بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 617
المشاهدات: 184921
تحميل: 6520


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184921 / تحميل: 6520
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 13

مؤلف:
العربية

القرآن لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا ١ فنظر القوم بعضهم إلى بعض و قالوا : لئن كان للاسلام حقيقة لمّا انتهت وصيّة محمّد إلاّ إلى هذا ،

و اللّه ما رأيناه قط إلاّ هبنا و اقشعرت جلودنا لهيبته ثم تفرّقوا مقرين بالعجز .

« و بحر لا ينزفه » قال الجوهري : يقال ( نزفت ماء البئر ) إذا نزحته كلّه و ( نزفت هي ) يتعدى و لا يتعدى .

« و عيون لا ينضبها » بضم المضارعة من ( نضب الماء ) غار في الأرض و سفل .

« الماتحون » أي : المستقون .

في خصائص المصنف باسناده إلى الباقرعليه‌السلام : قدم اسقف نجران على غمر ، فقال : ان أرضنا أرض باردة شديدة المؤنة لا تحتمل الجيش ، و انا ضامن لخراج أرضي ، أحمله إليك في كلّ عام كاملا فكان يقوم هو بالمال بنفسه ،

و معه أعوان له حتى يوفيه بيت المال و يكتب له عمر البراءة ، فقدم ذات عام و كان شيخا جميلا فدعاه عمر إلى الاسلام و أنشأ يذكر فضل الاسلام و ما يصير إليه المسلمون من النعيم و الكرامة فقال الأسقف : يا عمر أنتم تقرأون في كتابكم ان للّه جنّة عرضها كعرض السماء و الأرض ، فأين تكون النار ؟

فسكت عمر و نكّس رأسه فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : و كان حاضرا أنا أجيبك ، إذا جاء النهار أين يكون الليل ؟ و إذا جاء الليل أين يكون النهار ؟ فقال الأسقف : ما كنت أرى أن أحدا يجيبني عن هذه المسألة من هذا الفتى ، قال عمر هذا ختن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و ابن عمّه و أوّل مؤمن به ، هذا أبو الحسن و الحسينعليهما‌السلام إلى أن قال قال الأسقف : أخبرني يا عمر عن شي‏ء في أيدي أهل الدنيا شبيهة بثمار أهل الجنّة فقال : سل الفتى فقالعليه‌السلام : هو القرآن يجتمع أهل الدنيا عليه

____________________

( ١ ) الاسراء : ٨٨ .

٦١

فيأخذون منه حاجتهم ، و لا ينقص منه شي‏ء ، و كذلك ثمار أهل الجنّة فقال الأسقف : صدقت يافتى١ .

« و مناهل » قال الجوهري : المنهل : المورد و هو عين ماء ترده الابل في المراعي و تسمّى المنازل التي في المفاوز على طرق السفار مناهل لأن فيها ماء .

« لا يغيضها » قال الجوهري : ( غاض الماء يغيض ) أي : قلّ و نضب و غاضه اللّه ، يتعدّى و لا يتعدّى ، و أغاضه اللّه أيضا .

« الواردون » قال الرضاعليه‌السلام : القرآن لا يخلق على الأزمنة ، و لا يغث على الألسنة ،

لأنّه لم يجعل لزمان ، بل جعل الدليل البرهان ، و حجّة على الإنسان ، و قال فيه اللّه تعالى :لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ٢ .

« و منازل لا يضل نهجها » أي : طريقها .

« المسافرون »ان هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم . . ٣ الحمد للّه الذي أنزل على عبده الكتاب و لم يجعل له عوجا ٤ .

« و اعلام » أي : علائم .

« لا يعمى عنها السائرون » قيل لا برهة بن الحارث من ملوك اليمن ذو المنار لأنّه أوّل من ضرب المنار على طريقه في مغازيها ليهتدي بها إذا رجع .

« و آكام » جمع أكمة بالتحريك ، قال الفيروز آبادي : التل من القفّ من حجارة واحدة ، أو هي دون الجبال .

« لا يجوز عنها القاصدون » بل يكتفون بها .

____________________

( ١ ) خصائص الأئمة للشريف الرضي : ٩٠ ٩١ تحقيق الأميني ، مشهد المقدسة .

( ٢ ) فصّلت : ٤٢ .

( ٣ ) الاسراء : ٩ .

( ٤ ) الكهف : ١ .

٦٢

في ( تفسير ) القمي : اجتمعت قريش إلى الوليد بن المغيرة ، و قالوا له : يا أبا عبد شمس ما قرآن محمّد أشعر أم كهانة أم خطب ؟ فقال : دعوني أسمع كلامه ، فدنا منه فقال : يا محمّد انشدني من شعرك ، قال : ما هو شعر و لكن كلام اللّه الذي ارتضاه ملائكته و أنبياؤه و رسله ، فقال : أمل علي شيئا منه فقرأ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « حم السجدة »حم تنزيل من الرحمن الرحيم ١ فلمّا بلغ إلى قوله فان أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقةً مثل صاعقة عاد و ثمود ٢ اقشعر الوليد ، و قامت كلّ شعرة في رأسه و لحيته و مرّ إلى بيته ، و لم يرجع إلى قريش فمشوا إلى أبي جهل ، و قالوا : يا أبا الحكم ان أبا عبد شمس صبا إلى دين محمّد أما تراه لا يرجع إلينا ، فعدا أبو جهل إلى الوليد ، فقال : يا عم نكسّت رؤسنا ، و أشمّت بنا عدوّنا ، و صبوت إلى دين محمّد قال : ما صبوت إلى دينه ،

