بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٢

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 607

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 607
المشاهدات: 105585
تحميل: 3074


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 105585 / تحميل: 3074
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 12

مؤلف:
العربية

أيُّها الذين آمنوا اتّقوا اللَّه و قولوا قولاً سديداً١ ثمّ يتكلّم لحاجته٢ .

و روى أيضا انّ أمير المؤمنين عليه السّلام فلّما اعتدل به المنبر إلاّ صرّح بمظلوميّته .

« أيّها النّاس اتّقوا اللَّه فما خلق امرؤ عبثا فيلهو » قال تعالى كذّبت عادٌ المرسلين إذ قال لهم أخوهم هودٌ ألا تتّقون إنّي لكم رسولٌ أمين فاتّقوا اللَّه و أطيعون و ما أسألكم عليه من أجرٍ ان أجري إلاّ على ربّ العالمين أتبنون بكلِّ ريعٍ آيةً تعبثون و تتّخذون مصانع لعلّكم تخلدون٣ ، قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادّين قال ان لبثتم إلاّ قليلاً لو انّكم كنتم تعلمون أفحسبتم انّما خلقناكم عبثاً و انّكم الينا لا ترجعون فتعالى اللَّه الملك الحقُّ لا إله إلاّ هو ربُّ العرش الكريم٤ .

« و لا ترك سدى فيلغوا » في ( الصحاح ) : السّدى بالضّمّ المهمل يقال : ابل سدى أي : مهملة و بعضهم يقول سدى بالفتح أسديتها أهملتها٥ و لغا يلغو لغوا أي قال باطلا يقال لغوت باليمين قال و لغي بالكسر يلغي لغي مثله٦ . .

أيحسب الإنسان أن يُترك سدىً ألم يكُ نطفةً من منيّ يمنى ثمّ كان علقةً فخلق فسوّى فجعل منه الزوجين الذكر و الانثى أ ليس ذلك بقادرٍ على أن يُحيي الموتى٧ و قيل :

____________________

( ١ ) الأحزاب : ٧٠ .

( ٢ ) حلية الأولياء لأبو نعيم ٧ : ١٧٨ .

( ٣ ) الشعراء : ١٢٣ ١٢٨ .

( ٤ ) المؤمنون : ١١٢ ١١٦ .

( ٥ ) الصحاح : ( سدا ) .

( ٦ ) الصحاح : ( لغا ) .

( ٧ ) القيامة : ٣٦ ٤٠ .

٢٤١

و لو انّا اذا متنا تركنا

لكان الموت راحة كلّ حيّ

و لكنّا إذا متنا بعثنا

و نسئل بعده عن كلّ شي‏ء١

« و ما دنياه الّتي تحسّنت له بخلف من الآخرة التي قبّحها سوء النّظر عنده » . إنّما هذه الحياة الدُّنيا متاع و انّ الآخرة هي دار القرار٢ ، . و إنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان .٣ ، و اصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة و العشيّ يريدون وجهه و لا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدُّنيا و لا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتّبع هواه و كان أمره فرطاً٤ ، المال و البنون زينة الحياة الدّنيا و الباقيات الصّالحات خيرٌ عند ربّك ثواباً و خيرٌ أملاً٥ ،

إنّا جعلنا ما على الأرض زينةً لها لنبلوهم أيُّهم أحسن عملاً و إنّا لجاعلون ما عليها صعيداً جزراً٦ ، و قال موسى ربّنا إنّك أتيت فرعون و ملأه زينةً و أموالاً في الحياة الدّنيا ربّنا ليضِلّوا عن سبيلك ربَّنا اطمس على أموالهم و اشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم٧ ، إعلموا انّما الحياة الدُّنيا لعبٌ و لهوٌ و زينةٌ و تفاخرٌ بينكم و تكاثرٌ في الأموال و الأولاد كمثل غيثٍ أعجب الكفّار نباته ثمّ يهيج فتراه مصفرّاً ثمّ يكون حُطاماً و في الآخرة عذابٌ شديدٌ و مغفرةٌ من اللَّه و رضوان و ما الحياة الدّنيا إلاّ متاع الغرور٨ ،

سابقوا الى مغفرةٍ من ربّكم و جنّةٍ عرضها كعرض السماء و الأرض أُعدّت

____________________

( ١ ) وفيات الأعيان للشعر لدلف ٤ : ٧٨ .

( ٢ ) غافر : ٣٩ .

( ٣ ) العنكبوت : ٦٤ .

( ٤ ) الكهف : ٢٨ .

( ٥ ) الكهف : ٤٦ .

( ٦ ) الكهف : ٧ ٨ .

( ٧ ) يونس : ٨٨ .

( ٨ ) الحديد : ٢٠ .

٢٤٢

للّذين آمنوا باللَّه و رسله ذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء و اللَّه ذو الفضل العظيم١ ، فخرج على قومه في زينته قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون انّه لذو حظّ عظيم و قال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب اللَّه خيرٌ لمن آمن و عمل صالحاً و لا يُلقاها إلاّ الصابرون فخسفنا به و بداره الأرض فما كان له من فئةٍ ينصرونه من دون اللَّه و ما كان من المنتصرين و أصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكانّ اللَّه يبسط الرِّزق لمن يشاء من عباده و يقدر لولا ان منَّ اللَّه علينا لخسف بنا ويكانّه لا يفلح الكافرون تلك الدّار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوّاً في الأرض و لا فساداً و العاقبة للمتّقين٢ ، من كان يريد الحياة الدُّنيا و زينتها نوفِّ اليهم أعمالهم فيها و هم فيها لا يبخسون أولئك الّذين ليس لهم في الآخرة إلاّ النّار و حبط ما صنعوا فيها و باطلٌ ما كانوا يعملون٣ .

