بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٢

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 607

  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 113567 / تحميل: 3929
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٢

مؤلف:
العربية

كتاب بهج الصباغة

في شرح نهج البلاغة

المجلد الثاني عشر

الشيخ محمد تقي التّستري

١

المجلد الثاني عشر

٢

تتمة الفصل السابع و الثلاثون في ذم الدنيا و فنائها

٣١

الحكمة ( ٤٦٣ ) و قال عليه السّلام :

اَلدُّنْيَا خُلِقَتْ لِغَيْرِهَا وَ لَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا قال بعضهم : و نحن بنو الدنيا خلقنا لغيرها ، و قال ابن أبي الحديد : قال أبو العلاء :

خلق النّاس للبقاء فضلّت

أمّة يحسبونهم للنّفاد

انّما ينقلون من دار اعمال

إلى دار شقوة أو رشاد١

٣٢

الحكمة ( ١٩٥ ) وَ قَالَ ع وَ قَدْ مَرَّ بِقَذَرٍ عَلَى مَزْبَلَةٍ هَذَا مَا بَخِلَ بِهِ اَلْبَاخِلُونَ

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ١٨١ .

٣

وَ رُوِيَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ هَذَا مَا كُنْتُمْ تَتَنَافَسُونَ فِيهِ بِالْأَمْسِ قول المصنّف : « و قد مرّ بقذر على مزبلة » في الصحاح المزبل بالكسر :

السّرجين ، و موضعه مزبلة و مزبلة أي : بفتح الباء و ضمّها١ و في ( عقلاء مجانين النيسابوري ) : كان لجعفر بن سلمان جارية اسمها الخيزران و كان مفتونا بها ، فركب يوما في جماعة من الموالي يريد الجمعة فمرّ بأبي سعيد الضبعي فرفع رأسه و قال يا جعفر تحبّ خيزران ؟ قال : نعم فقال : أبو سعيد :

نبّئتها عشقت حشا فقلت لها

لا يعشق الحشّ إلاّ كلّ كنّاس٢

فضرب جعفر وجه دابّته ، و مضى حياء من الناس قوله عليه السلام : « هذا ما بخل به الباخلون » قيل بالفارسيّة :

عارفى روزى به راهى ميگذشت

واله و سرمست چون ميخوارگان

ديد گورستان و مبرز روبرو ( گفت )

اينش نعميت اينش نعمت خوارگان

و في ( تاريخ بغداد ) : قالت مولاة داود الطائي : طبخت له دسما ثمّ أتيته به ، فقال ما فعل أيتام فلان ؟ قلت : على حالهم ، قال : إذهبي بهذا إليهم ، فقلت : أنت لم تأكل أدما منذ كذا و كذا فقال : إنّ هذا إذا أكله اليتامى ، كان عند اللّه مذخورا ،

و إذا أكلته كان في الحشّ٣ هذا ، و قيل لزياد الأعجم ، الا تهجو جريرا ؟ فقال أليس الّذي يقول :

كأنّ بني طهيّة رهط سلمى

حجارة خارى‏ء يرمى كلابا٤

____________________

( ١ ) الصحاح : ( زبل ) .

( ٢ ) النيسابوري ، عقلاء المجانين : ٨٧ ٨٨ .

( ٣ ) تاريخ بغداد ٨ : ٣٥٣ رقم ( ٤٤٥٥ ) .

( ٤ ) الأغاني ٨ : ٧٤ .

٤

قالوا : بلى ، قال : ليس بيني و بين هذا عمل .

قول المصنّف : « و روى في خبر آخر أنّه عليه السّلام قال » ، قلت : و روى في خبر عنه عليه السّلام رواه ابن بابويه في ( فقيهه ) : إنّ الإنسان إذا نظر إلى حدثه بعد فراغه فليقل : ( اللّهمّ ارزقني الحلال و جنّبني الحرام )١ فانّ النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله قال : ما من عبد إلاّ و قد وكّل اللَّه به ملكا يلوي عنقه إذا أحدث ، حتّى ينظر إليه ، فعند ذلك ينبغي أن يسأل اللَّه الحلال فإن الملك يقول : يا ابن آدم هذا ما حرصت عليه بالأمس انظر من أين أخذته و إلى ما ذا صار٢ « هذا ما كنتم تتنافسون فيه بالأمس » :

قد أولع النّاس في الدّنيا بأربعة

أكل و شرب و ملبوس و منكوح

و غاية الكلّ ان فكّرت فيه

روث و بول و مطروح و مفضوح

و ليتنافس في نعيم لا يحصل منه شي‏ء و هو نعيم الآخرة قال تعالى إنَّ الأبرار لفي نعيم على الارائك ينظرون تعرف في وجوههم نضرة النّعيم يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك و في ذلك فليتنافس المتنافسون٣ هذا ، و في ( المعجم ) قال إبراهيم بن هلال ، كان الحسن بن محمّد المهلّبي يناصف العشرة أوقات خلوته و يبسطنا في المزح إلى أبعد غاية ، فإذا جلس للعمل كان أميرا و قورا آخذا في جدّ كامل ، فاتّفق أن صعد يوما من طيارة إلى داره ، و قد حقنه البول فقصد بعض الأخلية فوجده مقفّلا و كذلك كانت عادته حفاظا لها عن الابتذال ، فقال :

____________________

( ١ ) الفقيه ١ : ٢٣ ح ٣٨ .

( ٢ ) المصدر نفسه ١ : ٢٣ ح ٣٨ .

( ٣ ) المطففين : ٢٢ ٢٦ .

٥

فهبك طعامك استوثقت منه

فما بال الكنيف عليه قفل ؟

فقلت : إنّه لموضع عجب ، و إذا وقع الإحتياط في الأصل ، فقد استغنى عنه في الفرع ، فضحك ، و قال أوسعتنا هجاء١

٣٣

في الحكمة ( ١٠٣ ) إِنَّ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةَ عَدُوَّانِ مُتَفَاوِتَانِ وَ سَبِيلاَنِ مُخْتَلِفَانِ فَمَنْ أَحَبَّ اَلدُّنْيَا وَ تَوَلاَّهَا أَبْغَضَ اَلْآخِرَةَ وَ عَادَاهَا وَ هُمَا بِمَنْزِلَةِ اَلْمَشْرِقِ وَ اَلْمَغْرِبِ وَ مَاشٍ بَيْنَهُمَا كُلَّمَا قَرُبَ مِنْ وَاحِدٍ بَعُدَ مِنَ اَلْآخَرِ وَ هُمَا بَعْدُ ضَرَّتَانِ أقول : مراده عليه السلام بالدّنيا التي جعلها مع الآخرة كعدوين و سبيلين مختلفين كالمشرق و المغرب و كالضرّتين ، دنيا لم تجعل مقدّمة للآخرة ،

و معلوم أنّها مع الآخرة كعدوّين ، فلا يمكن أن يكون أحد محبّ الدّنيا و لا يكون مبغض الآخرة و معاديها ، كما قال عليه السّلام و لذا قال تعالى لنبيّه صلى اللَّه عليه و آله فأعرض عن من تولّى عن ذكرنا و لم يرد إلاّ الحياة الدُّنيا .٢ و كسبيلين كالمشرق و المغرب ، و معلوم أنّه كما قال عليه السّلام كلّما قرب سالك من أحدهما بعد عن الآخر ، قال شاعر :

إلى اللَّه أشكو بالمدينة حاجة

و بالشّام أخرى كيف تلتقيان

هذا ، و لمّا تزوّج سهيل بن عبد الرّحمن بن عوف الثّريا ، امرأة من أميّة الأصغر ، التي كان يشبّب بها عمر بن أبي ربيعة ، قال عمر :

أيّها المنكح الثّريا سهيلا

عمرك اللَّه كيف يلتقيان

____________________

( ١ ) معجم الادباء للحموي ٩ : ١٣٣ ١٣٤ ترجمة ( الحسن بن محمد المهلبي ) .

( ٢ ) النجم : ٢٩ .

٦

هي شاميّة إذا ما استقلّت

و سهيل إذا استقلّ يماني١

شبّه عمر الرّجل المسمّى بسهيل و المرأة المسمّاة بثريّا بالكوكبين المعروفين ( سهيل ) و ( ثريّا ) اللّذين لا يجتمعان .

قلت : و كان لسهيل أن ينقض كلامه عليه بأنّ الثّريّا كوكب و سهيل كوكب ، و الكوكب للكوكب فهي لي .

و في ( مقاتل أبي الفرج ) : قصر الضّرّتين موضع بالكوفة بايع الناس فيه محمّد بن ابراهيم بن اسماعيل بن طباطبا أيّام أبي السّرايا٢ هذا ، و كأنّه وقع في الكلام تغيّر ، و الأصل ، انّ الدّنيا و الآخرة عدوّان لا يجتمع حبّهما و تولّيهما ، فمن أحبّ الدّنيا و تولاّها أبغض الآخرة و عاداها ،

و بالعكس ، و هما سبيلان مختلفان متفاوتان كالمشرق و المغرب ، كلّما قرب ماش من واحد منهما بعد من الآخر .

و كيف كان ، فالثّالث ممّا شبّهها عليه السّلام به الضّرّتان و من طبعهما المباينة ، فمن وصل أحداهما قطعته الاخرى ، و شبّههما السّجاد عليه السّلام كفّتي ميزان أيّهما رجح ذهب بالاخرى ، ثم تلا عليه السّلام قوله تعالى إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة٣ أي : خافضة لأعداء اللَّه إلى النّار ، رافعة لأوليائه إلى الجنّة ، و بالجملة حيث إنّهما ضدّان لا يمكن الجمع بينهما كاملا ، و قد ورد أنه ( لم يستكمل لذّة الدّنيا من اهتمّ بمواقيت صلواته ) .

____________________

( ١ ) الأغاني ١ : ١٠٦ ، و الكامل للمبرد : ٥٩٨ طبع القاهرة .

( ٢ ) مقاتل الطالبيين لأبي الفرج : ٣٤٨ .

( ٣ ) الواقعة : ١ ٣ .

