بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 617
المشاهدات: 184869
تحميل: 6520


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184869 / تحميل: 6520
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 13

مؤلف:
العربية

القيامة . . ١ و منع الزكاة المفروضة يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم هذا ما كنزتم لانفسكم . . ٢ و شهادة الزور و من يكتمها فانه آثم قلبه . . ٣ و شرب الخمر لانه تعالى عدل به عباده الاوثان و ترك الصلاة متعمدا أو شيئا ممّا فرض اللّه تعالى لان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من ترك الصلاة متعمدا من غير علة فقد بري‏ء من ذمة اللّه و ذمة رسوله و نقض العهد و قطيعة الرحم لانه تعالى يقول : . أولئك لهم اللعنة و لهم سوء الدار فخرج عمرو بن عبيد و له صرخة من بكائه ، و هو يقول : هلك و اللّه من قال برايه و نازعكم في الفضل و العلم .

« أو صغير ارصد له غفرانه »ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم و ندخلكم مدخلا كريما ٤ .

« و بين مقبول في ادناه موسع في اقصاه » كالصلوات الخمس تقبل في ادناها بالاقتصار على واجباتها ، و موسع في اقصاها بالاتيان بها بآدابها و نوافلها ، و قد ذكر ( المقنع ) و ( المقنعة ) و ( النهاية ) آداب الصّلوات الواحدة و الخمسين ركعة .

٢ في الخطبة ( ١٢٩ ) ( و منها ) :

وَ كِتَابُ اَللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ نَاطِقٌ لاَ يَعْيَا لِسَانُهُ وَ بَيْتٌ لاَ تُهْدَمُ أَرْكَانُهُ وَ عِزٌّ لاَ تُهْزَمُ أَعْوَانُهُ

____________________

( ١ ) آل عمران : ١٦١ .

( ٢ ) التوبة : ٣٥ .

( ٣ ) البقرة : ٢٨٣ .

( ٤ ) النساء : ٣١ .

٢١

« و كتاب اللّه بين أظهركم » قال الجزري : ( اقاموا بين أظهرهم ) أي : اقاموا بينهم على سبيل الاظهار و الاستظهار و الاستناد إليهم١ ، ثم كثر حتى استعمل في الاقامة بين القوم مطلقا .

« ناطق لا يعيا » أي : لا يعجز .

« لسانه » بخلاف باقي الناطقين فيعيا لسانهم و في ( السير ) : سمع الوليد بن المغيرة من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله تعالى :ان اللّه يامر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر . . ٢ فقال : و اللّه ان له لحلاوة ، و ان عليه لطلاوة ، و ان اعلاه لمثمر ، و ان اسفله لمغدق ، و ما يقول هذا بشر .

« و بيت لا تهدم اركانه » بخلاف باقي البيوت روى ابن بابويه ان رجلا سأل الصادقعليه‌السلام ما بال القرآن لا يزداد عند النشر و الدرس الاغضاضة ؟

فقال : ان اللّه تعالى لم يجعله لزمان دون زمان ، و لا لناس دون ناس ، فهو في كل زمان جديد ، و عند كل قوم غض إلى يوم القيامة .

« و عز » بالفتح أي : عزيز كما يفهم من المصباح .

« لا تهزم اعوانه » بخلاف باقي الاعزة و عن الثعلبي في تفسير قوله تعالى :

و اعتصموا بحبل اللّه جميعاً و لا تفرقوا . . ٣ عن أبي سعيد الخدري ، قال :

قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ايها الناس قد تركت فيكم الثقلين خليفتين ، ان اخذتم بهما لن تضلوا بعدي احدهما اكبر من الاخر كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الارض ، و عترتي أهل بيتي و انهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض٤ .

و عن عليّعليه‌السلام : اعلموا ان القرآن هدى الليل و النهار ، و نور الليل المظلم

____________________

( ١ ) النهاية لابن الأثير ٣ : ١٦٦ ، مادة ( ظهر ) : اسماعيليان : قم .

( ٢ ) النحل : ٩٠ .

( ٣ ) آل عمران : ١٠٣ .

( ٤ ) الطوائف لابن طاووس : ١٢٨ ، و نقله المجلسي في « بحار الأنوار » ٢٣ : ١١٧ ح ٣٣ .

٢٢

على ما كان من جهد فإذا حضرت بلية فاجعلوا اموالكم دون انفسكم ، و إذا نزلت نازلة فاجعلوا انفسكم دون دينكم ، و اعلموا ان الهالك من هلك دينه و الحريب من حرب دينه ، الا و انه لا فقر بعد الجنة ، و انه لا غنى بعد النار ، لا يفك اسرها و لا يبرأ جريرها .

هذا ، و في ( القاموس ) : العزيز الملك لغلبته على أهل مملكته و لقب من ملك مصر مع الإسكندرية .

هذا ، و في ( الأغاني ) عن بصري قال : نزلنا في ظل حصن من حصون الروم فإذا بقائل من فوق الحصن ينشد ابياتا بالعربية ، و يبكي فناديته ايها المنشد فاشرف فقلت من أنت ؟ قال : من العرب نزلت مكانك هذا فأشرفت على جارية فعشقتها فقالت ان دخلت في ديني فغلب على الشيطان فقبلت ، فقلت اكنت تقرأ القرآن ؟ قال : أي و اللّه لقد حفظته قلت فما تحفظ اليوم منه ؟ قال : لا شي‏ء الا قوله تعالى :ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ١ قلت : فهل لك ان تعطيهم فداء و تخرج ؟ ففكر ساعة ثم قال انطلق صحبك اللّه .

