الميزان في تفسير القرآن الجزء ٢٠

الميزان في تفسير القرآن10%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 568

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 219985 / تحميل: 7018
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ٢٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

السببيّة لأنّ الخير إذا وقع في محلّ غير صالح قاومه المحلّ بما فيه من الفساد فأفسده فانقلب شرّاً، و قد قال تعالى في صفة القرآن:( وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً ) إسراء: ٨٢.

قوله تعالى: ( وَ إِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَ اسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ ) إلخ ذكر مغفرته تعالى غاية لدعوته و الأصل (دعوتهم ليؤمنوا فتغفر لهم) لأنّ الغرض الإشارة إلى أنّه كان ناصحاً لهم في دعوته و لم يرد إلّا ما فيه خير دنياهم و عقباهم.

و قوله:( جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ ) كناية عن استنكافهم عن الاستماع إلى دعوته، و قوله:( وَ اسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ ) أي غطوا بها رؤسهم و وجوههم لئلّا يروني و لا يسمعوا كلامي و هو كناية عن التنفّر و عدم الاستماع إلى قوله.

و قوله:( وَ أَصَرُّوا وَ اسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً ) أي و ألحّوا على الامتناع من الاستماع و استكبروا عن قبول دعوتي استكباراً عجيباً.

قوله تعالى: ( ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً ) ( ثُمَّ ) للتراخي بحسب رتبة الكلام و الجهار النداء بأعلى الصوت.

قوله تعالى: ( ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَ أَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً ) الإعلان و الإسرار متقابلان و هما الإظهار و الإخفاء، و ظاهر السياق أنّ مرجع ضمير لهم في الموضعين واحد فالمعنى دعوتهم سرّاً و علانية فتارة علانية و تارة سرّاً سالكاً في دعوتي كلّ مذهب ممكن و سائراً في كلّ مسير مرجوّ.

قوله تعالى: ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً - إلى قوله -أَنْهاراً ) علل أمرهم بالاستغفار بقوله:( إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً ) دلالة على أنّه تعالى كثير المغفرة و هي مضافاً إلى كثرتها منه سنّة مستمرّة له تعالى.

و قوله:( يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً ) مجزوم في جواب الأمر، و المراد بالسماء السحاب، و المدرار كثير الدرور بالأمطار.

و قوله:( وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ ) الأمداد إلحاق المدد و هو ما يتقوّى به

١٠١

الممد على حاجته، و الأموال و البنون أقرب الأعضاد الابتدائيّة الّتي يستعين بها المجتمع الإنسانيّ على حوائجه الحيويّة.

و قوله:( وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً ) هما من قسم الأموال غير أنّهما لكونهما من أبسط ضروريّات المعاش خصّاً بالذكر.

و الآيات - كما ترى - تعدّ النعم الدنيويّة و تحكي عنهعليه‌السلام أنّه يعد قومه توافر النعم و تواترها عليهم إن استغفروا ربّهم فلمغفرة الذنوب أثر بالغ في رفع المصائب و النقمات العامّة و انفتاح أبواب النعم من السماء و الأرض أي أنّ هناك ارتباطاً خاصّاً بين صلاح المجتمع الإنسانيّ و فساده و بين الأوضاع العامّة الكونيّة المربوطة بالحياة الإنسانيّة و طيب عيشه و نكده.

كما يدلّ عليه قوله تعالى:( ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ) الروم: ٤١، و قوله:( وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ) الشورى: ٣٠، و قوله:( وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى‏ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ ) الأعراف: ٩٤، و قد تقدّم في تفسير الآيات ما لا يخلو من نفع في هذا المقام.

قوله تعالى: ( ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً ) استفهام إنكاريّ و الوقار - كما في المجمع - بمعنى العظمة اسم من التوقير بمعنى التعظيم، و الرجاء مقابل الخوف و هو الظنّ بما فيه مسرّة، و المراد به في الآية مطلق الاعتقاد على ما قيل، و قيل: المراد به الخوف للملازمة بينهما.

و المعنى: أيّ سبب حصل لكم حال كونكم لا تعتقدون أو لا تخافون لله عظمة توجب أن تعبدوه.

و الحقّ أنّ المراد بالرجاء معناه المعروف و هو ما يقابل الخوف و نفيه كناية عن اليأس فكثيراً ما يكنّى به عنه يقال: لا أرجو فيه خيراً أي أنا آيس من أن يكون فيه خير، و الوقار الثبوت و الاستقرار و التمكّن و هو الأصل في معناه كما صرّح به في المجمع، و وقاره تعالى ثبوته و استقراره في الربوبيّة المستتبع لاُلوهيّته و معبوديّته.

١٠٢

كأنّ الوثنيّين طلبوا ربّاً له وقار في الربوبيّة لعبدوه فيئسوا منه تعالى فعبدوا غيره و هو كذلك فإنّهم يرون أنّه تعالى لا يحيط به أفهامنا فلا سبيل للتوجّه العبادي إليه، و العبادة أداء لحقّ الربوبيّة الّتي يتفرّع عليها تدبير الأمر و تدبير اُمور العالم مفوّض إلى أصناف الملائكة و الجنّ فهم أربابنا الّذين يجب علينا عبادتهم ليكونوا شفعاء لنا عند الله، و أمّا هو تعالى فليس له إلّا الإيجاد إيجاد الأرباب و مربوبيهم جميعاً دون التدبير.

و الآية أعني قوله:( ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً ) و ما يتلوها إلى تمام سبع آيات مسوقة لإثبات وقاره تعالى في الربوبيّة و حجّة قاطعة في نفي ما لفّقوه لوجوب عبادة غيره من الملائكة و غيرهم لاستناد تدبير العالم إليهم، و يتبيّن به إمكان التوجّه العبادي إليه تعالى.

و محصّل الحجّة: ما الّذي دعاكم إلى نفي ربوبيّته تعالى المستتبع للاُلوهيّة و المعبوديّة و اليأس عن وقاره؟ و أنتم تعلمون أنّه تعالى خلقكم و خلق العالم الّذي تعيشون فيه طوراً من الخلق لا ينفكّ عن هذا النظام الجاري فيه، و ليس تدبير الكون و من فيه من الإنسان إلّا التطوّرات المخلوقة في أجزائه و النظام الجاري فيه فكونه تعالى خالقاً هو كونه مالكاً مدبّراً فهو الربّ لا ربّ سواه فيجب أن يتّخذ إلهاً معبوداً.

و يتبيّن به صحّة التوجّه إليه تعالى بالعبادة فإنّا نعرفه بصفاته الكريمة من الخلق و الرزق و الرحمة و سائر صفاته الفعلية فلنا أن نتوجّه إليه بما نعرفه من صفاته(١) .

قوله تعالى: ( وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً ) حال من فاعل( لا تَرْجُونَ ) و الأطوار جمع طور و هو حدّ الشي‏ء و حاله الّتي هو عليها.

____________________

(١) و إنّما أخذناه بما نعرفه من صفاته الفعليّة لأنّ من المنسوب إليهم أنّهم ينكرون صفاته الذاتيّة و يفسّرونها بسلب النقائص فمعنى كونه حيّاً قديراً عليماً عندهم أنّه ليس بميت و لا عاجز و لا جاهل على أنّ الآيات أيضاً تصفه بالصفات الفعليّة، منه.

١٠٣

و محصّل المعنى - لا ترجون لله وقاراً في ربوبيّة - و الحال أنّه أنشأكم طوراً بعد طور يستعقب طوراً آخر فأنشأ الواحد منكم تراباً ثمّ نطفة ثمّ علقة ثمّ مضغة ثمّ جنينا ثمّ طفلاً ثمّ شاباً ثمّ شيخاً و أنشأ جمعكم مختلفة الأفراد في الذكورة و الاُنوثة و الألوان و الهيئات و القوّة و الضعف إلى غير ذلك، و هل هذا إلّا التدبير فهو مدبّر أمركم فهو ربّكم.

قوله تعالى: ( أَ لَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ) مطابقة السماوات السبع بعضها لبعض كون بعضها فوق بعض أو تطابقهنّ و تماثلهنّ على الاحتمالين المتقدّمين في تفسير أوائل سورة الملك.

و المراد بالرؤية العلم، و توصيف السماوات السبع - و الكلام مسوق سوق الحجّة - يدلّ على أنّهم كانوا يرون كونها سبعاً و يسلّمون ذلك فاحتجّ عليهم بالمسلّم عندهم.

و كيف كان فوقوع حديث السماوات السبع في كلام نوح دليل على كونه مأثوراً من الأنبياءعليهم‌السلام من أقدم العهود.

