بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٢

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة6%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 607

  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 113566 / تحميل: 3929
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

و في ( كامل الجزري ) : كان نصير أبو موسى بن نصير على حرس معاية فلّما صار معاية إلى صفّين لم يسر معه فقال له ما يمنعك من المسير معي و يدي عندك معروفة فقال لا أشكرك بكفر من هو أولى بالشّكر منك و هو اللَّه عزّ و جلّ فسكت عنه معاوية١ .

و في ( المروج ) انّ معاوية سأل صعصعة عن أهل الكوفة و أهل البصرة و أهل الحجاز و عن مضر و ربيعة ، فأجابه ثمّ أمسك معاوية فقال له سل و إلاّ أخبرتك بمما تحيد عنه قال و ما ذاك يا ابن صوحان ، قال أهل الشام ، قال فاخبرني عنهم قال أطوع النّاس لمخلوق و أعصاهم للخالق عصاة الجبّار و خلفة الأشرار فعليهم الدّمار و لهم سوء الدّار ، الخ و فيه انّه أجابه عن أهل الحجاز بأنّهم أسرع النّاس الى فتنة و أضعفهم عنها غير انّ لهم ثباتا في الدّين و تمسّكا بعروة اليقين يتّبعون الأئمة الأبرار و يخلعون الفسقة الفجّار فقال معاوية من البررة و الفسقة ؟ فقال يا ابن أبي سفيان ترك الخداع من كشف القناع عليّ و أصحابه من الأبرار و أنت و أصحابك من أولئك فقال له معاوية و اللَّه يا ابن صوحان انّك لحامل مديتك منذ أزمان إلاّ انّ حلم ابن أبي سفيان يردّ عنك٢ .

و فيه : أنّ عليّا عليه السّلام لمّا شايع أبا ذرّ و زجر مروان لمّا كفّه و قد كان عثمان أمره أن لا يدع أحدا يشيّع أباذر قال عثمان من يعذرني من عليّ ، ردّ رسولي عمّا و جهته له و فعل كذا و اللَّه لنعطينه حقّه فلما رجع عليّ عليه السّلام استقبله الناس و قالوا له : إنّ عثمان عليك غضبان لتشييعك أبا ذرّ فقال عليه السّلام :

غضب الخيل على اللّجام ثمّ جاء الى عثمان فقال له : ما حملك على ما صنعت

____________________

( ١ ) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ٤ : ٥٣٩ .

( ٢ ) المسعودي ، مروج الذهب ٣ : ٤٠ .

٣٠١

بمروان و رددت أمري ؟ فقال عليه السّلام أما مروان فانّه استقبلني بردّتي فرددته عن ردّي و امّا أمرك فلم أردّه قال أو لم يبلغك انّي قد نهيت النّاس عن أبي ذرّ و تشييعه فقال عليه السّلام أو كلّما أمرتنا به من شي‏ء يرى طاعة اللَّه ، و الحقّ في خلافه اتّبعنا فيه أمرك ، تاللَّه لا نفعل١ . .

و هذا المعنى أمر عقليّ كما أنّه لنقل قطعي و هو دليل وجوب العصمة في الامام و إلاّ لزم أن يكون تشييع مثل أبي ذرّ لنهي عثمان عنه حراما ، لهذا في ( الطّبري ) : لمّا خرج ابراهيم بن المهدي على المأمون في سنة ( ٢٠٢ ) قام سهل بن سلامة المطوّعي و دعا النّاس الى العمل بالكتاب و السّنّة و ألاّ طاعة لمخلوق في معصية الخالق فاجتمع اليه عامّة أهل بغداد و كان كلّ من أجابه الى ذلك عمل على باب داره برجا بجصّ و آجر و نصب عليه السلاح و المصاحف٢ .

و فيه : أنّ يزيد بن الوليد خطب بعد قتل الوليد بن يزيد فقال : إنّي و اللَّه ما خرجت اشرا و لا بطرا و لا حرصا على الدّنيا و لا رغبة في الملك و ما بي إطراء لنفسي إنّي لظلوم لنفسي إن لم يرحمني ربّي ، و لكنّي خرجت غضبا للَّه و لرسوله و دينه داعيا إلى اللَّه و كتابه و سنّة نبيّه لمّا هدمت معالم الهدى و اطفى‏ء نور أهل التّقوى و ظهر الجبّار العنيد المستحلّ لكلّ حرمة و الرّاكب لكلّ بدعة . أيُّها النّاس انّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق و لا وفاء لمخلوق بنقض عهد الخالق انّما الطّاعة طاعة اللَّه و أطيعوا المخلوق بطاعة اللَّه٣ .

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٣٥٠ ٣٥١ .

( ٢ ) تاريخ الطبري ٧ : ١٤٦ .

( ٣ ) تاريخ الطبري ٥ : ٥٧٠ .

٣٠٢

١٠

الحكمة ( ٣٢٤ ) و قال عليه السّلام :

اِتَّقُوا مَعَاصِيَ اَللَّهِ فِي اَلْخَلَوَاتِ فَإِنَّ اَلشَّاهِدَ هُوَ اَلْحَاكِمُ و كلّ شي‏ء فعلوه في الزّبر و كلّ صغيرٍ و كبيرٍ مستطر »١ ، . .

و يقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرةً و لا كبيرةً إلاّ أحصاها و وجدوا ما عملوا حاضراً . »٢ ، يستخفون من النّاس و لا يستخفون من اللَّه و هو معهم إذ يبيّتون ما لا يرضى من القول و كان اللَّه بما يعملون محيطا٣ ،

يعلم السّر و أخفى٤ ، يعلم خائنة الأعين و ما تُخفي الصدور٥ .

و مرّ في ( ٢٢ ) من التوحيد قوله عليه السّلام يعلم عجيج الوحوش في الفلوات و معاصي العباد في الخلوات و اختلاف النّينان في البحار الغامرات و تلاطم الماء بالرّياح العاصفات٦ .

هذا ، و في ( المروج ) : ورد على الرّشيد يوما كتاب صاحب البريد بخراسان و يحيى بن يديه يذكر أنّ الفضل بن يحيى تشاغل بالصّيد و اللّذّات عن النّظر في أمور الرّعيّة ، فلّما قرأه رمى به الى يحيى و قال له : اقرأ هذا و اكتب اليه كتابا يردعه عن مثل هذا فمدّ يده الى دواة الرّشيد و كتب الى الفضل على ظهر كتاب الرّشيد : قد انتهى الى الخليفة ما أنت عليه من التّشاغل

____________________

( ١ ) القمر : ٥٢ ٥٣ .

( ٢ ) الكهف : ٤٩ .

( ٣ ) النساء : ١٠٨ .

( ٤ ) طه : ٧ .

( ٥ ) غافر : ١٩ .

( ٦ ) مر في الجزء ١ من هذا الكتاب .

٣٠٣

بالصّيد و مداومة اللّذّات عن النّظر في أمور الرعيّة ما أنكره فعاود بما هو أزين بك و كتب أسفله هذه الأبيات :

انصب نهارا في طلب العلى

و اصبر على فقد لقاء الحبيب

حتّى اذا اللّيل بدا مقبلا

و استترت فيه وجوب العيوب

فبادر اللّيل بما تشتهي

فانّما الليل نهار الأريب

كم من فتى تحسبه ناسكا

يستقبل اللّيل بأمر عجيب

ألقى عليه اللّيل استاره

فبات في لهو و عيش خصيب

و لذّة الأحمق مكشوفة

يسعى بها كلّ عدو و رقيب

فلّما ورد الكتاب على الفضل لم يفارق المسجد نهارا الى أن انصرف عن عمله١ .

« فانّ الشاهد هو الحاكم » في ( تاريخ بغداد ) : قيل لأبي العتاهية : ما الّذي صرفك عن قول الغزل الى قول الزّهد ؟ قال لمّا قلت :

اللَّه بيني و بين مولاتي

أهدت لي الصّدّ و الملالات

منحتها مهجتي و خالصتي

و كان هجرانها مكافاتي

هيّمني حبّها و صيّرني

أحدوثة في جميع جاراتي

رأيت في المنام في تلك الليلة كأنّ آتيا أتاني فقال : ما أصبت أحدا تدخله بينك و بين عتبة يحكم لك عليها بالمعصية إلاّ اللَّه تعالى فانتبهت مذعورا و تبت الى اللَّه تعالى من قول الغزل٢ .

و في ( مصباح الشيخ ) : تدعوا بعد الوتر بدعاء الحزين : أناجيك يا موجود في كلّ مكان لعلّك تسمع نداي فقد عظم جرمي و قلّ حيائي مولاي

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٣٦٨ .

( ٢ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٦ : ٢٥٠ .

٣٠٤

يا مولاي أيّ الأهوال أتذكّر و أيّها أنسى و لو لم يكن إلاّ الموت لكفى كيف و ما بعد الموت أعظم و أدهى مولاي يا مولاي حتّى متى إلى متى أقول لك العتبى مرّة بعد اخرى ثمّ لا تجد عندي صدقا و لا وفاء فياغوثاه ثم و اغوثاه بك يا اللّه من هوى قد غلبني و من دنيا قد تزيّنت لي و من نفس أمّارة بالسّوء إلاّ ما رحم ربّي ، مولاي إن كنت رحمت مثلي فارحمني و ان كنت قبلت مثلي فاقبلني يا قابل السّحرة اقبلني يا من لم أزل أتعرّف منه الحسنى يا من يغذيني بالنّعم صباحا و مساء إرحمني يوم آتيك فردا شاخصا اليك بصري مقلّدا عملي قد تبرّأ جميع الخلق منّي نعم و أبي و امّي و من كان له كدّي و سعيي فإن لم ترحمني فمن يرحمني و من يؤنس في القبر وحشتي و من ينطق لساني اذا خلوت بعملي و سألتني عمّا أنت أعلم به منّي فان قلت نعم فأين المهرب من عدلك و إن قلت لم أفعل قلت ألم أكن الشّاهد عليك فعفوك عفوك يا مولاي قبل سرابيل القطران عفوك عفوك يا مولاي قبل أن تغلّ الأيدي الى الأعناق يا أرحم الراحمين١ .

هذا ، و في ( وزراء الجهشياري ) : تنازع الفضل بن الربيع و جعفر بن يحيى يوما بحضرة الرّشيد فقال جعفر للفضل : يا لقيط فقال الفضل للرّشيد :

إشهد ، فقال جعفر للرّشيد : تراه عند من يقيمك هذا الجاهل شاهدا و أنت حاكم الحكّام٢ .

____________________

( ١ ) مصباح المتهجد للطوسي ١ : ١٦٣ ح ١١٧ .

( ٢ ) الكتّاب و الوزراء للجهشياري : ٢١٦ .

