بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 617
المشاهدات: 184861
تحميل: 6520


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184861 / تحميل: 6520
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 13

مؤلف:
العربية

و عنهعليه‌السلام أحب الاعمال إلى اللّه عز و جل الصلاة و هي آخر أوصياء الأنبياء و عنهعليه‌السلام إذا قام المصلّي إلى الصلاة نزلت عليه الرحمة من أعنان السماء إلى أعنان الأرض و حفّت به الملائكة ، و ناداه ملك لو يعلم هذا المصلّي ما في الصلاة ما انفتل .

« و ايتاء الزكاة فانها فريضة واجبة » روى فرض زكاة ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : ما فرض اللّه على هذه الأمة شيئا أشدّ عليهم من الزكاة ، و فيها تهلك عامتهم .

و روي منع زكاته عن أبي جعفرعليه‌السلام قال بينا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في المسجد إذ قال قم يا فلان و يا فلان حتى عد خمسة فقال أخرجوا من مسجدنا لا تصلّوا فيه و أنتم لا تزكون .

و عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام من منع قيراطا من الزكاة فليمت ان شاء يهوديا أو نصرانيا و عنهعليه‌السلام من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن و لا مسلم ، و هو قوله تعالى : .رب ارجعون لعلّي أعمل صالحاً فيما تركت .١ .

« و صوم شهر رمضان فانّه جنّة من العقاب » روى فضل صوم ( الكافي ) عن علي بن عبد العزيز قال قال لي أبو عبد اللّهعليه‌السلام : ألا أخبرك بأصل الاسلام و فرعه و ذروته و سنامه ؟ قلت : بلى ، قال : أصله الصلاة و فرعه الزكاة و ذروته و سنامه الجهاد في سبيل اللّه ، ألا أخبرك بأبواب الخير ان الصوم جنّة .

و عنهعليه‌السلام ان للّه تعالى في كلّ ليلة من شهر رمضان عتقاء و طلقاء من النار ، الا من أفطر على مسكر ، فاذا كان في آخر ليلة منه أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه .

« و حجّ البيت و اعتماره فانهما ينفيان الفقر و يرحضان » أي : يغسلان .

____________________

( ١ ) المؤمنون : ٩٩ ١٠٠ .

١٠١

« الذنب » فيزيلانه .

روى فضل حجّ ( الكافي ) و عمرته ، عن إسحاق بن عمار قلت لأبي عبد اللّهعليه‌السلام اني قد وطّنت نفسي على لزوم الحجّ كلّ عام بنفسي أو برجل من أهل بيتي بمالي فقال : و قد عزمت على ذلك ؟ قلت نعم قال : ان فعلت فايقن بكثرة المال .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يحالف الفقر و الحمى مدمن الحج و العمرة و عن الصادقعليه‌السلام تابعوا بين الحج و العمرة فانهما ينفيان الفقر و الذنوب ، كما ينفي الكير خبث الحديد .

و عنهعليه‌السلام الحجاج يصدرون على ثلاثة أصناف : صنف يعتق من النار ،

و صنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه ، و صنف يحفظ في أهله و ماله فذلك أدنى ما يرجع به الحاج .

« و صلة الرحم » .و اتقوا اللّه الذي تساءلون به و الارحام .١ .

« فانها » أي : الصلة .

« مثراة » أي : مكثرة .

« في المال و منساة » أي : مؤخرة .

« للأجل » و موجبة لطول العمر .

روى صلة أرحام ( الكافي ) عن أبي جعفرعليه‌السلام صلة الأرحام تزكي الأعمال ، و تنمي الأموال ، و تدفع البلوى ، و تيسر الحساب ، و تنسئى في الأجل .

و عن الرضاعليه‌السلام يكون الرجل يصل رحمه ، فيكون قد بقي من عمره ثلاث سنين فيصيرها اللّه ثلاثين و يفعل اللّه ما يشاء .

و عن الصادقعليه‌السلام صلة الرحم و حسن الجوار يعمّران الديار و يزيدان

____________________

( ١ ) النساء : ١ .

١٠٢

في الأعمار و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من سرّه النسأ في الأجل و الزيادة في الرزق فليصل رحمه و ان القوم ليكونون فجرة و لا يكونون بررة فيصلون أرحامهم فتنمى أموالهم و تطول أعمارهم فكيف إذا كانوا أبرارا بررة .

و عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله من سرّه أن يمد اللّه في عمره و ان يبسط له في رزقه ، فليصل رحمه فان الرحم لها لسان يوم القيامة ذلق يقول يا رب : صل من وصلني و اقطع من قطعني ، فالرجل ليرى بسبيل خير حتى إذا أتته الرحم التي قطعها فتهوى به إلى أسفل قعر في النار .

و عن الصادقعليه‌السلام صلة الرحم تهوّن الحساب يوم القيامة و هي منسائة في العمر و تقي مصارع السوء .

و عنهعليه‌السلام اني أحب أن يعلم اللّه اني قد أذللت رقبتي في رحمي و اني لابادر أهل بيتي أصلهم قبل أن يستغنوا عني .

و عنهعليه‌السلام وقع بينه و بين عبد اللّه بن الحسن كلام فافترقا فغداعليه‌السلام على باب عبد اللّه فخرج عبد اللّه إليهعليه‌السلام فقالعليه‌السلام له : اني تلوت آية من كتاب اللّه البارحة فأقلقتني قال و ما هي ؟ قال : قوله تعالى :و الذين يصلون ما أمر اللّه به أن يوصل و يخشون ربهم و يخافون سوء الحساب ١ .

قال صدقت و كاني لم أقرأ هذه الآية فاعتنقا و بكيا .

« و صدقة السرّ فانها تكفر الخطيئة » قال تعالى :ان تبدوا الصدقات فنعما هي و ان تخفوها و تؤتوها لفقراء فهو خير لكم . .٢ .