و لكني سمعت كلاما صعبا تقشعر منه الجلود فقال له أبو جهل : اخطب هو ؟

قال : لا ان الخطب كلام متصل و هذا لا يشبه بعضه بعضا قال أفشعر هو ؟

قال : لا أما اني لقد سمعت أشعار العرب بسيطها و مديدها و رملها و رجزها ما هو بشعر قال : فما هو ؟ قال : دعني أفكّر فيه فلمّا كان من الغد قالوا يا أبا عبد شمس ما تقول في ما قلناه ؟ قال : قولوا : هو سحر فانّه آخذ بقلوب الناس فأنزل اللّه تعالى فيه :ذرني و من خلقت وحيدا ٣ الآيات .

« جعله اللّه ريأ » بالكسر و الفتح .

« لعطش العلماء » و طالب العلم و ان كان لا يشبع و لا يروى من تحصيل العلم إلاّ انّه لمّا كان القرآن بحرا و فيه تبيان كلّ شي‏ء ينقع غليله به .

____________________

( ١ ) فصلت : ١ ٢ .

( ٢ ) فصلت : ٣١ .

( ٣ ) المدثر : ١١ .

٦٣

« و ربيعا لقلوب الفقهاء » المراد بالربيع فصله الموجد للازهار و الأنوار و المدرك للأقوات و الغّلات و قال ابن أبي الحديد الربيع هنا الجدول و يجوز إرادة المطر في الربيع و هو كما ترى .

« و محاج » جمع المحجّة جادة الطريق .

« لطرق الصلحاء »ان هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم و يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم أجراً كبيرا ١ « و دواء ليس بعده داء » .فقد جاءكم بيّنة من ربكم و هدىً و رحمة . . ٢ .

« و نورا ليس معه ظلمة »الر كتاب أنزلناه لتخرج الناس من الظلمات إلى النور باذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد ٣ .

« و حبلا وثيقا عروته »ان هو إلاّ وحيٌ يوحى علمه شديد القوى ٤ .

« و معقلاً » أي : ملجأ .

« منيعاً ذروته » أي : أعلاه .

« و عزّا لمن تولاّه » روى ( ثواب الأعمال ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان أهل القرآن في أعلى درجة من الآدميين ما خلا النبيين و المرسلين و لا تستضعفوا أهل القرآن و حقوقهم فان لهم من اللّه لمكانا .

و روى ( الأمالي ) عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : اشراف أمتي حملة القرآن و أصحاب الليل٥ .

____________________

( ١ ) الاسراء : ٩ .

( ٢ ) الانعام : ١٥٧ .

( ٣ ) ابراهيم : ١ .

( ٤ ) النجم : ٤ ٥ .

( ٥ ) الأمالي للصدوق : ١٤١ نقله المجلسي في « البحار » ٨٩ : ١٧٧ رواية ٢ .

٦٤

« و سلما لمن دخله » روى ( ثواب الأعمال ) عن الصادقعليه‌السلام قال : يعجبني أن يكون في البيت مصحف يطرد اللّه به الشيطان .

« و هدى لمن أئتم به » أي : اقتدى .

« و عذرا لمن انتحله » انتسب إليه .

« و برهانا لمن تكلّم به »و لو ان قرآنا سيّرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلّم به الموتى . . ١ .

« و شاهدا لمن خاصم به » في ( تاريخ اليعقوبي ) : في ما نقم الناس على عثمان انّه رجم امرأة من جهينة دخلت على زوجها فولدت لستة أشهر فأمر عثمان برجمها فلمّا أخرجت دخل عليه عليعليه‌السلام فقال : ان اللّه تعالى يقول :

و حمله و فصاله ثلاثون شهرا . . ٢ و قال في رضاعه :و الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين . . ٣ فأرسل عثمان في أثر المرأة فوجدت قد رجمت و ماتت و اعترف الرجل بالولد .

« و فلجا لمن حاج به » أي : ظفرا له .

روى ( الإرشاد ) عن قيس بن الربيع قال : سألت أبا إسحاق عن المسح على الخفين ، قال : قال محمد بن عليعليه‌السلام : لم يكن أمير المؤمنينعليه‌السلام يمسح على الخفين ، و كان يقول : سبق الكتاب المسح على الخفين ، قال أبو إسحاق :

فما مسحت منذ نهاني .

« و حاملا لمن حمله » فكلّ من كان حاملا لكتب اللّه تكون هي أيضا حاملة له ، قال تعالى :و لو انّهم أقاموا التوراة و الانجيل و ما أنزل اليهم من ربهم

____________________

( ١ ) الرعد : ٣١ .

( ٢ ) الاحقاف : ١٥ .

( ٣ ) البقرة : ٢٣٣ .

٦٥

لأكلوا من فوقهم و من تحت أرجلهم . . ١ و اما من لم يكن حاملا لها فكما قال تعالى :مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفارا . . ٢ .

