الميزان في تفسير القرآن الجزء ٢٠

الميزان في تفسير القرآن13%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 568

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 219904 / تحميل: 7011
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ٢٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

بيعقوب » قال الرّجل: يا ابن رسول الله، ما الّذي نزل بيعقوب؟ قال: « كان يعقوب النّبيعليه‌السلام ، يذبح لعياله في كلّ يوم شاة، ويقسم لهم من الطّعام مع ذلك ما يسعهم، وكان في عصره نبي من الأنبياء كريم على الله لا يؤبه له، قد أخمل نفسه ولزم السّياحة، ورفض الدّنيا فلا يشتغل بشئ منها، فإذا بلغ من الجهد توخّى دور الأنبياء وأبناء الأنبياء والصّالحين، ووقف لها وسأل ممـّا يسأل السّؤال، من غير أن يعرف به، فإذا أصاب ما يسمك رمقه مضى لمـّا هو عليه، (ولمـّا أغري)(١) ليلة بباب يعقوب وقد فرغوا من طعامهم، وعندهم منه بقيّة كثيرة، فسأل فأعرضوا عنه، فلا هم أعطوه شيئاً ولا صرفوه، وأطال الوقوف ينتظر ما عندهم، حتّى أدركه ضعف الجهد وضعف طول القيام، فخرّ من قامته قد غشي عليه، فلم يقم إلّا بعد هَوِىّ من اللّيل، فنهض لمـّا به ومضى لسبيله، فرأى يعقوب في منامه تلك اللّيلة ملكاً أتاه فقال: يا يعقوب، يقول لك ربّ العالمين: وسعت عليك في المعيشة، وأسبغت عليك النّعمة، فيعتري ببابك نبيّ من أنبيائي كريم عليّ، قد بلغ الجهد فتعرض أنت وأهلك عنه، وعندكم من فضول ما أنعمت به عليكم ما القليل منه يحييه، فلم تعطوه شيئاً ولم تصرفوه فيسأل غيركم، حتّى غشي عليه فخرّ من قامته لاصقاً بالأرض عامّة ليلته، وأنت في فراشك مستبطن متقلّب في نعمتي عليك، وكلاكما بعيني، وعزّتي وجلالي لأبتلينّك ببليّة تكون لها حديثاً في الغابرين، فانتبه يعقوبعليه‌السلام مذعوراً، وفزغ إلى محرابه فلزم البكاء والخوف حتّى أصبح، أتاه بنوه يسألونه ذهاب يوسف معهم » ثمّ ذكر أبو جعفرعليه‌السلام قصّة يوسف بطولها.

____________________________

(١) في المصدر: وأنه أعترى ذات، والظاهر أنّه أصوب إذ أن عراه وأعتراه: غشيه طالباً معروفه (لسان العرب ج ١٥ ص ٤٤).

٢٠١

[ ٨٠٣٢ ] ١٠ - عماد الدّين الطبري في بشارة المصطفى: عن أبي البقاء ابراهيم بن الحسين البصري، عن أبي طالب محمّد بن الحسن، عن أبي الحسن محمّد بن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن وهبان الدّبيلي، عن عليّ بن أحمد بن كثير العسكري، عن أحمد بن المفضّل أبي سلمة الأصفهاني، عن أبي علي راشد بن عليّ بن وائل القرشي، عن عبدالله بن حفص المدني، عن محمّد بن إسحاق، عن سعيد بن زيد بن أرطأة، عن كميل بن زياد، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال فيما أوصاه إليه: « البركة في المال من إعطاء(١) الزكاة، ومواساة المؤمنين، وصلة الأقربين، وهم الأقربون(٢) يا كميل، زد قرابتك المؤمن على ما تعطي سواه من المؤمنين، وكن بهم أرأف وعليهم أعطف، وتصدّق على المساكين، يا كميل، لا تردّن سائلاً ولو بشقّ تمرة، أو من شطر عنب، يا كميل، الصّدقة تنمى عند الله تعالى » الخبر.

ورواه الحسن بن عليّ بن شعبة في تحف العقول(٣) ، ويوجد في بعض نسخ نهج البلاغة.

[ ٨٠٣٣ ] ١١ - الشيخ ابراهيم الكفعمي في كتاب مجموع الغرائب: عن الجواهر للشّيخ الفاضل محمّد بن محاسن البادرائي، أنّه روى: أنّ عيسىعليه‌السلام قال: من ردّ السائل محروماً، لا تغشى الملائكة بيته سبعة أيّام.

____________________________

١٠ - بشارة المصطفى ص ٢٥.

(١) في المصدر: إيتاء.

(٢) وفيه: الأقربون لنا.

(٣) تحف العقول ص ١١٥.

١١ - مجموع الغرائب:

٢٠٢

[ ٨٠٣٤ ] ١٢ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « للسّائل حقّ وإن جاء على فرس ».

[ ٨٠٣٥ ] ١٣ - وعن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، أنّ سائلاً كان يسأل يوماً، فقالعليه‌السلام : « أتدرون ما يقول؟ » قالوا: لا، يا ابن رسول الله قالعليه‌السلام : « يقول: أنا رسولكم إن أعطيتموني شيئاً أخذته وحملته إلى هناك، وإلا أرد إليه وكفّي صفر ».

[ ٨٠٣٦ ] ١٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لو لا أنّ السّائلين(١) يكذبون، ما قدّس من ردّهم ».

[ ٨٠٣٧ ] ١٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان يقول: « اللّهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين » فقالت له إحدى زوجاته: لم تقول هكذا؟ قال: « لأنهم يدخلون الجنّة قبل الأغنياء بأربعين عاماً، ثمّ قال: أنظري ألّا تزجري المسكين، وإن سأل شيئاً فلا تردّيه ولو بشقّ تمرة، واحبيه وقربيه إلى نفسك، حتّى يقرّبك الله تعالى إلى رحمته ».

[ ٨٠٣٨ ] ١٦ - وروي: أنّ الله تعالى يقول يوم القيامة لبعض عباده: استطعمتك فلم تطعمني، واستقيتك فلم تسقني، واستكسيتك فلم

____________________________

١٢ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧، وفي ج ٥ ص ٥٤٨، وأخرجه في البحار ج ٩٦ ص ١٧ ح ٢ عن جامع الأخبار ص ١٦٢.

١٣ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧.

١٤ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧.

(١) في المصدر: السؤّال.

١٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٦.

١٦ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ٢٨١.

٢٠٣

تكسني، فيقول العبد: إلهي أنّه كان، وكيف كان؟ فيقول تعالى: العبد الفلاني الجائع استطعمك فما أطعمته، والفلاني العاري استكساك فما كسوته، فلأمنعنك اليوم فضلي كما منعته.

[ ٨٠٣٩ ] ١٧ - أبو علي محمّد بن همام في كتاب التّمحيص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا يكمل المؤمن إيمانه حتّى يحتوي على مائة وثلاث خصال - إلى أن عدّصلى‌الله‌عليه‌وآله منها - لا يردّ سائلاً، ولا يبخل بنائل ».

[ ٨٠٤٠ ] ١٨ - البحار، عن الديلمي في أعلام الدين: عن أبي أمامة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « قال الخضرعليه‌السلام : من سُئل بوجه الله عزّوجلّ فردّ سائله، وهو قادر على ذلك، وقف يوم القيامة ليس لوجهه جلد ولا لحم، (إلّا)(١) عظم يتقعقع » الخبر.

[ ٨٠٤١ ] ١٩ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن زيد الشحّام، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: « ما سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شيئاً قطّ، فقال: لا، إن كان عنده أعطاه، وإن لم يكن عنده، قال: يكون إن شاء الله ».

[ ٨٠٤٢ ] ٢٠ - القطب الراوندي في لبّ اللّباب: عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنّه خرج ذات يوم معه خمسة دراهم، فأقسم عليه

____________________________

١٧ - التمحيص ص ٧٤ ح ١٧١.

١٨ - البحار ج ١٣ ص ٣٢١ ح ٥٥ عن أعلام الدين ص ١١٢.

(١) في أعلام الدين: ولا.

١٩ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٦١ ح ٢١٢.

٢٠ - لبّ اللباب: مخطوط.

٢٠٤

فقير فدفعها إليه، فلمّا مضى فإذا بأعرابي على جمل، فقال له: اشتر هذا الجمل، قال: « ليس معي ثمنه »، قال: اشتر نسية، فاشتراه بمائة درهم، ثمّ أتاه إنسان فاشتراه منه بمائة وخمسين درهماً نقداً، فدفع إلى البايع مائة، وجاء بخمسين إلى داره، فسألته - أي فاطمةعليها‌السلام - عن ذلك، فقال: « أتجّرت مع الله، فأعطيته واحداً فأعطاني مكانه عشرة ».

[ ٨٠٤٣ ] ٢١ - وعن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من نهر سائلاً، نهرته الملائكة يوم القيامة ».

٢١ -( باب جواز ردّ السّائل، بعد إعطاء ثلاثة)

[ ٨٠٤٤ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه وقف به سائل وهو مع جماعة من أصحابه، فسأله فأعطاه، ثمّ جاء آخر فسأله فأعطاه ثمّ جاء الثّالث(١) فأعطاه ثمّ جاء الرّابع فقال له: « يرزقنا الله وإيّاك » ثمّ قال لأصحابه: « لو أنّ رجلاً عنده مائة ألف، ثمّ أراد ان يضعها موضعها لوجد ».