و روى صدقة سر ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صدقة السر تطفى‏ء غضب الرب .

____________________

( ١ ) الرعد : ٢١ .

( ٢ ) البقرة : ٢٧ .

١٠٣

« و صدقة العلانية فانها تدفع ميتة السوء » روى فضل صدقة ( الكافي ) عن الباقرعليه‌السلام البر و الصدقة ينفيان الفقر و يزيدان في العمر و يدفعان عن سبعين ميتة سوء .

و عن الصادقعليه‌السلام داووا مرضاكم بالصدقة و ادفعوا البلاء بالدعاء ،

و استنزلوا الرزق بالصدقة فانهاغ تفك من بين لحى سبعمائة شيطان كلّهم يأمره ألا يفعل .

و عن محمد بن عمر بن يزيد ، أخبرت الرضاعليه‌السلام اني أصبت بابنين و بقي لي بني صغير ، فقال : تصدّق عنه ثم قال : حين حضر قيامي مر الصبي فليتصدق بيده بالقبضة و الكسرة و الشي‏ء و ان قل .

« و صنايع المعروف فانها تقي مصارع الهوان » روى صنايع المعروف من ( الكافي ) عن الصادقينعليهما‌السلام انها تدفع مصارع السوء .

و روى فضل معروفه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أوّل من يدخل الجنة المعروف و أهله و أوّل من يرد على الحوض و عن الصادقعليه‌السلام اقيلوا لأهل المعروف عثراتهم فان كف اللّه تعالى عليهم هكذا و أومى‏ء بيده كأنّه يظل بها شيئا .

و روى ( باب كون أهل معروف الدنيا أهل معروف الآخرة ) من الكافي عن الصادقعليه‌السلام قال : ان للجنّة بابا يقال له المعروف ، لا يدخله إلاّ أهل المعروف ، و أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة و زاد في خبر آخر يقال لهم : ان ذنوبكم قد غفرت لكم فهبوا حسناتكم لمن شئتم .

« أفيضوا في ذكر اللّه » أي : اندفعوا فيه .

« فانه أحسن الذكر » روى ( باب ما يجب من ذكر الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام ما من مجلس يجتمع فيه أبرار أو فجّار فيقومون على غير ذكر اللّه تعالى إلا

١٠٤

كان عليهم حسرة يوم القيامة .

و عنهعليه‌السلام قال تعالى : يا ابن آدم اذكرني في ملئك أذكرني في ملأ خير من ملئك و عنهعليه‌السلام قال تعالى : من ذكرني في ملأ من الناس ذكرته في ملأ من الملائكة .

و روى في ( باب ذكره تعالى كثيرا ) عنهعليه‌السلام قال : ما من شي‏ء إلاّ و له حد ينتهي إليه إليه إلاّ الذكر فليس له حد إلى أن قال ثم تلا :يا أيها الذين آمنوا اذكروا اللّه ذكراً كثيراً و سبّحوه بكرة و أصيلا ١ قال ابن القداح : لقد كنت أمشي معهعليه‌السلام و انّه ليذكر اللّه و آكل معه الطعام و انّه ليذكر اللّه و لقد كان يحدث القوم و ما يشغله ذلك عن ذكر اللّه و كنت أرى لسانه لازقا بحنكه يقول :

لا إله إلاّ اللّه و كان يجمعنا و يأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس و من كان لا يقرأ منّا أمره بالذكر و من يقرأ يأمره بالقرأة و قال : البيت الذي يقرأ فيه القرآن و يذكر اللّه تعالى فيه تكثر بركته ، و تحضره الملائكة ، و تهجره الشياطين و يضي‏ء لأهل السماء كما يضي‏ء الكوكب الدري لأهل الأرض و البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن و لا يذكر اللّه تعالى فيه تقلّ بركته و تهجره الملائكة ، و تحضره الشياطين و قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا أخبركم بخير أعمالكم ، و أرفعها ، في درجاتكم ، و أزكاها عند مليككم ؟ قالوا بلى قال : ذكر اللّه تعالى .

و عنهعليه‌السلام جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : من خير أهل المسجد ؟ فقال أكثرهم ذاكرا للّه و قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أكثر ذكر اللّه أحبّه اللّه و من ذكر اللّه كثيرا كتبت له برائتان : براءة من النار و براءة من النفاق .

و عنهعليه‌السلام يموت المؤمن بكلّ ميتة إلاّ الصاعقة لا تأخذه و هو يذكر اللّه تعالى .

____________________

( ١ ) الاحزاب : ٤١ ٤٢ .

١٠٥

و عنهعليه‌السلام يقول تعالى : من شغل بذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي من سألني و عنهعليه‌السلام قال : من ذكرني سرّا ذكرته علانية و قال في قوله تعالىو اذكر ربك في نفسك تضرّعا و خفية . .١ فلا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس الرجل غيره تعالى .

و عنهعليه‌السلام الذاكر للّه تعالى في الغافلين كالمقاتل في الهاربين .

« و ارغبوا في ما وعد اللّه المتقين »من الثواب تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا ٢ يوم نحشر المتقين إلى الرحمن و فداً ٣ و ان منكم إلاّ واردها كان على ربك حتماً مقضياً ثم ننجي الذين اتقوا و نذر الظالمين فيها جثياً ٤ .

« فانّه » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( فان وعده ) كما في ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية .

« أصدق الوعد » .و من أصدق من اللّه قليلا ٥ .و من أو في بعهده من اللّه .٦ .

« و اقتدوا بهدى » بالفتح فالسكون أي : سيرة .

« نبيّكم فانّه أفضل الهدى » و رووا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( و اهدوا هدى عمّار ) .