قوله تعالى: ( وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَ جَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً ) الآيات - كما يشهد به سياقها - مسوقة لبيان وقوع التدبير الإلهيّ على الإنسان بما يفيض عليه من النعم حتّى تثبت ربوبيّته فتجب عبادته.

و على هذا فكون الشمس سراجاً هو كونها مضيئة لعالمنا و لولاها لانغمرنا في ظلمة ظلماء، و كون القمر نوراً هو كونه منوّراً لأرضنا بنور مكتسب من الشمس فليس منوّراً بنفسه حتّى يعدّ سراجاً.

و أمّا أخذ السماوات ظرفاً للقمر في قوله:( وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً ) فالمراد به كما قيل كونه في حيّزهنّ و إن كان في واحدة منها كما تقول: إنّ في هذه الدور لبئراً و إن كانت في واحدة منها لأنّ ما كان في إحداهنّ كان فيهنّ و كما تقول: أتيت بني تميم و إنّما أتيت بعضهم.

١٠٤

قوله تعالى: ( وَ اللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً ) أي أنبتكم إنبات النبات و ذلك أنّ الإنسان تنتهي خلقته إلى عناصر أرضيّة تركّبت تركّباً خاصّاً به يغتذي و ينمو و يولّد المثل، و هذه حقيقة النبات، فالكلام مسوق سوق الحقيقة من غير تشبيه و استعارة.

قوله تعالى: ( ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَ يُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً ) الإعادة فيها بالإماتة و الإقبار، و الإخراج للجزاء يوم القيامة فالآية و الّتي قبلها قريبتا المعنى من قوله تعالى:( فِيها تَحْيَوْنَ وَ فِيها تَمُوتُونَ وَ مِنْها تُخْرَجُونَ ) الأعراف: ٢٥.

و في قوله:( وَ يُخْرِجُكُمْ ) دون أن يقول: ثمّ يخرجكم إيماء إلى أنّ الإعادة و الإخراج كالصنع الواحد و الإعادة مقدّمة للإخراج، و الإنسان في حالتي الإعادة و الإخراج في دار الحقّ كما أنّه في الدنيا في دار الغرور.

قوله تعالى: ( وَ اللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً ) أي كالبساط يسهل لكم التقلّب من جانب إلى جانب، و الانتقال من قطر إلى قطر.

قوله تعالى: ( لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا فِجاجاً ) السبل جمع سبيل بمعنى الطريق و الفجاج جمع فجّ بمعنى الطريق الواسعة، و قيل: الطريق الواقعة بين الجبلين.

قوله تعالى: ( قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَ اتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَ وَلَدُهُ إِلَّا خَساراً ) رجوع منهعليه‌السلام إلى شكواه من قومه إلى ربّه بعد ما ذكر تفصيل دعوته لهم و ما ألقاه من القول إليهم من قوله:( ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً ) إلى آخر الآيات.

و شكواه السابق له قوله:( فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً ) بعد ما أخبر بإجمال دعوته بقوله:( رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَ نَهاراً ) .

و في الآية دلالة على أنّ العظماء المترفين من قومهعليه‌السلام كانوا يصدّون الناس عنه و يحرّضونهم على مخالفته و إيذائه.

١٠٥

و معنى قوله:( لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَ وَلَدُهُ إِلَّا خَساراً ) - و قد عدّ المال و الولد في سابق كلامه من النعم - أنّ المال و الولد الّذين هما من نعمك و كان يجب عليهم شكرهما لم يزيداهم إلّا كفراً و أورثهم ذلك خسراناً من رحمتك.

قوله تعالى: ( وَ مَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً ) الكبّار اسم مبالغة من الكبر.

قوله تعالى: ( وَ قالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً ) توصية منهم بالتمسّك بآلهتهم و عدم ترك عبادتها.

و ودّ و سواع و يغوث و يعوق و نسر خمس من آلهتهم لهم اهتمام تامّ بعبادتهنّ و لذا خصّوها بالذكر مع الوصيّة بمطلق الآلهة، و لعلّ تصدير ودّ و ذكر سواع و يغوث بلا المؤكّدة للنفي لكونها أعظم أمراً عندهم من يعوق و نسر و الله أعلم.

قوله تعالى: ( وَ قَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا ) ضمير( أَضَلُّوا ) للرؤساء المتبوعين و يتأيّد به أنّهم هم المحدّث عنهم في قوله:( وَ مَكَرُوا ) ( وَ قالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ ) و قيل: الضمير للأصنام فهم المضلّون، و لا يخلو من بعد.

و قوله:( وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا ) دعاء من نوح على الظالمين بالضلال و المراد به الضلال مجازاة دون الضلال الابتدائيّ فهو دعاء منه أن يجازيهم الله بكفرهم و فسقهم مضافاً إلى ما سيحكي عنه من دعائه عليهم بالهلاك.

( بحث روائي‏)

في نهج البلاغة: و قد جعل الله سبحانه الاستغفار سبباً لدرور الرزق و رحمة الخلق فقال سبحانه:( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ ) فرحم الله امرأ استقبل توبته، و استقال خطيئته، و بادر منيّته‏.

١٠٦

أقول: و الروايات في استفادة سببيّة الاستغفار لسعة الرزق و الأمداد بالأولاد من هذه الآيات كثيرة.

و في الخصال، عن عليّعليه‌السلام في حديث الأربعمائة: أكثر الاستغفار تجلب الرزق.

و في تفسير القمّيّ، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله تعالى:( لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً ) قال؟ لا تخافون لله عظمة.

أقول: و قد روي هذا المعنى من طرق أهل السنّة عن ابن عبّاس.

و فيه، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله تعالى:( سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ) يقول بعضها فوق بعض.

و فيه في قوله تعالى:( رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَ اتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَ وَلَدُهُ إِلَّا خَساراً ) قال: اتّبعوا الأغنياء.

و في الدرّ المنثور، أخرج البخاريّ و ابن المنذر و ابن مردويه عن ابن عبّاس قال: صارت الأصنام و الأوثان الّتي كانت في قوم نوح في العرب بعد.

أمّا ودّ فكانت لكلب في دومة الجندل، و أمّا سواع فكانت لهذيل، و أمّا يغوث فكانت لمراد ثمّ لبني غطيف عند سبأ، و أمّا يعوق فكانت لهمدان، و أمّا نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع.

و كانوا أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلمّا هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم الّتي كانوا يجلسون أنصاباً و سمّوها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتّى إذا هلك اُولئك و نسخ العلم عبدت.

أقول: لعلّ المراد بصيرورة تلك الأصنام الّتي كانت لقوم نوح إلى العرب مطابقة ما عند العرب لما كان عندهم في الأسماء أو في الأوصاف و الأسماء، و أمّا انتقال تلك الأصنام بأشخاصهنّ إلى العرب فبعيد غايته.

١٠٧

و روي القصّة أيضاً في علل الشرائع، بإسناده عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام كما في الرواية.

و في روضة الكافي، بإسناده عن المفضّل عن أبي عبداللهعليه‌السلام في حديث: فعمل نوح سفينته في مسجد الكوفة بيده فأتي بالخشب من بعد حتّى فرغ منها.

قال: فالتفت عن يساره و أشار بيده إلى موضع دار الداريّين و هو موضع دار ابن حكيم، و ذاك فرات اليوم، فقال لي يا مفضّل و هنا نصبت أصنام قوم نوح: يغوث و يعوق و نسر.

١٠٨

( سورة نوح الآيات ٢٥ - ٢٨)

مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللهِ أَنصَارًا ( ٢٥ ) وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ( ٢٦ ) إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ( ٢٧ ) رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا ( ٢٨ )

( بيان‏)

تتضمّن الآيات هلاك القوم و تتمّة دعاء نوحعليه‌السلام عليهم.

قوله تعالى: ( مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً ) إلخ( مِنْ ) لابتداء الغاية تفيد بحسب المورد التعليل و( مِمَّا ) زائدة لتأكيد أمر الخطايا و تفخيمه، و الخطيئات المعاصي و الذنوب، و تنكير النار للتفخيم.

و المعنى: من أجل معاصيهم و ذنوبهم اُغرقوا بالطوفان فأدخلوا - أدخلهم الله - ناراً لا يقدّر عذابها بقدر، و من لطيف نظم الآية الجمع بين الإغراق بالماء و إدخال النار.