[ ٨٠٤٥ ] ٢ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن عجلان، قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام ، فجاءه سائل، فقام إلى مكتل فيه تمر فملأ يده ثمّ ناوله، ثمّ جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بيده

____________________________

٢١ - لب اللباب: مخطوط.

الباب - ٢١

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٥ ح ١٢٦٦.

(١) في المصدر زيادة: فسأله.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٥٩، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٦٩ ح ٥٩.

٢٠٥

فناوله، ثمّ جاء آخر فسأله، فقال: « رزقنا الله وإيّاك »(١) .

٢٢ -( باب عدم جواز الرّجوع في الصّدقة، وحكم صدقة الغلام)

[ ٨٠٤٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا تصدّق الرّجل بصدقة، لم يحلّ له أن يشتريها، ولا أن يستوهبها، ولا أن يملكها، بعد أن تصدّق بها، إلّا بالميراث، فإنّها(١) إن دارت له بالميراث حلّت له ».

[ ٨٠٤٧ ] ٢ - ابن شهر آشوب في المناقب: عن كتاب الفنون، قال: نام رجل من الحاجّ في المدينة فتوهّم أنّ هميانه سرق، فخرج فرأى جعفر الصّادقعليه‌السلام ، مصلّيا ولم، يعرفه فتعلّق به وقال له: أنت أخذت همياني، قال: « ما كان فيه؟ » قال: ألف دينار، قال: فحمله إلى داره، ووزن له ألف دينار، وعاد إلى منزله ووجد هميانه، فرجع(١) إلى جعفرعليه‌السلام معتذراً بالمال فأبى قبوله، وقالعليه‌السلام : « شئ خرج من يدي لا يعود إليّ » (إلى أن)(٢)

____________________________

(١) ورد في هامش الطبعة الحجرية، منه (قدّه) ما نصّه: « هذا الخبر رواه الكليني في الكافي ج ٤ ص ٥٥ ح ٧ بإسناده عن عجلان كما في الأصل، وفيه أنهم كانوا أربعة أعطى ثلاثة منهم وردّ الرابع فالظاهر أنّه سقط في نسخة العياشي جملة أخرى، والله العالم ».

الباب - ٢٢

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٥.

(١) في الطبعة الحجرية « فانهما » وما أثبتناه من المصدر.

٢ - المناقب لابن شهر آشوب ج ٤ ص ٢٧٤.

(١) في المصدر: فعاد.

(٢) ليس في المصدر.

٢٠٦

قال: فسأل(٣) الرّجل، فقيل: هذا جعفر الصّادقعليه‌السلام ، قال: لا جرم هذا فعال مثله.

[ ٨٠٤٨ ] ٣ - السيّد عليّ بن طاووس في مهج الدّعوات: نقلاً من كتاب عتيق، حدّثنا محمّد بن أحمد بن عبدالله بن صفوة، عن محمّد بن العبّاس العاصمي، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن أبيه، عن محمّد بن الرّبيع الحاجب، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام - في حديث طويل - أنّه قال: « إنّا أهل بيت لا نرجع في معروفنا » الخبر.

٢٣ -( باب استحباب التماس الدّعاء من السّائل، واستحباب دعاء السّائل لمن أعطاه)

[ ٨٠٤٩ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « لا تستخفوا بدعاء المساكين للمرضى منكم، فإنّه يستجاب لهم فيكم، ولا يستجاب لهم في أنفسهم ».

[ ٨٠٥٠ ] ٢ - الشّيخ المفيد في الاختصاص: عن القاسم، عن بريد العجلي، عن أبيه، قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام ، فقلت له: جعلت فداك، قد كان الحال حسنة، وإنّ الأشياء اليوم متغيّرة، فقال: « إذا قدمت الكوفة فاطلب عشرة دراهم، فإن لم تصبها فبع وسادة من وسائدك بعشرة دراهم، ثمّ ادع عشرة من أصحابك واصنع لهم طعاماً، فإذا أكلوا فاسألهم فيدعوا الله لك » قال: فقدمت الكوفة فطلبت عشرة دراهم فلم أقدر عليها، حتّى بعت

____________________________

(٣) وفيه: فسأل عنه.

٣ - مهج الدعوات ص ١٩٦.

الباب - ٢٣

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ١٣٦ ح ٤٧٨.

٢ - الاختصاص ص ٢٤.

٢٠٧

وسادة لي بعشرة دراهم كما قال، وجعلت لهم طعاماً، ودعوت أصحابي عشرة، فلمّا أكلوا سألتهم أن يدعوا الله لي، فما مكثت حتّى مالت إليّ(١) الدّنيا.

٢٤ -( باب استحباب المساعدة على إيصال الصّدقة والمعروف إلى المستحقّ)

[ ٨٠٥١ ] ١ - الصّدوق في الخصال: عن حمزة بن محمّد العلوي(١) ، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن جعفر الأشعري، عن عبدالله بن ميمون القداح، عن الصّادقعليه‌السلام ، عن آبائه، عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الدّال على الخير كفاعله ».

[ ٨٠٥٢ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من شفع شفاعة حسنة أو أمر بمعروف، فإن الدّال على الخير كفاعله ».

[ ٨٠٥٣ ] ٣ - القطب الرّاوندي في لبّ اللّباب: قال: روي أنّ الصّدقة لتجري على سبعين رجلاً، تكون أجر آخرهم كأوّلهم.

____________________________

(١) في المصدر عليّ.

الباب - ٢٤

١ - الخصال ص ١٣٤ ح ١٤٥.

(١) كذا في المصدر، وفي النسخة الحجرية « حمزة بن الحسن العلوي » راجع معجم رجال الحديث ج ٦ ص ٢٧٨ و ٢٨١، ومجمع الرجال ج ٧ ص ٢٣٦.

٢ - الجعفريات ص ١٧١.

٣ - لب اللباب: مخطوط.

٢٠٨

[ ٨٠٥٤ ] ٤ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الخازن الأمين الذي يؤدّي ما ائتمن به، طيبة به نفسه فإنّه أحد المتصدّقين ».

[ ٨٠٥٥ ] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « صدقة المرأة من بيت زوجها، غير مسرفة ولا مضرّة، مع علم عدم كراهيّة، لها أجر وله مثلها، لها بما أنفقت، وله بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك ».

٢٥ -( باب مواساة المؤمن في المال)

[ ٨٠٥٦ ] ١ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « أشدّ الأعمال ثلاثة: إنصاف النّاس من نفسك، حتّى لا ترضى لهم إلّا ما ترضى به لها منهم، ومواساة الأخ في الله(١) ، وذكر الله على كلّ حال ».

[ ٨٠٥٧ ] ٢ - وعن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: قلت: ما أشدّ ما عمل العباد؟ قال: « إنصاف المرء من نفسه، ومواساة المرء أخاه، وذكر الله على كلّ حال » الخبر.

[ ٨٠٥٨ ] ٣ - الصّدوق في مصادقة الإخوان: عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « إختبر شيعتنا في خصلتين، فإن كانتا

____________________________

٤ - درر اللآلي ج ١ ص ١٤.

٥ - درر اللآلي ج ١ ص ١٥.

الباب - ٢٥.

١ - الغايات ص ٧٣.

(١) في المصدر: المال.

٢ - الغايات ص ٧٤.

٣ - مصادقة الإخوان ص ٣٦ ح ٢.

٢٠٩

فيهم (وإلّا فاغرب ثمّ اغرب)(١) ، قلت: ما هما؟ قال: المحافظة على الصّلاة(٢) ، والمواساة للإخوان وإن كان الشّئ قليلاً ».

[ ٨٠٥٩ ] ٤ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « المواساة أفضل الأعمال، وقال(١) : أحسن الإحسان مواساة الإخوان ».

[ ٨٠٦٠ ] ٥ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « يجئ أحدكم إلى أخيه، فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه »، فقلت: ما أعرف ذلك فينا، قال: فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « فلا شئ إذاً »، قلت: فالهلكة إذاً؟ قال: « إنّ القوم لم يعطوا أحلامهم بعد ».

[ ٨٠٦١ ] ٦ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سيّد الأعمال ثلاث: إنصاف النّاس من نفسك ومواساة الأخ في الله، وذكرك الله تعالى في كلّ حال ».

[ ٨٠٦٢ ] ٧ - أصل من أصول القدماء: قال: دخل رجل إلى جعفر بن

____________________________

(١) في المصدر: وإلّا فأعزب ثمّ أعزب.

(٢) في المصدر: الصلوات في مواقيتهن.

٤ - درر الحكم ودرر الكلم ص ٤٧ ح ١٣٥٩.

(١) نفس المصدر ص ١٨٤ ح ١٩٧.

٥ - المؤمن ص ٤٤ ح ١٠٣.

٦ - الجعفريات ص ٢٣٠.

٧ - أصل من أصول القدماء.

٢١٠

محمّدعليهما‌السلام ، وقال: يابن رسول الله، ما المروّة؟ قال: « ترك الظّلم ومواساة الإخوان في السّعة » الخبر.

