زواج أم كلثوم الزواج اللّغز

زواج أم كلثوم الزواج اللّغز0%

زواج أم كلثوم الزواج اللّغز مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 171

زواج أم كلثوم الزواج اللّغز

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الشهرستاني
تصنيف: الصفحات: 171
المشاهدات: 65514
تحميل: 6115

توضيحات:

زواج أم كلثوم الزواج اللّغز
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 171 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 65514 / تحميل: 6115
الحجم الحجم الحجم
زواج أم كلثوم الزواج اللّغز

زواج أم كلثوم الزواج اللّغز

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مجمل ما تقوله الشيعة:

والآن مع مجمل ما تقوله الشيعة الإمامية بهذا الصدد، حيث إنّ الذي ذهب منهم إلى وقوع الزواج علّل وقوعه بأنّه كان عن جبر وإكراه لا عن طيب خاطر، واستدل على كلامه بأدلة:

منها ما رواه أبو القاسم الكوفي: أنّ عمر بعث العبّاس إلى عليّ يسأله أن يزوّجه بأُمّ كلثوم، فامتنع.

فأخبره بامتناعه فقال: أيأنف من تزويجي؟، والله، لئن لم يزوّجني لأقتلنّه.

فأعلم العبّاس عليّاًعليه‌السلام بذلك، فأقام على الامتناع.

فأعلم عمر بذلك، فقال عمر: احضَرْ في يوم الجمعة في المسجد، وكُن قريباً من المنبر لتسمع ما يجري، فتعلم أنّي قادر على قتله إن أردت.

فحضر، فقال عمر للناس: إن هاهنا رجلاً من أصحاب محمّد وقد زنى، وقد اطّلع عليه أمير المؤمنين وحده، فما أنتم قائلون؟

فقال الناس من كلّ جانب: إذا كان أمير المؤمنين اطّلع عليه فما الحاجة إلى أن يطّلع عليه غيره؟! ليمض في حكم الله.

فلمّا انصرف عمر قال للعبّاس: امضِ إلى عليّ فأعلمه بما قد سمعته، فوالله، لئن لم يفعل لأفعلن.

فأعلم العبّاس عليّاً بذلك.

فقالعليه‌السلام : أنا أعلم أن ذلك يهون عليه، وما كُنتُ بالذي يفعل ما يلتمسه أبداً.

فأقسم عليه العبّاس أن يجعل أمرها إليه، ومضى العبّاس إلى عمر

٨١

فزوّجه إياها(١) .

وقد ورد في نصّ آخر: أنّه أمر الزبير أن يضع درعه على سطح عليّ، فوضعه بالرمح، ليرميه بالسرقة(٢) .

وقال فيأعلام الورى : قال أصحابنا: إنما زوّجها منه بعد مدافعة كثيرة، وامتناع شديد، واعتلال عليه بشيء بعد شيء حتّى ألجأته الضرورة إلى أن ردّ أمرها إلى العبّاس بن عبد المطّلب، فزوّجها إياه(٣) .

وعن كتاب الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام : لمّا خطب عمر إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال لهعليه‌السلام : إنّها صبية.

قال فأتى العبّاس فقال: ما لي؟ أبي بأس؟!

فقال له: وما ذاك؟

قال خطبتُ إلى ابن أخيك فردَّني...

- وفي نصّ المرتضى: فدافعني وصانعني وأنف من مصاهرتي، أما والله لأعوّرن زمزم، ولأهدمنّ السقاية، ولا تركت لكم يابني هاشم منقبة إلاّ هدمتها، ولأقُيمن عليه شهوداً يشهدون عليه بالسرقة، وأحكم عليه بقطعه، فأتاه العبّاس فأخبره، وسأله أن يجعل الأمر إليه، فجعله إليه(٤) .

وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن

____________________

(١) الاستغاثة: ٧٨، والصراط المستقيم ٣: ١٣٠، شرح الأخبار ٢: ٥٠٧.