« و مطية لمن أعمله » في ( تفسير القمي ) عن السجادعليه‌السلام : عليك بالقرآن ،

فان اللّه تعالىخلق بيده الجنّة لبنة من ذهب و لبنة من فضة ، و جعل ملاطها المسك و ترابها الزعفران و حصاها اللؤلؤ ، و جعل درجاتها على قدر آيات القرآن فمن قرأ القرآن قال له اقرأ و ارق ٣ الخبر .

« و آية لمن توسّم » أي : تفرّس ، قال تعالىبعد ذكر أخذ الصيحة لقوم لوط مشرقين و جعل عالي مدينتهم سافلها و أمطار حجارة من سجيل عليهم ان في ذلك لآية للمتوسمين ٤ .

و المراد ان من كان متوسما يكون القرآن آية و علامة له بأنّه ليس من عند غير اللّه و لمّا قال النجاشي ملك الحبشة لجعفر الطيار : هل تحفظ ممّا أنزل اللّه تعالى على نبيّك شيئا ؟ قال : نعم فقرأ عليه سورة مريم :كهيعص ذكر رحمت ربك عبده زكريا ٥ فلمّا بلغ إلى قوله :و هزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيا فكلي و اشربي و قرّي عينا . . ٦ فلمّا سمع النجاشي بهذا بكى بكاء شديدا و قال : هذا و اللّه هو الحق ، و فيه انزل :و إذا سمعوا ما انزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع ممّا عرفوا من الحق يقولون

____________________

( ١ ) المائدة : ٦٦ .

( ٢ ) الجمعة : ٥ .

( ٣ ) تفسير القمي ٢ : ٢٥٩ :

( ٤ ) الحجز : ٧٥ .

( ٥ ) مريم : ١ ٢ .

( ٦ ) مريم : ٢٥ ٢٦ .

٦٦

ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ١ .

« و جنّة لمن استلأم » أي : لبس اللأمة و هي الدرع .

« و علما لمن وعى » أي : حفظ بجعل اذنه و عاء له .

« و حديثا لمن روى » قال ابن أبي الحديد سمّاه اللّه تعالى حديثا في قوله اللّهنزّل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً .٢ و استدلّ أصحابنا به على كون القرآن غير قديم ، ألا ترى إلى قول عمر و لمعاوية : قد مللت كلّ شي‏ء إلاّ الحديث فقال انما يمل العتيق .

قلت و كذا في قوله تعالى :فليأتوا بحديث مثله ان كانوا صادقين ٣ و في قوله تعالى في الأعراف و المرسلات :فبأي حديث بعده يؤمنون ٤ و في قوله تعالى : .فبأي حديث بعد اللّه و آياته يؤمنون ٥ و في قوله تعالى :

فلعلك باخع نفسك على آثارهم ان لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ٦ .

هذا ، و في ( تاريخ بغداد ) ، قال سلمة بن عمرو القاضي على المنبر : لا رحم اللّه أبا حنيفة فانّه أوّل من زعم ان القرآن مخلوق .

« و حكما لمن قضى »أنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك اللّه و لا تكن للخائنين خصيما ٧ .

____________________

( ١ ) المائدة : ٨٣ .

( ٢ ) الزمر : ٢٣ .

( ٣ ) الطور : ٣٤ .

( ٤ ) المرسلات : ٥٠ .

( ٥ ) الجاثية : ٦ .

( ٦ ) الكهف : ٦ .

( ٧ ) النساء : ١٠٥ .

٦٧

١٠ الحكمة ( ٣١٣ ) و قالعليه‌السلام :

وَ فِي ؟ اَلْقُرْآنِ ؟ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَ خَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَ حُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ أقول : رواه المسعودي و العياشي و ابن قتيبة ، و ابن عبد ربه مع زيادات١ .

قال الأول : توفي الحارث الأعور صاحب عليعليه‌السلام في أيام عبد الملك و هو الذي دخل على عليعليه‌السلام فقال له : ألا ترى إلى الناس قد أقبلوا على هذه الأحاديث ، و تركوا كتاب اللّه قالعليه‌السلام : و قد فعلوا قال : نعم قال : أما اني سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ستكون فتنة ، قلت فما المخرج منها ؟ قال : كتاب اللّه ،

فيه نبأ ما كان قبلكم ، و خبر ما بعدكم ، و حكم ما بينكم ، و هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه اللّه ، و من أراد الهدى في غيره أضلّه اللّه ، و هو حبل اللّه المتين ، و هو الذكر الحكيم و الصراط المستقيم ، و هو الذي لا تزيغ عنه العقول ، و لا تلتبس به الألسن ، و لا تنقضي عجائبه ، و لا يعلم علم مثله و هو الذي لمّا سمعته الجن .فقالوا انّا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد . . ٢ و من قال به صدق ، و من زلّ عنه عدا ، و من عمل به اجر ، و من تمسك به هدي إلى صراط مستقيم ، خذها إليك يا أعور .

و قال الثاني في ( تفسيره ) : « يوسف بن عبد الرحمان رفعه إلى الحارث الأعور ، قال سمعنا أشياء مغموسة مختلفة لا ندري ما هي قال : أو قد فعلوها ؟

قلت : نعم ، قال : سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : أتاني جبرئيل فقال ستكون في

____________________

( ١ ) العقد الفريد لابن عبد ربه ٣ : ٢٣٩ ، طبع دار الكتاب العربي بيروت .

( ٢ ) الجن : ١ ٢ .

