الميزان في تفسير القرآن الجزء ٢٠

الميزان في تفسير القرآن0%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 568

الميزان في تفسير القرآن

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي
تصنيف: الصفحات: 568
المشاهدات: 211968
تحميل: 6364


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 211968 / تحميل: 6364
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء 20

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

قد أنفق بعض ماله و امتنّ به مستكثراً له بقوله:( أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً ) فنزلت الآيات و ردّ الله عليه بأنّ الفوز بميمنة الحياة لا يتمّ إلّا باقتحام عقبة الإنفاق في سبيل الله و الدخول في زمرة الّذين آمنوا و تواصوا بالصبر و المرحمة، و يتأيّد به ما سيأتي في البحث الروائيّ إن شاء الله تعالى.

قوله تعالى: ( أَ يَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ) إنكار لما هو لازم قول الإنسان:( أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً ) على طريق التكنية و محصّل المعنى أنّ لازم إخبار الإنسان بإهلاكه مالاً لبداً أنّه يحسب أنّا في غفلة و جهل بما أنفق و قد أخطأ في ذلك فالله سبحانه بصير بما أنفق لكنّ هذا المقدار لا يكفي في الفوز بميمنة الحياة بل لا بدّ له من أن يتحمّل ما هو أزيد من ذلك من مشاقّ العبوديّة فيقتحم العقبة و يكون مع المؤمنين في جميع ما هم فيه.

قوله تعالى: ( أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَ لِساناً وَ شَفَتَيْنِ وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ) النجد الطريق المرتفع، و المراد بالنجدين طريق الخير و طريق الشرّ و سمّيا النجدين لما في سلوك كلّ منهما من الجهد و الكدح، و فسّراً بثديي الاُم و هو بعيد.

و قوله:( أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ) أي جهّزناه في بدنه بما يبصر به فيحصل له العلم بالمرئيّات على سعة نطاقها، و قوله:( وَ لِساناً وَ شَفَتَيْنِ ) أي أ و لم نجعل له لساناً و شفتين يستعين بها على التكلّم و الدلالة على ما في ضميره من العلم و يهتدي بذلك غيره على العلم بالاُمور الغائبة عن البصر.

و قوله:( وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ) أي علّمناه طريق الخير و طريق الشرّ بإلهام منّا فهو يعرف الخير و يميّزه من الشرّ فالآية في معنى قوله تعالى:( وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها ) الشمس: 8.

و في الآيات الثلاث حجّة على قوله:( أَ يَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ) أي على أنّه تعالى يرى أعمال عباده و يعلم ما في ضمائرهم من وجوه الأعمال و يميّز الخير من الشرّ و الحسنة من السيّئة.

٤٢١

محصّلها أنّ الله سبحانه هو الّذي يعرّف المرئيّات للإنسان بوسيلة عينيه و كيف يتصوّر أن يعرّفه أمراً و هو لا يعرفه؟ و هو الّذي يدلّ الإنسان على ما في الضمير بواسطة الكلام و هل يعقل أن يكشف له عمّا هو في حجاب عنه؟ و هو الّذي يعلّم الإنسان و يميّز له الخير و الشرّ بالإلهام و هل يمكن معه أن يكون هو نفسه لا يعلم به و لا يميّزه؟ فهو تعالى يرى ما عمله الإنسان و يعلم ما ينويه بعمله و يميّز كونه خيراً أو شرّاً و حسنة أو سيّئة.

قوله تعالى: ( فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ) الاقتحام الدخول بسرعة و ضغط و شدّة، و العقبة الطريق الصعب الوعر الّذي فيه صعود من الجبل، و اقتحام العقبة إشارة إلى الإنفاق الّذي يشقّ على منفقه كما سيصرّح به.

و قيل: الجملة دعاء على الإنسان القائل: أهلكت مالاً لبداً، و ليس بشي‏ء.

قوله تعالى: ( وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ ) تفخيم لشأنها كما مرّ في نظائره.

قوله تعالى: ( فَكُّ رَقَبَةٍ ) أي عتقها و تحريرها أو التقدير هي أي العقبة فكّ رقبة فالمراد بالعقبة نفس الفكّ الّذي هو العمل و اقتحامه الإتيان به، و الإتيان بالعمل نفس العمل.

و به يظهر فساد قول بعضهم إنّ فكّ رقبة اقتحام للعقبة لا نفس العقبة فهناك مضاف محذوف يعود إليه الضمير و التقدير و ما أدراك ما اقتحام العقبة هو - أي الاقتحام - فكّ رقبة.

و ما ذكر في بيان العقبة من فكّ الرقبة و الإطعام في يوم ذي مسغبة من مصاديق نشر الرحمة خصّ بالذكر لمكان الأهمّيّة، و قدّم فكّ الرقبة و ابتدئ به لكمال عناية الدين بفكّ الرقاب.

قوله تعالى: ( أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ) المسغبة المجاعة، و المقربة القرابة بالنسب، و المتربة من التراب و معناها الالتصاق بالتراب من شدّة الفقر، و المعنى أو إطعام في يوم المجاعة يتيماً من ذي القربى أو

٤٢٢

مسكيناً شديد الفقر.

قوله تعالى: ( ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ) المرحمة مصدر ميميّ من الرحمة، و التواصي بالصبر وصيّة بعضهم بعضاً بالصبر على طاعة الله و التواصي بالمرحمة وصيّة بعضهم بعضاً بالرحمة على ذوي الفقر و الفاقة و المسكنة.