٣ الخطبة ( ١٢٩ ) أيضا ( و منها ) :

وَ اِعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلاَّ وَ يَكَادُ صَاحِبُهُ يَشْبَعُ مِنْهُ وَ يَمَلُّهُ إِلاَّ اَلْحَيَاةَ فَإِنَّهُ لاَ يَجِدُ لَهُ فِي اَلْمَوْتِ رَاحَةً وَ إِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اَلْحِكْمَةِ اَلَّتِي هِيَ حَيَاةٌ لِلْقَلْبِ اَلْمَيِّتِ وَ بَصَرٌ لِلْعَيْنِ اَلْعَمْيَاءِ وَ سَمْعٌ لِلْأُذُنِ اَلصَّمَّاءِ وَ رِيٌّ لِلظَّمْآنِ وَ فِيهَا اَلْغِنَى كُلُّهُ وَ اَلسَّلاَمَةُ كِتَابُ اَللَّهِ تُبْصِرُونَ بِهِ وَ تَنْطِقُونَ بِهِ وَ تَسْمَعُونَ بِهِ وَ يَنْطِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَ يَشْهَدُ بَعْضُهُ عَلَى

____________________

( ١ ) الحجر : ٢ .

٢٣

بَعْضٍ وَ لاَ يَخْتَلِفُ فِي اَللَّهِ وَ لاَ يُخَالِفُ بِصَاحِبِهِ عَنِ اَللَّهِ قَدِ اِصْطَلَحْتُمْ عَلَى اَلْغِلِّ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَ نَبَتَ اَلْمَرْعَى عَلَى دِمَنِكُمْ وَ تَصَافَيْتُمْ عَلَى حُبِّ اَلْآمَالِ وَ تَعَادَيْتُمْ فِي كَسْبِ اَلْأَمْوَالِ لَقَدِ اِسْتَهَامَ بِكُمُ اَلْخَبِيثُ وَ تَاهَ بِكُمُ اَلْغُرُورُ وَ اَللَّهُ اَلْمُسْتَعَانُ عَلَى نَفْسِي وَ أَنْفُسِكُمْ أقول : قال ابن أبي الحديد هذا الفصل من فصول اربعة : الاولى من اوله إلى قوله ( راحة ) الثاني إلى قوله ( و السلامة ) و الثالث من قوله ( كتاب اللّه ) إلى ( عن اللّه ) و الرابع من ( قد اصطلحتم ) الخ التقطها الرضي على عادته في التقاط ما يستفصحه من كلامهعليه‌السلام .

قلت : قد عرفت في اول الكتاب ما في رايه في التقاط الرضي رضى اللّه عنه و قلنا ببطلان رايه و ممّا يوضع بطلان نظره هذا العنوان فلو كان يلتقط و لا يتقيد بان يرتبط لم قال في هذا العنوان أي ١٢٩ أربع مرات ( منها ) ( منها ) منها هذا العنوان و منها سابقه ، و كيف يصح ما قال و لا يحصل فصاحة و لا بلاغة الا بربط المعنى ، و اما عدم ربط مواضع الفصل الاربعة فقد قال المصنف ( و منها ) و لم ينقل سابق العنوان حتى نفسهم الربط و لعله في النسخة تصحيف او كانت نسخة ما نقل عن المصنف مصحفة و بعضهم تكلف للربط .

« و اعلموا ان ليس من شي‏ء الا و يكاد صاحبه ان يشبع منه و يمله الا الحياة » و هو امر وجداني لا يحتاج إلى برهان ، و قد قال تعالىقل ان الموت الذي تفرّون منه فانه ملاقيكم . . ١ .

و حتى ان الانبياء كانوا محبين الحياة ، فروى ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام ان آدم لمّا عرض عليه ولده نظر إلى داود فاعجبه فزاده خمسين سنة من عمره فنزل عليه جبرئيل و ميكائيل فكتب عليه ملك الموت صكا بالخمسين

____________________

( ١ ) الجمعة : ٨ .

٢٤

سنة فلمّا حضرته الوفاة نزل عليه ملك الموت فقال آدم : قد بقي من عمري خمسون سنة ، فقال فاين الخمسون الّتي جعلتها لابنك داود فاما ان يكون نسيها او انكرها فنزل عليه جبرئيل و ميكائيل و شهدا عليه فقبضه ملك الموت قالعليه‌السلام كان اول صك كتب في الدنيا .