٦٨

أمتك فتنة ، فقلت فما المخرج منها فقال : كتاب اللّه فيه بيان ما قبلكم من خبر و خبر ما بعدكم ، و حكم ما بينكم » إلى آخر ما في ( المروج ) مع أدنى اختلاف .

و قال الثالث في ( عيونه ) روى الحارث الأعور عن عليعليه‌السلام قال : كتاب اللّه فيه خبر ما قبلكم ، و نبأ ما بعدكم و حكم ما بينكم ، و هو الفصل ليس بالهزل و هو الذي لا تزيغ به الأهواء ، و لا يشبع منه العلماء ، و لا يخلق عنه كثرة الرد ،

و لا تنقضي عجائبه الخ مع أدنى اختلاف .

و مثله الرابع في ( عقده ) و من الأصل فيه يظهر ان الأصل في كلامهعليه‌السلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

« و في القرآن » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( في القرآن ) كما في ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية .

« نبأ ما قبلكم » قال تعالى في أصحاب الكهف :نحن نقص عليك نبأهم بالحق . . ١ و قال في قصة يوسفعليه‌السلام :نحن نقص عليك أحسن القصص بما أو حينا إليك هذا القرآن و ان كنت من قبله لمن الغافلين ٢ و قال في قصّة باقي الأنبياء إجمالا :و لقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك و منهم من لم نقصص عليك .٣ و قال في سورة القصص :نتلو عليك من نبأ موسى و فرعون بالحق لقوم يؤمنون ٤ و نصف السورة في قصّة موسى كما ان سورة يوسفعليه‌السلام أكثرها في قصته و قصص آدم و إدريس و نوح و هود و صالح و إبراهيم و اسحاق و يعقوب و لوط و شعيب و سليمان و داود و موسى و عيسىعليهم‌السلام مبثوثة في مطاويه و كثير منها قبل

____________________

( ١ ) الكهف : ١٣ .

( ٢ ) يوسف : ٣ .

( ٣ ) المؤمن : ٧٨ .

( ٤ ) القصص : ٣ .

٦٩

نزول القرآن كان غير معلوم لأحد و منها قصة يوسفعليه‌السلام فقال تعالى فيها :

ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك .١ هذا ان اريد بقوله : « ما قبلكم » أنبياء السلف و يمكن أن يراد به الصانع جلّ اسمه و يمكن أن يراد به الأعم منهما .

و من آيات القرآن في أنباء ما قبلنا اخباره عن ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في كتب اليهود و النصارى قال تعالى :الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة و الانجيل .٢ .

فلو لا كان اسمه مذكورا فيهما لكذّبوه ، و لو كانوا كذّبوا لمّا خفي ذلك مع توفر الدواعي و لارتد عنه اتباعه ، بل قال :الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم .٣ فدل على ان ذكرهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كتبهم و نعتها لهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحد صار الأمر به من البديهيات .

و من آياته اشتماله على عدم جرأة اليهود تمني الموت في قباله ، و عدم جرأة النصارى على المباهلة في مقابلته قال تعالى : .يا أيها الذين هادوا ان زعمتم انّكم أولياء للّه من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين و لا يتمنونه أبداً بما قدّمت أيديهم و اللّه عليم بالظالمين ٤ فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءَنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة اللّه على الكاذبين ٥ و الثاني و ان لم يصرّح فيه بعدم مباهلتهم إلاّ انّه معلوم التواتر و بالدراية ، فلو كانوا ابتهلوا و لم يصبهم شي‏ء لصار ذلك سبباً لطعن الكفار و المنافقين في الاسلام بل

____________________

( ١ ) آل عمران : ٤٤ .

( ٢ ) الأنعام : ٢٠ .

( ٣ ) الأنعام : ٢٠

( ٤ ) الجمعة : ٦ ٧ .

( ٥ ) آل عمران : ٦١ .

٧٠

ارتداد المسلمين عنه ، و معلوم بالضرورة عدم حصول شي‏ء من ذلك .

« و خبر ما بعدكم » يمكن أن يراد به أخبار القيامة و المعاد و الثواب و العقاب ، و الجنّة و النار ، فالقرآن مشحون من أخبارها و يمكن أن يراد به أخباره عمّا يأتي كاخباره عن مغلوبية فارس عن الروم بعد غلبتها عليها قال تعالى :الم غلبت الروم في أدنى الأرض و هم من بعد غلبهم سيغلبون في بعض سنين للّه الأمر من قبل و من بعد و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر اللّه ينصر من يشاء .١ .

و كاخباره عن مغلوبية قريش في بدر ، قال تعالى :و إذ يعدكم اللّه احدى الطائفتين انها لكم و تودون ان غير ذات الشوكة تكون لكم و يريد اللّه أن يحق الحق بكلماته و يقطع دابر الكافرين ليحق الحق و يبطل الباطل .٢ .

و كاخباره عن مغلوبية يهود خيبر ، قال تعالى : .و ان يقاتلوكم يولّوكم الأدبار ثم لا ينصرون ٣ و يمكن إرادة الأعم .

« و حكم ما بينكم » من مسائل الحلال و الحرام ، و لقد صنّفوا كتباً في آيات أحكامه ، و من اصول الاسلام ففيه ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام و المعصومين من عترته في قوله تعالى :انما وليّكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون و من يتول اللّه و رسوله و الذين آمنوا فان حزب اللّه هم الغالبون ٤ كما في قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من كنت مولاه فعلي مولاه » .

