ٥٥ .

 ( ٤ ) العيون لابن بابويه ٢ : ١٣٤ ح ٤ .

٣٤

النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول : سمعت اللّه عز و جل يقول : « لا إله إلاّ اللّه حصني و من دخل حصني أمن من عذابي » قال : فلمّا مرت الراحلة نادانا : بشروطها و أنا من شروطها .

« و خلاكم ذم » مثل أول من قاله قصير حين أراد الاحتيال على الزباء لطلب ثأر جذيمة الأبرش منها ، فقال لابن اخته عمرو بن عدي : اجدع أنفي و اضرب ظهري و دعني و إيّاها فقال له عمرو و ما أنا بفاعل ذلك ، و لست أنت مستحقا لذلك : فقال له قصير : ( خلّ عنّي إذن و خلاك ذم .

ذكر ذلك الطبري١ و الكرماني قال : فذهبت مثلا و قال ابن ميثم٢ : قال قصير لعمرو : « اطلب الأمر و خلاكم ذم » و هو كما ترى .

« ما لم تشردوا » يقال : شرد البعير ، إذا نفر و المراد لا يحلّ بساحتكم ذم ما لم تتفرّقوا عن أهل بيت نبيّكم .

روى أبو الفرج في ( مقاتله )٣ بأسانيد عن سفيان بن الليل قال : أتيت الحسن عليه السلام حين بايع معاوية و قلت له : بأبي أنت و أمّي ، أذللت رقابنا حين أعطيت هذا الطاغية البيعة ، و سلّمت الأمر إلى اللعين ابن اللعين ابن آكلة الأكباد و معك مائة ألف كلّهم يموت دونك ، و قد جمع اللّه لك أمر النّاس فقال : يا سفيان إنّا أهل البيت إذا علمنا الحق تمسكنا به ، و إنّي سمعت أبي يقول : سمعت النبيّ يقول : لا تذهب الليالي و الأيّام حتى تجتمع أمر هذه الامّة على رجل ، واسع السرم ، ضخم البلعوم ، يأكل و لا يشبع ، و لا ينظر اللّه إليه و لا يموت حتى لا يكون له في السماء ناصر و في الأرض عاذر و إنّه لمعاوية و إنّي عرفت

ــــــــــــ

 ( ١ ) تاريخ الطبري ١ : ٦٢٣ .

 ( ٢ ) شرح ابن ميثم ٣ : ٢١٠ .

 ( ٣ ) المقاتل لأبي الفرج : ٤٤ .

٣٥

ان اللّه بالغ أمره .١ ثم قال : ما جاء بك يا سفيان ؟ قلت : حبّكم و الذي بعث محمّدا بالهدى و دين الحق قال : فأبشر يا سفيان ، فإنّي سمعت عليّا عليه السلام يقول :

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول : « يرد عليّ الحوض أهل بيتي و من أحبّهم من امتي كهاتين يعني : السبابة و الوسطى أحدهما تفضل على الاخرى » أبشر يا سفيان فإنّ الدنيا تسع البرّ و الفاجر ، حتى يبعث اللّه إمام الحق من آل محمّد .

« حمل كلّ امرئ منكم مجهوده » لا يكلّف اللّه نفسا إلاّ وسعها .٢ .

« و خفف عن الجهلة » فعنهم عليهم السلام : يغفر للجاهل سبعين زلّة قبل أن يغفر للعالم زلّة و يحتمل أن يكون المراد بالجهلة في كلامه ضعفة العقول ، و في الخبر : أنّ اللّه تعالى إنّما يداق العباد على قدر ما آتاهم من العقول .

« ربّ رحيم » . و لا تقتلوا أنفسكم ان اللّه كان بكم رحيما٣ ، . يريد اللّه بكم اليسر و لا يريد بكم العسر .٤ .

« و دين قويم » قل إنّني هداني ربّي إلى صراط مستقيم دينا قيّما ملّة إبراهيم حنيفا .٥ ، . و ما جعل عليكم في الدين من حرج .٦ .

« و إمام عليم » في ( مقاتل أبي الفرج )٧ : استأذن صعصعة عليه عليه السلام عائدا ، فقال للاذن قل له عليه السلام : لقد كان اللّه في صدرك عظيما ، و لقد كنت بذات اللّه عليما فأبلغه عليه السلام الاذن مقالته ، فقال عليه السلام قل له : و أنت كنت خفيف

ــــــــــــ

 ( ١ ) الطلاق : ٣ .

 ( ٢ ) البقرة : ٢٨٦ .

 ( ٣ ) النساء : ٢٩ .

 ( ٤ ) البقرة : ١٨٥ .