(٢) الصراط المستقيم ٣: ١٣٠.

(٣) أعلام الورى ١: ٣٩٧، وعنه في بحار الأنوار ٤٢: ٩٣.

(٤) النوادر لأحمد بن عيسى الأشعري: ١٣٠، الكافي ٥: ٣٤٦، الوسائل ٢٠: ٥٦١، مرآة العقول ٢٠: ٤٤ و ٤٥، رسائل المرتضى المجموعة الثالثة: ١٤٩.

٨٢

سالم، وحمّاد، عن زرارة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام في تزويج أُمّ كلثوم، فقال: إنّ ذلك فرج غصبناه(١) .

كانت هذه بعض النصوص التي استدل بها من ادّعى وقوع الزواج من أُمّ كلثوم، لكن في إطار الجبر والإكراه وعن تقيّة لا غير.

____________________

(١) الكافي ٥: ٣٤٦، وعنه في وسائل الشيعة ٢٠: ٥٦١ حديث ٢٦٣٤٩ وبحار الأنوار ٤٢: ١٠٦ وراجع الاستغاثة: ٧٨ عن عبد الله بن سنان.

٨٣

البحث الفقهي

٨٤

٨٥

٨٦

أخبارٌ في كتب السنة

ذكرنا قبل قليل بأن أهل السُنّة ذهبوا إلى وقوع الزواج من أُمّ كلثوم، مستدلّين بنصوص من التاريخ، وفروع من الفقه، وقد ناقشنا بعض النصوص التاريخية منها، وإليك الآن بعض الفروع الفقهيّة:

(١) كيفيّة الصلاة على جنازة امرأة وطفل

قال الزيلعي في نصب الراية: أخرج أبو داود والنسائي عن عمّار بن أبي عمّار، قال: شهدت جنازة أُمّ كلثوم، وابنها، فجُعل الغلام ممّا يلي الإمام، فأنكرت ذلك، وفي القوم ابن عبّاس، وأبو سعيد، وأبو قتادة، وأبو هريرة، فقالوا: هذه السُنّة، قال النوويرحمه‌الله : وسندهُ صحيح.

وفي روايةالبيهقي : وكان في القوم الحسن، والحسين، وأبو هريرة، وابن عمر، ونحو من ثمانين من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

قال النووي - شرحاً لكلام صاحب المهذّب -: والسُنّة أن يقف الإمام فيها عند رأس الرجل وعند عجيزة المرأة - : وروى عمّار بن أبي عمّار أنّ زيد بن عمر بن الخطّاب وأُمّه أُمّ كلثوم بنت عليّ (رضي الله عنهم) ماتا، فصلّى عليهما سعيد بن العاص، فجعل زيداً ممّا يليه وأُمّه ممّا تلي القبلة، وفي القوم الحسن والحسين و...(٢) .

____________________

(١) نصب الراية ٢: ٣١٧.

(٢) المجموع ٥: ٢٢٤.

٨٧

وفي سُنن أبي داود عن عمّار مولى الحارث بن نوفل أنه شهد جنازة أُمّ كلثوم وابنها، فجعل الغلام ممّا يلي الإمام، فأنكرت ذلك، وفي القوم ابن عبّاس وأبو سعيد الخدري وأبو قتادة وأبو هريرة فقالوا: هذه السُنّة(١) .

وفي سُنن النسائي عن نافع قريب من ذلك(٢) .

(٢) التكبير على الجنازة:

روىالبيهقي بسنده عن الشعبي، قال: صلَّى ابن عمر على زيد بن عمر وأُمّه أُمّ كلثوم بنت عليّ، فجُعل الرجل ممّا يلي الإمام، والمرأة من خلفه، فصلّى عليهما أربعاً، وخلفه ابن الحنفية والحسين بن عليّ وابن عبّاس...(٣) .