و المراد بالنار نار البرزخ الّتي يعذّب بها المجرمون بين الموت و البعث دون نار الآخرة، و الآية من أدلّة البرزخ إذ ليس المراد أنّهم اُغرقوا و سيدخلون النار يوم القيامة، و لا يعبأ بما قيل: إنّ من الجائز أن يراد بها نار الآخرة.

و قوله:( فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً ) أي ينصرونهم في صرف الهلاك و العذاب عنهم. تعريض لأصنامهم و آلهتهم.

قوله تعالى: ( وَ قالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً ) الديّار

١٠٩

نازل الدار، و الآية تتمّة دعائهعليه‌السلام عليهم، و كان قوله:( مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا ) إلخ معترضاً واقعاً بين فقرتي الدعاء للإشارة إلى أنّهم اُهلكوا لما عدّ نوح من خطيئاتهم و لتكون كالتمهيد لسؤاله الهلاك فيتبيّن أنّ إغراقهم كان استجابة لدعائه، و أنّ العذاب استوعبهم عن آخرهم.

قوله تعالى: ( إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً ) تعليل لسؤال إهلاكهم عن آخرهم مفاده أن لا فائدة في بقائهم لا لمن دونهم من المؤمنين فإنّهم يضلّونهم، و لا فيمن يلدونه من الأولاد فإنّهم لا يلدون إلّا فاجراً كفّاراً - و الفجور الفسق الشنيع و الكفّار المبالغ في الكفر -.

و قد استفادعليه‌السلام ما ذكره من صفتهم من الوحي الإلهيّ على ما تقدّم في تفسير قصّة نوح من سورة هود.

قوله تعالى: ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ ) إلخ المراد بمن دخل بيته مؤمناً المؤمنون به من قومه، و بالمؤمنين و المؤمنات عامّتهم إلى يوم القيامة.

و قوله:( وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً ) التبار الهلاك، و الظاهر أنّ المراد بالتبار ما يوجب عذاب الآخرة و هو الضلال و هلاك الدنيا بالغرق، و قد تقدّماً جميعاً في دعائه، و هذا الدعاء آخر ما نقل من كلامهعليه‌السلام في القرآن الكريم.

١١٠

( سورة الجنّ مكّيّة و هي ثمان و عشرون آية)

( سورة الجنّ الآيات ١ - ١٧)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ( ١ ) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ( ٢ ) وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ( ٣ ) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللهِ شَطَطًا ( ٤ ) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِبًا ( ٥ ) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ( ٦ ) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللهُ أَحَدًا ( ٧ ) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ( ٨ ) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا ( ٩ ) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ( ١٠ ) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا ( ١١ ) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا ( ١٢ ) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَىٰ آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ( ١٣ ) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا ( ١٤ ) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ( ١٥ ) وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا ( ١٦ ) لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا ( ١٧ )

١١١

( بيان‏)

تشير السورة إلى قصّة نفر من الجنّ استمعوا القرآن فآمنوا به و أقرّوا باُصول معارفه، و تتخلّص منها إلى تسجيل نبوّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و الإشارة إلى وحدانيّته تعالى في ربوبيّته و إلى المعاد، و السورة مكّيّة بشهادة سياقها.

قوله تعالى: ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ ) أمر للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقصّ القصّة لقومه، و الموحي هو الله سبحانه، و مفعول( اسْتَمَعَ ) القرآن حذف لدلالة الكلام عليه، و النفر الجماعة من ثلاثة إلى تسعة على المشهور، و قيل: بل إلى أربعين.

و العجب بفتحتين ما يدعو إلى التعجّب منه لخروجه عن العادة الجارية في مثله، و إنّما وصفوا القرآن بالعجب لأنّه كلام خارق للعادة في لفظه و معناه أتى به رجل اُمّيّ ما كان يقرأ و لا يكتب.

و الرشد إصابة الواقع و هو خلاف الغيّ، و هداية القرآن إلى الرشد دعوته إلى عقائد و أعمال تتضمّن للمتلبّس بها سعادته الواقعيّة.

و المعنى: يا أيّها الرسول قل للناس: أُوحِيَ - أي أوحى الله - إليّ أنّه استمع القرآن جماعة من الجنّ فقالوا - لقومهم لمّا رجعوا إليهم - إنّا سمعنا كلاماً مقروّاً خارقاً للعادة يهدي إلى معارف من عقائد و أعمال في التلبّس بها إصابة الواقع و الظفر بحقيقة السعادة.

( كلام في الجنّ‏)

الجنّ نوع من الخلق مستورون من حواسّنا يصدّق القرآن الكريم بوجودهم و يذكر أنّهم بنوعهم مخلوقون قبل نوع الإنسان، و أنّهم مخلوقون من النار كما أنّ الإنسان مخلوق من التراب قال تعالى:( وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ ) الحجر: ٢٧.

١١٢

و أنّهم يعيشون و يموتون و يبعثون كالإنسان قال تعالى:( أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ ) الأحقاف: ١٨.

و أنّ فيهم ذكوراً و إناثاً يتكاثرون بالتوالد و التناسل قال تعالى:( وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ ) الجنّ: ٦.

و أنّ لهم شعوراً و إرادة و أنّهم يقدرون على حركات سريعة و أعمال شاقّة كما في قصص سليمانعليه‌السلام و تسخير الجنّ له و قصّة ملكة سبأ.

و أنّهم مكلّفون كالإنسان، منهم مؤمنون و منهم كفّار، و منهم صالحون و آخرون طالحون، قال تعالى:( وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات: ٥٤ و قال تعالى:( إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ) الجنّ: ٢ و قال:( وَ أَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَ مِنَّا الْقاسِطُونَ ) الجنّ: ١٤ و قال:( وَ أَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَ مِنَّا دُونَ ذلِكَ ) الجنّ: ١١ و قال تعالى:( قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى‏ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَ إِلى‏ طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ ) الأحقاف: ٣١ إلى غير ذلك من خصوصيّات أحوالهم الّتي تشير إليها الآيات القرآنيّة.

و يظهر من كلامه تعالى أنّ إبليس من الجنّ و أنّ له ذرّيّة و قبيلاً قال تعالى:( كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ) الكهف: ٥٠ و قال تعالى:( أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي ) الكهف: ٥٠ و قال تعالى:( إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ) الأعراف: ٢٧.

قوله تعالى: ( فَآمَنَّا بِهِ وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً ) إخبار عن إيمانهم بالقرآن و تصديقهم بأنّه حقّ، و قوله:( وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً ) تأكيد لمعنى إيمانهم به أنّ إيمانهم بالقرآن إيمان بالله الّذي أنزله فهو ربّهم، و أنّ إيمانهم به تعالى إيمان توحيد لا يشركون به أحداً أبداً.

قوله تعالى: ( وَ أَنَّهُ تَعالى‏ جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً ) فسّر الجدّ بالعظمة و فسّر بالحظّ، و الآية في معنى التأكيد لقولهم:( وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً ) .

و القراءة المشهورة( أَنَّهُ ) بالفتح، و قرئ بالكسر في هذه الآية و فيما بعدها من

١١٣

الآيات - اثنا عشر مورداً - إلى قوله:( وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا ) فبالفتح و هو الأرجح لظهور سياق الآيات في أنّها مقولة قول الجنّ.

و أمّا قراءة الفتح فوجهها لا يخلو من خفاء، و قد وجّهها بعضهم بأنّ الجملة( وَ أَنَّهُ ) إلخ معطوفة على الضمير المجرور في قوله:( فَآمَنَّا بِهِ ) و التقدير و آمنّا بأنّه تعالى جدّ ربّنا إلخ فهو إخبار منهم بالإيمان بنفي الصاحبة و الولد منه تعالى على ما يقول به الوثنيّون.

و هذا إنّما يستقيم على قول الكوفيّين من النحاة بجواز العطف على الضمير المتّصل المجرور، و أمّا على قول البصريّين منهم من عدم جوازه فقد وجّهه بعضهم كما عن الفرّاء و الزّجّاج و الزمخشريّ بأنّها معطوفة على محلّ الجارّ و المجرور و هو النصب فإنّ قوله:( فَآمَنَّا بِهِ ) في معنى صدّقناه، و التقدير و صدّقنا أنّه تعالى جدّ ربّنا إلخ، و لا يخفى ما فيه من التكلّف.

و وجّهه بعضهم بتقدير حرف الجرّ في الجملة المعطوفة و ذلك مطّرد في أن و أنّ، و التقدير آمنّا به و بأنّه تعالى جدّ ربّنا إلخ.