[ ٨٠٦٣ ] ٨ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنّه أوصى لبعض(١) شيعته فقال: يا معشر شيعتنا، اسمعوا وافهموا وصايانا وعهدنا إلى أوليائنا، اصدقوا في قولكم، وبرّوا في أيمانكم لأوليائكم واعدائكم، وتواسوا بأموالكم، وتحابّوا بقلوبكم » الخبر.

وباقي أخبار الباب، يأتي في أبواب العشرة من كتاب الحجّ.

٢٦ -( باب استحباب الإيثار على النّفس ولو بالقليل، لغير صاحب العيال)

[ ٨٠٦٤ ] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن سماعة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألناه عن الرّجل لا يكون عنده إلّا قوت يومه، ومنهم من عنده قوت شهر، ومنهم من عنده قوت سنة، أيعطف من عنده قوت يوم على من ليس عنده شئ؟ ومن عنده قوت شهر على من دونه؟ والسّنة(١) على نحو ذلك؟ وذلك كلّه الكفاف الذي لا يلام عليه، فقالعليه‌السلام : « هما أمران، أفضلهم(٢) فيه أحرصكم على الرّغبة فيه والأثرة على نفسه، إنّ الله عزّوجلّ

____________________________

٨ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٦٤.

(١) في المصدر: بعض، والظاهر هو الصحيح.

الباب - ٢٦

١ - المؤمن ص ٤٤ ح ١٠٢.

(١) في المصدر: ومن عنده قوت سنة على من دونه.

(٢) وفيه: أفضلكم.

٢١١

يقول:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (٣) وإلّا لا يلام عليه، اليد العليا خير اليد السّفلى، ويبدأ بمن يعول ».

[ ٨٠٦٥ ] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « قد فرض الله التّحمل على الأبرار في كتاب الله »، قيل: وما التّحمل؟ قال: « إذا كان وجهك آثر من(١) وجهه التمست له، وقال في قول الله عزّوجلّ:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (٢) وقال: لا تستأثر عليه بما هو أحوج إليه منك ».

[ ٨٠٦٦ ] ٣ - سبط الشّيخ الطّبرسي في مشكاة الأنوار: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه سئل: ما أدنى حقّ المؤمن على أخيه؟ قال: « أن لا يستأثر عليه بما هو أحوج إليه منه ».

[ ٨٠٦٧ ] ٤ - وعن أنس [ قال ](١) : أنّه أهدي لرجل من أصحاب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رأس شاة مشوي فقال: إنّ أخي فلاناً وعياله أحوج إلى هذا حقّاً، فبعث [ به ](٢) إليه، فلم يزل يبعث به واحد بعد واحد، حتّى تداولوا بها سبعة أبيات، حتّى رجعت إلى الأوّل، فنزل( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ

____________________________

(٣) الحشر ٥٩: ٩.

٢ - المؤمن ص ٤٤ ج ١٠٤.

(١) في الطبعة الحجرية « عن » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) الحشر ٥٩: ٩.

٣ - مشكاة الأنوار ص ١٩٢.

٤ - مشكاة الأنوار ص ١٨٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه ليستقيم المعنى.

٢١٢

نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٣) وفي رواية: فتداولته تسعة أنفس، ثمّ عاد إلى الأوّل.

[ ٨٠٦٨ ] ٥ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « ثلاثة من حقائق الإيمان: الإنفاق من الإقتار، والإنصاف من نفسك، وبذل السّلام لجميع العالم ».

[ ٨٠٦٩ ] ٦ - زيد الزرّاد في أصله: قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : نخشى أن لا نكون مؤمنين، قال: « ولم ذاك؟ » فقلت: وذلك أنّا لا نجد فينا من يكون أخوه عنده آثر من درهمه وديناره، ونجد الدّينار والدّرهم آثر عندنا من أخ قد جمع بيننا وبينه موالاة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال: « كلّا، إنّكم مؤمنون ولكن لا تكملون إيمانكم حتّى يخرج قائمنا، فعندها يجمع الله أحلامكم فتكونون مؤمنين كاملين، ولو لم يكن في الأرض مؤمنون كاملون، إذاً لرفعنا الله إليه، وأنكرتم الأرض وأنكرتم السّماء، [ بل ](١) والذي نفسي بيده، إنّ في الأرض في أطرافها مؤمنين، ما قدر الدّنيا كلّها عندهم يعدل جناح بعوضة - إلى أن قالعليه‌السلام - هم البررة بالإخوان في حال اليسر والعسر، والمؤثرون على أنفسهم في حال العسر، كذلك وصفهم الله فقال:( وَيُؤْثِرُونَ ) (٢) الآية - إلى أن

____________________________

(٣) الحشر ٥٩: ٩.

٥ - الجعفريات ص ٢٣١.

٦ - أصل زيد الزرّاد ص ٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) الحشر ٥٩: ٩.

٢١٣

قال - حليتهم طول السكوت بكتمان السّر، والصّلاة، والزّكاة، والحجّ، والصوم: والمواساة للإخوان في حال اليسر والعسر » الخبر.

[ ٨٠٧٠ ] ٧ - وفيه: قال زيد: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: « خياركم سمحاؤكم، وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الإيمان البرّ بالإخوان، وفي ذلك محبّة من الرّحمان، ومرغمة من الشّيطان، وتزحزح عن النّيران ».

[ ٨٠٧١ ] ٨ - الشّيخ الطّوسي في أماليه: بإسناده عن أبي ذر رحمه الله، عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أيّ الصّدقة أفضل؟ قال: « جهد من مقل إلى فقير (في سرّ)(١) ».

كتاب الغايات(٢) لجعفر بن أحمد القمي: مثله.

[ ٨٠٧٢ ] ٩ - وعن أبي بصير، عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: قلت: ما أفضل الصّدقة؟ قال: « جهد المقلّ، أما سمعت الله يقول:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (١) ويرى هيهنا فضلاً ».

[ ٨٠٧٣ ] ١٠ - محمّد بن علي بن شهر آشوب في المناقب: قال: روى جماعة عن عاصم بن كليب، عن أبيه واللّفظ له، عن أبي هريرة: أنّه جاء

____________________________

٧ - أصل زيد الزراد ص ٢.

٨ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٥٣.

(١) كان في الطبعة الحجرية « محتال ».

(٢) الغايات ص ٦٨.

٩ - الغايات ص ٧٧.

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١٠ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٤.

٢١٤

رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فشكا إليه الجوع، فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أزواجه، فقلن: ما عندنا إلّا الماء، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من لهذا الرّجل اللّيلة؟ » فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « أنا يا رسول الله » فأتى فاطمةعليها‌السلام وسألها: « ما عندك يا بنت رسول الله؟ فقالت: ما عندنا إلّا قوت الصّبية، لكنّا نؤثر ضيفنا به، فقالعليه‌السلام : يا بنت محمّد نوّمي الصّبية، واطفئي المصباح، وجعلا يمضغان بألسنتهما، فلمّا فرغا من الأكل أتت فاطمةعليها‌السلام بسراج، فوجدت الجفنة مملوّة من فضل الله، فلمّا أصبح صلى مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا سلّم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من صلاته، نظر إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وبكى بكاءً شديداً وقال: « يا أمير المؤمنين، لقد عجب الرّب من فعلكم البارحة، إقرأ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (١) » أي مجاعة الخبر.

[ ٨٠٧٤ ] ١١ - وعن محمّد بن العتمة(١) ، عن أبيه، عن عمّه، قال: رأيت في المدينة رجلاً على ظهره قربة وفي يده صحفة، يقول: « اللّهم وليّ المؤمنين(٢) وجار المؤمنين، اقبل قرباني اللّيلة، فما أمسيت أملك سوى ما في صحفتي وغير ما يواريني، فإنّك تعلم إنّي منعت نفسي [ مع شدّة ](٣) سغبي، أطلب القربة إليك غنماً، اللّهم فلا تخلق وجهي ولا تردّ دعوتي » فأتيته حتّى عرفته فإذا هو عليّ بن أبي طالب

____________________________

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١١ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٦، وعنه في البحار ج ٤١ ص ٢٩.

(١) في المصدر: الصمة.

(٢) في المصدر زيادة: وإله المؤمنين.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٢١٥

عليه‌السلام ، فأتى رجلاً فأطعمه.

[ ٨٠٧٥ ] ١٢ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن شقيق بن سلمة، عن عبدالله بن مسعود، قال: صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة صلة العشاء، فقام رجل من بين الصّف، فقال: يا معاشر المهاجرين والأنصار، أنا رجل غريب فقير، وأسألكم في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاطعموني، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيّها الحبيب لا تذكر الغربة، فقد قطعت نياط قلبي، أمّا الغرباء فأربعة، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: مسجد ظهراني قوم لا يصلّون فيه، وقرآن في أيدي قوم لا يقرؤون فيه، وعالم بين قوم لا يعرفون حاله ولا يتفقّدونه، وأسير في بلاد الرّوم بين الكفّار لا يعرفون الله، ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من الذي يكفي مؤونة هذا الرّجل؟ فيبوّئه الله في الفردوس الأعلى، فقام أمير المؤمنينعليه‌السلام وأخذ بيد السائل، وأتى به إلى حجرة فاطمةعليها‌السلام ، فقال: يا بنت رسول الله، انظري في أمر هذا الضّيف، فقالت فاطمةعليها‌السلام : يا ابن العمّ، لم يكن في البيت إلّا قليل من البرّ، صنعت منه طعاماً، والأطفال محتاجون إليه، وأنت صائم، والطّعام قليل لا يغني غير واحد، فقال: أحضريه، فذهبت وأتت بالطّعام ووضعته، فنظر إليه أمير المؤمنينعليه‌السلام فرآه قليلاً، فقال في نفسه: لا ينبغي أن آكل من هذا الطّعام، فإن أكلته لا يكفي الضيف، فمدّ يده إلى السّراج يريد أن يصلحه فأطفأه، وقال لسيّدة النّساءعليها‌السلام : تعلّلي في إيقاده، حتّى يحسن الضّيف أكله ثمّ إثتيني به، وكان أميرالمؤمنينعليه‌السلام يحرّك فمه المبارك، يري الضّيف أنّه يأكل ولا يأكل، إلى أن فرغ الضّيف من

____________________________

١٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٢٨٩.