« و ما المغرور الّذي ظفر من الدنيا بأعلى همّته » في ( الصحاح ) : يقال فلان بعيد الهمّة و الهمّة أيضاً بالفتح٤ .

« كالاخر الذي ظفر من الآخرة بأدنى سهمته » في ( الصحاح ) السّهمة بالضّمّ القرابة و السّهمة النصيب٥ . .

و كيف لا يكون الأمر كما قال عليه السّلام و يؤتى أدنى أهل الجنّة سبعين ضعفا من نعم الدّنيا من أوّلها الى آخرها و قال تعالى زُيّن للنّاس حُبّ الشهوات من النساء و البنين و القناطير المقنطرة من الذّهب و الفضّة و الخيل

____________________

( ١ ) الحديد : ٢١ .

( ٢ ) القصص : ٧٩ ٨٣ .

( ٣ ) هود : ١٥ ١٦ .

( ٤ ) الصحاح : ( همم ) .

( ٥ ) الصحاح : ( سهم ) .

٢٤٣

المسوّمة و الأنعام و الحرث ذلك متاع الحياة الدُّنيا و اللَّه عنده حسن الماب قل أؤنبكم بخيرٍ من ذلكم للّذين اتّقوا عند ربّهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و أزواجٌ مطهّرةٌ و رضوانٌ من اللَّه و اللَّه بصيرٌ بالعباد الذين يقولون ربّنا إنّنا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا و قنا عذاب النّار الصابرين و الصّادقين و القانتين و المنفقين و المستغفرين بالأسحار١ ، فلّما نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كلّ شي‏ء حتّى اذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتةً فاذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الّذين ظلموا و الحمد للَّه ربّ العالمين٢ ، و ما أوتيتم من شي‏ء فمتاع الحياة الدُّنيا و زينتها و ما عند اللَّه خيرٌ و أبقى أفلا تعقلون أ فمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين٣ ، أفمن كان على بيّنة من ربّه كمن زُيّن له سوء عمله و اتّبعوا أهواءهم مثل الجنّة التي وعد المتّقون فيها أنهارٌ من ماءٍ غير آسنٍ و أنهارٌ من لبن لم يتغيّر طعمه و أنهارٌ من خمرٍ لذّةٍ للشاربين و انهارٌ من عسلٍ مصفىً و لهم فيها من كلّ الثّمرات و مغفرة من ربهم كمن هو خالدٌ في النّار و سقوا ماءً حميماً فقطّع أمعاءهم٤ .

١٩

من الخطبة ( ٨٠ ) في خطبة عجيبة :

حَتَّى إِذَا تَصَرَّمَتِ اَلْأُمُورُ وَ تَقَضَّتِ اَلدُّهُورُ وَ أَزِفَ اَلنُّشُورُ أَخْرَجَهُمْ

____________________

( ١ ) آل عمران : ١٣ ١٧ .

( ٢ ) الأنعام : ٤٤ ٤٥ .

( ٣ ) القصص : ٦٠ ٦١ .

( ٤ ) محمّد : ١٤ ١٥ .

٢٤٤

مِنْ ضَرَائِحِ اَلْقُبُورِ وَ أَوْكَارِ اَلطُّيُورِ وَ أَوْجِرَةِ اَلسِّبَاعِ وَ مَطَارِحِ اَلْمَهَالِكِ سِرَاعاً إِلَى أَمْرِهِ مُهْطِعِينَ إِلَى مَعَادِهِ رَعِيلاً صُمُوتاً قِيَاماً صُفُوفاً يَنْفُذُهُمُ اَلْبَصَرُ وَ يُسْمِعُهُمُ اَلدَّاعِي عَلَيْهِمْ لَبُوسُ اَلاِسْتِكَانَةِ وَ ضَرَعُ اَلاِسْتِسْلاَمِ وَ اَلذِّلَّةِ قَدْ ضَلَّتِ اَلْحِيَلُ وَ اِنْقَطَعَ اَلْأَمَلُ وَ هَوَتِ اَلْأَفْئِدَةُ كَاظِمَةً وَ خَشَعَتِ اَلْأَصْوَاتُ مُهَيْنِمَةً وَ أَلْجَمَ اَلْعَرَقُ وَ عَظُمَ اَلشَّفَقُ وَ أُرْعِدَتِ اَلْأَسْمَاعُ لِزَبْرَةِ اَلدَّاعِي إِلَى فَصْلِ اَلْخِطَابِ وَ مُقَايَضَةِ اَلْجَزَاءِ وَ نَكَالِ اَلْعِقَابِ وَ نَوَالِ اَلثَّوَابِ إلى أن قال وَ اِعْلَمُوا أَنَّ مَجَازَكُمْ عَلَى اَلصِّرَاطِ وَ مَزَالِقِ دَحْضِهِ وَ أَهَاوِيلِ زَلَلِهِ وَ تَارَاتِ أَهْوَالِهِ فَاتَّقُوا اَللَّهَ تَقِيَّةَ ذِي لُبٍّ شَغَلَ اَلتَّفَكُّرُ قَلْبَهُ وَ أَنْصَبَ اَلْخَوْفُ بَدَنَهُ وَ أَسْهَرَ اَلتَّهَجُّدُ غِرَارَ نَوْمِهِ وَ أَظْمَأَ اَلرَّجَاءُ هَوَاجِرَ يَوْمِهِ وَ ظَلَفَ اَلزُّهْدُ شَهَوَاتِهِ وَ أَوْجَفَ اَلذِّكْرُ بِلِسَانِهِ وَ قَدَّمَ اَلْخَوْفَ لِأَمَانِهِ وَ تَنَكَّبَ اَلْمَخَالِجَ عَنْ وَضَحِ اَلسَّبِيلِ وَ سَلَكَ أَقْصَدَ اَلْمَسَالِكِ إِلَى اَلنَّهْجِ اَلْمَطْلُوبِ وَ لَمْ تَفْتِلْهُ فَاتِلاَتُ اَلْغُرُورِ وَ لَمْ تَعْمَ عَلَيْهِ مُشْتَبِهَاتُ اَلْأُمُورِ ظَافِراً بِفَرْحَةِ اَلْبُشْرَى وَ رَاحَةِ اَلنُّعْمَى فِي أَنْعَمِ نَوْمِهِ وَ آمَنِ يَوْمِهِ قَدْ عَبَرَ مَعْبَرَ اَلْعَاجِلَةِ حَمِيداً وَ قَدَّمَ زَادَ اَلْآجِلَةِ سَعِيداً وَ بَادَرَ مِنْ وَجَلٍ وَ أَكْمَشَ فِي مَهَلٍ وَ رَغِبَ فِي طَلَبٍ وَ ذَهَبَ عَنْ هَرَبٍ وَ رَاقَبَ فِي يَوْمِهِ غَدَهُ وَ نَظَرَ قُدُماً أَمَامَهُ فَكَفَى بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً وَ نَوَالاً وَ كَفَى بِالنَّارِ عِقَاباً وَ وَبَالاً وَ كَفَى بِاللَّهِ مُنْتَقِماً وَ نَصِيراً وَ كَفَى بِالْكِتَابِ حَجِيجاً وَ خَصِيماً أقول : قوله عليه السّلام « حتّى إذا تصرّمت الامور » في ( الصحاح ) التصرّم التقطّع١ . .

