بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١١

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة6%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 608

  • البداية
  • السابق
  • 608 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 50049 / تحميل: 7671
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

بدليّة فجمعت الطبعة المصرية بينهما فاقتصر ( ابن ميثم )١ على الأول ،

و القمّي على الثاني ، و لا معنى للجمع بينهما لأنّه لا مناسبة في أن يقال : « نسينا كلّ رجل واعظ و امرأة واعظة » ثم الظاهر أصحّيتة « واعظة » لكونها قرينة « جائحة » في الفقرة بعدها ، و المراد : كلّ صفة و خصلة واعظة .

« و رمينا بكلّ جائحة » أي : رمينا بكلّ خصلة مهلكة ، و الجائحة : الشدّة التي يحتاج المال ، أي : يستأصله من سنة أو فتنة .

هذا و في ( العيون ) : ( كان الحسن يعني البصري إذا شيّع جنازة لم ينتفع به أهله و ولده و اخوانه ثلاثا )٢ .

هذا ، و في ( ابن أبي الحديد٣ و ابن ميثم٤ و الخطية )٥ جعل ( طوبى لمن ذلّ في نفسه . ) الذي في ( المصرية )٦ بعد هذا العنوان ، جزء هذا العنوان فهو الصحيح و يشهد له مستنده خبر ( تفسير القمي ) أيضا .

١٩

الحكمة ( ١٣٠ ) و قال عليه السلام و قد رجع من صفّين فأشرف على القبور بظاهر الكوفة :

يَا أَهْلَ اَلدِّيَارِ اَلْمُوحِشَةِ وَ اَلْمَحَالِّ اَلْمُقْفِرَةِ وَ اَلْقُبُورِ اَلْمُظْلِمَةِ يَا أَهْلَ اَلتُّرْبَةِ وَ يَا أَهْلَ اَلْغُرْبَةِ وَ يَا أَهْلَ اَلْوَحْشَةِ أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ سَابِقٌ وَ نَحْنُ

ــــــــــــ

 ( ١ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٣٠٦ بلفظ « واعظة » .

 ( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ٣٦٢ .

 ( ٣ ) ابن أبي الحديد ١٨ : ٣١١ .

 ( ٤ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٣٦ .

 ( ٥ ) النسخة الخطية : ٣١٩ .

 ( ٦ ) الطبعة المصرية المصححة أعطته رقما جديدا هو ( ١٢٤ ) لفصلها عمّا سبقها راجع صفحة : ٦٨٥ من الطبعة المصرية

٣٢١

لَكُمْ تَبَعٌ لاَحِقٌ أَمَّا اَلدُّورُ فَقَدْ سُكِنَتْ وَ أَمَّا اَلْأَزْوَاجُ فَقَدْ نُكِحَتْ وَ أَمَّا اَلْأَمْوَالُ فَقَدْ قُسِمَتْ هَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ ثُمَّ اِلْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَمَا لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِي اَلْكَلاَمِ لَأَخْبَرُوكُمْ أَنَّ خَيْرَ اَلزَّادِ اَلتَّقْوَى أقول : رواه نصر بن مزاحم في ( صفينه ) ، و ( الطبري في تاريخه ) مع اختلاف ، روى الأوّل في طيّ ذكر رجوعه عليه السلام من صفّين ، عن عبد الرحمن بن جندب قال ثم مضى عليه السلام حتّى جزنا دور بني عوف ، فإذا نحن عن أيماننا بقبور سبعة أو ثمانية ، فقال عليه السلام : ما هذه القبور ؟ فقال له قدامة بن عجلان الأزدي : إنّ خبّاب بن الأرت توّفي بعد مخرجك ، فأوصى أن يدفن في الظّهر ،

و كان الناس يدفنون في دورهم و أفنيتهم ، فقال عليه السلام : رحم اللّه خبّابا إلى أن قال فجاء عليه السلام حتى وقف عليهم ثم قال : « السلام عليكم يا أهل الدّيار الموحشة و المحالّ المقفرة ، من المؤمنين و المؤمنات ، و المسلمين و المسلمات ، أنتم لنا سلف و فرط ، و نحن لكم تبع ، و بكم عمّا قليل لاحقون .

اللّهم اغفر لنا و لهم ، و تجاوز عنّا و عنهم » ثم قال : « الحمد للّه الذي جعل الأرض كفاتا ، أحياء و أمواتا ، الحمد للّه الذي جعل منها خلقنا ، و فيها يعيدنا ، و عليها يحشرنا ، طوبى لمن ذكر المعاد ، و عمل للحساب ، و قنع بالكفاف ، و رضي عن اللّه بذلك » ثمّ أقبل حتّى دخل سكّة الثّوريين١ .

و مثله الثاني مع أدنى اختلاف٢ و رواه ( عقد ابن عبد ربه ) و ( بيان الجاحظ ) فقالا : « كان عليّ كرّم اللّه وجهه إذا دخل المقبرة قال : أما المنازل فقد سكنت ، و أمّا الأزواج فقد نكحت ، فهذا خبر ما عندنا فليت شعري ما عندكم ، ثم

ــــــــــــ

 ( ١ ) صفين لنصر بن مزاحم : ٥٣١ .

 ( ٢ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٤ : ٤٥ .

٣٢٢

قال : و الذي نفسي بيده لو اذن لهم في الكلام لقالوا : انّ خير الزّاد التقوى ، و كان يقول عليه السلام إذا دخل المقبرة : « السلام عليكم أهل الدّيار الموحشة ، و المحالّ المقفرة ، من المؤمنين و المؤمنات اللّهمّ اغفر لنا و لهم ، و تجاوز بعفوك عنّا و عنهم ، ثم يقول : الحمد للّه الذي جعل الأرض كفاتا احياء و أمواتا ، و الحمد للّه الذي منها خلقنا و إليها يعيدنا و عليها يحشرنا ، طوبى لمن ذكر المعاد و عمل الحسنات و قنع بالكفاف و رضي عن اللّه عزّ و جل »١ و رواه ( الفقيه )٢ مختصرا .

قوله : « و قال عليه السلام و قد رجع من صفّين » بين دور بني عوف و سكّة الثوريّين .

« فأشرف على القبور بظاهر الكوفة » قد عرفت من رواية نصر أنّها قبور حدثت بعد شخوصه عليه السلام إلى الشام و الأوّل منها قبر خبّاب .

و في ( تفسير القمي ) : نظر عليه السلام في رجوعه من صفين إلى المقابر فقال :

« هذه كفات الأموات » أي : مساكنهم ثمّ نظر إلى بيوت الكوفة فقال : « هذه كفات الأحياء » ثم تلا قوله تعالى : ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء و أمواتا٣ .

و في ( الكافي ) عن الصادق عليه السلام ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : زوروا موتاكم فإنّهم يفرحون بزيارتكم ، و ليطلب أحدكم حاجته عند قبر أبيه و عند قبر امّه بما يدعو لهما٤ و عن عليّ بن بلال : و كان مشى إلى قبر محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، قال : قال لي صاحب هذا القبر عن الرضا عليه السلام : من أتى قبر

ــــــــــــ

 ( ١ ) العقد الفريد لابن عبد ربه ٣ : ١٦٥ ، و البيان و التبيين للجاحظ ٣ : ١٥٥ .

 ( ٢ ) الفقيه ١ : ١٧٩ .

 ( ٣ ) تفسير القمي ٢ : ٤٠٠ ، و الآية ٢٥ ، ٢٦ من سورة المرسلات .

 ( ٤ ) الكافي ٣ : ٢٣٠ ح ١٠ .

٣٢٣

أخيه ثم وضع يده على القبر و قرأ إنّا أنزلناه في ليلة القدر١ سبع مرّات أمن يوم الفزع الأكبر٢ و عن عمرو بن أبي المقدام : مررت مع أبي جعفر عليه السلام بالبقيع فمررنا بقبر رجل من أهل الكوفة من الشيعة فوقف عليه فقال : « اللّهمّ ارحم غربته ، وصل وحدته ، و آنس وحشته ، و اسكن إليه من رحمتك ما يستغني به عن رحمة من سواك و ألحقه بمن كان يتولاّه »٣ .

« يا أهل الديار الموحشة » في ( الكافي ) عن الصادق عليه السلام في التسليم على أهل القبور : السلام على أهل الديار من المسلمين و المؤمنين ، رحم اللّه المستقدمين منّا و المستأخرين ، و انّا إن شاء اللّه بكم لاحقون٤ .

« و المحال المقفرة » من ( أقفرت الدّار ) : خلت ، و القفر : مفازة لا نبات فيها و لا ماء .

« و القبور المظلمة يا أهل التربة و يا أهل الغربة و يا أهل الوحشة » في ( الكافي ) عن الصادق عليه السلام : ما من موضع قبر إلاّ و هو ينطق كلّ يوم ثلاث مرّات : « أنا بيت التّراب ، أنا بيت البلى ، أنا بيت الدّود و زاد في خبر آخر : أنا روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النيران »٥ .

« أنتم لنا فرط سابق » في ( الصحاح ) : الفرط بالتحريك الذي يتقدّم الواردة فيهيّئ لهم الأرسان و الدّلاء ، و يمدر الحياض ، و يستقي لهم ، و هو فعل بمعنى فاعل مثل تبع بمعنى تابع٦ ، يقال رجل فرط و قوم فرط ، و في الخبر :

ــــــــــــ

 ( ١ ) القدر : ١ .

 ( ٢ ) الكافي ٣ : ٢٢٩ ح ٩ .

 ( ٣ ) الكافي للكليني ٣ : ٢٢٩ ح ٦ .

 ( ٤ ) الكافي ٣ : ٢٢٩ ح ٨ .

 ( ٥ ) الكافي ٣ : ٢٤٢ ح ٣ .

 ( ٦ ) الصحاح : ( فرط ) .

٣٢٤

« أنا فرطكم على الحوض » و منه قيل للطفل الميّت : « اللّهم اجعله لنا فرطا » أي :

اجرا يتقدّمنا حتّى نرد عليه١ .

« و نحن لكم تبع لاحق » في ( الفقيه ) : في التسليم على أهل القبور : السلام على أهل الديار من المؤمنين و المسلمين ، رحم اللّه المتقدّمين منكم و المتأخّرين ، و إنّا إن شاء اللّه بكم لاحقون٢ .

و في ( المعجم ) : عزّى المازني بعض الهاشميين فقال :

انّي أعزّيك لا أنّي على ثقة

من الحياة و لكن سنّة الدّين

ليس المعزّي بباق بعد ميّته

و لا المعزّى و إن عاشا إلى حين٣

و في ( الأغاني ) : خرج النعمان بن المنذر إلى الصيد ، و معه عديّ بن زيد ،

فمرّوا بشجرة ، فقال عديّ : أتدري أيّها الملك ما تقول هذه الشجرة ؟ قال : لا .

قال : تقول :

ربّ ركب قد أناخوا عندنا

يشربون الخمر بالماء الزّلال

عصف الدهر بهم فانقرضوا

و كذاك الدّهر حالا بعد حال

ثم جاوز الشجرة فمرّ بمقبرة ، فقال : أتدري أيّها الملك ما تقول هذه المقبرة ؟ قال : لا قال : تقول :

أيها الرّكب المخبّون

على الأرض المجدّون

فكما أنتم كنّا

و كما نحن تكونون٤

و في ( العقد ) : قيل للرّقاشي ، و كان قد جلس بين المدينة و المقبرة : ما أجلسك هاهنا ؟ قال : « أنظر إلى هذين العسكرين ، فعسكر يقذف الأحياء

ــــــــــــ

 ( ١ ) الصحاح مادة ( فرط ) .