و الجملة أعني قوله:( ثُمَّ كانَ ) إلخ معطوفة على قول:( اقْتَحَمَ ) و التقدير فلا اقتحم العقبة و لا كان من الّذين آمنوا إلخ و قيل فيها غير ذلك ممّا لا جدوى فيه.

قوله تعالى: ( أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ) بمعنى اليمن مقابل الشؤم، و الإشارة باُولئك إلى ما يدلّ عليه السياق السابق أي الّذين اقتحموا العقبة و كانوا من الّذين آمنوا و تواصوا بالصبر و المرحمة أصحاب اليمن لا يرون ممّا قدّموه من الإيمان و عملهم الصالح إلّا أمراً مباركاً جميلاً مرضيّاً.

و قيل: المراد بالميمنة جهة اليمين و أصحاب الميمنة هم الّذين يؤتون كتابهم بيمينهم، و مقابلة الميمنة بالمشأمة لا تلائمه.

قوله تعالى: ( وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ ) الآيات الآفاقيّة و الأنفسية آيات و أدلّة عليه تعالى تدلّ على توحّده في الربوبيّة و الاُلوهيّة و سائر ما يتفرّع عليه و ردّها كفر بها و الكفر بها كفر بالله و كذا القرآن الكريم و آياته، و كذا ما نزل و بلّغ من طريق الرسالة.

و الظاهر أنّ المراد بالآيات مطلقها، و المشأمة خلاف الميمنة.

قوله تعالى: ( عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ ) أي مطبقة.

( بحث روائي‏)

في المجمع: في قوله:( وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ ) قيل: معناه و أنت محلّ بهذا البلد و هو ضدّ المحرم، و المراد أنت حلال لك قتل من رأيت من الكفّار، و ذلك حين اُمر بالقتال يوم فتح مكّة فأحلّها الله له حتّى قاتل و قتل، و قد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لم يحلّ لأحد قبلي و لا يحلّ لأحد بعدي و لم يحلّ لي إلّا ساعة من نهار. عن ابن عبّاس

٤٢٣

و مجاهد و عطاء.

و فيه: في الآية و قيل: لا اُقسم بهذا البلد و أنت حلال منتهك الحرمة مستباح العرض لا تحترم فلا تبقى للبلد حرمة حيث هتكت: عن أبي مسلم و هو المرويّ عن أبي عبداللهعليه‌السلام .

قال: كانت قريش تعظّم البلد و تستحلّ محمّداً فيه فقال:( لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ ) يريد أنّهم استحلّوك فيه و كذّبوه و شتموك، و كانوا لا يأخذ الرجل منهم فيه قاتل أبيه و يتقلّدون لحاء شجر الحرم فيأمنون بتقلّدهم إيّاه فاستحلّوا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما لم يستحلّوه من غيره فعاب الله ذلك عليهم.

و فيه: في قوله تعالى:( وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ ) قيل: آدم و ما ولد من الأنبياء و الأوصياء و أتباعهم. عن أبي عبداللهعليه‌السلام .

أقول: و المعاني السابقة مرويّة من طرق أهل السنّة في أحاديث موقوفة، و روى القمّيّ في تفسيره الأخيرتين بالإرسال و الإضمار.

و في تفسير القمّيّ:( يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً ) قال: اللبد المجتمع و في المجمع: في الآية قيل: هو الحارث بن نوفل بن عبد مناف و ذلك أنّه أذنب ذنبا فاستفتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمره أن يكفّر فقال: لقد ذهب مالي في الكفّارات و النفقات منذ دخلت في دين محمّد، عن مقاتل.

و في المجمع: أنّه قيل لأميرالمؤمنينعليه‌السلام : إنّ اُناسا يقولون في قوله:( وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ) أنّهما الثديان فقال: لا، هما الخير و الشرّ.

و في اُصول الكافي، بإسناده عن حمزة بن محمّد عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله تعالى:( وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ) قال: نجد الخير و الشرّ.

أقول: و روي في الدرّ المنثور، هذا المعنى بطرق عن عليّعليه‌السلام و أنس و أبي أمامة و غيرهم عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و رواه القمّيّ في تفسيره، مرسلاً مضمراً.

و في الكافي، بإسناده عن جعفر بن خلّاد قال: كان أبوالحسن الرضاعليه‌السلام إذا أكل اُتي بصحفة فتوضع قرب مائدته فيعمد إلى أطيب الطعام ممّا يؤتى به فيأخذ من كلّ

٤٢٤

شي‏ء شيئاً فيضع في تلك الصحفة ثمّ يأمر بها للمساكين ثمّ يتلو هذه الآية( فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ) .

ثمّ يقول: علم الله عزّوجلّ أنّه ليس كلّ إنسان يقدر على عتق رقبة فجعل لهم السبيل إلى الجنّة.

و في المجمع، و روي مرفوعاً عن البراء بن عازب قال: جاء أعرابيّ إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا رسول الله علّمني عملاً يدخلني الجنّة قال: إن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة، أعتق النسمة و فكّ الرقبة، فقال أ و ليسا واحداً؟ قال: لا، عتق الرقبة أن يتفرّد بعتقها و فكّ الرقبة أن يعين في ثمنها، و الفي‏ء على ذي الرحم الظالم.

فإن لم يكن ذلك فأطعم الجائع و اسق الظمآن و أمر بالمعروف و أنه عن المنكر فإن لم تطق ذلك فكفّ لسانك إلّا من خير.