و يرد على الجميع أعمّ من العطف على الضمير المجرور أو على محلّه أو بتقدير حرف الجرّ أنّ المعنى إنّما يستقيم حينئذ في قوله:( وَ أَنَّهُ تَعالى‏ جَدُّ رَبِّنا ) إلخ، و قوله:( وَ أَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا ) إلخ، و أمّا بقيّة الآيات المصدّرة بأنّ كقوله:( وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ ) إلخ، و قوله:( وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ ) إلخ، و قوله:( وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ ) فلا يصحّ قطعاً فلا معنى لأن يقال: آمنّا أو صدّقنا أنّا ظنّنا أن لن تقول الإنس و الجنّ على الله شططا، أو يقال: آمنّا أو صدّقنا أنّه كان رجال من الإنس يعوذون إلخ، أو يقال: آمنّا أو صدّقنا أنّا لمسنا السماء إلخ.

و لا يندفع الإشكال إلّا بالمصير إلى ما ذكره بعضهم أنّه إذا وجّه الفتح في الآيتين الأوّليّين بتقدير الإيمان أو التصديق فليوجّه في كلّ من الآيات الباقية بما يناسبها من التقدير.

١١٤

و وجّه بعضهم الفتح بأنّ قوله:( وَ أَنَّهُ تَعالى‏ ) إلخ و سائر الآيات المصدّرة بأنّ معطوفة على قوله:( أَنَّهُ اسْتَمَعَ ) إلخ.

و لا يخفى فساده فإنّ محصّله أنّ الآيات في مقام الإخبار عمّا اُوحي إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أقوالهم و قد اُخبر عن قولهم: إنّا سمعنا قرآناً عجباً فآمنّا به بعنوان أنّه إخبار عن قولهم ثمّ حكى سائر أقوالهم بألفاظها فالمعنى اُوحي إليّ أنّه استمع نفر من الجنّ فقالوا إنّا سمعنا كذا و كذا و اُوحي إليّ أنّه تعالى جدّ ربّنا إلخ و اُوحي إليّ أنّه كان يقول سفيهنا إلى آخر الآيات.

فيرد عليه أنّ ما وقع في صدر الآيات من لفظة( أَنَّهُ ) و( أَنَّهُمْ ) و( أَنَّا ) إن لم يكن جزء من لفظهم المحكيّ كان زائداً مخلّاً بالكلام، و إن كان جزء من كلامهم المحكيّ بلفظه لم يكن المحكيّ من مجموع أنّ و ما بعدها كلاماً تامّاً و احتاج إلى تقدير ما يتمّ به كلاماً حتّى تصحّ الحكاية، و لم ينفع في ذلك عطفه على قوله:( أَنَّهُ اسْتَمَعَ ) شيئاً فلا تغفل.

قوله تعالى: ( وَ أَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً ) السفه - على ما ذكره الراغب - خفّة النفس لنقصان العقل، و الشطط القول البعيد من الحقّ.

و الآية أيضاً في معنى التأكيد لقولهم:( لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً ) و مرادهم بسفيههم من سبقهم من مشركي الجنّ، و قيل: المراد إبليس و هو من الجنّ، و هو بعيد من سياق قوله:( كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا ) إلخ.

قوله تعالى: ( وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً ) اعتراف منهم بأنّهم ظنّوا أنّ الإنس و الجنّ صادقون فيما يقولون و لا يكذبون على الله فلمّا وجدوهم مشركين و سمعوهم ينسبون إليه تعالى الصاحبة و الولد أذعنوا به و قلّدوهم فيما يقولون فأشركوا مثلهم حتّى سمعوا القرآن فانكشف لهم الحقّ، و فيه تكذيب منهم للمشركين من الإنس و الجنّ.

قوله تعالى: ( وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً ) قال الراغب: العوذ الالتجاء إلى الغير، و قال: رهقه الأمر غشيه بقهر انتهى.

١١٥

و فسّر الرهق بالإثم، و بالطغيان، و بالخوف، و بالشرّ، و بالذلّة و الضعف، و هي تفاسير بلازم المعنى.

و المراد بعوذ الإنس بالجنّ - على ما قيل: أنّ الرجل من العرب كان إذا نزل الوادي في سفره ليلاً قال: أعوذ بعزيز هذا الوادي من شرّ سفهاء قومه، و نقل عن مقاتل أنّ أوّل من تعوذ بالجنّ قوم من اليمن ثمّ بنو حنيفة ثمّ فشا في العرب.

و لا يبعد أن يكون المراد بالعوذ بالجنّ الاستعانة بهم في المقاصد من طريق الكهانة، و إليه يرجع ما نقل عن بعضهم أنّ المعنى كان رجال من الإنس يعوذون برجال من أجل الجنّ و من معرّتهم و أذاهم.

و الضميران في قوله:( فَزادُوهُمْ ) أوّلهما لرجال من الإنس و ثانيهما لرجال من الجنّ و المعنى فزاد رجال الإنس رجال الجنّ رهقاً بالتجائهم إليهم فاستكبر رجال الجنّ و طغوا و أثموا، و يجوز العكس بأن يكون الضمير الأوّل لرجال الجنّ و الثاني لرجال الإنس، و المعنى فزاد رجال الجنّ رجال الإنس رهقاً أي إثماً و طغياناً أو ذلّة و خوفاً.

قوله تعالى: ( وَ أَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً ) ضمير( أنهم ) لرجال من الإنس، و الخطاب في( ظَنَنْتُمْ ) لقومهم من الجنّ، و المراد بالبعث بعث الرسول بالرسالة فالمشركون ينكرون ذلك، و قيل: المراد به الإحياء بعد الموت، و سياق الآيات التالية يؤيّد الأوّل.

و عن بعضهم أنّ هذه الآية و الّتي قبلها ليستا من كلام الجنّ بل كلامه تعالى معترضاً بين الآيات المتضمّنة لكلام الجنّ، و عليه فضمير( أَنَّهُمْ ) للجنّ و خطاب( ظَنَنْتُمْ ) للناس، و فيه أنّه بعيد من السياق.

قوله تعالى: ( وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَ شُهُباً ) لمس السماء الاقتراب منها بالصعود إليها، و الحرس - على ما قيل - اسم جمع لحارس و لذا وصف بالمفرد و المراد بالحرس الشديد الحفّاظ الأقوياء في دفع من يريد الاستراق

١١٦

منها و لذا شفّع بالشهب و هي سلاحهم.

قوله تعالى: ( وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً ) يفيد انضمام صدر الآية إلى الآية السابقة أنّ مل‏ء السماء بالحرس الشديد و الشهب ممّا حدث أخيراً و أنّهم كانوا من قبل يقعدون من السماء مقاعد لاستماع كلام الملائكة و يفيد ذيل الآية بالتفريع على جميع ما تقدّم أنّ من يستمع الآن منّا بالقعود منها مقعداً للسمع يجد له شهاباً من صفته أنّه راصد له يرميه به الحرس.

فيتحصّل من مجموع الآيتين الإخبار بأنّهم عثروا على حادثة سماوية جديدة مقارنة لنزول القرآن و بعثة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و هي منع الجنّ من تلقّي أخبار السماء باستراق السمع.

و من عجيب الاستدلال ما عن بعضهم أنّ في الآيتين ردّا على من زعم أنّ الرجم حدث بعد مبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لظهور قوله:( مُلِئَتْ حَرَساً ) في أنّ الحادث هو المل‏ء و كثرة الحرس لا أصل الحرس، و ظهور قوله:( نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ ) في أنّا كنّا نجد فيها بعض المقاعد خالياً من الحرس و الشهب، و الآن ملئت المقاعد كلّها فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصداً.

و يدفعه أنّه لو كان المراد بالآيتين هو الإخبار عن مل‏ء السماء بالحرس و تكثير عددهم بحيث لا يوجد فيها مقاعد خالية منهم و قد كانت توجد قبل ذلك كان الواجب أن يتوجّه النفي في قوله:( فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً ) إلى السمع عن جميع المقاعد قبال إثبات السمع من بعض تلك المقاعد لا نفي مجرّد السمع.

سلّمنا أنّ المراد نفي السمع على الإطلاق و هو يكفي في ذلك لكن تعلّق الغرض في الكلام بالإخبار عن الامتلاء بالحرس مع كون بعض المقاعد خالية عنهم قبل ذلك، و كذا تقييد قوله:( فَمَنْ يَسْتَمِعِ ) إلخ، بقوله:( الْآنَ ) يدلّ على حدوث أمر جديد في رجم الجنّ و هو استيعاب الرجم لهم في أيّ مقعد قعدوا و المنع من السمع مطلقاً بعد ما كانوا يستمعون من بعض المقاعد من غير منع، و هذا المقدار كاف للمدّعي فيما يدّعيه.