 ( ٢ ) الفقيه ١ : ١٧٩ .

 ( ٣ ) معجم الادباء للحموي ٧ : ١١٠ ترجمة ( بكر بن محمد ) .

 ( ٤ ) الأغاني ٢ : ٩٥ ٩٦ .

٣٢٥

و عسكر ، يلتقم الموتى »١ .

« أمّا الدّور فقد سكنت » هذه الفقرة إلى آخر العنوان جعلها المصنّف جزء كلامه عليه السلام في زيارة القبور بعد رجوعه من صفّين مع أنّها ليست في ( كتاب نصر ) و ( تاريخ الطبري ) اللّذين عرفت أنّهما مستندة ، و ( البيان ) و ( العقد ) قد عرفت أنّهما نقلا هذا مستقلاّ كذاك ، و الصواب ، كون هذا جزء كلامه عليه السلام بعد الجمل ، فروى ابن أبي شعبة في ( تحفه ) : قال جابر الأنصاري : كنّا مع أمير المؤمنين عليه السلام بالبصرة فلمّا فرغ من قتال من قاتله أشرف علينا في آخر الليل فقال : ما أنتم فيه ؟ فقلنا : في ذمّ الدّنيا ، فقال : علام تذمّ الدّنيا يا جابر ؟ إلى أن قال :

قال : يا جابر امض معي ، فمضيت معه حتّى أتينا القبور ، فقال : يا أهل التّربة ،

و يا أهل الغربة ، أمّا المنازل فقد سكنت و امّا المواريث فقد قسّمت و أمّا الأزواج فقد نكحت ، هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم ؟ » ثمّ أمسك عنّي مليّا ثمّ رفع رأسه ، فقال : و الذي أقلّ السماء فعلت ، و سطح الأرض فدحت ، لو أذن للقوم في الكلام لقالوا : إنّا وجدنا خير الزّاد التقوى ثمّ قال : يا جابر إذا شئت فارجع٢ .

و ممّا قلنا يظهر أنّ المصنّف جمع بين كلاميه عليه السلام بعد صفّين و بعد الجمل في عنوان الأول لكونهما في موضوع واحد .

هذا ، و قوله : « فعلت » و « فدحت » في خبر ( التحف ) الفاء فيهما فاء التعقيب و « علت » و « دحت » فعلان من العلوّ و الدّحو .

« و أمّا الأزواج فقد نكحت » و مرّ في سابع الفصل قوله عليه السلام : « و صارت أموالهم للوارثين و أزواجهم لقوم آخرين » مع شرحه .

ــــــــــــ

 ( ١ ) العقد الفريد لابن عبد ربه ٣ : ٢٣٦ .

 ( ٢ ) تحف العقول لابن شعبة الحراني : ١٨٦ .

٣٢٦

و في ( نفحة اليمن ) قيل : إنّ الهادي العبّاسي كان مغرما بجارية تسمّى غادر ، و كانت من أحسن النساء وجها و أكثرهنّ أدبا و ألطفهنّ طبعا و أطيبهنّ غناء ، فبينا هي ذات ليلة تنادمه ، و تغنّيه ، إذ تغيّر لونه و ظهر أثر الحزن عليه فقالت : ما بالك لا أراك اللّه ما تكره فقال : وقع في فكري السّاعة أنّي أموت و أنّ أخي هارون يلي الخلافة بعدي ، و إنّك تكونين معه كما أنت معي الآن فقالت : لا أبقاني اللّه بعدك أبدا و أخذت تلاطفه و تزيل هذا الخيال من خاطره ، فقال : لابدّ أن تحلفي لي أيمانا مغلّظة ألاّ تقربي إليه بعدي ، فحلفت على ذلك و أخذ عليها العهود و المواثيق ، ثمّ خرج و أرسل إلى أخيه هارون و أحلفه ألاّ يخلو بغادر ،

و أخذ عليه من المواثيق الغليظة ما أخذ عليها ، فلم يمض إلاّ شهر حتى مات الهادي ، و انتقلت الخلافة إلى هارون فطلبت الجارية فحضرت ، فأمرها بالأخذ في المنادمة ، فقالت : و كيف تصنع بتلك الأيمان و العهود ؟ فقال : قد كفّرت عنك و عن نفسي ثمّ خلا بها و وقعت من قلبه موقعا عظيما بحيث لم يكن يصبر عنها ساعة ، فبينا هي ذات ليلة نائمة في حجره إذ استيقظت مذعورة فقال : ما بالك فدتك نفسي قالت : رأيت أخاك ينشد :

أخلفت عهدي بعد ما

جاورت سكّان المقابر

و نسيتني و حنثت في

أيمانك الزّور الفواجر

و نكحت غادرة أخي

صدق الّذي سمّاك غادر

لا يهنك الألف الجديد

و لا تدر عنك الدوائر

فقال : فدتك نفسي انّما هي أضغاث أحلام ، فقالت كلاّ ثم ارتعدت و اضطربت بين يديه حتّى ماتت١ .

و في ( العيون ) ، قال المدائني : احتضر رجل من العرب و له ابن يدبّ بين

ــــــــــــ

 ( ١ ) نفحة اليمن للشرواني : ٢٤ .

٣٢٧

يديه و امّ الصبّيّ جالسة عند رأسه ، و اسم الصبّيّ معمر ، فقال :

و انّي لأخشى أن أموت فتنكحي

و يقذف في أيدي المراضع معمّر

و ترخي ستور دونه و قلائد

و يشغلكم عنه خلوق و مجمر

فما لبث أن مات ثمّ تزوّجت ثمّ صار ابنه معمر إلى ما ذكر١ .

و وهب المتوكّل لأحمد بن حمدون جارية يقال لها ( صاحب ) من جواريه ، حسنة كاملة ، و حمل كلّ ما كان لها و كان شيئا كثيرا عظيما فلمّا مات ابن حمدون تزوّجت صاحب ، قال أبو علي بن المنجّم : فرأيته في النوم و هو يقول :

أبا عليّ ما ترى العجائبا

أصبح جسمي في التّراب غائبا

و استبدلت ( صاحب ) بعدي صاحبا

و كان أبوه حمدون ينادم المعتصم ، ثم الواثق ، و كان يعاتب المتوكّل في أيّام أخيه ، و لمّا مات الواثق نادم المتوكّل ، فلما كان في بعض الأيام أمر المتوكّل بإحضار فريدة جارية أخيه الواثق مكرهة ، و دفع إليها عود فغنّت غناء كالنّدبة ، فغضب المتوكّل ، فغنّت بتحزّن و شجى ، فزاد ذلك في طيب غنائها فوجم حمدون للرقّة التي تداخلته ، فغضب المتوكّل و رأى أنّه فعل ذلك بسبب أخيه ، و كان يبغض كلّ من مال إلى أخيه ، فأمر بنفيه إلى السّند و ضربه ثلاثمائة سوط و تزوّج المتوكّل فريدة بعد ذلك٢ .

و في ( الأغاني ) و العهدة عليه أعطى عبد اللّه بن أبي بكر ، عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل حديقة على ألاّ تتزوّج بعده ، و لما مات من السهم الذي أصابه بالطائف أنشأت تقول :

ــــــــــــ

 ( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٤ : ١١٥ ١١٦ .

 ( ٢ ) معجم الادباء للحموي ٢ : ٢٠٨ .

٣٢٨

فأقسمت لا تنفكّ عيني سخينة

عليك و لا ينفكّ جلدي أغبرا

مدى الدّهر ما غنّت حمامة أيكة

و ما طرد الليل الصباح المنوّرا

فخطبها عمر فقالت : قد كان أعطاني حديقة على ألاّ أتزوّج ، قال عمر :

فاستفتي ، فاستفتت أمير المؤمنين عليه السلام فقال عليه السلام لها : ردي الحديقة على أهله ،

فتزوّجها عمر ، فلما بنى لها دعا عدّة منهم أمير المؤمنين عليه السلام فقال عليه السلام لعمر :

مرها تستتر اكلّمها ، فاستترت فقال عليه السلام لها :

فأقسمت لا تنفكّ عيني سخينة

عليك و لا ينفكّ جلدي أغبرا

فقال عمر : و ما أردت إلى هذا ؟ فقال عليه السلام : و ما أرادت إلى أن تقول ما لا تفعل ؟١ قال تعالى : كبر مقتا عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون٢ .

هذا ، و في ( زنبيل القاجاري ) : أوصى أحد تجّار البصرة إلى الشيخ عليّ بن كاشف الغطاء مصرف ثلثه ، فأنفذ الشيخ وكيله فأخذ الثلث و أوصله إليه و صرفه إلى المستحقين لكنّه نسي محى الدّين النجفي ، و كان شاعرا أديبا و كان الوكيل تزوّج بزوجة البصريّ أيضا ، فاتفق حضور الوكيل و محيى الدين في درس الشيخ ، و كان دأب الشيخ أن يعطي ( الشرايع ) من كان من الطّلاب جيّد الأدب ليقرأ مسألة ، ثم يشرح هو ، فأعطى ( الشرائع ) محي الدين ليقرأ ، فأخذ الكتاب و فتحه و قرأ إنشاء من نفسه : « مسائل ، الأولى : تركة الميّت حبوة للوصيّ ، و في زوجته تردد ، و الأشبه أنّها جعالة للوكيل » فقال الشيخ : ما تقرأ ؟ فأعاد . فضحك الطّلاّب . و فهم الشيخ مراده فأرضى خاطره٣ .

« و أمّا الأموال فقد قسمت » في ( كنايات الجرجاني ) : قال الخليل مشيرا

ــــــــــــ

 ( ١ ) الأغاني ١٨ : ٦٠ .

 ( ٢ ) الصف : ٣ .

 ( ٣ ) معتمد الدولة ، زنبيل : ٢٦١ .

٣٢٩

إلى الأيام و الليالي :

و ينكحن أزواج الغيور عدوّه

و يقسمن ما يحوي الشّحيح من الوفر١

و في ( صفّين نصر ) : سمع أمير المؤمنين عليه السلام قائلا ينشد أبيات الأسود بن يعفر في أيوان كسرى :

ما ذا أؤمّل بعد آل محرّق

تركوا منازلهم و بعد إياد٢

فقال عليه السلام : هلاّ قرأتم : كم تركوا من جنّات و عيون و زروع و مقام كريم و نعمة كانوا فيها فاكهين كذلك و أورثناها قوما آخرين٣ و قال الحارث بن حلّزة :

بينا الفتى يسعى و يسعى له

تاح له من أمره خالج

يترك ما رقح من عيشه

يعيث فيه همج هامج

لا تكسع الشول باغبارها

إنّك لا تدري من النّاتج٤

« هذا خبر ما عندنا » « هذا » اشارة إلى ما مرّ من خبر دورهم و ازواجهم و أموالهم و ما قاله عليه السلام من أخبار الأحياء لهم هو الأكثر ، و عامّ لجميع الناس ،

و قد يخبرون موتاهم بأمور أخرى قال مهلهل في أخيه كليب الّذي يرميه بكونه زيرا لمّا طلب ثأره :

فلو نبش المقابر عن كليب

فيخبر بالذنائب أيّ زير٥

و قال آخر :

ــــــــــــ

 ( ١ ) الكنايات للجرجاني : ٢٣ .