٢١٦

أكله وشبع، وأتت خير النّساءعليها‌السلام بالسّراج ووضعته، وكان الطّعام بحاله، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام لضيفه: لم ما أكلت الطّعام؟ فقال: يا أبا الحسن أكلت الطّعام وشبعت، ولكنّ الله تعالى بارك فيه، ثمّ أكل من الطّعام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وسيّدة النّساء، والحسنانعليهم‌السلام ، وأعطوا منه جيرانهم، وذلك ممـّا بارك الله تعالى فيه، فلمّا أصبح أمير المؤمنينعليه‌السلام أتى إلى مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي، كيف كنت مع الضّيف؟ فقال: بحمد الله - يا رسول الله - بخير، فقال: إنّ الله تعالى تعجّب ممـّا فعلت البارحة، من إطفاء السّراج والامتناع من الأكل للضّيف، فقال: من أخبرك بهذا؟ فقال: جبرائيل، وأتى بهذه الآية في شأنك( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ ) (١) الآية ».

[ ٨٠٧٦ ] ١٣ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنّه رأى يوماً جماعة فقال: « من أنتم؟ » قالوا: نحن قوم متوكّلون، فقال: « ما بلغ بكم توكّلكم؟ » قالوا: إذا وجدنا أكلنا، وإذا فقدنا صبرنا، فقالعليه‌السلام : « هكذا يفعل الكلاب عندنا »، فقالوا: كيف نفعل يا أمير المؤمنين؟ فقال: « كما نفعله، إذا فقدنا شكرنا، وإذا وجدنا آثرنا ».

____________________________

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٢٩٠.

٢١٧

٢٧ -( باب استحباب تقبيل الإنسان يده بعد الصّدقة، وتقبيل ما تصدّق به، وشمّه بعد القبض، وتقبيل يد السّائل)

[ ٨٠٧٧ ] ١ - الشّيخ في مجالسه: عن أحمد بن عبدون، عن عليّ بن محمّد بن الزّبير، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن العبّاس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن أبي أسامة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول: الصّدقة تطفئ غضب الرّب، قال: وكان يقبل الصّدقة قبل أن يعطيها السّائل، قيل له: ما يحملك على هذا؟ قال: فقال: لست أقبل يد السّائل، إنّما أقبل يد ربي، إنها تقع في يد ربي، قبل أن تقع في يد السّائل ».

٢٨ -( باب استحباب القرض للصّدقة، وصدقة من عليه قرض، واستحباب الزّيادة في قضاء الدين)

[ ٨٠٧٨ ] ١ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي: عن ذريح المحاربي، قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « أتى رجل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عنده سلف؟ فقال رجل: أنا يا رسول الله، وأسلفه أربعة أوساق، ولم يكن له غيرها، فأعطاها السائل، فمكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما شاء الله، ثمّ أنّ المرأة قالت لزوجها: أما

____________________________

الباب - ٢٧

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٨٥.

الباب - ٢٨

١ - بل كتاب محمّد بن المثنى الحضرمي ص ٨٣.

٢١٨

آن لك أن تطلب سلفك، فتقاضي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال: سيكون ذلك، ففعل ذلك الرّجل مرّتين أو ثلاثاً، ثمّ أنّه دخل ذات يوم عند اللّيل، فقال له ابن له: جئت بشئ؟ فإنّي لم أذق شيئاً اليوم، ثمّ قال: والولد فتنة، فغدا الرّجل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: سلفي، فقال: سيكون ذلك، فقال: حتّى متى سيكون ذلك؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عنده سلف؟ فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فأسلفه ثمانية أوساق، فقال الرّجل: إنّما لي أربعة، فقال له: خذها، فأعطاها إيّاه ».

[ ٨٠٧٩ ] ٢ - إبن شهر آشوب في المناقب: قال: روت الخاصّة والعامّة، عن الخدري: أنّ عليّاًعليه‌السلام أصبح ساغباً، فسأل فاطمةعليها‌السلام طعاماً، فقالت: « ما كان إلّا ما أطعمتك منذ يومين، آثرت به على نفسي وعلى الحسن والحسين » - إلى أن قال - فخرج واستقرض من النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ديناراً، فخرج يشتري به شيئاً، فاستقبله المقداد قائلاً: ما شاء الله، فناوله عليّعليه‌السلام الدينار، ثمّ دخل المسجد فوضع رأسه ونام الخبر.

وهذا الخبر، رواه جماعة من أصحابنا، بألفاظ مختلفة، أجمعها وأطولها ما رواه الشّيخ أبوالفتوح الرّازي(١) في تفسيره، وقد أخرجناه في كتابا المسمّى بالكلمة الطّيبة.

____________________________

٢ - المناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٦.

(١) تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٦٣.

٢١٩

٢٩ -( باب تحريم السّؤال من غير احتياج)

[ ٨٠٨٠ ] ١ - الشيخ الطوسي في مجالسه: عن الحسين بن إبراهيم، عن محمّد بن وهبان، عن أحمد بن إبراهيم، عن الحسن بن علي الزّعفراني، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « يا محمّد، لو يعلم السّائل ما في المسألة، ما سأل أحد أحداً، ولو يعلم المعطي ما في العطيّة، ما ردّ أحد أحداً - قال: ثمّ قال لي - يا محمّد، أنّه من سأل وهو بظهر(١) غنى، لقي الله مخموشاً وجهه ».

[ ٨٠٨١ ] ٢ - القطب الرّاوندي في الخرائج: روى أنّ رجلاً جاء إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ما طعمت طعاماً منذ يومين، فقال: « عليك بالسّوق » فلمّا كان من الغد، دخل فقال: يا رسول الله، أتيت السّوق أمس فلم أصب شيئاً، فبتّ بغير عشاء، قال: « فعليك بالسّوق » فأتى بعد ذلك أيضاً، فقال: « عليك بالسّوق » فانطلق إليها، فإذا عير قد جاءت وعليها متاع فباعوه بفضل دينار، فأخذه الرّجل وجاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ما أصبت شيئاً، قال: « بل أصبت من عير آل فلان شيئاً » قال: لا، قال: « بلى، ضرب لك فيها بسهم، وخرجت منها بدينار » قال: نعم، قال: « فما حملك على أن تكذب؟ » قال: أشهد أنّك صادق، ودعاني إلى ذلك إرادة أن أعلم، أتعلم ما يعمل النّاس؟ وأن أزداد خيراً إلى

____________________________

الباب - ٢٩

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٧٧.

(١) في المصدر: يظهر غنى.

٢ - الخرائج والجرايح ص ٨٠ باختلاف يسير.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

الكريم المصدّق لما بين يديه من الكتاب و المهيمن(١) عليه فيما يأمر المجتمع البشري قائماً بأمرهم حافظاً لمصالح حياتهم كما يبيّنه بأوفى البيان قوله تعالى:( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) الروم: ٣٠.

و بهذه الآية يكمل بيان عموم رسالة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و شمول الدعوة الإسلاميّة لعامّة البشر فقوله:( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ ) إلخ يشير إلى أنّه كان من الواجب في سنّة الهداية الإلهيّة أن تتمّ الحجّة على من كفر بالدعوة من أهل الكتاب و المشركين، و هؤلاء و إن كانوا بعض أهل الكتاب و المشركين لكن من الضروريّ أن لا فرق بين البعض و البعض في تعلّق الدعوة فتعلّقها بالبعض لا ينفكّ عن تعلّقها بالكلّ.

و قوله:( رَسُولٌ مِنَ اللهِ ) إلخ يشير إلى أنّ تلك البيّنة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و قوله:( وَ ما تَفَرَّقَ ) إلخ يشير إلى أنّ تفرّقهم و كفرهم السابق بالحقّ أيضاً كان بعد مجي‏ء البيّنة.

و قوله:( وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ ) إلخ يفيد أنّ الّذي دعوا إليه و اُمروا به دين قيّم حافظ لمصالح المجتمع البشريّ فعليهم جميعاً أن يؤمنوا به و لا يكفروا.

قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ) لمّا فرغ من الإشارة إلى كفرهم بالبيّنة الّتي كانت توجبها سنّة الهداية الإلهيّة و ما كانت تدعو إليه من الدين القيّم أخذ في الإنذار و التبشير بوعيد الكفّار و وعد المؤمنين، و البريّة الخلق، و المعنى ظاهر.

قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) فيه قصر الخيريّة في المؤمنين الصالحين كما أنّ في الآية السابقة قصر الشرّيّة في الكفّار.