و في تفسير القمّيّ: في قوله تعالى:( أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ) قال: لا يقيه من التراب شي‏ء.

٤٢٥

( سورة الشمس مكّيّة و هي خمس عشرة آية)

( سورة الشمس الآيات 1 - 15)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ( 1 ) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ( 2 ) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ( 3 ) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ( 4 ) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ( 5 ) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ( 6 ) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ( 7 ) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ( 8 ) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ( 9 ) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ( 10 ) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا ( 11 ) إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا ( 12 ) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا ( 13 ) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا ( 14 ) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا ( 15 )

( بيان‏)

تذكر السورة أنّ فلاح الإنسان - و هو يعرف التقوى و الفجور بتعريف إلهيّ و إلهام باطنيّ - أن يزكّي نفسه و ينميها إنماءً صالحاً بتحليتها بالتقوى و تطهيرها من الفجور، و الخيبة و الحرمان من السعادة لمن يدسّيها، و يستشهد لذلك بما جرى على ثمود من عذاب الاستئصال لمّا كذّبوا رسولهم صالحاً و عقروا الناقة، و في ذلك تعريض لأهل مكّة، و السورة مكّيّة بشهادة من سياقها.

قوله تعالى: ( وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها ) في المفردات: الضحى انبساط الشمس و امتداد النهار و سمّي الوقت به انتهى. و الضمير للشمس، و في الآية إقسام بالشمس و انبساط ضوئها على الأرض.

قوله تعالى: ( وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها ) عطف على الشمس و الضمير لها و إقسام بالقمر

٤٢٦

حال كونه تاليا للشمس، و المراد بتلوّه لها إن كان كسبه النور منها فالحال حال دائمة و إن كان طلوعه بعد غروبها فالإقسام به من حال كونه هلالاً إلى حال تبدّره.

قوله تعالى: ( وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها ) التجلية الإظهار و الإبراز، و ضمير التأنيث للأرض، و المعنى و اُقسم بالنهار إذا أظهر الأرض للأبصار.

و قيل: ضمير الفاعل في( جَلَّاها ) للنهار و ضمير المفعول للشمس، و المراد الإقسام بحال إظهار النهار للشمس فإنّها تنجلي و تظهر إذا انبسط النهار، و فيه أنّه لا يلائم ما تقدّمه فإنّ الشمس هي المظهرة للنهار دون العكس.

و قيل: الضمير المؤنّث للدنيا، و قيل: للظلمة، و قيل: ضمير الفاعل لله تعالى و ضمير المفعول للشمس، و المعنى و اُقسم بالنهار إذا أظهر الله الشمس، و هي وجوه بعيدة.

قوله تعالى: ( وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها ) أي يغطي الأرض، فالضمير للأرض كما في( جَلَّاها ) و قيل: للشمس و هو بعيد فالليل لا يغطّي الشمس و إنّما يغطّي الأرض و ما عليها.

و التعبير عن غشيان الليل الأرض بالمضارع بخلاف تجلية النهار لها حيث قيل:( وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها ) للدلالة على الحال ليكون فيه إيماء إلى غشيان الفجور الأرض في الزمن الحاضر الّذي هو أوائل ظهور الدعوة الإسلاميّة لما تقدّم أنّ بين هذه الأقسام و بين المقسم بها نوع اتّصال و ارتباط، هذا مضافاً إلى رعاية الفواصل.

قوله تعالى: ( وَ السَّماءِ وَ ما بَناها وَ الْأَرْضِ وَ ما طَحاها ) طحو الأرض و دحوها بسطها، و( ما ) في( وَ ما بَناها ) و( ما طَحاها ) موصولة، و الّذي بناها و طحاها هو الله تعالى و التعبير عنه تعالى بما دون من لإيثار الإبهام المفيد للتفخيم و التعجيب فالمعنى و اُقسم بالسماء و الشي‏ء القوي العجيب الّذي بناها و اُقسم بالأرض و الشي‏ء القويّ العجيب الّذي بسطها.

و قيل: ما مصدريّة و المعنى و اُقسم بالسماء و بنائها و الأرض و طحوها، و السياق

٤٢٧

- و فيه قوله:( وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها فَأَلْهَمَها ) إلخ - لا يساعده.

قوله تعالى: ( وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها ) أي و اُقسم بنفس و الشي‏ء ذي القدرة و العلم و الحكمة الّذي سوّاها و رتّب خلقتها و نظم أعضاءها و عدّل بين قواها.

و تنكير( نَفْسٍ ) قيل: للتنكير، و قيل: للتفخيم و لا يبعد أن يكون التنكير للإشارة إلى أنّ لها وصفاً و أنّ لها نبأ.

و المراد بالنفس النفس الإنسانيّة مطلقاً و قيل: المراد بها نفس آدمعليه‌السلام و لا يلائمه السياق و خاصّة قوله:( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها ) إلّا بالاستخدام على أنّه لا موجب للتخصيص.

قوله تعالى: ( فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها ) الفجور - على ما ذكره الراغب - شقّ ستر الديانة فالنهي الإلهيّ عن فعل أو عن ترك حجاب مضروب دونه حائل بين الإنسان و بينه و اقتراف المنهيّ عنه شقّ للستر و خرق للحجاب.

و التقوى - على ما ذكره الراغب - جعل النفس في وقاية ممّا يخاف، و المراد بها بقرينة المقابلة في الآية بينها و بين الفجور التجنّب عن الفجور و التحرّز عن المنافي و قد فسّرت في الرواية بأنّها الورع عن محارم الله.