 ( ٢ ) صفين لنصر بن مزاحم : ١٤٢ ١٤٣ ، و كذلك في العقد الفريد ٣ : ٢٨٩ .

 ( ٣ ) الدخان : ٢٥ ٢٨ .

 ( ٤ ) لسان العرب ١٤ : ٣٢ و ١٥ : ١٢٩ .

 ( ٥ ) المصدر نفسه ٥ : ٦٥ و كذا الأصمعيات .

٣٣٠

قد كان بعدك أنباء و هنبثة

لو كنت شاهدها لم يكثر الخطب١

« ثمّ التفت عليه السلام إلى أصحابه فقال : أما لو أذن لهم في الكلام لأخبروكم إنّ خير الزاد التقوى » روى ( أمالي ابن الشيخ ) مسندا عن صهيب بن عباد عن جعفر بن محمد عليه السلام : أنّ عليا عليه السلام مرّ بمقبرة فسلّم ثم قال : السلام عليكم يا أهل المقبرة و التربة ، اعلموا أنّ المنازل بعدكم قد سكنت ، و أنّ الأموال بعدكم قد قسّمت ، و أنّ الأزواج بعدكم قد نكحت ، فهذا خبر ما عندنا ، فما خبر ما عندكم ؟ فأجاب هاتف يسمع صوته و لا يرى شخصه : و عليك السلام يا أمير المؤمنين و رحمة اللّه و بركاته ، أما خبر ما عندنا فقد وجدنا ما عملنا ، و ربحنا ما قدّمنا ، و خسرنا ما خلّفنا ، فالتفت عليه السلام إلى أصحابه فقال : أسمعتم ؟ قالوا :

نعم قال : فتزوّدوا فإنّ خير الزّاد التقوى٢ .

و في ( الفقيه ) : وقف النبي صلّى اللّه عليه و آله على القتلى ببدر و قد جمعهم في قليب فقال : يا أهل القليب انّا قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقّا فهل وجدتم ما وعد ربّكم حقّا ؟ فقال المنافقون : إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يكلّم الموتى ، فنظر اليهم فقال : لو اذن لهم في الكلام ، لقالوا : نعم و إنّ خير الزّاد التقوى٣ .

و في ( جمل المفيد ) بعد ذكر هزيمة أهل الجمل : ثمّ سار عليه السلام حتى وقف على كعب بن سور القاضي و هو مجدّل بين القتلى ، و في عنقه المصحف فقال عليه السلام : نحّو المصحف و ضعوه في مواضع الطّهارة ، ثم قال : أجلسوا إليّ كعبا فأجلس ، فقال : يا كعب قد وجدت ما وعدني ربّي حقّا فهل وجدت ما وعدك ربّك حقّا ؟ ثمّ قال : أضجعوه ، و تجاوز عليه السلام فمرّ على طلحة صريعا ،

ــــــــــــ

 ( ١ ) المصدر نفسه ١٥ : ١٤٤ و قد نسبه إلى الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام .

 ( ٢ ) الأمالي : ٥٥ المجلس ٢ رقم ٧٦ .

 ( ٣ ) الفقيه ١ : ١٨٠ ح ٥٣٦ .

٣٣١

فقال : أجلسوه فأجلس ، فقال يا طلحة قد وجدت ما وعدني ربّي حقّا ، فهل وجدت ما وعدك ربّك حقّا ؟ ثمّ قال : أضجعوه ، فقال رجل من القرّاء : يا أمير المؤمنين ما كلامك ؟ هذه الهامّ قد صديت ، لا تسمع لك كلاما ، و لا تردّ جوابا ،

فقال عليه السلام : إنّهما ليسمعان كلامي ، كما سمع أصحاب القليب كلام النبي صلّى اللّه عليه و آله و لو اذن لهما في الجواب لرأيت عجبا١ و روى ( محاسن البرقي ) : أنّ سلمان في جمعة مرّ على مقبرة فقال : السلام عليكم يا أهل الديار من المؤمنين و المسلمين هل علمتم أنّ اليوم جمعة ؟ فلمّا رجع و نام أتاه آت ، فقال : و عليك السلام يا أبا عبد اللّه ، تكلّمت فسمعنا ، و سلّمت فرددنا ، و قلت : هل تعلمون أنّ اليوم جمعة ؟ و قد علمنا ما يقول الطير في يوم الجمعة قال : و ما يقول ؟ قال :

يقول : ( قدّوس قدّوس ربّنا الرحمن الملك و ما يعرف عظمة ربّنا من يحلف باسمه كاذبا ) و ذكروا انّ عمر بن عبد العزيز سمع خصيا للوليد بن عبد الملك على قبره و هو يقول : يا مولاي ماذا لقينا بعدك ؟ فقال له : اما و اللّه لو اذن له في الكلام لأخبر أنّه لقي أكثر٢ .

٢٠

الحكمة ( ١٣٢ ) و قال عليه السلام :

إِنَّ لِلَّهِ مَلَكاً يُنَادِي فِي كُلِّ يَوْمٍ لِدُوا لِلْمَوْتِ وَ اِجْمَعُوا لِلْفَنَاءِ وَ اِبْنُوا لِلْخَرَابِ أقول : « إن للّه ملكا ينادي في كلّ يوم » ينبغي أن يحمل هذا النّداء على لسان الحال لا المقال ، و مثله ما في ( الكافي ) عن الصادق عليه السلام : إنّ للقبر كلاما في كلّ

ــــــــــــ

 ( ١ ) الجمل للمفيد : ٢١٠ .

 ( ٢ ) المحاسن للبرقي ١ : ١١٩ .

٣٣٢

يوم ، يقول : أنا بيت الغربة ، أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدّود ، أنا القبر ، أنا روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النّار ، فكلام القبر أيضا بلسان الحال١ .

« لدوا للموت » اللاّم فيه لام العاقبة كما في « للفناء » و « للخراب » في ما بعد .

قيل لرجل : لم مات فلان ؟ قال : لأنّه ولد و لكلّ سبع قوت ، و ابن آدم قوت سبع الموت ، و في ( الكافي ) عن الصادق عليه السلام : إنّ النّطفة إذا وقعت في الرّحم ،

بعث اللّه تعالى ملكا فأخذ من التربة التي يدفن فيها ، فماثها في النطفة فلا يزال قلبه يحنّ إليها حتّى يدفن فيها٢ .

« و اجمعوا للفناء » و تركتم ما خوّلناكم وراء ظهوركم .٣ .

و قيل بالفارسية :

اندك اندك خانمان آراستن

پس بيكبار از سرش برخاستن٤

و في الخبر : أنّ ابن آدم يمثّل له ماله في آخر يوم من دنياه و أوّل يوم من عقباه ، فيقول له : إنّي و اللّه كنت عليك حريصا شحيحا فمالي عندك ؟ فيقول : خذ منّي كفنك٥ .

« و ابنوا للخراب » :

ما أنت معتبر بمن خربت

منه غداة قضى دساكره٦

قيل ليحيى البرمكيّ بعد قتل الرشيد لابنه جعفر : أمر بتخريب ديارك ،

ــــــــــــ

 ( ١ ) الكافي ٣ : ٢٤٢ ح ٢ .

 ( ٢ ) الكافي للكليني ٣ : ٢٠٣ ح ٢ .

 ( ٣ ) الأنعام : ٩٤ .

 ( ٤ ) الكشكول للشيخ البهائي : ١٢٢ و ذكر في الديوان أنّه لمولوي : ٤٥ .

 ( ٥ ) الكافي ٣ : ٢٣١ ح ١ .

 ( ٦ ) لأبي العتاهية ، ذكره المسعودي في مروج الذهب ٣ : ٣٦٧ .

٣٣٣

فقال : كذلك تخرّب دياره ، فصار كما قال في قتل الأمين١

٢١

الحكمة ( ١٦٨ ) و قال عليه السلام :

اَلْأَمْرُ قَرِيبٌ وَ اَلاِصْطِحَابُ قَلِيلٌ أقول : « الأمر قريب » ، في ( مطالب سؤول ابن طلحة الشافعي ) قال رجل لأمير المؤمنين عليه السلام : أخبرني عن واجب و أوجب ، و عجب و أعجب ، و صعب و أصعب ، و قريب و أقرب ، فقال عليه السلام :

توب ربّ الورى واجب

و ترك الذّنوب أوجب

و الدهر في صرفه عجيب

و غفلة الناس عنه أعجب

و الصبر في النائبات صعب

لكن فوت الثّواب أصعب

و كلّ ما يرتجى قريب

و الموت من ذاك أقرب٢

و في ( الكافي ) عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله : سئل أيّ المؤمنين أكيس ؟ فقال : أكثرهم ذكرا للموت ، و أشدّهم له استعدادا٣ .

« و الإصطحاب قليل » :

و كلّ أخ مفارقه أخوه

لعمر أبيك إلاّ الفرقدان٤

و في الخبر : نزل جبرئيل على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال له : يا محمّد عش ما شئت فانّك ميّت ، و أحبب من شئت فإنّك مفارقه ، و اعمل ما شئت فإنّك لاقيه٥

ــــــــــــ

 ( ١ ) تاريخ الطبري ٦ : ٤٩٤ .

 ( ٢ ) مطالب السؤول ابن طلحة الشافعي : ٦٢ .

 ( ٣ ) الكافي ٣ : ٢٥٨ ح ٢٧ .

 ( ٤ ) العقد الفريد ٣ : ٩٢ ، و الكامل للمبرد : ١٢٤٠ و هو بلفظ الفرقدان .

 ( ٥ ) الكافي ٣ : ٢٥٥ ح ١٧ .

٣٣٤

٢٢

الحكمة ( ١٨٢ ) و قال عليه السلام :

اَلرَّحِيلُ وَشِيكٌ الوشيك : ما كان سرعته عجيبا ، قال الشاعر في قتل خالد بن الوليد ، مالك بن نويرة و زناه بإمرأته :

أ تقتلهم ظلما و تنكح فيهم ؟

لو شكان هذا و الدّماء تصبب١

و في ( الصحاح ) : يقال عجبت من وشك ذاك الأمر و من وشكه بفتح الواو و ضمّها و ( وشكان ذاك الأمر )٢ كذلك أيضا ، في ( الكافي ) عن الصادق عليه السلام : عجب لقوم حبس أوّلهم عن آخرهم ثمّ نودي فيهم بالرّحيل و هم يلعبون٣ .

و قيل بالفارسية : تا بار نهادى كه صداى كوچ است .

أيضا :

مرا در منزل جانان چه جاى امن چون هر دم

جرس فرياد ميدارد كه بربنديد محملها٤

٢٣

الحكمة ( ٤١٩ ) و قال عليه السلام :

مِسْكِينٌ اِبْنُ آدَمَ مَكْتُومُ اَلْأَجَلِ مَكْنُونُ اَلْعِلَلِ مَحْفُوظُ اَلْعَمَلِ تُؤْلِمُهُ اَلْبَقَّةُ وَ تَقْتُلُهُ اَلشَّرْقَةُ وَ تُنْتِنُهُ اَلْعَرْقَةُ

ــــــــــــ

 ( ١ ) لسان العرب ١٥ : ٣٠٩ .