و في قوله تعالى : .انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت

____________________

( ١ ) الروم : ١ ٥ .

( ٢ ) الانفال : ٧ ٨ .

( ٣ ) آل عمران : ١١١ .

( ٤ ) المائدة : ٥٥ ٥٦ .

٧١

و يطهّركم تطهيرا ١ و في قوله تعالى :فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا و ابناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة اللّه على الكاذبين ٢ .

و روى محمد بن يعقوب مسندا عن الأصبغ قال : سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول : نزل القرآن اثلاثا ، ثلث فينا و في عدوّنا ، و ثلث سنن و أمثال ، و ثلث فرائض و أحكام .

و روى ابن المغازلي عن ابن عباس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان القرآن أربعة أرباع ، فربع فينا أهل البيت خاصة ، و ربع حلال ، و ربع حرام ، و ربع فرائض و أحكام ، و اللّه أنزل فينا كرائم القرآن٣ .

١١ من الخطبة ( ١٥٣ )

فَجَاءَهُمْ بِتَصْدِيقِ اَلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَ اَلنُّورِ اَلْمُقْتَدَى بِهِ ذَلِكَ ؟ اَلْقُرْآنُ ؟

فَاسْتَنْطِقُوهُ وَ لَنْ يَنْطِقَ وَ لَكِنْ أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ أَلاَ إِنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا يَأْتِي وَ اَلْحَدِيثَ عَنِ اَلْمَاضِي وَ دَوَاءَ دَائِكُمْ وَ نَظْمَ مَا بَيْنَكُمْ أقول : رواه ( الكافي ) في باب الرد إلى الكتاب و السنة عن محمد بن يحيى عن بعض أصحابه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أيها الناس ان اللّه تبارك و تعالى أرسل إليكم الرسول و أنزل عليه الكتاب بالحق و أنتم أميون عن الكتاب و من أنزله و عن الرسول و من أرسله إلى أن قال فجاءهم بنسخة ما في الصحف

____________________

( ١ ) الاحزاب : ٣٣ .

( ٢ ) آل عمران : ٦١ .

( ٣ ) لا جود له في كتاب « مناقب علي بن أبي طالب » لابن المغازلي ، المكتبة الاسلامية طهران نقله المجلسي في « البحار » ٢٤ : ٣٠٥ رواية ٢ باب ٦٧ عن « كنز الفوائد » .

٧٢

الأولى و تصديق الذي بين يديه و تفصيل الحلال من ريب الحرام ذلك القرآن فاستنطقوه و لن ينطق لكم أخبركم عنه ، ان فيه علم ما مضى ، و علم ما يأتي إلى يوم القيامة ، و حكم ما بينكم ، و بيان ما أصبحتم فيه تختلفون فلو سألتموني عنه لعلّمتكم .

« فجاءهم بتصديق الذي بين يديه » أي : التوراة و الإنجيل و الأصل فيه قوله تعالى :نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لمّا بين يديه و أنزل التوراة و الانجيل من قبل هدى للناس و أنزل الفرقان ١ .

و ما كان هذا القرآن ان يفترى من دون اللّه و لكن تصديق الذي بين يديه و تفصيلَ الكتاب .٢ و هدى و رحمة لقوم يوقنون ٣ و هذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه و لتنذر أُم القرى و من حولها .٤ .

قل من كان عدوّاً لجبريل فانّه نزّله على قلبك باذن اللّه مصدقاً لمّا بين يديه و هدى و بشرى للمؤمنين ٥ .

و الذي أو حينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقاً لمّا بين يديه ٦ .انّا سمعنا كتابا أنزل بعد موسى مصدقاً لمّا بين يديه يهدي إلى الحق و إلى صرايق مستقيم ٧ و أنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لمّا بين يديه من الكتاب و مهيمناً عليه .٨ .

____________________

( ١ ) آل عمران : ٣ .

( ٢ ) يونس : ٣٧ .

( ٣ ) الجاثية : ٢٠ .

( ٤ ) الانعام : ٩٢ .

( ٥ ) البقرة : ٩٧ .

( ٦ ) فاطر : ٣١ .

( ٧ ) الاحقاف : ٣٠ .

( ٨ ) المائدة : ٤٨ .

٧٣

و أما نسخه لبعض ما فيهما فلا ينافي تصديقه لمّا فيهما فالقرآن ينسخ بعضه بعضا و النسخ أيضا نوع تصديق كما ان نسخ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لشرائع من تقدّم عليه من الرسل لا ينافي تصديقه لهم و كيف لا و الكافر بموسى و عيسى كافر به .

« و النور » عطف على ( تصديق ) .

« المقتدى به » هكذا في النسخ و الظاهر كونه تصحيف ( المهتدى به ) فالنور يهتدى به لا يقتدى به .

« ذلك » مبتدأ .

« القرآن » خبره .

« فاستنطقوه » بالنطق المعنوي .

« و لن ينطق » نطقا ظاهرا كبشر ينطق .