____________________

( ١ ) الصحاح : ( صرم ) .

٢٤٥

أي : تصرّمت أمور الدّنيا و صار وقت الآخرة .

« و تقضّت الدّهور » الأصل في تقضّت التّقضي من القضاء كما أنّ أصل تولّت التّولي في ( الصحاح ) : انقضى الشي‏ء و تقضّى بمعنى١ . .

و يمكن أن يكون من التّقضّض من القضض قال الجوهري : انقضّ الحائط : سقط و انقضّ الطائر هوى من طيرانه و منه انقضاض الكواكب و لم يستعملوا منه تفعّل إلاّ مبدلاً قالوا تقضّى و أصله تقضّض فاستثقلوا ثلاث ضادات فأبدلوا واحداً ياء كما قالوا تظنّى من الظّنّ قال العجاج :

تقضّى البازي إذ البازي كسر٢ . لكنّ الأوّل أظهر و يؤيده قوله تعالى و قال الشيطان لمّا قُضي الأمر .٣ . .

و قال الخوئي اللّغة قضّ الشي‏ء يقضّه : قطعه٤ . و اقتصاره على ما قال غلط لأنّ لازمه كون تقضّت مضارع قضّ و لا معنى له .

« و ازف النشّور » في ( الصّحاح ) ازف الترحّل أي دنا و منه قوله تعالى أزِفت الازفة٥ يعني القيامة٦ .

« أخرجهم من ضرائح القبور » في ( الصحاح ) : الضّريح الشّقّ في وسط القبر و اللّحد في الجانب٧ .

« و أوكار الطّيور » في ( الصحاح ) : وكر الطّائر عشّه و الجمع و كور و أوكار .

____________________

( ١ ) الصحاح : ( قضى ) .

( ٢ ) الصحاح : ( قضض ) .

( ٣ ) إبراهيم : ٢٢ .

( ٤ ) الخوئي .

( ٥ ) النجم : ٥٧ .

( ٦ ) الصحاح : ( أزف ) .

( ٧ ) الصحاح : ( ضرح ) .

٢٤٦

قال أبو يوسف سمعت أبا عمرو يقول الوكر العشّ حيثما كان في جبل أو شجر١ . .

و الاخراج من أوكار الطيور ، كأموات المجوس الّذين يدعونها للاغربة و كأغلب قتلى الحروب فانّ أجسادهم لسباع الطّيور و سباع الوحوش « و أوجرة السّباع » في ( الصّحاح ) الوجار و الوجار سرب الضّبع٢ . .

و الصحيح ما في ( الجمهرة ) : الوجار : سرب الثعلب و الضبّع و ما أشبههما و ربّما استعير لغيرهما٣ . لتصديق كلامه عليه السّلام له من كونه سر بالعموم السّباع لا خصوص الضّبع « و مطارح المهالك » يعمّ كلامه عليه السّلام من طرح من جبل أو في بئر أو غر في بحر « سراعا الى أمره » يوم يخرجون من الأجداث سِراعاً كأنّهم إلى نُصبٍ يوفضون خاشعةً أبصارهم ترهقهم ذلّةٌ ذلك اليوم الّذي كانوا يوعدون٤ .

« مهطعين الى معاده » في ( الصحاح ) : اهطع إذا مدّ عنقه و صوّب رأسه و اهطع في عدوه اذا أسرع٥ . . . يومَ يدعُ الدّاع الى شي‏ءٍ نكرٍ خُشّعاً أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنّهم جرادٌ منتشرٌ مهطعين الى الدّاع يقول الكافرون هذا يوم عسرٌ٦ .

و حيث إنّ الأصل في كلامه عليه السّلام الآية فالمحتمل كون ( معاده ) مصحّف ( دعاءه ) « رعيلا صموتا » في ( الصحاح ) الرّعلة القطيعة من

____________________

( ١ ) الصحاح : ( وكر ) .

( ٢ ) الصحاح : ( وجر ) .

( ٣ ) جمهرة اللغة لابن دريد : ٨٧١ ( وجر ) .

( ٤ ) المعارج : ٤٣ ٤٤ .

( ٥ ) الصحاح : ( هطع ) .