و الإلهام الإلقاء في الروع و هو إفاضته تعالى الصور العمليّة من تصوّر أو تصديق على النفس.

و تعليق الإلهام على عنواني فجور النفس و تقواها للدلالة على أنّ المراد تعريفه تعالى للإنسان صفة فعله من تقوى أو فجور وراء تعريفه متن الفعل بعنوانه الأوّليّ المشترك بين التقوى و الفجور كأكل المال مثلاً المشترك بين أكل مال اليتيم الّذي هو فجور و بين أكل مال نفسه الّذي هو من التقوى، و المباشرة المشتركة بين الزنا و هو فجور و النكاح و هو من التقوى و بالجملة المراد أنّه تعالى عرّف الإنسان كون ما يأتي به من فعل فجوراً أو تقوى و ميّز له ما هو تقوى ممّا هو فجور.

و تفريع الإلهام على التسوية في قوله:( وَ ما سَوَّاها فَأَلْهَمَها ) إلخ للإشارة إلى أنّ إلهام الفجور و التقوى و هو العقل العملي من تكميل تسوية النفس فهو من نعوت

٤٢٨

خلقتها كما قال تعالى:( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) الروم: 30.

و إضافة الفجور و التقوى إلى ضمير النفس للإشارة إلى أنّ المراد بالفجور و التقوى الملهمين الفجور و التقوى المختصّين بهذه النفس المذكورة و هي النفس الإنسانيّة و نفوس الجنّ على ما يظهر من الكتاب العزيز من كونهم مكلّفين بالإيمان و العمل الصالح.

قوله تعالى: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها ) الفلاح هو الظفر بالمطلوب و إدراك البغية، و الخيبة خلافه، و الزكاة نموّ النبات نموّاً صالحاً ذا بركة و التزكية إنماؤه كذلك، و التدسّي - و هو من الدسّ بقلب إحدى السينين ياء - إدخال الشي‏ء في الشي‏ء بضرب من الإخفاء، و المراد بها بقرينة مقابله التزكية: الإنماء على غير ما يقتضيه طبعها و ركّبت عليه نفسها.

و الآية أعني قوله:( قَدْ أَفْلَحَ ) إلخ جواب القسم، و قوله:( وَ قَدْ خابَ ) إلخ معطوف عليه.

و التعبير بالتزكية و التدسّي عن إصلاح النفس و إفسادها مبتن على ما يدلّ عليه قوله:( فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها ) على أنّ من كمال النفس الإنسانيّة أنّها ملهمة مميّزة - بحسب فطرتها - للفجور من التقوى أي أنّ الدين و هو الإسلام لله فيما يريده فطريّ للنفس فتحلية النفس بالتقوى تزكية و إنماء صالح و تزويد لها بما يمدّها في بقائها قال تعالى:( وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى‏ وَ اتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ ) البقرة: 197 و أمرها في الفجور على خلاف التقوى.

قوله تعالى: ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها ) الطغوى مصدر كالطغيان، و الباء للسببيّة.

و الآية و ما يتلوها إلى آخر السورة استشهاد و تقرير لما تقدّم من قوله( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ) إلخ.

قوله تعالى: ( إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها ) ظرف لقوله:( كَذَّبَتْ ) أو لقوله:( بِطَغْواها )

٤٢٩

و المراد بأشقى ثمود هو الّذي عقر الناقة و اسمه على ما في الروايات قدار بن سالف و قد كان انبعاثه ببعث القوم كما تدلّ عليه الآيات التالية بما فيها من ضمائر الجمع.

قوله تعالى: ( فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَ سُقْياها ) المراد برسول الله صالحعليه‌السلام نبيّ ثمود، و قوله:( ناقَةَ اللهِ ) منصوب على التحذير، و قوله:( وَ سُقْياها ) معطوف عليه.

و المعنى فقال لهم صالح برسالة من الله: احذروا ناقة الله و سقياها و لا تتعرّضوا لها بقتلها أو منعها عن نوبتها في شرب الماء، و قد فصّل الله القصّة في سورة هود و غيرها.

قوله تعالى: ( فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها ) العقر إصابة أصل الشي‏ء و يطلق على نحر البعير و القتل، و الدمدمة على الشي‏ء الإطباق عليه يقال: دمدم عليه القبر أي أطبقه عليه و المراد شمولهم بعذاب يقطع دابرهم و يمحو أثرهم بسبب ذنبهم.

و قوله:( فَسَوَّاها ) الظاهر أنّ الضمير لثمود باعتبار أنّهم قبيلة أي فسوّاها بالأرض أو هو تسوية الأرض بمعنى تسطيحها و إعفاء ما فيها من ارتفاع و انخفاض.

و قيل: الضمير للدمدمة المفهومة من قوله:( فَدَمْدَمَ ) و المعنى فسوّى الدمدمة بينهم فلم يفلت منهم قويّ و لا ضعيف و لا كبير و لا صغير.

قوله تعالى: ( وَ لا يَخافُ عُقْباها ) الضمير للدمدمة أو التسوية، و الواو للاستئناف أو الحال.

و المعنى: و لا يخاف ربّهم عاقبة الدمدمة عليهم و تسويتهم كما يخاف الملوك و الأقوياء عاقبة عقاب أعدائهم و تبعته، لأنّ عواقب الاُمور هي ما يريده و على وفق ما يأذن فيه فالآية قريبة المعنى من قوله تعالى:( لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ ) الأنبياء: 23.

