بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 617
المشاهدات: 185012
تحميل: 6527


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 185012 / تحميل: 6527
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 13

مؤلف:
العربية

٧ الحكمة ( ٢٦٨ ) و قالعليه‌السلام :

أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْناً مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْماً مَا وَ أَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْناً مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْماً مَا أقول : كون هذا كلامهعليه‌السلام رواه أبو هلال العسكري أيضا في ( أمثاله ) جاعلا ذلك مثلا لهعليه‌السلام ١ ، لكن الخطيب في ( تاريخه ) في علي بن زكريا رواه عن أبي هريرة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ٢ ، و أمّا ( أمالي الشيخ ) فرواه فيما رواه عن أبي المفضل عنهعليه‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و رواه فيما رواه عن الغضائري عن زيد بن علي عن أبيه هكذا : قال : قال عليعليه‌السلام : لا يكن حبّك كلفا و لا يغضك تلفا ، أحبب حبيبك هونا ما و ابغض بغيضك هونا ما٣ .

رواه في ( مجلسه ) في ١٣ من شهر رمضان ، فيمكن أن يكون لفظ العنوان للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله و لفظ الأخير لهعليه‌السلام :

و عن الصادقعليه‌السلام : لا تطلع صديقك من سرّك إلاّ على ما لو اطلّع عليه عدوّك ما يضرّك ، فإنّ الصديق قد يكون عدوّا يوما ما٤ .

و في ( ديوان أبي الأسود ) : قال أبو الأسود لابنه و كان له صديق من باهلة يكثر زيارته و غشيانه :

أحبب اذا أحببت حبّا مقاربا

فانّك لا تدري متى أنت نازع

و ابغض اذا أبغضت غير مباعد

فانّك لا تدري متى أنت راجع

____________________

( ١ ) الأمثال ، لأبي هلال العسكري : ١٣٢ .

( ٢ ) التاريخ للخطيب ١١ : ٤٢٨ .

( ٣ ) الأمالي للشيخ : ٧٠٣ ح رقم ( ١٥٠٥ ) .

( ٤ ) بحار الأنوار ٧٤ : ١٧٧ ح ١٥ باب ١١ .

٤٢١

و كن معدنا للحلم و اصفح عن الخنى

فانّك راء ما حييت و سامع١

و قال النمر بن تولب :

و احببت حبيبك حبّا رويدا

فليس يعولك ان تصرما

و ابغض بغيضك بغضا رويدا

إذا أنت حاولت أن تحكما٢

أي : تصير حكيما و في ( صداقة التوحيدي ) : قيل لديوجانس : ما الذي ينبغي للرجل أن يتحفّظ منه ؟ قال : من حسد أصدقائه و مكر أعدائه٣ .

و في ( الأغاني ) : قال أبو عبيدة : ما زال بشّار يهجو حمّاد عجرد و لا يرفث في هجائه حتى قال حماد : من كان مثل أبيك يا أعمى أبوه فلا أبا له ، أنت ابن برد مثل برد في النذالة و الرذالة في أبيات ، فلما بلغت بشّارا أطرق طويلا ثم قال : جزى اللّه ابن نهبى خيرا .

فقيل له : علام تجزيه الخير ؟ فقال : و اللّه لقد كنت أردّ على شيطاني أشياء من هجائه إبقاء على المودة و لقد أطلق من لساني ما كان مقيّدا عنه و اهدفني عورة ممكنة منه ، فلم يزل بعد ذلك يذكر أم حمّاد في هجائه حتى ماتت٤ .

و في الطرائف :

احذر عدوّك مرة

و احذر صديقك ألف مرّة

فلربما انقلب الصديق

فكان أخبر بالمضرّة٥

و قيل :

تحذر من صديقك كلّ يوم

و بالأسرار لا تركن إليه

____________________

( ١ ) ديوان أبي الأسود الدؤلي : ١٣٨ ١٣٩ .

( ٢ ) الأغاني ٢٢ : ٢٨١ .

( ٣ ) الصداقة للتوحيدي : ٧٠ .

( ٤ ) الأغاني ١٤ : ٣٢٧ .

( ٥ ) الظرائف : ٧٨ ، و ذكره ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٦ : ٣٩ .

٤٢٢

سلمت من العدو فما دهاني

سوى من كان معتمدي عليه١

و في السير ان معاوية لما الحق زيادا به و ولاّه البصرة بعد ان كان و اليها من قبل أمير المؤمنينعليه‌السلام صعد المنبر و قال : قد رحلت عنكم و أنا أعرف صديقي من عدوّي ثم قدمت عليكم و قد صار العدوّ صديقا مناصحا و الصديق عدوّا مكاشحا ، فليشتمل كلّ امرى‏ء على ما في صدره و لا يكونن لسانه شفرة تجري على أوداجه ، و ليعلم أحدكم إذا خلا بنفسه انّي قد حملت سيفي بيدي فان أشهره لم أغمده ثم نزل .