( ٦ ) القمر : ٦ ٨ .

٢٤٧

الخيل و كذلك الرّعيل١ . .

و الصّواب ما في ( الجمهرة ) : الرّعيل الجماعة من الخيل و الرّجال أيضا قال :

« ثم التمشّي في الرّعيل الأول »٢ . .

لتصديق كلامه صلَّى اللَّه عليه و آله له من مجيئه لجمع الإنسان أيضا .

و الظّاهر أنّ الصّموت جمع الصّامت كالسجود جمع السّاجد قال تعالى لا تعتذروا اليوم إنّما تجزون ما كنتم تعملون٣ لا يملكون منه خطاباً٤ .

« قياما صفوفا » قال تعالى : و نُفخ في الصّور فصعق من في السّماوات و الأرض إلاّ من شاء اللَّه ثم نُفخ فيه اُخرى فاذا هم قيامٌ ينظرون٥ قياماً في كلامه عليه السّلام كقيام في الآية جمع قائم ، قال السجستاني في غريب تفسيره قيام على ثلاثة معان جمع قائم و مصدر قمت و قوام الأمر٦ ، « ينفذهم البصر » في ( ١٨ ) الحاقّة يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافيةٌ .

« و يسمعهم الدّاعي » في ( ٤١ ) ق و استمع يوم يناد المنادِ من مكانٍ قريب يوم يسمعون الصّيحة بالحقِّ ذلك يوم الخروج .

« عليهم لبوس الاستكانة » في ( الصحاح ) اللّبوس ما يلبس و انشد ابن السّكيت :

____________________

( ١ ) الصحاح : ( رعل ) .

( ٢ ) ابن دريد : ٨٥ ( رعل ) .

( ٣ ) التحريم : ٧ .

( ٤ ) النبأ : ٣٧ .

( ٥ ) الزمر : ٦٨ .

( ٦ ) غريب الحديث للسجستاني : ١٤٥ .

٢٤٨

إلبس لكلّ حالة لبوسها

إمّا نعيمها و إمّا بؤسها١

و الاستكانة : الخضوع « و ضرع الاستسلام و الذّلّة » في ( الصحاح ) استسلم أي : انقاد٢ . ( و ضرع بفتحتين الضّعف ) .

في ( ١١١ ) طه و عنت الوجوه للحيّ القيّوم و قد خاب من حمل ظلماً و في ( ٤٤ ) المعارج خاشعةً أبصارهم ترهقهم ذِلّة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون .

« قد ضلّت الحيل و انقطع الأمل » و قالوا لو كنّا نسمع أو نعقل ما كنّا في أصحاب السّعير فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السعير٣ ، . يودّ المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذٍ ببنيه و صاحبته و أخيه و فصيلته التي تؤويه و من في الأرض جميعاً يُنجيه كلاّ٤ ، و لو انّ للّذين ظلموا ما في الأرض جميعاً و مثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة .٥ .

« و هوت الأفئدة كاظمة » في ( الصحاح ) هوى بالفتح يهوى هويا أي سقط الى أسفل٦ .

و قوله تعالى : . و أفئدتهم هواء٧ يقال : انّه لا عقول لهم و كظم الغيظ اجترعه ، « و خشعت الأصوات مهينمة » بتقديم النون على الميم و في الصحاح الهينمة الصّوت الخفيّ الخ في سورة طه و خشعت الأصوات للرّحمن فلا

____________________

( ١ ) الصحاح : ( لبس ) .

( ٢ ) الصحاح : ( سلم ) .

( ٣ ) الملك : ١٠ ١١ .

( ٤ ) المعارج : ١١ ١٥ .

( ٥ ) الزمر : ٤٧ .

( ٦ ) الصحاح : ( هوا ) .

( ٧ ) إبراهيم : ٤٣ .

٢٤٩

تسمع إلاّ همساً١ .

« و الجم العرق » قال ابن أبي الحديد في الحديث ان العرق ليجري منهم حتّى ان منهم من يبلغ ركبه و منهم من يبلغ صدره و منهم من يلجمه قال : قال لي قائل ما أرى لقوله عليه السّلام : « المؤذّنون أطول النّاس أعناقا يوم القيامة » كثير فائدة لأنّ طول العنق جدّا ليس ممّا يرغب في مثله فذكرت له الخبر الوارد في العرق و قلت له : اذا كان الإنسان شديد طول العنق يكون له عن الجام العرق أبعد٢ .

قلت : ما ذكره في غاية الركاكة فانّ المراد بكون المؤذّنين أطول النّاس أعناقا يومئذ كونهم أرفع درجة من باقي النّاس لا طول عنقهم الظاهر و في الفارسيّة يكنّون عن الجبابرة بقولهم ( گردن كشان ) و لا يريدون طول أعناقهم بل يطلقونه على كلّ جبار و إن كان أقصر النّاس عنقا بل و ان لم يكن له عنق أصلا .

« و عظم الشّفق » في ( القاموس ) الشّفق الخوف٣ .

و في ( الصحاح ) : قال ابن دريد شفقت و أشفقت بمعنى و أنكره جلّ أهل اللغة .

قلت : انّما نقل ابن دريد عن بعضهم و أنكره و هذا نصّه ، زعم قوم انّ شفقت و أشفقت اذا حاذرت بمعنى و أنكره جلّ أهل اللغة و قالوا لا يقال الاّ أشفقت فانا مشفق و شفيق قال و هذا أحد ما جاء على فعيل في معنى مفعل٤ . .

____________________

( ١ ) طه : ١٠٨ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٦ : ٢٥١ .

( ٣ ) القاموس : ( الشفق ) .

( ٤ ) الصحاح : ( مشفق ) .