و قيل: ضمير( لا يَخافُ ) للأشقى، و المعنى و لا يخاف عاقر الناقة عقبى ما صنع بها.

و قيل: ضمير( لا يَخافُ ) لصالح و ضمير( عُقْباها ) للدمدمة و المعنى و لا يخاف صالح عقبى الدمدمة عليهم لثقته بالنجاة و ضعف الوجهين ظاهر.

٤٣٠

( بحث روائي‏)

في تفسير القمّيّ: في قوله تعالى:( وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها ) قال: خلقها و صورها.

و في المجمع، و روى زرارة و حمران و محمّد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبداللهعليهما‌السلام في قوله تعالى:( فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها ) قال: بيّن لها ما يأتي و ما يترك، و في قوله تعالى:( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ) قال: قد أفلح من أطاع( وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها ) قال: قد خاب من عصى.

و في الدرّ المنثور، أخرج أحمد و مسلم و ابن جرير و ابن المنذر و ابن مردويه عن عمران بن حصين أنّ رجلاً قال: يا رسول الله أ رأيت ما يعمل الناس اليوم و يكدحون فيه شي‏ء قد قضي عليهم و مضى عليهم في قدر قد سبق؟ أو فيما يستقبلون به نبيّهم و اتّخذت عليهم به الحجّة؟ قال: بل شي‏ء قضي عليهم.

قال: فلم يعملون إذا؟ قال: من كان الله خلقه لواحدة من المنزلتين هيّأه لعملها و تصديق ذلك في كتاب الله:( وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها ) .

أقول: قوله: أو فيما يستقبلون إلخ الظاهر أنّ الهمزة فيه للاستفهام و الواو للعطف و المعنى و هل في طاعتهم لنبيّهم قضاء من الله و قدر قد سبق؟ و قوله: فلم يعملون إذا، أي فما معنى عملهم و استناد الفعل إليهم.؟

و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كان الله إلخ معناه أنّ وجوب صدور الفعل حسنة أو سيّئة منهم بالنظر إلى القضاء و القدر السابقين لا ينافي إمكان صدوره بالنظر إلى الإنسان و اختياره، و قد اتّضح ذلك في الأبحاث السابقة من الكتاب مراراً.

و فيه، أخرج ابن أبي حاتم و أبوالشيخ و ابن مردويه و الديلميّ عن جويبر عن الضحّاك عن ابن عبّاس: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول:( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ) الآية أفلحت نفس زكّاها الله و خابت نفس خيبّها الله من كلّ خير.

أقول: انتساب التزكية و التخييب إليه تعالى بوجه لا ينافي انتسابهما بالطاعة و المعصية إلى الإنسان.

٤٣١

و إنّما ينتسب إلى الله سبحانه من الإضلال ما كان على طريق المجازاة كما قال:( وَ ما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ ) البقرة: 26.

و في المجمع، و قد صحّت الرواية بالإسناد عن عثمان بن صهيب عن أبيه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ بن أبي طالب: من أشقى الأوّلين؟ قال: عاقر الناقة. قال: صدقت فمن أشقى الآخرين؟ قال: قلت: لا أعلم يا رسول الله. قال: الّذي يضربك على هذه فأشار إلى يافوخة.

أقول: و روي فيه هذا المعنى أيضاً عن عمّار بن ياسر.

و في تفسير البرهان: و روى الثعلبيّ و الواحديّ بإسنادهما عن عمّار و عن عثمان بن صهيب و عن الضحّاك و روى ابن مردويه بإسناده عن جابر بن سمرة و عن عمّار و عن ابن عديّ أو عن الضحّاك و روى الخطيب في التاريخ، عن جابر بن سمرة و روى الطبريّ و الموصلي و روى أحمد عن الضحّاك عن عمّار أنّه قال: قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عليّ أشقى الأوّلين عاقر الناقة و أشقى الآخرين قاتلك، و في رواية من يخضب هذه من هذا.

٤٣٢

( سورة الليل مكّيّة و هي إحدى و عشرون آية)

( سورة الليل الآيات 1 - 21)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ ( 1 ) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ ( 2 ) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ ( 3 ) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ ( 4 ) فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ ( 5 ) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ ( 6 ) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ ( 7 ) وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ ( 8 ) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ ( 9 ) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ ( 10 ) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ ( 11 ) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ ( 12 ) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَىٰ ( 13 ) فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّىٰ ( 14 ) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ( 15 ) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ( 16 ) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ( 17 ) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ ( 18 ) وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ ( 19 ) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَىٰ ( 20 ) وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ ( 21 )

( بيان‏)

غرض السورة الإنذار و تسلك إليه بالإشارة إلى اختلاف مساعي الناس و أنّ منهم من أنفق و اتّقى و صدّق بالحسنى فسيمكّنه الله من حياة خالدة سعيدة و منهم من بخل و استغنى و كذّب بالحسنى فسيسلك الله به إلى شقاء العاقبة، و في السورة اهتمام و عناية خاصّة بأمر الإنفاق المالي.

و السورة تحتمل المكّيّة و المدنيّة بحسب سياقها.

٤٣٣

قوله تعالى: ( وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى‏ ) إقسام بالليل إذا يغشى النهار على حدّ قوله تعالى:( يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ ) الأعراف: 54، و يحتمل أن يكون المراد غشيانه الأرض أو الشمس.