و روى ( الاكمال ) و ( الأمالي ) عنهعليه‌السلام ان ملك الموت لمّا جاء إلى موسىعليه‌السلام لقبض روحه قال من اين تقبض روحي ؟ قال : من فمك ، قال :

كيف ؟ و قد كلّمت ربّي جلّ جلاله ، قال : فمن يديك ، قال : كيف ؟ و قد حملت بهما التوراة قال : فمن رجليك ، قال : كيف ؟ و قد و طات بهما إلى طور سيناء قال : فمن عينيك قال : كيف ؟ و لم تزل إلى ربي بالرجاء ممدودة قال فمن اذنيك قال :

كيف ؟ و قد سمعت بهما كلام ربي جلّ و عزّ فاوحى تعالى إليه لا تقبض روحه حتى يكون هو الذي يريد ، فخرج و مكث موسى ما شاء اللّه ان يمكث و دعا يوشعا فاوصى إليه و امره بكتمان امره و بان يوصي بعده إلى من يقوم بالامر و غاب عن قومه فمر برجل و هو يحفر قبرا فقال له : ألا اعينك ؟ فقال :

بلى فاعانه حتى حفر و سوّى اللحد ثم اضطجع فيه موسى لينظر كيف هو فكشف له عن الغطا فرأي مكانه من الجنة فقال يا رب اقبضني إليك فقبض و سوى عليه التراب و كان الذي يحفر القبر ملك في صورة آدمي و كان ذلك في التيه ( فصاح صائح من السماء مات موسى كليم اللّه فاى نفس لا تموت ) بل ورد ان المؤمن أيضا لا يكره على قبض روحه و لكن يرى درجته حتى يرغب هو .

و اما قول لبيد و كان بلغ مائة و اربعين سنة .

و لقد سئمت من الحياة و طولها

و سؤال هذا الناس كيف لبيد

و قول اكثم بن صيفي و قالوا عاش مائة و تسعين سنة .

٢٥

و ان امرأ قد عاش تسعين حجة

إلى مائة لم يسام العيش جاهل١

كما في ( الاكمال ) و قول المستوغر و كان بقي بقاء طويلا .

و لقد سئمت من الحياة و طولها

و عمرت من عدد السنين مانيا

مائة اتت من بعدها مائتان لي

و ازددت من عدد الشهور سنينا

هل ما بقي الا كما قد فاتنا

يوم يكرّ و ليلة تحدونا٢

و قول زهير بن جناب حين مضت له مأتان من عمره .

لقد عمرت حتى لا أبالي

احتفى في صباحي أم مسائي

و حق لمن اتت مأتان عاما

عليه ان يمل من الثواء٣

كما في ( الغرر ) فمرادهم السئامة من شدائد الشيخوخة لا اصل الحياة قال النابغة الجعدي و كان عمر .

لبست اناسا فافنيتهم

و افنيت بعد اناس اناسا٤

و قال هو كما في ( الغرر ) لأبي العتاهية كما قال ابن أبي الحديد .

المرء يهوى ان يعيش و طول عيش ما يضرّه

تفنى بشاشته و يبقى بعد حلو العين مرة

و تتابع الأيام حتى ما يرى شيئا يسرّه

كم شامت لي أن هلكت و قائل للّه دره

و سمع زهير بن جناب بعض نسائه تتكلم بما لا ينبغي لامراة ان تتكلم عند زوجها فنهاها فقالت له : اسكت عني ، و الا ضربتك بهذا العمود فو اللّه ما كنت اراك تسمع شيئا او تعقله فقال :

____________________

( ١ ) كمال الدين و تمام النعمة للصدوق : ٥٦٥ .

( ٢ ) غرر الفوائد ( الأمالي ) للشريف المرتضى ١ : ٢٣٤ ، تحقيق محمد أبو الفضل ، طبع القاهرة .

( ٣ ) المصدر نفسه ١ : ٢٤١ .

( ٤ ) المصدر نفسه ١ : ٢٦٤ .

٢٦

فللموت خير من حداج موطا

مع الظعن لا يأتي المحلّ لحين

« فانه لا يجد له في الموت راحة » في ( شعراء ابن قتيبة ) ، قال الحطيئة حين موته : احملوني على حمار لعلى انجو ، فانه لم يمت عليه كريم ثم قال :

لكل جديد لذة غير أنّني

وجدت جديد ف الموت غير لذيد

له خبطة في الحلق ليس بسكرّ

و لا طعم راح يشتهى و نبيذ١

و مات مكانه .

« و انما ذلك بمنزلة الحكمة » في ( المجمع ) : الحكمة ، هي العلم الذي يعمل عليه في ما يجتبى او يجتنب من امور الدين و الدنيا٢ .

« التي هي حياة للقلب الميت » قال تعالى :استجيبوا للّه و للرسول إذا دعاكم لمّا يحييكم . . ٣ هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته و يزكّيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمة . . ٤ .

« و بصر للعين العمياء » فيجعلها ذات قيمة .

« و سمع للاذن الصماء » فيجعلها مفيدة « و رى للظمآن » فيبقى به حياته .

« و فيها الغني كله و السلامة » من بلاء الدنيا و الاخرة .

في ( تفسير القمي ) في قوله تعالى :و لقد آتينا لقمان الحكمة . . ٥ .و من يؤتَ الحكمة فقد أُوتي خيراً كثيرا ٦ .

____________________

( ١ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ١٨١ ، طبع ليدن ( ١٩٠٢ م ) .

( ٢ ) ذكر الطبرسي في « مجمع البيان » : الحكمة العلم الذي يمكن به ، الأفعال المستقيمة ١ : ٢٣٣ ، و ذكر البحراني في « مجمع البحرين » الحكمة : العلم الذي يرفع الإنسان عن فصل القبيح ٦ : ١٤٥ ، المكتبة المرتضوية .

( ٣ ) الانفال : ٢٤ .

( ٤ ) الجمعة : ٢ .

( ٥ ) لقمان : ١٢ .

( ٦ ) البقرة : ٢٦٩ .

