بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٢

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 607

  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 113586 / تحميل: 3933
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

و لا تشيموا بارقها ، في الصحاح ( شمت البرق ) : إذا نظرت إلى سحابته أين تمطر١ .

« و لا تستمعوا ناطقها في ( ابن أبي الحديد ) و غيره ( و لا تسمعوا ناطقها ) فهو الصحيح و المعنى أبلغ .

« و لا تجيبوا ناعقها » من نعق الرّاعي بغنمه : صاح بها قال الأخطل :

انعق بضانك يا جرير فانّما « و لا تستضيئوا باشراقها » أي : اضاءتها و تلألؤها .

« و لا تفتنوا بأعلاقها » قال ابن أبي الحديد : الاعلاق جمع علق و هو الشي‏ء النفيس٢ .

قلت : بل مطلق المتاع و لو الخسيس و تخصيصه بالنفيس و هم الأصل فيه الجوهري فقال : العلق بالكسر النفيس من كلّ شي‏ء يقال علق مضنّة أي : ما يضنّ به٣ .

فكلامه كما ترى في معنى العلق النفيس ، لأنّه يقال علق نفيس يضنّ به صاحبه ، ثمّ أيّ نفائس للدنيا حتى يقول عليه السّلام : لا تفتنوا بنفائسها ، و انّما لها أمتعة مموّهة .

« فإن برقها خالب » هو تعليل لقوله عليه السّلام « و لا تشيموا بارقها » و البرق الخلب الّذي لا غيث فيه كأنّه خادع قال الجوهري و منه قيل لمن يعد و لا ينجز انّما أنت كبرق خلّب ، قال : و يقال ( برق خلب ) بالإضافة٤ .

قلت : و الأصل التوصيف كما في قوله ( لم يكن معروفك برقا خلّبا ، إن خير

____________________

( ١ ) الصحاح : ( شيم ) .

( ٢ ) الصحاح : ( علق ) .

( ٣ ) الصحاح : ( علق ) .

( ٤ ) الصحاح : ( خلب ) .

٢١

البرق ما الغيث معه .

« و نطقها كاذب » تعليل لقوله عليه السّلام « و لا تسمعوا ناطقها » و ما الحياة الدُّنيا إلاّ متاع الغرور١ .

« و أموالها محروبة و أعلاقها مسلوبة » هما معا تعليل لقوله عليه السّلام « و لا تفتنوا بأعلاقها » و حرب المال إذا أخذ و ترك صاحبه بلا شي‏ء ، قال تعالى و لقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أوّل مرّة و تركتم ما خوّلناكم وراء ظهوركم .٢ هذا و كأنّه سقط تعليل قوله عليه السّلام « و لا تجيبوا ناعقها » و قوله عليه السّلام « و لا تستضيئوا باشراقها » من النّسّاخ و لعلّ الأوّل ( و نعقها من الذّئاب ) و الثاني ( و ضياؤها ظلمة ) .

« ألا و هي المتصدّية العنون » في ( الصحاح ) : تصدّى له : أي تعرّض ، و هو الذي يستشرقه ناظرا إليه٣ .

و عنّ : أي عرض و اعترض ، شبّهها عليه السّلام بمرأة بغيّ تتصدّى للرجال و تعرض نفسها عليهم و لا تبقى عند أحد منهم فقالوا : الدّنيا كعروس مجلوّة تسرّ خطّابها و هي لهم قاتلة ، الدنيا قحبة فيوما عند عطّار و يوما عند بيطار٤ .

« و الجامحة الحرون » الفرس الجامح : الّذي لا يملكه راكبه ، و الفرس الحرون : الذي لا ينقاد ، شبّهها عليه السّلام بفرس شموس لا ينقاد لصاحبه ، و قيل بالفارسية :

بر ابلق زمانه سوار استى الحذر

زين اسب سركش بد چشم بد لگام

و قال شاعر :

____________________

( ١ ) آل عمران : ١٨٥ .

( ٢ ) الأنعام : ٩٤ .

( ٣ ) الصحاح : ( صدى ) .

( ٤ ) الطرائف للمقدسي : ١٠ .

٢٢

لقد قال فيها الواصفون و أكثروا

و عندي لها وصف لعمري صالح

سلاف قصاراه ذعاف و مركب

شهيّ إذا استلذذته فهو جامح١

« و المائنة الخؤون » المين : الكذب ، شبّهها عليه السّلام بمرأة تكذب مع زوجها في حبّه ، و تخونه في التمكين من غيره ، قال ابن بسّام :

يا عجبا منها و من شأنها

عدوّة للنّاس معشوقة٢

و قيل بالفارسيّة :

مجو درستى عهد از جهان سست نهاد

كه اين عجوزه عروس هزار داماد است٣

« و الجحود الكنود » في ( الصّحاح ) : جحد الرجل بالكسر فهو جحد إذا كان ضيّقا قليل الخير٤ .

و كند ، أي : كفر النّعمة فهو كنود و امرأة كنود أيضا ، شبّهها عليه السّلام بمرأة تجحد احسان زوجها إليها و تكفر نعمته عندها و للنّساء تخصّص في هذا الوصف .

« و العنود الصّدود » في ( الأساس ) : رجل عنيد : يعرف الحقّ فيأباه فيكون منه في شق ، من العند و هو الجانب ، و رجل عنود : يحلّ وحده ، لا يخالط النّاس ،

قال :

و مولى عنود الحقته جريرة

و قد تلحق المولى العنود الجرائر٥

و الصدّ : الاعراض .

____________________

( ١ ) الطرائف للمقدسي : ١٠ .

( ٢ ) المصدر نفسه : ٩ .

( ٣ ) ديوان حافظ : ٢٧ .

( ٤ ) الصحاح : ( جحد ) .

( ٥ ) أساس البلاغة للزمخشري : ٣١٤ ( ع ن د ) .

٢٣

« و الحيود الميود » حاد عن الشي‏ء مال عنه و ماد الشي‏ء : أي تحرّك و اضطرب ، قال البحتري في محبوبته :

فكم في الدّجى من فرحة بلقائها أي : في النّوم

و من ترحة بالبين منها لدى الفجر

إذا اللّيل أعطانا من الوصل بلغة

ثنتنا تباشير النّهار إلى الهجر١

« حالها انتقال » قال ابن أبي الحديد : يجوز أن يعني به أنّ سجيّتها انتقال ،

و يجوز أن يعني به أنّه و إن كان ، إنّما الموجود من الزّمان هو الحاضر لأنّ الماضي و المستقبل لا وجود لهما الآن إلاّ أنّ الذي يحكم عليه العقلاء بالحضور ، أيضا ليس بحاضر بل هو سيّال متغيّر٢ ، و قال باقي الشرّاح قريبا منه .

قلت : قرأوا قوله عليه السّلام « حالها » بتخفيف اللاّم من الحول فوقعوا في أوهام و انّما هو « حالّها » بتشديد اللاّم من الحلول ، و الحلول ضدّ الانتقال أراد عليه السّلام أن يثبت لكل صفة من الدنيا أثر ضدّها فقال عليه السّلام « حلولها انتقال » ،

و يشهد ذلك قوله عليه السّلام بعد « و وطأتها زلزال ، و عزّها ذلّ ، و جدّها هزل ، و علوّها سفل » فترى حمل عليه السّلام على كلّ صفة منها ضدّها و أين كلامه عليه السّلام ممّا قال هذا الزّمان الحاضر ثابت أو سيّال ، ثم حمل ( الانتقال ) على الحال إمّا مبالغة و امّا كان الأصل ( على الانتقال ) .

« و وطأتها زلزال » قال ابن أبي الحديد : الوطأة كالضّغطة و منه قوله صلّى اللَّه عليه و آله :

( اللّهمّ أشدد و طأتك على مضر ) ، و أصلها موضع القدم و الزّلزال : الشدّة

____________________

( ١ ) ديوان البحتري ٢ : ٢١١ يمدح المعتز .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٣ : ١٢٣ .

٢٤

العظيمة ، و قال الراوندي : ( يريد أنّ سكونها حركة من قولك ( وطؤ الشي‏ء ) أي :

صار وطيئا ذا حال ليّنة و موضع وطي أي : وثير ) و هذا خطأ لأنّ المصدر من ذلك ( وطآءة ) بالمدّ و هنا ( وطأة ) ساكن الطاء فأين أحدهما من الآخر١ .

قلت : بل الحقّ مع الرّاوندي من كون المراد من كون ( وطأة الدنيا زلزالا ) ( ان سكونها حركة ) فانّه عليه السّلام في مقام أن يثبت لكلّ صفة منها في الظّاهر ضدّها في الباطن كما عرفت و قوله : الوطأة كالضغطة و منه قوله صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم اللّهمّ اشدد و طأتك على مضر ، و هم تبع فيه الجوهري كقوله : ( و أصلها موضع القدم ) فانّ الأصل في الوطأة وضع القدم ، و انّما موضع القدم ( الموطأ ) قال تعالى و لا يطؤون موطأ يغيظ الكفّار .٢ ، و منشأ و هم الجوهري في قوله « الوطأة موضع القدم و هو أيضا كالضغطة ، و في الحديث : ( اللّهمّ اشدد وطأتك على مضرّ )٣ جعله معنى : أشدد وطأتك ، جملة الموطأة منفردا نظير جعله معنى ( علق مضنة ) للعلق منفردا ، و لا ريب أنّ ( وطأتها ) في كلامه عليه السّلام من ( صار الشي‏ء وطيئا ) كما قال الراوندي ، لما عرفت من شهادة السياق و هل رأى ابن أبي الحديد ( الوطأة ) بسكون الطاء في خطّه عليه السّلام أو سمعه من لفظه ،

و إنّما رأى خطّ النسّاخ ، و في الخطّ يكتبان على شكل واحد و لم يضع النّاسخ المدّ .