قوله تعالى: ( وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّى ) عطف على الليل، و التجلّي ظهور الشي‏ء بعد خفائه، و التعبير عن صفة الليل بالمضارع و عن صفة النهار بالماضي حيث قيل:( يَغْشى) و( تَجَلَّى ) تقدّم فيه وجه في تفسير أوّل السورة السابقة.

قوله تعالى: ( وَ ما خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى‏ ) عطف على الليل كسابقه، و( ما ) موصولة و المراد به الله سبحانه و إنّما عبّر بما، دون من، إيثاراً للإبهام المشعر بالتعظيم و التفخيم و المعنى و اُقسم بالشي‏ء العجيب الّذي أوجد الذكر و الاُنثى المختلفين على كونهما من نوع واحد.

و قيل: ما مصدريّة و المعنى و اُقسم بخلق الذكر و الاُنثى و هو ضعيف.

و المراد بالذكر و الاُنثى مطلق الذكر و الاُنثى أينما تحقّقاً، و قيل: الذكر و الاُنثى من الإنسان، و قيل: المراد بهما آدم و زوجته حوّاء، و أوجه الوجوه أوّلها.

قوله تعالى: ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ) السعي هو المشي السريع، و المراد به العمل من حيث يهتمّ به، و هو في معنى الجمع، و شتّى جمع شتيت بمعنى المتفرّق كمرضى جمع مريض.

و الجملة جواب القسم و المعنى اُقسم بهذه المتفرّقات خلقاً و أثراً إنّ مساعيكم لمتفرّقات في نفسها و آثارها فمنها إعطاء و تقوى و تصديق و لها أثر خاصّ بها، و منها بخل و استغناء و تكذيب و لها أثر خاصّ بها.

قوله تعالى: ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطى‏ وَ اتَّقى‏ وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى‏ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) تفصيل تفرّق مساعيهم و اختلاف آثارها.

و المراد بالإعطاء إنفاق المال لوجه الله بقرينة مقابلته للبخل الظاهر في الإمساك عن إنفاق المال و قوله بعد:( وَ ما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى ) .

٤٣٤

و قوله:( وَ اتَّقى‏) كالمفسّر للإعطاء يفيد أنّ المراد هو الإعطاء على سبيل التقوى الدينيّة.

و قوله:( وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى‏ ) الحسنى صفة قائمة مقام الموصوف و الظاهر أنّ التقدير بالعدة الحسنى و هي ما وعد الله من الثواب على الإنفاق لوجهه الكريم و هو تصديق البعث و الإيمان به و لازمه الإيمان بوحدانيّته تعالى في الربوبيّة و الاُلوهيّة، و كذا الإيمان بالرسالة فإنّها طريق بلوغ وعده تعالى للثواب.

و محصّل الآيتين أن يكون مؤمناً بالله و رسوله و اليوم الآخر و ينفق المال لوجه الله و ابتغاء ثوابه الّذي وعده بلسان رسوله.

و قوله:( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى‏ ) التيسير التهيئة و الإعداد و اليسرى الخصلة الّتي فيها يسر من غير عسر، و توصيفها باليسر بنوع من التجوّز فالمراد من تيسيره لليسرى توفيقه للأعمال الصالحة بتسهيلها عليه من غير تعسير أو جعله مستعدّاً للحياة السعيدة عند ربّه و دخول الجنّة بسبب الأعمال الصالحة الّتي يأتي بها، و الوجه الثاني أقرب و أوضح انطباقاً على ما هو المعهود من مواعد القرآن.

قوله تعالى: ( وَ أَمَّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى‏ وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى‏ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى‏ وَ ما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى ) البخل مقابل الإعطاء، و الاستغناء طلب الغنى و الثروة بالإمساك و الجمع، و المراد بالتكذيب بالحسنى الكفر بالعدّة الحسنى و ثواب الله الّذي بلّغه الأنبياء و الرسل و يرجع إلى إنكار البعث.

و المراد بتيسيره للعسرى خذلانه بعدم توفيقه للأعمال الصالحة، بتثقيلها عليه و عدم شرح صدره للإيمان أو إعداده للعذاب.

و قوله:( وَ ما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى ) التردّي هو السقوط من مكان عال و يطلق على الهلاك فالمراد سقوطه في حفرة القبر أو في جهنّم أو هلاكه.

و( ما ) استفهاميّة أو نافية أي أيّ شي‏ء يغنيه ماله إذا مات و هلك أو ليس يغني عنه ماله إذا مات و هلك.

٤٣٥

قوله تعالى: ( إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى‏ وَ إِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَ الْأُولى) تعليل لما تقدّم من حديث تيسيره لليسرى و للعسرى أو الإخبار به بأوجز بيان، محصّله أنّا إنّما نفعل هذا التيسير أو نبيّن هذا البيان لأنّه من الهدى و الهدى علينا لا يزاحمنا في ذلك شي‏ء و لا يمنعنا عنه مانع.

فقوله:( إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى‏ ) يفيد أنّ هدى الناس ممّا قضى سبحانه به و أوجبه على نفسه بمقتضى الحكمة و ذلك أنّه خلقهم ليعبدوه كما قال:( وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات: 56 فجعل عبادته غاية لخلقهم و جعلها صراطاً مستقيماً إليه كما قال:( إِنَّ اللهَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ ) آل عمران: 51، و قال:( وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللهِ ) الشورى: 53 و قضى على نفسه أن يبيّن لهم سبيله و يهديهم إليه بمعنى إراءة الطريق سواء سلكوها أم تركوها كما قال:( وَ عَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَ مِنْها جائِرٌ ) النحل: 9، و قال:( وَ اللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ) الأحزاب: 4 و قال:( إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً ) الإنسان: 3 و لا ينافي ذلك قيام غيره تعالى بأمر هذا المعنى من الهدى بإذنه كالأنبياء كما قال تعالى:( وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) الشورى: 52، و قال:( قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي ) يوسف: 108.