____________________

(١) سورة المائدة، آية ٤٨.

٤٨١

قوله تعالى: ( جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ - إلى قوله -ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ) العدن الاستقرار و الثبات فجنّات عدن جنّات خلود و دوام و توصيفها بقوله:( خالِدِينَ فِيها أَبَداً ) تأكيد بما يدلّ عليه الاسم.

و قوله:( رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ) الرضى منه تعالى صفة فعل و مصداقه الثواب الّذي أعطاهموه جزاء لإيمانهم و عملهم الصالح.

و قوله:( ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ) علامة مضروبة لسعادة الدار الآخرة و قد قال تعالى:( إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ) فاطر: ٢٨ فالعلم بالله يستتبع الخشية منه، و الخشية منه تستتبع الإيمان به بمعنى الالتزام القلبي بربوبيّته و اُلوهيّته ثمّ العمل الصالح.

و اعلم أنّ لهم في تفسير مفردات هذه الآيات اختلافاً شديداً و أقوالاً كثيرة لا جدوى في التعرّض لها من أراد الوقوف عليها فليراجع المطوّلات.

( بحث روائي‏)

في تفسير القمّيّ، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: البيّنة محمّد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله من أكرم الخلق على الله؟ قال: يا عائشة أ ما تقرئين( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) ؟

و فيه، أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبدالله قال: كنّا عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأقبل عليّ فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : و الّذي نفسي بيده إنّ هذا و شيعته لهم الفائزون يوم القيامة و نزلت:( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) فكان أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أقبل عليّ قالوا: جاء خير البريّة.

أقول: و روي هذا المعنى أيضاً عن ابن عديّ عن ابن عبّاس، و أيضاً عن ابن

٤٨٢

مردويه عن عليّعليه‌السلام و رواه أيضاً في البرهان، عن الموفّق بن أحمد في كتاب المناقب عن يزيد بن شراحيل الأنصاريّ كاتب عليّ عنه، و كذا في المجمع، عن كتاب شواهد التنزيل للحاكم عن يزيد بن شراحيل عنه، و لفظه: سمعت عليّا يقول: قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و أنا مسنده إلى صدري فقال: يا عليّ أ لم تسمع قول الله:( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) هم شيعتك و موعدي و موعدكم الحوض إذا اجتمع الاُمم للحساب يدعون غرّاً محجّلين.

و في المجمع، عن مقاتل بن سليمان عن الضحّاك عن ابن عبّاس في قوله:( هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) قال: نزلت في عليّ و أهل بيته.

٤٨٣

( سورة الزلزال مدنيّة و هي ثمان آيات)

( سورة الزلزلة الآيات ١ - ٨)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ( ١ ) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ( ٢ ) وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا ( ٣ ) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ( ٤ ) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا ( ٥ ) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ( ٦ ) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ( ٧ ) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ( ٨ )

( بيان‏)

ذكر للقيامة و صدور الناس للجزاء و إشارة إلى بعض أشراطها و هي زلزلة الأرض و تحديثها أخبارها. و السورة تحتمل المكّيّة و المدنيّة.

قوله تعالى: ( إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها ) الزلزال مصدر كالزلزلة، و إضافته إلى ضمير الأرض تفيد الاختصاص، و المعنى إذا زلزلت الأرض زلزلتها الخاصّة بها فتفيد التعظيم و التفخيم أي إنّها منتهية في الشدّة و الهول.

قوله تعالى: ( وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها ) الأثقال جمع ثقل بفتحتين بمعنى المتاع أو خصوص متاع المسافر أو جمع ثقل بالكسر فالسكون بمعنى الحمل، و على أيّ حال المراد بأثقالها الّتي تخرجها، الموتى على ما قيل أو الكنوز و المعادن الّتي في بطنها أو الجميع و لكلّ قائل و أوّل الوجوه أقربها ثمّ الثالث لتكون الآية إشارة إلى خروجهم للحساب، و قوله:( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ ) إشارة إلى انصرافهم إلى الجزاء.

قوله تعالى: ( وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها ) أي يقول مدهوشاً متعجّباً من تلك الزلزلة الشديدة الهائلة: ما للأرض تتزلزل هذا الزلزال، و قيل: المراد بالإنسان الكافر غير

٤٨٤

المؤمن بالبعث، و قيل غير ذلك كما سيجي‏ء.

قوله تعالى: ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى‏ لَها ) فتشهد على أعمال بني آدم كما تشهد بها أعضاؤهم و كتاب الأعمال من الملائكة و شهداء الأعمال من البشر و غيرهم.

و قوله:( بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى‏ لَها ) اللّام بمعنى إلى لأنّ الإيحاء يتعدّى بإلى و المعنى تحدّث أخبارها بسبب أنّ ربّك أوحى إليها أن تحدّث فهي شاعرة بما يقع فيها من الأعمال خيرها و شرّها متحمّلة لها يؤذن لها يوم القيامة بالوحي أن تحدّث أخبارها و تشهد بما تحمّلت، و قد تقدّم في تفسير قوله تعالى:( وَ إِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) إسراء: ٤٤، و قوله:( قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ ) حم السجدة: ٢١ أنّ المستفاد من كلامه سبحانه أنّ الحياة و الشعور ساريان في الأشياء و إن كنّا في غفلة من ذلك.

و قد اشتدّ الخلاف بينهم في معنى تحديث الأرض بالوحي أ هو بإعطاء الحياة و الشعور للأرض الميتة حتّى تخبر بما وقع فيها أو بخلق صوت عندها و عدّ ذلك تكلّماً منها أو دلالتها بلسان الحال بما وقع فيها من الأعمال، و لا محلّ لهذا الاختلاف بعد ما سمعت و لا أنّ الحجّة تتمّ على أحد بهذا النوع من الشهادة.

قوله تعالى: ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ ) الصدور انصراف الإبل عن الماء بعد وروده، و أشتات كشتّى جمع شتيت بمعنى المتفرّق، و الآية جواب بعد جواب لإذا.

و المراد بصدور الناس متفرّقين يومئذ انصرافهم عن الموقف إلى منازلهم في الجنّة و النار و أهل السعادة و الفلاح منهم متميّزون من أهل الشقاء و الهلاك، و إراءتهم أعمالهم إراءتهم جزاء أعمالهم بالحلول فيه أو مشاهدتهم نفس أعمالهم بناء على تجسّم الأعمال.

و قيل: المراد به خروجهم من قبورهم إلى الموقف متفرّقين متميّزين بسواد الوجوه و بياضها و بالفزع و الأمن و غير ذلك لإعلامهم جزاء أعمالهم بالحساب و التعبير

٤٨٥

عن العلم بالجزاء بالرؤية و عن الاعلام بالإراءة نظير ما في قوله تعالى:( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ ) آل عمران: ٣٠، و الوجه الأوّل أقرب و أوضح.

قوله تعالى: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) المثقال ما يوزن به الأثقال، و الذرّة ما يرى في شعاع الشمس من الهباء، و تقال لصغار النمل.

تفريع على ما تقدّم من إراءتهم أعمالهم، فيه تأكيد البيان في أنّه لا يستثني من الإراءة عمل خيراً أو شرّاً كبيراً أو صغيراً حتّى مثقال الذرّة من خير أو شرّ، و بيان حال كلّ من عمل الخير و الشرّ في جملة مستقلّة لغرض إعطاء الضابط و ضرب القاعدة.

و لا منافاة بين ما تدلّ عليه الآيتان من العموم و بين الآيات الدالّة على حبط الأعمال، و الدالّة على انتقال أعمال الخير و الشرّ من نفس إلى نفس كحسنات القاتل إلى المقتول و سيّئات المقتول إلى القاتل، و الدالّة على تبديل السيّئات حسنات في بعض التائبين إلى غير ذلك ممّا تقدّمت الإشارة إليه في بحث الأعمال في الجزء الثاني من الكتاب و كذا في تفسير قوله:( لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) الآية: الأنفال: ٣٧.

و ذلك لأنّ الآيات المذكورة حاكمة على هاتين الآيتين فإنّ من حبط عمله الخير محكوم بأنّه لم يعمل خيراً فلا عمل له خيراً حتّى يراه و على هذا القياس في غيره فافهم.

( بحث روائي‏)

في الدرّ المنثور، أخرج ابن مردويه و البيهقيّ في شعب الإيمان عن أنس بن مالك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إنّ الأرض لتخبر يوم القيامة بكلّ ما عمل على ظهرها و قرأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها ) حتّى بلغ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها ) قال أ تدرون ما أخبارها؟ جاءني جبريل قال: خبرها إذا كان يوم القيامة أخبرت بكلّ عمل عمل على ظهرها.

أقول: و روي مثله عن أبي هريرة.

٤٨٦

و فيه، أخرج الحسين بن سفيان في مسنده و أبو نعيم في الحلية عن شدّاد بن أوس قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول:

أيّها الناس إنّ الدنيا عرض حاضر يأكل منه البرّ و الفاجر، و إنّ الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر يحقّ فيها الحقّ و يبطل الباطل.

أيّها الناس كونوا من أبناء الآخرة و لا تكونوا من أبناء الدنيا فإنّ كلّ اُمّ يتبعها ولدها اعملوا و أنتم من الله على حذر، و اعلموا أنّكم معروضون على أعمالكم و أنّكم ملاقوا الله لا بدّ منه فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره و من يعمل مثقال ذرّة شرّاً يره.