« و عزّها ذل » أهل الدّنيا لم يصيروا ذوي عزّة قطّ فإنّما العزّة للَّه و لرسوله و للمؤمنين ، و انّما قد يصيرون ذوي اقتدار في صورة أهل العزّة ، و سريعا يسلب عنهم مع أنّهم في حال اقتدارهم أذلاّء لكونهم

____________________

( ١ ) المصدر نفسه .

( ٢ ) التوبة : ١٢٠ .

( ٣ ) الصحاح : ( وطأ ) .

٢٥

منقطعين عن اللَّه تعالى .

« وجدّها هزل » قالت بنت النعمان بن المنذر :

فبيّنا نسوس الناس و الأمر أمرنا

إذا نحن فيهم سوقة نتنصّف١

« دار حرب و سلب و نهب و عطب » أي : هلاك ، قالوا : يسار الدّهر في الأخذ أسرع من يمينه في البذل ، لا يعطي بهذه إلاّ ارتجع بتلك ، و لا يؤمن يومه و يخاف غده و يرضع ثديه و يخرج يده٢ .

« أهلها على ساق و سياق » قال الشاعر :

و ما النّاس إلاّ مثل سيّقة العدا

ان استقدمت نحر و ان جبأت عقر

و ما النّاس في شي‏ء من الدّهر و المنى

و ما النّاس إلاّ سيّقات المقادر

« و لحاق » بالأموات .

« و فراق » من الأحياء قال النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله لابنته فاطمة عليها السّلام : ( إنّك أوّل أهل بيتي لحوقا بي ) و قال لأزواجه : ( أطو لكنّ يدا أسرعكنّ بي لحوقا )٣ فكانت زينب بنت جحش .

و في دعاء المقابر : أنتم لنا فرط و انّا انشاء اللَّه بكم لاحقون٤ .

و قال تعالى : كلاّ إذا بلغت التّراقي و قيل من راق و ظنّ انّه الفراق و التفّت السّاق بالسّاق إلى ربِّك يومئذ المساق٥ .

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٢٠ : ٥٣ .

( ٢ ) لم نعثر عليه .

( ٣ ) المجلسي في البحار عن النهاية ١٨ : ١١٤ ، و في النهاية لابن الأثير ٥ : ٢٩٤ ( يد ) .

( ٤ ) الكافي ٣ : ٢٢٩ ح ٥ .

( ٥ ) القيامة : ٢٦ ٣٠ .

٢٦

« قد تحيّرت مذاهبها » كالّذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا .١ .

« و أعجزت مهاربها » و كم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشدّ منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص٢ .

« و خابت مطالبها » قد أفلح من زكّاها و قد خاب من دسّيها٣ ،

و استفتحوا و خاب كلّ جبار عنيد٤ ، و قال الشاعر :

لقد خاب من غرّته دنيا دنيّة

و ما هي إن غرّت قرونا بطائل٥

« فاسلمتهم المعاقل » و المعقل : الملجأ ، قال تعالى أينما تكونوا يدرككم الموت و لو كنتم في بروجٍ مشيّدةٍ .٦ .

« و لفظتهم المنازل » من قولهم لفظت الشي‏ء من فمي أي : رميته .

« و أعيتهم » من داء عياء : صعب لا دواء له ، كأنّه أعيى الأطباء .

« المحاول » من ( حاولت الشي‏ء ) : طلبته بحيلة .

« فمن ناج معقور » أي : مجروح ، قالوا : انحدر أبو العيناء مع ثمانين نفرا في زورق من بغداد إلى البصرة فغرقوا و نجا ، تعلّق بطلال الزّورق فلّما دخل البصرة٧ مات .

« و لحم مجزور » في ( الصحاح ) : جزر السّباع : اللحّم الذي تأكله السباع٨ .

____________________

( ١ ) الأنعام : ٧١ .

( ٢ ) ق : ٣٦ .

( ٣ ) الشمس : ٩ ١٠ .

( ٤ ) إبراهيم : ١٥ .

( ٥ ) منسوب لأمير المؤمنين عليه السّلام في الديوان : ١٢٤ .

( ٦ ) النساء : ٧٨ .

( ٧ ) مروج الذهب ٤ : ٢٣٥ .

( ٨ ) الصحاح : ( جزر ) .

٢٧

و في ( المروج ) : أصيب كفّ عبد الرحمن بن عتاب من مقتولي الجمل مع عايشة بمنى ألقاها عقاب و فيها خاتم نقشه ( عبد الرحمن بن عتاب ) و كان اليوم الذي وجد فيه الكفّ بعد يوم الجمل بثلاثة أيّام و قطع على خطام جمل عايشة سبعون يدا من بني ضبّة معهم كعب بن سور القاضي متقلّدا مصحفا ،

كلّما قطع يد واحد منهم قام آخر و قال : أنا الغلام الضّبيّ١ .

« و شلو مذبوح » في ( الصحاح ) : الشّلو العضو من أعضاء اللحم٢ .

و الظاهر أنّه هنا بمعنى البقيّة من قولهم « بقيت أشلاء من تميم » : بقايا .

« و دم مسفوح » أي : مسفوك .

في ( خلفاء ابن قتيبة ) : كتب عبد الملك إلى الحجّاج يأمره بالمسير إلى العراق و يحتال لقتلهم فتوجّه و معه ألفا رجل من مقاتلة أهل الشام ، و تحرّى دخول البصرة يوم الجمعة في حين أوان الصّلاة و أمر من معه أن يتفرّقوا على أبواب المسجد على كلّ باب مائة رجل بأسيافهم تحت أرديتهم و عهد إليهم إن إذا سمعتم الجلبة داخل المسجد فلا يخرجنّ أحد من باب المسجد حتّى يسبقه رأسه إلى الأرض و كان المسجد له ثمانية عشر بابا فبدر ألف و ثمانمائة على كلّ باب مائة و جلسوا مرتدين و دخل الحجّاج و بين يديه مائة و خلفه مائة كلّ منهم مرتد بردائه و سيفه ، قد أفضى به إلى داخل إزاره و قال لهم : إنّي إذا دخلت فسأكلّم القوم في خطبتي و سيحصبوني ، فاذا رأيتموني وضعت عمامتي على ركبتي فضعوا أسيافكم ، فلمّا دخل المسجد و قد حانت الصلاة صعد المنبر ، و قال : إنّ الخليفة ولاّني مصركم و قسمة فيئكم ،

و إنصاف مظلومكم ، و إمضاء الحكم على ظالمكم ، و أخبركم أنّه قلّدني حين

____________________

( ١ ) مروج الذهب ٢ : ٣٧١ .

( ٢ ) الصحاح : ( شلا ) .

٢٨

توليتي بسيفين : سيف رحمة ، و سيف نقمة ، فأمّا سيف الرحمة فسقط منّي في الطريق ، و امّا سيف النقمة فهو هذا و سلّ سيفه فحصبه النّاس ، فلمّا أكثروا عليه خلع عمامته فوضعها على ركبته ، فجعل السّيوف تبري الرقاب ، فلما سمع الخارجون الكائنون على الأبواب وقيعة الدّاخلين و تسارع الناس إلى الخروج تلقوهم بالسّيوف فارجعوا الناس إلى جوف المسجد ، و لم يتركوا خارجا يخرج من المسجد فقتل منهم بضعا و سبعين ألفا حتّى سالت الدماء إلى باب المسجد و إلى السّكك١ .

« و عاض على يديه » من النّدامة و يوم يعضُّ الظالم على يديه يقول يا ليتني اتّخذت مع الرسول سبيلا يا ليتني لم اتّخذ فلاناً خليلاً لقد أضلّني عن الذّكر بعد إذ جاءني و كان الشّيطان للإنسان خذولا٢ .

« و صافق بكفيّه » في ( الصحاح ) : الصّفق : الضّرب الذي يسمع له صوت ،

و التّصفيق باليد : التصويت بها٣ .

« و مرتفق بخدّيه » أي : جعل خدّيه على مرفقه .

« و زار على رأيه » قال أبو عمرو : الزّاري على آخر : الّذي لا يعدّه شيئا و ينكر عليه فعله٤ .

في ( المروج ) : جرح عبد الملك بن مروان في الجمل طلحة في جبهته و رماه أبوه مروان في أكحله .

