بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١١

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 608

  • البداية
  • السابق
  • 608 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 50120 / تحميل: 7678
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

مثل ذلك من الغد ولا يكاد يقدرون على الماء وإنما أحدثت هذه المياه حديثا

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي إبراهيمعليه‌السلام إن أصحابنا يختلفون في وجهين من الحج يقول بعض أحرم بالحج مفردا فإذا طفت بالبيت وسعيت بين الصفا والمروة فأحل واجعلها عمرة وبعضهم يقول أحرم وانو المتعة «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أي هذين أحب إليك قال انو المتعة

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن حمزة بن حمران قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الذي يقول حلني حيث حبستني قال هو حل حيث حبسه قال أو لم يقل

قوله عليه‌السلام : « من الغد » الظاهر أن الواو عاطفة منفصلة عن هذه الكلمة أي إلى ذلك الوقت من بعد ذلك اليوم ، وقيل : يحتمل أن يكون الواو جزء الكلمة.

قال في الصحاح : الغدو نقيض الرواح. وقد غدا يغدو غدوا وقوله تعالى : «بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ »(١) أي بالغدوات ، فعبر بالفعل عن الوقت ، كما يقال : أتيتك طلوع الشمس ، أي في وقت طلوع الشمس(٢) .

الحديث الخامس : موثق. ويدل على أن الافتتاح بعمرة التمتع أفضل من العدول بعد إنشاء حج الإفراد بل يدل على تعينه ، والمشهور جواز العدول اختيارا عن الإفراد إلى التمتع إذا لم يتعين عليه الإفراد.

الحديث السادس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « قال أو لم يقل » أجمع علماؤنا وأكثر العامة على أنه يستحب لمن أراد الإحرام بالحج أو العمرة أن يشترط على ربه عند عقد إحرامه أن يحله حيث حبسه واختلف في فائدته على أقوال.

__________________

(١) سورة الأعراف : ٢٠٥.

(٢) الصحاح للجوهري : ج ٦ ص ٢٤٤٤.

٢٦١

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال هو حل إذا حبس اشترط أو لم يشترط

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي وزيد الشحام ومنصور بن حازم قالوا أمرنا أبو عبد اللهعليه‌السلام أن نلبي ولا نسمي شيئا وقال أصحاب الإضمار أحب إلي

أحدها : أن فائدته سقوط الهدي مع الإحصار والتحلل بمجرد النية ذهب إليه المرتضى ، وابن إدريس ، ونقل فيه إجماع الفرقة.

وقال الشيخ : لا يسقط وموضع الخلاف من لم يسق الهدي ، أما السابق فقال بعض المحققين : إنه لا يسقط عنه بإجماع الأمة.

وثانيها : ما ذكره المحقق من أن فائدته جواز التحلل عند الإحصار من غير تربص إلى أن يبلغ الهدي محله فإنه لو لم يشترط لم يجز له التعجيل.

وثالثها : أن فائدته سقوط الحج في القابل عمن فاته الموقفان ذكره الشيخ في التهذيب واستشكل العلامة بأن الفائت إن كان واجبا لم يسقط فرضه في العام المقبل بمجرد الاشتراط وإلا لم يجب بترك الاشتراط ، ثم قال. فالوجه حمل إلزام الحج من قابل على شدة الاستحباب.

ورابعها : أن فائدته استحقاق الثواب بذكره في عقد الإحرام كما هو ظاهر هذا الخبر وإن كان لا يأبى عن الحمل على بعض الأقوال السابقة.

وقال في المداك : الذي يقتضيه النظر أن فائدته سقوط التربص عن المحصر كما يستفاد من قوله وحلني حيث حبستني وسقوط الهدي عن المصدود بل لا يبعد سقوطه موضع الحصر أيضا.

الحديث السابع : حسن. وهو مثل الخبر السابق.

الحديث الثامن : صحيح الفضلاء. وحمل على حال التقية كما عرفت.

٢٦٢

٩ ـ أحمد ، عن علي ، عن سيف ، عن إسحاق بن عمار أنه سأل أبا الحسن موسىعليه‌السلام قال الإضمار أحب إلي فلب ولا تسم

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أرأيت لو أن رجلا أحرم في دبر صلاة مكتوبة أكان يجزئه ذلك قال نعم

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري وعبد الرحمن بن الحجاج وحماد بن عثمان ، عن الحلبي جميعا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا صليت في مسجد الشجرة فقل وأنت قاعد في دبر الصلاة قبل أن تقوم ما يقول المحرم ثم قم فامش حتى تبلغ الميل وتستوي بك البيداء فإذا استوت بك فلبه

١٢ ـ علي ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام هل يجوز للمتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أن يظهر التلبية في مسجد الشجرة فقال نعم إنما لبى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على البيداء لأن الناس لم يكونوا يعرفون التلبية فأحب أن يعلمهم كيف التلبية

١٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال قلت له إذا أحرم الرجل في دبر المكتوبة أيلبي حين ينهض به بعيره أو جالسا في دبر الصلاة قال أي ذلك شاء صنع

قال الكليني وهذا عندي من الأمر المتوسع إلا أن الفضل فيه أن يظهر التلبية

الحديث التاسع : موثق. وقد مر الكلام فيه.

الحديث العاشر : مجهول.

الحديث الحادي عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فلبه » الهاء للسكت ، ويدل على تعين التفريق بين النية والتلبية ، أو فضله كما عرفت.

الحديث الثاني عشر : مجهول. ويدل على جواز المقارنة.

الحديث الثالث عشر : موثق. ويدل على التخير وبه يجمع بين الأخبار

٢٦٣

حيث أظهر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على طرف البيداء ولا يجوز لأحد أن يجوز ميل البيداء إلا وقد أظهر التلبية وأول البيداء أول ميل يلقاك عن يسار الطريق.

١٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال صل المكتوبة ثم أحرم بالحج أو بالمتعة واخرج بغير تلبية حتى تصعد إلى أول البيداء إلى أول ميل عن يسارك فإذا استوت بك الأرض راكبا كنت أو ماشيا فلب فلا يضرك ليلا أحرمت أو نهارا ومسجد ذي الحليفة الذي كان خارجا عن السقائف عن صحن المسجد ثم اليوم ليس شيء من السقائف منه

١٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المعتمر عمرة مفردة يشترط على ربه أن يحله حيث حبسه ومفرد الحج يشترط على ربه إن لم يكن حجة فعمرة

كما فعل المصنف (ره) وهو قوي.

الحديث الرابع عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « عن السقائف » قال الجوهري « السقيفة » الصفة ، ومنه سقيفة بني ساعدة ، وقال ، إن جمعها سقائف(١) .

وأقول : لعله سقطت لفظة « كان » هنا لتوهم التكرار وعلى أي وجه فهو مراد والغرض أن ما هو مسقف الآن لم يكن داخلا في المسجد الذي كان في زمن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وقيلمسجد مبتدأ والموصول خبره ، والواو فيقوله « عن صحن » إما ساقط أو مقدر والمعنى أنهم كانوا وسعوا المسجد أولا فكان بعض المسقف وبعض الصحن داخلين في المسجد القديم وبعضها خارجين ثم وسع بحيث لم يكن من المسقف شيء داخلا ولا يخفى ما فيه.

الحديث الخامس عشر : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) الصحاح للجوهري : ج ٤ ص ١٣٧٥.

٢٦٤

١٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي المغراء ، عن أبي عبد الله قال كانت بنو إسرائيل إذا قربت القربان تخرج نار تأكل قربان من قبل منه وإن الله جعل الإحرام مكان القربان

(باب التلبية)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال سألته لم جعلت التلبية فقال إن الله عز وجل أوحى إلى إبراهيمعليه‌السلام أن «أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ » فنادى فأجيب من كل وجه يلبون

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيهعليهما‌السلام أن عليا صلوات الله عليه قال تلبية الأخرس وتشهده وقراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته بإصبعه

الحديث السادس عشر : موثق. وقال الجوهري :« القربان » بالضم : ما تقربت به إلى الله تعالى. ومنه قربت لله قربانا(١) .

أقول : يحتمل أن يكون المراد : أن الإحرام بمنزلة تقريب القربان وذبح الهدي بمنزلة قبولها ، أو المراد أن الإحرام مع سياق الهدي بمنزلة القربان.

باب التلبية

الحديث الأول : حسن.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

قوله : « تلبية الأخرس » هذا هو المشهور بين الأصحاب ، ونقل عن ابن الجنيد : أنه أوجب على الأخرس استنابة غيره في التلبية وهو ضعيف.

وقال بعض المحققين : ولو تعذر على الأعجمي التلبية فالظاهر وجوب الترجمة

وقال في الدروس : روي أن غيره يلبي عنه.

__________________

(١) الصحاح للجوهري : ج ١ ص ١٩٩.

٢٦٥

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان وابن أبي عمير جميعا ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال التلبية لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك ذا المعارج لبيك لبيك داعيا إلى دار السلام لبيك لبيك غفار الذنوب لبيك لبيك أهل التلبية لبيك لبيك ذا الجلال والإكرام لبيك لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك لبيك لبيك تبدئ والمعاد إليك لبيك لبيك كشاف الكرب العظام لبيك لبيك عبدك وابن عبديك لبيك لبيك يا كريم لبيك تقول ذلك في دبر كل صلاة مكتوبة ـ أو نافلة وحين ينهض بك بعيرك وإذا علوت شرفا أو هبطت واديا أو لقيت راكبا أو استيقظت من منامك وبالأسحار وأكثر ما استطعت منها واجهر بها وإن تركت بعض التلبية فلا يضرك غير أن تمامها أفضل

واعلم أنه لا بد من التلبيات الأربع في أول الكلام وهي الفريضة وهي التوحيد

الحديث الثالث : صحيح. وروي في غير الكتاب بالسند الصحيح ، وقد مر شرح بعض أجزاء التلبية في باب حج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قوله عليه‌السلام « ذا المعارج » قال البيضاوي في قوله تعالى : «ذِي الْمَعارِجِ » أي ذي المصاعد وهي الدرجات التي تصعد فيها الكلم الطيب والعمل الصالح ويترقى فيها المؤمنون في سلوكهم ، أو في دار ثوابهم أو مراتب الملائكة أو السماوات فإن الملائكة يعرجون فيها.

