الميزان في تفسير القرآن الجزء ٢٠

الميزان في تفسير القرآن10%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 568

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 219911 / تحميل: 7013
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ٢٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

أبواب المستحقين للزكاة

١ -( باب أصناف المستحقين، وعدم اشتراط الإيمان في المؤلفة والرقاب، وسقوط المؤلفة الآن، وقبول دعوى الاستحقاق مع ظهور الكذاب، وأنه يعطى من يسأل ومن لا يسأل منهم)

[ ٧٧٤٩ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة قال: سألتهعليه‌السلام ، عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال: « هي للذين قال الله في كتابه:( لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) »(١) الخبر.

[ ٧٧٥٠ ] ٢ - وعن أبي بصير قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام :( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) (١) قال: « الفقير الذي يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس أجهد منهما ».

[ ٧٧٥١ ] ٣ - وعن زرارة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال:

____________________________

أبواب المستحقين للزكاة ووقت التسليم والنية

الباب - ١

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٥.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٨.

١٠١

« قلت: أرأيت قوله تعالى:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ) (١) إلى آخر الآية، كلّ هؤلاء يعطى أن كان لا يعرف، قال: « إنّ الإمام يعطي هؤلاء جميعاً، لأنهم يقرّون له بالطاعة، قال: قلت له: فإن كانوا لا يعرفون، فقال: يا زرارة، من كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف، لم يوجد لها موضع، وإنما كان يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه، وأمّا اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلّا من يعرف ».

[ ٧٧٥٢ ] ٤ - وعن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، عن الفقير والمسكين، قال: « الفقير الذي يسأل، والمسكين أجهد منه، الذي لا يسأل ».

[ ٧٧٥٣ ] ٥ - وعن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله:( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) قال: « هم السعاة ».

[ ٧٧٥٤ ] ٦ - وعن زرارة، قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « هم قوم وحدوا الله، وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله تبارك وتعالى، وشهدوا أن لا إله إلّا الله وأن محمّداً رسول الله، وهم في ذلك شكاك من بعد ما جاء به محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأمر الله نبيهم أن يتألفهم بالمال والعطاء، لكي يحسن

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٤.

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩١ ح ٦٩.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩١ ح ٧٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٠٢

إسلامهم، ويثبتوا على دينهم، الذي قد دخلوا فيه وأقروا به » الخبر.

[ ٧٧٥٥ ] ٧ - وعن زرارة، وحمران، ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر، وأبي عبداللهعليهما‌السلام :( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « قوم تألفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقسّم فيهم الشئ » قال زرارة: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « فلما كان في قابل جاؤوا بضعف الّذين أخذوا، وأسلم (الناس كثيراً)(٢) قال: فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خطيباً، فقال: هذا خير أم الذي قلتم؟ قد جاؤوا من الإبل بكذا وكذا، ضعف ما أعطيتهم، وقد أسلم لله عالم وناس كثير، والذي نفسي بيده لوددت أن عندي ما أعطي كلّ انسان ديته، حتى يسلم لله ربّ العالمين ».

[ ٧٧٥٦ ] ٨ - تفسير الإمامعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ) (١) : « أعط في الله المستحقين من المؤمنين، على حبه للمال أو شدة حاجته هو إليه، يأمل الحياة ويخشى الفقر، لأنه صحيح شحيح( ذَوِي الْقُرْبَىٰ - إلى أن قال -وَالْمَسَاكِينَ ) (٢) مساكين الناس،( وَابْنَ السَّبِيلِ ) (٣) : المجتاز المنقطع به لا نفقة معه،( وَالسَّائِلِينَ ) (٤) : الّذين يتكففون ويسألون الصدقات،( وَفِي الرِّقَابِ ) (٥) المكاتبين يغنيهم ليؤدوا فيعتقوا » الخبر.

[ ٧٧٥٧ ] ٩ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

٧ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٢ ح ٧١.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في المصدر: ناس كثير.

٨ - تفسير الإمام العسكري (عيليه السلام) ص ٢٤٩.

(١ - ٥) البقرة ٢: ١٧٧.

٩ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١٠٣

سئل عن قول الله عزّوجلّ:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) (١) فقال: « الفقير الذي لا يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس الفقير أجهد منهما حالاً ».

[ ٧٧٥٨ ] ١٠ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال في قول الله عزّوجلّ( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) قال: « هم السعاة عليها، يعطيهم الإمام من الصدقة بقدر ما يراه، ليس في ذلك توقيت عليه ».

[ ٧٧٥٩ ] ١١ - وعن أبي جعفر بن عليعليهما‌السلام ، أنّه قال في قول الله عزّوجلّ:( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « هم قوم يتألفون على الإسلام من رؤساء القبائل، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يعطيهم ليتألفهم، ويكون ذلك في كلّ زمان، إذا احتاج إلى ذلك الإمام فعله ».

[ ٧٧٦٠ ] ١٢ - وعن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن رسول الله صلوات الله عليهم، أنّه قال: « لا تحل الصدقة لغني، إلّا لخمسة: عامل عليها، أو غارم وهو الذي عليه الدين أو تحمل بالحمالة(١) ، أو رجل اشتراها بماله، أو رجل أهديت إليه ».

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٠ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) الحمالة: الدية والغرامة (لسان العرب ج ١١ ص ١٨٠).

١٠٤

[ ٧٧٦١ ] ١٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال: «( وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ ) (١) في الجهاد والحج، وغير ذلك من سبيل(٢) الخير،( وَابْنِ السَّبِيلِ ) (٣) الرجل يكون في السفر، فيقطع به نفقته، أو يسقط، أو يقع عليه اللصوص ».

[ ٧٧٦٢ ] ١٤ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم، فأردّها في فقرائكم ».

٢ -( باب أن من دفع الزكاة إلى غير المستحق، كغير المؤمن أو غير الفقير ونحوهما، ضمنها إلّا أن يكون اجتهد في الطلب فتحزيه، وأن من لم يعلم بوجوب الزكاة ثمّ علم، وجب عليه قضاؤها)

[ ٧٧٦٣ ] ١ - الجعفريات: اخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه: أن علياًعليهم‌السلام ، كان يقول: « الزكاة مضمونة، حتى توضع مواضعها ».

[ ٧٧٦٤ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

١٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١، ٣) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في المصدر: سبل.

١٤ - درر اللآلي: ج ١ ص ٢٠٦.

الباب - ٢

١ - الجعفريات ص ٥٤.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥١.

١٠٥

قال: « الزكاة مضمونة، حتى يضعها من وجبت عليه موضعها ».

٣ -( باب وجوب وضع الزكاة في مواضعها، ودفعها إلى مستحقها)

[ ٧٧٦٥ ] ١ - دعائم الإسلام: عن الوليد بن صبيح قال: قال لي شهاب: إني أرى بالليل أهوالاً عظيمة، وأرى امرأة تفزعني، فاسأل لي أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، عن ذلك، فسألته فقال: « هذا رجل لا يؤدّي زكاة ماله » فأعلمته فقال: بلى والله، إني لأعطيها، فأخبرته بما قال قال: « إن كان ذلك، فليس يضعها في مواضعها » فقلت ذلك لشهاب، فقال: صدق.

٤ -( باب اشتراط الإيمان والولاية في مستحق الزكاة، إلّا المؤلفة والرقاب والأطفال، وإن لم يجد للزكاة مستحقاً أو مؤمناً بعث بها إليهم، فإن تعذر جاز إعطاء المستضعف والانتظار، ويكره إعطاء السائل بكفه منها)

[ ٧٧٦٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية ».

[ ٧٧٦٧ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ولا يعطي الزكاة إلّا لأهل الولاية من المؤمنين، قيل له: فإذا لم يكن بالموضع وليّ محتاج إليها، قال: يبعث بها إلى موضع آخر،

____________________________

الباب - ٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٥.

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١٠٦

فيقسم في أهل الولاية، ولا تعط قوماً إن دعوتهم إلى أمرك لم يجيبوك، ولو كان الذبح - وأهوى بيده إلى حلقه - قيل له: فإن لم يوجد مؤمن مستحق، قال: يعطى المستضعفون الّذين لا ينصبون ».

[ ٧٧٦٨ ] ٣ - وعن علي (صلوات الله عليه)، أنّه استعمل مخنف بن سليم على صدقات بكر بن وائل، وكتب له عهدا كان فيه: « فمن كان من أهل طاعتنا من أهل الجزيرة، وفيما بين الكوفة وأرض الشام، فادّعى أنّه أدى صدقته إلى عمال الشام، وهو في حوزتنا ممنوع، قد حمته خيلنا ورجالنا، فلا يجوز(١) له ذلك، (وان الحق ما زعم)(٢) ، فأنه ليس له أن ينزل بلادنا، ويؤدي صدقة ماله إلى عدونا ».

[ ٧٧٦٩ ] ٤ - زيد النرسي في أصله: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سئل إذا لم نجد أهل الولاية، يجوز(١) أن نتصدق على غيرهم؟ فقالعليه‌السلام : « إذا لم تجدوا أهل الولاية في مصر تكونون فيه، فابعثوا بالزكاة المفروضة إلى أهل الولاية من غير مصركم ».

[ ٧٧٧٠ ] ٥ - تفسير العسكريعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ) (١) : « الواجبة عليه لإخوانه المؤمنين ».