وفى نصّ عن عامر قال: مات زيد بن عمر وأُمّ كلثوم بنت عليّ، فصلّى عليهما ابن عمر، فجُعل زيداً ممّا يليه وأُمّ كلثوم ممّا يلي القبلة، وكبر عليهما أربعاً.

وفي آخر: عن ابن عمر أنّه صلَّى على أُمّ كلثوم بنت عليّ وابنها زيد،

____________________

(١) سُنن أبي داود ٢: ٧٧ باب ٥٦ ح ٣١٩٣، مسند ابن الجعد ١: ٩٨، ١١٤، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنّفه ٣: ١٩٧، عن عمّار مولى بني هاشم في الباب ١٤٠ في جنائز الرجال والنساء الحديث ٨.

(٢) سُنن النسائي ٤: ٧١، السنن الكبرى للنسائي ١: ٦٤١ ح ٢١٠٥، السنن الكبرى ٤: ٣٣، المصنّف لعبد الرزاق ٣: ٤٦٥ ح ٦٣٣٧، المنتقى من السنن المسندة لابن الجارود: ١٤٢ ح ٥٤٥، سُنن الدارقطني ٢: ٦٦.

(٣) السنن الكبرى ٤: ٣٨، تاريخ دمشق ١٩: ٤٩٢، الإصابة ٨: ٤٦٦ ت ١٢٢٣٧.

٨٨

وجعله ممّا يليه، وكبّر عليهما أربعاً(١) .

(٣) ميراث الغرقى:

ذكر الترمذي في باب ميراث الغرقى، عن نعيم بن خالد، عن عبد العزيز بن محمّد، حدثنا جعفر، عن أبيه: أنّ أُمّ كلثوم وابنها زيداً ماتا في يوم واحد، فالتقت الصائحتان في الطريق، فلم يرث كلّ واحد منهما من صاحبه...(٢) .

(٤) عدّة المتوفّى عنها زوجها:

عن أبي حنيفة، عن حمّاد، عن إبراهيم أنّه قال: إنما نقل عليّعليه‌السلام أُمّ كلثوم حين قتل عمر، لأنّها كانت مع عمر في دار الإمارة(٣) .

وعن الشعبي، قال: نقل عليّعليه‌السلام أُمّ كلثوم بعد قتل عمر بن الخطّاب بسبع ليال، ورواه سفيان الثوري في جامعه، وقال: لأنّها كانت في دار الإمارة(٤) .

____________________

(١) أنظر: الطبقات الكبرى لابن سعد ٨: ٤٦٤.

(٢) سُنن الدارمي ٢: ٣٧٩، ومثله في المستدرك على الصحيحين ٤: ٣٤٦، السنن الكبرى للبيهقي ٦: ٢٢٢، سُنن الدارقطني ٤: ٤٠، ٤٥، من كتاب: الفرائض والسير، بسنديه: عن عبد الله بن عمر بن حفص، وجعفر بن محمّد عن أبيه.

(٣) الآثار لأبي يوسف ١: ١٤٣. وأنظر المصنّف لابن أبي شيبة ٤: ١٣٣، عن الحكيم، ومصنف لعبدالرزاق ٧: ٣٠، رواه بسند آخر عن معمر عن أيوب أو غيره أنّ عليّاً...، ومثله في النوادر: ١٨٦، عن جعفر عن أبيه.

(٤) الأُمّ ٧: ١٨٢، السنن الكبرى للبيهقي ٧: ٤٣٦،المصنّف لابن أبي شيبة ٤: ١٣٣، الباب ١٧٥ ح ٥.

٨٩

(٥) الوكالة في التزويج:

روى الطبراني في الأوسط، بسنده عن الحسن بن الحسن بن عليّ: أنّ عمر بن الخطّاب خطب إلى عليّ أُمّ كلثوم، فقال إنها تصغر عن ذاك.

فقال عمر: إنّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة، إلاّ سببي ونسبي، فأحببت أن يكون لي من رسول الله سبب ونسب.