٣٠٥

١١

الحكمة ( ١٢٩ ) و قال عليه السّلام :

عِظَمُ اَلْخَالِقِ عِنْدَكَ يُصَغِّرُ اَلْمَخْلُوقَ فِي عَيْنِكَ لأنّه لا حول لأحد و لو كان ملك الملوك إلاّ بمشيّته ، و في السّير : انّ ذا القرنين لمّا فرغ من عمل السّدّ انطلق على وجهه فبينا يسير هو و جنوده إذ مرّ على شيخ يصلّي فوقف عليه بجنوده حتّى انصرف من صلاته فقال له ذو القرنين : كيف لم يرعك ما حضرك من جنودي ، قال : كنت أناجي من هو أكثر منك جنودا و أعزّ سلطانا و أشدّ قوّة و لو صرفت وجهي اليك لا أدرك حاجتي قبله ، فقال له ذو القرنين : هل لك في أن تنطلق معي فأواسيك بنفسي و استعين بك على بعض أمري ؟ قال : نعم ، ان ضمنت لي أربع خصال ، نعيما لا يزول ،

و صحّة لا سقم فيها ، و شبابا لا هرم فيه ، و حياة لا موت فيها ، فقال له ذو القرنين : و أيّ مخلوق يقدر على هذه الخصال ، فقال الشّيخ : فانّي مع من يقدر عليها و يملكها و إيّاك١ .

و في الخبر : أنّ عبد الملك كان يطوف بالبيت و عليّ بن الحسين عليه السّلام يطوف بين يديه و لا يلتفت اليه و لم يكن عبد الملك يعرفه بوجهه ، فقال : من هذا الّذي يطوف بين أيدينا و لا يلتفت الينا فقيل هذا عليّ بن الحسين عليهما السّلام فجلس مكانه و قال : ردّوه إليّ فردّوه فقال له : انّي لست قاتل أبيك فما يمنعك من المصير إليّ ؟ فقال عليه السّلام : انّ قاتل أبي أفسد بما فعله دنياه عليه ، و أفسد أبي عليه بذلك آخرته ، فان أحببت أن تكون مثله فكن ، فقال : كلاّ ، و لكن صر إلينا لتنال من دنيانا ، فجلس و بسط رداءه و قال : اللّهمّ أره حرمة أوليائك عندك فاذا

____________________

( ١ ) بحار الأنوار للمجلسي ١٢ : ١٧٥ .

٣٠٦

رداؤه مملوّ درّا يكاد شعاعها يخطف الأبصار و قال له : من يكون هذا حرمته عند ربّه يحتاج الى دنياك ؟ ثمّ قال : اللّهمّ خذها فلا حاجة لي فيها١ .

١٢

الحكمة ( ٣٣٠ ) و قال عليه السّلام :

أَقَلُّ مَا يَلْزَمُكُمْ لِلَّهِ أَلاَّ تَسْتَعِينُوا بِنِعَمِهِ عَلَى مَعَاصِيهِ عن النبيّ صلَّى اللَّه عليه و آله يقول تعالى : يا ابن آدم إن نازعك بصرك الى بعض ما حرّمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقين فاطبق و لا تنظر و ان نازعك لسانك الى بعض ما حرّمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقين فاطبق و لا تتكلّم و ان نازعك فرجك الى بعض ما حرّمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقين فاطبق و لا تأت حراما ، و في دعاء عرفه ( عصيتك بعيني و لو شئت لأعميتني فلم تفعل ذلك بي و عصيتك بسمعي و لو شئت لأصممتني فلم تفعل ذلك بي و عصيتك بيدي و لو شئت و عزّتك لكنعتني فلم تفعل ذلك بي و عصيتك برجلي و لو شئت لجذمتني فلم تفعل ذلك بي و عصيتك بفرجي و لو شئت لعقمتني فلم تفعل ذلك بي و عصيتك بجميع جوارحي و لم يكن جزاؤك هذا منّي٢ .

و ورد انّ ملك ابراهيم عليه السّلام لمّا أراد أن يمدّ يده الى امرأته ساره دعا عليه فيبست يده٣ .

و انّ سراقة بن مالك الكناني الّذي بعثته قريش في طلب النبيّ صلَّى اللَّه عليه و آله لمّا هاجر ساخت قوائم فرسه و هو القائل لأبي جهل :

____________________

( ١ ) المصدر نفسه ٤٦ : ١٢٠ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٨ : ٢١٩ ح ٢٧٠ .

( ٣ ) تاريخ الطبري ١ : ١٤٨ و هو فرعون مصر .

٣٠٧

أباحكم و اللَّه لو كنت شاهدا

لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه

علمت و لم تشكك بأنّ محمّدا

رسول ببرهان فمن ذا يقاومه١

و الرّجل ان كان عنيّنا فلامرأته الفسخ ، و المرأة ان كانت رتقاء أو عفلاء أو قرناء كان للرّجل الفسخ .

هذا ، و قال ابن ابي الحديد قال الصّابي في رسالته الى سبكتكين من عزّ الدّولة بختيار : ليت شعري بأيّ قدم تواقفنا و راياتنا خافقة على رأسك و مماليكنا عن يمينك و شمالك و خيلك موسومة باسمائنا تحتك و ثيابنا محوكة في طرازنا على جسدك و سلاحنا المشحوذ لأعدائنا في يدك٢ . .

١٣

الحكمة ( ٢٩٠ ) و قال عليه السّلام :

لَوْ لَمْ يَتَوَعَّدِ اَللَّهُ عَلَى مَعْصِيَتِهِ لَكَانَ يَجِبُ أَلاَّ يُعْصَى شُكْراً لِنِعَمِهِ أقول : و رواه ابن الجوزي في ( مناقبه ) ثمّ قال و من هاهنا أخذ القائل قيل انّها له عليه السّلام و قيل انّها للمهلّبي :

هب البعث لم يأتنا رسله

و جاحمة النّار لم تضرم

أليس من الواجب المستحقّ

حياء العباد من المنعم٣

و مثله سبطه في ( تذكرته )٤ لكن بدون النّسبة الى المهلّبي .

و عنه عليه السّلام قال لرجل ان كنت لا تطيع خالقك فلا تأكل من رزقه و ان كنت

____________________

( ١ ) تاريخ اليعقوبي لابن واضح ٢ : ٤٠ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢٤٢ .

( ٣ ) البحار للمجلسي ٧٨ : ٦٩ ح ٢١ .

( ٤ ) تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي : ١٤٤ .

٣٠٨

و اليت عدوّه فاخرج من ملكه و ان كنت غير قانع بقضاه و قدره فاطلب ربّا سواه .

هذا و في ( المعجم ) : قال السيّرافي لخراسانيّ سأله عن المسكر ، لو كان المسكر حلالا في كتاب اللَّه و سنّة رسوله لكان يجب على العاقل تركه بحجّة العقل فانّ شاربه محمول على كلّ معصية مدفوع الى كلّ بليّة مذموم عند كلّ ذي عقل و مروّة يحيله عن مراتب العقلاء و الفضلاء و الادباء و يجعله من جملة السّفهاء و مع ذلك فيضرّ بالدّماغ و الكبد و الذّهن و يولد القروح في الجوف و يسلب شاربه ثوب الصّلاح و المروّة و المهابة حتّى يصير بمنزلة المخبط الخريق و المثبئج يقول بغير فهم و يأمر بغير علم و يضحك من غير عجب و يبكي من غير سبب و يخضع لعدوّه و يصول على وليّه و يعطي من لا يستحقّ العطيّة و يمنع من يستوجب الصّلة و يبذّر في الموضع الّذي يحتاج فيه ان يمسك و يمسك في الموضع الذي يحتاج فيه أن يبذّر يصير حامده ذامّا و أفعاله ملاما عبده لا يوقّره و أهله لا تقربه و ولده يهرب منه و أخوه يفزع منه يتمرّغ في قيئه و يتقلّب في سحله و يبول في ثيابه و ربّما قتل قريبه و شتم نسيبه و طلّق امرأته و كسر آلة البيت و لفظ بالخنى و قال كلّ غليظة و فحش يدعو عليه جاره و يزري به أصحابه عند اللَّه ملوم و عند النّاس مذموم و ربّما يستولي عليه في حال سكره مخايل الهموم فيبكي دما و يشقّ جيبه حزنا و ينسى القريب و يتذكّر البعيد و الصبيان يضحكون منه و النّسوان يفتعلن النّوادر عليه و مع ذلك فبعيد من اللَّه قريب من الشيطان قد خالف الرّحمن في طاعة الشيطان و تمكّن من ناصيته و زيّن في عينه اتيان الكبائر و ركوب الفواحش و استحلال الحرام و إضاعة الصّلاة و الحنث في الايمان سوى ما

٣٠٩

حلّ به عند الإفاقة من النّدامة و يستوجب من عذاب اللَّه يوم القيامة١ .

و كيف و قد توعّد تعالى حتّى قال لنبيّه صلَّى اللَّه عليه و آله قل انّي أخاف إن عصيت ربّي عذاب يومٍ عظيم٢ ، و قال إذا رأتهم من مكانٍ بعيد سمعوا لها تغيّظا و زفيراً و اذا القوا منها مكاناً ضيّقاً مقرّنين دعوا هنالك ثبوراً لا تدعوا اليوم ثبوراً واحداً و ادعوا ثبوراً كثيراً٣ ، و قال كلّما نضجت جلودهم بدّلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب .٤ .

١٤

الحكمة ( ١٠٥ ) و قال عليه السّلام :

إِنَّ اَللَّهَ اِفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَرَائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا وَ حَدَّ لَكُمْ حُدُوداً فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَ نَهَاكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا وَ سَكَتَ لَكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ وَ لَمْ يَدَعْهَا نِسْيَاناً فَلاَ تَتَكَلَّفُوهَا « انّ اللَّه افترض عليكم الفرائض » هكذا في ( المصرية )٥ و الصواب ( فرائض ) كما في ( ابن ابي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة )٦ .

« فلا تضيّعوها » في ( الكافي ) عن أبي جعفر عليه السّلام : أنّ الصّلاة اذا ارتفعت في أوّل وقتها رجعت الى صاحبها و هي بيضاء مشرقة تقول حفظتني حفظك اللَّه و اذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها رجعت الى صاحبها و هي سوداء

____________________

( ١ ) معجم الادباء للحموي ٨ : ١٦٧ ١٦٩ .

( ٢ ) الأنعام : ١٥ .

( ٣ ) الفرقان : ١٢ ١٤ .

( ٤ ) النساء : ٥٦ .

( ٥ ) الطبعة المصرية : ٦٨٠ ح ١٠٦ .

( ٦ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٦٧ ، و شرح ابن ميثم ٥ : ٢٩٤ بلفظ ( الفرائض ) و الخطية : ٣١٧ .