١١٧

و ليتنبّه أنّ مدلول الآية حدوث رجم الجنّ بشهاب رصد و هو غير حدوث الشهاب السماويّ و هو ظاهر فلا ورود لما قيل: أنّ الشهب السماويّة كانت من الحوادث الجوّيّة الموجودة قبل زمن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و نزول القرآن.

وجه عدم الورود أنّ الّذي يظهر من القرآن حدوث رجم الشياطين من الجنّ بالشهب من غير تعرّض لحدوث أصل الشهب، و قد تقدّم في تفسير أوّل سورة الصافّات بعض ما يتعلّق بهذا المقام.

قوله تعالى: ( وَ أَنَّا لا نَدْرِي أَ شَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً ) الرشد بفتحتين و الرشد بالضمّ فالسكون خلاف الغيّ و تنكير( رَشَداً ) لإفادة النوع أي نوعاً من الرشد.

هذا منهم إظهار للجهل و التحيّر فيما شاهدوه من أمر الرجم و منع شياطين الجنّ من الاطّلاع على أخبار السماء غير أنّهم تنبّهوا على أنّ ذلك لأمر ما يرجع إلى أهل الأرض إمّا خير أو شرّ و إذا كان خيراً فهو نوع هدى لهم و سعادة و لذا بدّلوا الخير و هو المقابل للشرّ من الرشد، و يؤيّده قولهم:( أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ ) المشعر بالرحمة و العناية.

و قد صرّحوا بالفاعل لإرادة الرشد و حذفوه في جانب الشرّ أدباً و لا يراد شرّ من جانبه تعالى إلّا لمن استحقّه.

قوله تعالى: ( وَ أَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَ مِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً ) الصلاح مقابل الطلاح، و المراد بدون ذلك ما يقرب منه رتبة - على ما قيل -، و الظاهر أنّ دون بمعنى غير، و يؤيّده قوله:( كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً ) الدالّ على التفرّق و التشتّت و الطرائق جمع طريقة و هي الطريق المطروقة المسلوكة، و القدد القطع جمع قدّة بمعنى قطعة من القدّ بمعنى القطع و صفت الطرائق بالقدد لأنّ كلّ واحدة منها مقطوعة عن غيرها تنتهي بسالكها إلى غاية غير ما ينتهي به إليه غيرها، و إلى هذا المعنى يرجع تفسير القدد بالطرائق المتفرّقة المتشتّتة.

و الظاهر أنّ المراد بقوله:( الصَّالِحُونَ ) الصالحون بحسب الطبع الأوّلي في

١١٨

المعاشرة و المعاملة دون الصالحين بحسب الإيمان، و لو كان المراد صلاح الإيمان لكان الأنسب أن يذكر بعد ما سيجي‏ء من حديث إيمانهم لمّا سمعوا الهدى.

و ذكر بعضهم أنّ قوله:( طَرائِقَ قِدَداً ) منصوب على الظرفيّة أي في طرائق قدد و هي المذاهب المتفرّقة المتشتّتة، و قال آخرون إنّه على تقدير مضاف أي ذوي طرائق، و لا يبعد أن يكون من الاستعارة بتشبيههم أنفسهم في الاختلاف و التباين بالطرق المقطوع بعضها من بعض الموصلة إلى غايات متشتّتة.

و المعنى: و أنّا منّا الصالحون طبعاً و منّا غير ذلك كنّا في مذاهب مختلفة أو ذوي مذاهب مختلفة أو كالطرق المقطوعة بعضها عن بعض.

قوله تعالى: ( وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَ لَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً ) الظنّ هو العلم اليقينيّ، و الأنسب أن يكون المراد بقوله:( لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ ) إعجازه تعالى بالغلبة عليه فيما يشاء فيها و ذلك بالإفساد في الأرض و إخلال النظام الّذي يجري فيها فإنّ إفسادهم لو أفسدوا من القدر، و المراد بقوله:( وَ لَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً ) إعجازه تعالى بالهرب منه إذا طلبهم حتّى يفوتوه فلا يقدر على الظفر بهم.

و قيل: المعنى لن نعجزه تعالى كائنين في الأرض و لن نعجزه هرباً إلى السماء أي لن نعجزه لا في الأرض و لا في السماء هذا و هو كما ترى.

قوله تعالى: ( وَ أَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى‏ آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَ لا رَهَقاً ) المراد بالهدى القرآن باعتبار ما يتضمّنه من الهدى، و البخس النقص على سبيل الظلم، و الرهق غشيان المكروه.

و الفاء في قوله:( فَمَنْ يُؤْمِنْ ) للتفريع و هو من تفريع العلّة على المعلول لإفادة الحجّة في إيمانهم بالقرآن من دون ريث و لا مهل.

و محصّل المعنى: أنّا لمّا سمعنا القرآن الّذي هو الهدى بادرنا إلى الإيمان به من دون مكث لأنّ من آمن به فقد آمن بربّه و من يؤمن بربّه فلا يخاف نقصاناً في خير أو غشياناً من مكروه حتّى يكفّ عن المبادرة و الاستعجال و يتروّى في الإقدام عليه لئلّا يقع في بخس أو رهق.

١١٩

قوله تعالى: ( وَ أَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَ مِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً ) المراد بالإسلام تسليم الأمر لله تعالى فالمسلمون المسلمون له الأمر المطيعون له فيما يريده و يأمر به، و القاسطون هم المائلون إلى الباطل قال في المجمع: القاسط هو العادل عن الحقّ و المقسط العادل إلى الحقّ، انتهى.

و المعنى: أنّا معشر الجنّ منقسمون إلى من يسلّم لأمر الله مطيعين له، و إلى من يعدل عن التسليم لأمر الله و هو الحقّ.

و قوله:( فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً ) تحرّي الشي‏ء توخّيه و قصده، و المعنى فالّذين أسلموا فاُولئك قصدوا إصابة الواقع و الظفر بالحقّ.

قوله تعالى: ( أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً ) فيعذّبون بتسعّرهم و اشتعالهم بأنفسهم كالقاسطين من الإنس قال تعالى:( فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ ) البقرة: ٢٦.

و قد عدّ كثير منهم قوله:( فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ - إلى قوله -جَهَنَّمَ حَطَباً ) تتمّة لكلام الجنّ يخاطبون به قومهم و قيل: إنّه من كلامه تعالى يخاطب به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قوله تعالى: ( وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ) ( أَنْ ) مخفّفة من الثقيلة، و المراد بالطريقة طريقة الإسلام، و الاستقامة عليها لزومها و الثبات على ما تقتضيه من الإيمان بالله و آياته.

و الماء الغدق الكثير منه، و لا يبعد أن يستفاد من السياق أنّ قوله:( لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً ) مثل اُريد به التوسعة في الرزق، و يؤيّده قوله بعده:( لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ) .

و المعنى: و أنّه لو استقاموا أي الجنّ و الإنس على طريقة الإسلام لله لرزقناهم رزقاً كثيراً لنمتحنهم في رزقهم فالآية في معنى قوله:( وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى‏ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ ) الأعراف: ٩٦.

و الآية من كلامه تعالى معطوف على قوله في أوّل السورة:( أَنَّهُ اسْتَمَعَ ) إلخ.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

٧ -( باب أنّ من دخل من سفر بعد الزوال مطلقا، أو قبله، وقد أفطر، استحب له الإمساك بقيّة النّهار، ولم يجب، ووجب عليه القضاء)

[ ٨٤٧٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، في مسافر يقدم بلده، وقد كان مفطرا (قبل الزوال)(١) ، فيدخل عند الظّهر، قال: « يكفّ عن الطعام أحبّ اليّ ».

[ ٨٤٧١ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا قدمت من السفر، وعليك بقيّة يوم، فامسك من الطعام والشراب إلى الليل ».

٨ -( باب عدم جواز صوم شئ من الواجب في السفر، إلّا النّذر المعيّن، سفرا وحضرا، وثلاثة أيام دم المعتة، وثمانية عشر يوماً لمن أفاض من عرفات قبل الغروب)

[ ٨٤٧٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يصوم في السفر شيئاً من صوم الفرض، ولا السنة، ولا التطوّع، إلّا الصوم الّذي ذكرناه في أوّل الباب، من صوم كفّارة صيد الحرم، وصوم كفّارة الاختلال(١) في

____________________________

الباب - ٧

١ - الجعفريات ص ٦٠.

(١) في المصدر: أول النهار.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

الباب - ٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: الاحلال.