[ ٧٧٧١ ] ٦ - الصدوق في المقنع: لا يجوز أن تعطي زكاة مالك غير أهل

____________________________

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥٩.

(١) في المصدر: تُجْزِ.

(٢) في المصدر: وإن كان الحق على ما زعم.

٤ - زيد النرسي ص ٥٤.

(١) في المصدر: يجوز لنا.

٥ - تفسير الإمام العسكري ص ٢٥٠.

(١) البقرة ٢: ١٧٧.

٦ - المقنع ص ٥٢.

١٠٧

الولاية.

[ ٧٧٧٢ ] ٧ - أبو جعفر محمّد بن علي الطوسي في ثاقب المناقب: عن أبي الصلت الهروي، قال: حضرت مجلس الإمام محمّد بن علي بن موسى الرضاعليهم‌السلام ، وعنده جماعة من الشيعة وغيرهم، فقام إليه رجل - إلى أن قال - ثمّ قام إليه آخر وقال: يا مولاي - جعلت فداك - (إن لم أجد أحداً من شيعتكم، فإلى من أدفعه؟)(١) فقالعليه‌السلام : « إن لم تجد أحداً فارم بها في الماء، فأنها تصل إليه » [ قال فجلس الرجل ](٢) فلمّا انصرف من كان في المجلس قلت له: جعلت فداك يا سيدي، رأيت عجباً، قال: « نعم، تسألني عن الرجلين - إلى أن قال - وأمّا الآخر فأنه قم يسألني عن الزكاة، إن لم يجد أحداً من شيعتنا، فإلى من يدفعه؟ قلت له: إن لم تجد أحداً من الشعية فارم بها في الماء، فأنها تصل إلى أهلها ».

٥ -( باب عدم جواز دفع الزكاة إلى المخالف في اعتقاد الحق من الأصول: كالمجسمة، والمجبرة، والواقفية، والنواصب، وغيرهم)

[ ٧٧٧٣ ] ١ - الكشي في رجاله: عن حمدويه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن عمر، وعن محمّد بن عذافر، عن عمر بن يزيد، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن الصدقة على الناصب وعلى

____________________________

٧ - ثاقب المناقب ص ٢٢٨

(١) مابين القوسين ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب - ٥

١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٩٤ ح ٤٠٩.

١٠٨

الزيدية؟ فقال: « لا تصدّق عليهم بشئ، ولا تسقهم من الماء إن استطعت، وقال في(١) الزيدية: هم النصاب ».

[ ٧٧٧٤ ] ٢ - وعن محمّد بن الحسن، عن أبي علي الفارسي، قال: حكى منصور، عن الصادق علي بن محمّد بن الرضاعليهم‌السلام : أنّ الزيدية والواقفية والنصاب، بمنزلة عنده سواء.

٦ -( باب أن حد الفقر الذي يجوز معه أخذ الزكاة، ان لا يملك مؤونة السنة له ولعياله فعلاً أو قوة، كذي الحرفة ولصنعة)

[ ٧٧٧٥ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة، قال: سألتهعليه‌السلام ، عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال: « هي للذين قال الله في كتابه:( لِلْفُقَرَاءِ - إلى قوله -فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) (١) » الخبر.

[ ٧٧٧٦ ] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تحل الصدقة لغني، ولا لقوي مكتسب ».

[ ٧٧٧٧ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا تحل الصدقة لغني، إلّا لخمسة »، الخبر. وقد تقدم(١) .

____________________________

(١) في المصدر: لي.

٢ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٩٥ ح ٤١٠.

الباب - ٦

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٢ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٢٠ ح ٢٧.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب الحديث ١٢.

١٠٩

٧ -( باب جواز أخذ الفقير الزكاة، وإن كان له خادم ودابة ودار ممـّا يحتاج إليه، لا ما يزيد عن احتياجه، بقدر كفاية سنة)

[ ٧٧٧٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن علي(١) عليهما‌السلام ، أنّه قال: « لا بأس أن يعطى(٢) الزكاة، من له الدار والخادم والمائتا درهم ».

[ ٧٧٧٩ ] ٢ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أن عمر شيخ من أصحابنا، سأل عيسى بن أعين وهو محتاج، قال: فقال له عيسى: أما أن عندي شيئاً من الزكاة، ولا اعطيك منها شيئاً، قال: فقال له: لم؟ قال: لأني رأيتك اشتريت تمراً واشتريت لحماً، قال: إنما ربحت درهما، فاشتريت (به أربعين)(١) تمراً، وبدانق لحماً، ورجعت بدانقين لحاجة، قال: فوضع أبو عبداللهعليه‌السلام يده على جبهته، قال: ثمّ رفع رأسه فقال: « إنّ الله عزّوجلّ نظر في أموال الأغنياء، ونظر في الفقراء، فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفي به الفقراء، ولو لم يكفهم لزادهم، بلى فليعطه ما يأكل ويشرب ويكتسي ويتزوج ويصدّق ويحج ».

____________________________

الباب - ٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) في المصدر: جعفر بن محمّد.

(٢) وفيه: من الزكاة.

٢ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط ص ٢٢.

(١) في نسخة: بدانقين، والظاهر هو الصواب كما يظهر من سياق الحديث ومن تقسيم الدرهم إلى دوانق.

١١٠

٨ -( باب حكم من كان له مال يتجر به، ولا يربح فيه مقدار مؤونة سنة له ولعياله، أو وجه معيشته كذلك)

[ ٧٧٨٠ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة، قال: سألته عن الزكاة، لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال - إلى أن قال - « وقد تحل الزكاة لصاحب ثلاثمائة درهم، وتحرم على صاحب خمسين درهماً، فقلت له: وكيف يكون هذا؟ قال: إذا كان صاحب الثلاثمائة درهم له عيال كثير، فلو قسمها بينهم لم يكفهم، فليعفف(١) عنها نفسه وليأخذها لعياله، وأمّا صاحب الخمسين فأنها تحرم عليه إذا كان وحده وهو محترف يعمل بها، وهو يصيب فيها ما يكفيه إن شاء الله ».

[ ٧٧٨١ ] ٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام ، يقول: « إنّ الزكاة تحل لمن له ثمانمائة درهم، وتحرم على من له خمسون درهماً، قال: قلت: وكيف ذلك؟ قال: يكون لصاحب الثمانمائة عيال، ولا يكسب ما يكفيه، ويكون صاحب الخمسين درهماً ليس له عيال، وهو يصيب ما يكفيه ».

____________________________

الباب - ٨

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) في المصدر: فلم يعفف.

٢ - كتاب حسين بن عفان بن شريك ص ١٠٨.

١١١

٩ -( باب أنّه لا يجوز دفع الإنسان زكاته إلى من تجب عليه نفقته، وهم: أبواه، وأجداده، وأولاده، وزوجاته، ومماليكه، دون بقية الأقارب)

[ ٧٧٨٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية، ولا تعطي من أهل الولاية: الأبوين، والولد، والزوجة(١) ، والمملوك، وكل من هو في نفقتك فلا تعطه ».

[ ٧٧٨٣ ] ٢ - الصدوق في المقنع: لا يجوز أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية، ولا تعط من أهل الولاية: الأبوين، والولد، ولا الزوج، والزوجة، والمملوك، ولا الجد والجدة، وكل من يجير(١) الرجل على نفقته.

١٠ -( باب جواز شراء الأب المملوك ونحوه من واجبي النفقة، من الزكاة وعتقه)

[ ٧٧٨٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن اشترى رجل اباه من زكاة ماله فاعتقه، فهو جائز ».

[ ٧٧٨٥ ] ٢ - الصدوق في المقنع: مثله.

____________________________

الباب - ٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(١) في المصدر زيادة: والصبي.

٢ - المقنع ص ٥٢.

(١) في المصدر: يجبر.

الباب - ١٠

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٢ - المقنع ص ٥٢.

١١٢

١١ -( باب أنّه من كان عليه زكاة فأوصى بها، وجب إخراجها من الأصل، مقدماً على الميراث، وكان كالدين وحجة الإسلام)

[ ٧٧٨٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال في الرجل (وجبت عليه زكاة ماله)(١) ، فلم يخرجه(٢) حتى حضره الموت، فأوصى أن تخرج عنه: « أنها تخرج من جميع ماله، إلّا أن يوصي بإخراجها من ثلثه ».

١٢ -( باب كراهة اعطاء المستحق من الزكاة أقل من خمسة دراهم وعدم التحريم)

[ ٧٧٨٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يجوز في الزكاة أن يعطي أقل من نصف دينار ».

١٣ -( باب جواز إعطاء المستحق من الزكاة ما يغنيه، وأنه لا حد له في الكثرة، إلّا من يخاف منه الإسراف، فيعطى قدر كفايته لسنة)

[ ٧٧٨٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

الباب - ١١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥١.

(١) في المصدر: تجب عليه زكاة في ماله.

(٢) وفيه: يخرجها.

الباب - ١٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٢.

الباب - ١٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١١٣

قال: « ويعطى المؤمن من الزكاة، ما يأكل منه ويشرب، ويكتسي، ويتزوج، ويحج، ويتصدق، (ويوفي دينه)(١) ».

وتقدم(٢) مثله، عن كتاب عاصم بن حميد.