قوله عليه‌السلام : « دبر كل صلاة » استحباب تكرار التلبية والجهر بها في هذه المواضع ، وهو المشهور بين الأصحاب.

وقال الشيخ في التهذيب : إن الإجهار بالتلبية واجب مع القدرة والإمكان ولعل مراده تأكد الاستحباب.

قوله عليه‌السلام : « لا بد من التلبيات الأربع » فهم الأكثر أن المراد بالتلبيات الأربع المذكورة هنا هو ما ذكر في أول التلبيات إلى قوله إن الحمد ولذا قال

٢٦٦

وبها لبى المرسلون وأكثر من ذي المعارج فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يكثر منها وأول من لبى إبراهيمعليه‌السلام قال إن الله عز وجل يدعوكم إلى أن تحجوا بيته فأجابوه بالتلبية فلم يبق أحد أخذ ميثاقه بالموافاة في ظهر رجل ولا بطن امرأة إلا أجاب بالتلبية

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أسد بن أبي العلاء ، عن محمد بن الفضيل عمن رأى أبا عبد اللهعليه‌السلام وهو محرم قد كشف عن ظهره حتى أبداه للشمس هو يقول لبيك في المذنبين لبيك

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز رفعه قال إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما أحرم أتاه جبرئيلعليه‌السلام فقال له مر أصحابك بالعج والثج والعج رفع الصوت بالتلبية والثج نحر البدن وقال قال جابر بن عبد الله ما بلغنا الروحاء حتى بحت أصواتنا

جماعة : بعدم وجوب الزائد.

وقال المفيد ، وابنا بابويه ، وابن أبي عقيل ، وابن الجنيد ، وسلار : ويضيف إلى ذلك : أن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، فلعلهم حملوا الخبر على أن المراد به إلى التلبية الخامسة وليس ببعيد بمعونة الروايات الكثيرة المشتملة على تلك التتمة ، والأحوط عدم الترك بل الأظهر وجوبها.

قوله عليه‌السلام : « وأول من لبى » ظاهره أنه على بناء المعلوم ويمكن أن يقرأ على بناء المجهول أي أجابوا إبراهيم بهذه التلبية حين ناداهم إلى الحج.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « في المذنبين » أي شافعا في المذنبين ، أو كافيا فيهم وإن لم يكن منهم صلوات الله عليه.

الحديث الخامس : مرفوع.

قوله عليه‌السلام : « بحت » قال الفيروزآبادي : بححت بالكسر أبح وأبححا أبح

٢٦٧

٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بأن تلبي وأنت على غير طهر وعلى كل حال

٧ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس على النساء جهر بالتلبية

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن ابن فضال ، عن رجال شتى ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من لبى في إحرامه سبعين مرة إيمانا واحتسابا أشهد الله له ألف ألف ملك ببراءة من النار وبراءة من النفاق

بفتحهما بحا وبححا وبحاحا وبحوحا وبحوحة وبحاحة : إذا أخذته بحة وخشونة وغلظ في صوته(١) .

الحديث السادس : حسن. وقال في المنتقى : روى الكليني هذا الحديث في الحسن وطريقه : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي.

ورواه الشيخ معلقا عن محمد بن يعقوب بالسند ، ولا يخفى ما فيه من النقيصة فإن إبراهيم بن هاشم إنما يروي عن حماد بن عثمان بتوسط ابن أبي عمير ، ونسخ الكافي والتهذيب في ذلك متفقة وعليه الأصحاب.

الحديث السابع : ضعيف واختصاص رفع الصوت بالتلبية واستحبابه بالرجال مقطوع به في كلام الأصحاب.

الحديث الثامن : كالموثق.

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ١ ص ٢١٤.

٢٦٨

(باب)

( ما ينبغي تركه للمحرم من الجدال وغيره)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ » فقال إن الله عز وجل اشترط على الناس شرطا وشرط لهم شرطا قلت فما الذي اشترط عليهم وما الذي اشترط لهم فقال أما

باب ما ينبغي تركه للمحرم من الجدال وغيره

الحديث الأول : حسن.

قوله تعالى : «فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ »(١) قيل أي ألزم نفسه فيهن الحج ، وذلك بعقد إحرامه بالتلبية أو الإشعار والتقليد عندنا.

وقال البيضاوي : إنه بالتلبية وسوق الهدي عند أبي حنيفة ، أو الإحرام عند الشافعية.

«فَلا رَفَثَ » قال الصادقعليه‌السلام : « الرفث » الجماع.

وقال في مجمع البيان : كنى به عن الجماع هاهنا عند أصحابنا. وهو قول : ابن مسعود ، وقتادة ، وقيل : هو مواعدة الجماع أو التعريض للنساء به عن ابن عباس ، وابن عمر ، وعطاء ، وقيل : هو الجماع والتعريض له بمداعبة أو مواعدة عن الحسن(٢) .

وقال في كنز العرفان : ولا يبعد حمله على الجماع وما يتبعه مما يحرم من النساء في الإحرام حتى العقد والشهادة عليه كما هو المقرر بمعونة الأخبار.

وقيل : « الرفث » المواعدة للجماع باللسان ، والغمز بالعين له.

وقيل : « الرفث بالفرج » الجماع ، و « باللسان » المواعدة له و « بالعين »

__________________

(١) سورة البقرة : ١٩٧.

(٢) مجمع البيان ج ١ ـ ٢ ص ٢٩٤.

٢٦٩

الذي اشترط عليهم فإنه قال «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ » وأما ما شرط لهم فإنه قال : «فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ

الغمز له.

وقال الزمخشري والبيضاوي : إنه الجماع أو الفحش من الكلام.

«وَلا فُسُوقَ » في أخبارنا أنه الكذب والسباب ، وفي بعضها المفاخرة ، ويدخل فيه التنابز بالألقاب كما يقتضيه قوله تعالى«وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ » واقتصار بعض أصحابنا في تفسيره على الكذب ، إما لإدخاله السباب كالتنابز فيه أو لدلالة بعض الروايات عليه.

وفي التذكرة أنه روى العامة قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : سباب المسلم فسوق فجعلوا الفسوق هو السباب وفيه : ما ترى.

وقيل : هو الخروج عن حدود الشريعة فيشمل معاصي الله ، كلها «وَلا جِدالَ » في أخبارنا أنه قول الرجل لا والله وبلى والله وللمفسرين فيه قولان.

أحدهما : أنه المراد بإغضاب على جهة اللجاج.

والثاني : أنه لا خلاف ولا شك في الحج وذلك أن قريشا كانت تخالف سائر العرب فتقف بالمشعر الحرام وسائر العرب يقفون بعرفة وكانوا ينسون الشهر فيقدمون الحج سنة ويؤخرونه أخرى وقوله تعالى «فِي الْحَجِ » متعلق بمحذوف أي موجود ، أو واقع أو نحو ذلك ، والجملة جزاء.

«فَمَنْ فَرَضَ » أي فلا شيء من ذلك في حجة أي في زمان الاشتغال به.

قوله عليه‌السلام : « وأما الذي شرط لهم (١) » أقول على هذا التفسير لا يكون نفي الإثم للتعجيل والتأخير ، بل يكون المراد أن الله يغفر له كل ذنب والتعجيل والتأخير على هذا يحتمل وجهين.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في الأصل « وأمّا ما شرط لهم ».

٢٧٠

فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى » قال يرجع لا ذنب له قال قلت :

أحدهما : أن يكون المراد التعجيل في النفر والتأخير فيه إلى الثاني.

والثاني : أن يكون المراد التعجيل في الموت أي من مات في اليومين فهو مغفور له ، ومن لم يمت فهو مغفور له لا إثم عليه إن اتقى في بقية عمرة كما دل عليه بعض الأخبار ، وإن اتقى الشرك والكفر وكان مؤمنا كما دل عليه بعض الأخبار وهذا أحد الوجوه في تفسير هذه الآية ويرجع إلى وجوه ذكر بعضها بعض المفسرين ، ففيها وجه آخر يظهر من الأخبار أيضا وهو أن يكون نفي الإثم متعلقا بالتعجيل والتأخير ويكون الغرض بيان التخيير بينهما فنفي الإثم في الأول لرفع توهمه وفي الثاني على جهة المزاوجة كما يقال : إن أعلنت الصدقة فحسن وإن أسررت فحسن وإن كان الأسرار أحسن ، وقيل : إن أهل الجاهلية كانوا فريقين منهم من يجعل التعجيل إثما ومنهم من يجعل المتأخر إثما فورد القرآن بنفي الإثم عنهما جميعا ، ويحتمل أن يكون المراد بذلك رفع التوهم الحاصل من دليل الخطاب حتى لا يتوهم أحد أن تخصيص التعجيل بنفي الإثم يستلزم حصوله بالتأخير كما ستأتي الإشارة إليه في صحيحة أبي أيوب عن الصادقعليه‌السلام حيث قال : فلو سكت لم يبق أحد إلا تعجل ، ولكنه قال : ومن تأخر في يومين فلا إثم عليه(١) .

وقد نبه عليه العلامة في المنتهى ، وعلى هذا التفسيرقوله «لِمَنِ اتَّقى » يحتمل وجهين.

الأول : أن هذا التخيير في النفر إنما هو لمن اتقى الصيد والنساء في إحرامه كما هو قول أكثر الأصحاب : أو مطلق محرمات الإحرام كما ذهب إليه بعضهم ، وربما يومئ هذا الحديث إلى التعميم فتأمل.