٨ الحكمة ( ٢٩٥ ) أَصْدِقَاؤُكَ ثَلاَثَةٌ وَ أَعْدَاؤُكَ ثَلاَثَةٌ

فَأَصْدِقَاؤُكَ صَدِيقُكَ وَ صَدِيقُ صَدِيقِكَ وَ عَدُوُّ عَدُوِّكَ وَ أَعْدَاؤُكَ عَدُوُّكَ وَ عَدُوُّ صَدِيقِكَ وَ صَدِيقُ عَدُوِّكَ أقول : أمّا كون صديق الصديق صديقا فلأن مناسب المناسب مناسب ،

و أمّا كون عدوّ العدوّ صديقا فلأن ضد الضد مناسب ، و لذا كان الحجاج يعجبه المختار مع اختلاف مذهبهما في حبّ أهل البيتعليهم‌السلام و بغضهم ، و كان مصعب أمر بقطع كفّ المختار و دقها بمسمار على الجدار ، فأمر الحجاج بإنزالها و دفنها ، فكان المختار عدوّ عدوّ الحجاج ابن الزبير مع كونه من طائفته ثقيف .

قال البحتري :

و ان أحقّ الناس مني بخلّة

عدوّ عدوي أو صديق صديقي٢

____________________

( ١ ) الظرائف : ٧٨ .

( ٢ ) البحتري ٢ : ١٢٠ ، يهجو فيه أحمد بن طولون .

٤٢٣

و أمّا كون عدوّ الصديق عدوّا فلأن ضد المناسب غير مناسب ، و أما كون صديق العدوّ عدوّا فلأن مناسب الضدّ غير مناسب .

و في ( العقد الفريد ) : و فد دحية الكلبي على عليعليه‌السلام ، فما زال يذكر معاوية و يطريه في مجلسه ، فقال له عليعليه‌السلام :

صديق عدوّي داخل في عداوتي

و انّي لمن ودّ الصديق و دود

فلا تقربن مني و أنت صديقه

فانّ الذي بين القلوب بعيد١

و في هذا المعنى قول العتابي :

تود عدوي ثم تزعم أنّني

صديقك ان الرأي عنك لعازب٢

هذا ، و في ( الطبري ) : كان عبد الملك و مصعب و هما بالمدينة يتحدّثان إلى حبى ، فقيل لها : قتل مصعب فقالت : تعس قاتله قيل : قتله عبد الملك قالت بأبي القاتل و المقتول٣ .

٩ الحكمة ( ٣٠٨ ) و قالعليه‌السلام : مَوَدَّةُ اَلْآبَاءِ قَرَابَةٌ بَيْنَ اَلْأَبْنَاءِ

و عن الرضاعليه‌السلام : مودة عشرين سنة قرابة ، و العلم أجمع لأهله من الآباء٤ .

و في ( المروج ) : كان من قبل سابور ذي الأكتاف من الساسانية يسكن

____________________

( ١ ) العقد الفريد لابن عبد ربه ٢ : ٦٠٣ .

( ٢ ) هو كلثوم بن عمرو العتابي : لم نعثر على هذا البيت في ترجمته في معجم الادباء ٢٦ : ١٩ ، لكنه ذكر ابياتا من القصيدة .

( ٣ ) تاريخ الطبري ٥ : ١٠ .

( ٤ ) بحار الأنوار : ٧٤ : ١٧٥ ح ٨ الباب ١١ .

٤٢٤

بغربي المدائن ، و سكن سابور الجانب الشرقي منها و بنى هناك الأيوان المعروف بأيوان كسرى ، و قد كان أبرويز أتمّ مواضع من بناء هذا الأيوان .

و كان الرشيد نازلا على دجلة بالقرب من الأيوان ، فسمع بعض الخدم من وراء الستر يقول لآخر : هذا الذي بنى هذا الأيوان أراد أن يصعد عليه إلى السماء .

فأمر الرشيد أن يضرب مائة عصا ، و قال لمن حضره :

ان الملك نسبة ، و الملوك به اخوة ، و ان الغيرة بعثتي على أدبه لصيانة الملك و ما يلحق الملوك للملوك١ .

« و القرابة إلى المودة أحوج » هكذا في الطبعة ( المصرية )٢ و الصواب :

« و القرابة أحوج إلى المودة » كما في ( ابن أبي الحديد٣ و ابن ميثم و النسخة الخطّية ) .

« من المودة إلى القرابة » في ( أدب كاتب الصولي ) : قال ابراهيم بن العباس الصولي :

أميل مع الذمام على ابن عمي

و اقضي للصديق على الشقيق

و إما تلفني حرا مطاعا

فانّك واجدي عبد الصديق٤

و قال ابن أبي الحديد قيل لرجل : أخوك أحبّ إليك أم صديقك ؟ قال : انّما أحب أخي إذا كان صديقا٥ .

و في ( الأغاني ) عن العتابي :

____________________

( ١ ) المروج ١ : ٢٨٤ .

( ٢ ) الطبعة المصرية : ٧٣٠ الحكمة ( ٣١٠ ) .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢١٤ الحكمة ( ٣١٤ ) ، كذلك شرح ابن ميثم ٥ : ٣٩٧ الحكمة ( ٢٩٢ ) سقطت العبارة من النسخة الخطية المتوفرة عند المحقق .

( ٤ ) أدب الكتاب للصولي : ١٠٠ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢١٤ .