و في تفسير القمّيّ: في قوله تعالى:( وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها ) قال: من الناس( وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها ) قال: ذلك أميرالمؤمنينعليه‌السلام ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها - إلى قوله -أَشْتاتاً ) قال: يجيئون أشتاتاً مؤمنين و كافرين و منافقين( لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ ) قال: يقفون على ما فعلوه.

و فيه، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام : في قوله:( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) يقول: إن كان من أهل النار قد عمل مثقال ذرّة في الدنيا خيراً (كان عليه ظ) يوم القيامة حسرة إن كان عمله لغير الله( وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) يقول: إن كان من أهل الجنّة راى ذلك الشرّ يوم القيامة ثمّ غفر له.

٤٨٧

( سورة العاديات مدنيّة و هي إحدى عشرة آية)

( سورة العاديات الآيات ١ - ١١)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ( ١ ) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ( ٢ ) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ( ٣ ) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا ( ٤ ) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا ( ٥ ) إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ( ٦ ) وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ ( ٧ ) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ( ٨ ) أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ( ٩ ) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ( ١٠ ) إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ ( ١١ )

( بيان‏)

تذكر السورة كفران الإنسان لنعم ربّه و حبّه الشديد للخير عن علم منه به و هو حجّة عليه و سيحاسب على ذلك.

و السورة مدنيّة بشهادة ما في صدرها من الإقسام بمثل قوله:( وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً ) إلخ الظاهر في خيل الغزاة المجاهدين على ما سيجي‏ء، و إنّما شرّع الجهاد بعد الهجرة و يؤيّد ذلك ما ورد من طرق الشيعة عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام أنّ السورة نزلت في عليّعليه‌السلام و سريّته في غزوة ذات السلاسل، و يؤيّده أيضاً بعض الروايات من طرق أهل السنّة على ما سنشير إليه في البحث الروائيّ التالي إن شاء الله.

قوله تعالى: ( وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً ) العاديات من العدو و هو الجري بسرعة و الضبح صوت أنفاس الخيل عند عدوها و هو المعهود المعروف من الخيل و إن ادّعي أنّه يعرض لكثير من الحيوان غيرها، و المعنى اُقسم بالخيل اللّاتي يعدون يضبحن ضبحاً.

و قيل: المراد بها إبل الحاج في ارتفاعها بركبانها من الجمع إلى منى يوم النحر،

٤٨٨

و قيل: إبل الغزاة، و ما في الآيات التالية من الصفات لا يلائم كون الإبل هو المراد بالعاديات.

قوله تعالى: ( فَالْمُورِياتِ قَدْحاً ) الإيراء إخراج النار و القدح الضرب و الصكّ المعروف يقال: قدح فأورى إذا أخرج النار بالقدح، و المراد بها الخيل تخرج النار بحوافرها إذا عدت على الحجارة و الأرض المحصبة.

و قيل: المراد بالإيراء مكر الرجال في الحرب، و قيل: إيقادهم النار، و قيل: الموريات ألسنة الرجال توري النار من عظيم ما تتكلّم به، و هي وجوه ظاهرة الضعف.

قوله تعالى: ( فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً ) الإغارة و الغارة الهجوم على العدوّ بغتة بالخيل و هي صفة أصحاب الخيل و نسبتها إلى الخيل مجاز، و المعنى فاُقسم بالخيل الهاجمات على العدوّ بغتة في وقت الصبح.

و قيل: المراد بها الآبال ترتفع بركبانها يوم النحر من جمع إلى منى و السنّة أن لا ترتفع حتّى تصبح، و الإغارة سرعة السير و هو خلاف ظاهر الإغارة.

قوله تعالى: ( فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً ) أثرن من الإثارة بمعنى تهييج الغبار و نحوه، و النقع الغبار، و المعنى فهيّجن بالعدو و الإغارة غباراً.

قيل: لا بأس بعطف( فَأَثَرْنَ ) و هو فعل على ما قبله و هو صفة لأنّه اسم فاعل و هو في معنى الفعل كأنّه قيل: اُقسم باللّاتي عدون فأورين فأغرن فأثرن.

قوله تعالى: ( فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً ) وسط و توسّط بمعنى، و ضمير( بِهِ ) للصبح و الباء بمعنى في أو الضمير للنقع و الباء للملابسة.

و المعنى فصرن في وقت الصبح في وسط جمع و المراد به كتيبة العدوّ أو المعنى فتوسّطن جمعاً ملابسين للنقع.

و قيل: المراد توسّط الآبال جمع منى و أنت خبير بأنّ حمل الآيات الخمس بما لمفرداتها من ظواهر المعاني على إبل الحاج الّذين يفيضون من جمع إلى منى خلاف ظاهرها جدّاً.

٤٨٩

فالمتعيّن حملها على خيل الغزاة و سياق الآيات و خاصّة قوله:( فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً ) ( فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً ) يعطي أنّها غزاة بعينها أقسم الله فيها بخيل المجاهدين العاديات و الفاء في الآيات الأربع تدلّ على ترتّب كلّ منها على ما قبلها.

قوله تعالى: ( إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) الكنود الكفور، و الآية كقوله:( إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ ) الحجّ: ٦٦، و هو إخبار عمّا في طبع الإنسان من اتّباع الهوى و الانكباب على عرض الدنيا و الانقطاع به عن شكر ربّه على ما أنعم عليه.

و فيه تعريض للقوم المغار عليهم، و كأنّ المراد بكفرانهم كفرانهم بنعمة الإسلام الّتي أنعم الله بها عليهم و هي أعظم نعمة اُوتوها فيها طيب حياتهم الدنيا و سعادة حياتهم الأبديّة الاُخرى.

قوله تعالى: ( وَ إِنَّهُ عَلى‏ ذلِكَ لَشَهِيدٌ ) ظاهر اتّساق الضمائر أن يكون ضمير( وَ إِنَّهُ ) للإنسان فيكون المراد بكونه شهيداً على كفران نفسه بكفران نفسه علمه المذموم و تحمّله له.

فالمعنى و إنّ الإنسان على كفرانه بربّه شاهد متحمّل فالآية في معنى قوله:( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) القيامة: ١٤.

و قيل: الضمير لله و اتّساق الضمائر لا يلائمه.

قوله تعالى: ( وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ) قيل: اللّام في( لِحُبِّ الْخَيْرِ ) للتعليل و الخير المال، و المعنى و إنّ الإنسان لأجل حبّ المال لشديد أي بخيل شحيح، و قيل: المراد أنّ الإنسان لشديد الحبّ للمال و يدعوه ذلك إلى الامتناع من إعطاء حقّ الله، و الإنفاق في الله. كذا فسّروا.

و لا يبعد أن يكون المراد بالخير مطلقة و يكون المراد أنّ حبّ الخير فطريّ للإنسان ثمّ إنّه يرى عرض الدنيا و زينتها خيراً فتنجذب إليه نفسه و ينسيه ذلك ربّه أن يشكره.

قوله تعالى: ( أَ فَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ - إلى قوله -لَخَبِيرٌ ) البعثرة كالبحثرة البعث و النشر، و تحصيل ما في الصدور تمييز ما في باطن النفوس من صفة

٤٩٠

الإيمان و الكفر و رسم الحسنة و السيّئة قال تعالى:( يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ ) الطارق: ٩، و قيل: هو إظهار ما أخفته الصدور لتجازى على السرّ كما تجازى على العلانية.

و قوله:( أَ فَلا يَعْلَمُ ) الاستفهام فيه للإنكار، و مفعول يعلم جملة قائمة مقام المفعولين يدلّ عليه المقام. ثمّ استؤنف فقيل: إذا بعثر ما في القبور إلخ تأكيداً للإنكار، و المراد بما في القبور الأبدان.

و المعنى - و الله أعلم - أ فلا يعلم الإنسان أنّ لكنوده و كفرانه بربّه تبعة ستلحقه و يجازى بها، إذا اُخرج ما في القبور من الأبدان و حصّل و ميّز ما في سرائر النفوس من الإيمان و الكفر و الطاعة و المعصية إنّ ربّهم بهم يومئذ لخبير فيجازيهم بما فيها.

( بحث روائي‏)

في المجمع: قيل: بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سريّة إلى حيّ من كنانة فاستعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصاريّ أحد النقباء فتأخّر رجوعهم فقال المنافقون: قتلوا جميعاً فأخبر الله تعالى عنها بقوله:( وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً ) عن مقاتل.

و قيل: نزلت السورة لمّا بعث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاًعليه‌السلام إلى ذات السلاسل فأوقع بهم و ذلك بعد أن بعث عليهم مراراً غيره من الصحابة فرجع كلّ منهم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . و هو المرويّ عن أبي عبداللهعليه‌السلام في حديث طويل.

قال: و سمّيت هذه الغزوة ذات السلاسل لأنّه اُسر منهم و قتل و سبي و شدّ اُسراؤهم في الحبال مكتّفين كأنّهم في السلاسل.

و لما نزلت السورة خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الناس فصلّى بهم الغداة و قرأ فيها( وَ الْعادِياتِ ) فلمّا فرغ من صلاته قال أصحابه: هذه سورة لم نعرفها فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نعم إنّ عليّاً ظفر بأعداء الله و بشّرني بذلك جبريل في هذه الليلة فقدم عليّعليه‌السلام بعد أيّام بالغنائم و الاُسارى.