قلت : انتقاما لعثمان و كانوا جميعا في عسكر عايشة ، فوقع طلحة صريعا و سمع و هو يقول :

____________________

( ١ ) تاريخ الخلفاء لابن قتيبة ( الامامة و السياسة ) ٢ : ٣٢ .

( ٢ ) الفرقان : ٢٧ ٢٩ .

( ٣ ) الصحاح : ( صفق ) .

( ٤ ) الصحاح : ( زرى ) : ٢٣٦٧ .

٢٩

ندمت ندامة وضلّ حلمي

و لهفي ثمّ لهف أبي و أمّي

ندمت ندامة الكسعي لمّا

طلبت رضا بني حزم بزعمي١

« و راجع عن عزمه » رجع الزّبير لمّا ذكّره أمير المؤمنين عليه السّلام قول النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله له بقتاله معه عليه السّلام ظلما و ترك العسكرين .

« و قد أدبرت الحيلة » حتّى إذا جاء أحدهم الموت قال ربِّ ارجعون لعلّي أعمل صالحا في ما تركت كلاّ انّها كلمةٌ هو قائلها و من ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون٢ « و أقبلت العيلة » في ( الصحاح ) : قتله غيلة : إذا ذهب به إلى موضع خدعة فقتله٣ .

« و لات حين مناص » اقتباس من الآية في سورة ( ص ) كم أهلكنا قبلهم من قرن فنادوا و لات حين مناص٤ قال أبو عبيد ( لات ) هي ( لا ) و ( التّاء ) انّما زيدت في ( حين ) و ان كتبت مفردة ، فقال أبو وحزة : ( العاطفون تحين ما من عاطف ) ، و قال المورج : بل زيدت في لا كما تزاد في ( ربّ )٥ و ( ابن ميثم ) قلت :

و هو أصحّ لكتابتها مفردة و لوجودها مع عدم ( حين ) في قوله : ( هنّت و لات هنّت ) و ( المناص ) التأخّر أي : ليس ذاك الوقت وقت تأخّر و فرار .

« هيهات هيهات » ذكر الجوهري ( هيهات ) في ( هيه ) و قال : انّها كلمة تبعيد ،

و أقول : و كأنّه لا تستعمل إلاّ مكرّرة كما في كلامه عليه السّلام بتصديق ابن أبي الحديد و كما في قول الشاعر :

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٣٦٥ .

( ٢ ) المؤمنون : ٩٩ ١٠٠ .

( ٣ ) الصحاح : ( غيل ) .

( ٤ ) الصحاح : ( ليت ) : ٢٦٥ سورة ص : ٣ .

( ٥ ) الصحاح : ( ليت ) : ٢٦٦ .

٣٠

فهيهات هيهات العقيق و أهله

و هيهات خلّ بالعقيق تحاوله١

و كما في قول آخر ، في وصف إبل قطعت بلادا و صارت في القفار :

يصبحن في القفر اتاويات

هيهات من مصحبها هيهات

هيهات ( حجر ) من ( صنيعات )

كسر التاء في ( هيهات ) امّا لضرورة الشعر ، و امّا لكونه لغة فيه جعلا له كنون التثنية و كما في قول آخر : ( أيهات منك الحياة ايهاتا )٢ جعل فيه الهاء ألفا و جعل الثاني اسما معربا مصدرا .

« قد فات ما فات و ذهب ما ذهب » و لن يؤخّر اللَّه نفسا إذا جاء أجلها و اللَّه خبير بما تعملون٣ .

« و مضت الدنيا لحال بالها » قال ابن أبي الحديد : حال بالها ، أي : إن خيرا و إن شرّا .

قلت : و الأحسن أن يقال المراد لحال قلبها و إرادتها كقولك : ( ما يخطر فلان ببالي ) .

« فما بكت عليهم السّماء و الأرض و ما كانوا منظرين »٤ الآية المقتبسة في سورة الدّخان في فرعون و قومه و قبلها كم تركوا من جنّات و عيون و زروع و مقام كريم و نعمة كانوا فيها فاكهين كذلك و أورثناها قوما آخرين٥ .

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٣ : ١١٦ .

( ٢ ) لسان العرب ١٥ : ١٨٥ .

( ٣ ) المنافقون : ١١ .

( ٤ ) الدخان : ٢٩ .

( ٥ ) الدخان : ٢٥ ٢٨ .

٣١

٣٨

الحكمة ( ٢٢٨ ) و قال عليه السّلام :

مَنْ أَصْبَحَ عَلَى اَلدُّنْيَا حَزِيناً فَقَدْ أَصْبَحَ لِقَضَاءِ اَللَّهِ سَاخِطاً وَ مَنْ أَصْبَحَ يَشْكُو مُصِيبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَقَدْ أَصْبَحَ يَشْكُو رَبَّهُ وَ مَنْ أَتَى غَنِيّاً فَتَوَاضَعَ لَهُ لِغِنَاهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ وَ مَنْ قَرَأَ ؟ اَلْقُرْآنَ ؟ فَمَاتَ فَدَخَلَ اَلنَّارَ فَهُوَ مِمَّنْ كَانَ يَتَّخِذُ آيَاتِ اَللَّهِ هُزُواً وَ مَنْ لَهِجَ قَلْبُهُ بِحُبِّ اَلدُّنْيَا اِلْتَاطَ مِنْهَا بِثَلاَثٍ هَمٍّ لاَ يُغِبُّهُ وَ حِرْصٍ لاَ يَتْرُكُهُ وَ أَمَلٍ لاَ يُدْرِكُهُ « من أصبح على الدنيا حزينا فقد أصبح لقضاء اللَّه ساخطا » في ( الكافي ) :

قال النبي صلّى اللَّه عليه و آله : يا معشر المساكين طيبوا نفسا و اعطوا الرّضا من قلوبكم يثبكم اللَّه على فقركم ، فإن لم تفعلوا فلا ثواب لكم١ .

« و من أصبح يشكوا مصيبة نزلت به فقد أصبح يشكو ربّه » هكذا في ( المصرية )٢ ، و لكن في ( ابن أبي الحديد و الخطيّة )٣ بدل « فقد أصبح يشكو ربّه » : « فانّما يشكو ربّه » .

في ( الكافي ) : إنّ رجلا شكا إلى الصادق عليه السّلام مصيبة أصيب بها فقال عليه السّلام له : ان تصبر تؤجر ، و إلاّ يمض عليك قدر اللَّه الذي قدّر عليك و أنت مأزور٤ .

« و من أتى غنيا فتواضع له لغناه ذهب ثلثا دينه » في ( الكافي ) : مرّ عيسى عليه السّلام على قرية مات أهلها و طيرها و دوابها ، فقال : أما إنَّهم لم يموتوا إلاّ

____________________

( ١ ) الكافي ٣ : ٣٦٢ ح ١٤ .

( ٢ ) الطبعة المصرية المصححة ( فقد أصبح ) : ٧٠٨ ح ٢٢٩ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٥٢ خ ٢٢٤ .

( ٤ ) الكافي ٣ : ٢٢٥ ح ١٠ .

٣٢

بسخط و إلاّ لتدافنوا إلى أن قال بعد ذكر نداء عيسى عليه السّلام لهم و جواب أحدهم له قال عيسى عليه السّلام : كيف كان حبّكم للدنيا ؟ قال : كحبّ الصبيّ لامّه ، إذا أقبلت علينا سررنا و إذا أدبرت علينا حزنّا و بكينا .١ .

و التواضع للغنيّ إنّما ذمّه لو كان لغناه ، و امّا لو كان لأخلاقه و تقواه فلا .

« و من قرأ القرآن فمات فدخل النار فهو ممّن كان يتّخذ آيات اللَّه هزوا » في ( الجمهرة ) : كانت قل يا أيُّها الكافرون و قل هو اللَّه أحد تسمّيان في صدر الإسلام المقشقشتين لأنّهما ابرأتا من النفاق٢ .

و في ( تاريخ بغداد ) : قال محمّد بن علي المادرائي : كنت اجتاز بتربة أحمد بن طولون فأرى شيخا عند قبره يقرأ ملازما للقبر ثمّ إنّي لم أره مدّة ثمّ رأيته بعد ذلك فقلت له : لست الّذي كنت أراك عند قبر أحمد بن طولون و أنت تقرأ عليه ؟ فقال : بلى قد كان وليّنا ، و كان له علينا بعض العدل إن لم يكن الكلّ فأحببت أن اقرأ عنده و أصله بالقرآن قلت : لم انقطعت عنه ؟ فقال : رأيته في النّوم و قال لي : أحبّ أن لا تقرأ عندي ، فكأنّي أقول له لأيّ سبب ؟ فقال : ما تمرّ بي آية إلاّ قرعت بها ، و قيل لي : أما سمعت هذه ؟٣ « و من لهج » أي : ولع و حرص .

« قلبه بحبّ الدنيا التاط » أي : لصق قلبه .

« منها بثلاث » هكذا في ( المصرية )٤ و قلبه ، زائدة لتقدّمه و لعدم وجوده في ( ابن أبي الحديد ) و غيره .

____________________

( ١ ) المصدر نفسه ٤ : ٦ ح ١١ .

( ٢ ) جمهرة اللغة لابن دريد ١ : ٤٤ .