٣٨١

الإحرام، إن كان به أذى من رأسه، وصوم ثلاثة أيّام، لطلب الحاجة عند قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو يوم الأربعاء والخميس والجمعة ».

[ ٨٤٧٣ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ومن تمتّع بالعمرة إلى الحج، فعليه ما استيسر من الهدي، كما قال الله عزّوجلّ، شاة فما فوقها، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام في الحج، يصوم يوماً قبل التّروية، ويوم التّروية، ويوم عرفة وسبعة أيّام إذا رجع إلى أهله، وله أن يصوم متى شاء، إذا دخل في الحجّ، وإن (قدّم صوم الثلاثة الأيام)(١) في أوّل العشر فحسن، وإن لم يصم في الحج، فليصم في الطّريق » الخبر.

[ ٨٤٧٤ ] ٣ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « لم يكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يصوم في السفر تطوّعا ولا فريضة، يكذبون على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نزلت هذه الآية، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكراع الغميم، عند صلاة الفجر، فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بإناء فشرب وأمر النّاس أن يفطروا، فقال قوم: قد توجّه النهار، ولو صمنا يومنا هذا، فسمّاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : العصاة، فلم يزالوا يسمّون بذلك الاسم، حتّى قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

____________________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٨.

(١) في المصدر: قدمها.

٣ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨١ ح ١٩٠.

٣٨٢

٩ -( باب جواز صوم المندوب في السفر، على كراهية)

[ ٨٤٧٥ ] ١ - بعض نسخ الفقه الرضوي: على من نسب إليهعليه‌السلام : « أروي عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، أنّه قال: يستحبّ إذا قدم المدينة - مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله - أن يصوم ثلاثة أيام، فإن كان له بها مقام، أن يجعل صومها في يوم الاربعاء والخميس والجمعة ».

[ ٨٤٧٦ ] ٢ - الشيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن جابر، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « ليس من البرّ الصّيام في السفر ».

[ ٨٤٧٧ ] ٣ - وعن عبد الرحمان بن عوف، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الصائم في السفر، كالمفطر في الحضر ».

[ ٨٤٧٨ ] ٤ - وعن جابر، أنّه قال: قيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن جماعة يصومون في السفر، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أُولئك العصاة ».

[ ٨٤٧٩ ] ٥ - وعن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، أنّه قال: « كان أبي لا

____________________________

الباب - ٩

١ - نقله عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٤ ح ٣.

٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٠٤ ح ٣١.

٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ٢ ص ٨١ ح ٢١٧.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٠٤ ح ٣٢.

٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ٢ ص ٨٠ ح ٢١٣

٣٨٣

يصوم في السفر، وكان ينهى عنه ».

وروى ابن ابي جمهور في عوالي اللآلي: الحديث الأول والثاني، عن الشهيد، مرسلا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٠ -( باب جواز الجماع للمسافر ونحوه، في شهر رمضان، على كراهية، وكذا يكره له التملّي من الطّعام والشّراب)

[ ٨٤٨٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، أنّه قال في حديث: « وإن هي اغتسلت من حيضتها، وجاء زوجها من سفر، فليكف عن مجامعتها، فهو أحبّ إليّ، إذا جاء في شهر رمضان ».

[ ٨٤٨١ ] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا أفطر المسافر، فلا بأس أن يأتي أهله أو جاريته إن شاء، وقد روي فيه نهي.

____________________________

الباب - ١٠

١ - الجعفريات ص ٦١.

٢ - المقنع ص ٦٢.

٣٨٤

١١ -( باب سقوط الصوم الواجب: عن الشيخ، والعجوز، وذي العطاش* ، إذا عجزوا عنه، ويجب على كلّ منهم، أن يتصدق عن كلّ يوم بمدّ من طعام، ويستحبّ أن يتصدق بمدّين، ولا يجب القضاء إن استمرّ العجز، ويستحبّ قضاء الوليّ عنه)

[ ٨٤٨٢ ] ١ - دعائم الإسلام: روينا عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ، فريضة شهر رمضان، وأنزل( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) أتى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شيخ كبير يتوكأ بين رجلين، فقال: يا رسول الله، هذا شهر مفروض ولا أطيق الصّيام، قال: إذهب فكل، واطعم عن كلّ يوم نصف صاع، وإن قدرت ان تصوم اليوم واليومين، وما قدرت فصم - إلى أن قال - وأتاه صاحب عطش، فقال: يا رسول الله، هذا شهر مفروض، ولا أصبر عن الماء ساعة، الّا تخوّفت الهلاك، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنطلق فافطر، وإذا اطقت فصم ».

[ ٨٤٨٣ ] ٢ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « الشيخ الكبير، والذي يأخذه العطاش ».

____________________________

الباب - ١١

(* ) العطاش: داء يصيب الانسان يشرب الماء فلا يروى. (لسان العرب - عطش - ج ٦ ص ٣١٨).

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٦.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٣٨٥

[ ٨٤٨٤ ] ٣ - وعن سماعة، عن أبي بصير، قال: سألتهعليه‌السلام ، عن قول الله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « هو الشيخ الكبير الّذي لا يستطيع، والمريض ».

[ ٨٤٨٥ ] ٤ - وعن العلاء، عن محمّد، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن قول الله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « هو الشيخ الكبير، والذي يأخذه العطاش ».

[ ٨٤٨٦ ] ٥ - احمد بن محمّد السيّاري في التّنزيل والتّحريف: عن ابي الحسنعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « الشيخ الفاني، والمعطوش، والصّبي الّذي لا يقوى على السّحور(٢) ، ويطعم مسكينا مكان كلّ يوم ».

____________________________

٣ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٧.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٤ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٧٩.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٥ - التنزيل والتحريف ص ١١.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

(٢) في المصدر: السجود.

٣٨٦

١٢ -( باب جواز افطار الحامل المقرب، والمرضع القليلة اللّبن، إذا خافتا على أنفسهما أو الولد، ولم يكن استرضاع غيرها، ويجب عليهما القضاء والصّدقة عن كلّ يوم بمدّ)

[ ٨٤٨٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام : أنّه كانت له أُمّ ولد، فأصابها عطاش [ وهي حامل ](١) ، فسئل عبدالله بن عمر بن الخطاب فقال: مروها تفطر، وتطعم كلّ يوم مسكينا.

[ ٨٤٨٨ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ، فريضة شهر رمضان، وأنزل:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) أتى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شيخ كبير - إلى أن قال - وأتته امرأة فقالت: يا رسول الله، انّي امرأة حبلى، وهذا شهر رمضان مفروض، وأنا أخاف على ما في بطني ان صمت، فقال لها: إنطلقي فافطري، وإن أطقت فصومي، وأتته امرأة مرضعة فقالت: يا رسول الله، هذا شهر مفروض صيامه، وإن صمت خفت أن يقطع لبني، فيهلك ولدي، فقال: إنطلقي وافطري، وإذا أطقت فصومي ».

[ ٨٤٨٩ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا لم يتهيأ للشيخ، أو الشاب المعلول، أو المرأة الحامل، أن يصوم من العطش والجوع، أو خافت

____________________________

الباب - ١٢

١ - الجعفريات ص ٦٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٣٨٧

أن يضر بولدها، فعليهم جميعا الإفطار، ويتصدق عن كلّ واحد، لكلّ يوم (بمدّ من)(١) طعام، وليس عليه القضاء ».

[ ٨٤٩٠ ] ٤ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن رفاعة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « المرأة تخاف على ولدها، والشيخ الكبير ».

[ ٨٤٩١ ] ٥ - وعن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: « [ الشيخ ](١) الكبير والذي به العطاش، لا حرج عليهما أن يفطرا في رمضان، وتصدق كلّ واحد منهما في كلّ يوم بمدّ من طعام، ولا قضاء عليهما، وإن لم يقدرا فلا شئ عليهما ».

١٣ -( باب وجوب الافطار على المريض الّذي يضره الصوم، في شهر رمضان وغيره)

[ ٨٤٩٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « لا يجوز للمريض والمسافر، الصيام ».

[ ٨٤٩٣ ] ٢ - العياشي: عن سماعة، عن أبي بصير قال: سألته عن قول

____________________________

(١) في المصدر: بمدين.

٤ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٨٠.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٥ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٨١.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب - ١٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٧.

٣٨٨

الله:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ ) (١) الآية، قال: « هو الشّيخ الكبير، الّذي لا يستطيع، والمريض ».