٣١٠

مظلمة تقول ضيّعتني ضيّعك اللَّه١ .

و قال تعالى بعد ذكر جمع من أنبيائه فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصّلاة و اتّبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّاً٢ و فسّر قوله تعالى و الّذين هم عن صلاتهم ساهون٣ بالتضّييع .

و في الخبر : من ضيّع صلاته حشر مع قارون و هامان و عنهم عليهم السّلام :

أعبد النّاس من أقام الفرائض٤ .

« و حدّ لكم حدودا فلا تعتدوها » أي : فلا تتعدّوها قال تعالى بعد ذكر ميراث الزّوجين و كلالة الامّ تلك حدود اللَّه و من يطع اللَّه و رسوله يدخله جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و ذلك هو الفوز العظيم و من يعص اللَّه و رسوله و يتعدّ حدوده يدخله ناراً خالداً فيها و له عذابٌ مهين٥ .

و قال بعد ذكر طلاق الأزواج للرجعة . لا تخرجوهنّ من بيوتهنّ و لا يخرجن إلاّ أن يأتين بفاحشة مبيّنةٍ و تلك حدود اللَّه و من يتعدّ حدود اللَّه فقد ظلم نفسه لا تدري لعلّ اللَّه يحدث بعد ذلك أمراً٦ .

و قال في خلع الأزواج فإن خفتم ألاّ يقيما حدود اللَّه فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود اللَّه فلا تعتدوها و من يتعدّ حدود اللَّه فأولئك هم الظّالمون٧ .

____________________

( ١ ) الكافي ٣ : ٢٦٨ ح ٤ .

( ٢ ) مريم : ٥٩ .

( ٣ ) الماعون : ٥ .

( ٤ ) الفقيه ٤ : ٣٩٤ ح ٥٨٤٠ .

( ٥ ) النساء : ١٣ ١٤ .

( ٦ ) الطلاق : ١ .

( ٧ ) البقرة : ٢٢٩ .

٣١١

« و نهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها » و في نسخة ( ابن ميثم ) « فلا تنهتكوها »١ و على الأوّل افتعال من النّهك و على الثاني انفعال من الهتك و قال الجوهري الهتك خرق السّتر عمّا وراءه و قد هتكه فانهتك و قال انتهاك الحرمة تناولها بما لا يحلّ ، قال تعالى يا أيُّها الذين آمنوا إنّما الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلّكم تُفلحون إنّما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة و البغضاء في الخمر و الميسر و يصدّكم عن ذكر اللَّه و عن الصّلاة فهل أنتم منتهون٢ ، و قال تعالى انتهوا خيراً لكم٣ .

« و سكت لكم عن أشياء و لم يدعها » أي : لم يتركها .

« نسيانا فلا تتكلّفوها » يا أيُّها الّذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم و إن تسألوا عنها حين ينزّل القرآن تبد لكم عفى اللَّه عنها و اللَّه غفورٌ حليمٌ قد سألها قومٌ من قبلكم ثمّ أصبحوا بها كافرين٤ .

١٥

الحكمة ( ٣٨٣ ) و قال عليه السّلام :

اِحْذَرْ أَنْ يَرَاكَ اَللَّهُ عِنْدَ مَعْصِيَتِهِ وَ يَفْقِدَكَ عِنْدَ طَاعَتِهِ فَتَكُونَ مِنَ اَلْخَاسِرِينَ وَ إِذَا قَوِيتَ فَاقْوَ عَلَى طَاعَةِ اَللَّهِ وَ إِذَا ضَعُفْتَ فَاضْعُفْ عَنْ مَعْصِيَةِ اَللَّهِ في ( الكافي ) عن الصادق عليه السّلام : من همّ بخير فليعجّله و لا يؤخّره فإنّ

____________________

( ١ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٢٩٤ ح ٩٧ .

( ٢ ) المائدة : ٩٠ ٩١ .

( ٣ ) النساء : ١٧١ .

( ٤ ) المائدة : ١٠١ .

٣١٢

العبد ربّما عمل العمل فيقول تعالى : قد غفرت لك و لا أكتب عليك شيئا أبدا ،

و من همّ بسيّئة فلا يعملها فانّه ربّما عمل العبد السّيئة فيراه الرّب سبحانه فيقول و عزّتي و جلالي لا أغفر لك بعدها أبدا١ .

و عنه عليه السّلام : من أشدّ ما فرض اللَّه على خلقه ذكره كثيرا لا أعني سبحان اللَّه و الحمد للَّه و لا إله إلاّ اللَّه و اللَّه أكبر و ان كان منه و لكن ذكر اللَّه عند ما أحلّ و حرّم فان كان طاعة عمل بها و ان كان معصية تركها٢ .

و عنه عليه السّلام في قوله تعالى فما أصبرهم على النّار٣ ، أي : ما أصبرهم على فعل ما يعلمون انّه يصيّرهم الى النّار٤ .

« فتكون من الخاسرين » و العصر إنّ الإنسان لفي خُسرٍ إلاّ الّذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحقِّ و تواصوا بالصبر٥ ، إستحوذ عليهم الشّيطان فأنساهم ذكر اللَّه أولئك حزب الشّيطان ألا إنّ حزب الشّيطان هم الخاسرون٦ ، أفأمنوا مكر اللَّه فلا يأمن مكر اللَّه إلاّ القوم الخاسرون٧ ، يا أيُّها الذين آمنوا لا تُلهِكم أموالكم و لا أولادكم عن ذكر اللَّه و من يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون٨ .

« و اذا قويت فاقو على طاعة اللَّه و اذا ضعفت فاضعف عن معصية اللَّه » في ( الكافي ) عن الصادق عليه السّلام : اذا كان يوم القيامة يقوم عنق من النّاس فيأتون

____________________

( ١ ) الكافي ٣ : ٢١٣ ح ٧ .

( ٢ ) المصدر نفسه ٣ : ١٣٧ ح ٤ .

( ٣ ) البقرة : ١٧٥ .

( ٤ ) الكافي ٣ : ٣٧١ ح ٢ .

( ٥ ) العصر : ١ ٣ .

( ٦ ) المجادلة : ١٩ .

( ٧ ) الأعراف : ٩٩ .

( ٨ ) المنافقون : ٩ .

٣١٣

باب الجنّة فيضربون فيقال لهم من أنتم فيقولون نحن أهل الصّبر كنّا نصبر على طاعة اللَّه و نصبر عن معاصي اللَّه فيقول تعالى صدقوا ادخلوهم الجنّة١ .

و هو قوله تعالى . إنّما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب٢ .

و عنه عليه السّلام في قوله تعالى و لمن خاف مقام ربِّه جنّتان٣ : من علم انّ اللَّه تعالى يراه و يسمع ما يقوله و يفعله من خير و شرّ فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك الّذي خاف مقام ربِّه و نهى النّفس عن الهوى٤ .

١٦

الحكمة ( ١٧٠ ) و قال عليه السّلام :

تَرْكُ اَلذَّنْبِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِ اَلتَّوْبَةِ أقول ما في ( المصرية )٥ : ( ( من طلب المعونة ) ) تحريف .

في ( مطالب سؤول ابن طلحة الشّافعي ) : سئل عليّ عليه السّلام عن واجب و أوجب فقال عليه السّلام « توب ربّ الورى واجب عليهم و تركهم للذّنوب أوجب »٦ .

و وجه ما ذكره عليه السّلام معلوم فانّ ارتكاب الذّنب كاستعمال السّمّ و التوبة كاستعمال التّرياق لدفعه فقد لا يتيسّر استعماله و قد لا يكون مؤثّرا لشدّة السّمّ .

و روى ( روضة الكافي ) عن الصادق عليه السّلام قال : كان عابد في

____________________

( ١ ) الكافي ٣ : ١١٩ ح ٤ .

( ٢ ) الزمر : ١٠ .

( ٣ ) الرحمن : ٤٦ .

( ٤ ) الكافي ٣ : ١٢٦ ح ١ .

( ٥ ) الطبعة المصرية المصححة كما ذكر المصنف : ٦٩٨ ( ١٧٠ ) .

( ٦ ) مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي : ٦٢ .

٣١٤

بني اسرائيل لم يقارف من أمر الدّنيا شيئا فنخر إبليس نخرة فاجتمع اليه جنوده فقال من لي بفلان ؟ فقال : بعضهم أنا له فقال من أين تأتيه ؟ قال من ناحية النّساء ، قال : لست له ، لم يجرّب النساء ، فقال له آخر فأنا له ، فقال من أين تأتيه ؟ قال من الشّرب و اللّذات قال : لست له ، ليس هذا هو قال آخر : فأنا له ، قال من أين تأتيه ؟ قال من ناحية البرّ قال : انطلق فأنت صاحبه فانطلق الى موضع الرّجل فأقام حينا يصلّي و كان الرّجل ينام و الشيطان يصلّي لا ينام و الرّجل يستريح و الشّيطان لا يستريح ،

فتحوّل اليه الرّجل و قد تقاصرت اليه نفسه و استصغر عمله ، فقال يا عبد اللَّه بأي شي‏ء قويت على ذلك ؟ فلم يجبه ثم أعاد فقال : يا عبد اللَّه اني أذنبت ذنبا و أنا تائب منه فاذا ذكرت الذّنب قويت على الصّلاوة قال فاخبرني بذنبك حتّى أعمل و أتوب و أقوى على الصّلاة قال : ادخل المدينة فسل عن فلانة البغيّة فأعطها درهمين و نل منها قال و من أين لي درهمان و ما أدري ما الدّرهمان فتناول الشيطان من تحت قدميه درهمين ، فناوله إيّاهما فقام فدخل المدينة بجلابيبه فسأل عن منزل فلانة البغيّة فأرشده النّاس و ظنّوا أنّه جاء يعظها فجاء اليها فرمى اليها بالدّرهمين و قال : قومي فقامت و دخلت منزلها و قالت : ادخل ، و قالت : انّك جئتني في هيئة ليس يؤتى مثلي في مثلها فاخبرني بخبرك فاخبرها فقالت يا عبد اللَّه انّ ترك الذّنب أهون من طلب التّوبة ، و ليس كلّ من طلب التّوبة وجدها و انّما ينبغي أن يكون هذا شيطانا مثّل لك فانصرف فانّك لا ترى شيئا فانصرف١ . .

____________________

( ١ ) الكافي ٨ : ٣٨٤ ح ٥٨٤ .