« و استنوا بسنته » .و لكم في رسول اللّه اسوة حسنة .٧ .

____________________

( ١ ) الاعراف : ٢٠٥ .

( ٢ ) مريم : ٦٣ .

( ٣ ) مريم : ٨٥ .

( ٤ ) مريم : ٧١ ٧٢ .

( ٥ ) النساء : ١٢٢ .

( ٦ ) التوبة : ١١١ .

( ٧ ) الاحزاب : ٢١ .

١٠٦

« فانّه » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( فانها ) كما في ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية .

« أهدى السنن »و ما ينطق عن الهوى ان هو إلاّ وحي يوحى ١ .ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا .٢ .

« و تعلّموا القرآن فانّه أحسن الحديث » روى : ( فضل حامل قرآن الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : تعلّموا القرآن إلى أن قال فيؤتى يوم القيامة بتاج فيوضع على رأسه و يعطى الأمان بيمينه ، و الخلد في الجنان بيساره ،

و يكسى حلتين ثم يقال له أقرأ و ارق ، فكلّما قرأ آية صعد درجة ، و يكسى أبواه حلتين ان كانا مؤمنين ، ثم يقال لهما هذا بما علمتماه القرآن .

« و تفقهوا فيه ، فانّه ربيع القلوب » و ذم تعالى أقواما لا يتدبرون فيه فقال :

أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ٣ .

و روى فضل قرآن ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام ، قال : ان هذا القرآن فيه منار الهدى ، و مصابيح الدجى ، فليجل جال بصره ، و يفتح للضياء نظره ، فان التفكّر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور .

« و استشفعوا بنوره فانّه شفاء الصدور » من أمراض الأخلاق الرذيلة ،

و من الأمراض الظاهرية و الباطنية .

و في ( الكافي ) عنهعليه‌السلام شكا رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعا في صدره ، فقال استشف بالقرآن فانّه تعالى يقول : .و شفاء لمّا في الصدور ٤ .

____________________

( ١ ) النجم : ٣ ٤ .

( ٢ ) الحشر : ٧ .

( ٣ ) محمد : ٢٤ .

( ٤ ) يونس : ٥٧ .

١٠٧

« و احسنوا تلاوته فانّه أنفع القصص » للبشر أما أنفعيته قصصا فروى ( قراءة قرآن الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام القرآن عهد اللّه إلى خلقه ، فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده ، و ان يقرأ منه في كلّ يوم خمسين آية .

و ( عن السّجادعليه‌السلام : آيات القرآن خزائن فكلما فتحت خزانة ينبغي لك أن تنظر ما فيها ) و أما احسان تلاوته فروي في ترتيله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اقرأوا القرآن بألحان العرب و أصواتها ، و اياكم و لحون أهل الفسق و أهل الكبائر فانّه سيجي‏ء بعدي أقوام يرجّعون القرآن ترجيع الغنا و النوح و الرهبانية لا يجوز تراقيهم ، قلوبهم مقلوبة ، و قلوب من يعجبه شأنهم .

و عن الصادقعليه‌السلام ان القرآن نزل بالحزن فاقرأؤه بالحزن و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لكلّ شي‏ء حلية و حلية القرآن الصوت الحسن .

« فان العالم العامل بغير علمه » في رواية المصنف سقط لقلّة ربطه بما قبله و قد عرفت ان ( الكافي ) رواه « إذا علمتم فاعملوا بما علمتم لعلّكم تهتدون ان العالم » الخ و كذا ( التحف ) كما مر .

و كيف كان فروى استعمال علم ( الكافي ) عن الفضل ، قال : قلت للصادقعليه‌السلام بم يعرف الناجي ؟ قال : من كان فعله لقوله موافقا فاثبت له الشهادة و من لم يكن فعله لقوله موافقا فانما ذلك مستودع .

و عن هاشم بن البريد ، قال : جاء رجل إلى علي بن الحسينعليه‌السلام فسأله عن مسائل فأجاب ثم عاد ليسأل عن مثلها فقالعليه‌السلام : مكتوب في الانجيل ، لا تطلبوا علم ما لا تعلمون ، و لمّا تعملوا بما علمتم فان العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلاّ كفرا و لم يزدد من اللّه إلاّ بعدا .

و عن الصادقعليه‌السلام ان العالم إذا لم يعمل بعلمه زلّت موعظته عن القلوب كما يزلّ المطر عن الصفا .

١٠٨

« كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق » يقال : أفاق المجنون و استفاق إذا رجع إليه عقله من جهله ، فيكون كالمجنون الاطباقي لا الادواري .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام العامل على غير بصيرة كالسائر على غير طريق لا يزيده سرعة السير إلاّ بعدا .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر ممّا يصلح .

« بل الحجّة عليه أعظم » من الجاهل .

« و الحسرة له ألزم » منه .

« و هو عند اللّه ألوم » أي : أحق باللوم منه .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد و قال عيسىعليه‌السلام : ويل للعلماء السوء كيف تلظى عليهم النار .

و عنهعليه‌السلام إذا بلغت النفس ههنا و أشار بيده إلى حلقه لم يكن للعالم توبة ثم قرء انما التوبة على اللّه للذين يعملون السوء بجهالة .١ .