 ( ٥ ) الأنعام : ١٦١ .

 ( ٦ ) الحج : ٧٨ .

 ( ٧ ) المقاتل لأبي الفرج : ٢٢ ٢٣ .

٣٦

المؤنة ، كثير المعونة .

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كما روى الخطيب و غيره : أنا مدينة العلم و عليّ بابها ، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها و كما روى ابن عساكر و غيره :

عليّ عيبة علمي و قال سلمان الفارسي له صلّى اللّه عليه و آله كما روى الطبراني في معجمه الكبير : يا رسول اللّه ، لكلّ نبي وصي فمن وصيّك ؟ فسكت عنه فلمّا كان بعد رآه قال : يا سلمان فأسرع إليه فقال : لبيك قال له : تعلم من وصيّ موسى ؟ قال : نعم ، يوشع قال له : لم ؟ قال : لأنّه كان أعلمهم يومئذ فقال له : فإنّ وصيي و موضع سرّي و خير من أترك بعدي ، ينجز عدّتي و يقضي ديني : عليّ بن أبي طالب .

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله له كما روى الكنجي الشافعي : ليهنك العلم يا أبا الحسن لقد شربت العلم شربا و نهلته نهلا و قال ابن مسعود كما روى أيضا : انزل القرآن على سبعة أحرف ، ما منها حرف إلاّ و له ظهر و بطن ، و إنّ عليّا عليه السلام عنده علم الظاهر منه و الباطن .

و روى أيضا عن أبي الطفيل قال : قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام : سلوني عن كتاب اللّه ، فإنّه ليس من آية إلاّ و قد عرفت بليل نزلت أم بنهار ، في سهل أم جبل .

و كان عليه السلام يقول : سلوني قبل أن تفقدوني ، فأنا أعلم بطرق السماء من طرق الأرض ، و لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ، و بين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، و بين أهل الفرقان بفرقانهم ، حتى ينطق كلّ منها و يقول : حكم عليّ عليه السلام فيّ كما أنزل اللّه تعالى .

ثم العجب من إخواننا كيف رجّحوا الامام الجهول الذي لمّا أفحمته امرأة في أنفها فطس في صف النساء ، لمّا أوعد على الزيادة على مهر السنة

٣٧

بقوله تعالى : . و آتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا .١ قال : « ألا تعجبون من امرأة أصابت و إمام أخطأ » على ذلك الإمام العليم ؟ كيف خالفوا فطرة العقول ؟ . أفمن يهدي إلى الحق أحقّ أن يتّبع أمّن لا يهدّي إلاّ أن يهدى فمالكم كيف تحكمون٢ . هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون إنّما يتذكر اولو الألباب٣ .

كما أنّ العجب منهم كيف تولوا تلك المرأة التي شمتت بموت هذا الامام و سجدت شكرا لقتله ، و مدحت قاتله أشقى الآخرين ؟

روى أبو الفرج في ( مقاتله )٤ عن إسماعيل بن راشد في اسناده قال : لمّا أتى عايشة نعي أمير المؤمنين عليه السلام تمثّلت :

فألقت عصاها و استقرّت بها النوى

كما قرّ عينا بالإياب المسافر

ثم قالت : من قتله ؟ فقيل : رجل من بني مراد فقالت :

فإن يك نائيا فلقد بغاه

غلام ليس في فيه التراب

فقالت لها زينب بنت ام سلمة : ألعليّ عليه السلام تقولين هذا ؟ فقالت : إذا نسيت فذكروني ثم تمثّلت :

ما زال إهداء القصائد بيننا

شتم الصديق و كثرة الألقاب

حتى تركت كأنّ قولك فيهم

في كلّ مجتمع طنين ذباب

و رواه الطبري٥ مسندا عن أبي البختري قال : لمّا أن جاء عايشة قتل أمير المؤمنين عليه السلام سجدت .

ــــــــــــ

 ( ١ ) النساء : ٢٠ .

 ( ٢ ) يونس : ٣٥ .

 ( ٣ ) الزمر : ٩ .

 ( ٤ ) المقاتل لأبي الفرج : ٢٦ .

 ( ٥ ) تاريخ الطبري ٥ : ١٥٠ .

٣٨

قلت : يقال لها : إذا نسيت جميع أقوال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله له عليه السلام في ليله و نهاره إلى احتضاره ، كيف نسيت قوله صلّى اللّه عليه و آله فيه : « اللّهم وال من والاه و عاد من عاداه » فإن كان أنساها ضغن غلا في صدرها ، كيف نسيه إخواننا ، و أنّه لا يمكن تولّي من عاداه اللّه بمقتضى معاداتها له ، و دعائه صلّى اللّه عليه و آله على معاديه عليه السلام ؟

« أنا بالأمس صاحبكم » و سلطانكم .