٢٥٠

يوماً يجعل الولدان شيباً١ ، يوم ترونها تذهل كلُّ مرضعةٍ عمّا أرضعت و تضع كلّ ذات حملٍ حملها و ترى النّاس سكارى و ما هم بسكارى و لكنّ عذاب اللَّه شديد٢ .

« و أرعدت الأسماع » أرعدت بصيغة المجهول و في ( الصحاح ) : أرعد الرّجل أخذته الرّعدة و ارعدت فرائصه عند الفزع٣ .

« لزبرة الدّاعي » في ( الصحاح ) : الزّبر الزّجر و المنع يقال زبره يزبره ( بالضّمّ ) زبرا إذا انتهره٤ .

و في ( المصباح ) : و منه اشتقاق الزّبير٥ .

« الى فصل الخطاب » قال تعالى و نُفخ في الصّور فاذا هم من الأجداث الى ربِّهم ينسلون قالوا يا ولينا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرّحمن و صدق المرسلون إن كانت إلاّ صيحة واحدةً فاذا هم جميعٌ لدينا محضرون فاليوم لا تُظلم نفسٌ شيئاً و لا تجزون إلاّ ما كنتم تعملون٦ .

« و مقايضة الجزاء » في ( الصّحاح ) : قايضت الرّجل مقايضة أي : عارضته بمتاع و هما قيّضان كما تقول بيّعان٧ .

« و نكال العقاب و نوال الثّواب » قال تعالى يومئذٍ يصدر النّاس اشتاتاً ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره و من يعمل مثقال

____________________

( ١ ) المزمل : ١٧ .

( ٢ ) الحج : ٢ .

( ٣ ) الصحاح : ( رعد ) .

( ٤ ) الصحاح : ( زبر ) .

( ٥ ) المصباح المنير للفيتوري : ٣٠٣ ( زبر ) .

( ٦ ) يس : ٥١ ٥٤ .

( ٧ ) الصحاح : ( فيض ) .

٢٥١

ذرّةٍ شرّاً يره١ .

( قوله عليه السّلام ) « و اعلموا انّ مجازكم على الصّراط » في ( الصحاح ) قولهم ( جعل فلان ذلك الأمر مجازاً إلى حاجته ) أي : طريقاً و مسلكاً٢ .

« و مزالق دحضه » في ( الصحاح ) المزلق و المزلقة الموضع الذي لا يثبت عليه قدم و مكان دحض و دحض أيضا بالتّحريك أي : زلق٣ .

« و أهاويل زلله » في ( الصحاح ) هاله الشي‏ء يهوله أي أفزعه الخ قال تعالى : يا أيُّها النّاس اتّقوا ربّكم إنّ زلزلة السّاعة شي‏ءٌ عظيم٤ ، « و تارات أهواله » يوم يفرُّ المرء من أخيه و اُمّه و أبيه و صاحبته و بنيه لكلّ أمرى‏ءٍ منهم يومئذٍ شأنٌ يُغنيه٥ ، قال حد ) تارات أهواله كقولك دفعات أهواله و انّما جعل أهواله تارات لأنّ الامور الهائلة اذا استمرّت لم تكن في الازعاج و التّرويع كما يكون اذا طرأت تارة و سكنت تارةً٦ . .

قلت : ما ذكره عبث و انّما المرام انّ أهواله تتجّدد تارة هذا الهول و اخرى ذاك الهول كما قال عليه السّلام في كلام آخر له فانّ امامكم عقبة كؤدا و منازل مخوفة مهولة .

و قال الصدوق في ( اعتقاداته ) : متى انتهى الانسان الى عقبة اسم فرض و كان قصّر في ذلك الفرض حبس عندها و طولب بحقّ اللَّه فيها فان خرج منها بعمل صالح قدّمه أو برحمة تداركه نجا منها الى عقبة اخرى فلا يزال يدفع من

____________________

( ١ ) الزلزال : ٦ ٨ .

( ٢ ) الصحاح : ( جوز ) .

( ٣ ) الصاح : ( زلق ) .

( ٤ ) الحج : ١ .

( ٥ ) عبس : ٣٤ ٣٧ .

( ٦ ) شرح ابن أبي الحديد ٦ : ٢٦٦ .

٢٥٢

عقبة الى عقبة و يحبس عند كلّ عقبة فيسئل عمّا قصّر فيه من معنى اسمها الى أن قال و منها المرصاد و هو قوله تعالى إنَّ ربَّك لبالمرصاد١ يقول تعالى و عزّتي و جلالي لا يجوزني ظلم ظالم .٢ .

« فاتّقوا اللَّه تقيّة ذي لبّ » في ( الصحاح ) : اللّبّ العقل و الجمع الباب٣ « شغل التفكّر قلبه » في ( الكافي ) : عن الصادق عليه السّلام كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول نبّه بالتفكّر قلبك و جاف عن اللّيل جنبك و اتّق اللَّه ربّك٤ « و انصب الخوف بدنه » في ( الصحاح ) : نصب بالكسر نصبا تعب و أنصبه غيره٥ « و أسهر التهجّد غرار نومه » في ( المصباح ) : السّهر عدم النّوم في الليل٦ .

و في ( الصحاح ) : السّهر : الأرق و هجد و تهجّد أي نام ليلا و هجد و تهجّد أي سهر و هو من الأضداد و منه قيل لصلاة الليل التهجّد و الغرار النوم القليل٧ . .

قال تعالى : كانوا قليلاً من اللّيل ما يهجعون و بالأسحار هم يستغفرون٨ ، تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفاً و طمعاً و ممّا رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفسٌ ما اُخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون٩ « و أظمأ الرّجاء هواجر يومه » في ( الصّحاح ) : أظمأته

____________________

( ١ ) الفجر : ١٤ .

( ٢ ) الاعتقادات للصدوق : ٤٩ .