٤٢٥

انّي بلوت الناس في حالاتهم

و خبرت ما و صلوا من الأسباب

فاذا القرابة لا تقرب قاطعا

و اذا المودة أقرب الأنساب١

١٠ الحكمة ( ٤١٥ ) و قالعليه‌السلام :

زُهْدُكَ فِي رَاغِبٍ فِيكَ نُقْصَانُ حَظٍّ وَ رَغْبَتُكَ فِي زَاهِدٍ فِيكَ ذُلُّ نَفْسٍ أقول : كان ابن الزبير راغبا في أهل الشام و كانوا زاهدين فيه ، فقال يوما : وددت ان لي بكلّ عشرة من أهل العراق رجلا من أهل الشام صرف الدينار بالدرهم فقال له أبو حاضر : مثلنا و مثلك كما قال الأعشى :

علقتها عرضا و علقت رجلا

غيري و علق اخرى غيرها الرجل٢

أحبك أهل العراق و أحببت أهل الشام ، و أحب أهل الشام عبد الملك .

و قال الشاعر :

كلانا يا معاذ يحبّ ليلى

بفي و فيك من ليلى التراب

شركتك في هوى من كان حظّي

و حظّك من تذكرها العذاب٣

أيضا :

ان البلية ان تحب

و لا يحبك من تحبه

و يصدّ عنك بوجهه

و تلح أنت فلا تعبه

و قال أبو العيناء كما في ( تاريخ بغداد ) :

لعمرك ما حق امرى‏ء لا يعد لي

على نفسه حقّا عليّ بواجب

____________________

( ١ ) الأغاني ١٣ : ١١٧ .

( ٢ ) ديوان الأعشى : ١٣١ .

( ٣ ) البيان و التبيين ١ : ٣٠١ .

٤٢٦

و ما أنا للنائي عليّ بوده

و صافي خلته بمقارب

و لكنّه ان مال يوما بجانب

من الصدّ و الهجران ملت بجانبي١

و قال له أحمد بن أبي دؤاد كما في ( المعجم ) ما أشد ما أصابك في ذهاب بصرك ؟ قال : ابتداء غيري بالسلام ، و كنت أحبّ أن أكون أنا المبتدى‏ء ،

و ان أحدّث من لا يقبل على حديثي و لا أراه و لو رأيته لا يقبل لما حدثته .

و كان دعبل كما فيه يتعجّب من قول ابراهيم الصولي :

ان أمرأ ضمن بمعروفه

عني لمبذول له عذري

ما أنا بالراغب في خيره

ان كان لا يرغب في شكري٢

و قال المثقب العبدي ، كما في ( الشعراء ) :

فاني لو تخالفني شمالي

بنصر لم تصاحبها يميني

إذن لقطعتها و قلت بيني

كذلك أجتوي من يجتويني٣

و لبعضهم :

و لو ان بعضي رابني لقطعته

و اني بقطع الرائبي لجدير

أيضا :

فلقد تدوم لذي الصفاء مودتي

و اذا لويت بتت ذا الليان

١١ الحكمة ( ٤٧٩ ) و قالعليه‌السلام :

شَرُّ اَلْإِخْوَانِ مَنْ تُكُلِّفَ لَهُ قال الرضي لأن التكليف مستلزم للمشقة

____________________

( ١ ) تاريخ بغداد ٣ : ١٧٧ .

( ٢ ) المعجم : ٢٨٩ ٢٩٠ .

( ٣ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ٢٥٠ ، مع وجود اختلاف ، دار الكتب العلمية .

٤٢٧

و هو شر لازم عن الأخ المتكلف له فهو شر الإخوان أقول : هكذا في ( المصرية ) ، و هو تخليط منها ، فان قوله « لأن التكليف . » كان حاشية خلطته بالمتن١ ، فان ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و النسخة الخطية ) لم تنقله٢ ، و لأنّه خارج عن موضوع كتابه ، فان كتابه انّما هو مجرّد نقل كلماتهعليه‌السلام لا شرح كما في مجازاته النبوية ، و انما قد يفسّر بعض غريب لغاته أو يصف بلاغة بعض فقراتهعليه‌السلام الزائدة مع ان أين مثل هذا الكلام المبتذل من كلمات الرضي و تعبيراته ، بل قوله « لأن التكليف » غلط لأنّه لم يرد تكليف بل تكلّف ، و اما قوله « قال الرضي » فزيد بعد الخلط توضيحا بزعمه .

هذا و الأصل في كلامهعليه‌السلام « شرّ الاخوان من تكلّف له » ان بعض أصحابهعليه‌السلام دعاه إلى أن يصير ضيفه ، فأجابه بشرط أن لا يتكلّف له .

قال ابن قتيبة في ( عيونه ) : دعا رجل عليّاعليه‌السلام : إلى طعام فقالعليه‌السلام :

نأتيك على أن لا تتكلّف ما ليس عندك و لا تدّخر عنّا ما عندك و كانعليه‌السلام يقول « شرّ الاخوان من تكلّف له »٣ .

و رواه التوحيدي في ( صداقته ) أيضا مرفوعا عنهعليه‌السلام لكن مع زيادة و هي « و خيرهم من أحدثت لك رؤيته ثقة به و أهدت إليك غيبته طمأنينة إليه »٤ .