( ٣ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٣ : ٨١ رقم ١٠٦٢ .

( ٤ ) الطبعة المصرية المصححة : ٧٠٨ .

٣٣

« همّ لا يغبّه »١ أي : لا يكون له فترة و انقطاع ، بل له دوام و اتّصال ، قال الصادق عليه السّلام : مثل الحريص على الدنيا كمثل دودة القزّ كلّما ازدادت على نفسها لفّا كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غمّا٢ .

« و حرص لا يتركه و أمل لا يدركه » قال الصادق عليه السّلام : مثل الدّنيا كمثل ماء البحر كلّما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتّى يقتله٣ .

٣٩

الحكمة ( ٢٨٦ ) و قال عليه السّلام :

مَا قَالَ اَلنَّاسُ لِشَيْ‏ءٍ طُوبَى لَهُ إِلاَّ وَ قَدْ خَبَّأَ لَهُ اَلدَّهْرُ يَوْمَ سَوْءٍ قال تعالى في قارون فخرج على قومه في زينته قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم و قال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب اللَّه خيرٌ لمن آمن و عمل صالحاً و لا يُلقّاها إلاّ الصّابرون فخسفنا به و بداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون اللَّه و ما كان من المنتصرين و أصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون و يكانَّ اللَّه يبسط الرِّزق لمن يشاء من عباده و يقدر لو لا ان منَّ اللَّه علينا لخسف بنا و يكانّه لا يفلح الكافرون٤ .

و في ( الأغاني ) : أنّ مطيع بن اياس اضطّر إلى بيع جارية له بالرّيّ لمّا خرج منها ، فلّما وصل إلى حلوان نظر إلى نخلتين هناك فقال :

اسعداني يا نخلتي حلوان

و ابكيا من ريب هذا الزّمان

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٥٢ ، مع وجود اللفظ كذلك شرح ابن ميثم في ٥ : ٣٥٦ ح ٢١٣ اللفظ موجود .

( ٢ ) الكافي ٣ : ٢٠٢ ح ٢٠ .

( ٣ ) المصدر نفسه ٣ : ٢٠٥ ح ٢٤ .

( ٤ ) القصص : ٧٩ ٨٢ .

٣٤

و اعلما انّ ريبه لم يزل

يفرّق بين الالاّف و الجيران

و لعمري لو ذقتما ألم الفرقة

أبكا كما الّذي أبكاني

أسعداني و ايقنا انّ نحسا

سوف يلقاكما فتفترقان

ثم روى أنّ المنصور اجتاز بالنخلتين و كانت إحداهما على الطريق فأراد قطعها فأنشد قول مطيع :

و اعلما ما بقيتما انّ نحسا

سوف يلقاكما فتفترقان

فقال : لا و اللَّه ما كنت ذلك النّحس الّذي يفرّق بينهما .

ثمّ روى أنّ المهدي قال : قد أكثر الشعراء في نخلتي حلوان فهممت أن آمر بقطعهما ، فبلغ قوله المنصور فكتب إليه أعيذك أن تكون النحس الّذي تلقاهما .

و روي أنّ الرّشيد لمّا خرج إلى طوس ، هاج به الدّم بحلوان ، فأشار عليه الطبيب بأكل جمّار ، فأحضر دهقان حلوان ، و طلب منه جمّارا فأعلمه أنّ بلده ليس بها نخل و لكن على العقبة نخلتان ، فمر بقطع إحديهما فقطعت ، فأتي بجمارتها ، فأكل منها و راح فلمّا انتهى إلى العقبة ، نظر إلى إحدى النخلتين مقطوعة و الاخرى قائمة و إذا على القائمة مكتوب :

أسعداني يا نخلتي حلوان

و ابكيا لي من ريب هذا الزّمان

أسعداني و ايقنا ان نحسا

سوف يلقاكما فتفترقان

فاغتمّ ، و قال : يعزّ عليّ أن أكون نحسكما ، و لو كنت سمعت بهذا الشعر ما قطعت هذه النخلة و لو قتلني الدّم١ .

و في ( تاريخ بغداد ) : ولّى عمر بن أبي عمر الأزدي من آل حماد بن زيد ،

القضاء بمدينة السّلام في حياة أبيه نيابة عنه ثمّ أقر بعده إلى آخر عمره في

____________________

( ١ ) الأغاني ١٣ : ٣٣١ ٣٣٠ .

٣٥

( ١٧ ) سنة و ( ٢٠ ) يوما ، قال المعافى بن زكريا : كنت أحضر مجلسه يوم النّظر ،

فحضرت أنا و جماعة من أهل العلم يوما في الموضع الذي جرت العادة بجلوسنا فيه ننتظره حتى يخرج ، فدخل أعرابي فجلس بقربنا ، فجاء غراب فقعد على نخلة في الدّار ، و صاح ثمّ طار فقال الأعرابي : هذا الغراب يقول إنّ صاحب هذه الدار يموت بعد سبعة أيام ، فصحنا عليه و زبرناه ، فقام و انصرف ، و احتسب خروج القاضي و إذا قد خرج إلينا الغلام و قال : القاضي يستدعيكم ، فقمنا إليه و إذا به متغيّر اللون مغتمّ ، فقال : انّي رأيت البارحة في المنام شخصا يقول :

منازل آل حمّاد بن زيد

على أهليك و النّعم السلام

فضاق لذلك صدري ، فدعونا له و انصرفنا فلّما كان اليوم السابع دفن ،

كان ذلك في سنة ( ٣٢٨ )١ .

و في ( وزراء الجهشياري ) : خلا جعفر البرمكي يوما بندمائه في منزله فتمضّخ بالخلوق و لبس الحرير ، و فعل بندمائه مثل ذلك و تقدّم إلى حاجبه بحفظ الناب إلاّ من عبد الملك بن نجران ، كاتبه فوقع في اذن الحاجب ( عبد الملك ) فقط و بلغ عبد الملك بن صالح العبّاسي مقام جعفر في منزله فركب إليه فوجّه الحاجب إلى جعفر « قد حضر عبد الملك » فقال يؤذن له و هو يظنّه ابن نجران فدخل عبد الملك بن صالح في سواده فلّما رآه جعفر اسوّد وجهه و كان عبد الملك لا يشرب النبيذ و كان ذلك سبب موجدة الرّشيد عليه لأنّه كان يلتمس ندامه فيأبى عليه فوقف عبد الملك على ما رأى من جعفر فدعا غلامه فناوله سواده و قلنسوته و أقبل حتى وقف على باب المجلس فقال ( افعلوا بنا ما فعلتم بأنفسكم ) فدنا منه خادم فألبسه حريرة و جاء فجلس و دعا بطعام ،

____________________

( ١ ) تاريخ بغداد ١١ : ٢٣٢ .

٣٦

فأكله و دعا بنبيذ فأتوه برطل فشربه ، و قال لجعفر و اللَّه ما شربته قبل اليوم فليخفّف عنّي فدعا له برطليّة جعلت بين يديه و جعل كلّما فعل ذلك شيئا سرّى عن جعفر فلّما أراد الإنصراف قال له جعفر : سل حاجتك ، فما تحيط مقدرتي بمكافأة ما كان منك ، فقال : إنّ في قلب الرّشيد عليّ هنة فتسأله الرّضا عنّي ،

فقال : قد رضي عنك ، قال : و عليّ أربعة آلاف درهم تقضي عنّي قال : انّها عندي حاضرة ، و لكن اجعلها من مال الخليفة ، فانّها أنبل لك ، قال : و ابراهيم ابني أحبّ أن أشدّ ظهره بصهر من أولاد الخليفة ، قال : قد زوّجه الخليفة ( العالية ) قال :

و يحبّ أن يخفق لواء على رأسه ، قال : قد ولاّه مصر ، قال إبراهيم بن المهدي أخو الرّشيد و كان من ندمائه تعجّبنا من إقدام جعفر من غير استئذان و قلنا : لعلّه أن يجاب إلى مال من الحوائج فكيف التّزويج ، فلّما كان من الغدّ وقفنا على باب الرّشيد و دخل جعفر فلم يلبث أن دعى بأبي يوسف القاضي و محمّد بن الحسن مع ابراهيم بن عبد الملك و قد خرج ابراهيم و قد خلع عليه ،

و زوّج و حملت البدر إلى منزل عبد الملك ، و خرج علينا جعفر و أشار علينا باتباعه ، و قال : تعلّقت قلوبكم بأوّل الحديث من أمر عبد الملك فأحببتم آخره ،

و إنّي لمّا دخلت على الخليفة ابتدأت القصّة ، كيف كان من أوّلها إلى آخرها ؟

فجعل يقول ( أحسن و اللَّه ) حتّى إذا أتممت خبره ، قال ما صنعت به فأخبرت فجعل يقول ( أحسنت أحسنت ) و فيه أيضا : حكي أنّ الرشيد قام عن مجلسه يريد الدخول إلى بعض حجر قصره ، و إنّ جعفر أسرع فرفع له السّتر و إنّ الرشيد جعل يتأمّل عنقه تأمّلا شديدا فرآه جعفر و هو يتأمّل ، فقال : ما متأمّل الخليفة ؟ قال : حسن عنقك و حسن موقع الجرّبان معرّب كريبان منه فقال :

لا و اللَّه ما تأمّلت إلاّ موضع سيفك ، فقال له : أعيذك باللَّه من هذا القول و اعتنقه و قبّله ، ثمّ قال الرّشيد للفضل بن الرّبيع بعد قتل جعفر و ذكر له هذا الخبر

٣٧

قاتل اللَّه جعفرا ما تأمّلت عنقه إلاّ لموضع السيف منه ، و لم يزل الرّشيد مع جعفر في حاله إلى أن ركب مستهلّ صفر سنة ( ١٨٧ ) إلى الصّيد و جعفر يسايره و انصرف ممسيا إلى القصر الذي كان ينزله بالأنبار ، و هو معه فضمّه إليه و قال : لو لا أنّي أريد الجلوس الليلة مع النساء لم افارقك ، فصار جعفر إلى منزله ، و واصل الرّشيد الرّسل إليه بالألطاف إلى وجه السّحر ، ثم هجم عليه مسرور الخادم فضرب عنقه ، و نصب رأسه و قطّعت جثّته بنصفين و صلبا على الجسرين١ .