فقال عليّ للحسن والحسين: زوّجا عمَّكما.

فقالا: هي امرأة من النساء، تختار لنفسها.

فقام عليٌّ وهو مغضب، فأمسك الحسن بثوبه وقال: لا صبر على هجرانك يا أبتاه.

لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلاّ روح بن عبادة، تفرد به سفيان عن وكيع(١) .

وهناك مسائل أخرى في الشريعة، كجمع الرجل بين زوجة الرجل وبنته(٢) والهدية(٣) والصداق(٤) وغيرها، سنتعرض إليها ضمن بياننا لهذه الفروع الخمسة إن شاء الله تعالى.

____________________

(١) المعجم الأوسط ٦: ٣٥٧، وعنه في مجمع الزوائد ٤: ٢٧٢، السنن الكبرى ٧: ٦٤.

(٢) مرت مصادره في القول الخامس قبل قليل.

(٣) صحيح البخاري ٣: ٢٢٢ / كتاب الجهاد والسير - باب حمل النساء القرب إلى النّاس في الغزو، وكذا في كتاب المغازي ٥: ٣٦، باب ذكر أُمّ سليط، كنز العمال ١٣: ٦٢٣، شرح النهج ١٢: ٧٦.

(٤) سنذكر مصادر الصداق لاحقاً.

٩٠

أخبارٌ في كتب الشيعة

هناك أخبار في كتب الشيعة الإماميّة تشابه ما نقلته كتب العامّة، فلنبحث عن ملابسات تلك الأخبار، وهل أنّها أخبار معتمدة شيعياً ، أمّ أنّها كانت لأهل السنّة ثم دخلت في المصادر الحديثية الشيعية، ثم منها إلى الفقه.

(١) ٢ صلاة الجنائز، وكيفية التكبير على الميت

قال الشيخ الطوسي في كتابه " الخلاف ":

"مسألة ٥٤١: إذا اجتمع جنازة رجل وصبيّ وخنثى وامرأة، وكان الصبيّ ممّن يُصلّى عليه، قدمت المرأة إلى القبلة، ثمّ الخنثى، ثمّ الصبي .

إلى أن يقول:

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم. وروى عمّار بن ياسر قال: أُخرجت جنازة أُمّ كلثوم بنت عليّ عليه‌السلام وابنها زيد بن عمر، وفي الجنازة الحسن والحسين عليهما‌السلام ،وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وأبو هريرة، فوضعوا جنازة الغلام ممّا يلي الإمام،

٩١

والمرأة وراءَهُ، وقالوا: هذا هو السُنّة "(١) .

وقد استدلّ بعض علماء العامّة بهذه المسألة وما يليها - إلزاماً لنا - للدلالة على وقوع التزويج من أُمّ كلثوم.

ولنا فيه مسائل:

الأولى :

أنّ ما رواه الشيخ عن عمّار بن ياسر مرسل، إذ ليس له طريق إليه، وبتتبعنا في كتب الحديث عند الشيعة والعامّة، لم نحصل على خبر يروى بهذا المضمون عن عمّار بن ياسر إلاّ ما حكاه الشيخ في هذه المسألة.

بل كلّ ما في الأمر هو وجودها عند العامّة عن عمّار بن أبي عمّار؟

فنتساءل: هل هذا هو عمّار بن ياسر، أم غيره؟ وهذا ما نوضّحه لك بعد قليل.

بل كيف يكون المعنيّ به عمّار بن ياسر، ذلك الصحابي الجليل الملازم عليّاً، إذ لو كان ذلك لاحتُمل أن يكون الإمام عليّ حاضراً جنازة ابنته أُمّ كلثوم كذلك! لكنّا نرى الخبر يقول: (في الجنازة الحسن والحسين ) وليس فيه ذكر الإمام عليّ.