١٤ -( باب جواز تفضيل بعض المستحقين على بعض، واستحباب كون التفضيل لفضيلة، كترك السؤال، والديانة، والفقه، والعقل)

[ ٧٧٨٩ ] ١ - السيد علي بن طاووس في مهج الدعوات: فيما وجده من طريق الدعاء اليماني، قال: هذا لفظ ما وجدنا: حدّثنا الشريف أبو الحسين زيد بن جعفر العلوي المحمّدي، قال: حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عبدالله بن البساط - قراءة عليه - قال: حدّثنا المغيرة بن عمرو بن الوليد العرزمي المكي بمكة - قراءة عليه - قال: حدّثنا أبو سعيد (محمّد بن المفضل)(١) الحسيني - قراءة عليه - قال: حدّثنا أبو إسحاق (بن)(٢) إبراهيم بن محدم الشافعي، ومحمّد بن يحيى بن أبي عمر العبدي، قالا: حدّثنا فضيل بن عياض، عن عطاء بن السائب، عن طاووس، عن ابن عباس - في حديث طويل - ذكر فيه دخول الرجل اليماني، على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وشكايته عن عدوه، وتعليمهعليه‌السلام الدعاء المعروف - إلى أن قال - ثمّ قال: يا أمير المؤمنين، إني أريد أن أتصدق بعشرة آلاف، فمن المستحق(٣) لذلك؟

____________________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) الباب: ٧ من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث ٢.

الباب - ١٤

١ - مهج الدعوات ص ١١٩.

(١) في المصدر: مفضل بن محمّد.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر: المستحقون.

١١٤

يا أمير المؤمنين، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فرّق ذلك في أهل الورع من حملة القرآن، فما تزكو الصنيعة إلّا عند أمثالهم، فيتقوون بها على عبادة ربهم وتلاوة كتابه » فانتهى الرجل إلى ما أشار به أمير المؤمنينعليه‌السلام .

١٥ -( باب عدم وجوب استعياب المستحقين بالإعطاء، والتسوية بينهم، واستحباب ذلك)

[ ٧٧٩٠ ] ١ - أحمد بن علي بن أبي طالب في الاحتجاج: عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي، قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام بمكة إذ دخل عليه أُناس من المعتزلة، فيهم عمرو بن عبيد - إلى أن قال - قال الصادقعليه‌السلام لعمرو: « ما تقول في الصدقة »؟ قال: فقرأ عليه هذه الآية( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) إلى آخرها قال: « نعم، فكيف تقسم بينهم؟ » قال: أقسمها على ثمانية أجزاء، فأعطي كلّ جزء من الثمانية جزءاً، قالعليه‌السلام : « إن كان صنف منهم عشرة آلاف، وصنف رجلاً واحداً و(٢) رجلين و(٣) ثلاثة، جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف؟! » قال: نعم، قال: « وكذا تصنع بين صدقات أهل الحضر وأهل البوادي، فتجعلهم فيها سواء؟! » قال: نعم، قال: « فخالفت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في كلّ ما أتى به (في سيرته)(٤) ، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقسم صدقة أهل

____________________________

الباب - ١٥

١ - الاحتجاج ص ٣٦٤

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢، ٣) في المصدر: أو.

(٤) ليس في المصدر.

١١٥

البوادي في أهل البوادي، وصدقة الحضر في أهل الحضر، لا يقسمه(٥) بينهم بالسوية، إنما (يقسم على)(٦) قدر ما يحضره منهم، وعلى ما يرى، فإن كان في نفسك شئ ممـّا قلت(٧) فإن فقهاء أهل المدينة ومشيختهم كلهم، لا يختلفون في أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كذا كان يصنع ».

[ ٧٧٩١ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام : « أن علي بن أبي طالبعليه‌السلام يعطي الرجل زكاة ماله في هذه السهام بالحصص. للفقراء أهل العفة نصيب ولنسوانهم، ونصيب للسؤال، ونصيب في الرقاب، ونصيب في الغارمين. ونصيب في بني السبيل، وهو الضعيف المنقطع به ».

[ ٧٧٩٢ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام أنّه بعث إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من اليمن بذهبة في أديم مقروظ - يعني مدبوغ بالقرظ - لم تخلص(١) من ترابها، فقسمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين خمسة نفر: الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن بن بدر، وزيد الخيل، وعلقمة بن علاثة، وعامر بن الطفيل، فوجد(٢)

____________________________

(٥) في المصدر: يقسم، والظاهر أنّه أصوب.

(٦) وفيه: يقسمه.

(٧) وفيه زيادة: لك.

٢ - الجعفريات ص ٥٤.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) في المصدر: تُحَصَّل.

(٢) وَجَد: غضب (لسان العرب ج ٣ ص ٤٤٦).

١١٦

في ذلك ناس من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ، فقال: « ألا تأمنوني!؟ وأنا أمين في(٤) السماء، يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء ».

[ ٧٧٩٣ ] ٤ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن محمّد القصري، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الصدقة؟ فقال: « نعم(١) ، ثمنها(٢) فيمن قال الله » الخبر.

١٦ -( باب تحريم الزكاة الواجبة على بني هاشم، إذا كان الدافع من غيرهم)

[ ٧٧٩٤ ] ١ - الصدوق في الأمالي والعيون: عن ابن شاذويه المؤدب، وجعفر بن محمّد بن مسرور معاً، عن محمّد بن عبدالله الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الرضاعليه‌السلام ، فيما ذكرهعليه‌السلام من فضائل العترة، لعلماء العراق وخراسان، بحضرة المأمون، قالعليه‌السلام : « فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ونزه رسوله ونزه أهل بيته، فقال:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ

____________________________

(٣) في المصدر زيادة « وقالوا: نحن كنا أحقّ بهذا، فبلغه ذلكصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٤) وفيه: من في.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٤ ح ٨٠.

(١) نعم: ليس في المصدر.

(٢) وفيه: أقسمها.

الباب - ١٦

١ - أمالى الصدوق ص ٤٢٨، وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٢٣٨.

١١٧

وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) (١) فهل تجد في شئ من ذلك أنه سمى(٢) لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى، لأنه تعالى لما نزه نفسه، عن الصدقة، نزه رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونزه أهل بيته، لا بل حرّم عليهم، لأن الصدقة محرمة على محمد وآله وهي أوساخ أيدي الناس، لا تحل لهم لأنهم طهّروا من كلّ دنس ووسخ، فلما طهرهم الله عزّوجلّ [ و ](٣) اصطفاهم، رضي لهم ما رضي لنفسه، وكره لهم ما كره لنفسه عزّوجلّ ».

[ ٧٧٩٥ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي فمشيت معه، فممرنا بتمر مصبوب وأنا يومئذ غلام صغير(١) ، فجمزت(٢) فتناولت تمرة فجعلتها في فيّ، (فأخرج التمرة)(٣) بلعابها ورمى بها في التمر، وكان من تمر الصدقة، وقال: إنا أهل البيت(٤) لا تحل لنا الصدقة ».

[ ٧٧٩٦ ] ٣ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تحل الصدقة لي ولا لأهل بيتي، إن الصدقة أوساخ أموال(١) الناس، فقيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام :

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في الأمالي: جعل عزّوجلّ سهماً.

(٣) أثبتناه من المصدرين.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٥٨.

(١) ليس في المصدر.

(٢) جمز: عدا وأسرع. (مجمع البحرين ج ٤ ص ١٠).

(٣) في المصدر: فجاء رسول الله حتى أدخل إصبعه في فيَّ فأخرجها.

(٤) في نسخة: بيت، منه (قدّه).

٣ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٥٩.

(١) أموال: ليس في المصدر.

١١٨

الزكاة التي يخرجها الناس من ذلك ؟ قال: نعم ».

[ ٧٧٩٧ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « لا تحل لنا زكاة مفروضة، وما أبالي أكلت من زكاة أو شربت من خمر، إن الله حرم علينا من(١) صدقات الناس، أن نأكلها و(٢) نعمل عليها ».

[ ٧٧٩٨ ] ٥ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام (١) ، أنه نظر إلى الحسن بن عليعليهما‌السلام ، وهو طفل صغير قد أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فاستخرجها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من فمه وأنّ عليها لعابه، فرمى بها في تمر الصدقة حيث كانت، وقال: « إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة ».

[ ٧٧٩٩ ] ٦ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن العيص بن القاسم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن أناساً من بني هاشم، أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسألوه أن يستعملهم على صدقة المواشي والنعم، فقالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله للعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، فنحن أول به، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بني عبد المطلب، إن الصدقة لا تحل لي ولا لكم، ولكن وعدت الشفاعة - ثم قال: أنا أشهد أنه قد وعدها - فما ظنكم يا بني عبد المطلب، إذ أحذت بحلقة باب الجنة، أتروني مؤثراً عليكم غيركم!؟ ».

____________________________

٤ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٥٩.

(١) من: ليس في المصدر.

(٢) وفيه: أو.

٥ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٦.

(١) لم يتبيّن من المصدر بأنّ هذه الرواية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٣ ح ٧٥.

١١٩

[ ٧٨٠٠ ] ٧ - الشيخ أبو علي الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن المفيد، عن علي بن أحمد القلانسي، عن عبد الله بن محمد، عن عبد الرحمن بن صالح، عن موسى بن عثمان(١) ، عن أبي إسحاق السبيعي، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم: « أن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي » الخبر.