٧

٣٤

الخطبة ( ٦٠ ) و من خطبة له عليه السّلام :

أَلاَ وَ إِنَّ اَلدُّنْيَا دَارٌ لاَ يُسْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ فِيهَا وَ لاَ يُنْجَى بِشَيْ‏ءٍ كَانَ لَهَا اُبْتُلِيَ اَلنَّاسُ بِهَا فِتْنَةً فَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لَهَا أُخْرِجُوا مِنْهُ وَ حُوسِبُوا عَلَيْهِ وَ مَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لِغَيْرِهَا قَدِمُوا عَلَيْهِ وَ أَقَامُوا فِيهِ فَإِنَّهَا عِنْدَ ذَوِي اَلْعُقُولِ كَفَيْ‏ءِ اَلظِّلاَلِ بَيْنَا تَرَاهُ سَابِغاً حَتَّى قَلَصَ وَ زَائِداً حَتَّى نَقَصَ « ألا و انّ الدنيا دار لا يسلم منها إلاّ فيها » هي الدّاء و فيها الدّواء لمن أراد العلاج فمن داوى فيها سلم و من ترك هلك و هذا صراط ربِّك مستقيماً قد فصّلنا الآيات لقومٍ يذّكرون لهم دار السّلام عند ربِّهم و هو وليُّهم بما كانوا يعملون١ ، الذين تتوفّاهم الملائكة طيّبين يقولون سلامٌ عليكم ادخلوا الجنّة بما كنتم تعملون٢ ، و الملائكة يدخلون عليهم من كُلِّ بابٍ سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار٣ « و لا ينجى بشي‏ء كان لها » في ( الكافي ) عن الصادق عليه السّلام في مناجاة موسى : يا موسى إنّ الدنيا دار عقوبة ، عاقبت فيها آدم عند خطيئته ، و جعلتها ملعونة : ملعون ما فيها إلاّ ما كان فيها لي ، يا موسى إنّ عبادي الصّالحين زهدوا في الدّنيا بقدر علمهم ، و ساير الخلق رغبوا فيها بقدر جهلهم ، و ما من أحد عظّمها فقرّت عيناه فيها ، و لم يحقّرها أحد إلاّ انتفع بها٤

____________________

( ١ ) الأنعام : ١٢٦ ١٢٧ .

( ٢ ) النحل : ٣٢ .

( ٣ ) الرعد : ٢٣ ٢٤ .

( ٤ ) الكافي ٤ : ٥ ح ٩ .

٨

« ابتلى الناس فيها » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( بها )١ كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )٢ « فتنة » أحسب النّاس أن يقولوا آمنّا و هم لا يفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمنّ اللَّه الّذين صدقوا و ليعلمنّ الكاذبين٣ « فما أخذوه منها لها أخرجوا منه » و تركتم ما خوّلناكم وراء ظهوركم . .٤ « و حوسبوا عليه » ثمّ لتسئلنَّ يومئذٍ عن النّعيم٥ « و ما أخذوه منها لغيرها قدموا عليه و أقاموا فيه » و ما تقدّموا لأنفسكم من خير تجدوه عند اللَّه هو خيرا و أعظم أجرا٦ « فانّها عند ذوي العقول كفي‏ء الظل » كلّ في‏ء ظلّ ، و ليس كلّ ظلّ فيئا ، قال روبة : كلّ ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو في‏ء و ظلّ ، و ما لم يكن عليه الشمس فهو ظلّ ، و لكون الظّلّ أعمّ صحّ إضافة الفي‏ء إليه .

« بينا تراه » أي : في‏ء الظّلّ سابغا أي : كاملا وافيا .

« حتّى قلص » أي : نقص ، من قولهم ( ظلّ قالص ) .

« و زائدا حتّى نقص » قال ابن أبي الحديد : قال الشاعر :

١ ألا انّما الدّنيا كظلّ غمامة

أظلّت يسيرا ثم خفّت فولّت

____________________

( ١ ) الطبعة المصرية المصححة بلفظ : ١٦١ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٥ : ١٢٠ ح ٦٢ ، و شرح ابن ميثم بلفظ « فيها » ٢ : ٥٨ ح ٦٠ ، و الخطية : ٤١ بلفظ « بها » .

( ٣ ) العنكبوت : ٢ ٣ .

( ٤ ) الأنعام : ٩٤ .

( ٥ ) التكاثر : ٨ .

( ٦ ) المزمّل : ٢٠ .

٩

٢ ظلّ الغمام و أحوال المنام فما

تدوم يوما لمخلوق على حال١

و في ( شعراء ابن قتيبة ) قال لبيد :

و ما النّاس إلاّ كالدّيار و أهلها

بها يوم حلوّها و غدوا بلاقع

و ما المرء إلاّ كالشّهاب وضوئه

يحور رمادا بعد ما هو ساطع٢

٣٥

من الخطبة ( ١٦٨ ) أَلاَ وَ إِنَّ هَذِهِ اَلدُّنْيَا اَلَّتِي أَصْبَحْتُمْ تَتَمَنَّوْنَهَا وَ تَرْغَبُونَ فِيهَا وَ أَصْبَحَتْ تُغْضِبُكُمْ وَ تُرْضِيكُمْ لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ وَ لاَ مَنْزِلِكُمُ اَلَّذِي خُلِقْتُمْ لَهُ وَ لاَ اَلَّذِي دُعِيتُمْ إِلَيْهِ أَلاَ وَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِبَاقِيَةٍ لَكُمْ وَ لاَ تَبْقَوْنَ عَلَيْهَا وَ هِيَ إِنْ غَرَّتْكُمْ مِنْهَا فَقَدْ حَذَّرَتْكُمْ شَرَّهَا فَدَعُوا غُرُورَهَا لِتَحْذِيرِهَا وَ أَطْمَاعَهَا لِتَخْوِيفِهَا وَ سَابِقُوا فِيهَا إِلَى اَلدَّارِ اَلَّتِي دُعِيتُمْ إِلَيْهَا وَ اِنْصَرِفُوا بِقُلُوبِكُمْ عَنْهَا وَ لاَ يَخِنَّنَّ أَحَدُكُمْ خَنِينَ اَلْأَمَةِ عَلَى مَا زُوِيَ عَنْهُ مِنْهَا وَ اِسْتَتِمُّوا نِعْمَةَ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَةِ اَللَّهِ وَ اَلْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا اِسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِهِ أَلاَ وَ إِنَّهُ لاَ يَضُرُّكُمْ تَضْيِيعُ شَيْ‏ءٍ مِنْ دُنْيَاكُمْ بَعْدَ حِفْظِكُمْ قَائِمَةَ دِينِكُمْ أَلاَ وَ إِنَّهُ لاَ يَنْفَعُكُمْ بَعْدَ تَضْيِيعِ دِينِكُمْ شَيْ‏ءٌ حَافَظْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ أَخَذَ اَللَّهُ بِقُلُوبِنَا إِلَى اَلْحَقِّ وَ أَلْهَمَنَا وَ إِيَّاكُمُ اَلصَّبْرَ « ألاّ و انّ هذه الدّنيا التي أصبحتم تتمنّونها و ترغبون فيها » قلبا و روحا ،

قال الّذين يريدون الحياة الدُّنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنُّه لذو حظّ عظيم٣

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٥ : ١٤٤ .

( ٢ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ٩١ طبع القاهرة ١٩٣٢ .

( ٣ ) القصص : ٧٩ .

١٠

« و أصبحت تغضبكم و ترضيكم » و ليست هي متمنّية لكم و لا راغبة فيكم ،

بل تكون كمرأة فارك ، تغضب زوجها ثمّ ترضيه من غضبه بشي‏ء تخدعه .

ليست بداركم و لا منزلكم الّذي خلقتم له » :

طمعت إقامة في دار ظعن

فلا تطمع فرجلك في الرّكاب١

« و لا الّذي دعيتم إليه » إنّما هذه الحياة الدُّنيا متاعٌ و إنَّ الآخرة هي دار القرار٢ « ألا و إنّها ليست بباقية لكم و لا تبقون عليها » قال تعالى بعد ذكر عاد و ثمود : فهل ترى لهم من باقية٣ ، و كم أهلكنا قبلهم من قرنٍ هل تحسّ منهم من أحدٍ أو تسمع لهم ركزاً٤ ، ما عندكم ينفد و ما عند اللَّه باقٍ .٥ .

« و هي و إن غرّتكم منها » يا أيّها الناس انّ وعد اللَّه حقّ فلا تغرّنّكم الحياة الدُّنيا و لا يغرّنّكم باللَّه الغرور٦ ، . و غرّتكم الأماني حتّى جاء أمر اللَّه و غرّكم باللَّه الغرور٧ ، و ما الحياة الدُّنيا إلاّ متاع الغرور٨ .

« فقد حذّرتكم شرّها » في ( الطبري ) : لمّا أخذ ابن الزبير بالبيعة ليزيد في المدينة من قبل الوليد خرج تحت اللّيل هو و اخوه جعفر ليس معهما ثالث ،

فأخذ طريق الفرع ، و تجنب الطريق الأعظم ، مخافة الطّلب فبينا يسايران تمثّل جعفر بقول صبرة الحنظلي :

____________________

( ١ ) منسوب للإمام أمير المؤمنين ، الديوان : ٥٢ .

( ٢ ) غافر : ٣٩ .

( ٣ ) الحاقة : ٨ .

( ٤ ) مريم : ٩٨ .

( ٥ ) النحل : ٩٦ .

( ٦ ) فاطر : ٥ .

( ٧ ) الحديد : ١٤ .

( ٨ ) آل عمران : ١٨٥ .

١١

و كلّ بني امّ سيمسون ليلة

و لم يبق من أعقابهم غير واحد

فقال ابن الزّبير : سبحان اللَّه ما أردت يا أخي ؟ قال : و اللَّه ما أردت يا أخي به شيئا ممّا تكره ، فقال : فذاك و اللَّه أكره إليّ أن يكون جاء على لسانك من غير تعمّد ، و كأنّه قد تطيّر منه١ « فدعوا غرورها لتحذيرها و إطماعها لتخويفها » :

لقد خاب من غرّته دنيا دنيّة

و ما هي إن غرّت قرونا بطائل٢

١ تحرّز من الدّنيا فإنّ فناءها

محلّ فناء لا محلّ بقاء

فصفوتها ممزوجة بكدورة

و راحتها مقرونة بعناء٣

٢ إنّما الدّنيا فناء ليس للدّنيا ثبوت

إنّما الدّنيا كبيت نسجته العنكبوت٤

٣ قد رأيت القرون كيف تفانت

درست ثمّ قيل كان و كانت٥

هي دنيا كحيّة تنفث السّمّ

و ان كانت المجسّة لانت٦

٤ فلم أر كالدّنيا بها اغترّ أهلها

و لا كاليقين استوحش الدّهر صاحبه

____________________

( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٢٥٢ .

( ٢ ) منسوب للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام ، الديوان : ٩ .

( ٣ ) منسوب لأمير المؤمنين عليه السّلام في الديوان : ٣٩ .

( ٤ ) ديوان أمير المؤمنين عليه السّلام : ٦٤ .

( ٥ ) ديوان أمير المؤمنين عليه السّلام : ١١٦ .

( ٦ ) ديوان أمير المؤمنين عليه السّلام : ١١٦ .

١٢

أمرّ على رسم القريب كانّما

أمرّ على رسم امرى‏ء لا أناسبه١

اليقين : الموت .

« و سابقوا فيها إلى الدّار التي دعيتم إليها » سابقوا إلى مغفرةٍ من ربِّكم و جنّة عرضها كعرض السّماء و الأرض أُعدّت للّذين آمنوا باللَّه و رسله .٢ .

« و انصرفوا بقلوبكم عنها » :

إنّما الدّنيا كظلّ زائل

أو كضيف بات ليلا فارتحل

أو كنوم قد يراه نائم

أو كبرق لاح في أفق الأمل٣

« و لا يخننّ أحدكم خنين الأمة » في ( الصحاح ) : الخنين كالبكاء في الأنف و الضحك في الأنف٤ و المراد هنا الأوّل .