٤٠

الحكمة ( ٢٩٧ ) و قال عليه السّلام :

مَا أَكْثَرَ اَلْعِبَرَ وَ أَقَلَّ اَلاِعْتِبَارَ عن الصادق عليه السّلام : كان أكثر عبادة أبي ذر التفكّر و الاعتبار .

و للجنيدي في قتل ( حسنك الأمير ) :

أبدى لك الدّهر في أحواله عبرا

لو كنت يوما بما تلقاه معتبرا

انظر بعين النّهى في حسنك لترى

سحاب كلّ بلاء أرضه مطرا

صلب و رجم و خير الرّأس بعدهما

من يقهر النّاس في سلطانه قهرا

و في ( أخبار حكماء القفطي ) : كان أبو البركات هبة اللَّه بن ملكا وقف على كتب المتقدّمين و المتأخّرين في الطّبّ و صنّف فيها كتابا سمّاه ( المعتبر ) و هو أحسن كتاب صنّفه فيه ، و كان الأطباء في وقته يسألونه عن مسائل من الأمراض فيجيب عنها ، فيسطرون ذلك عنه إلى أن صار مؤلّفا يتناقلونه بينهم ،

و نقل عنه معالجة عجيبة لذي سعال و قال : و لم يزل سعيدا إلى أن قلب له

____________________

( ١ ) الكتّاب و الوزراء للجهشياري : ٢٣٤ بتصرف .

٣٨

الدّهر ظهر المجن ، فلما أسنّ عمى و طرش و برص و تجذّم ، و لمّا أحسَّ بالموت أوصى أن يكتب على قبره : ( هذا قبر أوحد الزّمان أبي البركات ذي العبر صاحب المعتبر )١ .

و في ( الحلية ) عن أبي عبد اللَّه السّجزي : العبرة أن تجعل كلّ حاضر غائبا ، و الفكرة أن تجعل كلّ غائب حاضرا٢ .

٤١

الحكمة ( ٤٣١ ) و قال عليه السّلام :

اَلرِّزْقُ رِزْقَانِ طَالِبٌ وَ مَطْلُوبٌ فَمَنْ طَلَبَ اَلدُّنْيَا طَلَبَهُ اَلْمَوْتُ حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْهَا وَ مَنْ طَلَبَ اَلْآخِرَةَ طَلَبَتْهُ اَلدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ مِنْهَا في ( الكافي ) : أوحى تعالى إلى الدّنيا أن أتعبي من خدمك و اخدمي من خدمني٣ .

أيضا عنه عليه السّلام : أما إن زهد الزّاهد في هذه الدّنيا لا ينقصه ممّا قسم اللَّه تعالى له فيها ، و ان حرص الحريص على عاجل زهرة الحياة الدّنيا لا يزيده فيها ، فالمغبون من حرم حظّه من الآخرة٤ .

و عن الباقر عليه السّلام : قال تعالى : و عزّتي و جلالي لا يؤثر عبد هواي على هواه في شي‏ء من أمر الدّنيا ، إلاّ جعلت غناه في نفسه و ضمنت السماوات و الأرض رزقه ، و كنت له من وراء تجارة كلّ تاجر .

____________________

( ١ ) أخبار الحكماء للقفطي : ٢٢٦ .

( ٢ ) حلية الأولياء لأبي نعيم ١٠ : ٣٥٦ .

( ٣ ) في الفقيه و ليس الكافي ، راجع من لا يحضره الفقيه ٤ : ٣٦٣ ح ٥٧٦٢ باب ٢ .

( ٤ ) الكافي ٣ : ١٩٥ ح ٦ .

٣٩

هذا ، و في ( الكشي ) : أتى عمّار يوم صفّين بلبن فضحك ، و قال : قال لي النبيّ صلى اللَّه عليه و آله : آخر شراب تشربه من الدّنيا مذقة من لبن حتى تموت .

و في خبر آخر : آخر زادك من الدّنيا ضياح من لبن١ .

٤٢

الحكمة ( ٣٠٣ ) و قال عليه السّلام :

اَلنَّاسُ أَبْنَاءُ اَلدُّنْيَا وَ لاَ يُلاَمُ اَلرَّجُلُ عَلَى حُبِّ أُمِّهِ في ( طرائف المقدسي ) : قيل لعلي عليه السّلام : ألا ترى حرص النّاس على الدّنيا فقال عليه السّلام : هم ابناؤها ، فأخذ هذا المعنى محمّد بن وهب الحميري فقال :

نراع لذكر الموت ساعة ذكره

و نعترض الدّنيا فنلهو و نلعب

و قد ضمّت الدّنيا إليّ صروفها

و خاطبني أعجامها و هو معرب

و لكنّنا منها خلقنا لغيرها

و ما كنت منه فهو شي‏ء محبّب٢

و في ( حياة حيوان الدميري ) : قيل لجعفر الصادق عليه السّلام : ما بال الناس في الغلا يزداد جوعهم بخلاف العادة في الرّخص ؟ فقال : لأنّهم خلقوا من الأرض و هم بنوها ، فاذا اقحطت قحطوا و إذا أخصبت أخصبوا٣ .

« و لا يلام الرّجل على حبّ امّه » في ( القاموس ) : أمّ حباب الدّنيا ، و قال عمر بن أبي ربيعة :

ألام على حبّي كأنّي سننته

و قد سنّ هذا الحبّ من قبل جرهم٤

و عن الشّعبي : ما أعلم لنا و للدّنيا إلاّ قول كثير :

____________________

( ١ ) رجال الكشي للطوسي : ٣٣ ٣٤ رقم ٦٤ .

( ٢ ) الطرائف للمقدسي : ٨ .

( ٣ ) لم نعثر عليه في حيوان الدميري و لكنه مروي في البحار في ٧٨ : ٢٠٥ .

( ٤ ) القاموس المحيط للفيروز آبادي : ٩١ ( الحب ) .

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

(سهل بن أحمد)(١) ، عن محمّد بن محمّد الأشعث، عن موسى بن اسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ)(٢) ، رغم أنف رجل أدرك أبويه عند الكبر، فلم يدخلاه الجنّة، رغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان، ثمّ انسلخ قبل أن يغفر له ».

[ ٨٧٠٤ ] ٢ - السيد فضل الله في نوادره: عن علي بن الحسن الورّاق، عن أبي محمّد، عن اسحاق بن عيسى، عن الحسين بن علي، عن اسماعيل بن سعيد، عن يزيد بن هارون، عن المسعودي، يقول: من قرأ أول ليلة من شهر رمضان( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ) (١) حفظ إلى مثلها من قابل.

[ ٨٧٠٥ ] ٣ - وعن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عبد الرحمان، عن أبي بكر بن محمّد، عن محمّد بن عمرو بن مذعورة، عن ابي هريرة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من صلى في شهر رمضان، في كلّ ليلة ركعتين، يقرأ في كلّ ركعة بفاتحة الكتاب مرّة، وقل هو الله أحد ثلاث مرات، إن شاء صلاهما في أوّل الليل، وإن شاء في آخر

____________________________

(١) في جامع الأحاديث: محمّد بن عبدالله، وفي البحار كما في المتن وكلاهما من مشايخ مؤلف جامع الأحاديث.

(٢) ليس في جامع الأحاديث.

٢ - نوادر الراوندي: النسخة المطبوعة خالية من هذا الحديث، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٥٠ ح ١٩.

(١) الفتح ٤٨: ١.

٣ - نوادر الراوندي: النسخة المطبوعة خالية من هذا الحديث، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٦ ح ١١.

٤٨١

الليل، والذي بعثني بالحق نبيّا، إنّ الله عزّوجلّ يبعث بكلّ ركعة مائة الف ملك، يكتبون له الحسنات، ويمحون عنه السيئات، ويرفعون له الدرجات، واعطاه ثواب من أعتق سبعين رقبة ».