[ ٧٨٠١ ] ٨ - نهج البلاغة: ومن كلام لهعليه‌السلام : « وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنئتها(١) ، كأنها(٢) عجنت بريق حية أو قيئها، فقلت: أَصِلة ؟ أم زكاة ؟ أم صدقة ؟ فذلك كله محرم علينا أهل البيت » الخبر.

[ ٧٨٠٢ ] ٩ - تفسير الإمامعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ ) (١) قالعليه‌السلام : « إعط لقرابة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الفقراء هدية أو براً، لا صدقة فإن الله تعالى قد أجلّهم عن الصدقة - إلى أن قال - (واليتامى، آت)(٢) اليتامى من بني هاشم الفقراء براً لا صدقة ».

[ ٧٨٠٣ ] ١٠ - سليم بن قيس الهلالي في كتابه: عن أمير المؤمنين

____________________________

٧ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٣١، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٧٥ ح ٩.

(١) كان في الطبعة الحجرية « عمران »، والصحيح أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال (راجع لسان الميزان ج ٦ ص ١٢٥).

٨ - نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٤٤ ح ٢١٩.

(١) شَنِئ الشئ: ابغضه (لسان العرب ج ١ ص ١٠١).

(٢) في المصدر: كأنّما.

٩ - تفسير الامام العسكريعليه‌السلام ص ٢٤٩.

(١) البقرة ٢: ١٧٧.

(٢) في المصدر: أرادوا.

١٠ - كتاب سليم بن قيس الهلالي ص ١٦٣.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

من الوجه هو الظاهر السابق إلى الذهن.

قوله تعالى: ( إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا ) الآية الاُولى في مقام التعليل لاختيار الليل وقتاً لهذه الصلاة، و الآية الثانية في مقام التعليل لترك النهار و الإعراض عنه كما أنّ الآية السابقة أعني قوله:( إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ) في مقام التعليل لتشريع أصل هذه الصلاة.

فقوله:( إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا ) الناشئة إمّا مصدر كالعاقبة و العافية بمعنى النشأة و هي الحدوث و التكوّن، و إمّا اسم فاعل من النشأة مضاف إلى موصوفه و كيف كان فالمراد بها الليل و إطلاق الحادثة على الليل كإطلاقها على سائر أجزاء الخلقة و ربّما قيل: إنها الصلاة في الليل و وطؤ الأرض وضع القدم عليها، و كونها أشدّ وطأ كناية عن كونها أثبت قدماً لصفاء النفس و عدم تكدّرها بالشواغل النهارية و قيل: الوطء مواطاة القلب اللسان و اُيّد بقراءة( أَشَدُّ وَطْئاً ) و المراد بكونها أقوم قيلاً كونها أثبت قولاً و أصوب لحضور القلب و هدوّ الأصوات.

و المعنى إنّ حادثة الليل أو الصلاة في الليل هي أثبت قدماً - أو أشدّ في مواطاة القلب اللسان و أثبت قولاً و أصوب لما أنّ الله جعل الليل سكنا يستتبع انقطاع الإنسان عن شواغل المعيشة إلى نفسه و فراغ باله.

و قوله:( إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا ) السبح المشي السريع في الماء و السبح الطويل في النهار كناية عن الغور في مهمّات المعاش و أنواع التقلّب في قضاء حوائج الحياة.

و المعنى إنّ لك في النهار مشاغل كثيرة تشتغل بها مستوعبة لا تدع لك فراغاً تشتغل فيه بالتوجّه التامّ إلى ربّك و الانقطاع إليه بذكره فعليك بالليل و الصلاة فيه.

و قيل: المعنى إنّ لك في النهار فراغاً لنومك و تدبير أمر معاشك و التصرّف في حوائجك فتهجّد في الليل.

و قيل: المعنى إنّ لك في النهار فراغاً فإن فاتك من الليل شي‏ء أمكنك أن تتداركه في النهار و تقضيه فيه فالآية في معنى قوله:( وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ

١٤١

خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً ) الفرقان: ٦٢.

و الّذي قدّمناه من المعنى أنسب للمقام.

قوله تعالى: ( وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ) الظاهر أنّه يصف صلاة الليل فهو كالعطف التفسيريّ على قوله:( وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ) و على هذا فالمراد بذكر اسم الربّ تعالى الذكر اللفظي بمواطاة من القلب و كذا المراد بالتبتّل التبتّل مع اللّفظ.

و قيل: الآية تعميم بعد التخصيص و المراد بالذكر دوام ذكره تعالى ليلاً و نهاراً على أيّ وجه كان من تسبيح و تحميد و صلاة و قراءة قرآن و غير ذلك، و إنّما فسّر الذكر بالدوام لأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم ينسه تعالى حتّى يؤمر بذكره، و المراد الدوام العرفيّ دون الحقيقيّ لعدم إمكانه. انتهى.

و فيه أنّه إن أراد بالذكر الذكر اللفظيّ فعدم نسيانهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ربّه تعالى لا ينافي أمره بالذكر اللفظي، و إن أراد ما يعمّ الذكر القلبيّ فهو ممنوع و لو سلّم ففيه أوّلاً أنّ عدم نسيانهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ربّه إلى حين الخطاب لا ينافي أمره بذكره بعده و ثانياً أنّ عدّه الدوام الحقيقيّ غير ممكن و حمل الدوام على العرفيّ وهم ناش عن عدم تحصيل المعنى على ما هو عليه فالله جلّ ذكره مذكور للإنسان لا يغيب عنه و لا لحظة سواء تنبّه عليه الإنسان أو غفل عنه. و من الممكن أن يعرّفه الله نفسه بحيث لا يغفل عنه و لا في حال قال تعالى:( فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ هُمْ لا يَسْأَمُونَ ) حم السجدة: ٣٨ و قال:( يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ ) الأنبياء: ٢٠ و قد تقدّم في تفسير الآيتين و آخر سورة الأعراف أنّ ذلك لا يختصّ بالملائكة.

و بالجملة قوله:( وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ) أمر بذكر اسم من أسمائه أو لفظ الجلالة خاصّة و قيل: المراد به البسملة.

و في قوله:( رَبِّكَ ) التفات عن التكلّم مع الغير في قوله:( إِنَّا سَنُلْقِي ) إلى الغيبة و لعلّ الوجه فيه إيقاظ ذلّة العبوديّة الّتي هي الرابطة بين العبد و ربّه،

١٤٢

بذكر صفة الربوبيّة.

و قوله:( وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ) فسّر التبتّل بالانقطاع أي و انقطع إلى الله، و من المرويّ عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام أنّ التبتّل رفع اليد إلى الله و التضرّع إليه، و هذا المعنى أنسب بناء على حمل الذكر على الذكر اللفظيّ كما تقدّم.

و( تَبْتِيلًا ) مفعول مطلق ظاهراً و كان مقتضى الظاهر أن يقال: و تبتّل إليه تبتّلاً فالعدول إلى التبتيل قيل: لتضمين تبتّل معنى بتّل، و المعنى و قطّع نفسك من غيره إليه تقطيعاً أو احمل نفسك على رفع اليد إليه و التضرّع حملاً، و قيل: لمراعاة الفواصل.

قوله تعالى: ( رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ) وصف مقطوع عن الوصفيّة و التقدير هو ربّ المشرق و المغرب، و ربّ المشرق و المغرب في معنى ربّ العالم كلّه فإنّ المشرق و المغرب جهتان نسبيّتان تشملان جهات العالم المشهود كلّها، و إنّما اختصّاً بالذكر لمناسبة ما تقدّم من ذكر الليل و النهار المرتبطين بالشروق و الغروب.

و إنّما لم يقتصر في الإشارة إلى ربوبيّته تعالى بقوله السابق:( رَبِّكَ ) للإيذان بأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مأمور باتّخاذه ربّاً لأنّه ربّه و ربّ العالم كلّه لا لأنّه ربّه وحده كما ربّما كان الرجل من الوثنيّين يتّخذ صنماً لنفسه فحسب غير ما اتّخذه غيره من الأصنام و لو كان اتّخاذهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له تعالى ربّاً من هذا القبيل أو احتمل ذلك لم تصحّ دعوته إلى التوحيد.

و ليكون قوله:( رَبِّكَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ ) - و هو في معنى ربّ العالم كلّه - توطئة و تمهيداً لقوله بعده:( لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ) يعلّل به توحيد الاُلوهيّة فإنّ الاُلوهيّة و هي المعبوديّة من فروع الربوبيّة الّتي هي الملك و التدبير كما تقدّم مراراً فهو تعالى الإله وحده لا إله إلّا هو لأنّه الربّ وحده لا ربّ إلّا هو.

و قوله:( فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ) أي في جميع اُمورك، و توكيل الوكيل هو إقامة الإنسان غيره مقام نفسه بحيث تقوم إرادته مقام إرادته و عمله مقام عمله فاتّخاذه تعالى

١٤٣

وكيلاً أن يرى الإنسان الأمر كلّه له و إليه تعالى أمّا في الاُمور الخارجيّة و الحوادث الكونيّة فأن لا يرى لنفسه و لا لشي‏ء من الأسباب الظاهريّة استقلالاً في التأثير فلا مؤثّر في الوجود بحقيقة معنى التأثير إلّا الله فلا يتعلّق بتأثير سبب من الأسباب برضىّ أو سخط أو سرور أو أسف و غير ذلك بل يتوسّل إلى مقاصده و مآربه بما عرّفه الله من الأسباب من غير أن يطمئنّ إلى استقلالها في التأثير و يرجع الظفر بالمطلوب إلى الله ليختار له ما يرتضيه.