٣١٥

١٧

الحكمة ( ٢٣٧ ) و قال عليه السّلام :

إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اَللَّهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ اَلتُّجَّارِ وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اَللَّهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ اَلْعَبِيدِ وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اَللَّهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ اَلْأَحْرَارِ في الخبر : أنّ عيسى عليه السّلام مرّ بثلاثة نفر قد نحلت أبدانهم و تغيّرت ألوانهم فقال ما الّذي أرى بكم ؟ قالوا الخوف من النّار قال : حقّ على اللَّه أن يؤمن من يخافه ، ثمّ مرّ على ثلاثة آخرين فاذا هم أشدّ نحولا و تغيّرا فقال : ما الّذي بلغ بكم ما أرى ؟ قالوا الشّوق الى الجنّة فقال : حقّ على اللَّه تعالى أن يعطي من رجاه ثمّ مرّ على ثلاثة آخرين فاذا هم أشدّ نحولا و على وجوههم مثل المرائي من النّور فقال ما الّذي بلغ بكم ؟ قالوا : حبّ اللَّه عز و جلّ فقال ثلاثا أنتم المقرّبون١ .

و في الخبر : انّ النبيّ صلَّى اللَّه عليه و آله نظر الى مصعب بن عمير مقبلا و عليه إهاب كبش قد تمنطق به فقال : انظروا الى الرّجل الّذي قد نوّر اللَّه قلبه لقد رأيته بين أبوين يغذوانه بأطيب الطّعام و الشّراب فدعاه حبّ اللَّه و رسوله الى ما ترون٢ .

و عابدته عليه السّلام كانت عبادة الأحرار فكان عليه السّلام يقول لم أعبده خوفا و لا طمعا و لكنّي وجدته أهلا للعبادة فعبدته٣ .

و عنه عليه السّلام أيضا : الجلوس في المسجد عندي أحبّ من الجلوس في

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٠ : ١٥٦ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٠ : ١٥٦ .

( ٣ ) المصدر نفسه ١٠ : ١٥٧ .

٣١٦

الجنّة لأنّ في الأوّل رضا ربّي و في الثّاني رضاي١ .

و في مناجاة شعبان : « الهي و الحقني بنور عزّك الأبهج فأكون لك عارفا و عن سواك منحرفا و منك خائفا مراقبا »٢ .

و في دعاء كميل : « و هبني صبرت على حرّ نارك فكيف أصبر على فراقك »٣ .

و في الثامنة من المناجاة ( ١٥ ) : « فأنت لا غيرك مرادي و لك لا سواك سهري و سهادي و لقاءك قرّة عيني و وصلك منى نفسي و اليك شوقي و في محبّتك ولهي و الى هواك صبابتي و رضاك بغيتي و رؤيتك حاجتي و جوارك طلبي و قربك غاية سؤلي و في مناجاتك روحي و راحتي و عندك دواء علّتي و شفاء غلّتي و برد لوعتي و كشف كربتي فكن أنيسي في وحشتي و مقيل عثرتي و غافر زلّتي و قابل توبتي و مجيب دعوتي و وليّ عصمتي و مغني فاقتي و لا تقطعني عنك و لا تبعدني منك يا نعيمي و يا دنياي و آخرتي »٤ .

و في الثانية عشرة : الهي ما ألذّ خواطر الالهام بذكرك على القلوب و ما أحلى المسير اليك بالأوهام في مسالك الغيوب و ما أطيب طعم حبّك و ما أعذب شرب قربك فاعذنا من طردك و ابعادك و اجعلنا من أخصّ عارفيك . .

و في ( ١٣ ) : الهي بك هامت القلوب الوالهة و على معرفتك جمعت العقول المتباينة فلا تطمئنّ القلوب إلاّ بذكراك و لا تسكن النّفوس إلاّ عند رؤياك أنت المسبّح في كلّ مكان و المعبود في كلّ زمان و الموجود في كلّ أوان و المدعوّ بكلّ لسان و المعظّم في كلّ جنان استغفرك من كلّ لذّة بغير ذكرك و من كلّ

____________________

( ١ ) الكافي ٢ : ٣٥٦ ح ١ .

( ٢ ) مفاتيح الجنان للقمي : ٢٨٨ .

( ٣ ) مفاتيح الجنان للقمي : ١١٧ .

( ٤ ) مفاتيح الجنان للقمي ، المناجات الشعبانية .

٣١٧

راحة بغير أنسك و من كلّ سرور بغير قربك و من كلّ شغل بغير طاعتك١ .

هذا ، و ( في المناقب ) سأل رسول ملك الرّوم أبابكر عن رجل لا يرجو الجنّة و لا يخاف النّار و لا يخاف اللَّه و لا يركع و لا يسجد و يأكل الميتة و الدّم و يحبّ الفتنة و يبغض الحقّ و يشهد بما لا يرى ، فلم يجبه أبو بكر و قال له عمر :

ازددت كفرا الى كفرك ، فأخبر بذلك أمير المؤمنين عليه السّلام فقال عليه السّلام : هذا رجل من أولياء اللَّه لا يرجو الجنّة و لا يخاف النّار و لكن يخاف اللَّه و يرجوه و لا يخاف اللَّه من جوره و انّما يخاف من عدله و لا يركع و لا يسجد في صلاة الجنازة و يأكل الجراد و السّمك و هما ميتة و يأكل الكبد ، و هو الدّم و يشهد بالجنّة و النّار ، و هو لم يرهما و يحبّ ولده ، و الولد فتنة ، و يبغض الموت ،

و الموت حقّ٢ .

١٨

الحكمة ( ٣٨٢ ) و قال عليه السّلام :

لاَ تَقُلْ مَا لاَ تَعْلَمُ بَلْ لاَ تَقُلْ كُلَّ مَا تَعْلَمُ فَإِنَّ اَللَّهَ فَرَضَ عَلَى جَوَارِحِكَ كُلِّهَا فَرَائِضَ يَحْتَجُّ بِهَا عَلَيْكَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ « لا تقل ما لا تعلم » لأنّه من الكذب ، و في ( أدب ابن المقفّع ) : أكثر النّاس كذبا من يحدّث بما يسمع و لا يبالي ممّن سمع و ذلك مفسدة للصّدق و مزراة بالرّاي فان استطعت ألاّ تخبر بشي‏ء إلاّ و أنت به مصدّق و ألاّ يكون تصديقك إلاّ ببرهان فافعل٣ .

____________________

( ١ ) مفاتيح الجنان للقمي ، المناجاة الشعبانية .

( ٢ ) المناقب لابن شهر آشوب ٢ : ١٨٠ .

( ٣ ) الأدب الكبير و الأدب الصغير لابن مقفع : ٩٠ ( بتصرف ) .

٣١٨

« بل لا تقل كلّ ما تعلم » فالغيبة أيضا من القول بما يعلم و من علم من رجل أو امرأة غير معروفين بالفجور و لم تكمل الشّهود الأربعة فقال ذلك ، يكون قاذفا مستحقّا للحدّ ، قال تعالى و الّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة و لا تقبلوا لهم شهادة أبدا و أولئك هم الفاسقون١ .

« فان اللَّه فرض » هكذا في ( المصرية )٢ و الصواب ( فانّ اللَّه سبحانه قد فرض ) كما في ( ابن ابي الحديد و ابن ميثم و الخطية )٣ .

« على جوارحك كلّها فرائض يحتجّ بها عليك يوم القيامة » و لا تقف ما ليس لك به علمٌ إنّ السمع و البصر و الفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولاً٤ .

تمّت بخير و الحمد للَّه أوّلا و آخرا

____________________

( ١ ) النور : ٤ .

( ٢ ) الطبعة المصرية : ٧٤٨ ح ٣٨٢ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٣٢٣ ، و شرح ابن ميثم ٥ : ٤٣٤ ، بدون لفظ ( سبحانه ) .

( ٤ ) الاسراء : ٣٦ .

٣١٩

الفصل الاربعون في الاسلام و الكفر و الايمان و النفاق

٣٢٠

١

من الخطبة ( ١٧١ ) من خطبة له عليه السّلام :

اَلْعَمَلَ اَلْعَمَلَ ثُمَّ اَلنِّهَايَةَ اَلنِّهَايَةَ وَ اَلاِسْتِقَامَةَ اَلاِسْتِقَامَةَ ثُمَّ اَلصَّبْرَ اَلصَّبْرَ وَ اَلْوَرَعَ اَلْوَرَعَ إِنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى نِهَايَتِكُمْ وَ إِنَّ لَكُمْ عَلَماً فَاهْتَدُوا بِعَلَمِكُمْ وَ إِنَّ لِلْإِسْلاَمِ غَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى غَايَتِهِ وَ اُخْرُجُوا إِلَى اَللَّهِ بِمَا اِفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَقِّهِ وَ بَيَّنَ لَكُمْ مِنْ وَظَائِفِهِ أَنَا شَاهِدٌ لَكُمْ وَ حَجِيجٌ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ عَنْكُمْ أَلاَ وَ إِنَّ اَلْقَدَرَ اَلسَّابِقَ قَدْ وَقَعَ وَ اَلْقَضَاءَ اَلْمَاضِيَ قَدْ تَوَرَّدَ وَ إِنِّي مُتَكَلِّمٌ بِعِدَةِ اَللَّهِ وَ حُجَّتِهِ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى إِنَّ اَلَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اَللَّهُ ثُمَّ اِسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ اَلْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ اَلَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ١ ٢١ ٤١ : ٣٠ وَ قُلْتُمْ رَبُّنَا اَللَّهُ فَاسْتَقِيمُوا عَلَى كِتَابِهِ وَ عَلَى مِنْهَاجِ أَمْرِهِ وَ عَلَى اَلطَّرِيقَةِ اَلصَّالِحَةِ مِنْ عِبَادَتِهِ ثُمَّ لاَ تَمْرُقُوا مِنْهَا وَ لاَ تَبْتَدِعُوا فِيهَا وَ لاَ تُخَالِفُوا