٢٧

عن الصادقعليه‌السلام كان لقمان رجلا قويا في امر اللّه ، متورعا في اللّه ساكتا سكيتا عميق النظر ، طويل الفكر ، حديد النظر ، مستغن بالعبر ، لم ينم نهارا قط ، و لم يره احد من الناس على بول و لا غائط و لا اغتسال لشدة تستره ،

و لم يضحك من شي‏ء مخافة الاثم ، و لم يغضب قط ، و لم يمزح قط ، و لم يفرح بشي‏ء من الدنيا ، و لا حزن منها على شي‏ء ، و قدم اكثر اولاده فرطا ، فما بكى على موت احد ، و لم يمر برجلين يختصمان او يقتتلان الا اصلح بينهما ،

و لم يسمع من احد قولا استحسنه الا سأله عن تفسيره و عمن اخذه ، و كان يكثر مجالسة الفقهاء و الحكماء ، و كان يغشى القضاة و الملوك ، فيرثي للقضاة بما ابتلوا به ، و يرحم للملوك لغرتهم باللّه ، و يتعلم ما يغلب به نفسه و يجاهد هواه ، و يحترز به من الشيطان ، و كان لا يظعن الا في ما يعنيه ، فبذلك اوتي الحكمة ، و منح العصمة ، فان اللّه تعالى امر طوائف الملائكة حين انتصف النهار ، و هدأت العيون بالقائلة فنادوا لقمان حيث يسمع و لا يراهم ، فقالوا هل لك ان يجعلك اللّه خليفة في الأرض تحكم بين الناس ؟ فقال : ان امرني ربي بذلك فالسمع و الطاعة و ان فعل بي ذلك اعانني عليه و علمني ، و ان هو خيرني قبلت العافية ، فقالت الملائكة : لم ؟ قال لان الحكم بين الناس باشد المنازل من الدين و اكثر فتنا و بلاء يخذل و يغشاه الظلمة من كل مكان و صاحبه فيه بين امرين ان اصاب فيه الحق فبالحرى ان يسلم و ان اخطأ طريق الجنة فتعجبت الملائكة من حكمته فلمّا اخذ مضجعه من الليل انزل اللّه عليه الحكمة فغشاه بها من قرنه إلى قدمه و هو نائم فغطاه بالحكمة فاستيقظ و هو احكم الناس في زمانه فلمّا أوتي الحكمة و لم يقبل الخلافة امر اللّه الملائكة فنادت داود بالخلافة فقبلها و لم يشترط فيها كشرط لقمان فاعطاه اللّه الخلافة في الأرض و ابتلي فيها غير مرة و كان داود يقول له : طوبى لك يا لقمان ، أوتيت الحكمة

٢٨

و صرفت عنك البلية و ما أوتي لقمان الحكمة بحسب و مال و لا بسط جسم و لا جمال .

« كتاب اللّه تبصرون به » ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين » .

في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام قال خطب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمنى فقال : ما جاءكم عني يوافق كتاب اللّه فانا قلته ، ما جاءكم يخالف كتاب اللّه فلم اقله ان على كل حق حقيقة ، و على كل صواب نورا فما وافق كتاب اللّه فخذوه ، و ما خالف كتاب اللّه ، فدعوه و قالعليه‌السلام ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف .

« و تنطقون به »هذا بيان للناس و هدى و موعظة للمتقين ١ و في ( الكافي ) عن الباقرعليه‌السلام قال إذا حدثتكم بشي‏ء فاسألوني أين هو من كتاب اللّه ، ثم قال في بعض حديثه : ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن القيل و القال ،

و فساد المال و كثرة السؤال فقيل له اين هذا من كتاب اللّه ؟ قال تعالىلا خير في كثير من نجواهم الامن أمر بصدقةٍ او معروفٍ او اصلاحٍ بين الناس . . ٢ و قال تعالى .. و لا تؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل اللّه لكم قياما . . ٣ و قال تعالى :. . لا تسألوا عن اشياء ان تبدلكم تسؤكم . . ٤ .

« و تسمعون به » .كتاب احكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير . . ٥ .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : انزل تعالى في القرآن تبيان كل شي‏ء ما ترك شيئا يحتاج إليه العباد الا و قد انزله فيه حتى لا يستطيع عبد يقول لو

____________________

( ١ ) آل عمران : ١٣٨ .

( ٢ ) النساء : ١١٤ .

( ٣ ) النساء : ٥ .

( ٤ ) المائدة : ١٠١ .

( ٥ ) هود : ١ .

٢٩

كان هذا انزل في القرآن و ما خلق اللّه حلالا و لا حراما ما إلا و له حد كحد الدار ،

فما كان من الطريق فهو من الطريق و ما كان من الدار فهو من الدار حتى ارش الخدش فما سواه و الجلدة أو نصف الجلدة .

هذا ، و فيه عن الاصبغ عن امير المؤمنينعليه‌السلام و الذي بعث محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق و اكرم أهل بيته ما من شي‏ء يطلبونه من حرق او غرق او سرق او فلاة دابة من صاحبها او ضالة او آبق الا هو في القرآن فمن اراد ان يسألني عنه فقام إليه رجل فقال : اخبرني عما يؤمن من الحرق و الغرق فقال إقرأ :. . اللّه الذي نزل الكتاب و هو يتولى الصالحين ١ و ما قدروا اللّه حق قدره . .