الثاني : أن يكون قيدا لعدم الإثم في التعجيل والمعنى أنه لا يأثم بترك

__________________

(١) الوسائل : ج ١٠ ص ٢٢٢ ح ٤.

٢٧١

أرأيت من ابتلي بالفسوق ما عليه قال لم يجعل الله له حدا يستغفر الله ويلبي قلت فمن ابتلي بالجدال ما عليه قال إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه وعلى

التعجيل إذا اتقى الصيد إلى أن ينفر الناس : النفر الأخير فحينئذ يحل أيضا ، وقد ورد كل من الوجهين في أخبار كثيرة ، واتقاء الصيد إلى النفر الأخير ربما يحمل على الكراهة.

وذكر في الكشاف وجها آخر لقوله تعالى : «لِمَنِ اتَّقى » وهو أن يراد أن ذلك الذي مر ذكره من أحكام الحج وغيره لمن اتقى لأنه المنتفع به دون من سواه كقوله «ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ »

قولهعليه‌السلام : « إذا جادل فوق مرتين » مقتضاه عدم تحقيق الجدال مطلقا إلا بما زاد على المرتين ، وأنه مع الزيادة عليهما يجب على الصادق شاة وعلى الكاذب بقرة ، ويدل عليه أيضا صحيحة محمد بن مسلم(١) وقال في المدارك : ينبغي العمل بمضمونهما لصحة سندهما ووضوح دلالتهما ، والمشهور بين الأصحاب أنه ليس فيما دون الثلاث في الصدق شيء وفي الثالث شاة ومع تخلل التكفير ، لكل ثلاث شاة ، وفي الكذب منه مرة شاة ومرتين بقرة وثلاثا بدنة ، وإنما تجب البقرة بالمرتين والبدنة بالثلاث إذا لم يكن كفر عن السابق ، فلو كفر عن كل واحدة فالشاة أو اثنتين فالبقرة ، والضابط اعتبار العدد السابق ابتداء أو بعد التكفير.

وقال الشهيد (ره) في الدروس : « الجدال » هو قول لا والله وبلى والله وفي الثلاث صادقا شاة وكذا ما زاده ما لم يكفر ، وفي الواحدة كذبا : شاة ، وفي الاثنين بقرة ما لم يكفر وفي الثلاث بدنة ما لم يكفر.

قيل : ولو زاد على الثلاث فبدنة ما لم يكفر ، وروى محمد بن مسلم إذا جادل

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨٠ ح ٦.

٢٧٢

المخطئ بقرة.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان في قول الله عز وجل : «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ » قال إتمامها أن لا «رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ ».

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى وابن أبي عمير جميعا ، عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أحرمت فعليك بتقوى الله وذكر الله كثيرا وقلة الكلام إلا بخير فإن من تمام الحج والعمرة أن يحفظ المرء لسانه إلا من خير كما قال الله عز وجل فإن الله عز وجل يقول : «فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ » والرفث الجماع والفسوق الكذب والسباب والجدال قول الرجل لا والله وبلى والله.

فوق مرتين مخطئا فعليه بقرة(١) .

وروى معاوية « إذا حلف ثلاث أيمان في مقام ولاء فقد جادل فعليه دم(٢) ».

وقال الجعفي : الجدال فاحشة إذا كان كاذبا أو في معصية فإذا قاله مرتين فعليه شاة ، وقال الحسن إن حلف ثلاث أيمان بلا فصل في مقام واحد فقد جادل وعليه دم ، قال : وروي أن المحرمين إذا تجادلا فعلى المصيب منهما دم وعلى المخطئ بدنة ، وخص بعض الأصحاب الجدال بهاتين الصيغتين ، والقول بتعديته إلى ما يسمى يمينا أشبه ، ولو اضطر لإثبات حق أو نفي باطل فالأقرب جوازه وفي الكفارة تردد ، أشبهه الانتفاء.

الحديث الثاني : صحيح. وهو مؤيد لما مر من أن المراد وقعوهما تأمين.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « قول الرجل لا والله » ظاهره انحصار الجدال في هاتين

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨١ ح ٦ نقلا بالمضمون.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨١ ح ٥. مع اختلاف يسير في العبارة.

٢٧٣

واعلم أن الرجل إذا حلف بثلاث أيمان ولاء في مقام واحد وهو محرم فقد جادل فعليه دم يهريقه ويتصدق به وإذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل وعليه دم يهريقه ويتصدق به وقال اتق المفاخرة وعليك بورع يحجزك عن معاصي الله فإن الله عز وجل يقول «ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ

الصيغتين.

وقيل : يتعدى إلى كل ما يسمى يمينا واختاره في الدروس كما مر ، وربما يستدل له بإطلاققوله عليه‌السلام « إن الرجل إذا حلف بثلاثة أيمان » (١) .

وأو رد عليه أن هذا الإطلاق غير مناف للحصر المتقدم ، وهل الجدال مجموع اللفظين. أو إحداهما؟ قولان أظهرهما الثاني.

قوله عليه‌السلام : « ولاء » مقتضاه اعتبار كون الأيمان الثلاثة ولاء في مقام واحد ويمكن حمل الأخبار المطلقة عليه كما هو اختيار ابن أبي عقيل.

قوله تعالى : «ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ »(٢) قيل قضاء التفث : حلق الشعر ، وقص الشارب ، ونتف الإبط وقلم الأظفار. وقال في مجمع البيان : أي ليزيلوا شعث الإحرام من تقليم ظفر وأخذ شعر وغسل واستعمال طيب عن الحسن ، وقيل : معناه ليقضوا مناسك الحج كلها عن ابن عباس وابن عمر ، وقال الزجاج : قضاء التفث كناية عن الخروج من الإحرام إلى الإحلال انتهى(٣) .

وهذا الخبر يدل على أن التفث : الكلام القبيح وقضاؤه تداركه بكلام طيب.

وروي في حديث آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام « أنه قال هو ما يكون من الرجل في إحرامه فإذا دخل مكة فتكلم بكلام طيب كان ذلك كفارة لذلك الذي

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨١ ح ٥.

(٢) سورة الحجّ : ٢٩.

(٣) مجمع البيان : ج ٧ ـ ٨ ص ٨١.

٢٧٤

وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ » قال

كان منه »(١) .

وفي رواية أخرى : عن أبي جعفرعليه‌السلام « أن التفث حفوف الرجل من الطيب ، فإذا قضى نسكه حل له الطيب(٢) ».

وفي رواية أخرى : أن التفث هو الحلق وما في جلد الإنسان(٣) وعن الرضاعليه‌السلام « أنه تقليم الأظفار وترك(٤) الوسخ عنك والخروج من الإحرام »(٥) .

وسيأتي في حديث المحاربي « إن قضاء التفث » لقاء الإمام(٦) .

ومقتضى الجمع بين الأخبار حمل قضاء التفث : على إزالة كل ما يشين الإنسان في بدنه وقلبه وروحه ، فيشمل إزالة الأوساخ البدنية بقص الأظفار وأخذ الشارب ونتف الإبط وغيرها ، وإزالة وسخ الذنوب عن القلب بالكلام الطيب والكفارة ونحوها ، وإزالة دنس الجهل عن الروح بلقاء الإمامعليه‌السلام ، ففسر في كل خبر ببعض معانيه على وفق أفهام المخاطبين ومناسبة أحوالهم.

قوله تعالى «وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ »(٧) قيل المراد بها الإتيان بما بقي عليه من مناسك الحج ، وروي ذلك في أخبارنا فيكون ذكر الطواف بعد ذلك من قبيل التخصيص بعد التعميم لمزيد الاهتمام.

__________________

(١) نور الثقلين : ج ٣ ص ٤٩٢ ح ٩٨.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ٩٦ ح ١٧.

(٣) الوسائل : ج ١٠ ص ١٧٨ ح ٤.

(٤) هكذا في الأصل : ولكن في الوسائل : « وطرح ».

(٥) الوسائل : ج ٩ ص ٣٨٨ ح ١٣.

(٦) الوسائل : ج ١٠ ص ٢٥٣ ح ٣.

(٧) سورة الحجّ : ٢٩.

٢٧٥

أبو عبد الله من التفث أن تتكلم في إحرامك بكلام قبيح فإذا دخلت مكة وطفت بالبيت وتكلمت بكلام طيب فكان ذلك كفارة قال وسألته عن الرجل يقول لا لعمري وبلى لعمري قال ليس هذا من الجدال إنما الجدال لا والله وبلى والله.

٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال إذا حلف ثلاث أيمان متتابعات صادقا فقد جادل وعليه دم وإذا حلف بيمين واحدة كاذبا فقد جادل وعليه دم.

وقيل : ما نذروا من أعمال البر في أيام الحج وإن كان على الرجل نذور مطلقة فالأفضل أن يفي بهما هناك.

وقيل : أريد بها ما يلزمهم في إحرامهم من الجزاء ونحوه فإن ذلك من وظائف منى.

أقول : لا يبعد أن يكون على تأويل قضاء التفث بلقاء الإمام أن يكون المراد « بإيفاء النذور » الوفاء بالعهود التي أخذ عليهم في الميثاق وفي الدنيا من طاعة الإمامعليه‌السلام وعرض ولايتهم ونصرتهم عليه كما يومئ إليه كثير من الأخبار.

وأماقوله تعالى ، «وَلْيَطَّوَّفُوا »(١) فقيل أراد به طواف الزيارة.

وقيل : هو طواف النساء ، وكلاهما مرويان في أخبارنا.

وقيل : هو طواف الوداع.

وقيل : المراد به مطلق الطواف ، أعم مما ذكر وغيره من الطواف المندوب وهو الظاهر من اللفظ فيمكن حمل الأخبار على بيان الفرد الأهم والله يعلم.