٢ في الخطبة ( ١ ) منها في ذكر الحج :

وَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ اَلْحَرَامِ اَلَّذِي جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلْأَنَامِ اَلَّذِي يَرِدُونَهُ وُرُودَ اَلْأَنْعَامِ وَ يَأْلَهُونَ إِلَيْهِ وُلُوهَ اَلْحَمَامِ جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلاَمَةً لِتَوَاضُعِهِمْ لِعَظَمَتِهِ وَ إِذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِهِ وَ اِخْتَارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمَّاعاً أَجَابُوا إِلَيْهِ دَعْوَتَهُ وَ صَدَّقُوا كَلِمَتَهُ وَ وَقَفُوا مَوَاقِفَ أَنْبِيَائِهِ وَ تَشَبَّهُوا بِمَلاَئِكَتِهِ اَلْمُطِيفِينَ بِعَرْشِهِ يُحْرِزُونَ اَلْأَرْبَاحَ فِي مَتْجَرِ عِبَادَتِهِ وَ يَتَبَادَرُونَ عِنْدَهُ

____________________

( ١ ) النساء : ١٧ .

١٠٩

مَوْعِدَ مَغْفِرَتِهِ جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى لِلْإِسْلاَمِ عَلَماً وَ لِلْعَائِذِينَ حَرَماً فَرَضَ حَقَّهُ وَ أَوْجَبَ حَجَّهُ وَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ وِفَادَتَهُ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ لِلَّهِ عَلَى اَلنَّاسِ حِجُّ ؟ اَلْبَيْتِ ؟مَنِ اِسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اَللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ اَلْعالَمِينَ ١١ ٢٨ ٣ : ٩٧ ١ « و فرض عليكم حجّ بيته الحرام » في ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم فتح مكّة ان اللّه حرّم مكة يوم خلق السماوات و الأرض ، و هي حرام إلى أن تقوم الساعة لم تحل لأحد قبلي و لا تحل لأحد بعدي ، و لم تحل لي إلاّ ساعة من نهار .

« و الذي جعله قبلة للأنام » روى ( ابتلاء خلق الناس بالكعبة ) من ( الكافي ) ( عن عيسى بن يونس قال : كان ابن أبي العوجاء من تلامذة الحسن البصري فانحرف عن التوحيد ، فقيل له تركت مذهب صاحبك و دخلت في ما لا أصل له و لا حقيقة فقال : ان صاحبي كان مخلطا كان يقول طورا بالقدر و طورا بالجبر و ما أعلمه أعتقد مذهبا دام عليه فقدم مكة متمردا و انكارا على من يحجّ و كان يكره العلماء مجالسته لخبث لسانه و فساد ضميره فأتى أبا عبد اللّهعليه‌السلام فجلس إليه في جماعة من نظرائه فقال : يا أبا عبد اللّه ، ان المجالس بالأمانات ، و لا بد لكل من به سعال أن يسعل أفتأذن لي في الكلام .

فقال تكلّم فقال : « إلى كم تدوسون بهذا البيدر و تلوذون بهذا الحجر ،

و تعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب و المدر ، و تهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر ان من فكر في هذا و قدر علم ان هذا فعل أسسه غير حكيم و لاذي نظر ،

فقل فانك رأس هذا الأمر و سنامه ، و أبوك أسه و تمامه ) فقالعليه‌السلام : ان من أضلّه اللّه و أعمى قلبه ، و استوخم الحق و لم يستعذ به فصار الشيطان وليه و ربه ،

يورده مناهل الهلكة ثم لا يصدره ، و هذا بيت استعبد اللّه به خلقه ليختبر

____________________

( ١ ) آل عمران : ٩٧ .

١١٠

طاعتهم في إتيانه ، فحثهم على تعظيمه و زيارته و جعله محل أنبيائه و قبلة للمصلين إليه فهو شعبة من رضوانه ، و طريق يؤدي إلى غفرانه ، منصوب على استواء الكمال و مجمع العظمة و الجلال ، خلقه اللّه قبل دحول الأرض بالفي عام ، و أحق من أطيع في ما أمر ، و انتهى عمّا نهى عنه و زجر ، اللّه الذي منشى الأرواح و الصور .

« الذي يردونه ورود الأنعام » لشربها .

و في ابتداء ( كعبة الفقيه ) ، روى أن الكعبة شكت إلى اللّه تعالى في الفترة بين عيسى و محمّد صلوات اللّه عليهما قلّة زوارها ، فأوحى إليها اني منزل نورا جديدا على قوم يحنّون إليك كما تحن الأنعام إلى أولادها ، و يزفون إليك كما تزف النسوان إلى أزواجها يعني أمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و لنعم ما قيل بالفارسية :

هو اى كعبه چنان ميكشاندم بنشاط

كه خارهاى مغيلان حرير ميايد

« و يالهون إليه ولوه الحمام » قالوا و من طبع الحمام انّه يطلب و كره و لو أرسل من ألف فرسخ و ربما اصطيد و غاب عن وطنه عشر حجج فأكثر ، ثم هو على ثبات عقله حتى يجد فرصة فيطير إلى وطنه .

هذا ، و بدل حد ( يألهون ) بقوله ( يولهون ) و قال : و من روى ( يألهون ) أي يعكفون عليه عكوف الحمام ( اله إليه ) أي عكف عليه كأنّه يعبده ، و لا يجوز أن يكون ( يالهون ) بمعنى ( يولهون ) بكون أصل الهمزة واوا كما قال الراوندي لأن ( فعولا ) لا يجوز أن يكون مصدر ( فعلت ) بالكسر ، و لو كان ( يالهون ) ( يولهون ) كان أصله بالكسر و أما على ما فسرناه فلا يمنع أن يكون ( الولوه ) مصدرا لأن ( اله ) مفتوح فصار كقولك ( دخل دخولا ) .

قلت اما ما قاله من ان معنى ( يألهون إليه ) أي يعكفون عليه فغلط لفظا و معنى ، أما لفظا ، فلأنّه لم يقل أحد ان معنى ( اله ) عكف بل عبد ، فان قال قلته

١١١

كناية يمنعه ( إليه ) فلو كان ( عليه ) كان له وجه ، و أما معنى فلأن الناس لا يعكفون في مكة و انما يشتاقون إلى زيارتها اشتياق الحمام إلى و كرها و اما ما قاله من ان ( فعولا ) لا يكون مصدر ( فعل ) بالكسر و ( و له ) بالكسر فليس كليا بل إذا كان مضارعه يفعل بالفتح .