« و لكن أخبركم عنه » كانعليه‌السلام يخبر عن التوراة و الانجيل و الزبور كما يخبر عن القرآن ذكر الثعلبي في تفسير قوله تعالى :اَفَمن كان على بيّنة من ربه و يتلوه شاهد منه .١ عن زاذان قال : قال عليعليه‌السلام : و الذي فلق الحبة و برأ النسمة لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم و بين أهل الانجيل بانجيلهم و بين أهل الزبور بزبورهم و بين أهل الفرقان بفرقانهم و الذي نفسي بيده ما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلاّ و أنا أعرف له آية تسوقه إلى الجنّة أو تقوده إلى النار ، فقال له رجل : يا أمير المؤمنين فما آيتك التي أنزلت فيك ؟ فقال :أفمن كان على بيّنة من ربه و يتلوه شاهد منه ٢ فالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على بيّنة و أنا شاهد منه٣ .

____________________

( ١ ) هود : ١٧ .

( ٢ ) هود : ١٧ .

( ٣ ) ذكر الطوسي ما يشابهه في « الأمالي » في المجلس الثالث عن رقم ٨٠٠ .

٧٤

« ألا ان فيه علم ما يأتي و الحديث عن الماضي » كقولهعليه‌السلام ( في سابقه و في القرآن نبأ ما قبلكم و خبر ما بعدكم ) .

« و دواء دائكم » قالوا لاشتماله على الفضائل العلمية و العملية التي بها يحصل اصلاح النفوس و الشفاء من الأمراض النفسانية .

« و نظم ما بينكم » .و تفصيل كلّ شي‏ء و هدى و رحمة لقوم يؤمنون ١ .

هذا ، و روى فضل قرآن الكافي قبل نوادره باسناده ضعيف عن الأصبغ عنهعليه‌السلام و الذي بعث محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق نبيا و أكرم أهل بيته ، ما من شي‏ء تطلبونه من حرق أو غرق أو شرق أو افلات دابة من صاحبها أو ضالة أو آبق إلاّ و هو في القرآن فمن أراد ذلك فليسألني عنه ، فقام رجل فقال : اخبرني عمّا يؤمن من الحرق و الغرق فقال : اقرأ .اللّه الذي نزل الكتاب و هو يتولى الصالحين ٢ و ما قدروا اللّه حق قدره إلى و تعالى عمّا يشركون ٣ فقرأها رجل و اضطرمت النار في بيوت جيرانه و بيته وسطها فلم يصبه شي‏ء ثم قام إليه آخر فقال : ان دابتي استصعبت علي و أنا منها على وجل ، فقال :

اقرأ في اذنها اليمنى .و له أسلم من في السماوات و الأرض طوعا و كرهاً و إليه يرجعون ٤ فقرأها فذلت له دابته و قام إليه آخر فقال : ان أرضي مسبعة و ان السباغ تغشى منزلي و لا تجوز حتى تأخذ فريستها فقال :اقرأ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين

____________________

( ١ ) يوسف : ١١١ .

( ٢ ) الاعراف : ١٩٦ .

( ٣ ) الزمر : ٩٧ .

( ٤ ) آل عمران : ٨٣ .

٧٥

رؤف رحيم فان تولوا فقل حسبي اللّه لا إله إلاّ هو عليه توكلت و هو ربّ العرش العظيم ١ فقرأها الرجل فاجتنبته السباع ثم قام إليه آخر فقال ، ان في بطني ماء أصفر فهل من شفاء ؟ فقال : اكتب على بطنك آية الكرسي و تغسلها و تشربها و تجعلها ذخيرة في بطنك ، ففعل الرجل فبرى‏ء باذن اللّه تعالى ثم قام إليه آخر فقال : اخبرني عن الضالة فقال أقرأ ( يس ) في ركعتين و قل ( يا هادي الضالة رد عليّ ضالتي ) ففعل فرد اللّه عليه ضالته ثم قام إليه آخر فقال اخبرني عن الآبق فقال اقرأ :

أو كظلمات في بحر لجي إلى و من لم يجعل اللّه له نوراً فما له من نور ٢ فقالها الرجل فرجع إليه الابق ثم قام إليه آخر فقال : أخبرني عن السرق فانّه لا يزال قد يسرق لي الشي‏ء بعد الشي‏ء ليلا ، فقال :أقرأ إذا آويت إلى فراشك قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرحمن إلى و كبره تكبيرا ٣ ثم قالعليه‌السلام :

من بات بأرض قفر فقرأ ان ربكم اللّه الذي خلق السماوات و الأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش إلى تبارك اللّه ربّ العالمين ٤ حرسته الملائكة و تباعدت عنه الشياطين ، فمضى الرجل فاذا هو بقرية خراب فبات فيها و لم يقرأ الآية فتغشاه الشيطان فاذا هو آخذ بخطمه ، فقال له صاحبه انظره فاستيقظ الرجل فقرأ الآية فقال الشيطان لصاحبه ارغم اللّه أنفك أحرسه الآن حتى يصبح ، فلمّا اصبح الرجل رجع إليهعليه‌السلام و قال له : رأيت في كلامك الشفاء و الصدق ( و مضى بعد طلوع الشمس فاذا هو بأثر شعر الشيطان مجتمعا في الأرض ) .

____________________

( ١ ) التوبة : ١٢٨ ١٢٩ .

( ٢ ) النور : ٤٠ .

( ٣ ) الاسراء : ١١٠ ١١١ .

( ٤ ) الاعراف : ٥٤ .