قوله عليه‌السلام : « فكان ذلك كفارة » قال في الدروس : ولا كفارة في الفسوق سوى الكلام الطيب في الطواف والسعي قاله : الحسن ، وفي رواية علي بن جعفر « يتصدق »(٢)

الحديث الرابع : ضعيف.

__________________

(١) سورة الحجّ : ٢٩.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨٣ ح ٣.

٢٧٦

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير قال سألته عن المحرم يريد أن يعمل العمل فيقول له صاحبه والله لا تعمله فيقول والله لأعملنه فيخالفه(١) مرارا أيلزمه ما يلزم صاحب الجدال قال لا إنما أراد بهذا إكرام أخيه إنما ذلك ما كان لله فيه معصية.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبي المغراء ، عن سليمان بن خالد قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول في الجدال شاة وفي السباب والفسوق بقرة والرفث فساد الحج.

الحديث الخامس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « يريد أن يعمل » أي يريد أن يعمل عملا ويخدمهم على وجه الإكرام وهم يقسمون عليه على وجه التواضع أن لا يفعل ، وقال في الدروس : قال ابن الجنيد : يعفى عن اليمين في طاعة الله وصلة الرحم ما لم يدأب في ذلك ، وارتضاه الفاضل ، وروى أبو بصير في المتحالفين على عمل : « لا شيء »(٢) لأنه إنما أراد إكرامه إنما ذلك على ما كان فيه معصية ، وهو قول : الجعفي.

الحديث السادس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « والفسوق » لعله محمول على الاستحباب والعمل به أولى وأحوط ، وإن لم أظفر على قائل به.

قال في المدارك : أجمع العلماء كافة على تحريم الفسوق في الحج وغيره ، واختلف في تفسيره فقال الشيخ وابنا بابويه : أنه الكذب ، وخصه ابن البراج بالكذب على الله وعلى رسوله والأئمةعليهم‌السلام .

وقال المرتضى وجماعة : إنه الكذب والسباب.

وقال ابن أبي عقيل : إنه كل لفظ قبيح ، وفي صحيحة معاوية « الكذب

__________________

(١) فيحالفه ( خ ل ).

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ١١٠ ح ٧.

٢٧٧

(باب)

( ما يلبس المحرم من الثياب وما يكره له لباسه)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن بعض أصحابنا ، عن بعضهمعليهم‌السلام قال أحرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ثوبي كرسف.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان ثوبا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي أحرم فيهما يمانيين عبري وظفار وفيهما كفن.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :

والسباب »(١) ، وفي صحيحة علي بن جعفر « الكذب والمفاخرة »(٢) ولا كفارة في الفسوق سوى الاستغفار(٣) انتهى.

ولعله (ره) غفل عن هذه الصحيحة ولم يقل بها ولم يتعرض لتأويلها.

باب ما يلبس المحرم من الثياب وما يكره له لباسه

الحديث الأول : مرسل. ويدل على استحباب الإحرام في ثياب القطن ولا خلاف بين الأصحاب في عدم جواز الإحرام في الحرير المحض للرجال ، فأما النساء فالمشهور جواز إحرامهن فيه ، وقيل : بالمنع.

الحديث الثاني : حسن. وقال الفيروزآبادي :العبر بالكسر ما أخذ على غربي الفرات إلى برية العرب وقبيلة(٤) ، وقالالظفار : كقطام بلد باليمن قرب الصنعاء(٥) .

الحديث الثالث : حسن. ويدل على جواز الإحرام في القصب والكتان

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ١٠٨ ح ١.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ١٠٩ ح ٤.

(٣) وجملة « ولا كفّارة في الفسوق سوى الاستغفار » ليست موجودة في هذه الرواية.

(٤) القاموس المحيط الفيروزآبادي : ج ٢ ص ٨٣.

(٥) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٨٣.

٢٧٨

كل ثوب يصلى فيه فلا بأس أن يحرم فيه.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن أبي بصير قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن الخميصة سداها إبريسم ولحمتها من غزل قال لا بأس بأن يحرم فيها إنما يكره الخالص منه.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن شعيب أبي صالح ، عن خالد أبي العلاء الخفاف قال رأيت أبا جعفرعليه‌السلام وعليه برد أخضر وهو محرم.

٦ ـ محمد بن أحمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كنت عنده جالسا فسئل عن رجل يحرم في ثوب فيه حرير فدعا بإزار قرقبي فقال أنا أحرم في هذا وفيه حرير.

والصوف والشعر دون الجلد إذ لا يطلق عليه الجلد.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

وقال في القاموس :الخميصة كساء أسود مربع له علمان(١) .

الحديث الخامس : مجهول. ويدل على عدم مرجوحية الإحرام في الثوب الأخضر كما اختاره في المدارك ، والمشهور استحباب الإحرام في الثياب البيض.

الحديث السادس : موثق.

وقال في النهاية :ثوب فرقبي : هو ثوب مصري أبيض من كتان(٢) .

قال الزمخشري : الفرقبية ثياب مصرية بيض من كتان وروي بقافين منسوب إلى قرقوب مع حذف الواو في النسب كسابرى في سابور.

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٣٠٢.

(٢) النهاية لابن الأثير : ج ٣ ص ٤٤٠.

٢٧٩

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المحرم يلبس الطيلسان المزرور فقال نعم وفي كتاب عليعليه‌السلام لا يلبس طيلسان حتى ينزع أزراره فحدثني أبي إنما كره ذلك مخافة أن يزره الجاهل عليه.

الحديث السابع : صحيح وسنده الثاني حسن.

قوله عليه‌السلام : « يلبس الطيلسان » قال الشهيد الثاني : (ره) هو ثوب منسوج محيط بالبدن. وقال جلال الدين السيوطي : الطيلسان بفتح الطاء واللام على الأشبه الأفصح ، وحكي كسر اللام وضمها حكاهما القاضي عياض في المشارق والنوى في تهذيبه.

وقال صاحب كتاب مطالع الأنوار : الطيلسان شبه الأردية يوضع على الرأس والكتفين والظهر.

وقال ابن دريد في الجمهرة : وزنه فيعلان وربما يسمى طيلسا.

وقال في شرح الفصيح : قالوا في الفعل منه أطلست وتطلست قال : وفيه لغة طالسان بالألف حكاها ابن الأعرابي.

وقال ابن الأثير في شرح سنة الشافعي في حديث ابن عمر : أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله حول رداءه في الاستسقاء ما لفظه « الرداء » الثوب الذي يطرح على الأكتاف أو يلقى فوق الثياب وهو مثل الطيلسان إلا أن الطيلسان يكون على الرأس والأكتاف وربما ترك في بعض الأوقات على الرأس وسمي الرداء كما يسمى الرداء طيلسانا انتهى.

والمشهور بين الأصحاب : جواز لبسه اختيارا في حال الإحرام ولكن لا يجوز زره ، وقال العلامة في الإرشاد : لا يجوز لبسه إلا عند الضرورة ، والرواية تدفعه والمعتمد الجواز مطلقا.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

« باب هذه الدار » و مرّ أنّ في رواية سبط ابن الجوزي : ( و فيه يشرع بابها و تجتمع أسبابها ) .

و في الخبر ما معناه : أنّ إبليس جاء إلى عيسى عليه السلام و قد اضطجع و وضع تحت رأسه لبنة ، فقال له ما تريد منّي ؟ و ليس لي شي‏ء من متاع الدّنيا ،

فقال له : ما دام لك علاقة بهذه اللّبنة يكون لي فيك مطمع ، فأخذ عيسى عليه السلام اللّبنة و رمى بها .

« اشترى هذا المغتر بالأمل من هذا المزعج بالأجل هذه الدار بالخروج من عزّ القناعة و الدخول في ذلّ الطلب و الضّراعة ، أي : الذّلة و المسكنة ، وصف عليه السلام المتبايعين و المبيع بأوصافها المتقدّمة ، و زاد هنا ذكر الثمن بقوله : « بالخروج من عزّ القناعة و الدّخول في ذلّ الطلب و الضّراعة » .

قالوا : باع رجل أرضا من رجل بدراهم و قال له : دفعتها إليك بطيئة الإجابة عظيمة المؤنة ، فقال له المشتري : دفعتها إليك بطيئة الاجتماع سريعة التفرّق .

« فما أدرك هذا المشتري في ما اشترى منه » هكذا في ( المصرية )١ و كلمة « منه » زائدة لعدم وجودها في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )٢ .

« من درك » ، بفتحتين و الأصل فيه قطعة حبل تشدّ في طرف الرّشاء إلى عرقوة الدّلو ليكون هو الذي يلي الماء فلا يعفن الرّشاء ، ثم استعير لضمان إنسان للمشتري ما يلحقه في المبيع من العيب أو كونه مستحقا لغير البايع ،

و في المبايعات الرياسيّة كالمبايعات المعامليّة الدّرك أيضا غالب .

بايع هارون للأمين و المأمون و المؤتمن ، فأراد الأمين خلع المأمون

ــــــــــــ

 ( ١ ) الطبعة المصرية المصححة بلا لفظ « منه » : ٥٢٠ .

 ( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٤ : ٢٨ و الخطية : ٢٣ كما ذكر ، اما ابن ميثم فكالمصرية ٤ : ٣٤٣ .

٣٠١

فتحاربا ، فقتله المأمون ، و خلع المأمون المؤتمن أيضا ، و بايع المتوكّل للمنتصر و المعتز و المؤيّد ثمّ أراد خلع المنتصر فقتله المنتصر غيلة ، و قتل المعتزّ المؤيّد أيضا .