 ( ٢ ) الصحاح : ( و شك ) .

 ( ٣ ) الكافي ٣ : ٢٥٨ ح ٢٩ .

 ( ٤ ) ديوان حافظ : ١٠ .

٣٣٥

أقول : روى الفقرات الثلاث الأخيرة الدّميري في كتابه عن ( كامل ابن عدي ) عن الأصبغ عنه عليه السلام هكذا : قال عليه السلام في خطبة : ابن آدم و ما ابن آدم تؤلمه بقّة و تنتنه عرقة و تقتله شرقة١ .

« مسكين ابن آدم » تقديم الخبر للحصر لإختصاصه دون ساير الحيوانات بمجموع هذه الصفات و لأنّه عليه السلام في مقام بيان مسكنته فتقديم الخبر أهمّ .

« مكتوم الأجل » حتّى الأنبياء إذا لم يعلمهم اللّه تعالى قبل ذلك ، فمات داود عليه السلام فجأة ، خطيبا على المنبر ، و مات سليمان عليه السلام فجأة متّكئا على عصاه ناظرا في ملكه ، فأيّ مسكنة أشدّ منه و الأصل في كلامه عليه السلام قوله تعالى : و أجل مسمّى عنده٢ فلا يعلمه غيره و لنعم ما قيل بالفارسية :

ناگهان بانگى برآمد خواجه مرد .

« مكنون العلل » قال ابن معروف مشيرا إلى قوله عليه السلام هذا ، و قوله :

« مكتوم الأجل » :

يا بؤس للإنسان في

الدّنيا و إن نال الأمل

يعيش مكتوم العلل

فيها و مكتوم الأجل

بينا يرى في صحّة

مغتبطا قيل اعتلل

و بينما يوجد في

ها ثاويا قيل ارتحل

فأوفر الحظّ لمن

يتبعه حسن العمل

و في ( المعجم ) : كان إسحاق الموصلي يسأل اللّه أن لا يبتليه بالقولنج لما رأى من صعوبته على أبيه فأري في منامه كأنّ قائلا يقول له : قد أجيبت

ــــــــــــ

 ( ١ ) حياة الحيوان للدميري ١ : ٢١٨ .

 ( ٢ ) الأنعام : ٢ .

٣٣٦

دعوتك و لست تموت بالقولنج و لكن تموت بضدّه ، فأصابه ذرب ، فمات منه سنة ( ٢٣٥ ) في خلافة المتوكّل١ .

و في ( المعجم ) أيضا : حدّث يموت بن المزرع قال وجّه المتوكّل في السنّة التي قتل فيها أن يحمل إليه الجاحظ من البصرة ، فقال لمن أراد حمله :

و ما يصنع بامرى‏ء ليس بطائل ، ذي شقّ مائل ، و لغاب سائل ، و فرج بائل ، و عقل حائل٢ و قال المبرّد دخلت على الجاحظ في آخر أيّامه و قلت له : كيف أنت ؟

فقال : كيف يكون من نصفه مفلوج لو حزّ بالمناشير ما شعر ، و نصفه الآخر منقرس لو طار الذّباب بقربه لآلمه و قال لمتطبّب يشكو إليه علّته : اصطلحت هذه الأضداد على جسدي إن أكلت باردا أخذ برجلي ، و إن أكلت حارّا أخذ برأسي٣ .

« محفوظ العمل » و كلّ صغير و كبير مستطر٤ ، ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد٥ ، يومئذ يصدر النّاس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرّة خيرا يره و من يعمل مثقال ذرّة شرّا يره٦ ، . و ان كان مثقال حبّة من خردل آتينا بها و كفى بنا حاسبين٧ و يقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلاّ أحصاها و وجدوا ما عملوا حاضرا .٨ يا بنيّ إنّها إن تك مثقال حبّة من خردل فتكن في صخرة أو

ــــــــــــ

 ( ١ ) معجم الادباء للحموي ٦ : ٥٣ ترجمة إسحاق الموصلي .

 ( ٢ ) معجم الادباء للحموي ١٦ : ١١٢ .

 ( ٣ ) المصدر نفسه ١٦ : ١١٢ ترجمة الجاحظ .

 ( ٤ ) القمر : ٥٣ .

 ( ٥ ) ق : ١٨ .

 ( ٦ ) الزلزال : ٦ ٨ .

 ( ٧ ) الأنبياء : ٤٧ .

 ( ٨ ) الكهف : ٤٩ .

٣٣٧

في السماوات أو في الأرض يأت بها اللّه انّ اللّه لطيف خبير١ .

« تولمه البقّة » أي : البعوضة ، روي أنّ المنصور آذاه بعوض فكلّما دفعه عنه عاد إليه ، و كان عنده الصادق عليه السلام فقال له : لم خلق اللّه هذا البعوض ؟ قال :

ليذلّ به الجبابرة مثلك .

و قال الدّميري : يقال أنّ البقّ يتولّد من النّفس الحارّ و لشدّة رغبته في الإنسان لا يتمالك إذا شمّ رائحته إلاّ رمى نفسه عليه٢ .

و قال وهب بن منبّه : لمّا أرسل اللّه تعالى البعوض على النمرود اجتمع منه في عسكره ما لا يحصى ، فانفرد النمرود عن جيشه ، و دخل بيته ، و أغلق الأبواب ، و أرخى السّتور ، و نام على قفاه مفكّرا ، فدخلت بعوضة في أنفه و صعدت إلى دماغه فعذّب بها أربعين يوما حتّى أنّه كان يضرب برأسه الأرض ، و كان أعزّ النّاس عنده من يضرب رأسه ، ثم سقطت منه كالفرخ و هي تقول كذلك يسلّط اللّه رسله على من يشاء من عباده . ثم هلك حينئذ ، قال الطبرخزي :

و بعوضة قتلت بني كنعان٣

و كان بعض الجبابرة بالعراق يأخذ من يريد قتله ، فيخرجه مجرّدا إلى بعض الآجام التي بالبطائح و يتركه فيها مكتوفا تقتله البعوض في أسرع وقت .

« و تقتله الشّرقة » ( شرق بريقه ) غصّ به ، قال عديّ بن زيد :

لو بغير الماء حلقي شرق

كنت كالغصّان بالماء اعتصاري٤

و في ( الأغاني ) : نزل يزيد بن عبد الملك ببيت رأس بالشّام و معه

ــــــــــــ

 ( ١ ) لقمان : ١٦ .

 ( ٢ ) حياة الحيوان للدميري ١ : ٢١٧ .

 ( ٣ ) الدميري ، حياة الحيوان ١ : ١٨٢ .

 ( ٤ ) لسان العرب ٧ : ٩٧ .

٣٣٨

حبّابة فقال : زعموا أنّه لا تصفوا عيشة لأحد يوما إلى الليل إلاّ يكّدرها شي‏ء عليه و سأجرّب ذلك ، ثمّ قال لمن معه : إذا كان غد فلا تخبروني بشي‏ء و لا تأتوني بكتاب ، و قد خلا هو و حبّابة فأتيا بما يأكلان فأكلت حبّابة رمّانة فشرقت بحبّة منها فماتت فأقام لا يدفنها ثلاثا حتّى تغيّرت و أنتنت و هو يشمّها و يرشفها فعابوا عليه ما يصنع حتّى اذن في دفنها فما مضت إلاّ خمس عشرة ليلة حتّى دفن إلى جنبها١ .

« و تنتّنه العرقة » « تنتّنه » من باب التفعيل لا الإفعال ، ففي ( الصحاح ) : نتن الشي‏ء و أنتن بمعنى ، و نتّنه : غيره ، تنتينا : جعله منتنا ، و النتن : الرائحة الكريهة٢ .

و في ( الفقيه ) : قال الصادق عليه السلام : علّة غسل الجمعة أنّ الأنصار كانت تعمل في أموالها فإذا حضروا المسجد تأذّى الناس بأرواح آباطهم و أجسادهم ، فأمرهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالغسل فجرت بذلك السّنّة٣ .

٢٤

الحكمة ( ٣٣٤ ) و قال عليه السلام :

لَوْ رَأَى اَلْعَبْدُ اَلْأَجَلَ وَ مَصِيرَهُ لَأَبْغَضَ اَلْأَمَلَ وَ غُرُورَهُ رواه ( الكافي )٤ و ( أمالي المفيد )٥ عنه هكذا : لو رأى العبد أجله و سرعته إليه لأبغض الأمل و ترك طلب الدّنيا .

ــــــــــــ

 ( ١ ) الأغاني ١٥ : ١٤٣ .

 ( ٢ ) الصحاح : ( نتن ) .

 ( ٣ ) الفقيه ١ : ١١٢ ح ٢٣ .

 ( ٤ ) الكافي ٣ : ٢٥٩ ح ٣٠ .

 ( ٥ ) الأمالي للمفيد : ٣٠٩ ح ٨ .

٣٣٩

و في ( بيان الجاحظ ) : وجد في حجر مكتوب : يابن آدم لو أنّك رأيت يسير ما بقى من أجلك ، لزهدت في طول ما ترجو من أملك ، و لرغبت في الزّيادة في عملك ، و لأقصرت من حرصك و حيلك ، و انّما يلقاك غدا ندمك لو قد زلّت بك قدمك و أسلمك أهلك و حشمك ، و تبرأ منك القريب ، و انصرف عنك الحبيب ، فلا أنت إلى أهلك بعائد ، و لا في عملك بزائد١ .

و في ( المعجم ) : قال فضل بن حباب أبو خليفة :

و متعب السّفر مرتاح إلى بلد

و الموت يرصده في ذلك البلد

و ضاحك المنايا فوق هامته

لو كان يعلم غيبا مات من كمد

آماله فوق ظهر النّجم شامخة

و الموت من تحت اطليه على الرّصد

من كان لم يعط علما في بقاء غد

ماذا تفكّره في رزق بعد غد٢

٢٥

الحكمة ( ٣٦ ) و قال عليه السلام :

مَنْ أَطَالَ اَلْأَمَلَ أَسَاءَ اَلْعَمَلَ أقول : رواه ( الكافي ) هكذا : ( ما أطال عبد الأمل إلاّ أساء العمل )٣ قال بعضهم :

و منتظر للموت في كلّ ساعة

يشيّد بيتا دائما و يحصّن

له حين يتلوه حقيقة موقن

و أفعاله أفعال من ليس يوقن

عيان و انكار و كالجهل علمه

بمذهبه في كلّ ما يتيقّن٤

ــــــــــــ

 ( ١ ) البيان و التبيين للجاحظ ٣٥ : ١٦٦ .

 ( ٢ ) الحموي ، معجم الادباء ١٦ : ٢٠٧ .

 ( ٣ ) الكافي ٣ : ٢٥٩ ح ٣٠ .

 ( ٤ ) العقد الفريد لابن عبد ربه ٣ : ٢٠٧ لابن أبي حازم .

٣٤٠

و قال خالد بن صفوان : بتّ ليلتي أتمنّى كلّها فكسيت البحر الأخضر بالذهب الأحمر فإذا الذي يكفيني رغيفان و كوزان و طمران .