و أمّا الاُمور الّتي لها تعلّق بالعمل من العبادات و المعاملات فأن يجعل إرادته تابعة لإرادة ربّه التشريعيّة فيعمل على حسب ما يريده الله تعالى منه فيما شرّع من الشريعة.

و من هنا يظهر أنّ لقوله:( فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ) ارتباطاً بقوله:( وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ) إلخ و ما تقدّم عليه من الأوامر التشريعيّة كما أنّ له ارتباطاً بما تأخّر عنه من قوله( وَ اصْبِرْ ) و قوله( اهْجُرْهُمْ ) و قوله:( وَ ذَرْنِي ) .

قوله تعالى: ( وَ اصْبِرْ عَلى‏ ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا ) معطوف هو و ما بعده على مدخول الفاء في قوله:( فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًاًا ) فالمعنى اتّخذه وكيلاً و لازم اتّخاذه وكيلاً أن تصبر على ما يقولون ممّا فيه إيذاؤك و الاستهزاء بك و رميك بما ليس فيك كقولهم: افترى على الله، كاهن شاعر، مجنون، أساطير الأوّلين و غير ذلك ممّا يقصّه القرآن.

و أن تهجرهم هجراً جميلاً، و المراد بالهجر الجميل على ما يعطيه السياق أن يعاملهم بحسن الخلق و الدعوة إلى الحقّ بالمناصحة، و لا يواجه قولهم بما في وسعه من المقابلة بالمثل، و الآية لا تدافع آية القتال فلا وجه لقول من قال: إنّها منسوخة بآية القتال.

قوله تعالى: ( وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَ مَهِّلْهُمْ قَلِيلًا ) تهديد للكفّار يقال: دعني و فلاناً و ذرني و فلاناً أي لا تحل بيني و بينه حتّى أنتقم منه.

و المراد بالمكذّبين اُولي النعمة الكفّار المذكورون في الآية السابقة أو رؤساؤهم

١٤٤

المتبوعون، و الجمع بين توصيفهم بالمكذّبين و توصيفهم باُولي النعمة للإشارة إلى علّة ما يهدّدهم به من العذاب فإنّ تكذيبهم بالدعوة الإلهيّة و هم متنعّمون بنعمة ربّهم كفران منهم بالنعمة و جزاء الكفران سلب النعمة و تبديلها من النقمة.

و المراد بالقليل الّذي يمهّلونه الزمان القليل الّذي يمكثون في الأرض حتّى يرجعوا إلى ربّهم فيحاسبهم و يجازيهم قال تعالى:( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَ نَراهُ قَرِيباً ) المعارج: ٧، و قال:( مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمِهادُ ) آل عمران: ١٩٧.

و الآية بظاهرها عامّة، و قيل: وعيد لهم بوقعة بدر و ليس بظاهر، و في الآية التفات عن الغيبة في( رَبِّكَ ) إلى التكلّم وحده في( ذَرْنِي ) و لعلّ الوجه فيه تشديد التهديد بنسبة الأمر إليه سبحانه نفسه ثمّ التفت في قوله:( إِنَّ لَدَيْنا ) إلى التكلّم مع الغير للدلالة على العظمة.

قوله تعالى: ( إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا وَ جَحِيماً ) تعليل لقوله:( ذَرْنِي ) إلخ و الأنكال القيود، قال الراغب يقال: نكل عن الشي‏ء ضعف و عجز، و نكلته قيّدته و النكل - بالكسر فالسكون - قيد الدابّة و حديدة اللجام لكونهما مانعين، و الجمع الأنكال انتهى، و قال: الجحمة شدّة تأجّج النار و منه الجحيم، انتهى.

قوله تعالى: ( وَ طَعاماً ذا غُصَّةٍ وَ عَذاباً أَلِيماً ) قال في المجمع: الغصّة تردّد اللقمة في الحلق و لا يسيغها آكلها يقال: غصّ بريقه يغصّ غصصاً، و في قلبه غصّة من كذا و هي كاللدغة الّتي لا يسوغ معها الطعام و الشراب، انتهى.

و الآيتان تذكران نقم الآخرة الّتي بدّلت منها نعم الدنيا جزاء لكفرانهم بنعم الله.

قوله تعالى: ( يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ وَ كانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا ) ظرف للعذاب الموعود في الآيتين السابقتين، قال الراغب: الرجف الاضطراب الشديد يقال: رجفت الأرض و البحر انتهى. و في المجمع: الكثيب الرمل المجتمع الكثير، و هلت أهيله هيلاً فهو مهيل إذا حرّك أسفله فسال أعلاه انتهى، و المعنى ظاهر.

١٤٥

قوله تعالى: ( إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى‏ فِرْعَوْنَ رَسُولًا ) إنذار للمكذّبين اُولي النعمة من قومهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد ما أوعد مطلق المكذّبين اُولي النعمة بما أعدّ لهم من العذاب يوم القيامة بقياس حالهم إلى حال فرعون المستكبر على الله و رسوله المستذلّ لرسول الله و من آمن معه من قومه ثمّ قرع أسماعهم بما انتهى إليه أمر فرعون من أخذ الله له أخذاً وبيلاً فليتّعظوا و ليأخذوا حذرهم.

و في الآية التفات عن الغيبة إلى الخطاب كأنّ المتكلّم لما أوعدهم بالعذاب على الغيبة هاج به الوجد على اُولئك المكذّبين بما يلقون أنفسهم بأيديهم إلى الهلاك الأبديّ لسفاهة رأيهم فشافههم بالإنذار ليرتفع عن أنفسهم أيّ شكّ و ترديد و تتمّ عليهم الحجّة و لعلّهم يتّقون، و لذا عقّب قياسهم إلى فرعون و قياس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى موسىعليه‌السلام و الإشارة إلى عقابه أمر فرعون بقوله( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً ) إلخ.

فقوله:( إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ) إشارة إلى تصديق رسالة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قبله تعالى و شهادته على أعمالهم بتحمّلها في الدنيا و تأديتها يوم القيامة، و قد تقدّم البحث عن معنى شهادة الأعمال في الآيات المشتملة عليها مراراً، و في الإشارة إلى شهادتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نوع زجر لهم عن عصيانه و مخالفته و تكذيبه.

و قوله:( كَما أَرْسَلْنا إِلى‏ فِرْعَوْنَ رَسُولًا ) هو موسى بن عمرانعليه‌السلام .

قوله تعالى: ( فَعَصى‏ فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا ) أي شديداً ثقيلاً. إشارة إلى عاقبة أمر فرعون في عصيانه موسىعليه‌السلام ، و في التعبير عن موسى بالرسول إشارة إلى أنّ السبب الموجب لأخذ فرعون مخالفته أمر رسالته لا نفس موسى بما أنّه موسى، و إذا كان السبب هو مخالفة الرسالة فليحذروا مخالفة رسالة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

كما أنّ وضع الظاهر موضع الضمير في قوله:( فَعَصى‏ فِرْعَوْنُ ) للإيماء إلى أنّ ما كان له من العزّة و العلوّ في الأرض و التبجّح بكثرة العدّة و سعة المملكة و نفوذ المشيّة لم يغن عنه شيئاً و لم يدفع عنه عذاب الله فما الظنّ بهؤلاء المكذّبين؟ و هم كما قال الله:( جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ ) ص: ١١.

١٤٦

قوله تعالى: ( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً ) نسبة الاتّقاء إلى اليوم من المجاز العقليّ و المراد اتّقاء العذاب الموعود فيه، و عليه فيوماً مفعول به لتتّقون، و قيل: مفعول( تَتَّقُونَ ) محذوف و( يَوْماً ) ظرف له و التقدير فكيف تتّقون العذاب الكائن في يوم، و قيل: المفعول محذوف و( يَوْماً ) ظرف للاتّقاء و قيل غير ذلك.

و قوله:( يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً ) الشيب جمع أشيب مقابل الشابّ، و جعل الولدان شيباً كناية عن شدّة اليوم لا عن طوله.

قوله تعالى: ( السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا ) إشارة بعد إشارة إلى شدّة اليوم، و الانفطار الانشقاق و تذكير الصفة لكون السماء جائز الوجهين يذكّر و يؤنّث، و ضمير( بِهِ ) لليوم، و الباء بمعنى في أو للسببيّة، و المعنى السماء منشقّة في ذلك اليوم أو بسبب ذلك اليوم أي بسبب شدّته.

و قوله:( كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا ) استئناف لتسجيل ما تقدّم من الوعيد و أنّه حتم مقضيّ و نسبة الوعد إلى ضميره تعالى لعلّه للإشعار بأن لا يصلح لهذا الوعد إلّا الله تعالى فيكفي فيه الضمير من غير حاجة إلى ذكره باسمه.

قوله تعالى: ( إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى‏ رَبِّهِ سَبِيلًا ) الإشارة بهذه إلى الآيات السابقة بما تشتمل عليه من القوارع و الزواجر، و التذكرة الموعظة الّتي يذكر بها ما يعمل عليه.

و قوله:( فَمَنْ شاءَ ) مفعول( شاءَ ) محذوف و المعروف في مثل هذا المورد أن يقدّر المفعول من جنس الجواب و السياق يلائمه، و التقدير فمن شاء أن يتّخذ إلى ربّه سبيلاً اتّخذ إلخ، و قيل: المقدّر الاتّعاظ، و المراد باتّخاذ السبيل إليه اتّخاذ السبيل إلى التقرّب منه، و السبيل هو الإيمان و الطاعة هذا ما ذكره المفسّرون.