« فعلى مبلبل أجسام الملوك » أي : من يتتبّعها فلا يدع منها شيئا من ( تبلبلت الإبل الكلاء ) ، في ( بيان الجاحظ ) : قال الحسن البصري : قدم علينا بشر بن مروان أخو الخليفة أي عبد الملك و أمير المصرين أي الكوفة و البصرة و أشبّ النّاس فأقام عندنا أربعين يوما ثمّ طعن في قدمه فمات فأخرجناه إلى قبره فلّما صرنا إلى الجبّانة فإذا نحن بأربعة سودان يحملون صاحبهم إلى قبره ، فوضعنا السّرير فصلّينا عليه و وضعوا صاحبهم فصلّوا ،

عليه ثمّ حملنا بشرا إلى قبره ، و حملوا صاحبهم إلى قبره ، و دفنّا بشرا و دفنوا صاحبهم ، ثم انصرفوا و انصرفنا ، ثمّ التفتّ فلم أعرف قبر بشر من قبر الحبشيّ فلم أر شيئا قطّ كان أعجب منه١ و بشر هذا هو الذي يقول فيه الشاعر :

بشر استوى على العراق

بغير سيف و دم مهراق

« و سالب نفوس الجبابرة » في ( الطبري ) : قال الأصمعي : أوّل من نعى المنصور بالبصرة خلف الأحمر ، كنّا في حلقة يونس فمرّ بنا خلف ، فقال : قد طرقت ببكرها أمّ طبق ، قال يونس : و ماذا ؟ قال :

تنتجوها خير أضخم العنق

موت الإمام فلقة من الفلق٢

« و مزيل ملك الفراعنة » في ( الصحاح ) : فرعون ، لقب الوليد بن مصعب ملك

ــــــــــــ

 ( ١ ) البيان و التبيان للجاحظ ٣ : ١٤٧ .

 ( ٢ ) تاريخ الامم للطبري ٦ : ٣٥١ .

٣٠٢

مصر ، و كلّ عات فرعون١ .

« مثل كسرى » لقب ملوك فارس في ( الصحاح ) : كسرى جمع بأكاسرة على غير قياس لأنّ قياسه كسرون ( بفتح الرّاء ) مثل عيسون و موسون ( بفتح السين )٢ .

« و قيصر » لقب ملوك الروم ، و في ( تنبيه المسعودي ) معنى قيصر شقّ عنه ، ذكروا أنّ امّه ماتت و هي مقرب به ، فشقّ عنه بطنها و استخرج ، و صار ذلك كالسّمة لكثير من ملوكهم فسمّتهم العرب بالقياصرة٣ .

« و تبّع » اسم لملوك اليمن .

و في ( تنبيه المسعودي ) : قال حسّان أو النّعمان بن بشير :

لنا من بني قحطان سبعون تبّعا

أقرّت لها بالخرج منها الأعاجم

قيل للملك منهم تبّع ، تشبيها بالظّلّ الذي يتفيأ به ، و التّبع في أصل اللّغة :

الظّل ، إذ كانت الملوك السعداء ظلالا لرعيّتهم ، و كهفا لهم ، و استشهادهم بقول ليلى أو سعدى الجهنيّة :

يرد المياه حضيرة و نفيضة

ورد القطاة إذا اسمأل التّبّع٤

يعني ارتفع الظلّ .

« و حمير » ( بالكسر فالسّكون فالفتح ) في ( الصحاح ) : هو حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، و منهم كانت الملوك في الدّهر الأول٥ .

« و من جمع المال على المال فأكثر » قال تعالى في قارون : و آتيناه من

ــــــــــــ

 ( ١ ) الصحاح : ( فرعن ) .

 ( ٢ ) الصحاح : ( كسر ) .

 ( ٣ ) التنبيه و الاشراف للمسعودي : ٣٤٢ .

 ( ٤ ) التنبيه و الاشراف للمسعودي : ١٥٧ .

 ( ٥ ) الصحاح : ( حمر ) .

٣٠٣

الكنوز ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوّة إذ قال له قومه لا تفرح انّ اللّه لا يحبّ الفرحين و ابتغ فيما آتاك اللّه الدار الآخرة و لا تنس نصيبك من الدّنيا و أحسن كما أحسن اللّه إليك و لا تبغ الفساد في الأرض انّ اللّه لا يحبّ المفسدين قال إنّما اوتيته على علم عندي أو لم يعلم أنّ اللّه قد أهلك من قبله من القرون من هو أشدّ منه قوّة و أكثر جمعا و لا يسئل عن ذنوبهم المجرمون فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدّنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم و قال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب اللّه خير لمن آمن و عمل صالحا و لا يلقّاها إلاّ الصابرون فخسفنا به و بداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون اللّه و ما كان من المنتصرين و أصبح الذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون و يكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء و يقدر لو لا أن منّ اللّه علينا لخسف بنا و يكأنّه لا يفلح الكافرون تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّا في الأرض و لا فسادا و العاقبة للمتقين١ .

« و شيّد » أي : طوّل ، و قال الكسائي : المشيد للواحد ، من قوله تعالى :

و قصر مشيد٢ ، ( و المشيّد ) للجمع من قوله تعالى : في بروج مشيّدة .٣ .

قلت : و هو كما ترى ، فإنّ الجمعيّة في الثاني من قبل التاء لا التضعيف .

« و زخرف » في ( الصحاح ) : الزّخرف : الذهب ، ثمّ يشبّه به كلّ مموّه و مزوّر .

ــــــــــــ

 ( ١ ) القصص : ٧٦ ٨٣ .

 ( ٢ ) الصحاح : ( شيّد ) و الآية ٤٥ من سورة الحج .

 ( ٣ ) النساء : ٧٨ .

٣٠٤

« و نجد » أي : زيّن١ .

« و ادّخر » افتعال من ذخرت الشي‏ء .

« و اعتقد » يمكن أن يكون من ( اعتقد الضّيعة ) أي : اقتناها ، و يمكن أن يكون بمعنى : عقد المال الّذي ادّخره عقدا استحكاما ، قال تعالى : الذي جمع مالا و عدّده يحسب أنّ ماله أخلده٢ .

و في ( بيان الجاحظ ) : قال صالح المرّي : دخلت دار المورياني أبي أيوب بعد نكبة المنصور له ، فاستفتحت ثلاث آيات من كتاب اللّه تعالى في داره فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلاّ قليلا .٣ و لقد تركناها آية فهل من مدّكر٤ فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا .٥ فخرج إليّ أسود من ناحية الدّار فقال : يا فلان ، هذا سخط المخلوق فكيف سخطة الخالق٦ .

« و نظر بزعمه للولد » لئلاّ يحتاج بعده .

في ( تاريخ بغداد ) : قال محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة : لمّا ولدت دخل أبي على امّي فقال لها : إنّ المنجّمين قد أخذوا مولد هذا الصبّيّ و حسبوه ،

فاذا هو يعيش كذا و كذا ، و قد حسبتها أيّاما و قد عزمت أن أعدّ له لكلّ يوم دينارا مدّة عمره ، فإنّ ذلك يكفي الرّجل المتوسّط له و لعياله ، فأعدي له حبّا فأعدّته و تركه في الأرض و ملأه بالدّنانير ، ثمّ قال لها اعدّي له حبّا آخر اجعل فيه مثل هذا يكون له استظهارا ، ففعلت و ملأه ثم استدعى حبّا آخر و ملأه بمثل

ــــــــــــ

 ( ١ ) الصحاح ( زخرف ) .

 ( ٢ ) الهمزة : ٢ ٣ .

 ( ٣ ) القصص : ٥٨ .

 ( ٤ ) القمر : ١٥ .

 ( ٥ ) النمل : ٥٢ .

 ( ٦ ) البيان للجاحظ ٣ : ١٤٩ .

٣٠٥

ما ملأ كلّ واحد من الحبيّن و دفن الجميع ، قال ابن شيبة و ما نفعني ذلك مع حوادث الزّمان فقد احتجت إلى ما ترون قال ابن السقطي : رأيناه يجيئنا بلا إزار نقرأ عليه الحديث و نبرّه بالشي‏ء بعد الشي‏ء : توفي سنة ( ٣٣١ )١ .

و في السّير : قال المنصور لعمرو بن عبيد عظني ، قال : رأيت عمر بن عبد العزيز و قد مات ، فخلّف أحد عشر ابنا و بلغت تركته سبعة عشر دينارا كفّن منها بخمسة دنانير ، و اشترى موضع قبره بدينارين ، و أصاب كلّ واحد من ولده أقلّ من دينار ، و مات هشام و أصاب كلّ واحد من ولده ألف ألف دينار و رأيت رجلا من ولد عمر بن عبد العزيز قد حمل في يوم واحد على مائة فرس في سبيل اللّه و رأيت رجلا من ولد هشام يسأل الناس ليتصدّقوا عليه٢ .

« إشخاصهم » أي : إذهابهم .

« إلى موقف العرض و الحساب » قال تعالى لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله : إنّك ميّت و إنّهم ميّتون ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون٣ .

« و موضع الثّواب و العقاب » قال الجوهري : الثواب : جزاء الطاعة٤ و العقاب : العقوبة .

« إذا وقع الأمر بفصل القضاء » و مرّ في رواية ( التذكرة )٥ : « و سيقع الأمر بفصل القضاء و تقتص للجماء من القرناء و قضي بينهم بالقسط

ــــــــــــ

 ( ١ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ١ : ٣٧٤ ٣٧٥ .

 ( ٢ ) العقد الفريد لابن عبد ربه ٣ : ١٦٤ ١٦٥ .

 ( ٣ ) الزمر : ٣٠ ٣١ .

 ( ٤ ) الصحاح : ( ثوب ) .

 ( ٥ ) تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي : ٨٨ .

٣٠٦

و هم لا يظلمون١ .

« و خسر هنالك المبطلون » الأصل فيه و في ما قبله قوله تعالى : فإذا جاء أمر اللّه قضى بالحقّ و خسر هنالك المبطلون٢ .