٤٩١

( سورة القارعة مكّيّة و هي إحدى عشرة آية)

( سورة القارعة الآيات ١ - ١١)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْقَارِعَةُ ( ١ ) مَا الْقَارِعَةُ ( ٢ ) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ ( ٣ ) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ( ٤ ) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ ( ٥ ) فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ( ٦ ) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ( ٧ ) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ( ٨ ) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ( ٩ ) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ( ١٠ ) نَارٌ حَامِيَةٌ ( ١١ )

( بيان‏)

إنذار و تبشير بالقيامة يغلب فيه جانب الإنذار، و السورة مكّيّة.

قوله تعالى: ( الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ ) مبتدأ و خبر، و القارعة من القرع و هو الضرب باعتماد شديد، و هي من أسماء القيامة في القرآن. قيل: سمّيت بها لأنّها تقرع القلوب بالفزع و تقرع أعداء الله بالعذاب.

و السؤال عن حقيقة القارعة في قوله:( مَا الْقارِعَةُ ) مع كونها معلومة إشارة إلى تعظيم أمرها و تفخيمه و أنّها لا تكتنه علما، و قد اُكّد هذا التعظيم و التفخيم بقوله بعد:( وَ ما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ ) .

قوله تعالى: ( يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ ) ظرف متعلّق بفعل مقدّر نحو اذكر و تقرع و تأتي، و الفراش على ما نقل عن الفراء الجراد الّذي ينفرش و يركب بعضه بعضاً و هو غوغاء الجراد. قيل: شبّه الناس عند البعث بالفراش لأنّ الفراش إذا ثار لم يتّجه إلى جهة واحدة كسائر الطير و كذلك الناس إذا خرجوا من قبورهم أحاط بهم الفزع فتوجّهوا جهات شتّى أو توجّهوا إلى منازلهم المختلفة

٤٩٢

سعادة و شقاء. و المبعوث من البثّ و هو التفريق.

قوله تعالى: ( وَ تَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ) العهن الصوف ذو ألوان مختلفة، و المنفوش من النفش و هو نشر الصوف بندف و نحوه فالعهن المنفوش الصوف المنتشر ذو ألوان مختلفة إشارة إلى تلاشي الجبال على اختلاف ألوانها بزلزلة الساعة.

قوله تعالى: ( فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ ) إشارة إلى وزن الأعمال و أنّ الأعمال منها ما هو ثقيل في الميزان و هو ما له قدر و منزلة عندالله و هو الإيمان و أنواع الطاعات، و منها ما ليس كذلك و هو الكفر و أنواع المعاصي و يختلف القسمان أثراً فيستتبع الثقيل السعادة و يستتبع الخفيف الشقاء، و قد تقدّم البحث عن معنى الميزان في تفسير السور السابقة.

و قوله:( فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ ) العيشة بكسر العين كالجلسة بناء نوع، و توصيفها براضية - و الراضي صاحبها - من المجاز العقليّ أو المعنى في عيشة ذات رضى.

قوله تعالى: ( وَ أَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ ) الظاهر أنّ المراد بهاوية جهنّم و تسميتها بهاوية لهويّ من اُلقي فيها أي سقوطه إلى أسفل سافلين قال تعالى:( ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ) التين: ٦.

فتوصيف النار بالهاوية مجاز عقليّ كتوصيف العيشة بالراضية و عدّ هاوية اُمّاً للداخل فيها لكونها مأواه و مرجعه الّذي يرجع إليه كما يرجع الولد إلى اُمّه.

و قيل: المراد باُمّه اُمّ رأسه و المعنى فاُمّ رأسه هاوية أي ساقطة فيها لأنّهم يلقون في النار على اُمّ رأسهم، و يبعّده بقاء الضمير في قوله:( ما هِيَهْ ) بلا مرجع ظاهر.

قوله تعالى: ( وَ ما أَدْراكَ ما هِيَهْ ) ضمير هي لهاوية، و الهاء في( هِيَهْ ) للوقف و الجملة تفسير تفيد تعظيم أمر النار و تفخيمه.

قوله تعالى: ( نارٌ حامِيَةٌ ) أي حارّة شديدة الحرارة و هو جواب الاستفهام في( ما هِيَهْ ) و تفسير لهاوية.

٤٩٣

( بحث روائي‏)

في تفسير القمّيّ: في قوله تعالى:( كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ) قال: العهن الصوف، و في قوله:( وَ أَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ ) قال: من الحسنات، و في قوله:( فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ ) قال: اُمّ رأسه، يقذف في النار على رأسه.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن مردويه عن أبي أيّوب الأنصاريّ أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إنّ نفس المؤمن إذا قبضت يلقاها أهل الرحمة من عباد الله كما يلقون البشير من أهل الدنيا فيقولون: انظروا صاحبكم يستريح فإنّه كان في كرب شديد ثمّ يسألونه ما فعل فلان و فلانة؟ هل تزوّجت؟ فإذا سألوه عن الرجل قد مات قبله فيقول: هيهات قد مات ذاك قبلي فيقولون: إنّا لله و إنّا إليه راجعون ذُهب به إلى اُمّه الهاوية فبئست الاُمّ و بئست المربّية.

أقول: و روي هذا المعنى عن أنس بن مالك و عن الحسن و الأشعث بن عبدالله الأعمى عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤٩٤

( سورة التكاثر مكّيّة و هي ثمان آيات)

( سورة التكاثر الآيات ١ - ٨)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ( ١ ) حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ( ٢ ) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ( ٣ ) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ( ٤ ) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ( ٥ ) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ( ٦ ) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ( ٧ ) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ( ٨ )

( بيان‏)

توبيخ شديد للناس على تلهّيهم بالتكاثر في الأموال و الأولاد و الأعضاء و غفلتهم عمّا وراءه من تبعة الخسران و العذاب، و تهديد بأنّهم سوف يعلمون و يرون ذلك و يسألون عن هذه النعم الّتي اُوتوها ليشكروا فتلهّوا بها و بدّلوا نعمة الله كفراً.

و السورة بما لها من السياق تحتمل المكّيّة و المدنيّة، و سيأتي ما ورد في سبب نزولها في البحث الروائيّ إن شاء الله.

قوله تعالى: ( أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ ) قال في المفردات: اللهو ما يشغل الإنسان عمّا يعنيه و يهمّه. قال، و يقال: ألهاه كذا أي شغله عمّا هو أهمّ إليه، قال تعالى:( أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ ) انتهى.

و قال: و المكاثرة و التكاثر التباري في كثرة المال و العزّ، انتهى. و قال: المقبرة - بكسر الميم - و المقبرة - بفتحها - موضع القبور و جمعها مقابر، قال تعالى:( حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ ) كناية عن الموت، انتهى.

فالمعنى على ما يعطيه السياق شغلكم التكاثر في متاع الدنيا و زينتها و التسابق

٤٩٥

في تكثير العدّة و العدّة عمّا يهمّكم و هو ذكر الله حتّى لقيتم الموت فعمّتكم الغفلة مدى حياتكم.

و قيل: المعنى شغلكم التباهي و التباري بكثرة الرجال بأن يقول هؤلاء: نحن أكثر رجالاً، و هؤلاء: نحن أكثر حتّى إذا استوعبتم عدد الأحياء صرتم إلى القبور فعددتم الأموات من رجالكم فتكاثرتم بأمواتكم.

و هذا المعنى مبنيّ على ما ورد في أسباب النزول أنّ قبيلتين من الأنصار تفاخرتا بالأحياء ثمّ بالأموات، و في بعضها أنّ ذلك كان بمكّة بين بني عبد مناف و بني سهم فنزلت السورة، و سيأتي القصّة في البحث الروائيّ.

قوله تعالى: ( كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ) ردع عن اشتغالهم بما لا يهمّهم عمّا يعنيهم و تخطئة لهم، و قوله:( سَوْفَ تَعْلَمُونَ ) تهديد معناه على ما يفيده المقام سوف تعلمون تبعة تلهّيكم هذا و تعرفونها إذا انقطعتم عن الحياة الدنيا.

قوله تعالى: ( ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ) تأكيد للردع و التهديد السابقين، و قيل: المراد بالأوّل علمهم بها عند الموت و بالثاني علمهم بها عند البعث.

قوله تعالى: ( كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ) ردع بعد ردع تأكيداً و اليقين العلم الّذي لا يداخله شكّ و ريب.

و قوله:( لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ) جواب لو محذوف و التقدير لو تعلمون الأمر علم اليقين لشغلكم ما تعلمون عن التباهي و التفاخر بالكثرة، و قوله:( لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمََ ) استئناف في الكلام، و اللّام للقسم، و المعنى اُقسم لترونّ الجحيم الّتي جزاء هذا التلهّي كذا فسّروا.

قالوا: و لا يجوز أن يكون قوله:( لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ) جواب لو الامتناعيّة لأنّ الرؤية محقّق الوقوع و جوابها لا يكون كذلك.