سبحانه و تعالى عما يشركون ٢ فمن قرأها امن من الحرق و الغرق فقرأها رجل و اضطربت النار في بيوت جيرانه و بيته و سطحها فلم يصبه شي‏ء ثم قام رجل آخر و قال : استصعبت على دابتي و انا منها على وجل فقال : إقرأ في اذنها اليمني : .و له اسلم من في السماوات و الارض طوعاً و كرهاً و إليه ترجعون ٣ فقرأها فذلت له دابته و قام إليه آخر ، فقال : ان ارضي ارض مسبعة و ان السباع تغشى منزلي و لا تجوز حتى تأخذ فريستها فقال إقرألقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم فان تولوا فقل حسبي اللّه لا اله هو عليه توكلت و هو رب العرش العظيم ٤ فقرأها فاحتشمه السباع ثم قام آخر فقال : ان في بطني ماء اصفر فهل من شفاء بلا درهم و لا دينار ؟ فقال : نعم اكتب على بطنك آية الكرسي و تغسلها و تشربها و تجعلها ذخيرة في بطنك فتبرأ باذن اللّه تعالى ،

____________________

( ١ ) الاعراف : ١٩٦ .

( ٢ ) الانعام : ٩١ .

( ٣ ) آل عمران : ٨٣ .

( ٤ ) التوبة : ١٢٨ ١٢٩ .

٣٠

ففعل الرجل فبرى‏ء ، ثم قام آخر فقال اخبرني عن الضالة قال : إقرأ ( يس ) في الركعتين و قل ( يا هادي الضالة رد علي ضالتي ) ففعل فردها اللّه عليه ثم قام آخر فقال : أخبرني عن الابق فقال أقرأ او كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج .و من لم يجعل اللّه له نورا فما له من نور ١ فقالها الرجل فرجع إليه الا بق ، ثم قام آخر فقالاخبرني عن السرق فانه لا يزال يسرق لي الشي‏ء بعد الشي‏ء ليلا فقال له : اقرأ إذا آويت إلى فراشك قل ادعوا اللّه اَوِ ادعوا الرحمن . و كبِّره تكبيرا ٢ .

ثم قالعليه‌السلام من بات بارض قفر فقرأ ان ربكم اللّه الذي خلق السماوات و الارض في ستة ايام ثم استوى على العرش .تبارك اللّه رب العالمين ٣ حرسته الملائكة و تباعدت عنه الشياطين ، فمضى الرجل فإذا بقرية خراب فبات فيها و لم يذكر هذه الآية فتغشاه الشيطان فإذا هو آخذ بلحيته فقال له صاحبه انظره فاستيقظ الرجل فقرأ الآية فقال الشيطان لصاحبه ارغم اللّه انفك احرسه الان حتى يصبح ، فلمّا اصبح الرجل رجع إليهعليه‌السلام فاخبره و قال :

رايت في كلامك الشفاء و الصدق ، و مضي بعد طلوع الشمس فإذا هو باثر شعر الشيطان مجتمعا في الأرض .

« و ينطق بعضه ببعض و يشهد بعضه على بعض »افلا يتدبرون القرآن و لو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا ٤ و هو المعيار لسليم الاخبار من سقيمها فما خالفة زخرف يضرب به الجدار كما مر في خطبة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمنى .

____________________

( ١ ) النور : ٤٠ .

( ٢ ) الاسراء : ١١٠ ١١١ .

( ٣ ) يونس : ٣ ١٠ .

( ٤ ) النساء : ٨٢ .

٣١

« و لا يختلف في اللّه و لا يخالف بصاحبه عن اللّه »و انه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين ١ و ما تنزلت به الشياطين و ما ينبغي لهم و ما يستطيعون انهم عن السمع لمعزولون ٢ و ما كان هذا القرآن ان يفترى من دون اللّه و لكن تصديق الذي بين يديه و تفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ام يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله و ادعوا من استطعتم من دون اللّه ان كنتم صادقين ٣ .ما كان حديثاً يفترى و لكن تصديق الذي بين يديه و تفصيل كل شي‏ء و هدى و رحمة لقوم يؤمنون ٤ .

« قد اصطلحتم على الغل » أي : الغش .

« في ما بينكم » قد عرفت ان ابن أبي الحديد حكم بان هذا الكلام فصل عما قبله لكن يمكن وصله بان المراد صلحهم على الغش بينهم في ترك القرآن و اكبابهم على ما افتعلوا من الاحاديث وصولا إلى اغراضهم و ترويجا لمكاسدهم ، روى الكشي عن الباقرعليه‌السلام ان سلمان كان يقول للناس هربتم من القرآن إلى الاحاديث وجدتم كتابا دقيقا حوسبتم فيه على النقير و القطمير و الفتيل و حبة خردل فضاق عليكم ذلك و هربتم إلى الاحاديث التي اتسعت عليكم٥ .

« و نبت المرعي على دمنكم » قال المصنّف في ( مجازاته ) بعد قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله « اياكم و خضراء الدمن » في تأويله قولان الاول نهىصلى‌الله‌عليه‌وآله عن نكاح

____________________

( ١ ) الشعراء : ١٩٢ ١٩٤ .

( ٢ ) الشعراء : ٢١٠ ٢١٢ .

( ٣ ) يونس : ٣٧ ٣٨ .

( ٤ ) يوسف : ١١١ .

( ٥ ) رجال الكشي للطوسي : ١٨ ، حديث قم ٤٢ .