و اما إذا كان يفعل بالكسر فيجوز كما في قولك ( وثق وثوقا ) و قد قال القاموس ( و له ) مثل ( ورث ) و ( وجل ) و ( وعد ) و اما ما قاله من انّه إذا كان ( يألهون ) مهموز الأصل فيجوز ان يكون مصدره و لوها لأن ( اله ) مفتوح فيكون مثل دخل دخولا ففيه ان مصادر المجرد ليست بقياسية و لم ينقل في اللغة كون مصدر ( اله ) ( الوها ) بل ( الاهه ) و ( الوهه ) .

ثم ان غير ابن أبي الحديد من الراوندي الذي كان أول شارح ( للنهج ) و ابن ميثم الذي كان نسخته من النهج بخط المصدق و غيرهما نقله ( و يالهون إليه ) و هو صحيح كما فسّره القاموس فقال ( اله ) كفرح تحير و ( على فلان ) اشتد جزعه عليه و ( إليه ) فزع و لاذ .

« جعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته و اذعانهم » أي : اقرارهم .

« لعزته » في ( العلل ) عن الرضاعليه‌السلام علّة الحج الوفادة إلى اللّه تعالى ،

و طلب الزيادة و الخروج من كل ما اقترف ليكون تائبا ممّا مضى ، مستأنفا لمّا يستقبل ، و ما فيه من استخراج الأموال و تعب الأبدان ، و حظرها عن الشهوات و اللذات و التقرّب و الخضوع و الاستكانة و الذل شاخصا في الحر و البرد ،

و الأمن و الخوف ، دائبا في ذلك دائما و في ذلك لجميع الخلق من المنافع ،

و الرغبة و الرهبة إلى اللّه تعالى و منه ترك قساوة القلب و خساسة الأنفس ،

و نسيان الذكر ، و انقطاع الرجاء و الأمل ، و تجديد الحقوق ، و حظر الأنفس عن الفساد ، و منفعة من في المشرق و المغرب ، و من في البر و البحر ممّن يحجّ

١١٢

و من لا يحجّ من تاجر و جالب و بائع و مشتر و كاتب و مسكين ، و قضاء حوائج أهل الأطراف و المواضع الممكن لهم الاجتماع فيها كذلك ليشهدوا منافع لهم عليه و فرض الحج مرة واحدة لأنّه تعالى وضع الفرائض على أدنى القوم قوّة ثم رغب أهل القوة على قدر طاعتهم .

« و اختار من خلقه سمّاعا » لأمره تعالى .

« أجابوا إليه دعوته و صدقوا كلمته » في ( البرهان ) قال القمي : لمّا فرغ إبراهيم من بناء البيت أمره اللّه أن يؤذن في الناس بالحج فقال : يا رب و ما يبلغ صوتي ؟ فقال تعالى : عليك الاذان و عليّ البلاغ فارتفع على المقام و هو يومئذ يلصق البيت فارتفع به المقام حتى كانّه أطول من الجبال فنادى و ادخل اصبعه في اذنه و أقبل بوجهه شرقا و غربا يقول : أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فاجيبوا ربكم فأجابه من تحت البحور السبع ، و من بين المشرق و المغرب إلى منقطع التراب من أطراف الأرض كلّها و من في أصلاب الرجال و أرحام النساء بالتلبية « لبيك اللّهم لبيك » فمن حجّ من يومئذ إلى يوم القيامة فهم ممّن استجاب للّه و ذلك قوله :فيه آيات بينات مقام إبراهيم . .١ يعني نداء إبراهيم على المقام بالحج .

« و وقفوا مواقف أنبيائه » روى ( الفقيه ) في باب حج الأنبياء ( عن أبي جعفرعليه‌السلام أتى آدمعليه‌السلام هذا البيت الفا على قدميه منها سبعمائة حجّة و ثلاثمائة عمرة و كان يأتيه من ناحية الشام ) .

و روى ان سفينة نوح كان طولها ألفا و مأتي ذراع و عرضها مائة ذراع ،

و طولها في السماء ثمانين ذراعا فركب فيها فطافت بالبيت سبعة أشواط ،

وسعت بين الصفا و المروة سبعا ثم استوت على الجودي .

____________________

( ١ ) آل عمران : ٩٧ .

١١٣

و روي ان موسىعليه‌السلام أحرم من رملة مصر و انّه مر في سبعين نبيا على صفائح الروحاء عليهم العباء القطوانية يقول : لبيك ، عبدك ابن عبيدك لبيك و ان يونس بن متى مر بصفائح الروحاء و هو يقول : ( لبيك كشاف الكرب العظام لبيك ) .

و روي ان عيسى بن مريمعليه‌السلام مر بصفائح الروحاء و هو يقول : لبيك عبدك ابن امتك لبيك و روى ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مرّ بصفائح الروحاء و هو يقول :

( لبيك ذا المعارج لبيك ) و ان موسىعليه‌السلام كان يلبّي و تجيبه الجبال .

و روي ان سليمانعليه‌السلام قد حج في الجن و الإنس و الطير و الرياح و كسى البيت القباطي .

و روي ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و سلّم حجّ عشرين حجّة مستسرا و اعتمر تسع عمر و لم يحجّ حجّة الوداع إلاّ و قبلها حجّ .

و روى ( الكافي ) عن أبي جعفرعليه‌السلام قال صلّى في مسجد الخيف سبعمائة نبي و ان بين الركن و المقام لمشحون من قبور الأنبياء ، و ان آدم لفي حرم اللّه تعالى .

و عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام قال : حيال الميزان مصلّى شبّر و شبيرا ابني هارون .

« و تشبّهوا بملائكة المطيفين بعرشه » روى ( العلل ) عن الرضاعليه‌السلام ان علّة الطواف بالبيت ان اللّه تعالى لمّا قال للملائكة : .اني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء .١ فردوا على اللّه تعالى بهذا الجواب ، فعلموا انّهم أذنبوا فندموا فلاذوا بالعرش و استغفروا فأحب اللّه تعالى أن يتعبد بمثل ذلك العباد فوضع في السماء الرابعة بيتا بحذاء العرش

____________________

( ١ ) البقرة : ٣٠ .

١١٤

يسمى الضراح ثم وضع في السماء الدنيا بيتا يسمى البيت المعمور بحذاء الضراح ، ثم وضع البيت بحذاء البيت المعمور ، ثم أمر آدمعليه‌السلام فطاف به فتاب اللّه عليه و جرى ذلك في ولده إلى يوم القيامة .

بل ورد ان الملائكة طافوا بالكعبة أيضا كالعرش ففي ( الفقيه ) عن الصادقعليه‌السلام لمّا أفاض آدم من منى تلقته الملائكة بالأبطح فقالوا يا آدم بر حجّك ، أما انا قد حججنا هذا البيت قبل أن تحجّه بالفي عام .

« يحرزون الارباح في متجر عبادته » روى ( العلل ) عن هشام بن الحكم قال :

سألت أبا عبد اللّهعليه‌السلام ما العلّة في تكليف الحج ؟ فقالعليه‌السلام ان اللّه تعالى خلق الخلق لا لعلّة انّه شاء ففعل فجعلهم إلى وقت مؤجل و أمرهم و نهاهم ما يكون من أمر الطاعة في الدين ، و مصلحتهم في أمر دنياهم ، فجعل فيه الاجتماع من المشرق و المغرب ليتعارفوا ، و لينزع كلّ قوم من التجارات من بلد إلى بلد ،

و لينتفع بذلك المكاري و الجمّال و لتعرف آثار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و يعرف أخباره ،

و يذكر و لا ينسى ، و لو كان كلّ قوم انما يتكلّمون على بلادهم و ما فيها هلكوا ،

و خربت البلاد و سقط الجلب و الأرباح و عميت الأخبار .

« و يتبادرون عند موعد » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( عنده موعد ) كما في ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية .

« مغفرته »و سارعوا إلى مغفرة من ربكم و جنّة عرضها السماوات و الأرض اعدت للمتقين ١ .

و في ( العلل ) عن الصادقعليه‌السلام مر عمر على الحجر الأسود فقال : يا حجر انّا لنعلم انك حجر لا تضر و لا تنفع إلاّ انّا رأينا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يحبك فنحن نحبك فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : كيف قلت يا ابن الخطاب فو اللّه ليبعثه اللّه يوم

____________________

( ١ ) آل عمران : ١٣٣ .

١١٥

القيامة و له لسان و شفتان فيشهد لمن و افاه و هو يمين اللّه في أرضه يبايع بها خلقه ، فقال عمر : لا أبقاني في بلده لا يكون فيه علي بن أبي طالب .

« جعله سبحانه و تعالى » هكذا في ( المصرية ) ، و كلمة ( و تعالى ) زائدة لخلو ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية عنها .

« للاسلام علما » في ( الفقيه ) عن الصادقعليه‌السلام ( لا يزال الدين قائما ما قامت الكعبة و في خبر ما خلق اللّه تعالى بقعة في الأرض أحب إليه من الكعبة و لا أكرم عليه منها لها حرّم اللّه الأشهر في كتابه يوم خلق السماوات و الأرض ) .

« و للعائذين حرما » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى :

و من دخله كان آمنا .١ من دخل الحرم من الناس مستجيرا به فهو آمن من سخط اللّه تعالى ، و من دخله من الوحش و الطير كان آمنا من ان يهاج أو يؤذى حتى يخرج من الحرم .

و عنهعليه‌السلام إذا أحدث العبد جناية في غير الحرم ثم فرّ إلى الحرم لم يسغ لأحد أن يأخذه في الحرم ، و لكن يمنع من السوق و لا يبايع و لا يطعم و لا يسقى و لا يكلم ، فانّه إذا فعل به ذلك يوشك أن يخرج فيؤخذ فاذا جنى في الحرم جناية اقيم عليه الحد لأنّه لم يرع للحرم حرمة .

و عنهعليه‌السلام في شجرة أصلها في الحل ، و فرعها في الحرم حرم اصلها لمكان فرعها و في شجرة أصلها في الحرم و فرعها في الحل حرم فرعها لمكان أصلها .

و عنهعليه‌السلام ان بنى الرجل المنزل و الشجرة فيه فليس له ان يقلعها و ان كانت نبتت في منزله و هو له فيقلعها .

و عنهعليه‌السلام و قد قيل له ان سبعا من سباع الطير على الكعبة ليس يمر به

____________________

( ١ ) آل عمران : ٩٧ .

١١٦

شي‏ء من حمام الحرم إلاّ ضربه انصبوا له و اقتلوه فانّه قد الحد .

و عن الباقرعليه‌السلام في رجل أهدى له حمامة في الحرم مقصوصة أعلفها حتى إذا استوى ريشها خلّى سبيلها .

هذا ، و في ( الدميري ) انتهى قوم إلى ذي طوى و نزلوا بها فاذا ظبي من ظباء الحرم قد دنا منهم فأخذ رجل بقائمة من قوائمه فقال له أصحابه : ويلك ارسله فجعل يضحك و أبى ان يرسله فنعر الظبي و بال ثم أرسله فناموا في القائلة فانتبه بعضهم و إذا بحيّة منطوية على بطن الرجل الذي أخذ الظبي فقال له أصحابه : و يلك لا تتحرّك ، فلم تنزل الحية عنه حتى كان منه من الحدث ما كان من الظبي١ .