« على ما زورى عنه منها » :

هب الدّنيا تساق إليك عفوا

أليس مصير ذاك إلى الزّوال

و ما ترجو لشي‏ء ليس يبقى

و شيكا قد يغيّره الليالي٥

« و استتّموا نعمة اللّه عليكم بالصّبر على طاعة اللَّه ، و المحافظة على ما استحفظكم من كتابه » فمن لم يصبر على طاعته و عن معصيته يبدّل نعمته بالنقّمة :

باللَّه ربّك كم بيت مررت به

قد كان يعمر باللّذات و الطّرب

____________________

( ١ ) ديوان أمير المؤمنين عليه السّلام : ١٩ .

( ٢ ) الحديد : ٢١ .

( ٣ ) ديوان أمير المؤمنين عليه السّلام : ١٢٥ .

( ٤ ) الصحاح : ( خنن ) .

( ٥ ) ديوان أمير المؤمنين عليه السّلام : ١٢٥ .

١٣

طارت عقاب المنايا في جوانبه

فصار من بعدها للويل و الخرب١

« ألا و انّه لا يضرّكم تضييع شي‏ء من دنياكم بعد حفظ قائمة دينكم » في ( الكافي ) : ( كان رجل من أصحاب الصادق عليه السّلام يدخل عليه في حجّه فغبر زمانا لا يحجّ فدخل بعض معارفه عليه عليه السّلام فقال عليه السّلام له ما فعل فلان ؟ فجعل يضجع الكلام يظنّ انّه عليه السّلام يعني الميسرة و الدّنيا فقال عليه السّلام كيف دينه ؟

فقال هو و اللَّه كما تحبّ فقال عليه السّلام هو و اللَّه الغنى٢ .

و قال عليه السّلام في قوله تعالى في مؤمن آل فرعون فوقيه اللَّه سيئات ما مكروا .٣ : أما و اللّه لقد قسطوا عليه و قتلوه و لكن وقاه ان يفتنوه في دينه٤ .

و في ( الطبري ) : بعد ذكر قبول الحرّ ان يأخذ الحسين عليه السّلام طريقا لا يدخله الكوفة و لا يردّه إلى المدينة نصفا : و أقبل الحرّ يسايره و هو يقول له إنّي اذكّرك اللَّه في نفسك فانّي اشهد لئن قاتلت لتقتلنّ فقال عليه السّلام أفبالموت تخوّفني ؟ أقول لك ما قال أخو الأوس لابن عمّه لمّا لقيه و هو يريد نصرة النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله فقال له فأين تذهب ؟ فانّك مقتول :

سأمضي و ما بالموت عار على الفتى

إذا ما نوى حقّا و جاهد مسلما

و واسى الرجال الصالحين بنفسه

و فارق مثبورا يغشّ و يرغما

فلمّا سمع الحرّ ذلك منه تنحّى عنه ، و كان يسير بأصحابه في ناحية و الحسين عليه السّلام في ناحية حتى انتهوا إلى عذيب الهجانات ، و كان هجائن النّعمان ترعى هنالك ، فإذا هم بأربعة نفر قد اقبلوا من الكوفة على رواحلهم يجنبون فرسا لنافع بن هلال يقال له الكامل ، و معهم دليلهم الطّرماح بن عديّ

____________________

( ١ ) ديوان أمير المؤمنين عليه السّلام : ٥٢ .

( ٢ ) الكافي ٣ : ٣٠٧ ح ٤ .

( ٣ ) غافر : ٤٥ .

( ٤ ) المصدر نفسه ٣ : ٣٠٦ ح ١ .

١٤

على فرسه و هو يقول :

يا ناقتي لا تذعري من زجري

و شمّري قبل طلوع الفجر

بخير ركبان و خير سفر

حتّى تحلّي بكريم النحر

الماجد الحرّ رحيب الصّدر

أتى به اللَّه لخير أمر

ثمّة أبقاه بقاء الدّهر

فقال عليه السّلام أما و اللَّه انّي لأرجو أن يكون خيرا ما أراد اللَّه بنا قتلنا أم ظفرنا١ .

« ألا و انّه لا ينفعكم بعد تضييع دينكم شي‏ء حافظتم عليه من أمر دنياكم » في ( الكافي ) عنه عليه السّلام : إذا حضرت بليّة فاجعلوا أموالكم دون أنفسكم ، و إذا نزلت نازلة اجعلوا أنفسكم دون دينكم ، و اعلموا انّ الهالك من هلك دينه ، و الحريب من حرب دينه .

« أخذ اللَّه بقلوبنا و قلوبكم إلى الحقّ و ألهمنا و إيّاكم الصبر »٢ ، قال الباقر عليه السّلام : إنّ هذا الدّنيا يعطيها اللَّه البرّ و الفاجر ، و لا يعطي الإيمان إلاّ صفوته من خلقه٣ .

و قال الصادق عليه السّلام من كان همّه همّا واحدا يعني لدينه كفاه اللَّه همّه ،

و من كان همّه في كلّ واد لم يبال اللَّه بأيّ واد هلك٤ .

٣٦

من الخطبة ( ١٧٣ ) أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنَّ اَلدُّنْيَا تَغُرُّ اَلْمُؤَمِّلَ لَهَا وَ اَلْمُخْلِدَ إِلَيْهَا وَ لاَ تَنْفَسُ بِمَنْ

____________________

( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٣٠٥ .

( ٢ ) الكافي ٣ : ٣٠٦ ح ٢ .

( ٣ ) الكافي ٣ : ٣٠٥ ح ٣ .

( ٤ ) المصدر نفسه ٣ : ٣٤٤ ح ٥ .

١٥

نَافَسَ فِيهَا وَ تَغْلِبُ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهَا وَ اَيْمُ اَللَّهِ مَا كَانَ قَوْمٌ قَطُّ فِي غَضِّ نِعْمَةٍ مِنْ عَيْشٍ فَزَالَ عَنْهُمْ إِلاَّ بِذُنُوبٍ اِجْتَرَحُوهَا لِ أَنَّ اَللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ ٦ ١٠ ٣ : ١٨٢ وَ لَوْ أَنَّ اَلنَّاسَ حِينَ تَنْزِلُ بِهِمُ اَلنِّقَمُ وَ تَزُولُ عَنْهُمُ اَلنِّعَمُ فَزِعُوا إِلَى رَبِّهِمْ بِصِدْقٍ مِنْ نِيَّاتِهِمْ وَ وَلَهٍ مِنْ قُلُوبِهِمْ لَرَدَّ عَلَيْهِمْ كُلَّ شَارِدٍ وَ أَصْلَحَ لَهُمْ كُلَّ فَاسِدٍ « أيّها الناس أنّ الدنيا تغر المؤمّل لها » أي : تخدعه .

« و المخلد إليها » أي : الراكن إليها ، قال تعالى و اتل عليهم نبأ الّذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين و لو شئنا لرفعناه بها و لكنّه أخلد إلى الأرض و اتَّبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث .١ .

« و لا تنفس بمن نافس فيها » أي : لا ترغب و لا تضنّ في من و بمن رغب فيها و ضنّ بها .

« و تغلب من غلب عليها » و في ( الكامل ) : بعد ذكر فتح صلاح الدّين حلب في سنة ( ٥٧٩ ) و ذكر مطعونيّة أخيه تاج الملوك الّذي كان فارسا شجاعا كريما حليما جامعا لمحاسن الأخلاق في ذاك الحرب في ركبته ، حضر صلاح الدّين عند أخيه يعوده و قال له : هذه حلب قد أخذناها و هي لك ، فقال : ذلك لو كان و أنا حيّ ، و و اللَّه لقد أخذتها غالية حيث تفقد مثلي ، فعمل صلاح الدين دعوة احتفل فيها ، فبيناهم في سرور إذ جاء من أسرّ إليه بموت أخيه٢ .

و كان المعتمد بن عباد صاحب اشبيليّة نكب و سجن باغمات فجاءه ببناته في عيد فقال :

____________________

( ١ ) الأعراف : ١٧٥ ١٧٦ .

( ٢ ) الكامل في التاريخ لابن الأثير ١١ : ٤٩٨ .

١٦

فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا

فجاءك العيد بالاغمات مأسورا

ترى بناتك في الأنظار جائعة

يغزلن للنّاس ما يملكن قطميرا

يطأن في الطّين و الأقدام حافية

كأنّها لم تطأ مسكا و كافورا

قد كان دهرك إن تأمره ممتثلا

فردّك الدّهر منهيّا و مأمورا

من بات بعدك في ملك يسرّ به

فانّما بات في الأحلام مغرورا١

و في ( الأغاني ) : قال الشعبي دعاني عبد الملك في علّته التي مات فيها فغصّ بلقمته و أنا بين يديه ، فتساند طويلا ثم قال أصبحت كما قال الشاعر :

كأنّي و قد جاوزت سبعين حجّة

خلعت بها عن منكبيّ ردائيا

فقلت : الشعر للبيد و قد عاش إلى أن بلغ مائة و عشر فقال :

أ ليس في مائة قد عاشها رجل

و في تكامل عشر بعدها عمر

فعاش إلى أن بلغ مائة و عشرين فقال :

و لقد سأمت من الحياة و طولها

و سؤال هذا النّاس كيف لبيد ؟

غلب الرّجال و كان غير مغلّب

دهر جديد دائم ممدود

يوم أرى يأتي عليه و ليلة

و كلاهما بعد المضاء يعود

ففرح عبد الملك و قال : ما أرى بأسا ، و قد وجدت خفّة فأمر لي بأربعة آلاف درهم فقبضتها و خرجت فما بلغت الباب ، حتّى سمعت النّاعية عليه٢ .

« و ايم اللَّه » قسم مخفّف ( أيمن ) من اليمين و يجوز في همزتها الفتح و الكسر .

« ما كان قوم قطّ في غض نعمة من عيش » أي : طريّ نعمة و نضرتها .

« فزال عنهم إلاّ بذنوب اجترحوها » إنّ اللَّه لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما

____________________

( ١ ) الكامل لابن الأثير ١٠ : ٢٤٩ ذكر بعض الأبيات .

( ٢ ) الأغاني للأصفهاني ١٨ : ١٤٣ ١٤٤ .

١٧

بأنفسهم .١ ، كدأب آل فرعون و الّذين من قبلهم كفروا بآيات اللَّه فأخذهم اللَّه بذنوبهم إنّ اللَّه قوي شديد العقاب ذلك بأنّ اللَّه لم يكن مغيّراً نعمةً أنعمها على قوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم و انّ اللَّه سميعٌ عليم٢ .

« لأنّ اللَّه ليس بظلاّم للعبيد » و الأصل فيه قوله تعالى ذلك بما قدّمت أيديكم و انّ اللَّه ليس بظلاّمٍ للعبيد٣ .

« و لو انّ الناس حين تنزل بهم النقم و تزول عنهم النعم فزعوا إلى ربّهم » روى إنّه إذا تريد أن تعرف قصر البلاء من طوله ، فاعرفه في إلهام الدعاء و عدمه .

« لردّ عليهم كلّ شارد » يقال شرد البعير إذا نفر .