[ ٨٧٠٦ ] ٤ - البحار، عن اعلام الدين للديلمي: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرأ في شهر رجب وشعبان وشهر رمضان، كلّ يوم وليلة: فاتحة الكتاب، وآية الكرسي، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ بربّ الناس، وقل أعوذ بربّ الفلق، ثلاث مرّات، ويقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم، ثلاث مرّات، ثمّ يصلّي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثلاث مرات، ثمّ يقول: اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وعلى كلّ ملك ونبي، ثلاث مرّات، ثمّ يقول: اللّهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات، ثلاث مرّات، ثمّ يقول: أستغفر الله وأتوب إليه، أربعمائة مرة، ثمّ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي نفسي بيده، من قرأ هذه السّور، وفعل ذلك كلّه في الشهور الثلاثة ولياليها، لا يفوتها شئ، لو كانت ذنوبه عدد قطر المطر، وورق الشّجر، وزبد البحر، غفرها الله له، وأنّه ينادي مناد يوم الفطر، يا عبدي أنت ولييّ حقّا حقّا، ولك عندي بكلّ حرف قرأته، شفاعة في الإخوان والأخوات، بكرامتك عليّ، ثمّ قال: والذي بعثني بالحقّ نبيّا، إنّ من قرأ هذه السّور، وفعل ذلك في هذه الشّهور الثّلاثة ولياليها، ولو في عمره مرّة واحدة، اعطاه الله بكلّ حرف سبعين الف حسنة، كلّ حسنة عند الله أثقل من جبال الدّنيا، ويقضي الله له سبعمائة حاجة

____________________________

٤ - البحار ج ٩٦ ص ٣٨١ ح ٧ عن اعلام الدين ص ١١٣.

٤٨٢

عند نزعه، وسبعمائة حاجة في القبر، وسبعمائة حاجة عند خروجه من قبره، ومثل ذلك عند تطاير الصّحف، ومثله عند الميزان، ومثله عند الصراط، ويظلّه تحت ظلّ عرشه، ويحاسبه حسابا يسيرا، ويشيّعه سبعون الف ملك إلى الجنّة، ويقول الله تعالى: خذها لك في هذه الأشهر(١) ، ويذهب به إلى الجنّة، وقد أعدّ له ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ».

[ ٨٧٠٧ ] ٥ - الكافي: عن محمّد بن عيسى، بإسناده عن الصالحينعليهم‌السلام ، قال: تكرّر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، هذا الدّعاء ساجدا وقائما، [ وقاعداً ](١) وعلى كلّ حال، وفي الشهر كلّه، وكيف أمكنك، ومتى حضرك من دهرك، تقول بعد تحميد الله تبارك وتعالى، والصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : اللّهمّ كن لوليّك فلان بن فلان، هذه الساعة، وفي كلّ ساعة، وليّا، وحافظا، وناصرا، ودليلا، وقائدا، وعينا، حتّى تسكنه أرضك طوعا، وتمتّعه فيها طويلا ».

ورواه الكفعمي في مصباحه: مثله، باختلاف يسير(٢) .

[ ٨٧٠٨ ] ٦ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: وأمّا ما رواه العامة، عن جعفر، عن آبائه، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنّ من صلى ليلة سبع وعشرين، ركعتين يقرأ في كلّ ركعة: فاتحة الكتاب، وإنّا أنزلناه مرة، وقل هو الله أحد خمسا وعشرين مرة، فإذا سلّم استغفر مائة

____________________________

(١) في نسخة: هذا الشهر.

٥ - الكافي ج ٤ ص ١٦٢ ح ٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) مصباح الكفعمي ص ٥٨٦.

٦ - لب اللباب: مخطوط.

٤٨٣

مرّة، وصلى على النبي وآله مائة مرة، فقد أدرك ليلة القدر »، فإنّ هذه الرواية، لا تنافي ما صحّ من أنّ ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين، لأنّ هذه الرواية تختصّ بمن فاته ليلة ثلاث وعشرين، فأدرك ليلة سبع وعشرين.

[ ٨٧٠٩ ] ٧ - وفيه: روي أنّ الملائكة إذا ما سلّموا ليلته على المنتبهين الذّاكرين، ثمّ يرجعون إلى السماء، يأمرهم الله تعالى بالانصراف إلى الأرض، حتّى يسلّموا على النائمين من المؤمنين، على كلّ واحد سبعين سلاما.

[ ٨٧١٠ ] ٨ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « أتدرون لم سمّي شعبان شعبان؟ لأنّه يتشعب منه خير كثير لرمضان، وإنّما سمّي رمضان رمضان، لأنّه ترمض فيه الذنوب - أي تحرق - وقال: إنّ لله في كلّ يوم جمعة، ستمائة الف عتيق من النار، كلهم قد استوجبوها، وفي كلّ ساعة من ليل أو نهار من شهر رمضان، الف عتيق من النار، كلّهم قد استوجبوها، وله يوم الفطر مثل ما أعتق في الشهر والجمعة ».

[ ٨٧١١ ] ٩ - الصدوق في الأمالي، وفضائل الأشهر الثلاثة: عن صالح بن عيسى العجلي، عن محمّد بن علي بن علي، عن محمّد بن الصلت، عن محمّد بن بكير، عن عباد المهلبي، عن سعد بن عبدالله، عن هلال بن عبدالله(١) ، عن علي بن زيد بن جدعان(٢) ، عن

____________________________

٧، ٨ - لب اللباب: مخطوط.

٩ - أمالي الصدوق ص ١٩١ ح ١، فضائل الاشهر الثلاثة ص ١١٢.

(١) في الأمالي: عبد الرحمن.

(٢) في الطبعة الحجرية: يعلى بن زيد بن جذعان، والصواب أثبتناه من المصدر « راجع تهذيب التهذيب ج ٨ ص ٣٢٢ ».

٤٨٤

سعيد بن المسيّب، عن عبد الرحمان بن سمرة، قال: كنّا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: « رأيت البارحة عجائب » فقلنا يا رسول الله، وما رأيت؟ حدّثنا [ به ](٣) فداك أنفسنا وأهلونا وأولادنا. فقال:

« رأيت رجلاً من أُمتي، قد أتاه ملك الموت ليقبض روحه، فجاءه برّه بوالديه فمنعه منه - إلى أن قال - ورأيت رجلاً من أُمّتي يلهث عطشا، كلّما ورد حوضا منع منه، فجاءه صيام شهر رمضان فسقاه وأرواه ».

[ ٨٧١٢ ] ١٠ - وفي الأمالي: عن علي بن أحمد الدقاق، عن محمّد بن جعفر الأسدي، عن سهل بن زياد، عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني، عن أبي محمّد الحسن العسكريعليه‌السلام ، قال: « قال موسىعليه‌السلام : إلهي فما جزاء من صام شهر رمضان لك محتسبا؟ قال: يا موسى، اقيمه يوم القيامة مقاما لا يخاف فيه، قال: إلهي، فما جزاء من صام شهر رمضان يريد به الناس؟ قال: يا موسى ثوابه كثواب من لم يصمه ».

____________________________

(٣) أثبتناه من المصدرين.

١٠ - أمالي الصدوق ص ١٧٤.

٤٨٥

٤٨٦

أبواب بقيّة الصوم الواجب

١ -( باب حصر أنواع ما يجب منه)

[ ٨٧١٣ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنّ الصوم على أربعين وجها: فعشرة (منها واجب)(١) ، كوجوب شهر رمضان، وعشرة أوجه منها صيامهنّ حرام، وأربعة عشر وجها منها، صاحبها فيها بالخيار، إن شاء صام، وإن شاء أفطر، وصوم الإذن على ثلاثة أوجه، وصوم التّأديب، ومنها صوم الإباحة، وصوم السفر والمريض، وأمّا صوم الواجب: فصوم شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين - يعني لمن افطر يوماً من شهر رمضان عمدا متعمّدا - وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ، لمن لم يجد العتق واجب، من قول الله:( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ) (٢) وصيام شهرين في كفّارة الظهار، (لمن لم يجد العتق، واجب من)(٣) قول(٤) الله:( فَمَن لَّمْ يَجِدْ

____________________________

أبواب بقية الصوم الواجب

الباب - ١

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(١) في المصدر: واجبة فيها.

(٢) النساء ٤: ٩٢.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) في المصدر: وقال.

٤٨٧

فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ) (٥) أو صيام(٦) ثلاثة أيام في كفّارة اليمين، واجب لمن لم يجد الإطعام، قال الله تعالى:( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ) (٧) كلّ ذلك متتابع ليس بمفترق، وصيام من كان به أذى من رأسه، واجب قال الله تبارك وتعالى:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (٨) فصاحب هذه بالخيار، فإن شاء صام ثلاثة أيّام، وصوم دم المتعة واجب، لمن لم يجد الهدي، قال الله تبارك وتعالى:( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ) (٩) وصوم جزاء الصيد واجب، قال الله تبارك وتعالى:( أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا ) (١٠) وأروي عن العالم أنّه قال: أتدرون كيف يكون عدل ذلك صياما؟ فقيل له: لا، فقال: يقوّم الصّيد قيمة، ثمّ يشتري بتلك القيمة البرّ، ثمّ يكال ذلك البرّ أصواعا، فيصوم لكلّ نصف صاع يوما، وصوم النّذر واجب، وصوم الاعتكاف واجب ».