و في ( الكافي ) : عن مرازم بن حكيم ان حارثا الأعور أتى أمير المؤمنينعليه‌السلام و قال : أحب أن تكرمني بأن تأكل عندي فقال له : على ألاّ تتكلّف

____________________

( ١ ) الطبعة المصرية : ٧٦٧ الحكمة ( ٤٦٣ ) .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٢٠ : ٢٤٩ الحكمة ( ٤٨٤ ) كذلك ابن ميثم ٥ : ٤٦٧ لا وجود للنص في النسخة الخطية المتوفرة لدى المحقق .

( ٣ ) العيون ، لابن قتيبة ٣ : ٢٣١ .

( ٤ ) الصداقة ، للتوحيدي : ٥٣ .

٤٢٨

لي شيئا و دخل فأتاه الحارث بكسر ، فجعل أمير المؤمنينعليه‌السلام يأكل ، فقال له الحارث : ان معي دراهم و أظهرها فاذا هي في كمه فان أذنت لي اشتريت لك شيئا غيرها فقالعليه‌السلام له : هذه ممّا في بيتك١ ، و رواه الكشي٢ .

و روى ( الكافي ) : عن صفوان بن يحيى قال : جاءني عبد اللّه بن سنان فقال : هل عندك شي‏ء ؟ قلت : نعم ، فبعثت ابني فأعطيته درهما يشتري به لحما و بيضا فقال لي : أين أرسلت ابنك ، فأخبرته فقال : ردّه عندك زيت قلت : نعم .

قال : هاته فانّي سمعت أبا عبد اللّهعليه‌السلام يقول « هلك امرؤ احتقر لأخيه ما يحضره و هلك امرؤ احتقر من أخيه ما قدم إليه »٣ .

و قال أبو الأسود في الحضين العنبري :

شنئت من الأصحاب من لست بارحا

ادامله دمل السقاء المخرق٤

و قال إسحاق الموصلي :

نعم الصديق صديق لا يكلّفني

ذبح الدجاج و لا شي الفراريج٥

و في ( العيون ) : سئل أقرى أهل اليمامة كيف ضبطتم القرى ؟ قال : بأنّا لا نتكلّف ما ليس عندنا٦ هذا ، و في ( الحلية ) : جاء فتح الموصلي إلى صديق له فلم يجده في المنزل ، فقال للخادم : اخرجي إليّ كيس أخي ، فأخرجته فأخذ منه درهمين

____________________

( ١ ) الكافي ٦ : ٢٧٦ ح ٤ .

( ٢ ) الكشي : ٨٩ رواه بشكل آخر .

( ٣ ) الكافي ٦ : ٢٧٦ ح ٣ .

( ٤ ) ديوان أبي الأسود الدؤلي : ١٣٠ ، ذكر البيت هكذا :

سئمت من الصحبان من لست زائلا

اواصله وصل السقاء المخرق

( ٥ ) عيون الأخبار ٣ : ٢٣٣ .

( ٦ ) عيون الأخبار ١ : ٢٣٤ .

٤٢٩

و جاء الصديق فأخبرته الجارية بمجي‏ء فتح و أخذه الدرهمين فقال : ان كنت صادقة فأنت حرّة فنظر فاذا هي صادقة ، فعتقت١ .

١٢ الحكمة ( ٤٨ ) و قالعليه‌السلام :

إِذَا اِحْتَشَمَ اَلْمُؤْمِنُ أَخَاهُ فَقَدْ فَارَقَهُ يقال حشمه و أحشمه إذا أغضبه و قيل أخجله أو احتشمه طلب ذلك له و هو مظنة مفارقته أقول : هو كسابقه ، قوله « يقال حشمه . » حاشية خلطت بالمتن لعدم وجوده في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و النسخة الخطّية )٢ و لخروجه من موضوع النهج كما عرفت في سابقه ، مع أن قوله « و احتشمه : طلب ذلك له » بلا معنى .

هذا ، و قال ابن الأعرابي : الحشمة الاستحياء و الغضب و قال الأصمعي :

الحشمة انّما هو بمعنى الغضب لا الاستحياء نقل ذلك عنهما الجوهري ،

و الصحيح ما قال الأول من مجي‏ء الحشمة بمعنى الاستحياء و الانقباض ايضا كما يدلّ عليه موارد استعماله في الأخبار و الأشعار٣ .

أما الأخبار ففي ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : المؤمن لا يحتشم من أخيه ،

و لا أدري أيّهما أعجب الذي يكلّف أخاه اذا دخل ان يتكلّف له أو المتكلّف لأخيه٤ .

____________________

( ١ ) الحلية ٨ : ٢٩٣ .

( ٢ ) شرح نهج البلاغة لبن ابي الحديد ٢٠ : ٢٥١ الحكمة ( ٤٨٥ ) ، ابن ميثم : شرح نهج البلاغة ٦ : ٤٦٨ ، أما النسخة الخطية فقد سقط النص منها .

( ٣ ) الصحاح للجوهري ٤ : ١٩٠٠ مادة ( حشم ) .

( ٤ ) الكافي ٦ : ٢٧٦ ح ٢ .

٤٣٠

و عن عنبسة بن مصعب : أتينا أبا عبد اللّهعليه‌السلام و هو يريد الخروج إلى مكّة ، فأمر بسفرة فوضعت بين أيدينا فقال : كلوا فأكلنا ، فقال : أبيتم أبيتم انّه كان يقال : اعتبر حبّ القوم بأكلهم فأكلنا و ذهبت الحشمة١ .