« و أصلح لهم كلّ فاسد » و لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء و الضّرّاء لعلّهم يضرّعون فلو لا إذ جاءهم بأسنا تضرّعوا و لكن قست قلوبهم و زين لهم الشيطان ما كانوا يعملون٤ ، فلو لا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلاّ قوم يونس لمَّا آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدُّنيا و متّعناهم إلى حين٥ .

٣٧

من الخطبة ( ١٨٦ ) وَ كُونُوا عَنِ اَلدُّنْيَا نُزَّاهاً وَ إِلَى اَلْآخِرَةِ وُلاَّهاً وَ لاَ تَضَعُوا مَنْ رَفَعَتْهُ اَلتَّقْوَى وَ لاَ تَرْفَعُوا مَنْ رَفَعَتْهُ اَلدُّنْيَا وَ لاَ تَشِيمُوا بَارِقَهَا وَ لاَ تَسْتَمِعُوا نَاطِقَهَا وَ لاَ تُجِيبُوا نَاعِقَهَا وَ لاَ تَسْتَضِيئُوا بِإِشْرَاقِهَا وَ لاَ تُفْتَنُوا

____________________

( ١ ) الرعد : ١١ .

( ٢ ) الأنفال : ٥٢ ٥٣ .

( ٣ ) آل عمران : ١٨٢ .

( ٤ ) الأنعام ٤٢ ٤٣ .

( ٥ ) يونس : ٩٨ .

١٨

بِأَعْلاَقِهَا فَإِنَّ بَرْقَهَا خَالِبٌ وَ نُطْقَهَا كَاذِبٌ وَ أَمْوَالَهَا مَحْرُوبَةٌ وَ أَعْلاَقَهَا مَسْلُوبَةٌ أَلاَ وَ هِيَ اَلْمُتَصَدِّيَةُ اَلْعَنُونُ وَ اَلْجَامِحَةُ اَلْحَرُونُ وَ اَلْمَائِنَةُ اَلْخَئُونُ وَ اَلْجَحُودُ اَلْكَنُودُ وَ اَلْعَنُودُ اَلصَّدُودُ وَ اَلْحَيُودُ اَلْمَيُودُ حَالُهَا اِنْتِقَالٌ وَ وَطْأَتُهَا زِلْزَالٌ وَ عِزُّهَا ذُلٌّ وَ جِدُّهَا هَزْلٌ وَ عُلْوُهَا سُفْلٌ دَارُ حَرَبٍ وَ سَلَبٍ وَ نَهْبٍ وَ عَطَبٍ أَهْلُهَا عَلَى سَاقٍ وَ سِيَاقٍ وَ لَحَاقٍ وَ فِرَاقٍ قَدْ تَحَيَّرَتْ مَذَاهِبُهَا وَ أَعْجَزَتْ مَهَارِبُهَا وَ خَابَتْ مَطَالِبُهَا فَأَسْلَمَتْهُمُ اَلْمَعَاقِلُ وَ لَفَظَتْهُمُ اَلْمَنَازِلُ وَ أَعْيَتْهُمُ اَلْمَحَاوِلُ فَمِنْ نَاجٍ مَعْقُورٍ وَ لَحْمٍ مَجْزُورٍ وَ شِلْوٍ مَذْبُوحٍ وَ دَمٍ مَسْفُوحٍ وَ عَاضٍّ عَلَى يَدَيْهِ وَ صَافِقٍ بِكَفَّيْهِ وَ مُرْتَفِقٍ بِخَدَّيْهِ وَ زَارٍ عَلَى رَأْيِهِ وَ رَاجِعٍ عَنْ عَزْمِهِ وَ قَدْ أَدْبَرَتِ اَلْحِيلَةُ وَ أَقْبَلَتِ اَلْغِيلَةُ وَ لاَتَ حِينَ مَنَاصٍ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ قَدْ فَاتَ مَا فَاتَ وَ ذَهَبَ مَا ذَهَبَ وَ مَضَتِ اَلدُّنْيَا لِحَالِ بَالِهَا فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ اَلسَّماءُ وَ اَلْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ ١ ١٠ ٤٤ : ٢٩ « و كونوا عن الدنيا نزّاها » قال ابن السّكيت : ممّا يضعه النّاس في غير موضعه قولهم : خرجنا نتنزّه ، إذا خرجوا إلى البساتين ، و إنّما التنزّه ، التّباعد عن المياه و الأرياف ، و منه قيل : فلان يتنزّه عن الأقذار و ينزّه نفسه عنها أي :

يباعد عنها١ .

قلت : و يصدّق ما قاله مورد كلامه عليه السّلام في الأمر بالتنزّه عن الدنيا و قولهم أنّه تعالى منزَّه عن النقائص .

« و إلى الآخرة ولاّها » الوله : التحيّر من شدّة الوجد ، قال تعالى إنّما هذه الحياة الدُّنيا متاع و إنّ الآخرة هي دار القرار٢ ، قال الذين يريدون الحياة

____________________

( ١ ) نسبه ابن منظور لابن سيدة : ٣٧٧ راجع لسان العرب ١٣ : ٥٤٨ ( نزه ) .

( ٢ ) غافر : ٣٩ .

١٩

الدُّنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم و قال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب اللَّه خيرٌ لمن آمن و عمل صالحاً و لا يُلقّيها إلاّ الصابرون فخسفنا به و بداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون اللَّه و ما كان من المنتصرين و أصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون و يكانّ اللَّه يبسط الرزّق لمن يشاء من عباده و يقدر لو لا ان منَّ اللَّه علينا لخسف بنا١ .

« و لا تضعوا من رفعته التّقوى » و اصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة و العشيّ يريدون وجهه و لا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدُّنيا و لا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و كان أمره فرطا٢ .

و في ( أسباب نزول الواحدي ) : عن سلمان قال : جاءت المؤلّفة القلوب عيينية بن حصن و الأقرع بن حابس و ذو وهم إلى النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلم فقالوا : انّك لو جلست في صدر المجلس ، و نحيّت عنّا هؤلاء و أرواح جبابهم يعنون سلمان و أباذر و فقراء المسلمين و كانت عليهم جباب الصّوف جلسنا إليك و حادثناك و أخذنا عنك ، فأنزل تعالى و اصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة و العشيّ الآيات فقام النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يلتمسهم حتّى إذا أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون اللَّه تعالى ، فقال النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله : الحمد للَّه الذي لم يمتني حتّى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمّتي ، معكم المحيا و معكم الممات٣ .

« و لا ترفعوا من رفعته الدنيا » و لا تمدّن عينيك إلى ما متّعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدُّنيا لنفتنهم فيه و رزق ربِّك خيرٌ و أبقى٤ .

____________________

( ١ ) القصص : ٧٩ ٨٢ .

( ٢ ) الكهف : ٢٨ .

( ٣ ) أسباب النزول للواحدي : ٢٢٥ .

( ٤ ) طه : ١٣١ .

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

اَلْأَعْلاَمِ وَ نَيِّرَاتِ اَلْأَحْكَامِ فَهُوَ أَمِينُكَ اَلْمَأْمُونُ وَ خَازِنُ عِلْمِكَ اَلْمَخْزُونِ وَ شَهِيدُكَ يَوْمَ اَلدِّينِ وَ بَعِيثُكَ بِالْحَقِّ وَ رَسُولُكَ إِلَى اَلْخَلْقِ .

اَللَّهُمَّ اِفْسَحْ لَهُ مَفْسَحاً فِي ظِلِّكَ وَ اِجْزِهِ مُضَاعَفَاتِ اَلْخَيْرِ مِنْ فَضْلِكَ اَللَّهُمَّ وَ أَعْلِ عَلَى بِنَاءِ اَلْبَانِينَ بِنَاءَهُ وَ أَكْرِمْ لَدَيْكَ مَنْزِلَتَهُ وَ أَتْمِمْ لَهُ نُورَهُ وَ اِجْزِهِ مِنِ اِبْتِعَاثِكَ لَهُ مَقْبُولَ اَلشَّهَادَةِ وَ مَرْضِيَّ اَلْمَقَالَةِ ذَا مَنْطِقٍ عَدْلٍ وَ خُطَّةٍ فَصْلٍ اَللَّهُمَّ اِجْمَعْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ فِي بَرْدِ اَلْعَيْشِ وَ قَرَارِ اَلنِّعْمَةِ وَ مُنَى اَلشَّهَوَاتِ وَ أَهْوَاءِ اَللَّذَّاتِ وَ رَخَاءِ اَلدَّعَةِ وَ مُنْتَهَى اَلطُّمَأْنِينَةِ وَ تُحَفِ اَلْكَرَامَةِ . من الخطبة ( ١٠٤ ) منها في ذكر النبي صلى اللّه عليه و آله :

حَتَّى أَوْرَى قَبَساً لِقَابِسٍ وَ أَنَارَ عَلَماً لِحَابِسٍ فَهُوَ أَمِينُكَ اَلْمَأْمُونُ وَ شَهِيدُكَ يَوْمَ اَلدِّينِ وَ بَعِيثُكَ نِعْمَةً وَ رَسُولُكَ بِالْحَقِّ رَحْمَةً .

اَللَّهُمَّ اِقْسِمْ لَهُ مَقْسَماً مِنْ عَدْلِكَ وَ اِجْزِهِ مُضَاعَفَاتِ اَلْخَيْرِ مِنْ فَضْلِكَ اَللَّهُمَّ أَعْلِ عَلَى بِنَاءِ اَلْبَانِينَ بِنَاءَهُ وَ أَكْرِمْ لَدَيْكَ مَنْزِلَتَهُ وَ شَرِّفْ عِنْدَكَ مَنْزِلَهُ وَ آتِهِ اَلْوَسِيلَةَ وَ أَعْطِهِ اَلسَّنَاءَ وَ اَلْفَضِيلَةَ وَ اُحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ غَيْرَ خَزَايَا وَ لاَ نَادِمِينَ وَ لاَ نَاكِبِينَ وَ لاَ نَاكِثِينَ وَ لاَ ضَالِّينَ وَ لاَ مُضِلِّينَ وَ لاَ مَفْتُونِينَ . قال الشريف : « و قد مضى هذا الكلام في ما تقدّم ، إلاّ أنّنا كرّرناه هاهنا لما في الروايتين من الاختلاف » .

أقول : نقل الرواية الأولى كتاب ( تنبيه الكبري على أوهام القالي ) راويا له عن الحسن بن حصر عن أبيه عن بعض ولد عليّ عليه السلام عنه عليه السلام ١ ، و كتاب

ـــــــــــــــــ

( ١ ) روى الخطبة أبو علي القالي نفسه بهذا الاسناد في ذيل الأمالي : ١٧٣ ، و الظاهر أنّ نسبته إلى البكري ناقد القالي سهو .

٣٢١

( غريب حديث ابن قتيبة ) نقله عنه ابن أبي الحديد في فصل غريب هذا الكتاب قائلا : إنّ سلامة الكندي قال : كان عليّ عليه السلام يعلّمنا الصلاة على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ١ . و كتاب ( مناقب ابن الجوزي ) عن الحسن بن عرفة عن سعيد بن عمير عنه عليه السّلام كما نقل ( البحار ) عنه ٢ .