٢٦

الحكمة ( ٣٣٥ ) و قال عليه السلام :

لِكُلِّ اِمْرِئٍ فِي مَالِهِ شَرِيكَانِ اَلْوَارِثُ وَ اَلْحَوَادِثُ قال بعضهم :

يا جامعا للمال يا مانعا

ألم تثق بالرّازق الباعث

من شحّ بالمال على نفسه

جاد به قهرا على الوارث

أيضا :

امهد لنفسك يا أبا الفيّاض

و اعلم بأنّك عن قليل ماض

و يحوز مالك وارث للمال

أو موصي إليه أو وكيل القاضي

٢٧

الحكمة ( ٣٨٠ ) و قال عليه السلام :

رُبَّ مُسْتَقْبِلٍ يَوْماً لَيْسَ بِمُسْتَدْبِرِهِ وَ مَغْبُوطٍ فِي أَوَّلِ لَيْلِهِ قَامَتْ بَوَاكِيهِ فِي آخِرِهِ قال الظاهر : ابن دريد :

ربّ صباح لامرئ لم يمسه

حتف الفتى موكّل بنفسه

حتى يحلّ في ضريح رمسه

يؤمّل أن يعمّر عمر نوح

و أمر اللّه يطرق كلّ ليلة

يا راقد اللّيل مسرورا بأوّله

انّ الحوادث قد يطرقن أسحارا

٣٤١

و في ( الحلية ) : كان ابن السّماك يقول :

عجبا لعين تلذّ بالرّقاد

و ملك الموت معه على وساد

و قال معاذ بن معاذ : دخلت على قاضي البصرة أعوده ، فقلت : أراك اليوم صالحا ١ ، فقال :

لا يغرّنّك عشاء سالم

سوف يأتي بالمنايا السّحر

فلّما كان السحر سمعت الواعية عليه .

و قيل بالفارسيّة :

سر شب سر تخت و سر بتاج

سحرگه نه بر تن سر نه سر بتاج

و مصداق هذا الشعر قصّة انقراض ملوكيّة شرفاء العراق : ففي أوّل الليل كانت دولة فيصل الآخر ، و في آخره كانت دولة عبد الكريم قاسم ، و هو من غرائب التاريخ ، كإخراج الإيرانيّين من العراق .

٢٨

في الخطبة ( ٨٢ ) فَلْيَعْمَلِ اَلْعَامِلُ مِنْكُمْ فِي أَيَّامِ مَهَلِهِ قَبْلَ إِرْهَاقِ أَجَلِهِ وَ فِي فَرَاغِهِ قَبْلَ أَوَانِ شُغُلِهِ وَ فِي مُتَنَفَّسِهِ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ بِكَظَمِهِ وَ لْيُمَهِّدْ لِنَفْسِهِ وَ قَدَمِهِ وَ لْيَتَزَوَّدْ مِنْ دَارِ ظَعْنِهِ لِدَارِ إِقَامَتِهِ فَاللَّهَ اَللَّهَ أَيُّهَا اَلنَّاسُ فِيمَا اِسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِهِ وَ اِسْتَوْدَعَكُمْ مِنْ حُقُوقِهِ فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً وَ لَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى وَ لَمْ يَدَعْكُمْ فِي جَهَالَةٍ وَ لاَ عَمًى قَدْ سَمَّى آثَارَكُمْ وَ عَلِمَ أَعْمَالَكُمْ وَ كَتَبَ آجَالَكُمْ وَ أَنْزَلَ عَلَيْكُمُ اَلْكِتَابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ ٢١ ٢٣ ١٦ : ٨٩ الى أن قال فَاسْتَدْرِكُوا بَقِيَّةَ أَيَّامِكُمْ وَ اِصْبِرُوا لَهَا أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّهَا قَلِيلٌ فِي كَثِيرِ اَلْأَيَّامِ اَلَّتِي تَكُونُ مِنْكُمْ فِيهَا اَلْغَفْلَةُ

٣٤٢

وَ اَلتَّشَاغُلُ عَنِ اَلْمَوْعِظَةِ وَ لاَ تُرَخِّصُوا لِأَنْفُسِكُمْ فَتَذْهَبَ بِكُمُ اَلرُّخَصُ مَذَاهِبَ اَلظَّلَمَةِ وَ لاَ تُدَاهِنُوا فَيَهْجُمَ بِكُمُ اَلْإِدْهَانُ عَلَى اَلْمُصِيبَةِ عِبَادَ اَللَّهِ إِنَّ أَنْصَحَ اَلنَّاسِ لِنَفْسِهِ أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّهِ وَ إِنَّ أَغَشَّهُمْ لِنَفْسِهِ أَعْصَاهُمْ لِرَبِّهِ وَ اَلْمَغْبُونُ مَنْ غَبَنَ نَفْسَهُ وَ اَلْمَغْبُوطُ مَنْ سَلِمَ لَهُ دِينُهُ وَ اَلسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ وَ اَلشَّقِيُّ مَنِ اِنْخَدَعَ لِهَوَاهُ أقول : « فليعمل العامل منكم قبل إرهاق أجله » من قولهم ( لا ترهقني لا أرهقك اللّه ) أي : ( لا تعسرني لا أعسرك اللّه ) ، و أمّا نقل ابن أبي الحديد هنا قول الشاعر :

تندى أكفّهم و في أبياتهم

ثقة المجاور و المضاف المرهق١

فلا ربط ففي ( الأساس ) : ( رجل مرهق ) : مضياف يرهقه الضيوف ، و قال ابن هرمة :

خير الرّجال المرهقون كما

خير تلاع البلاد اكلؤها٢

لكن الأصل في كلام ابن أبي الحديد ( الصحاح ) و هو كما ترى٣ .

« و في فراغه قبل أوان شغله » أي : زمان شغله .

« و في متنفّسه » المراد زمان تنفّسه ، قال الشاعر :

و الشيب ان يحلل فإنّ وراءه

عمرا يكون خلاله متنفّس٤

« قبل أن يؤخذ بكظمه » أي : مخرج نفسه .

« و ليمهّد لنفسه و قدومه » هكذا في ( المصرية )٥ و في ( ابن أبي الحديد

ــــــــــــ

 ( ١ ) ابن أبي الحديد ٦ : ٣٥٠ .

 ( ٢ ) الزمخشري ، أساس البلاغة : ١٨١ .

 ( ٣ ) ابن أبي الحديد ٦ : ٣٥٠ .

 ( ٤ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٤ : ٥٢ .

 ( ٥ ) المصرية ٢٠٢ ح ٨٢ .

٣٤٣

و ابن ميثم و الخطية )١ « و قدمه » .

« و ليتزوّد من دار ظعنه لدار إقامته » الظّعن ( بالسّكون و التحرك ) : مقابل الإقامة ، قال تعالى : يوم ظعنكم و يوم إقامتكم٢ .

في الخبر : اغتنموا خمسا قبل خمس الغنى قبل الفقر ، و الصحّة قبل السّقم ، و الشباب قبل الهرم ، و الفراغ قبل الشغل ، و الحياة قبل الموت٣ .

« فاللّه اللّه أيّها الناس في ما استحفظكم من كتابه » من العمل بها ، لا حفظ ألفاظ آياته .

« و استودعكم من حقوقه » و حيث أنّ المال و البدن اللّذين عليهما الحق وديعة منه تعالى ، فكأنّما حقوقهما وديعة ، قال تعالى : أنفقوا ممّا رزقناكم .٤ .

« فإنّ اللّه سبحانه لم يخلقكم عبثا » أفحسبتم أنّما خلقناكم عبثا و أنّكم إلينا لا ترجعون٥ .

« و لم يترككم سدى » أي : مهملا أيحسب الإنسان أن يترك سدى أ لم يك نطفة من منىّ يمنى٦ .

« و لم يدعكم في جهالة و لا عمى » ان تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين٧ .

ــــــــــــ

 ( ١ ) ابن أبي الحديد ٦ : ٣٥٠ ، و ابن ميثم ٢ : ٢٨٠ كالمصرية .

 ( ٢ ) النحل : ٨٠ .

 ( ٣ ) الأمالي للطوسي ٢ : ١٣٩ .

 ( ٤ ) البقرة : ٢٥٤ .

 ( ٥ ) المؤمنون : ١١٥ .

 ( ٦ ) القيامة : ٣٦ ٣٧ .

 ( ٧ ) الأعراف : ١٧٢ .

٣٤٤

« قد سمّى آثاركم » . و نكتب ما قدّموا و آثارهم و كلّ شي‏ء أحصيناه في إمام مبين١ .

« و علم أعمالكم » هكذا في ( المصرية )٢ و « علّم » بالتشديد و فسّره في الحاشية بقوله : « بيّن لكم أعمالكم و حدّدها »٣ و هو غلط و الصّواب : و ( علم ) بالتخفيف قال تعالى : و اللّه يعلم أعمالكم٤ .

« و كتب آجالكم » و أجل مسمّى عنده .٥ ، لكلّ أجل كتاب٦ ،

و نقرّ في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمّى ثمّ نخرجكم طفلا ثمّ لتبلغوا أشدّكم و منكم من يتوفّى و منكم من يردّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا .٧ .

« و أنزل عليكم الكتاب تبيانا لكلّ شي‏ء » أي : أنزله على نبيّه صلّى اللّه عليه و آله لكم ، قال تعالى : و نزّلنا عليك الكتاب تبيانا لكلّ شي‏ء .٨ ، و في ( الصحاح ) : التبيان ( بالكسر ) مصدر كالتّلقاء ، و القياس ( بالفتح ) كالتكرار٩ .

« و استدركوا بقيّة أيّامكم » أي : تداركوها .

« و اصبروا لها أنفسكم » أي : احبسوها ، قال تعالى : و اصبر نفسك مع

ــــــــــــ

 ( ١ ) يس : ١٢ .

 ( ٢ ) الطبعة المصرية : ٢٠٢ .

 ( ٣ ) في الحاشية من الطبعة المصرية : ٢٠٢ رقم ٣ .

 ( ٤ ) محمّد : ٣٠ .

 ( ٥ ) الأنعام : ٢ .

 ( ٦ ) الرعد : ٣٨ .

 ( ٧ ) الحج : ٥ .

 ( ٨ ) النحل : ٨٩ .

 ( ٩ ) الصحاح : ( بين ) .

٣٤٥

الّذين يدعون ربّهم بالغداة و العشيّ .١ .

« فانّها » أي : الأيام الباقية التي تستدركوها و تصبروا أنفسكم لها .

« قليل في كثير من الأيام التي تكون منكم فيها الغفلة » قال ابن أبي الحديد :

قال عليه السلام : « فإنّها قليل » مخبرا عن المؤنّث بالمذكر لأنّه في معنى شي‏ء قليل .

قلت : بل لأنّ القليل يأتي للمؤنّث كما يأتي للمذكّر ، كما أتى للجمع ، و في قوله تعالى : و اذكروا إذ أنتم قليل .٢ .

« و التشاغل عن الموعظة » أي : التذكر بالعواقب .

« و لا ترخّصوا لأنفسكم » الأصل في الرّخص : الناعم يقال هو رخص الجسد ، و الرّخصة في الأمر خلاف التشديد فيه .

« فيذهب بكم الرّخص فيها » هكذا في ( المصرية )٣ و كلمة ( فيها ) زائدة لعدم وجودها في ( ابن ميثم و ابن أبي الحديد و الخطية )٤ .

« مذاهب الظلمة » فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى و يقولون سيغفر لنا و إن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألاّ يقولوا على اللّه إلاّ الحق .٥ .