و هذا مبنيّ على أن يكون المراد رؤية الجحيم يوم القيامة كما قال:( وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى‏ ) النازعات: ٣٦ و هو غير مسلّم بل الظاهر أنّ المراد رؤيتها قبل يوم القيامة رؤية البصيرة و هي رؤية القلب الّتي هي من آثار اليقين على ما يشير إليه،

٤٩٦

قوله تعالى:( وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) الأنعام: ٧٥، و قد تقدّم الكلام فيها، و هذه الرؤية القلبيّة قبل يوم القيامة غير محقّقة لهؤلاء المتلهّين بل ممتنعة في حقّهم لامتناع اليقين عليهم.

قوله تعالى: ( ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ ) المراد بعين اليقين نفسه، و المعنى لترونّها محض اليقين، و هذه بمشاهدتها يوم القيامة، و من الدليل عليه قوله بعد ذلك( ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) فالمراد بالرؤية الاُولى رؤيتها قبل يوم القيامة و بالثانية رؤيتها يوم القيامة.

و قيل: الاُولى قبل الدخول فيها يوم القيامة و الثانية إذ دخلوها.

و قيل: الاُولى بالمعرفة و الثانية بالمشاهدة، و قيل: المراد الرؤية بعد الرؤية إشارة إلى الاستمرار و الخلود، و قيل غير ذلك و هي وجوه ضعيفة.

قوله تعالى: ( ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) ظاهر السياق أنّ هذا الخطاب و كذلك الخطابات المتقدّمة في السورة للناس بما أنّ فيهم من اشتغل بنعمة ربّه عن ربّه فأنساه التكاثر فيها عن ذكر الله، و ما في السورة من التوبيخ و التهديد متوجّه إلى عامّة الناس ظاهراً واقع على طائفة خاصّة منهم حقيقة و هم الّذين ألهاهم التكاثر.

و كذا ظاهر السياق أنّ المراد بالنعيم مطلقة و هو كلّ ما يصدق عليه أنّه نعمة فالإنسان مسؤل عن كلّ نعمة أنعم الله بها عليه.

و ذلك أنّ النعمة - و هي الأمر الّذي يلائم المنعم عليه و يتضمّن له نوعاً من الخير و النفع - إنّما تكون نعمة بالنسبة إلى المنعم عليه إذا استعملها بحيث يسعد بها فينتفع و أمّا لو استعملها على خلاف ذلك كانت نقمة بالنسبة إليه و إن كانت نعمة بالنظر إلى نفسها.

و قد خلق الله تعالى الإنسان و جعل غاية خلقته الّتي هي سعادته و منتهى كماله التقرّب العبوديّ إليه كما قال:( وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات: ٥٦ و هي الولاية الإلهيّة لعبده، و قد هيّأ الله سبحانه له كلّ ما يسعد و ينتفع به في سلوكه نحو الغاية الّتي خلق لها و هي النعم فأسبغ عليه نعمه ظاهرة و باطنة.

٤٩٧

فاستعمال هذه النعم على نحو يرتضيه الله و ينتهي بالإنسان إلى غايته المطلوبة هو الطريق إلى بلوغ الغاية و هو الطاعة، و استعمالها بالجمود عليها و نسيان ما وراءها غيّ و ضلال و انقطاع عن الغاية و هو المعصية، و قد قضى سبحانه قضاء لا يردّ و لا يبدّل أن يرجع الإنسان إليه فيسأله عن عمله فيحاسبه و يجزيه، و عمله هو استعماله للنعم الإلهيّة قال تعالى:( وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى‏ وَ أَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى‏ ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى‏ وَ أَنَّ إِلى‏ رَبِّكَ الْمُنْتَهى‏ ) النجم: ٤٢، فالسؤال عن عمل العبد سؤال عن النعيم كيف استعمله أ شكر النعمة أم كفر بها؟

( بحث روائي‏)

في المجمع، قيل: نزلت في اليهود قالوا: نحن أكثر من بني فلان، و بنو فلان أكثر من بني فلان ألهاهم ذلك حتّى ماتوا ضلالاً: عن قتادة.

و قيل: نزلت في فخذ من الأنصار تفاخروا: عن أبي بريدة، و قيل: نزلت في حيّين من قريش: بني عبد مناف بن قصيّ و بني سهم بن عمر و تكاثروا و عدّوا أشرافهم فكثرهم بنو عبد مناف. ثمّ قالوا: نعدّ موتانا حتّى زاروا القبور فعدّوهم و قالوا: هذا قبر فلان و هذا قبر فلان فكثرهم بنو سهم لأنّهم كانوا أكثر عدداً في الجاهليّة: عن مقاتل و الكلبيّ.

و في تفسير البرهان، عن البرقيّ عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبداللهعليه‌السلام في قوله تعالى:( لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ) قال: المعاينة.

أقول: الرواية تؤيّد ما قدّمناه من المعنى.

و في تفسير القمّيّ، بإسناده عن جميل عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت له:( لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) قال: تسأل هذه الاُمّة عمّا أنعم الله عليها برسوله ثمّ بأهل بيته.

و في الكافي، بإسناده عن أبي خالد الكابليّ قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام فدعا بالغذاء فأكلت معه طعاماً ما أكلت طعاماً أطيب منه قطّ و لا ألطف فلمّا فرغنا من

٤٩٨

الطعام قال: يا أبا خالد كيف رأيت طعامك؟ أو قال: طعامنا؟ قلت: جعلت فداك ما أكلت طعاماً أطيب منه قطّ و لا أنظف و لكن ذكرت الآية الّتي في كتاب الله عزّوجلّ:( ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) فقال أبوجعفرعليه‌السلام : إنّما يسألكم عمّا أنتم عليه من الحقّ.

و فيه، بإسناده عن أبي حمزة قال: كنّا عند أبي عبداللهعليه‌السلام جماعة فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة و طيباً و اُتينا بتمر تنظر فيه أوجهنا من صفائه و حسنه فقال رجل: لتسألن عن هذا النعيم الّذي تنعّمتم به عند ابن رسول الله فقال أبو عبدالله إنّ الله عزّوجلّ أكرم و أجلّ أن يطعم طعاماً فيسوّغكموه ثمّ نسألكم عنه إنّما يسألكم عمّا أنعم عليكم بمحمّد و آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

أقول: و هذا المعنى مرويّ عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام بطرق اُخرى و عبارات مختلفة و في بعضها أنّ النعيم ولايتنا أهل البيت، و يؤل المعنى إلى ما قدّمناه من عموم النعيم لكلّ نعمة أنعم الله بها بما أنّها نعمة.

بيان ذلك أنّ هذه النعم لو سئل عن شي‏ء منها فليست يسأل عنها بما أنّها لحم أو خبز أو تمر أو ماء بارد أو أنّها سمع أو بصر أو يد أو رجل مثلاً و إنّما يسأل عنها بما أنّها نعمة خلقها الله للإنسان و أوقعها في طريق كماله و الحصول على التقرّب العبوديّ كما تقدّمت الإشارة إليه و ندبه إلى أن يستعملها شكراً لا كفراً.

فالمسؤل عنها هي النعمة بما أنّها نعمة، و من المعلوم أنّ الدالّ على نعيميّة النعيم و كيفيّة استعماله شكراً و المبيّن لذلك كلّه هو الدين الّذي جاء به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و نصب لبيانه الأئمّة من أهل بيته فالسؤال عن النعيم مرجعه السؤال عن العمل بالدين في كلّ حركة و سكون و من المعلوم أيضا أنّ السؤال عن النعيم الّذي هو الدين سؤال عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و الأئمّة من بعده الّذين افترض الله طاعتهم و أوجب اتّباعهم في السلوك إلى الله الّذي طريقه استعمال النعم كما بيّنه الرسول و الأئمّة.

و إلى كون السؤال عن النعيم سؤالاً عن الدين يشير ما في رواية أبي خالد من قوله:( إنّما يسألكم عمّا أنتم عليه من الحقّ) .

٤٩٩

و إلى كونه سؤالاً عن النعيم الّذي هو النبيّ و أهل بيته يشير ما في روايتي جميل و أبي حمزة السابقتين من قوله:( يسأل هذه الاُمّة عمّا أنعم الله عليها برسوله ثمّ بأهل بيته) أو ما في معناه، و في بعض الروايات:( النعيم هو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنعم الله به على أهل العالم فاستنقذهم من الضلالة) ، و في بعضها: أنّ النعيم ولايتنا أهل البيت‏، و المال واحد و من ولاية أهل البيت افتراض طاعتهم و اتّباعهم فيما يسلكونه من طريق العبوديّة.

و في المجمع، و قيل: النعيم الصحّة و الفراغ: عن عكرمة، و يعضده ما رواه ابن عبّاس عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة و الفراغ.

و فيه، و قيل: هو يعني النعيم الأمن و الصحّة: عن عبدالله بن مسعود و مجاهد، و روي ذلك عن أبي جعفر و أبي عبداللهعليهما‌السلام .

أقول: و في روايات اُخرى من طرق أهل السنّة أنّ النعيم هو التمر و الماء البارد و في بعضها غيرهما، و ينبغي أن يحمل الجميع على إيراد المثال.

و في الحديث النبويّ من طرقهم أيضاً: ثلاث لا يسأل عنها العبد: خرقة يواري بها عورته أو كسرة يسدّ بها جوعته أو بيت يكنّه من الحرّ و البرد. الحديث‏، و ينبغي أن يحمل على خفّة الحساب في الضروريّات و نفي المناقشة فيه و الله أعلم.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568