مع العلم بأنّ عمّار بن ياسر كان قد استشهد تحت لواء عليّ بن أبي طالب في صفين، فلا يُعقل أن يروي واقعة قد حدثت في خلافة بعض بني أُميّة؟!

____________________

(١) الخلاف ١: ٧٢٢، كتاب الجنائز مسألة: ٥٤١

٩٢

الثانية:

أن الخبر آنف الذكر يخالف ما نقل عن زواج عبد الله بن جعفر من أُمّ كلثوم بعد زينب بنت عليّ، لأن النصّ يقول في زوجته زينب: " فماتت عنده "(١) .

ومن المعلوم أن وفاة السيدة زينب كان إمّا في سنة ٦٢(٢) أو ٦٥(٣) أو ٦٧(٤) في حين أنّ خبر الصلاة على أُمّ كلثوم كان قبل السنة الرابعة والخمسين من الهجرة يقيناً(٥) .

الثالثة:

من الثابت المعلوم أن الشيخ الطوسي أتى بهذا الخبر في كتابه (الخلاف ) استشهاداً وإلزاماً للآخرين لا استدلالاً به، لأنّه كان قد قال - بعد ذكره للمسألة -: "دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، وروى عمّار بن ياسر قال: أخرجت... ".

ومن هذا يفهم بأنّ دليل الشيخ كان إجماع الطائفة وأخبارهم الواردة عن الحلبي(٦) وابن بكير(٧) وعمّار الساباطي(٨) و... لا خبر عمّار بن ياسر

____________________

(١) السنن الكبرى للبيهقي ٧: ٧٠ و ٧١.

(٢) وفاة زينب الكبرى للشيخ جعفر النقدي: ١٤٢.

(٣) معالي السبطين: ٦٨٩، مع بطلة كربلاء لمغنية: ٩٠، أعلام النساء ١: ٥٠٨.

(٤) نزهة الأنام في محاسن الشام ٢: ٣٤٧ و ٣٨١ للبدري، وشرح نهج البلاغة لابن ميثم كما في معالي السبطين للحائري: ٦٩٠.

(٥) للمزيد أنظر أعيان الشيعة ١٣: ١٢.

(٦) تهذيب الأحكام ٣: ٣٢٣ ح ١٠٠٠٦ و ١٠٠٠٨، الاستبصار ١: ٤٧١ ح ١٨٢٣ و ١٨٢٥.

(٧) الكافي ٣: ١٧٥ ح ٥، تهذيب الأحكام ٣: ٣٢٣ ح ١٠٠٠٧، الاستبصار ١: ٤٧٢ ح ١٨٢٤.

(٨) الكافي ٣: ١٧٤ ح ٢، تهذيب الأحكام ٣: ٣٢٢ ح ١٠٠٤، الاستبصار ١: ٤٧٢ ح ١٨٢٧.

٩٣

حتّى يرد الإشكال.

مضافاً إلى ذلك أنّا نعلم أن الكتب الفقهية عند الشيعة الإمامية كتبت على نحوين.

أوّلهما : وفق الأصول الحديثية والرجالية الشيعية، فلا يُتعرّضُ فيها إلى آراء المذاهب الأخرى.

وثانيهما : بملاحظة آراء أهل السُنّة والجماعة مع ما للشيعة من أدلة، وهذا ما يسمى بالفقه المقارن أو فقه الخلاف.

فكتاب الشيخ الطوسي "الخلاف " هو من القسم الثاني، إذ لم نره يذكر خبر عمّار بن ياسر في كتابهالمبسوط ، أوالنهاية ، أوالتهذيب ، أو غيرها من كتبه الفقهية الحديثية الفتوائية، بل ذكرهُ في كتابه (الخلاف ) وهو المعني بفقه الخلاف، وهذا يؤكّد بأنّه جاء بهذا الخبر إلزاماً للآخرين، أو استشهاد به على ما ذهب إليه.