( ٣ ) الصحاح : ( لبب ) .

( ٤ ) الكافي ٣ : ٩١ ح ١ .

( ٥ ) الصحاح : ( نصب ) .

( ٦ ) المصباح المنير : ٣٥٣ ( سهر ) .

( ٧ ) الصحاح : ( سهر ) .

( ٨ ) الذاريات : ١٧ ١٨ .

( ٩ ) السجدة : ١٦ ١٧ .

٢٥٣

أعطشته١ و الهاجرة نصف النّهار عند اشتداد الحرّ .

« و ظلف الزّهد شهواته » في ( الصحاح ) : ظلف نفسه عن الشي‏ء أي منعها من أن تفعله أو تأتيه قال :

لقد أظلف النفس عن مطعم

اذا مات تهافت ذبانه٢

« و أرجف الذّكر بلسانه » في ( الجمهرة ) : رجف الشي‏ء اذا اضطرب اضطرابا شديدا و انّما قيل أرجف النّاس بكذا و كذا اذا خاضوا فيه و اضطربوا٣ .

ثم ( أرجف )٤ في ( المصرية ) و الصواب : ( و أوجف ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )٥ قال ابن أبي الحديد : و أوجف : أسرع كأنّه جعل الذّكر لشدّة تحريكه اللسان موجفا به كما يوجف النّاقة براكبها و الوجيف ضرب من السير٦ « و قدّم الخوف لإبّانه » هكذا في ( المصرية )٧ ، و نقله ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم )٨ لإمانه و هو الصّواب فالمناسب أن يقال قدّم الخوف أي في الدّنيا لامانه أي من عذاب الآخرة و امّا ( قدّم لابّانه ) .

و في ( الصحاح ) : إبّان الشي‏ء بالكسر و التشديد وقته يقال كلّ الفواكه في إبّانها أي في وقتها٩ . .

____________________

( ١ ) الصحاح : (( ظمأ )) .

( ٢ ) الصحاح : ( ظلف ) .

( ٣ ) جمهرة اللغة لابن دريد : ٤٦٢ ( ج ر ف ) .

( ٤ ) الطبعة المصرية ( أرجف ) : ١٩٤ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ٦ : ٢٦٤ بلفظ ( أوجف ) ، شرح ابن ميثم ٢ : ٢٥٤ بلفظ ( أرجف ) ، الخطية : ٥٢ .

( ٦ ) شرح ابن أبي الحديد ٦ : ٢٦٦ .

( ٧ ) الطبعة المصرية : ١٩٤ .

( ٨ ) راجع بند ١ .

( ٩ ) الصحاح : ( ابن ) .

٢٥٤

فالتقديم و الإبان متضادان و أيضا محلّ الخوف الدّنيا و لا تقديم فيه و لا خوف على المؤمن في الآخرة .

« و تنكّب المخالج عن وضح السّبيل » في ( الصحاح ) : تنكّبه أي : تجنّبه قال و خلجني كذا أي شغلني يقال خلجته امور الدُّنيا١ . .

قال تعالى : و أنَّ هذا صراطي مستقيماً فاتّبعوه و لا تتّبعوا السُبل فتفرّق بكم عن سبيله .٢ .

و قال الخوئي أي نحّاه الشّواغل و الصّوارف عن صراطه المستقيم٣ .

قلت : بل المعنى تجنّب الشّواغل عن الصّراط المستقيم و الخوئي عكس .

« و سلك أقصد المسالك الى النّهج المطلوب » في ( الصحاح ) : القصد العدل و النّهج الطّريق الواضح٤ « و لم تفتله فاتلات الغرور » في ( الصحاح ) : فتله عن وجهه فانفتل أي صرفه فانصرف . و هو قلب لفت٥ . .

قال تعالى : يوم يقول المنافقون و المنافقات للّذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً فضرب بينهم بسورٍ له بابٌ باطنهُ فيه الرّحمة و ظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى و لكنّكم فتنتم أنفسكم و تربّصتم و ارتبتم و غرّتكم الأمانيّ حتّى جاء أمر اللَّه و غرّكم باللَّه الغرور٦ .

« و لم تعم عليه مشتبهات الامور » في ( الصّحاح ) : عمى عليه الأمر

____________________

( ١ ) الصحاح : ( نكب ) .

( ٢ ) الانعام : ١٥٣ .

( ٣ ) الخوئي ٦ : ٦ ح ٨٢ .

( ٤ ) الصحاح : ( قصد ) .

( ٥ ) الصحاح : ( فتل ) .

( ٦ ) الحديد : ١٣ ١٤ .

٢٥٥

اذا التبس١ .

و منه قوله تعالى : فَعَميت عليهم الانباء يومئذٍ .٢ « ظافرا بفرحة البشرى و راحة النّعمى » إنَّ الّذين قالوا ربّنا اللَّه ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا و لا تحزنوا و ابشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون نحن أولياءكم في الحياة الدُّنيا و في الآخرة و لكم فيها ما تشتهي أنفسكم و لكم فيها ما تدّعون نُزلاً من غفورٍ رحيم٣ .

« في أنعم نومه » في ( الصّحاح ) : نعم الشي‏ء بالضّمّ نعومة أي : صار ناعما ليّنا و كذلك نعم ينعم مثل حذر يحذر و فيه لغة ثالثة مركّبة بينهما نغم ينعم مثل فضل يفضل و لغة رابعة نعم ينعم بالكسر فيهما و هو شاذّ٤ « و آمن يومه » قال تعالى يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربِّك راضيةً مرضيةً فادخلي في عبادي و ادخلي جنّتي٥ « قد عبر معبر العاجلة حميدا و قدّم ذات » هكذا في ( المصرية ) و الصواب٦ « و قدّم زاد » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )٧ « الآجلة سعيدا » قال تعالى : و أقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون قالوا إنّا كنّا قبل في أهلنا مشفقين فمنّ اللَّه علينا و وقينا عذاب السّموم إنّا كنّا من قبل ندعوه إنّه هو البرّ الرّحيم٨ .