٧٦

١٢ الخطبة ( ١٤٣ ) من خطبة لهعليه‌السلام :

فَبَعَثَ اَللَّهُ ؟ مُحَمَّداً ص ؟ بِالْحَقِّ لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ اَلْأَوْثَانِ إِلَى عِبَادَتِهِ وَ مِنْ طَاعَةِ اَلشَّيْطَانِ إِلَى طَاعَتِهِ ؟ بِقُرْآنٍ ؟ قَدْ بَيَّنَهُ وَ أَحْكَمَهُ لِيَعْلَمَ اَلْعِبَادُ رَبَّهُمْ إِذْ جَهِلُوهُ وَ لِيُقِرُّوا بِهِ بَعْدَ إِذْ جَحَدُوهُ وَ لِيُثْبِتُوهُ بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوهُ فَتَجَلَّى لَهُمْ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْهُ بِمَا أَرَاهُمْ مِنْ قُدْرَتِهِ وَ خَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ وَ كَيْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ بِالْمَثُلاَتِ وَ اِحْتَصَدَ مَنِ اِحْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ وَ إِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي زَمَانٌ لَيْسَ فِيهِ شَيْ‏ءٌ أَخْفَى مِنَ اَلْحَقِّ وَ لاَ أَظْهَرَ مِنَ اَلْبَاطِلِ وَ لاَ أَكْثَرَ مِنَ اَلْكَذِبِ عَلَى اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ لَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ اَلزَّمَانِ سِلْعَةٌ أَبْوَرَ مِنَ اَلْكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ وَ لاَ أَنْفَقَ مِنْهُ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَ لاَ فِي اَلْبِلاَدِ شَيْ‏ءٌ أَنْكَرَ مِنَ اَلْمَعْرُوفِ وَ لاَ أَعْرَفَ مِنَ اَلْمُنْكَرِ فَقَدْ نَبَذَ اَلْكِتَابَ حَمَلَتُهُ وَ تَنَاسَاهُ حَفَظَتُهُ فَالْكِتَابُ يَوْمَئِذٍ وَ أَهْلُهُ طَرِيدَانِ مَنْفِيَّانِ وَ صَاحِبَانِ مُصْطَحِبَانِ فِي طَرِيقٍ وَاحِدٍ لاَ يُؤْوِيهِمَا مُؤْوٍ فَالْكِتَابُ وَ أَهْلُهُ فِي ذَلِكَ اَلزَّمَانِ فِي اَلنَّاسِ وَ لَيْسَا فِيهِمْ وَ مَعَهُمْ وَ لَيْسَا مَعَهُمْ لِأَنَّ اَلضَّلاَلَةَ لاَ تُوَافِقُ اَلْهُدَى وَ إِنِ اِجْتَمَعَا فَاجْتَمَعَ اَلْقَوْمُ عَلَى اَلْفُرْقَةِ وَ اِفْتَرَقُوا عَنِ اَلْجَمَاعَةِ كَأَنَّهُمْ أَئِمَّةُ اَلْكِتَابِ وَ لَيْسَ اَلْكِتَابُ إِمَامَهُمْ فَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ مِنْهُ إِلاَّ اِسْمُهُ وَ لاَ يَعْرِفُونَ إِلاَّ خَطَّهُ وَ زَبْرَهُ وَ مِنْ قَبْلُ مَا مَثَّلُوا بِالصَّالِحِينَ كُلَّ مُثْلَةٍ وَ سَمَّوْا صِدْقَهُمْ عَلَى اَللَّهِ فِرْيَةً وَ جَعَلُوا فِي اَلْحَسَنَةِ عُقُوبَةَ اَلسَّيِّئَةِ وَ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِطُولِ آمَالِهِمْ وَ تَغَيُّبِ آجَالِهِمْ حَتَّى نَزَلَ بِهِمُ اَلْمَوْعُودُ اَلَّذِي تُرَدُّ عَنْهُ اَلْمَعْذِرَةُ

٧٧

وَ تُرْفَعُ عَنْهُ اَلتَّوْبَةُ وَ تَحُلُّ مَعَهُ اَلْقَارِعَةُ وَ اَلنِّقْمَةُ أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنَّهُ مَنِ اِسْتَنْصَحَ اَللَّهَ وُفِّقَ وَ مَنِ اِتَّخَذَ قَوْلَهُ دَلِيلاً هُدِيَ لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ فَإِنَّ جَارَ اَللَّهِ آمِنٌ وَ عَدُوَّهُ خَائِفٌ وَ إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لِمَنْ عَرَفَ عَظَمَةَ اَللَّهِ أَنْ يَتَعَظَّمَ فَإِنَّ رِفْعَةَ اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا عَظَمَتُهُ أَنْ يَتَوَاضَعُوا لَهُ وَ سَلاَمَةَ اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا قُدْرَتُهُ أَنْ يَسْتَسْلِمُوا لَهُ فَلاَ تَنْفِرُوا مِنَ اَلْحَقِّ نِفَارَ اَلصَّحِيحِ مِنَ اَلْأَجْرَبِ وَ اَلْبَارِئِ مِنْ ذِي اَلسَّقَمِ أقول رواه آخر ( الروضة ) في خبره ( ٥٨٦ ) عن أحمد بن محمد ، عن سعد بن المنذر بن محمد ، عن أبيه عن جدّه ، عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جدّه ، قال : خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام و رواها غيره ، و ذكر انّه خطب بذي قار الخ و منه يظهر انّهعليه‌السلام خطب به في خروجه إلى الجمل .