و قد تقدّم لهذه المسألة بيان عقلي في مباحث النبوّة في الجزء الثاني من الكتاب.

هذا في الهداية بمعنى إراءة الطريق و أمّا الهداية بمعنى الإيصال إلى المطلوب - و المطلوب في المقام الآثار الحسنة الّتي تترتّب على الاهتداء بهدى الله و التلبّس بالعبوديّة كالحياة الطيّبة المعجّلة في الدنيا و الحياة السعيدة الأبديّة في الآخرة - فمن البيّن أنّه من قبيل الصنع و الإيجاد الّذي يختصّ به تعالى فهو ممّا قضى به الله و أوجبه على نفسه و سجّله بوعده الحقّ قال تعالى:( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَ لا يَشْقى‏ ) طه: 123، و قال:( مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى‏ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل: 97، و قال:( وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً

٤٣٦

وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلًا ) النساء: 122.

و لا ينافي انتساب هذا المعنى من الهداية إليه تعالى بنحو الأصالة انتسابه إلى غيره تعالى بنحو التبع بتخلّل الأسباب بينه تعالى و بين ما ينسب إليه من الأثر بإذنه.

و معنى الآية - إن كان المراد بالهدى إراءة الطريق - أنّا إنّما نبيّن لكم ما نبيّن لأنّه من إراءة طريق العبوديّة و إراءة الطريق علينا، و إن كان المراد به الإيصال إلى المطلوب أنّا إنّما نيسّر هؤلاء لليسرى من الأعمال الصالحة أو من الحياة السهلة الأبديّة و دخول الجنّة لأنّه من إيصال الأشياء إلى غاياتها و علينا ذلك.

و أمّا التيسير للعسرى فهو ممّا يتوقّف عليه التيسير لليسرى( لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَ يَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى‏ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ) الأنفال: 37 و قد قال سبحانه في القرآن الّذي هو هدى للعالمين:( وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً ) إسراء: 82.

و يمكن أن يكون المراد به مطلق الهداية أعمّ من الهداية التكوينيّة الحقيقيّة و التشريعيّة الاعتباريّة - على ما هو ظاهر إطلاق اللفظ - فله تعالى الهداية الحقيقيّة كما قال:( الَّذِي أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى‏ ) طه: 50، و الهداية الاعتباريّة كما قال:( إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً ) الإنسان: 3.

و قوله:( وَ إِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَ الْأُولى) أي عالم البدء و عالم العود فكلّ ما يصدق عليه أنّه شي‏ء فهو مملوك له تعالى بحقيقة الملك الّذي هو قيام وجوده بربّه القيّوم و يتفرّع عليه الملك الاعتباري الّذي من آثاره جواز التصرّفات.

فهو تعالى يملك كلّ شي‏ء من كلّ جهة فلا يملك شي‏ء منه شيئاً فلا معارض يعارضه و لا مانع يمنعه و لا شي‏ء يغلبه كما قال:( وَ اللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ) الرعد: 41 و قال:( وَ اللهُ غالِبٌ عَلى‏ أَمْرِهِ ) يوسف: 21، و قال:( وَ يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ ) إبراهيم: 27.

قوله تعالى: ( فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَ تَوَلَّى )

٤٣٧

تفريع على ما تقدّم أي إذا كان الهدى علينا فأنذرتكم نار جهنّم و بذلك يوجّه ما في قوله:( فَأَنْذَرْتُكُمْ ) من الالتفات عن التكلّم مع الغير إلى التكلّم وحده أي إذا كان الهدى مقضيّة محتومة فالمنذر بالأصالة هو الله و إن كان بلسان رسوله.

و تلظّى النار تلهّبها و توهّجها، و المراد بالنار الّتي تتلظّى جهنّم كما قال تعالى:( كَلَّا إِنَّها لَظى) المعارج: 15.

و المراد بالأشقى مطلق الكافر الّذي يكفر بالتكذيب و التولّي فإنّه أشقى من سائر من شقي في دنياه فمن ابتلي في بدنه شقي و من اُصيب في ماله أو ولده مثلاً شقي و من خسر في أمر آخرته شقي و الشقيّ في أمر آخرته أشقى من غيره لكون شقوته أبديّة لا مطمع في التخلص منها بخلاف الشقوة في شأن من شؤن الدنيا فإنّها مقطوعة لا محالة مرجوّة الزوال عاجلاً.

فالمراد بالأشقى هو الكافر المكذّب بالدعوة الحقّة المعرض عنها على ما يدلّ عليه توصيفه بقوله:( الَّذِي كَذَّبَ وَ تَوَلَّى ) و يؤيّده إطلاق الإنذار، و أمّا الأشقى بمعنى أشقى الناس كلّهم فممّا لا يساعد عليه السياق البتّة.

و المراد بصلي النار اتّباعها و لزومها فيفيد معنى الخلود و هو ممّا قضى الله به في حقّ الكافر، قال تعالى:( وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) البقرة: 39.