و عن عبد الرحمن بن الحجاج : أكلنا مع أبي عبد اللّهعليه‌السلام فأتينا بقصعة من أرز فجعلنا نعذر فقالعليه‌السلام : ما صنعتم شيئا ، ان أشدّكم حبّا لنا أحسنكم أكلا عندنا قال : فرفعت كشحة المائدة فقال : نعم الآن و أنشأ يحدّثنا ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أهدي إليه قصعة أرز من ناحية الأنصار ، فدعا سلمان و المقداد و أبا ذر فجعلوا يعذرون في الأكل فقال : ما صنعتم شيئا أحسنكم حبّا لنا أحسنكم أكلا عندنا فجعلوا يأكلون أكلا جيّدا ثم قال أبو عبد اللّهعليه‌السلام : رحمهم اللّه و رضي عنهم و صلّى عليهم٢ .

و أما الأشعار فقال شاعر في ابن الزبير :

لعمرك ان قرص أبي خبيب

بطي‏ء النضج محشوم الأكيل٣

الأكيل : من يؤاكلك و قال الكميت :

و رأيت الشريف في أعين الناس

وضيعا و قل منه احتشامي٤

و يؤيد ذلك قول نفطويه :

ما استمتع الناس بشي‏ء كما

يستمتع الناس بحسم الحشم

و به صرّح ابن دريد ، قال في ( جمهرته ) : حشم الرجل أتباعه الذين يغضبون بغضبه إلى أن قال و ليس تعرف العرب الحشمة إلاّ الغضب أو

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٦ : ٢٧٩ ح ٥ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٦ : ٢٧٨ ح ٢ .

( ٣ ) الصحاح للجوهري ٤ : ١٩٠٠ مادة ( حشم )

( ٤ ) المصدر نفسه ٤ : ١٩٠٠ مادة ( حشم ) .

٤٣١

الانقباض عن الشي‏ء١ .

هذا ، و في ( عيون ابن قتيبة ) : كتب رجل إلى صديق له : وجدت المودة منقطعة ما كانت الحشمة عليها متسلّطة ، و ليس يزيل سلطان الحشمة إلاّ المؤانسة و لا تقع المؤانسة إلاّ بالبر و الملاطفة٢ .

و في ( المعجم ) : عن الشرمقاني : كان أحمد بن أبي خالد الضرير مثريا ممسكا لا يكسر رأس رغيف له ، انّما يأكل عند من يختلف إليهم ، لكنّه كان أديب النفس عاقلا حضر يوما مجلس عبد اللّه بن طاهر فقدّم إليه طبق عليه قصب السكر و قد قشر و قطع كاللقم ، فأمره أن يتناول فقال : ان لهذا لفاظة ترتجع من الأفواه و أنا أكره ذلك في مجلس الأمير فقال له : تناول فليس بصاحبك من احتشمك و احتشمته اما انّه لو قسم عقلك على مائة رجل لصار كلّ رجل منهم عاقلا٣ .

و في ( أدب كاتب الصولي ) : قال هشام : قد مرّت لذّات الدّنيا كلّها على يدي و فعلي فما رأيت ألذّ من محادثة صديق ألقي التحفّظ بيني و بينه٤ .

١٣ الحكمة ( ٤٣٤ ) و قالعليه‌السلام :

اُخْبُرْ تَقْلِهِ قال الرضي : و من الناس من يروى هذا للرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و ممّا يقوّي أنّه من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام ما حكاه ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال

____________________

( ١ ) الجمهرة لابن دريد ١ : ٥٣٨ ٥٣٩ .

( ٢ ) العيون لابن قتيبة ٣ : ٤٣ .

( ٣ ) المعجم ٣ : ٢١ ٢٢ .

( ٤ ) أدب الكاتب : ٢٣٧ .

٤٣٢

المأمون : لو لا أن عليا قال « أخبر تقله » لقلت أقله تخبر أقول : ذكره أبو هلال العسكري في أمثاله و قال : لفظه الأمر و معناه الخبر يعني اذا اختبرتهم قليتهم١ و القلي : البغض قال تعالى : .إنّي لعملكم من القالين ٢ .

و قال زهير :

لعمرك و الامور مغيّرات

و في طول المعاشرة التقالي

لقد باليت مظعن ام أو فى

و لكن أم أو فى لا تبالي٣

و الهاء في « تقله » مثلها في قولهم « يا زيد امشه » ( لبيان الحركة ) و نظم المصنف معنى كلامهعليه‌السلام فقال :

من كشف الناس لم يسلم له أحد

و الناس داء فخل الداء مستورا٤

« اخبر تقله » قال سويد بن الصامت :

ألا رب من يدعى صديقا و لو ترى

مقالته بالغيب ساءك ما يفري

مقالته كالشحم ما دام شاهدا

و بالغيب مأثور على ثغرة النحر

و قال معن بن أوس :

و لقد بدا لي ان قلبك ذاهل

عني و قلبي لو بدا لك أذهل

كلّ يجامل و هو يخفي بغضه

ان الكريم على القلى يتجمّل

و قال أبو بكر الأرجاني قاضي تستر كما في ( كامل الجزري ) :

و لما بلوت الناس أطلب عندهم

أخا ثقة عند اعتراض الشدائد

تطلعت في حالي رخاء و شدّة

و ناديت في الأحياء هل من مساعد

____________________

( ١ ) الأمثال ، لأبي هلال العسكري : ٦٩ الديوان ( الخطوب ) .