« فبعث محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق ليخرج عباده من عبادة الأوثان » جمع الوثن ، قال الجوهري : الوثن كلّ ما له جثة معمولة من جواهر الأرض ، أو من الخشب و الحجارة كصورة الآدمي يعمل و ينصب فيعبد ، و الصنم الصورة بلا جثة ،

و منهم من لم يفرّق بينهما ، و قد يطلق الوثن على غير الصورة ، و منه حديث عدي بن حاتم ، قدمت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و في عنقي صليب من ذهب ، فقال لي الق هذا الوثن عنك .

« إلى عبادته »أمر ألا تعبدوا إلاّ إيّاه ١ .

« و من طاعة الشيطان إلى طاعته »الم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان انّه لكم عدوٌ مبين و ان اعبدوني هذا صراط مستقيم ٢ .

« بقرآن قد بيّنه و أحكمه » أي : جعله محكما .

____________________

( ١ ) يوسف : ٤٠ .

( ٢ ) يس : ٦٠ ٦١ .

٧٨

قد جاءكم من اللّه نور و كتاب مبين يهدي به اللّه من اتبع رضوانه سبل السلام و يخرجهم من الظلمات إلى النور باذنه و يهديهم إلى صراط مستقيم ١ .

« ليعلم العباد ربهم إذ جهلوه ، و ليقروا به إذ جحدوه ، و ليثبتوه بعد إذ أنكروه »و ان كنتم في ريب ممّا نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله و ادعوا شهداءكم من دون اللّه ان كنتم صادقين فان لم تفعلوا و لن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس و الحجارة أعدّت للكافرين ٢ .

أم يقولون افتراه قل فاتوا بسورة مثله و ادعوا من استطعتم من دون اللّه ان كنتم صادقين ٣ .

« فتجلى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه بما أراهم من قدرته و خوّفهم من سطوته » في ( تفسير ) القمي فيذرني و من خلقت وحيدا ٤ كان الوليد بن المغيرة شيخا كبيرا من دهاة العرب و كان من المستهزئين بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و كانصلى‌الله‌عليه‌وآله يقعد في الحجرة و يقرأ القرآن ، فاجتمعت قريش إلى الوليد و قالوا يا أبا عبد شمس ما هذا الذي يقول محمّد ، أشعر هو أم كهانة أم خطب ؟ فقال : دعوني اسمع كلامه فدنا من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و قال له انشدني من شعرك قال : ما هو بشعر و لكن كلام اللّه الذي ارتضاه ملائكته و أنبياؤه و رسله و قال اتل علي منه شيئا فقرأ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « حم السجدة » فلمّا بلغ إلى قوله :فان اعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد و ثمود ٥

____________________

( ١ ) المائدة : ١٥ ١٦ .

( ٢ ) البقرة : ٢٣ ٢٤ .

( ٣ ) يونس : ٣٨ .

( ٤ ) المدثر : ١١ .

( ٥ ) فصلت : ١٣ .

٧٩

فاقشعر الوليد ، و قامت كلّ شعرة في رأسه و لحيته ، و مر إلى بيته و لم يرجع إلى قريش فمشوا إلى أبي جهل فقالوا يا أبا الحكم ان أبا عبد شمس صبا إلى دين محمّد أما تراه لا يرجع إلينا فعدا أبو جهل إلى الوليد فقال : يا عم نكست رؤوسنا ، و أشمت بنا عدوّنا ، و صبوت إلى دين محمد ؟ قال : ما صبوت إلى دينه و لكني سمعت كلاما صعبا تقشعر منه الجلود فقال له أبو جهل اخطب هو ؟ قال لا ، ان الخطب كلام متصل و هذا كلام منثور لا يشبه بعضه بعضا .

قال أفشعر ؟ قال لا أما اني لقد سمعت أشعار العرب بسيطها و مديدها و رملها و رجزها و ما هو بشعر قال فما هو ؟ قال دعني افكر فيه فلمّا كان من الغد قالوا يا أبا عبد شمس ما تقول فيه قال قولوا هو سحر فانّه آخذ بقلوب الناس فانزل تعالىذرني و من خلقت وحيدا ١ الخ .

« و كيف محق » أي : ابطل و محا .

« من محق بالمثلات » أي : العقوبات .

قال تعالىو يستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة و قد خلت من قبلهم المثلات .٢ .

« و احتصد من احتصد بالنقمات » و قال تعالىو لقد أرسلنا من قبلك رسلاً إلى قومهم فجاؤوهم بالبيّنات فانتقمنا من الذين اجرموا و كان حقّاً علينا نصر المؤمنين ٣ و كم قصمنا من قرية كانت ظالمة و انشأنا بعدها قوماً آخرين فلمّا أحسوا بأسنا إذاهم منها يركضون لا تركضوا و ارجعوا إلى ما أترفتم فيه و مساكنكم لعلّكم تسئلون قالوا يا ويلنا إنّا كنّا ظالمين

____________________

( ١ ) المدثر : ١١ .

( ٢ ) الرعد : ٦ .

( ٣ ) الروم : ٤٧ .

٨٠