٣٢

المرأة على ظاهر الحسن في المنبت السوء و البيت السوء ، شبه المرأة الحسناء بالروضة الخضرة لجمال ظاهرها ، و شبه منبتها السوء بالدمنة لقباحة باطنها و الدمنة هي الابعار المجتمعة تركبها السوابي فإذا اصابها المطر انبتت نباتا خضرا يروق منظره و يسوء مخبره و الثاني ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى ان يتلقى اخاه بالظاهر الجميل و ينطوى على الباطن الذميم قال الشاعر :

و قد ينبت المرعى على دمن الثرى

و تبقى حزازات النفوس كماهيا

كأن الشاعر أراد إنّا و ان لقيناكم بظاهر الطلاقة و البشر فانا نضمر لكم على باطن الغش و الغمر .

قلت : بل يتعين في قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله التأويل الاول فان المعاني رواه و زاد قيل : يا رسول اللّه ما خضراء الدمن ؟ قال : ( المرأة الحسناء في منبت السوء ) و انما كلامهعليه‌السلام هنا كبيت الشاعر بقرينة قبله و بعده .

« و تصافيتم على حب الامال و تعاديتم في كسب الاموال » كما هو حال أهل الدنيا من اتفاقهم على حب آمال الدنيا حتى يبغضون من كان لا يراها و يختلفون و يتعاركون في تحصيل اموالها و لذا كان الناس في جميع الادوار من بعد نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله مع اختلاف مشاربها متفقين على عداوة أهل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

« لقد استهام بكم » أي : جعلكم هائمين ذاهبين في الارض .

« الخبيث » صفة الشيطان .

« و تاء بكم » أي : جعلكم تائهين متحيرين .

« الغرور » بفتح الغين و هو أيضا وصف الشيطان ، قال تعالى : .و لا يغرنكم باللّه الغرور ١ .

« و اللّه المستعان على نفسي و انفسكم » حتى يعيننا و الاصل فيه قوله

____________________

( ١ ) لقمان : ٣٣ .

٣٣

تعالى : .و اللّه المستعان على ما تصفون ١ .

٤ في الخطبة ( ١٤٨ )

إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى خَصَّكُمْ بِالْإِسْلاَمِ وَ اِسْتَخْلَصَكُمْ لَهُ وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ اِسْمُ سَلاَمَةٍ وَ جِمَاعُ كَرَامَةٍ اِصْطَفَى اَللَّهُ تَعَالَى مَنْهَجَهُ وَ بَيَّنَ حُجَجَهُ مِنْ ظَاهِرِ عِلْمٍ وَ بَاطِنِ حُكْمٍ لاَ تَفْنَى غَرَائِبُهُ وَ لاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ فِيهِ مَرَابِيعُ اَلنِّعَمِ وَ مَصَابِيحُ اَلظُّلَمِ لاَ تُفْتَحُ اَلْخَيْرَاتُ إِلاَّ بِمَفَاتِيحِهِ وَ لاَ تُكْشَفُ اَلظُّلُمَاتُ إِلاَّ بِمَصَابِيحِهِ قَدْ أَحْمَى حِمَاهُ وَ أَرْعَى مَرْعَاهُ فِيهِ شِفَاءُ اَلْمُسْتَشْفِي وَ كِفَايَةُ اَلْمُكْتَفِي « ان اللّه تعالى خصكم بالاسلام و استخلصكم له » .اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا . . ٢ .

« و ذلك لانه اسم سلامه »يا ايها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة و لا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين ٣ .

« و جماع » بالكسر .

« كرامة » تاوى إليه .

« اصطفى اللّه » أي : اختار .

« منهجه » أي : طريقه الواضح .

« و بين حججه » أي : براهينه و المراد بكتاب انزله و كانه سقط من النسخة و كيف كان قال تعالى :لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي . . ٤

____________________

( ١ ) يوسف : ١٨ .

( ٢ ) المائدة : ٣ .

( ٣ ) البقرة : ٢٠٨ .

( ٤ ) البقرة : ٢٥٦ .

٣٤

« من ظاهر علم » الظاهر ان المراد علم انباء غيب القرآن الظاهر لكل احد كونها علما .

« و باطن حكم » اسرار ما تضمنه القرآن من الاحكام و من المصالح و المفاسد في ما بين من الحلال و الحرام .

« لا تفنى غرائبه و لا تنقضى عجائبه » في الخبر قيل لأبي عبد اللّهعليه‌السلام : ما بال القرآن لا يزداد على النشر و الدرس الاغضاضة ؟ فقال : لان اللّه تعالى لم يجعله لزمان دون زمان ، و لا لناس دون ناس فهو في كل زمان جديد ، و عند كل قوم غض إلى يوم القيامة .

« فيه مرابيع النعم » أي : النعم الدائمة المقيمة من ( مربع القوم ) محل اقامتهم او من ( الارض المربوعة ) أي : مطرت في الربيع .

« و مصابيح الظلم » أي : سرجها ، قال تعالى : .كتاب انزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور باذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد ١ .

« لا تفتح الخيرات الا بمفاتيحه »لقد مَنَّ اللّه على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليه آياته و يزكّيهم و يعلّمهم الكتاب و الحكمة و ان كانوا من قبل لفي ضلال مبين ٢ .

« و لا تكشف الظلمات الا بمصابيحه »فليأتوا بحديث مثله ان كانوا صادقين ٣ قل لئن اجتمعت الانس و الجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيراً ٤ .