( ٢ ) الشعراء : ١٦٨ .

( ٣ ) ديوان زهير : ٥٧ ، ورد لفظ « الامور » في الديوان بلفظ « الخطوب » .

( ٤ ) ديوان الشريف الرضي ١ : ٥٢٥ .

٤٣٣

فلم أر فيما ساءني غير شامت

و لم أر فيما سرّني غير حاسد١

و قال ابن الحريري كما في ( معجم الحموي ) :

لا تغترر ببني الزمان و لا تقل

عند الشدائد لي أخ و نديم

جربتهم فاذا المعاقر عاقر

و الآل آل و الحميم حميم٢

و قيل في الاختبار بسؤال المآل :

إذا شئت ان تلفى أخاك معبّسا

وجداه في الماضين كعب و حاتم

فكشفه عمّا في يديه فانّما

يكشف أخبار الرجال الدراهم

و قيل أيضا :

و لو اني جعلت أمير جيش

لما قاتلت إلاّ بالسؤال

فان الناس ينهزمون منه

و قد ثبتوا لأطراف العوالي

و قال ابن أبي الحديد : قال أبو العلاء :

جربت دهري و أهليه فما تركت

لي التجارب في ود امرى‏ء غرضا٣

و قال آخر :

و كنت أرى ان التجارب عدّة

فخانت ثقات الناس حتى التجارب٤

و قال آخر :

عتبت على سلم فلما فقدته

و جربت أقواما رجعت إلى سلم

ذممتك أوّلا حتى اذا ما

بلوت سواك عاد الذم حمدا

و لم أحمدك من خير و لكن

وجدت سواك شرّا منك جدا

فعدت إليك مضطرا ذليلا

لأني لم أجد من ذاك بدا

____________________

( ١ ) الكامل للجزري ١١ : ١٤٧ .

( ٢ ) المعجم ١٦ : ٢٧١ و هو القاسم بن علي بن محمّد الحريري .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٨١ .

( ٤ ) شرح النهج ١٩ : ٣٢٥ .

٤٣٤

كمجهود تحامى أكل ميت

فلما اضطر عاد إليه شدا١

و قال عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر :

رأيت فضيلا كان شيئا ملففا

فأبرزه التمحيص حتى بداليا٢

قلت : نقل البيت الأخير من ( كامل المبرد )٣ ، و الصواب في المصراع الأول : « و ان حسينا كان شيئا ملففا » .

روى ( أغاني أبي الفرج ) عن الجوهري عن النوفلي عن ابراهيم بن يزيد الخشاب قال : كان عبد اللّه بن معاوية صديقا للحسين بن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن العباس و كانا يرميان بالزندقة فقال الناس : انّما تصافيا على ذلك ثم دخل بينهما شي‏ء فتهاجرا ، فقال له عبد اللّه :

و ان حسينا كان شيئا ملففا

فمحصه التكشيف حتى بداليا

و عين الرضا عن كلّ عيب كليلة

و لكن عين السخط تبدي المساويا

و أنت أخي ما لم تكن لي حاجة

فان عرضت أيقنت ان لا أخاليا٤

و في ( مجالس ثعلب ) : يقال : ان بني فلان مثل بنات أوبر يظنّ ان فيهم خيرا فاذا خبروا لم يكن فيهم خير قال : و الواحد : ابن أوبر٥ .

« قال الرضي » هكذا في ( المصرية )٦ ، و ليس من النهج بدليل خلو النسخة الخطية عنه بل و ( ابن ميثم ) أيضا٧ .

____________________

( ١ ) شرح نهج البلاغة ٢٠ : ٨١ .

( ٢ ) شرح نهج البلاغة : ٢٠ : ٨١ .

( ٣ ) الكامل للمبرّد ١ : ١٨٣ .

( ٤ ) الأغاني لأبي الفرج ١٢ : ٢٣٣ .

( ٥ ) المجالس لثعلب : ٣٠٢ .

( ٦ ) الطبعة المصرية : ٧٥٨ الحكمة ( ٤٢٠ ) .

( ٧ ) الخطية : ٣٢٨ ، لا وجود للعبارة أمّا ابن ميثم ( شرح نهج البلاغة ) ٥ : ٤٥٢ فقد وردت العبارة .

٤٣٥

« و من الناس من يروي هذا للرسول » قلت : و منهم من يرويه لأبي الدرداء كابن قتيبة١ و الجوهري٢ ، قال الثاني : و اما قول أبي الدرداء « وجدت الناس أخبر تقلهم » فيريد انّك اذا أخبرتهم قليتهم و في ( أمثال العسكري ) :

و المثل لأبي الدرداء فيما زعم بعضهم ، و روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضا٣ .

و الصواب ما حقّقه المصنف ، فان المأمون كان أعرف و تكلّم أبي الدرداء بما نقل عنه ( الصحاح ) لا يدلّ على كونه الأصل في هذا ، فاذا ثبت عنهعليه‌السلام كان هو الأصل و يكون أبو الدرداء كالمتمثل بكلامهعليه‌السلام كما هو شأن المتمثلين بالأمثال .