« و لا تداهنوا » المداهنة : المصانعة ، قال تعالى : ودّوا لو تدهن فيدهنون٦ .

ــــــــــــ

 ( ١ ) الكهف : ٢٨ .

 ( ٢ ) الأنفال : ٢٦ .

 ( ٣ ) الطبعة المصرية : ٢٠٣ .

 ( ٤ ) ابن أبي الحديد ٢ : ٣٥٢ ، و ابن ميثم كالمصرية ٢ : ٢٨١ ، و النسخة الخطية ٥٧ .

 ( ٥ ) الأعراف : ١٦٩ .

 ( ٦ ) القلم : ٩ .

٣٤٦

« فيهجم بكم الادهان على المصيبة » هكذا في ( المصرية )١ و الصواب : ما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخوئي )٢ « على المعصية » بمعنى أنّ المداهن مع أهل المعصية مثلهم و شريك وزرهم ، ففي باب الأمر بالمعروف الكافي عن الباقر عليه السلام : أوحى اللّه تعالى إلى شعيب انّي معذّب من قومك مائة ألف و أربعين ألفا من شرارهم و ستّين ألفا من خيارهم فقال : يا ربّ هؤلاء الأشرار ، فما بال الأخيار ؟ فأوحى إليه : داهنوا أهل المعاصي و لم يغضبوا لغضبي٣ .

« عباد اللّه إنّ أنصح الناس لنفسه أطوعهم لربّه » ففاز فوزا عظيما .

« و إنّ أغشّ الناس لنفسه أعصاهم لربّه » لأنّه ضلّ ضلالا بعيدا .

« و المغبون من غبن نفسه » لا ماله ، و في ( باب آخر الفقيه ) : بينا أمير المؤمنين عليه السلام يعبّى‏ء أصحابه للحرب ، إذ أتاه شيخ من ناحية الشام ، و قال :

سمعت فيك من الفضل ما لا احصي ، و إنّي لأظنّك ستغتال ، فعلّمني ممّا علّمك اللّه ، قال : نعم يا شيخ ، من اعتدل يوماه فهو مغبون ، و من كانت همّته الدّنيا اشتدّت حسرته عند فراقها ، و من كان غده شرّ يوميه فهو محروم ، و من لم يبال بما رزى‏ء من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك ، و من لم يتعاهد النقّص من نفسه غلب عليه الهوى ، و من كان في نقص فالموت خير له٤ .

و قال تعالى : يا أيّها الناس إنّما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدّنيا ثمّ إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون٥ .

ــــــــــــ

 ( ١ ) المصرية : ٢٠٣ .

 ( ٢ ) شرح ابن ميثم كالمصرية ٢ : ٢٨١ و الخوئي ٦ : ١٢٤ خ ٨٥ .

 ( ٣ ) الكافي ٥ : ٥٦ ح ١ .

 ( ٤ ) الفقيه ٤ : ٣٨١ ح ٥٨٣٣ .

 ( ٥ ) يونس : ٢٣ .

٣٤٧

« و المغبوط من سلم له دينه » و في الخبر : ( أغبط الناس من صار في التراب ، و أمن العقاب )١ .

« و السّعيد من وعظ بغيره » لا من واطأته دنياه .

« و الشقيّ من انخدع لهواه » هكذا في ( المصرية )٢ و فيها سقط ، و في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة )٣ بعده « و غروره » ، و من أضلّ ممّن إتّبع هواه بغير هدى من اللّه٤ .

٢٩

من الخطبة ( ٨٦ ) عِبَادَ اَللَّهِ زِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا وَ حَاسِبُوهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تُحَاسَبُوا وَ تَنَفَّسُوا قَبْلَ ضِيقِ اَلْخِنَاقِ وَ اِنْقَادُوا قَبْلَ عُنْفِ اَلسِّيَاقِ وَ اِعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُعَنْ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ مِنْهَا وَاعِظٌ وَ زَاجِرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا لاَ زَاجِرٌ وَ لاَ وَاعِظٌ « عباد اللّه زنوا أنفسكم قبل أن توزنوا » هكذا في ( المصرية )٥ و لكن في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخوئي )٦ : « من قبل » فهو الصحيح ،

قال عليه السلام : زنوها في الدنيا من قبل زنة اللّه تعالى لها في الآخرة ، حتى تكمل خفّتها و تثقل إن كانت خفيفة ، قال تعالى : و نضع الموازين القسط ليوم

ــــــــــــ

 ( ١ ) الفقيه ٤ : ٣٩٥ ح ٥٨٤ .

 ( ٢ ) المصرية : ٢٠٣ .

 ( ٣ ) ابن أبي الحديد ٦ : ٣٥٣ ، و ابن ميثم كالمصرية ٢ : ٢٨١ ، و النسخة الخطية : ٥٧ .

 ( ٤ ) القصص : ٥٠ .

 ( ٥ ) الطبعة المصرية المصححة : ٢١١ .

 ( ٦ ) ابن أبي الحديد ٦ : ٣٥٣ ، و شرح ابن ميثم ٢ : ٣١٥ ح ٨٩ ، و الخوئي ٨ : ٢٧٠ ح ٨٩ .

٣٤٨

القيامة فلا تظلم نفس شيئا .١ .

« و حاسبوها قبل أن تحاسبوا » . و إن كان مثقال حبّة من خردل أتينا بها و كفى بنا حاسبين٢ و لقد ألّف عليّ بن طاووس رسالة في ( محاسبة النفس ) .

« و تنفّسوا قبل ضيق الخناق » خنقه و خنّقه : إذا عصر حلقه ، و ألقى الحبل في عنقه ، و حرّمت المنخنقة في الإسلام ، قال تعالى : حرّمت عليكم الميتة . .

و المنخنقة .٣ و الخناق هنا ( بالضّمّ ) يقال : أخذ بخناقه أي : بحلقه ، و أمّا ( الخناق ) بالكسر فهو الحبل الّذي يخنق به و ليس بمراد هنا .

« و إنقادوا قبل عنف السياق » كلاّ إذا بلغت التّراقي و قيل من راق و ظنّ أنّه الفراق و التفّت السّاق بالسّاق إلى ربّك يومئذ المساق٤ .

« و اعلموا أنّه من لم يعن على نفسه حتّى يكون له منها واعظ و زاجر لم يكن له من غيره زاجر و واعظ » في ( المستطرفات ) عن مشيخة ابن محبوب عن السجّاد عليه السلام قال : يا ابن آدم إنّك لن تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك ،

و ما كانت المحاسبة من همّتك ، و ما كان لك الخوف شعارا و الحزن دثارا٥ .

٣٠

من الخطبة ( ٩٠ ) اِعْمَلُوا رَحِمَكُمُ اَللَّهُ عَلَى أَعْلاَمٍ بَيِّنَةٍ فَالطَّرِيقُ نَهْجٌ يَدْعُوا إِلى‏ دارِ اَلسَّلامِ ٣ ٦ ١٠ : ٢٥ وَ أَنْتُمْ فِي دَارِ مُسْتَعْتَبٍ عَلَى مَهَلٍ وَ فَرَاغٍ وَ اَلصُّحُفُ مَنْشُورَةٌ وَ اَلْأَقْلاَمُ جَارِيَةٌ وَ اَلْأَبْدَانُ صَحِيحَةٌ وَ اَلْأَلْسُنُ مُطْلَقَةٌ وَ اَلتَّوْبَةُ

ــــــــــــ

 ( ١ ) الأنبياء : ٤٧ .

 ( ٢ ) الأنبياء : ٤٧ .

 ( ٣ ) المائدة : ٣ .

 ( ٤ ) القيامة : ٢٦ ٣٠ .

 ( ٥ ) المستطرفات : ٨٣ ح ٢١ رواه عن أبي حمزة الثمالي .

٣٤٩

مَسْمُوعَةٌ وَ اَلْأَعْمَالُ مَقْبُولَةٌ « اعملوا رحمكم اللّه على أعلام بيّنة » لا إكراه في الدّين قد تبيّن الرّشد من الغيّ فمن يكفر بالطاغوت و يؤمن باللّه فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها .١ .

« فالطريق نهج » أي : و اضح ، إنّا هديناه السبيل إمّا شاكرا و إمّا كفورا٢ .

« يدعو إلى دار السلام » و هذا صراط ربّك مستقيما قد فصّلنا الآيات لقوم يذّكّرون . لهم دار السّلام عند ربّهم و هو وليّهم بما كانوا يعملون٣ .

« و أنتم في دار مستعتب » أي : الدّنيا ، فلا استعتاب أي : استرضاء في الآخرة ، فإن يصبروا فالنّار مثوى لهم و إن يستعتبوا فماهم من المعتبين٤ .

« على مهل و فراغ » و أنفقوا ممّا رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربّ لو لا أخّرتني إلى أجل قريب فأصّدّق و أكن من الصالحين و لن يؤخّر اللّه نفسا إذا جاء أجلها و اللّه خبير بما تعملون٥ .

« و الصّحف منشورة » أي : لكتابة الأعمال و أمّا القيامة فإنّما تنشر للقراءة .

« و الأقلام جارية » لا يصيبهم ظمأ و لا نصب و لا مخمصة في سبيل اللّه و لا يطؤون موطئا يغيظ الكفّار و لا ينالون من عدوّ نيلا إلاّ كتب لهم به عمل صالح إنّ اللّه لا يضيع أجر المحسنين و لا ينفقون نفقة صغيرة و لا كبيرة و لا

ــــــــــــ

 ( ١ ) البقرة : ٢٥٦ .

 ( ٢ ) الدهر : ٣ .

 ( ٣ ) الأنعام : ١٢٦ ١٢٧ .

 ( ٤ ) فصلت : ٢٤ .

 ( ٥ ) المنافقون : ١٠ .

٣٥٠

يقطعون واديا إلاّ كتب لهم ليجزيهم اللّه أحسن ما كانوا يعملون١ .

« و الأبدان صحيحة و الألسن مطلقة » غير معتقلة بحضور الموت .

« و التوبة مسموعة » و ليست التوبة للذين يعملون السيئات حتّى إذا حضر أحدهم الموت قال إنّي تبت الآن .٢ .

« و الأعمال مقبولة » لو أنّ لهم ما في الأرض جميعا و مثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم٣ .

٣١

من الخطبة ( ١٧٨ ) فَبَادِرُوا اَلْمَعَادَ وَ سَابِقُوا اَلْآجَالَ فَإِنَّ اَلنَّاسَ يُوشِكُ أَنْ يَنْقَطِعَ بِهِمُ اَلْأَمَلُ وَ يَرْهَقَهُمُ اَلْأَجَلُ وَ يُسَدَّ عَنْهُمْ بَابُ اَلتَّوْبَةِ فَقَدْ أَصْبَحْتُمْ فِي مِثْلِ مَا سَأَلَ إِلَيْهِ اَلرَّجْعَةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ أَنْتُمْ بَنُو سَبِيلٍ عَلَى سَفَرٍ مِنْ دَارٍ لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ وَ قَدْ أُوذِنْتُمْ مِنْهَا بِالاِرْتِحَالِ وَ أُمِرْتُمْ فِيهَا بِالزَّادِ « فبادروا المعاد » فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم اللّه جميعا إنّ اللّه على كلّ شي‏ء قدير٤ ، فاستبقوا الخيرات إلى اللّه مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون٥ .