هذا ، و كان ابن الزبير لمّا ذهب إلى مكة سمّى نفسه عائذ البيت و كان قد حبس محمد بن الحنفية في السجن المعروف بسجن عارم فقال كثير الشاعر مخاطبا لابن الزبير :

تخبّر من لا قيت انك عائذ

بل العائذ المظلوم في سجن عارم

و قال أبو حزة مولى الزبير :

فيا راكبا أما عرضت فبلغن

كبير بني العوام ان قيل من تعني

تخبر من لا قيت انك عائذ

و تكثر قتلا بين زمزم و الركن

« فرض حجّة » قال أبو جعفرعليه‌السلام : بنى الاسلام على خمسة أشياء على الصلاة و الزكاة و الحج الخبر .

« و أوجب حقه » في رواية ( حقوق الفقيه ) عن السجادعليه‌السلام و حق الحج أن تعلم انّه وفادة إلى ربك ، و فرار إليه من ذنوبك ، و فيه قبول توبتك و قضاء الفرض الذي أوجبه اللّه تعالى عليك .

____________________

( ١ ) حياة الحيوان الكبرى للدميري ٢ : ٩ مصطفى الحلبي ، القاهرة .

١١٧

« و كتب عليكم وفادته » أي :الورود عليه تعالى و اذن في الناس بالحجّ يأتوك رجالا و على كلّ ضامر يأتين من كلّ فجّ عميق ١ .

« فقال سبحانه » في ( ٩٧ ) آل عمران .

و للّه على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا و من كفر فان اللّه غني عن العالمين ٢ و قبله ان أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا و هدى للعالمين فيه آيات بيّنات مقام إبراهيم و من دخله كان آمناً . .٣ و قال عز من قائل و أتموا الحجّ و العمرة للّه . .٤ .

٣ في الخطبة القاصعة ( ١٨٧ )

وَ كُلَّمَا كَانَتِ اَلْبَلْوَى وَ اَلاِخْتِبَارُ أَعْظَمَ كَانَتِ اَلْمَثُوبَةُ وَ اَلْجَزَاءُ أَجْزَلَ أَ لاَ تَرَوْنَ أَنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ اِخْتَبَرَ اَلْأَوَّلِينَ مِنْ لَدُنْ ؟ آدَمَ ص ؟

إِلَى اَلْآخِرِينَ مِنْ هَذَا اَلْعَالَمِ بِأَحْجَارٍ لاَ تَضُرُّ وَ لاَ تَنْفَعُ وَ لاَ تَسْمَعُ وَ لاَ تُبْصِرُ فَجَعَلَهَا بَيْتَهُ اَلْحَرَامَ اَلَّذِي جَعَلَهُ لِلنَّاسِ قِيَاماً ثُمَّ وَضَعَهُ بِأَوْعَرِ بِقَاعِ اَلْأَرْضِ حَجَراً وَ أَقَلِّ نَتَائِقِ اَلدُّنْيَا مَدَراً وَ أَضْيَقِ بُطُونِ اَلْأَوْدِيَةِ قُطْراً بَيْنَ جِبَالٍ خَشِنَةٍ وَ رِمَالٍ دَمِثَةٍ وَ عُيُونٍ وَشِلَةٍ وَ قُرًى مُنْقَطِعَةٍ لاَ يَزْكُو بِهَا خُفٌّ وَ لاَ حَافِرٌ وَ لاَ ظِلْفٌ ثُمَّ أَمَرَ ؟ آدَمَ ع ؟

وَ وَلَدَهُ أَنْ يَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ نَحْوَهُ فَصَارَ مَثَابَةً لِمُنْتَجَعِ أَسْفَارِهِمْ وَ غَايَةً لِمُلْقَى رِحَالِهِمْ تَهْوِي إِلَيْهِ ثِمَارُ اَلْأَفْئِدَةِ مِنْ مَفَاوِزِ قِفَارٍ سَحِيقَةٍ وَ مَهَاوِي فِجَاجٍ عَمِيقَةٍ وَ جَزَائِرِ بِحَارٍ مُنْقَطِعَةٍ حَتَّى يَهُزُّوا مَنَاكِبَهُمْ ذُلُلاً

____________________

( ١ ) الحج : ٢٧ .

( ٢ ) آل عمران : ٩٧ .

( ٣ ) آل عمران : ٩٦ ٩٧ .

( ٤ ) البقرة : ١٩٧ .