و روى ( الروضة ) عن الصادقعليه‌السلام قال : خالط الناس تخبرهم ، و متى تخبرهم تقلهم٤ .

هذا ، و في ( ابن أبي الحديد )٥ بدل ما في ( المصرية )٦ للرسول :

« لرسول اللّه » كما ان في ( ابن ميثم ) « للنبي »٧ .

« و مما يقوّي انّه من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام ما حكاه ثعلب » هو أبو العباس أحمد بن يحيى ، قال في ( المعجم ) : و لد سنة مائتين و توفي سنة ( ٢٩١ ) و كان رأى أحد عشر خليفة أوّلهم المأمون و آخرهم المكتفي ، و كان سبب وفاته انّه انصرف من الجامع و بيده دفتر ينظر فيه و قد شغله عمّا سواه ، فصدمته دابة

____________________

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ١ .

( ٢ ) الجوهري الصحاح ٢ : ٦٤٢ مادة ( خبر ) .

( ٣ ) الأمثال للعسكري : ٦٩ .

( ٤ ) الروضة للكافي ٨ : ١٧٦ ح ١٩٦ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ٢٠ : ٨٠ الحكمة ( ٤٤٠ ) .

( ٦ ) الطبعة المصرية : ٧٥٨ الحكمة ( ٤٢٠ ) .

( ٧ ) في شرح ابن ميثم ٦ : ٤٥٢ ( للرسول ) .

٤٣٦

فسقط على رأسه في هوّة من الطريق أخذ ترابها فلم يقدر على القيام فحمل إلى منزله فمات .

قال ثعلب : حفظت كتب الفراء ولي ( ٢٥ ) سنة ، و لما أتقنت النحو أكببت على الشعر و المعاني و الغريب و لزمت ابن الاعرابي بضع عشرة سنة١ .

« عن ابن الاعرابي » هكذا في ( المصرية )٢ و لكن في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) قال : حدّثنا ابن الاعرابي و ابن الاعرابي هو محمد بن زياد ، قال ثعلب :

انتهى علم اللغة و الحفظ إليه ، و كان يزعم ان الأصمعي و أبا عبيدة لا يحسنان قليلا و لا كثيرا ، توفي في خلافة الواثق .

« قال المأمون » هكذا في ( المصرية )٣ و لكن في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و النسخة الخطية ) : « قال المأمون »٤ .

في ( الأغاني ) : كان ابراهيم بن المهدي شديد الانحراف عن عليّعليه‌السلام فحدث يوما للمأمون أنّه رأى عليّا في النوم فقال له : من أنت ؟ فأخبره أنّه علي بن أبي طالب فمشينا حتى جئنا قنطرة ، فذهب يتقدّمني لعبورها ، فأمسكته و قلت له : انّما أنت رجل تدّعي هذا الأمر بامرأة ، و نحن أحقّ به منك ، فما رأيت له في الجواب بلاغة كما يوصف عنه فقال له المأمون : و أي شي‏ء قال لك ؟

فقال : ما زادني على ان قال : « سلاما سلاما » فقال له المأمون : قد و اللّه أجابك أبلغ جواب قال : و كيف ؟ قال : عرفك انّك جاهل لا يجاوب مثلك ، قال تعالى

____________________

( ١ ) معجم الادباء ٥ : ١٠٤ ١٠٥ .

( ٢ ) الطبعة المصرية : ٧٥٨ الحكمة ( ٤٢٠ ) .

( ٣ ) الطبعة المصرية : ٧٥٨ الحكمة ( ٤٢٠ ) .

( ٤ ) ابن أبي الحديد ٢٠ : ٨٠ الحكمة ( ٤٤٠ ) ، نسخة ابن ميثم : ٥ ٤٥٢ « قال المأمون » أمّا في الخطية : ٣٢٨ فقد وردت عبارة « قال قال » .

٤٣٧

و اذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ١ فخجل ابراهيم و قال : ليتني لم أحدّثك بهذا الحديث٢ .

و في ( المروج ) : كان المأمون يظهر التشيع و ابراهيم بن المهدي التسنن ، فقال المأمون :

إذا المرجي سرّك أن تراه

يموت لحينه من قبل موته

فجدّد عنده ذكرى عليّ

و صلّ على النبيّ و آل بيته

فقال ابراهيم :

إذا الشيعي جمجم في مقال

فسرّك أن يبوح بذات نفسه

فصلّ على النبيّ و صاحبيه

وزيريه و جاريه برمسه

و ذكروا ان المأمون أمر بإشخاص سليمان بن محمّد الخطابي من البصرة ، فلما مثل بين يديه قال له : أنت القائل : العراق عين الدّنيا ، و البصرة عين العراق و المربد عين البصرة ، و مسجدي عين المربد ، و أنا عين مسجدي .

و أنت أعور فاذن عين الدّنيا عوراء قال : لم أقل ذلك و ما أظن أحضرتني لذلك .