١٤ -( باب أنّ حدّ المريض الموجب للإفطار، وما يخاف به الإضرار، وأنّ المريض يرجع إلى نفسه، في قوّته وضعفه)

[ ٨٤٩٤ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام ، عن حدّ المرض، الّذي يجب على صاحبه فيه الإفطار، كما يجب عليه في السّفر، في قوله:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ ) (١) قال: « هو مؤتمن عليه مفوّض إليه، فإن وجد ضعفاً فليفطر، وإن وجد قوّة فليصم، كان المريض(٢) على ما كان ».

[ ٨٤٩٥ ] ٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « حدّ المرض الّذي يجب على صاحبه فيه( عِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (١) ، كما يجب(٢) في السّفر، لقول الله عزّوجلّ:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (٣) أن يكون العليل لا

____________________________

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

الباب - ١٤

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨١ ح ١٨٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

(٢) لعلّه: المرض. بقرينة الحديث التالي.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) في المصدر: الإفطار.

(٢) وفيه زيادة: عليه

(٣) البقرة ٢: ١٨٤.

٣٨٩

يستطيع أن يصوم، أو يكون إن استطاع الصوم زاد في علّته، وخاف على نفسه، وهو مؤتمن على ذلك مفوّض إليه فيه، فإن أحسّ ضعفا فليفطر، وإن وجد قوّة على الصوم فليصم، كان (المريض على)(٤) ما كان ».

[ ٨٤٩٦ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ويصوم العليل إذا وجد من نفسه خفّة، وعلم أنّه قادر على الصوم، وهو أبصر بنفسه ».

١٥ -( باب أنّ من صام في المرض مع إضراره به، لم يجزه، وعليه القضاء)

[ ٨٤٩٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « لا يجوز للمريض والمسافر الصيام، فإن صاما كانا عاصيين، وعليهما القضاء » وقالعليه‌السلام : « وروي أن من صام في مرضه أو سفره، أو أتمّ الصلاة، فعليه القضاء ».

وقال «عليه‌السلام في موضع آخر(١) : « فإن صام في السفر، أو في حال المرض، فعليه في ذلك القضاء، فإنّ الله يقول:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) ».

الصّدوق في الهداية: عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، مثله(٢) .

____________________________

(٤) في المصدر: المرض.

٣ - فقه الرضا ص ٢٥.

الباب - ١٥

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

(١) نفس المصدر ص ٢٣.

(٢) الهداية ص ٥١.

٣٩٠

[ ٨٤٩٨ ] ٢ - علي بن ابراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عنهعليه‌السلام ، مثله، وزاد بعد قوله: أو في حال المرض، فهو عاص الخ.

١٦ -( باب استحباب إمساك المريض بقيّة النّهار، إذا برئ من مرضه في أثنائه، ويجب عليه القضاء)

[ ٨٤٩٩ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأمّا صوم التّأديب، فإنّه يؤمر الصبي إذا بلغ سبع سنين بالصوم تأديبا، وليس بفرض، وإن لم يقدر إلّا نصف النهار، فليفطر إذا غلبه العطش، وكذلك من أفطر لعلّة أوّل النهار، ثمّ قوي بقيّة يومه، أُمر بالإمساك بقيّة يومه تأديبا، وليس بفرض ».

[ ٨٥٠٠ ] ٢ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنّه قال في حديث: « وأمّا صوم التّأديب، فالصبي يؤمر إذا راهق بالصوم تأديبا، و ليس بفرض، وكذلك من أفطر بعلة من أوّل النهار، وقوي(١) بقيّة يومه » و ذكر مثله.

الصدوق في الهداية: عنهعليه‌السلام ، مثله، وفي المقنع مثله(٢) .

____________________________

٢ - تفسير علي بن إبراهيم ج ١ ص ١٨٧، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

الباب - ١٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

٢ - تفسير علي بن إبراهيم ج ١ ص ١٨٧، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦١.

(١) في المصدر: ثمّ عوفي.

(٢) الهداية ص ٥٠، والمقنع ص ٥٧.

٣٩١

١٧ -( باب بطلان صوم الحائض وإن رأت الدّم قرب الغروب، أو انقطع عقيب الفجر، ووجوب قضائها للصّوم دون الصلاة)

[ ٨٥٠١ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن حاضت وقد بقي عليها بقيّة يوم، أفطرت وعليها القضاء ».

١٨ -( باب استحباب إمساك الحائض بقيّة النهار، إذا طهرت في أثنائه، أو حاضت، ويجب عليها قضاؤه)

[ ٨٥٠٢ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : في المرأة إذا حاضت فاغتسلت نهارا، قال: « تكف عن الطعام، أحبّ اليّ ».

[ ٨٥٠٣ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا طهرت المرأة من حيضها، وقد بقي عليها يوم، صامت ذلك اليوم تأديبا، وعليها قضاء ذلك اليوم ».

الصدوق في المقنع: مثله، وفيه: « بقي عليها بقيّة يوم، صامت ذلك المقدار »(١) .

____________________________

الباب - ١٧

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

الباب - ١٨

١ - الجعفريات ص ٦١.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

(١) المقنع ص ٦٤.

٣٩٢

[ ٨٥٠٤ ] ٣ - السيد فضل الله الرّاوندي في نوادره: بإسناده المعتبر عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: » إذا قدم المسافر مفطرا بلده نهارا يكف عن الطعام أحبّ اليّ وكذلك قال في الحائض إذا طهرت نهارا ».

١٩ -( باب عدم وجوب الصوم على الطفل والمجنون، واستحباب تمرين الولد على الصوم لسبع أو تسع، بقدر ما يطيق، ولو بعض النهار، أو إذا أطاق، أو راهق، ووجوبه على الذكر لخمس عشرة، وعلى الأُنثى لتسع، إلّا أن يبلغ بالاحتلام أو الإنبات قبل ذلك، فيجب إلزامهما)

[ ٨٥٠٥ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنّ الغلام يؤخذ بالصيام، إذا بلغ تسع سنين، على قدر ما يطيقه، فإن أطاق إلى الظّهر أو بعده، صام إلى ذلك الوقت، فإذا غلب عليه الجوع والعطش أفطر، وإذا صام ثلاثة أيّام، فلا تأخذه بصيام الشهر كلّه ».

[ ٨٥٠٦ ] ٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام أنّه قال: « يؤمر الصبي بالصلاة إذا عقل، وبالصوم إذا أطاق ».

[ ٨٥٠٧ ] ٣ - وعن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « إنّا نأمر صبياننا بالصلاة والصيام ما أطاقوا منه، إذا كانوا أبناء سبع سنين ».

____________________________

٣ - نوادر الراوندي ص ٣٧.

الباب - ١٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٣.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٤.

٣٩٣

[ ٨٥٠٨ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام : أنّه كان يأمر الصبي بالصوم في شهر رمضان، بعض النهار، فإذا رأى الجوع والعطش غلب عليه، أمره فأفطر.

[ ٨٥٠٩ ] ٥ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: « يجب الصلاة على الصبي إذا عقل، والصوم إذا أطاق ».

السيد الرّاوندي في نوادره: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عنهعليهم‌السلام ، مثله(١) .

وتقدم عن تفسير علي بإسناده، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام : أنّه قال: « وأمّا صوم التّأديب، فالصبي يؤمر إذا راهق بالصوم، تأديبا وليس بفرض »(٢) .

____________________________

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٤.

٥ - الجعفريات ص ٥١.

(١) عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣١٩ ح ٣.

(٢) تقدم في الباب ١٦ حديث ٢.

٣٩٤

أبواب أحكام شهر رمضان

١ -( باب وجوب صومه، وعدم وجوب شئ من الصّوم، غير ما نصّ على صومه)

[ ٨٥١٠ ] ١ - الشيخ المفيد في الاختصاص: عن عبد الرحمان بن ابراهيم، عن الحسين بن مهران، عن الحسين بن عبدالله، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن محمّد عن أبيه، عن جدّه الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « جاء رجل من اليهود، إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - وساق الخبر إلى أن قال - يا محمّد، فاخبرني عن الثامن، لأيّ شئ افترض الله صوما على أُمّتك ثلاثين يوما؟ وافترض على سائر الأُمم أكثر من ذلك؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ آدم لمـّا أن أكل من الشجرة، بقي في جوفه مقدار ثلاثين يوما، فافترض الله على ذريّته ثلاثين يوماً الجوع والعطش، وما يأكلون(١) باللّيل فهو تفضّل من الله على خلقه، وكذلك كان لآدمعليه‌السلام ثلاثين يوما، كما على أُمّتي، ثمّ تلا هذه الآية:( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذين مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (٢) قال: صدقت يا محمّد، فما

____________________________

أبواب أحكام شهر رمضان

الباب - ١

١ - الاختصاص ص ٣٨.