١١٨

يُهَلِّلُونَ لِلَّهِ حَوْلَهُ وَ يَرْمُلُونَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ شُعْثاً غُبْراً لَهُ قَدْ نَبَذُوا اَلسَّرَابِيلَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَ شَوَّهُوا بِإِعْفَاءِ اَلشُّعُورِ مَحَاسِنَ خَلْقِهِمُ اِبْتِلاَءً عَظِيماً وَ اِمْتِحَاناً شَدِيداً وَ اِخْتِبَاراً مُبِيناً وَ تَمْحِيصاً بَلِيغاً جَعَلَهُ اَللَّهُ سَبَباً لِرَحْمَتِهِ وَ وُصْلَةً إِلَى جَنَّتِهِ وَ لَوْ أَرَادَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَضَعَ بَيْتَهُ اَلْحَرَامَ وَ مَشَاعِرَهُ اَلْعِظَامَ بَيْنَ جَنَّاتٍ وَ أَنْهَارٍ وَ سَهْلٍ وَ قَرَارٍ جَمَّ اَلْأَشْجَارِ دَانِيَ اَلثِّمَارِ مُلْتَفَّ اَلْبُنَى مُتَّصِلَ اَلْقُرَى بَيْنَ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ وَ رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ وَ أَرْيَافٍ مُحْدِقَةٍ وَ عِرَاصٍ مُغْدِقَةٍ وَ رِيَاضٍ نَاضِرَةٍ وَ طُرُقٍ عَامِرَةٍ لَكَانَ قَدْ صَغُرَ قَدْرُ اَلْجَزَاءِ عَلَى حَسَبِ ضَعْفِ اَلْبَلاَءِ وَ لَوْ كَانَ اَلْأَسَاسُ اَلْمَحْمُولُ عَلَيْهَا وَ اَلْأَحْجَارُ اَلْمَرْفُوعُ بِهَا بَيْنَ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ وَ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ وَ نُورٍ وَ ضِيَاءٍ لَخَفَّفَ ذَلِكَ مُصَارَعَةَ اَلشَّكِّ فِي اَلصُّدُورِ وَ لَوَضَعَ مُجَاهَدَةَ ؟ إِبْلِيسَ ؟ عَنِ اَلْقُلُوبِ وَ لَنَفَى مُعْتَلَجَ اَلرَّيْبِ مِنَ اَلنَّاسِ وَ لَكِنَّ اَللَّهَ يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ بِأَنْوَاعِ اَلشَّدَائِدِ وَ يَتَعَبَّدُهُمْ بِأَنْوَاعِ اَلْمَجَاهِدِ وَ يَبْتَلِيهِمْ بِضُرُوبِ اَلْمَكَارِهِ إِخْرَاجاً لِلتَّكَبُّرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَ إِسْكَاناً لِلتَّذَلُّلِ فِي نُفُوسِهِمْ وَ لِيَجْعَلَ ذَلِكَ أَبْوَاباً فُتُحاً إِلَى فَضْلِهِ وَ أَسْبَاباً ذُلُلاً لِعَفْوِهِ فَاللَّهَ اَللَّهَ فِي عَاجِلِ اَلْبَغْيِ وَ آجِلِ وَخَامَةِ اَلظُّلْمِ وَ سُوءِ عَاقِبَةِ اَلْكِبْرِ فَإِنَّهَا مَصْيَدَةُ ؟ إِبْلِيسَ ؟ اَلْعُظْمَى وَ مَكِيدَتُهُ اَلْكُبْرَى اَلَّتِي تُسَاوِرُ قُلُوبَ اَلرِّجَالِ مُسَاوَرَةَ اَلسُّمُومِ اَلْقَاتِلَةِ فَمَا تُكْدِي أَبَداً وَ لاَ تُشْوِي أَحَداً لاَ عَالِماً لِعِلْمِهِ وَ لاَ مُقِلاًّ فِي طِمْرِهِ وَ عَنْ ذَلِكَ مَا حَرَسَ اَللَّهُ عِبَادَهُ اَلْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَوَاتِ وَ اَلزَّكَوَاتِ وَ مُجَاهَدَةِ اَلصِّيَامِ فِي اَلْأَيَّامِ اَلْمَفْرُوضَاتِ تَسْكِيناً لِأَطْرَافِهِمْ وَ تَخْشِيعاً لِأَبْصَارِهِمْ وَ تَذْلِيلاً لِنُفُوسِهِمْ وَ تَخْفِيضاً لِقُلُوبِهِمْ وَ إِذْهَاباً لِلْخُيَلاَءِ عَنْهُمْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْفِيرِ عِتَاقِ اَلْوُجُوهِ بِالتُّرَابِ تَوَاضُعاً وَ اِلْتِصَاقِ كَرَائِمِ اَلْجَوَارِحِ

١١٩

بِالْأَرْضِ تَصَاغُراً وَ لُحُوقِ اَلْبُطُونِ بِالْمُتُونِ مِنَ اَلصِّيَامِ تَذَلُّلاً مَعَ مَا فِي اَلزَّكَاةِ مِنْ صَرْفِ ثَمَرَاتِ اَلْأَرْضِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ إِلَى أَهْلِ اَلْمَسْكَنَةِ وَ اَلْفَقْرِ اُنْظُرُوا إِلَى مَا فِي هَذِهِ اَلْأَفْعَالِ مِنْ قَمْعِ نَوَاجِمِ اَلْفَخْرِ وَ قَدْعِ طَوَالِعِ اَلْكِبْرِ الخطبة ( ١٨٧ ) في ( المصرية ) و ان جعلت في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) في موضع ( ٢٣٤ ) من ( المصرية ) .

أقول رواه ( ابتلاء الخلق و اختبارهم بالكعبة ) من ( الكافي ) مع اختلاف يسير إلى قوله ( فاللّه اللّه ) .

« و كلّما كانت البلوى » أي : الابتلاء .

« و الاختبار » أي : الامتحان .

« أعظم كانت المثوبة و الجزاء » على العمل .

« أجزل » أي : أكثر و في ( الجمهرة ) الجزل ما عظم من الخطب ثم كثر ذلك ،

حتى صار كلّ ما كنز جزلا و قالوا أعطاه عطاء جزلا .

و قد اختبر اللّه تعالى خليله إبراهيمعليه‌السلام بذبح ابنه إسماعيلعليه‌السلام و يكفي في عظمه انّه تعالى و صفه بالبلاء المبين ، فامتثل فأجزل له العطاء بإعطائه إسحاق أبي أنبياء بني إسرائيل ، و رفع له الدرجات فوق كلّ نبي غير نبينا و في سورة الصافات :فلمّا بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام اني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء اللّه من الصابرين فلمّا اسلما و تله للجبين و ناديناه أَنْ يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنّا كذلك نجزي المحسنين ١ إنّه من عبادنا المؤمنين و بشّرناه

____________________

( ١ ) الصافات : ١٠٢ ١٠٥ .

١٢٠