« قد احمى حماه » من ( مكان حمى ) محظور لا يقرب و المراد انه بين في

____________________

( ١ ) ابراهيم : ١ .

( ٢ ) آل عمران : ١٦٤ .

( ٣ ) الطور : ٣٤ .

( ٤ ) الاسراء : ٨٨ .

٣٥

القرآن ما اريد ترك الناس لها من المحرمات كقوله تعالى :و لا تقربوا الزنى انه كان فاحشة و ساء سبيلا ١ و لا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن . . ٢ .و لا تقربوا الفواحش ما ظهر منها و ما بطن . . ٣ . . و لا تقربوا الصلاة و انتم سكارى . . ٤ .

« و ارعى مرعاه » ( الظاهر انه كناية عن بيان المحللات التي ابيح للناس التمتع بها ، في قبال احماء الحمى كناية عن المحرمات ) قال تعالى :قل من حرَّم زينة اللّه التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق . . ٥ قل لا اجد في ما أوحي إلى محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزيرٍ فانه رجس أو فسقاً أهل لغير اللّه به . . ٦ .

« فيه شفاء المشتفي »و ننزل من القرآن ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين . . ٧ .

« و كفاية المكتفي »و هذا كتاب انزلناه مبارك فاتبعوه و اتقوا لعلكم ترحمون ٨ ان هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم و يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجراً كبيراً ٩ ماكثين فيه ابداً ١٠ ان هذا

____________________

( ١ ) الاسراء : ٣٢ .

( ٢ ) الاسراء : ٣٤ .

( ٣ ) الانعام : ١٥١ .

( ٤ ) النساء : ٤٣ .

( ٥ ) الاعراف : ٣٢ .

( ٦ ) الانعام : ١٤٥ .

( ٧ ) الاسراء : ٨٢ .

( ٨ ) الانعام : ١٥٥ .

( ٩ ) الاسراء : ٩ .

( ١٠ ) الكهف : ٣ .

٣٦

القرآن يقص على بني اسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون و انه لهدىً و رحمة للمؤمنين ١ .

هذا ، و في فضل حامل قرآن ( الكافي ) عن حفص بن غياث سمعت موسى بن جعفرعليه‌السلام يقول لرجل اتحب البقاء في الدنيا ؟ فقال : نعم ، فقال و لم قال لقراءة ( قل هو اللّه أحد ) فسكت عنه فقال لي بعد ساعة يا حفص من مات من اوليائنا و شيعتنا و لم يحسن القرآن علم في قبره ليرفع اللّه به درجته فان درجات الجنة على عدد آيات القرآن يقال له اقرأ و ارق فيقرأ ثم يرقا إلى أن قال حفص : و كانت قراءتهعليه‌السلام حزنا فإذا قرأ فكأنه يخاطب انسانا .

٥ في الخطبة ( ١٧١ ) وَ اِعْلَمُوا أَنَّ هَذَا ؟ اَلْقُرْآنَ ؟

هُوَ اَلنَّاصِحُ اَلَّذِي لاَ يَغُشُّ وَ اَلْهَادِي اَلَّذِي لاَ يُضِلُّ وَ اَلْمُحَدِّثُ اَلَّذِي لاَ يَكْذِبُ وَ مَا جَالَسَ هَذَا ؟ اَلْقُرْآنَ ؟ أَحَدٌ إِلاَّ قَامَ عَنْهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ زِيَادَةٍ فِي هُدًى أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ عَمًى وَ اِعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ ؟ اَلْقُرْآنِ ؟ مِنْ فَاقَةٍ وَ لاَ لِأَحَدٍ قَبْلَ ؟ اَلْقُرْآنِ ؟ مِنْ غِنًى فَاسْتَشْفُوهُ مِنْ أَدْوَائِكُمْ وَ اِسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى لَأْوَائِكُمْ فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ اَلدَّاءِ وَ هُوَ اَلْكُفْرُ وَ اَلنِّفَاقُ وَ اَلْغَيُّ وَ اَلضَّلاَلُ فَاسْأَلُوا اَللَّهَ بِهِ وَ تَوَجَّهُوا إِلَيْهِ بِحُبِّهِ وَ لاَ تَسْأَلُوا بِهِ خَلْقَهُ إِنَّهُ مَا تَوَجَّهَ اَلْعِبَادُ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى بِمِثْلِهِ وَ اِعْلَمُوا أَنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وَ قَائِلٌ مُصَدَّقٌ وَ أَنَّهُ مَنْ شَفَعَ لَهُ ؟ اَلْقُرْآنُ ؟ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ شُفِّعَ فِيهِ وَ مَنْ مَحَلَ بِهِ ؟ اَلْقُرْآنُ ؟ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ صُدِّقَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ كُلَّ حَارِثٍ مُبْتَلًى فِي حَرْثِهِ وَ عَاقِبَةِ عَمَلِهِ غَيْرَ حَرَثَةِ ؟ اَلْقُرْآنِ ؟ فَكُونُوا مِنْ حَرَثَتِهِ وَ أَتْبَاعِهِ وَ اِسْتَدِلُّوهُ

____________________

( ١ ) النمل : ٧٦ ٧٧ .