« شهد على ذلك العقل إذا خرج من أسر الهوى و سلم من علائق الدّنيا » فما دام العقل أسير سلطان الهوى لا أثر لحكمه ، و لنعم ما قيل بالفارسيّة :

حديث عقل در ايّام پادشاهى عشق

چنان شده است كه فرمان حاكم معزول

و عن السري السّقطي : رأيت على حجر مكتوبا داؤك هواك فإن غلبت هواك فداؤك دواك و عن بعض الحكماء : المؤمن يخاف على عقله الآفات من الغضب ، و الهوى ، و الشهوة ، و الحرص ، و الكبر ، و الغفلة ، و ذلك أنّ العقل إذا كان هو الغالب ، القاهر ، ملك هذه الأخلاق الرديّة و إذا غلب على العقل واحدة من هذه الأخلاق أورثته المهالك و عدم من اللّه حسن المعرفة .

و من كلامه عليه السلام في هذا العنوان : أخذ جمع منهم سعدون الذي ذكره في ( عقلاء مجانين النيسابوري ) ففيه : قال سعدون للمتوكّل : كأنّي بك و قد أتاك فظّ غليظ فجذبك عن سرير بهائك ، و أخرجك عن مقاصير علائك ، فلم يستأذن عليك حاجبا و لا قهرمانا ، حتّى أخرجك إلى ضيق اللّحد و فراق الأهل و الولد٣ .

و فيه أيضا : أنّه قال للمتوكّل : في الجنّة مرج من ورق الآس ، في وسط المرج قصر من درر إلى أن قال : لها حدود أربعة ، الحدّ الأوّل : ينتهي إلى ناحية الوجلين ، و الحدّ الثاني : ينتهي إلى نعيم المشتاقين ، و الحدّ الثالث : ينتهي إلى

ــــــــــــ

 ( ١ ) يونس : ٥٤ .

 ( ٢ ) المؤمنون : ٧٨ .

 ( ٣ ) عقلاء المجانين للنيسابوري : ١٦ .

٣٠٧

طريق المريدين ، و الحدّ الرابع : ينتهي إلى غرف مملوّة بتحف و صنايع و وصائف و رفارف و إلى خيام و خدّام و إلى ميدان يطوف في ساحتها الولدان١ .

و منهم بهلول الذي ذكره فيه أيضا ، ففيه : قال عبّاس البهلول : نظر بهلول إليّ و أنا أبني دارا لبعض أبناء الدنيا فقال : لمن بنيت له : إسمع إلى صفة دار كوّنها العزيز ، أساسها المسك ، و بلاطها العنبر ، اشتراها عميد قد أزعج للرّحيل ، كتب على نفسه كتابا ، و أشهد على ضمائره شهودا : هذا ما اشترى العبد الجافي من الرّبّ الوافي ، اشترى منه هذه الدار بالخروج من ذلّ الطمع إلى عزّ الورع ، فما أدرك المستحقّ في ما اشتراه من درك ، فعلى المولى خلاص ذلك و تضمينه ، شهد على ذلك العقل ، و هو الأمين على الخواطر ، و ذلك في إدبار الدّنيا و إقبال الآخرة أحد حدودها ينتهي إلى ميادين الصفا ، و الحدّ الثاني : ينتهي إلى ترك الجفا ، و الحدّ الثالث : ينتهي إلى لزوم الوفا ، و الحدّ الرابع :

ينتهي إلى سكون الرّضا في جوار من على العرش استوى ، لها شارع ينتهي إلى دارا السلام ، و خيام قد ملئت بالخدّام٢ .

و كتابه عليه السلام كتاب بيع للمعاملة الدنيوية ، و في القرآن كتاب شراء للمعاملة الآخروية ، و هو قوله جلّ و علا : إن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأنّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل اللّه فيقتلون و يقتلون وعدا عليه حقّا في التوراة و الإنجيل و القرآن و من أوفى بعهده من اللّه فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به و ذلك هو الفوز العظيم٣ و لقد عامل هو و أهل بيته عليهم السلام مع

ــــــــــــ

 ( ١ ) المصدر نفسه : ٦٧ .

 ( ٢ ) نفس المصدر : ٧٢ .

 ( ٣ ) التوبة : ١١١ .

٣٠٨

اللّه تعالى هذه المعاملة بنحو الأتمّ و الأكمل ، ففازوا فوزا عظيما و لا سيّما ابنه الحسين عليه السلام .

١٢

الحكمة ( ١٩ ) و قال عليه السلام :

مَنْ جَرَى فِي عِنَان أَمَلِهِ عَثَرَ بِأَجَلِهِ العثرة : الزلّة يقال : ( عثر به فسقط ) شبّه عليه السلام من يستغرق في لذّاته بمن ركب فرسا و أغرق في جريه بتخلية عنانه ، فيعثر به ، فيسقطه و يهلكه .

و المصداق الكامل لكلامه عليه السلام ظاهرا و باطنا ، يزيد بن معاوية و في ( أنساب البلاذري ) : يزيد كان أوّل من أظهر شرب الشّراب ، و الاستهتار بالغناء و الصيد ، و اتّخاذ القيان و الغلمان ، و التفكّه بما يضحك منه المترفون ، من القرود و المعاقرة بالكلاب و الدّيكة ثمّ جرى على يده قتل الحسين عليه السلام و قتل أهل الحرّة و رمي البيت و إحراقه١ و فيه : كان ينادم على الشراب سرجون مولى معاوية٢ .

قلت : و هو الّذي أشار عليه بتولية عبيد اللّه بن زياد على الكوفة لقتل الحسين عليه السلام ، و ينادم على الشرب مسلم بن عمرو الباهلي أبا قتيبة أيضا و يغنيّه مسلم أيضا .

قلت : و هو الذي أرسله يزيد إلى عبيد اللّه بعهده على الكوفة و جاء معه من البصرة إلى الكوفة ، و قال لمسلم بن عقيل لمّا استسقى لا تسقى إلاّ من الحميم .

و فيه : كان ليزيد قرد يجعله بين يديه و يكنّيه ، و يقول : هذا شيخ من بني

ــــــــــــ

 ( ١ ) أنساب الأشراف للبلاذري ٤ : ١ مطبعة المثنى ، بغداد .

 ( ٢ ) المصدر نفسه ٤ : ٢ .

٣٠٩

إسرائيل أصاب خطيئة فمسخ .

قلت : استهزاء بالقرآن في حكمه بمسخ قوم من بني إسرائيل باعتدائهم .

قال : و كان يسقيه النبيذ و يضحك ممّا يصنع و كان يحمله على اتان وحشيّة و يرسلها مع الخيل فيسبقها ، فحمله عليه يوما و جعل يقول :

تمسّك أبا قيس بفضل عنانها

فليس عليها إن هلكت ضمان

فقد سبقت خيل الجماعة كلّها

و خيل أمير المؤمنين أتان

قال : و ذكر لي شيخ من أهل الشام أنّ سبب وفاة يزيد أنّه حمل قردة على الاتان و هو سكران ثم ركض خلفها فسقط ، فاندقّت عنقه أو انقطع في جوفه شي‏ء١ .

و روى عن ابن عياش قال : خرج يزيد يتصيّد بحوارين ، و هو سكران ،

فركب و بين يديه أتان وحشيّة قد حمل عليها قردا و جعل يركض الأتان و يقول :

أبا خلف احتل لنفسك حيلة

فليس عليها ان هلكت ضمان

فسقط فاندقّت عنقه٢ .

و فيه : قال ابن عرادة السعدي في موت يزيد :

طرقت منيّته و عند وساده

كوب و زقّ راعف مرثوم

و مرنّة تبكي على نشوانه

بالصّنج تقعد ساعة و تقوم٣

و فيه : كان يزيد همّ بإتيان اليمن فقال رجل من تنوخ :

يزيد صديق القرد ملّ جوارنا

فحنّ إلى أرض القرود يزيد

ــــــــــــ

 ( ١ ) أنساب الأشراف للبلاذري ٤ : ٢ .

 ( ٢ ) المصدر نفسه .

 ( ٣ ) أنساب الأشراف للبلاذري ٤ : ٦١ .

٣١٠

فتبّا لمن أمسى علينا خليفة

صحابته الأدنون منه قرود١

١٣

الحكمة ( ٧٤ ) و قال عليه السلام :

نَفَسُ اَلْمَرْءِ خُطَاهُ إِلَى أَجَلِهِ أقول : الخطى : جمع خطوة ( بالضّمّ ) أي : مسافة ما بين القدمين في المشي .

قال ابن أبي الحديد بعد نقل العنوان : لا أدري الكلمة له عليه السلام أو لابن المعتزّ أخذها منه ، فإنّه قال : « النّاس وفد البلاء ، و سكان الثرى ، و أنفاس الحيّ خطاه إلى أجله ، و أمله خادع له عن عمله ، و الدّنيا أكذب واعديه ، و النفس أقرب أعاديه ، و الموت ناظر إليه ، و منتظر فيه أمرا يمضيه٢ .

قلت : قول ابن أبي الحديد له عليه السلام أو لابن المعتزّ أخذها منه عليه السلام ، بلا محصّل ، لأنّ الثاني في معنى الأوّل ، و إنّما كان له محصّل لو كان قال : هل أخذ الكلمة منه عليه السلام ابن المعتزّ أو قالها بتوارد الخواطر ؟

و كيف كان ، فأغلب كلمات من تأخّر عنه عليه السلام تلفيق من كلامه عليه السلام و قد اعترف بذلك عبد الحميد ، كاتب مروان بن محمّد آخر خلفاء بني اميّة ، ففي ( وزراء الجهشياري ) : قيل لعبد الحميد : ما الذي مكّنك من البلاغة و خرّجك فيها ؟ فقال : حفظ كلام الأصلع ، يعني أمير المؤمنين عليه السلام٣ .

و مرّ في أوّل الكتاب نسبة غير واحدة من خطبه عليه السلام إلى غيره من

ــــــــــــ

 ( ١ ) أنساب الأشراف للبلاذري ٤ : ٢ .

 ( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٢١ .

 ( ٣ ) الكتّاب و الوزراء للجهشياري : ٨٢ .

٣١١

الخلفاء و الخوارج ، لأنّهم خطبوا بها من غير نسبة إليه عليه السلام .

و مرّ في أوّل العنوان ( ١١ ) من هذا الفصل : أن فضيل بن عياض أتى بما أوهم انّ ذاك العنوان كلامه ، حتّى إنّ ( الحلية ) نسبه إليه١ .

و مرّ أيضا : انّ سعدون و بهلولا أخذا من جملة ذاك العنوان قدرا٢ .

و نعود إلى ذكر ما يناسب العنوان فنقول :

و في ( الكافي ) عنه عليه السلام : ما من يوم يمرّ على ابن آدم إلاّ قال : أنا يوم جديد ، و عليك شهيد ، فقل فيّ خيرا ، و اعمل فيّ خيرا أشهد لك به يوم القيامة ،

فإنّك لن تراني بعده أبدا٣ .

و قال بعضهم : ساكن الدّنيا راحل و أنفاسه رواحل و أيّامه مراحل٤ .

و قال أبو هلال :

في كلّ مجرى نفس تكرّره

تهدم من عمرك ما لا تعمّره

١٤

الحكمة ( ٢٩ ) و قال عليه السلام :

إِذَا كُنْتَ فِي إِدْبَارٍ وَ اَلْمَوْتُ فِي إِقْبَالٍ فَمَا أَسْرَعَ اَلْمُلْتَقَى في ( الكافي ) عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى : قل إنّ الموت الّذي تفرّون منه فإنّه ملاقيكم ثمّ تردّون إلى عالم الغيب و الشّهادة فينبئكم بما كنتم تعلمون٥ تعدّ السّنون ثمّ تعدّ الشهور ثم تعدّ الأيام ثم تعدّ الساعات ثمّ تعدّ

ــــــــــــ

 ( ١ ) حلية الأولياء لأبي نعيم ٨ : ١٠١ .

 ( ٢ ) عقلاء المجانين للنيسابوري : ٦٧ ، ٧٢ .

 ( ٣ ) الكافي ٢ : ٥٢٣ ح ٨ .

 ( ٤ ) الطرائف للثعالبي : ١٠ .

 ( ٥ ) الجمعة : ٨ .

٣١٢

النّفس فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون١ .

و مثال لما قاله عليه السلام السيّارات العصريّة إذا كانتا متواجهتين فقد يكون بعدهما بحيث لا ترى احداهما من الاخرى إلاّ شبحا فلا تمضي إلاّ انات يسيرة تلتقيان .

١٥

الحكمة ( ٢٠٣ ) و قال عليه السلام :

أَيُّهَا اَلنَّاسُ اِتَّقُوا اَللَّهَ اَلَّذِي إِنْ قُلْتُمْ سَمِعَ وَ إِنْ أَضْمَرْتُمْ عَلِمَ وَ بَادِرُوا اَلْمَوْتَ اَلَّذِي إِنْ هَرَبْتُمْ مِنْهُ أَدْرَكَكُمْ وَ إِنْ أَقَمْتُمْ أَخَذَكُمْ وَ إِنْ نَسِيتُمُوهُ ذَكَرَكُمْ أقول : رواه المبرد في ( كامله ) عنه عليه السلام٢ .

« أيّها الناس اتّقوا اللّه الذي إن قلتم سمع و إن أضمرتم علم » يستخفون من النّاس و لا يستخفون من اللّه و هو معهم إذ يبيّتون ما لا يرضى من القول و كان اللّه بما يعملون محيطا٣ إلاّ إنّهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه الا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرّون و ما يعلنون إنّه عليم بذات الصدور٤ .

و بادروا الموت الذي إن هربتم منه أدرككم ، قل إنّ الموت الّذي تفرّون منه فإنّه ملاقيكم ثمّ تردّون إلى عالم الغيب و الشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون٥ و يكفي التدبّر في هذه الآية صدرها و ذيلها ، لمن أراد التذكّر .

ــــــــــــ

 ( ١ ) الأعراف : ٣٤ ، و الرواية نقلها الكليني في الكافي ٣ : ٢٦٢ ح ٤٤ .

 ( ٢ ) الكامل في الأدب للمبرّد ١ : ٢٢٣ .

 ( ٣ ) النساء : ١٠٨ .

 ( ٤ ) هود : ٥ .

 ( ٥ ) الجمعة : ٨ .

٣١٣

« و إن أقمتم أخذكم » أينما تكونوا يدرككم الموت و لو كنتم في بروج مشيّدة .١ .

« و إن نسيتموه ذكركم » قل يتوفّاكم ملك الموت الذي و كلّ بكم ثمّ إلى ربّكم ترجعون٢ .

و روى ( نوادر جنائز الكافي ) عن أسباط بن سالم ، قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : يعلم ملك الموت نفس من يقبض ؟ قال إنّما هي صكاك تنزل من السماء ، اقبض نفس فلان بن فلان٣ .

و روى عنه عليه السلام قال : ما أهل بيت شعر و لا وبر إلاّ و ملك الموت يتصفّحهم كلّ يوم خمس مرّات٤ .

هذا و في ( حمقاء ابن الجوزي ) : مات لرجل قريبه و لم يخرج في جنازته ،

فقيل له في ذلك ، فقال : ويحكم أأكون منسيّا فأذكّر نفسي ؟ يعني إنّ ملك الموت نسيني فإذا خرجت في الجنازة يراني ، فيتذكّرني ، فيقبض روحي ، و لا أفعل هذا أبدا٥ .

١٦

الحكمة ( ٧٥ ) و قال عليه السلام :

كُلُّ مَعْدُودٍ مُنْقَضٍ وَ كُلُّ مُتَوَقَّعٍ آتٍ أقول : « كلّ معدود منقض » ، « منقض » منفعل من ( انقضى ) لا مفعل من

ــــــــــــ

 ( ١ ) النساء : ٧٨ .

 ( ٢ ) السجدة : ١١ .

 ( ٣ ) الكافي ٣ : ٢٥٥ ح ٢١ .

 ( ٤ ) المصدر نفسه ٣ : ٢٥٦ ح ٢٢ .

 ( ٥ ) أخبار الحمقى لابن الجوزي ، ذكر ما يشابهه : ١٩١ .

٣١٤

( أنقض ) فإنّه لا مناسبة له ، فيقال : انقض الحمل ظهره أي : أثقله حتّى صوّته .

قال ابن أبي الحديد : « كلامه عليه السلام يؤكّد مذهب جمهور المتكلّمين في أنّ العالم كلّه لابدّ أن ينقضي ، لكن قالوا : إنّما علمنا انّ العالم يفنى من طريق السّمع لا العقل فيجب أن يحمل كلامه عليه السلام على أنّ العدد ليس علّة في وجوب الإنقضاء ،

كما يشعر به ظاهر لفظه ، و هو الذي تسمّيه أصحاب أصول الفقه ايماء ، و إنّما مراده كلّ معدود فاعلموا ، أنّه فان و منقض فقد حكم على كلّ معدود بالإنقضاء حكما مجرّدا عن العلّية ، نحو لو قيل : زيد قائم ، ليس يعني أنّه قائم لأنّه يسمّى زيدا »١ .

قلت : ما طوّله نفخ في غير ضرام ، فإنّ مراده عليه السلام أنّ سني عيش الإنسان و شهوره ، و أيّامه ، و ساعاته ، و آناته و أنفاسه في الدنيا معدودة محصورة ،

فلا بدّ أن تنقضي ، فهو نظير قوله تعالى : إنّما نعدّ لهم عدّا٢ ، ورد في تفسيره أنّ الآباء و الامّهات يعدّون سنيّه و هو تعالى يعدّ أنفاسه ، و مرّ في العنوان السابق خبر تفسير قوله تعالى : قل إنّ الموت الذي تفرّون منه فإنّه ملاقيكم .٣ .

« و كلّ متوقّع آت » قال ابن أبي الحديد : « يماثل قوله عليه السلام قول العامّة في أمثالها ( لو انتظرت القيامة لقامت ) و القول في نفسه حقّ ، لأنّ العقلاء لا يتوقّعون ما يستحيل وقوعه ، و انّما ينتظرون ما يمكن وقوعه و ما لابدّ من وقوعه ، فقد صحّ أنّ كلّ منتظر فسيأتي »٤ .

قلت : تطويله هنا أيضا بلا طائل فإن المراد بالمتوقّع الموت ، و الموت

ــــــــــــ

 ( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٢٢ .

 ( ٢ ) مريم : ٨٤ .

 ( ٣ ) الجمعة : ٨ .

 ( ٤ ) ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٢٢ .

٣١٥

حتم آت و انما أتى عليه السلام بلفظة ( كلّ ) لأنّ المتوقع كلّ حتميّ لا يعلم ساعة وقوعه ، لا ما يمكن وقوعه ، فإنّه لا يجب وقوعه كالمطر في الشتاء و بالجملة :

كلامه عليه السلام استدلال بالعلّة و المعلول ، حتّى يلتزم بالقبول ، و هو جعله ككلام عامّي مرذول .