٣٢١

عَنْهَا فَإِنَّ أَهْلَ اَلْمُرُوقِ مُنْقَطَعٌ بِهِمْ عِنْدَ اَللَّهِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ ثُمَّ إِيَّاكُمْ وَ تَهْزِيعَ اَلْأَخْلاَقِ وَ تَصْرِيفَهَا وَ اِجْعَلُوا اَللِّسَانَ وَاحِداً وَ لْيَخْزُنِ اَلرَّجُلُ لِسَانَهُ فَإِنَّ هَذَا اَللِّسَانَ جَمُوحٌ بِصَاحِبِهِ وَ اَللَّهِ مَا أَرَى عَبْداً يَتَّقِي تَقْوَى تَنْفَعُهُ حَتَّى يَخْزُنَ لِسَانَهُ وَ إِنَّ لِسَانَ اَلْمُؤْمِنِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ وَ إِنَّ قَلْبَ اَلْمُنَافِقِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِهِ لِأَنَّ اَلْمُؤْمِنَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ تَدَبَّرَهُ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ خَيْراً أَبْدَاهُ وَ إِنْ كَانَ شَرّاً وَارَاهُ وَ إِنَّ اَلْمُنَافِقَ يَتَكَلَّمُ بِمَا أَتَى عَلَى لِسَانِهِ لاَ يَدْرِي مَا ذَا لَهُ وَ مَا ذَا عَلَيْهِ وَ لَقَدْ قَالَ ؟ رَسُولُ اَللَّهِ ص ؟ لاَ يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ وَ لاَ يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ فَمَنِ اِسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَلْقَى اَللَّهَ تَعَالَى وَ هُوَ نَقِيُّ اَلرَّاحَةِ مِنْ دِمَاءِ اَلْمُسْلِمِينَ وَ أَمْوَالِهِمْ سَلِيمُ اَللِّسَانِ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ فَلْيَفْعَلْ وَ اِعْلَمُوا عِبَادَ اَللَّهِ أَنَّ اَلْمُؤْمِنَ يَسْتَحِلُّ اَلْعَامَ مَا اِسْتَحَلَّ عَاماً أَوَّلَ وَ يُحَرِّمُ اَلْعَامَ مَا حَرَّمَ عَاماً أَوَّلَ وَ أَنَّ مَا أَحْدَثَ اَلنَّاسُ لاَ يُحِلُّ لَكُمْ شَيْئاً مِمَّا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَ لَكِنَّ اَلْحَلاَلَ مَا أَحَلَّ اَللَّهُ وَ اَلْحَرَامَ مَا حَرَّمَ اَللَّهُ فَقَدْ جَرَّبْتُمُ اَلْأُمُورَ وَ ضَرَّسْتُمُوهَا وَ وُعِظْتُمْ بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ ضُرِبَتِ لَكُمْ اَلْأَمْثَالُ وَ دُعِيتُمْ إِلَى اَلْأَمْرِ اَلْوَاضِحِ فَلاَ يَصَمُّ عَنْ ذَلِكَ إِلاَّ أَصَمُّ وَ لاَ يَعْمَى عَنْ ذَلِكَ إِلاَّ أَعْمَى وَ مَنْ لَمْ يَنْفَعْهُ اَللَّهُ بِالْبَلاَءِ وَ اَلتَّجَارِبِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ اَلْعِظَةِ وَ أَتَاهُ اَلتَّقْصِيرُ مِنْ أَمَامِهِ حَتَّى يَعْرِفَ مَا أَنْكَرَ وَ يُنْكِرَ مَا عَرَفَ فَإِنَّ اَلنَّاسَ رَجُلاَنِ مُتَّبِعٌ شِرْعَةً وَ مُبْتَدِعٌ بِدْعَةً لَيْسَ مَعَهُ مِنَ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ بُرْهَانُ سُنَّةٍ وَ لاَ ضِيَاءُ حُجَّةٍ « العمل العمل ثم النهاية النهاية » أي : نهاية العمل و هي الجنّة كلوا و اشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون١ الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون

____________________

( ١ ) الطور : ١٩ .

٣٢٢

سلام عليكم أدخلوا الجنّة بما كنتم تعملون١ لمثل هذا فليعمل العاملون٢ .

« و الاستقامة الاستقامة » و أن هذا صراطي مستقيماً فاتّبعوه و لا تتّبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله .٣ و هذا صراط ربك مستقيماً .٤ .

« ثم الصبر الصبر » أي : على الطاعات و الذين آمنوا و عملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنّة غرفاً تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين الذين صبروا و على ربهم يتوكلون٥ .

« و الورع الورع » أي : عن المعاصي و المحرّمات .

و في الكافي عن أبي جعفر عليه السّلام قال تعالى : يا ابن آدم اجتنب ما حرّمت عليك تكن من أورع الناس و عن الصادق عليه السّلام يقول : ليس من شيعتنا من لا تتحدّث المخدَّرات بورعه في خدورهنَّ ، و ليس من أوليائنا من هو في قرية فيها عشرة آلاف رجل فيهم من خلق اللّه أورع منه .

« ان لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم » نهايتنا الآخرة ، و انتهاؤنا إليها العمل لها ، قال مؤمن آل فرعون لقومه : يا قوم ان هذه الحياة الدنيا متاع و ان الآخرة هي دار القرار٦ .

« و ان لكم علما » بالتحريك و هو العلامة .

« فاهتدوا إلى علمكم » قالوا : كان ابرهة بن الرائش ، من ملوك اليمن أول من

____________________

( ١ ) النحل : ٣٢ .

( ٢ ) الصافات : ٦١ .

( ٣ ) الانعام : ١٥٣ .

( ٤ ) الانعام : ١٢٦ .

( ٥ ) لعنكبوت : ٥٨ ٥٩ .

( ٦ ) المؤمن : ٣٩ .

٣٢٣

ضرب المنار على طريقه ، في مغازيه ليهتدي بها إذا رجع .

قال : ابن أبي الحديد أراد عليه السّلام بعلمهم الذي يجب عليهم الاهتداء إليه نفسه .

قلت : لأنّه تواتر عن النبي صلَّى اللَّه عليه و آله إذا وقع بين أمته اختلاف ، يجب عليهم الرجوع إليه كما تواتر عنه صلَّى اللَّه عليه و آله أنّه عليه السّلام على الحق ، و الحق يدور معه .

« و ان للاسلام غاية » أي : حدودا .

« فانتهوا إلى غايته » و لا تتعدّوا حدوده ، تلك حدود اللَّه فلا تعتدوها و من يتعدَّ حدود اللَّه فأولئك هم الظالمون١ و من يعصِ اللَّهَ و رسوله و يتعدَّ حدوده يدخله ناراً خالداً فيها و له عذابٌ مهينٌ٢ .

« و أخرجوا إلى اللَّه بما » هكذا في ( المصرية ) و لكن في ( ابن أبي الحديد و الخطّيّة ) ( ممّا ) و في ( ابن ميثم ) ( فيما ) .

« افترض عليكم من حقِّه » يا أَيُّها الذين آمنوا اتَّقوا اللَّه حقَّ تُقاتِه ، و لا تموتنَّ إلاّ و أنتم مُسلمون٣ .

« و بيّن لكم من وظائفه » يا أهل الكتاب قد جائكم رسولُنا يبيّنُ لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشيرٍ و لا نذيرٍ فقد جائكم بشير و نذير .٤ .

« أنا شهيد » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( شاهد ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخوئي و الخطّية ) .

« لكم و حجيج يوم القيامة عنكم » و نزعنا من كلّ أُمة شهيداً فقلنا هاتوا

____________________

( ١ ) البقرة : ٢٢٩ .

( ٢ ) النساء : ١٤ .

( ٣ ) آل عمران : ١٠٢ .

( ٤ ) المائدة : ١٩ .

٣٢٤

برهانكم فَعلِموا أن الحقَّ للَّه و ضلّ عنهم ما كانوا يفترون١ و يوم نبعث من كلّ أُمة شهيداً ، ثم لا يُؤْذن للذين كفروا و لا هم يُستعتبون٢ و يوم نبعثُ في كلّ أُمة شهيداً عليهم من أنفسهم و جئنا بك شهيداً على هؤلاء .٣ .

و في تفسير القمي ، في قوله تعالى : يوم ندعو كلَّ أُناس بإمامهم .٤ ينادى يوم القيامة مناد ليقم أبو بكر و شيعته ، و عمر و شيعته ، و عثمان و شيعته ، و علي و شيعته .

و في الاختصاص المنسوب إلى المفيد ، عن الأصبغ ، قال : أمرنا أمير المؤمنين عليه السّلام بالمسير إلى المدائن من الكوفة ، فسرنا يوم الأحد و تخلّف عمرو بن حريث في سبعة نفر ، فخرجوا إلى مكان بالحيرة ، يسمّى الخورنق ،

فقالوا : نتنزّه ، فإذا كان يوم الأربعاء خرجنا ، فلحقنا عليا قبل أن يجمع ، فبيناهم يتغدّون ، إذ خرج عليهم ضبّ فصادوه ، فأخذه عمرو ، فنصب كفّه ، فقال : بايعوا هذا ، هذا أمير المؤمنين ، فبايعه السبعة و عمرو ثامنهم ، و ارتحلوا ليلة الأربعاء ،

فقدموا المدائن يوم الجمعة و أمير المؤمنين عليه السّلام يخطب و لم يفارق بعضهم بعضا ، كانوا جميعا حتى نزلوا على باب المسجد فلما دخلوا نظر اليهم عليه السّلام فقال : أيّها الناس ان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله أسرّ إليّ ألف حديث ، في كلّ حديث ألف باب ، لكلّ باب الف مفتاح و أني سمعت اللَّه يقول : يوم ندعو كلَّ أناس بإمامهم . و اني أقسم لكم باللَّه ليبعثنَّ يوم القيامة ثمانية نفر بإمامهم ، و هو ضبّ ،

و لو أردت أن أسمّيهم لفعلت قال الأصبغ : فلقد رأيت عمرو بن حريث يتنفَّط مثل السعفة رعبا .

____________________

( ١ ) القصص : ٧٥ .

( ٢ ) النحل : ٨٤ .

( ٣ ) النحل : ٨٩ .

( ٤ ) الاسراء : ٧١ .

٣٢٥

« ألا و ان القدر السابق قد وقع ، و القضاء الماضي قد تورد » أي : ورد قليلا قليلا .

قال ابن أبي الحديد يعني عليه السّلام بالقدر السابق ، و القضاء الماضي خلافته عليه السّلام .

قلت : بل الظاهر إرادته عليه السّلام حدوث الخوارج ، روى ( سنن أبي داود ) ، عن أبي سعيد الخدري ، و أنس بن مالك ، قالا : ان النبي صلَّى اللَّه عليه و آله قال : سيكون في أمتي اختلاف و فرقة يحسنون القيل ، و يسيئون الفعل ، يقرأون القرآن ، لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين ، كما يمرق السهم من الرمية ، هم شرّ الخلق ،

طوبى لمن قاتلهم و قتلوه ، يدعون إلى كتاب اللَّه ، و ليسوا منه في شي‏ء .

« و اني متكلّم بعدة اللَّه » في ( الصحاح ) قالوا : في الخير الوعد و العدة و في الشر الايعاد و الوعيد .

« و حجّته » أي : برهانه .

« قال اللَّه تعالى : ان الذين قالوا ربنا اللَّه ثم استقاموا تتنزَّل عليهِمُ الملائكة ألا تخافوا و لا تحزنوا و ابشروا بالجنة التي كنتم توعدون١ الآية في سورة فصِّلت ، و بعدها نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا و في الآخرة و لكم فيها ما تشتهي أنفسُكم و لكم فيها ما تدّعون نزلاً من غفورٍ رحيمٍ٢ .