« و اليوم عبرة لكم » بما نزلي بي .

« و غدا مفارقكم » بالموت ، و في ( وصايا أبي حاتم السجستاني ) :

و أخبرونا لمّا غيّب الحسن أباه عليه السلام صعد المنبر يريد الكلام فخنقته العبرة ،

قال رجل : فرأيته كذلك و أنا في أصل المنبر أنظر إليه ، و كنت أنزر النّاس دمعة ما أقدر أن أبكي من شي‏ء ، فلمّا رأيت الحسن عليه السلام يريد الكلام تخنقه العبرة صرت بعد من أغزر النّاس دمعة ، ما أشاء أن أبكي من شي‏ء إلاّ بكيت قال : ثم إنّ الحسن عليه السلام انطلق قلت : أي لسانه فقال : الحمد للّه ربّ العالمين و إنّا للّه و إنّا إليه راجعون ، نحتسب عند اللّه مصابنا بأبينا رسول اللّه فإنّا لن نصاب مثله أبدا ، و نحتسب عند اللّه مصابنا بخير الآباء بعد رسول اللّه ، ألا إنّي لا أقول فيه الغداة إلاّ حقّا ، لقد اصيبت به البلاد و العباد و الشجر و الدواب ، فرحم اللّه وجهه و عذّب قاتله .

هذا ، و في ( تاريخ بغداد )١ : لمّا احتضر الواثق جعل يردد هذين البيتين :

الموت فيه جميع الخلق مشترك

لا سوقة يبقى بينهم و لا ملك

ما ضر أهل قليل في تفاقرهم

و ليس يغني عن الأملاك ما ملكوا

ثم أمر بالبسط فطويت ، و ألصق خدّه بالأرض و جعل يقول : يا من

ــــــــــــ

 ( ١ ) تاريخ بغداد ١٤ : ١٩ .

٣٩

لا يزول ملكه ارحم من زال ملكه .

و فيه : قال محمّد الواثقي : كنت أحد من مرّض الواثق في علّته إذ لحقته غشية فما شككنا أنّه قد مات ، فقال بعضنا لبعض : تقدّموا فاعرفوا خبره فما جسر أحد منهم يتقدّم فتقدّمت ، فلمّا صرت عند رأسه و أردت أن أضع يدي على أنفه اعتبر نفسه لحقته إفاقة ففتح عينيه ، فكدت أموت فزعا من أن يراني قد مشيت في مجلسه إلى غير رتبتي ، فراجعت إلى خلف و تعلّقت قبيعة سيفي بعتبة المجلس و عثرت به ، فاتكأت عليه فاندق و كاد أن يدخل في لحمي و يجرحني ، ثم خرجت فلبست منطقة اخرى و سيفا ، و جئت حتى وقفت في مرتبتي ساعة ، فتلف الواثق تلفا لم نشك فيه ، فتقدمت فشددت لحيه و غمضته و سجيته و وجهته إلى القبلة ، و جاء الفراشون فأخذوا ما تحته ليردّوه إلى الخزائن ، لأنّ جميعه مثبت علهيم ، و ترك وحده في البيت ، و قال لي ابن أبي داود القاضي : إنّا نريد أن نتشاعل بعقد البيعة ، و لا بد أن يكون أحدنا يحفظ الميت إلى أن يدفن ، فاحبّ أن تكون ذلك الرجل و كنت من أخصهم به في حياته ، و ذلك أنّه اصطنعني و اختصني حتى لقبني الواثقي باسمه ، فقلت :

دعوني و امضوا فرددت باب المجلس و جلست في الصحن عند الباب احفظه ،

و كان المجلس في بستان عظيم أجربة و هو بين بساتين ، فحسست بعد ساعة في البيت بحركة أفزعتني ، فدخلت أنظر ما هي ؟ فإذا بجرذون من دوابّ البستان قد جاء حتى استلّ عين الواثق فأكلها ، فقلت : لا إله إلاّ اللّه ، العين التي فتحها منذ ساعة فاندق سيفي هيبة لها صارت طعمة لدابة ضعيفة و في ( تاريخ الجزري ) في وقايع سنة ( ٤٦٥ ) : في أوّل هذه السنة قصد ألب أرسلان ما وراء النهر ، فعقد على جيحون جسرا و عبر عليه في نيف و عشرين يوما ، و عسكره يزيد على مائتي ألف فارس ، فأتاه أصحابه

٤٠