٣٧

عَلَى رَبِّكُمْ وَ اِسْتَنْصِحُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَ اِتَّهِمُوا عَلَيْهِ آرَاءَكُمْ وَ اِسْتَغِشُّوا فِيهِ أَهْوَاءَكُمْ « و اعلموا ان هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش » بخلاف باقي الناصحين فقد يغشون ، قال الشاعر : « و مؤتمن بالغيب غير امين » .

و في ( المروج ) استشار مروان بن محمد ، إسماعيل بن عبد اللّه القشيري لمّا انهزم من المسودة بحران أن يلحق بالروم مكاتبا لصاحبها معاهدا له حتى يحصل له استعداد و كان هو الرأي فغشه و قال له اعيذك باللّه من هذا الرأي تحكم أهل الشرك في بناتك و حرمك و لكن اقطع الفرات ثم استنفر الشام إلى أن قال بعد ذكر و ثوب أهل البلاد عليه فعلم مروان ان اسماعيل غشه في الرأي و انه فرط في مشورته إذ شاور رجلا من قحطان موترا متعصبا من قومه على اضدادهم من نزار ، و ان الرأي الذي هم بفعله من قطع الدرب و نزول بعض حصون الروم و مكاتبة ملكها إلى أن يرتأى في أمره كان اولى الخ قال تعالى في كتابه :انه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه الا المطهرون تنزيل من رب العالمين ١ .

« و الهادي الذي لا يضل »ان هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم ٢ .و يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا حسنا ماكثين فيه ابداً ٣ .

« و المحدث الذي لا يكذب »لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ٤ و في ( الاسد ) عن أبي وداعة الحميدي قال : كنت

____________________

( ١ ) الواقعة : ٧٧ ٨٠ .

( ٢ ) الاسراء : ٩ .

( ٣ ) الكهف : ٢ ٣ .

( ٤ ) فصلت : ٤٢ .

٣٨

إلى جنب مالك بن عبادة أبي موسى الغافقي و عقبة بن عامر يحدث عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال أبو موسى : ان صاحبكم لحافظ أو هالك ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خطبنا في حجة الوداع ، فقال : عليكم بالقرآن فانكم ترجعون إلى قوم يشتهون الحديث فمن عقل شيئا فليحدث به و من افترى على فليتبوّأ مقعده من النار .

و كل حديث لا يوافقه كذب فروى العياشي عن الصادقعليه‌السلام قال : ما جاءك في رواية من برّ أو فاجر يوافق القرآن فخذ به ، و ما جاءك في رواية من برّ أو فاجر يخالف القرآن فلا تأخذ به .

« و ما جالس هذا القرآن أحد » إذا لم يكن من أهل العناد و الطغيان .

« إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان زيادة في هدى أو نقصان من عمى » و أما من كان من أهل اللجاج فلا يزيده إلا عمى ، قال تعالى : و إذا ما انزلت سورة فمنهم من يقولايكم زادته هذه ايمانا فاما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا و هم يستبشرون و أما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم و ماتوا و هم كافرون أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون و لا هم يذكرون ١ .قل هو للذين آمنوا هدى و شفاء و الذين لا يؤمنون في آذانهم و قر و هو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ٢ و قال في المؤمنين :انما المؤمنون الذين إذا ذكر اللّه و جلت قلوبهم و إذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا و على ربهم يتوكلون ٣ و قال في غيرهم :

و إذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا . . ٤ .

____________________

( ١ ) التوبة : ١٢٤ ١٢٦ .

( ٢ ) فصلت : ٤٤ .

( ٣ ) الانفال : ٢ .

( ٤ ) الجاثية : ٩ .

٣٩

« و اعلموا انه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة » .تبياناً لكل شي‏ء . . ١ و لاح حَبّةٍ في ظلماتِ الأرض و لا رطب و لا يابس إلا في كتاب مبين ٢ .

« و لا لاحد قبل القرآن من غنى »هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته و يزكّيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمة و ان كانوا من قبل لفي ضلال مبين ٣ .

« فاستشفوه من ادوائكم » روى العياشي عن الصادقعليه‌السلام : عليكم بالقرآن فما وجدتم آية نجابها من كان قبلكم فاعملوا به ، و ما وجدتموه ممّا هلك من كان قبلكم فاجتنبوه .

« و استعينوا به على لأوائكم » أي : شدّتكم و في ( الكافي ) عن الزهري ، قال علي بن الحسينعليه‌السلام لو مات من بالمشرق و المغرب ما توحشت بعد ما كان القرآن معي ، و كانعليه‌السلام إذا قرأ مالك يوم الدين ٤ يكررها حتى كاد أن يموت .

« فان فيه الشفاء من أكبر الداء و هو الكفر و النفاق و الغي و الضلال »قل أوحى الي انّه استمع نفر من الجن فقالوا انّا سمعنا قرآنا عجباً يهدي الى الرشد فآمنا به و لن نشرك بربنا أحداً ٥ يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم و شفاء لمّا في الصدور و هدى و رحمة للمؤمنين ٦ .

« فاسألوا اللّه به و توجهوا إليه بحبه » في ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان أهل

____________________

( ١ ) النحل : ٨٩ .

( ٢ ) الانعام : ٥٩ .

( ٣ ) الجمعة : ٢ .

( ٤ ) الفاتحة : ٢ .

( ٥ ) الجن : ١ ٢ .

( ٦ ) يونس : ٥٧ .

٤٠