____________________

( ١ ) الصحاح : ( عما ) .

( ٢ ) القصص : ٦٦ .

( ٣ ) فصلت : ٣٠ ٣٢ .

( ٤ ) الصحاح : ( نعم ) .

( ٥ ) الفجر : ٢٧ ٣٠ .

( ٦ ) الطبعة المصرية : ١٩٤ .

( ٧ ) راجع بند ١ من ص ٥٥١ .

( ٨ ) الطور : ٢٥ ٢٨ .

٢٥٦

« و بادر من وجل » في ( الصّحاح ) : الوجل الخوف١ . .

قال تعالى و الذين يؤتون ما اتوا و قلوبهم وجلةٌ انّهم إلى ربّهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات و هم لها سابقون٢ .

« و أكمش في مهل » في ( الصحاح ) : الكمش الرّجل السريع الماضي و انكمش و تكمّش اسرع٣ « و رغب في طلب و ذهب عن هرب » أي : رغب فيما ينبغي طلبه و ذهب عمّا ينبغي الهرب منه قال تعالى فأمّا من أعطى و اتّقى و صدّق بالحسنى فسنيسّره لليسرى و امّا من بَخِلَ و استغنى و كذّب بالحسنى فسنيسره للعسرى و ما يُغني عنه ماله إذا تردّى٤ ، و لمن خاف مقام ربِّه جنّتان٥ ، و امّا من خاف مقام ربِّه و نهى النفس عن الهوى فانّ الجنّة هي المأوى٦ « و راقب في يومه غده » في ( الصحاح ) راقب ربّه أي :

خافه٧ . .

قال تعالى : يا أيُّها الّذين آمنوا اتّقوا اللَّه و لتنظر نفسٌ ما قدّمت لغدٍ و اتّقوا اللَّه إنّ اللَّه خبيرٌ بما تعملون٨ « و نظر قدما امامه » قدما مفعول فيه و امّا امامه فمفعول به و في الكافي عن الصادق عليه السّلام استقبل النبيّ صلَّى اللَّه عليه و آله حارثة بن مالك الأنصاري فقال له كيف أنت ؟ قال مؤمن حقّا فقال صلَّى اللَّه عليه و آله لكلّ شي‏ء حقيقة فما حقيقة قولك ؟ فقال يا رسول اللَّه : عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي

____________________

( ١ ) الصحاح : ( وجل ) .

( ٢ ) المؤمنون : ٦٠ ٦١ .

( ٣ ) الصحاح : ( كمش ) .

( ٤ ) الليل : ٥ ١١ .

( ٥ ) الرحمن : ٤٦ .

( ٦ ) النازعات : ٤٠ ٤١ .

( ٧ ) الصحاح : ( رقب ) .

( ٨ ) الحشر : ١٨ .

٢٥٧

و أظمأت هواجري و كأني أنظر الى عرش ربّي و قد وضع للحساب و كأني أنظر الى أهل الجنّة يتزاورون في الجنّة و كأنّي أسمع عواء أهل النّار في النّار فقال النبيّ صلَّى اللَّه عليه و آله عبد نوّر اللَّه قلبه أبصرت فأثبت فقال يا رسول اللَّه : ادع أن يرزقني اللَّه الشهادة فقال اللّهم ارزق حارثة الشّهادة فلم يلبث إلاّ أيّاما حتى بعث النبيّ صلَّى اللَّه عليه و آله بسريّة فبعثه فيها فقاتل فقتل تسعة أو ثمانية ثمّ قتل١ .

( و في رواية ) استشهد مع جعفر ابن أبي طالب بعد تسعة نفر و كان هو العاشر .

« فكفى بالجنّة ثوابا و نوالا » فلا تعلم نفسٌ ما اُخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاء بما كانوا يعملون٢ و في ( الطبري ) في قصّة يوم الطفّ لمّا زحف عمر بن سعد قال له الحرّ أمقاتل أنت هذا الرّجل ؟ قال أي و اللَّه قتالا أيسره أن تسقط الرؤس و تطيح الأيدي قال أفمالكم في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضى ؟ قال لو كان الأمر اليّ لفعلت و لكن أميرك قد أبى ذلك ، قال فأقبل حتّى وقف من الناس موقفا و معه رجل يقال له قرّة بن قيس ، فقال : يا قرّة هل سقيت فرسك اليوم ؟ قال لا قال أ ما تريد أن تسقيه فقلت له : لم أسقه و أنا منطلق فأسقيه ، فو اللَّه لو أنّه اطّلعني على الّذي يريد لخرجت معه فأخذ يدنو من الحسين قليلا قليلا فقال له رجل من قومه يقال له المهاجر بن أوس ما تريد ؟

أتريد أن تحمل ؟ فسكت و أخذه مثل العرواء فقال له المهاجر : و اللَّه إنّ أمرك لمريب و اللَّه ما رأيت منك في موقف قطّ مثل شي‏ء أراه الآن و لو قيل لي من أشجع أهل الكوفة ما عدوتك فما هذا الّذي أرى منك قال انّي و اللَّه اخيّر نفسي بين الجنّة و النار و و اللَّه لا أختار على الجنّة شيئا و لو قطّعت و حرّقت ثمّ ضرب

____________________

( ١ ) الكافي ٣ : ٩٠ ح ٣ .

( ٢ ) السجدة : ١٧ .

٢٥٨

فرسه و الحق بالحسين عليه السّلام١ . .