« و سابقوا الآجال » و انفقوا ممّا رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربّ لو لا أخّرتني إلى أجل قريب فاصّدّق و أكن من الصالحين و لن

ــــــــــــ

 ( ١ ) التوبة : ١٢٠ ١٢١ .

 ( ٢ ) النساء : ١٨ .

 ( ٣ ) المائدة : ٣٦ .

 ( ٤ ) البقرة : ١٤٨ .

 ( ٥ ) المائدة : ٤٨ .

٣٥١

يؤخّر اللّه نفسا إذا جاء أجلها و اللّه خبير بما تعملون١ .

« فإنّ الناس يوشك أن ينقطع بهم الأمل » « يوشك » يقرب ، و حيل بينهم و بين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل .٢ .

« و يرهقهم الأجل » أي : يغشاهم ، و أنيبوا إلى ربّكم و اسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثمّ لا تنصرون٣ ، و اتّبعوا أحسن ما أنزل اليكم من ربّكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة و أنتم لا تشعرون٤ .

« و يسدّ عنهم باب التوبة » و ليست التوبة للذين يعملون السّيّئات حتّى إذا جاء أحدهم الموت قال إنّي تبت الآن .٥ .

« فقد أصبحتم في مثل ما سأل إليه الرجعة من كان قبلكم » و لو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربّهم ربّنا أبصرنا و سمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنّا موقنون٦ ، حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربّ ارجعون لعلّي أعمل صالحا فيما تركت كلاّ إنّها كلمة هو قائلها و من ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون٧ .

« و أنتم بنو سبيل » أي : مسافرون إلى الآخرة .

« على سفر من دار ليست بداركم » إنّما هذه الحياة الدّنيا متاع و إنّ الآخرة هي دار القرار٨ ، و ما هذه الحياة الدّنيا إلاّ لهو و لعب و إنّ الدّار الآخرة لهي

ــــــــــــ

 ( ١ ) المنافقون : ١٠ ١١ .

 ( ٢ ) سبأ : ٥٤ .

 ( ٣ ) الزمر : ٥٤ .

 ( ٤ ) الزمر : ٥٥ .

 ( ٥ ) النساء : ١٨ .

 ( ٦ ) السجدة : ١٢ .

 ( ٧ ) المؤمنون : ٩٩ ١٠٠ .

 ( ٨ ) غافر : ٣٩ .

٣٥٢

الحيوان لو كانوا يعلمون١ .

« و قد أوذنتم منها بالإرتحال » الإيذان : الإعلام ، و الأصل فيه إيصال الخبر إلى الأذن و يترجم بالفارسية بقولهم : ( گوشزد ) .

« و أمرتم فيها بالزّاد » يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا اللّه و لتنظر نفس ما قدّمت لغد و اتّقوا اللّه إنّ اللّه خبير بما تعملون٢ ، و ما تفعلوا من خير يعلمه اللّه و تزوّدوا فإنّ خير الزّاد التقوى٣ .

٣٢

الخطبة ( ١٨٨ ) و من خطبة له عليه السلام :

أُوصِيكُمْ أَيُّهَا اَلنَّاسُ بِتَقْوَى اَللَّهِ وَ كَثْرَةِ حَمْدِهِ عَلَى آلاَئِهِ إِلَيْكُمْ وَ نَعْمَائِهِ عَلَيْكُمْ وَ بَلاَئِهِ لَدَيْكُمْ فَكَمْ خَصَّكُمْ بِنِعْمَةٍ وَ تَدَارَكَكُمْ بِرَحْمَةٍ أَعْوَرْتُمْ لَهُ فَسَتَرَكُمْ وَ تَعَرَّضْتُمْ لِأَخْذِهِ فَأَمْهَلَكُمْ وَ أُوصِيكُمْ بِذِكْرِ اَلْمَوْتِ وَ إِقْلاَلِ اَلْغَفْلَةِ عَنْهُ وَ كَيْفَ غَفْلَتُكُمْ عَمَّا لَيْسَ يُغْفِلُكُمْ وَ طَمَعُكُمْ فِيمَا لَيْسَ يُمْهِلُكُمْ فَكَفَى وَاعِظاً بِمَوْتَى عَايَنْتُمُوهُمْ حُمِلُوا إِلَى قُبُورِهِمْ غَيْرَ رَاكِبينَ وَ أُنْزِلُوا فِيهَا غَيْرَ نَازِلِينَ فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا لِلدُّنْيَا عُمَّاراً وَ كَأَنَّ اَلْآخِرَةَ لَمْ تَزَلْ لَهُمْ دَاراً أَوْحَشُوا مَا كَانُوا يُوطِنُونَ وَ أَوْطَنُوا مَا كَانُوا يُوحِشُونَ وَ اِشْتَغَلُوا بِمَا فَارَقُوا وَ أَضَاعُوا مَا إِلَيْهِ اِنْتَقَلُوا لاَ عَنْ قَبِيحٍ يَسْتَطِيعُونَ اِنْتِقَالاً وَ لاَ فِي حَسَنَةٍ يَسْتَطِيعُونَ اِزْدِيَاداً أَنِسُوا بِالدُّنْيَا فَغَرَّتْهُمْ وَ وَثِقُوا بِهَا فَصَرَعَتْهُمْ فَسَابِقُوا

ــــــــــــ

 ( ١ ) العنكبوت : ٦٤ .

 ( ٢ ) الحشر : ١٨ .

 ( ٣ ) البقرة : ١٩٧ .

٣٥٣

رَحِمَكُمُ اَللَّهُ إِلَى مَنَازِلِكُمُ اَلَّتِي أُمِرْتُمْ أَنْ تَعْمُرُوهَا وَ اَلَّتِي رَغِبْتُمْ فِيهَا وَ دُعِيتُمْ إِلَيْهَا وَ اِسْتَتِمُّوا نِعَمَ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَتِهِ وَ اَلْمُجَانَبَةِ لِمَعْصِيَتِهِ فَإِنَّ غَداً مِنَ اَلْيَوْمِ قَرِيبٌ مَا أَسْرَعَ اَلسَّاعَاتِ فِي اَلْيَوْمِ وَ أَسْرَعَ اَلْأَيَّامَ فِي اَلشُّهُورِ وَ أَسْرَعَ اَلشُّهُورَ فِي اَلسَّنَةِ وَ أَسْرَعَ اَلسِّنِينَ فِي اَلْعُمُرِ « اوصيكم أيّها النّاس بتقوى اللّه » فلا عاقبة إلاّ لهم ، قال تعالى : و العاقبة للمتّقين١ و لا نجاة إلاّ لهم ، قال تعالى : ثمّ ننجي الّذين اتّقوا و نذر الظالمين فيها جثيّا٢ ، و لذا وصّى تعالى بها الأولين و الآخرين ، و لقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم و إيّاكم ان اتّقوا اللّه .٣ .

« و كثرة حمده على آلائه اليكم » في ( الصحاح ) : الآلآء و هي النعم جمع الألى ( بالفتح ) و قد يكسر و يكتب بالياء ( إلى ) مثل معى و أمعاء٤ .

« و نعمائه عليكم » عن الصادق عليه السلام : إذا أصبحت و أمسيت فقل عشر مرّات اللّهم ما أصبحت بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا ، فمنك وحدك لا شريك لك لك ، الحمد و لك الشكر بها عليّ يا ربّ حتى ترضى ، و بعد الرّضا ،

فإذن كنت أدّيت شكر ما أنعم عليك في ذلك اليوم و تلك الليّلة٥ .

و كان نوح عليه السلام يقول ذلك إذا أصبح و أمسى فسمّى عبدا شكورا٦ .

« و بلائه لديكم » قالوا : البلاء : الاختبار بالخير و الشّرّ ، و لكن المفهوم من

ــــــــــــ

 ( ١ ) الأعراف : ١٢٨ .

 ( ٢ ) مريم : ٧٢ .

 ( ٣ ) النساء : ١٣١ .

 ( ٤ ) الصحاح : ( الا ) .

 ( ٥ ) الكافي ٢ : ٩٩ ح ٢٨ .

 ( ٦ ) تفسير القمي : ٣٧٧ ، و نقله المجلسي في البحار ١١ : ٢٩٠ .

٣٥٤

كلامه انصرافه إلى الأول .

« فكم خصّكم بنعمة » قال أبو هاشم الجعفري : أصابتني ضيقة شديدة فصرت إلى الهادي عليه السلام فلّما جلست قال : أيّ نعم اللّه تعالى عليك تريد أن تؤدّي شكرها ؟ فوجمت ، فلم أدر ما أقول له عليه السلام ، فابتدأ فقال : رزقك الإيمان فحرّم به بدنك على النّار ، و رزقك العافية فأعانتك على الطاعة ، و رزقك القنوع فصانك عن التبذّل ، يا أبا هاشم إنّما بدأتك بهذا لأنّي ظننت أنّك تريد أن تشكوا إليّ من فعل بك هذا و قد أمرت لك بمائة دينار١ .

و عن الصادق عليه السلام : إذا ذكر أحدكم نعمة اللّه تعالى عليه ، فليضع خدّه على التراب شكرا له ، فإن كان راكبا فلينزل و ليضع خدّه ، فإن لم يقدر للنزّول للشهرة ، فليضع خدّه على قربوسه ، فإن لم يقدر فعلى كفّه ، ثم ليحمد اللّه تعالى على ما أنعم عليه٢ .

« و تدارككم برحمة » و عن الصادق عليه السلام : إذا رأيت الرّجل و قد ابتلي و أنعم اللّه عليك فقل : اللّهمّ إنّي لا أسخر ، و لا أفخر ، و لكن أحمدك على عظيم نعمائك عليّ٣ .

« أعورتم له فستركم » أي : بدا منكم موضع الخلل و العوار ، و في الخبر :

تطوّل على عباده بثلاث ، و منها : ستره لهم و لولاه لما دفن كثير من النّاس٤ .

« و تعرّضتم لأخذه فأمهلكم » و لو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّة .٥ .

ــــــــــــ

 ( ١ ) الفقيه ٤ : ٤٨٦ ح ٣٩ .

 ( ٢ ) الكافي ٢ : ٩٨ ح ٢٥ .

 ( ٣ ) المصدر نفسه ٢ : ٩٨ ح ٢٢ .

 ( ٤ ) الصدوق ، الخصال ١ : ١٣٦ ح ١٥٠ .

 ( ٥ ) فاطر : ٤٥ .

٣٥٥

و عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى : ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير١ : ما من عرق يضرب و لا نكبة و لا صداع و لا مرض إلاّ بذنب و ما يعفو اللّه أكثر ممّا يؤاخذ به٢ .

و عنه عليه السلام : تعوّذوا باللّه من سطوات اللّه بالليل و النهار ، قيل : و ما سطوات اللّه ؟ قال أخذه على المعاصي٣ .

و عن أبي الحسن عليه السلام : ان للّه تعالى مناديا ينادي : مهلا مهلا عباد اللّه عن معاصي اللّه ، فلو لا بهائم رتّع و صبيّة رضّع و شيوخ ركّع ، لصبّ عليكم العذاب صبّا ترضّون به رضّا٤ ، و عن الكاظم عليه السلام : كلّما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعملون ، أحدث لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون٥ ،

و عن الصادق عليه السلام يقول تعالى : إذا عصاني من عبادي من يعرفني سلّطت عليه من لا يعرفني٦ .