و من الممكن أن تكون هذه إشارة إلى ما تقدّم في صدر السورة من الآيات النادبة إلى قيام الليل و التهجّد فيه، و الآية مسوقة لتوسعة الخطاب و تعميمه لغير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المؤمنين بعد ما كان خطاب صدر الصورة مختصّاً بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

١٤٧

و الدليل على هذا التعميم قوله:( فَمَنْ شاءَ ) إلخ.

و يؤيّد ما ذكرنا وقوع هذه الآية( إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ ) إلخ بعينها في سورة الدهر بعد ما اُشير إلى صلاة الليل بقوله تعالى:( وَ سَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا ) و يستنتج من ذلك أنّ صلاة الليل سبيل خاصّة تهدي العبد إلى ربّه.

( بحث روائي‏)

في الدرّ المنثور، أخرج البزّار و الطبرانيّ في الأوسط و أبونعيم في الدلائل عن جابر قال: اجتمعت قريش في دار الندوة فقالوا: سمّوا هذا الرجل اسماً يصدر الناس عنه فقالوا: كاهن. قالوا ليس بكاهن. قالوا: مجنون. قالوا: ليس بمجنون. قالوا ساحر. قالوا: ليس بساحر. قالوا: يفرّق بين الحبيب و حبيبه فتفرّق المشركون على ذلك.

فبلغ ذلك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتزمّل في ثيابه و تدثّر فيها فأتاه جبريل فقال: يا أيّها المزّمّل يا أيّها المدّثّر.

أقول: آخر الرواية لا يخلو من شي‏ء حيث إنّ ظاهرها نزول السورتين معاً. على أنّ القرآن حتّى في سورة المدّثّر يحكي تسميتهم لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بألقاب السوء كالكاهن و الساحر و المجنون و الشاعر و لم يذكر فيها قولهم: يفرّق بين الحبيب و حبيبه.

و فيه، أخرج عبدالله بن أحمد في كتاب الزهد و محمّد بن نصر في كتاب الصلاة عن عائشة قالت: كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قلّما ينام من الليل لما قال الله له:( قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ) .

و في الكشّاف، عن عائشة: أنّها سألت: ما كان تزميله؟ قالت: كان مرطاً طوله أربع عشرة ذراعاً نصفه عليّ و أنا نائمة و نصفه عليه و هو يصلّي. فسئلت: ما كان؟ قالت: و الله ما كان خزّاً و لا قزّاً و لا مرعزّيّاً و لا إبريسماً و لا صوفاً. كان سداه شعراً و لحمته وبراً.

أقول: الرواية مرمية بالوضع فإنّ السورة من العتائق النازلة بمكّة، و عائشة إنّما بنى عليها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمدينة بعد الهجرة.

١٤٨

و عن جوامع الجامع، روي: أنّه قد دخل على خديجة و قد جئث فرقاً(١) فقال: زمّلوني فبينا هو على ذلك إذ ناداه جبريل:( يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ) .

و في الدرّ المنثور، أخرج عبد بن حميد و ابن جرير و ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: لمّا نزلت( يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ) مكث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على هذه الحال عشر سنين يقوم اللّيل كما أمره الله و كانت طائفة من أصحابه يقومون معه فأنزل الله بعد عشر سنين( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ - إلى قوله -وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) فخفّف الله عنهم بعد عشر سنين.

أقول: و روي نزول آية التخفيف بعد سنة و روي أيضاً نزولها بعد ثمانية أشهر، و لم يكن قيام الليل واجباً على غير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما اُشير إليه بقوله تعالى:( إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ ) الآية كما تقدّم، و يؤيّده ما في الرواية من قوله:( و طائفة من أصحابه) .

و في التهذيب، بإسناده عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله تعالى:( قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ) قال: أمره الله أن يصلّي كلّ ليلة إلّا أن تأتي عليه ليلة من اللّيالي لا يصلّي فيها شيئاً.

أقول: الرواية تشير إلى أحد الوجوه في الآية.

و في المجمع: و قيل: إنّ نصفه بدل من القليل فيكون بياناً للمستثنى، و يؤيّد هذا القول‏ ما روي عن الصادقعليه‌السلام قال: القليل النصف أو انقص من القليل قليلاً أو زد على القليل قليلاً.

و في الدرّ المنثور، أخرج العسكريّ في المواعظ عن عليّعليه‌السلام أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سئل عن قول الله:( وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ) قال: بيّنه تبييناً، و لا تنثره نثر الدقل، و لا تهذّه هذّ الشعر، قفوا عند عجائبه، و حرّكوا به القلوب، و لا يكن همّ أحدكم آخر السورة.

أقول: و روي هذا المعنى في اُصول الكافي، بإسناده عن عبدالله بن سليمان عن الصادق

____________________

(١) جئث الرجل ثقل عند القيام أو عند حمل شي‏ء ثقيل و الفرق: الفزع و الخوف.

١٤٩

عن عليّعليه‌السلام و لفظ بيّنه تبييناً و لا تهذّه هذّ الشعر، و لا تنثره نثر الرمل، و لكن أفرغوا(١) قلوبكم القاسية و لا يكن هم أحدكم آخر السورة.

و فيه، أخرج ابن أبي شيبة عن طاووس قال: سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيّ الناس أحسن قراءة قال الّذي إذا سمعته يقرأ رأيت أنّه يخشى الله.

و في اُصول الكافي، بإسناده عن عليّ بن أبي حمزة قال قال أبوعبداللهعليه‌السلام : إنّ القرآن لا يقرأ هذرمة(٢) و لكن يرتّل ترتيلاً فإذا مررت بآية فيها ذكر الجنّة فقف عندها و اسأل الله عزّوجلّ الجنّة، و إذا مررت بآية فيها ذكر النار فقف عندها و تعوّذ بالله من النار.

و في المجمع، في معنى الترتيل عن أبي بصير عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: هو أن تتمكّث فيه و تحسن به صوتك.

و فيه، روي عن اُمّ سلمة أنّها قالت: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقطع قراءته آية آية.

و فيه، عن أنس قال: كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمدّ صوته مدّاً.

و فيه، سأل الحارث بن هشام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس و هو أشدّ علي فيفصم(٣) عنّي و قد وعيت ما قال و أحياناً يتمثّل الملك رجلاً فأعي ما يقول.

قالت عائشة: إنّه كان ليوحي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و هو على راحلته فتضرب بجرانها.

قالت: و لقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه و إنّ جبينه ليرفضّ عرقاً.

و عن تفسير العيّاشيّ، بإسناده عن عيسى بن عبيد عن أبيه عن جدّه عن عليّعليه‌السلام قال: كان القرآن ينسخ بعضه بعضاً، و إنّما يؤخذ من أمر رسول الله

____________________

(١) أفرغ الإناء: أخلاه.

(٢) الهذرمة: الإسراع في القراءة.

(٣) الفصم: القطع.

١٥٠

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بآخره.

و كان من آخر ما نزل عليه سورة المائدة نسخت ما قبلها و لم ينسخها شي‏ء لقد نزلت عليه و هو على بغلة شهباء و ثقل عليها الوحي حتّى وقفت و تدلّى بطنها حتّى رأيت سرّتها تكاد تمسّ الأرض.

أقول: إن صحّت الرواية كان ظهور أثر ثقل الوحي على الناقة أو البغلة من قبيل تجسّم المعاني و كثيراً ما يوجد مثله فيما نقل من المعجزات و كرامات الأولياء، و أمّا اتّصاف الوحي و هو كلام بالثقل المادّيّ فغير معقول.

و في التهذيب، بإسناده عن هشام بن سالم عن أبي عبداللهعليه‌السلام في قول الله عزّوجلّ:( إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا ) قال: يعني بقوله:( وَ أَقْوَمُ قِيلًا ) قيام الرجل عن فراشه يريد به الله عزّوجلّ لا يريد به غيره.

أقول: و رواه أيضاً بسندين آخرين في التهذيب و العلل عن هشام عنهعليه‌السلام .

و في المجمع في قوله تعالى:( إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ ) الآية: و المرويّ عن أبي جعفر و أبي عبداللهعليهما‌السلام أنّهما قالا: هي القيام في آخر اللّيل.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن المنذر عن حسين بن عليّ أنّه رؤي يصلّي بين المغرب و العشاء فقيل له في ذلك؟ فقال: إنّهما من الناشئة.

و في المجمع: في قوله تعالى:( وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ) وروى محمّد بن مسلم و زرارة و حمران عن أبي جعفر و أبي عبداللهعليهما‌السلام أنّ التبتّل هذا رفع اليدين في الصلاة. و في رواية أبي بصير قال: هو رفع يدك إلى الله و تضرّعك.

أقول: و ينطبق على قنوت الصلاة، و في رواية هو رفع اليدين و تحريك السبّابتين، و في رواية الإيماء بالإصبع و في رواية الدعاء بإصبع واحدة يشير بها.

و فيه في قوله تعالى:( وَ طَعاماً ذا غُصَّةٍ ) الآية: عن عبدالله بن عمر: أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمع قارئاً يقرأ هذا فصعق.