قول المصنّف في الاولى : « و من خطبة له عليه السلام علّم فيها الناس » هكذا في ( المصرية و ابن أبي الحديد ) ٣ ، و ليست كلمة « الناس » في ( ابن ميثم و الخطّية ) ٤ . و كيف كان ، فقد عرفت أنّ ( غريب ابن قتيبة ) نقل عن سلامة الكندي ، قال : كان علي عليه السلام يعلّمنا الصلاة على النبيّ صلى اللّه عليه و آله هكذا .

« الصلاة على النبيّ صلى اللّه عليه و آله » قد روي عن النبي نفسه تعليم الصلاة عليه صلى اللّه عليه و آله أيضا ، روى الخطيب في إسماعيل بن زكريا مسندا عنه من الأعمش و مسعر ابن كلام و مالك بن مغول ، كلّهم عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجر عن النبي صلى اللّه عليه و آله في الصلاة عليه : اللّهم صلّ على محمّد و على آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم ، إنّك حميد مجيد . اللّهم بارك على محمّد و على آل محمّد كما باركت على إبراهيم ، إنّك حميد مجيد ٥ .

و روى في يوسف بن نفس عن عليّ عليه السلام قال : قالوا : يا رسول اللّه كيف نصلّي عليك ؟ قال : قولوا : اللّهم صلّ على محمّد و آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، و بارك على محمّد و على آل محمّد كما باركت على

ـــــــــــــــــ

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٣٦٤ شرح غريب ٩٠٠٠ .

( ٢ ) بحار الأنوار ٧٧ : ٢٩٧ ح ٥ ، و مناقب ابن الجوزي هذا ليس إلاّ تذكرة الخواص ، و الحديث يوجد بعينه في تذكرة الخواص : ١٢٧ .

( ٣ ) في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥٠ و شرح ابن ميثم ٢ : ١٩٥ مثل المصرية أيضا .

( ٤ ) في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥٠ و شرح ابن ميثم ٢ : ١٩٥ مثل المصرية أيضا .

( ٥ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٦ : ٢١٦ ، و يأتي في العنوان ٣٠ من هذا الفصل تخريج حديث كعب بن عجرة من طرق اخرى .

٣٢٢

آل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد ١ .

و روى في الحسين بن نصر بأسناده عنه بأسناده عن بريدة الخزاعي ،

قال : قلنا : يا رسول اللّه قد علمنا كيف السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك ؟ قال :

قولوا : اللّهم اجعل صلاتك و رحمتك على محمّد و آل محمّد كما جعلتها على آل إبراهيم إنّك حميد مجيد ٢ .

و روى ابن المغيرة عن أبي الحسن عليه السلام قال : و من سرّ آل محمّد عليهم السلام في الصلاة على النبيّ و آله : اللّهم صلّ على محمّد و آل محمّد في الأوّلين ،

و صلّ على محمّد و آل محمّد في الاخرين ، و صلّ على محمّد و آل محمّد في الملأ الأعلى ، و صلّ على محمّد و آل محمّد في المرسلين . اللّهم اعط محمّدا الوسيلة و الشرف و الفضيلة ، و الدرجة الكبيرة . اللّهم إنّي آمنت بمحمّد صلى اللّه عليه و آله و لم أره ٣ .

قوله عليه السلام : « اللّهم داحي المدحوات » مأخوذ من قوله تعالى : و الأرض بعد ذلك دحاها ٤ ، و في ( النهاية ) في حديث عليّ عليه السلام : اللّهم داحي المدحوّات .

المدحوات : الأرضون ، و روي : المدحيات . يقال : دحى يدحو و يدحي : أي بسط ، و وسّع . و الدحو : رمي اللاّعب بالجوز و الحجر و غيره ، و منه حديث ابن المسيب : سئل عن الدّحو بالحجارة ، فقال : لا بأس به . أي :

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ١٤ : ٣٠٣ ، و صاحب مسند زيد فيه : ٤٢٩ أيضا ، و فرائد السمطين للجويني ١ : ٢٦ .

ح ٣ ، و ابن عدي و ابن مردويه عنهما الدر المنثور ٥ : ٢١٦ ، ٢١٧ ، و غيرهم عن عليّ عليه السلام .

( ٢ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٨ : ١٤٢ ، و أحمد أيضا في مسنده ٥ : ٣٥٣ ، و ابن منيع في مسنده عنه المطالب العالية ٣ : ٢٢٤ ح ٣٣٢٣ ، و عبد بن حميد و ابن مردويه عنهما الدر المنثور ٥ : ٢١٨ ، عن بريدة الخزاعي ، و في الباب عن أبي سعيد الخدري و أبي حميد الساعدي و أبي مسعود و غيرهم .

( ٣ ) ثواب الأعمال للصدوق : ١٨٧ ح ١ ضمن الحديث

( ٤ ) النازعات : ٣٠ .

٣٢٣

المراماة بها و المسابقة ١ .

و في ( الأساس ) خلق اللّه الأرض مجتمعة ، ثمّ دحاها ، أي : بسطها و مدّها و وسّعها كما يأخذ الخباز الفرزدقة فيدحوها . قال ابن الرومي :

يدحو الرقاقة مثل اللمح بالبصر

ثم قال : و باضت النعامة في أدحيّها ، و هو مفرخها ، لأنها تدحوه أي :

تبسطه و توسعه ٢ .

« و داعم » أي : رافع .

« المسموكات » أي : المرتفعات ، و المراد بالمسموكات : السماوات ، كما أنّ المراد بالمدحوّات : الأرضون ، قال تعالى : أأنتم أشدّ خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسوّاها ٣ . و المراد بدعمها : رفعها بقوى هي كالعماد ، قال تعالى : . . . رفع السماوات بغير عمد ترونها . . . ٤ .

« و جابل » أي : خالق . « القلوب على فطرتها » أي : خلقتها .

« شقيّها و سعيدها » و نفس و ما سوّاها فألهمها فجورها و تقواها ٥ .

زاد الحسن بن عرفة في روايته على شقيّها و سعيدها : « و غويّها و رشيدها » ٦ .

« اجعل شرائف صلواتك » أي : عواليها .

« و نوامي بركاتك » أي : متزايداتها ، قال النابغة في المنذر بن المنذر بن

ـــــــــــــــــ

( ١ ) النهاية لابن الأثير ٢ : ١٠٦ مادة ( دحو ) ، و النقل بالمعنى .

( ٢ ) أساس البلاغة للزمخشري ١٢٧ مادة ( دحو ) .

( ٣ ) النازعات : ٢٧ ٢٨ .

( ٤ ) الرعد : ٢ .

( ٥ ) الشمس : ٧ ٨ .

( ٦ ) انظر بحار الأنوار ٧٧ : ٢٩٧ ، و تذكرة الخواص : ١٢٧ .

٣٢٤

ماء السماء :

إلى صعب المقادة منذريّ

نماه في فروع المجد نام

١ « على محمّد عبدك » سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا ٢ ، فأوحى إلى عبده ما أوحى ٣ .

« و رسولك » و اللّه يعلم إنّك لرسوله ٤ .

« الخاتم لما سبق » من الأنبياء عليهم السلام .

« و الفاتح لما انغلق » من البلايا ، قال تعالى : و يحلّ لهم الطيّبات و يحرم عليهم الخبائث و يضع عنهم إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم ٥ .

« و المعلن الحقّ بالحقّ » زاد في رواية الحسن بن عرفة « الناطق بالصدق » ٦ .

« و الدافع جيشات الأباطيل » التي حصلت من الاجاهلية .

« و الدامغ » دمغ ، أي : شجّ حتّى بلغت الشجّة الدماغ .

« صولات الأضاليل » و في رواية ابن عرفة : « هيشات الأضاليل » ٧ . هاش هيشا ، أي : تحرّك و ماج ، و هو أقرب لفظا ، في الخبر : اختار اللّه تعالى من الأنبياء أربعة للسيف : إبراهيم ، و داود ، و موسى ، و محمّد عليهم السلام .

« كما حمّل » الرسالة .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) أساس البلاغة : ٤٧٤ مادة ( نما ) .

( ٢ ) الاسراء : ١ .

( ٣ ) النجم : ١٠ .

( ٤ ) المنافقون : ١ .

( ٥ ) الأعراف : ١٥٧ .

( ٦ ) انظر بحار الأنوار ٧٧ : ٢٩٧ ، و تذكرة الخواص : ١٢٧ .

( ٧ ) انظر بحار الأنوار ٧٧ : ٢٩٧ ، و تذكرة الخواص : ١٢٧ .

٣٢٥

« فاضطلع » أي : قوي على حمله .

« قائما بأمرك » و مجريا له .

« مستوفزا » قال الجوهري : الوفز : العجلة ، و استوفز في قعدته : إذا قعد قعودا منتصبا غير مطمئن ١ .

« في مرضاتك » أي : رضاك .

« غير ناكل » أي : غير ممتنع .

« عن قدم » أي : إقدام ، قال الجوهري : مضى قدما ، بعضم الدّال : لم يعرّج ،

و لم ينثن ٢ .

« و لا واه » من : و هي السقاء إذا تخرّق و انشقّ .

« في عزم » و كيف يكون واهيا في عزم و هو أشرف أولي العزم من الرسل ، و طلب منه قريش أن يصرف عن عزمه ، و يملّكوه عليهم ، فقال : لو قدروا أن يجعلوا الشمس في يميني و القمر في يساري ما صرفت عن عزمي .

« واعيا » أي : مستمعا ، و الأصل في الوعي جعل الأذن كالوعاء للمسموع .

« لوحيك » عاملا به .

« حافظا على عهدك » لا كادم عليه السلام ، حيث قال تعالى فيه : و لقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي و لم نجد له عزما ٣ .

« ماضيا على نفاذ أمرك » حتّى قال : أوّل ربا أضعه من ربا الجاهلية ربا عمّي العباس ، و أوّل دم أبطله دم ابن عمّي ربيعة ٤ .

و لمّا استشفع قريش إليه في ترك قطع يد مخزومية سرقت بأسامة

ـــــــــــــــــ

( ١ ) صحاح اللغة للجوهري ٢ : ٨٩٨ مادة ( و فز ) .

( ٢ ) صحاح اللغة للجوهري ٥ : ٢٠٠٧ مادة ( قدم ) .

( ٣ ) طه : ١١٥ .

( ٤ ) هذه قطعة من خطبة النبي صلى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع ، مرّ تخريجه في العنوان ٢٥ من هذا الفصل .

٣٢٦

لكونه حبّه ، قال له : أتشفع في حدّ من حدود اللّه ؟ لا شفاعة في حدّ ١ .

قوله عليه السلام فيهما : « حتّى أورى » من : أوريت الزند : أخرجت ناره .

قوله في الأوّل : « قبس القابس » ، و في الثاني : « قبسا لقابس » في ( النّهاية ) :

القبس : الشعلة من النار ، و القابس : طالب النار ، و منه حديث عليّ عليه السلام : حتّى أورى قبسا لقابس . أي : أظهر نورا من الحقّ لطالبه ٢ .