وعليه، فدليل الشيخ في هذه المسألة هو: إجماع الفرقة المحقّة، والأخبار الواردة عن أهل بيت النبوةعليهم‌السلام والتي وردت في صحاح أخبارهمعليهم‌السلام لا ما ذكره عن عمّار...!!

٩٤

الرابعة:

إنّ عمّاراً هذا ليس بابن ياسر، بل هو عمّار بن أبي عمّار مولى بني هاشم، وفي بعض النصوص مولى الحارث بن نوفل، وعمّار بن أبي عمّار تابعي، وليس بصحابي، وقد روى عن أبي هريرة وابن عبّاس، وخرّج له أبو داود في سُننه(١) والبيهقي(٢) والنسائي وغيرهم.

وعليه، فإنّ الشيخ الطوسي ذكر خبر عمّار في الخلاف بعد ذكره دليل الشيعة، وذلك للاستشهاد به، لا الاستدلال.

وبنظري أنّ الخطأ والتصحيف الواقع في كتاب (الخلاف ) جاء من قِبَل النساخ وقَبْلَ العلاّمة الحلي، إذ لا يعقل أن لا يعرف الشيخ الطوسي - وهو الإمام الرجالي المحدّث - أنّ عمّار بن ياسر قد استشهد في صفّين وأنّه لا يُعقل أن يُحدّث بأمر وقع في خلافة بعض بني أُميّة؟!

نعم، إنّ أوّل من توجّه إلى أنّ عمّاراً هذا ليس بابن ياسر هو العلاّمة الحلي (ت ٧٢٦ ه-) في كتابهمنتهى المطلب ، وهو من كتب فقه الخلاف فقد قال العلاّمة الحلّي في "مختلف الشيعة " - والذي يختص بنقل أقوال علماء الشيعة الإمامية -: "... واحتجّ الشيخ في الخلاف بالإجماع، وبما روى عمّار بن ياسر، قال: أخرجت جنازة أُمّ كلثوم... " (٣) .

وقال في "منتهى المطلب ":

____________________

(١) سُنن أبي داود ٢: ٧٧ ح ٣١٩٣، وفيه: عمّار مولى الحارث بن نوفل.

(٢) السنن الكبرى ٤: ٣٣.

(٣) مختلف الشيعة للعلاّمة الحلّي ٢: ٣١٥.

٩٥

"...لنا: رواه الجمهور عن عمّار بن أبي عمّار قال: شهدت جنازة أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وابنها زيد بن عمر، فوضع الغلام بين يدي الإمام، والمرأة خلفه، وفي الجماعة الحسن والحسين عليهما‌السلام وابن عبّاس وابن عمر وثمانون نفساً من الصحابة، فقلت: ما هذا؟ فقالوا: هذه السُنّة .

ومن طريق الخاصة: ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم عن أحدهما قال... "(١) .

وقال في "تذكرة الفقهاء "، وعند ذكره بعض الفروع: (ب/ لو اجتمع الرجل والمرأة، قال أصحابنا: يجعل رأس المرأة عند وسط الرجل ليقف الإمام موضع الفضيلة فيهما، وكذا لو اجتمع... - إلى أن يقول -:

وفي أخرى: " يسوّى بين رؤوسهم كلّهم، لأنّ أُمّ كلثوم بنت عليّ عليه‌السلام وزيداً ابنها توفّيا معاً فأخرجت جنازتهما فصلى عليهما أمير المدينة، فسوى بين رؤوسهما وأرجلهما، ولا حجة في فعل غير النبي والإمام عليه‌السلام )(٢) .

وأنت ترى نباهة العلاّمة الحلّي وعدم تخطيه عن منهجه في كتابيه، فإنّه حينما يذكر الخبر في (مختلف الشيعة ) - وهو المعني بفقه الإمامية واختلاف أعلام الطائفة فيه -، يذكر خبر الخلاف عن عمّار بن ياسر ; أمانة منه في النقل، لكنّه حينما يقارن المسألة مع كتب العامّة، نراه

____________________

(١) منتهى المطلب للعلاّمة الحلي ٧: ٣٥٧.