« و قد قلتم ربنا اللَّه فاستقيموا على كتابه » و لا تكونوا كالذين حكى اللَّه تعالى هجرهم كتابه حتى يشكو نبيّهم منهم يوم القيامة في قوله تعالى :

و قال الرسولُ يا ربِّ إِنَّ قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً٣ .

____________________

( ١ ) فصِّلت : ٣٠ .

( ٢ ) فصلت : ٣١ ٣٢ .

( ٣ ) الفرقان : ٣٠ .

٣٢٦

« و على منهاج أمره » أي : طريقه الواضح .

« و على الطريقة الصالحة من عبادته » قال تعالى : ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتَّبعها ، و لا تتّبع أهواء الذين لا يعلمون١ .

« ثمّ لا تمرقوا » قال الجوهري : مرق السهم من الرمية : خرج من الجانب الآخر ، و به سمّيت الخوارج مارقة لقول النبي صلَّى اللَّه عليه و آله يمرقون من الدين ، كما يمرق السهم من الرمية .

« منها » أي : من الطريقة الصالحة .

« و لا تبتدعوا فيها » بالادخال في الدين ما ليس منه .

« و لا تخالفوا عنها » . فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم٢ .

« فان أهل المروق منقطع بهم عند اللَّه » قال الجوهري : فلان منقطع به إذا عجز عن سفره ، بأن ذهبت نفقته أو قامت عليه راحلته أو أتاه أمر لا يقدر على أن يتحرّك .

عن غارات الثقفي سأل ابن الكوّاء عليّا عليه السّلام عن قوله تعالى : قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون أنّهم يحسنون صنعا٣ فقال عليه السّلام هم كفرة أهل الكتاب فان أولاهم كانوا في حق فابتدعوا في دينهم و أشركوا بربهم ، و هم يجتهدون في العبادة يحسبون أنّهم على شي‏ء ثم رفع صوته و قال : و ما أهل النهروان غدا منهم ببعيد .

« ثم إيّاكم و تهزيع » في الجمهرة الهزع الاضطراب ، يقال : تهزّع الرمح إذا

____________________

( ١ ) الجاثية : ١٨ .

( ٢ ) النور : ٦٣ .

( ٣ ) الكهف : ١٠٣ ١٠٤ .

٣٢٧

اضطرب ، و اهتزّ ، و يقال هزعت الشي‏ء هزعا إذا كسرته و كذلك هزعته تهزيعا .

« الأخلاق و تصريفها » كما كان الزبير ، فكان كما وصفه عمر ، مؤمن الرضا كافر الغضب يوما انسان و يوما شيطان .

« و اجعلوا اللسان واحدا » في الخبر ، قال عز و جل لعيسى عليه السّلام ليكن لسانك في السّر و العلانية واحدا .

« و ليخزن » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( و ليختزن ) كما في ( ابن ميثم و الخطّية ) .

« الرجل لسانه » في الخبر ما من شي‏ء أحق بطول السجن من اللسان .

« فان هذا اللسان جموح بصاحبه » كفرس جموح ، أخذ الاختيار من راكبه قال الشاعر :

خلعت عذاري جامحا ما يردّني

عن البيض أمثال الدمى زجر زاجر

« و اللَّه ما أرى عبدا يتقى تقوى تنفعه حتى يخزن » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : « يختزن » كما في ( ابن ميثم و الخطّية ) .

« لسانه » عن الصادق عليه السّلام نجاة المؤمن في حفظ لسانه .

و عن السجاد عليه السّلام لسان ابن آدم يشرف كلّ يوم على جوارحه ، فيقول :

كيف أصبحتم ، فيقولون بخير ان تركتنا ، و يقولون : اللَّه اللَّه فينا ، و يناشدونه و يقولون انما نثاب بك و نعاقب بك .

و عن النبي صلَّى اللَّه عليه و آله يجي‏ء يوم القيامة ذو الوجهين دالعا لسانا له في قفاه و آخر من قدامه يلهبان نارا حتى يلهبا جسده ، ثم يقال : هذا الذي كان في الدنيا ذا وجهين و لسانين يعرف بذلك يوم القيامة .

« و ان لسان المؤمن من وراء قلبه و ان قلب المنافق من وراء لسانه » قال ابن أبي الحديد فان قلت المسموع ( لسان العاقل من وراء قلبه و قلب الأحمق من

٣٢٨

وراء لسانه ) فكيف نقله إلى المؤمن و المنافق ثم أجاب بأنّه ، قلَّ ان يكون المنافق إلاّ أحمق ، و قلّ ان يكون العاقل إلاّ مؤمنا ، فلأكثرية ذلك استعمل لفظ المؤمن و أراد العاقل .

قلت : فقرة ( لسان العاقل ) و فقرة ( لسان الأحمق ) أيضا من كلامه عليه السّلام مذكور في قصار النهج لكنّ ذلك في مقام و هذا في مقام و ليس الأمر كما قال من أنّه قلّ ان يكون المنافق إلاّ أحمق بل قلّ ان يكون المنافق أحمق كيف و أكثر المنافقين دهاة و انما مراده عليه السّلام ان المؤمن لسانه من وراء قلبه لا يتكلم لسانه إلاّ بما شهد قلبه انّه ليس مخلا بدينه ، و المنافق لا يراعي الدين إنما يراعي دنياه ، و اما الأحمق فلا يراعي دنياه أيضا ، و قد شرح عليه السّلام الفقرتين بعد قوله .

« لأنَّ المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبّره في نفسه فان كان خيرا » « أي : غير مخلّ بدينه » .

« أبداه » « أي : أظهره و لفظ به » .

« و ان كان شرّا و اراه » أي : أخفاه ، و أبقاه في صدره .

« و ان المنافق يتكلّم بما أتى على لسانه لا يدري ماذا له و ماذا عليه » أي : في أمر دينه ، و أما بالنسبة إلى دنياه فلا يقول إلاّ ما و يميت دينه لاحياء دنياه و إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا انما نحن مصلحون إلاّ أنّهم هم المفسدون و لكن لا يشعرون١ .

« و لقد قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله » هكذا في ( المصرية ) و ليست كلمة ( و سلَّم ) في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) .

« لا يستقيم ايمان عبد حتى يستقيم قلبه » فان الركن الأول من الايمان اعتقاد القلب .

____________________

( ١ ) البقرة : ١١ ١٢ .

٣٢٩

« و لا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه » أي : لا يفهم استقامة قلبه إلاّ من استقامة لسانه لمّا مر ان لسانه لا يلفظ بشي‏ء إلاّ بعد مشاورة قلبه .

« فمن استطاع منكم أن يلقى اللَّه » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( ان يلقى اللَّه سبحانه ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) .

« و هو نقي الراحة » أي : الكف .

« من دماء المسلمين و أموالهم ، سليم اللسان من أعراضهم ، فليفعل » قال تعالى : الذين آمنوا و لم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الأمن و هم مهتدون١ و قال عزَّ اسمه : يوم لا ينفع مال و لا بنون إلاّ من أتى اللَّه بقلبٍ سليمٍ .

و في الطبري كان ربيعة بن أمية بن خلف صرّخ بقول النبي صلَّى اللَّه عليه و آله في حجّة الوداع فقال أيها الناس ان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله يقول : هل تدرون أي : شهر هذا ؟ فقالوا الشهر الحرام فقال يقول لكم ان اللَّه قد حرّم عليكم دمائكم و أموالكم أن تلقوا ربّكم كحرمة شهركم هذا ، ثم قال ان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله يقول لكم هل تدرون أي : بلد هذا ، فيقولون البلد الحرام فيقول قال لكم ان اللَّه حرّم عليكم دماءكم و أموالكم إلى أن تلقوا ربّكم كحرمة بلدكم هذا ، فقال أيّها الناس يقول لكم رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله أتدرون أي يوم هذا ، فقالوا يوم الحجّ الأكبر فقال يقول لكم ان اللَّه قد حرّم عليكم دمائكم و أموالكم إلى أن تلقوا ربّكم كحرمة يومكم هذا .

« و اعلموا عباد اللَّه ان المؤمن يستحلّ العام ما استحل عاما أول و يحرّم العام ما حرّم عاما أوّل » قال الجوهري إذا جعلت أوّل صفة لم تصرفه ، و إذا لم تجعله صفة تقول ( لقيته عاما أولا ) قال ابن السكيت : و لا تقل عام الأول و قال اختلف

____________________

( ١ ) الانعام : ٨٢ .

٣٣٠

في أول هل هو أفعل و أصله ( أوئل ) ، أو فوعل ، و أصله ( وول ) .

في مختلف حديث ابن قتيبة ، جاء رجل من أهل المشرق ، إلى أبي حنيفة بكتاب و هو بمكة ، فعرضه عليه ، و كان جمعه ممّا سمعه منه عاما أوّل ، فرجع أبو حنيفة عمّا فيه كلّه ، فوضع الرجل التراب على رأسه ، ثم قال يا معشر الناس أتيت هذا الرجل عاما أوّل فأفتاني بهذا الكتاب ، فاهرقت به الدماء ،

و أنكحت به الفروج ثم رجع عنه العام ، ثم قال لأبي حنيفة كيف هذا فقال كان رأيا رأيته ، فرأيت العام غيره ، قال فتأمنني أن لا ترى من قابل شيئا آخر قال لا أدري فقال الرجل لكني أدري ان عليك لعنة اللَّه .

« و ان ما أحدث الناس لا يحل لكم شيئا ممّا حرّم عليكم و لكن الحلال ما أحلّ اللَّه و الحرام ما حرّم اللَّه » لمّا أجبر الخوارج أمير المؤمنين عليه السّلام على منع الأشتر لقتال معاوية بعد رفع المصاحف ، فكف ، و رجع إليهم ، قال لهم أمهلوني عدو الفرس فأني قد طمعت في النصر ، فقالوا : إذن ندخل معك في خطيئتك ، فقال لهم الأشتر حدّثوني عنكم ، و قد قتل أماثلكم ، و بقى أراذلكم ، متى كنتم محقين ، فقتلاكم الذين لا تنكرون فضلهم في النار إذن أن صرتم محقين بترك قتالهم ، الخ ، .

« فقد جرّبتم الامور و ضرستموها » أي : عضضتموها باضراسكم ، و ميّزتم بين لينها و شديدها .

« و وعظتم بمن كان قبلكم » قال تعالى : و لقد علمتم الذين أعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين فجعلناها نكالاً لمّا بين يديها و ما خلفها و موعظة للمتقين١ .

« و ضربت لكم الأمثال » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : « و ضربت الأمثال

____________________

( ١ ) البقرة : ٦٥ ٦٦ .