« و كفى بالنّار عقابا و وبالا » كلّما نضجت جلودهم بدّلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب .٢ ، كلّما أرادوا أن يخرجوا منها من غمّ أُعيدوا فيها و ذوقوا عذاب الحريق٣ .

« و كفى باللَّه منتقما » من المجرمين « و نصيرا » للمؤمنين قال تعالى و للَّه جنود السماوات و الأرض .٤ ، انّما أمره اذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون٥ ، إن يشأ يذهبكم و يأت بخلقٍ جديدٍ و ما ذلك على اللَّه بعزيز٦ .

« و كفى بالكتاب حجيجا و خصيما » لو أنزلنا هذا القرآن على جبلٍ لرأيته خاشعا متصدّعاً من خشية اللَّه .٧ .

٢٠

في الخطبة ( ١٠٥ ) حَتَّى إِذَا بَلَغَ اَلْكِتَابُ أَجَلَهُ وَ اَلْأَمْرُ مَقَادِيرَهُ وَ أُلْحِقَ آخِرُ اَلْخَلْقِ بِأَوَّلِهِ وَ جَاءَ مِنْ أَمْرِ اَللَّهِ مَا يُرِيدُهُ مِنْ تَجْدِيدِ اَلْخَلْقِ أَمَادَ اَلسَّمَاءَ وَ فَطَرَهَا وَ أَرَجَّ اَلْأَرْضَ وَ أَرْجَفَهَا وَ قَلَعَ جِبَالَهَا وَ نَسَفَهَا وَ دَكَّ بَعْضُهَا بَعْضاً مِنْ هَيْبَةِ جَلاَلَتِهِ وَ مَخُوفِ سَطْوَتِهِ وَ أَخْرَجَ مَنْ فِيهَا فَجَدَّدَهُمْ عَلَى

____________________

( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٣٢٤ .

( ٢ ) النساء : ٥٦ .

( ٣ ) الحج : ٢٢ .

( ٤ ) الفتح : ٤ .

( ٥ ) يس : ٨٢ .

( ٦ ) إبراهيم : ١٩ ٢٠ .

( ٧ ) الحشر : ٢١ .

٢٥٩

إِخْلاَقِهِمْ وَ جَمَعَهُمْ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ ثُمَّ مَيَّزَهُمْ لِمَا يُرِيدُ مِنْ مَسْأَلَتِهِمْ عَنْ خَفَايَا اَلْأَعْمَالِ وَ خَبَايَا اَلْأَفْعَالِ وَ جَعَلَهُمْ فَرِيقَيْنِ أَنْعَمَ عَلَى هَؤُلاَءِ وَ اِنْتَقَمَ مِنْ هَؤُلاَءِ فَأَمَّا أَهْلُ طَاعَتِهِ فَأَثَابَهُمْ بِجِوَارِهِ وَ خَلَّدَهُمْ فِي دَارِهِ حَيْثُ لاَ يَظْعَنُ اَلنُّزَّالُ وَ لاَ يَتَغَيَّرُ لَهِمُ اَلْحَالُ وَ لاَ تَنُوبُهُمُ اَلْأَفْزَاعُ وَ لاَ تَنَالُهُمُ اَلْأَسْقَامُ وَ لاَ تَعْرِضُ لَهُمُ اَلْأَخْطَارُ وَ لاَ تُشْخِصُهُمُ اَلْأَسْفَارُ وَ أَمَّا أَهْلُ اَلْمَعْصِيَةِ فَأَنْزَلَهُمْ شَرَّ دَارٍ وَ غَلَّ اَلْأَيْدِيَ إِلَى اَلْأَعْنَاقِ وَ قَرَنَ اَلنَّوَاصِيَ بِالْأَقْدَامِ وَ أَلْبَسَهُمْ سَرَابِيلَ اَلْقَطِرَانِ وَ مُقَطَّعَاتِ اَلنِّيرَانِ فِي عَذَابٍ قَدِ اِشْتَدَّ حَرُّهُ وَ بَابٍ قَدْ أُطْبِقَ عَلَى أَهْلِهِ فِي نَارٍ لَهَا كَلَبٌ وَ لَجَبٌ وَ لَهَبٌ سَاطِعٌ وَ قَصِيفٌ هَائِلٌ لاَ يَظْعَنُ مُقِيمُهَا وَ لاَ يُفَادَى أَسِيرُهَا وَ لاَ تُفْصَمُ كُبُولُهَا لاَ مُدَّةَ لِلدَّارِ فَتَفْنَى وَ لاَ أَجَلَ لِلْقَوْمِ فَيَنْقَضِى أقول : « حتى اذا بلغ الكتاب أجله » الأصل في لفظه قوله تعالى و لا تعزموا عقدة النّكاح حتّى يبلغ الكتاب أجله .١ و هو كناية عن حضور الوقت « و الأمر مقاديره » قال تعالى : . قد جعل اللَّه لكلِّ شي‏ءٍ قدراً٢ « و الحقّ آخر الخلق بأوّله » ورد ( انّما ينتظرها بأوّلكم آخركم )٣ « و جاء من أمر اللَّه ما يريده من تجديد الخلق » قال تعالى : لا يجليّها لوقتها إلاّ هو .٤ .

« أماد السّماء » قال ( ابن أبي الحديد ) : و يروى أمار .

قلت : الثّاني أصحّ حيث انّه لفظ القرآن٥ و في ( الصحاح ) : ماد الشي‏ء يميد ميدا : تحرّك ، و ما الشي‏ء يمور مورا أي تحرّك و جاء و ذهب كما يكفأ

____________________

( ١ ) البقرة : ٢٣٥ .

( ٢ ) الطلاق : ٣ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٢١٠ .

( ٤ ) الأعراف : ١٨٧ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٢١٠ .

٢٦٠