(٢) تذكرة الفقهاء، للعلاّمة الحلّي ٢: ٦٦.

٩٦

يشير إلى أنّ المحكيّ عن عمّار بن ياسر مرويٌ في كتب الجمهور عن عمّار بن أبي عمّار التابعي، مولى بني هاشم، لا ابن ياسر الصحابي.

وهذا يرشدنا إلى ضرورة الاعتناء بفقه الخلاف ودراسته في الحوزات العلمية، لكي نضيف إلى فقهنا ما يؤيدنا من فقه العامّة ; نأتي به استشهاداً لا استدلالاً، وهو يعمق استدلالنا وحجّتنا، لأنّ كثيراً من الفروع الفقهية لو قيست مع أمثالها في كتب العامّة لعُرفت من خلالها أمورٌ كثيرة خافية علينا اليوم، لأنّ فقهنا مهيمن وناظر على فقه العامّة، الذي تأثر بالسلطة والسياسة و... بشكل كثير.

إذاً دراسة الأفكار والعقائد والآراء المطروحة في زمن صدور النصّ له الارتباط الكامل في فهم المسائل المختلف فيها عند المسلمين اليوم.

وعليه، فلا يمكن للآخر أن يستدلّ علينا بورود خبر عمّار بن ياسر وأمثاله في "مسالك الأفهام " أو "مجمع الفائدة والبرهان " أو "جواهر الكلام " وغيرها مثلاً، لكونها مأخوذة من كتاب الخلاف، وقد عرفت كيفية دخول هذا الخبر إلى التراث الشيعي.

وقفة مع خبر عمّار:

إنّ هناك عللاً خفية في خبر عمّار بن ياسر (= عمّار بن أبي عمّار) في محكيالخلاف ومرويّ العامّة، يجب الإشارة إلى بعضها:

أحدها : الاختلاف في زيد بن عمر، وهل أنّه مات غلاماً أم رجلاً؟

وهل هناك فرق بينهما في الاستدلال؟

ثم هل أنّه وأُمّه ماتا في يوم واحد، أم على التعاقب؟

٩٧

الثاني : ما المراد من قول عمّار بن أبي عمّار: (قالوا: إنها السُنّة)؟

هل يعني لزوم جعل المرأة قبلة الغلام، والغلام قبلة الإمام؟ أم أنّهم أرادوا شيئاً آخر؟

وكيف كان التكبير في خبره؟ ولماذا لم يذكره؟

هل كان التكبير على الميت أربعاً (كما صلّى ابن عمر عليهما)؟ أم خمساً (كما عليه إجماع أهل البيت)؟

وما هو حكم الصلاة على المرأة؟ هل السُنّة في أن يكون الإمام عند رأسها (كما تقوله الشيعة(١) )؟ أم عند وسطها أو عجيزتها (كما تقوله العامّة(١)

وهل السُنّة هي التسوية في الجنائز، أم التدرج فيها؟

بل مَن هو الأحق بالصلاة على الميت؟ هل السُنّة أن يصلّي عليها الإمام؟ أم أولياء الميت؟

إلى غيرها من الفروع الفقهية التي يمكن أن تُبحث ضمن هذه المسألة.

جاء فيمختصر تاريخ دمشق :

كانت في زيد وأُمّه سنّتان: ماتا في ساعة واحدة لم يُعرف أيّهما مات قبل الآخر، فلم يورث كلّ واحد منهما صاحبه، ووضعا معاً في موضع الجنائز، فأخّرت أُمّه وقدّم هو ممّا يلي الإمام، فجرت السُنّة في الرجل والمرأة بذلك بعد(٢) .

____________________

(١) انظر في ذلك وسائل الشيعة ٣: ٦١٨، الباب ٢٧.