و بذلك يندفع ما قيل: إنّ قوله:( لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى ) ينفي عذاب النار عن فسّاق المؤمنين على ما هو لازم القصر في الآية، وجه الاندفاع أنّ الآية إنّما تنفي عن غير الكافر الخلود فيها دون أصل الدخول.

قوله تعالى: ( وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى وَ ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى) التجنيب التبعيد، و ضمير( سَيُجَنَّبُهَا ) للنار، و المعنى سيبعد عن النار الأتقى.

و المراد بالأتقى من هو أتقى من غيره ممّن يتّقي المخاطر فهناك من يتّقي ضيعة النفوس كالموت و القتل و من يتّقي فساد الأموال و من يتّقي العدم و الفقر فيمسك عن

٤٣٨

بذل المال و هكذا و منهم من يتّقي الله فيبذل المال، و أتقى هؤلاء الطوائف من يتّقي الله فيبذل المال لوجهه و إن شئت فقل يتّقي خسران الآخرة فيتزكّى بالإعطاء.

فالمفضّل عليه للأتقى هو من لا يتّقي بإعطاء المال و إن اتّقى سائر المخاطر الدنيويّة أو اتّقى الله بسائر الأعمال الصالحة.

فالآية عامّة بحسب مدلولها غير خاصّة و يدلّ عليه توصيف الأتقى بقوله:( الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ ) إلخ و هو وصف عامّ و كذا ما يتلوه، و لا ينافي ذلك كون الآيات أو جميع السورة نازلة لسبب خاصّ كما ورد في أسباب النزول.

و أمّا إطلاق المفضّل عليه بحيث يشمل جميع الناس من طالح أو صالح و لازمه انحصار المفضّل في واحد مطلقاً أو واحد في كلّ عصر، و يكون المعنى و سيجنّبها من هو أتقى الناس كلّهم و كذا المعنى في نظيره: لا يصلاها إلّا أشقى الناس كلّهم فلا يساعد عليه سياق آيات صدر السورة، و كذا الإنذار العامّ الّذي في قوله:( فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى ) فلا معنى لأن يقال: أنذرتكم جميعاً ناراً لا يخلد فيها إلّا واحد منكم جميعاً و لا ينجو منها إلّا واحد منكم جميعاً.

و قوله:( الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى ) صفة للأتقى أي الّذي يعطي و ينفق ماله يطلب بذلك أن ينمو نماءً صالحاً.

و قوله:( وَ ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى) تقرير لمضمون الآية السابقة أي ليس لأحد عنده من نعمة تجزى تلك النعمة بما يؤتيه من المال و تكافأ و إنّما يؤتيه لوجه الله و يؤيّد هذا المعنى تعقيبه بقوله:( إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى‏ ) .

فالتقدير من نعمة تجزى به، و إنّما حذف الظرف رعاية للفواصل، و يندفع بذلك ما قيل: إنّ بناء( تُجْزى) للمفعول لأن القصد ليس لفاعل معيّن.

قوله تعالى: ( إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى‏ ) استثناء منقطع و المعنى و لكنّه يؤتي ماله طلباً لوجه ربّه الأعلى و قد تقدّم كلام في معنى وجه الله تعالى و في معنى الاسم الأعلى.

قوله تعالى: ( وَ لَسَوْفَ يَرْضى‏ ) أي و لسوف يرضى هذا الأتقى بما يؤتيه ربّه

٤٣٩

الأعلى من الأجر الجزيل و الجزاء الحسن الجميل.

و في ذكر صفتي الربّ و الأعلى إشعار بأنّ ما يؤتاه من الجزاء أنعم الجزاء و أعلاه و هو المناسب لربوبيّته تعالى و علوّه، و من هنا يظهر وجه الالتفات في الآية السابقة في قوله:( وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) من سياق التكلّم وحده إلى الغيبة بالإشارة إلى الوصفين: ربّه الأعلى.

( بحث روائي‏)

في الكافي، بإسناده عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : قول الله عزّوجلّ:( وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى) ( وَ النَّجْمِ إِذا هَوى) و ما أشبه ذلك؟ فقال: إنّ لله عزّوجلّ أن يقسم من خلقه بما شاء، و ليس لخلقه أن يقسموا إلّا به.

أقول: و رواه في الفقيه، بإسناده عن عليّ بن مهزيار عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام .

و في تفسير القمّيّ: في قوله تعالى:( وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى) قال: حين يغشى النهار و هو قسم.

و عن الحميريّ في قرب الإسناد، عن أحمد بن محمّد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: سمعته يقول: في تفسير( وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى‏ ) إنّ رجلاً كان لرجل في حائطه نخلة فكان يضرّ به فشكى ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدعاه فقال: أعطني نخلتك بنخلة في الجنّة فأبى فسمع ذلك رجل من الأنصار يكنّى أبا الدحداح فجاء إلى صاحب النخلة فقال: بعني نخلتك بحائطي فباعه فجاءه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا رسول الله قد اشتريت نخلة فلان بحائطي فقال رسول الله: لك بدلها نخلة في الجنّة.

فأنزل الله تعالى على نبيّه:( وَ ما خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى‏ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى فَأَمَّا مَنْ أَعْطى) يعني النخلة( وَ اتَّقى‏ وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى) هو ما عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى ‏ - إلى قوله -تَرَدَّى ) .

أقول: و رواه القمّيّ في تفسيره، مرسلاً مضمراً، و قوله: الزوجين تفسير منهعليه‌السلام

٤٤٠