قوله عليه السلام في الأوّل : « و أضاء الطريق للخابط » في ( النهاية ) : الخابط الّذي يمشي في الليل بلا مصباح فيتحيّر و يضلّ ، و ربما تردّي في بئر ، أو سقط على سبع ٣ .

و في الثاني : « و أنار علما لحابس » قال ابن أبي الحديد : يعني نصب النبيّ صلى اللّه عليه و آله لمن قد حبس ناقته ضلالا ، فهو يخبط لا يدري كيف يهتدي المنهج علما يهتدي به ٤ .

قلت : لم يقل أحد : إنّ معنى الحابس ما قال ، و الصواب : أنّ الحابس بمعنى الراجل الّذي تخلّف عن الركب فتحيّر ، ففي ( النهاية ) في حديث الفتح : أنّه بعث أبا عبيدة على الحبس : هم الرجّالة ، سمّوا بذلك لتحبّسهم عن الركبان ،

و تأخّرهم ، واحدهم حبيس ، فعيل ، بمعنى مفعول ، أو بمعنى فاعل ، كأنّه يروى :

الحبّس ، بتشديد الباء و فتحها ، فان صحّت الرواية ، فلا يكون واحدها إلاّ حابسا كشاهد و شهّد ٥ .

و في الأوّل : « و هديت به القلوب بعد خوضات الفتن » هكذا في ( المصرية ) .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) أخرجه مسلم بثلاث طرق في صحيحه ٣ : ١٣١٥ ح ٨ ١٠ و غيره ، مرّ تخريجه في العنوان ٢ من هذا الفصل .

( ٢ ) النهاية لابن الأثير ٤ : ٤ مادة ( قبس ) ، و النقل بتقديم و تأخير .

( ٣ ) النهاية لابن الأثير ٢ : ٨ مادة ( خبط ) ، و لكنّه قاله في تفسير كلمة ( خبّاط ) بصيغة المبالغة .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٢٢٠ .

( ٥ ) النهاية لابن الأثير ١ : ٣٢٩ مادة ( حبس ) .

٣٢٧

و فيها سقط ، ففي ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) : بعد خوضات الفتن و الاثام : « كانوا يئدون البنات ، و كان شغلهم المحاربات و النهبات و الزنا و القمار و شرب المسكرات » .

« و أقام موضحات الأعلام » في كتابة الّذي جاء به من عند اللّه .

« و نيّرات الأحكام » في ما أتى به من السن ، و في باب صيام ثلاثة أيّام ( المقنعة ) روى عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله قال : عرضت عليّ أعمال أمّتي فوجدت في أكثرها خللا و نقصانا ، فجعلت في كلّ فريضة مثليها نافلة ، ليكون من أتى بذلك قد حصلت له الفريضة ، لأنّ اللّه تعالى يستحيي أن يعمل له العبد ، فلا يقبل منه الثلث ، ففرض اللّه تعالى الصلاة في كلّ يوم و ليلة سبع عشرة ركعة ، و سنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله أربعا و ثلاثين ركعة ، و فرض اللّه صيام شهر رمضان في كلّ سنة ،

و سنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله صيام ستّين يوما في السنة . . . ١ و مراده من صوم ستّين : صوم شعبان ، و صيام ثلاثة في كلّ عشرة أشهر أخرى .

قوله عليه السلام فيهما : « فهو أمينك المأمون » قال تعالى فيه : و ما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى ٢ ، كان صلى اللّه عليه و آله مشتهرا بمحمّد الأمين ، و لمّا تشاحّت قريش في وضع الحجر عند بنائهم البيت ، و كان عبد الدار ، و عدي من قريش ملؤوا جفنة دما و أدخلوا أيديهم في ذلك الدم و تعاقدوا على الموت فسمّوا : لعقة الدم ، و مكثورا أربع ليال على ذلك في التصدّي لوضع الحجر ،

فأصلح بينهم أبو أمية بن المغيرة بحكميّة أوّل داخل ، فكان النبيّ أول داخل ، فلمّا رأوه قالوا : قد رضينا بك يا محمّد الأمين . فأمر بثوب فبسط ، و وضع

ـــــــــــــــــ

( ١ ) المقنعة للمفيد : ٥٩ .

( ٢ ) النجم : ٣ ٤ .

٣٢٨

الحجر ، ثمّ أمر كلّ فخذ أن يأخذ جانبا ، فرفعوه ، و أخذه النبيّ صلى اللّه عليه و آله و وضعه ١ .

قوله عليه السّلام في الأوّل : « و خازن علمك المخزون » و عن الصادق عليه السّلام : من مخزون علم اللّه الاتمام في أربعة مواطن : حرم اللّه ، و حرم رسوله ، و حرم أمير المؤمنين عليه السلام ، و حرم الحسين بن علي عليه السلام ٢ .

قوله عليه السلام فيهما : « و شهيدك يوم الدين » أي : يوم القيامة و يوم نبعث في كلّ أمّة شهيدا ٣ ، و جئنا بك على هؤلاء شهيدا ٤ .

و في الأوّل : « و بعيثك بالحقّ » ، و في الثاني : « و بعيثك نعمة » قال الصادق عليه السلام في قوله تعالى : و كنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ٥ برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أنقذوا ٦ .

و في الأوّل : « و رسولك إلى الخلق » ، و في الثاني : « و رسولك بالحقّ رحمة » و ما أرسلناك إلاّ كافّة للناس بشيرا و نذير ٧ . و ما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين ٨ .

و في الأوّل : « اللّهم افسح » أي : أوسع .

« له مفسحا في ظلّك » و المراد من ظلّه : لطفه بعباده .

و في الثاني : « اللّهم اقسم له مقسما من عدلك » الّذي لا تضيع أجر عامل لك

ـــــــــــــــــ

( ١ ) سيرة ابن هشام ١ : ١٨٢ ، و الطبقات لابن سعد ١ ق ١ : ٩٤ ، و تاريخ الطبري ٢ : ٤١ و غيرهم .

( ٢ ) التهذيب للطوسي ٥ : ٣٤٠ ح ١٤٠ ، و الاستبصار ٢ : ٣٣ ح ١ ، و الخصال للصدوق : ٢٥٢ ح ١٢٣ ، و كامل الزيارات لابن قولويه : ٢٤٩ ح ٤ ، ٥ بروايتين .

( ٣ ) النحل : ٨٤ .

( ٤ ) النساء : ٤١ .

( ٥ ) آل عمران : ١٠٣ .

( ٦ ) تفسير العياشي ١ : ١٩٤ ح ١٢٤ ، ١٢٦ بطريقين .

( ٧ ) سبأ : ٢٨ .

( ٨ ) الأنبياء : ١٠٧ .

٣٢٩

و الضحى و الليل إذا سجى ما ودّعك ربّك و ما قلى و للآخرة خير لك من الأولى و لسوف يعطيك ربّك فترضى ١ .

و قوله عليه السّلام فيهما : « و اجزه مضاعفات الخير من فضلك » إنّا أعطيناك الكوثر . فصلّ لربّك و انحر . إنّ شانئك هو الأبتر ٢ .

فيهما : « اللّهمّ أعل على بناء البانين بناءه » هو الّذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحقّ ليظهره على الدين كلّه و لو كره المشركون ٣ .

و روى عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله : إنّما مثلي و مثل الأنبياء قبلي كرجل بني دارا فأكملها و أحسنها إلاّ موضع لبنة ، فجعل الناس يدخلون و يعجبون بها ،

و يقولون : هلاّ وضعت هذه اللبنة . فأنا اللبنة ، و أنا خاتم النبييّن ٤ .

في الأوّل : « و أكرم لديك منزلته » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( منزله ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) ٥ .

و في الثاني : « و أكرم لديك منزلته » قال الجوهري : النزل : ما يهيّأ للنزيل ٦ .

« و شرّف عندك منزلته » هكذا في ( المصرية ) ٧ ، و الصواب : ( منزله ) ،

و في الدعاء : « وابعثه المقام المحمود » ٨ ، و عنه صلى اللّه عليه و آله : لواء الحمد بيدي » ٩ .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الضحى : ١ ٥ .

( ٢ ) الكوثر : ١ ٣ .

( ٣ ) الصف : ٩ .

( ٤ ) صحيح مسلم ٤ : ١٧٩٠ ح ٢٠ ٢٣ ، و سنن الترمذي ٥ : ٥٨٦ ح ٣٦١٣ ، و غيرهما .

( ٥ ) في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥١ و شرح ابن ميثم ٢ : ١٩٦ « منزلته » أيضا .

( ٦ ) صحاح اللغة للجوهري ٥ : ١٨٢٨ مادة ( نزل ) .

( ٧ ) و كذا في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٢١٩ ، و شرح ابن ميثم ٣ : ٣٣ كما في المصرية .

( ٨ ) نقله في ضمن زيارة ابن طاووس في جمال الأسبوع : ٢٩ بلفظ : « و ابعثه مقاما محمودا » .

( ٩ ) أخرجه الفرات الكوفي في تفسيره : ٢٠٦ ، و الترمذي بطريقين في سننه ٥ : ٥٨٦ ح ٣٦١٣ ، و غيرهما كثيرا لكن في الباب أحاديث قول علي : إنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله صاحب لواء الحمد ، و حامله علي عليه السّلام . جمع بعض طرقه المجلسي في البحار ٨ : ١ الباب ١٨ .

٣٣٠

يعني : في القيامة .

و في الأوّل : « و أتمم له نوره » الأصل فيه قوله تعالى : يوم لا يخزي اللّه النبيّ و الّذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا و اغفر لنا إنّك على كلّ شي‏ء قدير ١ .

« و اجزه من ابتعاثك له » بالرسالة .

« مقبول الشهادة » أي : بجعله مقبول الشهادة .

« و مرضي المقالة » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( مرضيّ المقالة ) بدون واو ، كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) ٢ .

« ذا منطق عدل و خطّة فصل » عن غيره ، يقال : هذه خطّة بني فلان ، إذا كانت محدودة ، و المراد : اجعل له امتيازا عن باقي الأنبياء ، عن الكاظم عليه السّلام كان ليهودي دنانير على النبيّ صلى اللّه عليه و آله فتقاضاه ، فقال له : ما عندي ما أعطيك . فقال :

إنّي لا أفارقك حتّى تقضيني . فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : إذن أجلس معك . فجلس معه حتّى صلّى في ذلك الموضع الظهر و العصر ، و المغرب و العشاء الآخرة ،

و الغداة ، و كان أصحاب النبيّ صلى اللّه عليه و آله يتهدّدونه و يتوعّدونه ، فنظر اليهم النبيّ صلى اللّه عليه و آله فقال : ما الّذي تصنعون به ؟ فقالوا : يهودي يحبسك . فقال :

لم يبعثني ربّي بأن أظلم معاهدا و لا غيره . فلمّا علا النهار ، قال اليهودي :

أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، و أنّك رسوله ، و شطر مالي في سبيل اللّه ، ما فعلت الّذي فعلت إلاّ لأنظر إلى نعتك في التوراة ، فإنّي قرأت فيها : محمّد بن عبد اللّه مولده بمكّة ، و مهاجره بطيبة ، ليس بفظّ و لا غليظ ، و لا صخّاب ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) التحريم : ٨ .