١٧

الحكمة ( ١٥ ) وَ قِيلَ لَهُ كَيْفَ تَجِدُكَ يَا ؟ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ ع :

كَيْفَ يَكُونُ حَالُ مَنْ يَفْنَى بِبَقَائِهِ وَ يَسْقَمُ بِصِحَّتِهِ وَ يُؤْتَى مِنْ مَأْمَنِهِ أقول : قوله عليه السلام : « كيف يكون حال من يفنى ببقائه » في ( صناعتي أبي هلال ) : قيل لبعض الأوائل : ما كان سبب موت أخيك ، قال : كونه فأحسن ما شاء١ و قال الشاعر :

ما حال من آفته بقاؤه

نغّص عيشي كلّه فناؤه٢

و قال ابن الرومي :

لعمرك ما الدّنيا بدار إقامة

إذا زال عن نفس البصير غطاؤها

و كيف بقاء العيش فيها و انّما

ينال بأسباب الفناء بقاؤها٣

و قال محمّد بن عليّ يعني الباقر عليه السلام « مالك من عيشك إلاّ لذّة تزدلف بك إلى حمامك ، و تقرّبك من يومك ، فأيّة أكلة ليس معها غصص ، و شربة ليس معها شرق ، فتأمّل أمرك فكأنّك قد صرت الحبيب المفقود أو الخيال المخترم٤ .

ــــــــــــ

 ( ١ ) الصناعتين لابن هلال العسكري : ٤٨ .

 ( ٢ ) ابن أبي الحديد ٣ : ٣٤٠ .

 ( ٣ ) الصناعتين للعسكري : ٤٩ .

 ( ٤ ) الأمالي للمفيد : ١٠ ، و البحار للمجلسي ٧٨ : ٤٥٠ ح ١٤ .

٣١٦

و قلت :

و المرء ينسى و المنايا تذكره

يميته بقاؤه فيقبره

« و يسقم بصحّته » قال المصنّف في ( مجازاته النبويّة ) في شرح قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله : « كفى بالسّلامة داء » هذا القول مجاز ، لأنّ السلامة على الحقيقة ليست بداء في نفسها ، و إنّما المراد الهرم و عوادي السّقم ، فحسن من هذا الوجه أن تسمّى داء إذ كانت موقعة فيه ، و مؤدّية إليه ، و قد أكثرت الشّعراء نظم هذا المعنى في أشعارهم إلاّ أنّ كلمة النبي صلّى اللّه عليه و آله أبهى من جميع ما قالوه ، و أبعد منزعا ، و أوجز في تمام ، و أكثر مع قلّة كلام ، فممّا جاء في هذا المعنى قول حميد بن ثور :

أرى بصري قد رابني بعد صحّة

و حسبك داء أن تصحّ و تسلما١

و قول لبيد بن ربيعة :

و دعوت ربّي بالسّلامة جاهدا

ليصحّني فإذا السّلامة داء٢

و قول النمر بن تولب :

يودّ الفتى طول السّلامة و الغنى

فكيف يرى طول السّلامة يفعل٣

و أني لأستحسن كثيرا الأبيات التي من جملتها هذا البيت و هي :

تغيّر منّي كلّ شي‏ء و رابني

مع الدّهر ابدالي التي أتبدّل

فضول أراها في أديمي بعدما

يكون كفاف الجسم أو هو أجمل

كأنّ مخيطا في يدي حارثيّة

صناع علت منّي به الجلد منعل

يردّ الفتى بعد اعتدال و صحّة

ينوء إذا رام القيام و يحمل

ــــــــــــ

 ( ١ ) نهاية الأرب للنووي ٣ : ٦٥ .

 ( ٢ ) المصدر نفسه ٣ : ٧ .

 ( ٣ ) المصدر نفسه ٣ : ٦٧ .

٣١٧

تدارك ما قبل الشّباب و بعده

حوادث أيّام تمرّ و أغفل١

يود الفتى . .

و قال أبو العتاهية :

اسرع في نقص امرئ تمامه٢

« و يؤتى من مأمنه » أينما تكونوا يدرككم الموت و لو كنتم في بروج مشيّدة .٣ .

١٨

الحكمة ( ١٢٢ ) و تبع جنازة فسمع رجلا يضحك فقال عليه السلام :

كَأَنَّ اَلْمَوْتَ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ وَ كَأَنَّ اَلْحَقَّ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ وَ كَأَنَّ اَلَّذِي نَرَى مِنَ اَلْأَمْوَاتِ سَفْرٌ عَمَّا قَلِيلٍ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ نُبَوِّئُهُمْ أَجْدَاثَهُمْ وَ نَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ ثُمَّ قَدْ نَسِينَا كُلَّ وَاعِظٍ وَ وَاعِظَةٍ وَ رُمِينَا بِكُلِّ جَائِحَةٍ أقول : رواه ( تفسير القمي ) مرفوعا عنه عليه السلام٤ « قول المصنّف » .

« و تبع عليه السلام جنازة فسمع رجلا يضحك » عن الصادق عليه السلام : ( كم ممّن كثر ضحكه لاغيا ، يكثر يوم القيامة بكاؤه ، و كم ممّن كثر بكاؤه على ذنبه خائفا ، يكثر يوم القيامة في الجنّة ضحكه و سروره )٥ .

« كأنّ الموت فيها على غيرنا كتب ، و كأن الحقّ فيها على غيرنا وجب » في

ــــــــــــ

 ( ١ ) المجازات النبوية للرضي : ٤٣١ .

 ( ٢ ) المجازات النبوية للرضي : ٤٣١ .

 ( ٣ ) النساء : ٧٨ .

 ( ٤ ) تفسير القمي ١ : ٢٤٤ .

 ( ٥ ) وسائل الشيعة للعاملي ٨ : ٤٨ .

٣١٨

( الحموي ) : كان الحسن بن علي ، الملقّب بالقاضي المهذّب ، الذي اختصّ بالصّالح بن رزيك وزير المصريّين قرظه عنده القاضي عبد العزيز بن الحباب فلّما مات عبد العزيز شمت به الحسن ، و لبس في جنازته ثيابا مذهّبة فنقص بهذا السبب و استقبحوا فعله و لم يعش بعد الجليس إلاّ شهرا واحدا١ .

هذا ، و في ( الأغاني ) : انّ حمادة بنت عيسى بن علي توفيّت ، و حضر المنصور جنازتها ، فلمّا وقف على حفرتها ، قال لأبي دلامة : ما أعددت لهذه الحفرة ؟ قال : بنت عمّك حمادة بنت عيسى يجاء بها الساعة فتدفن فيها ،

فضحك المنصور حتّى غلب ، فستر وجهه ، و في ( عيون القتيبي ) : مات رجل من جند أهل الشام فحضر الحجّاج جنازته لكونه عظيم القدر و كان يلقّب سعنة فصلّى الحجاج عليه و قال لينزل قبره بعض اخوانه فنزل نفر منهم ،

فقال أحدهم و هو يسوّي عليه رحمّك اللّه أبا فلان إن كان ما علمتك لتجيد الغناء ، و تسرع ربّ الكأس ، و لقد وقعت موقع سوء لا تخرج منه إلى الدّكة ، فما تمالك الحجّاج أن ضحك فأكثر و كان لا يكثر الضّحك في جدّ و لا هزل ثمّ قال له : لا أمّ لك أهذا موضع هذا ؟ قال : أصلح اللّه الأمير فرسي حبيس لو سمعه يتغنّى : « يا لبينى أوقدي النارا » لا نتشر الأمير على سعنة و كان من أوحش خلق اللّه صورة فقال الحجّاج : إنّا للّه ، أخرجوه من القبر ثمّ قال : ما أبين حجّة أهل العراق في جهلكم يا أهل الشام و لم يبق أحد حضر القبر إلاّ استفرغ ضحكا .

و حدّثني بعض السّادة : أن امرأة من العرّيفين توفيّت ، فحضر العرّيفون تشييعها فقالوا لذاكر : من زوج هذه المرأة حتى نسلّيه بعد الفراغ من دفنها ، فقال : ما أعرف لها زوجا معيّنا ، فما تمالكوا أنفسهم من الضّحك حتّى

ــــــــــــ

 ( ١ ) معجم الادباء للحموي ٩ : ٤٨ .

٣١٩

اضطروا إلى الرجوع قبل الفراغ١ .

« و كأنّ الذي نرى من الأموات سفر » ( بالفتح فالسكون ) جمع سفر من ( سفر ) : خرج إلى السّفر .

« عمّا قليل إلينا راجعون » في ( الكافي ) عن الصادق عليه السلام : عجب لقوم حبس أوّلهم عن آخرهم ثمّ نودي فيهم بالرّحيل و هم يلعبون٢ .

« نبوّؤهم أجداثهم » و في رواية القمّي : « ننزّلهم أجداثهم » و الأجداث : جمع الجدث ، و هو القبر٣ .

« و نأكل تراثهم » التراث : الميراث ، و أصله الوراث ، و زاد ( ابن أبي الحديد٤ و ابن ميثم٥ ) بعده « كأنّا مخلّدون بعدهم » و كذلك في المستند من خبر القمي فلا بدّ من سقوطه في ( المصرية٦ الأولى ) ، ثم هكذا في ( المصرية ) و الكلمة زائدة لعدم وجودها في ( ابن أبي الحديد )٧ و ( ابن ميثم )٨ و ( الخطية )٩ .

« قد نسينا كلّ واعظ و واعظة » هكذا في ( المصرية )١٠ و في نسخة ( ابن أبي الحديد )١١ و الظاهر الأصل في « واعظ » و « واعظة » أحدهما و الآخر كان نسخة

ــــــــــــ

 ( ١ ) الأغاني ٢ : ٢٦٢ .

 ( ٢ ) الكافي ٣ : ٢٥٨ ح ٢٩ .

 ( ٣ ) تفسير القمي ٢ : ٧٠ .

 ( ٤ ) ابن أبي الحديد ١٨ : ٣١١ .

 ( ٥ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٣٠٦ ( ١١٣ ) .

 ( ٦ ) المصرية المصححة : ٦٨٥ .

 ( ٧ ) ابن أبي الحديد ١٨ : ٣١١ .

 ( ٨ ) ابن ميثم ٥ : ٣٠٦ .

 ( ٩ ) النسخة الخطية : ٣١٩ .

 ( ١٠ ) المصرية المصححة : ٦٨٥ .

 ( ١١ ) ابن أبي الحديد ١٨ : ٣١١ .

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608