و في تفسير القمّيّ في قوله:( وَ كانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا ) قال: مثل الرمل ينحدر.

١٥١

( سورة المزّمّل آية ٢٠)

إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( ٢٠ )

( بيان‏)

آية مبنيّة على التخفيف فيما أمر به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صدر السورة من قيام الليل و الصلاة فيه ثمّ عمّم الحكم لسائر المؤمنين بقوله:( إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ ) الآية.

و لسان الآية هو التخفيف بما تيسّر من القرآن من غير نسخ لأصل الحكم السابق بالمنع عن قيام ثلثي الليل أو نصفه أو ثلثه.

و قد ورد في غير واحد من الأخبار أنّ الآية مكّيّة نزلت بعد ثمانية أشهر أو سنة أو عشر سنين من نزول آيات صدر السورة لكن يوهنه اشتمال الآية على قوله تعالى:( وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ أَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) فإنّ ظاهره أنّ المراد

١٥٢

بالزكاة - و قد ذكرت قبلها الصلاة و بعدها الإنفاق المستحبّ - هو الزكاة المفروضة و إنّما فرضت الزكاة بالمدينة بعد الهجرة.

و قول بعضهم: إنّ الزكاة فرضت بمكّة من غير تعيين الأنصباء و الّذي فرض بالمدينة تعيين الأنصباء، تحكّم من غير دليل، و كذا قول بعضهم: إنّه من الممكن أن تكون الآية ممّا تأخّر حكمه عن نزوله.

على أنّ في الآية ذكراً من القتال إذ يقول:( وَ آخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) و لم يكن من مصلحة الدعوة الحقّة يومئذ ذاك و الظرف ذلك الظرف أن يقع في متنها ذكر من القتال بأيّ وجه كان، فالظاهر أنّ الآية مدنيّة و ليست بمكّيّة و قد مال إليه بعضهم.

قوله تعالى: ( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى‏ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ ) إلى آخر الآية. الخطاب للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و في التعبير بقوله:( رَبَّكَ ) تلويح إلى شمول الرحمة و العناية الإلهيّة، و كذا في قوله:( يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ) إلخ مضافاً إلى ما فيه من لائحة الشكر قال تعالى:( وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) الدهر: ٢٢.

و قوله:( تَقُومُ أَدْنى‏ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ ) أدنى اسم تفضيل من الدنوّ بمعنى القرب، و قد جرى العرف على استعمال أدنى فيما يقرب من الشي‏ء و هو أقلّ فيقال: إنّ عدّتهم أدنى من عشرة إذا كانوا تسعة مثلاً دون ما لو كانوا أحد عشر فمعنى قوله:( أَدْنى‏ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ ) أقرب من ثلثيه و أقلّ بقليل.

و الواو العاطفة في قوله:( وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ ) لمطلق الجمع و المراد أنّه يعلم أنّك تقوم في بعض الليالي أدنى من ثلثي الليل و في بعضها نصفه و في بعضها ثلثه.

و قوله:( وَ طائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ) المراد المعيّة في الإيمان و( مِنْ ) للتبعيض فالآية تدلّ على أنّ بعضهم كان يقوم الليل كما كان يقومه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . و قيل( من ) بيانيّة، و هو كما ترى.

و قوله:( وَ اللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ ) في مقام التعليل لقوله:( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ ) و المعنى و كيف لا يعلم و هو الله الّذي إليه الخلق و التقدير ففي تعيين قدر اللّيل و النهار

١٥٣

تعيين ثلثهما و نصفهما و ثلثيهما، و نسبة تقدير اللّيل و النهار إلى اسم الجلالة دون اسم الربّ و غيره لأنّ التقدير من شؤن الخلق و الخلق إلى الله الّذي إليه ينتهي كلّ شي‏ء.

و قوله:( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) الإحصاء تحصيل مقدار الشي‏ء و عدده و الإحاطة به، و ضمير( لَنْ تُحْصُوهُ ) للتقدير أو للقيام مقدار ثلث الليل أو نصفه أو أدنى من ثلثيه، و إحصاء ذلك مع اختلاف الليالي طولاً و قصراً في أيّام السنة ممّا لا يتيسّر لعامّة المكلّفين و يشتدّ عسراً لمن نام أوّل اللّيل و أراد القيام بأحد المقادير الثلاثة دون أن يحتاط بقيام جميع اللّيل أو ما في حكمه.

فالمراد بقوله:( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ) علمه تعالى بعدم تيسّر إحصاء المقدار الّذي اُمروا بقيامه من اللّيل لعامّة المكلّفين.

و المراد بقوله:( فَتابَ عَلَيْكُمْ ) توبته تعالى و رجوعه إليهم بمعنى انعطاف الرحمة الإلهيّة عليهم بالتخفيف فللّه سبحانه توبة على عباده ببسط رحمته عليهم و أثرها توفيقهم للتوبة أو لمطلق الطاعة أو رفع بعض التكاليف أو التخفيف قال تعالى:( ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ) التوبة: ١١٨.

كما أنّ له توبة عليهم بمعنى الرجوع إليهم بعد توبتهم و أثرها مغفرة ذنوبهم، و قد تقدّمت الإشارة إليه.

و المراد بقوله:( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) التخفيف في قيام اللّيل من حيث المقدار لعامّة المكلّفين تفريعاً على علمه تعالى أنّهم لن يُحصوه.

و لازم ذلك التوسعة في التكليف بقيام اللّيل من حيث المقدار حتّى يسع لعامّة المكلّفين الشاقّ عليهم إحصاؤه دون النسخ بمعنى كون قيام الثلث أو النصف أو الأدنى من الثلثين لمن استطاع ذلك بدعة محرّمة و ذلك أنّ الإحصاء المذكور إنّما لا يتيسّر لمجموع المكلّفين لا لجميعهم و لو امتنع لجميعهم و لم يتيسّر لأحدهم لم يشرّع من أصله و لا يكلّف الله نفساً إلّا وسعها.

على أنّه تعالى يصدّق لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و طائفة من الّذين معه قيام الثلث و النصف

١٥٤

و الأدنى من الثلثين و ينسب عدم التمكّن من الإحصاء إلى الجميع و هم لا محالة هم القائمون و غيرهم فالحكم إنّما كان شاقّاً على المجموع من حيث المجموع دون كلّ واحد فوسّع في التكليف بقوله:( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) و سهّل الأمر بالتخفيف ليكون لعامّة المكلّفين فيه نصيب مع بقاء الأصل المشتمل عليه صدر السورة على حاله لمن تمكّن من الإحصاء و إرادة، و الحكم استحبابيّ لسائر المؤمنين و إن كان ظاهر ما للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الخطاب الوجوب كما تقدّمت الإشارة إليه.

و للقوم في كون المراد بقيام اللّيل الصلاة فيه أو قراءة القرآن خارج الصلاة، و على الأوّل في كونه واجباً على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و المؤمنين أو مستحبّاً للجميع أو واجباً على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مستحبّاً لغيره ثمّ في نسخ الحكم بالتخفيف بما تيسّر بهذه الآية أو تبديل الصلاة من قراءة ما تيسّر من القرآن أقوال لا كثير جدوى في التعرّض لها و البحث عنها.

و قوله:( عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى‏ وَ آخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَ آخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) إشارة إلى مصلحة اُخرى مقتضية للتخفيف في أمر القيام ثلث اللّيل أو نصفه أو أدنى من ثلثيه، وراء كونه شاقّاً على عامّة المكلّفين بالصفة المذكورة أوّلاً فإنّ الإحصاء المذكور للمريض و المسافر و المقاتل مع ما هم عليه من الحال شاقّ عسير جدّاً.

و المراد بالضرب في الأرض للابتغاء من فضل الله طلب الرزق بالمسافرة من أرض إلى أرض للتجارة.

و قوله:( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ أَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) تكرار للتخفيف تأكيداً، و ضمير( مِنْهُ ) للقرآن، و المراد الإتيان بالصلاة على ما يناسب سعة الوقت الّذي قاموا فيه.

و المراد بالصلاة المأمور بإقامتها الفريضة فإن كانت الآية مدنيّة فالفرائض الخمس اليوميّة و إن كانت مكّيّة فبحسب ما كانت مفروضة من الصلاة، و المراد بالزكاة الزكاة المفروضة، و المراد بإقراضه تعالى غير الزكاة من الإنفاقات الماليّة في سبيل الله.

١٥٥

و عطف الأمر بإقامة الصلاة و إيتاء الزكاة و الإقراض للتلويح إلى أنّ التكاليف الدينيّة على حالها في وجوب الاهتمام بها و الاعتناء بأمرها، فلا يتوهّمنّ متوهّم سريان التخفيف و المسامحة في جميع التكاليف فالآية نظيرة قوله في آية النجوى:( فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ أَطِيعُوا اللهَ وَ رَسُولَهُ ) المجادلة: ١٣.

و قوله:( وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَ أَعْظَمَ أَجْراً ) ( مِنْ خَيْرٍ ) بيان للموصول، و المراد بالخير مطلق الطاعة أعمّ من الواجبة و المندوبة، و( هُوَ ) ضمير فصل أو تأكيد للضمير في( تَجِدُوهُ ) .

و المعنى: و الطاعة الّتي تقدّمونها لأنفسكم - أي لتعيشوا بها في الآخرة - تجدونها عند الله - أي في يوم اللقاء - خيراً من كلّ ما تعملون أو تتركون و أعظم أجرا.