( ٢ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥١ ، لكن في شرح ابن ميثم ٢ : ١٩٦ يوجد الواو أيضا .

٣٣١

و لا متزيّن بالفحش و قول الخنا ١ .

« اللّهم اجمع بيننا و بينه » في الآخرة .

« في برد العيش و قرار النعمة » بلا زوال .

« و منى الشهوات » المنى : جمع المنية .

« و أهواء اللذّات » و فيها ما تشتهيه الأنفس و تلذّ الأعين . . . ٢ .

« و رخاء الدعة » أي : الراحة جنّات عدن يدخلونها يحلّون فيها من أساور من ذهب و لؤلؤا و لباسهم فيها حرير . و قالوا الحمد للّه الذي أذهب عنّا الحزن إنّ ربّنا لغفور شكور . الّذي أحلّنا دار المقامة من فضله لا يمسّنا فيها نصب و لا يمسّنا فيها لغوب ٣ .

« و منتهى الطّمأنينة » بلا اضطراب قلب ، كما يحصل للناس في هذا العالم .

« و تحف الكرامة » منه تعالى للمقرّبين منه ، و عن الرضا عليه السّلام عن آبائه :

قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام : إنّي سألت ربّي فيك خمس خصال فأعطاني ، أمّا أوّلهنّ : فسألت ربّي أن تنشقّ عني الأرض و أنفض التراب عن رأسي و أنت معي ، فأعطاني ، و أمّا الثانية : فسألت ربّي أن يوقفني عند كفّة الميزان و أنت معي ، فأعطاني ، و أمّا الثالثة : فسألت ربّي أن يجعلك حامل اللواء ، و هو لواء اللّه الأكبر ، تحته المفلحون الفائزون في الجنّة ، فأعطاني ، و أمّا الرابعة : فسألت ربّي أن تسقي أمّتي من حوضي ، فأعطاني ، و أمّا الخامسة : فسألت ربّي أن يجعلك قائد أمتي إلى الجنّة ، فأعطاني ٤ ربي ، و الحمد للّه الّذي منّ عليّ بذلك .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) أمالي الصدوق : ٣٧٦ ح ٦ المجلس ٧١ عن الكاظم عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام و النقل بتصرف يسير .

( ٢ ) الزخرف : ٧١ .

( ٣ ) فاطر : ٣٣ ٣٥ .

( ٤ ) أخرجه صاحب صحيفة الرضا عليه السّلام فيها : ٤٨ ح ٣٣ ، و الصدوق بطريقين في الخصال : ٣١٤ ح ٩٣ ، ٩٤ ، و الخوارزمي في مناقبه : ٢٠٨ ، و الجويني في فرائط السمطين ١ : ١٠٥ ح ٧٥ ، و له شاهد من حديث أبي سعيد الخدري .

٣٣٢

و رواه الخطيب في [ أحمد بن غالب ] مع اختلاف ، و في خبره : و أعطاني أنّك وليّ المؤمنين من بعدي ١ .

قول المصنّف في الثاني : « منها في ذكر النبيّ صلى اللّه عليه و آله » هكذا في ( ابن أبي الحديد ) ٢ ، و لكن في ( ابن ميثم ) ٣ : « الرسول صلى اللّه عليه و آله » .

و قوله عليه السّلام : « و آته » أي : أعطه .

« الوسيلة » و في خبر : الوسيلة : درجته صلى اللّه عليه و آله في الجنّة ، و هي ألف مرقاة ٤ . و يأتي آخر .

« و أعطه السّناء » أي : الضياء .

« و الفضيلة » و في خطبة الوسيلة من خطبه عليه السّلام في غير النهج : أيّها الناس إنّ اللّه جلّ و عزّ و عد نبيّه محمّدا صلى اللّه عليه و آله الوسيلة ، و وعده الحقّ و لن يخلف اللّه وعده ألا و إنّ الوسيلة على درج الجنّة ، و ذروة ذوائب الزلفة ، و نهاية غاية الأمنيّة ، لها ألف مرقاة ، ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس الجواد مائة عام ، و هو ما بين مرقاة درّة إلى مرقاة جوهرة إلى مرقاة زبرجدة إلى مرقاة لؤلؤة إلى مرقاة ياقوتة إلى مرقاة زمرّدة إلى مرقاة مرجانة إلى مرقاة كافور إلى مرقاة عنبر إلى مرقاة يلنجوج إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة غمام إلى مرقاة هواء إلى مرقاة نور ، قد أنافت على كلّ الجنان . . . ٥.

« و احشرنا في زمرته » و في خطبة الوسيلة بعد ما مرّة : و رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٤ : ٣٣٩ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٢١٩ .

( ٣ ) لفظ ابن ميثم في شرحه ٣ : ٣٣ « النبيّ صلى اللّه عليه و آله » أيضا .

( ٤ ) تفسير القمي ٢ : ٣٢٤ ، و البصائر للصفار : ٤٣٦ ح ١١ ، و معاني الأخبار للصفار : ١١٦ ح ١ ، و أماليه : ١٠٢ ح ٤ المجلس ٢٤ في صدر الحديث .

( ٥ ) نقله ضمن خطبة الوسيلة الكليني في الكافي ٨ : ٢٤ ، و لكن لا يوجد في رواية تحف العقول المختصرة فيه : ٩٩ .

٣٣٣
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الثاني الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

يومئذ قاعد عليها مرتد بريطتين : ريطة من رحمة اللّه ، و ريطة من نور اللّه ، عليه تاج النبوّة ، و إكليل الرسالة ، قد أشرق بنوره الموقف ، و أنا يومئذ على الدرجة الرفيعة ، و هي دون درجته ، و عليّ ريطتان : ريطة من أرجوان النور ، و ريطة من كافور ، و الرسل و الأنبياء قد وقفوا على المراقي ، و أعلام الأزمنة ، و حجج الدهور عن أيماننا ، و قد تجلّلهم حلل النور و الكرامة ، لا يرانا ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل إلاّ بهت بأنوارنا ، و عجب من ضيائنا و جلالتنا ١ .

« غير خزايا » أي : غير ذليلين موهونين .

« و لا نادمين » لوقوع تفريط منّا في الدّنيا .

« و لا ناكبين » أي : و لا عادلين عن الطريق .

« و لا ناكثين » أي : و لا ناقضين لعهده .

« و لا ضالّين » عن سبيله .

« و لا مضلّين » هكذا في ( المصرية ) ، و الكلمة زائدة لخلوّ ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّيّة ) ٢ عنها .

« و لا مفتونين » في الدين .

« قال الشريف » هكذا في ( المصرية ) ، و الجملة زائدة ليست من النهج ،

لخلوّ ( الخطّيّة ) عنها ، و إنّما قال : ابن أبي الحديد ٣ عن نفسه في الشّرح : « قال الرّضي » ، كما عن ( ابن ميثم ) ٤ قال : « قال السيّد » .

« و قد مضى هذا الكلام في ما تقدّم » على ما عرفت من موضعه .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) نقله في ضمن خطبة الوسيلة الكليني في الكافي ٨ : ٢٥ ، لكن لم يوجد في رواية تحف العقول المختصرة فيه : ٩٩ .

( ٢ ) في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٢١٩ ، و شرح ابن ميثم ٣ : ٣٣ توجد العبارة أيضا .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٢١٩ .

( ٤ ) في شرح ابن ميثم ٣ : ٣٣ « قال الشريف » .

٣٣٤

« إلاّ أنّنا » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( إلاّ أنّا ) كما في الثلاثة ١ .

« كرّرناه هاهنا لما في الروايتين من الاختلاف » قد عرفت مجتمعهما و مختلفهما .

هذا ، و له عليه السّلام دعاء آخر في الصلاة عليه صلى اللّه عليه و آله نقله البحراني في ( الصحيفة العلوية ) ، و هو : الحمد للّه ربّ العالمين ، و صلّى اللّه على طيّب المرسلين محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطلب ، المنتجب الفاتق الراتق .

اللّهم فخصّ محمّدا صلى اللّه عليه و آله بالذكر المحمود ، و المنهل المشهود ،

و الحوض المورود .

اللّهم فآت محمّدا صلى اللّه عليه و آله الوسيلة و الرفعة و الفضيلة ، و في المصطفين محبّته ، و في العليين درجته ، و في المقرّبين كرامته .

اللّهم أعط محمّدا صلواتك عليه و آله من كلّ كرامة أفضل تلك الكرامة ،

و من كلّ نعيم أوسع ذلك النعيم ، و من كلّ عطاء أجزل ذلك العطاء ، و من كلّ يسر أنصر ذلك اليسر ، و من كلّ قسم أو فر ذلك القسم ، حتّى لا يكون أحد من خلقك أقرب منه مجلسا ، و لا أرفع منه عندك ذكرا و منزلة ، و لا أعظم عليك حقّا ،

و لا أقرب وسيلة من محمّد صلواتك عليه و آله ، إمام الخير و قائده و الداعي إليه ، و البركة على جميع العباد و البلاد ، و رحمة للعالمين .

اللّهم اجمع بيننا و بين محمّد و آل محمّد صلواتك عليه و آله في برد العيش .

و برد الروح ، و قرار النعمة ، و شهوة الأنفس ، و منى الشهوات ، و نعم اللّذات ، و رخاء الفضيلة ، و شهود الطمأنينة ، و سؤدد الكرامة ، و قوّة العين ،

و نضرة النعيم ، و تمام النعمة ، و بهجة لا تشبه بهجات الدّنيا ، نشهد أنّه قد بلّغ

ـــــــــــــــــ

( ١ ) في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٢٢٠ ، و شرح ابن ميثم ٣ : ٣٣ « أننّا » أيضا .

٣٣٥

الرسالة و أدّى الأمانة و النصيحة ، و اجتهد للأمّة و أوذي في جنبك ، و اجتهد و جاهد في سبيلك ، و عبدك حتّى أتاه اليقين ، فصلّى اللّه عليه و آله الطيّبين .

اللّهم ربّ البلد الحرام ، و ربّ الركن و المقام ، و ربّ المشعر الحرام ، و ربّ الحلّ و الحرام بلّغ روح محمّد صلى اللّه عليه و آله عنّا السّلام .

الّلهم صلّ على ملائكتك المقرّبين ، و على أنبيائك و رسلك أجمعين ،

و صلّ على الحفظة الكرام الكاتبين ، و على أهل طاعتك من أهل السماوات السبع ، و أهل الأرضين السبع من المؤمنين أجمعين ١ .

هذا ، و في ( المناقب ) عن كتاب ( سحر البلاغة ) في الصلاة عليه صلى اللّه عليه و آله :

صلّى اللّه على خير مبعوث ، و أفضل وارث و موروث ، و خير مولود دعا إلى خير معبود ، بشير الرحمة و الثواب ، و مدبّر السطوة و العقاب ، ناسخ كلّ ملّة مشروعة ، و فاسخ كلّ نحلة متبوعة ، حاد بأمّته عن الظلمات إلى النور ،

و أو في بهم إلى الظلّ بعد الحرور ، قد أفرد بالزعامة وحده ، و ختم بأن لا نبيّ بعده أرسله اللّه قمرا منيرا ، و قدرا مبيرا ٢ .