(٢) صحيح البخاري ٢: ٩١ كتاب الجنائز باب أين يقوم من المرأة والرجل ح ١٢٤٢ وسُنن الترمذي ٢: ٢٤٩ أبواب الجنائز باب ٤٤.

(٣) تاريخ دمشق ١٩: ٤٨(٨) ٤٨٩، مختصر تاريخ دمشق ٩: ١٦١_ ١٦٢.

٩٨

أمّاالكلام عن الأمر الأوّل: وهل أنّ زيداً مات رجلاً أم غلاماً؟ فقد عرّف الخليل فيالعين (١) والصاحب بن عباد فيالمحيط (٢) وابن سيده فيالمحكم (٣) والأزهري فيالتهذيب (٤) : لغلام ب-"الطارّ الشارب ".

وفيالمصباح المنير للفيومي: الغلام: الابن الصغير، ويطلق على الرجل مجازاً باسم ما كان عليه، كما يقال للصغير: (شيخ)، مجازاً باسم ما يؤول إليه.

وقال الأزهري: وسمعت العرب تقول للمولود حين يولد ذكراً: "غلام" ، وسمعتهم يقولون للكهل: "غلام"، وهو فاش في كلامهم(٥) .

فالغلام حقيقة هو للابن الصغير، وقد يطلق على الشيخ مجازاً باسم ما يؤول إليه حسبما عرفت.

والآن نتساءل عن زيد بن عمر: هل مات صغيراً أم رجلاً؟

فإن قيل بموته صغيراً، فإنه سينافي ما دلّ على أنّه مات رجلاً.

ولو قلنا بأنّه مات رجلاً، فيعارض كونه مات صبيّاً طفلاً صغيراً.

وإليك بعض الكلام في أنّه مات رجلاً:

ذكر ابن حبيب (ت ٢٤٥) فيالمنّمق عند بيانه (حروب بني عدي بن كعب بن لؤي في الإسلام) دور زيد بن عمر في حلّ هذا النزاع، وأنّه

____________________

(١) العين، للخليل ٤: ٤٢٢، مادة: غلم.

(٢) المحيط في اللغة ٥: ٨٨.

(٣) لسان العرب ١٢: ٤٤٠ عن المحكم.

(٤) تهذيب اللغة ٨: ١٤١.

(٥) المصباح المنير: ٤٥٢.

٩٩

قد مات على أثر شجة أصابته في ظلمة الليل(١) .

وفيأسد الغابة : وكان زيد قد أصيب في حرب كانت بين بني عدي، خرج ليصلح بينهم، فضربه رجل منهم في الظلمة فشجّه وصرعه، فعاش أياماً ثمّ مات(٢) ، وقد رثاه عبد الله بن عامر شعراً(٣) .

وفيسير أعلام النبلاء : كان [ زيد ] من سادة أشراف قريش، توفّي شاباً ولم يعقّب.

وأضاف الذهبي: وكان ذلك في أوائل دولة معاوية(٤) .

وقال الزبير بن بكار: ضرب في حرب كانت بين عدي، في خلافة بعض بني أُميّة، فصرع وحمل فمات(٥) .

وصرحت بعض المصادر: بأنّه كان متزوجاً وله أولاد، أو مات بلا عقب:

ففي هامشتاريخ دمشق قال الزبير: وأما زيد بن عمر، فكان له ولد فانقرضوا(٦) .

____________________

(١) المنمّق: ٣٠٩ ٣٠١.

(٢) أسد الغابة ٥: ٦١٥، الإصابة ٨: ٤٦٥، ت ١٢٢٦٧.

(٣) أسد الغابة ٣: ١٩٠.

(٤) سير أعلام النبلاء ٣: ٥٠٢.

(٥) المغني ٢: ٤٢١، الشرح الكبير ٢: ٣٤٥.

(٦) تاريخ دمشق ١٩: ٤٨٤، المغني ٢: ٤٢١ وفيه: (كان رجلاً له أولاد).

١٠٠