« و أوصيكم بذكر الموت و إقلال الغفلة عنه » فإنّ أكيس النّاس من كان أكثر ذكرا له .

« و كيف غفلتكم عمّا ليس يغفلكم و طمعكم فيمن ليس يمهلكم » فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون .٧ و قال الصادق عليه السلام : ما من أهل بيت شعر و لا وبر إلاّ و ملك الموت يتصفّحهم في كلّ يوم خمس مرّات٨ ،

ــــــــــــ

 ( ١ ) الشورى : ٣٠ .

 ( ٢ ) الكافي ٢ : ٢٦٩ ح ٣ .

 ( ٣ ) المصدر نفسه ٢ : ٢٦٩ ح ٦ .

 ( ٤ ) المصدر نفسه ٢ : ٢٧٦ ح ٣١ .

 ( ٥ ) المصدر نفسه ٣ : ٢٧٥ ح ٢٩ .

 ( ٦ ) المصدر نفسه ٢ : ٢٧٦ ح ٣٠ .

 ( ٧ ) الأعراف : ٣٤ .

 ( ٨ ) الكافي ٣ : ٢٥٦ ح ٢٢ .

٣٥٦

و قال الباقر عليه السلام لجابر الجعفي : أما رأيت الناس يكونون جلوسا ، فتعتريهم سكتة ، فما يتكلّم أحد منهم ، تلك لحظة ملك الموت حيث يلحظهم .

« فكفى واعظا بموتى عاينتموهم حملوا إلى قبورهم غير راكبين » و كانوا رجالا يركبون في مقاصدهم فلم يقدروا فحملوا على أعواد المنايا١ ، و في الكافي عن الصادق عليه السلام تبدأ في حمل السّرير من الجانب الأيمن ، ثمّ تمرّ عليه من خلفه إلى الجانب الآخر ثمّ تمرّ حتّى ترجع إلى المقدّم كذلك دوران الرّحى عليه٢ ، قال فروة بن عمرو الجذامي الّذي كان عاملا للروم على من يليهم من العرب ، فبعث إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله بإسلامه ، فبلغ ذلك الروم ، فأخذوه و أرادوا صلبه على ماء يقال له عفراء ، مكفيا عن خشبة صلبة :

ألا هل أتى سلمى بأنّ حليلها

على ماء سلمى فوق إحدى الرواحل

على ناقة لم يضرب الفحل امّها

مشذّبة أطرافها بالمناجل٣

« و انزلوا فيها غير نازلين » و كانوا ينزلون في مآربهم فلم يقدروا فأنزلوا ،

و في الكافي عن الكاظم عليه السلام : إذا أتيت بالميّت شفير قبره ، فأمهله ساعة فإنّه يأخذ أهبته للسؤال٤ .

« فكأنّهم » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : « كأنّهم » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )٥ .

« لم يكونوا في الدنيا عمّارا و كأنّ الآخرة لم تزل لهم دارا » :

كأن لم يغن يوما في رخاء

إذا ما المرء منّته المنون

ــــــــــــ

 ( ١ ) الكافي للكليني ٣ : ٢٥٩ ح ٣١ .

 ( ٢ ) المصدر نفسه ٣ : ١٦٩ ح ٤٦ .

 ( ٣ ) الكامل في التاريخ لابن الأثير ٢٠ : ٢٩٧ .

 ( ٤ ) الكافي ٣ : ١٩١ ح ٢ .

 ( ٥ ) الطبعة المصرية : ٤٩٠ ، ابن أبي الحديد ١٣ : ٩٩ ، شرح ابن ميثم كالمصرية ٤ : ١٨٨ ، النسخة الخطية : ١٧٣ .

٣٥٧

و في ( الأساس ) : ( منّته المنون ) أي : قطعته القطوع ، و هي المنيّة١ .

و في الدعاء : و ارحمني في طول البلى و اذكرني إذا نسيني النّاسون من الورى٢ .

« أوحشوا ما كانوا يوطنون » أي : صارت ديارهم وحشة لهم بالقهر .

« و أوطنوا ما كانوا يوحشون » من القبور .

« و اشتغلوا بما فارقوا » أي : بحساب ما فارقوا من علائقهم .

« و أضاعوا ما إليه انتقلوا » في ( الكافي ) عنه عليه السلام : أنّ ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيّام الدّنيا ، و أوّل يوم من أيّام الآخرة ، مثّل له ماله ، و ولده ، و عمله ،

فيلتفت إلى ماله فيقول : و اللّه إنّي كنت عليك حريصا شحيحا فمالي عندك ؟

فيقول : خذ منّي كفنك فليتفت إلى ولده فيقول : و اللّه إنّي كنت لكم محبّا ،

و محاميا ، فمالي عندكم ؟ فيقولون : نؤدّيك إلى حفرتك نواريك فيها ، فيلتفت إلى عمله فيقول : و اللّه إنّي كنت فيك لزاهدا و ان كنت عليّ لثقيلا فماذا عندك ؟

فيقول : أنا قرينك في قبرك و يوم نشرك حتى أعرض أنا و أنت على ربّك ، فإن كان للّه وليّا أتاه أطيب الناس ريحا ، و ان كان عدوّا للّه أتاه أقبح الناس زيّا و أنتنه ريحا٣ . .

« لا عن قبيح يستطيعون انتقالا و لا في حسنة يستطيعون إزديادا أنسوا بالدّنيا فغرّتهم و وثقوا بفها فصرعتهم » في ( الكافي ) عن السجّاد عليه السلام قال : ما ندري ما نصنع بالنّاس إنّ حدّثناهم بما سمعنا من النبي صلّى اللّه عليه و آله ضحكوا ، و ان سكتنا لم يسعنا ، فقال ضمرة ابن معبد : حدّثنا فقال عليه السلام : يقول عدوّ اللّه إذا

ــــــــــــ

 ( ١ ) أساس البلاغة للزمخشري : ٤٣٨ مادة ( منن ) .

 ( ٢ ) لا وجود له في مصباح المتهجد للشيخ الطوسي .

 ( ٣ ) الكليني ٣ : ٢٣١ ح ١ .

٣٥٨

حمل على سريره لحملته : أشكو إليكم عدوّا أوردني ، ثمّ لم يصدرني و إخوانا و اخيتهم و أولادا حاميت عنهم ، خذلوني و دارا صارت لغيري ، فقال ضمرة :

إن كان الميّت يتكلّم بهذا الكلام يوشك أن يثب على أعناق حملته ، فقال عليه السلام :

اللّهمّ إن كان ضمرة هزأ من حديث رسولك فخذه أخذ آسف فمات بعد أربعين ، فأتاه مولاه ، و قال له عليه السلام : وضعت وجهي على قبره حين سوّى عليه فسمعت صوته يقول : ويلك يا ضمرة اليوم خذلك كلّ خليل ، و صار الجحيم مبيتك و المقيل ، فقال عليه السلام : هذا جزاء من يهزأ من حديث رسوله١ .

« فسابقوا رحمكم اللّه إلى منازلكم التي أمرتم أن تعمروها و التي رغبتم فيها و دعيتم إليها » ثم أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه و منهم مقتصد و منهم سابق بالخيرات بإذن اللّه ذلك هو الفضل الكبير جنّات عدن يدخلونها يحلّون فيها من أساور من ذهب و لؤلؤا و لباسهم فيها حرير و قالوا الحمد للّه الذي أذهب عنّا الحزن إنّ ربّنا لغفور شكور الّذي أحلّنا دار المقامة من فضله لا يمسّنا فيها نصب و لا يمسّنا فيها لغوب٢ ، سابقوا إلى مغفرة من ربّكم و جنّة عرضها كعرض السماء و الأرض أعدّت للّذين آمنوا باللّه و رسله ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء و اللّه ذو الفضل العظيم٣ .

« و استتمّوا نعم اللّه عليكم بالصّبر على طاعته و المجانبة لمعصيته » و من يطع اللّه و رسوله يدخله جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و ذلك هو الفوز العظيم و من يعص اللّه و رسوله و يتعدّ حدوده يدخله نارا خالدا فيها و له عذاب مهين٤ و من يطع اللّه و رسوله فقد فاز فورا

ــــــــــــ

 ( ١ ) الكافي للكليني ٣ : ٢٣٤ ح ٤ .

 ( ٢ ) فاطر : ٣٢ ٣٥ .

 ( ٣ ) الحديد : ٢١ .

 ( ٤ ) النساء : ١٥ ١٦ .

٣٥٩

عظيما١ و من يعص اللّه و رسوله فقد ضلّ ضلالا مبينا٢ .

« فإنّ غدا من اليوم قريب » أي : كما أنّ الغد قريب من اليوم ، كذلك الآخرة من الدّنيا ، فإنّ من مات قامت قيامته .

« ما أسرع الساعات في اليوم و أسرع الأيام في الشهور و أسرع الشهور في السنين و أسرع السنين في العمر » و حينئذ فعمر الإنسان ساعات معدودة تنقضي مسرعة بل أنفاس في آنات ، قال تعالى : إنّما نعدّ لهم عدّا٣ أي :

أنفاسهم ، و امّا أعوامهم و شهورهم فيعدّهما آبائهم و امهاتهم و كان الصادق عليه السلام كثيرا ما يقول :

اعمل على مهل فإنّك ميّت

و اختر لنفسك أيّها الإنسان

فكأنّما ما كان لم يك إذ مضى

و كأنّ ما هو كائن قد كان٤

٣٣

من الخطبة ( ١٨٥ ) فَاعْتَصِمُوا بِتَقْوَى اَللَّهِ فَإِنَّ لَهَا حَبْلاً وَثِيقاً عُرْوَتُهُ وَ مَعْقِلاً مَنِيعاً ذِرْوَتُهُ وَ بَادِرُوا اَلْمَوْتَ فِي غَمَرَاتِهِ وَ اِمْهَدُوا لَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ وَ أَعِدُّوا لَهُ قَبْلَ نُزُولِهِ فَإِنَّ اَلْغَايَةَ اَلْقِيَامَةُ وَ كَفَى بِذَلِكَ وَاعِظاً لِمَنْ عَقَلَ وَ مُعْتَبَراً لِمَنْ جَهِلَ وَ قَبْلَ بُلُوغِ اَلْغَايَةِ مَا تَعْلَمُونَ مِنْ ضِيقِ اَلْأَرْمَاسِ وَ شِدَّةِ اَلْإِبْلاَسِ وَ هَوْلِ اَلْمُطَّلَعِ وَ رَوْعَاتِ اَلْفَزَعِ وَ اِخْتِلاَفِ اَلْأَضْلاَعِ وَ اِسْتِكَاكِ اَلْأَسْمَاعِ وَ ظُلْمَةِ اَللَّحْدِ وَ خِيفَةِ اَلْوَعْدِ وَ غَمِّ اَلضَّرِيحِ وَ رَدْمِ اَلصَّفِيحِ

ــــــــــــ

 ( ١ ) الأحزاب : ٧١ .

 ( ٢ ) الاحزاب : ٣٦ .

 ( ٣ ) مريم : ٨٤ .

 ( ٤ ) تاريخ الطبري ٥ : ١٥ كذلك بحار الأنوار ٤٧ : ٢٥ .

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608