٣٣١

لكم » كما في ( ابن ميثم و الخطّية و إبن أبي الحديد ) .

مثل الذين اتخذوا من دون اللَّه أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا و ان أوهن البيوت لَبيتُ العنكبوت لو كانوا يعلمون١ . يا أيها الناس انما بغيكم على أنفسكم متاعَ الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون إنما مثل الحياة الدنيا كماءٍ أنزلناه من السماء فاختلط به نباتُ الأرض ممّا يأكلُ الناس و الأنعام حتى إذا أخذت الأرضُ زخرُفَها وَ ازَّيِّنَت و ظنَّ أهلها أنّهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأَن لم تَغنَ بالأمس كذلك نفصّل الآيات لقومٍ يتفكَّرون .

« و دعيتم إلى الأمر الواضح » لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغيِّ فمن يكفر بالطاغوت و يؤمن باللَّه فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها و اللَّه سميع عليم٢ و اللَّه يدعو إلى دار السلامِ و يهدي من يشاءُ إلى صراطٍ مستقيم٣ .

« فلا يصم عن ذلك إلاّ أصم و لا يعمى عن ذلك إلاّ أعمى » قال تعالى : أ فلَم يسيروا في الأرض فتكونَ لهم قلوبٌ يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فانها لا تعمَى الأبصار و لكن تعمَى القلوب التي في الصدور٤ .

« و من لم ينفعه اللَّه بالبلاء و التجارب لم ينتفع بشي‏ء من العظة » فان بعض الناس كما قال تعالى : و لو أننا نزَّلنا إليهم الملائكة و كلّمهُمُ الموتى و حشرنا عليهم كلَّ شي‏ء قُبُلا ما كانوا ليؤمنوا إلاّ أن يشاء اللَّه . . و كما قال عز و جل :

____________________

( ١ ) العنكبوت : ٤١ .

( ٢ ) البقرة : ٢٥٦ .

( ٣ ) يونس : ٢٥ .

( ٤ ) الحج : ٤٦ .

٣٣٢

و لو ردّوا العادوا لمّا نُهوا عنه .١ فمثله كيف ينتفع بشي‏ء .

« و أتاه التقصير » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( النقص ) كما في ( ابن ميثم و الخوئي و ابن ابي الحديد ) .

« من امامه » أي : قدّامه .

« حتى يعرف ما أنكر » يعني يبلغ اتيان النقص إليه من قدّامه بحد بصير ،

قائلا بعرفان ما أنكر ، كالخوارج الذين كانوا منكرين لمعاوية و وجوب جهاده فصاروا عارفين به قائلين بحرمة الحرب معه .

« و ينكر ما عرف » فأنكروا أمير المؤمنين عليه السّلام و قد كانوا عارفين بوجوب جهاد أعدائه ، فقالوا له : لو لم تجب إلى التحكيم ، لنقتلنَّك .

« فان الناس رجلان متبع شرعة » تكون سببا لحياته ، و الشرعة الشريعة .

« و مبتدع بدعة » تؤدى به إلى الهلكة و عن الباقر عليه السّلام أدنى الشرك أن يبتدع الرجل رأيا فيحب عليه ، و يبغض عليه .

و عن الصادق عليه السّلام من مشى إلى صاحب بدعة فوقره ، فقد مشى في هدم الاسلام .

« ليس معه من اللَّه برهان سنَّة و لا ضياء حجّة » قال تعالى : و من يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى و يتّبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نُصْله جهنم و ساءت مصيرا٢ أفمن كان على بيّنةٍ من ربه كمن زيّن له سوء عمله و اتبعوا أهواءهم٣ .

____________________

( ١ ) الانعام : ٢٨ .

( ٢ ) النساء : ١١٥ .

( ٣ ) محمد : ١٤ .

٣٣٣

٢

من الحكمة ( ١٢٥ ) و قال عليه السّلام :

لَأَنْسُبَنَّ اَلْإِسْلاَمَ نِسْبَةً لَمْ يَنْسُبْهَا أَحَدٌ قَبْلِي اَلْإِسْلاَمُ هُوَ اَلتَّسْلِيمُ وَ اَلتَّسْلِيمُ هُوَ اَلْيَقِينُ وَ اَلْيَقِينُ هُوَ اَلتَّصْدِيقُ وَ اَلتَّصْدِيقُ هُوَ اَلْإِقْرَارُ وَ اَلْإِقْرَارُ هُوَ اَلْأَدَاءُ وَ اَلْأَدَاءُ هُوَ اَلْعَمَلُ أقول رواه ( الكافي ) و ( معاني الأخبار ) مع زيادة و اختلاف فروى الأول عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي مرفوعا قال قال أمير المؤمنين عليه السّلام لأنسبن الإسلام نسبة لم ينسبه أحد قبلي و لا ينسبه أحد بعدي إلاّ بمثل ذلك ،

ان الإسلام هو التسليم و التسليم هو اليقين ، و اليقين هو التصديق ، و التصديق هو الاقرار ، و الاقرار هو العمل و العمل هو الاداء ، ان المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه ، و لكن أتاه من ربه فأخذه ، ان المؤمن يرى يقينه في عمله ، و الكافر يرى انكاره في عمله فوالذي نفسي بيده ما عرفوا أمرهم ، فاعتبروا إنكار الكافرين و المنافقين بأعمالهم الخبيثة .

و روى الثاني عنه عن أبيه عن محمّد بن يحيى بن غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام ، قال أمير المؤمنين عليه السّلام لأنسبن الإسلام نسبة لم ينسبه أحد قبلي و لا ينسبه أحد بعدي ، الإسلام هو التسليم ، و التسليم هو التصديق ، و التصديق هو اليقين ، و اليقين هو الاداء ، و الاداء هو العمل ان المؤمن أخذ دينه من ربه ، و لم يأخذه عن رأيه ، أيُّها الناس دينكم دينكم تمسّكوا به ، لا يزيلنكم و لا يردَّنكم أحد عنه ، لأن السيئة فيه خير من الحسنة في غيره ، لأن السيئة فيه تغفر ، و الحسنة في غيره لا تقبل .

« لأنسبن الاسلام » أي : الإسلام الحقيقي ، و إلاّ فالاسلام الظاهري عبارة

٣٣٤

عن مجرّد الإقرار .

« نسبة لم ينسبها » هكذا نقله المصنف و عليه فالضمير راجع إلى النسبة و الأظهر نقل الكليني و الصدوق ، ( لم ينسبه ) كما مر فيكون الضمير راجعا الإسلام .

« أحد قبلي » قد عرفت أن الكليني و الصدوق زادا ، ( و لا ينسبه أحد بعدي ) كما عرفت زيادة الأول ( الا بمثل ذلك ) و عليه ، فيحتمل رجوع الاستثناء ( قبلي ) أيضا .

« الاسلام هو التسليم » كما هو سلم و سلامة ، قال تعالى يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة .١ و قال صلَّى اللَّه عليه و آله ( المسلم من سلم المسلمون من يده و لسانه ) .

قال الصادق عليه السّلام لو أن قوما عبدوا اللَّه تعالى وحده ، و أقاموا الصلاة ،

و آتوا الزكاة ، و حجّوا البيت ، و صاموا شهر رمضان ، ثم قالوا لشي‏ء صنعه اللَّه تعالى ، أو النبي صلَّى اللَّه عليه و آله ألا صنع بخلاف الذي صنع ، أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين ، ثم تلا فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكِّموك في ما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً ممّا قضيت و يسلّموا تسليماً٢ ، ثم قال عليه السّلام فعليكم بالتسليم .

« و التسليم هو اليقين » هكذا نقل المصنف ، و الكليني و قد عرفت أن الصدوق نقله ( و التسليم هو التصديق ) و الظاهر أصحّيّته كما لا يخفى .

و كيف كان فروى ( الكافي ) أن أناسا أتوا النبي صلَّى اللَّه عليه و آله بعد ما أسلموا فقالوا أيؤخذ الرجل منّا بما كان عمل في الجاهلية ؟ فقال صلَّى اللَّه عليه و آله من حسن

____________________

( ١ ) البقرة : ٢٠٨ .

( ٢ ) النساء : ٦٥ .

٣٣٥

إسلامه ، و صحّ يقين إيمانه لم يأخذه تعالى بما عمل في الجاهلية ، و من سخف اسلامه : و لم يصحّ يقين ايمانه يأخذه اللَّه بالأول و الاخر .

« و اليقين هو التصديق » قد عرفت أن ( المعاني ) رواه ، ( و التصديق هو اليقين ) .

و هو الأصح لأن التصديق يستلزم اليقين ، دون العكس ، قال تعالى مشيرا إلى آياته : و جحدوا بها و استيقنتها أنفسهم ظلماً و علواً .١ .

« و التصديق هو الاقرار » قد عرفت اختلاف المعاني مع المتن في هذه الفقرة و ما بعدها أيضا .

و كيف كان ففي الطبري ، في قصة يهود بني قريظة و حصر النبي صلَّى اللَّه عليه و آله لهم ، قال كعب بن أسد لهم يا معشر اليهود ، انّه قد نزل بكم من الأمر ما ترون ،

و اني عارض عليكم خلالا ثلاثا فخذوا أيّها شئتم ، قالوا ما هي ؟ قال نتابع هذا الرجل و نصدقه ، فو اللَّه لقد تبيّن لكم أنّه لنبي مرسل ، و انّه للذي تجدونه في كتابكم ، فتأمنوا على دمائكم و أموالكم و ابنائكم و نسائكم ، قالوا لا نفارق حكم التوراة أبدا .

« و الاقرار هو الاداء و الاداء هو العمل » قد عرفت ان ( الكافي ) بدّله بقوله « و الاقرار هو العمل ، و العمل هو الاداء » و ان ( المعاني ) بدله بقوله ( و اليقين هو الاداء ، و الاداء هو العمل ) .

و كيف كان فروى ( الكافي ) أن محمد بن مارد قال لأبي عبد اللَّه عليه السّلام : روي لنا أنك قلت ( إذا عرفت فاعمل ما شئت ) فقال : قد قلت ذلك ،

قال و ان زنوا أو سرقوا ، أو شربوا ، فقال عليه السّلام انا للَّه و إنّا إليه راجعون ، أخذنا بالعمل ، و وضع عنهم ، انما قلت ( إذا عرفت فاعمل ما شئت من قليل الخير ، أو

____________________

( ١ ) النمل : ١٤ .

٣٣٦

كثيره ، فانّه يقبل منك ) .