قال : بلغني أنّك أصبحت فوجدت على سارية من سواري مسجدك « رحم اللّه عليّا انّه كان تقيّا » مرت بمحوه قال : كان « لقد كان نبيّا » فأمرت بإزالته فقال له المأمون : كذبت كانت القاف أصح من عينك الصحيحة ، و اللّه لو لا ان أقيم لك سوقا عند العامة لأحسنت تأديبك٣ .

و في ( غيبة الشيخ ) : عن محمد بن عبد اللّه بن الأفطس قال : كنت عند المأمون فصرف ندماءه و احتبسني ، ثم أخرج جواريه و ضربن و تغنين ، فقال

____________________

( ١ ) الفرقان : ٦٣ .

( ٢ ) الأغاني ١٠ : ١٢٦ .

( ٣ ) المروج ٣ : ٤١٧ .

٤٣٨

لبعضهنّ : لما رثيت من بطوس قطنا فأنشأت تقول :

سقيا لطوس و من أضحى بها قطنا

من عترة المصطفى أبقى لنا حزنا

أعني أبا حسن المأمون ان له

حقّا على كلّ من أضحى بها شجنا

فجعل يبكي حتى أبكاني ، ثم قال : ويلك أيلمزني أهل بيتي و أهل بيتك ان أنصب أبا الحسن علما إلى أن قال قال و اللّه لأحدّثنّك بحديث عجيب فاكتمه :

لمّا حملت زاهرية ببدر أتيته فقلت له : جعلت فداك بلغني ان موسى بن جعفر و جعفر بن محمد و محمد بن علي و علي بن الحسين و الحسين بن عليعليهم‌السلام كانوا يزجرون الطير و لا يخطئون ، و أنت وصيّ القوم و عندك علم ما كان عندهم و زاهرية حظيتي و قد حملت غير مرّة كلّ ذلك تسقط فقالعليه‌السلام : لا تخش من سقطها فستسلم و تلد غلاما صحيحا أشبه الناس بأمّه قد زاد اللّه في يده اليمنى خنصرا و في رجله اليمنى خنصرا إلى أن قال فما شعرت إلاّ بالقيّمة و قد أتتني بالغلام كما وصفه زائد اليد و الرجل كأنّه كوكب دريّ ،

فأردت أن أخرج من الأمر يومئذ و أسلّم ما في يدي إليه ، فلم تطاوعني نفسي لكن دفعت إليه الخاتم فقلت : دبر الأمر فليس عليك مني خلاف١ .

و في ( العقد ) : قال الجاحظ : قال سهل بن هارون : لقد كانت البرامكة مع تهذيب أخلاقهم و كريم أعراقهم و سعة آفاقهم و رونق سياقهم و معسول مذاقهم و بهاء أشراقهم و نقاوة أعراضهم و تهذيب أغراضهم و اكتمال الخير فيهم في جنب محاسن المأمون كالنقطة في البحر و الخردلة في المهمة القفر٢ .

____________________

( ١ ) الغيبة للشيخ : ٧٤ .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٥ : ٥٨ أورد عبارة « الرشيد » بدلا من المأمون و عبارة « المأمون » وردت في الإمامة و السياسة لابن قتيبة و في بعض الاصول .

٤٣٩

« لو لا أنّ عليّاعليه‌السلام قال : اخبر تقله لقلت أقله تخبر » قال ابن أبي الحديد ليس مراده بقوله « أقله » حقيقة القلى و البغض بل الهجر و القطيعة ، أي : قاطع أخاك محربا له هل يبقى على عهدك١ .

و من كلام عتبة بن أبي سفيان : طيروا الدّم في وجوه الشبّان ، فان حلموا و أحسنوا الجواب فهم هم و إلاّ فلا تطمعوا فيهم أي : اغضبوهم لأن الغضبان يحمر وجهه .

قلت : فعلى ما قاله يكون معنى « أقله » أخبره فيرجع إلى الأول ، فلم عكس فلا بد انّه أراد بقوله « أقله » القلى حقيقة ، و ذلك لأن من لم يكن قاليا لا يرى عيبا حتى يصير مختبرا ، فمر قول عبد اللّه بن معاوية :

و عين الرضا عن كلّ عيب كليلة

و لكن عين السخط تبدي المساويا

و عن مخارق : أنشدت المأمون قول أبي العتاهية :

و اني لمحتاج إلى ظلّ صاحب

يروق و يصفو ان كدرت عليه٢

فقال لي : أعد فأعدت سبع مرّات فقال : يا مخارق خذ مني الخلافة و اعطني هذا الصاحب .

هذا ، و في ( كامل المبرد ) : يروى ان بلال بن أبي بردة بن أبي موسى وفد على عمر بن عبد العزيز بخناصره فسدك بسارية من المسجد فجعل يصلّي إليها و يديم الصلاة ، فقال عمر للعلاء بن المغيرة : ان يكن سرّ هذا كعلانيته فهو رجل أهل العراق غير مدافع فقال العلاء : أنا آتيك بخبره فأتاه و هو يصلّي بين المغرب و العشاء ، فقال : اشفع صلاتك فان لي إليك حاجة ففعل ، فقال له العلاء : قد عرفت حالي من الخليفة ، فان أنا أشرت بك على ولاية العراق فما

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٢٠ : ٨٠ الحكمة ( ٤٤٠ ) .

( ٢ ) ديوان أبي العتاهية : ٤٦٤ في الصديق الصادق .

٤٤٠