و قوله:( وَ اسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ختم الكلام بالأمر بالاستغفار، و في قوله:( إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) إشعار بوعد المغفرة و الرحمة، و لا يبعد أن يكون المراد بالاستغفار الإتيان بمطلق الطاعات لأنّها وسائل يتوسّل بها إلى مغفرة الله فالإتيان بها استغفار.

( بحث روائي‏)

في تفسير القمّيّ، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله تعالى:( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى‏ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ ) ففعل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك و بشّر الناس به فاشتدّ ذلك عليهم و( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ) و كان الرجل يقوم و لا يدري متى ينتصف اللّيل و متى يكون الثلثان، و كان الرجل يقوم حتّى يصبح مخافة أن لا يحفظه.

فأنزل الله( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ - إلى قوله -عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ) يقول: متى يكون النصف و الثلث نسخت هذه الآية( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) ، و

١٥٦

اعلموا أنّه لم يأت نبيّ قطّ إلّا خلا بصلاة اللّيل، و لا جاء نبيّ قطّ بصلاة اللّيل في أوّل اللّيل.

أقول: محصّل الرواية أنّ صدر السورة توجب صلاة اللّيل و ذيلها تنسخها، و روي ما يقرب منه من طرق أهل السنّة عن ابن عبّاس و غيره، و قد تقدّم ما يتعلّق به في البيان السابق.

و في المجمع، روى الحاكم أبوالقاسم إبراهيم الحسكانيّ بإسناده عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عبّاس في قوله تعالى:( وَ طائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ) قال: عليّ و أبوذرّ.

و فيه في قوله تعالى:( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) روي عن الرضا عن أبيه عن جدّهعليهم‌السلام قال: ما تيسّر منه لكم فيه خشوع القلب و صفاء السرّ.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن أبي حاتم و الطبرانيّ و ابن مردويه عن ابن عبّاس عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) قال: مائة آية.

و فيه، أخرج ابن مردويه عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما من جالب يجلب طعاماً إلى بلد من بلاد المسلمين فيبيعه بسعر يومه إلّا كانت منزلته عند الله منزلة الشهيد. ثمّ قرأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( وَ آخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَ آخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) .

و في تفسير القمّيّ، بإسناده عن زرعة عن سماعة قال: سألته عن قول الله:( وَ أَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) قال: هو غير الزكاة.

و في الخصال، عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام في حديث الأربعمائة: أكثروا الاستغفار تجلبوا الرزق، و قدّموا ما استطعتم من عمل الخير تجدوه غداً.

أقول: ذيله مأخوذ من قوله تعالى:( وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَ أَعْظَمَ أَجْراً ) .

١٥٧

( سورة المدّثّر مكّيّة و هي ستّ و خمسون آية)

( سورة المدّثّر الآيات ١ - ٧)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ( ١ ) قُمْ فَأَنذِرْ ( ٢ ) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ( ٣ ) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ( ٤ ) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ( ٥ ) وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ ( ٦ ) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ( ٧ )

( بيان‏)

تتضمّن السورة أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالإنذار في سياق يلوح منه كونه من أوامر أوائل البعثة ثمّ الإشارة إلى عظم شأن القرآن الكريم و جلالة قدره، و الوعيد الشديد على من يواجهه بالإنكار و الرمي بالسحر، و ذمّ المعرضين عن دعوته.

و السورة مكّيّة من العتائق النازلة في أوائل البعثة و ظهور الدعوة حتّى قيل: إنّها أوّل سورة نزلت من القرآن و إن كان يكذّبه نفس آيات السورة الصريحة في سبق قراءتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القرآن على القوم و تكذيبهم به و إعراضهم عنهم و رميهم له بأنّه سحر يؤثر.

و لذا مال بعضهم إلى أنّ النازل أوّلاً هي الآيات السبع الواقعة في أوّل السورة و لازمه كون السورة غير نازلة دفعة و هو و إن كان غير بعيد بالنظر إلى متن الآيات السبع لكن يدفعه سياق أوّل سورة العلق الظاهر في كونه أوّل ما نزل من القرآن.

و احتمل بعضهم أن تكون السورة أوّل ما نزل على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند الأمر بإعلان الدعوة بعد إخفائها مدّة في أوّل البعثة فهي في معنى قوله:( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) الحجر: ٩٤، و بذلك جمع بين ما ورد من أنّها أوّل ما نزل، و ما ورد أنّها نزلت بعد سورة العلق، و ما ورد أنّ سورتي المزّمّل و المدّثّر نزلتا معاً، و هذا القول لا يتعدّى طور الاحتمال.

١٥٨

و كيف كان فالمتيقّن أنّ السورة من أوائل ما نزل على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من السور القرآنيّة، و الآيات السبع الّتي نقلناها تتضمّن الأمر بالإنذار و سائر الخصال الّتي تلزمه ممّا وصّاه الله به.

قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) المدّثّر بتشديد الدالّ و الثاء أصله المتدثّر اسم فاعل من التدثّر بمعنى التغطّي بالثياب عند النوم.

و المعنى: يا أيّها المتغطّي بالثياب للنوم خطاب للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و قد كان على هذه الحال فخوطب بوصف مأخوذ من حاله تأنيساً و ملاطفة نظير قوله:( يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ) .

و قيل: المراد بالتدثّر تلبّسهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوّة بتشبيهها بلباس يتحلّى به و يتزيّن و قيل: المراد به اعتزالهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و غيبته عن النظر فهو خطاب له بما كان عليه في غار حراء، و قيل: المراد به الاستراحة و الفراغ فكأنّه قيل لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أيّها المستريح الفارغ قد انقضى زمن الراحة و أقبل زمن متاعب التكاليف و هداية الناس.

و هذه الوجوه و إن كانت في نفسها لا بأس بها لكنّ الّذي يسبق إلى الذهن هو المعنى الأوّل.

قوله تعالى: ( قُمْ فَأَنْذِرْ ) الظاهر أنّ المراد به الأمر بالإنذار من غير نظر إلى من ينذر فالمعنى افعل الإنذار، و ذكر بعضهم أنّ مفعول الفعل محذوف، و التقدير أنذر عشيرتك الأقربين لمناسبته لابتداء الدعوة كما ورد في سورة الشعراء.

و ذكر آخرون أنّ المفعول المحذوف عامّ و هو جميع الناس لقوله:( وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ ) سبأ: ٢٨.

و لم يذكر التبشير مع الإنذار مع أنّهما كالمتلازمين في تمام الدعوة لأنّ السورة ممّا نزل في ابتداء الدعوة و الإنذار هو الغالب إذ ذاك.

قوله تعالى: ( وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ ) أي أنسب ربّك إلى الكبرياء و العظمة اعتقاداً و عملاً قولاً و فعلاً و هو تنزيهه تعالى من أن يعادله أو يفوقه شي‏ء فلا شي‏ء يشاركه أو يغلبه أو يمانعه، و لا نقص يعرضه، و لا وصف يحده.

١٥٩

و لذا ورد عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام أنّ معنى التكبير: الله أكبر من أن يوصف، فهو تعالى أكبر من كلّ وصف نصفه به حتّى من هذا الوصف، و هذا هو المناسب للتوحيد الإسلاميّ الّذي يفوق ما نجده من معنى التوحيد في سائر الشرائع السماوية.

و هذا الّذي ذكرناه هو الفرق بين كلمتي التكبير و التسبيح - الله أكبر و سبحان الله - فسبحان الله تنزيه له تعالى عن كلّ وصف عدميّ مبنيّ على النقص كالموت و العجز و الجهل و غير ذلك، و الله أكبر تنزيه مطلق له تعالى عن كلّ وصف نصفه به أعمّ من أن يكون عدميّاً أو وجوديّاً حتّى من نفس هذا الوصف لما أنّ كلّ مفهوم محدود في نفسه لا يتعدّى إلى غيره من المفاهيم و هو تعالى لا يحيط به حدّ، فافهم ذلك.

و قيل: المراد الأمر بالتكبير في الصلاة.

و التعبير عنه تعالى بربّك لا يخلو من إشعار بأنّ توحيده تعالى يومئذ كان يختصّ بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال في الكشّاف، في قوله:( فَكَبِّرْ ) و دخلت الفاء لمعنى الشرط كأنّه قيل: و ما كان فلا تدع تكبيره.

قوله تعالى: ( وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) قيل: كناية عن إصلاح العمل، و لا يخلو من وجه فإنّ العمل بمنزلة الثياب للنفس بما لها من الاعتقاد فالظاهر عنوان الباطن، و كثيراً ما يكنّى في كلامهم عن صلاح العمل بطهارة الثياب.

و قيل: كناية عن تزكية النفس و تنزيهها عن الذنوب و المعاصي.

و قيل: المراد تقصير الثياب لأنّه أبعد من النجاسة و لو طالت و انجرّت على الأرض لم يؤمن أن تتنجّس.

و قيل: المراد تطهير الأزواج من الكفر و المعاصي لقوله تعالى:( هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ ) البقرة: ١٨٧.

و قيل: الكلام على ظاهره و المراد تطهير الثياب من النجاسات للصلاة و الأقرب على هذا أن يجعل قوله:( وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ ) إشارة إلى تكبير الصلاة و تكون الآيتان مسوقتين لتشريع أصل الصلاة مقارناً للأمر بالدعوة.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568