٣

من الخطبة ( ١٠٢ ) و من خطبة له عليه السّلام :

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي شَرَعَ اَلْإِسْلاَمَ فَسَهَّلَ شَرَائِعَهُ لِمَنْ وَرَدَهُ وَ أَعَزَّ أَرْكَانَهُ عَلَى مَنْ غَالَبَهُ فَجَعَلَهُ أَمْناً لِمَنْ عَلِقَهُ وَ سِلْماً لِمَنْ دَخَلَهُ وَ بُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ وَ شَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ عَنْهُ وَ نُوراً لِمَنِ اِسْتَضَاءَ بِهِ وَ فَهْماً لِمَنْ عَقَلَ وَ لُبّاً لِمَنْ تَدَبَّرَ وَ آيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ وَ تَبْصِرَةً لِمَنْ عَزَمَ وَ عِبْرَةً لِمَنِ اِتَّعَظَ وَ نَجَاةً لِمَنْ صَدَّقَ وَ ثِقَةً لِمَنْ تَوَكَّلَ وَ رَاحَةً لِمَنْ فَوَّضَ وَ جُنَّةً لِمَنْ صَبَرَ فَهُوَ أَبْلَجُ اَلْمَنَاهِجِ وَ أَوْضَحُ اَلْوَلاَئِجِ مُشْرَفُ اَلْمَنَارِ مُشْرِقُ اَلْجَوَادِّ مُضِي‏ءُ اَلْمَصَابِيحِ كَرِيمُ اَلْمِضْمَارِ رَفِيعُ اَلْغَايَةِ وَ جَامِعُ اَلْحَلْبَةِ وَ مُتَنَافِسُ اَلسُّبْقَةِ شَرِيفُ اَلْفُرْسَانِ اَلتَّصْدِيقُ مِنْهَاجُهُ وَ اَلصَّالِحَاتُ مَنَارُهُ وَ اَلْمَوْتُ غَايَتُهُ وَ اَلدُّنْيَا مِضْمَارُهُ وَ اَلْقِيَامَةُ حَلْبَتُهُ وَ اَلْجَنَّةُ سُبْقَتُهُ أقول رواه الشيخان في أماليهما ، و رواه ( الكافي ) في باب بعد ( باب نسبه الاسلام ) عن القمي عن أبيه و العطار عن الأشعري عن البرقي جميعا عن ابن محبوب عن يعقوب السراج ، عن أبي جعفر عليه السّلام و بأسانيد عن الأصبغ ،

قال خطبنا أمير المؤمنين عليه السّلام في داره ، أو القصر ، ثم أمر فكتب في كتاب و قرى‏ء على الناس ، و روى غيره أن ابن الكواء سأله عليه السّلام عن صفة الإسلام و الايمان و الكفر و النفاق ، فقال أما بعد فان اللَّه تعالى شرع الاسلام ، و سهّل شرائعه لمن ورده ، و أعز أركانه لمن حاربه ، و جعله عزّا لمن تولاّه ، و سلما لمن دخله و هدى لمن ائتمّ به ، و زينة لمن تجلّله ، و عذرا من انتحله ، و عروة لمن

٣٣٧

اعتصم به و حبلا لمن استمسك به ، و برهانا لمن تكلّم به ، و نورا لمن استضاء به ، و شاهدا لمن خاصم به ، و فلجا لمن حاجّ به ، و علما لمن وعاه ، و حديثا لمن روى ، و حكما لمن قضى ، و حلما لمن جرّب ، و لباسا لمن تدبّر ، و فهما لمن تفطّن ، و يقينا لمن عقل ، و بصيرة لمن عزم ، و آية لمن توسَّم ، و عبرة لمن اتّعظ ،

و نجاة لمن صدق ، و تؤدة لمن أصلح ، و زلفى لمن اقترب ، و ثقة لمن توكّل ،

و رجاء لمن فوّض ، و سبقة لمن أحسن ، و خيرا لمن سارع ، و جنّة لمن صبر ،

و لباسا لمن اتقى ، و ظهيرا لمن رشد و كهفا لمن آمن ، و أمنة لمن سلم ، و رجاء لمن صدق ، و غنى لمن قنع ، فذلك الحقّ سبيله الهدى ، و مأثرته المجد ، و صفته الحسنى ، فهو أبلغ المناهج ، مشرق المنار ، ذاكي المصباح ، رفيع الغاية ، يسير المضمار ، جامع الحلبة ، سريع السبقة ، أليم النقمة كامل العدّة ، كريم الفرسان ،

فالايمان منهاجه ، و الصالحات مناره ، و الفقه مصابيحه ، و الدنيا مضماره ،

و الموت غايته ، و القيامة حلبته ، و الجنة سبقته و النار نقمته و التقوى عدّته ،

و المحسنون فرسانه ، فبالايمان يستدل على الصالحات ، و بالصالحات يعمّر الفقه ، و بالفقه يرهب الموت و بالموت تختم الدنيا ، و بالدنيا تجوز القيامة ،

القيامة تزلف الجنة ، و الجنّة حسرة أهل النار ، و النار موعظة للمتّقين ، و التّقوى سنخ الايمان و نقله ( الخوئي ) أيضا .

و روى الأوّلان عن المرزباني ، عن أحمد بن سليمان الطوسي عن الزبير ابن بكّار ، عن السدي ، عن عبد خير ، عن قبيصة ، عن جابر الأسدي قال قام رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فسأله عن الايمان ، فقام خطيبا ، فقال : الحمد للَّه الذي شرع الاسلام فسهّل شرائعه ، و اعزّ أركانه على من حاربه ، و جعله عزّا لمن والاه ، و سلما لمن دخله و برهانا لمن تكلّم به ، و نورا لمن استضاء به ،

و شاهدا لمن خاصم به ، و فلجا لمن حاجّ به و علما لمن وعاه ، و حديثا لمن رواه .

٣٣٨

و حكما لمن قضى به ، و حلما لمن جرّب ، و لبّا لمن تدبّر ، و فهما لمن فطن ، و يقينا لمن عقل ، و بصيرة لمن عزم ، و آية لمن توسّم ، و عزة لمن اتّعظ ، و نجاة لمن صدق ، و مودة من اللّه لمن أصلح ، و زلفى لمن ارتقب ، و ثقة لمن توكّل ، و راحة لمن فوّض ، و جنة لمن صبر ، الحقّ سبيله ، و الهدى صفته ، و الحسنى مأثرته ،

فهو أبلج المنهاج ، مشرق المنار ، مضي‏ء المصابيح ، رفيع الغاية ، يسير المضمار ، جامع الحلبة ، متنافس السبقة ، كريم الفرسان ، التصديق منهاجه ،

و الصالحات مناره ، و الفقه مصابيحه ، و الموت غايته ، و الدنيا مضماره ،

و القيامة حلبته ، و الجنة سبقته ، و النار نقمته ، و التقوى عدّته و المحسنون فرسانه ، فبالايمان يستدلّ على الصالحات ، الخ مثل ( الكافي ) لكن في آخره ،

و بالقيامة تزلف الجنّة للمتقين و تبرز الجحيم للغاوين .

و رواه ( تحف عقول ) لإبن أبي شعبة الحلبي ، فقال : قال عليه السّلام ان اللّه ابتدأ الأمور ، فاصطنع لنفسه ما شاء ، و استخلص منها ما أحبّ ، فكان ممّا أحبّ ، أنّه ارتضى الايمان ، فاشتقه فنحله من أحبّ من خلقه ثم بيّنه ، فسهّل شرائعه لمن ورده ، و أعزّ أركانه على من جانبه ، و جعله عزّاً لمن والاه ، و أمنا لمن دخله ،

و هدى لمن ائتم به ، و زينة لمن تحلّى به ، و دينا لمن انتحله ، و عصمة لمن اعتصم به ، و حبلا لمن استمسك به ، و برهانا لمن تكلّم به ، و شرفا لمن عرفه ،

و حكمة لمن نطق به ، و نورا لمن استضاء به ، و حجّة لمن خاصم به ، و فلجا لمن حاجّ به ، و علما لمن وعى ، و حديثا لمن روى ، و حكما لمن قضى ، و حلما لمن حدّث ، و لبّا لمن تدبر ، و فهما لمن تفكر ، و يقينا لمن عقل ، و بصيرة لمن عزم ،

و آية لمن توسّم ، و عبرة لمن اتعظ ، و نجاة لمن آمن به ، و مودة من اللَّه لمن صلح ، و زلفى لمن ارتقب ، و ثقة لمن توكّل ، و راحة لمن فوّض ، و صبغة لمن أحسن ، و خيرا لمن سارع ، و جنة لمن صبر و لباسا لمن اتقى و تطهيرا لمن

٣٣٩

رشد ، و أمنة لمن سلم ، و روحا للصادقين ، فالايمان أصل الحق ، سبيله الهدى ،

و صفته الحسنى ، و مأثرته المجد ، فهو أبلج المنهاج ، مشرق المنار ، مضي‏ء المصابيح رفيع الغاية ، و الموت غايته ، و الدنيا مضماره ، و القيامة حلبته ،

و الجنة سبقته ، و النار نقمته ، و التقوى عدته ، و المحسنون فرسانه ، فبالايمان يستدل على الصالحات ، و بالصالحات يعمر الفقه ، و بالفقه يرهب الموت ،

و بالموت تختّم الدنيا ، و بالدنيا تحذر الآخرة ، و بالقيمة تزلف الجنّة ، و الجنة حسرة أهل النار ، و النار موعظة التقوى ، و التقوى سنخ الاحسان ، و التقوى غاية لا يهلك من تبعها ، و لا يندم من يعمل بها ، لأن بالتقوى فاز الفائزون ،

و بالمعصية خسر الخاسرون ، فليزدجر أولوا النهى ، و ليتذكر أهل التقوى .

« الحمد للَّه الذي شرع الاسلام » شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحا و الذي أوحينا إليك ، و ما وصّينا به إبراهيم و موسى و عيسى أن أقيموا الدين و لا تتفرّقوا فيه .١ .

« فسهّل شرائعه » جمع الشريعة مشرعة الماء و هي مورد الشاربة ، . .

ما جعل عليكم في الدينِ من حرجٍ ملّة أبيكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمينَ من قبل .٢ و قال النبي صلَّى اللَّه عليه و آله بعثت على الشريعة السمحة السهلة ، روى الخصال في عنوان ( وضع اللَّه تعالى الاسلام على سبعة أسهم ) عن عمّار بن الأحوص قلت لأبي عبد اللَّه عليه السّلام ان عندنا أقواما يقولون بأمير المؤمنين عليه السّلام ،

و يفضّلونه على الناس كلّهم و ليس يصفون ما نصف من فضلكم انتولاّهم ؟

فقال لي نعم في الجملة أليس عند اللَّه ما لم يكن عند رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و لرسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله عند اللَّه ما ليس لنا و عندنا ما ليس عندكم و عندكم ما ليس

____________________

( ١ ) الشورى : ١٣ .

( ٢ ) الحج : ٧٨ .

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607