ورواه الصدوق في الهداية(١١) : عن الزهري، أنّه قال: دخلت على علي بن الحسينعليهما‌السلام ، فقال لي: « يا زهري من أين جئت؟ » فقلت: من المسجد، فقال: « فيم كنتم؟ » قلت: تذاكرنا أمر الصوم، فاجتمع رأيي ورأي أصحابي، على أنّه ليس شئ من الصوم بواجب، إلّا صوم شهر رمضان، فقال: « يا زهري ليس

____________________________

(٥) المجادلة ٥٨: ٤.

(٦) في المصدر: وصيام.

(٧) المائدة ٥: ٨٩.

(٨، ٩) البقرة ٢: ١٩٦.

(١٠) المائدة ٥: ٩٥.

(١١) الهداية ص ٤٨.

٤٨٨

كما قلتم، إنّ الصوم على أربعين وجها » الخ.

وفي المقنع: اعلم أنّ الصوم على أربعين وجها وساق مثله(١٢) .

٢ -( باب أنّ من وجب عليه صوم شهرين متتابعين، فافطر لعذر بنى، ولغير عذر استأنف، إلّا أن يصوم شهرا ومن الثّاني ولو يوماً فيبني)

[ ٨٧١٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « متى وجب على الإنسان صوم شهرين متتابعين، فصام شهرا وصام من الشهر الثاني أياما، ثمّ أفطر، فعليه أن يبني عليه ولا بأس، وإن صام شهرا أو أقلّ منه، ولم يصم من الشهر الثاني شيئا، عليه أن يعيد صومه، إلّا أن يكون قد أفطر لمرض، فله أن يبني على ما صام، لأنّ الله حبسه ».

[ ٨٧١٥ ] ٢ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط: عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن رجل جعل عليه صوم شهرين متتابعين، فصام شهرا ثمّ مرض، هل يعيده؟ قال: « نعم، أمر الله حبسه ».

[ ٨٧١٦ ] ٣ - وعن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن المرأة يجب عليها صوم شهرين متتابعين، قال: « تصوم، فما حاضت فهو يجزيها ».

____________________________

(١٢) المقنع ص ٥٥.

الباب - ٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦. ٢،

٣ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط ص ٣٢.

٤٨٩

٣ -( باب وجوب صوم النّذر)

[ ٨٧١٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وصوم النّذر واجب ».

[ ٨٧١٨ ] ٢ - فرات بن ابراهيم الكوفي، بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّهعليهم‌السلام ، قال: « مرض الحسن والحسينعليهما‌السلام ، مرضا شديدا، فعادهما سيّد ولد آدم، محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعادهما أبو بكر وعمر، فقال عمر لعليّعليه‌السلام : يا أبا الحسن، إن نذرت لله نذرا واجبا، فإنّ كلّ نذر لا يكون لله فليس فيه وفاء، فقال عليعليه‌السلام : إن عافى الله ولديّ ممـّا بهما، صمت لله ثلاثة أيّام متواليات، وقالت فاطمةعليها‌السلام ، مثل مقالة عليعليه‌السلام » الخبر، وله طرق كثيرة.

[ ٨٧١٩ ] ٣ - الصدوق في الهداية: عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنّه قال للزّهري: « وصوم النّذر واجب » الخبر.

[ ٨٧٢٠ ] ٤ - وفي المقنع: فإن نذر أن يصوم يوماً معروفا أو شهراً معروفا، فعليه أن يصوم ذلك اليوم و(١) ذلك الشهر، فإن لم يصمه أو صامه فأفطر، عليه(٢) الكفّارة.

____________________________

الباب - ٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٢ - تفسير فرات الكوفي ص ١٩٦.

٣ - الهداية ص ٤٩.

٤ - المقنع ص ١٣٨.

(١) في المصدر: أو.

(٢) وفيه: فعليه.

٤٩٠

٤ -( باب وجوب صوم كفّارة النّذر وقضائه، وقدر الكفّارة)

[ ٨٧٢١ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن أفطر (يوم صوم)(١) النّذر، فعليه الكفّارة شهرين متتابعين، وقد روي أنّ عليه كفّارة يمين ».

[ ٨٧٢٢ ] ٢ - الصدوق في المقنع: فإن نذر رجل أن يصوم يوما، فوقع ذلك اليوم على أهله، فعليه أن يصوم يوماً بدل يوم، ويعتق رقبة مؤمنة.

٥ -( باب وجوب كفّارة مخيّرة بقتل الخطأ، وكفّارة الجمع بقتل العمد، وأنّ القاتل في الأشهر الحرم، يصوم شهرين منها، وحكم دخول العيد وأيّام التّشريق)

[ ٨٧٢٣ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « كفّارة القتل، عتق رقبة، أو صوم شهرين متتابعين، إذا لم يجد ما يعتق، أو إطعام ستّين مسكينا، إن لم يستطع الصّوم ».

[ ٨٧٢٤ ] ٢ - احمد بن محمّد بن عيسى في نوادره: عن فضالة بن أيّوب، والقاسم بن محمّد، عن ابان بن عثمان، عن زرارة والحسين بن سعيد، عن أحمد بن عبدالله، عن أبان، عن زرارة، قال: سمعت

____________________________

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في الطبعة الحجرية (يوما صومه) وما أثبتناه من المصدر.

٢ - المقنع ص ١٣٨.

الباب - ٥

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٤١٣ ح ١٤٤٣.

٢ - نوادر أحمد بن عيسى ص ٦١.

٤٩١

أبا جعفرعليه‌السلام يقول: « إذا قتل الرّجل في شهر حرام، صام شهرين متتابعين من أشهر الحرم »، فتبسّمت وقلت له: يدخل ها هنا شئ، قال: « أدخلني(١) »، قلت: العيد والأضحى وأيّام التّشريق، قال: « هذا حقّ لزمه فليصمه » قال أحمد بن عبدالله في حديثه: ليعتق أو يصوم.

٦ -( باب وجوب التّتابع: في صوم كفّارة اليمين، والظّهار، والقتل، والإفطار، وبدل الهدي، وأحكام كفّارات الحجّ)

[ ٨٧٢٥ ] ١ - دعائم الإسلام: عن علي، ومحمّد بن علي بن الحسين، وجعفر بن محمّدعليهم‌السلام ، أنّهم قالوا: « صيام كفّارة اليمين، ثلاثة أيّام متتابعات، لا يفرّق(١) بينها ».

[ ٨٧٢٦ ] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « صيام الظّهار، شهران متتابعان، كما قال الله عزّوجلّ ».

[ ٨٧٢٧ ] ٣ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن علي بن جعفر، عن أخيه(١) موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال: سألته عن صوم

____________________________

(١) في نسخة: أدخله، منه قدّه.

الباب - ٦

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ١٠٣.

(١) في الطبعة الحجرية: لا فرق، وما أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٢٧٩.

٣ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٩٣ ح ٢٤١.

(١) في الطبعة الحجرية « عمّن أخبره، عن »، وما أثبتناه من المصدر هو الصواب « راجع معجم رجال الحديث ج ١١ ص ٢٨٥ ورجال النجاشي ص ١٧٦ وغيرهما ».

٤٩٢

الثلاثة أيّام في الحجّ والسّبعة، ايصومها متوالية أم يفرّق بينها؟ قال: « يصوم الثّلاثة لا يفرّق بينها، (والسبعة لا يفرق بينها)(٢) ، ولا يجمع الثلاثة والسبعة(٣) ».

[ ٨٧٢٨ ] ٤ - وعن الزهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: « صيام شهرين متتابعين من قتل خطأ، لمن لم يجد العتق واجب، قال الله تعالى:( وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً ) (١) » الآية.

الصدوق في الهداية(٢) والمقنع(٣) : عنهعليه‌السلام ، مثله.

فقه الرضا(٤) عليه‌السلام : مثله.

٧ -( باب أنّ من نذر أن يصوم حتّى يقوم القائمعليه‌السلام ، لزمه ووجب عليه صوم ما عدا الأيّام المحرّمة)

[ ٨٧٢٩ ] ١ - محمّد بن ابراهيم النّعماني في كتاب الغيبة: حدّثنا محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن

____________________________

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٣) وفيه زيادة: جميعاً.

٤ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٢٦٦ ح ٢٣١.

(١) النساء ٤: ٩٢.

(٢) الهداية ص ٤٩.

(٣) المقنع ص ٥٦.

(٤) فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

الباب - ٧

١ - الغيبة ص ٩٤ ح ٢٦.

٤٩٣

شمّون، عن عبدالله بن عبد الرحمان الأصمّ، عن كرام، قال: حلفت فيما بيني وبين نفسي، ان لا آكل طعاما بنهار، حتّى يقوم قائم آل محمّدعليهم‌السلام ، فدخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام ، فقلت له: رجل من شيعتك جعل لله عليه أن لا يأكل طعاما(١) أبدا، حتّى يقوم قائم آل محمّدعليهم‌السلام ، فقال: « صم يا كرام، ولا تصم العيدين، ولا ثلاثة أيّام التّشريق، ولا إذا كنت مسافرا » الحديث.