٣٠

الحكمة ( ٣٦١ ) و قال عليه السّلام :

إِذَا كَانَتْ لَكَ إِلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ حَاجَةٌ فَابْدَأْ بِمَسْأَلَةِ اَلصَّلاَةِ عَلَى رَسُولِهِ ص ثُمَّ سَلْ حَاجَتَكَ فَإِنَّ اَللَّهَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ حَاجَتَيْنِ فَيَقْضِيَ إِحْدَاهُمَا وَ يَمْنَعَ اَلْأُخْرَى

ـــــــــــــــــ

( ١ ) نقله البحراني السماهيجي في الصحيفة العلوية : ٩٥ ، الدعاء ١١ ، و أخرجه أيضا الطوسي في التهذيب ٣ : ٨٢ ح ١١ ، و رواه المجلسي عن مجلد عتيق في بحار الأنوار ٩٨ : ١٢٧ .

( ٢ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ١٥٨ .

٣٣٦

« إذا كانت لك إلى اللّه سبحانه حاجة ، فابدأ بمسألة الصلاة على رسوله صلى اللّه عليه و آله » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( على النبي صلى اللّه عليه و آله ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّيّة ) ١ ، قال ابن أبي الحديد : هذا الكلام على حسب الظاهر الّذي يتعارفه الناس بينهم ، و هو عليه السّلام يسلك هذا المسلك كثيرا ، و يخاطب الناس على قدر عقولهم ، و أمّا باطن الأمر فانّ اللّه تعالى لا يصلّي على النبيّ صلى اللّه عليه و آله لأجل دعائنا إيّاه أن يصلّي عليه ، لأنّ معنى قولنا : « اللّهم صلّ على محمّد » : أكرمه و ارفع درجته . و اللّه سبحانه قد قضى له بالإكرام التّام ، و رفعة الدرجة من دون دعائنا ، و إنّما تعبّدنا نحن بأن نصلّي عليه ، لأنّ لنا ثوابا في ذلك ، لا لأنّ إكرام اللّه تعالى له أمر يستعقبه و يستتبعه دعاؤنا ٢ .

قلت : فعلى ما ذكره يكون دعاؤنا للنبي صلى اللّه عليه و آله لغوا و عبثا ، من حيث الدعاء نظير أن نقول : اللّهم اجعله نبيّا . و حصول ثواب لنا لا يخرجه عن اللغوية في القول ، و ما ذكره من أنّه تعالى قضى له بالإكرام التام ، و رفعة الدرجة مسلّم ،

لكن فوق كلّ إكرام إكرام ، و كلّ درجة درجة .

و في دعاء عرفة للسجّاد عليه السّلام : ربّ صلّ على محمّد و آل محمّد المنتجب المصطفى ، المكرّم المقرّب أفضل صلواتك ، و بارك عليه أتمّ بركاتك ، و ترحّم عليه أمتع رحماتك .

ربّ صلّ على محمّد و آله صلاة زاكية لا تكون صلاة أزكى منها ، و صلّ عليه صلاة نامية لا تكون صلاة أنمى منها ، و صلّ عليه صلاة راضية لا تكون صلاة فوقها .

رب صلّ على محمّد و آله صلاة ترضيه ، و تزيد على رضاه ، و صلّ عليه

ـــــــــــــــــ

( ١ ) في شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٤٠٢ ، و شرح ابن ميثم ٥ : ٤١٨ « رسوله » أيضا .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٤٠٢ .

٣٣٧

صلاة ترضيك و تزيد على رضاك له ، و صلّ عليه صلاة لا ترضى له إلاّ بها ،

و لا ترى غيره لها أهلا .

ربّ صلّ على محمّد و آله صلاة تجاوز رضوانك ، و يتّصل اتّصالها ببقائك ، و لا تنفد كما لا تنفد كلماتك .

ربّ صلّ على محمّد و آله صلاة تنتظم صلوات ملائكتك و أنبيائك و رسلك و أهل طاعتك ، و تشتمل على صلوات عبادك ، من جنّك و إنسك و أهل إجابتك ، و تجتمع على صلوات كلّ من ذرأت و برأت من أصناف خلقك .

ربّ صلّ عليه و آله صلاة تحيط بكلّ صلاة سالفة و مستأنفة ، و صل عليه و على آله صلاة مرضيّة لك و لمن دونك ، و تنشي‏ء مع ذلك صلوات تضاعف معها تلك الصلوات عندها ، و تزيدها على كرور الأيّام زيادة في تضاعيف لا يعدّها غيرك ١ .

فيلزم على ما قال أن يكون كلّ ذلك ألفاظا لا معاني تحتها .

و تحقيق الجواب : أنّ كلّ شي‏ء وقع و يقع في العالم كان قدرا من اللّه تعالى ، و لكن مع سببه ، و صلواتنا و أدعيتنا من أسباب إكرام اللّه التامّ له صلى اللّه عليه و آله .

و يشهد لما قلنا قول السجّاد عليه السّلام في الصلاة عليه على ما في الصحيفة الثالثة : فارفعه بسلامنا إلى حيث قدّرت في سابق علمك أن تبلّغه إيّاه و بصلاتنا عليه ٢ .

و أمّا ما روى ( مصباح الشيخ ) في الصلاة عليه صلى اللّه عليه و آله بعد عصر يوم الجمعة : « اللّهم إنّ محمّدا صلى اللّه عليه و آله كما وصفته في كتابك حيث تقول : لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الصحيفة السجادية : ٢٥١ الدعاء ٤٧ .

( ٢ ) نقله عن الصحيفة الثالثة السيد الأمين من الصحيفة الخامسة : ٣٣ الدعاء ٦ .

٣٣٨

رحيم ١ فاشهد أنّه كذلك ، و أنّك لم تأمر بالصلاة عليه إلاّ بعد أن صلّيت عليه أنت و ملائكتك ، و أنزلت في محكم كتابك : إنّ اللّه و ملائكته يصلّون على النبي يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما ٢ لا لحاجة إلى صلاة أحد من المخلوقين بعد صلاتك عليه ، و لا إلى تزكيتهم إيّاه بعد تزكيتك ، بل الخلق جميعا هم المحتاجون إلى ذلك ، لأنّك جعلته بابك الّذي لا تقبل لمن أتاك إلاّ منه ،

و جعلت الصلاة عليه قربة منك و وسيلة إليك و زلفة عندك ، و دللت المؤمنين عليه ، و أمرتهم بالصلاة عليه ليزدادوا بها أثرة لديك و كرامة عليك ، و وكّلت بالمصلّين عليه ملائكتك يصلّون عليه ، و يبلّغونه صلاتهم و تسليمهم . . . » ٣ فلا ينافي ما قلنا ، فإنّه لا يدلّ على أكثر من أنّه إذا لم نصلّ عليه لم يضرّه ، لكفاية صلوات اللّه تعالى عليه برفع درجته ، و إنّما حرمنا نحن من أجر كثير .

ثمّ ظاهر الأخبار وجوب الصلاة عليه صلى اللّه عليه و آله عند ذكر اسمه أو سماعه كوجوبها في الصلاة ، فعن الصادق عليه السّلام : قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ دخل النار ، فأبعده اللّه ٤ . و قال صلى اللّه عليه و آله : من ذكرت عنده فنسي الصلاة عليّ خطى‏ء به طريق الجنّة ٥ .

و ورد في ثواب الصلاة عليه صلى اللّه عليه و آله شي‏ء كثير من العامّة ، و الخاصّة ،

روى الطبري في ( ذيله ) عن عمير الأنصاري ، قال : قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : من صلّى

ـــــــــــــــــ

( ١ ) التوبة : ١٢٨ .

( ٢ ) الأحزاب : ٥٦ .

( ٣ ) مصباح المتهجد للطوسي : ٣٤٥ عن الصادق عليه السّلام .

( ٤ ) أخرجهما معا الكليني في الكافي ٢ : ٤٩٥ ح ١٩ ، و الصدوق في عقاب الأعمال : ٢٤٦ ح ١ ، و أخرج الأول مستقلا الكليني في الكافي ٤ : ٦٧ ح ٥ ، و الصدوق في الفقيه ٢ : ٥٩ ح ٢ ، و أماليه : ٥٦ ح ٢ المجلس ١٤ ، و الطوسي في التهذيب ٤ : ١٩٢ ح ٤ ، و الثاني مستقلا الكليني في الكافي ٢ : ٤٩٥ ح ٤٠ ، و ابن الأشعث في الأشعثيات : ٢١٥ ، و غيرهم .

( ٥ ) المصدر نفسه .

٣٣٩

عليّ من أمّتي صلاة مخلصا بها من نفسه صلّى اللّه عليه بها عشر صلوات ،

و رفعه بها عشر درجات ، و كتب له بها عشر حسنات ، و محا عنه بها عشر سيّئات ١ .

و عنهم عليهم السّلام : ما في الميزان شي‏ء أثقل من الصلاة على محمّد و آل محمّد ، و إنّ الرجل لتوضع أعماله في الميزان فتميل به ، فيخرج صلى اللّه عليه و آله الصلاة عليه ، فيضعها في ميزانه ، فيرجح به ٢ .

و الصلاة عليه صلى اللّه عليه و آله في الجمعة آكد ، و في ( سنن أبي داود ) عن أوس بن أوس عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله : إنّ من أفضل أيّامكم يوم الجمعة ، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه ، فإنّ صلاتكم معروضة عليّ . فقالوا : يا رسول اللّه و كيف تعرض صلاتنا عليك ، و قد أرمت ( أي : بليت ) ؟ قال : إنّ اللّه حرّم على الأرض أجساد الأنبياء ٣ .

و يكفيه صلى اللّه عليه و آله جلالة قوله تعالى : إنّ اللّه و ملائكته يصلّون على النبيّ يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما ٤ ، و عن أمير المؤمنين عليه السّلام : إنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله قال : إنّ الآية نزلت في الصلاة عليّ بعد قبض اللّه لي ٥ .

و الصّلاة عليه صلى اللّه عليه و آله وردت في الكتاب و على آله وردت في السنّة .

روى البخاري في صحيحه مسندا عن كعب بن عجرة ، و عن أبي سعيد الخدري ، و عن غيرهما ، قالوا : قال النبي صلى اللّه عليه و آله : قولوا : اللّهم صلّ على محمّد ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) منتخب ذيل المذيل للطبري : ٧٢ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٢ : ٤٩٤ ح ١٥ ، عن الباقر أو الصادق عليهما السّلام .

( ٣ ) سنن أبي داود ٢ : ٨٨ ح ١٥٣١ ، و سنن النسائي ٣ : ٩١ ، و سنن ابن ماجة ١ : ٣٤٥ ح ١٠٨٥ ، و سنن الدارمي ١ : ٣٦٩ ، و مسند أحمد ٤ : ٨ و غيرها .

( ٤ ) الأحزاب : ٥٦ .

( ٥ ) الكافي للكليني ١ : ٤٥١ ح ٣٨ .

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607