(١) في المصدر: يأكلونه.

(٢) البقرة ٢: ١٨٣.

٣٩٥

جزاء من صامها؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما مؤمن يصوم يوماً من شهر رمضان، حاسبا محتسبا، إلّا أوجب الله تعالى له سبع خصال: أوّل الخصلة يذوب الحرام من جسده، والثّاني يتقرّب إلى رحمة الله تعالى، والثّالث يكفر خطيئته، ألا تعلم أنّ الكفّارات في الصوم يكفّر، والرّابع يهوّن عليه سكرات الموت، والخامس آمنه الله من الجوع والعطش يوم القيامة، والسّادس براءة من النّار، والسّابع أطعمه الله من طيّبات الجنّة، قال: صدقت يا محمّد ».

[ ٨٥١١ ] ٢ - ابن شهر آشوب في المناقب: عن الفضل بن ربيع، ورجل آخر، في حديث طويل أنّ هارون سأل موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، وهو لا يعرفه فقال: أخبرني ما فرضك؟ قالعليه‌السلام : « إنّ الفرض رحمك الله واحد - إلى أن قال - ومن اثني عشر واحد - إلى أن قالعليه‌السلام - وأمّا قولي من اثني عشر واحد، فصيام شهر رمضان من اثني عشر شهرا » الخبر.

[ ٨٥١٢ ] ٣ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « من صام يوماً من رمضان، خرج من ذنوبه مثل يوم ولدته أُمّه، فإن انسلخ عليه الشّهر وهو حيّ، لم تكتب عليه خطيئته إلى الحول ».

[ ٨٥١٣ ] ٤ - وعن الشعبي، عن قيس الجهني، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: « ما من يوم يصومه العبد من شهر رمضان، إلّا جاء يوم القيامة في غمامة من نور، في تلك الغمامة قصر

____________________________

٢ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٤ ص ٣١٢.

٣ - درر اللآلي ج ١ ص ١٦.

٤ - درر اللآلي ج ١ ص ١٦.

٣٩٦

من درّة، له سبعون بابا، كلّ باب من ياقوته حمراء ».

[ ٨٥١٤ ] ٥ - وعن عبد الرحمان بن عوف: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ذكر شهر رمضان، وفضله على الشّهور بما فضّله الله، وقال: « إنّ شهر رمضان شهر كتب الله صيامه على المسملين، وسَنَّ قيامه، فمن صامه إيمانا واحتسابا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥١٥ ] ٦ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « من صام شهر رمضان وقامه، إيمانا واحتسابا، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ».

[ ٨٥١٦ ] ٧ - السيد فضل الله الرّاوندي في نوادره: عن علي بن الحسين الورّاق، عن عبدالله بن جعفر، عن محمّد بن أبي نعيم بن علي، وأبي إسحاق بن عيسى، عن محمّد بن الفضل بن حاتم، عن إسحاق بن راهويه، عن النّضر بن شميل، عن القاسم بن الفضل، عن النّضر بن شيبان، عن أبي سلمة، عن عبد الرحمان، عن أبيه، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر رمضان ففضله بما فضّله الله عزّوجلّ، على سائر الشّهور، قال: « شهر فرض الله صيامه، وسنّ قيامه، فمن صام وقام(١) إيمانا واحتسابا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥١٧ ] ٨ - وعن أبي القاسم الورّاق، عن محمّد، عن عمير بن احمد، عن أبيه، عن محمّد بن سعيد، عن هدية، عن همام بن [ يحيى ](١) عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن مسيّب، عن

____________________________

٥ و ٦ - درر اللآلي ج ١ ص ١٧.

٧ - نوادر الراوندي، أخرجه عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٩ ح ١٧.

(١) في البحار: صامه وقامه.

٨ - نوادر الراوندي، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٩ ح ١٨.

(١) سقط من الطبعة الحجرية، وما أثبتناه من البحار هو الصواب « راجع =

٣٩٧

سلمانرضي‌الله‌عنه قال: خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في آخر يوم من شعبان، فقال: « قد أظلكم شهر رمضان، شهر مبارك، شهر فيه ليلة القدر(٢) خير من الف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيامه لله عزّوجلّ طوعا » الخبر.

[ ٨٥١٨ ] ٩ - علي بن ابراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: قال لي يوما: « يا زهري، من أين جئت؟ » قلت: من المسجد، قال: « فيم كنت؟ » قال: تذاكرنا فيه أمر الصوم، فاجتمع رأيي ورأي اصحابي، أنّه ليس من الصوم شئ واجب، إلّا صوم شهر رمضان، فقال: « يا زهري ليس كما قلتم، الصوم على أربعين وجها: فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان، وأربعة عشر وجها صاحبها بالخيار، إن شاء صام وإن شاء أفطر، وعشرة أوجه منها حرام، وصوم الإذن على ثلاثة أوجه، وصوم التأديب، وصوم الإباحة، وصوم السفر، والمرض »، فقلت: فسرّهنّ لي جعلت فداك، فقال: « أمّا الواجب فصوم شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين » الخبر.

ورواه الصدوق في الهداية والمقنع: عنهعليه‌السلام ، مثله(١) .

[ ٨٥١٩ ] ١٠ - وقال في قوله تعالى:( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذين

____________________________

= تهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٢٢ ».

(٢) « القدر » ليس في البحار.

٩ - تفسير القمي ج ١ ص ١٨٥، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٥٩.

(١) الهداية ص ٤٨، المقنع ص ٥٥.

١٠ - تفسير القمي ج ١ ص ٦٥.

٣٩٨

مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (١) فإنّه قال، أي الصادقعليه‌السلام كما هو الظّاهر: « أوّل ما فرض الله الصّوم، لم يفرضه في شهر رمضان إلّا على الأنبياء، ولم يفرضه على الأُمم، فلمّا بعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، خصّه بفضل [ شهر ](٢) رمضان، هو وأُمّته، وكان الصّوم قبل أن ينزل شهر رمضان، يصوم النّاس أيّاماً، ثمّ نزل:( شَهْرُ رَمَضَانَ الّذي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) (٣) ».

[ ٨٥٢٠ ] ١١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنّ الصوم على أربعين وجها - إلى أن قال - أمّا الصوم الواجب، فصوم شهر رمضان » الخبر. قال: « وقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) ، أنّه قال: من دخل عليه شهر رمضان، فصام نهاره، وأقام ورداً في ليله، وحفظ فرجه ولسانه، وغضّ بصره، وكفّ أذاه(٢) ، خرج من ذنوبه (كهيئة يوم)(٣) ولدته أُمّه، فقيل له: ما أحسن هذا من حديث! فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أصعب هذا من شرط! ».

[ ٨٥٢١ ] ١٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّد أنّه قال: « صوم شهر رمضان، فرض في كلّ عام ».

وعن عليعليه‌السلام (١) أنّه قال: « صوم شهر رمضان، جنّة

____________________________

(١) البقرة ٢: ١٨٣.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ١٨٥.

١١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(١) نفس المصدر ص ٢٤.

(٢) في المصدر: أذناه.

(٣) في المصدر: كيوم.

١٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٨.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٢٦٩.

٣٩٩

من النّار ».

[ ٨٥٢٢ ] ١٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « شهر رمضان، شهر فرض الله صيامه، فمن صامه احتسابا وإيمانا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥٢٣ ] ١٤ - القطب الرّاوندي في لبّ اللّباب: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « ينطق الله جميع الأشياء، بالثناء على صوام شهر رمضان ».

[ ٨٥٢٤ ] ١٥ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « إنّ الجنّة مشتاقة إلى أربعة نفر: إلى مطعم الجيعان، وحافظ اللّسان، وتالي القرآن، وصائم شهر رمضان، » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ رمضان إلى رمضان، كفّارة لمـّا بينهما » وقال: « أنّ الجنّة لتزيّن من السنة إلى السنة، لصوم شهر رمضان ».

[ ٨٥٢٥ ] ١٦ - الصدوق في كتاب فضائل الأشهر الثلاثة: عن أحمد بن الحسن القطان، عن أحمد بن محمّد بن محمّد بن سعيد، عن جابر بن يزيد، عن أبي الزبير المكّي، عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ الله تبارك وتعالى، لم يفرض من صيام شهر رمضان، فيما مضى الّا على الأنبياء دون أُممهم، وإنّما فرض عليكم ما فرض على أنبيائه ورسله قبلي، إكراما وتفضيلا » الخبر.

____________________________

١٣ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٣٢ ح ١.

١٤ - لب اللباب: مخطوط.

١٥ - لب اللباب: مخطوط.

١٦ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٣٩.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568