٨ -( باب أنّ من نذر أن يصوم حينا، وجب عليه صوم ستة أشهر، ومن نذر أن يصوم زمانا، وجب عليه صوم خمسة أشهر)

[ ٨٧٣٠ ] ١ - العيّاشي في تفسيره: عن اسماعيل بن زياد السكوني، عن جعفر بن محمّد(١) عليهما‌السلام ، أنّ علياعليه‌السلام ، قال في رجل نذر أن يصوم زمانا، قال: « الزّمان خمسة أشهر، والحين ستّة أشهر، لأن الله يقول:( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ) (٢) ».

[ ٨٧٣١ ] ٢ - الجعفريات: اخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد،(١) عن عليعليهم‌السلام ، أنّه قال فيمن نذر أن يصوم زمانا، قال: « الزّمان خمسة أشهر ».

____________________________

(١) في المصدر زيادة: بنهار.

الباب - ٨

١ - تفسير العيّاشي ج ٢ ص ٢٢٤.

(١) في المصدر زيادة: عن أبيه.

(٢) ابراهيم ١٤: ٢٥.

٢ - الجعفريات ص ٦٢.

(١) في المصدر زيادة: عن أبيه.

٤٩٤

٩ -( باب أنّ من نذر صوما معيّنا فعجز، وجب عليه أن يتصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام)

[ ٨٧٣٢ ] ١ - الصدوق في المقنع: فإن نذر رجل أن يصوم كلّ سبت، أو احد، أو سائر الأيام، فليس له أن يتركه إلّا من علّة، وليس عليه صومه في سفر ولا مرض، إلّا أن يكون نوى ذلك، فإن أفطر من غير علّة، تصدّق مكان كلّ يوم على عشرة مساكين.

١٠ -( باب أنّ من نذر صوم أيّام معيّنة في الشهر، فاتّفق في السّفر، لم يجب صومها ولا قضاؤها، وأنّه لا يجب التتّابع في صوم النّذر، إلّا مع الشّرط فيه)

[ ٨٧٣٣ ] ١ - الصدوق في المقنع: فإن نذر أن يصوم يوماً بعينه ما دام حيا، فوافق ذلك اليوم عيد فطر، أو أضحى، أو ايّام التّشريق، أو سافر، أو مرض، فقد وضع الله عنه الصّيام في هذه الأيام كلّها، ويصوم يوماً بدل يوم.

____________________________

الباب - ٩

١ - المقنع ص ١٣٧.

الباب - ١٠

١ - المقنع ص ١٣٧.

٤٩٥

٤٩٦

أبواب الصوم المندوب

١ -( باب استحباب صوم كلّ يوم، عدا الأيام المحرّمة)

[ ٨٧٣٤ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا ابي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وكّل الله تعالى ملائكة بالدعاء للصّائمين ».

[ ٨٧٣٥ ] ٢ - وبهذا الإسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : نوم الصّائم عبادة، ونفسه تسبيح ».

[ ٨٧٣٦ ] ٣ - وبهذا الإسناد قال: « قيل يا رسول الله: ما الّذي يباعد الشّيطان منّا؟ قال: الصوم لله يسوّد وجهه، والصّدقة تكسر ظهره، والحبّ في الله عزّوجلّ، والمواظبة على العمل، تقطع دابره(١) ،

____________________________

أبواب الصوم المندوب

الباب - ١

١، ٢ - الجعفريات ص ٥٨.

٣ - الجعفريات ص ٥٨.

(١) دابر الشئ: آخره (لسان العرب - دبر - ج ٤ ص ٢٧٠) وقوله تعالى:( فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ) أي أهلك آخر من بقي منهم (مجمع البحرين ج ٣ ص ٢٩٧).

٤٩٧

والاستغفار يقطع وتينه(٢) ».

[ ٨٧٣٧ ] ٤ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ثلاثة من روح الله: التّهجّد في الليل بالصلاة، ولقاء الإخوان، والصوم ».

[ ٨٧٣٨ ] ٥ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لكلّ شئ زكاة، وزكاة الأبدان الصيام ».

[ ٨٧٣٩ ] ٦ - وعن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « سبع من سوابق الإيمان، فتمسكوا بهنّ: شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله، وحبّ أهل بيت نبيّ الله حقّا (حقّا)(١) ، من قبل القلوب لا الزّحم بالمناكب، ومفارقة القلوب، والجهاد في سبيل الله، والصيام في الهواجر، وإسباغ الوضوء في السبرات(٢) ، والمحافظة على الصلوات، وحج(٣) بيت الله الحرام ».

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « نوم الصائم عبادة، ونفسه تسبيح ».

[ ٨٧٤٠ ] ٧ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « يقول الله عزّ

____________________________

(٢) الوتين: عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه (لسان العرب - وتن - ج ١٣ ص ٤٤١). ٤،

٥ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٩.

٦ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٩.

(١) ليس في المصدر.

(٢) السَّبَرات: جمع سبرة، وهي شدّة البرد (مجمع البحرين ج ٣ ص ٣٢٢).

(٣) في المصدر: والحجّ إلى.

٧ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٠.

٤٩٨

وجلّ: الصوم لي وأنا أُجزي به، وللصّائم فرحتان. فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربّه، والذي نفس محمّد بيده، لخلوف فم الصّائم، أطيب عند الله من ريح المسك ».

[ ٨٧٤١ ] ٨ - أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي في كتاب التّحصين: نقلاً عن الشيخ ابي محمّد جعفر بن أحمد بن علي القمّي، في كتابه المنبئ عن زهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: حدّثنا أحمد بن علي بن بلال، قال: حدّثنا عبد الرحمان بن حمدان قال: حدّثنا الحسن بن محمّد، حدّثنا ابو الحسن بشر بن أبي بشر البصري، قال: أخبرني الوليد بن عبد الواحد، قال: حدّثنا حنّان البصري، عن اسحاق بن نوح، عن محمّد بن علي، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، قال: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأقبل على أُسامة بن زيد، فقال: « يا أُسامة، عليك بطريق الحقّ، وإيّاك وأن تختلج دونه، بزهرة رغبات الدّنيا، وغضارة نعيمها، وبائد(١) سرورها، وزائل عيشها » فقال اسامة: يا رسول الله، ما أيسر ما ينقطع به ذلك الطّريق؟ قال: « السّهر الدّائم، والظمأ في الهواجر(٢) ، وكفّ النفس عن الشهوات، وترك اتّباع الهوى، واجتناب أبناء الدّنيا، يا أُسامة، عليك بالصوم فإنّه قربة إلى الله، وليس شئ أطيب عند الله من ريح فم صائم، ترك الطّعام والشّراب لله ربّ العالمين، وآثر الله على ما سواه، وابتاع آخرته بدنياه، فإن استطعت أن يأتيك الموت، وانت

____________________________

٨ - التحصين ص ٨.

(١) البائد: المنقطع، وبادَ الشئ: انقطع وذهب (لسان العرب ج ٣ ص ٩٧).

(٢) الهاجرة: نصف النهار عند اشتداد الحرّ والجمع هواجر. (مجمع البحرين - هجر - ج ٣ ص ٥١٦).

٤٩٩

جائع وكبدك ظمآن فافعل، فإنّك تنال بذلك اشرف المنازل، وتحلّ مع الأبرار والشهداء والصّالحين » الخبر.

[ ٨٧٤٢ ] ٩ - مصباح الشّريعة: قال الصادقعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الصّوم جنّة - أي ستر - من آفات الدّنيا، وحجاب من عذاب الآخرة - إلى ان قال - وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : [ قال الله تعالى: ](١) الصوم لي وأنا أُجزي به، فالصوم يميت مراد(٢) النّفس، وشهوة الطّبع الحيواني، وفيه صفاء(٣) القلب، وطهارة الجوارح، وعمارة الظّاهر والباطن، والشكر على النّعم، والإحسان إلى الفقراء، وزيادة التّضرع والخشوع والبكاء، وحبل الالتجاء إلى الله، وسبب انكسار الشهوة(٤) ، وتخفيف السّيئات، وتضعيف الحسنات، وفيه من الفوائد ما لا يحصى، وكفى بما ذكرناه منه، لمن عقله، ووفق لاستعماله ».

[ ٨٧٤٣ ] ١٠ - الحسن بن أبي الحسن الديلمي في إرشاد القلوب: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال في ليلة المعراج: « يا ربّ ما أوّل العبادة؟ قال: أوّل العبادة الصّمت والصوم، قال: يا ربّ وما ميراث الصوم؟ قال: يورث الحكمة، والحكمة تورث المعرفة، والمعرفة تورث اليقين، فإذا استيقن العبد، لا يبالي كيف أصبح، بعسر أم بيسر، وإذا كان العبد في حالة الموت،

____________________________

٩ - مصباح الشريعة ص ١٣٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: هوى.

(٣) وفيه: حياة.

(٤) في الطبعة الحجرية (الهمة) وما أثبتناه من المصدر.

١٠ - إرشاد القلوب ص ٢٠٣.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607